ماهو علم التصنيف، وكيف تأسس؟

ماهو علم التصنيف، وكيف تأسس؟ عندما ننظر إلى كوكبنا من الفضاء الخارجي، لا نر أي دلائل لتنوع الحياة عليها، كما يسود الإعتقاد بأن الحياة الأولى على سطح الأرض كانت على شكل كائنات دقيقة عمرت لبلايين السنوات قبل الحيوانات والنباتات الحديثة نسبيا، والتي ظهرت قبل حوالي 130- 200 سنة.

في مواجهة هذا التنوع الهائل في أشكال الحياة على الكوكب، كيف يمكننا تنظيم هذه الأنواع المختلفة من أجل فهم الحياة بشكل أفضل؟

علم التصنيف:

هو علم يختص بتصنيف الكائنات الحية، وتأسيس نظام تصنيف مشترك دوليا، اذ يركز على وضع الكائنات الحية في مجموعات من الأكثر الى الأقل شمولا، فكر في طريقة تصنيف متجر بقالة، مساحة كبيرة مقسمة إلى أقسام عديدة، (الألبان واللحوم، الفواكه) .. ينقسم كل واحد منهم إلى أقسام أصغر، إلى أن نصل في النهاية إلى منتج واحد، يسمى هذا النظام في علم التصنيف، بالنظام الهرمي

تاريخ علم التصنيف

كان أول مؤسس لعلم التصنيف هو الفيلسوف اليوناني أرسطو، الذي إخترع علم المنطق، حيث كان علم التصنيف جزءا منه لمدة 2000 عام كان لليونانيين على إتصال دائم بالطبيعة والحياة البرية،وعلى ما يبدو فإن أرسطو قد تعمق في دراسة الطبيعة وكان قد وصف في كتاباته عددا كبيرا من المجموعات الطبيعية، وبالرغم من أنه قام بتصنيفهم من البسيط إلى المعقد إلا أن ترتيبه لم يكن تطوريًا.

كارلوس لينيوس، عالم النبات السويدي، الذي أعتُبر مؤسس علم التصنيف الحديث، واعتبرت كتبه بداية لعلم الحيوان والنبات. كان يستمد مفهومه للتصنيف من فكرة أرسطو ومنطقه، وكان أقل دقة منه، اذ قسم الحيوانات إلى : ثدييات، طيور، زواحف، أسماك حشرات، ديدان، المجموعات التي عرفها لينيوس هي مجموعات معروفة ومعترف بها، تضم المجموعتان الأخيرتان حوالي سبع مجموعات من مجموعات أرسطو.

لينيوس

تطور علم التصنيف

لطالما كانت النباتات الوحيدة المعروفة هي تلك التي تنمو في الأنحاء، وجميع الحيوانات المعروفة هي التي تتحرك وتتناول الطعام، كانت المجموعات الأكبر من الكائنات الحية واضحة حتى في وقت لينيوس. ومع ذلك فإن العديد من علماء الأحياء تساءلوا عن ما إذا كانت الشعب المرجانية، والاسفنج، كائنات وسيطة بين المملكة الحيوانية والمملكة النباتية.

نشأت مشكلة التصنيف مع اختراع المجهر واكتشاف أشكال الحياة الدقيقة، أصبح جليا أن العديد من هذه الكائنات الحية المجهرية لها خصائص حيوانية ونباتية لايمكن تصنيفها ، على سبيل المثال «الأوغلينا-euglina»، كائن أحادي الخلية يتميز بامتلاكه لليخضور الخاص بالنباتات، مع ميزات حيوانية كوجود بقعة العين والحركة عن طريق السوط، رأى بعض العلماء أن يضعوا الأشكال أحادية الخلية من الكائنات الدقيقة في مملكة منفصلة في منتصف القرن العشرين،. عرف علماء الأحياء على نوعين مختلفين تماما من الخلايا، بدائيات النواة وحقيقيات النواة، واستندوا في هذا التقسيم على وجود النواة وبعض العضيات الأخرى داخل الخلية.

أما تصنيف الفيروسات فقد ن أصعب بكثير، هم معروفون فقط باسم الطفيليات، تكهن بعض علماء الأحياء أن الفيروسات جينات خرجت عن السيطرة وأصبحت طفيلية، بينما نفى آخرون أن الفيروسات يمكن اعتبارها حية أصلا، الفيروسات والبكتيريا في غياب الغشاء النووي الذي يحيط بالمادة الوراثية، فيفترض التطوريون أن بدائيات النواة أكثر بدائية مقارنة بالخلايا المعقدة مما يجعل الفيروسات من أبسط الكائنات الحية، وبكن من غير المعلوم مدى اختلافها عن أسلافها التي يفترض أنها لم تكن طفيلية ولا علاقة لها بالبكتيريا المعروفة.

توضح الاعتبارات السابقة الصعوبات الكامنة في إنتاج تصنيف مقبول، لم يكن تصنيف المملكتين للكائنات خيارا جيدا منذ اكتشاف مجموعات دقيقة من الكائنات الحية. طورات الحديثة في التقنيات الكيميائية الحيوية والمجهرية أعادت صياغة للعلاقات التصنيفية المحددة سابقا، ودعمت تصنيف الممالك الخمسة.

المصادر:

coursera
britannica

كيف تتواصل النباتات فيما بينها؟

كيف تتواصل النباتات فيما بينها؟ يقال منذ فترة طويلة أن الحديث مع النباتات يمكن أن يساعدها في النمو بشكل أفضل، يبدو ذلك أمرا سخيفا، لكن لا يمكن أن تكون فكرة استجابة النباتات لبني جنسها سخيفة على الإطلاق.

نداء الاستغاثة:

تلك الرائحة الحلوة التي تنبثق عن الأعشاب والزهور المقطوعة حديثا، هي الطريقة التي تنتهجها النباتات لطلب النجدة، حيث تقوم بجذب الحشرات التي ستلتهم الآفات التي تتغذى حاليا على النبتة، على سبيل المثال، يمكن لنبتة “التبغ البري” التعرف على “اليرقة” فتقوم بإصدار إشارة كيميائية من أجل جذب مفترسات “اليرقة” مثل “الحشرة ذات العيون الكبيرة”

دعم بعضها البعض:

يمكن أن تشعر النباتات عندما تنمو النباتات الأخرى في محيطها، حيث تقوم بمنافستها على الضوء والتربة، كما يمكنها التعرف على أقاربها وتسعى لدعمهم عن طريق إفراز مواد كيميائية في التربة تدفعهم لنمو أسرع تجنبا لتركهم في الظل، عندما تتعرض شجرة للهجوم فإنها تطلق بعض المواد الكيميائية من أجل تحذيرالأشجارالمجاورة لها من الخطر، فمن خلال التحذير المبكر تكون الأشجار الأخرى قادرة على الدفاع عن نفسها تلك، الرسائل التحذيرية قد تدفع هذه الأشجار لتغيير الكيمياء الحيوية، مثلا عن طريق زيادة مستوى السموم والمواد الطاردة في الحشرات، كما يمكنها تمرير الموارد مثل النيتروجين والفوسفور إلى جيرانها قبل أن تموت، مما يعطي الأشجار السليمة التواصل مع الثديات.

التواصل مع الحيوانات:

يمتلك “نبات الإبريق اللاحم” شكلا مقعرا يعمل كعاكس فعال للموجات فوق الصوتية التي تستعملها “الخفافيش” في التنقل من أجل جذب انتباهها لتعيش عليها مقابل استفادة النبتة غذائيا من فضلات الخفاش

نبات الإبريق اللاحم

استقبال إشارات التحذير:

يمكن للنباتات التقاط الإشارات الكيميائية الصادرة من النباتات الأخرى، وأحيانا تستجيب لنداء الاستغاثة عن طريق تكثيف دفاعاتها، عند إصابة “دودة القرنفل”، تطلق فراشة الميرمية” بروتينات دفاعية تمنع الحشرة من هضم البروتين

تتنافس:

تتنافس النباتات مع بعضها البعض من أجل الحصول على ضوء الشمس، كما تتنافس على الأرض، على سبيل المثال، نبات عشبة “الناب الغازي”، له جذور تطلق مواد كيميائية لمساعدتها في امتصاص العناصر الغذائية من التربة كما تقتل النباتات المنافسة، وبالرغم من ذلك قامت بعض النباتات بتشكيل دفاعات ضدها، تفرز جذور نبات الترمس “حمض الأكساليك” الذي يحميها من المواد الكيميائية السامة الصادرة من “عشبة الناب”، كما يساعد النباتات المجاورة في النجاة من افتراس الأنواع الغازية.

كيف يمكن أن يحافظ هذا على صحة الغابات؟

تعتمد الأشجار طريقة في التواصل واكتساب المعرفة كما نعتمد نحن البشر على الإنترنت، الغابة الصحية هي الغابة المتصلة ب “انترنت الأشجار” وبها الكثير من الأشجار الأم التي تساعد في تعافي الغابة من التغيرات العشوائية

يمكن الاستفادة من المعلومات المعروفة حول شبكة الخشب لمساعدة قاطعي الأشجار في انتهاج سلوك أفضل أثناء حصاد الأشجار عن طريق تجنب الأشجار الأم والسماح للأشجار المحتضرة إطلاق مغذياتها قبل إزالتها.

المزيد: كيف تتحكم الطفيليات في أدمغة ضحاياها؟

المصادر(كيف تتواصل النباتات مع بعضها البعض؟):

THE GUARDIAN

MENTALFLOSS

LETSTALKSCIENCE

كيف تتحكم الطفيليات في أدمغة ضحاياها؟

أي نوع من الطفيليات يملك المقدرة على التحكم في كائن يبلغ أضعاف حجمه؟

الإجابة: جميعهم

كيف تتحكم الطفيليات في أدمغة ضحاياها؟

كائنات مجهرية تعيش داخل كائن حي يسمى “مضيف” أو “عائل” مسببة له أضرارا قد تؤدي إلى الموت. تعتمد الطفيليات في حياتها على الانتقال من كائن إلى آخر، وتحقق ذلك عن طريق التلاعب بسلوك مضيفيها، أحيانا عبر التحكم المباشر بالدماغ. توفر هذه التفاعلات أدوات فريدة يمكن من خلالها تحديد كيفية تنظيم وتعديل الأعصاب لسلوكيات معينة تتلاعب بعض الفطريات والديدان بسلوك الكائنات المضيفة بأشكال مثيرة للدهشة، فيمكنها أن تجعل المضيف يقدم على سلوك انتحاري، كما يمكنها أن ترغمه على الاعتناء بنسلها.

إليك بعض الطفيليات التي تتحكم في سلوك مضيفها من أجل البقاء:

الدودة الشريطية

الصرصور هو أحد مضيفي الدودة الشريطية، أما الدودة الشريطية فتحتاج أن تكمل دورة حياتها في الماء حيث يكنها أن تتكاثر، ولأن الصرصور لا يفضل البيئة الرطبة، فبمجرد أن تصبح الدودة قادرة على التكاثر فإنها تنتج بروتينا يعمل على تشويش آلية حركة الصرصور، فيبدأ بالحركة بعشوائية مقتربا من الماء، لينتهي به المطاف غريقا، فينتقل الطفيلي الى الماء حيث يكمل دورة حياته.

دودة طفيلية تخرج من صرصور غريق

داء الكلب:

مسببه فيروس مراوغ، غالبا ما يمتلك القدرة على الإفلات من الجهاز المناعي، فبمجرد دخوله الى الجسم يستولي على المجتمعات الخلوية جاعلا منها مصنعا للفيروسات، ومع ازدياد عدد المهاجمين، تتجه الفيروسات عبر الأعصاب نحو المركز العصبي (الدماغ)، حيث يتسبب في التهاب قاتل، وقبل موت المضيف تزداد عصبيته ويزيد لديه إنتاج اللعاب الناقل للعدوى، وهذا يجعل عملية البلع صعبة لديه مما يزيد من احتمال عضه لحيوان آخر.

كلب يشتبه في إصابته بداء الكلب حيث تظهر عليه العدوانية

طفيلي النوم:

في القرى الأفريقية وفي براري الأمازون، حشرة صغيرة تجلب نوما قاتلا،«ذبابة التسي تسي- glossina» التي تتغذى على دم الإنسان عادة ما تحمل طفيليا يدعى «المثقبية- trypanosoma»، تبدأ طفيليات المثقبية دورة حياتها في أحشاء المضيفات اللافقارية، عندما تنضج، تعبر الحاجز الدموي الدماغي وتبدأ المرحلة الدماغية، تقوم المثقبيات بتغيير بنية ووظيفة الخلايا العصبية خاصة خلايا “تحت المهاد” فتتسبب في صداع وصعوبات واضطرابات في النوم لدى المضيف بسبب التغيير في إفراز هرمون «الميلاتونين- melatonin». ثم يبدأ بعد ذلك المضيف البشري في إظهار أعراض نفسية أخرى من تغير الشهية إلى الاكتئاب وأنماط الكلام الغريبة والرعشة، على مدى سنوات يتدرج سلوك المضيف إلى الكسل إلى أن ينام فيدخل في غيبوبة ويموت.

رقصة الموت:

يبدأ الطفيلي “euhaplorchis californiensis” دورة حياته الأولى في حلزون القرن، حيث ينتج يرقات تقوم بعد ذلك بالبحث عن مضيفها الثاني :«سمكة كيلي- killifish»، وبمجرد العثور عليها، يبدأ في السعي للوصول إلى مضيفه التالي، يطلق الطفيلي موادا كيميائية تتسبب في اهتزاز وقفز السمكة من أجل جذب انتباه الطيور المائية التي تتغذى على الأسماك والحشرات، يتكاثر الطفيلي داخل أمعاء الطائر ويطلق بيضه مرة أخرى في الماء عن طريق فضلات الطائر، ليأكلها حلزون القرن ويبدأ الدورة من جديد.

المصادر: (كيف تتحكم الطفيليات في أدمغة ضحاياها؟):

national geographic

NCBI

DISCOVER

إقرأ أيضا: كيف يساهم فقدان التنوع البيولوجي في إنتشار الأوبئة

كيف يساهم فقدان التنوع البيولوجي في انتشار الأوبئة؟

كيف يساهم فقدان التنوع البيولوجي في انتشار الأوبئة؟ يعتمد الناس على التنوع البيولوجي في حياتهم اليومية، فالصحة تعتمد دائما على منتجات وخدمات النظام البيئي (مثل توفر المياه العذبة، والغذاء ومصادر الطاقة… )، كل هذا ضروري لصحة الإنسان وعيشه، يمكن لفقدان التنوع البيولوجي أن يؤثر بشكل واضح على حياة الإنسان إذا لم تعد خدمات النظام البيئي كافية لتلبية الاحتياجات، بشكل غير مباشر، تؤثر التغييرات في خدمات النظام البيئي

التنوع البيولوجي وصحة الإنسان

هناك قلق متزايد فيما يتعلق بالعواقب الصحية لفقدان التنوع البيولوجي، ففقدان التنوع البيولوجي يعني فقدان الكثير من المواد الكيميائية والجينات في الطبيعة، والتي لها تأثير إيجابي على صحة الإنسان

تأثير فقدان التنوع البيولوجي على الأمراض

يضاعف الباحثون من المجهودات المبذولة في فهم العلاقات ببن التنوع البيولوجي وإنتشار الأمراض الوبائية، ويتم استخدام هذه المعلومات للتنبؤ بالأوبئة القادمة والتصدي لها.

تعمل الأنشطة البشرية على تخريب بنية ووظائف الأنظمة البيئية كما تغير من وفرة بعض الكائنات الحية وتسبب نموا سكانيا في البعض الآخر، تشمل العمليات البشرية التي تؤثر سلبا على صحة الإنسان: إزالة الغابات، التغيير في استخدام الأراضي، إدارة المياه كبناء السدود والري،. والتوسع الحضري غير المنضبط، والزحف العمراني ….الخ.

إزالة الغابات:

نظرا لأن البشر يقومون بتقليل التنوع البيولوجي عن طريق قطع الغابات وبناء المزيد من البنى التحتية، فهذا يزيد من خطر الإصابة بالأمراض الوبائية مثل (COVID-SARS)، إذا فقدت الحيوانات مواطنها الطبيعية ستنتقل إلى مناطق مأهولة بالبشر بحثا عن الغذاء، مما يؤدي إلى زيادة الاتصال بينها وبين البشر، وبالتالي انتقال الأمراض الوبائية، يؤدي تدمير المواطن الطبيعية إلى فقدان العديد من الأنواع البيولوجية المهمة في النظام البيئي، فينجم ذلك إلى هيمنة بعض الأنواع التنافسية على الوسط، لذلك فإن حماية الغذاء والتنوع البيولوجي أمر لا مفر منه للحفاظ على الحواجز الوقائية الطبيعية بين البشر الأصحاء والحيوانات المصابة بالأمراض، وبالتالي ينخفض خطر انتقال العدوى. .

ففي عام 1997 علقت سحابة من الدخان فوق الغابات في إندونيسيا حيث تم حرق منطقة بحجم ولاية بنسلفانيا تقريبا، وهذا من أجل إفساح المجال للزراعة، أما الأشجار العالقة في الضباب فلم تتمكن من إنتاج الفاكهة، تاركة خفافيش الفاكهة المقيمة تبحث عن الطعام في مكان آخر، حاملة معها مرضا مميتًا.

بعد فترة من استقرار الخفافيش على الأشجار في بساتين ماليزيا، بدأت الخنازير من حولها تمرض، وغالبا كان ذلك بسبب تناول الفاكهة الواقعة التي بها آثار قضم الخفافيش، وبنفس الطريقة أصيب 265 شخصا بالتهاب حاد في الدماغ، وتوفي 105 آخرون، وكان هذا أول ظهور معروف لفيروس نيباه في البشر، والذي أدى منذ ذلك الحين إلى حدوث سلسلة من الأوبئة المتكررة في جنوب شرق آسيا.

أظهرت بعض الأبحاث أن تفشي أمراض مثل المتلازمة التنفسية الحادة (سارس) وإنفلونزا الطيور التي تنتقل من الحيوانات إلى البشر قد ازداد في العقود القليلة الماضية، من المحتمل أن تكون هذه الظاهرة نتيجة مباشرة لزيادة الاتصال بين البشر والحياة البرية والماشية.

انتشار تجارة الحياة البرية:

يؤدي الطلب العالمي للحياة البرية إلى الدخول إلى الغابات لجمع الحيوانات غرض بيعها في أسواق المدن والأرياف.

جائحة COVID-SARS هو الثمن الذي يدفعه العالم من أسواق الحياة البرية، تعتبر الحيوانات البرية مصدرا غنيا بالبروتين ومع ذلك فإن التجارة والاستهلاك على نطاق واسع لا يتم إدارتهما بشكل جيد.

تضمن الحياة البرية اتصالا بين الصيادين والتجار والمستهلكين وجميع المشاركين في هذه التجارة، بالإضافة إلى ظروف العبور وغياب الفحص الصحي عند الاستيراد والتخزين مما يؤدي إلى تفشي الأمراض، فمن حيث النظافة فإن الصيد الجائر يعتبر مشكلة خاصة

استعمال الأراضي:

أدى استخدام الأراضي الزراعية وتغيير استخدام الأراضي وخاصة التكثيف الزراعي وتحويل الغابات والأراضي الرطبة والمراعي، إلى زيادات كبيرة في إنتاج الأغذية والأعشاب وغير ذلك، وعلى الرغم من المنافع الاقتصادية لهذا النشاط فقد نتج عنه تأثير سلبي في ما يتعلق بانبعاثات الهواء الملوثة، وفقدان التنوع البيولوجي وتدهور جودة الهواء والماء وانخفاض إمدادات المياه العذبة .

يرى علماء البيولوجيا أن الطريقة الأكثر فعالية لمنع فقدان التنوع البيولوجي المستمر: هي حماية الأنواع المتبقية من الصيد الجائر والحفاظ على أوطانهم حيث لا بد من اتحاد الحكومات والمنظمات غير الحكومة والمجتمع العلمي والعمل معا لخلق حوافز للحفاظ على الوسط والأنواع التي يحتويها، مع الحرص على خدمة التنمية المستدامة وتقييد الأنشطة التي تضر بها وبالبيئة.

المصادر:

who

nature

nationalgeographic

britannica

المزيد:

الجمرة الخبيثة، سلاح بيولوجي بدأ بالحيوان

الجمرة الخبيثة، سلاح بيولوجي بدأ بالحيوان

الجمرة الخبيثة، سلاح بيولوجي بدأ بالحيوان

الإرهاب البيولوجي هو استخدام متعمد للسلالات المسببة للأمراض من الميكروبات من أجل نشر الأمراض المميتة على نطاق واسع قصد استهداف منطقة ما.

استخدم الإنسان السموم منذ القدم في عمليات الإغتيال، حيث تم إستخدام طرق بدائية جدا مثل المواد البرازية وجثث الحيوانات لإستعمالها في تلويث منابع المياه.

إضافة إلى أن تأسيس علم الأحياء الدقيقة من قبل لويس باستور وروبرت كوخ قدم آفاقا جديدة للمهتمين بالأسلحة البيولوجية لأنه سمح باختيار العوامل وتصميمها على أساس عقلاني

العوامل المستخدمة

تصنف العوامل المستخدمة كأسلحة بيولوجية في 3 فئات:

الفئة أ

العوامل ذات الأولوية العالية، وتشمل الكائنات الحية التي تشكل خطرا على الأمن القومي لأنها تنتشر بسهولة ولها تأثير كبير على ، الصحة العامة، وتؤدي إلى معدل وفايات عالية ، وتشمل الجمرة الخبيثة anthrax والجدري smallpox…

الفئة ب:

ثاني أعلى عوامل من حيث الأولوية، تشمل مايمكن نشره بإعتدال ونتائجها أكثر إعتدالا وتتطلب تحسينات معينة لفترة، مثل “السالمونيلا – salmonella” و”الإشريكية القولونية – e-coli”.

الفئة ج:

تشمل مسببات الأمراض الناشئة التي يمكن هندستها للنشر على نطاق واسع في المستقبل بسبب وفرتها وسهولة إنتاجها ونشرها، مثل “فيروس هانتا -orthohantavirus”..

طريقة الهجوم:

تعتمد طريقة الهجوم على نوع السلاح المستخدم، فمن أجل زيادة الضحايا يمكن نشره عبر الهواء في مناطق مغلقة وغرف محصورة كالمتاجر وقاعات السينيما، وكذلك يمكن تلويث الطعام ومصادر المياه

الجمرة الخبيثة:

الجمرة الخبيثة هي مرض خطير ومعد يصيب الحيوانات بسبب “عصيات الجمرة الخبيثة -bacillus anthracis “، على الرغم من أن الجمرة الخبيثة تؤثر كثيرا على حيوانات الرعي إلا أن العدوى يمكن أن تنتقل للإنسان عن طريق تناول اللحوم أو التعامل مع الصوف ،والجلد والعظام، وجثث الحيوانات المصابة.

تظهر الجمرة الخبيثة في البشر على شكل عدوى جلدية، أو رئوية، أو معوية، والأكثر إنتشارا هي الجمرة الخبيثة الجلدية، تظهر على الجلد على شكل بثور صغيرة تتطور لتصبح حويصلات كبيرة بها مركز نخر أسود، في أكثر من 90% من الحالات تبقى العصيات داخل قرح الجلد، وقد تقل إلى إلى أقرب عقدة لمفاوية ، ونادرا ما تغزو العصيات مجرى الدم مسببة تسمم الدم ونزيفا داخليا وأحيانا إلتهاب السحايا، ينتقل الشكل الرئوي للجمر الخبيثة عن طريق استنشاقها مسببا الموت جراء إلتهاب رئوي حاد، كما يسبب الشكل المعوي إلتهابا معويا وإسهالا شديدين.

يشار إلى أن العالم والطبيب الألماني “روبرت كوخ”، كان أول من تعرف إلى البكتيريا المسببة للمرض، عام 1875 بينما استطاع العالم لويس باستور سنة 1881 أن يعطور لقاحاً مضاداً لتلك البكتيريا، اختبره على مجموعة من المواشي بعد أن حقنها بالبكتيريا المسببة للجمرة الخبيثة، واستطاعت العيش، ومن بعدها اختبره على العديد من الأمراض البكتيرية الأخرى، لكن المثير للأمر الاعتقاد بأن مرض الجمرة الخبيثة ليس وليد تلك الفترة، بل عرف في الحضارات القديمة بأسماء مختلفة بين المواشي، ومربيها، ومخالطيها.

الجمرة الخبيثة كسلاح بيولوجي:

تملك البكتيريا المسببة للجمرة الخبيثة مميزات تجعلها مناسبة تماما لاستخدامها كسلاح بيولوجي، فهي متوافرة بكثرة كما أنها صغيرة بما يكفي لتستقر بسهولة في رئة المضيف كما تملك فترة حضانة قصيرة، ولا تتطلب كمية صغيرة لإحداث ضرر كبير. يمكن إنتاج كمية كبيرة من هذا السلاح البيولوجي بتكلفة رخيصة، إلا أن الضرر الذي يحدثه يقارب ضرر سلاح نووي وربما يتجاوزه. يمكن تحويل الجمرة الخبيثة إلى مسحوق أو ساهل مما يسمح إستخدامها في العديد من أنواع الأسلحة ( كالصواريخ القاذفات والمدفعيات …).

استخدمت عدة دول الجمرة الخبيثة كسلاح بيولوجي فقد طور الإتحاد السوفييتي السابق أكبر برنامجا للأسلحة البيولوجية في العالم، والذي أستمر ل20 عاما بعد تاريخ توقيعه لاتفاقية حظر تطوير وتخزين الأسلحة البيولوجية عام 1972 ,كما يعتقد أن مالا يقل عن 44 دولة لديها برامج أسلحة بيولوجية.

المصادر: ( الجمرة الخبيثة، سلاح بيولوجي بدأ بالحيوان )

BRITANNICA

NCBI

المزيد:

لماذا تستمر الميكروبات في خلق الجائحات؟

لماذا تستمر الميكروبات في خلق الجائحات؟

لماذا تستمر الميكروبات في خلق الجائحات؟

رغم تحقيق نجاحات في احتواء وحصار الأمراض المعدية في القرن العشرين، إلا أن الأوبئة الجديدة تستمر في الظهور والتفشي، مما دفع بعض العلماء لمحاولة تحليل أسباب ظهورها وتحديد الإجراءات المطلوبة للتصدي لها.

التكيف والتغير الميكروبي:

الميكروبات والفيروسات ليست دائما سيئة ولا تنحصر علاقتنا بها على العداء، يحمل البشر الأصحاء عددا أكبر من الخلايا الميكروبية في أجسادهم، كما أنها تعيش في كل مكان في البيئة تقريبًا ، معظم الميكروبات التي تعيش لدى البشر لا تسبب لهم الأذية، ورغم أنها تبدو عديمة القيمة، إلا أنها مهمة جدا في النظام البيئي البشري.

من الواضح أن بعض الميكروبات ممرضة لنا،. وهذا التفاعل بين يتم تحديده من خلال البيئة والعوامل الوراثية والفيزيائية والبيئية بينها وبين المضيف.

في أواخر القرن ال19 عندما تم تأسيس نظرية الجراثيم، في ظل إقتناع العلماء بأن الأمراض ناتجة عن خلايا ميكروبية ثابتة أحادية الشكل، حينها رفضوا التغيرات التي ظهرت على الميكروبات في أطباق المستعمرات الميكروبية بإعتبارها مجرد ملوثات مصدرها الجو، أما الآن أصبح أصبحت تلك التغيرات بديهية فقد أصبح من المعلوم أن الميكروبات تملك إمكانات تطورية هائلة، بحيث تخضع بإستمرار لتحولات جينية تسمح لها بتجاوز الجهاز المناعي البشري. طورت العديد من الميكروبات آلية تسمح بتبادل ودمج مادة وراثية جديدة بمورثاتها، فأصبح النقل الأفقي للحمض النووي (RNA, DNA) مع التقدم التكنلوجي أمرا رائجا، وقد يكون مسؤؤلا عن ظهور العديد من الأمراض الوبائية الجديدة، وهذا يشمل الجينات المسؤولة عن الإمراضية، أو الجينات التي توفر التكيف مع المضيف أو البيئة.

تتميز فيروسات الحمض النووي الريبي RNA بالتحول بمعدلات عالية جدا، مما يسمح لها بالتكيف مع البيئة الخارجية بما في ذلك الأدوية، ولأن الميكروبات تتكاثر بسرعة (بمعدل مرة كل 10 دقائق) حتى الطفرات النادرة تتراكم بسرعة، إضافة إلى أن الميكروبات تستطيع الإحساس بالتغير في البيئة المحيطة ثم التكيف معه.

تمتلك الميكروبات إستراتيجيات وآليات متنوعة وكثيرة للبقاء على قيد الحياة، تستخدم بعض الميكروبات مستقبلات الخلايا المضيفة من أجل الدخول إليها، كما تقوم غيرها بإستغلال البروتينات الخاصة بالخلية لتلبية إحتياجاتها، وتقوم الأخرى بتغيير محددات المستضد بأخرى جديدة، أو تثبيط المناعة، أو الإختباء داخل الخلايا، كما تلجأ بعض الميكروبات إلى التنكر بإستخدام محددات الذات الخاصة بالجسم المضيف لكي لا يتم التعرف عليها من طرف الخلايا المناعية ولا يتم مهاجمتها.

وللأسف فإن الإمكانات التي تملكها الميكروبات تمكنها من تطوير مقاومة ضد اللقاحات العلاجية والأدوية المضادة، بحيث تمنع العلاج من تثبيط العامل الممرض، فعلى سبيل المثال فإن التغير السريع المنتظم في المحددات السطحية لفيروس نقص المناعة البشرية تقف حائلا دون تطوير لقاح فعال ضده.

تحمل الإنسان للعدوى:

تؤثر خصائص الجسم في قدرة الميكروب على إمراضه عن طريق تطوير حواجز ودفاعات فيزيائية وخلوية وجزيئية تحميه من الإصابة بالعدوى، فمثلا تعمل البكتيريا المعوية على إفؤاز مواد مضادة تمنع تمو البكتيريا الأخرى الممرضة، فعند استخدام المضادات الحيوية أو عند تقليل حموضة المعدة عن طريق الأدوية المختلفة تضعف هذه الآلية ويصبح الجسم عرضة للأمراض. يمكن أن يتعرض الجسم للعدوى من خلال حدوث خللأو ضعف في آلايات الدفاع الطبيعية نتيجة عوامل: ضعف المناعة، الوراثة وسوء التغذية.

مصادر:

ncbi
edx
edx

المزيد: كيف ساهمت التحولات التاريخية في ظهور أوبئة؟

كيف ساهمت التحولات التاريخية في ظهور الأوبئة؟

قد نتسائل عن أهمية البحث عن دوافع ظهور هذه الأمراض المعدية، الإجابة هي أنه عندما نريد فهم الحاضر وتوقع المستقبل فمن الضروري دائما دراسة الماضي. فكيف ساهمت التحولات التاريخية في ظهور الأوبئة:؟

قبل حوالي 1000 سنة، كان البشر يمارسون الصيد، وكانوا يعيشون ضمن مجموعات عائلية تضم 20-30 فردا. ورغم خطورة وصعوبة الحياة آنذاك إلا أن الأمراض المعدية لم تكن تشغل بالهم، لأن بقاء المرض يضمنه وجود عدد كبير من الناس للحفاظ على سلسلة إنتقال العدوى، وهذا ما لاتوفره الأحجام السكانية الصغيرة.

بعد تعلم البشر الزراعة والرعي واعتمادهم عليها في حياتهم اليومية، اختلف الوضع، مما أدى إلى تركز البشر في المستوطنات ثم في المدن، وبذلك تشكلت 3 عوامل ساهمت عن طريقها التحولات التاريخية في ظهور الأوبئة:

. أولا: أعداد البشر

تساهم الكثرة السكانية في الحفاظ على الوباء وضمان إنتقاله من إنسان إلى إنسان.

ثانيا: أعداد الماشية

كلما تزايد عدد الحيوانات المستأنسة كلما زادت فرصة الوباء في البقاء، فالتفاعل بين الحيوانات الأليفة البشر يقدم لمسببات الأمراض فرصة للإنتقال ببن الأنواع، وبالتالي تفشي الأوبئة البشرية، مثلا: الحصبة كانت ناتجة من الطاعون البقري قبل 7000 سنة، وكذلك الجدري، فقد نشأ من جدري الجمال قبل 4000 سنة، وبنفس الطريقة نشأت الكثير من الأوبئة الأخرى مثل: الانفلونزا، الفيروس العجلي، النكاف.

ثالثا:المستوطنات الزراعية

إن إعتماد تخزين الفائض من الحبوب في المستوطنات الزراعية البشرية أدى إلى إنتشار القوارض التي سهل إتصالها بالانسان إنتشار الأمراض

رابعا: تحولات الحضارة الانسانية

كانت رحلات البشر الطويلة بغرض الغزو والتجارة والإستعمار عاملا مهما في إنتقال الأمراض عبر مسافات طويلة، فقد أدت رحلة إكتشاف الأمريكيتين إلى إدخال إصابات وبائية جديدة في كلا الإتجاهين، ضمن نطاق ” التبادل الكولومبي” فقد تم نقل الجدري والحصبة إلى العالم الجديد، وقع بسبب ذلك سقوط حضارة الأزتك بعد إنخفاض عدد السكان من 15 مليون إلى 2 مليون، كما يعتقد أن مرض الزهري قد إنتقل بالإتجاه المعاكس نحو أوروبا، عن طريق مسافرين عائدين.

إستمرت عواقب الأوبئة بتدمير البلدان والحضارات وظل السبب مجهولا إلى غاية القرن 19 عندما قام “لويس باستور” بإكتشاف مسببات الأمراض وتقديم أدلة على نظرية الأمراض الميكروبية. وهذا ما ساهم وبقوة في تقديم العلاج المضاد للميكروبات، وتحسينات في الصرف الصحي والمياه النظيفة والسكن الجيد في القرن 20، وقد تم القضاء على بعض الأمراض المعدية كليا مثل الجدري، أما شلل الأطفال فهو على وشك القضاء عليه حاليا، ويتم الآن محاربة الحصبة في عدة قارات.

أدت كل تلك النجاحات إلى الإعتقاد بأنه قد تم السيطرة كليا على الأمراض المعدية، تحول تركيز البحث الطبي إلى الأمراض غير المعدية، ورغم ذلك ظهرت أمراض معدية مستحدثة مؤخرا كنقص المناعة البشرية والسارس.

المصدر:

edx: how epedemics of infectious disease arise frpm historic transitions

كيف واجه العالم مرض الجدري؟

كان الجدري من أكثر الأوبئة ترويعا ورعبا، مما أسفر عن مقتل مايقارب 30% من ضحاياه، معظمهم كانوا أطفالا، أما الناجون من الموت فقد صاروا محصنين من عدوى ثانية، لكنهم عانوا بقية حياتهم من التشوه، وفي بعض الحالات من العمى، وكان الجدري من أول الأوبئة التي تم السيطرة عليها بفضل اللقاح، في عام 1967 بدأت منظمة الصحة العالمية برنامجا عالميا للتطعيم ضد الجدري وفي عام 1980 تم الإعلان رسميا عن القضاء عليه. فكيف واجه العالم مرض الجدري؟

الأعراض:

  • ارتفاع درجة الحرارة
  • قشعريرة
  • صداع
  • ألم في الظهر
  • وجع في البطن
  • القيئ

تختفي هذه الأعراض في غضون يوم يومين أو ثلاثة أيام، ثم تبدأ أعراض طفح جلدي في الظهور ويكون المرض شديد العدوى في تلك الحالة بعد يومين من ظهور الطفح، يتطور إلى خراجات مملوءة بالقيح ثم تتقشر في النهاية وتسقط القشرة تاركة ندوبا وعلامات واضحة.

طفح جلدي

تاريخ الجدري:

أما تاريخ المرض فهو غير مؤكد، تشير التحليلات الجينية للحمض النووي للفيروس أن المرض تطور بحلول القرن ال17 على الأقل، وبالرغم من ذلك، فيحتمل أن الفيروس قد انتشر بين البشر قبل ذلك بكثير بناء على استعادة الحمض النووي للفيروس من بقايا أسنان وعظام بشرية تم اكتشافها في منطفة الدنمارك وروسيا الحديثة، قبل هذا الاكتشاف، إعتقد العلماء أنه نشأ في بلاد ما بين النهرين في بدايات الألفية الخامسة قبل الميلاد وفي وادي نهر النيل في الألفية الثالثة قبل الميلاد.

السبب:

الجدري هو مرض معد يسببه فيروس الجدري variola virus. بعد دخول الفيروس من خلال البلعوم أو الأنف، ينتقل الفيروس إلى العقد الليمفاوية حيث يبدأ في التكاثر، وينتشر بشكل أكبر في نخاع العظم والطحال والعقد الليمفاوية الإضافية. بين اليوم الثامن واليوم الثاني عشر بعد الإصابة، يصبح الفيروس موضعيًا في الغشاء المخاطي في الفم والبلعوم والأوعية الدموية الصغيرة في الأدمة ، مما يؤدي إلى ظهور الطفح الجلدي والعدوى السريرية. 

كيف واجه العالم مرض الجدري؟

الجهود المبكرة

على الرغم من أن العلوم الطبية آنذاك لم تدرك بعد مفهوم مسببات الأمراض مثل الفيروسات، فقد كان معروفا أن الجدري مرض معد بطريقة ما، وأنه لابد من فصل المصابين عن بقية الناس. في جنوب غرب آسيا كان معروفا أنه يمكن إكساب الشخص السليم مناعة ضد الجدري عن طريق حقنه بصديد مأخوذ من قروح شخص مصاب، هناك تقنية اخرى تمارس في الصين وهي طحن قشور جسد المريض ونفخ المسحوق عبر أنبوب في أنف شخص سليم، الأشخاص الذي يتم تلقيحهم بهذه الطريقة سيعانون من عدوى قصيرة الأمد ثم يكتسبون مناعة، والقليل منهم سيموت جراء الإصابة بعدوى خطيرة، لكن عموما خطر الوقاة أقل مما هو عليه في حال الإصابة بالجدري ( 2% بالمقارنة ب 20 إلى 30%).

بدأ أساس التطعيم في عام 1796 عندما لاحظ طبيب انجليزي يدعى “إدوارد جينر” أن الخادمات اللاتي أصبن بجدري البقر لم تظهر عليهن أي أعراض للجدري بعد عملية التجدير، قام إدوارد بإجراء تجربة بحقن مادة من قرحة الجدري من ذراع مصاب، في ذراع إبن البستاني الخاص به، بعد أشهر تم تعريض الصبي عدة نرات لفيروس ااجدري لكن يبدو أنه اكتسب مناعة، في 1801 بعد المزيد من التجارب الأخرى نشر إدوارد أطروحته حول أصل التلقيح، والتي لخص فيها اكتشافاته حول القضاء على الجدري.

دوارد جينر يحقن اللقاح في ابنه 

البرنامج العالمي للقضاء على الجدري:

في عام 1959 عانت الحملة التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية من أجل استئصال الجدري من نقص الأموال والموظفين والإلتزام من قبل البلدان، وكذلك نقص التبرعات باللقاحات. بدأ برنامج الإستئصال المكثف عام 1967 مجددا بجهود أكبر، فتمكنت المعامل في العديد من البلدان المصابة من إنتاج لقاح مجفف، كما شاركت عدة عوامل مساعدة في نجاح الجهود بمل فيها إنشاء نظام ترصد لكشف الحالات وحملات تلقيح شاملة.

القضاء على الجدري:

عد حوالي قرنين من نشر “جينر” أمله في التغلب على الوباء، في 1980 أعلنت منظمة الصحة العالمية رسميا أن العالم خال من هذا الوباء.

بعد القضاء على الجدري قرر العلماء بضرورة إجراء المزيد من التجارب على فيروس الجدري، واتفقوا على تقليل عدد المختبرات التي تحتوي على عينات من الفيروس إلى 4 مواقع، في عام 1981 كانت الدول الأربع التي تعاونت مع منظمة الصحة العالمية في أبحاث فيروس الجدري هي: الولايات المتحدة، انجلترا، روسيا وجنوب افريقيا.

بحلول 1984 كانت انجلترا وجنوب افريقيا قد دمرتا مخزونهما أو نقلتهما إلى مخابر أخرى، والآن يوجد موقعان فقد لتخزين الفيروس والتعامل معه تحت إشراف منظمة الصحة العالمية.

المصادر

britannica
cdc
healthline
ncbi

عندما واجهت لندن أزمتين في نفس الوقت

بين عامي 1665 و 1666 شهدت مدينة “لندن” مأساتين متعاقبتين: الطاعون العظيم ويتبعه حريق كبير، كان الطاعون أسوأ ما واجهته لندن منذ أن حل الموت الأسود عام 1348، فقدت لندن حوالي 15-20% من سكانها، أما الحريق فقد إجتاح ربع المدينة وشرد حوالي 100000 شخص.

سبب الطاعون

كان وباء لندن هو آخر انتشار للطاعون الدبلي في بريطانيا، بعد التنقيب واستخراج ثلاثة آلاف ونصف هيكل عضمي من شارع “ليفربول”، أكدت الإختبارات وجود حمض نووي من بكتيريا yersinia pestis التي نسببت في الطاعون الدبلي سابقا.

أعراض الطاعون

وصف الكاتب “دانيال ديفو” (في القرن ال18) الحدث في مجلة عام الطاعون، المصير البشع لسكان لندن، فقد تسبب الطاعون بحمى عنيفة، وقيئ، وصداع شديد، وآلام في الظهر، وآخرون يعاونون من تورمات على مستوى الرقبة والفخذ والإبط ، أما البعض الآخر فقد عانوا في صمت.

انتشار المرض:

تم الإشتباه بإنتشار المرض في شتاء عام 1664 لكنه لم ينتشر بشكل مكثف إلى غاية ربيع عام 1665، ففر الملك “تشارلز الثاني” وحاشيته من لندن في أوائل الصيف ولم يعودوا إلا في “فبراير” التالي.

في ديسمبر 1665 انخفض معدل الوفيات فجأة واستمر في الانخفاض خلال الشتاء إلى غاية بداية عام (1666) مع تسجيل وفيات قليلة نسبيا في ذلك العام فقد انتشر المرض على نطاق واسع في البلاد.

في عام 1667 اختفى الوباء كليا من انجلترا ويرجح أن زواله كان تلقائيا. كانت الفئران والبراغيث هي الناقل لهذا المرض وانتشرت في الشوارع المليئة بالقمامة والنفايات، خاصة في المناطق الأكثر فقرًا.

حريق عام 1666

في ستينيات ذلك القرن، لم يكن الناس على علم بأخطار الحريق على عكس اليوم، كانت المباني مصنوعة من الخشب، والقش، وبعد صيف طويل وجاف عانت المدينة من نقص المياة وجفاف البيوت الخشبية مما سهل حرقها.

بدأ الحريق عن طريق الخطأ في متجر خباز، ورغم أنه إدعى كونه أوقف النار، إلا أنه بعد 3 ساعات، (أي في الواحدة صباحا)، كان منزله قد إتقد بالنار.

في البداية كان الأمر غير مثير للقلق بدرجة كبيرة لأن الحرائق شائعة آنذاك، لكن سرعان ما خرجت النيران عن السيطرة وإنتشرت في أكثر من 13000 منزل آخر. دمر الحريق الهائل معضم مدينة لندن (التي كانت أصغر من لندن حاليا ) لكنه لم يصل لبعض المناطق.

غالبا ما يرغب البشر في العثور على الجانب المشرق في الكارثة، لذا شاعت أسطورة تقول أن الحريق العظيم أنهى الطاعون بطرد الفئران التي كانت تنشر الوباء.لكن حقيقة، تشير البيانات إلى أن الحريق لم يؤثر على الطاعون، ولا توجد أي صلة بينهما، ولم يعلم المؤرخون السبب الحقيقي الذي أدى لتوقف الوباء عن الانتشار.

حتى في القرن ال21، لايزال الطاعون مرضا خطيرا، في (2017) أدى تفشي الطاعون في مدغشقر إلى (2417) إصابة و(209) وفاة، كان العلاج بالمضادات الحيوية فعالا ضد الوباء لكن في غياب التشخيص والعلاج يمكن أن يكون مميتا.

مصادر:

LONDON FIRE BRIGADE
HISTORY
BRITANNICA

المزيد: الموت الاسود، كيف تتبع علماء الآثار مخلفاته؟

الموت الأسود، كيف تتبعه علماء الآثار ؟

الموت الأسود، كيف تتبعه علماء الآثار ؟

كان الموت الأسود وباءًا عالميًا مدمرًا من الطاعون الدبلي، الذي ضرب أوروبا وآسيا الوسطى في منتصف القرن ال13، وصل الطاعون إلى أوروبا في 1347 عندما رست 12 سفينة في البحر الأسود في ميناء “ميسينا” الصقلي، فوجئ الناس المتجمعون على الأرصفة بموت معظم البحارة، وإصابة الأحياء بمرض خطير، أمرت سلطات “صقلية” على عجل بإخراج أسطول”سفن الموتى” من الميناء، لكن الأوان قد فات، فعلى مدى ال5 سنوات التالية قتل “الموت الأسود” أكثر من 20 مليون شخص في أوروبا -أي حوالي ثلث سكان القارة”-، فما هو الموت الأسود، وكيف تتبع علماء الآثار مخلفاته؟

كيف بدأ الطاعون ؟

حتى قبل وصول “سفن الموت” إلى ميناء “ميسينا”، كان العديد من الأوروبيين قد سمعوا شائعات عن وباء يشق طريقا مميتا عبر طرق التجارة في الشرقين الأدنى والأقصى، وفي أوائل أربعينيات القرن ال14 أصاب المرض الصين والهند وبلاد فارس وسوريا ومصر.

يُعتقد أن الطاعون قد نشأ في آسيا منذ أكثر من 2000 عام، ويرجح أنه إنتشر عن طريق السفن التجارية، على الرغم من أن الأبحاث الحديثة ذكرت أن العامل الممرض للموت الأسود، قد يكون موجودا في أوروبا منذ 3000 ق.م.

مصدر الموت الأسود

لمئات السنين ظل سبب تفشي الطاعون محاطا بالغموض والخرافات، لكن التطورات الدقيقة في المجاهر ساعدت أخيرا في الكشف عن العامل الحقيقي المسؤول عن المرض، إكتشف ألكسندر يرسين-alexanfre yersin البكتيريا المسؤولة عن الموت الأسود، وهي يرسينيا بيستيس-yersinia pestis.

يرسينيا بيستيس هي بكتيريا شديدة الخطورة تعمل على تعطيل الجهاز المناعي للمضيف عن طريق حقن السموم في الخلايا الدفاعية مثل الخلايا البلعمية- المكلفة باكتشاف العدوى- فبمجرد التخلص منها يمكن للبكتيريا أن تتكاثر دون معيقات.

تظهر صورة مجهرية لبكتيريا 
اليرسينيا الطاعونية المسببة للطاعون.

ما هي أعراض الموت الأسود ؟

تسبب بكتيريا يرسينا 3 أنواع من الطاعون في البشر:

– الطاعون الدبلي.
– الإلتهاب الرئوي.
– تسمم الدم.

بالرغم من غياب دليل الحمض النووي على وجود “يرسينا” كانت موجودة في ضحايا الموت الأسود، إلا أن شكل العدى غير مؤكد، ومن المحتمل أن الثلاثة أوبئة قد لعبت دورا سبب الطاعون الدبلي الحمى والتعب والرعشة والقيئ والصداع والدوار وعدم تحمل الضوء وآلام الظهر والأطراف، والقلق واللامبالات والهذيان، كما يسبب الدبل أيضا- تورم غدة أو أكثر من الغدد اللمفاوية، عادة في الفخذ أو الإبط-.

أما الطاعون الرئوي فيؤثر على الرئتين مسببا حمى وضعف وضيق التنفس وإمتلاء الرئتين بسوائل قد تؤدي للموت، أما طاعون تسمم الدم فتشمل أعراضه تعب وحمى ونزيف داخلي.

كيف تتبع العلماء الأثر المدمر للموت الأسود؟

تم الكشف عن الدمار الذي أحدثه الطاعون في إنجلترا، في العصور الوسطى، في دراسة أثرية مفصلة بمساعدة 10000 متطوع من علماء الآثار الهواة. شمل المتطوعون العائلات المحلية والطلاب ومالكي الأراضي، وأعضاء الجماعات المجتمعية، وحفروا أكثر من 2000 حفرة إختبار في 55 قرية في شرق إنجلترا، تحت إشراف علماء الآثار وقادة الفرق المحلية المدربين.

تم تجميع وتحليل البيانات حول القطع الفخارية المكسورة الموجودة في أكثر من 2000 حفرة، تبلغ مساحة كل منها 11 قدما ² (1 متر²) وعمقها يصل إلى 4 أقدام(1.2متر).

اقرأ أيضًا عن أثر الطاعون الأنطوني على الامبراطورية الرومانية

الفخار وعدد السكان:

أدارت الدراسة “كارينا لويس”- عالمة آثار في جلمعة لينكولن في المملكة المتحدة-، وقارنت البيانات حول أعداد القطع الفخارية التي يعود تاريخها لما قبل الموت الأسود بالأرقام التي تم العثور عليها بعده، وقد كشفت التغييرات طويلة المدى التي أحدثها الطاعون في السكان.تمكنت الدراسة الجديدة من معرفة كيفية تأثر المجتمعات بالطاعون بشكل عام، فقد إنخفض عدد سكان القرى(التي أقميت فيها الدراسة) بمعدل 45% بعد الطاعون.

وتشير الدراسات المعاصرة، إلى تفاوت معدل الوفيات في المناطق المختلفة، بين ثمني وثلثي السكان، ولربما كانت إنجلترا عام 1400 نصف ما كانت عليه قبل 100 عام، فبالتأكيد تشبب الطاعون في هجرة السكان والإختفاء التام لحوالي 1000 قرية.

عامة لم يكن تأثير الوباء بالسهل أبدا، فقد عقب ذلك على الفور توقف الحروب وتراجع مفاجئ في التجارة لفترة قصيرة، أما النتيجة التي دامت لفترة أكثر هي الانخفاض الكبير في مساحة الأرض المزروعة، وذلك راجع لوفاة العديد من العمال كما رافق كل تلك المشاكل الآثار النفسية التي تنجحت عن الإنشغال بالموت وظهرت في الشعر والنحت والرسم.

اقرأ تجربة الإنسان في مواجهة الأوبئة، وكيف أسقط الطاعون عصر أثينا الذهبي؟

المصادر:

BRITANNICA
NATIONAL GEOGRAPHIC
LIVE SCIENCE

كيف أثر الطاعون الأنطوني على الإمبراطورية الرومانية ؟

كيف أثر الطاعون الأنطوني على الإمبراطورية الرومانية ؟

تختبر جائحة كورونا إمكانات وقدرات عالمنا الحالي، لكنه كان واحد من الأوبئة الكثيرة والمختلفة التي سجلها تاريخ الأوبئة، وكان أحد هذه الأوبئة، “الطاعون الأنطوني”، أو “الطاعون الجاليني”(نسبة إلى الطبيب اليوناني جالينوس)، اندلع هذا الطاعون عام 165م في عهد “ماركوس أوريليوس”، واستمر في ظل حكم إبنه “كومودوس”، وكان أول وباء أصاب الإمبراطورية الرومانية في القرن الثاني الميلادي.

أعراض الطاعون الأنطوني

وصف الطبيب اليوناني “جالينوس”أعراض ومسار المرض، ومن الأعراض الأكثر إنتشارا، الحمى والقيئ والعطش وتورم الحلق والطفح الجلدي، وإسهال مسود يدل على وجود نزيف على مستوى الجهاز الهضمي، وسعال ذو رائحة نفس كريهة، عانى المصابون من المرض لمدة تصل إلى أسبوعين، توفي بعضهم، أما الناجون فقد طورت أجسادهم مناعة ضده.

متى ظهر؟

ظهر الوباء غالبا في الصين بقرابة عام 166م، وانتشر غربا عن طريق السفن التجارية المتجهة إلى روما.

قد تم آنذاك تداول أسطورتين تتحدثان عن أصل الطاعون، وتنسبه إلى عقاب إلهي، فالأولى تقول أن الجنرال الروماني قد فتح مقبرة مغلقة في “سلوقية” أثناء نهب المدينة مما آل إلى تفشي المرض، وقد كان المرض عقابا إلهيا لهم، أما الأسطورة الثانية فتقول أن جنديا من الرومان قد فتح النعش الذهبي الخاص بالآلهة “أبولو” في بابل مما سمح للطاعون بالفرار.

أما الطبيب اليوناني الذي شهد الطاعون، “جالينوس” فقد سعى لتشخيص، المرض بغرض تقديم مناهج علاجية له، وعلى الرغم من أن تقارير بعض الحالات السريرية التي عالجها جالينوس تقودنا إلى الإعتقاد بأن الطاعون ناجم عن الجدري، إلا أن التأكيد لازال غير موجود.

ضحايا الطاعون الأنطوني

قدر المؤرخ الروماني “ديو كاسيوس” 2000 حالة وفات يوميا في روما في ذروة تفشي المرض، ثم إرتفع إلى ما يقدر ب5000حالة في اليوم.

عند حلول المرض كان جيش روما يتكون من 28 فيلقا، بها 150000رجل، وتفشي المرض بينهم أدى إلى ضعف في القوة الدفاعية الخاصة بالإمبراطورية.

كان للطاعون دور في تقليل عدد المجندين ودافعي الضرائب والمرشحين للمناصب العامة وكذا رجال الأعمال والمزارعين، في وقت زادت فيه نفقات الحفاظ على الإمبراطورية والجيش اللازم لضمان أمنها.

تناقص عدد الإمدادات الغذائية وانخفضت الإيرادات الضريبية بإنخفاض إنتاج المزارع، وأعيقت الإقتصادات المحلية لتنقص عدد الحرفيين والقوى العاملة عموما، ولكن في المقابل زادت أجور الناجين من الموت، كل هذه الإنكماشات كانت تعني ضرائب أقل على الدولة في فترة مليئة بالضغوط.

تأثير الطاعون على روما

إتفق غالبية المؤرخين على أن التأثير الذي خلفه الطاعون كان شديدا، مما أثر على التجنيد العسكري، والإقتصاد الزراعي والحضري، وإستنزف خزينة الدولة.

قيل أن ضحايا الطاعون تقدر ب60-70 مليون، وهذا العدد يشمل ربع إلى ثلث سكان الإمبراطورية

أثر الطاعون الأنطوني على التقاليد الرومانية القديمة وترك بصمة على التعبير الفني، هذه الفترة إتسمت بأزمات صحية و إجتماعية وإقتصادية مهدت الطريق لدخول إمبراطورية القبائل البربرية المجاورة وتجنيد القوات البربرية في الجيش الروماني.

في الأونة الاخيرة إقترح”كايل هاربر”أن ” مفارقات التطور الإجتماعي وعدم القدر على التنبؤ المتأصل بالطبيعة عملت بشكل منسق لإحداث زوال روما”.

بعبارة أخرى فقد قدم تغير المناخ فرصة لإدخال أمراض أخرى أكثر كارثية بما في ذلك الطاعون الأنتوني، يقول هاربر بأن الطاعون الأنتوني كان الأول من ثلاثة أوبئة مدمرة بما في ذلك طاعون سيبريان (249-262) وطاعون جستنيان(541-542).

مصادر:

ANCIENT
PUBMED

ماذا تعرف عن الطاعون الذي أطاح بالحضارة البيزنطية؟

ماذا تعرف عن الطاعون الذي أطاح بالحضارة البيزنطية؟

في عام 527 وصل الإمبراطور “جستنيان” إلى السلطة، كان آملا في إستعادة الإمبراطورية البيزنطية مجدها الذي أصبح من الماضي، وقد مر وقت طويل منذ أن إنفلتت المقاطعات الغربية من القبضة الرومانية، حصل جستنيان على سلام مع الإمبراطورية الفارسية مقابل 11 ألف جنيه ذهب سنويا، وبحلول عام 540، حقق الجيش البيزنطي مكاسب كبيرة في شمال إفريقيا وشبه الجزيرة الإيطالية، وفي عام 541 بدأ الطاعون في القسطنطينية وبعد عامين، دمر الإمبراطورية البيزنطية.

جستنيان الأول

كيف نشأ الطاعون؟

نشأ الطاعون في الصين وشمال شرق الهند، وانتقل إلى إفريقيا عبر طرق التجارة البرية، وكانت بؤرة نشأة الطاعون هي مصر.

كان الجرذ الأسود هو الوسيط الذي انتقل عبره الطاعون، حيث كان يسافر على متن سفن الحبوب والعربات المرسلة إلى القسطنطينية كجزية، في القرن الثامن، كانت شمال افريقيا هي مصدر الإمبراطورية الأساسي للحبوب وبعض السلع المختلفة الأخرى.

إن تخزين الحبوب في مستودعات ذات أرض مناسبة لتكاثر البراغيث والجرذان، خلق فرصة لنقل الطاعون.

وفقا للمؤرخ “كولين باراس” فإن إيطاليا شهدت تقلبات مناخية في تلك الفترة، تحديدا موجة برد إستمرت لعقود صحبتها إضطرابات إجتماعية وحرب، قد أدت هذه الأزمة إلى نقص الغذاء مما صحبه تحركات الناس في جميع أنحاء المنطقة، ورافق هؤلاء المهاجرين فئران مصابة وبراغيث، وبالإضافة إلى زيادة عدد الفئران المصابة فإن هذا قد خلق الظروف المثالية للوباء.

الأعراض

يصف” بروكوبيوس” في “كتابه السرّي” الضحايا بأنهم يعانون من الكوابيس والأوهام، والحمى والتورمات في الفخذ وفي الإبطين وخلف الأدنين، عانى الكثيرون من آلام المرض قبل أيام من الموت بينما مات آخرون فور ظهور الأعراض، كما أن وصف الأعراض تؤكد أن الدبلي هو السبب الحقيقي للوباء.

ألقي باللوم على الإمبراطور في هذه الجائحة وتم إتهامه بأنه شيطان أو أن المرض عقاب من الله له.

نوع المرض

كان نوع الطاعون الذي اجتاح الإمبراطورية هو “الدبلي- bubonic plague” على الرغم من وجود إحتمالين آخرين وهما “الإلتهاب الرئوي” و”تسمم الدم”، كان أيضا الطاعون الذي أصاب أوروبا في القرن الرابع عشر المعروف بإسم “الموت الأسود

ماعلاقة طاعون جستنيان بالموت الأسود؟

صرح العلماء أن إثنين من أكثر الأوبئة فتكا في التاريخ نتجت عن سلالات مختلفة من نفس الميكروب مما ينذر بإحتمالية إنتشار سلالة جديدة في المستقبل مسببة طاعونا آخر!

قال ديف واغنر، الأستاذ المساعد في جامعة أريزونا في فلاغستاف:

إن سلالات الطاعون المتوطنة في مجموعات القوارض في جميع أنحاء العالم، مميتة تماما كالسلالات التي تسبب في الأوبئة السابقة، لذا فإن إحتمال حدوث جائحة جديدة لايزال قائما لأن السلالات موجودة

وقد تم التأكيد على وجود صلة بين المرضين، بعد إجراء دراسة إعتمدت على عزل جزء من هيكل هضمي تابع لضحية طاعون جستنيان، وبالتحديد أسنان الهيكل، فمن المعروف أن هذا الوباء يعيش في دم الضحايا والأسنان تحتوي العديد من الأوعية الدموية لذا فهي الجزء المثالي للدراسة.

بعد استخراج حمض نووي قديم ثم إصلاحه قارنه العلماء بتسلسلات الجينوم الكامل ل130 سلالة أخرى من نفس الميكروب وكذلك الموت الأسود.

وجد العلماء أن السلالة المتسببة في طاعون جستنيان مرتبط بجميع السلالات لكنها تختلف عنها، بما في ذلك سلالات الموت الأسود والوباء الثالث في القرنين 19 و20 ، ويعتقد العلماء أنها نشأت في الصين ثم انتشرت إلى كامل العالم.

تأثيرات الطاعون على الإمبراطورية البيزنطية

ساهم هذا الطاعون بقوة في إضعاف الإمبراطورية سياسيا واقتصاديا كما سهلت الحرب والتجارة انتشاره وبالتحديد تحركات الجنود وقطارات الإمدادات التي سهلت انتقال الجردان المصابة.

كان الطاعون منتشرا بشدة فحتى الإمبراطور أصيب بالمرض بالرغم من أنه لم يمت، فتناثرت الجثث في شوارع العاصمة، أمر جستنيان القوات بالمساعدة في التخلص من الموتى ، تم حفر خنادق لدفن الجثث بعدما امتلأت المقابر، كما تم اتخلص من الجثث في البحر، ولم تكن الجثث للبشر فقط، فقد هلكت جميع أنواع الحيوانات أيضا.

كان للطاعون تأثير إقتصادي عظيم على الامبراطورية، خاصة وأن الإمبراطورية لازالت تعتمد على الزراعة، والضرائب، فإن فقدان المزارعين أضر بالامبراطورية، عانت نقص العذاء من جهة وفقدان الضرائب من جهة أخرى. مع زيادة الضحايا فإن الإمبراطورية فقدت الكثير من الضرائب مما أدى إلى فرض قانون يوجب المواطنين مالكي الأراضي على دفع ضرائب جيرانهم المتوفين.

عامل آخر أضعف الإمبراطورية، وهو توتر العلاقات مع بلاد فارس، مما أدى إلى عدة معارك ولكنها إنتهت بسلام عام 542.

بالكاد صمدت إمبراطورية جستنيان ولم تتمكن من تحقيق أحلامه وطموحاته بإعادة مجد بيزنطا لكن في عام 540 كانت في طريقها للتعزيزات، استولت الإمبراطورية على افريقيا بجهد ضئيل وأخذوت إيطاليا تحت السيطرة، لم يكن هذا حال الإمبراطورية أثناء الطاعون، ففي السنوات التي عقبته، فقد كان تاثيره قويا على إقتصادها وقدراتها العسكرية ، وهذا كان جراء نقص اليد العاملة الذي وضع الإمبراطورية في مشاكل مالية ومنه تقلص القوة العسكرية، فقد كانت قادرة على المطالبة بأرض أكبر إلا أن الطاعون منعها من تحقيق مجدها المنشود.

الإمبراطورية البيزنطية تحت حكم جستنيان

اقرأ أيضًا، كيف أسقط الطاعون عصر أثينا الذهبي؟

المصادر:ancient
journal of history
national geografic

كيف أسقط “طاعون أثينا” العصر الذهبي اليوناني ؟

كيف أسقط “طاعون أثينا” العصر الذهبي اليوناني ؟

لايوجد ماهو أسوأ من وباء قاتل، إلا وباء قاتل حل في خضم أزمة عصيبة، حيث تكون أوضاع المنطقة مهترئة على جميع الأصعدة.

هذا ما حدث في أثينا عام 430 ق.م، كانت الحرب البيلوبونسية آنذاك في عامها الثاني، مما أودى بحياة حوالي 100000 شخص وأزال القناع عن التصدعات التي تتخلل الحياة والسياسة الآثينية ، لقد كانت كارثة ذات أبعاد ملحمية لم تغير فقط الحرب البيلوبونسية، ولكن التاريخ اليوناني بأكمله.

أعراض الطاعون

توقف المؤرخ تيوسيديديس عن سرد أحداث الحرب وسعى في تقديم وصف دقيق لأعراض الطاعون بالرغم من أنه لم يكن طبيبا، قد وصف حالة الذين بدت عليهم أعراض مشابهة لأعراضه لأنه اصيب أيضا به.

المؤرح تيوسيديدس

ووصف تيوسيديديس كذلك المرضى الذين يعانون من حمى شديدة لدرجة عدم احتمال الرقيق من اللباس، إضافة إلى الظمأ الشديد المتواصل، كما واجه العديد من المصابين أرقا وقلقا مستمرا، وقد توفي العديد من المصابين بعد 7-9 أيام من ظهور الأعراض يتمكن بعض المرضى الذي يمكن اعتبارهم “محظوظين” من تجاوز الفترة الأولى من الإصابة، ولاحظ تيوسيديدس” أن المرض يعاني من “تقرح عنيف” و”إسهال شديد” مما يودي بحياته، أما من تمكنوا من النجاة فقد أصيبوا بتشوهات على مستوى أعضائهم التناسلية وأصابع أقدامهم والتلمى وفقدان الذاكرة، وفي بعض الحالات تقوم الطيور التي اعتادت على تناول لحوم البشر بإماتة نفسها بسبب أكلها اللحم المصاب والمتعفن.

ما هي طبيعة المرض؟

منذ ما يقارب ال2500 عام حاول المؤرخون والأطباء تحديد طبيعة المرض الذي إجتاح أثينا، لم يحدد توسيديدس المرض بدقة لأنه لم يكن طبيبا، بل إكتفى بوصف أعراض المرض وردود فعل الناس ونتائج مسار المرض لقد إجتهد الأطباء بتشخيص المرض والعلاج لكنهم فشلوا إضافة إلى إصابات كبيرة من طرفهم جراء الإحتكاك المباشر بالمرضى.

تم اقتراح العديد من مسببات الطاعون من قبل العلماء المعاصرين بما في ذلك الجدري الطاعون الدبلي التفويد والحصبة والطاعون والجمرة الخبيثة والحمى القرمزية وانفلونزا الطيور، وحتى فيروس الإيبوالا، تم تبرءة كل هذه الأمراض من التسبب بالوباء إما أنها لاتتناسب تماما مع الوصف التاريخي أو أنها ظهرت حديثا كالإيبولا.

نتائجه

تشير التقديرات إلى أن واحد من ثلاثة من سكان آثينا قد أصابه المرض، فقد أدى إلى فقدان جلي وكبير في الموارد البشرية وقسم كبير من قادة المدينة، إلى جانب إنخفاض كبير في معنويات المدنيين الناجين، مما أدى إلى هزيمة واستسلام بعد نهاية الحرب، ولم تستعد أثينا في المستقبل قوتها ومجدها السابقين.

بدأ الناس في إنفاق المال بتهور لإعتقادهم أنهم لن يعيشوا طويلا، بينما أصبح بعض الفقراء أثرياء فجأة بفضل ما ورثوه من أقاربهم، إضافة إلى الفساد الأخلاقي الذي انتشر لإعتقاد الناس أن حياة قصيرة ومحدودة لاتجبرهم على التصرف بشرف والحفاظ على سمعتهم وكان الإنتشار المطلق للمرض سببا في إمتناع بعض الناس الإهتمام بالمرضى الآخرين خوفا من العدوى فقد مات الكثير منهم وحيدون، كما تم العثور على مقبرة جماعية عشوائية خلال 1994-1995 تحتوى على رفات 240 شخصا كما تسبب الطاعون بزعزعة العقيدة وزيادة الشك الديني وبعد أن أصيب الناس دون إعتبار لمدى إيمانهم، شعروا أن الإلهة قد تخلت عنهم، وتم التخلي عن فكرة الخير لأن الناس شعروا أنها لم تعد مهمة، ففي النهاية سيموتون، كان هناك إنهيار في القانون والنظام والديمقراطية، وفي النهاية خسرت أثينا الحرب.

المقبرة التي عثر فيها على رفات الضحايا

يمكنك أيضًا قراءة الطاعون الذي أسقط الإمبراطورية البيزنطية

المصادر

targethealth
atheninsider
theatlantic
greece

الانفلونزا الإسبانية أم الأوبئة الحديثة

الانفلونزا الإسبانية أم الأوبئة الحديثة

في خريف عام 1918، بلغت الحرب العالمية الأولى منتهاها، وكانت بوادر السلام تظهر في الأفق، انضم الأمريكيون للقتال، مما كان يبشر بغلبة الحلفاء على الألمان، عاش هؤلاء الرجال في ظروف الحرب القاسية وكانت اسوأ ما يمكن توقعه قبل أن تبدأ أعراض الانفلونزا بالانتشار، لكنها لم تكن مجرد انفلونزا عادية، ربما كان وباء انفلونزا هو أكثر الأوبئة خطورة في التاريخ، فقد تجاوز عدد ضحاياها عدد الحرب العالمية الأولى بعدد قتلى حوالي 50 مليون شخص حول العالم،

ما هي الانفلونزا؟

الأنفلونزا فيروس شديد العدوى، يستهدف خلايا الجهاز التنفسي، ينتقل عبد الرذاذ الذي ينتقل عند “سعال أو عطس أو كلام”الفرد المصاب، كما ينتقل عبر ملامسة الأسطح المصابة.

موسم الانفلونزا

في الولايات المتحدة، يمتد موسم الانفلونزا بشكل عام من أواخر الخريف إلى الربيع، في عام عادي يدخل أكثر من 200000 أمريكي إلى المستشفى بسبب مضاعفات الانفلونزا، وفقا ل “مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها” (CDC). يواجه الرضع والكبار الذي تجازوت أعمارهم ال65 سنة والنساء الحوامل والأشخاص ذوي الأمراض المزمنة كأمراض القلب والربو والسكري، خطرا أكبر للإصابة بالمضاعفات المرتبطة بالانفلونزا.

أعراض الانفلونزا الإسبانية

حدثت الموجة الأولى من الجائحة عام 1918 في الربيع، وكانت خفيفة بشكل عام، وعادة مايتعافى المصابون بالأعراض المعروفة، وعموما كان معدل الوفيات منخفضا.

في خريف نفس العام، ظهرت الموجة الثانية في معسكر “ديفينز” وهو معسكر لتدريب الجيش، فإشتدت الأعراض بقسوة، تحول لون جلد المصابين للون الأزرق وامتلأت رئتيهم بالسوائل مما يسبب الإختناق، بين سبتمبر ونوفمبر بلغت الموجة الثانية للوباء ذروتها، هذه الموجة هي الأشد فتكا، وهي المسؤولة عن معظم الوفيات؛ قتل الفيروس في ذلك العام حوالي 195000 أمريكي خلال شهر أكتوبر فقط وفي غضون عام واحد فقط انخفض متوسط العمري في أمريكا 12 عاما.

في خريف عام 1918 واجهت الولايات المتحدة أزمة نقص الممرضات المحترفات كما أصدر فرع “شيكاغو” للصليب الأحمر إعلانا لطلب المتطوعين وبدأ مسؤولوا الصحة ولجان الجمعية الأمريكية للصحة العامة بحملات توعوية وبرامج تثقيفية تضمنت إرتداء الأقنعة الواقية وتنظيم ساعات فتح وغلق المتاجر وكذا إغلاق دور السينما والتنقل سيرا بدلا من استخدام المواصلات العامة، انتشرت الجائحة على مستوى العالم على مسار ناقلات البشر على طول طرق التجارة وخطوط الشحن فاجتاحت أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا وافريقيا.

ما الذي تسبب بالانفلونزا الإسبانية؟

من غير المعروف بالضبط من أين جاءت سلالة الانفلونزا الاسبانية فقد لوحظت أول مرة في أوروبا وأمريكا ومناطق من آسيا قبل الانتشار.

على الرغم من أنها لم تنحصر في مكان واحد إلا أنها أصبحت معروفة باسم الانفلونزا الاسبانية عالميا حيث تضررت اسبانيا بشدة من المرض.

ولا يزال العلماء لا يعرفون على وجه اليقين من أين نشأت الإنفلونزا الإسبانية، على الرغم من أن النظريات تشير إلى فرنسا أو الصين أو بريطانيا أو الولايات المتحدة الأمريكية.

لماذا سميت الانفلونزا الاسبانية بهذا الاسم؟

بالطبع لم تنطق الجائحة من اسبانيا على الرغم من التغطية الاعلامية لها فخلال الحرب العالمية الأولى كانت اسبانيا دولة محايدة لديها وسائل اعلام حرة تغطي الجائحة حيث كانت أول من أبلغ عنها في مدريد في أواخر مايو من عام 1918 وفي الوقت نفسه، كان لدى دول الحلفاء ودول المركز مراقبين في زمن الحرب قاموا بالتستر على أخبار الأنفلونزا للحفاظ على الروح المعنوية عالية. نظرًا لأن مصادر الأخبار الإسبانية كانت الوحيدة التي أبلغت عن الأنفلونزا، اعتقد الكثيرون أنها نشأت هناك (في غضون ذلك، اعتقد الإسبان أن الفيروس جاء من فرنسا وأطلقوا عليه اسم “الأنفلونزا الفرنسية”).

محاربة الانفلونزا الاسبانية

عندما ظهرت الانفلونزا كان العلماء والأطباء غير متأكدين من سببها أو كيفية علاجها على عكس اليوم فلم تكن هنالك لقاحات فعالة أو أدوية مضادة للفيروسات إضافة الى أن الحرب العالمية قد خلفت عجزا في المنظومة الصحية الأمريكية ونقصا في عدد الأطباء وعمال الصحة.

كذلك نقص المستشفيات مما أوجب تحويل المباني لأخرى لمستشفيات لاستقبال المرضى. وفرض بعض المسؤولون الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي وارتداء الأقنعة وإغلاق الأماكن العامة وأوقفت المكاتب حضر الكتب وعلقت لافتات تمنع البصق

متطوعوا الصليب الأحمر

نهاية الانفلونزا الإسبانية

بحلول صيف 1919 إنتهت الجائحة فمن المصابين من مات ومنهم من طور مناعة ضد الفيروس.

بعد 90 عاما في عام 2008 أعلن الباحثون اكتشاف ما جعل الانفلونزا مميتة للغاية فقد مكنت 3 جينات فيروسية من إضعاف رئتي الضحية وأنابيب الشعب الهوائية وتمهيد الطريق للالتهاب الرئوي الميكروبي فمنذ عام 1918 كان هنالك العديد من الأوبئة الاخرى على الرغم من وجود أي جوائح قاتلة تسببت جائحة أخرى في الفترة من 1957 إلى 1958 في مقتل حوالي 2 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك حوالي 70،000 شخص في الولايات المتحدة، كما قتلت جائحة أخرى من 1968 إلى 1969 ما يقرب من مليون شخص ، بما في ذلك حوالي 34000 أمريكي.

لقي أكثر من 12000 أمريكي حتفهم خلال وباء H1N1 (أو “إنفلونزا الخنازير”) الذي حدث في الفترة من 2009 إلى 2010. ينتشر وباء فيروس كورونا الجديد لعام 2020 في جميع أنحاء العالم حيث تتسابق البلدان لإيجاد علاج لـ COVID-19 وتوفير مأوى للمواطنين في محاولة لتجنب انتشار المرض ، وهو مرض مميت بشكل خاص لأن العديد من حاملي المرض لا تظهر عليهم أعراض لعدة أيام قبل أن يدركوا أنهم مصابون

عدوى فيروسية أم جرعة زائدة من الأسبرين؟

يبدو الآن أن عدد قليل من الوفيات لم يكن بسبب الفيروس، إنما بسبب عقار يستخدم في علاجه، الأسبرين! نشرت الدكتورة”كارين ستاركو” مؤلفة واحدة من الأوراق البحثية التي ترتبط باستخدام الاسبرين بمتلازمة راي، مقالاً يشير إلى أن الجرعات الزائدة من “العقار المعجزة” الجديد حينها قد يكون مميتًا ما أثار شكوك الدكتور ستاركو هو أن كميات الأسبرين غير الآمنة اليوم كانت تستخدم في الماضي بشكل عادي، إضافة إلى صعوبة التمييز بين أعراض الانفلونزا وأعراض الجرعة الزائدة من الأسبرين، لكن تظل تلك الفرضية غريبة بعض الشيء نظرًا لعدد الضحايا الضخم.

المصادر
CDC
CDC
STANFORD

جيرولامو فراكاستورو ما بين الطب والفلك

كان جيرولامو فراكاستورو عالما إيطاليا رائدًا في عضر النهضة، لقد كان ماهرًا في الأدب والشعر والموسيقى والجغرافيا والجيولوجيا والفلسفة وعلم الفلك والطب أشار إليه إدوارد أرموري وينسلو بأنه لم يأت مثله.

جيرولامو فراكاستورو

ميلاده وحياته

ولد “جيرولامو فراكاستورو” عام 1468 في عائلة كاثوليكية من المدينة الإيطالية فيرونا (البندقية حاليا)، كان السادس بين سبعة أشقاء وقد فقد أمه عندما كان طفلا، عاش فراكاستورو في رخاء على الرغم من أن عائلته ليست من النبلاء تلقى تعليمه الأول من والده، حيث درسه الأدب والفلسفة، ثم التحق بجامعة “بادوفا” وهناك درس الرياضيات والفلك والطب، وكذا الأدب والفلسفة.

في عام 1502، تخرج من الجامعة حاملا شهادة الطب. وفي نفس العام أصبح مدرسا للمنطق في جامعته، ثم انتقل بعد ذلك لتدريس علم التشريح، وآنذاك كان زميلا للفلكس البولندي “نيكولاس كوبرينيكوس”

مساهماته في الطب

بعد وفاة والده، غادر فراكاستورو “بادوفا” بعد أن تم إغلاقها لأسباب سياسية، فانتقل بعد ذلك للتدريس في “أكاديمية فيرولانا” بدعوة من صديقه، ثم عاد مجددا إلى “فيرونا” لمزاولة دراسته، وعمل كطبيب منذ 1509 إلى 1530وكان يتوافد عليه المرضى من أنحاء إيطاليا.

مؤيد مُبكر لنظرية الجراثيم

في عام 1546 طور فراكاستورو الفكرة التي تنص على أن العدوى تنتج من كائنات حية صغيرة، تتكاثر ذاتيا، وتنتقل إما بالاتصال المباشر أو غير المباشر (من خلال ملامسة الأشياء المصابة)، من أجل هذا أطلقوا على العالم فراكاستورو لقب “رائد في علم الأوبئة”.

لا يزال تأييد فراكاستورو لتلك الفكرة مثيرًا للجدل في ذلك الوقت، ومع ذلك فقد طغت آنذاك الفكرة الشائعة التي أخطأت في اعتقاد أن الهواء هو سبب الأمراض، وكل هذا قبل 300 عام من تحديد العالم الفرنسي “لويس باستور”(1822-1895) دور البكتيريا في التسبب بالأمراض، وتحديد العالم الألماني “روبرت كوخ”(1843-1910) الإجراء الخاص باثبات ان أمراضا معينة، تسببها كائنات معينة.

تشخيص الزهري

في عام 1521 نظم فراكاستورو القصيدة السردية “مرض الزهري” التي جعلته مشهورًا، تلك القصيدة احتوت على ما يقارب 1300 بيت باللغة اللاتينية، أسس استخدام مصطلح الزهري syphilis لهذا المرض الذي ينتقل عبر الاتصال الجنسي كان المصطلح مشتقًا من بطل القصيدة، الراعي سيفيلو.

وفقا للأسطورة التي ذكرها في القصيدة، فإن إله الشمس قد ألحق هذا المرض بسيفيلو، الذي أصبح غير مخلص له، لكن فيما بعد غفر له الإله وشفاه من خلال استخدام شجرة مورقة صنعها تسمى “غاياكوم”، والذي تعلم منها الناس صنع أدوية بوفرة للعلاج.

في القصيدة، نصحت الحورية الراعي أيضًا باستخدام الزئبق للعلاج، وتُرجمت القصيدة إلى الانجليزية في عام 1686. وبذل فراكاستورو جهده لنشر المعرفة عن الأصل والتفاصيل السريرية ل”مرض الزهري” في جميع أنحاء أوروبا.

مساهمات علمية أخرى

من المساهمات العظيمة الأخرى التي قدمها فراكاستورو، كتابه “كتاب النجوم” فقد اعتنق نظرية، أن الأرض والكواكب تدور حول نقطة ثابتة في مدارات كروية، وكان أول من استخدم مصطلح “قطب” للكرة الأرضية، واقترح استخدام خرائط مستقيمة الخطوط وكتكريم لجهوداته في علم الفلك، أطلق العلماء اسمه على أحد فوهات القمر

فوهة فراكاستورو

وفاته

احتفظ فراكاستورو بنشاطه العقلي العالي حتى سن الشيخوخة، توفي بجلطة دماغية في 1553، في منزلهثم نقل جثمانه إلى “فيرونا” ودفن في الكنيسة، في عام 1740 تم استخراج رفاته وعزموا على تشبيد نصب تذكاري لتكريم “فراكاستورو في فيرونا، في ساخة دي سينيوري.

تمثال فراكاستورو – ساحة دي سينوري

المصادر:

BRITANNICA
NCBI
YOUTDECIONARY

Exit mobile version