لماذا توجد المشاعر عند الإنسان؟

غالبًا ما نتمنى نحن البشر عند لحظات الألم الجسدي أو النفسي الشديدين لو أن لدينا القدرة على فقدان الشعور! هل تخيلت الفكرة؟ حياة كاملة بلا أي شعور بالألم أو الحزن، هل ستكون حياتنا أفضل بلا شعور؟ ولماذا توجد المشاعر عند الإنسان؟

أغلب البشر لا يستطيعون العيش بدون مشاعر، حيث أن وجود المشاعر ضروري جدًا لأنها تنقذنا من الوقوع في ظروف خطيرة أو مؤلمة. لذلك فإن العواطف جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، فهي تساعد على تنظيم الجسم وتحافظ على بقائنا أحياء، كما أنها ضرورية للمواقف الاجتماعية. لا سيما أن البشر لا يستطيعون العيش بمفردهم مدى الحياة.

لماذا وجدت المشاعر؟ وكيف يترجم دماغنا تركيبة المشاعر الغريبة؟

كيف تنقذنا المشاعر من الأمراض الجسدية؟

هل تساءلت يومًا عن تفسير شعورك بالألم الشديد في أحد أعضاء جسمك؟ إنها أحد أهم وظائف المشاعر. عندما تشعر بألم في معدتك يرسل الجسم إشارات إلى الدماغ ويحثه على اتخاذ ردة فعل تجاه هذا الألم. وهذا ما يسمى الفحص التلقائي لحالة الجسم الداخلية حيث أن ردة الفعل تحقق استجابة جيدة للجسم.

هناك خيار آخر، إذا واجهت نفس الحالة الصعبة ولم تحدث عملية الفحص التلقائي، بالتالي فإن دماغك لم يستجب لإشارات الجسم، قد يؤدي هذا إلى مضاعفات خطيرة، ومنها موت الجسم، إذًا هذا هو الغرض الأساسي الجسدي والتنظيمي للنظام العاطفي.

كما أن الإدراك يجعل الدماغ يفعل شيئين مختلفين أحدهما هو تعيين المعلومات، والآخر هو تلقي معلومات متعددة من عدة مدخلات حسية من أجسامنا وأيضًا من المساهمات الخارجية.

في الوقت نفسه، تحتاج إلى تحديد كل هذه المعلومات ومعالجتها وتسجيلها في الدماغ. وفي حال حدوث هذه الحالة في المستقبل؛ يتفاعل معها الجسم بشكل أسرع، كما أن الدماغ يحاول فهم ما حدث ويحاول ملأ الفجوة طوال الوقت. [1]

ما هي قيمة ودور العواطف؟

إن دور العواطف  أساسي جدًا، خصوصًا فيما يتعلق بعملية استدلال المخ على مواضع الألم. كتب طبيب الأعصاب أنطونيو داماسيو في عام 1994 كتابًا مثيرًا للاهتمام للغاية يسمى «خطأ ديكارت-the Descartes’ Error» الذي قدم فيه فرضية «العلامات الجسدية – Somatic marker hypothesis».

الأمر بسيط للغاية، يحاول الدماغ طوال الوقت تصنيف المعلومات التي يتلقاها على أنها تصنيف إيجابي أو سلبي أو نوع آخر من الفئات. كما يتم تسجيله في ذاكرة الدماغ من أجل الاستجابة بسرعة لموقف مثل هذا في المستقبل. لذلك يمكن للجسم أن يتذكر التجارب الجيدة والسيئة في الوقت نفسه. أتاحت البنية العاطفية ملء الفراغ لتركيز الانتباه أو لإجراء تقييم أو إعادة توليد للموقف. حتى أن التوقعات النفسية  يمكن أن تولد تقييمًا لتأثيرات معينة، أو حتى إدارة أهداف الجسم.

كيف يختلف تأثير المشاعر على الأشخاص باختلاف الأعمار؟

فحص الباحثون آثار العمر وطريقة الاستجابة والعاطفة المحددة على معرفة السعادة والحزن والغضب والخوف لدى 45 طفلاً في سن ما قبل دخول المدرسة تتراوح أعمارهم بين 26-54 شهرًا. تم وضع مقياس يتضمن الدمى لجذب انتباه الأشخاص، ولتضمين التقييم في التفاعل الاجتماعي المستمر.

أشارت النتائج باستخدام هذا المقياس إلى أن:

  1. الأشخاص الأكبر سنًا قاموا بتسمية التعبيرات العاطفية والتعرف عليها بشكل أفضل من الأشخاص الأصغر سنًا.
  2. القدرة على التعرف على التعبيرات العاطفية كانت أكبر من القدرة على تسميتها، وخاصة تعبير الخوف.
  3. كانت القدرة على التعرف على المشاعر السعيدة أكبر من القدرة على التعرف على المشاعر السلبية (أي الحزن والغضب والخوف)، في حين أن تسمية التعبير السعيد تفوق المشاعر الخاصة بتعبيرات الغضب أو الخوف.
  4. تجاوزت القدرة على التعرف على التعبيرات الحزينة وتسميتها قدرات التعرف على تعبيرات الغضب أو الخوف
  5. كان من الأسهل تفسير المواقف السعيدة والحزينة، كما ارتكب بعض الأشخاص أخطاء معينة لمشاعر معينة. [2]

كيف ساعدت المشاعر البشر على البقاء؟

ساعدت المشاعر أسلافنا من البشر الأوائل على النجاة بأنفسهم في الغابة، حيث أنهم كانوا بحاجة المشاعر لاتخاذ رد الفعل الصحيح ضد المخاطر التي واجهتهم حينها.

كما أن العواطف تساعدنا على اتخاذ القرارات والتخطيط للمستقبل. تناول كتاب “خطأ ديكارت” قصة مريض تمت إزالة الجزء التالف من الفص الأمامي لدماغه. حيث لاحظ الطبيب ضعف في قدراته الاجتماعية، على الرغم من أن قدرته على الحساب والفهم كانت جيدة، بل يمكن القول أنها ممتازة.

إلا أن الطبيب لاحظ في الوقت الذي قضاه مع المريض أنه لا يظهر أي نوع من العواطف، كما أقرّ المريض أن جميع الأشياء التي كانت تثير عاطفته توقفت عن فعل ذلك بعد إجراء العمل الجراحي، مما أضعف قدرته على اتخاذ القرار.

بدون المشاعر لن نكون قادرين إلى التوصل لحلول أو قرارات نهائية. ربما يكون البكاء نهاية لموجة حزن كبيرة، والغضب بداية إزاحة حمل عن كاهلك. كما أن كل أهدافنا التي نريد تحقيقها بحاجة لدافع أو قيمة مرتبطة بها، وبدون المشاعر ستضيع هذه القيمة.

لذلك علينا الاهتمام بفهم مشاعرنا، لأنها تعكس قيمنا الداخلية، واحتياجاتنا الفردية. كما أننا بفهم عواطفنا بإمكاننا تغيير سلوكنا وتوجيهه نحو الأفضل.

المصادر:

  1. coursera
  2. Child Study Journal

ما هي المشاعر؟ وكيف نشعر بها؟

تتحكم المشاعر بحياتنا أغلب الوقت، لدينا دائمًا هذا الصراع مع عواطفنا التي تتحكم بمزاجنا وإنتاجيتنا، نختبر جميع أنواع المشاعر في يومنا العادي ولكن من الصعب جدًا تفسير سبب هذه المشاعر التي تحدث في نفس اللحظة.

هناك الكثير من الخلاف حول ماهية المشاعر وكيفية دراستها، لذلك يدخل في دراستها العديد من مجالات البحث مثل الفلسفة وعلم النفس وعلم الاجتماع وعلم الإنسان وعلم الأعصاب. على الرغم من هذا لم يتوصل الباحثون إلى اتفاق حول هذه التركيبة الغريبة!

فما هي المشاعر من وجهة نظر فلسفية؟ ولماذا نشعر بها؟

ما هي المشاعر؟

لا يوجد توافق في الآراء في الكتابات حول تعريف المشاعر. إن هذا المصطلح يعتبر مسلماً به في حد ذاته، وفي أغلب الأحيان يتم تعريف المشاعر بالإشارة إلى قائمة: الغضب، والاشمئزاز، والخوف، والفرح، والحزن، والمفاجأة. حيث أن وصف حدوث المشاعر غير كافٍ للتعبير عما نشعر به بالضبط.

تفترض معظم التفسيرات العلمي أن المشاعر مثل أي حالة عقلية أخرى تدعمها العمليات الجسدية في الدماغ أو الجسم وبالتالي يمكن تفسيرها تفسيرًا ماديًا، حيث تعرف العاطفة على أنها رد فعل معقد يتضمن عناصر تجريبية وسلوكية وفسيولوجية.

العواطف هي كيفية تعامل الأفراد مع الأمور أو المواقف التي يجدونها ذات أهمية شخصية. إن التجارب العاطفية تشتمل على ثلاثة مكونات: التجربة الذاتية ، والاستجابة الفسيولوجية ، والاستجابة السلوكية أو التعبيرية..

1. التجربة الذاتية

تبدأ كل المشاعر لدينا بتجربة ذاتية، يشار إليها أيضا على أنها حافز، ولكن ما معنى هذا؟ 
في حين أن المشاعر الأساسية يعبر عنها جميع الأفراد بغض النظر عن الثقافة أو التنشئة، فإن التجربة التي تنتج عنهم يمكن أن تكون ذاتية إلى حد كبير.

الخبرات الذاتية يمكن أن تتراوح من شيء بسيط مثل رؤية لون إلى شيء معقد وكبير مثل الزواج أو فقد شخص عزيز، بغض النظر عن مدى قوة التجربة، يمكن أن تثير العديد من المشاعر في فرد واحد وقد تكون المشاعر مختلفة من فرد إلى آخر. على سبيل المثال، قد يشعر شخص ما بالغضب والندم لفقدان شخص محبوب بينما يشعر شخص آخر بحزن شديد.

2. الاستجابات الفسيولوجية

جميعنا نعرف كيف يخفق القلب بسرعة عند الخوف، هذه الاستجابة الفسيولوجية هي نتيجة رد فعل الجهاز العصبي الذاتي تجاه المشاعر التي نعاني منها. حيث يتحكم الجهاز العصبي الذاتي في استجاباتنا الجسدية غير الطوعية وينظم استجابتنا للقتال.

وفقًا للعديد من علماء النفس، من المحتمل أن تكون استجاباتنا الفسيولوجية قد ساعدتنا على التطور والبقاء على قيد الحياة كبشر عبر التاريخ.

من المثير للاهتمام، أن الدراسات أظهرت أن الاستجابات الفسيولوجية المستقلة تكون أقوى عندما تكون تعابير وجه الشخص مشابهة للحالة الشعورية التي يعيشها. وبعبارة أخرى ، فإن تعابير الوجه تلعب دورًا هامًا في الاستجابة للعاطفة بالمعنى المادي.

3. الاستجابات السلوكية

تعتبر الاستجابة السلوكية هي التعبير الفعلي عن العاطفة. يمكن أن تشمل الاستجابات السلوكية ابتسامة أو عبوس أو ضحكة أو تنهيدة، جنبًا إلى جنب مع العديد من ردود الفعل الأخرى اعتمادًا على المعايير الاجتماعية والشخصية.

في حين تشير الأبحاث الوافرة إلى أن العديد من أشكال التعبير عن الوجه عالمية ومشتركة بين البشر جميعًا، مثل العبوس للإشارة إلى الحزن، إلا أن المعايير الاجتماعية الثقافية والتربية الفردية تلعب أيضًا دورًا في استجاباتنا السلوكية. على سبيل المثال، كيفية التعبير عن الحب تختلف من شخص لآخر ومن ثقافة لأخرى.

الاستجابات السلوكية مهمة لتوضيح مشاعرنا للآخرين، ولكن تظهر الأبحاث أنها مهمة أيضًا لتحقيق الراحة النفسية للأفراد، حيث وجدت دراسة في مجلة علم النفس غير الطبيعي أنه أثناء مشاهدة الأفلام العاطفية السلبية والإيجابية، كان لقمع الاستجابات السلوكية للمشاعر تأثيرات جسدية على المشاركين، وتضمنت الآثار ارتفاع معدل ضربات القلب.

وهذا يشير إلى أن التعبير عن الاستجابات السلوكية للمحفزات الإيجابية والسلبية على حد سواء، هو أفضل لصحتك العامة من إخفاء تلك الاستجابات داخلك. لذلك، هناك الكثير من الفوائد للابتسام والضحك والتعبير عن المشاعر السلبية بطريقة صحية.

توضح الاستجابات الفسيولوجية والسلوكية المرتبطة بالمشاعر أن العاطفة أكثر من كونها حالة عقلية . بل تؤثر العاطفة على سلوكنا وصحتنا. فضلاً عن ذلك فإن قدرتنا على فهم استجابات الآخرين السلوكية تلعب دوراً ضخماً في ذكائنا العاطفي.

المشاعر وعلم النفس

يعود تاريخ النظريات والفرضيات حول العواطف إلى قرون مضت. والواقع أن العواطف الأساسية أو الأولية ترد في «كتاب الحقوق-Book of Rites»، وهو موسوعة صينية من القرن الأول.
إن تحديد وقياس العاطفة أصعب بكثير من العديد من الاستجابات البشرية الأخرى. أجريت الكثير من الدراسات في علم النفس العاطفي التي تتعلق بالمشاعر الأساسية، واستجاباتنا النفسية والسلوكية، ودور الذكاء العاطفي في حياتنا.

المشاعر الأساسية والمعقدة

تنقسم المشاعر في علم النفس العاطفي إلى مجموعتين: أساسية ومعقدة. حيث ترتبط المشاعر الأساسية مع تعابير الوجه المعترف بها وتميل إلى أن تحدث تلقائيًا. كان تشارلز داروين أول من اقترح أن تعابير الوجه الناتجة عن العاطفة عالمية ويشعر بها عامة الناس. كان هذا الاقتراح فكرة محورية لنظريته في التطور، مما يعني ضمنًا أن العواطف وتعبيراتها كانت بيولوجية وقابلة للتكيف. في الواقع، لاحظ الباحثون وجود المشاعر عند الحيوانات، مما يشير إلى أنها محورية للبقاء على قيد الحياة في الأنواع الأخرى أيضًا. ومن المرجح أن تكون العواطف الأساسية قد لعبت دورًا في بقائنا على قيد الحياة طوال التطور البشري.

حدد عالم النفس العاطفي بول إيكمان ستة عواطف أساسية يمكن تفسيرها من خلال تعابير الوجه. وشملت السعادة والحزن والخوف والغضب والمفاجأة والاشمئزاز. ووسع القائمة في عام 1999 لتشمل أيضا الإحراج والإثارة والازدراء والخزي والفخر والرضا والتسلية، رغم أن هذه الإضافات لم يتم تكييفها على نطاق واسع.

قائمة بالمشاعر الأساسية الستة

1. الحزن
2. السعادة
3. الخوف
4. الغضب
5. المفاجأة
6. الاشمئزاز

في ثمانينيات القرن العشرين، حدد عالم النفس «روبرت بلوتشيك-Robert Plutchik» ثماني عواطف أساسية جمعها في أزواج من المتناقضات، بما في ذلك الفرح والحزن، والغضب والخوف، والثقة والاشمئزاز، والمفاجأة والتوقع. يعرف هذا التصنيف بعجلة المشاعر ويمكن مقارنته بعجلة الألوان من حيث أن بعض العواطف المختلطة معًا يمكن أن تخلق عواطف معقدة جديدة.

في الآونة الأخيرة، وجدت دراسة جديدة من معهد علم الأعصاب وعلم النفس في جامعة غلاسكو في عام 2014 أنه بدلًا من ستة، قد يكون هناك فقط أربع عواطف أساسية يمكن التعرف عليها بسهولة. واكتشفت الدراسة أن الغضب والاشمئزاز يتشابهان في تعابير الوجه، وكذلك المفاجأة والخوف. ويشير هذا إلى أن الاختلافات بين تلك المشاعر قائمة على أساس اجتماعي وليس على أساس بيولوجي. وعلى الرغم من كل البحوث والتكيفات المتضاربة، فإن معظم البحوث تعترف بوجود مجموعة من العواطف الأساسية العالمية ذات السمات الوجودية المعترف بها.

هناك ظواهر مختلفة للمشاعر المعقدة وقد لا يكون من السهل التعرف عليها، مثل الحزن أو الغيرة أو الندم. وتعرف العواطف المعقدة بأنها “مجموع اثنين أو أكثر من العواطف الأخرى”. ويستخدم (APA) مثالًا على أن الكراهية هي اندماج في الخوف والغضب والاشمئزاز. والمشاعر الأساسية، من ناحية أخرى، غير ثابتة وفطرية. وتشمل العواطف المعقدة الأخرى الحب، والإحراج، والحسد، والامتنان، والذنب، والكبرياء، والقلق، من بين العديد من المشاعر الأخرى.

تختلف العواطف المعقدة اختلافًا كبيرًا في كيفية ظهورها على وجه الشخص وليس لديها تعابير يمكن التعرف عليها بسهولة. الحزن يبدو مختلفًا تمامًا بين الثقافات والأفراد. بعض المشاعر المعقدة، مثل الغيرة، قد لا يكون لها أي تعبير الوجه المصاحب على الإطلاق.

ما هي نظريات المشاعر؟

فهمنا سابقًا أن العاطفة متعددة الأوجه وقابلة للنقاش. وهكذا، فإن العديد من نظريات المشاعر موجودة. وفي حين تدحض بعض النظريات نظريات أخرى بشكل مباشر، فإن العديد منها يبني على الآخر. هذه بعض النظريات الشائعة عن علم النفس العاطفي التي ساعدت في تشكيل المجال وما هي نظرة البشر للمشاعر.

1.«نظرية جيمس لانج-James-Lange Theory»

نظرية جيمس لانج للمشاعر هي واحدة من أوائل نظريات المشاعر في علم النفس الحديث. وتفترض النظرية التي وضعها ويليام جيمس وكارل لانج في القرن التاسع عشر، أن المحفزات الفسيولوجية (المثيرة) تتسبب في رد فعل الجهاز العصبي الذاتي الذي يدفع الأفراد بدوره إلى تجربة المشاعر. يمكن لردود أفعال الجهاز العصبي أن تتضمن نبضات قلب سريعة، عضلات مضغوطة، عرق وغيرها. وفقًا لهذه النظرية، تأتي الاستجابة الفسيولوجية قبل السلوك العاطفي. مع مرور الوقت، تم تحدي نظرية جيمس لانج، وكذلك توسعت في نظريات أخرى، مما يشير إلى أن العاطفة هي مزيج من الاستجابة الفسيولوجية والنفسية.

2. «نظرية ردود الفعل الوجودية-Facial-Feedback Theory»

تشير نظرية ردود الفعل الوجودية للمشاعر إلى أن تعابير الوجه هي أمر بالغ الأهمية في ممارسة المشاعر. ترتبط هذه النظرية بعمل تشارلز داروين وويليام جيمس الذي افترض أن تعابير الوجه تؤثر على العاطفة على عكس كونها استجابة لعاطفة. تقول هذه النظرية أن المشاعر مرتبطة مباشرة بالتغيرات الجسدية في عضلات الوجه. وهكذا، سيكون الشخص الذي أجبر نفسه على الابتسام أكثر سعادة من شخص تظاهر بالعبوس المزيف.

3.«نظرية كانون-بارد-Cannon-Bard Theory»

طورها والتر كانون وفيليب بارد في عشرينيات القرن العشرين، تم تطوير نظرية كانون-بارد للمشاعر لدحض نظرية جيمس لانج. تفترض هذه النظرية أن التغيرات الجسدية والمشاعر تحدث في وقت واحد بدلًا من واحد بعد الآخر. هذه النظرية مدعومة بعلم الأحياء العصبية الذي يقول أنه بمجرد اكتشاف الحدث المحفز ، يتم نقل المعلومات إلى كل من اللوزة الدماغية وقشرة الدماغ في نفس الوقت. إذا كان هذا صحيحًا، فالشهوة والعاطفة هما حدث واحد في نفس الوقت.

4. «نظرية شاختر-سينغر-Schachter-Singer»

تقدم هذه النظرية التي طورها ستانلي شاختر وجيروم إي سينجر عنصر المنطق في عملية العاطفة. النظرية تفترض أننا عندما نعاني من حدث ما فإنه يسبب إثارة فيزيولوجية، وعندما نحاول إيجاد سبب للإثارة عندها، نختبر العاطفة.

5. «نظرية التقييم المعرفي-Cognitive Appraisal Theory»

كان ريتشارد لازاروس رائد نظرية التقييم المعرفي، ووفقًا لهذه النظرية يجب أن يحدث التفكير قبل التعرض للمشاعر. وهكذا ، فإن الشخص يختبر أولًا تجربة التحفيز، والتفكير، ومن ثم سيختبر في ذات الوقت تجربة الاستجابة الفسيولوجية والمشاعر.

هذه النظريات ليست الوحيدة الموجودة للمشاعر، لكنها تقدم أمثلة عظيمة عن أن الأفكار والمشاعر وُجدت مختلفة بعضها عن بعض. ما تشترك فيه كل نظريات العاطفة هو فكرة أن العاطفة تقوم على نوع من التحفيز الذاتي أو الخبرة الشخصية، مما يحفز على رد فعل بيولوجي ونفسي.

بماذا يفيدنا فهم مشاعرنا؟

كما ناقشنا سابقًا، ساعدت المشاعر البشر على التطور والبقاء على قيد الحياة. وفقًا لإيكمان الذي طور عجلة العاطفة “سيكون خطيرًا جدًا إذا لم يكن لدينا عواطف. كما أنها ستكون حياة مملة جدًا. لأنه في الأساس، مشاعرنا هي التي تدفعنا نحو الإثارة، والمتعة، حتى الغضب “. لهذا السبب من المهم أن نكون قادرين على فهم المشاعر، كما أنها تلعب دورًا مهم في تصرفاتنا.

يجادل (إيكمان) بأن المشاعر بناءة بشكل أساسي. وهي متأثرة بما هو مفيد لجنسنا بشكل عام وما تعلمناه أثناء تربيتنا. إنها توجه سلوكنا بطريقة تقودنا إلى نتيجة إيجابية. ومع ذلك، يمكن أن تصبح العواطف مدمرة إذا كانت العواطف اللاواعية تسبب ردود فعل لسنا قادرين على فهمها.

طالما أنك تفهم ماهية مشاعرك وتحوّل ما فهمته عنها إلى أفعال، يعني أنك تقوم بما يسمى بالوعي العاطفي. ويطلق على قدرة القيام بذلك مع الآخرين أيضًا باسم الذكاء العاطفي.

ما هو الذكاء العاطفي؟

الذكاء العاطفي هو القدرة على الإدراك والتحكم وتقييم المشاعر. اُقترح هذا المصطلح لأول مرة الباحثين بيتر سالوفي وجون دي ماير ووجد شعبية من خلال كتاب دان جولمان عام 1996م. يعرّف هذا الكتاب الذكاء العاطفي بأنه القدرة على التعرف على عواطفنا وفهمها وإدارتها، فضلًا عن التعرف على عواطف الآخرين وفهمها والتأثير عليها.

اكتسبت دراسة الذكاء العاطفي شعبية كبيرة منذ منتصف التسعينات، خصوصًا بين المهنيين في مجال الأعمال التجارية، ومدربي العلاقات، وكثر استخدام المصطلح لتشجيع الآخرين على تحسين حياتهم. يعتقد العديد من الباحثين أن الذكاء العاطفي يمكن تحسينه مع مرور الوقت، بينما يجادل البعض الآخر بأنها صفة ولدنا بها أو بدونها.

ماذا تشمل مكونات الذكاء العاطفي؟

  • تقييم المشاعر والتعبير عنها سواء كانت مشاعرنا أو مشاعر الآخرين من حولنا: تعني التعرف على المشاعر أو التعبير عنها بشكل لفظي أو غير لفظي.
  • تعلم تنظيم العواطف في النفس وإدارتها: حيث يتم تحفيز كافة الأطراف نحو نتائج إيجابية.
  • استخدام العواطف بطرق تكيفية: حيث أن تعلم كيفية استخدام العواطف وتفسيرها يقود إلى تحقيق نتائج إيجابية.

ينفتح أصحاب الذكاء عاطفي على تجارب عاطفية إيجابية وسلبية، يعرفون المشاعر ويوصلونها إلى الآخر بشكل مناسب. كما يمكن للناس ذوي الذكاء العاطفي استخدام فهمهم لعواطفهم وعواطف الآخرين كدافع نحو النمو الشخصي والاجتماعي،

أما أصحاب الذكاء العاطفي المنخفض قد لا يستطيعون فهم عواطفهم والسيطرة عليها أو على عواطف الآخرين. وهذا يمكن أن يُشعر الآخرين بالسوء عندما يجدون أن أفعالهم وتعبيراتهم غير مفهومة.

من الواضح أن هناك فوائد شخصية ومهنية لتحسين ذكائك العاطفي. وفي فوربس، تناول «شايد مينغ تان-Chade-Meng Tan» فوائد تحسين الذكاء العاطفي، كما أشار إلى أن الذكاء العاطفي المرتفع يرتبط بأداء أفضل في العمل، ويجعل الناس قادة أفضل، ويهيئ الظروف للسعادة الشخصية. وقال: “هناك أيضاً فوائد شخصية مقنعة، وتظهر أبسط هذه الفوائد في ثلاث صفات بالشخصية وهي الهدوء ووضوح العقل، والمرونة، كما ستكون العلاقات عند الأشخاص الذين يملكون ذكاء عاطفي أكثر إرضاءً”.

يلعب الذكاء العاطفي دورًا في النجاح الشامل يشبه إلى حدٍ كبير الذكاء التقليدي. في الواقع، يجادل بعض الباحثين على أنها تلعب دورًا أكبر. قدم عالم النفس دانيال جولمان في كتابه “الذكاء العاطفي: ما الذي قد يهم أكثر من معدل الذكاء”  فكرة أن معدل الذكاء العاطفي أشبه بكثير بمعدل الذكاء التقليدي، فإن معدل الذكاء هو مقياس لإثبات الذكاء العاطفي عند الأفراد. ويجادل غولمان بأن معدل الذكاء العاطفي يساوي ضعف معدل الذكاء والمهارات التقنية مجتمعة عندما يتعلق الأمر بالنجاح.

وسواء كان ذلك صحيحا أم لا فهو أمر قابل للنقاش بالتأكيد، ولكن الذكاء العاطفي قد خدم البشر بشكل جيد طوال تطورنا وتاريخنا. كما أنه لعب دورًا قبل فترة طويلة من تحديده رسميًا.

ما هو مستقبل علم النفس العاطفي؟

لقد تم بالفعل إجراء العديد من الدراسات والبحوث القوية حول المشاعر، لذلك فإن مجال علم النفس العاطفي لديه بلا شك مستقبل مثير بدءًا بالذكاء الاصطناعي إلى التحديات الجديدة انتهاءً بالنظريات الراسخة، لا يوجد تفسير لما سيكون عليه فهمنا للبشر واستجاباتهم العاطفية في المستقبل.[1]

ولنختم بإنفوجراف مُبسط عن نظريات المشاعر وفوائدها.

ما هي المشاعر وكيف نشعر بها؟


المصادر:
UWA

هل هناك فوائد صحية للبكاء؟

أثبت الباحثون أن البكاء يُطلق الأكسيتوسين والمواد الأفيونية، والمعروفة أيضًا باسم الإندورفين، حيث تساعد هذه المواد الكيميائية على تخفيف الآلام الجسدية والعاطفية، وتحسين المزاج. يعتقد العلماء أن دراسة البكاء، أكثر من أي تعبير عاطفي آخر، قد تساعدنا في الحصول على رؤية أفضل للطبيعة البشرية، ومن هنا اجتهد العلماء في الأبحاث للإجابة عن الأسئلة المطروحة والتي من أهمها هل هناك فوائد صحية للبكاء؟

هل هناك فوائد صحية للبكاء؟

البكاء هو استجابة طبيعية لمجموعة من المشاعر، من الحزن العميق إلى السعادة المفرطة والفرح، ولكن هل البكاء مفيد لصحتك؟ يبدو أن الجواب نعم.

يتفق الفكر النفسي اليوم إلى حد كبير، مع التأكيد على دور البكاء كآلية تسمح لنا بالتخلص من التوتر والألم العاطفي، وهنا البكاء هو بمثابة صمام أمان مهم، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن كبت المشاعر الصعبة يمكن أن يكون ضارًا بصحتنا.

ربطت الدراسات بين كبت المشاعر وضعف المناعة وأمراض القلب والأوعية الدموية، وارتفاع ضغط الدم، وكذلك مع حالات الصحة العقلية، بما في ذلك التوتر والقلق والاكتئاب.

ثبت أيضًا أن البكاء يزيد من سلوك التعلق، ويشجع على التقارب والتعاطف والدعم من الأصدقاء والعائلة.

قسم العلماء السائل الدمعي إلى ثلاث فئات متميزة، وهي:

الدموع الانعكاسية، والدموع المستمرة، والدموع العاطفية، تؤدي الفئتان الأوليان الوظيفة المهمة لإزالة الغبار والعوالق الأخرى، وتساهم في حماية أعيننا من العدوى، أما الفئة الثالثة، فهي الدموع العاطفية التي تطرد هرمونات التوتر والسموم الأخرى من جسمنا، والتي من المحتمل أن تقدم معظم الفوائد الصحية.

لماذا تبكي النساء أكثر من الرجال؟

يشير الباحثون إلى أن النساء الأميركيات يبكين في المتوسط ​​من ٣_٤ مرات كل شهر، بينما يبكي الرجال الأمريكيون حوالي مرتان، قد تُفاجئ هذه الأرقام البعض منا، خاصةً وأن مجتمعنا غالبًا ما ينظر إلى البكاء – وخاصة من قبل الرجال – على أنه علامة على الضعف وعدم القدرة على التحمل العاطفي.

والتفسير هنا هو أن هرمون البرولاكتين (الذي يظهر في مستويات أعلى عند النساء) يعزز البكاء على عكس منه هرمون التستوستيرون (الذي يظهر في مستويات أعلى عند الرجال).

وجدت دراسة أجريت على أشخاص في 35 دولة أن الفرق بين عدد مرات بكاء الرجال والنساء قد يكون أكثر وضوحًا في البلدان التي تسمح بقدر أكبر من حرية التعبير.

تقول مؤلفة الدراسة الرئيسية ديان فان هيمرت، الحاصلة على درجة الدكتوراه، والباحثة في المنظمة الهولندية للبحث العلمي التطبيقي:

إن الناس في البلدان الأكثر ثراء قد يبكون أكثر لأنهم يعيشون في ثقافة تسمح بذلك، بينما الناس في البلدان الفقيرة – الذين من المحتمل أن يكونوا أكثر عرضة للبكاء – لا يفعلون ذلك بسبب الأعراف الثقافية التي تستهجن التعبير العاطفي.

بُني، كن رجلًا ولا تبكِ!

تلخص هذه الكلمات بإيجاز العديد من معضلات الرجل حول التعبير العاطفي، وغالبًا ما يقال للأولاد أن الرجال الحقيقيين لا يبكون، وعندما يكبر هؤلاء الأولاد، قد يكبتون مشاعرهم بعمق وينسحبون عاطفياً من حياة أحبائهم، أو يتعاملون مع مشكلاتهم بسلوكيات ضارة، مثل أدمان الكحول أو تعاطي المخدرات، أو حتى يفكرون بالانتحار. ومن هنا يحتاج العديد من الرجال إلى تعلم مهارات كيفية إعادة الاتصال بمشاعرهم.

في تسعينيات القرن الماضي، قاد الشاعر روبرت بلي ندوات للرجال درّس فيها المشاركين كيفية التواصل مع مشاعرهم المدفونة منذ فترة طويلة من الحزن والفقد، والبكاء علانية إذا احتاجوا إلى ذلك.

من الجيد أن يبدأ مثل هذا التعليم في وقت مبكر، في المنزل أو في المدرسة، وإعطاء الأولاد حرية للتحدث عن المشاعر الصعبة.

متى تكون الدموع مشكلة؟

هناك أوقات يمكن أن يكون فيها البكاء علامة على وجود مشكلة، خاصةً إذا كان يحدث كثيرًا و / أو بدون سبب واضح، أو عندما يبدأ البكاء في التأثير على الأنشطة اليومية أو يصبح خارج نطاق السيطرة، على العكس من ذلك، قد لا يتمكن الأشخاص الذين يعانون من أنواع معينة من الاكتئاب من البكاء، حتى عندما يشعرون بالرغبة في ذلك.

في كلا الحالتين، سيكون من الأفضل رؤية طبيب متخصص يمكنه المساعدة في تشخيص المشكلة واقتراح العلاج المناسب.

البكاء علاج جيد

يربط الكثير من الناس البكاء أثناء الحزن بالاكتئاب، في حين أنه يمكن أن يكون في الواقع علامة على الشفاء، وقد يؤدي تعليم الأولاد والشبان أنه لا بأس في البكاء إلى تقليل السلوكيات السلبية ومساعدتهم على التمتع بحياة أفضل.

تشرح Roseann Capanna-Hodge، خبيرة الصحة العقلية، قائلة:

البكاء هو إشارة للتوقف لحظة والتعامل مع الضغوطات أو المشاعر غير المريحة أو أحاسيس الجسد، وإن قضاء الوقت في البكاء والتغلب على هذه المشاعر المُتعبة ليس فقط فعلًا إيجابيًا لا يسمح للعواطف والضغوط بالتراكم، بل يمكن أيضًا أن يكون علاجًا جيدًا.

إن أفضل طريقة للتعامل مع المشاعر الصعبة، بما في ذلك الحزن والأسى، هي تقبل وجودها، ومن المهم أن تسمح لنفسك بالبكاء إذا شعرت بذلك.

المصادر:

Exit mobile version