هل يمتلك الفراغ كتلة؟

علي جزيرة سردينيا -والتي تعد أكثر المناطق استقرارًا في البحر الأبيض المتوسط إلى عمق 110 أمتار تحت الأرض- يقودنا الظلام الدامس عبر نفق ضيق نحو غرفة حيث تسجل أجهزة قياس الزلازل الحركات الدقيقة للأرض المحيطة. ويظهر على الجانب الأيسر من هذا النفق كهف. حيث اختاره الفيزيائيون لإنشاء تجربة أرخميدس التي تتطلب عزلة شديدة عن البيئة الخارجية للتحقيق في أسوأ تنبؤ نظري في تاريخ الفيزياء – مقدار الطاقة في الفضاء الفارغ الذي يملأ الكون. أو بالمعنى الأصح، لقياس كتلة الفراغ ، فما هي تجربة أرخميدس؟ ولماذا سميت بتلك الاسم؟ وما الهدف منها؟

ما هو الفراغ؟

الفراغ في الفيزياء هو مفهوم مهم يُشير إلى المنطقة التي تفتقر إلى المادة. يمكن وصف الفراغ ببساطة على أنه المنطقة الخالية تمامًا من المادة والذرات. على الرغم من أن الفراغ قد يبدو فارغًا تمامًا بالنسبة لنا، إلا أنه يحمل مفاهيم معقدة وأثر كبير على العلوم الفيزيائية. و هناك نوعان رئيسيان من الفراغ في الفيزياء:

1. الفراغ الكلاسيكي

 يعتبر الفراغ الكلاسيكي هو الفراغ الذي نتخيله بشكل عام، حيث يُفترض أنه ليس فيه أي شيء. ومع ذلك، في الفيزياء الكلاسيكية، تمثل الفكرة الأساسية للفراغ الكلاسيكي الفراغ الذي يحتوي على مجموعة من الحقول المتعلقة بالمجالات الفيزيائية مثل الجاذبية والكهرومغناطيسية. هذه الحقول تكون موجودة حتى في الفراغ الكلاسيكي ويمكن أن تنتقل عبره.

2. الفراغ الكمومي

 في الفيزياء الكمومية، ندرك أن الفراغ ليس بالضرورة خاليًا من أي شيء. بالعكس، الفراغ الكمومي يمكن أن يكون مليئاً بتذبذبات وجسيمات صغيرة تنشأ على مستوى الكم. هذه التذبذبات والجسيمات الظاهرية تسمى “الجسيمات الافتراضية”، وتنشأ بموجب مبدأ عدم اليقين. في الفراغ الكمومي، يمكن للجسيمات الافتراضية أن تظهر وتختفي دون سبب ظاهر، وهذا ما يعكس مبدأ عدم اليقين في الفيزياء الكمومية. [1]

بالإضافة إلى الفراغ الكمومي والكلاسيكي، هناك العديد من النظريات والمفاهيم الأخرى التي تتعلق بالفراغ في الفيزياء مثل مفهوم الطاقة المظلمة والفراغ الفضائي في نظرية النسبية الخاصة والعامة. يجد العلماء أن الفراغ هو مفهوم معقد يمكن أن يؤثر على الكون ويشكل جزءًا مهمًا من البحث والاستكشاف في الفيزياء الحديثة.

الجسيمات الافتراضية والتذبذبات الكمومية

لنتخيل الفراغ كما لو أنه ليس فعلا فارغًا بالمعنى التقليدي الذي نستخدمه في حياتنا اليومية. ولكنه بيئة دقيقة مليئة بالنشاط والحركة على المستوى الأدنى. في هذا الفراغ الكمومي، ينشأ اهتزاز وحركة دائمة لجسيمات صغيرة جداً تعرف بـ “الجسيمات الافتراضية”، والتي يفترض وجودها بناءً على مبادئ الفيزياء الكمومية. فلو كنت تراقب هذا الجو الكمومي بعين مكبرة، ستلاحظ وجود حركة مستمرة لهذه الجسيمات الافتراضية. لكن عندما تحاول أن تلتقط إحداها أو تقيس موقعها أو سرعتها بدقة، ستجد نفسك في مواجهة مفهوم عدم اليقين الكمومي. هذا يعني أنه لا يمكنك أبدًا معرفة مكانها بدقة تامة في أي لحظة معينة، فقد تكون هنا أو هناك أو في أي مكان آخر في نفس الوقت!

 يمكن للباحثين حساب طاقة الفراغ بطريقتين. حيث يمكنهم استخدام معادلات ألبرت أينشتاين في النسبية العامة لحساب مقدار الطاقة اللازمة لتفسير حقيقة أن الكون يتوسع بمعدل متسارع. ويمكنهم أيضًا العمل من الأسفل إلى الأعلى، باستخدام نظرية المجال الكمي للتنبؤ بالقيمة بناءً على كتل جميع “الجسيمات الافتراضية” التي يمكن أن تنشأ لفترة وجيزة ثم تختفي في الفضاء “الفارغ”. تٌنتج هاتان الطريقتان أرقامًا تختلف بأكثر من 120 مرة (1 متبوعًا بـ 120 صفرًا). حيث يعتبر هذا تناقض سخيف إلى حد محرج وله آثار مهمة على فهمنا لتوسع الكون، وحتى مصيره النهائي. ولمعرفة أين يكمن الخطأ، يقوم العلماء بنقل غرفة مفرغة أسطوانية يبلغ طولها مترين ومعدات أخرى إلى منجم قديم في سردينيا، حيث يحاولون إنشاء فراغ خاص بهم ووزن “اللاشيء”_ كتلة الفراغ _ بداخله.

كيف يؤثر مبدأ عدم اليقين على فهمنا للعالم الصغير؟

ينص المبدأ على أنه لا يمكنك تحديد موضع الجسيم وسرعته في نفس الوقت بأي دقة. فكلما زادت دقة معرفتك لقيمة واحدة، قلّت قدرتك على معرفة القيمة الأخرى. وينطبق هذا المبدأ أيضًا على قياسات أخرى، مثل تلك التي تتضمن الطاقة والوقت. وهذا يعني أن الطبيعة يمكنها “استعارة” الطاقة لفترة زمنية قصيرة للغاية. هذه التغيرات في الطاقة، والمعروفة باسم تقلبات الفراغ Vacuum fluctuation، غالبا ما تأخذ شكل جسيمات افتراضية، والتي يمكن أن تظهر من العدم وتختفي مرة أخرى على الفور. [2]

يجب أن تحترم تقلبات الفراغ بعض القواعد. على سبيل المثال، لا يمكن لشحنة كهربائية واحدة أن تظهر فجأة في حالة عدم وجودها (فهذا من شأنه أن ينتهك قانون حفظ الطاقة). وهذا يعني أن الجسيمات المتعادلة كهربائيًا مثل الفوتونات فقط هي التي يمكنها الخروج من الفراغ من تلقاء نفسها. يجب أن تظهر الجسيمات المشحونة كهربائيًا مقترنة بمطابقاتها المضادة للجسيمات. على سبيل المثال، يمكن للإلكترون أن يظهر مع البوزيترون ذي الشحنة الموجبة؛ حيث تلغي الشحنتان بعضهما البعض للحفاظ على الشحنة الإجمالية صفر. والنتيجة هي أن الفراغ يمتلئ بشكل مستمر بتيار من الجسيمات قصيرة العمر.

تأثير كازيمير

وحتى لو لم نتمكن من التقاط هذه الجسيمات الافتراضية في أجهزة الكشف، فإن وجودها قابل للقياس. أحد الأمثلة على ذلك هو “تأثير كازيمير”، الذي تنبأ به الفيزيائي الهولندي هندريك كازيمير في عام 1948. ووفقا لحساباته، يجب أن تتجاذب لوحتان معدنيتان موجهتان ناحية بعضهما البعض في الفراغ، حتى من دون الأخذ في الاعتبار قوة الجاذبية الطفيفة التي يمارسها كل منهما على الآخر. ويرجع سبب ذلك التجاذب إلي الجسيمات الافتراضية.

إن وجود الصفائح يفرض حدودًا معينة يمكن أن تخرج عندها الجسيمات الافتراضية من الفراغ. فعلى سبيل المثال، لا يمكن للفوتونات (جسيمات الضوء) ذات طاقات معينة أن تظهر بين الألواح. وذلك لأن الصفائح المعدنية تعمل كالمرايا التي تعكس الفوتونات ذهابًا وإيابًا. وبالتالي، ستنتهي الفوتونات ذات الأطوال الموجية المحددة بتداخل قيعان الموجات مع قمم الموجات، مما يؤدي إلى إلغاء نفسها بشكل فعال. وسيتم تضخيم الأطوال الموجية الأخرى إذا تداخلت قمتي موجيتين. والنتيجة هي تفضيل طاقات معينة، وقمع طاقات أخرى كما لو أن تلك الفوتونات لم تكن موجودة أبدًا. وهذا يعني أن الجسيمات الافتراضية التي لها قيم طاقة معينة هي فقط التي يمكنها التواجد بين الصفائح. ولكن خارجها، يمكن لأي جسيمات افتراضية أن تظهر. [3]

والنتيجة هي أن هناك احتمالات أقل -وبالتالي عدد أقل من الجسيمات الافتراضية – بين الصفائح مقارنة بما حولها. و تمارس الوفرة النسبية للجسيمات في الخارج ضغطًا على الصفائح، مما يؤدي إلى ضغطها معًا. وهذا التأثير، رغم غرابته، قابل للقياس. وأكد الفيزيائي ستيفن لامورو هذه الظاهرة تجريبيا في جامعة واشنطن في عام 1997، بعد مرور 50 عاما تقريبا على تنبؤ كازيمير. ويأمل الفيزيائيون الآن في استخدام تأثير كازيمير لقياس كتلة الفراغ.

ولهذه الطاقة عواقب مهمة على الكون ككل. تخبرنا النسبية العامة أن الطاقة (على سبيل المثال، في شكل كتلة) تؤدي إلى انحناء الزمكان. وهذا يعني أن الجسيمات الافتراضية، التي تغير طاقة الفراغ لفترة قصيرة، لها تأثير على شكل الكون وتطوره. و عندما أصبح هذا الارتباط واضحًا لأول مرة، أمل علماء الكونيات أن يحل لغزًا كبيرًا في مجالهم، وهو قيمة الثابت الكوني، وهي طريقة أخرى لوصف طاقة و كتلة الفراغ في الفضاء.

تأثير الطاقة الفراغية على القوانين الكونية

الثابت الكوني

نشر أينشتاين نظريته النسبية العامة في عام 1915، لكنه سرعان ما أدرك أن لديه مشكلة. يبدو أن النظرية تتنبأ بتوسع الكون. لكن علماء الفلك في ذلك الوقت اعتقدوا أن كوننا كان ساكنًا، أي أن الفضاء له حجم ثابت وغير متغير. وبعد ثلاث سنوات من نشر النظرية، وجد أينشتاين أنه يستطيع إضافة مصطلح يسمى الثابت الكوني إلى معادلاته دون تغيير القوانين الأساسية للفيزياء. وبالنظر إلى القيمة الصحيحة، فإن هذا المصطلح سيضمن عدم توسع الكون أو انكماشه.

ومع ذلك، في عشرينيات القرن الماضي، استخدم عالم الفلك إدوين هابل أكبر تلسكوب في ذلك الوقت، تلسكوب هوكر في مرصد ماونت ويلسون في كاليفورنيا، لملاحظة أنه كلما كانت المجرة بعيدة عن الأرض، بدا أنها تنحسر بشكل أسرع. وكشف هذا الاتجاه أن الفضاء كان في الواقع يتوسع. وتجاهل حينها أينشتاين الثابت الكوني، ووصفه بأنه “حماقة”.

وبعد أكثر من نصف قرن، حدث تطور آخر. فمن خلال مراقبة المستعرات العظمي البعيدة، أثبت فريقان من الباحثين بشكل مستقل أن الكون لا يتوسع فحسب، بل إنه يفعل ذلك بمعدل متسارع. القوة التي تدفع الفضاء بعيدًا سُميت منذ ذلك الحين بالطاقة المظلمة. إنها بمثابة نوع من النظير للجاذبية، حيث تمنع جميع الأجسام الضخمة من الانهيار في نهاية المطاف في مكان واحد. ووفقا للتنبؤات النظرية، تمثل الطاقة المظلمة حوالي 68% من إجمالي الطاقة في الفضاء. عند هذه النقطة، عاد الثابت الكوني إلى الساحة كتفسير محتمل لهذا الشكل الغامض من الطاقة. ويعتقد أن الثابت الكوني بدوره يحصل على طاقته من الفراغ. [4]

في البداية، كان المجتمع العلمي سعيدًا، إذ بدا أن ثابت النسبية العامة هو نتيجة لطاقة الجسيمات الافتراضية في الفضاء الفارغ. لكن الفرحة لم تدم طويلا. عندما أجرى العلماء الحسابات، تبين أن طاقة الفراغ المستندة إلى نظرية المجال الكمي أكبر بكثير ( أكبر 120 مرة من حيث الحجم ) من قيمة الثابت الكوني المستمدة من قياس توسع الكون. وأفضل طريقة لحل هذا التناقض هي قياس الطاقة الموجودة في الفراغ مباشرة، عن طريق تقييم كتلة الفراغ . أي وزن الجسيمات الافتراضية.

تجربة أرخميدس لقياس طاقة الفراغ

ليست فراغ كما كان يعتقد

إذا كانت طاقة الفراغ المستمدة من نظرية الكم صحيحة، فلا بد أن هناك شيئًا ما يكبح تأثيرات هذه الطاقة على توسع الفضاء. لو كانت هذه القيمة هي القوة الحقيقية للطاقة المظلمة، لكان الفضاء يتضخم بشكل أسرع بكثير. ومن ناحية أخرى، إذا كانت القيمة المستمدة من علم الكونيات صحيحة، فإن الفيزيائيين يبالغون إلى حد كبير في تقدير مقدار الطاقة التي تساهم بها الجسيمات الافتراضية في الفراغ.

إن وجود تقلبات الفراغ والجسيمات الافتراضية قد تم قبوله على نطاق واسع على الأقل منذ ظهور تأثير كازيمير. كما أن القوة المتوقعة لنظرية الكم بالنسبة للتقلبات لا يمكن أن تختفي تمامًا، لأن التجارب المعملية تؤكد النظرية بدقة كبيرة. ولكن هل من الممكن أن الجسيمات الافتراضية لا تنجذب فعليًا بالطريقة التي نفكر بها، وبالتالي لا تؤثر على كتلة الفراغ كما نتوقع؟

حتى الآن لم يتم إجراء قياسات مباشرة لكيفية تصرف الجسيمات الافتراضية فيما يتعلق بالجاذبية. واقترح بعض العلماء أنها قد تتفاعل مع الجاذبية بشكل مختلف عن المادة العادية. على سبيل المثال، في عام 1996، قام الفيزيائيان ألكسندر كاجانوفيتش وإدواردو غندلمان من جامعة بن غوريون بوضع نموذج نظري لا يكون لتقلبات الفراغ فيه أي تأثير جاذبية. قد يكون هذا هو الحال إذا كانت هناك أبعاد إضافية تتجاوز الأبعاد الثلاثة المعتادة للمكان وواحدًا للزمان التي نعرفها. قد تؤدي هذه الأبعاد الخفية إلى تعديل سلوك الجاذبية على مقاييس صغيرة جدًا. ومع ذلك، لا يمكن تفسير الاختلافات الكتلية في النوى الذرية لعناصر مثل الألومنيوم والبلاتين إلا إذا ساهمت تقلبات كمية معينة _ كتلة الفراغ _ في وزنها. ولهذا السبب فإن العديد من علماء الفيزياء مقتنعون بأن الجسيمات الافتراضية تتفاعل مع الجاذبية تمامًا كما تفعل الجسيمات العادية. [5]

مخطط تجربة أرخميدس

للتحقق من أن الجسيمات الافتراضية تتفاعل مع الجاذبية مثل المادة العادية، يريد أعضاء فريق أرخميدس استخدام تأثير كازيمير لقياس كتلة الفراغ بميزان شعاع بسيط. سيوضع الميزان داخل حجرة مفرغة من الهواء، وهي عبارة عن حاوية أسطوانية تحتوي على “لا شيء”. وسيتم وضعها في عدة طبقات من العزل لإبقائها شديدة البرودة ومحمية من البيئة الخارجية. وهذه الطبقات، بدورها، ستستقر عميقًا داخل كهف سردينيا، لتحمي الجهاز الدقيق من كل تأثير محتمل للعالم الموجود فوق الأرض. هذه الحواجز ضرورية لأن العلماء يبحثون عن إشارة دقيقة، وهي الحركة الطفيفة للميزان عند تشغيل تأثير كازيمير، مما يؤدي إلى تغيير وزن مادة العينة عن طريق تغيير عدد الجسيمات الافتراضية بداخلها. [6]

في عام 1929، تساءل الفيزيائي ريتشارد تولمان عما إذا كان من الممكن وزن أشكال معينة من الطاقة (وركز على الحرارة). وبعد سبعة عقود فكر كالوني ( قائد مشروع أرخميدس) في دفع الفكرة إلى الأمام. بعد قراءة ورقة فنية كتبها الفيزيائي الراحل ستيفن واينبرغ. حيث تصور طريقة لقياس كتلة الفراغ باستخدام مبدأ أرخميدس، الذي ينص على أنه عندما يكون الجسم مغمورًا في السائل، فإنه يتعرض لقوة طفو لأعلى تساوي وزن السائل. إذا كانت الجسيمات الافتراضية لها وزن، فإن تجويف الصفائح المعدنية في الفراغ يجب أن يواجه قوة طفو. ويقوم التجويف بشكل أساسي بإزاحة الفراغ العادي، بجسيماته الافتراضية الوفيرة، بفراغ أخف يحتوي على عدد أقل من الجسيمات الافتراضية. وبالتالي فإن تحديد قوة الطفو، التي تعتمد على كثافة الجسيمات الافتراضية، سيكشف عن وزنها!

ولقياس هذه القوة داخل الأنبوب المفرغ، علق الباحثون عينتين مصنوعتين من مواد مختلفة من ميزان يبلغ طوله مترين وعرضه 1.50 متر، ويحفزون تأثير كازيمير داخل واحدة. و للقيام بذلك، قاموا بتسخين كلتا المادتين على فترات منتظمة بحوالي أربع درجات مئوية ثم تبريدهما مرة أخرى. يعد هذا الاختلاف في درجة الحرارة كافيًا لواحدة من العينات للتبديل ذهابًا وإيابًا بين مرحلة التوصيل الفائق (عندما تتدفق الكهرباء بحرية داخل المادة) ومرحلة عازلة (عندما لا يمكن للكهرباء التدفق بسهولة). أما المادة الأخرى فتظل دائمًا عازلًا.

مع تغير الموصلية في العينة الأولى، فإنها تعمل مثل النموذج الكلاسيكي المكون من لوحتين (تأثير كازيمير السابق ذكره)، ويختلف عدد الجسيمات الافتراضية المحتملة داخلها. وبالتالي فإن قوة الطفو تزداد وتنخفض بشكل دوري على الوزن الأول. من المفترض أن يؤدي هذا الاختلاف إلى تأرجح الميزان على فترات منتظمة، مثل الأرجوحة التي يجلس عليها طفلان.

أثناء التخطيط للتجربة، كان العلماء بحاجة إلى العثور على مادة مناسبة يمكن تسخينها وتبريدها بشكل منتظم وسريع، وتظهر تأثير كازيمير قويًا. وبعد النظر في عدة خيارات، اختار الفريق بلورات فائقة التوصيل تسمى النحاسات Cuprates. والعينات الناتجة عبارة عن أقراص يبلغ قطرها حوالي 10 سنتيمترات ولا يزيد سمكها عن عدة ملليمترات. حتى الآن، لم يثبت أحد أن تأثير كازيمير يعمل في الموصلات الفائقة ذات درجة الحرارة العالية، لكن العلماء يراهنون على ذلك.

قام الباحثون بضبط الميزان بحيث يتم تعليقه بحرية في الفضاء داخل حجرته المفرغة، والتي سوف تبرد الجهاز بأكمله إلى أقل من 90 كلفن (أقل بقليل من -180 درجة مئوية). سيتم تعبئة الغرفة نفسها في حاويتين معدنيتين أكبر – علبة مملوءة بالنيتروجين السائل، داخل حاوية أخرى خالية من الهواء، والتي تعمل مثل (الترمس). ويبلغ ارتفاع الهيكل بأكمله حوالي ثلاثة أمتار وعرضه وعمقه ويزن عدة أطنان.

تكنولوجيا متقدمة للكشف عن القوة الصغيرة

بدأ كالوني العمل مع زملائه في عام 2002 لتطوير نموذج نظري لحساب قوة الطفو لمختلف النماذج التجريبية. ووجدوا أن القوة في تجربة واقعية ستكون حوالي 10-16 نيوتن. إن قياس مثل هذه القوة الصغيرة يشبه محاولة وزن الحمض النووي في الخلية. في الواقع، يمكن للتكنولوجيا المستخدمة في أجهزة كشف موجات الجاذبية اليوم، والتي رصدت هدفها لأول مرة في عام 2015، أن تساعد في الكشف عن إشارات الجاذبية الصغيرة التي تبحث عنها تجربة أرخميدس. شارك كالوني نفسه في بناء كاشف موجات الجاذبية الإيطالي VIRGO.

ولكي تكون تجربة أرخميدس قادرة على اكتشاف الانحرافات الصغيرة التي تسعى إليها، فإنها ستستخدم نظامين ليزر يشتركان في بعض أوجه التشابه مع إعدادات الليزر والمرايا داخل كاشفات موجات الجاذبية. الأول يقسم شعاع الليزر إلى قسمين عن طريق توجيهه من خلال مقسم الشعاع إلى طرفي المقياس، حيث ينعكسان بواسطة المرايا المرفقة. ثم يتم إعادة تجميع الحزم بواسطة المزيد من المرايا وتنتقل إلى الكاشف. إذا كان الشعاع متوازنًا، فإن الشعاعين سيسافران بنفس المسافة  تمامًا. إذا كانت الذراع مائلة قليلاً في اتجاه واحد، فإن الحزم ستغطي مسافات مختلفة. في هذه الحالة، ستلتقي قمم وقيعان موجات شعاع الليزر في جهاز القياس بطريقة متداخلة، مما ينتج عنه شدة مختلفة Different intensities. ويمكن لهذا النظام اكتشاف حتى أصغر الانحرافات عن التوازن.

تقوم مجموعة ثانية من أجهزة الليزر بقياس اتجاه الميل إذا كانت هناك حركة كبيرة. إن النموذج الأولي المبسط للتجربة، والذي يتم إجراؤه في درجة حرارة الغرفة، حساس بالفعل بشكل ملحوظ، وهو ما يبشر بالخير لأداء جهاز أرخميدس النهائي. ولكن حتى مع أنظمة القياس المتطورة هذه، فإن تنفيذ التجربة سيكون صعبًا ولحماية التوازن من العالم الخارجي، احتاج الفيزيائيون إلى موقع به أقل قدر ممكن من النشاط الزلزالي، ومن هنا جاءت سردينيا. الجزيرة لديها مزايا أخرى، فهي ليست مكتظة بالسكان، مما يبقي الضوضاء التي يسببها الإنسان منخفضة. كما أن لديها أكثر من 250 منجمًا مهجورًا، لم يعد الكثير منها قيد الاستخدام، وهو أمر جذاب نظرًا لوجود عدد أقل من الاهتزازات تحت الأرض ولأن درجة الحرارة داخل المنجم مستقرة بشكل خاص.

تم الانتهاء مؤخرًا من الإصدار النهائي لإعداد الميزان وشحنه إلى سردينيا. توجد غرفة الفراغ في موقع الاختبار، لكن غلافيها الخارجيين لا يزالان قيد الإنتاج. عندما يصل الغلافان، سيصبح الكهف جاهزًا، وسينقل العلماء النموذج بأكمله إلى هذه الغرفة المظلمة الموجودة تحت الأرض، ويبدأون في كشف النقاب عن مقدار كتلة الفراغ.

المصادر

1-Virtual Particles
2-Vacuum Fluctuations of Energy Density can lead to the observed Cosmological Constant
3-Science and technology of the Casimir effect
4-A new generation takes on cosmological effect
5-Relativity versus quantum mechanics: the battle for the universe
6-?How Much Does ‘Nothing’ Weigh

المواد الزجاجية السبينية

يمكن إزاحة الوسخ أو كنسه تحت البساط، بيد أنه يقتضي الاهتمام به عاجلا أم آجلا. أما “الوسخ” في العلوم الفيزيائية فيمكن أن يكون اضطرابا في البنية، أو شوائب في المواد، أو تعارضا بين تفاعلات. فالوسخ يفسد الترتيب. إذ يستطيع قدر كاف من العشوائية وعدم الكمال واللانسجام أن يخرب التناظرات الأصيلة التي تسهل الوصف الفيزيائي إلى أبعد الحدود. وقد ترِكَ الوسخ طوال معظم تاريخ الفيزياء جانبا. ودرس الفيزيائيون بدلا منه النظم المرتبة كالبلورات التامة. إلا أنهم بحلول أوائل السبعينات شعروا بأنهم ملزمون بمواجهة خلل في الإنتظام. وبدأ الوسخ الذي قد تراكم فى أروقة العلم يتحلل. ولقد كانت دراسة المواد الزجاجية السبينية (Spin glasses)  إحدى أنجح المحاولات لفهم تلك النظم المضطربة. إن النماذج الرياضية لهذه المواد هي طرز أولية لمسائل معقدة في علم الحاسوب والكيمياء الحيوية وغيرها من العلوم. فما هي تلك المواد؟ وكيف نشأت؟

ماهي المواد الزجاجية السبينية؟

حالة الطاقة المنخفضة  أو The Ground State.

في البداية لنتفق على أن كل الأنظم تميل إلي الاستقرار وإلى الوصول إلى حالة ذات طاقة دنيا. فعند إحداث اضطراب ما بين ذرات المادة كرفع درجة حرارة _إلى درجة الحرارة الحرجة (Critical Temperature)_ قد تعانى تلك المادة انتقالا طوريا من حالة إلى حالة.[1] وبرفع ذلك المؤثر وانخفاض درجة الحرارة تتخذ الذرات ترتيبا يضمن لها أقل طاقة. [2]

إذا نظرت إل المواد الصلبة كملح الطعام مثلا، تجد أن ذرات الصوديوم والكلوريد يتخذان في الفراغ شكلا بلوريا منتظما يضمن لهم طاقة أقل واستقرارا أكثر، وكذا كل أشكال المواد الصلبة. وعلى النقيض الآخر، نجد بأن السوائل تفتقر إلى هذا الترتيب وتتحرك ذراتها أو جزيئاتها بصورة غير منتظمة وتأخذ أشكال الحاوية الموضوعة فيها. أما في حالة الزجاج، فنجد أنه ينتمي إلي فئة خاصة من المواد الصلبة غير البلورية. أي أنه صلب في درجات الحرارة العادية، غير أنه يفتقر إلى الترتيب البلوري المنتظم كالسوائل.

ومن الممكن اعتبار الزجاج السبيني في بنيته مماثلا لبنية الزجاج. فهو قد يتكون من بعض ذرات الحديد المبعثرة في شبيكة من ذرات النحاس، إلا أن خواصه معقدة جدا، وأحيانا تكون غير قابلة على نحو مضجر للتنبؤ بها. و”السبين” هنا هو السبين الميكانيكي الكمومي للإلكترونات الذي تنشأ عنه المغناطيسية.[3] أما ما نقصد ب”مادة زجاجية” فقد يخيل للقارئ للوهلة الأولى لحظة قراءة ذلك المصطلح، أن لفظة “زجاجية” تشير إلى صفة الزجاج الذي نراه في حياتنا اليومية. ولكنها تشير إلى حالة لوصف النظم المضطربة أو المتسخة كما ذكرنا سابقا. إذ هو خلل في انتظام توجهات السبينات وتفاعلاتها. إن الخصائص المثيرة للاهتمام العائدة للزجاج السبيني، وكذا ديناميكاتها ودرجة تعقيدها هي كلها ناشئة عن تفاعلات مغناطيسية بين ذراتها. فبعض الذرات تتصرف كما لو كانت قضبانا مغناطيسية، فتولد حقولا مغناطيسية وتخضع لحقول مغناطيسية. ولكي نفهم مالمقصود بذلك علينا إيضاح بعض المفاهيم المتعلقة بالخواص المغناطيسية أولا.

الخاصية المغناطيسية الحديدية (ferromagnetism)  والخاصية المغناطيسية الحديدية المضادة (Antiferromagnetism)

من المعروف أن ذرات الحديد تتميز بسلوك مغناطيسي. فعند تعرضه لحقل مغناطيسي خارجي، تسعى ذراته للاصطفاف في اتجاه محدد. ويعلل هذا الاصطفاف خواص الحديد المغناطيسية القوية، ولهذا فإنه يسمى ( المغنيطيسية الحديدية) (Ferromagnetism)  رغم أنه موجود أيضا في الكوبالت والنيكل ومواد أخري كثيرة.[4] وتنتج المغنيطيسية الحديدية من الطبيعة الميكانيكية الكمومية للإلكترونات الداخلية لهذا المعدن، حيث تجعل من المحبذ طاقيا للعزوم المغناطيسية الخاصة بالذرات المتجاورة أن تكون متوازية.

وبعبارة أخرى، إذا كان العزمان المغناطيسيان لذرتين متجاورتين ذواتي مغناطيسية حديدية يشيران إلى اتجاه واحد، فإنه لابد من بذل طاقة لقلب أحد العزمين المغناطيسيين إلى الإتجاه المعاكس. وعلى النقيض، إذا كان العزمان ذا اتجاهين متعاكسين تتحرر طاقة حين جعلهما متوازيين. ومن ثم تكون الطاقة المغناطيسية الكلية ذات قيمة صغرى إذا ما اتجهت العزوم المغناطيسية لجميع الذرات في اتجاه واحد.

إن إضافة طاقة حرارية لمادة الحديد يمكن أن يؤثر على اصطفاف السبينات. [5] فإذا سخِّن حديد نقي إلى درجات حرارة عالية فإن الطاقة الحرارية تتغلب علي التفاعلات المغناطيسية الحديدية. بحيث يتغير اتجاه كل عزم مغناطيسي من لحظة إلى أخري عشوائيا. ويمكن لصورة فتوغرافية لذرات الحديد أن تبين لنا أن عدد العزوم المغناطيسية المتجهة إلى الأعلي يساوي وسطيا العدد المتجه إلى الأسفل. كذلك الحال فيما يتعلق باليمين واليسار، وبالأمام والخلف. ويكون المجموع المتجه لجميع العزوم المغناطيسية، أو التمغنط الصافي صفرا. ويعرف الحديد في هذا الطور بأنه مادة (موافقة التمغنط) (Paramagnetic). وحين تخفض درجة حرارة الحديد، تصبح التفاعلات بين العزوم المغناطيسية هي الغالبة. ومن ثم تسعى العزوم إلى الاصطفاف فى حالة ذات طاقة دنيا. فتصطف في اتجاه واحد.

وبالمقابل يسود في أنواع أخرى من المواد ضرب مختلف من الترتيب في حالاتها منخفضة الطاقة. فذرات الكروم المتجاورة مثلاً تسعى لصف عزومها المغناطيسية في اتجاهات متعاكسة. فإذا ما اتجهت إحدى الذرات إلى أعلى اتجه عزم الذرة المجاورة إلى أسفل. ولما كان هذا السلوك مضادا لسلوك الحديد سميت هذه الخاصية ب ( المغنيطيسية الحديدية المضادة) (Antiferromagnetism) .

وتبدي المواد الزجاجية السبينية، على نحو لافت للنظر، خواص مغنيطيسية حديدية ومغنطيسية حديدية مضادة معاً. فمثلا، إذا مزجت بضعة أجزاء من الحديد ب 100 جزء من النحاس. فإن ذرات الحديد، التي تتفاعل عادة على نحو مغناطيسي حديدي، تستطيع الآن التفاعل على نحو مغناطيسي حديدي مضاد أيضا. وتسمي هذه العملية بالإشابة المغناطيسية (Alloy). وهو ما تحدثنا عنه في بداية المقال بالنظم المتسخه. فبإحداث قليل من الإشابة يمكنك الحصول على اضطراب فى النظام.

نجد أن إلكترونات التوصيل، التي تتحرك بحرية خلال النحاس، هناك سبين (spin) يتأثر بذرة الحديد المضافة علي نحو غريب بعض الشئ. وعلي مسافة معينة نجد أن ذرة الحديد قد أثرت علي اسبينات إلكترونات التوصيل لتوازي سبينها الخاص. ولكن علي مسافة أبعد قليلا تكون اسبينات الإلكترونات معاكسة لسبين ذرة الحديد. ثم علي مسافة أكثر بعدا تكون السبينات موازية، وهلم جرا.

إن نتيجة هذا السلوك المزدوج هي أنه يمكن لذرة ذات سبين معين ألا تكون قادرة على التوجه بحيث تحقق تفاعلها مع كل الذرات الأخرى في المواد الزجاجية السبينية. ولنتخيل ثلاث ذرات من الحديد موزعة عشوائيا في شبيكة من النحاس. فالذرة الأولي تتفاعل مع الثانية علي نحو مغناطيسي حديدي مضاد. في حين يكون التفاعلان بين الأولى والثالثة، وبين الثانية والثالثة مغناطيسيين حديدين. وليس هناك ثمة سبيل لتحقيق كل التفاعلات في وقت واحد. فإذا كان كان سبين الذرة الأولى متجها إلي أعلي مثلا، وجب أن يتجه سبين الثانية إلي أسفل. أما الثالثة فيفترض أن توجه سبينها في نفس اتجاه كل من الأولى ( السبين إلي الأعلي) والثانية ( السبين إلي الأسفل) . وإن أي ترتيتب سوف يخل بواحد من التفاعلات علي الأقل. ويسمي النظام الذي لايمكن تحقيق كل تفاعلاته في آن واحد (محبطا) (Frustrated).

إن إحدي نتائج الإحباط أو ال Frustration  هو إمكان وجود حالات كثيرة منخفضة الطاقة للمادة الزجاجية السبينية. [6] كما هو موضح بالشكل. إن البحث عن حالة منخفضة الطاقة من تلك الحالات يتطلب التسخين والتبريد_ أي الإحماء_ مشابها للصعود والهبوط. فإذا كانت درجة الحرارة منخفضة جدا، فإن النظام سيبقي في واد ضحل زمنا طويلا جداً. وبرفع درجة الحرارة يتاح للنظام مزيد من الطاقة للاستكشاف، إذا جاز التعبير. وفي وسع سبيناته أن تنقلب بسهولة، ومن ثم يزداد احتمال تملصه من الأودية الضحلة (طاقة أقل) ( كما هو موضح بالشكل)، ويستطيع محاولة تجريب كثير من التشكيلات السبينية المحتملة أكثر من سواها، التي يمكن أن يكون لبعضها طاقة أخفض من طاقة الحالة الإبتدائية.

وعلي هذا فإن ثمة خوارزمية بسيطة لإيجاد حالة منخفضة الطاقة نسبياً لزجاج سبيني، هي بمحاكاة درجة حرارة عالية (عندما يستطيع النظام، من حيث المبدأ أن يجرب أي حالة) ثم تبريد النظام ببطء بحيث يستقر في حالة أقل طاقة. فإذا علق مؤقتاً في مرحلة مبكرة، في واد عالي الموقع، فإنه يبقي لديه مع ذلك فرصة جيدة للانسحاب إلي أقرب ممر للبحث عن واد أعمق ( طاقة أقل). وبعد عدة دورات من التسخين والتبريد تصبح الخوارزمية ذات احتمال كبير لإعطاء حل جيد_ أي حالة منخفضة الطاقة_ ولو أن فرصة إيجاد الحل الأفضل مصادفة في ذلك الفضاء الضخم ضئيلة إلي أبعد حد.

طور جديد من المواد أم مجرد قطعة مغناطيس

إن التحول من سائل إلي بلورة، أو من مادة موافقة التمغنط إلي مادة حديدية التمغنط، عند انخفاض درجة الحرارة هو انتقال طوري حقيقي. ذلك أن الحالات الناشئة تحتفظ بترتيب متميز طوال المدة التي يحافظ أثنائها علي درجة الحرارة. ومن جهة أخري، فإنه حتي لو بدا أن الزجاج العادي يمثل طوراً جديدا فإنه، أساسا سائل: فهو يسيل بمعدل بطئ مذهل بحيث يبدو صلباً.

وبالمثل يمكن للمواد الزجاجية السبينية أن تكون طوراً متميزاً من مادة ذات ترتيب مغناطيسي، أو اصطفاف سبيني يدوم طوال المدة التي يحافظ أثنائها علي درجة الحرارة المنخفضة. ومن ناحية أخري، يمكنها أن تكون مواد متوافقة التمغنط تباطأت خواصها الديناميكية كثيرا بحيث تبدو أنها لاتكوِن سوي (طور ساكن) Static phase. ولو لوحظ أن سبينات مادة زجاجية سبينية، محفوظة في درجة حرارة منخفضة تغير توجهها، لاستطاع المرء أن يستنتج أنها مجرد مغناطيس من مادة موافقة التمغنط (Paramagnetic).

بالنظر إلي الصورة الموضحة، نري أن الزجاج السبيني يحافظ على صورته أطول فترة ممكنة من الزمن بانخفاض درجة الحرارة. فهو عالق في إحدي الأودية الضحلة التي عندها تتسم سبيناتها بخواص ديناميكية بطيئة للغاية وهو ما يشبه خواص الزجاج العادي. أما علي النقيض الآخر، فنري في حالة الحديد أنه بانخفاض درجة الحرارة فيتحول من طور المادة متوافقة المغناطيسية إلي طور المغناطيسية الحديدية بمعدل سريع للغاية.

ومن هنا نخلص أن مكونات الزجاج السبيني هي:

  1. وجود إحباط نتيجة قيود هندسية في الشكل أو اضطراب في النظام كالشوائب.
  2. درجة حرارة منخفضة لاتاحة الفرصة للوقوع في واد ضحل (طاقة أقل).
  3. خواص ديناميكية بطيئة تجعله تجعله معلق في أحد اأودية الضحلة لمدة طويلة.

تطبيقات الزجاج السبيني

دراسة طيات البروتينات Protein Folding

باستخدام نماذج الزجاج السبيني في الكيمياء الحيوية، يمكن للباحثين فهم وتحليل طيات البروتينات. فمن الممكن اعتبار المجموعات الأمينية المكونة للبروتينات كالسبينات (أو كقضبان المغناطيس كما أشرنا) في الزجاج السبيني. وبدوران تلك المجموعات يمكن اكتشاف ماهو الشكل الذي يضمن أقل للطاقة للبروتين ككل و أكثر استقرارا. وتمكننا نماذج الزجاج السبيني من فهم كيف طورت الخلايا من الآليات التي تمكنها من التغلب علي عملية الإحباط في دوران البروتينات, لتنتج لنا أشكالاً أكثر استقرارا. وعلي النقيض، فإن أي خلل في طيات البروتينات قد تنتج أشكالاً من الممكن أن تؤدي إلي أمراض.

المصادر

1- Critical Temperature

2-Energy Minimization

3-Quantum Spin

4-Ferromagnetism

5-The Science of magnets and temperature

6-Frustration and ground-state degeneracy in spin glasses

ما هي لغات البرمجة الكمية؟

ما هي لغات البرمجة الكمية؟

تحدثنا عزيزي القارئ عن الصراع الكمي في مقالات سابقة ووضحنا شراسته. فتحدي IBM للحوسبة الكمية في 2021 خير مثال، الذي شارك فيه 3100 مشارك من 94 دولة عن تطبيقات الحواسيب الكمية باستخدام Qiskit. إذ لم يقتصر التحدي على الحوسبة الكمية وكيفية استخدام Qiskit. بل في أي شيء متعلق بالحوسبة الكمية في الصناعة وذلك بتطبيق تكنولوجيا الكم في المجالات العلمية مثل الكيمياء والتعلم الآلي وغيرها وساهم أكثر من 1293 مشارك في تقديم مشاركة واحدة على الأقل لها أثرها وشاركت دول عدة جديدة في المنافسة وكانت السعودية هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط. إذ حاز الدكتور إبراهيم المسلم على المركز الثاني عالميًا ونال المركز الأول «نافان بنشاشتابوسه-Naphan Bencgasattabuse» من كوريا الجنوبية. [1]

وكما للحوسبة التقليدية لغات برمجة تتعامل بها، أيضًا للحواسيب الكمية لغات. وهنا سيدور حديثنا حول ما هي لغات البرمجة الكمية؟ وكيف يمكنك ممارسة الحوسبة الكمية والتلاعب بالـ Quibts وبالتأكيد تبادر إلى ذهنك سؤال، ما الـ Qiskit؟ كل ذلك وأكثر سنجيب عنه في هذا المقال، فهيا بنا…

ما هو Qiskit؟

يمنح عملاقة التكنولوجيا مثل Google وIBM المستخدمون الذين لديهم شغف تعلم الحوسبة الكمية فرصة لمعرفة كيفية برمجة ومعالجة الدوائر الكمية. باستخدام لغات البرمجة الكمية ولتعلم فحص مفاهيم الحوسبة الكمية مثل التراكب والتشابك والتلاعب بالـ Qubits وإدارة الأجهزة الكمية والتحقق من الخوارزميات

فـ Qiskit هو SDK -مجموعة أدوات تطوير البرامج في حزمة واحدة قابلة للتثبيت- مفتوح المصدر للعمل على الحواسيب الكمية من IBM. إذ يُترجم لغات البرمجة الشائعة مثل Python للآلة الكمية وأي شخص خارج مختبرات IBM يمكنه استخدامه. إذ تعد أداة تعليمية ممتازة لتطوير فهمك عمليًا حول المفاهيم الكمية، يوجد كذلك Cirq وهو من شركة Google ومشابه لـ Qiskit.

لكن وجب التنبيه أنه على الأقل وجب أن تكون لديك خلفية جيدة حتى تستطع البدء فهو مناسب لفئات مثل الخبراء في مجالات الكيمياء والذكاء الاصطناعي والمطوريين الذين لديهم معرفة بالدوائر الكمية ويودون في اختبار مزايا الكم وخبراء ميكانيكا الكم. [4,3]

علاقات لغات البرمجة الكلاسيكية باللغات الكمية؟

كما نحن البشر نتحدث بلغات مختلفة فالحواسيب لها لغاتها. تتيح لغات البرمجة في الحواسيب التقليدية إعطاء تعليمات للحاسوب بلغة يفهمها. فلغة البرمجة الكمية هي تلك التي يمكن استخدامها لكتابة برامج الحاسوب الكمي. فنظرًا لأن التحكم في أي آلة يكون بواسطة جهاز كلاسيكي. فإن لغات البرمجة الكمية الحالية تتضمن هياكل تحكم كلاسيكية أيضًا وتسمح بعملها على البيانات الكلاسيكية والكمية فسنجد لغة Python من اللغات المستخدمة والأساسية وكذلك C وJavascript وغيرهم. [2]

ما هي البيئات التي تتيح لك ممارسة الحوسبة الكمية؟

كما ذكرنا فور معرفتك بالأساسيات البرمجية وتعلم اللغات الكلاسيكية؛ يمكنك البدء مباشرةً في بيئات ستوفر لك التعامل مثل Qiskit وCirq. وإليك في السطور الآتية بعض لغات البرمجة الكمية المهمة في تنمية تدريبك على الحوسبة الكمية بجانب اللغات الكلاسيكية.

أشهر لغات البرمجة في الحوسبة الكمية

هنالك نوعان من لغات البرمجة الكمية، الأول لغات البرمجة الأساسية وتتكون من تعليمات تُنفذ خطوة بخطوة وتشمل اللغات الأساسية في الحواسيب الكلاسيكية مثل Python وC وJavascript وPascal، وإليك ثلاثة من أشهر اللغات [5]:

لغة QCL

هي واحدة من أولى لغات البرمجة الكمية وتشبه لغة C وPascal من حيث بناء الجملة Syntax وأنواع البيانات. فهي لغة تحكم عالية المستوى ومستقلة عن بنية الحواسيب الكمية ويمكن للمبرمجين الجمع بين كود C كلاسيكي وكود كمي… [8]

لغة QMASM

نشأت QMASM كلغة لتعريف الدائرة الكمية ومع تطور الحساب الكمي، اعتُمدت اللغة كطريقة لتحديد الدوائر الكمية كمدخلات في الحاسوب الكمي. لوصف العمليات على الـ Qubits وهي منخفضة المستوى، فتستخدم لوصف الدوائر البسيطة نسبيًا وهنالك لغات أخرى عالية المستوى مثل لغات سنذكرهم في السطور القادمة. [6] التي بإمكانها التعامل مع مليارات من Qubits.

لغة Silq

نشرت في عام 2020 وهي لغة عالية المستوى من ETH Zurich في سويسرا وتُحدث باستمرار. نبع الاحتياج لتلك اللغة لملاحظة الباحثين أن كل لغات البرمجة السابقة منخفضة المستوى خاصة في التعامل مع الـ Quibts. ففي كل مرة وجب عليك التفكير في جميع القيم الناشئة من العملية التي تقوم بها وذلك يستغرق وقتًا وينتج عن ذلك بالتأكيد أخطاء. [7]

النوع الثاني هو لغات البرمجة الوظيفية وهي لا تعتمد على تنفيذ التعليمات خطوة بخطوة بل على الدوال الرياضية. أي يتم تحويل المخرجات باستخدام تحويلات رياضية وتعد أقل شيوعًا من اللغات الأساسية وإليك أشهر اللغات:

لغة QML

هي لغة تعريفية مصممة لوصف واجهة مستخدم البرنامج ونُشرت في عام 2007 وتشبه Haskell وتُستخدم لغة Javascript كلغة برمجة نصية في QML وقبل التعمق فيها وجب أن تكون كما ذكرنا مرارنا لديك خلفية برمجية [9] وفهم للغات الويب الأخرى مثل HTML وCSS…

لغتا QPL وQFC

هما لغتان من لغات البرمجة الكمية حددهما «بيتر سيلينجر-Peter Selinger» وتعمل كل منهم على البيانات الكمية والكلاسيكية. [10]

لغة Quipper

هي لغة شهيرة ذات مستوى عال، وتستخدم لوصف الدوائر عالية المستوى ومعالجتها وتحوي مكتبات واسعة من الدوال الكمية بما في ذلك مكتبات الأعداد الصحيحة الكمية وتحويل فورييه الكمي ومكتبات لتحليل دقيق للدوائر والعديد من المزايا. [11]

فيما تتميز لغة Twist؟

هناك عزيزي القارئ العديد من اللغات لكن تحدثنا عن الأحدث والأشهر ولنختم جزء اللغات بلغة Twist التي أثارت ضجة في عامنا هذا 2022، فما هي تلك اللغة وما المميز فيها؟

سعى علماء من علوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي CSAIL التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إلى إنشاء لغة خاصة بهم للحوسبة الكمية وتسمى (Twist). وتستطيع تلك اللغة أن تصف أجزاء البيانات المتشابكة في برامج الكم والتحقق منها. ويمكن للمبرمج الكلاسيكي فهمها وتستخدم اللغة مفهوم يسمى Purity أو النقاء ويفرض ذلك المفهوم عدم وجود التشابك وينتج عنه برامج أكثر سهولة والأخطاء أقل بكثير. فالمميز هنا أنه لطالما تطلبت برمجة الحواسيب الكمية فهم للتشابك ولكن تأتي Twist لتسهل الأمر على المبرمجين بفرضها عدم وجوده بمفهوم Purity. إضافة إلى أن اللغات البرمجية الكمية لا تزل تربط عمليات منخفضة المستوى معًا مستبعدة أحيانًا معايير مهمة مثل أنواع البيانات… لكن التحدي الذي تتخذه Twist حاليًا هو تسهيل البرمجة الكمية. نهاية فقد دعمت الجهود عليها جزئيًا من قبل MIT-IBM Waston AI lab والمؤسسة الوطنية للعلوم ومكتب البحوث البحرية. [12]

المصادر

  1. IBM
  2. quantiki
  3. .ibm
  4. quantumai
  5. aimultiple
  6. github
  7. sliq
  8. github
  9. qml
  10. liquisearch
  11. qcf
  12. researchgate
  13. mit

ما هو الانتقال الآني الكمي؟

انتهيت من عملك أخيرا بعد يوم طويل ومرهق وتتمنى الآن أن تنقلك آلة إلى سريرك مباشرة بدلًا من المشي أو استعمال المواصلات المزدحمة؟

ذُكر أول جهاز للانتقال عن بعد في كتاب إدوارد بيج ميتشل «The Man Without a Body» والذي نُشر في صحيفة «The Sun» في عام 1877 وهي صحيفة تنشر يوميًا في نيويورك. حيث أشار الكاتب إلى ما يسمى «الانتقال الآني» لكن باسم آخر«نقل المادة» وكان ذلك بعد ثلاث سنوات من كتابة «إتش جي ويلز» عن «Techypomp». وهو جهاز مصمم للسفر بسرعة لانهائية ولكن هذا ليس مفهوم الانتقال الآني بالتحديد.

إذ ظهر الانتقال الآني لأول مرة كطريقة للقفز من كوكب إلى آخر في محاكاة ساخرة للكاتب «فريد تي جين» عام 1897. وظهرت عبارة الانتقال عن بعد في كتابات «تشارز فورت» كذلك، فقد اقترح أن النقل الآني هو طريقة لتفسير ظهور بعض الأشياء في أماكن فجأة واختفائها المفاجئ أيضًا.

ذلك ما يحدث في الخيال العلمي، لكن ما رأي العلم بذلك؟ في هذا المقال سنتحدث عن الانتقال الآني الكمي. ما هو بالتحديد؟ وكيف يحدث؟ وما دوره؟

ما هو الانتقال الآني الكمي؟

ربما عرفنا النقل الآني في أفلام الخيال العلمي، لكننا نتحدث الآن عن نقل المعلومات عن بعد، إذ يستخدم في التشفير الكمي لضمان أمن الاتصالات. لكن كيف بإمكانك نقل معلومة بين شخصين دون إرسالها عبر شيء مثل كابل الألياف البصرية! هذه هي روعة الفيزياء الكمية وهذا ما سنعرفه في السطور التالية. [1]ىن

يوجد عدة أنواع من الانتقال الآني لكن النوع الذي نتحدث عنه في هذا المقال هو الانتقال الآني الكمي الذي يعد تطبيقًا للتشابك الكمي. فالتشابك الكمي ببساطة يعتمد على تحديد أحد الحالات التي تحدد في الوقت نفسه الحالة الأخرى كذلك.

فبعد أن طلب «أليكس» شطيرة برغر ودجاجا مشويا وصله طلبه في صندوقين مغلقين، لن يعرف «أليكس» في أي صندوق يقبع الدجاج والشيطرة إلا عند فتح أحدهما. فإذا فتح صندوق ووجده يحتوي على الدجاج المشوي فالآخر بالتأكيد يحتوي على الشطيرة والعكس صحيح.

الأمر نفسه ينطبق على الجسيمات الكمية؛ إذا كان لديك جسيمان متشابكان، فإن معرفة حالة أحدهما ستبين حالة الآخر بغض النظر عن المسافة بينهما.

هكذا يمكننا استخدام التشابك كطريقة للانتقال الآني. يستمر تشابك الفوتونات حتى بعد فصلها، وفي حال تغير أحدها فإن الفوتون الآخر الذي يوجد في موقع آخر يتغير أيضا.[2]

فإذا أخذنا جسيمين وشابكناهما وأرسلنا أحدهما إلى القمر، يمكننا الاستعانة بالتشابك الكمي لنقل معلومات من خلالهما. فالأمر يتعلق فقط بالجسم الذي تريد نقله عن بعد، والذي يرسل المعلومات إلى الجسيم المتشابك الآخر على القمر. عزيزي القارئ، رغم هذا، من غير المحتمل أن يحدث النقل الآني للأشياء الكبيرة أو الأشخاص، أو إبقاء الجسيمات متشابكة لفترة طويلة رغم بعد المسافة. ذلك لم يحدث حتى الآن، وكل ما قام به العلماء هو نقل العديد من الإلكترونات والفوتونات وحتى الجزيئات لعشرات الأميال. فمحاولات العلماء تركز على نقل جسيم واحد وليس مليارات المليارات من الجسيمات التي تشكل الإنسان.[2]

كيف تنقل جزيئا ما عن بعد؟

لنعد مرة أخرى إلى الجسيمين المتشابكين، إذا تفاعل جسيم ثالث مع أول جسيم متشابك فإن التغير الذي سيحدث في الجسيم المتشابك سيلاحظ في توأمه الذي سيأخذ معلومات الجسيم الثالث ووجوده بفعالية.

لكن استحال إنشاء رابط بعيد المدى بين أي جسيمين متشابكين لأن سفر الفوتون المتشابك لا يمكنه قطع مسافات بعيدة كما وضحنا.

لطالما رأى الباحثون الإلكترونيون إمكانية الارتباط بقمر صناعي ما، لأن الفوتونات يمكن أن تنتقل بسهولة كبيرة عبر الفضاء. لكن الصعوبة تكمن في نقلها عبر الغلاف الجوي للأرض إضافة إلى الظروف الجوية المتغيرة التي قد تؤدي إلى انحراف الجسيمات. لكن هناك محاولات ناجحة بالفعل!

  • فقد قام فريق صيني بإنشاء 4000 زوج من الفوتونات المتشابكة كميًا في الثانية وأطلقوا كل زوج من الفوتونات في شعاع من الضوء باتجاه قمر صناعي يسمى «ميسيوس-Micius» -على اسم فيلسوف صيني قديم-. مما مكن مسيوس من اكتشاف الحالات الكمية للفوتونات المفردة التي سنبعثها من كوكبنا، وكان ذلك إنجازًا كبيرا كسر حاجز المسافات البعيدة التي كان من الصعب تحقيقها.[3]
  • مؤخرًا كذلك، حقق فريق في ناسا ولأول مرة نقلا آنيًا كميًا مستدامًأ لكيوبتات وعلى مدى بعيد. إضافة إلى الدقة التى وصلت لأكثر من 90٪ وعلى بعد 44 كيلومترًا عبر ألياف ضوئية باستخدام أحدث الأجهزة للكشف عن الفوتون الفردي. صرح الفريق بأن الإنترنت الكمي قابل للتطبيق ومن شأنه أن يدخلنا عصرا جديدا من الاتصالات.[4]

ما الهدف من الانتقال الآني؟

إن الهدف الرئيس من النقل الآني الكمي في وقتنا هو إنشاء شبكات اتصالات غير قابلة للاختراق. ففي مدينة «جينان-Jinan» الصينية كان هناك تجارب فعلية لشبكة آمنة تعتمد على تكنولوجيا الكم. ويجرى تطوير شبكة تربط بين بكين وشنغهاي بما تسمى «العقد الموثوق» وأنها أول انترنت كمي وهي مهمة لتحديث المفتاح الكمي لإرسال معلومات مشفرة.[3]

نحن الآن في عصر الحوسبة الكمية الذي سيسطو قريبًا وستكون إمكانية كالانترنت الكمي متاحة في كل مكان! ولكن هل من الممكن أن تتحقق أمنيتنا في الانتقال الآني للبشر كما في أفلام الخيال العلمي ذات يوم؟

المصادر

  1. qt
  2. popularmachanics
  3. bbc
  4. nasa

ما الفرق بين البوابات المنطقية والبوابات الكمية؟

ما الفرق بين البوابات المنطقية والبوابات الكمية؟

صرحت مؤخرًا شركة IBM بأنها بحلول 2023، ستكون حواسيبها من 1000 كيوبت ومع هذا التقدم الهائل والتصارع بين الشركات والمؤسسات العلمية في الحوسبة الكمية، سنعرف في هذا المقال كيف تتم العمليات داخل الحواسيب الكمية، ما الذي يتحكم في الكيوبت؟ وقبل البدء في اللبنات الأساسية للحوسبة الكمية، فلعلك سألت نفسك يومًا كيف تتدفق المعلومات في الحاسوب الكلاسيكي وتخرج إلينا؟ إنها «البوابات المنطقية-Logical gates»! فما هي وكيف تعمل وما أهميتها؟

البوابات المنطقية

تُعد البوابات المنطقية اللبنة الأساسية للإلكترونيات الرقمية داخل الحاسوب. فهنالك ما يقارب من 100 مليون بوابة تمر المعلومات عبرها وهذه البوابات مصنوعة من الترانزستورات مع مكونات كهربائيّة أخرى مثل المقاومات والثنائيات، فهي وحدات من الجهاز العصبي المركزي للحاسوب وتحتوى الدوائر المنطقية على أجهزة مثل ALU أو وحدة الحساب المنطقي أو معدات الإرسال أو التسجيل.

فمثلًا عندما تقوم الخلايا العصبية بتمرير المعلومات الكهروكيميائية في جميع أجزاء أجسامنا، تقوم البوابات المنطقية بنفس الفعل لكن عن طريق تمرير المعلومات الإلكترونية في جميع أنحاء الحاسوب.

فتتخذ البوابات المنطقية قرارًا بناءً على مجموعة من الإشارات الرقمية القادمة من مدخلاتها، ومعظم البوابات المنطقية تحتوي على مدخلين ومخرج واحد، وتعتمد على الجبر البوليني. فتقوم بإجراء عمليات منطقية على مدخلات ثنائية أي في الحواسيب التي تعتمد على النظام الثنائي -وهو نظام يستخدم لتمثيل القيم العددية متكون من رمزين أو حالتين 0 (إطفاء، خطأ) و1 (صح، تشغيل). فتتكون من مدخلات ومخرجات في الأسلاك داخل الحاسوب.

الآن لنتعرف على الأنواع المختلفة من البوابات المنطقية.

بوابة (NOT)

هي أبسط البوابات المنطقية وتعرف أيضًا باسم العاكس، حيث تقبل إدخالًا واحدًا ويخرج منها قيمة معاكسة لهذا الإدخال، فمثلًا إذا أدخلت 1 فإن الناتج (الخرج) سيكون 0 والعكس صحيح. قد يبدو لك ذلك أمر هين ولكن في الحواسيب يمكننا بناء منطق معقد من خلال الجمع بين العديد من العمليات الصغيرة.

بوابة (AND)


تقبل تلك البوابة اثنين من المدخلات وإذا كان كل منهما قيد التشغيل أو 1 و1 فإن الخرج سيكون 1 وإذا كانت المدخلات في حالة توقف أي 0 و0 فإن الخرج سيكون 0. أما إذا كان مدخل قيد التشغيل والأخر متوقف فإن الخرج سيكون 0. فهي تُعامل كعملية الضرب أي 11=1، 10=0 وهكذا… وتتمثل عملية فهم العمليات المنطقية في إنشاء جدول الحقيقة لجميع المدخلات والمخرجات الممكنة.

جدول الحقيقة -وهو جدول رياضي مستخدم في الجبر البوليني ويتم تمثيل (1 بصح أو True و0 بخطأ أو False-:

بوابة (OR)

تقبل البوابة المنطقية OR -أو تُسمى “أو”- مدخلين وإذا كان كلا مدخلين 1 فإن الخرج 1، وإذا كان كلا المدخلين 0 فإن المدخل 0… وإليكم جدول الحقيقة لتوضيح باقي القيم.

بوابة (NAND)

هي مزيج من البوابة AND و NOT. وإليك جدول الحقيقة والرسوم التوضيحية التالية: بوابة (NOR) هي مزيج من البوابة OR و NOT. وإليك جدول الحقيقة والرسوم التوضيحية التالية:

بوابة (NOR)

هي مزيج من البوابة OR و NOT. وإليك جدول الحقيقة والرسوم التوضيحية التالية:

بوابة (XOR)

وX من Exclusive وهي تتضمن NOT, OR, AND وإليك جدول الحقيقة والرسوم التوضيحية التالية:

الآن بعد ما عرفنا عن ماهية البوابات المنطقية، لننتقل إلى صلب موضوعنا وهو البوابات الكمية، ماذا تعني، ما الفارق بينها وبين البوابات المنطقية؟ هذا ما سنعرفه في السطور التالية.

ما الفرق بين البوابات المنطقية والبوابات الكمية؟

تتعامل الحواسيب الكلاسيكية مع البتات باستخدم البوابات المنطقية التي ذكرناها، بالمثل تمثل الكيوبتات وحدة بناء الحواسيب الكمية باستخدام بوابات الكم. فتُطبق البوابات الكمية على الكيوبتات وتتغير حالات الكيوبت اعتمادًا على البوابة التي يتم تطبيقها. فيوجد حاللت للكيوبت ويمكن تمثيله بواسطة نظام ثنائي الأبعاد.

فالفارق بين البوابات المنطقية والكمية هو البنية الأساسية لهما البت والكيوبت، الكيوبت في الحالة الكمية له حالات مميزة ومختلفة كالتراكب وإليك البوابات الرئيسة في الحواسيب الكمية.

تمثل المصفوفات بعض الدوائر الكمية شائعة الاستخدام؛ لذلك فالمعرفة بالجبر الخطي مهمة وهذا ما سنراه…

البوابات الكمية

بوابات باولي Pauli gates

هي مصفوفات باولي الثلاثة وهي تمثل كيوبت واحد، حيث Pauli-X,Pauli-Y, Pauli-Z تمثل دوران الكيوبت حول محاور Y, X, Z في كورة بلوخ. بوابة X هي البوابة المكافئة لبوابة NOT في الحواسيب الكلاسيكية، ويتم تمثيلها بواسطة مصفوفة Pauli-X وكرة بلوخ:

بالمثل بوابة Y هي تشبه لحد كبيرة X ولكن مع وجود i بدلًا من 1 وعلامة سالبة أعلى اليمين.

أما بوابة Z فهي مشابهة أيضًا لكن مع وجود علامة سالبة.

•فتقوم Y, Z بتغيير دوران الكيوبت أيضًا.

بوابة Hadamard

لجعل الجسيم في حالة تراكب، تُطبق بوابة معينة وهي بوابة Hadamard وهي بوابة معروفة في الحوسبة الكمية ومثل Pauli-X تعمل على كيوبت واحد وبمصفوفة 2*2 أيضًا. فهي لا تحول فقط دوران الإلكترون بل تخلق تراكب لكل حالة.

يوجد العديد من البوابات الأخرى لكن ما ذكرناه هو الرئيس، تعمل بمصفوفات على نظم 4*4 و8*8… لكن ليس بكم البوابات فتذكر أنه طالما عرفت الأساس يمكنك استخدامه مثل بوابات OR, NOT, AND هم أساس البوابات المنطقية وبقية البوابات هي فرع منها. فتبعنا عزيزي القارئ، لمعرفة المزيد من التفاصيل عن الحوسبة الكمية.

المصادر

التجربة الثورية في ميكانيكا الكم: تجربة شتيرن-غيرلاخ

التجربة الثورية في ميكانيكا الكم: تجربة شتيرن-غيرلاخ

أحدثت تجربة شتيرن-غيرلاخ ثورة في ميكانيكا الكم، إذ أظهرت أن الكم المكاني موجود بالفعل وهو ظاهرة لا يمكن استيعابها إلا بميكانيكا الكم وسنتعرف في مقالنا على تلك التجربة لكن دعونا أولا نأخذ نبذة عن علمائها…

* (لمعرفة بعض من ظواهر ميكانيكا الكم تابع مقال ما الفرق بين البت الكمي والبت الكلاسيكي؟)

من هو «أوتو شتيرن-Oto Stern»؟


هو عالم ألماني، ولد في عام 1888 في Żary وهي مدينة غرب بولندا وتوفي في 1969 في Berkeley، حاز على جائزة نوبل للفيزياء عام 1943.

مراحل في حياة شتيرن

كان يدرس مبكرًا نظرية الديناميكا الحرارية الإحصائية وأصبح محاضرًا في الفيزياء النظرية بجامعة فرانكفورت ومن ثم أستاذًا في الكيمياء الفيزيائية في جامعة هامبورغ.

حينها أجرى شتيرن ووالتر جيرلاخ تجربتهما التاريخية في هامبورغ في أوائل عشرينيات القرن الماضي.

اضطر شتيرن في عام 1933 للمغادرة من ألمانيا بسبب وصول النازيين إلى السلطة وذهب إلى الولايات المتحدة. إذ أصبح باحثًا في الفيزياء في معهد كارنيجي للتكنولوجيا ومكث هناك لحين تقاعده عام 1945.

حصل على جائزة نوبل عام 1943 لدوره في التجربة الشهيرة شتيرن-غيرلاخ في حين استُبعد زميله والتر غيرلاخ لأنه استمر في العمل مع النازيين أثناء الحرب، وأحدثت تجربتهما ثورة في ميكانيكا الكم. [1]

من هو «والتر غيرلاخ-Walther Gerlach»؟

هو عالم فيزيائي ألماني ولد في 1889 في Biebrich am Rhein وتوفي في 1979 في Munich. اشتهر بشكل خاص بعمله مع أوتو شتيرن.

مراحل في حياة غيرلاخ


تلقى تعليمه في جامعة توبنغن، إذ أصبح محاضرًا عام 1916 وبعد فترات في غوتنغن وفرانكفورت عاد إلى توبنغن كأستاذ في الفيزياء في عام 1925. ومن ثم أستاذ في الفيزياء في ميونخ من عام 1929 إلى عام 1957.

قدم مساهمات عدة في مجالات الإشعاع والتحليل الطيفي ونظرية الكم وله عدة كتب مثل «Magnetismus (1931), Include Grundlagen der Quantentheorie (1921), Humaniora und Natur (1973)». [2]

ما هي تجربة شتيرن-غيرلاخ ببساطة؟

يدور الإلكترون حول النواة وينتج عنه تيار وتتصرف الذرة كما لو كانت مغناطيسيًا صغيرًا! أجرى كل من العالمان أوتو شتيرن ووالتر غيرلاخ تجرية في عام 1922 هدفها توضيح الاتجاه المكاني للجسيمات الذرية ودون الذرية ذات القطبية المغناطيسية. (أي إثبات أن الحركة المدارية للإلكترون كمية).

ما الذي استخدماه شتيرن وغيرلاخ في تجربتهما؟

•فرن كهربائي
•مجال مغناطيسي غير منتظم
•عينة من الفضة
•لوح زجاجي

خطوات التجربة


تم تسخين عينة الفضة في فرن كهربائي، لتنطلق حزمة من ذرات الفضة. وُجهت تلك الحزمة -استخدمت ذرات الفضة لأن غلافها الخارجي يحتوى على إلكترون واحد فقط- عبر مجموعة من الشقوق المحاذية. ومن ثم عبرت مجال مغناطيسي غير منتظم (كان القطب الشمالي مددب لتصبح شدة المجال المغناطيسي كبيرة والجنوبي مقعر لتقل عنده شدة المجال المغناطيسي). [3]

ومن ثم تترسب ذرات الفضة على اللوح الزجاجي ويحدث ما هو ليس متوقع؟

فيما خالف تلك التجربة الفيزياء الكلاسيكية؟

تعد ذرة الفضة محايدة كهربيًا فهي مغناطيس ذري يتسبب في دوران إلكترون غير مزدوج في أن ينشأ قطب شمالي وقطب جنوبي مثل إبرة البوصلة تمامًا. كذلك في المجال المغناطيسي غير المنتظم تكون القوى الموجودة على القطبين غير متساوية. فعند توجيه الحزمة تترسب ذرات الفضة في منطقتين فقط كما موضح بالشكل.

تجربة شتيرن-غيرلاخ

هذا ما خالف الفيزياء الكلاسيكية لأنه توقع العلماء أن تتوزع ذرات الفضة بشكل عشوائي. من خلال تلك التجربة توصل العلماء إلى أن للإلكترون حركة مدارية كمية حول النواة. وآنذاك لم يكن معروف عدد الكم المغزلي وكان معروف العزم المغناطيسي فقط، إذ تحتوى ذرة الفضة على 47 إلكترون وفي غلافها الخارجي 5s يظهر الـ Spin حيث جميع إلكتروناتها عزمها المغناطيسي صفر وذلك لإكتمال جميع الأغلفة عدا الذرة الأخيرة، فتتصرف الذرة كجسم عدده الكمي مقداره 1/2. [3,4]

تطبيقات تجربة شتيرن-غيرلاخ

طُبقت تجربة شتيرن-غيرلاخ لدراسة النيتروجين النشط وكذلك كان لها الفضل في اكتشاف الرنين المغناطيسي على يد العالم إيزيدو رابي.

المصادر

مصدر 1 2 3 4

البلورات الزمنية وعلاقتها بالحواسيب الكمية

البلورات الزمنية وعلاقتها بالحواسيب الكمية

سعى الباحثون جاهدين على مدار السنوات الماضية في فهم البلورة الزمنية، تلك البلورة التي لا تستهلك أي طاقة وتحوي بعدًا رابعًا!

كان أول من تصور البلورة الزمنية هو الفيزيائي الحائز على نوبل «فرانك ويلكزك» عام 2012. البلورة الزمنية هي حالة جديدة من حالات المادة. في عام 2016 بنى العلماء بلورات زمنية من خلال سلسلة من أيونات الإيتربيوم. استطاع باحثون في Google بالتعاون مع علماء فيزياء من جامعات متعددة مؤخرًا أن يستخدموا الحاسوب الكمي لإثبات حقيقة البلورة الزمنية. سنعرف في السطور القادمة البلورات الزمنية وعلاقتها بالحواسيب الكمية

في عام 2019، احتل فريق الحوسبة الكمية لشركة جوجل عناوين الصحف. إذ أجروا أول عملية حسابية على الإطلاق. لم يكن يعتقد أن الحواسيب العادية قادرة على القيام بها في فترة قياسية كما فعل الحاسوب الكمي. بالرغم من ذلك ظهرت هذه المهمة للتعجيل فقط. لم يكن لها فائدة عميقة تجعلنا نطمأن بشأن الحاسوب الكمي وأنه سيجتاح وسيكون مربحًا، لكن العرض التوضيحي البلوري للزمن، بشرنا بشأن الحاسوب الكمومي.

هناك نوعان من البلورات:

  • بلورات الفضاء (البلورات العادية).
  • بلورات زمنية.

لكن كيف تتكون البلورة؟

تنتج البلورة من عملية تسمى «عملية البلورة».

البلورات الزمنية وعلاقتها بالحواسيب الكمومية

عملية البلورة

هي تحول مادة سائلة إلى مادة صلبة، إذ يتم وضع ذراتها أو جزيئتها في شبكة بلورية ثلاثية الأبعاد وأصغر جزء في البلورة {خلية الوحدة}. تتكون البلورة من ملايين من وحدات الخلايا. تستخدم عملية البلورة كطريقة للحصول على بلورات نقية ويوجد نوعان من بلورة:

  • بلورة بالتبخير
  • بلورة بالتبريد

فالبلورة عملية تترتب أو تصطف فيها ذرات أو جزيئات المادة في شبكة ثلاثية الأبعاد وعند إضافة مادة صلبة في سائل وتقليبها. تذوب المادة الصلبة في السائل وعند إضافة المزيد والمزيد من المادة الصلبة في السائل. عند نقطة معينة لا تذوب وتسمى هذه النقطة بالتشبع ويطلق على المحلول اسم «محلول مشبع».

يُسخن المحلول في وعاء مفتوح وتبدأ جزيئات المذيب في التبخر، تاركة وراءها المواد المذابة وعندما يبرد المحلول. تبدأ بلورات المذاب بالتراكم على سطح المحلول. يتم جمع البلورات وتجفيفها حسب متطلبات المنتج ويتم فصل المواد الصلبة الغير مذابة في السائل بعملية الترشيح ويعتمد حجم البلورات المتكونة خلال هذه العملية على معدل التبريد. تتشكل العديد من البلورات الصغيرة إذا تم تبريد المحلول بمعدل سريع وبلورات كبيرة إذا تم تبريده بمعدل بطيء.

تُعد البلورة الزمنية الحالة الشاذة والتي خرجت عن التوازن المعتاد، أي تلك المرحلة التي تكون فيها الطاقة أقل ما يمكن وتكون فيها الجزيئات في حالة ثبات متمتعة بحالة من الاستقرار لكن ما الفارق الجوهري، فعلينا معرفة البلورة العادية أولًا؛ لنمييز.

بلورات الفضاء (البلورات العادية)

مكعبات الملح والسكر ورقائق الثلج والماس والياقوت واللؤلؤ والأوبال كلها أمثلة على بلورات عادية. بالاضافة الى المئات من الأحجار الكريمة والصخور. قد تكون تلك البلورات جذابة لكن قيمتها الحقيقة لا يمكن ملاحظتها إلا تحت الميكروسكوب. إذ تتكون المواد الصلبة البلورية من هياكل معقدة هندسيًا من ذرات أو أيونات أو جزئيات. تلك التجمعات المرتبة منهم تتكون من هياكل مجهرية تسمى التشابك البلوري. تتكرر تلك الهياكل وتمتد في جميع الاتجاهات وتبقى ثابتة بمرور الوقت وبالتالي تظل في حالة اتزان.

خلية الوحدة

نحصل على التركيب البلوري عن طريق ربط الذرات أو الجزئيّات وهذه البنية موجودة في الطبيعة وتعرف المجموعة الصغيرة المكونة للهيكل الذري باسم خلية الوحدة للهيكل. خلية الوحدة هي البنية الأساسية للهيكل البلوري وهي تشرح أيضا بالتفصيل التركيب البلوري.

فخلية الوحدة هي أصغر جزء مكون للبلورة، تتكون خلايا الوحدة في مساحة ثلاثية الأبعاد وهنا يكمن الفرق بين البلورة العادية والزمنية، فالبلورة العادية تنشأ في فضاء ثلاثي الأبعاد عكس البلورة الزمنية، التي تنشأ في فضاء رباعي، معتمدين على البعد الرابع ألا وهو الزمن.

تستخرج البلورات الطبيعية من الأرض. إذ تتسبب درجة حرارة الأرض وضغطها في تكونها، كذلك يمكن إنشاء العديد من البلورات في المختبرات لكن تحت ظروف معينة.

البلورات الزمنية

هي حالة جديدة من حالات المادة، لكن مختلفة تمامًا عن سابقيها الذين تميزوا بالتوازن الحراري. أي استقرار الذرات المكونة لهم بأقل طاقة تسمح بها درجة الحرارة المحيطة. إضافة إلى الخصائص الثابتة التي لا تتغير بمرور الوقت.

البلورات الزمنية هي شكل مختلف، إذ تتحرك الجسيمات حركة لا نهائية ولا تفقد أي قدر من الطاقة لكن كيف تتكون؟

كيف تتكون البلورة الزمنية؟

علينا معرفة أنه كلما اكتسبت الذرات أو الجزيئات قدرًا أكبر من الطاقة كلما كانت حركتها حرة. فمثلا في الحالة الصلبة تكون الطاقة قليلة. فنجد المادة متماسكة أما في الحالة الغازية تكون الطاقة أكبر ما يمكن فتكون جزيئات المادة في أعلى درجات الحرية. في المادة السائلة تكون الطاقة متوسطة أو أقل من طاقة الحالة الغازية فنجد نوعًا من التماسك كمثال الماء.

يوضح الفيزيائيون أنهم بنوا هذه المرحلة الجديدة من المادة داخل الحاسوب الكمومي.

البلورة الزمنية تكسر قاعدة الاستقرار، فهي مرحلة جديدة من مراحل المادة، فالماء والجليد مثلًا في حالة توازن حراري.

التماثل

تنطبق القوانين الفيزيائية المعروفة بشكل متناسق على جميع الأشياء في المكان والزمان. بالرغم من ذلك، هناك أنظمة معينة تنتهك هذا التناظر أو التماثل.

والمقصود بالتماثل في الفيزياء أن خصائص الجسيمات مثل الذرات والجزيئات تظل دون تغيير بعد تعرضها لمجموعة متنوعة من العمليات. قدم التماثل نظرة ثاقبة حول قوانين الفيزياء وطبيعة الكون ويتضمن إنجازان مميزان للقرن العشرين وهم النسبية وميكانيكا الكم.

استنتاج هام

تطبيق التماثل أدى لاستنتاج مهم وهو أن بعض القوانين الفيزيائية التي تحكم سلوك الأشياء والجسيمات لا تتأثر عند تغيير إحداثياتها الهندسية. بما في ذلك الزمن باعتباره بعدًا رابعًا وتظل القوانين الفيزيائية صالحة في جميع الأماكن والأزمنة في الكون.

فما يميز هنا البلورات الزمنية أننا حينما ننظر في أي وقت إليها؛ سنرى الشكل متماثل ويرجع ذلك إلى الدوران الأبدي للبلورة.

تخرق البلورات الزمنية بعض قوانين الفيزياء مثل:

قانون نيوتن الأول للحركة

قانون إسحاق نيوتن الأول والذي ينص على أنه إذا كان هناك جسم في حالة سكون أو يتحرك بسرعة ثابتة في خط مستقيم. فإنه سيبقى في حالة السكون أو الحركة ما لم تؤثر عليه قوة. في النهاية سيتوقف الجسم المتحرك بفعل قوة ما مثل الاحتكاك، لكن البلورة الزمنية تتحرك حركة أبدية وتخل بذلك القانون.

القانون الثاني للديناميكا الحرارية

تخرق البلورات الزمنية القانون الثاني للديناميكا الحرارية

يهتم القانون الثاني بالاتجاه الطبيعي أو التلقائي الذي يسعى للحفاظ على الإنتروبي.

الإنتروبي هو مقياس للفوضى أو العشوائية. فمثلًا انتقال الحرارة من الجسم الساخن إلى الجسم البارد عملية تلقائية وسنجد أنه كلما زادت حرية حركة الجزيئات زادت الإنتروبي.

عند زيادة (تسخين) الحرارة يزداد الإنتروبي وعند التبريد (خفض) تقل الإنتروبي.

الإنتروبي في الحالة الغازية أكبر من السائلة أكبر من الصلبة.

وذلك مخالف لما يحدث في البلورات الزمانية التي تتميز بحركة أبدية، لأن تلك طبيعتها ولا تحتاج إلى طاقة.

نتاج البلورات الزمنية

كشف العلماء أن البلورات الزمنية مشابهة المواد فائقة التوصيل كالزئبق والرصاص. وهي ظاهرة كمومية، إذ تقوم بعض المواد بتوصيل التيار الكهربائي دون أي فقد للطاقة وتستخدم المواد فائقة التوصيل في الحواسييب الكمومية.

حيث تتكون الحواسيب الكمومية من كيوبتات وهي جسيمات كمومية يمكن التحكم فيها وهي وحدة بناء الحاسوب. تتكون كيوبتات جوجل من شرائط الألومنيوم فائقة التوصيل والتي ذكرنا أنها تخرق القانون الثاني للديناميكا الحرارية. استخدام البلورات الزمنية التي تتحرك حركة أبدية. يساعد في بناء وصيانة الحاسوب الكمومي وتقنيات كمومية أفضل والتي يمكن دمجها في حياتنا العملية. يُعتقد أن دراسة البلورات الزمنية والتعمق في فهمها سيؤدي انجازات علمية في الساعات الذرية الدقيقة والجيروسكوبات والمقاييس المغناطيسية، قد يسمح لنا هذا باستخدام أنظمة كمومية مستقرة في درجات حرارة تشغيل أعلى بكثير مما حققناه حاليًا.

المصادر

التاريخ الكبير: ما هي القوى التي تحكم الكون؟

كوننا محكوم بأربع قوى فيزيائية، فكل ما نراه في حياتنا من أحداث يمكن الحكم عليه من خلال التفاعل بين هذه القوة الأربعة، إذًا ما هي القوى التي تحكم الكون؟

1- «القوة الكهرومغناطيسية-Electromagnetic force»

القوة الكهرومغناطيسية هي القوة التي تسبب الترابط بين الجسيمات ذات الشحنة الموجبة، ونظيراتها ذات الشحنة السالبة، إذ أنها هي السبب في تجاذب الالكترونات والبروتونات، كما أن لكل قوة من بين هذه القوة الأربعة جسيمًا ليحملها، فعلى سبيل المثال لا الحصر، الجسيم الذي يحمل القوة الكهرومغناطيسية هو الفوتون، وهو جسيم يسير بسرعة الضوء إذ أنه منعدم الكتلة، لكنه مليء بالطاقة، فتقوم الالكترونات بتبادل الفوتونات بينها وبين البروتونات للحفاظ على ترابطهم في الذرة، يمكنك تصور الأمر على أنه مباراة كرة قدم، فالجزيئات هي اللاعبون، بينما التفاعل بينهم محكوم بحركة الكرة فيما بينهم.

2- «القوة النووية القوية-Strong nuclear force»

وهي القوة التي تسبب الترابط بين البروتونات وبعضها البعض داخل نواة الذرة، لتشكيل العناصر الثقيلة، إذ أن البروتونات ذات شحنة موجبة إلا أنها لا تزال متجاذبة ومتحدة في نواة الذرة، بسبب القوة النووية القوية، كما أنها أيضًا هي السبب في ترابط الكواركات داخل البروتونات، والجسيم الحامل لهذه القوة هو «الجلون-gluon»، فتقوم الكواركات بتبادل الجلونات فيما بينها، لتحافظ على ترابطها داخل البروتونات.

3- «القوة النووية الضعيفة-weak nuclear force»

تتسبب هذه القوة فيما يعرف بالتحلل الإشعاعي، مثل «إشعاع بيتا-Beta radiation»، وهذه القوة ليست ذات جسيم حامل واحد، ولكن ثلاثة جسيمات حاملة لها وهم W plus, W minus, Z boson، وهم يختلفون عن الفوتونات والجلونات في أمر الكتلة، فالفوتونات والجلونات منعدمة الكتلة، لكن هذه الجسيمات لها كتلة.

4- «الجاذبية-Gravity»

ما نتحدث عنه هنا هو ما يعرف ب «النموذج المعياري- Standard model»، وهو ما طوره الفيزيائيون في أوائل ستينيات القرن الماضي، ومن أشهر هؤلاء الفيزيائيون هو «فيلتمان-Veltman»، لكن نموذج فيلتمان حوى بعض الأخطاء القاتلة، إذ نصت نظريته بتنبؤات سخيفة، كما أن نموذج فيلتمان لا يكون صحيحًا إلا إذا كانت الجزيئات منعدمة الكتلة، لكنها إن كانت كذلك لطارت في الفراغ بسرعة الضوء، ولحل هذا الإشكال، صاغ «بيتر هيجز-Peter higgs» معادلاته، لوصف ما سُمّي بعد ذلك ب «حقل هيجز-higgs field»، إذ أخبر هيجز بأن كتلة الجسيمات لا تأتي من داخلها، وإنما هناك حقل غير مرئي، تتفاعل الجسيمات معه أثناء حركتها، فيُبطئ من حركتها، على سبيل المثال، إذا وجدنا جسيمًا ثقيلًا، فهذا يعني أنه يتفاعل بشدة مع حقل هيجز، وليس أن كتلة الجسيم نتيجة لتركز المادة بداخله.

إذًا فالأمر بسيط الآن، علينا فقط أن نجد جسيم هيجز، وعندها سيكون هذا دليلًا على وجود حقل هيجز، وقد حدث بالفعل، فقد وجد الفيزيائيون «بوزون هيجز-Higgs boson» عام 2012، وهذا هو ما يعطي الجسيمات كتلتها.

مما لا يشك فيه عاقل هو وجود الجاذبية وتأثيرها فيما حولنا، فهي التي تسببت بسقوط التفاحة، وهطول الأمطار، وترابط الأرض والقمر، ودوران الأرض حول الشمس، والكثير والكثير من الأشياء الأخرى، لكن الفيزيائيون لا يعرفون جسيمًا ليحمل هذه القوة، إذ أنها قوة كبيرة لتكون محمولة بجسيم واحد، ولكن مما لا شك فيه كذلك أنهم منهمكون في البحث عن هذا الجسيم بحثًا عن فهم أفضل عن ماهية القوى التي تحكم الكون.

من كورس ل Coursera مقدم من «جامعة أمستردام-Amsterdam university».

coursera

لقراءة سلسلة التاريخ الكبير ج2 من هنا

إجراء أول نقل عن بعد كمومي لمعلومات كمية

إجراء أول نقل عن بعد كمومي لمعلومات كمية!

حان الوقت للاحتفال بحدث رائع في مجال الفيزياء الكمية، حيث تمكن العلماء من إجراء أول نقل عن بعد كمومي لمعلومات كمية استناداً إلى ثلاث حالات. الأمر الذي فتح مجموعة هائلة من الاحتمالات الجديدة للحوسبة الكمية والاتصالات.

وحتى الآن، لم يكن التنقل الكمي عن بُعد ممكنا إلا باستخدام البِت الكمومي quibits وإن كان على مدى مسافات طويلة. وتشير دراسة جديدة إلى أن الشبكات الكمية المستقبلية ستكون قادرة على حمل بيانات أكثر بكثير وبتدخل أقل مما اعتقدنا.

إذا كنت تسمع بفكرة الكيوريت quirit لأول مرة دعنا نتخد خطوة إلى الوراء: الأمر ببساطة أن وحدات البيانات الصغيرة التي نعرفها في الحوسبة التقليدية (بيتات-Bits) قد تكون في إحدى الحالتين: صفر (0) أو واحد (1). ولكن في الحساب الكمي تختلف المعادلة لأن الوحدة المستخدمة هي الكيوبيت quibit والذي يمكن أن يكون صفر (0) وواحد(1) في نفس الوقت، وتسمى هذه الظاهرة بالتراكب الكمومي superposition.
أما الكيوتريت qutrit فلها نفس العلاقة مع التريت trit، أي نضيف احتمالات متراكبة للوحدات الكلاسيكية التي يمكن تمثيلها على أنها صفر (0)، واحد (1) أو اثنان (2). ويمكن أن تكون الكوتريت جميع الاحتمالات في الوقت نفسه، مما يجعل من هذا قفزة نوعية من حيث قدرة المعالجة الحاسوبية أو كمية المعلومات التي يمكن إرسالها في آن واحد.

كما أنه يضيف مستوى من التعقيد للباحثين في مجال الكمبيوتر الكمي.

الآن بما أننا لدينا فكرة عن الكيوتريت، ما هو الانتقال الكمي Quantum teleportation؟

الانتقال الكمي هو الحصول على معلومات كمية من مكان إلى آخر، من خلال ظاهرة تعرف باسم التشابك الكمي quantum entanglement، أو كما سماها ألبرت أينشتاين “تأثير شبحي عن بعد-spooky action at distance”، وهو المكان الذي تترابط فيه جزيئتان كميتان (أو مجموعات من الجسيمات)، بحيث تكشف إحداهما عن خصائص الأخرى مهما كانت متباعدة من الناحية الفيزيائية.

إنه ليس انتقالاً فورياً كما يعرضه الخيال العلمي، بل هو انتقال للبيانات من مكان ما بالاعتماد على نفس البيانات من مكان آخر وذلك عبر مسافة كبيرة. ويمكن إرسال هذه المعلومات الكمية عبر فوتونات الضوء، وأحد الاستخدامات التي قد نراها في المستقبل هو إنشاء شبكات إنترنت غير قابلة للاختراق حيث ستحميها قوانين الفيزياء الأساسية.

وبتقسيم مسار الفوتون إلى ثلاثة أجزاء قريبة جدا من بعضها البعض عن طريق وضع معاير بدقة لأشعة الليزر، وباستخدام مقسم الأشعة وبلورات بورات الباريوم؛ تمكن الباحثون من إنشاء الكيوتريت وإنتاج حالة من التشابك الكمي.

وبعد قياس 12 حالة من التشابك الكمي، أنتج النظام نتيجة تقدر ب 0.75، وهي نتيجة دقيقة ثلاثة أرباع الوقت. وبينما يبقى الإعداد بطيئاً وغير فعّال، فإنه يكفي لإظهار إمكانية انتقال (كيوتريت) عن بعد كما يقول الباحثون.

يقول دانيال ڠاريستو Daniel Garisto في مجلة Scientific American:

“يبدو أن العلماء تم ضربهم بفريق منفصل!”

حيث سجلت المجموعة الثانية من العلماء انتقال (كيويرت) عبر 10 حالات فقط لكن لم يتم قبول بحثهم بعد.

وأياً كانت مجموعة العلماء التي تستطيع أن تدعي حقاً أنها وصلت إلى هذا المستوى الجديد من الانتقال أولاً، فإنها تعد لحظة مهمة في ميدان الاتصالات الكمية، حتى ولو كان استخدامها العملي محدوداً في الوقت الحالي.

ويقول الفريق أيضا أنه ينبغي عليهم أن يكونوا قادرين على تحسين نظامهم في المستقبل، ربما إلى المستويات العالية للكيوكوارتس ququarts ( الكيوكوارتس: كيوريتس qurits مع بيت bit إضافي)

كتب الفريق في ورقتهم البحثية:

“يجمع عملنا بين الأساليب السابقة لنقل جسيمات مركبة تحتمل حالتين ودرجات متعددة محررة،كما يوفر عملنا مجموعة كاملة من الأدوات لنقل الجسيمات الكمية سليمة”

“ونتوقع أن تمهد نتائجنا الطريق لتطبيقات التكنولوجيا الكمية في الأبعاد العالية، لأن النقل عن بُعد يؤدي دوراً محورياً في معيدات الكم والشبكات الكمية”

المصدر:

Sience Alert

 

لا تنس تقيم المقال (:

Exit mobile version