الحصين حيث نحتفظ بالذكريات ونخلق الأحلام

يتّسم عمل الدّماغ بدقّة متناهية وتكاملٍ وظيفيّ يجمع بين مختلف أقسامه. غالباً ما يكون البناء المعرفيّ والنفسيّ أكثر تعقيداً وغموضاً من التّحكم بالوظائف الجسديّة. سنتحدّث في مقالنا عن جزء من الدّماغ تتداخل وظائفه ما بين تشكيل الذّكريات وبناء الأحلام والخيال، وهو الحصين أو قرن آمون.

لماذا يدعى الحصين؟

اكتُشف «الحصين-hippocompus» من قبل الجرّاح «يوليوس قيصر أرانتو -Julius Caesar Arantiu». وقد وصف شكله لأول مرة عام 1587 م مستعينًا بالمصطلح اللاتينيّ «hippokampos» والذي يعني حصان البحر. [1]

يتألّف التّشكيل الحصيني من عدة أقسام وهي: [2]

  • المناطق البنيويّة الأربعة(CA1-4) «لقرن آمون- cornu ammonis»
  • «التلفيف المسنن-dental gyrus»
  • «المرفد-subiculum»

وظائف الحصين

يقع قرن آمون في الفصّ الصدغي للدماغ، ويشكل جزءاً من الجهاز الحوفي الذي يعدّ مركزاً مهمًا لتنظيم الاستجابات العاطفية. [2] ويضمّ أيضاً الوطاء واللّوزة. تساعد هذه البنى في التّحكم بوظائف الجسم المختلفة مثل الجهاز الغدي وما ندعوه استجابة المواجهة أو الهروب. [1]

وهو مسؤول عن تحويل الذّاكرة قصيرة الأمد إلى ذاكرة طويلة الأمد تُخزّن في مكان آخر لاحقاً. كما يقوم بمعالجة واسترداد نوعين من الذّاكرة:[1]

1. الذّاكرة الصريحة وهي المتعلّقة بالحقائق والأحداث، مثل تعلّم كيفيّة حفظ نصّ لمسرحية ما.

2. الذّاكرة المتعلّقة بالعلاقات المكانية والفراغ، وترتبط بتذكّر الطرقات كسائق سيّارة الأجرة الذي يتعلّم الطرق داخل المدينة.

وقد دُعمت الفرضيّة المكانية للذاكرة عام 1971 باكتشاف تنشيط خلايا حصين فأر عند عبوره مسافات محددة من الحيّز المكاني حوله. وهذا ما أدّى إلى اعتباره أداةً يستخدمها الدّماغ لرسم مخطّطاتٍ وخرائط للبيئة المحيطة به. [2]

ماذا يحدث عند إصابة الحصين؟

يعاني الأشخاص نتيجة إصابة الحصين بسبب حادث أو مرض ما من فقدان الذّاكرة وعدم القدرة على تشكيل ذكريات جديدة طويلة الأمد. فقد لا يستطيعون تذكر الأحداث التي وقعت قبل فترة قصيرة من الإصابة، ولكنّهم قادرون على تذكّر الأشياء التي حدثت قبل فترة طويلة. ويعود ذلك إلى تخزين الذكريات القديمة في أجزاء أخرى من الدماغ عندما تم تحويلها إلى ذكريات طويلة الأمد. [1]

تجعل أذيّته تنقّل المريض من مكان إلى آخر صعباً. فقد يكون الشخص قادراً على رسم صورة للحيّ الذي سكن فيه في طفولته، ولكن يصعب عليه الذهاب إلى المتجر في منطقة جديدة. [1]

أجريت واحدة من الدراسات الأولى حول إصابة الحصين على مريض أُزيلت لديه مناطق من القسم المتوسط للفص الصدغي، وشملت الحصين والمناطق المحيطة به. وقد خضع المريض لهذه العملية عام 1953 للتخلص من نوبات الصّرع، وبعد الجراحة بقيت وظائفه الفكريّة سليمة ولكنّه فقد القدرة على تشكيل ذكريات جديدة، وتعرف هذه الحالة بفقدان الذاكرة. [2]

ويرتبط تلف خلاياه بالأمراض النّفسيّة والعصبيّة. فمثلًا، يتعرّض الحصين لخسارة الخلايا بشكل كبير في المراحل الأولى لمرض ألزهايمر. كما لوحظ تلفه في مرض الفصام، بالإضافة إلى تأثّره بالاكتئاب والضغط النفسي. [2]

علاقة الحصين بالأحلام

ترتبط علاقة الحصين بالأحلام بوظيفته المتعلّقة بالذاكرة، فحوالي نصف الأحلام تستمدّ على الأقل عنصراً واحداً من التجارب التي مرّ بها الشخص في حالة اليقظة. ومع ذلك فإنّ المرضى الذين تعرّضوا لإصابة في الحصين يحلمون أيضاً أحلاماً تتضمّن صوراُ من أحداثٍ جديدة لكن ليس لديهم ذاكرة واعية تجاهها.

فبالإضافة إلى ارتباطه بتشكيل الذّاكرة إلّا أنّه يستخدم الذكريات في بناء مشاهد متخيّلة وتصوّر أحداث مستقبليّة بشكلٍ متماسك يفتقده المصابون بخلل في الحصين.

وبملاحظة أربعة أشخاص يعانون من «فقدان الذاكرة-amnesi» ويفتقرون لوظائف الحصين، تبيّن افتقاد أحلامهم للتفاصيل الغنيّة، بالإضافة إلى قلّة عددها وتبين عدم وجود تفاصيل كافية فيما يتعلق بالحيز المكاني.

هذه الملاحظات تُبيّن أنّ المناطق المسؤولة عن بناء الأحلام في الدّماغ مشابهة لتلك التي تستعيد الذّكريات وتخلق صوراً وأحداثاً متخيّلة خلال اليقظة. فالأحلام كما الخيال والذاكرة تتطلّب تشكيل تفاصيل ومشاهد مبنيّة على ذكريات سابقة، ويبدو أن هذه العملية تعتمد على الحصين. [3]

وما زال هنالك الكثير لنعرفه عن آلية تشكيل الذكريّات وبناء الأحلام، من خلال مزيد من الدراسات حول الحصين والمراكز الأخرى المسؤولة عن الذاكرة.

المصادر:

1.Medical News Today | Hippocampus: Function, size, and problems

2. Britannica | Hippocampus | Definition, Location, Function, & Facts

3. eLife | Memory: How the brain constructs dreams

ماذا تعرف عن التشنج الظهري؟

«التشنج الظهري-opisthotonos» هو نوع من الوضعيات غير الطبيعية التي يصبح الظهر فيها مقوسًا للغاية بسبب تقلص العضلات. عادة ما تكون الحالة علامة على أمراض خطيرة في الدماغ، مثل التهاب السحايا والكزاز والصدمات.

ما هو التشنج الظهري؟

التشنج الظهري هو وضع غير طبيعي مرتبط بالحالات والإصابات التي تضعف وظائف الدماغ والعضلات. الأعراض المميزة للتشنج الظهري هي تقوس العمود الفقري والرأس والكعب بشدة بحيث يتقوس الجسم للخلف. على الرغم من ندرة الحالة نسبيًا، إلا أنها عادةً ما تكون عرضًا لحالات عصبية شديدة تهدد الحياة وتتطلب رعاية طبية. يؤثر التشنج الظهري في الغالب على الرضع والأطفال الصغار، كما يمكن أن يؤثر أحيانًا على البالغين.

الأعراض

  • يسبب التشنج الظهري تصلبًا وانحناءً في الظهر. عادةً ما ينحني الكعب والرأس فينثني للخلف قدر الإمكان استجابةً لهذا الانحناء.
  • إذا كان الشخص مستلقيًا على ظهره، سيتقوس جسمه لأعلى، على شكل حرف n. هذا الوضع عادةً ما يرفع الظهر عن الأرض أو المرتبة.
  • تنحني الذراعين أيضًا تجاه الجسم. في بعض الحالات، قد يكون الرأس والجزء السفلي من الجسم هما الجزءان الوحيدان اللذان يظلان على اتصالٍ بالأرض.
  • إذا كان الشخص مستلقيًا على بطنه عند حدوث التشنج الظهري، فسوف ينحني إلى الداخل مكونًا شكل حرف U. وتنحني الأرجل والذراع عادة للخلف وللأعلى.
  • إذا حدثت الحالة عندما يكون شخصٌ ما مستلقيًا على جانبه، فسيشكل التقوس شكل حرف c. تنثني الركبتين، وتنحني الذراعان إلى الداخل أو تمتد إلى الخارج بشكل مستقيم. في هذا الوضع، قد يكون التقوس الخلفي للرقبة أكثر وضوحًا وشدة.
  • بصرف النظر عن هذه الوضعيات، تختلف علامات التشنج الظهري تبعًا للسبب.

الأسباب والظروف المرتبطة بها

  • «التهاب السحايا-Meningitis»: عندما تسبب العدوى التهاب الأنسجة المحيطة بالدماغ والحبل الشوكي. غالبية الحالات في الولايات المتحدة فيروسية، لكن البكتيريا والفطريات يمكن أن تسبب هذه الحالة أيضًا.
  • «الكُزاز-Tetanus»: تسببه السموم التي تنتجها بكتيريا «المِطَثِّيّة الكُزازية-Clostridium tetani»، والتي تلحق الضرر بالجهاز العصبي وأنسجة المخ. يُطلق عليه اسم الكزاز (بمعنى اليُبْسُ والانقباض) لأن أكثر أعراضه شيوعًا هي انغلاق الفك وتيبس الرقبة وصعوبة البلع.
  • التسمم أو الجرعات الزائدة: الأطفال الصغار أكثر عرضة لخطر التسمم العرضي. يمكن أن يتسبب استهلاك مادة «الإستركنين-strychnine» في حدوث هذه الحالة أيضًا. هذه المادة الكيميائية موجودة في سموم القوارض والمبيدات الحشرية.
  • «الشلل الدماغي-Cerebral palsy»: حيث يتسبب تلف الدماغ أثناء نمو الجنين في مجموعة من الأعراض المتعلقة بضعف العضلات.
  • «الفينوثيازين-Phenothiazines»: هذه الأدوية شائعة الاستخدام لعلاج بعض حالات الصحة العقلية، مثل الفصام. يعتبر التصلب الظهري من الآثار الجانبية النادرة، وعادةً ما تختفي الأعراض بمجرد توقف الشخص عن تناول الأدوية.
  • «مرض كرابي-Krabbe disease»: حالةٌ وراثيةٌ تؤثر في الغالب على الرضع والأطفال الصغار والشباب. يتسبب مرض كرابي في فقدان السيطرة على العضلات ونوبات صرع لا تستجيب للعلاج ويمكن أن تؤدي إلى الوفاة المبكرة.
  • «داء غوشيه-Gaucher disease»: حيث تتراكم الخلايا الدهنية في الأعضاء، وخاصة الكبد والطحال، مما يؤدي إلى تضخمها. تؤثر الخلايا الدهنية أيضًا على نخاع العظام، مما يتسبب في آلام العظام. يمكن أن يتسبب أحد الأشكال الشديدة لداء جوشيه في إصابة الرضع بالتشنج الظهري، ولكن هذا نادر الحدوث.
  • «اليرقان النووي-kernicterus»: خلل وظيفي في الدماغ يمكن أن يسبب تلفًا دماغيًا لا رجعة فيه. الأطفال حديثو الولادة والبالغون الذين يعانون من أمراض الكبد الموجودة مسبقًا، لديهم مخاطر أعلى للإصابة باليرقان النووي.
  • «متلازمة انسحاب كحولي-Alcohol withdrawal syndrome» في الرضع: يحدث هذا عندما تشرب المرأة الحامل كميات كبيرة من الكحول أثناء الحمل. يمكن أن تتسبب هذه المتلازمة في اختلال وظيفة العضلات أو عدم السيطرة عليها. وقد تسبب في حالات نادرة التشنج الظهري.

أسباب أخرى تشمل الحالات التي تنطوي على زيادة ضغط الجمجمة، مثل:

  • نزيف الدماغ: يحدث عند التعرض إلى إصابة خارجية أو مرض أو إعاقات خلقية أو تمزق الأوعية الدموية في الدماغ، مما يؤدي إلى تراكم الدم والضغط على أنسجة المخ.
  • «استسقاء الرأس-Hydrocephalus»: بسبب إعاقة خلقية أو إصابة أو مرض يؤدي إلى تراكم السائل الدماغي الشوكي (CSF)، مما يؤدي إلى الضغط على الدماغ.
  • «نزيف تحت العنكبوتية-Subarachnoid hemorrhage»: يحدث بسبب نزيف بين الدماغ والأنسجة المحيطة به.
  • ورم الدماغ: نمو خلوي غير طبيعي لا يمكن السيطرة عليه في كثير من الأحيان ويمكن أن يضغط على أنسجة المخ ويعطل وظيفة الاعصاب.
  • «تشوه خياري-Chiari malformation»: يندفع جزء من الدماغ السفلي عبر القناة الشوكية، مما يزيد الضغط على العمود الفقري والدماغ، وغالبًا ما يتداخل مع تدفق السوائل مسبباً استسقاء الرأس. فقط بعض أنواع التشوه الخياري تسبب التشنج الظهري.

العلاج

تعتمد خيارات العلاج على السبب الكامن وراء المرض. تشمل خطط العلاج الشائعة الاستخدام ما يلي:

  • المضادات الحيوية للالتهابات البكتيرية مثل التهاب السحايا والكزاز. يتم وصف المضادات الحيوية أيضًا لمنع العدوى أو المزيد من الالتهابات البكتيرية بعد الجراحة.
  • يوصى باستخدام مسكنات الألم (التي لا تستلزم وصفة طبية) وزيادة تناول السوائل والراحة في معظم الحالات، وخاصة الالتهابات الفيروسية، مثل التهاب السحايا. عادة ما يتم إعطاء سوائل عن طريق الوريد في الحالات الشديدة ولعلاج الجرعات الزائدة من «موسعات الشعب الهوائية-bronchodilator».
  • غالبًا ما تكون الجراحة ضرورية في حالات الصدمات الخارجية والنزيف والتشوه الخياري لتقليل الضغط على الدماغ.
  • غالبًا ما يتم إعطاء حقن أو أدوية مضادات السموم للمصابين بالكزاز للحد من تلف الأنسجة المرتبط بالعدوى الشديدة.
  • يمكن استخدام جهاز التنفس الصناعي والأكسجين عندما يكون التنفس محدودًا أو صعبًا.

الوقاية

هناك لقاحات توفر الحماية ضد بعض الحالات التي تسبب التشنج الظهري، مثل لقاح الكزاز وبعض أنواع التهاب السحايا الجرثومي.

طرق أخرى لتقليل فرص حدوث المرض:

  • غسل اليدين بشكل متكرر
  • تنظيف أسطح الحمامات والمطبخ بانتظام
  • تجنب الاتصال بالأشخاص المصابين بحالات معدية
  • مراقبة الحمى الشديدة بعناية، خاصة عند الرضع والأطفال الصغار
  • التشخيص السريع لإصابات الدماغ وعلاجها

المصادر:

  1. Healthline
  2. Medical News Today
  3. MedlinePlus

إقرأ أيضًا: ما هي متلازمة القلب المكسور؟ ما أسبابها وأعراضها وعلاجها؟

Exit mobile version