الأقزام البنية ليست نجوم أو كواكب، فما هي؟

هذه المقالة هي الجزء 17 من 18 في سلسلة دليلك لفهم أهم الأجرام والظواهر الفلكية

إن مقدار الكتلة التي يولد بها النجم هو ما يحدد مصيره. النجوم هي أجسام ولدت بكتل كبيرة، وبالتالي فإنها تمتلك جاذبية ذاتية قوية، بحيث ينضغط النجم على نفسه مما يخلق درجات حرارة داخلية عالية. تثير درجات الحرارة المرتفعة تفاعلات الاندماج النووي الحراريداخل النجم، وهي التي تمكن النجوم من التألق. من ناحية أخرى، تمتلك الكواكب كتلًا أصغر بكثير وبالتالي تكون جاذبيتها أضعف ولا يدث لها اندماج داخلي. وإنهم يلمعون بشكل رئيسي من الضوء المنعكس من نجومهم. يقع تصنيف الأقزام البنية في مكان ما بين كتل الكواكب العملاقة مثل زحل والمشتري، وبين أصغر النجوم.

يمكننا التحدث عن تحديد كتل القزم البني  باستخدام أجزاء من كتلة شمسنا، لكن علماء الفلك يستخدمون عادةً كتلة كوكب المشتري كمقياس نموذجي. تعتبر قيمة 13 ضعف كتلة المشتري هي الحد الأعلى للكواكب الغازية العملاقة. إذا كانت كتلة الكوكب الغازي أكبر من 13 ضعف كتلة كوكب المشتري، فيمكن أن يحدث احتراق نووي حراري (اندماج) للديوتيريوم، وهو عنصر نادر من بقايا الانفجار العظيم، في داخل الجسم. الديوتيريوم هو اسم آخر للهيدروجين الثقيل، وهو نظير للهيدروجين تحتوي نواته على على نيوترون متصل ببروتون. القيمة التي تزيد عن 80 ضعف كتلة كوكب المشتري هي الحد الأدنى لحرق الهيدروجين العادي، وهي العملية التي يمكن للنجوم من خلالها أن تتألق، وبالتالي لتمكين جسم ما من التأهل ليكون نجمًا كاملاً. وهكذا يُعرَّف القزم البني عادةً بأنه أي جسم يقع في نطاق كتلة 13 و 80 من كتلة المشتري.

الاكتشاف

تم افتراض وجود الأقزام البنية لأول مرة في عام 1963م من قبل عالم الفلك الأمريكي “شيف كومار” الذي أطلق عليها اسم الأقزام السوداء. ثم اقترحت عالمة الفلك الأمريكية “جيل تارتر” اسم القزم البني في عام 1975م. على الرغم من أن الأقزام البنية ليست بنية اللون حيث أن لونها يميل إلى اللون البرتقالي أو الأحمر، إلا أن الاسم عالق لأنه كان يُعتقد أن هذه الأجسام تحتوي على غبار، وقد وصف اسم القزم الأحمر الأكثر دقة نوعًا مختلفًا من النجوم. من أجل التمييز بين الأقزام البنية والنجوم التي لها نفس درجة الحرارة، يمكن للمرء أن يبحث في أطيافها عن دليل على الليثيوم (الذي تدمره النجوم عندما يبدأ اندماج الهيدروجين). بدلاً من ذلك، يمكن للمرء أن يبحث عن أجسام (خافتة) أقل من درجة حرارة النجم الصغرى. في عام 1995م، أتت كلتا الطريقتين ثمارها.

مركز القزم الغريب

قد يكون من المغري تصنيف الأقزام البنية على أنها مجرد مجموعة غريبة من الكواكب الكبيرة جدًا. بعد كل شيء، تبرد الكواكب أيضًا بشكل مطرد مع تقدم العمر وليس لديها مصادر جديدة للطاقة لإبقاء نيرانها مشتعلة لمليارات أو تريليونات السنين. لكن معظم الأقزام البنية تلعب لعبة خاصة. يتطلب الأمر حدًا معينًا من الكتلة (حوالي 80 ضعف كتلة المشتري) للوصول إلى درجات الحرارة المحمومة والضغط في قلب الجسم اللازمة لدمج الهيدروجين إلى الهيليوم، وهو ما يتطلبه الأمر لجعل نفسك نجمًا. لكن هناك حد أقل بكثير، حوالي 13 ضعف كتلة كوكب المشتري، حيث يمكن أن يحدث نوع مختلف من الاندماج.

في هذه الظروف الأكثر برودة ، يمكن أن يصطدم الديوتيريوم (وهو مجرد بروتون واحد ونيوترون واحد ملتصقان معًا في نواة) ببروتون طائش، مما يؤدي إلى تحويل الديوتيريوم إلى هيليوم 3 وإطلاق قدر ضئيل من الطاقة. تمر النجوم المناسبة بمرحلة قصيرة من احتراق الديوتيريوم أثناء تسخينها، لكن الأقزام البنية يمكنها الاستمرار في العملية لفترة أطول، حيث لا تنتقل أبدًا إلى اندماج الهيدروجين الكامل. ومع ذلك، فهي لا تدوم إلى الأبد. تستهلك أكبر الأقزام البنية كل ما لديها من الديوتيريوم في بضعة ملايين من السنين القصيرة. والسبب في ذلك هو أن الأجزاء الداخلية لهذه الأقزام لا يتم فصلها بدقة إلى طبقات مستقلة.

لذلك، فإن أي ديوتيريوم في أي مكان في قزم بني كبير سيجد نفسه في نهاية المطاف مسحوبًا إلى هلاكه في وسط القزم البني ويتحول إلى الهيليوم -3. (في جسم ذي طبقات، قد يكمن بعض الديوتيريوم في مكان آخر دون أن يتم استهلاكه). أما بالنسبة للأقزام البنية الأصغر فإنها تبرد بسرعة، وتنخفض درجات الحرارة الداخلية إلى ما دون الحد اللازم للحفاظ على التفاعلات. لذلك، في كلتا الحالتين، يتم استهلاك الديوتيريوم بسرعة في هذه الأشياء.

لماذا لا يتم تصنيفها كنجوم؟

إن الأقزام البنية صغيرة. قد تعتقد أن كتلة تساوي 50 ضعف كتلة كوكب المشتري أكبر بكثير من كوكب المشتري، لكن بدلاً من ذلك، الأقزام البنية تقاوم التوقعات وترفض أن تكون أكبر من كوكب غازي عملاق نموذجي. تتمكن النجوم من منع نفسها من الانكماش كثيرًا عبر الاندماج القوي الذي يحدث في قلبها. تتنافس تلك الطاقات المنبعثة باستمرار مع سحق الجاذبية الداخلي، في محاولة لإعادة توسيع الطبقات الخارجية للنجم. ولكن، كما نعلم، لا تتمتع الأقزام البنية بهذه الميزة (على الأقل، ليس على المدى الطويل). وعلى عكس الكواكب، ليس لديهم نوى صخرية لدعم أنفسهم. بدلاً من ذلك، كل ما تبقى هو القوة الكمومية الغريبة المعروفة باسم ضغط الانحلال (degeneracy pressure)، والتي تجعلها تستطيع ضغط الكثير من الجسيمات في حجم صغير جدًا. في هذه الحالة، يتم دعم الأقزام البنية بالكامل بواسطة ضغط الانحلال، لذا فهم أقل حجم ممكن لكتلتهم.

مصدر الضوء

على عكس النجوم، لا تتوهج الأقزام البنية من حرارة التفاعلات النووية المستعرة في قلوبهم. لكن ضوءها وحرارتها هم مجرد بقايا من تكوينها الأولي. وُلدت الأجسام من سحب الغاز والغبار المنهارة، وأطلق هذا الانهيار التثقالي كمية هائلة من الطاقة. لكن الطاقة حُبست في المادة المتساقطة، وظلت محبوسة بالداخل لعشرات الملايين من السنين، وذلك على الرغم من أن الحرارة تشع ببطء بعيدًا في الفضاء على شكل ضوء فاتر. ومع هروب هذه الحرارة، يستمر القزم البني في الإظلام، وينزلق من اللون الأحمر الناري إلى اللون الأرجواني المرقط إلى الأشعة تحت الحمراء غير المرئية. وكلما زادت الكتلة عند ولادة الجسم، زادت الحرارة التي يمكن أن يحبسها، وبالتال تطول مدة قدرته على محاكاة النجم المناسب. لكن المصير النهائي هو نفسه لكل قزم بني، بغض النظر عن بدايته.

المصادر

لماذا سماء الليل مظلمة؟

 نعيش اليوم في كون لا نهائي من النجوم والمجرات، وأينما نظرنا في سماء الليل نرى نجمة أو مجرة منها، يشبه الأمر الوقوف في غابة لا منتهية من الأشجار؛ حتماً سترى شجرة في كل مكان! فلماذا إذاً تكون سماء الليل مظلمة مع كل هذا الحشد من النجوم؟

قد تعتقد أن ضوء المجرات البعيدة يخفت في طريقه إلينا؛ لكن سماءنا تذخر بعدد كبير من المجرات يزداد كلما نظرنا في أعماقها والذي يكفي لإنارة سماء الليل بأكملها.

يعرف هذا التناقض بين المنطق الذي يخبرنا أن سماءنا يجب أن تكون منيرة والواقع المتمثل بظلمتها باسم «مفارقة أولبرز-Olbers’ paradox» نسبة للفلكي الألماني «ه.و.م أولبرز-H.W.M. Olbers»، فما هي حلول هذه المفارقة؟ وما أبرز الفرضيات التي فشلت بحلها عبر التاريخ؟

أبرز الحلول الفاشلة

1.  المسافة

لقد كان «توماس ديغز-Thomas Digges» أول من لاحظ مشكلة أولبرز وكتب عنها عام 1576م، كما اقترح أول حل لها حيث اعتقد أن النجوم بعيدة جداً ويخفت ضوءها في طريقه إلينا لدرجة لا نتمكن من رؤيته نهائياً.

كما أعيدت صياغة هذه الفكرة بشكل أكثر تعقيداً في نظريات الضوء المنهك.

2.  الضوء المنهك

تعود الفكرة إلى «رينيه ديكارت-Rene Descartes»، إلا أنها اقترحت كحل للمفارقة لأول مرة من قبل «نيكولاس هارتسويكر-Nicolaas Hartsoeker»، الذي حاجج أن ضوء النجوم يمكن أن يخف ويصبح «منهكاً-Tired» في طريقه إلينا حتى يختفي تماماً عند وصوله للأرض.

وقد أعيد ذكر هذه الفكرة في القرن العشرين عند محاولة بعض الفيزيائيين تفسير الانزياح الأحمر للمجرات دون اعتبار تمدد الكون.

3. الامتصاص

كتب «جان فيليب لويس دو شيزو-Jean-Philippe Loys de Chéseax» عام 1744م أن طاقة الضوء قد تتناقص بمعدل أكبر مما ينص عليه قانون التربيع العكسي إذا كان الفضاء مكوناً من مائع قادر على امتصاص مقدار قليل من طاقة الضوء.

أعجب أولبرز بهذه الفكرة وتبناها عام 1823م كحل محتمل لمفارقته، إلا أنها فشلت في ذلك لأن الوسط المائع سترتفع حرارته بعد امتصاص الضوء وسيبدأ بالتوهج بنفس مقدار الضوء الذي امتصه سابقاً بحسب قانون «حفظ الطاقة».

 *قانون فيزيائي ينص على أن كمية أو قوة فيزيائية معينة تتناسب عكسيًا مع مربع المسافة إلى مصدر هذه الكمية الفيزيائية 

4. التوزيع التجزيئي

نشر «هرشل-Herschel» نظريته عن الكون التجزيئي عام 1848م، والتي وصفت كوناً منظماً بمجموعات تجزيئية؛ فالنجوم منظمة ضمن مجرات والمجرات ضمن عناقيد مجرية وهكذا.. 

يمكن لفكرة هرشل عن الكون أن تفسر كون سماء الليل مظلمة؛ فيمكن افتراض أن المادة موزعة بشكل معين في الكون بحيث تكون بعض الاتجاهات فارغة ومظلمة تماماً.

قد تبدو الفكرة صحيحة نظرياً ولكنها تتعارض مع الواقع؛ فالكون يبدو متناظر بشكل مثالي تقريباً على المقياس الكبير (أي نفسه في كل الاتجاهات).

5. الفضاء المنحني

في عام 1872م اقترح «ج.ك.ف زولنر-J.K.F. Zöllner» حلاً مهماً للمفارقة افترض فيه أن أبعاد الفضاء الثلاثة كلها منحنية بحيث يمكن للخطوط المتوازية أن تلتقي، فالفضاء غير محدود ولكن مصادر ضوئه محدودة.

يفشل هذا التفسير عملياً لأن أمواج الضوء قد تنحرف بسبب الجاذبية وتصل إلينا من كل الجهات.

وعلى رغم فشل فكرة زولنر في حل مفارقة أولبرز؛ إلا أنه توقع خلالها انحناء الفضاء قبل أينشتاين بـ 43 عام!

6. الفراغات الأثيرية

وفي عام 1878م قدم «س. نيوكام-S. Newcomb» حلّه الجديد للمفارقة، حيث افترض أن الأثير الكوني* غير موزّع بشكل متساوً في أنحاء الكون؛ بل يتخلله في بعض الأماكن فراغات خالية منه تدعى «الفراغات الأثيرية-Ether voids»، والتي تشكل حواجز تمنع مرور الضوء.

ثم اقترح «ج.ي غور-J.Y. Gore» أن مجرة درب التبانة محاطة كلياً بفراغ أثيري لجعلها مناسبة أكثر لتفسير كون سماء الليل مظلمة.

فشلت هذه الفكرة في حل المفارقة لأنها لو كانت صحيحة فالفراغ الأثيري المحيط لدرب التبانة سيمنع الضوء الموجود فيها من الخروج جاعلاً إياه يرتد عن الحاجز الأثيري مضيئاً السماء بأكملها.

*مادة كان يُعتقد أنها تملأ كل الفضاء الكوني

الحلول الجديدة

1. العمر والطاقة المحدودة

بما أن سرعة الضوء محدودة فإن ضوء النجوم والمجرات البعيدة يحتاج لوقت كبير ليصل إلى الأرض، بالتالي تكون السماء مظلمة لأن غالبية النجوم بعيدة بشكل كبير بحيث لم يصل ضوءها لنا بعد. أعجب «جون مادلر-Johann Mädler» بهذه الفكرة وربطها مع فكرة عمر الكون المحدود لتقديم حجة أقوى؛ فكوننا ونجومه صغيرة في العمر بحيث لم يحصل ضوءها على الوقت الكافي لينير سماءنا بعد!

ومن جهة أخرى طاقة النجوم أيضاً محدودة ولا تملك الطاقة الكافية لإنارة كامل السماء، وقد دعم «هاريسون-Harrison» هذا الحل حسابياً عندما أثبت أن النجوم تحول 0.1% من كتلتها إلى طاقة، ولكن حتى لو حولت كامل كتلتها لن تسطيع إضاءة السماء أكثر مما يفعل القمر.

2. توسع الكون

وأخيراً قدم «ه. بوندي-H. Bondi» و«ت. غولد-T. Gold» و«ف. هويل-F. Hoyle» حلاً للمفارقة عام 1948م، حيث اعتقدوا أن الكون يبدو متماثلاً في كل الأوقات وكل الجهات «نظرية الحالة المستقرة-Steady State Theory»، كما أنه يتوسع بشكل مستمر جاعلاً الأمواج الضوئية تمتط ومُبعِداً فوتونات الضوء عن بعضها البعض، كلا التأثيرين يقللان من شدة الضوء الذي يصلنا من النجوم البعيدة بنسبة 40% مما يجعل السماء مظلمة.

رغم دحض نظرية الحالة المستقرة؛ إلا أن توسع الكون لا يزال مقبولاً كأفضل حل لمفارقة أولبرز.

وفي الختام نرى كيف يكمن وراء ظاهرة بسيطة كظلام الليل أحد أكبر أسرار الكون!

المصدر:

Towson university

التاريخ الكبير: لماذا يهتم العلماء بدراسة النجوم؟

لم تتوقف السماء عن سحرنا يومًا، حتى أننا نجد القمر، والنجوم مذكورين في كثير من أغانينا، فالسماء بنجومها كانت وما زالت مصدر إلهام لنا نحن البشر، لكن ما هي النجوم وكيف تتكون؟ ولماذا يهتم العلماء بدراسة النجوم؟

أكثر النجوم في كوننا هي نجوم صغيرة ذات كتلة قليلة، بحجم شمسنا أو أصغر، وهي أبرد بكثير من يا النجوم، لذا فلونها أحمر وتُدعى بال «أقزام حمراء-Red dwarfs»، ولكنها ليست مشوقة للحد الكافي، فنحن نتحدث هنا عن النجوم العملاقة، التي هي أكبر من شمسنا على الأقل ب 8 مرات، وقد تسطع أكثر بمليون مرة من سطوع الشمس!

تعيش هذه النجوم حياة مغايرة تمامًا لحياة شمسنا، ففي نهاية حياتها تنفجر في إنفجار خلاب مهيب يدعى بال«سوبرنوفا-Supernova»، تاركة خلفها لوحة جميلة من أجمل وأبهى الألوان، مثل التي نراها في السدم التي يعج كوننا بها، كما لعبت هذه النجوم دورًا حيويًا في تشكيل كوننا بشكله الحالي، فبعد الانفجار العظيم بفترة وجيزة، لم يكن هناك أي مصدر للضوء، كان الظلام والصمت يخيمان على كوننا بأسره، فيما يعرف باسم «العصور الكونية المظلمة-Cosmic dark ages»، ولكن بعد حوالي 100 مليون سنة، تكونت هذه النجوم العملاقة، التي عاشت حياة قصيرة، ثم انفجرت في حدث السوبرنوفا العظيم، وتوالت الأجيال النجمية، جيلًا بعد جيل بمرور الزمن، وأثناء فترة حياة تلك النجوم كان إشعاعها ورياحها النجمي يزيدان من حرارة الغازات من حولهم، مؤديين إلى حدوث عملية «التأين-Ionization»، محدثة ثقوبًا وفقاعات في تلك الغازات من حولها، وعلى مدار الوقت، تقوم تلك النجوم بتغيير شكل المجرات التي تحتويهم، مؤدية إلى شكل كوننا الحالي الذي نعيش فيه.

لماذا يهتم العلماء بدراسة النجوم من الأساس؟

أحد أكثر الأشياء إثارة للدهشة في كوننا هو التنوع الكبير للعناصر، تلك العناصر التي نحن وكل ما حولنا مصنوعون منها، ومن أمثلة هذه العناصر هو عنصر الأوكسجين الذي نتنفسه، وأيضًا عنصر الكربون، الذي هو حجر الأساس لجميع المركبات العضوية، ويلعب دورًا محوريًا في تكوين أنسجتنا وعضلاتنا، كذلك عنصر الكالسيوم، الموجود في أسناننا وعظامنا، وكذلك عنصر الحديد الذي يجري في دمنا.

على الرغم من ذلك التنوع، فالعناصر التي كانت موجودة بعد الانفجار العظيم هي الهيدروجين، والهيليوم، وقليل من الليثيوم، إذا من أين أتت كل تلك العناصر؟

يعتقد المجتمع العلمي أن الفضل في ذلك يرجع إلى النجوم، ولكن كيف ذلك؟

كيف تُشكّل النجوم العناصر؟

يبدأ الأمر بقوة الجاذبية، حيث تضغط الجاذبية الغازات سويًا، مؤدية إلى زيادة حرارتها، حتى تصل درجة الحرارة في المركز إلى ما يزيد عن المليون درجة، هذه الدرجة عالية بما يكفي للسماح بعملية الاندماج النووي، حيث تندمج ذرتان من ذرات الهيدروجين لتكوين ذرة من الهيليوم، ولكن هذا في النجوم التي هي بحجم شمسنا أو أكبر قليلًا، حيث أن النجوم العملاقة لا تتوقف عند هذا الحد، وإنما تستمر بدمج ذرات الهيليوم لتكوين الكربون والأوكسجين.

إذا كان النجم كبيرًا كفاية، فإنه سيستمر في دمج العناصر وصولًا إلى عنصر الحديد، ومن ثم تنفجر تلك النجوم العملاقة، في مشهد مهيب، مطلقة ما بجعبتها من مادة إلى الفضاء الشاسع، مضيفة عناصر جديدة إلى جدولنا الدوري.

يبدو غريبًا أليس كذلك؟ فالأوكسجين الذي تتنفسه بينما تقرأ هذا المقال الآن مصنوع في نواة أحد النجوم كتلك التي تراها في سماء الليل، أضف إلى ذلك أنك أنت نفسك تتكون من ذرات صنعت في نواة أحد النجوم أيضًا!

إنه لشيء مبهر بحق، ولا يسعنا إلا أن نقول أكثر من قول عالم الفيزياء الفلكية الشهير «كارل ساجان-Carl Sagan»: “أنت مصنوع من غبار النجوم”.

من كورس ل Coursera مقدم من «جامعة أمستردام-Amsterdam university».

Exit mobile version