ما هي التغيرات المناخية؟

هذه المقالة هي الجزء 5 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

من حرائق الغابات الشديدة في كاليفورنيا، إلى فترات الجفاف الطويلة في أفريقيا، مرورًا بالأعاصير المتكررة في جنوب شرق آسيا، تهديدات عانت منها الكثير من دول العالم جراء الآثار السلبية للتغيرات المناخية، التي أصبحت تهدد التقدم الإنمائي، وتزيد من فرص عدم المساواة، وتفاقم أزمة المياه والغذاء، وتزيد من أعداد النزوح والحاجة إلى المساعدات الإنسانية، والمساهمة في الصراع.[1]

ماذا نعني بتغير المناخ؟

يشير مصطلح تغير المناخ إلى التحولات طويلة الأمد في درجات الحرارة وأنماط الطقس. قد تكون هذه التحولات طبيعية، كالتغيرات في الدورة الشمسية. أوتكون غير طبيعية كالأنشطة البشرية التي أحدثها الإنسان منذ بداية القرن التاسع عشر بما في ذلك حرق الوقود الأحفوري كالفحم والنفط والغاز،والتي كانت المحرك الأساسي لتغير المناخ.[2]

هل الإنسان هو المسؤول عن تغير المناخ؟

درس العلماء التغيرات المناخية السابقة لفهم العوامل التي يمكن أن تتسبب في ارتفاع درجة حرارة سطح الكوكب أو تبريده، كالتغيرات في الطاقة الشمسية، ودوران المحيطات، والنشاط البركاني، وكمية غازات الدفيئة في الغلاف الجوي. وقد لعب كل منهم دورًا في تغير المناخ. فمنذ حوالي 300 عام على سبيل المثال أدي انخفاض إنتاج الطاقة الشمسية وزيادة النشاط البركاني إلى تبريد أجزاء من الكوكب. وقبل 56 مليون سنة أدي انفجار ضخم لنشاط بركاني، إلى إطلاق كميات هائلة من غازات الدفيئة وبالتالي ارتفعت درجة حرارة سطح الكوكب. مما أدي إلى اضطراب المناخ. 

في محاولة لتحديد سبب التغيرات المناخية الحالية، نظر العلماء في كل هذه العوامل(الطاقة الشمسية، ودوران المحيطات، والنشاط البركاني). والتي كانت لها تأثيرات متواضعة على المناخ لا سيما قبل عام 1950. وأفضل تفسير للاحترار الحالي هو ارتفاع تركيزات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي بفعل الأنشطة البشرية.

وتظهر فقاعات الهواء القديمة المحجوزة في الجليد أنه قبل عام 1750، كان تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي يبلغ حوالي 280 جزءًا في المليون. وقد بدأت هذه النسبة في الارتفاع حتي وصلت إلى 300 جزء في المليون عام 1900. ثم تسارعت وتيرة كميات غاز ثاني أكسيد الكربون بعد أن أصبحت السيارات والكهرباء جزءًا من الحياة الحديثة، حيث تجاوزت 420 جزءًا في المليون.

غازات الدفيئة وارتفاع درجة حرارة سطح الأرض

تلعب غازات الدفيئة مثل بخار الماء وثاني أكسيد الكربون دورًا مهمًا في نظام المناخ. فبدونها ستكون الأرض شديدة البرودة. وتعمل غازات الدفيئة على امتصاص بعضًا من الأشعة تحت الحمراء، ثم تعيد إطلاقها في جميع الاتجاهات مما يعمل على تسخين الكوكب.

في الماضي تغيرت تركيزات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي بما في ذلك غاز ثاني أكسيد الكربون اعتمادًا على كمية البراكين الغازية التي تجشأت في الهواء. ومع ذلك في وقتنا الحالي تزداد كميات غاز ثاني أكسيد الكربون بوتيرة غير مسبوقة نتيجة لحرق الوقود الأحفوري.

لماذا نشعر بالقلق من ارتفاع درجة حرارة سطح الكوكب بمقدار درجتين؟

أحد المصادر الشائعة للارتباك عندما يتعلق الأمر بتغير المناخ هو الفرق بين الطقس والمناخ. فالطقس هو الحالة اليومية للأرصاد الجوية المتغيرة التي نواجهها باستمرار. بينما المناخ هو المتوسط طويل الأجل لتلك الظروف، وعادة ما يتم حسابه على مدى 30 عامًا. أو كما يقول البعض: الطقس هو مزاجك والمناخ هو شخصيتك.

لذا فإن ارتفاع درجة حرارة سطح الكوكب بمقدار درجتين فهرنهايت لا يمثلان تغيرًا كبيرًا في الطقس. إلا أنه سيسبب تفاقم حدة المناخ، والذي يكفي لإذابة الجليد ورفع مستوي سطح البحر، وتغيير أنماط هطول الأمطار وتدمير الأشجار.

كيف يمكن أن تصبح فصول الشتاء أكثر برودة إذا كان الكوكب أكثر سخونة؟

ليس من المستغرب أننا ما زلنا نعاني من عواصف شتوية شديدة حتى مع ارتفاع متوسط درجات الحرارة. ومع ذلك تشير بعض الدراسات إلى أن تغير المناخ قد يكون السبب. أحد الاحتمالات هو أن الاحترار السريع في القطب الشمالي قد أثر على دوران الغلاف الجوي، بما في ذلك الهواء سريع التدفق والارتفاعات  العالية، وتشير بعض الدراسات إلى أن هذه التغييرات تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة الباردة إلى خطوط العرض المنخفضة وتتسبب في توقف أنظمة الطقس، مما يسمح بإحداث المزيد من العواصف و تساقط الثلوج .[3]

آثار تغير المناخ العالمي

وفقًا لتقرير المخاطر العالمية لعام 2021 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، فإن الفشل في التخفيف من حدة التغيرات المناخية والتكيف معها هو الخطر “الأكثر تأثيرًا” الذي يواجه المجتمعات في جميع أنحاء العالم، وتوجد العديد من التأثيرات التي يحدثها التغير المناخي والتي منها[4]:

الطقس القاسي

 تشير الدراسات إلى أن فترات الاحترار بسبب التغيرات المناخية ازدادت بمعدل خمس مرات أكثر مما كانت عليه من قبل. وتؤدي درجات الحرارة الشديدة إلى زيادة في حالات الوفيات وخاصة بين كبار السن، ففي صيف 2003 على سبيل المثال تسببت موجة الحر في وفاة ما يقدر بنحو 70ألف حالة في جميع أنحاء أوروبا، كما أدى تغير المناخ إلى تفاقم حالات الجفاف، عن طريق زيادة التبخر، وإلى زيادة هطول الأمطار الغزيرة والفيضانات.[5]

المخاطر الصحية

وفقًا لإحدي التقاريرالصادرة عن منظمة الصحة العالمية، فإنه من المتوقع أن يتسبب تغير المناخ في حدوث ما يقرب من 250 ألف حالة وفاة سنويًا، وذلك بين عامي 2030 و 2050. ومع ارتفاع درجات الحرارة العالمية، ترتفع معدلات الإصابة بالأمراض الناجمة عن الإجهاد الحراري كأمراض القلب والأوعية الدموية والكلى،  ومع تفاقم تلوث الهواء، تزداد صحة الجهاز التنفسي سوءًا، ويمكن أن تؤدي الأحداث المناخية المتطرفة، كالعواصف والفيضانات، إلى تلوث مياه الشرب، وإلى تعرض البنية التحتية الأساسية للخطر.

ارتفاع منسوب سطح البحر

ترتفع درجة حرارة القطب الشمالي بمعدل أسرع مرتين من أي مكان آخر على هذا الكوكب. ومع ذوبان الصفائح الجليدية، فإن محيطاتنا في طريقها للارتفاع في أي مكان على سطح الكوكب، بمقدار 0.95 إلى 3.61 قدم بحلول نهاية هذا القرن، مما يهدد النظم البيئية الساحلية والمناطق المنخفضة.

محيطات أكثر دفئًا وحموضة

تمتص محيطات الأرض ما بين ربع وثلث انبعاثات الوقود الأحفوري، وهي الآن أكثر حمضية بنسبة 30% مما كانت عليه في أوقات ما قبل الصناعة. ويشكل هذا تهديدًا خطيرًا للحياة تحت الماء. كما أن ارتفاع درجة حرارة المحيطات تساهم في أحداث تبيض المرجان القادرة على قتل الشعاب المرجانية بأكملها.[6]

إجراءات لمواجهة أزمة تغير المناخ

إحدى الحجج الأكثر شيوعًا ضد اتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة تغير المناخ هي أن القيام بذلك سيقتل الوظائف ويشل الاقتصاد. لكن في الحقيقة عدم اتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة أزمة المناخ يسبب معاناة بشرية هائلة وضررًا بيئيًا. في حين أن الانتقال إلى اقتصاد أكثر اخضرارًا سيفيد الكثير من الناس والنظم البيئية في جميع أنحاء العالم.

للحفاظ على  درجة حرارة سطح الكوكب أقل من درجتين مئويتين، وهو هدف اتفاقية باريس للمناخ، فإنه يتعين علينا الوصول إلى صفر انبعاثات بحلول منتصف هذا القرن.[7]

ووجدت إحدى الدراسات أن ارتفاع درجة الحرارة بمقدار درجتين مئويتين سيتطلب استثمارًا إجماليًا يتراوح بين 4 تريليون دولار و 60 تريليون دولار[8]، نتيجة لذلك يصعب تحديد الأضرار المناخية. وتقدر وكالة موديز أناليتيكس أن ارتفاع درجات الحرارة بمقدار درجتين مئويتين سيكلف العالم 69 تريليون دولار بحلول عام 2100. [9]

وتشير الدراسات إلى أن تغير المناخ قد أدى إلى انخفاض الدخل في البلدان الفقيرة بنسبة تصل إلى 30%. وخفض الإنتاجية الزراعية العالمية بنسبة 21% منذ عام 1961.[10]

التكيف مع العواقب المناخية يحمي الناس والمنازل وسبل العيش والبنية التحتية والنظم البيئية الطبيعية، وبالتالي سيؤدي تحويل أنظمة الطاقة من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية والرياح إلى تقليل الانبعاثات التي تؤدي إلى تغير المناخ، كما أنه من الضروري خفض إنتاج الوقود الأحفوري بنسبة 6% بحلول عام 2030.[11]

المصادر

(1)usaid

(2),(11)un

(3),(5),(7)nytimes

(4),(6)nrdc

(8)nature

(9)moodysanalytics

(10)nature

Image source: voicesofyouth

كيف يؤثر الاحتباس الحراري على كوكب الأرض؟

هذه المقالة هي الجزء 6 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

ذوبان الأنهار الجليدية، ارتفاع مستوي سطح البحر، حرائق الغابات، ظواهر متطرفة أحدثها التغير المناخي بفعل غازات الاحتباس الحراري. قد يعتقد البعض أن التغيرات المناخية  قد تشتمل على ارتفاع درجات الحرارة فحسب. بل الحقيقية أنه توجد مجموعة من التأثيرات الأخري الآخذة في الظهور بفعل استمرار البشر في زيادة كميات غازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي. مما أدي إلى تغيير إيقاعات المناخ وبالتالى التأثير على نمط الحياة للكائنات الحية.[1].

ما المقصود بالإحتباس الحراري؟

يعرف الاحتباس الحراري بأنه ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض عن الحد الطبيعي، نتيجة احتجاز كميات كبيرة من حرارة الشمس التي يمكن أن تتسرب إلى الفضاء، بفعل غازات الدفيئة.[2]

وتغير المناخ هو المصطلح الذي يستخدمه العلماء لوصف التحولات المعقدة في مناخ الأرض، التي تؤثر على أنظمة المناخ والطقس. في عام 1896 ربط العالم السويدي سفانتي أرهينيوس ما بين ارتفاع درجات الحرارة والزيادة في كمية غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن حرق الوقود الأحفوري.[3]

غازات الاحتباس الحراري وتأثيرها على توازن طاقة الأرض والمناخ

تعمل الشمس كمصدر أساسي للطاقة لمناخ الأرض.  بعض طاقة الشمس الواردة إلينا تنعكس  مباشرة إلى الفضاء عن طريق الأسطح اللامعة كالجليد، والباقي يمتصه السطح. يُعاد انبعاث الكثير من هذه الطاقة الشمسية الممتصة على شكل حرارة. أي اضطراب في هذا التوازن للطاقة الواردة والصادرة سيؤثر على المناخ.

إذا مرت كل الطاقة الحرارية المنبعثة من السطح عبر الغلاف الجوي إلى الفضاء، فإن متوسط درجة حرارة سطح الأرض سيكون أبرد عشرات الدرجات مما هو عليه اليوم. تعمل غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، بما في ذلك بخار الماء وثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز، على جعل السطح أكثر دفئًا من ذلك. لأنها تمتص وتبعث الطاقة الحرارية في جميع الاتجاهات مما يحافظ على درجة حرارة سطح الأرض وجعلها أكثر دفئًأ.[4]

التأثير الطبيعي للاحتباس الحراري هو ما يحافظ على مناخ الأرض  صالحًا للعيش. فبدونه سيكون سطح الأرض أبرد بحوالي 60 درجة فهرنهايت (33 درجة مئوية) في المتوسط.[5]  لكن زيادة غازات الدفيئة في الغلاف الجوي تجعله أكثر فاعلية في منع الحرارة من الهروب إلى الفضاء، وبالتالى ترتفع درجة حرارة الارض.

كما تعمل غازات الدفيئة المنبعثة من الأنشطة البشرية على تغيير توازن طاقة الأرض وبالتالي مناخها.[6]

الغازات المسببة للاحتباس الحراري

1– غازثاني أكسيد الكربون

وهو غاز من غازات الدفيئة مسؤول عن حوالي ثلاثة أرباع الانبعاثات. والتي يمكن أن تبقي في الغلاف الجوي لآلاف السنين. فوفقًا لمرصد ” ماونا لوا” للغلاف الجوي في هاواي، وصلت مستويات غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى حوالي 411 جزءًا في المليون وهو أعلى متوسط شهري تم تسجيله على الإطلاق وذلك في عام 2018.

تأتي غالبية انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون من حرق المواد العضوية كالفحم والنفط والغاز والخشب والنفايات الصلبة.  

2- الميثان

المكون الرئيسي للغاز الطبيعي، ويمثل حوالي 16% من جميع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. وتوجد أغلبية الانبعاثات الخاصة به في مدافن النفايات، والغاز الطبيعي والصناعات البترولية، والزراعة.

3- أكسيد النيتروز

تمثل انبعاثاته حوالى 6% من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية. ووفقًا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ فإنه عمره في الغلاف الجوي قد يتجاوز قرنًا من الزمن وذلك مقارنة بغازات الدفيئة الأخري. كما أنه أقوي من غاز ثاني أكسيد الكربون بنحو 264مرة.

تعتبرالزراعة والثروة الحيوانية، بما في ذلك الأسمدة وحرق المخلفات الزراعية، إلى جانب حرق الوقود الأحفوري، من أكبر مصادر انبعاثات غاز أكسيد النيتروز.

4- الغازات الصناعية

كالغازات المفلورة مثل الهيدروفلوروكربون، والمركبات الكربونية الفلورية المشبعة، وسداسي فلوريد الكبريت، وثلاثي فلوريد النيتروجين، ومركبات الكلوروفلوروكربون، كل هذه الغازات لديها إمكانية احتجاز الحرارة داخل الغلاف الجوي بنسبة أكبر من غاز ثاني أكسيد الكربون، وتبقي في الغلاف الجوي من مئات إلى آلاف السنين. وتمثل هذه الغازات  حوالي 2 % من جميع الانبعاثات، وهي تستخدم كمبردات ومذيبات وفي التصنيع.[7]

5- الأوزون: يتكون غاز الأوزون من خلال تفاعل كيميائي بين انبعاثات أكاسيد النيتروجين والمركبات العضوية المتطايرة من السيارات ومحطات الطاقة والمصادر الصناعية والتجارية الأخرى في وجود ضوء الشمس.

بالإضافة إلى أنه يعمل على احتجاز الحرارة على سطح الأرض،  فإنه يعتبر من الملوثات التي يمكن أن تسبب مشاكل صحية في الجهاز التنفسي وتضر بالمحاصيل والنظم البيئية.

6- بخار الماء

هو غاز آخر من غازات الدفيئة ويلعب دورًا رئيسًا في التغيرات المناخية بسبب قدرته على احتجاز الحرارة. يحتوي الهواء الأكثر دفئًا على رطوبة أكثر من الهواء البارد. لذلك مع زيادة تركيزات غازات الدفيئة وارتفاع درجات الحرارة العالمية. تزداد أيضًا الكمية الإجمالية لبخار الماء في الغلاف الجوي، مما يزيد من حدة الاحترار.[8]

من أين تأتي غازات الاحتباس الحراري؟

وفقًا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فإن النشاط الاقتصادي واستخدام الطاقة، وأنماط استخدام الأراضي والتكنولوجيا كلها عوامل مؤثرة وتؤدي إلى زيادة كمية غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، وفيما يلي بعض مصادر انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

إنتاج الكهرباء

وهي المسؤولة عن ربع انبعاثات غازات الدفيئة الموجودة في الغلاف الجوي. يستخدم الغاز والفحم لإنتاج الكهرباء، ولذا يعمل على إطلاق كميات من غاز ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز، مما يسبب الاحتباس الحراري. فعلى سبيل المثال  بلغت نسبة الانبعاثات الناتجة عن إنتاج الكهرباء في الولايات المتحدة الأمريكية حوالي 27,5% وذلك في عام 2017.

 الزراعة واستخدام الأراضي

تبلغ نسبة الانبعاثات الناتجة عن أنشطة الانتاج الزراعي حوالي 25%، ففي الولايات المتحدة الأمريكية شكلت الأنشطة الزراعية حوالي 8,4% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في عام 2017، وكانت الغالبية العظمي منها عبارة عن غاز الميثان وأكسيد النيتروز.

الصناعة والنقل

تساهم الصناعة بنحو خُمس الانبعاثات العالمية. كما أن حرق الوقود المشتق من البترول كالبنزين والديزل لتشغيل أنظمة النقل العام حول العالم يساهم بنحو 14% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.   

المباني

تساهم بنحو 6.4% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية. هذه الانبعاثات التي تتكون في الغالب من غازي ثاني أكسيد الكربون والميثان، تنبع بشكل أساسي من حرق الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى أن المصادر الأخري كالصرف الصحي والنفايات تساهم في زيادة انبعاثات غازات الدفيئة.[9]

آثار غازات الاحتباس الحراري

لغازات الاحتباس الحراري آثار بيئية وصحية بعيدة المدى. فعلي المستوي البيئي تتسبب في حدوث العديد من الظواهر الجوية المتطرفة كالاحترار وحرائق الغابات.[10] وعلى المستوي الصحي تتسبب فى زيادة الأمراض الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة كأمراض القلب والجهاز التنفسي. ومع الزيادة المستمرة في درجات الحرارة ستتواجد المزيد من الأمراض و ستتضاعف أعداد الوفيات في كل من المناطق الحضرية والريفية.[11]

ما الذي يمكننا فعله للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري؟

يعد التحول إلى الطاقة المتجددة، والتخلص التدريجي من الفحم عناصر مهمة للحد من انبعاثات غازات الدفيئة. في نهاية المطاف، من الضروري وجود أهداف أقوى لخفض الانبعاثات للحفاظ على صحة الإنسان والبيئة على المدى الطويل.

ففي عام 2021، شهد مؤتمر الدول الأطراف المعني بتغير المناخ إطلاق معاهدة عالمية بين أكثر من 100 دولة الهدف منها هو خفض انبعاثات الميثان بنسبة 30% بحلول عام 2030.

من خلال اتخاذ خيارات ذات تأثيرات أقل ضررًا على البيئة، يمكن للجميع أن يكونوا جزءًا من الحل وأن يؤثروا في التغيير.[12]

المراجع

 (5),(1)nationalgeographic
(9), (2)nrdc
(10),(7),(3),nationalgeographic
 (6),(4)royalsociety
(8)epa
(11)climate
(12)news
image source: nrdc.

لم تعد التربة الصقيعية مشكلة بيئية عالمية؟

هذه المقالة هي الجزء 7 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

يعتبر ذوبان الجليد الدائم أحد أخطر المشكلات العالمية التي تساعد على تغير المناخ. فالتربة الصقيعية تحتوي على ما يقرب من نصف الكربون العضوي المخزن في باطن الأض. طالما بقيت هذه المادة العضوية مجمدة، فإنها ستبقى محاصرة بداخلها.  لكن مع ذوبان الجليد الدائم فإنه في هذه الحالة سيتم إطلاق كميات من غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، مما يكون له أبلغ الآثر ليس فقط على القطب الشمالى ولكن على نظام مناخ الأرض بأكمله.[1]

ما هي التربة الصقيعية؟

استخدم عالم الجيولوجيا الأمريكي سيمون ويليام مولر مصطلح “التربة الصقيعية” للتعبير عن الصقيع الدائم. وتعرف بأنها الأرض التي تظل جامدة لمدة عامين متتاليين على الأقل. وهي عبارة عن مجموعة من الصخور والرواسب والجليد والمواد العضوية.[2]

يُعتقد أن التربة الصقيعية تكونت لأول مرة بالتزامن مع بداية العصور الجليدية منذ حوالي ثلاثة ملايين سنة، خلال أواخر العصر البليوسيني. ومن المحتمل أن تكون معظم التربة الصقيعية الموجودة في المنطقة شبه القطبية قد تكونت في فترة العصور الجليدية على مدار المائة ألف عام الماضية.

كيف تتشكل؟

في المناطق التي يصبح فيها متوسط درجة حرارة السطح أكثر من0 درجة مئوية، فإنه في هذه الحالة لن يتم إذابة بعض الأراضي المتجمدة في الشتاء تمامًا في الصيف. لذلك ستتكون طبقة من التربة الصقيعية وتستمر في النمو تدريجياً كل عام حتي تصبح طبقتها أكثر سمكًا. ويتم التحكم في سمكها بواسطة التوازن الحراري بين تدفق الحرارة الموجودة في باطن الأرض والتي تتدفق إلى الخارج في الغلاف الجوي.

 يعتمد هذا التوازن على متوسط درجة حرارة السطح والتدرج الجيوحراري. في نهاية المطاف تصل طبقة التربة الصقيعية السميكة إلى التوازن الذي تكون فيه كمية الحرارة الجوفية التي تصل إليها مساوية لتلك المفقودة في الغلاف الجوي. وللوصول إلى حالة التوازن يلزم التربة الصقيعية  آلاف السنين حيث يبلغ سمكها مئات الأقدام.

عندما يصبح المناخ أكثر برودة أو أكثر دفئًا، فإن درجة حرارتها ترتفع أو تنخفض في المقابل. مما يؤدي إلى تغيرات في موضع قاعدتها. عندما ترتفع درجة حرارة المناخ إلى أكثر من 0 درجة مئوية فإنه في المقابل سيتم خفض موضع الجزء العلوي منها عن طريق الذوبان.

أين توجد؟

تغطي التربة الصقيعية حوالي 24% من نصف الكرة الشمالي. وتتركز الغالبية العظمى منها في كل من روسيا وكندا[1]، حيث تتواجد بنسبة 85% في ألاسكا، وبنسبة 55% في كل من روسيا وكندا، ويبلغ سمكها حوالي 1500 متر شمال سيبيريا، بينما يبلغ سمكها حوالي 740 مترًا في شمال ألاسكا، بالإضافة إلى انتشارها على نطاق واسع في مناطق القطب الشمالي، إلا أنها توجد أيضًا في المناطق المرتفعة كجبال الألب.[3]

ما مقدارها من سطح الأرض؟

في نصف الكرة الشمالي، تغطي التربة الصقيعية ما يقدر بـنحو 9 ملايين ميل مربع. ومع ذلك فعندما ترتفع درجة حرارة الهواء السطحي، فإن درجة الحرارة تحت الأرض ترتفع أيضًا، مما يؤدي إلى إذابة الجليد السرمدي.

وتشير دراسة حديثة إلى أنه مع كل زيادة في درجات الحرارة بمقدار درجة واحدة مئوية  أي 1.8 درجة فهرينهايت، فمن الممكن أن تختفي حوالي1.5 مليون ميل مربع إضافي من التربة الصقيعية.

ما هي آثار ذوبان الجليد الدائم؟

تعتبر التربة الصقيعية واحدة من أكبر مخازن غازات الدفيئة الموجودة على الأرض. في الواقع، يُقدَّر أن التربة الصقيعية في القطب الشمالي وحده تحتوي على ما يقرب من ضعف كمية الكربون الموجودة في الغلاف الجوي الآن. بالإضافة إلى وجود كمية كبيرة من غازالميثان (وهو غاز من غازات الدفيئة القوي يحبس الحرارة على الكوكب بمقدار 80 مرة عن الكربون).

تختلف التقديرات حول كمية الكربون والميثان التي سيتم إطلاقها من خلال ذوبان الجليد الدائم، ولكن وفقًا لإحدى الدراسات، قد تصل إلى 92 مليار طن من الكربون والذي يمكن أن ينعبث من الآن وحتى عام 2100. وهذا يساوي ما يقرب من 20 % من جميع انبعاثات الكربون العالمية منذ بداية الثورة الصناعية.

وبالنظر إلى المستقبل، يمكن أن يؤدي ذوبانها إلى إطلاق المزيد من غازات الاحتباس الحراري في الهواء. مما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة المناخ، فذوبانها يمكن أن يحول القطب الشمالي إلى مصدر للكربون.

الكربون والميثان ليسا الملوثان الوحيدان المحاصران في التربة الصقيعية. وجدت دراسة حديثة أن التربة الصقيعية الموجودة في القطب الشمالي هي مستودع هائل للزئبق (وهو سم عصبي قوي). وتشير التقديرات إلى أن حوالي 15 مليون جالون من الزئبق، أو ما يقرب من ضعف كمية الزئبق الموجودة في المحيطات والغلاف الجوي  مجتمعة فيها. وبمجرد إطلاقه، يمكن للزئبق أن ينتشر عبر الماء أو الهواء إلى النظم البيئية وربما حتى الإمدادات الغذائية.

يمكن أن يساهم فقدانها أيضًا في ارتفاع مستوى سطح البحر، وتشير التقديرات إلى أنه في حالة ذوبان جميع التربة الصقيعية  الموجودةعلى الأرض، فإنه من الممكن أن ترتفع مستويات سطح البحر بما يصل إلى أربع بوصات، وهو ما يكفي لمضاعفة مخاطر الفيضانات في مدن مثل سان فرانسيسكو  ولوس أنجلوس[4].

التربة الصقيعية والبنية التحتية

ترتفع درجة حرارة التربة الصقيعية بمعدل أسرع بكثير من درجة حرارة الهواء في القطب الشمالي، وقد ارتفعت درجة الحرارة خلال الثلاثين عامًا الماضية ما بين 1.5 إلى 2.5 درجة مئوية. ونتيجة لذلك، تذوب طبقاتها.

يمكن أن تؤدي الزيادة في درجات الحرارة العالمية بمقدار 3 درجات مئوية إلى ذوبان حوالي 30 إلى 85% من طبقات التربة الصقيعية الموجودة في جميع أنحاء منطقة القطب الشمالي. مما يؤدي إلى تدمير البنية التحتية والأنظمة البيئية الفريدة بشكل لا رجعة فيه.[5] فحوالي 35 مليون شخص يعيشون في منطقة التربة الصقيعية في البلدان والمدن التي تم بناؤها فوق ما كان يُعتبر سابقًا أرضًا متجمدة بشكل دائم. ولكن مع تلين هذه الأرضية الصلبة، فإن البنية التحتية التي تعتمد عليها هذه المجتمعات تصبح غير مستقرة بشكل متزايد.

ففي كندا على سبيل المثال يُقدر أن اختفاء التربة الصقيعية يتسبب بخسارة عشرات الملايين من الدولارات. وذلك بسبب الأضرار التي تلحق بالبنية التحتية العامة عبر الأقاليم الشمالية الغربية كل عام. وفي ألاسكا، قدرت إحدى الدراسات تكلفة إصلاح البنية التحتية العامة، مثل الطرق وخطوط القطارات والمباني والمطارات  التي تضررت من ذوبان الجليد السرمدي والعوامل الأخرى المتعلقة بالمناخ بما يصل إلى 5.5 مليار دولار.[6]  ويُعتقد أن حوالي 30-50٪ من البنية التحتية الموجودة حول القطب الشمالي معرضة لخطر داهم بحلول عام 2050.[7]

خطر المرض؟

مثلما تحبس التربة الصقيعية الكربون وغازات الدفيئة الأخرى، يمكنها أيضًا احتجاز الميكروبات القديمة والحفاظ عليها. يُعتقد أن بعض البكتيريا والفيروسات يمكن أن تظل كامنة لآلاف السنين  داخل الجليد. ومع ذلك، فبقدر ما تبدو فكرة مسببات الأمراض مخيفة، تظل هناك أسئلة حول مدى خطورة هذه الميكروبات القديمة. ومع ذلك لا يزال العلماء غير متأكدين من مدي احتمالية تسببها في تفشي الأمراض.

كيف يمكننا منع الجليد الدائم من الذوبان؟

من الممكن أن يتم ذلك عن طريق تقليل بصمتنا الكربونية، والاستثمار في المنتجات الموفرة للطاقة، ودعم الأعمال والتشريعات والسياسات الصديقة للبيئة.[8]

المراجع

 (1),(5)the arctic institute
(2)earth
(3)britannica
 (4),(8),(6)nrdc
(7)nature

ما هي حساسية المناخ؟

هذه المقالة هي الجزء 2 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

خلال السنوات الماضية زادت تأثيرات الاحتباس الحراري الناجمة عن انبعاثات الكربون المرتبطة بحرق  الوقود الأحفوري. هذه الزيادة في كمية غاز ثاني أكسيد الكربون حبست المزيد من الحرارة في الغلاف الجوي، مما تسبب باختلال توازن الطاقة العالمي.[1]

ما المقصود بحساسية المناخ؟

حساسية المناخ هو مقياس يُستخدم لمعرفة مقدار درجة الحرارة المتوقع أن يصل إليها سطح الأرض والناجمة عن مضاعفة تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي مقارنة بمستويات ما قبل الصناعة،[2] وقد استخدمت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ مصطلح” الحساسية المناخية” للتعبير عن العلاقة ما بين انبعاثات الغازات الدفيئة التى يسببها الإنسان وتأثيرها على التغيرات في درجات الحرارة على كوكب الأرض.[3]

الحساسية المناخية وغازات الدفيئة

إذا ضاعفنا كمية غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. فإن تأثير الاحتباس الحراري المتزايد سيؤدي إلى ارتفاع متوسط درجة حرارة سطح الكوكب بنحو 1.2درجة مئوية أي بمقدار 2.2 درجة فهرنهايت.

قد لا يبدو هذا كثيرًا، لكن الفرق بين درجات الحرارة خلال العصر الجليدي والعصر الحالي تبلغ حوالي 5 درجات مئوية أي بمقدار 9 درجات فهرنهايت. وبالتالي فإن التغيرات الطفيفة في درجات الحرارة تُحدث فرقًا كبيرًا في مناخ الأرض.[4][

وتشير التقديرات إلى أنه من المتوقع زيادة الانبعاثات بمقدار 560 جزء في المليون بحلول عام 2060م. ويمثل هذا ضعف مستويات الانبعاثات في عصر ما قبل الصناعة.[5] وجدت دراسة نشرت عام 2009م أن الزيادة في كمية بخار الماء في الغلاف الجوي تضاعف من مقدار الاحترار الناتج عن زيادة كمية غاز ثاني أكسيد الكربون.[6]

ووفقًا لتقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الصادر عام 2013، فإنه من المحتمل زيادة درجة حرارة سطح الكوكب بمقدار 1.5-4.5 درجة مئوية.[7].

كيف يمكننا تقدير حساسية المناخ؟

لا يمكن قياس حساسية المناخ بشكل مباشر، ولكن بدلاً من ذلك يجب تقديره. توجد العديد من الطرق التي يمكن من خلالها تقدير حساسية المناخ وهي:

  1.  السجلات التاريخية:
    يمكن استخدام السجلات التاريخية لمعرفة مقدار انبعاثات الغازات الدفيئة وانبعاثات الهباء الجوي(مصطلح يطلق على الجسيمات الصغيرة المعلقة في الهواء الجوي كالكربون والكبريتات) في الماضي ومقارنتها بنسبة انبعاثات غازات الدفيئة خلال القرن الحالي. وذلك لمعرفة مدى استجابة درجات الحرارة العالمية لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون بواسطة الأنشطة البشرية.
  2. النماذج المناخية:
    يمكن استخدام النماذج المناخية الرياضية، للتنبؤ بحساسية المناخ في المستقبل.
  3. سجلات المناخ القديم:
    يمكن استخدام عينات الجليد والسجلات الأخرى، لتقدير التغيرات الطبيعية في درجة الحرارة وثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي على مدى آلاف السنين.

تتطلب جميع الطرق المذكورة لتقدير حساسية المناخ شكلاً من أشكال النماذج المناخية البسيطة. والتى تتضمن عدد من الافتراضات لكل منها مزايا وعيوب. فعلى سبيل المثال لا تستطيع النماذج المناخية محاكاة العمليات الصغيرة في النظام المناخي بشكل كامل. مثل تلك المتعلقة بالغيوم والتي يُعتقد أنها مهمة لحساسية المناخ.

تشير الأبحاث أيضًا إلى أن حساسية المناخ قد لا تكون ثابتة لذا فإن فهم ما كانت عليه في الماضي قد لا يخبرك بالضرورة بما ستكون عليه في المستقبل.[8]

المقاييس الرئيسة لحساسية المناخ

توجد لحساسية المناخ ثلاثة مقايس رئيسة وهي:

  1. حساسية التوازن للمناخ: تعرف بأنها مقدار الاحترار الذي سيحدث بمجرد وصول جميع العمليات إلى التوازن. يتكيف مناخ الأرض مع التغيرات في تركيز ثاني أكسيد الكربون قد يستغرق ذلك وقتًا طويلًا، فعلى سبيل المثال تحتاج الحرارة الزائدة بفعل مضاعفة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون عقودًا من الزمان لكي تنتشر عبر أعماق المحيط.
  2. الاستجابة المناخية العابرة: وهو مقدار الاحترار الذي قد يحدث في الوقت الذي يتضاعف فيه ثاني أكسيد الكربون.
  3. حساسية نظام الأرض: تشمل ردود الفعل طويلة المدى لنظام الأرض، كالتغيرات في الصفائح الجليدية أو التغيرات في توزيع الغطاء النباتي.[9]

ماذا يحدث إذا لم يتم تقليل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون؟

وفقًا لتقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فإن درجة حرارة سطح الأرض زادت خلال السنوات الأخيرة بمقدار1.1 درجة مئوية. وذلك مقارنة بالفترة ما بين عامي 1850-1900 وهو مستوى لم نشهده منذ 125 الف عام، أي قبل العصر الجليدي الأخير.

سيظل تأثير الاحتباس الحراري على الأجسام التي تتأثر ببطء مع ارتفاع درجات الحرارة كالأنهار الجليدية والمحيطات محسوسًا لعدة قرون أو حتى آلاف السنين. ووفقًا لتقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ لعام 2021م؛ فإنه من المتوقع أن ترتفع مستويات سطح البحر في جميع أنحاء العالم بمقدار 2-3م على مدار الألفي عام المقبلة، مما قد يؤدي إلى تغير السواحل بالكامل التي يسكنها حاليا مئات الملايين من الناس. كما يحذر التقرير من بعض آثار التغير المناخي كإنهيار الغطاء الجليدي وفقدان الغابات.[10]

المصادر:

(10),(6),(4),(1)theguardian
(2),(6),(7)nature
(3)ipcc
(5)agupubs
(8)metoffice
(9) carbonbrief
مصدر الصورة: climate

الفيضانات الكارثية بأوروبا عام 2021، أسباب ونتائج

الفيضانات الكارثية بأوروبا عام 2021، أسباب ونتائج

تعتبر الفيصانات أحد أكثر الكوارث الطبيعية كلفة. حيث تكبد العالم خسائر تعادل 104 مليار دولار أمريكي سنوياً وفق بعض التقديرات. [1] وفي خلال الفترة من 15 إلى 17 يوليو اجتاحت فيضانات كارثية عدة مدن في شمال غرب أوروبا. مخلفةً دمارًا شاملًا وصفه البعض بأنه أصعب كارثةٍ مرت بها تلك الدول بعد الحرب العالمية الثانية. فقد أسفرت عن خسائر كبيرة بالأرواح والممتلكات والبنية التحتية يصعب حتى الآن تقديرها بدقة. لكن مما لا شك فيه؛ أنها إنذار مبكر من الطبيعة حتى يتخذ البشر سياسات أكثر محافظةً على البيئة في تلك الدول وفي الاتحاد الأوروبي وفي العالم أجمع. الفيضانات الكارثية بأوروبا عام 2021، أسباب ونتائج

كيف حدثت الفيضانات الكارثية؟

في بداية الكارثة هطلت أمطار غزيرة من يوم 13 وحتى يوم 15 يوليو 2021 على شمال ووسط أوروبا. وصلت غزارة تلك الأمطار في ألمانيا مثلاً؛ أنه خلال يومين هطلت كميات تهطل في العادة في شهر أو أكثر. ونتيجة لتلك الأمطار الغزيرة؛ ارتفعت مناسيب الأنهار في تلك المناطق بشكل غير مسبوق خلال عقود سابقة. مما أدى إلى فيضانات عنيفة ألحقت دمارًا وخسائرًا بغالبية المناطق القريبة من تلك الأنهار. [2، 3]

الفيضانات الكارثية وأنظمة الإنذار المبكر ضد الفياضانات في ألمانيا

على الرغم من الاستعداد الكبير للفيضانات واستخدام أنظمة تنبؤ تحديدًا في ألمانيا، إلا أنها لم تتمكن من الاستعداد لتلك الفيضانات الكارثية غير المسبوقة. ويُرجع البعض ذلك إلى خلل في التواصل بين الجهات المختصة أو تأخر في استجابتهم في بعض المدن. خاصةً أن بعض المناطق أطلقت إنذار مبكر، فكانت وفياتها أقل بالمقارنة بغيرها. لكن كل تلك المدن تعرضت لخسائر مادية فادحة. جهات رسمية في المناطق الألمانية التي لم تستجب مبكراً للإنذار ردت بأن الفشل كان بسبب كمية الأمطار الشديدة الغزارة والتي لم تكن متوقعة. [2]

ما النتائج التي أسفرت عنها هذه الفيضانات الكارثية؟

خسائر بشرية

أسفرت تلك الفيضانات الكارثية عن ما يربو على 100 قتيل وهو أكبر عدد من القتلى تتسبب فيه فيضانات خلال الخمسمائة أو الألف سنة الماضية، وذلك وفقاً لصحيفة النيويورك تايمز. [2] في بلجيكا على سبيل المثال؛ كان عدد الضحايا 31 قتيل. بينما اختلف الحال في ألمانيا؛ فقد كانت الخسائر البشرية هي الأعلى. حيث نتج عن الكارثة أكثر من 160 قتيل. وهذه هي الأرقام حتى 20 يوليو بالإضافة إلى مئات المفقودين. ومع ذلك؛ فإن العدد الحقيقي للمفقودين والقتلى غير محدد بدقة بسبب انقطاع الاتصالات عن كثير من الأماكن المتضررة. [3]

خسائر مادية

مما لا شك فيه أن تلك الفيضانات سببت دماراً شديداً للمنازل والسيارات والممتلكات ومحطات الكهرباء والاتصالات. لكن حتى اليوم لا يوجد تقييم دقيق للخسائر المادية التي تسببت فيها هذه الفيضانات. على الرغم من ذلك، يتوقع بعض الأخصائيين في التأمينات أن خسائر شركات التأمين وحدها ستتراوح بين 2-6 مليار دولار. [4]

صورة لإحدى الأماكن المتضررة من الفيضان بألمانيا قبل الكارثة وبعدها. [5]

أسباب

العلاقة بين الفياضانات الكارثية والتغير المناخي

لطالما صمد البشر أمام التغيرات المناخية المختلفة التي فرضتها عليهم الطبيعة وتأقلموا معها. وكان هذا أحد أسرار بقائهم على هذا الكوكب. لكن منذ الثورة الصناعية؛ زاد تأثير الإنسان السلبي على الطبيعة بشكل ملحوظ. وقد أضحى مصطلح التغير المناخي مرتبط بشكل كبير بتأثيرات الإنسان السلبية على البيئة؛ مثل: ثقب الأوزون و الاحتباس الحراري.

ارتفاع درجة حرارة الأرض

أدى ظهور الأنشطة الصناعية إلى ارتفاع متزايد في درجة حرارة الكوكب. حيث ارتفعت درجات الحرارة في كثير من المناطق على سطح الأرض إلى ما يزيد على 1.5 درجة مئوية زيادة أعلى من درجة حرارة الأرض قبل الحقبة الصناعية. ونتج عن ذلك موجات الحر الشديد التي تتعرض لها كثير من البلدان. ويُتوقع أن تستمر في السنوات القادمة. و ستتعدى أثار ذلك الضرر المباشر على الجسد والصحة إلى أضرار غير مباشرة مثل: الجفاف والفيضانات وحرائق الغابات وغير ذلك من الآثار. [6]

شكل يوضح متوسط التغير في درجة حرارة الأرض عبر الزمن، على اليسار تظهر درجات الحرارة وبالأسفل الأعوام.
ويظهر متوسط ارتفاع درجة الحرارة في الفترة من 1979 وحتى 2020 بمعدل درجة مئوية واحدة.
المصدر: وكالة ناسا للفضاء. [7]

كيف تسبب التغير المناخي في كارثة الفياضانات؟

يميل عدد كبير من العلماء إلى ترجيح ارتباط هذه الفياضانات الكارثية بالتغير المناخي وتأثير الغازات الدفيئة والاحتباس الحراري على تقلبات درجات الحرارة. ويعد الربط بين التغير المناخي وزيادة الفيضانات في أوروبا أمراً ليس وليد الحدث. فالقضية بالفعل مُثارة في عدد من التقارير والدراسات السابقة. وهذا الأمر لا يقتصر على الفيضانات وإنما يشمل حرائق الغابات وغرق السواحل وغير ذلك من الكوارث الطبيعية. [8، 10] وكذلك يلزم التنويه إلى أن أحد هذه الدراسات في 2019 توقعت أن الدفاعات المصممة ضد الفيضانات لن تكون كافية لصدها مستقبلاً. [1]

يفسر بعض العلماء ارتباط تلك الفيضانات الكارثية بالتغير المناخي كالتالي: يؤدي التطرف في ارتفاع درجات الحرارة إلى تبخير كميات كبيرة من المياه. كما أن ارتفاع درجات الحرارة يزيد من قدرة الجو على التشبع بكميات أكبر من البخار. ومن ثم هطلت هذه الكميات على هيئة أمطار شديدة الغزارة. وكنتيجة لذلك؛ ارتفعت مناسيب الأنهار بشكل كبير ومفاجىء. مما أدى الى فيضانات اجتاحت مواقع كثيرة بالقرب من تلك الأنهار وسببت الكارثة. [3]

في الختام؛ أغلب التقديرات تميل إلى أن التغير المناخي هو المسئول الرئيسي عن تلك الفيضانات الكارثية. ومن ثم؛ فإن كارثة الفيضانات تلك ربما تسهم بشكل قوي في خفض الأصوات الغير عقلانية الداعمة لإنكار التغير المناخي. كما قد تكون دافعاً قوياً للدول الصناعية الكبرى لاتخاذ خطوات أكثر جرأة لوقف تأثير الانسان السلبي على مناخ الكوكب وتفادي غضب الطبيعة الهادر وردها الغير متوقع.

المصادر

  1. Changing climate both increases and decreases European river floods
  2. European Floods Are Latest Sign of a Global Warming Crisis
  3. Europe’s deadly floods leave scientists stunned
  4. Berenberg sees $2-3 bln reinsurance losses from European floods, overall losses higher
  5. Germany floods: How a country was taken by surprise
  6. A Degree of Concern: Why Global Temperatures Matter – Climate Change: Vital Signs of the Planet
  7. Global Temperature | Vital Signs – Climate Change: Vital Signs of the Planet
  8. Extreme weather events in Europe
  9. River floods — European Environment Agency
  10. Current European flood-rich period exceptional compared with past 500 years
  11. مصادر الصورة البارزة الممثلة للمقالة:
    At least 160 dead, hundreds missing in devastating European floods
    In pictures: Floods kill dozens in Germany and Belgium
    German floods: Several feared dead after landslide south of Cologne  
Exit mobile version