نظرية البجعة السوداء، كيف يكون المستحيل ممكنًا؟

أحيانًا ما لا نعرفه أهم بكثير مما نعرفه. يتعلم البشر بطبيعتهم من التجارب السابقة ويبنون سلوكهم على أساسها، ويتصرفون وفقًا لخبرتهم. ومع تطور العلم، تطورت قدرات البشر على توقع الأحداث وفقًا للمعطيات. ولكن بالرغم من ذلك، يأتي حدث غير متوقع ذو تأثير مدوي لينسف كل خبراتنا القديمة وتوقعاتنا، وهذا ما وصفه نسيم طالب في نظرية البجعة السوداء.

ما هي نظرية البجعة السوداء؟

المفهوم تاريخيًا

يرجع أصول مصطلح البجعة السوداء لوصف شيء مستحيل الحدوث إلى القرن الثاني، وذلك عندما وصف الشاعر الروماني جوفينال شيء بأنه “طير غريب في الأراضي، كأنه بجعة سوداء”، ولم يكن هناك أي مشاهدة لها حين صياغة هذا المفهوم. وبقي هذا المفهوم مثلًا شائعًا في لندن للتعبير عن استحالة وجود الشيء حتى مشاهدة البجع الأسود عام 1697 في قارة استراليا. وعندها تحول هذا المفهوم من الاستحالة إلى إمكانية دحض فكرة استحالة أي شيء لاحقًا.

نظرية البجعة السوداء

وهو مفهوم طرحه البروفسور والباحث الاقتصادي نسيم نيكولاس طالب لوصف حدث شبه مستحيل الحدوث، وله تأثير قوي جدًا. في البداية صيغ المفهوم لشرح الأحداث نادرة الحدوث في مجال الاقتصاد ولكنه وسع المفهوم عام 2007 ليشمل أحداث أخرى مثل الحروب والمجاعات والكوارث الطبيعية.

صفات الحدث

وصف نسيم طالب هذا الحدث بأنه:
1- الحدث مفاجئ جدًا بالنسبة للمراقب.
2- الحدث له تأثير هائل.
3- بعد تسجيل الحدث المفاجئ، يتم تبرير عدم التنبؤ به وبعواقبه بأنه “إدراك متأخر”، وأنه كان من الممكن توقعه.

أمثلة عن أحداث البجعة السوداء

هناك أمثلة عديدة عن أحداث البجعة السوداء المشهور عالميًا على مر التاريخ، أبرزها الحرب العالمية الأولى، وتفكك الاتحاد السوفييتي، هجوم 11 أيلول في أميركا، الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008.

الانهيار الاقتصادي عام 2008

استخدم طالب الأزمة الاقتصادية العالمية التي حدثت بعد إصداره لكتابه عام 2007 كمثال واضح على نظرية البجعة السوداء، وجادل بأنه إذا سُمح لنظام معطل بالفشل، فإن هذا الفشل سيقويه حكمًا في مواجهة هذه الكوارث لاحقًا، وسيمنحه مناعة في مواجهة حوادث مشابهة.

أما النظام المدعوم والمعزول عن الكوارث بشكل تام فهو معرض أكثر للخسائر ضمن كوارث البجعة السوداء، وكان الانهيار الاقتصادي العالمي وصف مثالي عن النظرية، فكان شبه مستحيل الحدوث، وذو تأثير كارثي عالمي، وتم تبرير عدم ملاحظته مسبقًا بالإدراك المتأخر.

هل يعتبر الوباء العالمي مثالًا عن أحداث البجعة السوداء؟

هناك جدل واسع حول كون الوباء الحالي حدث “بجعة سوداء” فهو كان نادر الحدوث، وذو أثر مدوي على جميع الأصعدة. وهو يفي بالمعايير، لكنه سابق الحدوث فهناك انتشارات للأوبئة عديدة على مر التاريخ، ما قد يجعله بجعة بيضاء، أي حدث طبيعي. ولكن استعداد الحكومات لمواجهة الوباء هو ما جعل هذا الحدث غريبًا، وذو تأثير كارثي.

التكيف مع حدث البجعة السوداء

يؤكد طالب أن حدث البجعة السوداء سيبقى شبه مستحيل التنبؤ، ولم يكن هدفه بناء قدرة على توقع الحدث الغير متوقع. وإنما الهدف هو بناء مناعة ضد الأحداث السلبية مع استمرار استغلال الأحداث الإيجابية.

وضح أن البنوك والشركات التجارية معرضة بشدة لأحداث مشابهة وقد تتعرض لخسائر لا يمكن التنبؤ بها. وفي الطبعة الثانية من كتابه قدم عشرة مبادئ لمجتمع مقاوم للبجعة السوداء.

بالنسبة للتنبؤ بالأحداث نادرة الحدوث يجادل طالب أن الأدوات القياسية للإحصاء والتنبؤ مثل التوزيع الطبيعي، لا تنطبق لأنها تعتمد على عينات كبيرة من السكان وأحجام للعينات قد لا تتوافر لتوقع حدث نادر الحدوث. أي أن الاستقراء عن طريق الإحصائيات السابقة لتجنب الكارثة قد يجعلنا أكثر عرضة لها.

المصادر:

nytimes
ig.com
investopedia
wikipedia

نموذج العوالم الثلاثة، ما سر اختفاء العالم الثاني؟

نموذج العوالم الثلاثة، ما سر اختفاء العالم الثاني؟


العالم الثالث مصطلح شائع التداول للإشارة للبلدان النامية، أو البلدان الأقل تطور. بالرغم من أن هذه المفاهيم تندرج تحتها فئة كبيرة من البلدان معظمها غير متجانسة لا من ناحية الثقافة ولا الاقتصاد.

تُعد هذه البلدان متخلفة بالقياس ببلدان العالم الأول. أو البلدان التي تتضمن الدول المتطورة ثقافيًا واقتصاديًا وتكنولوجيًا. وتتمثل في بلدان الغرب عمومًا، ولكن بالإضافة إلى إشكالات حصر عدد هائل من الدول تحت تصنيف واحد، نلاحظ غياب مفهوم “العالم الثاني”، فما سر اختفائه؟

نموذج العوالم الثلاثة:

أول من أشار لمفهوم العالم الثالث هو المؤرخ والديمغرافي الفرنسي “ألفريد سوفيه” في مقالٍ نشره عام 1952، وهي الحقبة التي تلت الحرب العالمية الثانية وظهرت فيها الحرب الباردة وهي حرب جيوسياسية نشبت عقب الحرب العالمية الثانية بين القطبين الأقوى وهما الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي، أو ما يعرف بالمعسكر الغربي “الرأسمالي”، والمعسكر الشرقي “الاشتراكي“.

وضح سوفيه أن دول العالم يمكن تقسيمها إلى ثلاث مجموعات كل منها يتميز بخصائص معينة، وهذه المجموعات هي:

– العالم الأول:

وهي الدول الرأسمالية، أو ما يشار إليه بالمعسكر الغربي، وتشمل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، وتتضمن دول أميركا الشمالية وأوروبا الغربية واليابان واستراليا. وتتميز هذه الدول باقتصاد رأسمالي.

 – العالم الثاني:

وتضمن هذا العالم الدول الاشتراكية متمثلة بالاتحاد السوفيتي وحلفائه. وتميزت باقتصاد مسبق التخطيط، وهي القوة الثانية الجبارة في الاقتصاد العالمي في مواجهة دول العالم الأول.

– العالم الثالث:

أشار سوفيه إلى الدول التي لم تنطبق عليها صفات دول العالم الأول أو الثاني اسم دول العالم الثالث. وجمع بذلك جميع الدول التي لم تتحالف مع المعسكر الشرقي أو الغربي وبقيت على الحياد. ووصف حالة هذه الدول بأنها شبيهة بحالة عامة الشعب قبيل الثورة الفرنسية.

بين النموذج والنظرية:

طور ماو زيدونغ نظرية “العوالم الثلاثة” بشكل مخالف لنموذج سوفيه في سبعينيات القرن العشرين. فتصنيفه لم يقسم العالم لدول تتبع المعسكر الغربي أو الشرقي فقط وإنما نظريته اقتصادية-سياسية.

العالم الأول في نظرية العوالم الثلاثة:

تضمنت الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفيتي، كونها حسب مفهومه الدول الأكثر ثراءً والدول التي تملك السلاح النووي، وهي الدول الإمبريالية، والإمبريالية-الاشتراكية.

العالم الثاني:

ويشمل اليابان، وكندا، وأستراليا، وأوروبا، وهي بلدان لا تملك أسلحة نووية، لكنها تبقى أثرى من دول العالم الثالث، أي هي في الوسط بين الدول الأقوى والأضعف.

العالم الثالث ” الماويّ”:

يتضمن بلدان قارة أفريقيا، وأميركا اللاتينية، ومعظم قارة آسيا، وهي بلدان فقيرة مُستعمرة من قبل البلدان الأكثر قوةً وثراءًا.

انهيار الاتحاد السوفيتي واندثار مفهوم “العالم الثاني”

مع انهيار منظومة الاتحاد السوفيتي عام 1991 وانتهاء الحرب الباردة، أخذ مفهوم العالم الثاني بالتلاشي. بالرغم من أن مفهوم العالم الثاني يشير أحيانًا إلى بلدان مستقرة اقتصاديًا مقارنًة ببلدان العالم الثالث شديدة الفقر، وهنا نرى خلطًا في المفاهيم بين نظرية ماو زيدونغ ونموذج سوفيه. وفي الواقع ما زالت مصطلحات العالم الأول والثالث مستخدمة وشائعة جدًا بالرغم من اختفاء العالم الثاني.

ما وراء العالم الثالث:

لم ينتهِ العد عند العالم الثالث، إذ نشأت دول أكثر تخلفًا وشكلت هذه الدول العالم الرابع والخامس. وتشمل هاتين المجموعتين حسب الأمم المتحدة، البلدان الأقل تطورً والأشد فقرًا. وتتضمن المجتمعات البدائية أو القبائل التي تعيش بمعزل عن الحضر. بالإضافة إلى البلدان الأشد فقرًا والتي تتميز بنمو سكاني مرتفع وانخفاض في معدل الدخل القومي وارتفاع شديد في عدد الوفيات.

لنا أن نتساءل الآن، أين عالمنا العربي من هذه التصنيفات؟ في الوقع لا يوجد تصنيف واحد يوضح مجموعة غير متجانسة من البلدان، فكل بلد معين يتميز بخصائص جغرافية وسكانية واقتصادية واجتماعية وثقافية. وبالرغم من تشابه بلدين في جانب أو آخر إلا أنهما لا يتطابقان تمامًا. ونموذج العوالم أو حتى النظرية الماويّة تعجزان عن توضيح الفروقات بين بلدان العالم عن طريق حجزها في نطاقٍ ضيقٍ من الصفات والخصائص.

المصادر:

mometrix
tandfonline
investopedia
maoistwikia
investopedia
nationsonline
fifthworld

ما هي النظرية العلمية ؟ وهل هي مجرد رأي؟

ما هي النظرية العلمية ؟ وهل هي مجرد رأي؟

تختلف الطريقة التي يستخدم بها العلماء كلمة “نظرية” قليلًا عن الطريقة التي يشيع استخدامها بين العامة.

يستخدم معظم الناس كلمة “نظرية” للإشارة إلى فكرة شخص ما أو حدسه حول موضوع معين. ولكن الأمر يختلف في العلم، إذ تشير كلمة “نظرية” إلى الطريقة التي نفسر بها الحقائق العلمية.

خطوات الوصول إلى النظرية العلمية

تبدأ كل نظرية كفرضية. الفرضية العلمية هي حلٌ مقترح لتفسير حدث لا نملك له تفسيرًا بعد، ولا تفسره نظرية علمية مقبولة حاليًا. وحسب قاموس (مريام ويبستر): الفرضية فكرة لم يتم إثباتها بعد. فإذا تراكمت أدلة تكفي لدعم هذه الفرضية، فإنها تنتقل إلى الخطوة التالية، المعروفة في المنهج العلمي باسم (النظرية)، وتصبح مقبولة كتفسير صالح للظاهرة.

عندما يتوصل العلماء إلى حقائق أو ملاحظات معينة، فإنهم يحتاجون إلى وضع تلك الحقائق والملاحظات في إطار معين، وهنا يستخدم العلماء النظرية العلمية لهذا الشأن. لذلك، فالنظريات قابلة للتغير، أي أن طريقة تفسيرنا للحقائق قد تتغير، لكن الحقائق نفسها لا تتغير.

يشبّه (جايمي تانر)، أستاذ البيولوجيا في كلية (مارلبورو)، النظريات بسلة يحتفظ بداخلها العلماء بالحقائق والملاحظات التي يتوصلون إليها. وقد يتغير شكل هذه السلة كلما توصل العلماء إلى المزيد من الحقائق.

على سبيل المثال، لدينا أدلة وافرة على تغير السمات في جماعات الكائنات بمرور الوقت (التطور)، لذا فإن التطور هو حقيقة لا تتغير. ولكن النظريات التي نستخدمها لتفسير التطور هي التي قد تتغير في حال توفر لدينا المزيد من الملاحظات حول التطور.

أسس النظرية العلمية

تعرف جامعة كاليفورنيا، النظرية بأنها “تفسير شامل وطبيعي لمجموعة واسعة من الظواهر”، فالنظريات تتسم بالإيجاز والترابط المنطقي والمنهجية وقابلية التنبؤ، كما أنها قابلة للتطبيق على نطاق واسع، وغالبًا ما تدمج وتعمم العديد من الفرضيات.

يجب أن تقوم أي نظرية على فحص دقيق وعقلاني للحقائق. وهنا يجب التأكيد على أن الحقائق والنظريات شيئان مختلفان. ذلك أنه في المنهج العلمي، ثمة تمييز واضح بين الحقائق التي يمكن ملاحظتها وقياسها، والنظريات، والتي هي تفسيرات العلماء للحقائق.

كما إنه من المهم لما تتوصل إليه النظرية العلمية أن ينعكس إلى أمور يمكن ملاحظتها، فالنظرية الجيدة، مثل نظرية الجاذبية لنيوتن، تتسم بالوحدة والتماسك، ما يعني أنها تتكون من عدد محدود من آليات حل المشكلات، يمكن تطبيقها على مجموعة واسعة من الظروف العلمية بغرض تفسيرها. ميزة أخرى للنظرية الجيدة هي أنها تتكون من عدد من الفرضيات التي يمكن اختبارها بشكل مستقل.

تطور النظرية

ليست النظرية العلمية النتيجة النهائية للمنهج العلمي. فالنظريات يمكن إثباتها أو رفضها، تمامًا مثل الفرضيات. ويمكن تحسين النظريات أو تعديلها إذا تم جمع المزيد من المعلومات، ما يجعلها أكثر دقة في التنبؤ بمرور الوقت.

لا تصبح النظريات قوانينًا كما يعتقد البعض، ذلك أن النظريات والقوانين لها أدوار منفصلة ومتميزة في المنهج العلمي. القانون هو وصف لظاهرة ملحوظة في العالم الطبيعي والتي تكون صحيحة في كل مرة يتم اختبارها. لا يفسر القانون سبب صحة أمر ما؛ إنما يقر على صحته فحسب.

من ناحية أخرى، تشرح النظرية الأمور التي لوحظت أثناء العملية العلمية. لذلك، في حين أن القانون والنظرية جزء من العملية العلمية، فهما جانبان مختلفان تمامًا، وهذا وفقًا لجمعية معلمي العلوم الوطنية.

مثال جيد على الاختلاف بين النظرية والقانون هو قانون العالم جريجور مندل. نحن نعلم أن قانون مندل ينص على أن سمتين وراثيتين منفصلتين ستظهران بشكل مستقل عن بعضهما البعض في ذرية مختلفة. اكتشاف مندل ظل قانونًا منذ ذلك الوقت، لكن تفسير هذا القانون لم يعرفه العلماء إلا بعد قرن من الزمان عند اكتشاف الحمض النووي و الكروموسومات، ووضْع نظرية وراثة الكروموسومات التي لا تزال مقبولة عالميا لتفسير قانون مندل إلى يومنا هذا.

تكمن أهمية النظريات في أنها أسس لتعزيز المعرفة العلمية، وتطبيق المعلومات المجمعة واستغلالها للاستخدام العملي. إذ يستخدم العلماء النظريات لتطوير الاختراعات المختلفة أو إيجاد العلاج لمرض ما.

مصدر
Livescience

هل من الممكن أن يشيخ الطفل قبل والديه؟

هل من الممكن أن يشيخ الطفل قبل والديه؟ بشكل عام، هل يمر الوقت على الجميع بنفس النسبة؟ ما علاقة هذه الأسئلة بالتمدد الزمني المذكور في نسبية آينشتاين؟

نظرية النسبية العامة:

عندما تتاح لك حرية اختيار مكان سكنك، حاول أن تسكن في مكان منخفض قدر الإمكان لأنك ستشيخ أبطأ بالمقارنة مع إقامتك في مكان مرتفع!

هل من الممكن أن يشيخ الطفل قبل والديه؟

هذا ما تحدث به آينشتاين في ورقته البحثية التي نشرها عام 1907 عن النسبية العامة، والتي تنص على أن الأجسام التي تتعرض لمقادير مختلفة من الجاذبية، يحدث فرق في التوقيت بينها، بمعنى آخر، يمر الوقت بشكل أسرع على السكان في الطوابق المرتفعة عن سطح الأرض مقارنة بجيرانهم في الطوابق الأدنى.

النسبية الخاصة وتجربة التوأم:
ماذا لو حدث الأمر وكنت قاطناً بالفعل في طابق مرتفع، هل فقدت فرصتك في تعديل فرق التوقيت مع جيرانك في الطوابق الأدنى؟ بحسب النسبية الخاصة، لا!

لتوضيح الطريقة سنبدأ بالمثال التقليدي الذي أصبح ملازماً لهذه النظرية والذي يدعى «مفارقة التوأم-twin paradox» حيث يقوم أحد التوائم بالسفر لنجم بسرعة قريبة من سرعة الضوء ليعود ويجد أخاه يكبره بعدة سنوات! ذلك بسبب أن الوقت يمر بشكل أبطأ على الأجسام التي تتحرك بسرعة قريبة من سرعة الضوء مقارنةً بالأجسام الأخرى، وهذا ما حدث في تجربة التوأم.

التمدد الزمني وعلاقته بالنسبيتين:
كلا النسبيتين، العامة والخاصة تتحدث عن مفهوم واحد يدعى «تمدد الزمن-time dialtion» وقد لوحظ تأثيره بشكل عملي في عدة تجارب منها تجربة«هيفلي-كيتنغ Hafele–Keating experiment» والتي قام فيها العالمان «Joseph Hafele and Richard Keating» بتسيير طائرتين تحملان أجهزة قياس توقيت دقيقة «cesium atomic clocks» باتجاهين مختلفين، حيث أتمت الطائرتان دورتان كاملتان حول الكرة الأرضية، وبعد المقارنة مع جهاز توقيت مرجعي موجود على الأرض، وجد فرق في التوقيت بين الأجهزة، الأمر الذي يؤكد مفهوم التمدد الزمني.

إذاً هل أصبح من الممكن السفر عبر الزمن باستخدام طريقة هيفلي-كيتنغ؟
على الرغم من السرعة العالية للطائرات وارتفاعها عن الأرض، فإن فرق التوقيت بين الساعتين يعد متناهياً في الصغر، ذلك أن الأمر يتطلب مرور مئات الملايين من السنين في نفس الظروف للحصول على فرق توقيت بين الساعتين مقداره ثانية واحدة! بالتالي يتطلب الحصول على فرق ملحوظ السفر بسرعة قريبة من الضوء بحسب النسبية الخاصة، أو الجلوس في مكان ذو جاذبية مرتفعة للغاية، حسب النسبية العامة.

ماذا لو أردت ملاحظة أثر النسبية بنفسي، هل سيتطلب الأمر مني الحصول على طائرتين كما في تجربة هيفلي-كيتينغ؟

بفضل العديد من التحسينات على أجهزة التوقيت، يمكن إجراء تجارب مماثلة لتجربة هيفلي-كيتينغ ضمن المختبر، حيث أجرى باحثون من «المعهد الوطني للمعايير والتقنية-National Institute of Standards and Technology» تجربة استطاعوا من خلالها تسجيل فرق في التوقيت بين جسمين يبلغ فرق الإرتفاع بينهما ثلث متر، أو أحدهما يتحرك بسرعة أقل من 10m/s بالنسبة للآخر وذلك بفضل «أجهزة توقيت ذرية-ضوئية عالية الدقة-high-precision optical atomic clocks».

أخيراً يمكن القول أن النظرية النسبية فتحت لنا أبواباً لم نكن لنتخيل وجودها أصلاً، فقد تنبأت بوجود «الثقوب السوداء-black holes» على الرغم من عدم وجود أي دليل مادي عنها في تلك الفترة، كما أنها افترضت وجود «ثقوب دودية-wormholes» التي تسمح بالإنتقال بشكل مختصر في نسيج الزمكان، وعلى وجه الخصوص اقترحت طرق للإنتقال عبر الزمن، فعلى الرغم من الأثر الصغير الذي نلاحظه من تطبيقاتها في وقتنا الحالي، إلا أنها لازالت محور اهتمام الدراسات الحالية والمستقبلية.

المصادر:

The Vintage News
Scientific American 1
Scientific American 2

اقرأ أيضا:
رصد أكبر انفجار في تاريخ الكون منذ الانفجار العظيم!

Exit mobile version