تعدين الكويكبات، كنز في السماء

بلغت ثروة «جيف بيزوس-Jeff Bezos» صاحب شركة أمازون 190.8 بليون دولار، مما قلّده المركز الأول ضمن قائمة أغنى رجال العالم، إلا أن ثروات البشر على مدار التاريخ لم تبلغ التريليون الواحد، فلم يسبق أن امتلك فرد تريليون دولار من قبل، وفي حال كنت تريد أن تصبح أول تريليونير في التاريخ، فننصحك بتعدين الكويكبات.

ما هي الكويكبات؟

الكويكبات هي بقايا عملية تكوين نظامنا الشمسي، حيث بردت كتل الغازات إلى أن تصلبت، لكنها كانت أصغر من أن تكون كوكبًا، وهذا بسبب ضعف قوة الجاذبية الخاصة بها، فلم تستطع أن تتجمع مع بعضها البعض لتكوين كوكب.

وتختلف أحجام الكويكبات بفروقات شاسعة، حيث قد يكون قطر بعضها 10 أمتار فقط، بينما يبلغ حجم البعض الآخر أحجام بعض الدول!

كما أن للكويكبات أنواع مختلفة، حيث تنقسم إلى ثلاثة أنواع رئيسية:

• «نوع سي-C type»، وهو نوع من الكويكبات يتكون بشكل أساسي من الكربون والماء (على صورة جليد في أغلب الأحيان).
• «نوع إس-S type»، ويتكون هذا النوع من الصخور والسيليكات مع نسب قليلة من الحديد والنيكل.
• «نوع إم-M type»، وهو نوع من الكويكبات يتكون أغلبه من المعادن مثل الحديد والنيكل وبعض المعادن الأخرى.

وتتواجد الكويكبات في مكانين أساسيين في مجموعتنا الشمسية، وهما حزام الكويكبات بين المريخ والمشترى، وحزام كويبر الذي يحيط بمجموعتنا الشمسية من الخارج.

مما سبق نستنتج أن عملية تعدين الكويكبات هي القيام باستخراج المعادن منها.

لماذا نحتاج إلى تعدين الكويكبات؟

صرح عالم الفيزياء الفلكية الشهير «نيل ديجراس تايسون-Neil deGrasse Tyson» بأن أول تريليونير في التاريخ سيجني ثروته بفضل تعدين الكويكبات، ولا عجب في ذلك، إذ أن كويكب “16 سايك” وحده يحتوي على معادن بقيمة 700 كوينتليون دولار، أي ما يكفي لإعطاء 93 بليون دولار لكل شخص على كوكب الأرض!

يحتوي حزام الكويكبات وحده على ما يزيد عن 150 مليون كويكب، بمتوسط قطر يبلغ 100 متر، وتحتوي هذه الكويكبات على عناصر مهمة مثل الحديد، والنحاس، والقصدير، والنيكل، والذهب، والفضة، والبلاتينيوم، والزنك، والكوبلت، والرصاص.

نحن في أمس الحاجة إلى هذه العناصر والمعادن، فنظرًا للزيادة السكانية المستمرة على كوكب الأرض والتي يتزايد معها معدل استهلاك الموارد الطبيعية للكوكب، أصبح من المتوقع نفاد العناصر الأساسية المستخدمة في الصناعة في خلال 60 عامًا في أفضل الأحوال.

كما تستخدم هذه المعادن في صناعة الأقمار الصناعية والمركبات الفضائية، ولماذا نذهب بعيدًا؟ فجهاز الحاسب الآلي الخاص بك أو هاتفك الذكي الذي تقرأ منه هذا المقال مصنوع من هذه المعادن الثمينة.

ولك أن تتخيل عزيزي القارئ ما بوسعنا أن نصنعه إذا وضعنا أيدينا على هذه الثروة الهائلة الموجودة في الفضاء، فعند حصولنا على هذا الكم من المعادن والعناصر المهمة سيصير بمقدورنا بناء المستوطنات في الفضاء، واستعمار القمر والمريخ، والتوسعة في بناء المستعمرات حتى نبسط نفوذنا على أقمار المشترى وكل المجموعة الشمسية!

ولكن كيف نبدأ بتعدين الكويكبات؟

عملية التعدين

تنقسم عملية التعدين إلى خمس خطوات:

1- تحديد الكويكب المناسب.
2- الهبوط على سطحه.
3- نقل الكويكبات إلى مكان مناسب.
4- استخراج المعادن.
5- نقل المعادن إلى الأرض.

تعالوا لنناقش كل خطوة منها سويًا:

1- تحديد الكويكب المناسب

تتضمن هذه الخطوة دراسة الكويكبات ومكوناتها، ومن ثم تحديد أنسب الكويكبات والتي ستغطي قيمة المعادن المستخرجة منها تكلفة عملية التعدين، وهذا ليس بالأمر الصعب، فنحن بالفعل نستطيع معرفة مكونات الكويكبات عن طريق عملية «التحليل الطيفي-Spectroscopy»، حيث يمكننا تحليل الطيف الضوئي القادم من هذه الكويكبات، وكل مجموعة من الأطوال الموجية تشير إلى عنصر معين، وبهذا نستطيع تحديد مكوناتها.

2- الهبوط على سطح الكويكب

وهذا أيضًا شيء تمكن جنسنا البشري من تحقيقه، حيث كانت أول مرة نفعل فيها هذا في عام 2001 عندما هبطت مركبة وكالة الفضاء الأمريكية ناسا على كويكب “433 إيروس”.

كما نجحت اليابان في إرسال مهمة «هايابوسا-Hayabusa» عام 2003 لتهبط على كويكب «إيتوكاوا-Itokaua» لتقوم بأخذ بعض العينات الصخرية، وبالفعل نجحت المركبة في الهبوط عام 2005، وعادت بالعينات إلى الأرض عام 2010.

نجحت وكالة الفضاء الأوروبية في إرسال مسبار «روزيتا-Rosetta» الذي تمكن من الهبوط على مذنب «تشيريوموف جيراسيمنكو-Churyumov Gerasimenko» أثناء دورانه حول الشمس عام 2014.

فضلًا عن مهمة «أوزيريس ريكس-Osiris REx» التي أرسلتها ناسا، لدراسة كويكب «بينو-Bennu» والحصول على بعض العينات منه عام 2016، والتي من المقرر عودتها عام 2023.

كما أرسلت اليابان مجددًا مهمة «هايابوسا 2-Hayabusa 2» لدراسة كويكب «ريوجو-Ryugu» عام 2019.

وتستعد ناسا لإرسال مهمة «سايك-Psyche»، والتي من المفترض أن تطلق عام 2022 لدراسة كويكب “16 سايك” الذي ذكرناه مسبقًا، ومن المقرر عودتها عام 2026.

ومما سبق نستنتج أن هذه الخطوة ليست صعبة على الإطلاق، فنحن بالفعل نستطيع القيام بها.

3- نقل الكويكب إلى المكان المناسب

في هذه الخطوة سيتوجب علينا بعد الهبوط على سطح الكويكب أن نقوم بنقله من حزام الكويكبات إلى مدار قريب من الأرض لبدء عملية استخراج المعادن، فستقوم المركبات بتشغيل محركاتها لتوجيه الكويكب بعد الهبوط عليه، وبالطبع لن تكون القوة كافية لتدفعه المركبة تجاه الأرض مباشرة، ولكنها ستكون كافية لتغيير مساره ليصل إلى مدار الأرض في عملية طويلة المدى قد تمتد لعدة شهور أو أعوام في بعض الحالات، ولكن الأمر يستحق الصبر بأي حال.

4- استخراج المعادن

تختلف عملية استخراج المعادن على الكويكبات عن تلك على الأرض، حيث يصعب استخدام الحفارات العملاقة لأن هذا قد يؤدي إلى تفكك الكويكب وابتعاد أجزاءه عن بعضها البعض، ولهذا اقترح الباحثون استخدام أشعة الشمس، حيث سنقوم باستخدام المرايا العملاقة لتوجيه ضوء الشمس وتركيزه على نقطة معينة على سطح الكويكب، مما سيؤدي بدوره إلى تسخينها وبالتالي تطاير الغازات الموجودة على سطح الكويكب لفصلها عن المعادن، وهنا يمكننا أن نستخدم حفارات صغيرة بقوة تكفي فقط لتطاير غبار المعادن، ثم نقوم بتجميعها، وباستخدام قوة الطرد المركزي يمكننا فصل العناصر الكثيفة عن الأقل كثافة، وبهذا نحصل على المعدن في صورته الخام.

5- نقل المعادن إلى الأرض

ليست هذه العملية بالغة في الصعوبة، فما علينا بعد استخراج المعادن الخام إلى وضعها في حاويات لإرسالها إلى الأرض، ويكفي فقط أن تُلقى هذه الحاويات في المحيط لتلتقطها السفن بعد ذلك، دون أي تعقيدات أخرى.

مشكلة صغيرة

وفقًا ل «معاهدة الفضاء الخارجي-Outer space treaty» عام 1967، فإنه يُمنع على أي دولة أن تدعي امتلاك أي جزء من الفضاء الخارجي، مما سيجعل الشركات المسئولة عن التعدين تواجه المشكلات القانونية، كما أن الحروب على الأرض يكون سبب أغلبها هو الصراع على الموارد، فهل ينقل تعدين الكويكبات حروبنا إلى الفضاء؟

الخلاصة

نظر الإنسان في الماضي إلى الكويكبات على أنها لعنة من الآلهة لعقاب البشر على خطاياهم، إلا أننا تمكنّا من الهبوط عليها بل وحتى أخذ بعض العينات منها، فما كان غضب الآلهة في الماضي أصبح طريقنا نحو النجوم، وهذا ليس بخيال علمي، فنحن نمتلك التكنولوجيا لتحقيق ذلك في الوقت الحالي، فلم يعد السؤال المطروح هو “متى سنستطيع أن نقوم بتعدين الكويكبات؟”، ولكن أصبح “متى سنبدأ بتعدين الكويكبات؟”، فعلينا أن نتخلى عن خلافاتنا السخيفة، وأن نوجه أعيننا نحو السماء لتحقيق المجد.

المصادر

technologyreview
bbvaopenmind
mining
nasa
sciencedirect
interestingengineering
asteroidmining
armscontrol

تحويل المريخ، كيف ولماذا؟

لطالما سحرت السماء أعيننا، حتى قالت فيروز في أغنيتها: “شايف السما شو بعيدة؟ بعد السما بحبك”، فقد أدهشتنا السماء بنجومها وكواكبها وغموضها.
كانت السماء بعيدة المنال حتى أننا صرنا نقسم ببعدها عنّا، ونستخدم بعدها عنّا ككناية عن الكبر والاتساع، إلا أن العلم ساعدنا على الوصول إليها، لنستكشف ما فيها ونبحر في فضاءها الشاسع.
قرّب العلم السماء من أعيننا ومراصدنا، حتى أننا هبطنا على سطح القمر، والآن حان الوقت لمحطتنا التالية، المريخ، وهذه المرة نحن نخطط للاستقرار عليه.

لماذا نحتاج إلى المريخ؟

يقترب عددنا اليوم من 8 بليون نسمة، لكن الأرض لن تتحملنا لكثير من الوقت، فمواردها محدودة، وأعدادنا في زيادة مستمرة، كما أن كثرة عدد سكان كوكبنا أدى إلى زيادة المصانع وحركة المواصلات لتوفير الخدمات وفرص العمل لهؤلاء السكان، وهذا ما أثقل كاهل كوكبنا، بداية من ثقب الأوزون، مرورًا بالاحتباس الحراري، وصولًا إلى الحيوانات التي انقرضت نتيجة تدمير مواطنها والمد العمراني للبشر على حساب الغابات والمساحات الخضراء، مما أدى بالطبع إلى اختلال النظام البيئي الطبيعي.
أصبح كوكبنا مزدحمًا للغاية، نحتاج إلى كوكب آخر، يبدو كل من المريخ والزهرة خيارين جيدَين، ولكننا سنركز على المريخ، وإذا أردنا الاستقرار عليه فنحن نحتاج إلى تحويله ليناسب حياتنا.

صحراء باردة

يمتلك المريخ غلافًا جويًا رقيقًا للغاية، فالغلاف الجوي السميك للأرض (نسبيًا)، يحتبس أشعة الشمس لبعض الوقت ليرفع من حرارة الكوكب، بينما غلاف المريخ الرقيق يسمح بدخول أشعة الشمس وخروجها دون أي مقاومة تذكر، ودون أي احتفاظ بكمية تذكر من الحرارة، جاعلًا من الكوكب صحراء ميتة بدرجة حرارة تبلغ 60 درجة مئوية تحت الصفر!

ولكن كيف نحل هذه المشكلة؟

يمكننا أن نتعلم الدرس مما يحدث لكوكبنا، فالغازات الدفيئة تزيد من «تأثير البيت الأخضر-greenhouse effect»، والذي بدوره يرفع من درجة حرارة الأرض، فيمكننا أن نلجأ لضخ كميات معقولة من «الكلوروفلوروكربون-CFC» في غلاف المريخ الجوي، والذي سيساعد على احتباس حرارة الشمس داخل غلافه الجوي ليزيد من حرارته.

المجال المغناطيسي

بردت نواة المريخ وتصلبت على مدار بلايين السنين، ونتيجة لهذا الجمود فقد الكوكب مجاله المغناطيسي، لذا فسطحه في عرضة دائمة للإشعاع الكوني ولأشعة الشمس الضارة.
يساعد المجال المغناطيسي للأرض على تشتيت أشعة الشمس الضارة ليحمينا منها، وهذا نتيجة لتدفق المعادن السائلة في نواة الكوكب أثناء دورانه حول محوره.


بالطبع لا يمكننا إعادة تحويل نواة المريخ إلى حالتها السائلة، وهنا يمكننا أن نصنع مولدًا ضخمًا للمجال المغناطيسي بينه وبين والشمس، ليعمل على خلق مجال مغناطيسي يشتت أشعة الشمس الضارة عن سطحه، وهذا بالطبع يحتاج إلى تكنولوجيا بالغة التعقيد ومبالغ طائلة من المال.

الغلاف الجوي للمريخ

نحتاج إلى المزيد من ثاني أكسيد الكربون من أجل النباتات ولزيادة احتفاظ الكوكب بحرارته أيضًا، فكميات الكلوروفلوروكربون التي استخدمناها لن تفي بالغرض.
تتوافر كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون في الأملاح المترسبة في قشرة المريخ، ولكننا نحتاج إلى طاقة كبيرة لاستخراج هذه الكمية من ثاني أكسيد الكربون، لذا فسنقوم بإرسال الروبوتات والطابعات ثلاثية الأبعاد لصناعة الخلايا الشمسية باستخدام السيليكون الموجود على سطح الكوكب، وسنغطي مساحات واسعة من سطح المريخ بهذه الخلايا لتوفير الطاقة اللازمة لتشغيل الروبوتات المسئولة عن التعدين واستخراج الصخور التي تحتوي على ثاني أكسيد الكربون.

سنستخدم هذه الطاقة الكبيرة في «التحليل الكهربائي-Electrolysis» لأكاسيد المريخ الصلبة، والذي سيعطينا الأكسجين كمنتج ثانوي، ومن ثم تُستخدم الطاقة على الأملاح من الصخور المستخرجة من قشرة المريخ لتعطي ثاني أكسيد الكربون كمنتج ثانوي، وبهذا سنحصل على ثاني أكسيد الكربون وقليل من الأوكسجين، ومن هنا يمكننا إرسال الطحالب والبكتيريا المعدلة وراثيًا لتزيد من كمية الأوكسجين على الكوكب، فهذه الطريقة هي التي أتت بالأوكسجين إلى كوكبنا.

ولكن كيف نحصل على النيتروجين؟

قد تبدو هذه الفكرة مجنونة ولكننا سنحتاج هنا إلى توجيه النيازك من حزام الكويكبات باتجاه المريخ، وهذا بالطبع سيكون باستخدام أساطيل فضائية كبيرة (وهذه تكنولوجيا لا نملكها حتى الآن)، فهذه النيازك تحتوي على كميات لا بأس بها من النيتروجين، والآن بتنا نمتلك غلافًا جويًا!

الماء على المريخ

بعد أن أصبح لدينا غلاف جوي على المريخ، وبتنا نمتلك ضغطًا جويًا مناسبًا، أصبح بإمكان الماء التواجد في حالته السائلة بصورة مستقرة، ومن هنا يمكننا استخدام الأسلحة النووية، حيث أن المريخ يملك كميات من الماء المتجمد في قطبه الجنوبي، كما اكتُشف وجود كميات من الجليد على بعد أمتار تحت سطح المريخ وهنا ستلعب الأسلحة النووية دورها حيث ستستخدم في إذابة هذا الماء المتجمد، وها هو ذا الماء السائل!

الخلاصة

قد يبدو تحويل المريخ صعب المنال بل حتى مستحيلًا في المستقبل القريب، إلا أن حلم الإنسان القديم بالطيران قد تحقق، فالعلم هو وسيلتنا لتحقيق أحلامنا، وكما قال عالم الفيزياء الروسي «قسطنطين تسيولكوفسكي-Kostantin Tsiolkovsky»: “إن الأرض هي مهد الإنسانية، ولكن المرء لا يمكن أن يعيش في المهد إلى الأبد”.

المصادر

nature
space
nasa
scientificamerican
space
nasa
sciencedirect

فطر يحمي من الاشعاع النووي يقدمنا خطوةً نحو السفر إلى المريخ

عندما يعود رواد الفضاء إلى القمر أو يسافرون إلى المريخ، كيف سيحمون أنفسهم من المستويات العالية من «الإشعاع الكوني-cosmic radiation»؟ تقترح تجربة حديثة على متن محطة الفضاء الدولية حلًا مفاجئًا: فطر يحمي من الاشعاع النووي، أو فطرٌ آكلٌ للإشعاع – كما وُصِف، يمكن استخدامه كدرع ذاتي النسخ للحماية من «أشعة جاما-gamma radiation» في الفضاء.

يُطلق على الفطر «كلادوسبوريوم سفيروسبيرموم-Cladosporium sphaerospermum»، وهو نوعٌ من الكائنات الحية المحبة للظروف القاسية يزدهر في المناطق عالية الإشعاع مثل محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية. بالنسبة إلى فطر يحمي من الاشعاع النووي، يمثل الإشعاع طعامًا بدل التهديد. ذلك لأن الفطر قادر على تحويل إشعاع جاما إلى طاقة كيميائية من خلال عملية تسمى «التخليق الإشعاعي-radiosynthesis» (فكر في الأمر على أنه عملية التمثيل الضوئي، لكن استبدل ضوء الشمس بالإشعاع).

فطر «كلادوسبوريوم سفيروسبيرموم-Cladosporium sphaerospermum»

يقوم الفطر الإشعاعي بالتخليق الإشعاعي باستخدام الميلانين (نفس الصبغة التي تعطي لونًا لبشرتنا وشعرنا وعينينا) لتحويل الأشعة السينية وأشعة جاما إلى طاقة كيميائية. لم يفهم العلماء هذه العملية تمامًا لحد الآن. لكن الدراسة تشير إلى أن كميات كبيرة من الميلانين في جدران الخلايا لهذه الفطريات تتوسط في عملية انتقال الإلكترون، وبالتالي تسمح باكتساب صافي الطاقة.

بالإضافة إلى ذلك، يتكاثر الفطر ذاتيًا، مما يعني أنه من المحتمل أن يكون رواد الفضاء قادرين على “إنبات” وسائل حمايتهم من الإشعاع في مهمات الفضاء السحيق، بدلاً من الاضطرار إلى الاعتماد على الإمدادات الأرضية المكلفة والمعقدة.

ومع ذلك، لم يكن الباحثون متأكدين مما إذا كان الفطر «كلادوسبوريوم سفيروسبيرموم-Cladosporium sphaerospermum» سيعيش في المحطة الفضائية.

أثناء وجود الفطر على الأرض، تتضمن مصادره الإشعاعية أشعة غاما والأشعة السينية، أو أشعة جاما لوحدها؛ لكن الإشعاع في الفضاء وعلى سطح المريخ (المعروف أيضًا باسم «الإشعاع الكوني المجري-galactic cosmic radiation (GCR)») هو من نوعٍ مختلفٍ تمامًا ويتضمن جسيماتٍ عالية الطاقة، معظمها من البروتونات. هذا الإشعاع أكثر تدميراً من الأشعة السينية وأشعة جاما، لذلك لم يكن حتى بقاء الفطر على محطة الفضاء الدولية أمراً مضمونًا.

لاختبار “المقاومة الراديوية” لهذا الفطر في الفضاء، تعرضت طبقة بسمك 0.06 بوصة من الفطر موضوعة في «أطباق بتري-petri dishes» للإشعاع الكوني على متن محطة الفضاء الدولية. كما تم تعريض أطباق لا تحتوي على الفطريات إلى نفس الإشعاع. وأظهرت النتائج أن الفطر خفض مستويات الإشعاع بنحو 2%.

استقراءًا لهذه النتائج، قدر الباحثون أن طبقة 8 بوصات تقريبًا من هذا الفطر ستكون مفيدةً جدًا لرواد الفضاء. ففي النهاية، رائد الفضاء الذي يقضي عامًا واحدًا في بعثةٍ للمريخ قد يتعرض لإشعاع أكثر بمعدل 66 مرة من الشخص العادي على الأرض. وحينها يأتي دور فطر يحمي من الاشعاع النووي.

وأكد الباحثون إن هناك حاجة إلى مزيدٍ من التقصي، وأنه من المحتمل استخدام هذا الفطر مع تقنيات الحماية من أنواع أشعةٍ أخرى على متن المركبات الفضائية. لكن حاليًا، تسلط النتائج الضوءَ على كيفية تقديم الفعاليات الحيوية البسيطة نسبيًا فوائدَ عظيمة في بعثات الفضاء المرتقبة.

المصادر: Futurism, Phys.org, Big Think
إقرأ أيضًا: ما هو لون المرآة؟

هل يتساقط الثلج على سطح المريخ ايضاً؟

أرسلَ مسبار المريخ صورة جميلة للثلج في القطب الشمالي المريخي.

أظهرت صورة جديدة من مركبة الفضاء التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية «ESA» مدى جمال وبرودة المريخ وكما سلطت الضوء على بعض التغييرات الطبيعية التي تشكل سطح الكوكب. الصورة من المنطقة القطبية الشمالية، وتتميزُ ببقع وبرك مشرقةٌ من الجليد، وحفر داكنة عميقة، ودليل على العواصف والرياح القوية.
من بين جميع الكواكب الموجودة في النظام الشمسي، تشبه مواسم المريخ إلى حد كبير كوكب الأرض، على الرغم من أن السنة المريخية تقارب ضعف طول السنة في كوكب الأرض.
يمر القطب الشمالي بالعديد من التغييرات على مدارِ الفصول. المنطقة مغطاة بطبقات من الجليد تختبر تحولات دقيقة في تكوينها ومداها.
تغطي طبقات سميكة من جليد الماء المنطقة على مدار العام. ثم في فصل الشتاء، عندما تنخفض درجة الحرارة إلى أقصى درجاتها -١٤٣ درجة مئوية (-٢٢٥ درجة فهرنهايت)، يتجمد ثاني أكسيد الكربون ويترسب من الهواء الرقيق، مكونة طبقة من ثاني أكسيد الكربون المجمد فوق الجليد المائي.
يمكن أن يصل سمك طبقة CO2 المجمدة إلى مترين (٦.٥ قدم). في الوقت نفسه، تتشكل أيضًا غيوم ثاني أكسيد الكربون.
لحسن الحظ يمتلك المسبار كاميرا عالية الدقة ستيريو (HRSC)، وهي كاميرا قوية بالألوان الكاملة تقوم بتصوير كامل لسطح المريخ. وعموما، تلتقط الصور بدقة تبلغ حوالي 10 أمتار، وكما يوجد داخل HRSC قناة أخرى تسمى الكاميرا فائقة الدقة (SRC) يمكنها التقاط صور بدقة أكبر تصل إلى ٢.٣ متر / بكسل من ٢.٣٥ كم مربع ، ويتم استخدام SRC في مناطق محددة من المريخ.

تُظهر هذه الصورة جزءًا من الغطاء الجليدي الموجود عند القطب الشمالي للمريخ، مع استكمال مساحات الجليد المشرقة، والأحواض المظلمة والمنخفضات، وعلامات الرياح القوية والعاصفة.

الصورة الرائدة هي صورة HRSC للغطاء القطبي الشمالي في صيف عام ٢٠٠٦، حيثُ تُظهر الصورة بياض الجليد القطبي و غبار المريخ الأحمر والبني.
تبدو الحفر الحمراء والبنية وكأنها تخترق الجليد، إلا أنها في الواقع جزء من نمط لولبي أكبر من الحفر التي تشع للخارج من وسط القطب الشمالي. من أعلى، يبدو وكأنه نوع من خطوط الحمار الوحشي.
يعتقد العلماء أن الرياح «السفحية الهابطة-katabatic» هي المسؤولة إلى حد كبير عن إنشاء هذا النمط غير العادي. تحمل الرياح هواءًا عالي الكثافة إلى ارتفاعات منخفضة.
على سطح المريخ تحمل الرياح الهواء البارد الكثيف من الأنهار الجليدية القطبية والهضاب المتجمدة وصولاً إلى المرتفعات المنخفضة مثل الوديان والمنخفضات.
في الوقت نفسه، المريخ في حالة دوران مما يخلق تأثير «كوريوليس-Coriolis». لذا، فبدلاً من تشكيل قيعان مستقيمة تنطلق من القطب، فإنها تخلق نمطًا حلزونيًا يشع من وسط القطب الشمالي.

صورة للغطاء القطبي الشمالي على سطح المريخ، تُظهر النمط الحلزوني في الجليد.

في صورة المريخ، يوجد عدد قليل من خطوط السُحب، من المحتمل أن يكون سببها عواصف محلية صغيرة ترفع الغبار في الجو، مما يساهم في تآكل المنحدرات وتغيير مظهر السطح والتضاريس.

على الأرض، تتجلى قوة كوريوليس في تكوين الأعاصير والظواهر الجوية الأخرى.

هذه صورة بالقرب من أيسلندا. يندفع الهواء لملىء مساحة من الضغط الجوي المنخفض بينما يتحرك الهواء، يخضع لقوة كوريوليس وينتج اللولب.

إن طبقات الجليد في القطبين تهم العلماء بشكل خاص. من المحتمل أن يكون لديهم أدلة على كيفية تغير مناخ الكوكب على مدى ملايين السنين. ذلك لأنه عندما يذوب الجليد ويتجمد، يختلط مع الغبار الذي يستقر هناك.
تدور المركبة الفضائية Mars Express في مدار حول المريخ منذ عام ٢٠٠٣. في ذلك الوقت، قامت بتصوير سطح المريخ بالكامل بسرعة ١٠ أمتار / بكسل مع HRSC، وحدد المناطق على ارتفاع ٢متر / بكسل مع SRC.
خلال هذا الوقت، تم توسيع نطاق فهمنا لمدى وجود كوكب المريخ القديم الرطب، واستكشف العمليات والهيكل الأرضي للكوكب، وبالطبع قدم لنا بعض المناظر الرائعة للبراكين والحفر الضخمة للكوكب.

 صورة رائعة لفوهة كوروليف على كوكب المريخ من أداة HRSC الخاصة ببرنامج Mars Express. يبلغ قطر فوهة كورولوف حوالي ٨٠ كم.

المصادر: science alert 

universe today

اقرأ أيضاً: الصين تؤكد بهدوء ولادة الطفل الثالث المعدل جينياً

Exit mobile version