كيف يؤثر اليود على الدماغ والذاكرة ؟

اليود هو عنصر كيميائي ضروري لصحة الجسم، ويلعب دورًا هامًا في عدة وظائف بيولوجية في الجسم. وهو عنصر لا يصنعه الجسم ويجب الحصول عليه من الطعام أو المكملات الغذائية. في هذة المقالة ستتناول بالتفصيل كيفية عمل هذا العنصر وكيف يؤثر على الدماغ وأهم مصادره.

ما مدى خطورة نقص اليود؟

من المعروف أن نقص اليود يشكل مشكلة صحية عامة كبيرة في 118 دولة، حيث يواجه ما لا يقل عن 1،572 مليون شخص خطر الإصابة بمرض نقص ذلك العنصر، ويصل عدد المصابين بتضخم الغدة الدرقية إلى 655 مليونًا على الأقل. ويتركز معظم هؤلاء الأشخاص في البلدان النامية في قارات أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، مع وجود أجزاء كبيرة من أوروبا التي تتعرض لنفس المشكلة.

بما كان يستخدم اليود تاريخياً ؟

تم استخدامه تاريخياً لأغراض مختلفة، بما في ذلك التطبيقات الطبية والتجارية والعلمية. منها:

  1. الاستخدام الطبي: تم استخدامه كمطهر منذ أوائل القرن العشرين. كما أنه يستخدم لعلاج ومنع نقص اليود، والذي يمكن أن يسبب تضخم الغدة الدرقية ومشاكل صحية أخرى.
  2. الاستخدام التجاري: يعد التصوير الفوتوغرافي أول استخدام تجاري له بعد أن اخترع لويس داجير تقنية لإنتاج الصور على قطعة معدنية في عام 1839. كما أنه له العديد من الاستخدامات الأخري في المستحضرات الصيدلانية والمطهرات وأحبار الطباعة والأصباغ والمحفزات وأعلاف الحيوانات والمواد الكيميائية الفوتوغرافية. و يستخدم أيضًا في صنع مرشحات استقطابية لشاشات LCD 3.
  3. الاستخدام العلمي: تم استخدامه في البحث العلمي والتجارب، خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر أثناء استخلاص أملاح الصوديوم الضرورية لأغراض أخرى.

كيف يعمل اليود؟

عندما تقوم بتناول مصادر هذا العنصر من الأطعمة أو المكملات الغذائية، يتم امتصاصه ويدخل مجرى الدم بشكل سريع، لتقوم خلايا الغدة الدرقية بأكسدته لاستخدامه في عملية إنتاج هرمونات الغدة الدرقية (الثيروكسين T4، ثلاثي يودوثيرونين T3). وتلعب هرمونات الغدة الدرقية دوراً حيوياً في عملية التمثيل الغذائي والحفاظ على درجة حرارة الجسم ونمو العظام بالإضافة إلى وظائفها الأخرى.

كيف يؤثر نقص اليود على نمو الدماغ؟ وما علاقته بالإدراك والذاكرة ؟

يؤثر نقصه على الدماغ بعدة طرق، منها:

  1. إنتاج هرمون الغدة الدرقية: يعتبر اليود مكونًا أساسيًا لهرمونات الغدة الدرقية، والتي تلعب دورًا مهمًا في نمو الدماغ. تنظم هرمونات الغدة الدرقية نمو الخلايا العصبية وتمايزها، وتشكيل المشابك العصبية، وإنتاج النواقل العصبية الرئيسية مثل الدوبامين والنورادرينفيرين والسيروتونين و GABA والأستيل كولين. وبالتالي فإن نقصه يؤثر على نمو الدماغ ووظيفته.
  2. بنية الدماغ: يمكن أن يؤثر نقصه على العديد من هياكل وأنظمة الدماغ، بما في ذلك الحُصين (الحصين هو بنية دماغية معقدة تقع في عمق الفص الصدغي حيث يلعب دورًا رئيسيًا في التعلم والذاكرة. ويقوم الحصين بتكوين الذكريات الجديدة وتنظيمها وتخزينها، ويربط أحاسيس وتجارب معينة بتلك الذكريات)، وبالتالي فإن نقصه يؤثر بالسلب على الذاكرة.
  3. الأداء المعرفي: يمكن أن يؤدي نقصه إلى ضعف في النمو الإدراكي والحركي، مما يؤثر على أداء الأطفال في سن المدرسة. ويمكن أن يؤدي إلى اضطرابات في النمو البدني والمعرفي.

تشير نتائج العديد من الدراسات إلى أن النقص المزمن لليود خاصة عند الأطفال، يقلل معدل الذكاء بحوالي 15 نقطة من نقاط الذكاء، ويعاني ما يقرب من 50 مليون شخص من درجة معينة من تلف الدماغ المرتبط بنقص اليود.

منظمة الصحة العالمية

4. الصحة العقلية: يلعب اليود دورًا في تنظيم الحالة المزاجية، ويمكن أن يساهم انخفاض مستوياته في مشاكل الصحة العقلية، بما في ذلك القلق والاكتئاب.

كيف يمكننا كشف نقص اليود؟

1. اختبار الرقعة : يمكنك تجربة اختبار أولي لنفسك في المنزل باستخدام اختبار رقعة اليود، حيث تقوم بوضع كمية صغيرة منه على بشرتك وانتظر حتى يجف. إذا اختفت رقعة اليود في غضون 24 ساعة، فقد يشير ذلك إلى أن جسمك يعاني من نقص هذا العنصر.

2. اختبار الدم أو البول: للحصول على تشخيص قاطع، ستحتاج على الأرجح إلى إجراء فحص دم أو بول بالإضافة إلى تقييم من طبيبك.

3. اختبارات التصوير: يمكن إجراء اختبارات التصوير، مثل الموجات فوق الصوتية أو مسح الغدة الدرقية، لقياس الغدة الدرقية وتقييم أي تشوهات.

 من المهم ملاحظة أنه لا يوجد اختبار يمكن أن يشخص بشكل موثوق نقص اليود لدى المرضى. لذلك، لتقييم نقصه، من الضروري اختبار اليود وشركائه مثل السيلينيوم والحديد والمغنيسيوم والزنك والكورتيزول وغيرها.

من هم المعرضون لخطر الإصابة بنقص اليود؟

  • الأشخاص الذين يعيشون في مناطق بها تربة تعاني من نقص اليود.
  • النساء الحوامل.
  •  الرضاعة الطبيعية والفطام.
  • الأشخاص الذين يتبعون أنظمة غذائية خاصة.
  • الاشخاص الذين يعانون من نظام غذائي رديء الجودة.
الكمية الموصى بها للبالغين الأصحاء هي 150 ميكروغرامًا في اليوم.

ما هى أهم مصادر اليود؟

  • الأسماك مثل التونة والجمبري والمأكولات البحرية الأخرى.
  • الأعشاب البحرية (نوري، واكامي، كومبو عشب البحر)
  •  الفاصوليا.
  •  تعتبر منتجات الألبان (مثل الحليب واللبن والجبن) مصادر مهمة له في الأنظمة الغذائية في أمريكا الشمالية.
  •  فواكه وخضراوات، وتعتمد كميته بها على التربة التي نمت فيها.
  • الملح المعالج باليود.

هل مكملات اليود آمنة؟

 قد تكون هناك حاجة لمكملات اليود إذا لم تحصل على كمية كافية من هذا العنصر في نظامك الغذائي. هناك أنواع مختلفة من مكملات اليود. بعضها يحتوي على نسبة عالية منه ويحتمل أن يسبب مشكلة. ويجب على البالغين تجنب الاستخدام المطول للجرعات التي تزيد عن 1100 ميكروغرام في اليوم، دون إشراف طبي مناسب. ويجب ألا تتجاوز الجرعات 200 ميكروغرام في اليوم للأطفال من سن 1 إلى 3 سنوات، و 300 ميكروغرام في اليوم للأطفال من سن 4 إلى 8 سنوات. كذلك، 600 ميكروغرام يوميًا للأطفال من سن 9 إلى 13 عامًا، و 900 ميكروغرام يوميًا للمراهقين.  هذه هي المستويات الأعلى المسموح بها.

يمكننا القول بأن اليود الذي يوجد بكميات ضئيلة في الجسم له أهمية كبيرة في صحة الدماغ ووظائفه. يساعد على إنتاج هرمونات الغدة الدرقية التي تؤثر على النمو العصبي والعضلي والجسدي، ويمكن أن يحسن من وظائف الذاكرة والتعلم. ومع ذلك، يجب الانتباه إلى أن تناول كميات كبيرة من اليود يمكن أن يسبب مشاكل صحية خطيرة، مثل فرط نشاط الغدة الدرقية وتضخمها، وهذا يؤثر سلباً على وظائف الدماغ.

بالتالي، فمن المهم التوازن بين تناول كميات كافية من اليود للحفاظ على وظائف الدماغ الصحية، وتجنب تناول كميات زائدة التي يمكن أن تؤثر سلباً على الصحة

المصادر

  1. Nutrition: Effects of iodine deficiency (who.int)
  2. Iodine: A Critically Important Nutrient (eatright.org)
  3. Iodine consumption and cognitive performance: Confirmation of adequate consumption – PMC (nih.gov)

الحصين حيث نحتفظ بالذكريات ونخلق الأحلام

يتّسم عمل الدّماغ بدقّة متناهية وتكاملٍ وظيفيّ يجمع بين مختلف أقسامه. غالباً ما يكون البناء المعرفيّ والنفسيّ أكثر تعقيداً وغموضاً من التّحكم بالوظائف الجسديّة. سنتحدّث في مقالنا عن جزء من الدّماغ تتداخل وظائفه ما بين تشكيل الذّكريات وبناء الأحلام والخيال، وهو الحصين أو قرن آمون.

لماذا يدعى الحصين؟

اكتُشف «الحصين-hippocompus» من قبل الجرّاح «يوليوس قيصر أرانتو -Julius Caesar Arantiu». وقد وصف شكله لأول مرة عام 1587 م مستعينًا بالمصطلح اللاتينيّ «hippokampos» والذي يعني حصان البحر. [1]

يتألّف التّشكيل الحصيني من عدة أقسام وهي: [2]

  • المناطق البنيويّة الأربعة(CA1-4) «لقرن آمون- cornu ammonis»
  • «التلفيف المسنن-dental gyrus»
  • «المرفد-subiculum»

وظائف الحصين

يقع قرن آمون في الفصّ الصدغي للدماغ، ويشكل جزءاً من الجهاز الحوفي الذي يعدّ مركزاً مهمًا لتنظيم الاستجابات العاطفية. [2] ويضمّ أيضاً الوطاء واللّوزة. تساعد هذه البنى في التّحكم بوظائف الجسم المختلفة مثل الجهاز الغدي وما ندعوه استجابة المواجهة أو الهروب. [1]

وهو مسؤول عن تحويل الذّاكرة قصيرة الأمد إلى ذاكرة طويلة الأمد تُخزّن في مكان آخر لاحقاً. كما يقوم بمعالجة واسترداد نوعين من الذّاكرة:[1]

1. الذّاكرة الصريحة وهي المتعلّقة بالحقائق والأحداث، مثل تعلّم كيفيّة حفظ نصّ لمسرحية ما.

2. الذّاكرة المتعلّقة بالعلاقات المكانية والفراغ، وترتبط بتذكّر الطرقات كسائق سيّارة الأجرة الذي يتعلّم الطرق داخل المدينة.

وقد دُعمت الفرضيّة المكانية للذاكرة عام 1971 باكتشاف تنشيط خلايا حصين فأر عند عبوره مسافات محددة من الحيّز المكاني حوله. وهذا ما أدّى إلى اعتباره أداةً يستخدمها الدّماغ لرسم مخطّطاتٍ وخرائط للبيئة المحيطة به. [2]

ماذا يحدث عند إصابة الحصين؟

يعاني الأشخاص نتيجة إصابة الحصين بسبب حادث أو مرض ما من فقدان الذّاكرة وعدم القدرة على تشكيل ذكريات جديدة طويلة الأمد. فقد لا يستطيعون تذكر الأحداث التي وقعت قبل فترة قصيرة من الإصابة، ولكنّهم قادرون على تذكّر الأشياء التي حدثت قبل فترة طويلة. ويعود ذلك إلى تخزين الذكريات القديمة في أجزاء أخرى من الدماغ عندما تم تحويلها إلى ذكريات طويلة الأمد. [1]

تجعل أذيّته تنقّل المريض من مكان إلى آخر صعباً. فقد يكون الشخص قادراً على رسم صورة للحيّ الذي سكن فيه في طفولته، ولكن يصعب عليه الذهاب إلى المتجر في منطقة جديدة. [1]

أجريت واحدة من الدراسات الأولى حول إصابة الحصين على مريض أُزيلت لديه مناطق من القسم المتوسط للفص الصدغي، وشملت الحصين والمناطق المحيطة به. وقد خضع المريض لهذه العملية عام 1953 للتخلص من نوبات الصّرع، وبعد الجراحة بقيت وظائفه الفكريّة سليمة ولكنّه فقد القدرة على تشكيل ذكريات جديدة، وتعرف هذه الحالة بفقدان الذاكرة. [2]

ويرتبط تلف خلاياه بالأمراض النّفسيّة والعصبيّة. فمثلًا، يتعرّض الحصين لخسارة الخلايا بشكل كبير في المراحل الأولى لمرض ألزهايمر. كما لوحظ تلفه في مرض الفصام، بالإضافة إلى تأثّره بالاكتئاب والضغط النفسي. [2]

علاقة الحصين بالأحلام

ترتبط علاقة الحصين بالأحلام بوظيفته المتعلّقة بالذاكرة، فحوالي نصف الأحلام تستمدّ على الأقل عنصراً واحداً من التجارب التي مرّ بها الشخص في حالة اليقظة. ومع ذلك فإنّ المرضى الذين تعرّضوا لإصابة في الحصين يحلمون أيضاً أحلاماً تتضمّن صوراُ من أحداثٍ جديدة لكن ليس لديهم ذاكرة واعية تجاهها.

فبالإضافة إلى ارتباطه بتشكيل الذّاكرة إلّا أنّه يستخدم الذكريات في بناء مشاهد متخيّلة وتصوّر أحداث مستقبليّة بشكلٍ متماسك يفتقده المصابون بخلل في الحصين.

وبملاحظة أربعة أشخاص يعانون من «فقدان الذاكرة-amnesi» ويفتقرون لوظائف الحصين، تبيّن افتقاد أحلامهم للتفاصيل الغنيّة، بالإضافة إلى قلّة عددها وتبين عدم وجود تفاصيل كافية فيما يتعلق بالحيز المكاني.

هذه الملاحظات تُبيّن أنّ المناطق المسؤولة عن بناء الأحلام في الدّماغ مشابهة لتلك التي تستعيد الذّكريات وتخلق صوراً وأحداثاً متخيّلة خلال اليقظة. فالأحلام كما الخيال والذاكرة تتطلّب تشكيل تفاصيل ومشاهد مبنيّة على ذكريات سابقة، ويبدو أن هذه العملية تعتمد على الحصين. [3]

وما زال هنالك الكثير لنعرفه عن آلية تشكيل الذكريّات وبناء الأحلام، من خلال مزيد من الدراسات حول الحصين والمراكز الأخرى المسؤولة عن الذاكرة.

المصادر:

1.Medical News Today | Hippocampus: Function, size, and problems

2. Britannica | Hippocampus | Definition, Location, Function, & Facts

3. eLife | Memory: How the brain constructs dreams

مم يتكون الجهاز العصبي المركزي؟

الجهاز العصبي المركزي (CNS) هو قسم من الجهاز العصبي، وظيفته تحليل ودمج مختلف المعلومات داخل الجسم. بالإضافة لكونه مركز القيادة الأعلى في الجسم. يتكون (CNS) من عضوين متصلين مع بعضهما البعض؛ الدماغ والنخاع الشوكي. يتم حمايتهما بثلاث طبقات من السحايا، ويحاطان بهيكلين عظميين؛ الجمجمة والعمود الفقري على التوالي.

 تتصل أجزاء الدماغ والحبل الشوكي مع بعضهما البعض عبر العديد من المسارات العصبية لتحليل المعلومات. يتم نقل الناتج النهائي إلى بقية الجسم عبر أعصاب الجهاز العصبي المحيطي (PNS) والتي تنبع مباشرة من CNS.

المادة الرمادية و المادة البيضاء

 ينقسم الجهاز العصبي المركزي من حيث الأنسجة إلى مادة رمادية ومادة بيضاء. تتكون المادة الرمادية من أجسام الخلايا العصبية وتفرعاتها والشعيرات الدموية. وبسبب الإمداد الدموي الغزير للمادة الرمادية، يتحول لونها إلى ورديٍّ أكثر منه إلى رمادي. تتموضع المادة الرمادية في الدماغ في الطبقات الخارجية، في حين تعتبر جوهر النخاع الشوكي.

تشير المادة البيضاء إلى مناطق الجهاز العصبي المركزي التي تكوِّن غالبية المحاور – وهي الحبال الطويلة التي تمتد من الخلايا العصبية. تغلَّف معظم المحاور بمايلين – وهو غطاء عازل دهني أبيض يساعد على انتقال الإشارات العصبية بسرعة وبشكل موثوق. توجد المادة البيضاء تحت السطح الرمادي في الدماغ، بينما توجد في الطبقة الخارجية المحيطة بالمادة الرمادية في النخاع الشوكي. [١]

الدماغ

تنقسم وظائف الدماغ لوظائف ظاهرة وأخرى خفية. إذ تنشأ كل الأفكار والمعتقدات والذكريات والسلوكيات والأمزجة داخل الدماغ. كما إنه موقع الفكر والذكاء، ومركز التحكُّم في الجسم كله. وينسِّق الدماغ قدرات الحركة واللمس والشم والتذوق والسمع والرؤية. ويمكِّن الدماغ الأشخاص من تشكيل الكلمات، والتحدث، والتواصل، والفهم والتعامل مع الأرقام، وتأليف وتذوق الموسيقى، والتعرف على الأشكال الهندسيَّة وفهمها، والتخطيط للمستقبل.

بالإضافة لذلك، يراجِع الدماغ جميع المحفزات والمنبِّهات ـ من الأعضاء الداخلية وسطح الجسم والعيون والأذنين والأنف والفم، ثم يتفاعل مع هذه المحفِّزات من خلال تصحيح وضعيَّة الجسم، وحركة الأطراف، كما يحدد الدماغ مستويات الوعي واليقظة.

وينقسم الدماغ إلى ثلاث مناطق رئيسية – الدماغ الأمامي والدماغ المتوسط ​​والدماغ الخلفي وأكبرهم الدماغ الأمامي. يمثل الدماغ الأمامي الطبقة الخارجية الكبيرة من الدماغ، والقشرة الدماغية المتجعدة، والهياكل الأصغر باتجاه مركزها، مثل المهاد، والوطاء، والغدة الصنوبرية.

يعمل الدماغ المتوسط ​​ كنقطة اتصال حيوية بين الدماغ الأمامي والدماغ الخلفي. ويوجد الدماغ المتوسط في الجزء العلوي من جذع الدماغ، الذي يربط الدماغ بالحبل الشوكي.

يحتوي الدماغ الخلفي – و هو الجزء السفلي الخلفي من الدماغ،  على بقية جذع الدماغ الذي يتكون من النخاع المستطيل والجسور والمخيخ –  وهو كرة صغيرة من أنسجة المخ الكثيفة تقع في اليمين على الجزء الخلفي من جذع الدماغ. [٢]

الحبل الشوكي

 هو بنية طويلة، هشة أنبوبية الشكل، تبدأ عند نهاية جذع الدماغ ويستمر إلى أسفل العمود الفقري. ويتكون الحبل الشوكي من الأعصاب التي تحمل الرسائل الواردة والصادرة بين الدماغ وبقية الجسم. ويحيط بالحبل الشوكي ثلاث طبقات من النسيج (السحايا) كما في الدماغ. ويتم حماية الحبل الشوكي والسحايا بقناة شوكية تمر من خلال وسط العمود الفقري.

يتكوَّن العمودُ الفقري من 33 عظمًا منفردًا من عظام الظهر (الفقرات) في معظم البالغين. وتمامًا مثلما تحمي الجمجمة الدماغ، تحمي الفقرات الحبل الشوكي. وتفصَل الفقرات بأقراص غضروفية، تعمل كوسائد، حيث تقلل من القوى الناتجة عن الحركات مثل المشي والقفز. تمتد الفقرات وأقراص الغضروف على طول العمود الفقري، وتشكل معًا العمود الفقري.[٣]

المصادر

  1. Central Nervous System: brain and spinal cord – Queensland Brain Institute – University of Queensland (uq.edu.au)
  2. Central nervous system: Anatomy, structure, function | Kenhub
  3. Central nervous system (CNS) anatomy | HealthEngine Blog

تأثير المرجعية الذاتية، كيف يشكل الدماغ تصوراتنا الذاتية؟

يسجل الدماغ كل التجارب التي نتعرض لها خلال حياتنا ويكوّن من خلالها معرفتنا لأنفسنا؛ وذلك من خلال ربط آلاف الخلايا العصبية مع بعضها. يبدو الأمر داخل أدمغتنا مثل حاسوب دائم التحديث للمعلومات، حيث أنه يحتفظ بصور ذهنية عن ذواتنا في الحاضر. وللذاكرة دور كبير في ثبات هويتنا الأساسية.

لا سيما أننا نستطيع الرجوع للماضي في أدمغتنا من خلال الذكريات، ونسافر إلى المستقبل من خلال تخيلاتنا للغد. كيف يشكل الدماغ تصوراتنا الذاتية؟

ما هي المناطق المسؤولة في الدماغ عن معرفتنا لأنفسنا؟

نشرت مجلة (SCAN) دراسة كشف فيها الباحثون قدرة إحدى المناطق الموجودة في الدماغ على تربيط معرفتنا لأنفسنا في الحاضر والمستقبل. وأن الإصابات في تلك المنطقة تتسبب قصور في تصورنا عن ذواتنا. وتسمى هذه المنطقة قشرة الفص الجبهي البطني (VMPFc). تعد هذه المنطقة هي المسؤولة عن تصوراتنا لأنفسنا وتثبيت الزمن المتعلق بهذه الصورة في دماغنا.

لاحظ اختصاصيو علم النفس أن عقولنا تعالج المعلومات المتعلقة بذواتنا على نحوٍ مختلف عن معالجتها للتفاصيل الأخرى. كما يتم استدعاء الذكريات التي تشير إلى الذات غالبًا بطريقة أسهل من أشكال التذكّر الأخرى في أدمغتنا. حيث تعتمد هذه الذكريات على «تأثير المرجعية الذاتية_SRE» الذي يمنح المعلومات المتعلقة بذواتنا امتيازًا خاصًّا.

كما وجد المختصون أن الذكريات المرتبطة بذواتنا تتميز عن الذكريات المتعلقة بأحداث محددة والذاكرة الدلالية التي ترتبط بمعرفتنا العامة.

وهكذا يصبح تأثير المرجعية الذاتية وسيلة لفهم الدور الذي تؤديه العمليات في الدماغ في صياغة معرفتنا لأنفسنا. حيث استعانت بعض الأبحاث بالتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI). حيث يمكن للباحثين قياس تدفق الدم بوصفه مقياسًا لنشاط الدماغ؛ وذلك لتحديد مناطق الدماغ التي تتنشط بسبب تأثير المرجعية الذاتية. وقد وجدت هذه الدراسات أن قشرة الفص الجبهي البطني مرتبطة بعملية التفكير في الذات.

تنقسم قشرة الفص الجبهي البطني إلى قسم علوي يسمى المنطقة الخارجية، وقسم سفلي يسمى المنطقة البطنية. تساهم المنطقتين في صياغة كافة أشكال التفكير المتعلقة بمعرفتنا بأنفسنا. يساهم كلاهما في صياغة أشكال التفكير المرتبطة بذواتنا؛ تقوم المنطقة الخارجية بوظيفة التمييز بين الذات والآخرين. كما أنها مرتبطة بأداء المهمات المختلفة؛ في حين يساهم القسم البطني في التعامل مع العواطف.

ماذا يحدث لتصوراتنا عن ذواتنا عند إصابة (VMPFc)؟

درس الباحثون في الدراسة السابقة حالات سبعة أشخاص ممن تعرضوا لإصابات في قشرة الفص الجبهي البطني. ومجموعة أخرى من ثمانية أشخاص لديهم إصابات في أجزاء أخرى من الدماغ، بالإضافة إلى 23 شخصًا سليمًا لا يعانون من أي إصابات في الدماغ. كان الهدف من الدراسة معرفة إن كانت المرجعية الذاتية تتأثر بشكل أكبر بإصابة الدماغ بشكل عام أم بإصابة قشرة الفص الجبهي البطني.

وقد خضع جميع المشاركين في الدراسة لاختبار عصبي نفسي شامل لمعرفة مدى قدرتهم على الخضوع لمجموعة من الاختبارات المعرفية. وتتضمن الطلاقة اللغوية والذاكرة المكانية قصيرة المدى. طلب الباحثون من المشاركين تحديد مجموعة من الصفات يرونها في أنفسهم وكذلك مجموعة من الصفات يرون بها أحد المشاهير في كلٍ من الوقت الحاضر وبعد مرور عشرة أعوام. وكان على المشاركين في وقت لاحق استدعاء هذه الصفات كاملة.

اكتشف الباحثون أن الأشخاص المصابين بإصابات أخرى في الدماغ تمكنوا من استدعاء عدد من الصفات المرتبطة بذواتهم في الحاضر والمستقبل أكبر من عدد الصفات المرتبطة بالمشاهير؛ وأن تأثير المرجعية الذاتية يشمل الذات المستقبلية والذات الحالية. إذ كان الأشخاص الذين لديهم إصابات في الدماغ أقل قدرةً من المشاركين الأصحاء على استدعاء التفاصيل المتعلقة بذواتهم المستقبلية.

جاءت نتائج الاختبارات التي أجراها الباحثون على الأشخاص الذين لديهم إصابة في قشرة الفص الجبهي البطني مختلفةً اختلافًا واضحًا. إذ أظهرمن لديهم إصابات في هذه المنطقة قدرة ضئيلة أو معدومة على تذكر صفاتهم وصفات المشاهير في الحاضر والمستقبل بالمقارنة ببقية المشاركين. كما كان هؤلاء الأشخاص أقل إيمانًا بقدرة الفرد على امتلاك سمات معينة بالمقارنة بالمشاركين الآخرين في الدراسة.

يمكن أن تساعدنا إصابات الدماغ على فهم وظيفة تلك المنطقة من الدماغ. كما توضح هذه الدراسة العلاقة بين إصابة قشرة الفص الجبهي البطني وتغير الشخصية وتبلد العواطف والكثير من التحولات في الوظائف العاطفية؛ كما توضح الدراسة أيضًا أن إصابة هذه المنطقة تؤدي إلى حدوث ذكريات كاذبة يسردها الأشخاص على أنها حدثت بالفعل بسبب خلل في آليات استعادة الذكريات وتتبعها. 

كيف تؤثر إصابة الدماغ على حاضرنا ومستقبلنا؟

طلب الباحثون من المشاركين التفكير في ذواتهم في الماضي؛ لكن قشرة أمام الفص الجبهي البطني لم تسجل أي نشاط أكثر من الذي سجلته عند التفكير في شخص آخر. وهكذا، يبدو أن ذواتنا الماضية غريبة على أنفسنا، كما لو كانت تخص أحد آخر. وقد قدم الباحثون تفسيرًا لهذه الحالة حيث أننا عند إدراك أي عيب في سلوكنا أو ذواتنا القديمة يجعلنا نميل إلى وضع مسافة بين الحاضر والماضي.

تضم القشرة الأمامية الجبهية شبكة تساهم في عملية التخطيط للمستقبل. وتتألف هذه الشبكة من الحُصين الذي يؤدي دور مهم في تشكيل الذاكرة العرضية التي تجعلنا نتكر أحداث حياتنا بتتابع زمني صحيح. والتأثير على نشاط الحُصين يؤدي إلى تغيير التخيلات الإبداعية والمستقبلية.

من الواضح أن التفكير المستقبلي قد أدى دورًا مهمًّا في تطور البشر؛ إذ من المحتمل أن تكون تلك القدرة قد أسهمت في تطور اللغة. كما أن لها دورًا رئيسيًّا في تحقيق التواصل بين البشر.

وبفضل هذه الأبحاث الجديدة أصبح لدينا الآن فكرة أفضل من أي وقت مضى عن المكان الذي تتشكل فيه هذه القدرة المحورية داخل الدماغ.

المصادر:

  1. scientific american

لماذا توجد المشاعر عند الإنسان؟

غالبًا ما نتمنى نحن البشر عند لحظات الألم الجسدي أو النفسي الشديدين لو أن لدينا القدرة على فقدان الشعور! هل تخيلت الفكرة؟ حياة كاملة بلا أي شعور بالألم أو الحزن، هل ستكون حياتنا أفضل بلا شعور؟ ولماذا توجد المشاعر عند الإنسان؟

أغلب البشر لا يستطيعون العيش بدون مشاعر، حيث أن وجود المشاعر ضروري جدًا لأنها تنقذنا من الوقوع في ظروف خطيرة أو مؤلمة. لذلك فإن العواطف جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، فهي تساعد على تنظيم الجسم وتحافظ على بقائنا أحياء، كما أنها ضرورية للمواقف الاجتماعية. لا سيما أن البشر لا يستطيعون العيش بمفردهم مدى الحياة.

لماذا وجدت المشاعر؟ وكيف يترجم دماغنا تركيبة المشاعر الغريبة؟

كيف تنقذنا المشاعر من الأمراض الجسدية؟

هل تساءلت يومًا عن تفسير شعورك بالألم الشديد في أحد أعضاء جسمك؟ إنها أحد أهم وظائف المشاعر. عندما تشعر بألم في معدتك يرسل الجسم إشارات إلى الدماغ ويحثه على اتخاذ ردة فعل تجاه هذا الألم. وهذا ما يسمى الفحص التلقائي لحالة الجسم الداخلية حيث أن ردة الفعل تحقق استجابة جيدة للجسم.

هناك خيار آخر، إذا واجهت نفس الحالة الصعبة ولم تحدث عملية الفحص التلقائي، بالتالي فإن دماغك لم يستجب لإشارات الجسم، قد يؤدي هذا إلى مضاعفات خطيرة، ومنها موت الجسم، إذًا هذا هو الغرض الأساسي الجسدي والتنظيمي للنظام العاطفي.

كما أن الإدراك يجعل الدماغ يفعل شيئين مختلفين أحدهما هو تعيين المعلومات، والآخر هو تلقي معلومات متعددة من عدة مدخلات حسية من أجسامنا وأيضًا من المساهمات الخارجية.

في الوقت نفسه، تحتاج إلى تحديد كل هذه المعلومات ومعالجتها وتسجيلها في الدماغ. وفي حال حدوث هذه الحالة في المستقبل؛ يتفاعل معها الجسم بشكل أسرع، كما أن الدماغ يحاول فهم ما حدث ويحاول ملأ الفجوة طوال الوقت. [1]

ما هي قيمة ودور العواطف؟

إن دور العواطف  أساسي جدًا، خصوصًا فيما يتعلق بعملية استدلال المخ على مواضع الألم. كتب طبيب الأعصاب أنطونيو داماسيو في عام 1994 كتابًا مثيرًا للاهتمام للغاية يسمى «خطأ ديكارت-the Descartes’ Error» الذي قدم فيه فرضية «العلامات الجسدية – Somatic marker hypothesis».

الأمر بسيط للغاية، يحاول الدماغ طوال الوقت تصنيف المعلومات التي يتلقاها على أنها تصنيف إيجابي أو سلبي أو نوع آخر من الفئات. كما يتم تسجيله في ذاكرة الدماغ من أجل الاستجابة بسرعة لموقف مثل هذا في المستقبل. لذلك يمكن للجسم أن يتذكر التجارب الجيدة والسيئة في الوقت نفسه. أتاحت البنية العاطفية ملء الفراغ لتركيز الانتباه أو لإجراء تقييم أو إعادة توليد للموقف. حتى أن التوقعات النفسية  يمكن أن تولد تقييمًا لتأثيرات معينة، أو حتى إدارة أهداف الجسم.

كيف يختلف تأثير المشاعر على الأشخاص باختلاف الأعمار؟

فحص الباحثون آثار العمر وطريقة الاستجابة والعاطفة المحددة على معرفة السعادة والحزن والغضب والخوف لدى 45 طفلاً في سن ما قبل دخول المدرسة تتراوح أعمارهم بين 26-54 شهرًا. تم وضع مقياس يتضمن الدمى لجذب انتباه الأشخاص، ولتضمين التقييم في التفاعل الاجتماعي المستمر.

أشارت النتائج باستخدام هذا المقياس إلى أن:

  1. الأشخاص الأكبر سنًا قاموا بتسمية التعبيرات العاطفية والتعرف عليها بشكل أفضل من الأشخاص الأصغر سنًا.
  2. القدرة على التعرف على التعبيرات العاطفية كانت أكبر من القدرة على تسميتها، وخاصة تعبير الخوف.
  3. كانت القدرة على التعرف على المشاعر السعيدة أكبر من القدرة على التعرف على المشاعر السلبية (أي الحزن والغضب والخوف)، في حين أن تسمية التعبير السعيد تفوق المشاعر الخاصة بتعبيرات الغضب أو الخوف.
  4. تجاوزت القدرة على التعرف على التعبيرات الحزينة وتسميتها قدرات التعرف على تعبيرات الغضب أو الخوف
  5. كان من الأسهل تفسير المواقف السعيدة والحزينة، كما ارتكب بعض الأشخاص أخطاء معينة لمشاعر معينة. [2]

كيف ساعدت المشاعر البشر على البقاء؟

ساعدت المشاعر أسلافنا من البشر الأوائل على النجاة بأنفسهم في الغابة، حيث أنهم كانوا بحاجة المشاعر لاتخاذ رد الفعل الصحيح ضد المخاطر التي واجهتهم حينها.

كما أن العواطف تساعدنا على اتخاذ القرارات والتخطيط للمستقبل. تناول كتاب “خطأ ديكارت” قصة مريض تمت إزالة الجزء التالف من الفص الأمامي لدماغه. حيث لاحظ الطبيب ضعف في قدراته الاجتماعية، على الرغم من أن قدرته على الحساب والفهم كانت جيدة، بل يمكن القول أنها ممتازة.

إلا أن الطبيب لاحظ في الوقت الذي قضاه مع المريض أنه لا يظهر أي نوع من العواطف، كما أقرّ المريض أن جميع الأشياء التي كانت تثير عاطفته توقفت عن فعل ذلك بعد إجراء العمل الجراحي، مما أضعف قدرته على اتخاذ القرار.

بدون المشاعر لن نكون قادرين إلى التوصل لحلول أو قرارات نهائية. ربما يكون البكاء نهاية لموجة حزن كبيرة، والغضب بداية إزاحة حمل عن كاهلك. كما أن كل أهدافنا التي نريد تحقيقها بحاجة لدافع أو قيمة مرتبطة بها، وبدون المشاعر ستضيع هذه القيمة.

لذلك علينا الاهتمام بفهم مشاعرنا، لأنها تعكس قيمنا الداخلية، واحتياجاتنا الفردية. كما أننا بفهم عواطفنا بإمكاننا تغيير سلوكنا وتوجيهه نحو الأفضل.

المصادر:

  1. coursera
  2. Child Study Journal

هل تمتلك الحيوانات مشاعر الانتقام؟

ضجت الأخبار في الآونة الأخيرة بقصة القرود في الهند التي قتلت 250 كلبًا انتقامًا لقرد رضيع قتلته الكلاب في الهند. حيث قامت عشرات القرود بمهاجمة الكلاب بشكل وحشي واختطفتهم من الشوارع وألقتهم من أماكم مرتفعة!

نشرت وسائل الإعلام صورة لأحد القرود وهو يمسك جروًا صغير ويصعد به إلى مكان مرتفع ويقذفه إلى أسفل. وحينما حاول الأطفال والأهالي حماية الكلاب وجهت القردة غضبها نحو السكان؛ وأُصيب بعضهم بجروح حينما هاجمت القرود طفلًا في الثامنة من عمره وجرّته بعيدًا، إلا أن الأهالي تمكنوا من إنقاذه قبل أن تقتله القردة الغاضبة.

دفعنا هذا الحدث للتساؤل عن مشاعر الانتقام؟ وما تأثيرها على أدمغتنا؟ وهل الانتقام صفة إنسانية خاصّة، أم أنه صفة تطورية تمتلكها باقي الحيوانات أيضًا؟

تفسير الانتقام عند البشر

رغم قسوة الانتقام، إلا أن العلم قد أظهر أن الدماغ البشري يمكن أن يستمتع بأنواع معينة منه. حيث كشفت فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي(MRI) أن التفكير في الانتقام ينشط مركز المكافأة. إذ يزيد إنتاج الدوبامين -الناقل العصبي الذي يُشعرك بالرضا- بنفس الطريقة التي يزيد بها عندما تتناول الحلوى أو المخدرات.

في هذا السياق، علينا أن نكون دقيقين جدًا في تمييز أنواع السلوك التي تُعتبر انتقامًا. كما علينا التفكير في السلوكيات التي تولدها الآليات النفسية المصممة للوظائف البيولوجية وفق «مايكل ماكولو- Michael McCullough» أستاذ علم النفس ومدير مختبر التطور والسلوك البشري.

قد تتساءل لم علينا أن نقوم بمثل هذا التمييز بين السلوكيات؟ حسنًا، هناك سلوكيات يمكن أن تبدو كأنها انتقام، ولكنها ليست كذلك. لنأخذ على سبيل المثال شعورك بنشوة الانتقام عند موت قاتل أبيك، هل كان راحة؟ أم إحساسًا بالعدالة؟ أم متعةً بسيطة للانتقام؟

ستسمع الناس يقولون أشياء تبدو صحيحة: إنها تصحيح خطأ ما، أو خدمة العدالة، لكن كل هذا حقًا غير كافٍ ليُسمى انتقامًا. فالانتقام لا يتمحور حول رغبة الإنسان بتحقيق العدالة.

لتعريف الأمثل للانتقام هو رغبتك بجعل مكاسب الأشخاص الذين قاموا بإيذائك أقل، كأن تصل إلى أعمق نقطة منهم وتُغير شعورهم الجيد الذي حققوه عند إيذائك.

أحد أهداف الانتقام هو تغيير حوافز عدونا لمواصلة الكفاح العنيف ضدنا. ترتفع رغبتك بالانتقام عندما يشاهد أشخاص آخرين تعرضك للإهانة، لأنك في تلك الحالة تفكر أنك إذا لم تنتقم ستُصبح لقمة سائغة في فم الجميع.[1[

هل يجب أن يكون الفعل قويًا ليُعتبر انتقامًا؟

ليس من الضروري حقًا أن يكون الفعل قويًا، مثلًا عندما تقود سيارتك ويصادفك سائق يتصرف معك بأسلوب متبجّح، قد تختار الصراخ أو الشتم. سبابك لن يدفع  السائق الآخر للخوف منك أو تحاشيك ولكنه نوعًا ما سيجعلك تشعر أن ذلك السائق لم يستطع إيذائك دون أن ينال عقابه.

قد يبدو السلوك غير فعال في العالم الحديث، ولكنه كان ليكون فعالًا جدًا في الوقت الذي ضُبطت فيه عقولنا حيث كان عدد الناس والمجموعات أقل مما هو عليه الآن.

ما هي آثار مشاعر الانتقام على الدماغ؟

نحن لا نشعر بالانتقام من أي شخص، ولكن نشعر بالرغبة في الانتقام حصرًا عندما يأتي الأذى من شخصٍ نهتم به ونعرفه جيدًا. لذا كغريب يشاهد الأحداث لن تشعر بشيء. فعندما يتعرض شخص ما للإهانة أو سوء المعاملة، لا ينشط نظام المكافأة في الدماغ فحسب، بل تنشط قشرة الفص الجبهي الأمامية للدماغ أيضًا.

تنشط هذه المنطقة عندما تخطط لتحقيق هدفٍ ما. لنقل أن هناك شيء تريد العمل عليه، مثل التدريب للماراثون القادم. حين نخطط لهذه الأنواع من الأهداف، نرى نشاطًا مختلفًا في القشرة الأمامية اليسرى. يهدف هذا النشاط إلى التخطيط لكيفية وصولنا إلى ما نريده. يبدو الانتقام في دماغنا كرغبة في الحصول على شيء نريده بشدة. [1[

هل نتشارك مشاعر الانتقام مع غيرنا من الكائنات الحية وفقًا لمسارنا التطوري؟

أحد المفاهيم التي اعتقد بعض الباحثين أنها فريدة من نوعها عند البشر هي فكرة الإنصاف، أي أن الجميع يجب أن يحصلوا على نفس المزايا والعيوب. وللتحقق مما إذا كانت الشمبانزي تؤمن بالإنصاف، درس الباحثون كيفية استجابتها لما قد يعتبره البشر حالات غير عادلة.

قام العلماء بوضع الشمبانزي واحدًا تلو الآخر في أقفاص، حيث يمكنها الحصول على الطعام من طاولة منزلقة خارج القفص. وكان لكل شمبانزي حبل يمكنه أن يرمي الطعام على الأرض عند سحبه. لم يقم أيًا من الشمبانزي بسحب الطاولة عندما كانوا يأكلون، ولكن عندما سرق أحد الشمبانزي الطعام من الآخر من خلال شدّ الحبل قام الأول بعدها بسحب الحبل 50% من المرات. تعتبر هذه التجربة دليلًا على أنهم يغضبون عندما يتم إيذائهم ويقومون بالانتقام حقًا.

هل يختلط انتقام القرود بالحقد؟

حسب التجربة السابقة نفسها، عندما وضع الباحثون الطعام أمام الشمبانزي ومنعوهم من الأكل، لم يسحبوا الحبل أو يرموا الطعام لمجرد رؤية القردة الأخرى تأكل منه. وهذا يشير إلى أن الشمبانزي ليس حاقدًا، فهم لم يعاقبوا باقي القردة لحصولهم على ما لا يمكنهم هم أنفسهم الحصول عليه. [2]

ما هي آلية انتقام القرود من بعضها؟

لا تعبث مع قرد، لأنك إذا فعلت ذلك، قد ينتقم من عائلتك وأصدقائك! ففي دراسة أُجريت على قرود المكاك اليابانية، ظهر أنها تجمع المعلومات عن شركاء بعضها البعض لتستفيد منها عندما يحين وقت الانتقام. اهتم الباحثون بمسألة كيفية حصول المكاك على مثل هذه الدراية الاجتماعية والاستفادة منها، لذا قرر الباحثون التركيز على نوبات العدوان.

اطلعت المجموعة البحثية على أكثر من 500 ساعة من تسجيلات الفيديو التي تظهر التبادلات التي جرت في مجموعة من 57 قرد مكاك يعيشون في حديقة حيوانات روما. ثم قاموا بتحليل حوالي 15,000 حلقة من العدوان التي خاضها القرود، منتبهين إلى العلاقات بين الأفراد المعنيين.

أولًا، أكد الباحثون أن القرود التي تجد نفسها في الطرف المعتدَى عليه تميل إلى الالتفاف ورد العدوان على طرف ثالث. وغالبًا ما يوجه هذا الانتقام إلى أحد أقارب المعتدي الأصلي. ولكن كيف تحدد القرود من هم الأقرباء؟

حسنًا، قد تعتقد أن الإجابة تكمن في أنهم كانوا متواجدين لفترة كافية ليكبروا سويًا، ولكن لا يبدو أن هذا هو الحال. عندما نظر الباحثون في الصراعات التي تنطوي على القرود الأكبر سنًا، تبين أن الأقارب لم يتم استثنائهم من الانتقام. حيث بدا أن الضحايا سيستهدفون شركاء مهاجمهم (القرود الأخرى المرافقون له). إن لم يكونوا أقاربه، فهم على الأرجح المقربون منه.

ومن المثير للاهتمام، أن هناك فائدة لضرب أفراد الأسرة في سبيل تحقيق العدالة. كانت قرود المكاك التي بحثت عن أقارب القرود التي أرادت تسوية الحساب معهم أقل عرضة للإيذاء مرة أخرى في المستقبل. في حين بدا أن النحيب على الأصدقاء لم يقدم سوى ارتياح فوري، ولكن لن يضمن الحماية في المستقبل. [3]

المصادر

  1. scientific american
  2. live science
  3. scientific american

تلف خلايا الدماغ | الأسباب والأعراض والعلاج

يتكون دماغ الإنسان من حوالي 100 مليار خلية عصبية على عكس الخلايا الأخرى، لا تتكاثر الخلايا العصبية أو تتجدد وترسل الخلايا العصبية إشارات إلى دماغك وتستقبلها ومن بين كل الخلايا فهي حقًا فريدة من نوعها من الناحية الهيكلية والوظيفية. وأوضحت الدراسات أنه يعاني حوالي 2.5 مليون فرد من إصابات الدماغ ويتوفى تقرييًا 50.000 ويعاني 80.000 من إعاقة دائمة كل عام. وفي هذا المقال سنتعرف عزيزي القارئ على تلف الدماغ وأعراضه وأسبابه وتشخيصه والعلاج… وقبل الدخول في موضوعنا علينا دعنا بداية نتعرف على مكونات وأنواع الخلية العصبية.

مكونات الخلية العصبية

تختلف أجزاء الخلايا العصبية في الحجم والشكل والبنية حسب دورها وموقعها وبالرغم من ذلك فجميع الخلايا العصبية تحتوي على ثلاثة أجزاء رئيسية وهم:

جسم الخلية

جسم الخلية يعرف أيضًا باسم «Soma» وهو جوهر الخلية العصبية، فهو يحمل المعلومات الجينية ويحافظ على بنية الخلايا العصبية ويوفر الطاقة للقيام بالأنشطة اليومية. ومثل أجسام الخلايا الأخرى يحتوي على نواة وعضيات متخصصة ومحاط بغشاء يحميه.

محور الخلية العصبية

المحوار أو المحور عبارة عن هيكل طويل يشبه الذيل وتحتوي كل الخلايا العصبية بشكل عام على محور عصبي واحد يرتبط بجسم الخلية عند تقاطع يسمى رأس المحور العصبي وتُعزل العديد من المحاور بمادة تسمى «المايلين-Myelin» ويساعد المايلين المحاور العصبية في توصيل الإشارات الكهربية.

التشعبات العصبية

التشعبات العصبية أو الزوائد الشجرية هي جذور ليفية تتفرع من جسم الخلية، تستقبل وتعالج الإشارات من المحاور العصبية ويختلف عددهم بناء على دورهم. فمثلًا خلايا «بركنجي-Purkinje» نوعًا خاص من الخلايا العصبية المتواجدة في المخيخ فهي متطورة للغاية وتسمح باستقبال آلاف الإشارات.

ما هي أنواع الخلايا العصبية؟

تختلف أنواع الخلايا العصبية في التركيب والوظيفة وبالنظر إلى ذلك العدد الهائل من الخلايا العصبية فهناك آلاف من الأنواع المختلفة مثل وجود آلاف الكائنات الحية على الأرض. وهي الوحدات الأساسية للدماغ والجهاز العصبي.

فمن حيث الوظيفة يصنف العلماء الخلايا العصبية إلى ثلاثة أنواع:

الخلايا العصبية الحسية

الخلايا العصبية الحسية هي من تساعدك على التذوق والشم والسماع والرؤية… تجعلك تشعر بالعالم من حولك.

فمثلًا ركضك على الرمال الساخنة ينشط الخلايا العصبية الحسية في باطن قدميك. فترسل هذه الخلايا رسالة إلى عقلك تجعلك تدرك تلك الحرارة.

الخلايا العصبية الحركية

الخلايا العصبية الحركية تلعب دورًا في الحركات الإرادية واللاإرادية، وتسمح للدماغ والحبل الشوكي بالتواصل مع العضلات والأعضاء والغدد في جميع أنحاء الجسم. هناك نوعان منها العلوي والسفلي، فالخلايا العصبية السفلية تحمل الإشارات من الحبل الشوكي إلى العضلات الملساء والعضلات الهيكلية بينما الخلايا العصبية العلوية تحمل إشارات من الدماغ إلى الحبل الشوكي (حيث الخلايا العصبية السفلية التي تأخذ الإشارات منها).

فمثلًا عندما تأكل ترسل الخلايا العصبية الحركية السفلية في الحبل الشوكي إشارات إلى العضلات الملساء في المريء والمعدة والأمعاء؛ فتنقبض تلك العضلات مما يسمح للطعام بالمرور عبر جهازك الهضمي.

الخلايا العصبية الداخلية

الخلايا العصبية الداخلية هي وسيط عصبي بين الدماغ والحبل الشوكي، وهي أكثر أنواع الخلايا العصبية شيوعًا وتنقل إشارات من الخلايا العصبية الحسية إلى الخلايا العصبية الحركيّة، فتعتبر وسيط بين الخلايا وبعضها.

فمثلًا عند تلمس كوبًا من الشاي الساخن، ترسل الخلايا العصبية الحسية في أطراف أصابعك إلى الخلايا العصبية الداخلية في الحبل الشوكي، فتقوم الخلايا العصبية الداخلية بتمرير تلك الإشارات للخلايا العصبية الحركية في يدك، مما يجعلك تحرك يدك.

فبعد تلك المقدمة البسيطة عن الخلايا العصبية، لنبدأ الآن في معرفة ما هو تلف الدماغ | أسبابه وأعراضه والعلاج.

ما هو تلف الدماغ؟

يحدث تلف الدماغ عندما يصاب دماغ الشخص بإصابة رضحية كالسقوط أو حادث سيارة أو إصابات غير رضحية كالسكتة الدماغية. أو ربما بسبب الاكتئاب، إذ يعاني 280 مليون شخص في العالم من الاكتئاب، وتشير الدراسات إلى أن الاكتئاب يسبب ضمور الخلايا -موت الخلايا وفقدانها تدريجيًا- (يتم علاج ذلك بأدوية المضادة للاكتئاب) ولكز حتى بعد العلاج من الاكتئاب يستمر الضرر في صورة صعوبات في التذكر والتركيز.

فلا يعود الدماغ كما كان سابقًا فهو ليس كالجروح أو الإصابات الأخرى بجسدك وفي السطور التالية سنوضع أنواع وأسباب وأعراض والعلاج لإصابات الدماغ التي تؤدي لتلفه.

ما هي أنواع الإصابات التي تؤدي لتلف الدماغ؟ وما هي أسبابها؟

الإصابات الرضحية

الإصابات الرضحية أي المتعلقة بصدمة ما والإصابات غير الرضحية. فتحدث إصابات الدماغ الرضحية بسبب ضربة أو إصابة قوية في الرأس تؤدي إلى إتلاف الدماغ وأنواعها:

  • إصابة الرأس المغلقة وهي تحدث عندما تخترق قوة خارجية الرأس مثل ضربة في الرأس أو الجمجمة وتسبب إصابة وتورمًا في الدماغ.
  • إصابة مخترقة وهي نوع تسببه رصاصة أو سكين أو أي أداة حادة أخرى وتعرف بإصابة الرأس المفتوح كذلك.
  • ارتجاج في المخ ويكون نتيجة لإصابة في الرأس المغلقة أو المخترقة وتسبب ضعفًا في وظائف المخ.
  • الكدمة هي إصابة تسبب نزيف في الدماغ وهي ناتج عن ضربة في الرأس.
  • متلازمة هز الرضيع وتعرف باسم صدمة الرأس المؤذية وذلك نتيجة هز طفل بقوة.

الإصابات غير الرضحية

الإصابات غير الرضحية ويطلق عليها الأطباء أيضًا الإصابات الدماغية المكتسبة وأنواعها:

  • نقص الأكسجين مثل الاختناق أو الغرق…
  • التهاب الدماغ وهناك عدة أسباب للإصابة به ولكن أكثرهم شيوعًا هي العدوى الفيروسية وغالبًا ما يتسبب التهاب الدماغ في ظهور علامات وأعراض شبيهة بالإنفلونزا الخفيفة -مثل الحمى أو الصداع- أو عدم ظهور أيه أعراض.
  • السكتة الدماغية وتحدث نتيجة عدم تدفق الدم إلى الدماغ بسبب جلطة دموية أو نزيف في المخ.
  • الورم الدماغي ويشمل سرطان الدماغ والأمراض المرتبطة بالسرطان.

أعراض تلف الدماغ

الدماغ عضو معقد فكل جزء له وظائف مختلفة ويمكن أن تحدد المنطقة المتضررة أعراض الشخص ويمكن أن يتسبب تورم الدماغ في ظهور أعراض مختلفة.

فمثلًا من الأعراض:

  • صعوبة الرؤية.
  • تأثر التوازن.
  • صداع في الرأس.
  • النوبات.
  • مشاكل في الذاكرة.

كذلك يمكن أن يتسبب تلف الدماغ في تغيرات في الشخصية بالإضافة للأعراض الجسدية. ففي بعض الأحيان، قد يكون الطبيب قادرًا على التنبؤ بالأعراض التي قد يعاني منها الشخص بناء على منطقة معينة تعرضت للتلف في الدماغ. أمثلة على أعراض الإصابة بأجزاء معينة في الدماغ:

  • الفص الجبهي وهو الجزء الأمامي من الدماغ (تحت الجبهة) والمسؤول عن الوظائف التنفيذية مثل التخطيط للمستقبل والحكم ومهارات اتخاذ القرار وتحويل الأفكار إلى كلام والمهارات الحركية وتكوين الذكريات وفهم مشاعر الآخرين والتفاعل معها وتشكيل الشخصية…
  • الفص الصدغي (تحت الأذنين) ويتمركز دوره حول المحفزات السمعية والذاكرة والعاطفة. فهو المسؤول عن تفسير المعلومات في شكل أصوات للأذنين. ويستقبل الترددات والأصوات والنبرات المختلفة ويعطيها معنى ويلعب دور في التعرف على الأشياء وفهم اللغة.
  • الفص الجداري وهو المسؤول عن معالجة المعلومات الحسية والتي تتعلق بالحواس الخمس، ويقع في الجزء العلوي الخلفي من الجمجمة.
  • الفص القذالي وهو المسؤول عن الإدراك البصري مثل اللون والشكل والحركة…

كذلك يمكن أن تكون إصابات جذع الدماغ -يقع في الجزء السفلي الخلفي من الرأس- كارثية، وهو المسؤول عن التنفس ومعدل ضربات القلب ودورات النوم.

كيف يتم تشخيص تلف الدماغ؟

ينظر الأطباء أولًا للأعراض والأحداث التي أدت إلى إصابته فعلى سبيل المثال قد يسألون ما إذا كان الأشخاص الآخرون قد رأو الشخص يفقد وعيه لفترة زمينة أم لا.

سينظرون أيضًا إلى سلوكياته وهل اختلفت عن ما كان معتاد أم لا. من ثم إجراء فحوصات لتحديد مدى الإصابة مثل فحوصات التصوير المقطعي أو الفحوصات الآخري التي تدل على وجود أورام أو نزيف أو أي أضرار أخرى في الدماغ.

كذلك تحاليل الدم التي قد تكشف عت علامات العدوى وآثار وأسباب الإصابات الرضحية وغير الرضحية. اختبارات الدماغ أيضًا، فقد طور الأطباء عددًا من الاختبارات التي تستهدف مناطق معينة من الدماغ مثل الذاكرة وحل المشكلات والتركيز.

أنواع العلاج حسب الأعراض

تعتمد علاجات تلف الدماغ على نوع الإصابة وأعراض الشخص. يمكن أن تختلف أيضًا بمرور الوقت، ووفقًا للمعهد الوطني للاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية، فإن ما يقدر بنحو 50% من المرضى الذين يعانون من إصابات خطيرة في الرأس يحتاجون إلى جراحة. وذلك عندما يكون هناك نزيف كبير في الدماغ أو ورم في أو أجسام غريبة في الجمجمة أو الدماغ نفسه. فيضع الجراح أدوات لمراقبة ضغط الشخص داخل الجمجمة أو لتصريف الدم أو السائل الدماغي النخاعي ويمكن أن يساعد ذلك في تقليل الضغط في الدماغ ومنع الإصابة المستمرة.

إذا كانت إصابة الدماغ شديدة أو تعرض لإصابات أخرى في الجسم، فسيدخل الطبيب أنبوب تنفس لدعم تنفسه أثناء شفاء دماغه وجسمه. يمكن للأطباء أيضًا إعطاء مضادات حيوية لعلاج الالتهابات أو أدوية لعلاج اختلال التوازن.

بعد علاج أكثر مراحل الإصابة خطورة، يوصي الأطباء تحت إشرافهم المريض بعلاجات مثل

العلاج الطبيعي و النفسيى.

يمكن أن تستغرق إصابة الدماغ وقتًا وجهدًا للتعافي وقد لا تعود دماغ بعض الأشخاص أبدًا إلى وظائفهم المعرفية بشكل كامل عما كانت قبل إصابتهم.

كيف يمكنك الوقاية من الإصابات التي تؤول لتلف الدماغ؟

يمكنك الوقاية من خلال الأخذ بالإجراءات الاحترازية عند السفر أو خروجك من المنزل عامة أو ممارسة الرياضة كربط حزام الأمان عند ركوب سياراتك كذلك عند ممارستك أي رياضة. فمثلًا ركوب الدرجات يلزم ارتداء خوذة وإذا كان لديك أطفال تجنب متلازمة هز الرضيع وكذلك أجعل المكان المتواجدين به أمن. إذ سقطت أو تعرضت دماغك لأي ضرر -حتى لو طفيف بالنسبة لك- توجه إلى الطبيب فورًا وتذكر الأسباب السابقة التي عرضنها جيدًا.

المصادر

هل الدماغ البشري عبارة عن آلة ذكية؟

هذه المقالة هي الجزء 3 من 10 في سلسلة 9 موضوعات في علم النفس التطوري

هل الدماغ البشري عبارة عن آلة ذكية؟

محرِّكات بحث، آلات قيادة السيارات، تلسكوبات استكشاف الكواكب الجديدة.. وآلات ذكية في كل مكان! أصبحت الآلات الذكية جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وهي قادرة على القيام بوظائف صعبة ومعقدة. فهل تستطيع هذه الآلات “التفكير”؟ وإلى أي مدى يشبه الدماغ البشري هذه الآلات الذكية التي صنعناها بأنفسنا؟ هل الدماغ البشري عبارة عن آلة ذكية؟

تورينغ والآلات الذكية

كثيرًا ما تبهرنا الوظائف المعقدة التي تستطيع الآلات الذكية تأديتها. فبإمكان أي آلة أداء وظيفتها بإتباع مجموعة محددة وثابتة من الأوامر. أما الآلة الذكية، فهي إضافًة إلى ذلك، قادرة على تمييز المعلومات والتفاعل معها من خلال ما نسميه بالـ«حساب – Computation». والمقصود بالحساب هو طريقة لحل المسائل تتم باتباع سلسلة تعليمات تسمّى بالـ«خوارزمية – Algorithm». وتتكوّن الخوارزمية من سلسلة خطوات بسيطة وسهلة جدًا، لكن تتابعها وتراكمها قادرٌ على صنع سلوك معقّد وذكي.

يعتبر عالم الرياضيات البريطاني «ألان تورينغ – Alan Turing» من أكثر المؤثرين في عالم الحساب والذكاء الاصطناعي اليوم. فقد تمكن تورينغ من تصميم نموذج بسيط يحاكي عمل الحاسوب، قادر على القيام بأي مهمة وحل أي مسألة مهما زاد تعقيدها، بشرط أن يعطى النمط أو الخوارزمية اللازمة، مع المساحة والذاكرة الكافية. وبذلك، تم اختصار صعوبة إنجاز السلوكيات المعقدة بإيجاد الخوارزمية المناسبة لها. يعرف هذا النموذج بآلة تورينغ. 

ولكن ما هي الخوارزميات القادرة على خلق السلوكيات الذكية؟

لسنين عديدة، ظلت الخوارزميات المعتمَدة هي تلك التي تحتوي على قواعد وعناصر لغوية. ثم أصبحت مؤخرًا تحتوي على شبكات من الخلايا الرقمية المتشابكة، المستوحاة من طريقة عمل الدماغ. تسمى تلك الشبكات بـ«شبكة اتصال – Connectionist network».

من هنا، وُلد تساؤل جديد حول عمل الدماغ: هل للسلوكيات المعقدة والذكية التي يصدرها الدماغ البشري آلية مماثلة لتلك الموجودة في الآلات الذكية؟ هل يمكن اعتبار الدماغ البشري آلة ذكية شديدة التعقيد؟

النظرية الحاسوبية للعقل

لم تقتصر النظرية الحاسوبية على طريقة لبناء آلات ذكية لتسهيل حياتنا. بل هي أيضًا تقترح أن نعيد النظر فيما نعرفه عن عقلنا البشري، فقد يكون العامل الذي يجعل آلة ما ذكية، هو نفسه العامل الذي يخولنا أن نكون أذكياء. وبذلك تكون النظرية الحاسوبية ليست مجرد أداة هندسية، بل هي وسيلة لفهم طريقة عمل الدماغ. من هنا، نشأت «النظرية الحاسوبية للعقل –Computational Theory of mind ».

في عام 1943، اقترح العالمان الأميركيان «وارين ماك كولوتش – Warren McCulloch» و«والتر بيتس- Walter Pitts» أن نموذج آلة تورينغ قد يكون نموذجًا جيدًا لوصف الدماغ.

وفي الستينيات، أصبحت هذه النظرية مركزية في العلوم الناشئة في مجال العلوم المعرفية. وفي العام 1967، طرح الفيلسوف الأميركي «هيلاري بوتنام – Hilary Putnam» النظرية الحاسوبية بشكلها الحديث.

في السبعينات، اعتبر عالم الأعصاب البريطاني «ديفيد مار – David Marr» أن النظرية الحاسوبية للعقل تفسر وتجيب عن ثلاثة أسئلة أساسية متعلّقة بالعقل. الأسئلة هي: “ما هي المهمة التي ينجزها العقل؟ لماذا ينجزها؟ وكيف؟”.

علاقة النظرية الحاسوبية للعقل بمعضلة الوعي

تعتبر النظرية الحاسوبية للعقل أن طريقة عمل شبكات الخلايا العصبية كآلة تورينغ ليست مسؤولة فقط عن القدرات المعرفية للدماغ، بل أيضًا عن تجربة الوعي التي نختبرها كبشر، وقد تكون هذه النظرية عبارة عن إجابة لمشكلة الوعي الصعبة في الفلسفة.

يجدر الإشارة إلى أن النظرية الحاسوبية للعقل تلتبس أحيانًا بالتشبيه المجازي الذي يعتبر أن الدماغ يشبه الحاسوب الحديث. وهذا فعليًا لا يعكس حقيقة النظرية. فالتشبيه بالحاسوب يوحي بأن الدماغ مبرمج تمامًا كالحاسوب. بينما النظرية تعتبر أن الدماغ يستخدم قواعد مشتركة مع الحاسوب، وبالتالي هو بنفسه نظامًا حاسوبيًا.

ختامًا، إن الدماغ البشري هو أكثر العناصر تعقيدًا في الكون. وبالتالي، فمن الطبيعي أن تتعدّد النظريات المُفسّرة لطريقة عمله. وقد تكون النظرية الحاسوبية من أكثر هذه النظريات انتشارًا اليوم، ولكن يبقى السؤال، ما الذي يجعلنا، ككائنات ذكية، مختلفين عن الآلات؟ وهل النظرية الحاسوبية كافية لتفسير كل مكونات الدماغ من أفكار ومشاعر واعية وغير واعية؟

المصادر:

Coursera
Stanford encyclopedia of philosophy

زيادة حجم دماغ قرد باستخدام جين بشري

ميزتنا أدمغتنا الكبيرة عن بني عمومتنا من الرئيسيات، والقردة العليا، فحجم الدماغ البشري يعادل ثلاثة أضعاف حجم دماغ الشيمبانزي تقريبًا، ولذا فلا عجب في قول أن دماغنا كبير عن سواه، ويعتقد بعض العلماء أن الفضل في قوانا العقلية، ومستويات ذكائنا، يرجع إلى حجم دماغنا الكبير نسبيًا. ولكن تمكن العلماء من زيادة حجم دماغ قرد باستخدام جين بشري في تجربة مثيرة سنناقشها اليوم.

التجربة

قام بعض الباحثين من اليابان، وألمانيا بزرع جين بشري في خلايا قرد جنين، وكانت النتائج مذهلة، حيث أن الجين المسئول عن حجم الدماغ البشري الكبير، قد أدى إلى نفس النتائج لدى وضعه في ذاك الجنين الغير بشري، إذ زاد معدل نمو الدماغ لدى جنين القرد عن المعتاد.

يقول رئيس الدراسة «ويلاند ب.هاتنر-Wieland B.Huttner»:

” كانت لدينا بعض الآمال بخصوص ما يستطيع الجسم فعله، وما ينبغي عليه أن يفعل، إن كان يمتلك الوظيفة التي افترضناها له “

وبالفعل فقد أسفرت التجربة عن النتائج التالية:

• نمو حجم القشرة الدماغية لدى القرد الجنين.
• زيادة ثنايات دماغه (كما ثنايات دماغنا).
• نمو الخلايا المسئولة عن تكوين الأعصاب.
• زيادة الأعصاب تحديدًا في الطبقة العليا من الدماغ (وهذا ما حدث أثناء تطورنا نحن البشر).

ولكن أُجهض جنين القرد بعد 101 يوم (أي قبل 50 يومًا من موعد الولادة الطبيعي)، لأسباب أخلاقية، فلدى كل من اليابان وألمانيا الكثير من الضوابط، والشروط الأخلاقية، المتعلقة بشأن التجارب على الحيوانات عامًة، وعلى الرئيسيات خاصًة.

ما استفدناه من التجربة

في الماضي، كانت تُجرى أمثال هذه التجربة على الفئران، ونتج عنها زيادة في أحجام أدمغة تلك الفئران بالفعل، إلا أن الفئران ليست من الرئيسيات، كما أن الجين المستخدم في تلك التجارب كان نسخة معدلة لتعطي تأثيرًا مضاعفًا، لكن الأمر اختلف في تجربتنا هذه، فقد استخدم الباحثون الجين البشري ARHGAPH11B كما هو، كما أن التجربة كانت على أقرب الحيوانات لنا (القرود)، فزيادة حجم دماغ قرد باستخدام جين بشري قد يساعدنا على فهم تطور أسلافنا، مما نتج عنه حجم دماغنا الكبير.

هل يزيد هذا من ذكاء القرود؟

أُجريت تجربة مشابهة منذ عام في الصين، على ستة قرود، إلا أن الجين المستخدم في تلك التجربة لم يكن مسئولًا عن زيادة حجم الدماغ بشكل مباشر، وكانت النتائج مذهلة بحق، فقد كان الفريق الصيني متأهبًا لرؤية زيادة في أحجام أدمغة القرود، ومعدلات ذكائها كذلك، ولذا فقد وضعوهم تحت أجهزة الرنين المغناطيسي، لقياس كمية «المادة البيضاء-White matter» في أدمغتهم، كما أعطوهم اختبارات لقياس الذاكرة قصيرة المدى، لم تحدث زيادة في أحجام أدمغة القرود، لكنها أبلت بلاءً حسنًا في اختبارات الذاكرة، مما قد يكون مؤشرًا على زيادة ذكاء تلك القرود، وهذا ما اعتبره الفريق نتائج مدهشة.

الخلاصة

يخبرنا العلم بعدم وجود شيء سحري بخصوص الذكاء البشري، فلا شيء يفصلنا عن الحيوانات سوى تلك الجينات، والتي إن امتلكتها الحيوانات تشابهت صفاتها مع صفاتنا، فعلينا أن نتواضع قليلًا، وأن نكون ممتنين لتلك الكفرات التي أعطتنا أدمغتنا.

المصادر

intelligentliving

sciencedaily

inverse

technologyreview

اقرأ أيضًا طفرة جديدة تمكن فيروس كورونا من اصابة الدماغ

طفرة جديدة تمكن فيروس كورونا من إصابة الدماغ

صارت أعراض الإصابة بفيروس كورونا معلومة لدينا جميعًا، إذ تشمل الأعراض زيادة في الحرارة، الإسهال، السعال الجاف، لكن الأمر أصبح أكثر غرابة عندما حدثت طفرة جديدة

طفرة جديدة لفيروس كورونا

كان أول إبلاغ عن أعراض غريبة متعلقة بالجهاز العصبي في شهر مارس من العام الجاري، حيث تم الإبلاغ عن حالات فقدان مفاجئة للتذوق والشم معًا، حيث يؤثر الفيروس على مستقبلات الشم والتذوق، مانعًا إياها من تمييز الروائح والنكهات المختلفة.

تأثير الفيروس على الدماغ

لكن الأمر يصل إلى درجة أكثر خطورة عندما يتعلق الأمر بالدماغ البشري، فهذا العضو هو أكثر الأعضاء حساسية للتغيرات، وأكثرها مدعاة للقلق حينما يُهدد بأي خطر، إذ أنه هو المتحكم في كافة أعضاء الجسد.

كُتب تقرير في عن امرأة في الخمسينات من عمرها عانت من الهلوسة، أعطت نتائج التحاليل لاختبار فيروس كورونا نتيجة إيجابية، حيث سبب لها الفيروس هلوسات شديدة، فكانت ترى القردة تركض في أنحاء البيت، كما اعتقدت أن زوجها محتال، وسرعان ما تتابعت التقارير والأبحاث المنذرة بخطر كبير، إذ أبلغ العديد من الباحثين في مراكز بحثية مختلفة عن حالات هلوسة، وارتباك، دُوار، فقدان التركيز، تورم في المخ، بل وحتى سكتات دماغية!

بعض الأبحاث

قام بعض الباحثين بتجربة فريدة من نوعها، حيث قاموا بتوصيل الأقطاب الكهربائية بأدمغة المصابين بفيروس كورونا، لقياس نشاط دماغهم، أُجريت التجربة على 620 مريض في 84 دراسة مختلفة، بمتوسط عمر يبلغ ال 61 عامًا، وعن طريق فحص نتائج ال EEG، تبين معاناة بعضهم من تورم في الدماغ نتيجة إصابتهم بالفيروس، علمًا بأن بعض هؤلاء المرضى كانوا قد أبلغوا عن حالات الإغماء، الغيبوبة، التلعثم، بل وحتى نوبات الصرع. كانت أكثر الحالات شيوعًا هي تباطؤ في الموجات الكهربائية للدماغ، مما يعني أن الفيروس يؤثر مباشرة على عمل المخ.

الخلاصة

بتنا نعلم التأثير الواضح لفيروس كورونا على المخ والجهاز العصبي، ولكننا لسنا متأكدين إن كانت الأعراض متعلقة بتأثير الفيروس على الدماغ مباشرة، أم أنه رد فعل مناعي يقوم به الجهاز المناعي أثناء مقاومة الفيروس، وهذا أمر في غاية الأهمية، فهذا هو ما سيحدد طريقة العلاج، فهذان منحيان مختلفان كليًا، وكما يبدو أن المعركة بين الأطباء وبين هذا الفيروس بدأت تأخذ منحًى آخر، حيث أن الفيروس يطوّر من نفسه ليصبح أكثر عنفًا وضراوة عن طريق هذه الطفرة، لكن النصر لنا لا محالة، فقد تغلبنا على الطاعون من قبل، فهي مسألة وقت لا أكثر.

المصادر

sciencealert
technologynetworks
nature

اقرأ أيضًا زيادة حجم دماغ قرد باستخدام جين بشري

كيف بدأت رحلة التعرف على دماغنا؟

كيف بدأت رحلة التعرف على دماغنا؟


نحن الآن في اواسط القرن التاسع عشر، شمال فرنسا في إحدى ضواحي مدينة العشاق باريس، بالتحديد في مستشفى بيوتر Bicetre للأمراض العقلية، نقف أمام سرير أحد المرضى الذي يجيب على كل أسئلتك بكلمتي ” تان تان ” ويرافقهما إيماءاتٍ تعبيرية وطبقات صوتية متمايزة، عند سؤالك عن المريض تان تخبرك إحدى الممرضات اللطيفات بأن اسمه لويس فكتور ليبورن Louis Victor Leborgne وأنه فقد قدرته على الكلام عند عمر الثلاثين، لا يملك أي علامات للضرر الجسدي او الادراكي، كما ان ذكائه لم يتأثر وحافظ على قدرات عقلية وبدنية سليمة تتجاوب مع ما يدور من حولها، فهو يدرك كل ما يُسأل عنه ويصنع أفضل رد فعل بشكل معنوي، تان تان هي الرد الذي يعبر به عن محاولاته الدائمة للتواصل، أصاب الشلل ذراعه اليمنى و تبعتها قدمه اليمنى كذلك، لم يسلم بصره ولا قدراته العقلية من التدهور، وها هو كما تراه الآن مستلقيا على سريره يرفض مغادرته وهو على هذه الحال منذ سبع سنوات.


لنسرّع الاحداث قليلا ونقفز إلى الحادي عشر من شهر نيسان لعام ١٨٦١ فها هو تان يعاني من الغرغرينة، ونهرع معه الى قسم الجراحة، لنقابل لأول مرة الطبيب المتخصص بعلم الانثروبولوجيا أو علم الانسان بيير بول بروكا Paul Broca ، أثار تان لدى الطبيب المتخصص الكثير من التساؤلات والتي دفعته لدراسة حالته وتقييم وضعه، ليبورن كان أيمن أي يعتمد بشكل أكبر على يده اليمنى، لذلك فقد قدرته على الكتابة بسبب الشلل الذي أصاب يمناه، لكنه استخدم يسراه للإيماءات التي كانت معظمها غير مفهومة، لكن عندما يأتي الأمر للأرقام، فهو يظهر كمية مفاجئة من التحكم، فهو يستطيع تحديد الوقت بالثانية، ويعلم بالضبط مدة مكوثه في المستشفى، تراجعت قدراته لكنه بطريقة ما بقى حادا كما كان.


اليوم هو السابع عشر من شهر نيسان، تدق الساعة لتنبيء عن بلوغها الرقم ١١ وبهذا تعلن عن مفارقة صديقنا تان للحياة عن عمر يناهز الواحد والخمسون عاما، مخلفاً وراءه دماغا كان السبب لفهمنا الواسع في علم النفس الادراكي، لذا دعونا نلقي نظرة على دماغ صديقنا الراحل ونلاحظ بعض الضرر والتلف في الفص الأمامي، لندع هذه الملاحظة جانبا وننطلق مع الطبيب الشغوف للقاء لازار ليلونغ Lazer Lelong ذو الثماني والاربعين عاما، والذي حضر للمستشفى لعلاج ما يعانيه من فقدان الذاكرة، يخبرنا احد المشرفين على حالة ليلونغ انه قبل عام كان قادرا على النطق بخمس كلمات : نعم ، لا ، ثلاثة ، دائما ، وليلو كمحاولة منه لنطق اسمه، يغادرنا ليلونغ تاركا دماغه الذي يظهر به ضرر مشابه لذلك الضرر الذي كان لدى ليبورن، لا بد أنك تفكر بما كان يفكر به الطبيب بروكا لكن دعنا لا نستبق الاحداث ونجري المزيد من الابحاث على مزيد من المرضى ممن يعانون من الاعراض ذاتها التي عانى منها ليبورن ( معظم هذه الأدمغة معروضة في جامعة بيير وماري كوري في فرنسا).


العديد من التجارب كانت كافية لتأكيد شكوكك عزيزي القاريء وشكوك الطبيب على حد سواء، فقد تم لأول مرة تحديد المنطقة المسؤولة عن النطق وانتاج الاصوات ذات المعنى في الدماغ، وعند تضررها كما هو الحال مع ليبورن وليلونغ نخسر قدرتنا على التواصل، الاجزاء غير المتضررة كانت مسؤولة عن الذكاء والإدراك، ولحسن الحظ فإن أي ضرر في أحد الاجزاء لا يعني تضرر الاجزاء الأخرى، ومع وصولنا لعام ١٨٦٥ ها هو بروكا يجزم ان عملية النطق تتدار في جزء من يسار الفص الأمامي ( والتي تحمل اسم منطقة بروكا الآن )، كما تأكد بروكا من أن وظائف الدماغ ليست ثابتة بشكل تام، خلال بضعة أسابيع يتحسن المصابون ويبدؤون باستعادة بعض من قدراتهم وذلك عند منحهم فرصة للتدريب، لربما أدهشك تساؤل بروكا حول إمكانية احتلال النصف الايمن لأجزاء من النصف الايسر! وستزداد دهشتك اذا علمت ان هذا يؤكد فهمنا الحالي لمطاوعة الدماغ وقدرته على التعلم باستخدام طرق جديدة للوظائف عندما لا تعود الطرق القديمة متاحة.


أطلق على حالة عدم القدرة على تشكيل الكلمات مع الحفاظ على القدرات العقلية Broca’s Aphasia وفيه يكون الضرر في منطقة بروكا ، وهذا مختلف عن الضرر الذي يصيب منطقة فيرنيك Werbicke الواقعة في خلف يسار الفص الصدغي وقتها يفقد المصاب قدرته على استيعاب اللغة وفهمها.


بما أننا في أواسط القرن التاسع عشر فلا بد أنك قد لاحظت الكثير من أجواء العنصرية تلوح في الأفق! ولم يكن طبيبنا مستثى من تلك الأجواء، فقد كان يعتقد وكثير من زملائه بأن المجموعات العرقية كانت بالفعل انواعا مختلفة، الملامح الجسمانية كبروز الفك السفلي او العلوي، نسبة طول الدماغ إلى عرضه أو طول الذراعين بالنسبة للجذع تستطيع التنبؤ بمقياس الذكاء، تحيزا للعرق الأوروبي فقد ربط بروكا وزملائه الذكاء مع قسمات تميل لأن تكون مشتركة بين الأوروبين، هذه الاعتقادات كلها اعطت فراسة الدماغ Phrenology فرصة ليعيش ذروة شبابه ، حيث يدعي هذا الحقل القدرة على وضع استنتاجات عن شخصية الفرد وذكائه بالاعتماد على شكل وخصائص جمجمته، نتوء في مكان خاطيء ربما توسمك بالمجرم او تكشف نزعة غريزية للعدوانية.


لا يمكن التقليل من أهمية عمل بروكا في علم النفس والاعصاب، فقد وضع حجر أساس لما ما نعرفه اليوم بعلم الاعصاب الادراكي وعلم النفس العصبي، وأساس لمبدآن مهمان يحكمان نظرتنا للدماغ : التوطين The Localisation والتفريق The Lateralization ، على الجانب الآخر فإن الاسس العنصرية لكثير من عمل بروكا تذكرنا بحقيقة انه حتى اولئك الذين وصلوا لاكتشافات عظيمة هم ايضا معرضون للاتطواء على بعض من الأفكار الغريبة وتذكرنا ان العلماء بشر والعلم الجيد يكون بتقدير محاسن الأفكار.


وهكذا نكون قد تعرفنا كيف بدأت رحلة التعرف على دماغنا؟ نأمل أن رحلتنا قد نالت استحسانكم، نلقاكم في جولات أخرى.

مصدرhttps://bit.ly/3ga3uvt

مصدرhttps://bit.ly/31qO2ae

أكتشاف نوع جديد من مرض انفصام الشخصية

أكتشاف نوع جديد من انفصام الشخصية.

اكتشاف نوع جديد من انفصام الشخصية، كشفت دراسة جديدة أن جميع المصابين بالفصام لا يظهرون نفس بنية الدماغ غير الطبيعية.

عند مسح أدمغة أكثر من 300 من مرضى الفصام، يعتقد الباحثون الآن أنهم حددوا نوعين فرعيين من التشريح العصبي، لهذا الاضطراب العصبي الغامض؛ واحد منهم لم يتم اكتشافه من قبل.

المادة الرمادية و علاقتها بانفصام الشخصية :

اكتشاف نوع جديد من انفصام الشخصية، اليوم، البيولوجيا العصبية للفصام ليست مفهومة بشكل جيد، ولكن تاريخيا، تم ربطها بانخفاض حجم المادة الرمادية، وهو نوع أنسجة المخ التي تحتوي على الجسم الرئيسي للخلايا العصبية.

هذا نمط نموذجي للمرض يستمر في الظهور في الأبحاث، لكن بينما أظهر غالبية المرضى في هذه الدراسة الجديدة أيضًا هذه النواقص، كان لدى جزء كبير مستويات مادة رمادية صحية بشكل مدهش.

يوضح كريستوس دافاتسيكوس، اختصاصي الأشعة في جامعة بنسلفانيا: “أظهرت العديد من الدراسات الأخرى، أن المصابين بمرض انفصام الشخصية لديهم كميات أقل بكثير من المادة الرمادية مقارنة بعناصر التحكم الصحية”.

“ومع ذلك، لم يكن الأمر كذلك بالنسبة لثلث المرضى على الأقل، فقد كانت أدمغتهم طبيعية تمامًا تقريبًا”.

الشيء الوحيد الذي برز هو :

الزيادة في حجم العقد القاعدية، وهو الجزء من الدماغ المسؤول في المقام الأول عن التحكم في الحركات.

على الرغم من أن الفصام هو اضطراب في العقل يتداخل مع المعالجة المستمرة للواقع، إلا أنه يمكن أن يؤدي أيضًا إلى مشاكل جسدية مثل الحركات البطيئة والتشنجات اللاإرادية.لكن أنماط الدماغ هذه لا تتوافق تمامًا مع الإجماع الحالي على مرض انفصام الشخصية.

في الواقع، فإن فكرة “عدم التجانس التشريحي العصبي” – حيث قد يظهر بعض الأشخاص عجز في المخ في حين أن البعض الآخر لا – قد تم النظر فيها مؤخرًا فقط.

وخلص الباحثون إلى أن :

هذه النتائج تتحدى المفهوم التقليدي المتمثل في أن فقدان حجم الدماغ هو سمة عامة للفصام”.

باستخدام التعلم الآلي، قام الفريق بتحليل فحوصات الدماغ لـ 307 من مرضى الفصام و 364 من عناصر التحكم الصحية، وصنفهم إلى أنواع فرعية تشريحية عصبية.

وفي الاجماع، لم يُظهر ما يقرب من 40 في المائة من المشاركين المصابين بالفصام النمط المعتاد للمادة الرمادية المخفضة.

في بعض الحالات، أظهروا في الواقع المزيد من حجم المخ في منتصف الدماغ، في جزء يسمى (المخطط).

لا يمكن العثور على تفسير واضح للنتائج – وليس الدواء أو العمر أو أي عوامل بشرية أخرى.

يقول دافاتزيكوس: “هذا هو الجزء الذي نشعر فيه بالحيرة الآن”.

نحن لا نعرف. ما نعرفه هو أن الدراسات التي تضع كل مرضى الفصام في مجموعة واحدة ، عند البحث عن ارتباطات مع الاستجابة للعلاج أو التدابير السريرية ، قد لا تستخدم النهج الأفضل”.

 

(اكتشاف نوع جديد من انفصام الشخصية من خلال الفحوصات على الدماغ) ملخص لنوعين من الفصام ، SCZ 1 و SCZ 2. (Chand et al.، Brain، 2020)

(اكتشاف نوع جديد من انفصام الشخصية)

تصنيف و وصف المرض :

المرضى الذين صُنفوا في أي نوع فرعي من الدماغ عانوا من مستويات متشابهة من الأعراض وتم علاجهم بنفس الجرعة تقريبًا. ربط بحث سابق بين أحجام القشرية المنخفضة والعقاقير المضادة للنسيان، لكن الباحثين لم يكتشفوا مثل هذه الاختلافات بين النوعين الفرعيين.

ويلاحظ الفريق أن اختلافات الدماغ بين الأنواع الفرعية لا تزال تتأثر بعواقب تناول الدواء، على سبيل المثال، مقاومة أعلى للعلاج في النوع الفرعي 1 مقارنة بالنوع الفرعي 2، الذي يبدو أن أحجامه القشرية لا تقل.

لكن الجوانب الأخرى – مثل عدم وجود اختلاف في شدة الأعراض – لا تدعم هذا التفسير.

 

وقد ألمحت دراسات حديثة أخرى أيضًا إلى عرض أكثر تنوعًا لمرض انفصام الشخصية في الدماغ؛ بالنظر إلى كيف يمكن أن تكون أعراض الفصام المتغيرة، وعدد قليل من الناس يستجيبون للعلاج، فإن هذه الفكرة القائلة بأن حجمًا واحدًا لا يناسب الجميع لا يخلو من الصحة او الثقة.

ولكن ثبت أن من الصعب للغاية ربط هذه الأعراض بأنماط او حالات في المخ، خاصة وأن النماذج الحيوانية ليست مفيدة في تشخيص الأمراض إلى حد كبير من خلال الإبلاغ الذاتي.

وقال  دافاتزيكوس “إن الرسالة الرئيسية هي أن الأسس البيولوجية للفصام – وفي الواقع العديد من الاضطرابات العصبية والنفسية الأخرى – غير متجانسة للغاية”

نظام مقترح جديد لتصنيف و تشخيص مرض الانفصام في الشخصية :

يصنف أحدث تصنيف لمرض انفصام الشخصية في DSM-V الحالة على أنها طيف يستند إلى الأعراض وحدها، بعد أن ابتعد عن الأنواع الفرعية السلوكية، مثل جنون العظمة والكاتون.

لكن يعتقد أن ملاحظات التنوع العصبي في مثل هذه الاضطرابات، يمكن أن تأخذ في النهاية فئات التشخيص إلى أبعد من ذلك بكثير.

“في المستقبل، لن نقول،” هذا المريض مصاب بانفصام الشخصية ، “سنقول ،” هذا المريض لديه هذا النوع الفرعي “أو” هذا النمط غير الطبيعي “، بدلاً من مظلة واسعة واحدة التي تصنف الجميع “.

سيتعين علينا انتظار المزيد من الأبحاث في علم التشريح العصبي لمختلف الاضطرابات، لمعرفة ما إذا كان هذا التصنيف ممكنًا أم لا في انفصام الشخصية.

 

المصدر :   Brain.

كيف تتواصل مع دماغك؟ معضلة العقل والجسم

كيف تتواصل مع دماغك؟ معضلة العقل والجسم

 

اهلا بكَ عزيزي القاريء بين سطور مقالنا هذا، وكنوع من حسن الضيافة اسمح لنا عزيزي بطرح سؤال صغير عليك، الأ وهو كيف وصلت إلى مقالنا أو بعبارة أخرى كيف وجهت أصبعك للضغط على رابط المقال؟ لا بد أنك تقول بالتفكير بذلك، بعدها تحرك أصبعك بالكيفية التي أردتها. لنضعها في سياق آخر، ونقول أن دماغك سينشط خلايا عصبية في تسلسل صحيح ليتحرك بذلك أصبع يدك ، لكن كيف تخبر دماغك بفعل ذلك؟ كيف تتواصل مع دماغك؟ معضلة العقل والجسم

 

معضلة العقل والجسم

هناك فجوة غير قابلة للعبور بين تجربة العقل وشكل الجسد الفيزيائي، وتعد معضلة الجسم والعقل «The mind body problem» معضلة قديمة قِدم الفيلسوف سقراط وحتى نكون واضحين، نحن لسنا أقرب منه في حل هذه المعضلة، لكن لدينا عدد من الأفكار الجيدة التي تناقش هذه القضية، نطرح عليك عزيزنا جزءا منها.

 

الثنائية

ترى الثنائية أن الوعي والفيزياء الجسدية كيانان منفصلان تماماً، فالحالة العقلية لا تتشابه مع عمل الدماغ، تخيل أنك تمتلك قدرة بصرية خارقة تستطيع اختراق جمجة احدهم والوصول للدماغ، ربما تستطيع رؤية السيالات العصبية لكنك لا تستطيع القول أنك تشاهد الوعي الخاص بهذا الشخص.
الوعي مختلف عن الحالة الفيزيائية للدماغ حتى لو بدا الأمران متقاربان، تتفرع الثنائية إلى عدة أفرع لكل منها تفسيره، نذكر منها:

ثنائية المادة

العقل والروح والوعي كلها أمور منفصلة تتفاعل فقط مع العالم الفيزيائي من خلال الدماغ.

ثنائية الخاصية

بعض أنواع المادة كالدماغ تملك نوعين من الخصائص، الخاصية الفيزيائية والخاصية اللافيزيائية.

الظاهراتية المصاحبة

المادة الفيزيائية تستطيع فقط أن تتفاعل مع المادة الفيزيائية، لذلك العقل اللافيزيائي لا يستطيع أن يحدث أي تغيير في الدماغ، وحدها السيالات العصبية هي من تحرك الدماغ وتتحرك لانها مربوطة بالقوانين الفيزيائية.
المادة اللافيزيائية أو المادة الناشئة منها تؤثر على جانب من عمل الدماغ حتى لو لم يكن لها تأثير حقيقي على العالم.

التوازي

العالم الفيزيائي واللافيزيائي لا يتفاعلان لكنهما يسيران بشكل متواز، أي حدث يتطابق بالضبط مع الحدث الذي يليه.

 

الوحدوية

مبدأ ينافس الثنائية، بدلاً من القول بوجود نوعين من الأشياء، تنص على ان هناك نوع واحد من المادة في الكون وهي الحالة الفيزيائية، وكما هو حال الثنائية تنقسم الوحدوية إلى عدة أقسام لكل منها تفسيره، نذكر منها:

المادية

هناك نوع واحد من الأشياء في الكون وهي مصنوعة من الذرات والجسيمات التحت ذرية، أما أمالنا ومشاعرنا فهي ناتجة عن «المدخلات الحسية-Sensory inputs»

المثالية

ليس هناك شيء يسمى المادة الفيزيائية، العقل الواعي اللافيزيائي هو الوحيد الموجود.

الوحدوية الطبيعية

ماذا لو كان هناك نوع واحد من المادة وهي ليست بفيزيائية أو لافيزيائي؟ هل من الممكن وجود شيء واحد يجمع بينهما، حاول أن تفكر في الهيئة الفيزيائية واللافيزيائية للأشياء كجهتين لعملة واحدة.

الوحدوية المعاكسة

هناك نوع واحد من المادة وهي ليست بفيزيائية أو لافيزيائية لكنها تعتمد على ما يحيط بها.

 

في الواقع كلا الفكرتين الثنائية أو الوحدوية غير قادرة على تفسير ما نخبره في العالم يومياً، لكن النقطة هنا هي ضرورة توسيع عقولنا ومداركنا وتقبل إحتمالية وجود عدد كبير من الإجابات للسؤال الذي لازم البشر منذ القدم.

 

Curiosity

Exit mobile version