تحويل المريخ، كيف ولماذا؟

لطالما سحرت السماء أعيننا، حتى قالت فيروز في أغنيتها: “شايف السما شو بعيدة؟ بعد السما بحبك”، فقد أدهشتنا السماء بنجومها وكواكبها وغموضها.
كانت السماء بعيدة المنال حتى أننا صرنا نقسم ببعدها عنّا، ونستخدم بعدها عنّا ككناية عن الكبر والاتساع، إلا أن العلم ساعدنا على الوصول إليها، لنستكشف ما فيها ونبحر في فضاءها الشاسع.
قرّب العلم السماء من أعيننا ومراصدنا، حتى أننا هبطنا على سطح القمر، والآن حان الوقت لمحطتنا التالية، المريخ، وهذه المرة نحن نخطط للاستقرار عليه.

لماذا نحتاج إلى المريخ؟

يقترب عددنا اليوم من 8 بليون نسمة، لكن الأرض لن تتحملنا لكثير من الوقت، فمواردها محدودة، وأعدادنا في زيادة مستمرة، كما أن كثرة عدد سكان كوكبنا أدى إلى زيادة المصانع وحركة المواصلات لتوفير الخدمات وفرص العمل لهؤلاء السكان، وهذا ما أثقل كاهل كوكبنا، بداية من ثقب الأوزون، مرورًا بالاحتباس الحراري، وصولًا إلى الحيوانات التي انقرضت نتيجة تدمير مواطنها والمد العمراني للبشر على حساب الغابات والمساحات الخضراء، مما أدى بالطبع إلى اختلال النظام البيئي الطبيعي.
أصبح كوكبنا مزدحمًا للغاية، نحتاج إلى كوكب آخر، يبدو كل من المريخ والزهرة خيارين جيدَين، ولكننا سنركز على المريخ، وإذا أردنا الاستقرار عليه فنحن نحتاج إلى تحويله ليناسب حياتنا.

صحراء باردة

يمتلك المريخ غلافًا جويًا رقيقًا للغاية، فالغلاف الجوي السميك للأرض (نسبيًا)، يحتبس أشعة الشمس لبعض الوقت ليرفع من حرارة الكوكب، بينما غلاف المريخ الرقيق يسمح بدخول أشعة الشمس وخروجها دون أي مقاومة تذكر، ودون أي احتفاظ بكمية تذكر من الحرارة، جاعلًا من الكوكب صحراء ميتة بدرجة حرارة تبلغ 60 درجة مئوية تحت الصفر!

ولكن كيف نحل هذه المشكلة؟

يمكننا أن نتعلم الدرس مما يحدث لكوكبنا، فالغازات الدفيئة تزيد من «تأثير البيت الأخضر-greenhouse effect»، والذي بدوره يرفع من درجة حرارة الأرض، فيمكننا أن نلجأ لضخ كميات معقولة من «الكلوروفلوروكربون-CFC» في غلاف المريخ الجوي، والذي سيساعد على احتباس حرارة الشمس داخل غلافه الجوي ليزيد من حرارته.

المجال المغناطيسي

بردت نواة المريخ وتصلبت على مدار بلايين السنين، ونتيجة لهذا الجمود فقد الكوكب مجاله المغناطيسي، لذا فسطحه في عرضة دائمة للإشعاع الكوني ولأشعة الشمس الضارة.
يساعد المجال المغناطيسي للأرض على تشتيت أشعة الشمس الضارة ليحمينا منها، وهذا نتيجة لتدفق المعادن السائلة في نواة الكوكب أثناء دورانه حول محوره.


بالطبع لا يمكننا إعادة تحويل نواة المريخ إلى حالتها السائلة، وهنا يمكننا أن نصنع مولدًا ضخمًا للمجال المغناطيسي بينه وبين والشمس، ليعمل على خلق مجال مغناطيسي يشتت أشعة الشمس الضارة عن سطحه، وهذا بالطبع يحتاج إلى تكنولوجيا بالغة التعقيد ومبالغ طائلة من المال.

الغلاف الجوي للمريخ

نحتاج إلى المزيد من ثاني أكسيد الكربون من أجل النباتات ولزيادة احتفاظ الكوكب بحرارته أيضًا، فكميات الكلوروفلوروكربون التي استخدمناها لن تفي بالغرض.
تتوافر كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون في الأملاح المترسبة في قشرة المريخ، ولكننا نحتاج إلى طاقة كبيرة لاستخراج هذه الكمية من ثاني أكسيد الكربون، لذا فسنقوم بإرسال الروبوتات والطابعات ثلاثية الأبعاد لصناعة الخلايا الشمسية باستخدام السيليكون الموجود على سطح الكوكب، وسنغطي مساحات واسعة من سطح المريخ بهذه الخلايا لتوفير الطاقة اللازمة لتشغيل الروبوتات المسئولة عن التعدين واستخراج الصخور التي تحتوي على ثاني أكسيد الكربون.

سنستخدم هذه الطاقة الكبيرة في «التحليل الكهربائي-Electrolysis» لأكاسيد المريخ الصلبة، والذي سيعطينا الأكسجين كمنتج ثانوي، ومن ثم تُستخدم الطاقة على الأملاح من الصخور المستخرجة من قشرة المريخ لتعطي ثاني أكسيد الكربون كمنتج ثانوي، وبهذا سنحصل على ثاني أكسيد الكربون وقليل من الأوكسجين، ومن هنا يمكننا إرسال الطحالب والبكتيريا المعدلة وراثيًا لتزيد من كمية الأوكسجين على الكوكب، فهذه الطريقة هي التي أتت بالأوكسجين إلى كوكبنا.

ولكن كيف نحصل على النيتروجين؟

قد تبدو هذه الفكرة مجنونة ولكننا سنحتاج هنا إلى توجيه النيازك من حزام الكويكبات باتجاه المريخ، وهذا بالطبع سيكون باستخدام أساطيل فضائية كبيرة (وهذه تكنولوجيا لا نملكها حتى الآن)، فهذه النيازك تحتوي على كميات لا بأس بها من النيتروجين، والآن بتنا نمتلك غلافًا جويًا!

الماء على المريخ

بعد أن أصبح لدينا غلاف جوي على المريخ، وبتنا نمتلك ضغطًا جويًا مناسبًا، أصبح بإمكان الماء التواجد في حالته السائلة بصورة مستقرة، ومن هنا يمكننا استخدام الأسلحة النووية، حيث أن المريخ يملك كميات من الماء المتجمد في قطبه الجنوبي، كما اكتُشف وجود كميات من الجليد على بعد أمتار تحت سطح المريخ وهنا ستلعب الأسلحة النووية دورها حيث ستستخدم في إذابة هذا الماء المتجمد، وها هو ذا الماء السائل!

الخلاصة

قد يبدو تحويل المريخ صعب المنال بل حتى مستحيلًا في المستقبل القريب، إلا أن حلم الإنسان القديم بالطيران قد تحقق، فالعلم هو وسيلتنا لتحقيق أحلامنا، وكما قال عالم الفيزياء الروسي «قسطنطين تسيولكوفسكي-Kostantin Tsiolkovsky»: “إن الأرض هي مهد الإنسانية، ولكن المرء لا يمكن أن يعيش في المهد إلى الأبد”.

المصادر

nature
space
nasa
scientificamerican
space
nasa
sciencedirect

لماذا تمطر الألماس على نبتون؟

بعيدًا على أطراف المجموعة الشمسية، حيث تتضاءل الحرارة القادمة من الشمس، يقبع كوكب نبتون بلونه الأزرق الداكن في غموض، من المثير أن تعرف أن المعلومات التي نمتلكها عن هذا الكوكب محدودة للغاية، فلم يبلغ كوكب نبتون من مركباتنا سوى «فوياجر 2-Voyager 2»، والتي مرت بجواره في طريقها إلى خارج المجموعة الشمسية، لكننا لم نرسل بعثة مخصصة لدراسته، إلا أننا نمتلك الحواسيب المتطورة التي بمقدورها محاكاة ظروف هذا الكوكب لنخرج بالتنبؤات عما قد يكون بداخله، وبفضل ذلك بِتنا نعلم أن الأمطار على كوكب نبتون من الألماس!

كيف يتكون الألماس؟

تكوّن الألماس على كوكبنا على مدار 3 بليون سنة، ويرجع ذلك إلى الضغط الشديد والحرارة المرتفعة تحت سطح الأرض بما يزيد عن 150 كيلومتر، حيث تبلغ درجة الحرارة على هذا العمق ما بين 900 إلى 1300 درجة مئوية، ويبلغ الضغط ما بين 45 إلى 60 كيلوبار (أي ما يعادل 50,000 ضعف الضغط الجوي على سطح الأرض)، وهذه الظروف تتسبب بحدوث عملية «التبلور-Crystallization» لجزيئات الكربون، مما يؤدي إلى تحولها للألماس، والذي يخرج بدوره مع الثورانات البركانية إلى سطح الأرض.

الظروف على كوكب نبتون

يُعد كوكب نبتون أحد «العمالقة الجليدية-Ice giants»، حيث يستخدم مصطلح “الجليد” في علم الفلك للإشارة إلى المركّبات التي تحتوي على الهيدروجين، وهو ما ينطبق على على نبتون، حيث أن الطبقة الخارجية من غلافه الجوي مكونة من الهيدروجين (H)، والهيليوم (He)، وهي بسُمك 3,000 كيلومتر، بينما تتكون الطبقة الوسطى والتي تُسمى «الطبقة الجليدية-Icy layer» من الماء (H2O)، والأمونيا (NH3)، والميثان (CH4)، وهي بسُمك 17,500 كيلومتر.

كما أنه ذو ضغط جوي شديد، وهذا بالطبع نتيجة لسُمك غلافه الجوي، وله أيضًا حرارة داخلية مرتفعة.

تفسير محتمل

تقدًم «مارفن روس-Marven Ross» عام 1981 بورقة بحثية في مجلة Nature لتفسير ظاهرة الأمطار الألماسية على كوكب نبتون، حيث افترض أن الحرارة الشديدة تؤدي إلى فصل المركبات الهيدروكربونية (التي تحتوي على الكربون والهيدروجين مثل الميثان) في الطبقة الجليدية الوسطى، لتعطي جزيئات الكربون وجزيئات الهيدروجين منفصلة، ثم تؤدي الحرارة المرتفعة بمساعدة الضغط الجوي الشديد إلى تحول الكربون إلى الألماس، وبما أن الألماس أعلى كثافة من غازات الطبقة الوسطى، فإنه يتساقط على هيأة الأمطار باتجاه مركز الكوكب، وهذا قد يفسّر وجود طبقة كربونية حول نواة الكوكب، إلا أن درجة الحرارة الشديدة تؤدي إلى انصهار الألماس ليتحول إلى حالته السائلة، مما يعني وجود بحار من الألماس السائل!

اختبار الفرضية

قام الباحث الفيزيائي «دومينيك كراوس-Dominik Kraus» في ألمانيا بعمل تجربة مع فريقه، حيث استخدموا فيها جهاز LCLS والذي هو اختصار Linac Coherent Light source، أي “مصدر الضوء المتماسك” باللغة العربية، حيث أن محاكاة الظروف الداخلية لكوكب نبتون صعبة هنا على الأرض، وهنا يأتي دور ال LCLS، كما استخدم الباحثون «الهيدروكربون بوليستيرين-Hydrocarbon polystyrene» بدلًا من الميثان.

يقوم ال LCLS بإرسال نبضات ضوئية باتجاه البوليستيرين، مما يرفع حرارته إلى 5,000 كيلفين (حوالي 4,727 درجة مئوية)، كما يزيد من ضغطه ليصل إلى 1.5 مليون بار، وقد نجحت التجربة بتحويل البوليستيرين إلى الألماس.

إنه لشيء مذهل بحق ما يستطيع الإنسان أن يصل إليه عن طريق العلم، فها نحن ذا نحاكي ظروف كوكب آخر على كوكبنا، ويضيف كراوس قائلًا: “هذه التقنية ستساعدنا على قياس العمليات المثيرة التي كان يصعب علينا إعادة محاكاتها”.

المصادر

americanscientist

sciencealert

nature

لماذا يجب علينا التفكير في استعمار الزهرة بدلًا من المريخ؟

احتل المريخ مكانة كبيرة في خيال مؤلفي روايات وأفلام الخيال العلمي، فهو الكوكب الأحمر الذي يعج بالوحوش الغريبة، أو الكائنات الفضائية الخضراء إن حالفك الحظ، أو ربما وجهة سفر لرجل أعمال يطمح لبناء مدينة على كوكب آخر.

ولكن أين توأم الأرض من هذا كله؟

جحيم في السماء

يُعد كوكب الزهرة واحدًا من أجمل الأجرام السماوية التي يمكنك أن تمتع نظرك بها في سماء الليل، حتى أنه أخذ اسمه من الإلهة الرومانية «فينوس-Venus»، إلهة الحب والجنس والجمال، إلا أن ليس كل ما يلمع ذهبًا، فالزهرة عن مقربة هو أبعد ما يكون عن كل ما هو جميل، إنه في الواقع أقرب إلى الجحيم، حيث يمتلك غلافًا جويًا سميكًا للغاية، وهذا الغلاف السميك الممتلئ بثاني أكسيد الكربون يقوم بحبس الحرارة القادمة من الشمس داخل الكوكب، جاعلًا من الزهرة أكثر كواكب المجموعة الشمسية حرارة بدرجة حرارة تبلغ 465 درجة مئوية (أكثر حرارة من عطارد الذي هو أقرب كوكب إلى الشمس).

كما أن هذا الغلاف الجوي السميك ساعد في زيادة الضغط الجوي على سطح هذا الكوكب، إذ أن الضغط الجوي للزهرة يبلغ 90 ضِعف الضغط الجوي للأرض، وتسبب هذا الضغط الجوي في سحق مركبة «فينيرا 13-Venera 13» السوفيتية، التي تمكنت من الصمود في حرارة الزهرة وضغطه الجوي لمدة ساعتين، قبل أن تنسحق على نفسها.

وحتى إن نظرت إلى سماء الزهرة، فإنها ملبدة بغيوم صفراء ذات أمطار من حامض الكبريتيك.

لماذا ليس المريخ؟

أين نتجه إذًا؟ إلى المريخ؟

كلا، فالمريخ يمتلك غلافًا جويًا رقيقًا جدًا، وهذا الغلاف الجوي يسمح للشمس بأن تمطر من عليه بكمية رهيبة من الإشعاع، كما أن المريخ ذو عواصف شديدة للغاية، وهذه العواصف قد تهدد أي منشأة ينوي البشر إقامتها على سطحه، كما أنه يمتلك جاذبية تعادل ثلث جاذبية الأرض تقريبًا، فستصير عظامنا ضعيفة بسبب هذه الجاذبية، وتضمر عضلاتنا، وتصير أجسادنا أضعف وأكثر وهنًا، ففكرة استعمار المريخ لا تبدو بالفكرة السديدة.

لماذا الزهرة؟

يُعد الزهرة توأم الأرض، إذ أن كليهما بنفس الحجم تقريبًا، كما يمتلكان نفس التكوين الداخلي بنواة شبه سائلة، كما يمتلك الغلاف الجوي للزهرة كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون الذي يمكننا استخدامه لإنتاج الأوكسجين، كما أنه أقرب إلينا بكثير من المريخ، كما أن له غلافًا جويًا سميكًا يحمينا من الإشعاع الشمسي بشكل أفضل من المريخ.

بيت في الجحيم

ما الحل في هذه المعضلة إذًا؟ كيف نستقر على هذا الكوكب الأشبه بالجحيم؟

هناك حل دائمًا لكل مشكلة، فظروف الزهرة تصير أفضل عند ارتفاع 31 ميل عن سطح الكوكب، حيث تكون الحرارة أقل من السطح، نظرًا للخروج من سجن الغازات الدفيئة، كما ينخفض الضغط الجوي إذ أن الضغط الجوي يقل كلما زاد الارتفاع عن السطح.فالسبيل إذًا لاستعمار الزهرة هو السكن في مدن طائرة في الجو، فقدمت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا نموذجًا للمدن الطافية في الجو الذي يمكننا أن نسكن فيها، وهي تبدو كشيء مثل هذا.

جنة على الأرض

يبدو استعمار كواكب أخرى غير كوكبنا الأزرق بعيد المنال في المستقبل القريب، لذا وجب علينا أن نقدر قيمة هذا الكوكب حق قدره، وأن نحافظ عليه، فليس لدينا بيت آخر في هذا الكون الشاسع، حتى الآن على الأقل.

اقرأ أيضًا هل كان للديناصورات ريش؟

المصادر:

nasa

bigthink

sciencealert

nasa

نهاية الكون من منظور العلم

نظر الإنسان إلى السماء متأملًا إياها بنجومها وكواكبها، ناظرًا إليها برهبة تصحبها رغبة في استكشافها، ومنذ اللحظة الأولى اخترع الإنسان الأساطير والملحمات الشعرية ليفسر نشأة ما يراه من عجب، ويطلق العنان لخياله ليرى ما يمكن أن يصير إليه الكون في النهاية.
لكن من أعظم ما توصل إليه الإنسان هو المنهج العلمي المُتبع حاليًا، إذ استطاع من خلاله التوصل إلى حقيقة نشأة الكون، وافتراض سيناريوهات محتملة لنهايته وفق ما يراه من حقائق، وليس من وحي خياله المحض.

البداية

لا يجوز الحديث عن النهايات دون الحديث عن البدايات، تعالوا لنقصص عليكم قصة كوننا.

منذ ما يقرب من 13.8 مليار سنة، كان الكون كله محصورًا في نقطة صغيرة بلا أبعاد يدعوها الفيزيائيون «المفردة-singularity»، كانت هذه النقطة الصغيرة تحتوي الكون بأكمله، فكانت ذات كتلة وحرارة عظيمتين، ولأسباب مجهولة أخذ كوننا في التوسع بسرعة شديدة مقاومًا الجاذبية، وما زال مستمرًا في توسعه إلى الآن، ليس هذا وحسب، بل إن معدل توسعه في تزايد مستمر، لا نعلم إلى الآن القوى المسئولة عن هذا التوسع، فأطلقنا عليها اسم «الطاقة المظلمة-Dark Energy».

يمكننا تصور الصراع بين الجاذبية والطاقة المظلمة بلعبة شد الحبل، وفي هذا التصور سيكون الكون هو الحبل نفسه، حيث يحاول كل من الطرفين سحب الكون في اتجاه، تحاول الجاذبية سحق الكون على نفسه عن طريق التجاذب بين المجرات، بينما تحاول الطاقة المظلمة دفع المجرات بعيدًا عن بعضها البعض عن طريق خلق المزيد والمزيد من الفراغ بين المجرات.

والآن، دعونا نتناول ثلاثة سيناريوهات محتملة لنهاية الكون.

1- «التمزق الكبير-Big Rip»

كما قد ذكرنا، فإن الجاذبية في صراع مع الطاقة المظلمة، ولكن ماذا إن انتصرت الطاقة المظلمة؟

ستبتعد المجرات عن بعضها البعض، نتيجة لتوسع الكون، ليس هذا وحسب، بل إن النجوم ستتناثر خارج مجراتها، ويستمر مفعول الطاقة المظلمة في التزايد، إلى أن تخرج الكواكب من مداراتها، ولن يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن تأثير الطاقة المظلمة سيزيد إلى أن الذرات لن تقوى على مقاومته، فتخرج الالكترونات من مداراتها، وتتفكك نوى الذرات، ليتحول الكون إلى حساء من الجسيمات الأولية التي تسبح في كل اتجاه دون أن يمس بعضها بعضًا بسبب اتساع الكون الرهيب.

2- «الانسحاق الكبير-Big Crunch»

ماذا إن انتصرت الجاذبية؟
لنفترض تلاشي الطاقة المظلمة في وقت من الأوقات، الأمر أشبه بإلقاء كرة إلى الأعلى، ترتفع الكرة ولكنها ستهبط لا محالة، قد يحدث أمر مشابه مع كوننا، حيث ستنفذ الطاقة المظلمة بعد زمن طويل، سامحة للجاذبية بالانتصار، حيث ستدفع الجاذبية المجرات نحو بعضها البعض، مُعيدة الكون إلى سيرته الأولى عندما كان مفردة صغيرة، وهنا تقبع مفاجأة مذهلة، حيث يمكن للمفردة أن تتوسع من جديد لتُنشئ كونًا جديدًا وفقًا لظاهرة تُدعى «النفق الكمومي-Quantum tunneling»، مما يعني أنه من الممكن أن يكون كوننا مسبوقًا ومتبوعًا بأكوان أخرى.

3-«الموت الحراري-Heat death»

اختلف الفلاسفة في القديم على تصور نهاية الكون، هل سينتهي مُحترقًا أم متجمدًا؟
يخبرنا العلم أنه قد يموت متجمدًا(مع القليل من التحفظ).
عندما نشعر بالبرد في الشتاء نسارع بوضع أيادينا على شيء دافئ أو نجلس أمام المدفأة، وهكذا نقلل من شعورنا بالبرد، فالحرارة تنتقل من الجسم الأعلى حرارة للأقل، كما أن الأجسام الساخنة تفقد حرارتها مع الوقت، بفعل «الانتروبي-Entropy»، إذ أن كل شيء في الكون يميل إلى حالة السكون والهدوء، فإذا تركت كوبًا من الشاي الدافئ سيبرد مع الوقت، فالحرارة هي نتيجة تحرك الجزيئات بسرعة عالية لاكتسابها بعض الطاقة، وبما أن الجزيئات تميل إلى السكون، فستهدأ مع الوقت، ليبرد الشاي.

وهذا ما سيحدث مع الكون، إذ ستستمر المجرات في التباعد عن بعضها البعض، كما ستفقد النجوم حرارتها مع الوقت، ليموت الكون موتًا باردًا حيث تسكن جزيئاته في نهاية الأمر.

هل الأمر بهذه الأهمية؟

في الواقع لا، وهذا لسببين:
• قد يتضح أن كل هذا خاطئ، فهو مبني على معرفتنا العلمية الحالية القابلة للتغيير.
• هناك ما هو أجدر بالقلق، كالاحتباس الحراري وتناقص المساحات الخضراء على سبيل المثال لا الحصر.

الخاتمة

قد يتبين لنا أن تصوراتنا عن نهاية الكون خاطئة، وقد لا يعيش جنسنا ليشهد نهاية الكون من الأساس، ولكن تبقى هذه الفرضيات هي أفضل ما نملك، لأنها مبنية على المنهج العلمي، وهو المنهج الأفضل لتقصي حقائق الكون وأخبار ماضيه ومستقبله.

المصادر:

wired

astronomy.com

howstuffworks

اقرأ أيضًا الرد على أبرز ثلاث ادعاءات لأصحاب الأرض المسطحة

الرد على أبرز ثلاثة ادعاءات لأصحاب نظرية الأرض المسطحة

ها نحن ذا على مشارف عام 2021، وما زال البعض يعتقد أن الأرض مسطحة، وأنها محاطة بجدار جليدي بامتداد 65,000 ميل تحرسه وحوش عملاقة، وأن السماء قبة تحيط بأرضنا الجميلة، وأن الشمس والقمر يركضان خلف بعضهما البعض لسبب لا يعلمه أحد، وأن ناسا وكالة دجل مدعومة من الشيطان لطمس الحقائق.

لذا فقد قررنا الرد على ثلاثة ادعاءات لهم.

1. “لو كانت الأرض كروية وتدور بسرعة عالية في الفضاء، فإنه من المستحيل أن تبقى المياه في البحار والمحيطات ساكنة، بدلا من ذلك يجب عليها أن تكون في حركة مستمر، ولكننا نشاهد العكس.”

من منا لم يسأل نفسه هذا السؤال في الصف الأول الابتدائي عند معرفتنا بدوران الأرض حول محورها؟

لكن ما لم نفهمه في ذاك الوقت هو كيف تعمل الجاذبية، لنأخذ مثالًا عمليا للتوضيح، خذ كرة قدم عادية، ثم قم بتثبيت خرزة صغيرة عليها جيدًا باستخدام الصمغ، ثم قم بتدوير الكرة بأقصى سرعة ممكنة، هل طارت الخرزة؟

بالطبع لا، لأنها مثبتة على سطح الكرة بالصمغ، كذلك تعمل الجاذبية الأرضية، فالمحيطات والبحار مثبّتة في الأرض بفعل الجاذبية، كما أن الأرض تتحرك بسرعة ثابتة.

عندما تتحرك بسرعة ثابتة في السيارة، يمكنك سكب الماء من كوب لآخر بدون أن يتبلل قميصك، لأن الماء لن يتحرك للخلف، إذ أن سرعة السيارة ثابتة، إنها الفيزياء ببساطة.

2. “إذا كانت الأرض كروية وتدور بسرعة معينة، يمكن للمروحيات الارتفاع عن سطح الأرض والبقاء في المكان ذاته حتى تصل إلى المكان المطلوب.”

عادة ما يُساء فهم مسألة الدوران من قِبل أصحاب نظرية الأرض المسطحة، إذ أن الطائرات تبقى داخل الغلاف الجوي مهما طارت، فهي تحلق داخل مجال جاذبية الأرض، لذا فهي تدور مع الأرض بدورانها، كل شيء على الأرض يدور معها في الواقع بما فيهم أنت، إذ أنك تنطلق بسرعة رهيبة في الفضاء بينما تقرأ هذا المقال، لكنك لا تشعر بذلك لأن السرعة ثابتة كما بينّا في النقطة السابقة، فكذا الطائرات، إذا ظلت معلقة في الهواء بثبات فستدور مع الأرض، لذا فستبقى فوق النقطة التي طارت منها، فوجب عليها التحرك لبلوغ وجهتها.

3. “لو كانت الأرض حقا تدور، فإن الرصاص الذي تم إطلاقه بشكل عامودي إلى الأعلى، لسقط بمكان آخر بعيد عن المكان الذي تم الإطاق منه، وهذا لا يحدث.”

كما وضحنا في النقطة السابقة، فإن الرصاصة مهما انطلقت بشكل عامودي فهي بداخل مجال جاذبية الأرض، ما لم تبلغ سرعة الإفلات، فالرصاصات المُطلقة للأعلى تدور مع دوران الأرض أيضًا، كما أن حجم الأرض كبير للغاية مقارنة بالرصاصة، ولتوضيح هذه النقطة علينا القيام بتجربة أخرى.

خذ خيطًا، واربط طرفه بإصبعك، واربط الطرف الآخر بخرزة صغيرة، ثم قم بلف إصبعك، وبلا شك ستدور الخرزة مع دوران إصبعك، فإصبعك هنا يمثِّل الأرض، والخيط يمثّل الجاذبية، والخرزة تمثل أي جسم في مجال جاذبية الأرض.

الخلاصة:

تتعدد أسباب المؤمنين بتسطيح الأرض، كما تتعدد أسباب المؤمنين بالخرافة، فالأرض كروية، وستظل كروية للأبد، فالعلم لا يعبأ بمن لا يصدقونه.

المصادر:

physicsforum
scientificamerican
popsci.com

اقرأ أيضًا

هل حقًا سقطت نظرية التطور كما يزعمون؟

جائزة نوبل في الفيزياء 2020 تُثبت نظرية النسبية العامة

جائزة نوبل في الفيزياء 2020 تُثبت نظرية النسبية العامة، أخذ مفهوم “الثقب الأسود” معانٍ جديدةً في العديد من أشكال التعبير الثقافي ولكن بالنسبة لعلماء الفيزياء، فإن الثقوب السوداء هي نقطة النهاية الطبيعية لتطور النجوم العملاقة. أُجري  أول حساب للانهيار الدراماتيكي لنجم هائل في نهاية الثلاثينيات من قبل الفيزيائي “روبرت أوبنهايمر” الذي قاد فيما بعد مشروع مانهاتن الذي بنى أول قنبلة ذرية. عندما ينفد الوقود من النجوم العملاقة التي تبلغ كتلتها أكبر من الشمس عدة مرات، فإنها تنفجر أولاً على شكل مستعرات أعظمية ثم تنهار إلى بقايا شديدة الكثافة ثقيلة للغاية لدرجة أن الجاذبية تسحب كل شيء  إلى داخلها حتى الضوء. أُخذت فكرة “النجوم المظلمة”  بالاعتبار منذ زمن بعيد حتى نهاية القرن الثامن عشر كما هو موضح في أعمال الفيلسوف وعالم الرياضيات البريطاني “جون ميشيل” والعالم الفرنسي الشهير “لابلاس”. كلاهما استنتج أن الأجرام السماوية يمكن أن تصبح كثيفة لدرجة أنها ستكون غير مرئية – وحتى سرعة الضوء الهائلة لن تُسعفها من الهروب من جاذبيتها. بعد أكثر من قرن بقليل-عندما نشر ألبرت أينشتاين نظريته العامة عن النسبية-، وصفت بعض الحلول لمعادلات النظرية الصعبة مثل هذه النجوم المظلمة. حتى مطلع ستينيات القرن الماضي، كانت هذه الحلول تعتبر تكهنات نظرية بحتة تصف المواقف المثالية التي تكون فيها النجوم وثقوبها السوداء مستديرة ومتماثلة تمامًا. ولكن لا يوجد شيء مثالي في الكون وقد كان “روجر بنروز” الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء 2020 أول من نجح في إيجاد حل واقعي لجميع المواد المنهارة بما فيها من نتوءات وعيوب طبيعية.

لغز  الكوازارات «quasars»

عادت مسألة وجود الثقوب السوداء إلى الظهور في عام 1963 مع اكتشاف الكوازارات وهي ألمع الأجسام في الكون. منذ ما يقرب من عقد من الزمان، كان علماء الفلك في حيرة من أمرهم بسبب الأشعة الراديوية من مصادر غامضة، مثل 3C273 في كوكبة العذراء. وأخيرًا  كشف الإشعاع الواقع ضمن طيف الضوء المرئي عن الموقع الحقيقي للكوازار- 3C273 والذ اتضح أنه بعيد جدًا لدرجة أن الأشعة  الصادرة منه يستغرق وصولها  إلى الأرض أكثر من مليار سنة. وكما هو معروف، إذا كان مصدر الضوء بعيدًا جدًا، فلا بد أن يكون له شدة تساوي ضوء عدة مئات من المجرات وقد أطلق العلماء على مصادر الضوء تلك اسم “كوازار”. سرعان ما وجد علماء الفلك الكوازارات التي كانت بعيدة جدًا لدرجة أنها أطلقت إشعاعها في الطفولة المبكرة للكون.  السؤال الذي يطرأ الآن؟ من أين يأتي هذا الإشعاع المذهل؟ هناك طريقة واحدة فقط للحصول على هذا القدر من الطاقة ضمن الحجم المحدود للكوازار أي من سقوط المادة في ثقب أسود فائق الكتلة.

الحل في مفهوم الأسطح المحاصرة

هل يمكن للثقوب السوداء أن تتشكل في ظل ظروف واقعية ؟ حيّر هذا السؤال الفائز بجائزة نوبل هذا العام “روجر بنروز”. الجواب، كما يتذكره لاحقًا، أثناء نزهة مع زميل له في لندن في خريف عام 1964، حيث كان “بنروز” أستاذًا للرياضيات في كلية “بيركبيك”. عندما توقفوا عن الحديث لوهلةٍ لعبور الشارع، ظهرت فكرة في ذهنه. في وقت لاحق من ظهر ذلك اليوم، بحث عنه في ذاكرته وكانت هذه الفكرة -التي أسماها الأسطح المحاصرة – هي المفتاح الذي كان يبحث عنه دون وعي، وهي أداة رياضية ضرورية لوصف الثقب الأسود. يجبر السطح المحاصر جميع الأشعة على التوجه نحو المركز وذلك بغض النظر عما إذا كان السطح منحنيًا للخارج أو للداخل. باستخدام الأسطح المحاصرة ، تمكّن “روجر بنزور” من إثبات أن الثقب الأسود يخفي دائمًا “التفرد”، وهو الحد الذي ينتهي فيه الزمان والمكان وكثافته لا حصر لها وحتى الآن لا توجد نظرية لكيفية التعامل مع هذه الظاهرة الغريبة في الفيزياء. أصبحت الأسطح المحاصرة مفهومًا مركزيًا في إكمال إثبات بنروز لنظرية التفرد إذ أن الأساليب الطوبولوجية التي قدمها تُعد من أفضل الأدوات لدراسة كوننا المُنحني.

طريق ذو اتجاه واحد حتى نهاية الزمان

 بمجرد أن تبدأ المادة في الانهيار ويتشكل سطح محاصر، لا شيء يمكن أن يوقف الانهيار من الاستمرار. لا مجال للعودة ، كما في القصة التي رواها الفيزيائي والحائز على جائزة نوبل “سوبراهمانيان شاندراسيخار”  في  طفولته في الهند. تدور القصة حول اليعسوب ويرقاتها التي تعيش تحت الماء. عندما تكون اليرقة جاهزة لفتح أجنحتها ، فإنها تَعِدُ بأنها ستخبر أصدقاءها كيف تبدو الحياة على الجانب الآخر من سطح الماء. ولكن بمجرد أن تمر اليرقة عبر السطح وتطير بعيدًا مثل اليعسوب لا تعود. ونتيجةً لذلك، لن تسمع اليرقات الموجودة في الماء قصة الحياة على الجانب الآخر.

وبالمثل، يمكن لكل مادة أن تعبر أفق حدث الثقب الأسود في اتجاه واحد فقط. ثم يحل الوقت محل المكان وتتجه جميع المسارات المحتملة إلى الداخل ، حيث يحمل تدفق الوقت كل شيء نحو نهاية لا مفر منها عند التفرد كما هو موضح في الصورة أدناه. لن تشعر بأي شيء إذا سقطت في أفق الحدث لثقب أسود فائق الكتلة  ومن الخارج، لا أحد يستطيع رؤيتك تسقط، وتستمر رحلتك نحو الأفق إلى الأبد. إن التحديق في ثقب أسود غير ممكن ضمن قوانين الفيزياء المعروفة؛ إذ أن الثقوب السوداء تخفي كل أسرارها وراء آفاق أحداثها.

عندما ينهار نجم ضخم بفعل جاذبيته، فإنه يشكل ثقبًا أسودًا ثقيلًا لدرجة أنه يلتقط كل شيء يمر عبر أفق الحدث. حتى الضوء لا يستطيع الهروب. في أفق الحدث، يحل الزمان محل المكان ويشير إلى الأمام فقط. يحمل دفق الزمان كل شيء نحو «التفرد-singularity» الأبعد داخل الثقب الأسود حيث تكون الكثافة لانهائية وينتهي عندها الزمان. يُظهر مخروط الضوء مسارات أشعة الضوء للأمام وللخلف بمرور الوقت. عندما تنهار المادة وتشكل ثقبًا أسود فإن المخاريط الضوئية التي تعبر أفق الحدث للثقب الأسود ستتحول إلى الداخل، باتجاه التفرد. وبذلك لن يرى المراقب الخارجي أبدًا أن أشعة الضوء تصل إلى أفق الحدث ، بل تدفعه فقط. ولا أحد يستطيع رؤية أزيد من ذلك

الثقوب السوداء تتحكم في مسارات النجوم

على الرغم من أننا لا نستطيع رؤية الثقب الأسود، إلا أنه من الممكن تحديد خصائصه من خلال مراقبة كيفية توجيه جاذبيته الهائلة لحركات النجوم المحيطة. يقود العالمان الحائزان على نوبل في الفيزياء 2020 “راينهارد جينزل” و”أندريا غيز” مجموعات بحثية منفصلة تستكشف مركز مجرتنا- درب التبانة- والتي تبدو من المسقط العمودي مشكل قرص مسطح يبلغ عرضه حوالي 100000 سنة ضوئية كما هو موضح في الصورة أدناه، ويتكون من الغازات والغبار ومئات المليارات من النجوم وأحد هذه النجوم هو شمسنا. من وجهة نظرنا على الأرض ، تحجب السحب الهائلة من الغاز والغبار بين النجوم معظم الضوء المرئي القادم من مركز المجرة. كانت التلسكوبات التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء وتكنولوجيا الراديو هي أول ما سمح لعلماء الفلك برؤية قرص المجرة وتصوير النجوم في المركز. باستخدام مدارات النجوم كمرشدين ، توصل جينزل و غيز إلى الدليل الأكثر إقناعًا حتى الآن على وجود جسم فائق الكتلة مختبئ في مركز مجرتنا ويُعد الثقب الأسود هو التفسير الوحيد الممكن.


مجرة درب التبانة والتي تبدو من المسقط العمودي كقرصٍ مسطح يبلغ عرضه حوالي 100000 سنة ضوئية كما هو موضح في الصورة أعلاه، ويتكون من الغازات والغبار ومئات المليارات من النجوم وأحد هذه النجوم هو شمسنا

للتعرف على مساهمات الفائزين في جائزة نوبل في الفيزياء 2020 اضغط هنا.

المصادر

Nobelprize

التاريخ الكبير: قصة مجموعتنا الشمسية

وفقاً لما نشاهده في الأنظمة النجمية الخارجية، قد تأخذ عملية تشكل الكواكب بضعة ملايين من السنين، في قصة مجموعتنا الشمسية، قد تكون أخذت هذه العملية ما يقرب من 10 مليون سنة فقط، بينما عمر مجموعتنا هو 4.5 بليون سنة، ومن المرجح للشمس أن تعيش حوالي 5 بلايين أخرى من السنين، إذا فهذا أشبه بفترة حمل مدتها شهر، لامرأة تعيش 80 سنة!

قصة مجموعتنا الشمسية

يمكننا التعرف على تاريخ المجموعة الشمسية عن طريق ملاحظة النجوم الأخرى، التي تحوي أنظمة كوكبية بدائية، في طريقها نحو التشكل، والتكوين بصورة شبيهة بصورة مجموعتنا، تمكن الفلكيون من رصد بعد الأنظمة النجمية الأولية، إذ أنه وكما ناقشنا في جزء سابق من هذه السلسلة، تتكون النجوم بفعل الجاذبية التي تضغط الغازات سويًا حتى تزيد من حرارتها، مساعدة على احداث الاندماج النووي، ومما لا عجب فيه أن الجاذبية لا تضغط كل الغاز الموجود في محيطها، إذ تتبقى بعض الغازات التي تسبح حول النجم على شكل قرص، ومن ثم تهدأ هذه الغازات وتتجمع مع بعضها البعض، وتبرد، لتكون ما يعرف بالكواكب، على ما يبدو أن هذه هي الطريقة التي تكون بها نظامنا الشمسي.

لكن قد يبدو لنا أن هناك بعض الأماكن التي تفتقد الكواكب في مجموعتنا، فهناك «حزام الكويكبات-Asteroid belt»، و «حزام كويبر-Kuiper belt» الذي يحتوي على كوكب بلوتو، والذان يحتويان على مجموعة ضخمة من الصخور والجليد، دون أدنى تكون لأي كوكب، فلماذا إذا؟

حزام الكويكبات

ظهرت بعض الفرضيات لتبرير هذا الشأن، وهي تفترض بأن نظامنا الشمسي في طفولته لم يكن بهذه السكينة، إذ دخلت الكواكب مع بعضها البعض في تصادمات شديدة، هناك فرضية تقول بأن «المشترى-Jupiter» قد سافر في بدايته إلى داخل المجموعة الشمسية، حيث «الكواكب الصخرية-rocky planets»، ولكنه لم يهوى إلى داخل الشمس بفضل سرعته، إذ قذفته الشمس إلى الخارج مرة أخرى، وفي هذه الأثناء فقد بعضًا من كتلته، التي شكلت حزام الكويكبات الذي نراه.

لكن ماذا عن حزام كويبر؟

هناك العديد من الفرضيات بشأن نبتون وأورانوس، حيث أن بعض الفرضيات ترجح حدوث تبادل في الأماكن بين هذين الكوكبين، إذ أدى هذا التبادل وحركة الجذب والتنافر إلى فقدان البعض من كتلتهما، مما كون حزام كويبر.

الخلاصة

في الواقع هناك العديد من الفرضيات التي لا سبيل لنا للتأكد منها بشأن قصة مجموعتنا الشمسية، وفقاً لما نمتلكه من أدوات البحث العلمي الحالية، لكن مما لا ريب فيه أن العلم كل يوم يصير متأكدًا أكثر من بعض الأمور، فلا سبيل لمعرفة الحقيقة أفضل من العلم.

من كورس ل Coursera مقدم من «جامعة أمستردام-Amsterdam

coursera

لقراءة سلسلة التاريخ الكبير ج5 من هنا

التاريخ الكبير: كيف تموت النجوم؟

لنعلم كيف تموت النجوم علينا أولا أن نعلم ما هي النجوم وكيف تعمل.

كيف تعمل النجوم؟

لنأخذ الشمس على سبيل المثال، شمسنا ذات كتلة كبيرة جدا، فهي عبارة عن كرة عملاقة من الغاز الساخن، وبسبب هذه الكتلة، تتعرض نواة الشمس لضغط رهيب، مما يزيد حرارتها إلى 16 مليون درجة، وهي درجة جيدة جدا لحدوث الاندماج النووي، حيث تتحول في كل ثانية كمية كبيرة من الهيدروجين إلى الهيليوم بفعل الاندماج داخل نواة الشمس، تفقد الشمس 4 مليون طن من المادة في صورة حرارة كل ثانية، مما يخبرك بشيء بديهي، شمسنا لها نهاية، عمر شمسنا هو 4.5 بليون سنة، وبقليل من الحسابات، اعتمادا على معدل تحويل الهيدروجين إلى هيليوم، أمكننا التنبؤ بأن شمسنا ستعيش ل 5 بلايين أخرى من السنين.

وبعد انقضاء عمرها، ستصير «عملاقًا أحمر-Red giant»، وتلتهم عطارد والأرض، ثم تنهار تحت وطأة الجاذبية، لتصير «قزمًا أبيضًا-White dwarf»، وهو كما يبدو من اسمه، فهو نجم أبيض صغير، بحجم الأرض تقريبًا، لكنه يحتوي كتلة الشمس بأكملها، وبهذا يصير كثيفًا جدًا، مما يجعل عمره يصل إلى تريليونات السنين!

كيف تموت النجوم الأكبر؟

عمر النجوم في الواقع يعتمد على شيئين، كمية الوقود النووي لديه، ومعدل استهلاكه لهذا الوقود، لنأخذ على سبيل المثال نجما ذو كتلة بقدر 20 ضعف كتلة الشمس، نجم كهذا سيبلغ سطوعه 40 الف مرة سطوع الشمس، مما يعني أنه سيستهلك وقوده أسرع ب 40 الف مرة، جاعلًا عمره 10 مليون سنة فقط!

ولكن النجوم كهذه لا ينتهي بها الأمر لتصير أقزاما بيضاء مثل الشمس، حيث تنهار على نفسها بسرعة بالغة بفعل الجاذبية، مما يدفع بالالكترونات نحو البروتونات لتصير نيوترونات، وتتزاحم هذه النيوترونات وتتنافر بفعل القوة النووية القوية، كما تترك خلفها إنفجارًا بقوة تريليون ميجاطن بالمناسبة، حيث أن «النجوم النيوترونية-Neutron stars»، يمكن أن تصل كتلتها إلى أضعاف كتلة الشمس، لكن بقطر 20 كيلومتر فقط!
مما يجعلها كثيفة للغاية، فملعقة واحدة من هذه النجوم تساوي كتلة ألف من أهرامات الجيزة!

ولكن ماذا عن النجوم الأكبر من هذه؟

لا ترحم الجاذبية النجوم الأكبر، حيث تسحقها على نفسها في لمح البصر، لتركز كتلة النجم بأكمله داخل نقطة صغيرة للغاية، تدعى ب «المفردة-singularity»، وهذا ما نعرفه جميعًا باسم «الثقوب السوداء-Black holes»، الذي لا يسمح لأي شيء بمغادرة جاذبيته، مهما كانت سرعته، حتى لو كان الضوء نفسه.

تترك هذه النجوم خلفها انفجارات مهولة، مما نرصده في شكل السدم، فالسدم ما هي إلا جثث النجوم، بالطبع تولد العديد من النجوم كل يوم، لكن هذا إلى زوال، حيث سيأتي يوم لا تولد فيه المزيد من النجوم، وتموت النجوم كلها، تاركة الكون في ظلام دامس، معلنة انتهاء الحقبة النجمية للكون.

من كورس ل Coursera مقدم من «جامعة أمستردام-Amsterdam university».

coursera

لقراءة سلسلة التاريخ الكبير ج4 من هنا

التاريخ الكبير: لماذا يهتم العلماء بدراسة النجوم؟

لم تتوقف السماء عن سحرنا يومًا، حتى أننا نجد القمر، والنجوم مذكورين في كثير من أغانينا، فالسماء بنجومها كانت وما زالت مصدر إلهام لنا نحن البشر، لكن ما هي النجوم وكيف تتكون؟ ولماذا يهتم العلماء بدراسة النجوم؟

أكثر النجوم في كوننا هي نجوم صغيرة ذات كتلة قليلة، بحجم شمسنا أو أصغر، وهي أبرد بكثير من يا النجوم، لذا فلونها أحمر وتُدعى بال «أقزام حمراء-Red dwarfs»، ولكنها ليست مشوقة للحد الكافي، فنحن نتحدث هنا عن النجوم العملاقة، التي هي أكبر من شمسنا على الأقل ب 8 مرات، وقد تسطع أكثر بمليون مرة من سطوع الشمس!

تعيش هذه النجوم حياة مغايرة تمامًا لحياة شمسنا، ففي نهاية حياتها تنفجر في إنفجار خلاب مهيب يدعى بال«سوبرنوفا-Supernova»، تاركة خلفها لوحة جميلة من أجمل وأبهى الألوان، مثل التي نراها في السدم التي يعج كوننا بها، كما لعبت هذه النجوم دورًا حيويًا في تشكيل كوننا بشكله الحالي، فبعد الانفجار العظيم بفترة وجيزة، لم يكن هناك أي مصدر للضوء، كان الظلام والصمت يخيمان على كوننا بأسره، فيما يعرف باسم «العصور الكونية المظلمة-Cosmic dark ages»، ولكن بعد حوالي 100 مليون سنة، تكونت هذه النجوم العملاقة، التي عاشت حياة قصيرة، ثم انفجرت في حدث السوبرنوفا العظيم، وتوالت الأجيال النجمية، جيلًا بعد جيل بمرور الزمن، وأثناء فترة حياة تلك النجوم كان إشعاعها ورياحها النجمي يزيدان من حرارة الغازات من حولهم، مؤديين إلى حدوث عملية «التأين-Ionization»، محدثة ثقوبًا وفقاعات في تلك الغازات من حولها، وعلى مدار الوقت، تقوم تلك النجوم بتغيير شكل المجرات التي تحتويهم، مؤدية إلى شكل كوننا الحالي الذي نعيش فيه.

لماذا يهتم العلماء بدراسة النجوم من الأساس؟

أحد أكثر الأشياء إثارة للدهشة في كوننا هو التنوع الكبير للعناصر، تلك العناصر التي نحن وكل ما حولنا مصنوعون منها، ومن أمثلة هذه العناصر هو عنصر الأوكسجين الذي نتنفسه، وأيضًا عنصر الكربون، الذي هو حجر الأساس لجميع المركبات العضوية، ويلعب دورًا محوريًا في تكوين أنسجتنا وعضلاتنا، كذلك عنصر الكالسيوم، الموجود في أسناننا وعظامنا، وكذلك عنصر الحديد الذي يجري في دمنا.

على الرغم من ذلك التنوع، فالعناصر التي كانت موجودة بعد الانفجار العظيم هي الهيدروجين، والهيليوم، وقليل من الليثيوم، إذا من أين أتت كل تلك العناصر؟

يعتقد المجتمع العلمي أن الفضل في ذلك يرجع إلى النجوم، ولكن كيف ذلك؟

كيف تُشكّل النجوم العناصر؟

يبدأ الأمر بقوة الجاذبية، حيث تضغط الجاذبية الغازات سويًا، مؤدية إلى زيادة حرارتها، حتى تصل درجة الحرارة في المركز إلى ما يزيد عن المليون درجة، هذه الدرجة عالية بما يكفي للسماح بعملية الاندماج النووي، حيث تندمج ذرتان من ذرات الهيدروجين لتكوين ذرة من الهيليوم، ولكن هذا في النجوم التي هي بحجم شمسنا أو أكبر قليلًا، حيث أن النجوم العملاقة لا تتوقف عند هذا الحد، وإنما تستمر بدمج ذرات الهيليوم لتكوين الكربون والأوكسجين.

إذا كان النجم كبيرًا كفاية، فإنه سيستمر في دمج العناصر وصولًا إلى عنصر الحديد، ومن ثم تنفجر تلك النجوم العملاقة، في مشهد مهيب، مطلقة ما بجعبتها من مادة إلى الفضاء الشاسع، مضيفة عناصر جديدة إلى جدولنا الدوري.

يبدو غريبًا أليس كذلك؟ فالأوكسجين الذي تتنفسه بينما تقرأ هذا المقال الآن مصنوع في نواة أحد النجوم كتلك التي تراها في سماء الليل، أضف إلى ذلك أنك أنت نفسك تتكون من ذرات صنعت في نواة أحد النجوم أيضًا!

إنه لشيء مبهر بحق، ولا يسعنا إلا أن نقول أكثر من قول عالم الفيزياء الفلكية الشهير «كارل ساجان-Carl Sagan»: “أنت مصنوع من غبار النجوم”.

من كورس ل Coursera مقدم من «جامعة أمستردام-Amsterdam university».

التاريخ الكبير: ما هي القوى التي تحكم الكون؟

كوننا محكوم بأربع قوى فيزيائية، فكل ما نراه في حياتنا من أحداث يمكن الحكم عليه من خلال التفاعل بين هذه القوة الأربعة، إذًا ما هي القوى التي تحكم الكون؟

1- «القوة الكهرومغناطيسية-Electromagnetic force»

القوة الكهرومغناطيسية هي القوة التي تسبب الترابط بين الجسيمات ذات الشحنة الموجبة، ونظيراتها ذات الشحنة السالبة، إذ أنها هي السبب في تجاذب الالكترونات والبروتونات، كما أن لكل قوة من بين هذه القوة الأربعة جسيمًا ليحملها، فعلى سبيل المثال لا الحصر، الجسيم الذي يحمل القوة الكهرومغناطيسية هو الفوتون، وهو جسيم يسير بسرعة الضوء إذ أنه منعدم الكتلة، لكنه مليء بالطاقة، فتقوم الالكترونات بتبادل الفوتونات بينها وبين البروتونات للحفاظ على ترابطهم في الذرة، يمكنك تصور الأمر على أنه مباراة كرة قدم، فالجزيئات هي اللاعبون، بينما التفاعل بينهم محكوم بحركة الكرة فيما بينهم.

2- «القوة النووية القوية-Strong nuclear force»

وهي القوة التي تسبب الترابط بين البروتونات وبعضها البعض داخل نواة الذرة، لتشكيل العناصر الثقيلة، إذ أن البروتونات ذات شحنة موجبة إلا أنها لا تزال متجاذبة ومتحدة في نواة الذرة، بسبب القوة النووية القوية، كما أنها أيضًا هي السبب في ترابط الكواركات داخل البروتونات، والجسيم الحامل لهذه القوة هو «الجلون-gluon»، فتقوم الكواركات بتبادل الجلونات فيما بينها، لتحافظ على ترابطها داخل البروتونات.

3- «القوة النووية الضعيفة-weak nuclear force»

تتسبب هذه القوة فيما يعرف بالتحلل الإشعاعي، مثل «إشعاع بيتا-Beta radiation»، وهذه القوة ليست ذات جسيم حامل واحد، ولكن ثلاثة جسيمات حاملة لها وهم W plus, W minus, Z boson، وهم يختلفون عن الفوتونات والجلونات في أمر الكتلة، فالفوتونات والجلونات منعدمة الكتلة، لكن هذه الجسيمات لها كتلة.

4- «الجاذبية-Gravity»

ما نتحدث عنه هنا هو ما يعرف ب «النموذج المعياري- Standard model»، وهو ما طوره الفيزيائيون في أوائل ستينيات القرن الماضي، ومن أشهر هؤلاء الفيزيائيون هو «فيلتمان-Veltman»، لكن نموذج فيلتمان حوى بعض الأخطاء القاتلة، إذ نصت نظريته بتنبؤات سخيفة، كما أن نموذج فيلتمان لا يكون صحيحًا إلا إذا كانت الجزيئات منعدمة الكتلة، لكنها إن كانت كذلك لطارت في الفراغ بسرعة الضوء، ولحل هذا الإشكال، صاغ «بيتر هيجز-Peter higgs» معادلاته، لوصف ما سُمّي بعد ذلك ب «حقل هيجز-higgs field»، إذ أخبر هيجز بأن كتلة الجسيمات لا تأتي من داخلها، وإنما هناك حقل غير مرئي، تتفاعل الجسيمات معه أثناء حركتها، فيُبطئ من حركتها، على سبيل المثال، إذا وجدنا جسيمًا ثقيلًا، فهذا يعني أنه يتفاعل بشدة مع حقل هيجز، وليس أن كتلة الجسيم نتيجة لتركز المادة بداخله.

إذًا فالأمر بسيط الآن، علينا فقط أن نجد جسيم هيجز، وعندها سيكون هذا دليلًا على وجود حقل هيجز، وقد حدث بالفعل، فقد وجد الفيزيائيون «بوزون هيجز-Higgs boson» عام 2012، وهذا هو ما يعطي الجسيمات كتلتها.

مما لا يشك فيه عاقل هو وجود الجاذبية وتأثيرها فيما حولنا، فهي التي تسببت بسقوط التفاحة، وهطول الأمطار، وترابط الأرض والقمر، ودوران الأرض حول الشمس، والكثير والكثير من الأشياء الأخرى، لكن الفيزيائيون لا يعرفون جسيمًا ليحمل هذه القوة، إذ أنها قوة كبيرة لتكون محمولة بجسيم واحد، ولكن مما لا شك فيه كذلك أنهم منهمكون في البحث عن هذا الجسيم بحثًا عن فهم أفضل عن ماهية القوى التي تحكم الكون.

من كورس ل Coursera مقدم من «جامعة أمستردام-Amsterdam university».

coursera

لقراءة سلسلة التاريخ الكبير ج2 من هنا

التاريخ الكبير: مم يتكون الكون؟

سلسلة التاريخ الكبير: مم يتكون الكون؟ لطالما سحرنا الكون بغموضه، لكن في القرن الماضي، تمكن العلماء من إزالة بعض من الغموض الذي يحيط بالكون، كما اكتشفنا بعض الأمور المثيرة، على سبيل المثال علمنا أن الفراغ ليس عدمًا كاملًا، ولكنه يحوي «تقلبات كمومية-Quantum fluctuations» تُنشئ جزيئات ومضاداتها، ليتحد الجزيء و مضاده ليعودوا كما كانوا فراغًا، ولكن هذا الاكتشاف المثير قد يدفعك للتساؤل عن ماهية المادة من الأساس، في الواقع، نحن نعرف الكثير، دعونا نناقش في سلسلة التاريخ الكبير: مم يتكون الكون؟

1- الالكترونات

كما نعلم جميعا تدور الالكترونات حول نوى الذرات بسرعة تقارب سرعة الضوء، وهذا لا يسمح لنا بقياس سرعته و تحديد مكانه في نفس اللحظة، تقف قوانيننا عاجزة أمام هذا الجزيء الصغير ذو الشحنة السالبة.

2- «الكواركات-Quarks»

تحتوي نواة الذرة على البروتونات والنيوترونات، واللذان بدورهما يوجد بداخلهما جزيء أصغر، يدعى بالكوارك، وحجم الكوارك أصغر من حجم البروتون بألف مرة، إذ أن كل بروتون يحتوي على ثلاث كوراكات، وكل نيوترون يحتوي على ثلاثة أيضًا، كما أن للكواركات أنواع مثل : «الكوارك العلوي-Up quark»، «الكوارك السفلي-Down quark»، وغيرهم، إلا أن هذان النوعان هما ما يكوّنان المادة التي في كوننا، و يحتوي البروتون على كواركان علويان وكوارك سفلي، بينما يحتوي النيوترون على كواركان سفليان وكوارك علوي.

3- «الالكترون نيوترينو-Electron neutrino»

ليس مكونًا من مكونات الذرة، لكنه يغمر كوننا بجسيماته طوال الوقت، جسيماته القادرة على اختراق كل شيء دون أن نشعر بها، إذ أن في الثانية الواحدة يخترق مئة بليون من هذا الجسيم إبهامك!
لا تزال خصائص النيوترينو مجهولة لدى المجتمع العلمي، كما أننا لا نعرف أي دور يلعب في بناء كوننا، ربما نجيب عن هذه الأسئلة في المستقبل القريب.

4- «المادة المضادة-Antimatter»

كانت المادة المضادة افتراضًا تنبأت به معادلات العالم «بول ديراك-Paul Dirac» في عام 1926، إلا أننا استطعنا إنتاجها في المعامل، كما رصدناها في التقلبات الكمومية، إذ أن الالكترون له جسيم مضاد بشحنة موجبة ويدعى بال «بوزيترون-Positron»، كما أن للبروتون جسيمًا مضادًا كذلك، ويدعى بال «البروتون المضاد-Antiproton»، فلكل جسيم من جسيمات المادة جسيمًا مقابلًا من جسيمات المادة المضادة.

عندما يلتقي جزيء بنظيره من المادة المضادة، يتحدان سويًا ليفنيا ويتحولا إلى طاقة وفقًا لمعادلة ألبرت أينشتاين الشهيرة E=MC^2، التي تنص على أن المادة والطاقة ما هما إلا وجهان لعملة واحدة، وهذه بالضبط هي فكرة «المسرعات الجزيئية-Particle Accelerators»، حيث يقوم الفيزيائيون بتسريع الجسيمات لتصطدم ببعضها منتجةً طاقة هائلة، وبحسب كمية الطاقة تنشأ جسيمات جديدة، إذ اكتشفنا نوعًا أثقل من الكواركات، وهو «الكوارك القمي-Top quark»، ونوعا أثقل من الالكترونات، وهي «الميونات-Muons»، ونوعا أثقل من النيوترونات، وهي ال «ميون نيوترينو-Muon neutrino»، وكل هذا عن طريق مصادمة الجزيئات ببعضها البعض، لتنتج طاقة، ومن ثم تتركز هذه الطاقة لتتحول إلى جسيمات جديدة.

ولكن لماذا لا نجد المادة المضادة بوفرة في الطبيعة مثل المادة؟ ولماذا هذه الجسيمات بالتحديد؟ وهل توجد جسيمات أخرى؟

كل هذه أسئلة لا نعرف لها إجابة في الوقت الحالي، لكن لربما كنت أنت أيضًا المجيب عليها، والفائز القادم بجائزة نوبل في الفيزياء.

من كورس ل Coursera مقدم من «جامعة أمستردام-Amsterdam university».

لقراءة الجزء الأول من هنا

التاريخ الكبير: الانفجار العظيم

التاريخ الكبير: الانفجار العظيم

بعد أن أعددت مشروبك المفضل في سلام، وجلست في شرفة بيتك الهادئة بعد منتصف الليل، تنظر إلى السماء بعجب، فإذا القمر يتوسط المشهد بنوره الفضي الساحر، محاطًا بمجموعة بالكثير والكثير من النجوم، ووسط هذا الجو الشاعري الجميل تتساءل: “كيف بدأ كل هذا؟”.

الحقيقة أننا نعرف كيف بدأ كوننا الجميل، لقد بدأ بداية عنيفة، بدأ ب «انفجار عظيم-Big bang»، ولكن كيف نعرف هذا؟ وما هي الأدلة على هذا الادعاء؟ تابع معنا سلسلة التاريخ الكبير ج١: الانفجار العظيم

1- توسع الكون

بدأ الأمر في بدايات القرن العشرين حينما وجه العلماء تليسكوباتهم نحو السماء، كان الاعتقاد السائد آنذاك أن الكون هو عبارة عن تجمع نجمي يحوي جوالي 400 بليون نجم، له أربعة أذرع، ويدعى ب«مجرة درب التبانة-Milky way galaxy»، لكن هؤلاء العلماء اكتشفوا اكتشافًا قد مثل ثورة علمية في ذلك الوقت، اكتشفوا أن مجرتنا ليست وحيدة!

بل أن هناك العديد من المجرات الأخرى، لم تكن تلك المجرات موجودة فقط، بل أنها كانت تبتعد عنّا، وأنه كلما كانت المجرة أبعد، كلما تحركت أسرع، فيما يعرف باسم «قانون هابل-Hubble’s law» نسبةً إلى العالم «إدوين هابل-Edwin Hubble».

لذا فإن كانت المجرات تبتعد عنا، فهي غدًا ستكون أبعد، كما أنها كانت أقرب إلينا في البارحة، فلنرجع الشريط إذًا للخلف، وسنرى أن المجرات تصبح أقرب مع التراجع في الزمن أكثر وأكثر، حتى يصبح الكون كله كتلة غازية ساخنة.

ومع بعض الحسابات يمكننا حساب عُمر كوننا، وبالفعل أطلق العلماء لأياديهم العنان لصياغة حسابات رياضية لحساب عمر الكون، ألا وهو 13.8 بليون سنة.

2- «الخلفية الكونية الميكرووية-Cosmic microwave background»

في بدايات الكون، كانت درجة الحرارة عالية جدا، عالية بشكل لا يسمح للنجوم أو المجرات أو الكواكب بالتكون، بل حتى أنها لا تسمح بوجود الذرات نفسها!

كانت الغازات ساخنة للغاية حتى بدأت في عملية «التأين-Ionizing»، كانت كل المادة في الكون منصهرة في حساء كوني من البلازما، حيث تندمج نوى الذرات، وتخرج الالكترونات عن مساراتها، والبلازما تنتج الكثير من الضوء والاشعاع لكنها تحتبسهم بداخلها، ولكن بعد أن أتم الكون 300 ألف سنة من عمره، هبطت درجة حرارته إلى 3000 درجة نتيجة للتوسع، رغم أنها درجة عالية نسبيًا، إلا أنها تسمح بتكون الذرات، لذا أصبح هناك مجال للإشعاع بأن يتحرك بحُرية أكثر، وكلما زاد عمر الكون كلما زاد الطول الموجي لهذا الإشعاع، فأصبحت هذه الموجات كانت موجات ميكروويف.

ثم رصدها العلماء وكونوا صورة لخلفية كوننا الميكرووية، فقد رصدوا إشعاعًا قادمًا من أولى سنوات الكون، فهذا أيضًا دليل على أن لكوننا بداية.

3- نسبة الهيليوم:

في نواة شمسنا الدافئة، تؤدي قوى الجاذبية الشمسية إلى التحام نوى ذرات الهيدروجين، حيث تتحد ذرتا هيدروجين لتكوين ذرة هيليوم واحدة، وهذا ما يحدث في النجوم فيما يعرف بعملية «الاندماج النووي-Nuclear fusion»، فإذا قمنا ببعض الحسابات استنادًا إلى عمر الكون، وإلى قوانيننا الفيزيائية المعروفة، فنستطيع التنبؤ بأن في ظروف كهذه، ستكون نسبة الهيليوم في يومنا هذا هي 1:10 من المادة الموجودة في الكون، ثم نأتي على أرض الواقع لنقيس نسبة الهيليوم وتكون المفاجأة، نسبة الهيليوم مطابقة لحساباتنا في ظروف كون بانفجار عظيم!

وهذا أيضًا يعتبر دليلًا قويًا على صحة نظرية الانفجار العظيم. لكن قد يسأل سائل: “هل نعلم كل شيء عن الكون الآن؟”

و الإجابة هي: “لا وبكل تأكيد”

إذ أن كل ما نعلمه عن كوننا كميًا هو 5% فقط من الكون. كل المادة التي نحن مصنوعون منها نحن والنجوم، لا تحظى إلا بنصيب 5% فقط من الكون.

فنحن لا نعلم ما يجعل المجرات متماسكة بهذا الشكل، فأطلقنا عليها اسم «المادة المظلمة-Dark matter»، كما أننا لا نعرف طبيعة القوة التي تتسبب في توسع الكون من الأساس، ونسميها «الطاقة المظلمة-Dark energy»، كما أننا أيضًا لا نعرف ما تسبب ببداية الكون، لا نعلم ما هو سبب الانفجار العظيم، إذ أن الكون كان كثيفًا وساخنًا للغاية بدرجة لا تسمح لقوانيننا الفيزيائية المعهودة بالعمل.

فهناك الكثير والكثير الذي لا نعلمه عن الكون وعنّا، في الواقع نحن نجهل عن الكون أكثر مما نعلم، وكما ترى عزيزي القارئ، هناك الكثير من جوائز نوبل في انتظار من يجيب عن هذه الأسئلة، ومن يدري؟ أليس من الممكن أن يكون أنت من يفعل؟

من كورس تابع لCoursera، مقدم من «جامعة أمستردام-Amsterdam university».

اقرأ المزيد حول: داروين لم يكن أول من وضع نظرية التطور

جيرولامو فراكاستورو ما بين الطب والفلك

كان جيرولامو فراكاستورو عالما إيطاليا رائدًا في عضر النهضة، لقد كان ماهرًا في الأدب والشعر والموسيقى والجغرافيا والجيولوجيا والفلسفة وعلم الفلك والطب أشار إليه إدوارد أرموري وينسلو بأنه لم يأت مثله.

جيرولامو فراكاستورو

ميلاده وحياته

ولد “جيرولامو فراكاستورو” عام 1468 في عائلة كاثوليكية من المدينة الإيطالية فيرونا (البندقية حاليا)، كان السادس بين سبعة أشقاء وقد فقد أمه عندما كان طفلا، عاش فراكاستورو في رخاء على الرغم من أن عائلته ليست من النبلاء تلقى تعليمه الأول من والده، حيث درسه الأدب والفلسفة، ثم التحق بجامعة “بادوفا” وهناك درس الرياضيات والفلك والطب، وكذا الأدب والفلسفة.

في عام 1502، تخرج من الجامعة حاملا شهادة الطب. وفي نفس العام أصبح مدرسا للمنطق في جامعته، ثم انتقل بعد ذلك لتدريس علم التشريح، وآنذاك كان زميلا للفلكس البولندي “نيكولاس كوبرينيكوس”

مساهماته في الطب

بعد وفاة والده، غادر فراكاستورو “بادوفا” بعد أن تم إغلاقها لأسباب سياسية، فانتقل بعد ذلك للتدريس في “أكاديمية فيرولانا” بدعوة من صديقه، ثم عاد مجددا إلى “فيرونا” لمزاولة دراسته، وعمل كطبيب منذ 1509 إلى 1530وكان يتوافد عليه المرضى من أنحاء إيطاليا.

مؤيد مُبكر لنظرية الجراثيم

في عام 1546 طور فراكاستورو الفكرة التي تنص على أن العدوى تنتج من كائنات حية صغيرة، تتكاثر ذاتيا، وتنتقل إما بالاتصال المباشر أو غير المباشر (من خلال ملامسة الأشياء المصابة)، من أجل هذا أطلقوا على العالم فراكاستورو لقب “رائد في علم الأوبئة”.

لا يزال تأييد فراكاستورو لتلك الفكرة مثيرًا للجدل في ذلك الوقت، ومع ذلك فقد طغت آنذاك الفكرة الشائعة التي أخطأت في اعتقاد أن الهواء هو سبب الأمراض، وكل هذا قبل 300 عام من تحديد العالم الفرنسي “لويس باستور”(1822-1895) دور البكتيريا في التسبب بالأمراض، وتحديد العالم الألماني “روبرت كوخ”(1843-1910) الإجراء الخاص باثبات ان أمراضا معينة، تسببها كائنات معينة.

تشخيص الزهري

في عام 1521 نظم فراكاستورو القصيدة السردية “مرض الزهري” التي جعلته مشهورًا، تلك القصيدة احتوت على ما يقارب 1300 بيت باللغة اللاتينية، أسس استخدام مصطلح الزهري syphilis لهذا المرض الذي ينتقل عبر الاتصال الجنسي كان المصطلح مشتقًا من بطل القصيدة، الراعي سيفيلو.

وفقا للأسطورة التي ذكرها في القصيدة، فإن إله الشمس قد ألحق هذا المرض بسيفيلو، الذي أصبح غير مخلص له، لكن فيما بعد غفر له الإله وشفاه من خلال استخدام شجرة مورقة صنعها تسمى “غاياكوم”، والذي تعلم منها الناس صنع أدوية بوفرة للعلاج.

في القصيدة، نصحت الحورية الراعي أيضًا باستخدام الزئبق للعلاج، وتُرجمت القصيدة إلى الانجليزية في عام 1686. وبذل فراكاستورو جهده لنشر المعرفة عن الأصل والتفاصيل السريرية ل”مرض الزهري” في جميع أنحاء أوروبا.

مساهمات علمية أخرى

من المساهمات العظيمة الأخرى التي قدمها فراكاستورو، كتابه “كتاب النجوم” فقد اعتنق نظرية، أن الأرض والكواكب تدور حول نقطة ثابتة في مدارات كروية، وكان أول من استخدم مصطلح “قطب” للكرة الأرضية، واقترح استخدام خرائط مستقيمة الخطوط وكتكريم لجهوداته في علم الفلك، أطلق العلماء اسمه على أحد فوهات القمر

فوهة فراكاستورو

وفاته

احتفظ فراكاستورو بنشاطه العقلي العالي حتى سن الشيخوخة، توفي بجلطة دماغية في 1553، في منزلهثم نقل جثمانه إلى “فيرونا” ودفن في الكنيسة، في عام 1740 تم استخراج رفاته وعزموا على تشبيد نصب تذكاري لتكريم “فراكاستورو في فيرونا، في ساخة دي سينيوري.

تمثال فراكاستورو – ساحة دي سينوري

المصادر:

BRITANNICA
NCBI
YOUTDECIONARY

التقاط أول صورة لاثنين من الكواكب غير الشمسية

التقاط أول صورة لاثنين من الكواكب غير الشمسية تدور حول نجم قريب شبيه للشمس!

تمكن علماء «المرصد الجنوبي الأوروبي-ESO» باستخدام «التيليسكوب بالغ الكبر-Extremely Large Telescope» من التقاط أول صورة لاثنين من «الكواكب غير الشمسية-Exoplanets» التي تدور حول نجم يافع شبيه للشمس على بُعد 300 سنة ضوئية من الأرض.

اعتبر العلماء هذا النجم -الذي يُعرف باسم TYC 8998-760-1- ويبلغ عمره 17 مليون عام فقط نسخة يافعة من نجم الشمس والذي يبلغ عمره 4.6 بليون عام، وبهذا يُعد في مراحل تطور مبكرة للغاية مقارنة بالشمس. ويقع هذا النجم ضمن «كوكبة الذبابة-musca constellation» ويمكن رصده جهة الجنوب.


التُقطت الصورة باستخدام أداة «بحث الكواكب غير الشمسية استقطابي الطيف شديد التباين-SPHERE» الخاصة بالتيليسكوب، وذلك عن طريق حجب الأشعة القوية المنبعثة من النجم المركزي والتقاط الأشعة الأضعف الخاصة بالكواكب، تمت هذه العملية عدة مرات وفي أوقات مختلفة ليتمكن العلماء من تمييز الكواكب عن النجوم في خلفية الصورة.


يُعد هذا الاكتشاف خطوة هامة تساعد على فهمٍ أفضل لتاريخ نشأة كواكب مجموعتنا الشمسية وتطورها. ويرجع تميز هذا الاكتشاف إلى التخطيط المُسبق له، فبينما اكتشف العلماء آلاف الكواكب بشكل غير مباشر، تبقى نسبة الكواكب التي رُصدت مباشرة وفقًا لمخطط مسبق ضئيلة للغاية. لذلك شدد ماثيو كينورثي (مؤلف مشارك في الدراسة وأستاذ بجامعة ليدن في هولندا) على أهمية عمليات الرصد المباشرة في البحث عن بيئات جديدة مناسبة للحياة.

بيئة مشابهة!

بالانتقال إلى الجزء الأسفل من الصورة نجد اثنين من الكواكب غير الشمسية، الأول وهو الأقرب للنجم ويُسمى TYC 8998-760-1b والثاني الأبعد عن النجم ويُسمى TYC 8998-760-1c. كلاهما غازي وهائل الحجم. وبمقارنتهما بنظيريهما -هائلي الحجم وغازيي التكوين أيضًا- في مجموعتنا الشمسية وهما كوكبي المشتري وزحل وجد العلماء بعض النتائج:


أولًا، المسافة بين كلا الكوكبين ونجمهما المركزي أكبر بكثير من المسافة بين المشتري وزحل ونجم الشمس. فبينما يبعد المشتري وزحل مسافة تبلغ 5 و 10 أضعاف المسافة بين الأرض والشمس على الترتيب، نجد أن كلا الكوكبين يبعدان مسافة تبلغ 160 و 320 ضعف المسافة بين الأرض والشمس على الترتيب.


ثانيًا، الكوكبان غير الشمسيين أثقل بمراحل من نظيريهما، فنجد أن كتلتيهما تبلغ 14 و 6 أضعاف كتلة كوكب المشتري على الترتيب. مع العلم أن كوكب المشتري أكبر كواكب مجموعتنا الشمسية.


وفي النهاية، أشار ألكساندر بوهن (المؤلف الرئيسي للدارسة وطالب ما بعد الدكتوراة بجامعة ليدن في هولندا) إلى الإمكانيات التي سوف تُتيحها الأدوات الحديثة، كتلك المتاحة على التيليسكوب بالغ الكبر، في المستقبل ومنها القدرة على رصد كواكب أصغر حجمًا. الأمر الذي يُعد خطوة بارزة في طريق فهم الأنظمة متعددة الكواكب وكذلك تاريخ نشأة نظامنا الشمسي.

كما صرح بوهن أن هذا الاكتشاف يُعد جزءًا من دراسة أكبر للكواكب غير الشمسية والنجوم شبيهة الشمس، والتي اُستكمل 20% منها فقط بينما تطمح الدراسة إلى رصد 70 هدفًا جديدًا مشابهًا للاكتشاف الأخير. وفي الختام أشار بوهن إلى إمكانية العثور على المزيد من الأنظمة متعددة الكواكب التي تدور حول نجوم تشبه النسخة اليافعة من الشمس.

المصادر:


1- eso
2- cnn
3- nasa

اكتشاف ثقب أسود ضخم في الكون المبكر يتحدى النظريات الحالية

اكتشاف ثاني أبعد نجم مزيف (كويزار) وأطلق عليه اسم من لغة الهاوايين الأصليين، يستضيف هذا النجم ثقب أسود ضخم يتحدى النظريات الحالية بسبب تكونه في الكون المبكر.

النجم الزائف أو شبيه النجم أو الكويزار-Quasar‏ هو المنطقة الغازية الساخنة المحيطة مباشرة بثقب أسود هائل تصل درجة حرارتها عدة مئات الألاف درجة مئوية.

اكتشف علماء الفلك ثاني أبعد نجم زائف (كويزار) باستخدام ثلاثة مراصد من مرصد موناكيا-Maunakea، وهو مرصد فلكي تم تأسيسه عام 1967 على قمة بركان موناكيا في أحد جزر هاواي بالمحيط الهادي حيث يعتبر أحد أكبر المراصد الفلكية في الوقت الحاضر وتشترك فيه جامعات ومعاهد من 11 دولة في مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية.

اكتشاف ثقب أسود ضخم في الكون المبكر يتحدى النظريات الحالية

أطلق على هذا النجم الزائف اسم “پونيوا إينا- Poniua’ena”، يأتي هذا الاسم من لغة سكان هاواي الأصليون، ويمكن ترجمته “كمصدر دوران غير مرئي للخلق محاط باللمعان”.

پونيوا إينا هو ثاني نجم زائف تم اكتشافه؛ حيث يستضيف ثقب أسود ضعف حجم الكويزار المعروف في نفس الفترة الزمنية. وخلص العلماء إلى أن وجود مثل ذلك الثقب الأسود الضخم في ذلك الزمن المبكر للكون هو تحدي حقيقي للنظريات الحالية حول كيفية تشكل الثقوب السوداء الهائلة ونموها في الكون المبكر.

الكوازارات (النجوم الزائفة) هي أكثر الأجسام نشاطًا في الكون مدعومة بالثقوب السوداء الضخمة والهائلة، ومنذ اكتشافها، حرص الفلكيون على تحديد أول ظهور لها في تاريخنا الكوني.

ومن خلال البحث المنهجي عن هذه النجوم النادرة في مسوحات الفضاء، اكتشف الفلكيون النجم المزيف الأكثر بعدا سنة 2018، ويسمى “J1342 + 0928”. أما في هذا الاكتشاف الذي نشر في مجلة “رسائل الفيزياء الفلكية-Astrophysical Journal Letters” فيعد ثاني أبعد مسافة عن الكويزار المسمى “Poniua’ena” أو J1007+2115؛ حيث سافر الضوء المرئي من Poniua’ena عبر الفضاء لأكثر من 13 مليار سنة منذ مغادرة الكويزار بعد 700 مليون سنة فقط من الانفجار العظيم.

تُظهر الملاحظات الطيفية من المراصد المستخدمة أن الثقب الأسود الهائل الذي يستضيفه الكويزار Poniua’ena أكبر بـما يعادل 1.5 مليار مرة شمسنا. فمن أجل تشكيل ثقب أسود بهذا الحجم في وقت مبكر من الكون، يجب أن يبدأ على شكل ثقب أسود تعادل كتلته 10000 مرة كتلة الشمس بعد حوالي 100 مليون سنة من الانفجار العظيم، بدلاً من النمو من ثقب أسود جد صغير تكون بعد انهيار نجم واحد.

“كيف يمكن للكون أن ينتج مثل هذا الثقب الأسود الضخم في وقت مبكر جدًا من تاريخه؟ يمثل هذا الاكتشاف أكبر تحد حتى الآن لنظرية تكوين الثقب الأسود ونموه في أوائل الكون.”

شياو هوى فان، بروفيسور ومساعد رئيس قسم الفلك بجامعة أريزونا

تقول النظرية الحالية أن ولادة النجوم والمجرات كما نعرفها بدأت خلال عصر “إعادة التأيين-Reionization”؛ أي بعد حوالي 400 مليون سنة من الانفجار العظيم. كما يُعتقد أن نمو أولى الثقوب السوداء العملاقة حدثت خلال تلك الحقبة نفسها من تاريخ الكون. واكتشاف الكويزارات مثل Poniua’ena في عمق عصر إعادة التأيين هو خطوة كبيرة نحو فهم عملية إعادة التأيين وتشكيل الثقوب السوداء الهائلة المبكرة والمجرات الضخمة. وضع Poniua’ena قيودًا جديدة وهامة على تطور المادة بين المجرات في عصر إعادة التأيين.

“يتصرف Poniua’ena مثل منارة الكونية، بينما يسافر ضوءها في رحلته الطويلة نحو الأرض، يتغير طيفها بواسطة الغاز المنتشر في الوسط بين المجرات مما سمح لنا بتحديد وقت حدوث عصر التأين”

جوزيف حناوي، المؤلف المشارك في الدراسة وبروفيسور في قسم الفيزياء في جامعة كاليفورنيا

المصادر:
ScienceDaily
Keck Observatory

Exit mobile version