ما هو خسوف القمر؟

هذه المقالة هي الجزء 16 من 18 في سلسلة دليلك لفهم أهم الأجرام والظواهر الفلكية

بعض الحضارات فسرت هذه الظاهرة على أنها شيء مخيف جالب للشر، بينما فسرتها بعض الحضارات الأخرى على أنها ظاهرة لا يجب الخوف أو الحذر منها بل استقبالها بكل حفاوة. ثم جاء العلم فيما بعد بالطبع لتوضيح أسباب هذه الظاهرة وهدم أية خرافات متعلقة بها. فما هو خسوف القمر؟ وما هي أنواعه؟

كيف يحدث خسوف القمر؟

يتحرك القمر في مدار حول الأرض وفي الوقت نفسه تدور الأرض حول الشمس. في بعض الأحيان تتحرك الأرض بين الشمس والقمر وعندما يحدث هذا، تحجب الأرض ضوء الشمس الذي ينعكس عادة بواسطة القمر (ضوء الشمس هذا هو ما يجعل القمر يضيء). بدلاً من أن ينعكس الضوء من على سطح القمر، يسقط ظل الأرض على القمر، هذا هو «خسوف القمر-lunar eclipse». ويحدث هذا فقط عندما يكتمل القمر ويكون بدرًا. ونظرًا لأن مدار القمر حول الأرض يقع في مستوى مختلف قليلاً عن مدار الأرض حول الشمس، فإن المحاذاة المثالية لهذه الظاهرة لا تحدث دائمًا عندما يكون القمر مكتمل، ولكنها تحدث في حالات معينة.

الأنواع

«الخسوف الكلي للقمر-Total lunar eclipse»

يحدث حين يسقط «ظل الأرض الكامل-umbra» على القمر. لن يختفي القمر تمامًا، لكنه سيُلقى في ظلام رهيب يجعل من السهل تفويته إذا لم تكن تبحث عن الكسوف. لكن بعض ضوء الشمس الذي يمر عبر الغلاف الجوي للأرض يكون مبعثرًا ومنكسرًا أو منحنيًا، ويعاد تركيزه على القمر، مما يمنحه توهجًا خافتًا حتى خلال العملية برمتها. إذا كنت تقف على القمر وتنظر إلى الشمس، فسترى القرص الأسود للأرض يحجب الشمس بأكملها، لكنك سترى أيضًا حلقة من الضوء المنعكس يتوهج حول حواف الأرض. هذا هو الضوء الذي يقع على سطح القمر خلال الخسوف الكلي للقمر.

يتطور الخسوف الكلي للقمر بمرور الوقت، وعادةً ما يستغرق ذلك بضع ساعات للحدث بأكمله. وإليك كيفية عملها: تلقي الأرض ظلين يسقطان على القمر أثناء خسوف القمر. وهما «الظل-umbra» هو ظل كامل ومظلم و«شبه الظل-penumbra» هو ظل خارجي جزئي. ثم يمر القمر عبر هذه الظلال على مراحل. المراحل الأولية والنهائية، عندما يكون القمر في شبه الظل، ليست ملحوظة جدًا، لذا فإن أفضل جزء من الكسوف يكون خلال منتصف الحدث.

«الخسوف الجزئي للقمر-Partial lunar eclipse»

بعض حالات الخسوف تكون جزئية فقط. ولكن حتى الخسوف الكلي للقمر يمر بمرحلة خسوف جزئي. خلال هذا النوع، لا تكون الشمس والأرض والقمر مصطفين بشكل مثالي تمامًا، ويبدو كأن ظل الأرض يأخذ قضمة من القمر. وفقًا لوكالة ناسا، فإن ما يراه الناس على كوكب الأرض أثناء هذه الظاهرة يعتمد على كيفية اصطفاف الشمس والأرض والقمر.

«خسوف شبه الظل للقمر-Penumbral lunar eclipse»

هذا هو أقل الأنواع إثارة للاهتمام، لأن القمر في «شبه الظل-Penumbra» الخارجي الخافت للأرض. ما لم تكن مراقب سماء متمرس، فمن المحتمل ألا تلاحظ التأثير، حيث يكون القمر مظللًا بطبقة رقيقة من ظل الأرض. وقال “آلان ماكروبرت” كبير المحررين في مجلة سكاي آند تلسكوب، في بيان له أن الجزء الخارجي من شبه الظل للأرض شاحب لدرجة أنك لن تلاحظ أي شيء حتى تصل حافة القمر إلى منتصف الطريق على الأقل.

وفقًا لخبير الكسوف “فريد إسبيناك” فإن حوالي 35 ٪ من جميع الحالات هي خسوف شبه الظل القمر. و30٪ عبارة عن الخسوف الجزئي، حيث يبدو وكأن قضمة قد أخذت من القمر. ونسبة الـ 35٪ الأخيرة هي للخسوف الكلي للقمر، وهو حدث طبيعي جميل.

لماذا يظهر القمر في الكسوف الكلي باللون الأحمر؟

أثناء هذه الظاهرة، سترى ظل الأرض يزحف على وجه القمر. سيظهر الظل داكنًا، مثل قضمة مأخوذة من بسكويت، حتى يغطي الظل القمر بالكامل. بعد ذلك، خلال الوقت الكلي للخسوف، غالبًا ما يتغير الظل على وجه القمر فجأة. بدلًا من الظلام القاتم، يبدو باللون الأحمر. ينبع السبب من الهواء الذي نتنفسه. حيث أنه أثناء هذه الظاهرة، تقع الأرض مباشرة بين الشمس والقمر، مما يتسبب في إلقاء الأرض بظلالها على القمر. إذا لم يكن للأرض غلاف جوي، كان القمر سيظهر باللون الأسود، وربما حتى غير مرئي عندما يكون القمر بالكامل داخل ظل الأرض. ولكن بفضل الغلاف الجوي للأرض، فإن ما يحدث في الواقع هو أكثر دقة وجمالًا.

يمتد الغلاف الجوي للأرض حوالي 50 ميلاً (80 كم) فوق سطح الأرض. وعندما يكون القمر مغمورًا في ظل الأرض بالكامل، يشكل الغلاف الجوي حلقة دائرية حول الأرض تمر عبرها أشعة الشمس. يتكون ضوء الشمس من مجموعة من الترددات. عندما يمر ضوء الشمس عبر غلافنا الجوي، يتم تصفية الجزء الأخضر إلى البنفسجي من طيف الضوء بشكل أساسي. هذا التأثير نفسه، بالمناسبة، هو ما يجعل سمائنا زرقاء خلال النهار. وفي الوقت نفسه، فإن الجزء الأحمر من الطيف هو الأقل تأثراً.

علاوة على ذلك، عندما دخل هذا الضوء الأحمر الغلاف الجوي لأول مرة، كان منحنيًا و«منكسرًا-refracted» نحو سطح الأرض. هذا الضوء ينحني مرة أخرى عندما يخرج على الجانب الآخر من الأرض. يرسل هذا الانحناء المزدوج الضوء الأحمر إلى القمر أثناء الخسوف الكلي للقمر. اعتمادًا على ظروف الغلاف الجوي في وقت هذه الظاهرة (يمكن للغبار والرطوبة ودرجة الحرارة وما إلى ذلك أن تحدث فرقًا)، سيضيء الضوء الناجي من الغلاف الجوي القمر بلون يتراوح من اللون النحاسي إلى الأحمر الغامق.

كيفية المشاهدة

تعد هذه الظاهرة واحدة من الأحداث السماوية التي يمكن مراقبتها بسهولة. ما عليك سوى الخروج والبحث والاستمتاع. لا تحتاج إلى تلسكوب أو أي معدات خاصة أخرى. ومع ذلك، فإن المنظار أو التلسكوب الصغير يبرز تفاصيل سطح القمر ويجعل مراقبة القمر مثيرة للاهتمام أثناء هذه الظاهرة.

المصادر

ما هو كسوف الشمس؟

هذه المقالة هي الجزء 15 من 18 في سلسلة دليلك لفهم أهم الأجرام والظواهر الفلكية

يعد كسوف الشمس أحد أكثر العروض السماوية دراماتيكية في الطبيعة، ويحدث عندما تصطف الأرض والقمر والشمس في نفس المستوى ويمر القمر بين الأرض والشمس، ويغطي جزئيًا أو كليًا أقرب نجم لنا. في هذا المقال سنتحدث عن كسوف الشمس.

كيف يحدث الكسوف

يحدث عندما يكون القمر بين الأرض والشمس، والقمر يلقي بظلاله على الأرض. يمكن أن يحدث كسوف الشمس فقط في مرحلة المحاق (New moon)، عندما يمر القمر مباشرة بين الشمس والأرض وتسقط ظلاله على سطح الأرض. ولكن ما إذا كان هذا الاصطفاف ينتج كسوفًا كليًا أو جزئيًا أو حلقيًا للشمس يعتمد على عدة عوامل، كل ذلك سوف يتم توضيحه في المقال. منذ أن تشكل القمر منذ حوالي 4.5 مليار سنة، كان يبتعد تدريجيًا عن الأرض (بحوالي 1.6 بوصة، أو 4 سنتيمترات في السنة). يقع القمر الآن على مسافًة مثالية ليظهر في سمائنا بنفس حجم الشمس تمامًا، وبالتالي يستطيع حجبها. لكن هذا ليس صحيحًا دائمًا.

أنواع الكسوف الشمسي

الكسوف الكلي للشمس (Total solar eclipse)

إن قطر الشمس يبلغ 864000 ميل. أي أنه أكبر بـ 400 مرة من قطر قمرنا الضئيل، الذي يبلغ قياسه حوالي 2160 ميلًا فقط. لكن القمر أقرب إلى الأرض بحوالي 400 مرة من الشمس (تختلف النسبة لأن كلا المدارين بيضاوي الشكل)، ونتيجة لذلك، عندما تتقاطع المستويات المدارية وتصطف المسافات بشكل مثالي، يمكن أن يظهر المحاق وكأنه يمحي قرص الشمس تمامًا. في المتوسط، يحدث الكسوف الكلي في مكان ما على الأرض كل 18 شهرًا تقريبًا.

يوجد في الواقع نوعان من الظلال: الظل (umbra) هو ذلك الجزء من الظل حيث يتم حجب كل ضوء الشمس. يأخذ الظل شكل مخروط نحيل مظلم. وهو محاط بالظل المشعشع (penumbra)، وهو ظل أفتح على شكل قمع يحجب عنه ضوء الشمس جزئيًا. خلال الكسوف الكلي للشمس، يلقي القمر ظله (umbra) على سطح الأرض. أولئك الذين حالفهم الحظ في وجودهم في المسار المباشر لمنطقة الظل، سوف يرون قرص الشمس يتضاءل إلى هلال بينما يندفع ظل القمر الداكن نحوهم عبر المناظر الطبيعية.

خلال فترة الكلية (totality) القصيرة، عندما تكون الشمس مغطاة بالكامل، يتم الكشف عن الهالة (corona) الجميلة، وهي الغلاف الجوي الخارجي الضعيف للشمس. قد تستمر الكلية لمدة 7 دقائق و 31 ثانية، على الرغم من أن معظم الكسوف الكلي عادة ما يكون أقصر من ذلك بكثير. تعتمد القدرة على مشاهدته بشدة على موقعك ووجود سماء صافية (أو على الأقل غيوم غير مكتملة).

الكسوف الجزئي للشمس (Partial solar eclipse)

يحدث عندما يمر القمر بشكل مباشر تقريبًا بين الشمس والأرض وعندما يكون الشخص الذي يراقب الكسوف في منطقة شبه الظل. في هذه الحالة، يظل جزء من الشمس دائمًا مرئيًا أثناء الكسوف. يعتمد مقدار ما يبقى مرئيًا من الشمس على ظروف محددة. على عكس الكسوف الكلي للشمس، لا يحجب الكسوف الجزئي ضوء الشمس تمامًا، لذلك لا يصبح الوضع مظلمًا بالخارج كما هو الحال أثناء كسوف كلي.

الكسوف الجزئي للشمس

كسوف الشمس الحلقي (Annular solar eclipse)

الكسوف الحلقي، رغم أنه مشهد نادر ومدهش، يختلف كثيرًا عن الكسوف الكلي. ستظلم السماء إلى حد ما، وسوف يكون المشهد نوعًا من الشفق المزيف الغريب حيث أن جزئًا كبيرًا من الشمس لا يزال يظهر. الكسوف الحلقي هو نوع فرعي من الكسوف الجزئي، وليس كليًا. أقصى مدة للكسوف الحلقي هي 12 دقيقة و 30 ثانية.

ومع ذلك، فإنه يشبه الكسوف الكلي حيث يبدو أن القمر يمر مركزيًا عبر الشمس. الفرق هو أن القمر أصغر من أن يغطي قرص الشمس بالكامل. نظرًا لأن القمر يدور حول الأرض في مدار بيضاوي الشكل، يمكن أن تختلف المسافة بين القمر والأرض من 221،457 ميلاً إلى 252712 ميلاً. لكن مخروط الظل المظلم لظل القمر (umbra) يمكن أن يمتد لمسافة لا تزيد عن 235.700 ميل. هذا أقل من متوسط ​​مسافة القمر من الأرض. لذلك إذا كان القمر على مسافة أكبر، فإن طرف الظل (umbra) لا يصل إلى الأرض. خلال مثل هذا الكسوف، يصل ما يسمى بال (antumbra)، وهو استمرار نظري للظل، إلى الأرض ويمكن لأي شخص موجود بداخله أن ينظر إلى ما وراء جانبي الظل ويرى حلقة النار (ring of fire) حول القمر.

ببساطة شديدة نشهد كسوفًا كليًا وحلقيًا لأن المسافة بين الأرض والقمر تختلف. عندما يكون القمر قريبًا من الأرض، يظهر بحجم الشمس ونرى كسوفًا كليًا للشمس. عندما يكون بعيدًا، يبدو أصغر من الشمس ونرى كسوفًا حلقيًا.

الكسوف الشمسي الهجين (Hybrid solar eclipses)

هو نوع من كسوف الشمس الذي يشبه كسوف الشمس الحلقي أو الكسوف الكلي للشمس، اعتمادًا على موقع المراقب على طول مسار الكسوف المركزي. أثناء الكسوف الشمسي الهجين، يجلب انحناء الأرض بعض أجزاء مسار الكسوف إلى ظل القمر (umbra)، وهو الجزء الأكثر قتامة من ظله الذي يخلق كسوفًا كليًا للشمس، بينما تظل المناطق الأخرى خارج نطاق الظل، مما يتسبب في حدوث كسوف حلقي.

الكسوف الشمسي الهجين

كيفية التنبؤ بالكسوف

بالطبع لا يحدث عند كل محاق. وذلك لأن مدار القمر مائل بما يزيد قليلاً عن 5 درجات بالنسبة إلى مدار الأرض حول الشمس. لهذا السبب، عادة ما يمر ظل القمر إما فوق الأرض أو تحتها، لذلك لا يحدث كسوف للشمس. لكن كقاعدة عامة. يحدث على الأقل مرتين كل عام (وأحيانًا ما يصل إلى خمس مرات في السنة). فإن القمر الجديد سيحاذي نفسه تمامًا بطريقة لإحداث كسوف الشمس. تسمى نقطة المحاذاة هذه العقدة (node). اعتمادًا على مدى اقتراب القمر الجديد من العقدة، ستحدد ما إذا كان الكسوفًا مركزيًا أم جزئيًا. وبالطبع، فإن مسافة القمر من الأرض وبدرجة أقل، مسافة الأرض عن الشمس ستحدد في النهاية ما إذا كان الكسوف المركزي كليًا أم حلقيًا أم هجينًا.

ولا تحدث هذه الاصطفافات بشكل عشوائي، لأنه بعد فترة زمنية محددة سيتكرر الكسوف نفسه أو يعود. تُعرف هذه الفترة الزمنية بدورة ساروس (Saros cycle)، وهي معروفة منذ زمن علماء الفلك الكلديون الأوائل منذ حوالي 28 قرنًا. تعني كلمة Saros التكرار وهي تساوي 18 عامًا أو 11 يومًا وثلث (أو يوم أقل أو أكثر اعتمادًا على عدد السنوات الكبيسة التي تدخلت). بعد هذا الفاصل الزمني، تكون المواضع النسبية للشمس والقمر بالنسبة للعقدة هي نفسها تقريبًا كما كانت من قبل. يتسبب ثلث اليوم في الفترة الفاصلة في إزاحة مسار كل خسوف لسلسلة في خط الطول بمقدار ثلث الطريق حول الأرض إلى الغرب بالنسبة إلى سابقتها. على سبيل المثال، في 29 مارس 2006، اجتاح كسوف كلي أجزاء من غرب وشمال إفريقيا ثم عبر جنوب آسيا. وبعد دورة ساروس واحدة. في 8 أبريل 2024. سيتكرر هذا الكسوف، باستثناء بدلاً من إفريقيا وآسيا، سوف يحدث في شمال المكسيك ووسط وشرق الولايات المتحدة والمقاطعات البحرية لكندا.

كسوف الشمس ونظرية النسبية

اعتقد نيوتن أن الجاذبية كانت قوة بين جسمين، لكن نظرية أينشتاين للنسبية العامة لعام 1915م اعتمدت على فكرة أن الجاذبية تسبب انحناء الزمكان. وهذا يعني أن الأجسام الضخمة مثل النجوم تتسبب في انحناء مسار الضوء أثناء مروره بها. والشمس تعتبر جسم ضخم، وفقًا لنظرية أينشتاين، من شأنه أن يحني الضوء من النجوم البعيدة أثناء مروره أمامها. وعادةً ما تكون الشمس شديدة السطوع بحيث لا تلاحظ هذا الضوء. ولكن في الدقائق المظلمة القليلة من حدوث كسوف كلي، يمكنك رؤية النجوم بالقرب من الشمس.

منذ ما يزيد قليلاً عن 100 عام، قام رجل يدعى” آرثر إدينجتون” بإعداد رحلة استكشافية إلى موقعين. ذهب أحد الفريقين إلى جزيرة برينسيبي الواقعة في غرب إفريقيا، وذهب الآخر إلى سوبرال بالبرازيل. أتاح ذلك التقاط صور للكسوف من موقعين قياسات مقارنة لمواقع النجوم لإثبات صحة نظرية أينشتاين.

مشاهدته بالعين المجردة ضار

وفقًا للخبراء، يمكن أن يؤدي مشاهدة الشمس بالعين المجردة أثناء الكسوف إلى حرق شبكية العين، مما يؤدي إلى إتلاف الصور التي يمكن لدماغك مشاهدتها. يمكن أن تسبب هذه الظاهرة، المعروفة باسم “عمى الكسوف”، ضعفًا مؤقتًا أو دائمًا في الرؤية، وفي أسوأ السيناريوهات يمكن أن تؤدي إلى العمى القانوني (إذا كنت أعمى قانونيًا، فإن رؤيتك تكون 20/200 أو أقل في عينك الطبيعية. أو أن مجال رؤيتك أقل من 20 درجة. هذا يعني أنه إذا كان جسم ما على بعد 200 قدم، فعليك الوقوف على بعد 20 قدمًا من أجل رؤيته بوضوح. لكن يمكن لأي شخص يتمتع برؤية طبيعية أن يقف على بعد 200 قدم ويرى هذا الشيء تمامًا.)، مما يؤدي إلى فقدان كبير في الرؤية.

لا توجد أعراض فورية أو ألم مرتبط بالضرر، حيث لا تحتوي شبكية العين على أي مستقبلات للألم، لذلك من الصعب في ذلك الوقت معرفة ما إذا كنت مصابًا بالفعل بعمى الكسوف. إذا نظرت إلى الشمس بدون حماية، فقد تلاحظ على الفور تأثيرًا رائعًا أو وهجًا بالطريقة التي قد تلاحظها من أي جسم لامع  ولكن هذا لا يعني بالضرورة تلف شبكية العين. تبدأ الأعراض عمومًا في الظهور بعد 12 ساعة من مشاهدة الكسوف، عندما يستيقظ الناس في الصباح ويلاحظون أن رؤيتهم قد تغيرت ولا يمكنهم رؤية الوجوه في المرآة، ولا يمكنهم قراءة الصحيفة أو شاشة الهاتف الذكي، ويواجهون مشكلة في النظر إلى لافتات الطرق.

المصادر

تحويل المريخ، كيف ولماذا؟

لطالما سحرت السماء أعيننا، حتى قالت فيروز في أغنيتها: “شايف السما شو بعيدة؟ بعد السما بحبك”، فقد أدهشتنا السماء بنجومها وكواكبها وغموضها.
كانت السماء بعيدة المنال حتى أننا صرنا نقسم ببعدها عنّا، ونستخدم بعدها عنّا ككناية عن الكبر والاتساع، إلا أن العلم ساعدنا على الوصول إليها، لنستكشف ما فيها ونبحر في فضاءها الشاسع.
قرّب العلم السماء من أعيننا ومراصدنا، حتى أننا هبطنا على سطح القمر، والآن حان الوقت لمحطتنا التالية، المريخ، وهذه المرة نحن نخطط للاستقرار عليه.

لماذا نحتاج إلى المريخ؟

يقترب عددنا اليوم من 8 بليون نسمة، لكن الأرض لن تتحملنا لكثير من الوقت، فمواردها محدودة، وأعدادنا في زيادة مستمرة، كما أن كثرة عدد سكان كوكبنا أدى إلى زيادة المصانع وحركة المواصلات لتوفير الخدمات وفرص العمل لهؤلاء السكان، وهذا ما أثقل كاهل كوكبنا، بداية من ثقب الأوزون، مرورًا بالاحتباس الحراري، وصولًا إلى الحيوانات التي انقرضت نتيجة تدمير مواطنها والمد العمراني للبشر على حساب الغابات والمساحات الخضراء، مما أدى بالطبع إلى اختلال النظام البيئي الطبيعي.
أصبح كوكبنا مزدحمًا للغاية، نحتاج إلى كوكب آخر، يبدو كل من المريخ والزهرة خيارين جيدَين، ولكننا سنركز على المريخ، وإذا أردنا الاستقرار عليه فنحن نحتاج إلى تحويله ليناسب حياتنا.

صحراء باردة

يمتلك المريخ غلافًا جويًا رقيقًا للغاية، فالغلاف الجوي السميك للأرض (نسبيًا)، يحتبس أشعة الشمس لبعض الوقت ليرفع من حرارة الكوكب، بينما غلاف المريخ الرقيق يسمح بدخول أشعة الشمس وخروجها دون أي مقاومة تذكر، ودون أي احتفاظ بكمية تذكر من الحرارة، جاعلًا من الكوكب صحراء ميتة بدرجة حرارة تبلغ 60 درجة مئوية تحت الصفر!

ولكن كيف نحل هذه المشكلة؟

يمكننا أن نتعلم الدرس مما يحدث لكوكبنا، فالغازات الدفيئة تزيد من «تأثير البيت الأخضر-greenhouse effect»، والذي بدوره يرفع من درجة حرارة الأرض، فيمكننا أن نلجأ لضخ كميات معقولة من «الكلوروفلوروكربون-CFC» في غلاف المريخ الجوي، والذي سيساعد على احتباس حرارة الشمس داخل غلافه الجوي ليزيد من حرارته.

المجال المغناطيسي

بردت نواة المريخ وتصلبت على مدار بلايين السنين، ونتيجة لهذا الجمود فقد الكوكب مجاله المغناطيسي، لذا فسطحه في عرضة دائمة للإشعاع الكوني ولأشعة الشمس الضارة.
يساعد المجال المغناطيسي للأرض على تشتيت أشعة الشمس الضارة ليحمينا منها، وهذا نتيجة لتدفق المعادن السائلة في نواة الكوكب أثناء دورانه حول محوره.


بالطبع لا يمكننا إعادة تحويل نواة المريخ إلى حالتها السائلة، وهنا يمكننا أن نصنع مولدًا ضخمًا للمجال المغناطيسي بينه وبين والشمس، ليعمل على خلق مجال مغناطيسي يشتت أشعة الشمس الضارة عن سطحه، وهذا بالطبع يحتاج إلى تكنولوجيا بالغة التعقيد ومبالغ طائلة من المال.

الغلاف الجوي للمريخ

نحتاج إلى المزيد من ثاني أكسيد الكربون من أجل النباتات ولزيادة احتفاظ الكوكب بحرارته أيضًا، فكميات الكلوروفلوروكربون التي استخدمناها لن تفي بالغرض.
تتوافر كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون في الأملاح المترسبة في قشرة المريخ، ولكننا نحتاج إلى طاقة كبيرة لاستخراج هذه الكمية من ثاني أكسيد الكربون، لذا فسنقوم بإرسال الروبوتات والطابعات ثلاثية الأبعاد لصناعة الخلايا الشمسية باستخدام السيليكون الموجود على سطح الكوكب، وسنغطي مساحات واسعة من سطح المريخ بهذه الخلايا لتوفير الطاقة اللازمة لتشغيل الروبوتات المسئولة عن التعدين واستخراج الصخور التي تحتوي على ثاني أكسيد الكربون.

سنستخدم هذه الطاقة الكبيرة في «التحليل الكهربائي-Electrolysis» لأكاسيد المريخ الصلبة، والذي سيعطينا الأكسجين كمنتج ثانوي، ومن ثم تُستخدم الطاقة على الأملاح من الصخور المستخرجة من قشرة المريخ لتعطي ثاني أكسيد الكربون كمنتج ثانوي، وبهذا سنحصل على ثاني أكسيد الكربون وقليل من الأوكسجين، ومن هنا يمكننا إرسال الطحالب والبكتيريا المعدلة وراثيًا لتزيد من كمية الأوكسجين على الكوكب، فهذه الطريقة هي التي أتت بالأوكسجين إلى كوكبنا.

ولكن كيف نحصل على النيتروجين؟

قد تبدو هذه الفكرة مجنونة ولكننا سنحتاج هنا إلى توجيه النيازك من حزام الكويكبات باتجاه المريخ، وهذا بالطبع سيكون باستخدام أساطيل فضائية كبيرة (وهذه تكنولوجيا لا نملكها حتى الآن)، فهذه النيازك تحتوي على كميات لا بأس بها من النيتروجين، والآن بتنا نمتلك غلافًا جويًا!

الماء على المريخ

بعد أن أصبح لدينا غلاف جوي على المريخ، وبتنا نمتلك ضغطًا جويًا مناسبًا، أصبح بإمكان الماء التواجد في حالته السائلة بصورة مستقرة، ومن هنا يمكننا استخدام الأسلحة النووية، حيث أن المريخ يملك كميات من الماء المتجمد في قطبه الجنوبي، كما اكتُشف وجود كميات من الجليد على بعد أمتار تحت سطح المريخ وهنا ستلعب الأسلحة النووية دورها حيث ستستخدم في إذابة هذا الماء المتجمد، وها هو ذا الماء السائل!

الخلاصة

قد يبدو تحويل المريخ صعب المنال بل حتى مستحيلًا في المستقبل القريب، إلا أن حلم الإنسان القديم بالطيران قد تحقق، فالعلم هو وسيلتنا لتحقيق أحلامنا، وكما قال عالم الفيزياء الروسي «قسطنطين تسيولكوفسكي-Kostantin Tsiolkovsky»: “إن الأرض هي مهد الإنسانية، ولكن المرء لا يمكن أن يعيش في المهد إلى الأبد”.

المصادر

nature
space
nasa
scientificamerican
space
nasa
sciencedirect

التاريخ الكبير: قصة مجموعتنا الشمسية

وفقاً لما نشاهده في الأنظمة النجمية الخارجية، قد تأخذ عملية تشكل الكواكب بضعة ملايين من السنين، في قصة مجموعتنا الشمسية، قد تكون أخذت هذه العملية ما يقرب من 10 مليون سنة فقط، بينما عمر مجموعتنا هو 4.5 بليون سنة، ومن المرجح للشمس أن تعيش حوالي 5 بلايين أخرى من السنين، إذا فهذا أشبه بفترة حمل مدتها شهر، لامرأة تعيش 80 سنة!

قصة مجموعتنا الشمسية

يمكننا التعرف على تاريخ المجموعة الشمسية عن طريق ملاحظة النجوم الأخرى، التي تحوي أنظمة كوكبية بدائية، في طريقها نحو التشكل، والتكوين بصورة شبيهة بصورة مجموعتنا، تمكن الفلكيون من رصد بعد الأنظمة النجمية الأولية، إذ أنه وكما ناقشنا في جزء سابق من هذه السلسلة، تتكون النجوم بفعل الجاذبية التي تضغط الغازات سويًا حتى تزيد من حرارتها، مساعدة على احداث الاندماج النووي، ومما لا عجب فيه أن الجاذبية لا تضغط كل الغاز الموجود في محيطها، إذ تتبقى بعض الغازات التي تسبح حول النجم على شكل قرص، ومن ثم تهدأ هذه الغازات وتتجمع مع بعضها البعض، وتبرد، لتكون ما يعرف بالكواكب، على ما يبدو أن هذه هي الطريقة التي تكون بها نظامنا الشمسي.

لكن قد يبدو لنا أن هناك بعض الأماكن التي تفتقد الكواكب في مجموعتنا، فهناك «حزام الكويكبات-Asteroid belt»، و «حزام كويبر-Kuiper belt» الذي يحتوي على كوكب بلوتو، والذان يحتويان على مجموعة ضخمة من الصخور والجليد، دون أدنى تكون لأي كوكب، فلماذا إذا؟

حزام الكويكبات

ظهرت بعض الفرضيات لتبرير هذا الشأن، وهي تفترض بأن نظامنا الشمسي في طفولته لم يكن بهذه السكينة، إذ دخلت الكواكب مع بعضها البعض في تصادمات شديدة، هناك فرضية تقول بأن «المشترى-Jupiter» قد سافر في بدايته إلى داخل المجموعة الشمسية، حيث «الكواكب الصخرية-rocky planets»، ولكنه لم يهوى إلى داخل الشمس بفضل سرعته، إذ قذفته الشمس إلى الخارج مرة أخرى، وفي هذه الأثناء فقد بعضًا من كتلته، التي شكلت حزام الكويكبات الذي نراه.

لكن ماذا عن حزام كويبر؟

هناك العديد من الفرضيات بشأن نبتون وأورانوس، حيث أن بعض الفرضيات ترجح حدوث تبادل في الأماكن بين هذين الكوكبين، إذ أدى هذا التبادل وحركة الجذب والتنافر إلى فقدان البعض من كتلتهما، مما كون حزام كويبر.

الخلاصة

في الواقع هناك العديد من الفرضيات التي لا سبيل لنا للتأكد منها بشأن قصة مجموعتنا الشمسية، وفقاً لما نمتلكه من أدوات البحث العلمي الحالية، لكن مما لا ريب فيه أن العلم كل يوم يصير متأكدًا أكثر من بعض الأمور، فلا سبيل لمعرفة الحقيقة أفضل من العلم.

من كورس ل Coursera مقدم من «جامعة أمستردام-Amsterdam

coursera

لقراءة سلسلة التاريخ الكبير ج5 من هنا

Exit mobile version