مقدمة في إدارة العمليات التشغيلية

مع كل يوم نمارس فيه حياتنا، نتعامل مع العديد من المنتجات والخدمات التي تقدمها شركات الأعمال. سواء كانت صغيرة أو كبيرة، وسواء كانت هذه الخدمات أو المنتجات محلية الصنع أو مستوردة من الخارج. فكيف تصل إلينا هذه المنتجات وما الذي يتم في الداخل لا تراه أعيننا؛ ما يمسيه أصحاب الصناعات بالصندوق الأسود؟ وكيف تصل إلينا منتجات تعمل بشكل جيد وأخرى رديئة التصنيع ولا تقوم بعملها الأساسي الذي اشتريناها من أجله؟ مقدمة في إدارة العمليات التشغيلية.

إدارة العمليات التشغيلية هي إدارة الأنظمة والعمليات التي من خلالها نستطيع تصنيع منتج أو تطوير وتقديم خدمة للمستهلكين. بمعنى كل الأنشطة التي تتضمن إدارة الأشخاص والآلات من أجل تحويل المواد والمصادر إلى قيمة يستفيد منها العميل سواء كانت منتج أو خدمة.

كيف تسير عملية التصنيع؟

يجب أن تتوافر 3 محاور رئيسية لبداية تقديم أي خدمة أو صناعة ويجب أن نتذكرهم دائمًا. أولهم المدخلات وهي كل ما يتوافر لديك لتقديم المنتج وهم:

المكان الذي تتم فيه عملية التصنيع مثل المصنع.

العمالة الماهرة التي تعمل على التصنيع وتنفيذ المنتج.

رأس المال المتوافر من أجل العمل للحصول على الموارد ودفع الأموال اللازمة للعمل.

المعلومات والخبرات المتوافرة لديك من أجل تنفيذ المنتج أو الخدمة.

ثاني هذه المحاور هي عملية التصنيع نفسها وكيفية تحويل المواد الخام إلى منتج. أما المحور الثالث فهو الناتج النهائي والحصول على المنتج أو الخدمة بشكل جيد يستطيع المستهلك استخدامها.

في كل عملية من هذه العمليات السابقة يجب أن يتوافر تحكم في كل عملية والقدرة على القياس ومعرفة ردود الأفعال. وردود الأفعال هنا غير متوقفة فقط على العملاء ولكن أيضا رد فعل العمال تجاه المواد الخام. وردود أفعال مديري العمليات تجاه نشاط العمال والكيفية التي يقومون بها بالعمل.

مثال مبسط عن إدارة العمليات

إذا دخلت إلى مستشفى ستجد أن لديها عدد من المدخلات الأساسية أو المصادر الهامة للعمل وهم مبنى المستشفى والأشخاص الذين يعملون بها مثل الأطباء والممرضات والأخصائيين، وأيضا الموارد اللازمة للعمل مثل أدوات الجراحة والخياطة والمعدات والأجهزة الطبية ويتوافر أيضا الأموال التي تساعد على شراء كل تلك الأدوات وإعطاء المرتبات للعمالة التي تتوافر لديها المعلومات والخبرات للقيام بالمهام المطلوبة. والعمليات التي تحدث داخل المستشفى من فحص المرضى والعمليات الجراحية والتشخيص وتقديم الأدوية المناسبة لكل حالة. ثم في النهاية المنتج النهائي هو أشخاص أصحاء أو شفاء أمراض المترددين على المستشفى من المرضى.

مثال أخر هو مصنع لتصنيع الأغذية المحفوظة أو المعلبة، حيث يكون لدى المصنع عدد من المدخلات كالمواد الخام والعمالة والمكان والمعدات ورأس المال، وتتضمن العملية نفسها تحويل المواد الخام إلى أغذية نظيفة ومعلبة وتتضمن العديد من العمليات داخلها، ثم في النهاية نحصل على منتج نهائي للاستخدام وهو أغذية معلبة.

ويتضح من هذه الأمثلة أنه بمقدورنا استخدام إدارة العمليات في العديد من المجالات مثل أنظمة العمل في البنوك والمصانع في عملياته الداخلية لتصنيع المنتجات، والمتاجر الخاصة بتوفير المنتجات للعملاء وأيضًا داخل المطاعم. إلى أبعد مدى مهما كان مجال عملك تدخل إدارة العمليات التشغيلية بقدر كبير.

الهدف من إدارة العمليات التشغيلية

تُنفذ العمليات التشغيلية بمجهود كبير لما لها من أهمية كبيرة في عالم الأعمال، حيث من خلالها يتم التأكد من الحصول على الجودة الأفضل التي يستحقها العميل، والكمية الصحيحة التي يحتاجها السوق في الوقت المناسب، وبالتكلفة التي يستطيع أن يتحملها العملاء وتعود بمردود على الشركة.

المنتج والخدمة

تعتبر السيارات والأطعمة والتليفونات منتجا، لأنها ملموسة يستطيع المستهلك أن يلمسها ويستخدمها. وأيضًا تُنتج قبل وقت بيعها واستخدامها من قبل العميل على عكس الخدمة التي لا تكون ملموسة مثل تقديم الخدمات الطبية وخدمات النقل والاستمتاع وتكون في نفس وقت استخدامها.

تتميز الخدمة بمستوى عالي جدًا من التواصل مع العملاء ويجب أن تكون مميزة بالصدق والحقيقة حيث سيتم الحكم عليها مرارا وتكرار بواسطة العميل.

دائما ما يكون التأكد من الجودة مهم جدًا في حالة الخدمة حيث التوصيل والاستخدام يكونان في نفس الوقت، أما المنتج فيكون التصنيع في وقت والاستلام في وقت أخر فمن الممكن تعديل الأخطاء.

أما عن قياس الإنتاجية فمن الممكن أن تكون صعبة للوظائف الخدمية بسبب تباين المدخلات، أي وحدة قياس إنتاجية طبيب عام لن تكون مثل قياس إنتاجية طبيب فحوصات دقيقة. أما المنتجات فتكون مدخلاتها تقريبا ثابتة فنستطيع التحكم في التباين. بالانتقال إلى التخزين فالمنتجات هي التي تحتاج إليها لكن الخدمات لا تحتاج بل تكون عند الطلب.

نستطيع بكل سهولة عمل براءة اختراع للمنتجات لكن سابقًا كنا لا نستطيع عمل براءة اختراع للخدمات، لكن الأن أصبح ذلك سهلًا حيث من الممكن تسجيل بحث أو عملية جراحية خاصة بطبيب.

تحتاج الخدمات إلى مستوى رضا عالي من العمالة أكثر من التصنيع وذلك بسبب زيادة الخدمات المقدمة للعملاء كالبنوك والمستشفيات وغيرها، وأيضا المنتجات قابلة للإدارة والتطور أكثر من الخدمات.

ومن الممكن أن تحدث المنتجات والخدمات في نفس الوقت وألا تكونان منفصلتان، ومن الممكن أن يكون المنتج ملموس بنسبة كبيرة وغير ملموس بنسبة صغيرة. وأيضًا الخدمة تكون غير ملموسة بنسبة كبيرة وملموسة بنسبة صغيرة، ومثال على ذلك هو الذهاب إلى محطة البنزين، تحصل على خدمة تغيير الزيت أو ما شابه وفي نفس الوقت تحصل على الزيت نفسه كمنتج، وأيضًا في دهانات المنزل تحصل على خدمة تغيير اللون وفي نفس الوقت المنتج نفسه الذي تغير به اللون.

مصادر

investopedia

CFI

WRIKE

STUDOCU

نظرية البجعة السوداء، كيف يكون المستحيل ممكنًا؟

أحيانًا ما لا نعرفه أهم بكثير مما نعرفه. يتعلم البشر بطبيعتهم من التجارب السابقة ويبنون سلوكهم على أساسها، ويتصرفون وفقًا لخبرتهم. ومع تطور العلم، تطورت قدرات البشر على توقع الأحداث وفقًا للمعطيات. ولكن بالرغم من ذلك، يأتي حدث غير متوقع ذو تأثير مدوي لينسف كل خبراتنا القديمة وتوقعاتنا، وهذا ما وصفه نسيم طالب في نظرية البجعة السوداء.

ما هي نظرية البجعة السوداء؟

المفهوم تاريخيًا

يرجع أصول مصطلح البجعة السوداء لوصف شيء مستحيل الحدوث إلى القرن الثاني، وذلك عندما وصف الشاعر الروماني جوفينال شيء بأنه “طير غريب في الأراضي، كأنه بجعة سوداء”، ولم يكن هناك أي مشاهدة لها حين صياغة هذا المفهوم. وبقي هذا المفهوم مثلًا شائعًا في لندن للتعبير عن استحالة وجود الشيء حتى مشاهدة البجع الأسود عام 1697 في قارة استراليا. وعندها تحول هذا المفهوم من الاستحالة إلى إمكانية دحض فكرة استحالة أي شيء لاحقًا.

نظرية البجعة السوداء

وهو مفهوم طرحه البروفسور والباحث الاقتصادي نسيم نيكولاس طالب لوصف حدث شبه مستحيل الحدوث، وله تأثير قوي جدًا. في البداية صيغ المفهوم لشرح الأحداث نادرة الحدوث في مجال الاقتصاد ولكنه وسع المفهوم عام 2007 ليشمل أحداث أخرى مثل الحروب والمجاعات والكوارث الطبيعية.

صفات الحدث

وصف نسيم طالب هذا الحدث بأنه:
1- الحدث مفاجئ جدًا بالنسبة للمراقب.
2- الحدث له تأثير هائل.
3- بعد تسجيل الحدث المفاجئ، يتم تبرير عدم التنبؤ به وبعواقبه بأنه “إدراك متأخر”، وأنه كان من الممكن توقعه.

أمثلة عن أحداث البجعة السوداء

هناك أمثلة عديدة عن أحداث البجعة السوداء المشهور عالميًا على مر التاريخ، أبرزها الحرب العالمية الأولى، وتفكك الاتحاد السوفييتي، هجوم 11 أيلول في أميركا، الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008.

الانهيار الاقتصادي عام 2008

استخدم طالب الأزمة الاقتصادية العالمية التي حدثت بعد إصداره لكتابه عام 2007 كمثال واضح على نظرية البجعة السوداء، وجادل بأنه إذا سُمح لنظام معطل بالفشل، فإن هذا الفشل سيقويه حكمًا في مواجهة هذه الكوارث لاحقًا، وسيمنحه مناعة في مواجهة حوادث مشابهة.

أما النظام المدعوم والمعزول عن الكوارث بشكل تام فهو معرض أكثر للخسائر ضمن كوارث البجعة السوداء، وكان الانهيار الاقتصادي العالمي وصف مثالي عن النظرية، فكان شبه مستحيل الحدوث، وذو تأثير كارثي عالمي، وتم تبرير عدم ملاحظته مسبقًا بالإدراك المتأخر.

هل يعتبر الوباء العالمي مثالًا عن أحداث البجعة السوداء؟

هناك جدل واسع حول كون الوباء الحالي حدث “بجعة سوداء” فهو كان نادر الحدوث، وذو أثر مدوي على جميع الأصعدة. وهو يفي بالمعايير، لكنه سابق الحدوث فهناك انتشارات للأوبئة عديدة على مر التاريخ، ما قد يجعله بجعة بيضاء، أي حدث طبيعي. ولكن استعداد الحكومات لمواجهة الوباء هو ما جعل هذا الحدث غريبًا، وذو تأثير كارثي.

التكيف مع حدث البجعة السوداء

يؤكد طالب أن حدث البجعة السوداء سيبقى شبه مستحيل التنبؤ، ولم يكن هدفه بناء قدرة على توقع الحدث الغير متوقع. وإنما الهدف هو بناء مناعة ضد الأحداث السلبية مع استمرار استغلال الأحداث الإيجابية.

وضح أن البنوك والشركات التجارية معرضة بشدة لأحداث مشابهة وقد تتعرض لخسائر لا يمكن التنبؤ بها. وفي الطبعة الثانية من كتابه قدم عشرة مبادئ لمجتمع مقاوم للبجعة السوداء.

بالنسبة للتنبؤ بالأحداث نادرة الحدوث يجادل طالب أن الأدوات القياسية للإحصاء والتنبؤ مثل التوزيع الطبيعي، لا تنطبق لأنها تعتمد على عينات كبيرة من السكان وأحجام للعينات قد لا تتوافر لتوقع حدث نادر الحدوث. أي أن الاستقراء عن طريق الإحصائيات السابقة لتجنب الكارثة قد يجعلنا أكثر عرضة لها.

المصادر:

nytimes
ig.com
investopedia
wikipedia

Exit mobile version