كيف استطاع الذكاء الاصطناعي تحويل الأفكار إلى كلام؟

أحدث تطور الذكاء الاصطناعي ثورة في علم الأعصاب. فبإدماجه في «واجهات الدماغ والحاسوب- brain–computer interfaces (BCIs)»، وهي أنظمة تستعمل في وصل الدماغ بأجهزة الحاسوب، صار من الممكن قراءة النشاط الدماغي وتحويله إلى كلام. فهل تنجح هذه الواجهات في تمكين العاجزين عن النطق من الكلام؟ وما العوائق التي تقف أمام استخدام هذه الواجهات في المجال الطبي؟

استخدام الذكاء الاصطناعي في تحويل الأفكار إلى كلام

بفضل التطور الهائل لقدرة الحواسب، أصبح تطبيق الذكاء في مختلف المجالات، بما في ذلك علم اللأعصاب، الوجهة المفضلة للعديد من الباحثين. وقد نشرت عدة دراسات حول طرق تحويل الأفكار إلى كلام باستخدام الذكاء الاصطناعي وواجهات الدماغ والحاسوب [1–3]. في هذا المقال، سنعرض آخر النتائج التي تم الحصول عليها بدمج الذكاء الاصطناعي مع واجهات الدماغ والحاسوب من أجل تحويل الأفكار إلى كلام، والتي توصلت إليها دراستان نشرتا في صيف 2023.

الدراسة الأولى: فك شفرة الإشارات العصبية لمنطقة النطق في الدماغ

في الدراسة الأولى، قام فريق بحثي من جامعة ستانفورد بتطوير جهاز يُزرع في المنطقة المسؤولة عن النطق في الدماغ. يقوم الجهاز بالكشف عن الإشارات العصبية التي ينتجها الدماغ أثناء محاولة النطق ببعض العبارات والجمل. ثم يربط بين الإشارات الدماغية والمفردات المنطوقة باستخدام الذكاء الاصطناعي [1][2][4].

التجربة

أثناء تجربته للواجهة المطَورة، قام الفريق البحثي بزرع رقائق من االسيليكون بالجزء المسؤول عن النطق في دماغ متطوعة عاجزة عن النطق. تعاني المريضة من مرض التصلب الجانبي الضموري، الذي يؤثر بشدة في قدرتها على التحكم بعضلات اللسان. تقوم الرقائق باستقبال الإشارات العصبية للدماغ أثناء محاولة المريضة نطق عبارات معينة تعرض عليها. واعتماداً على هذه البيانات، تقوم خوارزميات للتعلم العميق بالربط بين الإشارات العصبية، التي ينتجها دماغ المريضة، ومفردات الجمل والعبارات، التي تحاول نطقها، بفك تشفير كل فونيم (الوحدة الصوتية الصغرى) على حدة، أي بمحاولة إرفاق كل فونيم بإشارته العصبية التي تناسبه [2][4].

اعتمدت الدراسة على نموذج للتعلم العميق يدعى «الشبكة العصبية المتكررة-(recurrent neural network (RNN». والذي يأخذ بعين الاعتبار الفينومات التي سبق فك تشفيرها من أجل فك تشفير الفينوم اللاحق في عبارة ما. يقوم النموذج، خلال محاولة المريضة النطق بعبارة ما، بالتنبؤ باحتمالية نطق كل فونيم. ثم يقوم بتركيب الكلمات الأكثر احتمالية وترتيبها بمساعدة نموذج لغوي للغة الإنجليزية. وهكذا، تبني خوارزمية التعلم العميق نموذجاً قادراً على تفسير الإشارات العصبية للمريضة وترجمتها إلى نص [2].

نتائج التجربة

أظهرت واجهات الدماغ والحاسوب التي طورها الفريق نتائج واعدة. قد تعطي أملاً للأفراد العاجزين عن النطق باستعادة تواصل طبيعي وسلس مع المجتمع. فلم تتجاوز نسبة الكلمات الخاطئة 9% من مجموع الكلمات التي تنبَّأ بها عند استعمال 50 مفردة في تدريب الخوارزمية. بينما، ارتفعت هذه النسبة إلى 23.8% عند تدريب الخوارزمية ب 125 ألف مفردة. ووصلت سرعة التنبؤ إلى معدل متوسط قدره 62 كلمة في الدقيقة في مقابل 160 كلمة بالنسبة للكلام الطبيعي. رغم هذا،  تبقى هذه النتائج مشجعة لبذل مزيد من الجهد في تحسين واجهات الدماغ والحاسوب لجعلها أكثر كفاءة في إنتاج كلام سلس وطبيعي [2][4].

الدراسة الثانية: ربط النشاط الدماغي بالجمل والعبارات

في الدراسة الثانية، قام فريق بحثي من جامعة كاليفورنيا بمحاولة ربط النشاط الدماغي بالجمل والعبارات المنطوقة. وتختلف هذه الدراسة عن سابقتها بكونها لا تقتصر على النشاط الدماغي للمناطق المسؤولة عن النطق، بل تتعداه لتغطي القشرة الدماغية كلها. بالإضافة إلى هذا، نجح الفريق في خلق محاكاة شبه طبيعية للمريضة وهي تتحدث، وذلك بمساعدة أفاتار يحاكي تعابير وجهها ونبرة صوتها أثناء الكلام [1][4].

التجربة

في هذه التجربة، قام فريق البحث بزرع 253 قطبا وتوزيعها على القشرة الدماغية لمريضة فقدت قدرتها على النطق إثر سكتة دماغية. تقوم الأقطاب بالتقاط النشاط المشترك لآلاف الخلايا العصبية أثناء محاولة المريضة نطق عبارات تتكون بمجملها من 1024 مفردة. ويتم تدريب خوارزمية للتعلم العميق على التعرف على أنماط النشاط الدماغي الناتج عن نطق كل مفردة. ثم يتم تحويل الكلمات إلى صوت وتعبيرات وجه اصطناعية بواسطة أفاتار طوره الفريق [1][4].

نتائج التجربة

حققت واجهات الدماغ والحاسوب في هذه التجربة نتائج مشجعة وملهمة في تحسين التواصل بين العاجزين عن النطق مع العالم الخارجي. ورغم أن نسبة الخطإ في هذه الدراسة فاقت 25 بالمئة، يبقى توفير طريقة تواصل بتعابير الوجه ونبرة الصوت طفرة نوعية قدمتها هذه الدراسة. بالإضافة إلى هذا، تفوق سرعة فك التشفير (ترجمة النشاط الدماغي إلى كلمات) في هذه الدراسة تلك التي حققتها الدراسة السابقة، حيث تصل إلى 78 كلمة في الدقيقة. ورغم أن هذه السرعة لا تزال بعيدة عن السرعة الطبيعية للكلام، فإن الدراسة تفتح آفاقاً واسعة أمام استخدام واجهات الدماغ والحاسوب في استعادة الكلام للعاجزين عن النطق [1][4]. 

عيوب الدراستين

رغم الاهتمام الهائل الذي لاقته كلتا الدراستين، لا تزال واجهات الدماغ والحاسوب في حاجة إلى مزيد من التحسين والتطوير من أجل إدماجها في مراكز الرعاية الصحية لمساعدة العاجزين عن النطق على الكلام. ومن أبرز العيوب التي تعاني منها الدراستان، وجود أسلاك تربط رأس المريض بالحاسب الآلي أثناء عملية التواصل. مما يحُدُّ من حصول تواصل طبيعي وفعال. أضف إلى هذا أن هذه التقنية تعتمد بشكل كلي على وجود مناطق دماغية سليمة عند المريض من أجل فك تشفيرها. وهذا ليس حال كل المرضى، دون أن ننسى الآثار الجانبية والمسائل الأخلاقية التي قد يثيرها زرع واجهات الدماغ والحاسوب بأدمغة المرضى [1][2][4].

في النهاية، من أجل انتشار واسع لهذه التقنية، يجب التركيز على تحسين دقة وسرعة فك التشفير. بالإضافة إلى تطوير أنظمة قابلة للزرع بالكامل دونما حاجة إلى أسلاك موصلة مع الأخذ بعين الاعتبار لمختلف الآثار الجانبية [4].

المصادر

[1] A high-performance neuroprosthesis for speech decoding and avatar control
[2] A high-performance speech neuroprosthesis 
[3] High-performance brain-to-text communication via handwriting
[4] Brain-reading devices allow paralysed people to talk using their thoughts

كيف تغير المركبات ذاتية القيادة مستقبل التنقل في المدن؟

هذه المقالة هي الجزء 11 من 18 في سلسلة كيف ستغير المدن الذكية من شكل عالمنا؟

يتطور تعريف المدينة الذكية باستمرار مع الأيام إلا أن بعض النقاط أصبحت واضحةً وثابتةً. فتسخِّر المدن الذكية التقنيات الحديثة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ICT لتحقيق الاستدامة، والتنمية، وتحسين نوعية حياة الأفراد. وتمثّل إدارة المرور والتنقل إحدى أهم الجوانب التي تركّز المدن عليها، إذ تقدّم خدمات أفضل للسكان بمساعدة الحسّاسات وانترنت الأشياء IoT. على سبيل المثال؛ تخفّف إشارات المرور الذكية الازدحام في ساعات الذروة، ويساعد كذلك الوقوف الذكي على إيجاد مواقف خالية للسيارات. ويستطيع الأفراد تتبّع مواقع الحافلات ومواعيد وصولها من خلال تطبيقات الهاتف المحمول.[1] تهتم اليوم الصناعات الذكية بتطوير المركبات ذاتية القيادة، ويعتقد الخبراء أنها ستصبح مستقبل التنقل الذكي، وركيزةً أساسيةً فيه. لأنها ستغيّر أسلوب حياتنا، ومفهومنا عن التنقل بشكل ثوريّ.

ما هي المركبات ذاتية القيادة؟

يقصد «بالمركبات ذاتية القيادة- an Autonomous vehicles» أي سيارة أو حافلة أو شاحنة أو مركبة أخرى، تستطيع القيادة من النقطة أ إلى النقطة ب دون تدخّل بشري، إضافةً إلى قدرتها على أداء جميع وظائف القيادة الضرورية. تُجهَّز هذه المركبات بأجهزة استشعار مختلفة لإدراك البيئة المحيطة. فتجمع البيانات، ومن ثم يعالجها حاسوب مُدمج في المركبة، لكي تستطيع التحرّك بشكل مستقل. [2]

تعتبر القيادة الذاتية واحدةً من أهم الابتكارات في العقود الأولى من القرن ال21، بسبب قدرتها على إحداث نقلة نوعية في نظام التنقل ضمن المناطق الحضرية وخارجها. وقد تسارع تطوير التقنيات المتعلّقة بالقيادة الذاتية خلال العقد الماضي بفضل إدخال الذكاء الاصطناعي AI في أنظمة القيادة. نتيجةً لذلك أصبحت المركبات أكثر “ذكاءً”، وقادرةً على الركن بنفسها -التموضع بجانب الطريق-، وتغيير سرعتها أو اتّجاه سفرها، والاستجابة للعقبات والتنبّؤ بها أثناء القيادة. [3]

مستويات المركبات ذاتية القيادة

تصنِّف SAE international -المعروفة سابقًا بجمعية مهندسي السيارات- المركبات ذاتية القيادة إلى 6 مستويات من الأتمتة المحدّدة والمتّفق عليها دوليًا. وتزداد استقلالية المركبة مع ازدياد المستوى.

  1. المستوى 0: يؤدي السائق جميع مهام القيادة، ولا تسيطر السيارة على عملية القيادة.
  2. المستوى 1: تُجهّز المركبة بنظام مساعد للسائق DAS. والذي يساعد السائق جزئيًا في ضبط السرعة، أو كبح الانحراف، أو الإيقاف الطارئ.
  3. المستوى 2: تجهّز المركبة بمزايا أكثر تقدّمًا بحيث يشرف DAS على التوجيه والتسارع والكبح في الظروف السهلة ضمن ظروف الرؤية الجيدة في النهار. لكن يجب على السائق الإشراف الكامل على القيادة، وأداء جميع مهام القيادة المعقّدة تقريبًا.
  4. المستوى 3: يستطيع النظام أداء جميع أجزاء مهام القيادة في بعض الظروف المثالية. لكن يجب على السائق أن يكون مستعدًا لاستعادة السيطرة عندما يطلب النظام منه ذلك. بعبارة أخرى، يجب على السائق أن يكون جاهزًا للانتقال الآمن بين القيادة الذاتية والقيادة البشرية في غضون ثوان قليلة. بسبب ذلك لا يسمح للسائق بالنوم أو إمالة مقعد القيادة بالكامل.
  5. المستوى 4: يمكن للمركبة أداء جميع عمليات القيادة بشكل مستقل في ظروف معينة. لا يلزم في هذا المستوى الجهوزية (اليقظة) من السائق في الشروط المعيّنة في المستوى السابق.
  6. المستوى 5: تتعاون في هذا المستوى التقنيات الحديثة مع المركبة. نتيجةً لذلك تستطيع القيادة في كل أحوال الطقس والإضاءة، وفي أي نوع من أنواع الطرق سواء داخل المدينة أو على الطرق السريعة، دون أي حاجة للتدخل البشري أو المراقبة. وستتمكن المركبات من الاتصال مع المركبات الأخرى والبنى التحتية من أجل الحصول على أحدث المعلومات عن حالة الطريق مقدّمًا (من ثوان إلى دقائق قليلة).[4][5][6]
مستويات المركبات ذاتية القيادة.

كيف تعمل القيادة الذاتية؟

تعد القيادة الذاتية مهمةً معقدةً تتطلّب دمج مجموعة متنوعة من التقنيات الذكية، لخلق رؤية بزاوية 360 درجة من محيط السيارة. من ثم تستخدم المركبة هذه المعلومات لاتّخاذ قرارات حول كيفية السير بأمان. وتحتاج المركبة إلى توافر:

  • أجهزة الاستشعار: تضمّ المركبة مجموعةً من الكاميرات وأجهزة استشعار المدى مثل radar وlidar، إذ توفر معلومات حول البيئة المحيطة بالمركبة مثل مواقع المركبات الأخرى والمشاة وحالة الطريق وغيرها من المعلومات.[7] يكشف الرادار عن سرعة ومسافة الأجسام. بينما ينشئ الليدار نموذجًا ثلاثي الأبعاد من محيط السيارة، ويستعمل للكشف عن الأجسام التي يصعب رؤيتها بالكاميرات أو الرادار مثل الأجسام الصغيرة أو المحجوبة جزئيًا.
  • اندماج المستشعر: يقصد بذلك عملية دمج البيانات من مجموعة المستشعرات. يساعد ذلك باكتشاف الأجسام والتنبؤ بالحركة للحصول على صورة شاملة عن محيط المركبة.[8]
  • التنبؤ بالحركة: وهو ضروري لمعرفة الحركة المستقبلية للأجسام المتواجدة في محيط المركبة.
  • تعلم الآلة: تستخدم المركبات خوارزميات تعلم الآلة لتحليل البيانات، واتّخاذ القرارات الحاسمة.
  • أنظمة التحكم: ترسل أنظمة التحكّم إشارات للمشغلات مثل عجلة القيادة، والمكابح، ومسرع السرعة لكي تخبرهم كيف يحرّكون المركبة وفقًا لقرار الخوارزمية.

تعتمد المركبات عمومًا على نظام تحديد المواقع الجغرافية GPS لتحديد موقعها، وتوجّهها. كما تستعمل خرائط عالية الدقة للتنقل في الطرق.[7]

صور الكاميرا الأمامية المجمعة في يوم صافي، وفي وقت الليل، وفي يوم ماطر، وفي موقع بناء.

هل بدأت المركبات ذاتية القيادة في الانتشار؟

يجري حاليًا تطوير المركبات ذاتية القيادة وستمر بعدّة خطوات حتى تصبح موثوقةً ومتاحةً تجاريًا في معظم الأسواق. ويتوقع الخبراء أنها ستتبع منحنى S وفقًا «لقانون روجر-Roger’s law» كما في الصورة.[9]

نمط التوزيع المتوقع للمركبات ذاتية القيادة وفقًا ل Roger’s law.

من الضروري أن ندرك مدى تعقيد إدارة مركبة ما على الطرق العامّة، بسبب كثرة التفاعلات مع أشياء غير متوقعة في أغلب الأحيان، مثل المشاة، وراكبي الدراجات، والحيوانات. وقد تفرض هذه المركبات تكاليفًا إضافيةً مرتفعةً بسبب الحوادث، أو حالات التأخير الممكنة لمستخدمي الطريق الآخرين. نتيجةً لذلك ستتمتع المركبات ذات المستوى 5 بمعايير اختبار أعلى من الابتكارات التقنية الأخرى. مما يؤدي إلى تأخير طرحها في السوق للحصول الموافقات اللازمة. في حال أثبتت هذه التقنية أنها غير موثوقة أو خطيرة، ستطلب الولايات القضائية اختبارات إضافية، وأذونات، ولوائح. مما سيؤدي إلى تفاوت في معدّلات التنفيذ والطرح في السوق وهو أمر متوقع أيضًا.[10]

وتشير التقديرات إلى أن طرح مركبات المستوى 5 سيبدأ عام 2030. ومن المرجّح أن يستغرق تشبّع السوق عدّة عقود، وقد يستمر بعض سائقي السيارات في اختيار المركبات التقليدية، بسبب تفضيلهم الشخصي، وانخفاض تكلفة الشراء.

يوضح الجدول تقدير التوقيت لإدخال السيارات ذاتية القيادة وانتشارها في السوق.

لكن يبقى تداول المركبات مرتبطًا بالأفراد حتى بعد التشبّع بالأسواق. لذلك قد تتسارع أو تتباطأ عملية الانتشار، وربما لن يتماثل انتشارها في كل البلدان أو القارات. ويتوقع بعض الخبراء أن يتأخر الانتشار إلى ما بعد عام 2040 بسبب التحديات التقنية والسياسية والاجتماعية. [11]

فوائد القيادة الذاتية في المدن الذكية

يعد النقل جزءًا أساسيًا من حياة الإنسان، ويؤثر على التعليم والعمل ووقت الفراغ والخدمات. وتجلب المركبات ذاتية القيادة فوائد كثيرة، ومنها:

  • السلامة، يتوقع الباحثون ارتفاع معدلات سلامة السائقين والمشاة، وانخفاض عدد الحوادث.[12]
  • تقليل الازدحام المروري والوقت اللازم للسفر، يعود الفضل بذلك إلى توحيد سرعة السفر لجميع مستخدمي الطرق مع زيادة سرعة عبور التقاطعات. حيث يمكن للمركبات الاتصال مع بعضها البعض، ومع البنية التحتية في الوقت نفسه. علاوةً على ذلك، تختار المركبات أفضل المسارات للرحلة من خلال التقنيات السحابية وإنترنت الأشياء.[13]
  • خفض الانبعاثات، حيث يقل استهلاك الوقود، والانبعاثات السامة في الغلاف الجوي للمدن الذكية، وتتحسن جودة الهواء.[14][15]
  • إمكانية الوصول، تتوفر خيارات تنقل أسهل وأفضل لمن لا يستطيع القيادة كالمسنين، وذوي الاحتياجات الخاصة. وتستطيع السيارات أيضًا الدخول إلى مناطق غير مخدومة، ولا تصلها وسائل النقل العام عادةً.[12][16]

تحديات وعوائق

ستغيّر القيادة الذاتية البيئة الحضرية، وستكون هذه التغييرات لا رجعة فيها. نتيجةً لذلك يجب علينا معرفة عواقب التطبيق لنتجنّبها، فنحصل على أقصى فائدة ونتغلب على التحديات. ونذكر بعض تلك التحديات:

  • تحديات تقنية، يلزم تطوير وربط عمل العديد من التقنيات، فلكي تتمكن السيارات من التعامل مع أي حالة مرورية يلزم الملايين من الكيلومترات التجريبية للقيادة في الحالات الخطرة كتساقط الثلوج أو الأمطار الغزيرة.[17]
  • مخاوف أخلاقية، ترتبط بوجود نقاط ضعف في أمن الفضاء الإلكتروني، مما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على المستوى الأمني للمدن.[12]
  • آثار سلبية على صحة الإنسان، بسبب نمط الحياة الخامل، فقد يعطي السكان أولويةً للقيادة الذاتية من أجل قضاء رحلاتهم القصيرة عوضًا عن المشي أو ركوب الدراجة.[18]
  • عقبات اقتصادية، بسبب كلفة الشراء المرتفعة، على الأقل في السنوات الأولى من الانتشار. وتدرس المدن الذكية إدخال الحافلات ذاتية القيادة في خدمة النقل العام، بالتالي تحل مشكلة عدم قدرة تحمّل تكلفة امتلاك مركبة خاصة.[19]
  • عدم تقبّل وثقة الناس لفكرة القيادة الذاتية.

تأثير المركبات ذاتية القيادة على التخطيط العمراني

التحضر

يعتقد الخبراء أن إدخال القيادة الذاتية في التنقل الذكي قد يؤدي إلى زيادة أهمية المناطق السكنية في الضواحي. والتي يكون سعرها عادةً أخفض في السوق عن تلك المتواجدة في المركز. حيث تسهّل المركبات ذاتية القيادة إمكانية الوصول للمناطق التي تعذر الوصول إليها سابقًا. مما يؤدي في نهاية المطاف إلى ازدياد الزحف العمراني للمدن، وانخفاض كثافة البناء. إضافةً إلى ذلك، تنعكس الآثار كذلك على المناطق الريفية، بفضل تحسُّن النقل العام والخاص على حدّ سواء.[20][21]

توضح الصورة تأثير المركبات ذاتية القيادة على كثافة البناء، بينما تشير الأسهم الحمراء إلى امكانية الوصول.
توضح الصورة تأثير القيادة الذاتية على نظام النقل الحضري.

البنية التحتية للطرق

تؤثر المركبات ذاتية القيادة على استعمال الحيّز المكاني للطرق، والبنية المادية لها. مثلًا ستقضي القيادة الذاتية على الخلاف الحالي بين سائقي المركبات والمشاة. ويتوقع الخبراء أن يتوسّع الحيّز المخصص للمشاة مع إمكانية إزالة الفصل المادي بين السيارات والمشاة. علاوةً على ذلك سيقل عرض الممرات، وستلتغي أماكن وقوف السيارات على طول الرصيف.[21]

توضح الصورة التحول المفترض لمقطع الطريق بعد انتشار القيادة الذاتية.
صورة لافتراض مسار أكثر كفاءة بفضل تطوير القيادة الذاتية.

المستوى المحلي

تؤثر القيادة الذاتية على التنمية السكنية وسط المدينة والضواحي على حد سواء. إذ مع انتشارها الكامل سيكون من الممكن تحرير العديد من الساحات المستخدمة من قبل السيارات حاليًا. والتي سيعاد تكييفها، وإعادة استخدامها لوظائف أخرى.[21]

على سبيل المثال؛ توجد عادةً مساحات لوقوف السيارات بالقرب من المنازل الخاصة، وستقل الحاجة إليها عند انتشار المركبات ذاتية القيادة. نتيجةً لذلك يمكننا تحويل مواقف السيارات المجاورة للمنازل إلى ممرات للمشاة أو للدراجات. يساعد كذلك إلغاء المرآب الخاص على توسُّع المنزل، فيستطيع المالك استغلال المساحة لوظائف أخرى.[22]

تأثير المركبات ذاتية القيادة على الضواحي ذات الكثافة المنخفضة.

أما بالنسبة للمباني السكنية متعددة الطوابق، فيمكن الاستغناء عن المواقف الموجودة تحت الأرض. ونستطيع بدل ذلك بناء مواقف كبيرة مستقلة تقع في أماكن خارجية يسهل الوصول إليها. إذ سيتمكن مالك السيارة الاتّصال مباشرةً بسيارته عن طريق تطبيق مثبت على هاتفه المحمول لتأتي إليه من موقفها.[22]

تأثير المركبات ذاتية القيادة على المناطق السكنية عالية الكثافة.

نظرة مستقبلية

سيكون إدخال القيادة الذاتية إلى التنقل الذكي بطيئًا وتدريجيًا. ولا شكّ من أنه سيحدث ثورةً جذريةً على طريقة حياتنا، وسيغير أيضًا التخطيط العمراني للمدن. لكن في نهاية المطاف سيتعلق نجاحه بالفرد ومدى تقبله للتقنية. فدعنا نتخيل لبرهة أنك تمتلك سيارةً ذاتية القيادة، فهل ستثق بقراراتها وتدعها تأخذك في رحلاتك، أم أنك تفضل القيادة بنفسك؟

المصادر

  1. MDPI
  2. IEEE
  3. IEEE
  4. Springer
  5. ResearchGate
  6. ResearchGate
  7. arXiv
  8. arXiv
  9. Semanticsholar
  10. ResearchGate
  11. IEEE
  12. arXiv
  13. MDPI
  14. MDPI
  15. Semanticsholar
  16. MDPI
  17. IEEE
  18. Science direct
  19. MDPI
  20. ResearchGate
  21. ResearchGate
  22. Science direct

7 تقنيات تغزو المدن الذكية فما هي؟

هذه المقالة هي الجزء 2 من 18 في سلسلة كيف ستغير المدن الذكية من شكل عالمنا؟

تستخدم المدن الذكية التقنيات المتطورة والابتكارات الحديثة، وتدمج البنية التحتية المادية مع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ICT وموارد المعرفة. يهدف ذلك إلى تعزيز التقدّم الاقتصادي، وتحسين نوعية حياة الأفراد، وضمان الاستدامة. فتعتمد المدن الذكية على مجموعة من الأدوات والتقنيات لكي تحقق أهدافها الأساسية، وتتصدى لمختلف التحديات التي تواجهها في نفس الوقت كالنمو السكاني والتلوث والازدحام. فما أمثلة تقنيات المدن الذكية؟

تقنيات المدن الذكية

تعد تقنيات المدن الذكية مصطلحًا واسعًا يشمل مجموعةً متنوعةً من التقنيات والاستراتيجيات القائمة على البيانات. تهدف المدن الذكية إلى تحسين نوعية حياة المواطنين، وجعل العمليات الحضرية أكثر كفاءة.[1] تسعى تقنيات المدن الذكية إلى تحقيق التكامل بين البنى التحتية المتقدّمة والتقنيات الحديثة لزيادة “ذكاء” المدن. قد يكون مصطلح “ذكاء” المدن غريب بعض الشيء لكنه المقصود ومرتبط بالذكاء الاصطناعي وهذا ما سنراه.

تضم هذه التقنيات العديد من الأنظمة والابتكارات مثل البرمجيات التطبيقية، ونظام تحديد المواقع GPS، وسلسلة الكتل Blockchain. عمومًا ينبغي على المدن الذكية ربط هذه النظم والأدوات ببعضها، وجمع عملها ونتائجها، لتوفير خدمات فعّالة للمواطنين. وهذا هو المقصود بـ “ذكاء المدن”.[2]

1. تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ICT

تشمل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ICT أي جهاز اتصال أو تطبيق يعمل على جمع المعلومات ومعالجتها وتخزينها واسترجاعها ونشرها. بما في ذلك الراديو، والتلفاز، والهاتف المحمول، والبرمجيات، وأنظمة الاتصالات القائمة على الأقمار الصناعية، وغيرها الكثير. تساهم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تطوير العديد من المجالات كالتعليم، والرعاية الصحية، والأعمال التجارية، وتعتبر أساس النمو والتنمية. [3]

تطبق المدن الذكية ICT في مجال الحوكمة الإلكترونية. حيث يمكن للمواطنين استعمال الانترنت للوصول إلى خدمات حكومية أو خدمات القطّاع الخاص. مما يقلل الحاجة للذهاب إلى المكاتب والفروع، فيخفف الازدحام في الدوائر الحكومية، ويسهل تنفيذ الأعمال على المواطنين. على سبيل المثال؛ استعمال ICT لتجديد رخصة القيادة وتسجيل الأعمال التجارية.[4]

2. المستشعرات

المستشعرات هي أجهزة تكشف وتستجيب وتقيس المؤثرات الفيزيائية مثل الضوء، والصوت، ودرجة الحرارة، والضغط، والحركة. وتحوِّل البيانات إلى إشارات يمكن قراءتها من قبل مراقب أو أداة، وتعتمد المدن الذكية عليها عادةً لجمع البيانات. تعمل المستشعرات في مراقبة حركة المرور، ومستوى الضوضاء، والحالة الفيزيائية للطرق والجسور والمباني، وذلك من أجل الكشف عن الأعطال في الوقت المناسب ومعالجتها.

تضم أجهزة الاستشعار العديد من الأنواع ومنها المستشعرات الحرارية التي تقيس درجات الحرارة، وتستعمل عادةً في أجهزة إنذار الحرائق. وكذلك المستشعرات اللاسلكية التي تستطيع التواصل لاسلكيًا مع أجهزة أخرى مثل الهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب ويشاع استخدامها في انترنت الأشياء.[5][6] تكشف أجهزة استشعار إشغال المباني عن وجود أو عدم وجود أشخاص في غرفة أو مبنى ما، وتستعمل غالبًا في أنظمة التشغيل الآلي التي تتحكم في الإضاءة وأنظمة التدفئة والتكييف والتهوية. وتكشف المستشعرات الموجودة في الكاميرات أيضًا عن الحركة في المباني وتستعمل لأغراض أمنية.[7]

صورة توضح عمل المستشعرات اللاسلكية

3. البيانات الضخمة Big data

تشير البيانات الضخمة إلى مجموعات البيانات الكبيرة أو المعقدة التي لا نستطيع التعامل معها بواسطة البرمجيات التقليدية. وتتسم البيانات الضخمة ب3 قيم:

  • الحجم، تولد التجارة الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي كميات كبيرة من البيانات.
  • التنوع، تتخذ البيانات العديد من الأشكال المختلفة مثل البيانات المنظمة في قواعد البيانات التقليدية، والبيانات غير المنظمة من المستشعرات ووسائل التواصل الاجتماعي كالصور والمستندات ومقاطع الفيديو.
  • السرعة، تتولد بيانات جديدة بوتيرة سريعة. [8]

تعتمد المدن على البيانات الضخمة وتربطها مع تقنيات المدن الذكية الأخرى التي تجمع وتعالج وتحلل هذه البيانات. وذلك من أجل اتخاذ القرارات ووضع الخطط المستقبلية بشكل أفضل. [9]

4. تحليل البيانات Data analytics

يقصد بتحليل البيانات عملية فحص مجموعات ضخمة ومعقدة من البيانات. بهدف الكشف عن الأنماط الخفية، والعلاقات المتبادلة، وتوجه السوق، وتفضيلات العملاء، وغيرها من المعلومات التجارية المفيدة. [10] يرتكز تحليل البيانات على اتباع الأساليب الإحصائية والحسابية لدراسة البيانات واستخلاص النتائج المستخدمة لاتخاذ القرارات الحاسمة.[11]

يقسم تحليل البيانات إلى عدّة فئات رئيسية. ومنها:

  • التحليلات الوصفية، تركز على تلخيص وتصور ما حدث في الماضي. وتستخدم لتحديد الاتجاهات والأنماط والعلاقات.
  • التحليلات التشخيصية، تهدف إلى تحديد أسباب حدوث الأنماط المعينة، وتساعد في معرفة الأسباب الجذرية للمشاكل، أو لفهم العوامل المساهمة في النجاح.
  • التحليلات التنبؤية، تعتمد التحليلات التنبؤية على النماذج الإحصائية للتنبؤ بما سيحدث في المستقبل. تتنبأ هذه التحليلات بالطلبات، وتحدد المخاطر، أو تتخذ قرارات بشأن الاستثمارات المستقبلية.
  • التحليلات الإرشادية، تحدد هذه التحليلات أفضل مسار للعمل لتحقيق النتائج المرجوة. [12]

يعتبر تحليل البيانات من أبرز تقنيات المدن الذكية، فمن خلال فهم الماضي والحاضر بوسعنا إنشاء مستقبل أفضل. ويتداخل كذلك في عدّة سياقات مثل الذكاء الاصطناعي. ,تُعرَّف الشبكات العصبية الاصطناعية ANNs على أنها نوع من خوارزميات تعلم الآلة المعتمدة على تحليل البيانات. إذ استُمد تصميم الشبكات العصبية من بنية الدماغ البشري. ويمكن تدريبها للتعرف على الأنماط في مجموعات البيانات، ويستفاد منها في تطبيقات كثيرة مثل التنبؤ بشدة الحوادث.[11]

5. الذكاء الاصطناعي AI

يختلف تعريف الذكاء الاصطناعي تبعًا لمجال الدراسة. لكن عمومًا هو فرع من أفرع الحاسوب يهتم ببناء آلات ذكية قادرة على أداء المهام التي تتطلب عادةً الذكاء البشري مثل اتخاذ القرار، وترجمة اللغات، والتعرف على الكلام. [13] تعرِّف المدن الذكية الذكاء الاصطناعي على أنه الذكاء الذي يظهره كيان اصطناعي بحيث يكون قادرًا على إدراك محيطه ويتخذ إجراءات تقلل من التدخل البشري، وتحقق أهدافه بنجاح في نفس الوقت.

يعمل الذكاء الاصطناعي مع تقنيات المدن الذكية الأخرى في المنزل الذكي لكي يطوّر حياة السكان. على سبيل المثال؛ يقوم بأتمتة المهام كالتحكم بالإضاءة، ودرجات الحرارة. إضافةً إلى ذلك، يدمج الذكاء الاصطناعي نظام التعرف على الوجه في نموذج المنزل الذكي. يساعد ذلك في تحديد إذا ما كان الشخص الموجود في المنزل مقيمًا أو شخصًا غير معروف. من ثم يرسل نظام الإخطار الآلي -الذي يستخدم نظام تلغرام بوت- إشعار إلى صاحب المنزل في حالة دخول شخص مجهول إلى المنزل. كما يوفر التطبيق خيارات إضافية للمستخدم من أجل اتخاذ مزيد من الإجراءات الوقائية كإبلاغ الشرطة مثلًا أو إغلاق الأبواب. [14]

6. تعلم الآلة Machine Learning

يعد تعلم الآلة مجالًا سريع النمو، يتقاطع مع علوم الحاسوب والإحصاء، وهو فرع من فروع الذكاء الاصطناعي يركز على تمكين أجهزة الحاسوب من تحسين أدائها تلقائيًا من خلال الخبرة. يحدث ذلك عادةً عن طريق دراسة وبناء خوارزميات التعلم المعتمدة على تحليل البيانات، وبناء نماذج لتمثيل العلاقات بين البيانات المدخلة والمخرجات المطلوبة.[15]

يستعمل تعلم الآلة بطرق مختلفة لتعزيز تطبيقات المدن الذكية، على سبيل المثال؛ يساعد في تحقيق الأمن السيبراني. حيث يتزايد خطر التهديدات الإلكترونية مع نمو شبكات المدن الذكية، ويكشف تعلم الآلة عن تهديدات الأمن السيبراني ويمكن أن يحدد الشذوذ ويمنع الهجمات الإلكترونية بفاعلية في الوقت المناسب. مما يحافظ على أجهزة انترنت الأشياء والبنية التحتية آمنة. [16]

7. انترنت الأشياء IoT

يعد انترنت الأشياء IoT من أهم تقنيات المدن الذكية، والركيزة الأساسية لمجالاتها ال8 الذكية، وهي: الحوكمة، والرعاية الصحية، والبيئة، والاقتصاد، والصناعة، والتنقل، المعيشة والبنية التحتية، والطاقة. ,يشير IoT إلى شبكة عملاقة تربط الأشياء والأشخاص بالانترنت وببعضها البعض وتسمح بجمع وتبادل ومعالجة البيانات. يهدف عمومًا إلى تحديد المواقع، والتتبع، والمراقبة، والتعرف الذكي، والإدارة، إضافةً إلى ربط الأجهزة الذكية ببعضها مثل المستشعرات.[17]

انترنت الأشياء IoT

تطور تقنيات المدن الذكية

تحقق المدن الاستفادة القصوى من التقنيات الذكية عندما يتكامل عملها. ويتنامى اليوم تطوير تقنيات المدن الذكية بسرعة مذهلة، فالأدوات المذكورة سابقًا ليست إلا جزءًا من الكثير من التقنيات. وستؤثر بشكل جذري على أسلوب حياتنا ومدننا في المستقبل. وتعد هذه التقنيات والأدوات حصيلة تقدّم البشرية. فمن مدينة أوروك السومرية أول مدينة في العالم المبنية باللبن إلى المدن الذكية اليوم، ومن التطبيق الذي تقرأ منه هذه المقالة إلى الروبوت الذي يجري العمليات الجراحية، يمكنك تخيل حجم هذا التطور.

المصادر

  1. Semanticsholar
  2. IGI global
  3. ResearchGate
  4. semanticscholar
  5. ResearchGate
  6. semanticsholar
  7. MDPI
  8. SAGE
  9. Cornell University
  10. semanticsholar
  11. ResearchGate
  12. National Library of medicine
  13. IJCMAS
  14. IEEE
  15. MDPI
  16. National library of medicine
  17. ResearchGate

كيف تطور نماذج الذكاء الاصطناعي AI المنزل الذكي؟

هذه المقالة هي الجزء 7 من 18 في سلسلة كيف ستغير المدن الذكية من شكل عالمنا؟

تعد المباني الذكية ببداية عصر جديد من المفاهيم المعمارية. إذ تدمج عمل أجهزة الاستشعار، والبيانات الضخمة، وانترنت الأشياء IoT، والذكاء الاصطناعي AI لكي تحسّن نوعية حياة الأفراد. يعمل الذكاء الاصطناعي في المنزل الذكي لكي يسهّل الوظائف المنزلية ويريح السكان ويخفّض استهلاك الطاقة.

دمج الذكاء الاصطناعي في المنزل الذكي

المنزل الذكي هو مسكن مجهّز بأحدث التقنيات التي تسمح بالتشغيل الآلي عن بعد لإدارة مختلف المعدات والوظائف المنزلية. ويعطي التخطيط الاستراتيجي في المدن الذكية أولوية عليا لتطوير المنازل الذكية.[1] يستخدم مصطلح الذكاء الاصطناعي AI لوصف مجموعة من الأنظمة المحوسبة التي تنفذ وظائف عادةً ما يقوم بها البشر. كما أنها تصل إلى مستويات شبيهة بالإنسان من حيث الاستشعار، والمنطق، والتفاعل، والتعلم وقد تقترب أو حتى تتجاوز الذكاء البشري.[2]

في الوقت الحالي يطور الذكاء الاصطناعي تكنولوجيا المنزل الذكي، ويأخذها إلى مستوى جديد تمامًا. فيستطيع إنشاء نموذج سلوكي من البيانات التي جمعتهما الأجهزة الذكية. أو بعبارة أخرى، يستطيع الذكاء الاصطناعي عمل الوظائف المنزلية بشكل آلي وفقًا لتفضيلات أصحاب المساكن.[3]

أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في المنزل الذكي

تجعل الأجهزة والأنظمة المتعددة من المنزل الذكي بيئةً مثاليةً لاختبار برامج الذكاء الاصطناعي. فتستطيع نماذج الذكاء الاصطناعي تخصيص التجارب، أي تضبط الأجهزة حسب حاجة الأفراد لأنها تتعلم من السلوك البشري. بالتالي تحقق تجربة حياة هادئة وممتعة وخاصة لكل مالك منزل ذكي.

يدير الذكاء الاصطناعي الوظائف في المنزل بآلية مبتكرة لزيادة السلامة والراحة والكفاءة. ويمتلك القدرة على أتمتة مهام متعددة، مثل تغيير مستويات الإضاءة، والألوان، ودرجات الحرارة والرطوبة. ويعتمد بذلك بالطبع على تفضيلات المستخدم.[4]

يستعمل الذكاء الاصطناعي كذلك في التصميم الذكي للحفاظ على الطاقة بمساعدة خوارزميات تعلم الآلة. فيقوم بجمع البيانات من أجهزة الاستشعار، من ثم يقيّمها لكي يطور لاحقًا أنظمة لإدارة الطاقة خاصة بكل مالك منزل.

تغييرات معمارية

لكي يحوّل الخبراء المنزل العادي إلى منزل ذكي يجب عليهم دمج حلول التكنولوجيا العالية -مثل خطوط نقل البيانات وشبكات الاستشعار- في المساحة المعمارية المبنية سابقًا أو التي تبنى حاليًا. ولايزال يتعيّن على المعماريين القيام بعمل مكثّف فيما يتعلق بتعديلات التصميم المعماري حتى يستوعب متطلبات نمط الحياة الجديدة. فقد يتغير الحجم، والشكل، والعلاقة بين الفراغات. بالطبع يساعد الذكاء الاصطناعي المعماريين في عمليات التصميم كثيرًا. فتخلق النماذج الأولية الافتراضية المزيد من الإمكانيات والحلول لترتيب الغرف والمساحات في المنازل الذكية.[5]

ما هي مجالات الذكاء الاصطناعي في المنزل الذكي؟

يساعد الذكاء الاصطناعي المنزل الذكي في إدارة الأنظمة التالية:

  • الخدمات الأساسية كالكهرباء، والماء، والتكييف.
  • السلامة العامة مثل كشف التسلسل، والإنذارات، وإغلاق النوافذ والأبواب.
  • الأجهزة الإلكترونية والراحة مثل التلفاز، والبراد، والغسالة، وتزود عادةً بخاصية للتحكم بها عبر الانترنت.
  • الصيانة العامة مثل فحص أداء الأجهزة المنزلية، وتقديم إشعارات بشأن الأخطاء، والرصد، والإدارة العامة.
  • الطاقة كالتحكم في مصادر الطاقة البديلة.[2]
مجالات تطبيق الذكاء الاصطناعي في المباني الذكية

كيف تحافظ نماذج الذكاء الاصطناعي على الأمن في المنزل الذكي؟

تضع العديد من الدراسات الاعتبارات الأمنية كعامل رئيسي عند تصميم المنازل الذكية. وتضم أجهزة الإنذار الذكية، وأجهزة الاستشعار، والأقفال الذكية، والكاميرات، وغيرها الكثير. فتحمي التكنولوجيا الحديثة حياة الناس وأعمالهم ومنازلهم عن طريق نشر نظام حماية فعّال لمراقبتهم.[6]

تصدر معظم الأنظمة الأمنية الشائعة إنذارًا فقط بعد الاختراق عند حدوث اقتحام ما أو حريق أو تسرّب غاز أول أكسيد الكربون. بذلك يتلقّى الفرد تحذيرًا حالما يفوت الأوان على فعل شيء. لكن يطوّر الباحثون أنظمة وأقفالًا ذكية وأجهزة استشعار تعمل معًا في المنزل الذكي لإرسال التحذيرات في الوقت المناسب. وتعمل هذه التطبيقات مع البنية التحتية الموجودة، ويمكن استعمالها من أي جهاز محمول مما يسهّل عمليات الرصد. على سبيل المثال؛ ترسل التطبيقات إنذارًا إذا تركت بابًا أو نافذةً غير مقفلة أو حتى مفتوحة جزئيًا مما يبقي الدخلاء خارجًا. يستفيد كذلك الآباء من أجهزة استشعار الحركة في المنزل لمعرفة أن أطفالهم لا يقعون في ورطة.[7]

نظام التحكم الصوتي

يستطيع سكان المنزل الذكي التحكم بالأضواء، والستائر، وأقفال الأبواب والنوافذ في منازلهم باستخدام أصواتهم فقط. بل قد يتحكموا بها سويًا ببساطة من خلال عبارة واحدة مثل “أنا في المنزل” أو “تركت المنزل”.

تؤثّر الإضاءة في الأماكن المغلقة على رفاهية ومزاج وسلوك الناس، لذلك ركز عليها الخبراء أثناء تصميم المنازل. ويحتاج الفرد للتحكم الصوتي في الضوء إلى: الانترنت، ومساعد صوتي، ونظام منزلي ذكي متصل.[8]

التحكم الصوتي للضوء في نظام المنزل الذكي

المراقبة عن بعد والمراقبة بالفيديو

ازداد باطّراد عدد المنازل المزودة بكاميرات عالية الدقة خلال العقدين الماضيين. والتي تساعد على المراقبة وكشف التغييرات وغيرها. غالبًا ما تحتاج خوارزميات الذكاء الاصطناعي إلى معرفة ما يجب البحث عنه والتعرف عليه أو فهمه مسبقًا. على سبيل المثال؛ يمكن للآباء مراقبة منازلهم أثناء عملهم، فيتلقوا إشعارًا على الهاتف عندما يصل الأطفال من المدرسة. كما يمكنهم اختلاس النظر للتحقق من قيام أطفالهم بالواجبات المنزلية، أو إدارة الأدوية في حال وجدت. تعد أيضًا كاميرات الأبواب الأمامية التي تنقل الصوت والصورة في الاتجاهين وسيلةً رائعةً للتواصل حتى لو كان المالك خارج المنزل يستطيع التحدث من خلال تطبيق على الهاتف. [9]

تحديات وعوائق

يشكل بناء المنازل الذكية تحديًا، كما يواجه تطبيق الذكاء الاصطناعي في المنزل الذكي العديد من الصعوبات التي تحتاج إلى دراسة وتدخّل. ومنها:

  • التكلفة المرتفعة.
  • قد يشكل جمع البيانات تهديدًا على الأفراد من عدّة نواحي مثل انتهاك الخصوصية، أو الجرائم المرتبطة بتسريب البيانات.
  • يعد الحصول على الموافقات وقابلية تبادل المعلومات بين الأنظمة والأجهزة المتنوعة من الصعوبات الكبيرة التي تواجهها المنازل الذكية. تتواجد اليوم الكثير من الشركات المصنعة التي تطوّر الأجهزة والتقنيات الذكية، ويضم المنزل أجهزة متنوعة من مصادر مختلفة. بسبب ذلك يصبح من الصعب دمج آليات وأساليب عملها مع بعضها البعض.
  • يعتبر إعداد وصيانة نماذج الذكاء الاصطناعي مرهقًا لأصحاب المنازل والمحترفين أيضًا بسبب تعقيدها.
  • يحتاج المستخدمون إلى توضيح كبير بشأن كيفية إدارة منظمات الحرارة، والتحكم في استخدام الطاقة عمومًا.[10]

توضع الآن معايير وبروتوكلات صناعية لمعالجة هذه التحديات، لضمان مستوىً عالٍ من التوافق والتشغيل المتبادل بين النظم المنزلية. وأصبحت هذه الجهود ممكنة بفضل التقدّم السريع للذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة. في نهاية المطاف لن تستحوذ التقنيات المنزلية الذكية على اهتمام الجمهور إلا إذا رأى المشتري الجوانب الإيجابية، وقبل بعض المخاطر.[1]

مستقبل الذكاء الاصطناعي AI في المنزل الذكي

لايزال الذكاء الاصطناعي في طور النمو، لكنه يمتلك القدرة على إحداث ثورة في الطريقة التي نعيش بها في منازلنا. فيستطيع المنزل الذكي تغيير سلوكه كرد فعل على ما يحيط به. ويمكننا أن نتوقع رؤية المزيد من السبل المبتكرة والمتطورة لاستعمال الذكاء الاصطناعي من أجل تحسين جودة حياتنا. برأيك كيف سيتصرف منزلك الذكي المستقبلي؟

المصادر

  1. Science direct
  2. MDPI
  3. Science direct
  4. ResearchGate
  5. ResearchGate
  6. ResearchGate
  7. MDPI
  8. science direct
  9. MDPI
  10. Science direct

مشكلات أخلاقية تنغص مستقبل تطبيقات المدن الذكية

هذه المقالة هي الجزء 16 من 18 في سلسلة كيف ستغير المدن الذكية من شكل عالمنا؟

تبذل الجهات الفاعلة في المدن الذكية جهودًا لتحسين جودة حياة السكان، وتقدّم نماذج وحلول مبتكرة باستمرار. لكن لا ترتبط أعداد هذه الحلول ارتباطًا قويًا بالمسائل الأخلاقية المتعلقة بتطبيقات المدن الذكية. فمن أين نشأت المشكلات الأخلاقية في المدن الذكية؟

نشأة المشكلات الأخلاقية في تطبيقات المدن الذكية

تتطوّر «المدن الذكية-smart cities» سريعًا وتتضمّن اليوم أجهزة استشعار وبرمجيات وروبوتات وشبكات وغيرها الكثير. وتعتمد على الذكاء الاصطناعي AI وتطبيق انترنت الأشياء IoT في مختلف مجالاتها. وأدى الاستخدام الواسع لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ICT إلى توليد البيانات وجمعها بسرعة، فأصبح جمع البيانات جزءًا لا يتجزأ من حياتنا. وتأتي هذه البيانات من مصادر مختلفة، وقد تحمل أحيانًا معلومات حساسةً وسريةً حول المواطنين. [1]

وإذا افترضنا وجود عالم مثالي يعمل كل شيء فيه على النحو الصحيح، فإن جمع واستخدام هذه البيانات لا يشكل تهديدًا لأي شخص. وبالطبع تفوق الفوائد المخاطر إلى حد كبير في هذا السيناريو المثالي. لكن مع الأسف يوجد دائمًا في العالم الواقعي قضايا ومشاكل يتعيّن التصدي لها أثناء التعامل مع هذه البيانات.

توجهات مختلفة

يهتم الباحثون والمطورون بالتقنيات التي يقدمونها وبتقييم مدى صحتها وفائدتها لمستخدميها. بينما يهتم رجال الأعمال بشكل أكبر بما يحقق لهم المزيد من الأرباح. على الطرف الثالث، يرغب السياسيون في جعل حياتهم أسهل باستخدام التقنيات المختلفة لدعم عمليات صنع القرار بشكل أدق. كل ذلك يقودنا بشكل عام إلى هدف موحد يجتمع عليه الكل وهو تحسين خدمة السكان، والذين يهتمون بدورهم بجودة حياتهم واستقرارها. في نهاية المطاف، يظل الطرف الفاعل الرئيسي المعني بالأخلاقيات والمعضلات الأخلاقية في المدن الذكية والمتضرر منها هو “السكان”. ومع ذلك، يتمتع السكان في الحالة الحالية بأقل قدر من السيطرة على من يقوم بجمع البيانات وكيفية استخدامها.

يستطيع الباحثون تقديم وجهة نظر عامة عن المسائل الأخلاقية في المدن الذكية من خلال دراسة المشاريع المطورة أو المشاريع قيد التصميم والبحث. وذلك من أجل تحديد أين وكيف قد تنشأ المشكلات الأخلاقية في المدن الذكية. ولكن كل ذلك لم يعبر إلا عن مشكلة خصوصية البيانات، فهل من نماذج على تلك المشكلات الأخلاقية المزعومة؟

الهند ومعضلتها الأخلاقية في المدن الذكية

بدأ التحالف الوطني الديمقراطي منذ وصوله إلى السلطة في الهند عام 2014 بمبادرة لإنشاء 100مدينة ذكية في جميع أنحاء الهند. وتهدف المبادرة إلى تحسين جودة الحياة والبنية التحتية وتطوير النقل الجماعي والصناعات الذكية في البلاد. وأعيد توجيه الموارد لتحقيق هذه المبادرة، وهو ما أدى إلى نقص في الموارد في مجالات أخرى. ويبدو أن إدخال المدن الذكية في البلد يعمل على النهوض بمدن الطبقة العليا ويتجاهل المدن الفقيرة مثّل معضلة أخلاقية حقيقية. إذ يجري الآن التخلي عن تطوير المدن التي لا تستوفي المعايير المطلوبة. نتيجةً لذلك، يواجه المجتمع الهندي فصلًا أكثر وضوحًا بين الطبقات الاجتماعية مقارنةً بما كان عليه الوضع سابقًا. ويمثّل هذا التقدّم غير المتوازن بين الطبقات في الهند مشكلة أخلاقية في المدن الذكية تنتظر المناقشة الجادة والحلول.[2]

نظام قياس الأداء في أوروبا

ازدادت مبادرات المدن الذكية في أوروبا مع مرور الوقت، وقد ظهرت بشكل مستقل في كل مدينة. بسبب ذلك، احتاجت المدن إلى شكل من أشكال معايير القياس لمعرفة تطبيقات المدن الذكية الناجحة. ويهدف مشروع CITYKeys البحثي إلى إنشاء نظام لقياس أداء للمدن الذكية في أوروبا. ويحتاج النظام إلى قاعدة واسعة من البيانات لإجراء الحسابات، ويتطلّب كذلك وجود ممارسات موحّدة وقياسية لتبادل البيانات ونشرها.

تتمثّل هنا المشكلة الأخلاقية في المدن الذكية في كيفية مشاركة البيانات أو نشرها. ربما تتضمّن هذه البيانات معلومات شخصيةً وخاصةً عن سكان المدينة، بالتالي تتشكل مخاوف مختلفة بشأن ضمان الوصول الأخلاقي للبيانات واستخدامها. علاوةً على ذلك، لابد من بذل جهود تعاونية قوية بين مختلف الجهات، لكي يعمل هذا النظام بنجاح. ويطرح هذا المشروع سؤالًا مهمًا، ألا وهو كيف يمكن لهذه الجهات الوثوق ببعضها البعض؟ [3]

نظام مراقبة المياه في كوريا الجنوبية

صمّمت كوريا الجنوبية نظام إمدادات للمياه في مدينة U-city، ويوفر النظام معلومات آنية عن الخصائص الصحية والتشغيلية للبنية التحتية الرئيسية لإمدادات المياه في المدينة. ويشمل الكثير من أجهزة الاستشعار والبرمجيات المتقدمة والمرتبطة بالعديد من الشركات الخاصة. تجمع الشركات هذه المعلومات وتقدمها إلى موقع مركزي للرصد والتقييم. وعندما يتعطل جهاز استشعار ما يتعيّن على المركز الاتصال بالشركة المالكة ومطالبتهم بإصلاحه. بما يستوجب على الشركة المالكة إغلاق الجهاز أو التفاعل مع أنظمة أخرى قد يقوم بصيانتها موردون آخرون، مما يؤدي إلى تأخير مفرط في الوقت.

لكي ينجح هذا النظام، يتعين على جميع الموردين -سواءً كانوا من القطاع الخاص أو العام- تحديد خطوات قياسية لتشخيص وإصلاح المشاكل التي قد تحدث. وإلا فإنها ستسبّب تأخير في الوقت وهدر الموارد. حتى الآن، لا تحكم هذه الآلية قوانين ولوائح، بل إنها تتعلّق أكثر بالتعاون والاتفاق بين الموردين. وفي حال فرض بعض الموردين قواعدهم الخاصة التي تخدم مصالحهم، فقد تنشأ مشكلات أخلاقية تستعصي على الحل في المدينة الذكية. [4]

التنبؤ بالجرائم

تهدف برمجيات التنبؤ بالجرائم إلى تحديد المخاطر المحتملة للأنشطة الإجرامية أو الأنشطة غير المشروعة داخل المدن. وتعمل عن طريق تجميع البيانات من الهواتف المحمولة والبيانات الجغرافية والديموغرافية. والبيانات الديموغرافية هي البيانات التي تجمع عن السكان وفقًا لسمات معينة، مثل العمر والجنس ومكان الإقامة. وتستخدم هذه البيانات فيما بعد للتنبؤ بمكان النقاط الساخنة، من ثم يمكن للسلطات التوجّه نحوها أو تكثيف مراقبتها.

تصنع هذه البرمجيات العديد من المسائل الأخلاقية في المدن الذكية، مثل التمييز المحتمل بين المناطق، وحماية البيانات وتأمينها. على سبيل المثال؛ ستعمل البرمجيات على نحو أفضل في المناطق التي يتوفّر فيها المزيد من الهواتف المحمولة، والتي عادةً ما تكثر في المناطق الأفضل اقتصاديًا. بالتالي ستؤدي إلى توفير حماية أعلى لهذه المناطق على حساب الأحياء الأفقر التي لا تحتوي على نفس العدد من الهواتف المحمولة. [5] وبذلك، يتفاوت مقدار الأمن المتوفر بين الأغنياء والفقراء، وهو نظام يسهل إلقاء اللوم عليه إذا حدثت أي مشكلة. أليس كذلك؟

الشبكات الذكية في طاقة المدن الذكية

تسمح الشبكات الذكية برصد ومراقبة استخدام الطاقة، وتهدف عمومًا لتحقيق الاستدامة. على الرغم من ذلك، قد يسبب استعمال الشبكات الذكية انتهاكًا لخصوصية المستهلك. خاصةً عندما تكشف المعلومات عن أنواع الأجهزة الكهربائية المستخدمة وعدد مرات الاستخدام. كما قد تكشف كذلك عن الوقت الذي يقضيه المستهلكون خارج المنزل وفترات سفرهم.

قد يسبب أي تسريب أمني لهذه البيانات مخاطر أمنية كبيرة، بالإضافة إلى أنه قد يحقّق مالكو الشبكات الذكية منافع أكبر من الإعلانات المستهدفة أو التسويق المتخصّص. فيمكن بسهولة معرفة أصحاب المنازل ذات استهلاك الطاقة الأعلى بل وتحديد نوع الأجهزة. كما يفتح تكامل الشبكات الذكية مع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ICT إمكانية التعرض لهجمات إلكترونية، والتي يمكن أن تحرم الأفراد أو حتى المدينة بأكملها من الطاقة. [6]

كشف الإشغال

يحدد كشف الإشغال إذا ما كانت المساحة مشغولةً أم خاليةً، ويستهدف عادةً المساحات الخاصة مثل مباني المكاتب. يقدر هذا النوع من رصد الإشغال التحكم في الأنظمة داخل المبنى كأنظمة الإضاءة والتدفئة والتكييف والتهوية. بالتالي يستطيع خفض فواتير الطاقة بشكل كبير، ويقلّل أيضًا من تلوث الهواء الناتج عن عمل الأجهزة المختلفة لساعات أطول. من جهة أخرى، قد يسبب مشكلات متعلقةً بالسلامة في حال استغل لأهداف إجرامية أو هجمات إرهابية، مثل الاستفادة من البرنامج لسرقة مكتب أو مبنىً تجاري. [7]

عد الإشغال

يركز عد الإشغال على العدد الفعلي للأشخاص في المبنى ويعد مفيدًا مثلًا في انتهاكات قوانين السلامة كحرائق المباني. ويتطلب العد استعمال الهواتف المحمولة والكاميرات، لكنه يعتمد أكثر على الكاميرات، إذ لا يمكن ضمان أن يملك الجميع هواتف محمولة. وتُجهّز معظم المباني بأنظمة مراقبة تعمل بأشكال مختلفة. وتتبع بعض النظم عدد الأشخاص عن طريق استخراج السمات التي تصف شكل الجسم. يعني هذا تحديد الأفراد وتصنيفهم وتحديد مواقعهم في أي وقت من الأوقات، وينتهك هذا النوع من المراقبة كل الحقوق المتعلقة بالسرية والكشف عن الهوية، وهو ما يلزم اتخاذ تدابير أمنية دقيقة. فاستغلال تلك الخاصية ضد المدينة قد يحيل حياة أهلها إلى جحيم. [7]

التعرّف على الحدث

يدرس التعرّف على الحدث سلوك وأنشطة الأشخاص المتواجدون داخل الموقع المرصود. ويهدف إلى إنتاج أجهزة تحكّم أكثر ذكاءً وتحديد السلوكيات المرتبطة بالجرائم. يمكن استخدامه في المباني التي تحتوي على حشود كبيرة مثل الساحات الرياضية والمسارح. بغض النظر عن قضايا انتهاك الخصوصية الواضحة الناتجة عن هذا الرصد، قد تكبت هذه التقنية الطبيعة والتفاعلات البشرية بسبب معرفة الشخص بأنه مراقب. فمن المرجح أن يتغيّر سلوكك عندما تكون مراقبًا لتجنب وصمك بالشكوك، كما قد تفعل شيئًا ما عن طريق الخطأ، بما يؤدي إلى إطلاق إنذار داخل النظام. وترتبط هذه القضايا بالمواقف الغريبة الشائعة مثل مغادرة المتجر دون شراء غرض. فعلى الرغم من أنك لم تسرق شيئًا لكنك تشعر بأن الجميع يراقبك أو يشك بك فتضطر للشراء مثلًا.

قد لا تحدّد مثل هذه الأنظمة هوية الأفراد، لكنها تجمع ما يكفي من البيانات التي تستخدم بسهولة للقيام بذلك لاحقًا. يمكن استخدام البيانات لأنشطة غير ضارة مثل الإعلان المستهدف، بينما قد تسبب ضررًا متعمّدًا مثل خلق مواقف خطيرة لبعض الأفراد أو اتهام شخص ما زورًا. [7]

نظام تحديد المواقع GPS

تعتمد العديد من تطبيقات المدن الذكية على قراءة إحداثيات نظام تحديد المواقع GPS. على سبيل المثال؛ تستفيد المدن من الGPS بجمع البيانات من المركبات في مناطق معينة، ثم تتحكّم بالإشارات الضوئية لتجنّب الحوادث والازدحامات المرورية. وفي حالات أخرى تستفيد السلطات منه بتحديد موقع السكان المتضررين من حادث ما لتقديم الدعم اللازم لهم في الطوارئ.

يعد GPS مصدر قلق أخلاقي لأنه يحتاج القليل من الموارد عند مقارنته بتطبيقات أخرى. إضافةً إلى أنه يوفّر بيانات دقيقةً ومخصّصةً للتتبّع. بسبب ذلك، تتّخذ بعض الدول إجراءاتٍ قانونيةً صارمة تجاهه، فتلتزم أمريكا بحجب بيانات الGPS قانونيًا، وأصدرت المحكمة العليا أحكامًا تحظر بها منفذي القانون استخدامه، ما لم يكن لديها سبب جاد للقيام بذلك. ومع ذلك، يشكو العديد من الحقوقيين من أن تعريف “السبب المعقول” يظل غامضًا بما يكفي لتبرير انتهاكات مدنية وحقوقية. [8]

القيادة الذاتية في المدن الذكية

تتقدّم البحوث في مجال القيادة بدون سائق بشكل سريع، وتعمل عليها بعض الشركات مثل Google وUber ومعظم شركات السيارات. وتشير الصحافة ذات الصلة إلى أن حوالي 94% من الحوادث الحالية سببها خطأ بشري. نتيجةً لذلك، قد تصبح السيارات ذاتية القيادة بديلًا مرغوبًا فيه للنقل قريبًا، إلا أنها تثير قلاقل أخلاقية في المدن الذكية. إذ سبق أن صدمت سيارة أوبر ذاتية القيادة امرأة تعبر الشارع في أريزونا. وأشار الرئيس التنفيذي لأوبر في الماضي أن السيارات ذاتية القيادة تتميز بخوارزمية تتعلّم أثناء القيادة. يعني ذلك أن السيارات ذاتية القيادة هي الأكثر خطورةً عند بدء عملها، ولكنها تطور من نفسها حتى تتمكّن الخوارزمية من التعلّم. يطرح الحادث السابق سؤالًا حول ماهية المسؤول عن الحادث، هل هي الشركة المالكة للسيارة أم السائق الاحتياطي في السيارة أم المبرمج الذي صنع برنامج القيادة الذاتية؟ هذا السؤال غير مجاب عليه حاليًا. وفي سيناريو آخر، تتّخذ السيارة ذاتية القيادة قرارًا بالتسبّب في أقل ضرر إذا لم يكن بإمكانها تجنب الأضرار. ولأن الخوارزمية تتعلّم باستمرار فقد تلتقط استجابات متحيّزة تؤثّر سلبًا على قراراتها المستقبلية.[9][10][11]

الطائرات بدون طيار

تستعمل المدن الطائرات بدون طيار للرصد البيئي ومراقبة الأمن المدني ودعم السياحة وخدمات الطوارئ الصحية وإيصال البضائع. إذ تساعد الطائرات بدون طيار في تخفض التكاليف وتدعم السلامة والأمن وتساعد في إدارة الكوارث على نطاق واسع، وبذلك تساهم في خلق مدن ذكية أكثر أمانًا للسكان والزوار.[12][13] على الرغم من ذلك لا يخلو الأمر من الآثار السلبية والمسائل الأخلاقية في المدن الذكية. إذ مثلًا قد تستخدم لأغراض التجسّس على المواطنين والمنظمات.[14]

التركيز على المسائل الأخلاقية في المدن الذكية

تقلب المدن الذكية أسلوب حياتنا رأسًا على عقب، وتجلب معها نتائجَ إيجابيةً وسلبيةً في نفس الوقت، فأضحى التغيير واقعًا لا مفر منه. وباعتبار حياة الفرد منطلق المدن الذكية وغايتها، ينبغي علينا كأفراد مناقشة المسائل الأخلاقية الناتجة عن تطبيقات المدن الذكية. ونسعى لتطبيق سياسات أمنيةً وأحكامًا قانونيةً لكي نقلل من المخاطر قدر الإمكان.

المصادر

  1. ResearchGate
  2. ProQuest
  3. ResearchGate
  4. Semanticsholar
  5. ResearchGate
  6. ACM
  7. ResearchGate
  8. Science direct
  9. USNews
  10. Bloomberg
  11. Bloomberg
  12. IEEE
  13. ResearchGate
  14. Science direct

هل يفتح تطبيق IoT في المدن الذكية آفاقًا جديدةً؟

هذه المقالة هي الجزء 4 من 18 في سلسلة كيف ستغير المدن الذكية من شكل عالمنا؟

تطورت «المدن الذكية-smart cities» ووسعت مجالاتها بشكل كبير في السنوات القليلة الماضية. يهدف تطبيق IoT «انترنت الأشياء-Internet of things» في المدن الذكية إلى مواصلة التقدّم، وتوفير قدرات وخصائص جديدة، مع الحد بشكل كبير من التدخل البشري.[1]

تدعم المدن الذكية استخدام IoT

أشارت التقديرات وفقًا لتقرير قدّمته منصة Statista Research عام 2019 أن العدد الإجمالي للأجهزة المتصلة بIoT في جميع أنحاء العالم سوف يزيد إلى نحو 75 مليار جهاز بحلول عام 2025.[2]

بالتالي تكشف هذه الأرقام أن تطبيق IoT في المدن الذكية سيفتح حدودًا وإمكانياتٍ وتحديات جديدةً لتطوير الخدمات والتطبيقات الذكية. ترتبط أهميتها مباشرةً بتطور المدن الذكية لأنها تمثّل المحركات الرئيسية للإبداع والتنمية المستدامة.[1]

مجالات المدن الذكية التي تعتمد على IoT

قُدّمت العديد من الأوراق البحثية والدراسات التي تتحدث عن المدن الذكية وIoT في السنوات الأخيرة. وتصنَّف عادةً عناصر المدن الذكية التي تدعم IoT إلى 8 مجلات وهي: الحوكمة، والحياة والبنى التحتية، والتنقل والنقل، والاقتصاد، والصناعة والإنتاج، والطاقة، والبيئة، والرعاية الصحية. وقد تتداخل هذه المجالات في عدّة سياقات وتطبيقات.[3]

مجالات المدن الذكية التي تدعم تطبيق IoT

حوكمة ذكية

تعتمد الحوكمة الذكية على IoT لإدارة المدن الذكية من أجل تحسين عملية صنع القرار وتسريع الإجراءات الإدارية. وذلك عن طريق تحقيق تعاون أذكى بين مختلف أصحاب المصلحة والأطراف الفاعلة الاجتماعية.[4] ويعمل IoT على تحويل المعاملات والعمليات التقليدية إلى موارد حكومية ذكية استنادًا إلى مختلف الجهات الفاعلة المشاركة. ويمكن تقسيمها إلى: «من حكومة إلى مواطن-G2C»، و«من حكومة إلى قطاع أعمال-G2B»، و«من حكومة إلى حكومة-G2G».

  • يشير مصطلح G2C إلى مجموعة الحلول البرمجية التي تدعم العلاقات بين الإدارات العامة والمواطنين. مثل بوابات الانترنت، وتطبيقات الهاتف المحمول، ووسائل التواصل الاجتماعي المستخدمة للاتصال والتفاعل بين الحكومات المحلية والمواطنين.[5][6] وتعتمد بطاقات الهوية الإلكترونية بشكل متزايد على تقنيات IoT لأغراض التعرف على الهوية والتوثيق والتوقيع الإلكتروني. وتطلب هذه المعلومات عادةً للوصول إلى الخدمات التي تقدمها الحكومة وللإطلاع على البيانات الشخصية للمواطنين المتعلقة بالخدمات العامّة، مما يسهل التواصل والتفاعل بين السلطات والمواطنين كثيرا.[6]
  • تعتمد المدن الذكية على IoT لكي تعزز العلاقة بين الحكومات وقطاع الأعمال G2B. فتنشر الحكومات المحلية عبر الأدوات الرقمية -كالويب مثلًا- المشاريع والمسابقات، وتسهل كذلك عمليات البيع والشراء، وتقدم خدمات عامّة أخرى من وإلى الشركات الخاصة. مثالًا؛ تستخدِم شركات النقل أجهزة الاستشعار الموقعية لجمع المعلومات ثم تشاركها مع الإدارات لمساعدتها على تخطيط مناطق النقل على نحو أيسر وأكثر كفاءةً.[7]
  • تستغل المدن الذكية IoT لجمع البيانات وتخزينها وتبادلها بين الحكومات G2G، فتحسِّن الاتصالات بين مختلف كيانات ومجموعات الإدارة العامّة. يؤدي ذلك إلى تسريع العمليات التي تتطلب التفاعل بين الجهات الفاعلة.[8]

تجارب عملية للحوكمة الذكية

أطلق اتحاد من البلديات والشركات ومراكز البحوث في أمستردام منصة أمستردام الذكية ASCP عام 2014. وهي عبارة عن مجلس إلكتروني يمكن فيه لأصحاب المصلحة مناقشة القضايا الحضرية واقتراح الحلول وتعزيز الابتكار في المدينة.[9]

نفّذت مدينة ريو دي جانيرو مشروع ريوأغورا الاجتماعي بهدف السماح للمواطنين باقتراح السياسات العامّة ومناقشتها مع سلطات البلدية.[10]

اعتمدت سنغافورة كذلك عدّة مشاريع للحوكمة الذكية من خلال SNDGG، وتتضمّن نظامًا رقميًا لهويات المقيمين في سنغافورة. ويتيح لهم النظام الرقمي إجراء المعاملات بسهولة مع الإدارات، وتبادل المعلومات المختلفة.[11]

يعد مشروع Songdo في كوريا الجنوبية واحدًا من أكثر مشاريع المدن الذكية تقدّمًا في العالم. حيث تُجمع البيانات باستمرار بواسطة شبكة من أجهزة الاستشعار والمعدات، ويجري تبادلها وربطها بالمعلومات الورادة من المؤسسات العامة. مثل؛ مركز معلومات المرور بمدينة إنتشون، وإدارة الأرصاد الجوية الكورية، ومعهد الصحة والبيئة، ووكالة الشرطة، وغيرهم. ويحلل مركز العمليات المتكامل البيانات ويقدمها إلى المواطنين عن طريق البث الإعلامي والخوادم لمساعدة الشعب في العثور على المعلومات اللازمة.[12]

الحياة الذكية والبنى التحتية

يشمل مجال الحياة الذكية جميع المكونات المتصلة بتطوير بنى تحتية أذكى للمدن، كما يتضمن إدارة وتحسين الأنشطة الثقافيّة والسياحيّة والتعليميّة.

يسمح استخدام IoT في المباني الذكية التنفيذ السريع لأنواع عديدة من المرافق. مثل إدارة تكييف الهواء، وتصريف مياه الأمطار، ونظم الأمن لإدارة الدخول الموثق إلى المباني والمراقبة بالفيديو.[13] إضافةً إلى الإنذارات المتعلقة بحوادث مثل الحرائق، وتسريبات الغاز، وأدوات رصد السلامة الهيكلية للمباني.[14] ويوفر دمج IoT مع «نمذجة معلومات المباني-BIM» تمثيلًا عالي الدقة للمنشآت وخصائصها المكانية.[15]

تتصل أنواعٌ عديدة من أجهزة الاستشعار والمشغلات والأجهزة الشخصية من خلال شبكات لاسلكية في البيوت الذكية. وكثيرًا ما تُدعم بواجهات تستند إلى الذكاء الاصطناعي AI ليتعامل معها الأفراد بيسر. فهي تهدف إلى مساعدة المستخدمين في المهام اليومية مثل التحكم بالإضاءة والأدوات المنزلية والمراقبة واستهلاك الطاقة وغيرها الكثير.[16] على سبيل المثال؛ تستخدَم الأجهزة التي تعتمد على المولدات النانوية الكهربائية TENG في النوافذ الذكية، ونظم الإضاءة الداخلية.[17]

يساعد IoT في خدمات الحياة الذكية، فتستفيد الإدارة الذكية للسياحة من تطبيقات الهواتف المحمولة، ومن الخدمات المرتبطة ب GIS وGPS، ومن الواقع الافتراضي، ومن وسائل التواصل الاجتماعي لكي تقدم تجربةً أفضل للسياح.[18] وذلك عن طريق تعزيز التجربة السياحية والقدرة التنافسية للوجهات السياحية وتحسين الاستدامة، وذلك بسبب تتبع تدفقات المستخدمين وسلوكياتهم.[19]

وَرَّدَت الصين 840 مليون قطعة من المنتجات المنزلية الذكية عام 2019.[20] ونَفّذت لوس أنجلوس استراتيجيات ذكيةً في السياحة، فاستطاعت قياس حركة المرور السياحية بواسطة أجهزة استشعار مدمجة في الأرصفة، واستخدمت هذه المعلومات لضيط الأضواء لزائري المواقع السياحية.[21]

النقل والتنقل الذكي

ينطوي مفهوم النقل والتنقل الذكي على التحول من نظم النقل التقليدية إلى النقل كخدمة MaaS. إذ تربط بنية تحتية ذكية جهات فاعلةً مختلفةً (مواطنون، وإدارات عامة، وشركات خاصة) وكيانات مختلفةً (مركبات، وأجهزة شخصية، وأجهزة استشعار).[22] وتستفيد المدن الذكية من IoT بتوفير خدمات وتطبيقات النقل. على سبيل المثال؛ توفير المواقف الذكية للسيارات، وتقاسم المركبات، والقيادة الموصولة، والتنقل المستدام. وغالبًا ما تعتمد حلول المرور الذكية على تطبيق النماذج التنبؤية للإنذارات المبكرة وذلك لمنع الحوادث وإدارة الازدحام المروري في الوقت المناسب.[23]

وضعت أتلانتا إشارات المرور التكيفية التي تتكيّف مع ظروف المرور في الوقت المناسب في الممر الذكي للجادة الشمالية وهو طريق حرج عادةً.[10]

يسمح نظام النقل العام في لندن باستعمال بطاقات إلكترونية ذكية لدفع وشراء التذاكر الإلكترونية للنقل. يؤدي ذلك إلى تقليل طوابير الانتظار وتسمح بتتبع تحركات المستخدمين في نفس الوقت.[24]

وقد عززت بلباو استدامة التنقل المحلي بنشر شبكة من الدراجات تضم 40 نقطة استقبال، وحافلات إلكترونيةً. ودعمتها بتطبيقات على الهاتف تبلغ عن مواقف السيارات المتاحة وحركة المرور، وأخرى تبلغ عن مواقف الحافلات وجدولها الزمني.[25]

اقتصاد ذكي

يستند الاقتصاد الذكي إلى الترابط المبتكر بين الأسواق المحلية والعالمية من خلال «تكنولوجيا المعلومات والاتصالات-ICT». ويتيح القيام بأعمال وخدمات التجارة الإلكترونية وذلك بهدف زيادة الإنتاجية والتسليم.[26] علاوةً على ذلك، يدرج مفهوم اقتصاد المشاركة أو الاقتصاد التعاوني وهو نظام مستدام يشارك فيه الأفراد أو الشركات بإنتاج واستهلاك وتوزيع السلع والخدمات.[27]

طُبّقت تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي من أجل بناء نماذجَ تنبؤيةٍ بهدف تطوير نظم التوصية للتجارة الإلكترونية والتسوق بالتجزئة.[28] ويجعل استخدام الهواتف المحمولة في مدينة شنجن الصينية النقود والبطاقات المصرفية قديمةً إلى حد ما.[29]

الصناعة الذكية والإنتاج

يخلق استخدام IoT في مجال الصناعة الذكية والصناعة4.0 بيئةً إنتاجيةً ابتكاريةً تكون أقل اعتمادًا على الإنسان. ويمكن تتبع أتمتة سلاسل توريد السلع بسهولة من عملية التصنيع إلى التوزيع النهائي. كذلك يمكن جمع وتحليل المعلومات الآتية لتتبع الشحنات وتقييم نوعية المنتجات وقابليتها للاستخدام.[30]

بصفة عامة يشمل مجال الصناعة الذكية جميع التطبيقات التي تؤدي فيها IoT وICT إلى أتمتة تدفق العمل المنتج. نتيجةً لذلك تشمل أيضًا تطبيقات الزراعة الذكية.[31] تستفاد الزراعة الذكية من حلول الذكاء الاصطناعي في IoT لمراقبة المحاصيل والكشف عن الأمراض وإدارة إمدادات المحاصيل استنادًا إلى البيانات المتوفرة.[32] ويشمل المجمّع الصناعي في شنجن سلسلة المصانع الذكية التي تتقاسم التقنيات وتقدّم خدماتًا تتسم بالكفاءة.[10]

الطاقة الذكية

يضم مجال الطاقة الذكية الإدماج الذكي لمصادر الطاقة اللامركزية المتجددة ومصادر الطاقة المتجددة وتوزيعها بكفاءة. وتهدف إلى تحقيق الاستخدام الأمثل للطاقة.[33] تستفيد الشبكات الذكية من IoT وICT لتحسين إدارة توليد الطاقة وتوزيعها وكثيرًا ما تكفل المعالجة الذاتية لإمدادات شبكة الطاقة.[34] وتوازن الشبكات الذكية حمل الطاقة على أساس الاستعمال والتوافر. نتيجةً لذلك يمكن التحول تلقائيًا إلى مصادر طاقة بديلة عند الحاجة. وتتنبّأ كذلك بالطلب المستقبلي على الطاقة، وتُقدّر كمية الطاقة المتاحة وسعرها.[30]

تساعد الشبكات الذكية في هلسنكي على خفض استهلاك الطاقة بنسبة 15%. [35] ويسعى مشروع مدينة مصدر الإماراتية إلى أن يكون أحد الأنظمة الصديقة للبيئة الأكثر كفاءةً، من خلال استغلال تقنيات الطاقة المتجددة. إذ وضعت المدينة مجموعة للطاقة الشمسية بسعة أكثر من 10 ميغاواط، وألواحًا على الأسطح بسعة 1 ميغاواط، بالإضافة إلى مساعدة طاقة الرياح. يستطيع المشروع أن يوفر طاقةً لمستهلكين يبلغ عددهم 40 ألف مواطن.[36]

بيئة ذكية

يضم مجال البيئة الذكية جمع البيانات البيئية ورصدها وتحليلها للحد من التلوث، ورصد نوعية المياه وإمداداتها، وإدارة الأحوال الجوية والمناخية. ويعد رصد نوعية الهواء عاملًا حاسمًا في تتبع مستويات ملوثات الهواء والتي تشكّل مسألةً خطيرةً بالنسبة لصحة الإنسان. [20][33]

ركّبت ستوكهولم صناديق نفايات ذكيةً تعمل بالطاقة الشمسية وتبلغ تلقائيًا عن امتلائها بالكامل وتقوم أيضًا بضغط النفايات، فلا تحتاج إلى تفريغ كثير كغيرها من الحاويات العادية.[27]

واعتمدت 6 مدن أوروبية في إيطاليا وإسبانيا على منصة snap4city لرصد نوعية الهواء في المناطق الحضرية. وتوفر تنبؤات بنوعية الهواء باستخدام نماذج المحاكاة.[37]

رعاية صحية ذكية

طبِقت تقنيات IoT في مجال الرعاية الصحية على نطاق واسع في المدن الذكية، وتوسعت لتشمل مراقبة المرضى عن بعد واختراع أدوية وحبوب رقمية وغيرها الكثير. ويعد مستشفى Hefei واحدا من أوائل المستشفيات الذكية في الصين. إذ تدار جميع احتياجات المرضى عن طريق تقنيات IoT المتنوعة، ويوفر المستشفى أيضًا خدمات البناء الذكية وإدارة الطاقة المستدامة.[38]

سعى البشر منذ بدايات تشكل الحضارات إلى تطوير مدنهم وسبل العيش فيها بمختلف الوسائل. ونحن بدورنا نقف اليوم أمام نقطة تحول جذرية ستغير رؤيتنا وتعريفنا للمدن. فإلى أي مدى سوف تتغير حياتنا بسبب دخول IoT في الخدمات والتطبيقات؟ هذا ما سيكشفه لنا الزمن.

المصادر

  1. science direct
  2. ResearchGate
  3. ResearchGate
  4. ResearchGate
  5. ResearchGate
  6. readcube
  7. MDPI
  8. semanticscholar
  9. semanticscholar
  10. MDPI
  11. semanticscholar
  12. webology
  13. ResearchGate
  14. ResearchGate
  15. Science direct
  16. ResearchGate
  17. Science direct
  18. MDPI
  19. ResearchGate
  20. IEEE
  21. ResearchGate
  22. MDPI
  23. MDPI
  24. science direct
  25. ResearchGate
  26. ResearchGate
  27. Dokumen PUB
  28. semanticsholar
  29. ResearchGate
  30. ResearchGate
  31. MDPI
  32. MDPI
  33. MDPI
  34. IEEE
  35. IEEE
  36. ResearchGate
  37. IEEE
  38. wsp

كيف تستخدم المدن الذكية IoT لتحسين الرعاية الصحية؟

هذه المقالة هي الجزء 5 من 18 في سلسلة كيف ستغير المدن الذكية من شكل عالمنا؟

يشمل مصطلح «المدينة الذكية-smart city» التقنيات والمفاهيم التي تهدف إلى جعل المدن فعّالةً وتقدّميةً. والمدن الذكية هي رد فعل على التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تواجهها المجتمعات في بداية الألفية الجديدة. ويعد استخدام التقنيات الحديثة مثل انترنت الأشياء والمعروف اختصارًا بـ IoT في الرعاية الصحية من العوامل الرئيسيّة التي تحسّن تجربة المستخدم للمدن الذكية.

IoT أو انترنت الأشياء في المدن الذكية

يقصد ب IoT «انترنت الأشياء-Internet of Things»، وهو الجيل الجديد من الانترنت الذي يربط بين الأجهزة المختلفة والنُظُم بشبكة. ويتيح انترنت الأشياء إمكانية تبادل البيانات فيما بينها. ويشمل أجهزة الاستشعار والحسّاسات وأدوات الذكاء الاصطناعي والبرمجيات وغيرها من الأدوات.

ويعتبر استخدام IoT في المدن الذكية فكرة واعدة. على سبيل المثال؛ يساعد استخدام IoT في تطبيقات الرعاية الصحية في الحد من عدم كفاءة البنية التحتية الحالية. ويعد نهج التعلّم الآلي المفتاح الأساسي لنجاح شبكات الاستشعار اللاسلكية التي تعمل بتقنية IoT، نظرًا لوجود كمية كبيرة من البيانات التي يتم التعامل معها عبر تلك المستشعرات.

تطبيقات عديدة لانترنت الأشياء IoT في المدن الذكية

سرعان ما بدأت أهمية IoT في المدن الذكية تزداد سريعًا وأخذ الباحثون يقدّمون دراسات لإدخاله في مختلف التطبيقات. ونذكر من بعض الدراسات:

  • درس باحثون الاتجاهات الناشئة في تطبيقات الرعاية الصحية الذكية، والتطورات التكنولوجية الرئيسية التي لها تأثير مباشر عليها. بينما استعرض آخرون اعتبارات أمنية مختلفة في أنظمة الرعاية الصحية الذكية وعواقبها والتدابير اللازمة. [1]
  • قدّم آخرون دراسات شاملة للتقنيات والتطبيقات المحتملة للطائرات بدون طيار، بالإضافة إلى ربطها مع النقل الجوي الدولي. واقترحوا استخدامها لتعزيز ذكاء المدن الذكية استنادًا إلى جميع البيانات، وقوانين الأمن والسلامة العامة، وإدارة الكوارث، واستهلاك الطاقة، ونوعية الحياة في المدن الذكية. [2]
  • اقترح خبراء نموذجًا يجمع بين الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا النقل الداخلي، من أجل الحد من الازدحام المروري ضمن المدن الذكية.
  • أجرى باحثون دراسة لوضع نظام فعّال للرصد المحتمل للخسائر، وإدارة حركة المرور في المدن. [3]
طائرة بدون طيار مجهزة بأجهزة IoT لجمع البيانات

استخدام IoT في الرعاية الصحية كنموذج

جرت العديد من الأبحاث خلال السنوات القليلة الماضية حول انترنت الأشياء IoT والبلوك تشين Blockchain والذكاء الاصطناعي AI. وبدأت بعض المدن بالفعل في استعمال تلك التقنيات في مختلف التطبيقات وبشكل خاص في مجال الرعاية الصحية. ويجلب IoT كميةً غير مسبوقة من البيانات التي تحتاج الشبكة إلى التعامل معها فسبّب مشكلةً كبيرةً. نتيجةً لذلك تم تكييف تصاميم الشبكات التقليدية مع أحدث معايير ذكاء الشبكات مما يضمن الأمن الأمثل. [4]

بشكل عام تحتاج المستشفيات والعيادات والمرافق الطبية إلى شبكة واحدة وفعّالة من حيث التكلفة. ويمتثل أمنها كذلك للوائح حماية المعلومات، ويسهل استخدامها وتشغيلها في ذات الوقت.[5]

مراقبة المرضى في المدن الذكية

تستفيد المدن الذكية من IoT في مراقبة المرضى عن بعد، إذ يتمكّن أخصائي الرعاية الصحية من مراقبة العلامات الحيوية وتقييم التفاعلات البدنية للمرضى دون الحاجة إلى التواجد معهم في نفس المكان. ويحدث ذلك عن طريق أجهزة معينة كجهاز لمراقبة التنفس، أو لمراقبة انتظام دقات القلب، أو لقياس مستوى سكر الدم، أو غيرهم من الأجهزة المرتبطة بواسطة IoT. ويجمع الجهاز المعني البيانات المطلوبة؛ وفي حال لم تكن القيم كما ينبغي، ترسل البيانات في وقت واحد إلى قاعدة البيانات للتسجيل وإلى الطبيب المعالج. لكي يتمكن الطبيب من تحليل المعلومات في الوقت المناسب والاستجابة وفقًا لذلك. وغالبًا ما تستخدم هذه الأجهزة مباشرةً بعد التدخلات الجراحية.

يساعد IoT في تقليل مدّة إقامة المريض في المستشفيات، وتتحدّد المشاكل أيضًا بسرعة أكبر مما يسمح للأطباء بالاستجابة في وقت مبكّر وتجنّب المضاعفات المحتملة. وبمساعدة البيانات التي تُجمع من الممكن تعديل وتكييف خيارات العلاج اعتمادًا على رد الفعل البدني للمريض وحالته الجسدية. [6]

الأدوية الرقمية

طوّر العلماء ما يعرف باسم «الحبوب الذكية-smart pills». ويتناول الشخص الحبوب الذكية مثل الأدوية العادية لكنها تكون مجهّزة بنوع من تقنيات المراقبة بالإضافة إلى الدواء الفعلي. ويستعملها الأطباء لرصد البيانات البيولوجية وإرسالها إلى جهاز استشعار يرتديه المريض، فتراقب هذه المستشعرات مستويات الدواء في الجسم. ثم تنقل البيانات من أجهزة الاستشعار إلى تطبيق على الهاتف المحمول لكي يتمكن المريض من الوصول إلى المعلومات الخاصة بوظائفه الحيوية بنفسه. ويستطيع الأطباء كذلك الوصول إلى تلك المعلومات إذا وافق المريض. وبهذه الطريقة يحدّد الأطباء المعالجون إذا ما كان الدواء يعمل على النحو المطلوب أو ربما يتسبب بآثار جانبية أو أن جرعته تحتاج إلى زيادة مثلًا. [6]

ويوجد كذلك حبوب تدعى باسم «الحبوب الروبوتية-Robotic bills»، والتي بمجرد بلعها تصبح قادرة على أداء وظائف معينة في جسم المريض. على سبيل المثال؛ اخترع Rani حبة تنتقل عبر المعدة إلى الأمعاء الدقيقة حيث تحقن الدواء من دون التعرض للأنزيمات الهاضمة، وعندما يضخ الدواء بالكامل، تذوب البقايا وتهضم. [7]

الأدوات الطبية

تعد الأجهزة الطبية القابلة للارتداء الخيار الأكثر جاذبيةً اليوم بالنسبة للمستهلكين من جميع الأعمار وذلك من أجل تتبع علاماتهم الحيوية. علاوةً على Fitbit وApple watch وco يطور علماء تقنيات أخرى لا تسجّل البيانات فحسب، بل تؤدّي وظائف معيّنةً بناءً على أوامر أو حالات مسبقة التعريف. من الأمثلة على ذلك؛ Intelligent associations وهي مزودة بأجهزة استشعار لتقييم حجم الجروح وتحديد إذا ما كان الجرح سيلتئم لوحده أم لا، كما تصدر تنبيه أيضًا في حال حدوث عدوى. [8]

بدأت شركة Google وNovaritis عام 2014 بتطوير عدسات لاصقة بإمكانها مراقبة مستويات السكر في الدم عن طريق تحليل دموع المريض. وترسل البيانات التي تجمعها العدسات إلى مضخة الأنسولين المزروعة داخل جسم المريض، ويتم إعلام المريض في حال وصول مستوى السكر إلى درجات خطيرة. يمكن أن تُغيّر هذه التقنية حياة الكثيرين وخصوصًا المرضى الذين يعانون من حقن الإنسولين اليومية وشكاكات قياس نسبة السكري المؤلمة. [9]

المرافق الطبية في المدن الذكية

تطور وضع المرافق الطبية بفضل IoT كثيرًا. فتُقلِّل أجهزة الاستشعار عدد الاختبارات اليدوية، وقد تلغي الحاجة إليها في بعض الأحيان، ويؤدي ذلك إلى توفير الوقت. وتعتبر نقل المعدات والأجهزة من المشاكل الشائعة في المرافق الطبية، فأحيانًا يتعذر تحديد موقعها في حالات الطوارئ. وتسمح تقنية البلوتوث منخفض الطاقة بتحديد مكان الجهاز بدقة. [10]

أهمية IoT

بسبب تنامي الحجم الهائل للبيانات في المدن فإن استخدام التقنيات الحديثة صار أمرًا محتومًا على نحو متزايد. وبدأت المدن الذكية باستخدام IoT، وBlockchain، والذكاء الاصطناعي Al، والتعلم الآلي في مختلف التطبيقات. سيساعد الابتكار الصغير في إنقاذ أرواح لا حصر لها، ففي نهاية المطاف يهدف IoT لتحسين نوعية الحياة لأكبر عدد من السكان. وبالرغم من وجود سلبيات محتملة للذكاء الاصطناعي إلا أنه قابل للتطوير والتعديل لخدمتنا مع مرور الزمن بسبل لم تكن في الحسبان.

المصادر

  1. ResearchGate
  2. Readcube
  3. ResearchGate
  4. ResearchGate
  5. ResearchGate
  6. IAfCIS
  7. Rani therapeutics
  8. MDPI
  9. The new York times
  10. science direct

خوارزميات النحل، الخوارزميات الثورية في مجال الحوسبة التحسينية

هذه المقالة هي الجزء 11 من 12 في سلسلة أشهر الخوارزميات التحسينية المستوحاة من الطبيعية

في مجال الحوسبة و البحث العملياتي، أي علم اتخاد القرار، تعتبر خوارزميات النحل من الخوارزميات التحسينية الفريدة والفعالة. هذه الخوارزميات التحسينية المستوحاة من الطبيعة تنتمي إلي مجموعة الخوارزميات التحسينية التي تتبنى في مقاربتها الخوارزمية، لحل المشاكل، مفهوم الساكنة. أي أن جميع الحلول المحتملة التي تم معالجتها تنتمي لجيل واحد من الأجيال على الأقل، على مدار دورات التكرار.

صممت هذه الخوارزميات لمحاكاة أسلوب بحث نحل المستعمرات عن موارد الطعام. أي حقول الأزهار التي تحتوي على الرحيق الذي تتغدى عليه. وليس النحل البري الذي ينفرد بذاته ويعيش مستقلا عن أي تجمع، فلكل طريقته.

تستخدم هذه الخوارزمية في حل المشاكل المستمرة و المشاكل المتقطعة، مثل خوارزميات الساكنة الأخرى. ولتنفيد هذا تقوم ببحث محلي بجوار الحلول المحلية، المكتشفة بواسطة بحث شامل و غير مركز.

يشترط استخدام هذه الخوارزمية القدرة على حساب الفرق بين الحلول، أي المسافة بين نقاط فضاء الحلول المحتملة. وبالطبع بدون الحاجة لحساب أي اشتقاقات أو تدرجات. وفي هذا المقال سنركز على مراجعة ألية بحث نحل المستعمرات عن الرحيق، وكذلك ألية عمل بعض خوارزميات النحل ومتحوراتها.

سلوك نحل العسل

تعيش نحلات العسل في مستعمرات منظمة. تخزن العاملات منها العسل الذي تنتجه فيها وتتغذى عليه من أجل أن تحيا وتستمر. هذه الحياة التي تقضيها في العمل قائمة على عدد من المتطلبات والتي من أجل تحقيقها تحتاج النحلات للتواصل في ما بينها. فيتم التواصل، كما النمل وعدد من الحيوانات و الحشرات الأخرى، بواسطة الفيرومونات. لكن إضافة لهذه الطريقة التقليدية، تمتاز النحلات باستخدامها للرقص لتحقيق المزيد من التواصل. فباستخدام رقصات محددة تستطيع النحلات أن تمرر فيما بينها معلومات حساسة ومهمة عن اتجاه وقيمة مصدر الطعام. اتجاه الجسم يشير إلي مصدر الطعام، و الصوت الناتج خلال الرقصة يدل على مدى أهمية وقيمة هذا المصدر.

كفاءة البحث مفتاح البقاء

كما هو واضح، فآلية التواصل بالفيرومونات جد مهمة في حياة النحلة وحاسمة في استمرارية المستعمرة. فباستخدام مركب كميائي معين من الفيرومونات يمكن أن تحفز النحلة مجموعتها لرد فعل على هجوم ما. إضافةً، فعند إيجاد النحلة لمصدر رحيق معين، وتعود حاملة إياه، تصدر مجموعة من الفيرومونات كإشارة. ومن ثم تقوم النحلة برقصتها لتحديد المكان والجودة للنحلات المجاورة.

عند تعدد مصادر الرحيق، أثبتت الدراسات أن السلوك المنظم للمستعمرة قادر على توزيع النحلات الجامعة على هذه المصادر بطريقة فعالة. وذلك من أجل جمع أقصى قدر من الرحيق. فكي تستطيع المستعمرة النجاة خلال فصل الشتاء، يتوجب جمع ما لا يقل عن 15 كيلوغرام من العسل أو ما قد يصل إلي 50 كيلوغرام، حسب النوع والمنطقة.

كفاءة البحث كمصدر إلهام

هنا تبرز أهمية قدرة النحل على توزيع أفراده لجمع الرحيق من وجهة نظر تطورية. فإن لم تجمع ما يكفي وتنظم مجهوداتها بالطريقة المثلى، فلن تبقى إلي أن يحل فصل الربيع. وبالتالي، ما يجعل من موضوع أليات عمل مستعمرات النحل هذه بمختلف أنواعها مصدرًا هامًا نستطيع استحضاره ومحاكاته لإيجاد مختلف الطرق لحل ما يوجهنا من مشاكل هندسية وخصوصًا المشاكل التحسينية. وقد تم تصميم عدد كبير من الخوارزميات التحسينية انطلاقًا من مفهوم مستعمرة النحل، وفق هذه الميكانيزمات، وطرق العمل الفريدة والفعالة.

خوارزميات النحل

على مدار العقدين الماضيين، بدأت خوارزميات النحل تنبثق كخوارزميات تحسينية واعدة في مجال التحسين. لكن بعد البحث نجد أنه من الصعب تحديد التاريخ الدقيق لأول صياغة لهذه الخوارزميات. بحيث تم تطويرها من طرف عدد من الباحثين في أبحاث مستقلة، وفي مختلف أنحاء العالم، على مدار السنوات.

لكن انطلاقا من الأدبيات العلمية والأوراق البحثية نجد أن خوارزمية نحل العسل Honeybee Algorithm قد تم تطويرها سنة 2004 على يد كريغ توفي Craig A. Tovey من معهد جورجيا للتكنولوجيا، و سونيل نكراني Sunil Nkarani من جامعة أوكسفورد. وفي أواخر 2004 وبداية 2005 طور عالم الرياضيات والحاسوب شين شي يانغ Xin She Yang من جامعة كامبريدج خوارزمية النحلة الافتراضية Virtual Bee Algorithm، لحل مشاكل التحسين العددية. هذه الخوارزمية قادرة على مواجهة المشاكل المستمرة و المتقطعة.

وفي وقت لاحق من سنة 2005 طور حداد Haddad و أفشار Afshar وزملاءهما خوارزمية تحسين تزاوج نحل العسل Honeybee mating Optimization. والتي استخدمت في تصميم الخزانات والتعنقد clustering. وفي نفس الفترة الزمنية طور كارابوجا D. Karaboga خوارزمية النحل الاصطناعية Artificial Bee Algorithm للتحسين العددي.

خوارزمية نحل العسل

يتم توجيه النحل العامل في خوارزمية نحل العسل Honeybee Algorithm نحو عدد من مصادر الطعام. من أجل الحصول على أكبر كمية من الرحيق. عملية التوجيه هذه تقوم على عدد من العوامل، مثل تركيز الرحيق في المنطقة المعنية وكذلك قربها من المستعمرة. وسنجد أن عملية التوجيه هذه مشابهة لعملية توزيع خوادم استضافة الويب allocation of web-hosting servers على الإنترنت. وبالتالي، كان هذا المشكل من أوائل المسائل التي تم حلها بواسطة خوارزميات النحل، وبالضبط خوارزمية نحل العسل.

باعتبار Wi(j) قوة تذبذب رقصة النحلة i خلال خطوة التنفيد j، نجد أنه من الممكن تحديد احتمالية اتباع نحلة معينة للمصدر المشار إليه بعد مشاهدة الرقصة بواسطة عدد من الصيغ وذلك اعتمادًا على المتحور المستعمل، فنجد الصيغة المطبقة في خوارزمية نحل العسل كالتالي:

يمثل العدد الصحيح الطبيعي nf عدد النحلات العاملة الباحثة، و t دورة البحث الحالية. وبالتالي عدد النحلات المراقبة للرقصات هو N-nf أي مجموع النحلات ناقص عدد النحلات غير المتفرغة، بسبب بحثها.

يمكن كذلك تحديد معادلة لاحتمالية الاستكشاف ممثلة بصيغة إحصائية أخرى، فنجد الصيغة الغاوسية الجديدة:

فنجد σ تعبر عن معدل التطاير volatility، وهذه القيمة التي تتحكم في استكشاف وتنوع مناطق البحث المختارة.

عند عدم رقص أي نحلة نجد:

ما يعني أن النحلات ستبحث عشوائيًا.

في متحورات أخرى، عند تطبيقها لحل المشاكل المتقطعة مثل مشاكل الجدولة، تقوم النحلة الباحثة بأداء رقصة معينة في مدة زمنية محددة τ = γ fp. بحيث تعبر fp عن ربحية أو غنى منطقة الطعام، أي حقل الزهور وتركيز الرحيق بها. بينما γ هي معامل تحجيم للتحكم في الفترة الزمنية للرقصة. بالطبع الربحية مرتبطة بالدالة الهدف.

بالإضافة لهذا، يتم تصنيف كل مسار بطريقة ديناميكية. فنجد أن مسار أكبر عدد من النحلات هو المسار المفضل للخلية. كما أن احتمالية اختيار طريق بين نقطتين في مشكل توجيهي معين يمكن أن تتم وفق الصيغة التالية:

نجد 0<α و 0<β معاملا تأثير. Wij تعبر عن قوة الرقصة. وأيضا نجد أن dij تمثل معدل استحسان الطريق.

على غرار خوارزميات مستعمرة النمل، فخوارزمية نحل العسل HBA، جد فعالة في التعامل مع مشاكل التحسين المتقطعة مثل مشاكل التوجيه والجدولة. لكن في مواجهة التحسين المستمر، فهي غير مباشرة، وبالتالي في حاجة إلى بعض التعديلات.

خوارزمية النحلة الافتراضية

طورت خوارزمية النحلة الافتراضية Virtual Bee Algorithm من طرف Xin She Yang سنة 2005 من أجل مواجهة المشاكل المستمرة والمتقطعة. بحيث تتشابه في عدد من خصائصها خوارزمية استمثال عناصر السرب Particle Swarm Optimization أكثر من خوارزميات النحل الأخرى، ويقصد ب”الاستمثال” التحسين. في هذه الخوارزمية تمثل الدالة الهدف قيم الرحيق الافتراضية، بينما الحلول المحتملة هي مواقع غنية، بكميات متفاوتة، بالرحيق. كما أن قوة الرقصة تعتمد فقط على تركيز الرحيق، والذي يمكن اعتباره هنا معاملًا للملائمة fitness للحلول المحتملة.

في مواجهة المشاكل المتقطعة يتم ربط الدالة الهدف، مثل دالة تحديد الطريق الأقصر، مباشرة بربحية عملية استكشاف الرحيق. والتي بدورها ترتبط عملية استكشاف الرحيق، بقوة رقصة النحلة.

انطلاقًا من هذا، نلاحظ وجود تشابه كبير بين هذه الخوارزمية وسابقتها، خوارزمية نحل العسل. لكن رغم وجود هكذا تشابه، إلا أنه عند تدقيق النظر في آلية بحث النحلات، نجد الاختلافات. إذ أنها لا تحتاج للعودة للخلية من أجل إخبار نظيراتها بما اكتشفته، بحيث يمكنها بث محتوى الرقصة عن بعد لجميع النحلات. وبالتالي يصبح الحل الأمثل الحالي معلومًا عند كل نحلة باحثة ومؤثرًا على عملية اتخاد القرار الفردية. فنجد من هذا إختلافًا بنيويًا، لا يجعل منها تختلف عن خوارزمية نحل العسل فحسب، بل وتختلف كذلك عن كل خوارزميات النحل الأخرى.

خوارزمية مستعمرة النحل الاصطناعية

في هذه الخوارزمية، خوارزمية مستعمرة النحل الاصطناعية Artificial Bee Colony Algorithm، يتم تقسيم نحلات المستعمرة لثلاث أنواع. النحلات العاملة، والنحلات الكشافة، والنحلات المراقبة. فنجد لكل مصدر طعام نحلة عاملة واحدة تبحث محليًا عن الحل المحلي الأمثل. فيما يحاكي عملية استخراج الرحيق والانتقال من زهرة إلي أخرى. كما أن التخلي عن مصدر طعام معين، عند نضوبه أو انخفاض ربحيته، يعني مباشرة تحول نحلته العاملة إلي نحلة كشافة. فتبحث النحلة الكشافة بشكل عشوائي عن مصادر طعام أخرى.

تتشارك النحلات العاملة والنحلات الكشافة معلوماتها مع النحلات المراقبة، والتي تتمركز في الخلية. هذه الأخيرة، فيما بعد، تقرر منطقة بحثها متخذتةً بعين الاعتبار المعلومات التي وصلت إليها. لتصبح هي الأخرى نحلات عاملة وتنضم للفريق.

تطبيقات خوارزميات النحل

لكونها خوارزميات ناجحة، يمكن تطبيقها لحل مختلف أنواع المشاكل التحسينية. فنجد خوارزميات النحل حاضرة في كل مجالات التحسين الحوسبي فمن تطبيقاتها نجد:

  • تدريب الخلايا العصبية الاصطناعية.
  • تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي.
  • التعلم العميق.
  • التصميم الصناعي.
  • مخطط الرقابة Control Chart في الهندسة الصناعية.

وتبقى التطبيقات الحالية كثيرة، والأخرى الممكنة لا حصر لها فالبحث لا زال جاريًا، والأفق مفتوح.

مصادر

  1. Nature Inspired Optimization Algorithms by Xin She Yang
  2. أطروحة دكتوراه للدكتور أبوبكر كوش.
  3. Wikipedia

ما هي خوارزمية مستعمرة النمل Ant Colony Algorithm وكيف تعمل؟

هذه المقالة هي الجزء 10 من 12 في سلسلة أشهر الخوارزميات التحسينية المستوحاة من الطبيعية

النمل حشرات اجتماعية، تعيش في مستعمرات منظمة يتراوح عدد أعضائها بين المليونين إلي خمسة وعشرون مليون نملة. وعند بحثها عن المؤن، تتعاون مجموعات النمل فيما بينها بمختلف الطرق. فنجد من بينها، تركها لمركبات كميائية ذات رائحة معينة، أو فيرومونات من أجل التواصل مع بعضها البعض. واعتمادًا على هذه الفيرومونات تستطيع كل نملة تتبع كل مسار مشبع بها. وعند إيجاد النمل لمصدر طعام تقوم بوضع علامة كيميائية، أي وضع علامة عليه باستخدام فيروموناتها، إضافة لترك آثار كيميائية في المسار المؤدي إلى المصدر ذهابًا و إيابًا لمساعدة بقية المجموعة. تلك العمليات المعقدة أدت إلى استخدام خوارزمية مستعمرة النمل Ant Colony Algorithm في حل المشكلات الحوسبية المعقدة، فكيف حدث ذلك؟ وكيف تعمل تلك الخوارزمية؟

إنطلاقًا من البحث الأولي، والذي يكون عشوائيًا والمكلف في الوقت والجهد، تتغير تركيزات الفيرومونات من مسار لأخر. فتتبع النملات الباحثة المسار الأكثر تشبعًا. ويرجع هذا التشبع إلي تزايد عدد النملات اللاتي اتخدن هذا المسار. فباتخاد النمل لمسار محدد مرة تلو الأخرى يصبح، عمليًا، المسار المفضل. وذلك يرجع بالطبع لكونه يفيض بالفيرمونات المتروكة كعلامة من كل نملة سلكته. وهكذا تظهر طرق عديدة مفضلة نحو مصادر الطعام المكتشفة، والتي تكون غالبا هي أقصر طريق. وطريقة العمل هذه عبارة عن مثال من أمثلة ميكانيزمات رد الفعل الإيجابي positive feedback mechanisms.

السلوك المنظم للنمل

تتواجد السلوكيات المنبثقة وتتولد انطلاقًا من التفاعلات المختلفة بين النمل في المستعمرة. بحيث يتصرف أفراد المستعمرة اعتمادًا على المعلومات المحلية البسيطة المتوفرة، مثل تركيز الفيرومونات، لتنفيذ أنشطتهم.

فبالرغم من عدم تواجد رقيب يصدر الأوامر والإرشادات، نجد أن السلوك المنظم موجود لا محالة، وبتلقائية. لذلك، فسلوك من هذا القبيل ليس غريبًا في الطبيعة، ونجده حاضرًا في عدد من العمليات والظواهر الطبيعية مثل تشكل الأنماط في جلود بعض الحيوانات وتعاون الحيوانات والحشرات التي تعيش في مجموعات فيما بينها، مثل النحل والطيور، وغيرهم.

أنماط البحث الاستثنائية

تظهر أنماط البحث عن الموارد عند بعض أنواع النمل، مثل نمل الجيش army ant، مجموعة من الخصائص الاستثنائية. بحيث يقوم هذا النوع من النمل، بالبحث عن الطعام عبر عدد من الطرق الاعتيادية بزاوية فريدة وهي °123. لاعلم لنا بكيفية قدرتها على اتباع هكذا نمط و الحفاظ عليه، لكن الدراسات أظهرت أن، هذا النمل الذي ينقل مستعمرته باستمرار، يقوم مباشرة بعد انتقاله لمنطقة جديدة ببناء مستعمرته المؤقتة وبدء عملية بحثه عن الموارد.

في اليوم الأول يقوم النمل بالتجوال بطريقة عشوائية لاستكشاف محيطه، فيتحرك باتجاه معين مسافة عدة مئات من الأمتار تم يتفرع لتغطية و استكشاف مساحة أكبر. وفي اليوم التالي يختار اتجاه أخر منحرفًا عن مسار اليوم السابق بزاوية مضبوطة تساوي °123، وبالتالي تغطية مساحة كبيرة أخرى. في اليوم الذي يليه، يختار مرة أخرى اتجاه مختلفا بنفس الزاوية. بهذه الطريقة يقوم أفراد المجموعة بتغطية المنطقة كاملة في غضون أسبوعين و بعدها ينتقلون لمنطقة جديدة للاستقرار بها مؤقتًا واستكشافها والاستفادة من مواردها.

الملفت للنظر في هذا الأمر أن النمل لا يختار زاوية °120 بل °123 بالضبط، ما يكنهم بحلول اليوم الثالث من ترك زاوية °10 عن اتجاه اليوم الأول. ما يعني أن النمل سيغطي كل المنطقة الدائرية في غضون أربعة عشر يوما بدون تغطية أي مساحة تم البحث فيها مسبقا. ما يجعل من هذه الظاهرة جد رائعة وفريدة في عالم الحيونات والحشرات.

مراحل البحث في خوارزمية مستعمرة النمل Ant Colony Algorithm

للتبسيط نأخد مسارين فقط بين مصدر الطعام و المستعمرة، يمكن تحليل المراحل كما التالي:

مستعمرة أو colony باللغة الإنجليزية ، و food يعني الغذاء
  • المرحلة الأولى: كل النملات لا تزال في بيتها، ولا يوجد أي تركيز من الفيرومونات في محيطها.
  • المرحلة الثانية: تبدأ النملات بحثها العشوائي أي لكل من الطريقين احتمالية مساوية للآخر في أن يؤخد، أي 0.5 في حالتنا هذه. ومن المؤكد أن الطريق الثاني أطول وبالتالي الوقت المطلوب لقطعه، والوصول للطعام، أكبر.
  • المرحلة الثالثة: تصل النملات التي اتخذت الطريق الأقصر أسرع من نظيراتها، اللواتي سلكن الطريق الأطول، لمصدر الطعام. والآن من الواضح أن النمل الذي سيتبعهم في البحث سيواجه نفس المعضلة، معضلة اتخاد الطريق المناسب، لكن هذه المرة الطريق الأقصر متاح نظرًا للفيرومونات وبتركيز أعلى نظرًا لسرعة عودة النمل، وبالتالي احتمالية أعلى في اختياره.
  • المرحلة الرابعة: تعود نملات أكثر وأكثر من الطريق الأقصر ما يزيد بشكل كبير من تركيز الفيرومونات في هذا الأخير. ما يقلص بشكل كبير احتمالية سلوك الطريق الأخر. وبالتالي كل المستعمرة ستستخدم الطريق الأقصر، أي أن عملية تحسين المسار قد تمت بنجاح.

آلية عمل خوارزمية مستعمرة النمل Ant Colony Algorithm

اعتمادًا على خصائص سلوكيات النمل هذه، طور العلماء عدد كبير من خوارزميات مستعمرة النمل القوية، لتحقق تقدمًا كبيرًا في السنوات الأخيرة. فانطلاقًا من السنوات التي تلت تقديمها أول مرة من طرف ماركو دوريغو Marco Dorigo، سنة 1992، كمثال ناجح للخوارزميات المستوحاة من الطبيعة، ظهر عدد ضخم من المتحورات والامتدادات لها.

فلمواجهة مشكل تجسيد هذه الخصائص بطريقة خوارزمية، نجد أنفسنا أمام مبدأين وهما احتمالية اختيار الطريق المناسب، و معدل تبخر الفيرمونات. ويوجد عدد من الطرق لفعل هذا، رغم كون هذا المشكل لا زال مطروحًا لمزيد من البحث، لكن سنتحدث عن أفضل طريقة معتمدة حاليًا.

احتمالية اختيار المسار

في مشكلة توجيه الشبكة network routing، تكون احتمالية اختيار نملة في نقطة i التوجه نحو نقطة j ممثل بواسطة الصيغة التالية:

بحيث ألفا و بيتا قيمتين موجبتين، غالبا ما تكون قيمتهما في جوار 2. Φij تعبر عن تركيز الفيرومونات في المسار بين النقطتين i و j. و dij تعبر عن قابلية اتخاد ذلك الطريق استنادًا لمعلومات مسبقة عنه.

ما يعني أن المسار الأقصر هو الذي سيُسلك لكون مدة عبوره أصغر وبالتالي تركيز الفيرومونات عالٍ به. وهذه الصيغة الاحتمالية تعكس حقيقة أن النمل سيتبعون دائما المسار الأكثر تشبعًا بالفيرومونات. ففي الحالة الأبسط عند كون α=β=1، تكون هذه الاحتمالية مطابقة تماما لنسب التراكيز. وقيم المقام تقوم بمعايرة normalize هذه الاحتمالية لتحصر بين 0 و 1.

معدل تبخر الفيرومونات

يتغير تركيز الفيرومونات بمرور الزمن، فتتقلص تدريجيًا، بسبب التبخر، اعتمادًا على صيغة محددة. والأفضلية التي تكسبنا هذه الخاصية هي قدرتها على تمكيننا من تجنب الحلول المحلية. ففي أغلب حالات عدم تواجد هذه الألية، تصبح المسارات المتخذة عشوائيًا من طرف مجموعة البحث الأولى، مسارات مفضلة. وتمكننا المعادلة التالية، والتي تأخد معدل γ لاضمحلال وتبخر الفيرومونات، من تقليص هذه القيم بتقدم الزمن:

فنجد Φ0 خي القيمة البدئية لتركيز الفيرومونات، t الزمن.

إن كانت γt أصغر بكثير من 1، و تغير الزمن Δt =1، نغير المعادلة للصيغة المبسطة التالية:

مع γ تتخد قيمة بين 0 و 1. و δΦij هي قيمة الفيرمونات التي تم إضافتها خلال لحظة t في الطريق i إلي j. بالطبع عند عدم تواجد أي نملة عابرة لهذا الطريقة تكون هذه القيمة منعدمة.

دراسة تقارب خوارزمية مستعمرة النمل

يمكن إثبات قدرة عدد من متحورات خوارزمية مستعمرة النمل Ant Colony Algorithm، على التقارب نحو الحل الأمثل للمشكل المعالج خلال مدة زمنية محدودة. لكن مثل أغلب خوارزميات الأدلة العليا Metaheuristic Algorithms، من الصعب تقدير سرعة التقارب نظريًا. وهو ما يضطرنا لدراستها تجريبيًا بتغيير معلمات ضبطها. فبهكذا دراسة تم التوصل لكون أن سرعة تنفيذ الخوارزمية جد حساسة لمعلمات الضبط هذه وخصوصًا معدل تبخر الفيرومونات.

متحورات وامتدادات

تعتبر خوارزمية مستعمرة النمل Ant Colony Algorithm من مواضيع البحث المثيرة. فنظرا لإمكانياتها الهائلة نجد أن المجتمع العلمي المتخصص قد قدم عدد ضخما من المتحورات و الامتدادات انطلاقا من الخوارزمية الأصل المطورة من طرف دوريغو، ونجد من بين أشهرها:

  • الخوارزمية الأصل، خوارزمية مستعمرة النمل أو كما تمت تسميتها نضام النمل Ant System، واختصارًا AS.
  • المتحور Max-min Ant System، أو اختصارا MMAS. وتختلف هذه الأخيرة عن المتحورات الأخرى، بحصر نسب الفيرمونات في كل المسارات بين مقدارين معينين، وكون الدورة الحالية الأمثل هي فقط قادرة على ترك نسب أعلى من الفيرمونات في مسارها.
  • خوارزمية نظام تصنيف النمل Rank-based Ant System.
  • مستعمرة النمل العمودية المستمرة Continuous orthogonal Ant System.
  • خوارزميات النمل الافتراضية Virtual Ant Algorithms، لحل مشاكل التحسين التقليدية متعددة الأبعاد.
  • نظام النمل النخبوي Elitist Ant System، يهدف هذا المتحور لجعل عملية الاستكشاف تتمحور حول الحل الأمثل الحالي. وذلك بجعل كل المسارات مرتبطة بالمسار الحالي الأفضل.
  • خوارزمية نظام مستعمرة النمل Ant Colony System، أو ACS. بحيث تختلف عن الأصل في 3 نقط أساسية وهي: اختيار المسار منحاز لقدرتنا على استغلاله على مدار التكرارت التالية. تغير النملات معدل الفيرمونات في المسار المختار بكم مختلف من مسار لأخر. عند نهاية كل دورة، النملة الأفضل وحدها مخولة لتغيير نسب الفيرمونات في المسارات المتعددة، والتي ستتخدها المستعمرة في الدورة التالية.

تطبيقات خوارزمية مستعمرة النمل ومتحوراتها

تتكون الأنظمة المعقدة من عقد متفردة، لذلك يمكن تمديد هذه الخوارزمية لحل مشاكل توجيه جد معقدة Complex routing problems بطريق فعالة. ففي الواقع نجد أن خوارزمية مستعمرة النمل ومتحوراتها قد تم تطبيقها لحل المشكلات الضخمة الآتية:

  • مشكل توجيه الإنترنت Internet routing problem.
  • مشكل البائع المتجول Traveling Salesman Problem.

و أيضا عدد من المشاكل المتنوعة في مختلف المجالات نذكر منها:

  • مشاكل الجدولة Scheduling Problems.
  • مشاكل توجيه السيارات Vehicle Routing Problems.
  • مشاكل التوزيع Assignment Problems.
  • مشاكل المجموعات الرياضية Set Problems.
  • تحجيم الأجهزة في تصميم إلكترونيات النانو Device sizing problem in nanoelectronics physical design.
  • تصميم الأنتينات.
  • معالجة الصور.
  • التصميم الصناعي.
  • القطاع البنكي والمصرفي.
  • التنقيب عن البيانات.

و الكثير غيرها.

مصادر

  1. GeeksforGeeks
  2. Wikipedia
  3. Nature-Inspired Optimization Algorithms

تعرف على خوارزمية النزول التدرجي الأشهر في الخوارزميات التحسينية

هذه المقالة هي الجزء 5 من 12 في سلسلة أشهر الخوارزميات التحسينية المستوحاة من الطبيعية

في الرياضيات، النزول التدرجي gradient descent أو ما يسمى أيضا النزول الأشد انحدار، يعتبر من خوارزميات تحسين الدرجة الأولى أي الخوارزميات التحسينية التي تستعمل المشتقة الأولى للدالة الهدف. وبالطبع استخدامها لهذه المشتقة يعني أن الدالة متصلة و مستمرة على مجموع نقاط الفضاء البحثي، أي الجزء الذي يعنينا من مجال تعريفها. وتهدف خوارزمية النزول التدرجي إلى إيجاد القيمة الأدنى لدالة قابلة للاشتقاق.

تتمحور آلية عمل هذه الخوارزمية حول فكرة أخذ عدد من الخطوات في المنحى المعاكس للتدرج negative gradient، أو التدرج التقريبي، في النقطة الحالية. وذلك لكون هذا المنحى هو منحى النزول الأشد إنحداراً steepest descent. وعلى النقيض، التقدم باتجاه منحى التدرج سيقودنا بالطبع للقيمة القصوى أو قيمة قصوى محلية للدالة.

أصول خوارزمية النزول التدرجي

عموما، تم الاجماع على نسب هذه الخوارزمية إلي عالم الرياضيات أوغستين لوي كوشي A.L. Cauchy. والذي كان أول من اقترحها في سنة 1847. تم اقتراح طريقة مشابهة، بشكل مستقل، من طرف جاك هادامار أيضًا سنة 1907. كما تم دراسة خاصيات هذه الخوارزميات للتقارب حول الحل الأمثل في المشاكل التحسينية غير الخطية، أول مرة، من طرف هاسكل كاري Haskell Curry سنة 1944. وتم دراسة خوارزمية النزول التدرجي واستخدامه، وقدمت أعداد كبيرة من الإسهامات، من متحورات وطرق استخدام أفضل، بشكل كبير في السنوات التي تلت.

مثال لفهم آلية عمل خوارزميات النزول التدرجي

لتلخيص جوهر مقاربة عمل هذه الخوارزميات نفترض السيناريو التالي. إثر استكشافك لأحد الجبال رفقة فريقك، تعرضت لحادث بسيط تسبب فانفصالك عنهم. هذا الجبل والجبال المجاورة تصبح خطرة عند غروب الشمس لذا يتوجب عليك نزول الجبل لوحدك. ولنزيد الطين بلة، هبط ضباب كثيف يحد بشكل كبير مدى الابصار، وبالتالي أصبح درب نزولك الجبل غير واضح على الإطلاق. إذاً، للنزول يمكنك الاعتماد فقط على الانحدار. بفعل هذا، أنت تعتمد طريقة النزول التدرجي، بحيث تنظر لما تستطيع إبصاره من محيطك وما تشعر به لتحديد مدى الانحدار، واتخاد الطريق الاكثر إنحدارًا كاتجاه واضح لحركتك كي تصل بشكل أسرع.

باستعمال هكذا مقاربة ستجد نفسك، في النهاية، قد وصلت أسفل الجبل، أو بلغت حفرة تمتلأ بالماء ليلاً مما قد يتسبب في موتك.

نفترض أن انحدار الجبل غير واضح باستعمال حواسك، ولكن وجدت في حقيبتك جهاز قادر على قياس الانحدار. ويأخد هذا الجهاز وقتًا معتبرًا لتحديد هذا الانحدار، لهذا يمكنك استخدامه لعدد محدود من المرات لضيق الوقت قبل الغروب. إذاً، تكمن صعوبة الموقف في تحديد الوقت المناسب لاستخدام الجهاز عند كل مرة، فعدم استخدامه لمدة طويلة قد يتسبب في انحرافك عن المسار، واستخدامه كثيرًا سيستنزف كل وقتك ويجعل حياتك على المحك.

في هذه المماثلة، يعبّر الشخص الخاضع لهذه الصعوبات عن الخوارزمية، كما يمثل المسار الذي يسلكه نقاط الفضاء التي ستمر الخوارزمية منها عند تعدد التكرارات. ويمثل الانحدار ممال الدالة عند نقطة القياس. كما يمثل الجهاز الذي يحدد الانحدار، عملية الاشتقاق. ويعتبر أسفل الجبل، القيمة الدنيا للدالة أي الحل الأمثل، بينما الحفر والبحيرات الجبلية تعبر عن الحلول المحلية للدالة أي النقاط الدنيا المحلية. إضافة لذلك، نجد أن منحى الحركة هو سالب الانحدار negative gradient، أي (x)F∇-. كما أن المدة الزمنية بين كل قياس باستعمال الجهاز، هي الخطوة γn.

شرح رياضي لآلية عمل خوارزمية النزول التدرجي

لارتكاز هذه الخوارزمية بشكل أساسي على دراسة الدالة الهدف (x)F متعددة المتغيرات، المعرفة والقابلة للاشتقاق، يكون تناقصها عند أقصى قيمة عند الذهاب من النقطة الحالية باتجاه المنحى المعاكس للتدرج (x)F∇-.

متتالية تغير قيمة x.

مع العلم أن x متغير متعدد الأبعاد أي نقطة في فضاء متعدد الأبعاد. بحيث تمثل n دورة التكرار الحالية. نبدأ ب n=0 أو الدورة صفر أي القيمة البدئية قبل بداية التكرارات. تمثل γn حجم الخطوة الذي يمكن أن يتغير من دورة لأخرى.

أهمية حجم الخطوة γ ومنحى النزول

بما أن اختيار خطوة صغيرة سيبطئ سرعة التقارب، واختيار أخرى كبيرة سيقود للانحراف عن الحل. فإن إيجاد إعدادات ضبط مناسبة للخطوة γ أمر محوري في وصولنا لما نبتغيه، ما يعني إيجاد الحل الأمثل بأقصى سرعة ممكنة وبالتالي أقل استهلاك للقوة الحوسبية computational power. كما من المهم أيضا عدم اتباع المنحى الأكثر انحدارًا دائمًا، بحيث يمكن أن يكون الانحدار الأصغر أكثر ديمومة ويستمر لمسافة أكبر ويقودنا ربما لحل أفضل.

للحرص على تحقيق كل هذا، يوجد عدد من الطرق الرياضية منها:

  • البحث الخطي الذي يستوفي شروط وولف Wolfe conditions.
  • البحث الخطي التراجعي backtracking line search.
  • طريقة Barzilai–Borwein، الموضحة في الأسفل.
تعبر القيم Xn و 1-Xn عن النقطة الحالية و النقطة السابقة، تعبر T عن منقولة هذه المصفوفة، لكون الفرق عبارة عن قيمة متعددة الأبعاد، مصفوفة الفرق بين قيمتي النقطة الحالية وسابقتها. في المقام نجد مربع معيار الفرق بين التدرج الحالي وسابقه. الخطوة دائما موجبة لذا تم إضافة القيمة المطلقة للبسط.

يكون التقارب لحل محلي أمرًا مضموناً دائمًا. وإن كانت الدالة الهدف محدبة convex، يكون التقارب للحل الأمثل مسلمًا به نظرًا لتطابق الحلين المحلي والأمثل.

متحورات خوارزمية النزول التدرجي

تعتبر خوارزمية النزول التدرجي و متحوراتها عن أكثر الخوارزميات التحسينية استخدامًا في مجال الذكاء الاصطناعي. وتحديدًا في تقليص دالة التكلفة في عدد من خوارزميات تعلم الألة. بحيث يتم استخدامها بشكل أساسي في ضبط متغيرات نماذج تعلم الألة.

نزول الدفعة التدرجي Batch Gradient Descent

هذه الخوارزمية تعالج كل أمثلة التعلم عند كل دورة تكرار. لذا لا ينصح استخدامها عند ضخامة عدد الأمثلة، وذلك لأن استعمالها يصبح مكلف حوسبيًا computationally expensive. ومن إيجابيات هذه الخوارزمية أنها دائمًا ما تتقارب نحو حل جيد، وكلما ازداد عدد الأمثلة قلت نسب الخطأ. لكن كسلبيات، نجد تباطؤها عند معالجتها لعدد كبير من الأمثلة، وهذه الأمثلة التي من الممكن أن تكون متكررة أو متشابهة، مما يعني عدم جدوى معالجتها عند كل دورة.

نزول الدفعة المصغرة التدرجي Mini-batch Gradient Descent

بدلًا من معالجة كل الأمثلة عند كل دورة نقسم الأمثلة لمجموعات صغيرة ونقوم بمعالجتها كل على حدى. دائمًا ما نأخد حجم العينات من أُس 2 أي 2 4 8 16 32 64 128 256 …… يرجع هذا لكون عدد من الهاردوير، مثل وحدة معالجة الرسوميات GPU، تحقق سرعة تنفيذ جيدة عند تقسيم هذه العينات بهذه الطريقة.

من إيجابياتها أنها أسرع من سابقتها، أي أسرع تنفيذا من خوارزمية نزول الدفعة التدرجي. كما يساهم تفريق الأمثلة لمجموعات مختلفة بطريقة عشوائية كثيرًا في تقليل احتمال وجود أمثلة متشابهة في نفس المجموعة، والتي لا تساعد في عملية التعلم. و أيضًا تمكننا من إضافة ضوضاء لفضاء البحث وهو الشيء الذي يفيدنا في تجنب مشاكل تعميم الحلول ونسب الأخطاء في هذا السياق.

ومن سلبيات هذه الخوارزمية، إمكانية عدم تقاربها نحو أي حل جيد بحيث تستمر في الطواف حول منطقة محددة عند كل دورة تكرار. إضافة لهذا العيب نجد أن الضوضاء الناتجة تزيد من تذبذبات منحنى التعلم ما يتطلب إضافة اضمحلال لمعدل التعلم عند اقترابنا للنقطة الدنيا.

التكلفة cost، و iterations هو عدد التكرارت، بينما المنحنى الأحمر يمثل تقليصنا للدالة الهدف على مر التكرارات.

خوارزمية النزول التدرجي التصادفية Stochastic Gradient Descent

تعالج هذه الخوارزمية مثال واحد عند كل دورة تكرار، وهي مثل سابقتيها تقوم بخلط الأمثلة لإقصاء أي ترتيب موجود. وتتقاسم هذه الخوارزمية عيوب خوارزمية نزول الدفعة المصغرة التدرجي، لكنها تضيف ضوضاء أكبر لعملية التعلم ما يزيد من زمن التنفيذ. ويعيبها أيضًا عدم قدرتنا على استعمال تقنيات الجبر الخطي على مثال واحد، مما يبطئ من عملية المعالجة.

مسارات خوارزميات، نزول الدفعة المصغرة التدرجي Mini-batch Gradient Descent، نزول الدفعة التدرجي Batch Gradient Descent، خوارزمية النزول التدرجي التصادفية Stochastic Gradient Descent. نحو القيمة الدنيا.

مصادر

  1. Medium
  2. GeeksforGeeks
  3. Wikipedia
  4. TowardsDataScience

ما هي الخوارزميات الجينية؟

هذه المقالة هي الجزء 4 من 12 في سلسلة أشهر الخوارزميات التحسينية المستوحاة من الطبيعية

تعتبر الخوارزميات الجينية من أكثر الخوارزميات التطورية شعبية نظرًا لتنوع تطبيقاتها. بحيث نجد أن الغالبية العظمى من المشاكل التحسينية المعروفة استخدمت هذه الخوارزميات لحلها. إضافة لذلك، نجد أن الخوارزميات الجينية ترتكز على مفهوم الساكنة، وبالتالي عدد كبير من الخوارزميات التطورية مبنية بشكل جزئي أو كلي على الخوارزميات الجينية.

أصل الخوارزميات الجينية

الخوارزميات الجينية، التي تم تطويرها على يد العالم جون هولند وزملائه في فترة الستينيات والسبعينيات، هي نموذج أو تجريد للتطور الطبيعي المبني على نظرية الانتقاء الطبيعي لتشارلز داروين. على الأرجح كان هولند أول من استخدم عمليات التقاطع، والدمج، والتحور، والانتقاء في دراسة الأنظمة التكيفية والاصطناعية. هذه العمليات تعتبر العمود الفقري للخوارزميات الجينية، بكونها استراتيجية لحل المشاكل.

تطبيقات الخوارزمية الجينية

تم تطوير وتطبيق عدد كبير من تحورات الخوارزميات الجينية، على نطاق واسع، لحل مختلف المشاكل التحسينية. من مسألة تلوين المخطط graph coloring إلي التعرف على الأنماط pattern recognition. ومن الأنظمة غير المتصلة discrete systems مثل مشكلة البائع المتجول traveling salesman problem إلي المستمرة continuous systems مثل التصميم الفعال للأجنحة الحاملة في الهندسة الجوية airfoil efficient design. ومن الأسواق المالية إلي الأمثلة متعددة الأهداف multi-objective engineering.

مميزات الخوارزميات الجينية

للخوارزميات الجينية أفضلية كبيرة في التعامل مع مجموعة المشاكل. بحيث تتميز بقدرتها على معالجة المشاكل ذات الملائمة المتغيرة زمنيًا. كما تتميز بمعالجة المشاكل المستمرة وغير المستمرة، والخطية وغير الخطية، حتى المشاكل التي تتعرض للتشويش خلال فترة التنفيد. أي عند تغير فضاء الحلول بفعل طفيلي خارجي.

عيوب الخوارزمية الجينية

للخوارزميات الجينية أيضًا بعض العيوب، فصياغة دالة حساب معامل الملائمة fitness function، واستخدام حجم الساكنة، واختيار المعاملات الهامة مثل معدل التطفر والتقاطع، ومعايير انتقاء الساكنة الجديدة يجب أن يتم بعناية وحذر فائقين. فأي اختيار غير مناسب يمكن أن يجعل التقارب صعبًا أو مستحيلًا، أو سيؤدي ببساطة إلى نتائج لا معنى لها.

لكن على الرغم من وجود هذه العيوب، تبقى الخوارزميات الجينية من أكثر الخوارزميات التطورية استعمالاً، إن لم تكن أكثرها.

آلية عمل الخوارزميات الجينية

تحاكي الخوارزميات الجينية عملية الانتقاء الطبيعي. مما يعني أن الأنواع التي يمكنها التكيف مع التغيرات في بيئتها قادرة على البقاء والتكاثر ونقل جيناتها إلى الجيل التالي. باختصار، تعتمد الخوارزمية الجينية على مفهوم “البقاء للأصلح”. حيث يتكون كل جيل من مجموعة من الأفراد، ويمثل كل فرد نقطة في فضاء الحلول الممكنة. يتم تمثيل كل فرد كسلسلة من الأحرف أو الأعداد الحقيقية أو الأعداد الصحيحة الطبيعية أو بتات bits. هذه السلسلة مماثلة لمفهوم الكروموسوم.

  1. يتنافس أفراد الساكنة على حقوق التزاوج أي حق الخضوع لعمليات التقاطع crossover والتطفر mutation.
  2. الأفراد الأكثر ملائمة أي الأصلح fittest ينتجون الحصة الأكبر من الجيل التالي.
  3. تنتقل جينات الأباء عبر الأجيال، ويبقى الأفضل، مما يصقل أفراد الساكنة جيلًا بعد جيل.
  4. لا يعني الانتقال من جيل إلي جيل اندثار الآباء. فرغم أن متوسط الملائمة لكل جيل يكون أكبر من الذي سبقه، لكن يمكن أن يكون معامل ملائمة فرد أفضل من الأبناء.

معامل الملائمة

يمنح معامل الكفائة لكل فرد من أفراد ساكنة الجيل الحالي بحيث يمثل هذا المعامل قدرة كل فرد على التنافس من أجل البقاء و الاستمرار إلي الجيل التالي.يمكن اعتبار الأفراد ذوي الملائمة العالية أو المثلى في الخوارزميات الجينية خالدين، بحيث يستمرون من جيل إلي جيل رفقة خلفهم. لكون سعة الجيل ثابتة، فعند إنشاء ساكنة جديدة يتم ترتيب أفراد الساكنة الكلية حسب معامل كفاءتهم وقص الساكنة الأقل ملائمة للإبقاء على الحجم الكلي ثابتًا.

كل جيل جديد لديه في المتوسط ​​”جينات أفضل” أكثر من الأجيال السابقة، نظرًا لكون متوسط ​​اللياقة أعلى. وبالتالي فإن كل جيل جديد لديه “حلول جزئية” أفضل من الأجيال السابقة. وعند توقف معامل الملائمة عن الارتفاع لعدد من الأجيال المتتالية، يحدث إقرار التقارب. أي أن الساكنة الناتجة هي الأمثل والفرد الأكثر ملائمة هو الحل.

العمليات الأساسية في الخوارزميات الجينية

  • عملية الانتقاء selection

أساس هذا المفهوم هو اختيار الأفراد ذوي الملائمة الأعلى وتخويلهم الحصول على فرص أعلى لتمرير جيناتهم للجيل التالي. أي الخضوع لعدد أكبر من عمليات الدمج والتطفر.

  • عملية الدمج أو التقاطع crossover

تكافئ هذه العملية مفهوم التزاوج بين أفراد الساكنة. تتمثل في اختيار فردين من الساكنة الحالية وتحديد عدد من الجينات عشوائيًا وتمريرها للخلف (الأبناء). بالطبع عدد جينات الأباء هو نفسه عدد جينات الأبناء ولكون الاختيار عشوائي لا يكون عدد الجينات من الأم أو الأب نفسه عدد الجينات من الأب أو الأم. أي التوزيع ليس 50 | 50.

parent 1: الأم. parent 2: الأب. offspring: الذرية.
  • التطفر mutation

يمكن تبني هذا المفهوم بطريقتين مختلفتين الأولى عند الدمج نقوم بتغيير أحد جينات الخلف بطريقة عشوائية. والثانية بدلًا من تغيير الخلف مباشرة، نقوم بنسخه وتغيير جين من جينات النسخة، ما ينتج فردين مختلفين في جين واحد.

before mutation: قبل الطفرة. after mutation: بعد الطفرة.

لم نستخدم الخوارزميات الجينية؟

  1. هذه الخوارزميات قوية.
  2. قادرة على توفير حلول في فضاءات إحتمال عملاقة.
  3. على خلاف خوارزميات الذكاء الاصطناعي الأخرى، لا ينتهي التنفيد بفعل التشويش أو تغير المدخلات.

استخدامات الخوارزمية الجينية

  • الذكاء الاصطناعي.
  • كسر التشفير والاختراق.
  • الشبكات العصبية الاصطناعية.
  • فلترة الإشارات وتحليلها.
  • مختلف المجالات العملية الأخرى.

مصادر

  1. geeksforgeeks
  2. ScienceDirect

التشخيص المبكر لمرض التوحد بالذكاء الاصطناعي

التشخيص المبكر لمرض التوحد بالذكاء الاصطناعي

يعاني ١ من كل ٤٤ طفل من اضطرابات التوحد، وتظهر النسبة مختلفة بين الذكور والإناث؛ حيث أن نسبة إصابة الذكور ٤ أضعاف الإناث.
التوحد ليس نوعًا واحدًا، ولكنه عديد من الأنواع. ويشير التوحد أو اضطراب طيف التوحد إلى مدى واسع من التحديات التي يواجهها الشخص المُصاب به على سبيل المثال، المهارات الاجتماعية والسلوكيات المتكررة والكلام والتواصل.
وينتج التوحد في الغالب عن مزيج من العوامل الجينية والبيئية، ولأن كل نوع مختلف فكل شخص يعاني من التوحد لديه نقاط قوته ونقاط ضعفه الخاصة به. [1]
الطريقة التي يتعلم ويفكر بها ويحل المشاكل لها مدى واسع من مهارة عالية إلى تحدي قوي. حيث أن البعض يحتاج إلى دعم في ممارسة الأنشطة اليومية، والبعض يحتاج إلى دعم أقل، والبعض الآخر يعيش بمفرده ولا يحتاج إلى أي دعم.

أهم مشاكل التشخيص المتأخر للتوحد

تظهر علامات التوحد بعد سنتين إلى ٣ سنوات على الأطفال، وقليلًا ما قد تظهر في عمر سنة ونصف وهذه نسبة لا تكاد تُذكر، وبعض الأشخاص لا يتم تشخيصهم إلا بعد عمر ١٢ سنة. بالإضافة إلى أنه لا يوجد تحليل خاص بالتوحد عن طريق علامة معينة أو إنزيمات تظهر عند المريض، ولكن يشخص الأطباء المرض فقط بملاحظة سلوكيات وتطور نمو الطفل. [2]

ينتج عن ذلك مشاكل متعددة لمصابي التوحد، حيث أثبتت النتائج والأبحاث أن التدخل مبكرًا يؤدي إلى نتائح إيجابية مؤخرًا في حياة هؤلاء الأشخاص.

مساهمة الذكاء الاصطناعي في تشخيص التوحد

أنشأ علماء من جامعة استانفورد خوارزمية تستخدم الصور الناتجة عن التصوير الإشعاعي لإيجاد أشكال منتظمة لنشاط الدماغ تبين وجود التوحد أو عدم وجوده. وتتنبأ أيضًا الخوارزمية بحدة أعراض المرض. وبالتالي سيؤدي ذلك إلى تشخيص مبكر، وأدوية متخصصة، وفهم أشمل وأوسع لأصل التوحد في الدماغ.

تعمل الخوارزمية على البيانات التي تم تجميعها من خلال الأشعة، ومن ثم تقوم هذه الصور بعمل أشكال لنشاط الدماغ، وبرسم هذه الأنشطة بمرور الوقت وبالاستعانة بمناطق عديدة في الدماغ تولد الخوارزمية بصمة لنشاط الدماغ في الشخص المُصاب بالتوحد، وتكون بصمة فريدة من نوعها لكل شخص مصاب مثل البصمة العادية. ومع ذلك تشترك بصمات الدماغ في مميزات متشابهة مما يسمح بفرزها وتصنيفها.

وفي دراسة جديدة عملت الخوارزمية على صور أشعة ١١٠٠ مريض، وبدقة ٨٢٪ حددت الخوارزمية الأشخاص المصابين بالتوحد. [3]

البيانات الضخمة


دخل علم البيانات الضخمة في التوحد، حيث تم تجميع صور للأشعة من كل أنحاء العالم لعمل قاعدة بيانات ضخمة. والمرحلة الثانية هي التعامل بكفاءة مع تعقيدات واختلافات البيانات حيث بدأ العالم سوبيكار ورفاقه بخوارزمية للتعرف على الصور. ثم تم تطويرها بواسطة شركات تكنولوجية.
تنمو الخوارزمية باستمرار في التعامل مع الاختلاف في الصور، على سبيل المثال صور للقطط والكلاب بالخوارزمية. حيث تُلتقط العديد من الصور من زوايا مختلفة وألوان مختلفة لرفع كفاءة التعرف عليها.

ركز العلماء على أكثر ٣ مناطق في الدماغ تتغير وتتفاعل مع بعضها البعض وهي المناطق الأكثر تأثرًا في مرضى التوحد.
وهذه المناطق الثلاثة هي:

  • الجزء الأمامي من القشرة الحزامية: وتكون نشطة في الوضع العادي للإنسان وأي مشكلة بها تكون دليل تنبؤ قوي على التوحد.
  • بشرة الفص الجبهي الظهرية والجانبية
  • التلم الصدغي العلوي وهو الجزء الذي يتعامل مع أصوات البشر.

سيتم تطوير هذه الخوارزمية بشكل أكبر لتعمل على التفرقة بين الأدمغة شديدة التشابه. وتعمل أيضًا على اكتشاف الاضطراب في عمر سنة أو قد تصل كفاءتها إلى الاكتشاف في عمر ٦ شهور، لأن الاكتشاف المبكر خطوة قوية لتحقيق نتائج أفضل.

مصادر

[1] autism speaks
[2] cdc.gov
[3] stanford university HAI

ما هو التعلم العميق؟

ما هو التعلم العميق؟

لعلك سمعت من قبل عن مفهوم التعلم العميق مع عدة مفاهيم أخرى مثل تعلم الآلة والشبكات العصبية الاصطناعية وكثيرًا ما ترتبط هذه المفاهيم ببعضها البعض ويتم ذكرها سويًا عند الحديث عن مجال الذكاء الاصطناعي بشكل عام وتطبيقاته الكثيره، ولكن ماذا تعني هذه المفاهيم بالتحديد؟ وما الفرق بينهما؟

في البداية يشير مفهوم تعلم الآلة إلى التخصص المهتم بدراسة الخوارزميات القائمة على جعل الآلة تتعلم وتتطور بمفردها دون الحاجة إلى أوامر برمجية محددة. حيث يتم إدخال «مجموعة بيانات-data set» إلى تلك الخوارزميات فتحللها وتتعلم منها ومن ثم تقوم ببناء توقعات استنادًا على ما تعلمته. يمثل تخصص تعلم الآلة التقاطع بين علم الحاسب والاحصاء. [1]

مثال بسيط على تطبيق خوارزميات تعلم الآلة هو “المقترحات”. عند استماعك إلى الموسيقى على إحدى منصات الاستماع الشهيرة، ففي زيارتك التالية تجد المزيد من الموسيقى المشابهة والترشيحات ذات الصلة بتاريخ استماعك، حيث قامت خوارزميات تعلم الآلة بتحليل بيانات تاريخ استماعك وتفضيلاتك وقامت بإيجاد الأنماط خلالها ثم ببناء توقعات للعديد من الموسيقى الأخرى التي تناسب ذوقك.

يمكنك معرفة المزيد عن تعلم الآلة في مقدمة عن تعلم الآلة.

أما عن مفهوم التعلم العميق فهو تخصص من تعلم الآلة الذي هو بدوره تخصص من الذكاء الاصطناعي.

«التعلم العميق -deep learning»

هو التخصص المهتم بدراسة «الشبكات العصبية الاصطناعية-artificial neural networks» التي تقوم بمحاكاة الشبكات العصبية في مخ الانسان.

«الشبكة العصبية الاصطناعية-artificial neural network»

تعرف «الشبكة العصبية الاصطناعية-artificial neural network» على أنها قطعة من نظام الحوسبة المصممة لمحاكاة عملية التحليل والمعالجة في مخ الانسان. وحدة المعالجة الأساسية في مخ الانسان هي الخلية العصبية، وتقابلها الخلية العصبية الاصطناعية في الآلة. تَجَمُّع الخلايا العصبية الاصطناعية يعرف بالشبكة العصبية الاصطناعية. [2]

شكل المحاكاة بين الخلية العصبية البيولوجية والاصطناعية

ظهر تخصص التعلم العميق كامتداد وتطور لتعلم الآلة حين عجزت خوارزميات تعلم الآلة التقليدية عن أداء بعض المهام المعقدة. على سبيل المثال، تتطلب خوارزميات تعلم الآلة التقليدية مجموعة بيانات مبسطة ومرتبة للتعلم منها. ولكنها غير قابلة على التعلم من مجموعة البيانات الكبيرة والمعقدة مثل الموجات الصوتية المختلفة وأبعاد الصور وعدد ال pixels بداخلها، لذا تستخدم خوارزميات التعلم العميق للتعامل مع بيانات معقدة كهذه كما في تطبيقات «التعرف على الصوت- voice recognition» التي تستخدمها سيري مساعدة جوجل في التعرف على أصوات محدثيها وتطبيقات «التعرف على الصور- image recognition» المستخدمة من قبل فيسبوك للتعرف على وجوه الأشخاص داخل الصور.

تكوين خوارزمية التعلم العميق

تتكون الخوارزمية من هيكل متعدد الطبقات من الشبكات العصبية الاصطناعية. حيث تكون الطبقة على الطرف الأيسر هي طبقة الإدخال، و الطبقة على الطرف الأيمن هي طبقة الإخراج، وفي الوسط العديد من الطبقات المخفية المسؤولة عن المعالجة. بنية خوارزميات التعلم العميق الطبقية تمكنها من معالجة أفضل للبيانات وأداء أفضل.

نموذج للشبكة العصبية المكونة للتعلم العميق

وبناءً على ذلك، تتطلب خوارزمية التعلم العميق مستوى أقل من التدخل البشري في تحسين نتائج الخوارزمية. حيث تقوم الخوارزمية بالتعلم والتحسين من أخطائها بمفردها. على عكس خوارزمية تعلم الآلة التقليدية التي تتطلب الكثير من التدخل البشري للتعديل والتحسين. [3]

ولكن مع ذلك، ما زالت خوارزميات التعلم العميق قيد التطور. بالرغم من تقدمها والتحسين الملحوظ فيما تقدمه من نتائج وأداء إلى أنها تتطلب الكثير من الوقت وقدره حوسبة عالية لتتعلم من مجموعة البيانات الضخمة وتكوين نموذج قابل للتطبيق.

على الرغم من تقدم خوارزميات وتقنيات عالم الذكاء الاصطناعي والنتائج المبشرة التي تحملها تطبيقاتها إلى أنها لا تزال في مراحلها الأولى وأمامها الكثير من التقدم والفرص.

مصادر:

1 levity
2 Wikipedia
3 simplilearn

الذكاء الاصطناعي في كرة القدم

تخيل أن فريقك المفضل في كرة القدم مهزوم في مباراة هامة، والمتبقي من الوقت ١٥ دقيقة فقط على نهاية المباراة. يحاول المدرب معرفة رأي الذكاء الاصطناعي المُتمثل في جهاز كمبيوتر بجانبه أو روبوت. فتجده يطرح له بعض التوقعات والأفكار لتغيير الخطة. على سبيل المثال، في حالة استبدال لاعب مهاجم بلاعب خط وسط قد يحرز الفريق هدف بنسبة ٧٠٪، وفي حالة تغيير الخطة من اللعب بـ ٣ مدافعين إلى اللعب ب ٤ مدافعين من الممكن إحراز هدف بنسبة ٩٠٪. هذا جزء مما قد يحدث في عالم كرة القدم باستخدام الذكاء الاصطناعي.

بداية استخدام الأرقام في كرة القدم

في مارس سنة ١٩٥٠م، عاد محلل الأداء الإنجليزي «Charles Reep» من الحرب العالمية الثانية. بدأ تشارليز استخدام الأرقام في عالم كرة القدم. كان تشارليز مشجعًا متعصبًا لفريق أرسنال، وعندما عاد من الحرب وبعد مشاهدته ٣ مباريات وفي مباراة بين فريقي «Swindown town و Bristol city» وجد أن الخطط القديمة التي كان يراها في الملعب قد اختفت!

لاحظ تشارليز عدد هجمات لا حصر له بدون فعالية على المرمى. حينها بدأ تسجيل أحداث المباراة بقلم وورقة كأول محاولة لاستخدام البيانات في كرة القدم.

تاريخ خطة الكرة الطويلة

لاحظ تشارليز أن أغلب الأهداف التي تُحرز تأتي بعد ٤ تمريرات أو أقل؛ ساعدت هذه التحليلات في ظهور خطة الكرة الطويلة التي اُعتبرت علامة مميزة في كرة القدم الإنجليزية لعقود.

الوضع الحالي لاستخدام البيانات في كرة القدم

بعد ٧ عقود، أصبح علم البيانات أساسيًا في عالم كرة القدم، وأصبح الجمهور نفسه قادرًا على توقع عدد الأهداف والنتائج. وظفت الفرق القوية ذات الدخل المادي العالي طلاب ماجستير الإحصاء من الجامعات للعمل معهم. لدى نادي ليفربول الإنجليزي – بطل الدوري عام 2020 – شراكة مع شركة «Deep mind – ديب مايند» لاستخدام الذكاء الاصطناعي في عالم كرة القدم.

وفر فريق ليفربول كل البيانات لكل المباريات التي لعبها في الدوري من ٢٠١٧ إلى ٢٠١٩م للشركة لتحليلها.[1]

كيف نحصل على هذه البيانات الضخمة في كرة القدم؟

تضخمت كمية البيانات المتاحة في السنوات الأخيرة في كرة القدم بفضل استخدام أجهزة الاستشعار، وأنظمة تتبع وتحديد المواقع، بالإضافة إلى استخدام خوارزميات الكمبيوتر الحديثة لتتبع حركة اللاعبين والكرة. 

تطبيقات الذكاء الاصطناعي في كرة القدم

١. توقع رد فعل لاعب معين لموقف ما: على سبيل المثال لعب أحد لاعبي فريق ليفربول الكرة الطويلة على الجانب الأيمن لفريق مانشستر سيتي، وهناك لاعبان قريبان من الكرة، فيتنبأ الذكاء الاصطناعي أنه من الممكن أن يجري اللاعب الأول بشكل معين، بينما اللاعب الآخر من الممكن أن يترك الكرة للاعب الفريق. بالإضافة إلى توقع تأثير خطة معينة أو إمكانية لعب الخصم بطريقة معينة في حالة إصابة أحد أهم لاعبي الفريق.

٢. درس علماء البيانات أيضًا أكثر من ١٢٠٠٠ ضربة جزاء في أوروبا في المواسم القليلة الماضية. وقسموا اللاعبين المسددين لضربات الجزاء طبقًا لشكل اللعبة واستخدموا المعلومات لتوقع اتجاه تسديد اللاعب. على سبيل المثال، المهاجمون أكثر احتمالية للتسديد أسفل اليسار أكثر من لاعبي خط الوسط الذين يميلون للتوازن والتنويع في الطريقة والاتجاهات. استخدام القوة في أغلب الضربات لم يكن مفاجأة بالطبع.

٣. اُستخدمت بعض النماذج لتقدير حدث معين مثل التمريرات أو الركل أو التزحلق على الكرة ومساهمتهم في عدد الأهداف المتوقعة. ومن الممكن استخدام تحليل البيانات بعد المباريات للتوضيح للاعبين لماذا كان عليهم في بعض المواقف التمرير وفي مواقف أخرى ضرب الكرة. في مواقف أخرى كان من الأفضل إرجاع الكرة للخلف أو تمريرها للأمام.

٤. تتبع إصابات اللاعبين: هناك نماذج أخرى تعمل على تتبع أداء اللاعبين في القوة واللياقة البدنية أفضل من المدربين البدنيين، ووضع توصيات لراحة بعض اللاعبين قبل التعرض لإصابة ما بسبب الإرهاق.

٥. التوصية بالراتب المناسب للاعبين: يعمل النظام على تحديد أجور اللاعبين بناءً على البيانات واستفادة النادي والجماهير منهم. يُقسّم اللاعبون إلى من يحصل على راتب أعلى من المعدل الذي يستحقه ومن يحصل على راتب أقل و يستحق راتب أعلى. على سبيل المثال، باستخدام هذا النظام قُدّر أن لاعب برشلونة الشهير ميسي يحصل على راتب أعلى من الطبيعي المُتوقع له.

٦. صناعة نجوم كرة قدم للمستقبل: الرؤية الكروية للأندية تبدأ بكشافين للاعبين صغار يتم ملاحظاتهم وتعليمهم وتقييم مهاراتهم ومحاولة تدريبهم على المهارات الأهم في كرة القدم لتطويرها. [3]

لا تسير كل القوانين كما هو متوقع لها

في بعض الأوقات خُولفت القوانين حيث تدرب الذكاء الاصطناعي على فيديوهات كروية معاكسة للقوانين أو بها إهمال للقوانين مثل جوزية مورينيو المدرب البرتغالي الذي يعتبر أن أفضل النتائج تأتي بترك الاحتفاظ بالكرة للخصم وتوقع الخطأ. لذلك يجب أن يكون هناك خبير دائم لتقييم نتائج واختيارات الذكاء الاصطناعي في كرة القدم.

تطبيقات لتعلم الآلة في كرة القدم

١. موقع «kickoff.ai»: يتوقع نتائج المباريات اعتمادًا على النتائج والبيانات السابقة المُخزَنة؛ حيث يعمل النظام على تجميع حجم كبير من البيانات في أوقات مختلفة لجميع الفرق الرياضية. [2]

٢. نظام أكثر تطورًا مُقدم من جامعة «Loughborough»:
– لتقييم أداء اللاعبين عن طريق استخدام كاميرات تقنيات حديثة وتعلم عميق ومعلومات قد تصل إلى ١٠٠٠ فيديو لكل لاعب وفرق متعددة وتحركات اللاعبين.
– زيادة التناسق والتعاون بين اللاعبين حيث يتم تحليل أداء كل لاعبين قريبين من بعضهما.
– كاميرات لتغطية مساحات أكبر في المرة الواحدة لتحليل الملعب كله بالنسبة إلى اللاعب. 

٣. شركة «Scisports»: توفر حلول تتبع أداء اللاعبين وتوصية الأندية بشراء لاعبين معينين لتحسين جودة الفريق، وباستطاعة الشركة متابعة أكثر من نصف مليون لاعب. [4]

لن يصبح الذكاء الاصطناعي بديلًا للمدربين ولكن سيساعدهم، وتأثيره لن يزيد في ٦ شهور مثلًا. ولكن سيصبح أساسيًا في مساعدة المدربين في تحليل قبل وبعد المباراة وبين أشواط اللقاء لإعطاء نصائح للشوط الثاني في المباراة في خلال ٥ – ١٠ سنوات.

المصادر

[1] WIRED
[2] KICKOFF
[3] THINKML
[4] ANALYTIC STEPS
[5] DATA SCIENCE LAB

مقدمة عن الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي هو مجال واسع المدى مختص بعلوم الكمبيوتر مع بناء آلات ذكية قادرة على أداء مهام تحتاج إلى ذكاء الإنسان.

مكونات الذكاء الاصطناعي

تعلم الآلة: وهو فرع من فروع الذكاء الاصطناعي يعمل على بناء تطبيقات تتعلم من البيانات. وتتطور مع الوقت بدون برمجتها على هذا العمل. 

التعلم العميق: وهو فرع آخر يقلد عمل مخ الانسان في التعامل مع البيانات، والوصول إلى حلول وأشكال جديدة من البيانات الأصلية لاتخاذ القرارات. 

يتداخل أيضًا علم البيانات والبيانات الضخمة في الذكاء الاصطناعي؛ حيث أننا نعيش في عصر البيانات. فكلما ازدادت البيانات تحسن أداء الآلة. والبيانات المستخدمة في الذكاء الاصطناعي قد تكون حروف أو أرقام أو صور تتعرف من خلالها الآلة على شكل معين على سبيل المثال، مثال القطة المشهور الذي اُعتبر أول مثال تتعرف الآلة عليها دون إخبارها عن طريق التعلم العميق، بالإضافة إلى الصوت والنصوص. وتتلخص مشاكل البيانات أنها قد تكون في حاجة إلى تصحيح الخطأ أو إيجاد البيانات المفقودة. 

أمثلة عن الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة

  • عندما يصل إليك بريد إلكتروني ويتم تحديد هل هذا البريد مرغوب أم غير مرغوب فيه. 
  • تحويل الصوت إلى كلام مكتوب. 
  • تحويل كلمات لغة إلى لغة أخرى. 
  • إمكانية تحديد موقع السيارات في السيارة ذاتية القيادة عن طريق تخزين الصور ومعلومات السرعة والطرق. 

تاريخ الذكاء الاصطناعي

  • ظهرت قصص الروبوتات الذكية والمخلوقات المُصنعة في الأساطير والحكايات الخاصة بالحضارة اليونانية القديمة. 
  • سنة ١٩٤٣م، نشر العالمان «Warren McCullough» و«Walter Pitts» أول ورقة بحثية وضعوا فيها أول نموذج رياضي لبناء الشبكات العصبونية. 
  • نشر العالم «كلود شانون-Claude Shannon» ورقة بحثية عن برمجة الكمبيوتر للعب الشطرنج سنة ١٩٥٠م. وفي نفس السنة نشر «إسحاق عظيموف-Isaac Asimov» ٣ قوانين عن الروبوتات.
  • يعتبر عام ١٩٥٦م ميلاد الذكاء الاصطناعي كما نعرفه اليوم، حيث اُستخدم إسم الذكاء الاصطناعي صريحًا في مشروع بحثي بواسطة «John McCarthy». وفي العام نفسه طور لغة الذكاء الاصطناعي عن طريق بحث أوضح فيه نظام ذكاء اصطناعي كامل ذو قدرة على التعلم بكفاءة من تجارب الإنسان. 
  • أسس العالم «Arthur Samuel» مصطلح تعلم الآلة في شركة IBM سنة ١٩٥٩م. 
  • أسست وزارة الصناعة والتجارة الدولية باليابان مشروع الجيل الخامس من الكمبيوتر، وهو كمبيوتر متطور فائق الأداء بالإضافة إلى منصة لتطوير الذكاء الاصطناعي سنة ١٩٨٢م.
  •  في سنة ١٩٨٥م، أصبحت الشركات تنفق أكثر من مليار دولار على هذه الأنظمة الجديدة، وتطورت لغة «Lisp» الجديدة بشكل ثوري لتعلم الآلة.
  • طورت الولايات المتحدة إدارة تنظيم وتخطيط لوجستية تدعى «DART» أثناء حرب الخليج سنة ١٩٩١م.
  • في ٢٠٠٥م، تطورت السيارات ذاتية القيادة على سبيل المثال، سيارة «STANELY» التي فازت في أهم سباقات السيارات في الولايات المتحدة، ويدعى «DARPA GRAND». 
  •  قدمت  شركة جوجل طفرة في مجال التعرف على الكلام، وقدمت الخاصية في تطبيق أبل سنة ٢٠٠٨م.
  • استخدم العالم «Andrew ng» التعلم العميق في التعرف على شكل القطة دون إخبار البرنامج بذلك عن طريق ١٠ مليون فيديو على اليوتيوب.
  • صنعت شركة جوجل أول سيارة ذاتية القيادة تجتاز امتحان القيادة في الولايات المتحدة سنة ٢٠١٤م.

أنواع الذكاء الاصطناعي

أولًا: الذكاء الاصطناعي المحدود أو الضعيف وهو عبارة عن تقليد لذكاء الإنسان، وعادة ما يقوم بمهمة فردية بطريقة جيدة. وبالرغم من ظهوره بشكل جيد إلا أن لديه تحديات كبيرة للوصول إلى ذكاء الإنسان. ولكنه أدى وظائف مهمة؛ حيث قالت إدارة الرئيس أوباما في تقرير عام ٢٠١٦م للتجهيز لمستقبل الذكاء الاصطناعي أن الذكاء الاصطناعي ساهم في تأثيرات اجتماعية ملحوظة. 

ومنها على سبيل المثال، بحث جوجل، وأنظمة التعرف على الصور، والمساعد الشخصي البسيط مثل «siri»، والسيارات ذاتية القيادة.

ثانيًا: الذكاء الاصطناعي العام أو القوي وهذا ما نراه في الافلام مثل استخدام الروبوت ونجده يشبه أكثر ما يمكن الإنسان.

ومنها على سبيل المثال:

  • المساعد الشخصي الأكثر تطورًا مثل «Alexa – أليكسا». 
  • خرائط الأمراض وأدوات التنبؤ بها. 
  • تصنيع الروبوت وبرمجته. 
  • توصيات علاجات شخصية خاصة بكل مريض على حسب حالته الصحية الخاصة. 
  • بوت محادثة خاص بالتسويق وخدمة العملاء. 
  • فلترة البريد الإلكتروني من يكون مرغوب ومن يكون غير مرغوب فيه. 
  • فحص مواقع التواصل الاجتماعي للمحتوى الخطير والأخبار المزيفة. 
  • الاقتراحات والتوصيات الخاصة بالأغاني ومشاهدة الأفلام مثل: سبوتيفاي ونيتفليكس. 

ما الذي لا يستطيع الذكاء الاصطناعي فعله؟

  • الرد على رسالة تحتاج إلى التعاطف في البريد الإلكتروني، عندما يخبرك أحد العملاء أن البضاعة المرسلة إليه قد تدمرت، ما يفعله الذكاء الاصطناعي هو الرد بعدد محدد من الجمل قد لا يتناسب مع الموقف فيجب أن يُحول العميل إلى مركز خدمة العملاء للتعامل مع المشكلة. 
  • لا يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يقف في محطة لإيقاف السيارات أو يشير بيده لإيقاف سيارة. ولا يستطيع أن يقود دراجة ويضع يديه جانبيه للحركة يمينًا أو يسارًا. 
  • يستطيع الذكاء الاصطناعي تشخيص الالتهاب الرئوي من ١٠٠٠ صورة سابقة للمرضى، ولكنه لا يستطيع تشخيص المرض من خلال ١٠ صور توضيحية في كتاب طبي.

أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي

  • «siri»: المساعد الشخصي الخاص بشركة أبل، بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي يحاول فهم أسئلة وطلبات الأشخاص. 
  • «Alexa»: وهو أساس المنازل الذكية، طورته شركة أمازون للمساعدة في مهام عديدة مثل جمع المعلومات من الويب والتسوق وتنظيم المواعيد وعمل منبة وغيرها الاستخدامات الأخرى. 
  • سيارات «Tesla – تسلا» ذاتية القيادة. 
  • «cogito» وتعد واحدة من أشهر الأدوات المُستَخدمة في التكيف السلوكي لخدمة العملاء. 
  • «Boxever» وهي شركة تعتمد على تعلم الآلة لتطوير خبرة التعامل مع العميل في صناعة السفر والرحلات، ومساعدة الشركة على إيجاد عملاء دائمين. 
  • تتوقع شركة أمازون ما يحتاجه العملاء قبل ما يطلبونه من خلال تتبع البحث على الويب.
  • اقتراح العديد من الأفلام التي تتناسب معك بناءً على المشاهدات السابقة كما في شركة نتفليكس. 
  • شركة «Nest» التي استحوذت عليها جوجل عام ٢٠١٤م  بقيمة ٣,٢ مليار دولار. تتعرف على احتياجاتك للحرارة أو البرودة بما يتناسب معك من خلال نظام أليكسا في منزلك.

مما لا شك فيه أن الذكاء الاصطناعي له في وقتنا هذا تأثيرات عظيمة على مجالات متعددة، ومن المتوقع أن يزداد تواجده في هذه المجالات ويدخل في مجالات جديدة. ولكن هذا المجال ليس بالسحر فله قدرات محددة معروفة للعلماء وفي نفس الوقت لا يستطيع التواجد في مجالات أخرى قد يكون بعيدًا عنها أو قد لم يُجرب فيما سبق.

المصادر:
forbes
britannica
investopedia
builtin

Exit mobile version