هل يمكننا إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي؟

هل يمكننا إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي؟

لقد تم التسليم بفشل العالم في الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الوقود الأحفوري وعدم كفاية التدابير المخطط لها، حتى أكثر عمليات التخلص التدريجي من ثنائي أكسيد الكربون فشلت في تحقيق أهداف اتفاقية باريس2015، إضافة الى تزايد الذعر فيما يتعلق بمستقبل الكوكب، كل هذه التحديات دفعت لنداءات دولية لإجراء أبحاث عاجلة في مجموعة خيارات عملية إزالة الكربون ونطاقها وتكاليفها وتحدياتها …

لماذا علينا إزالة غاز CO2؟

ثنائي أكسيد الكربون هو غاز دفيئ يمتص ويصدر الحرارة لتسخين اليابسة والمحيطات على سطح الأرض بشكل مستمر، وهو أهم الغازات الدفيئة المعمرة على الأرض، يمتص حرارة أقل لكل جزيئ من الغازات الدفيئة أو الميثان أو أكسيد النيتروز، ولكنه أكثر وفرة ويبقى في الجو لفترة أطول، وفي حين أن ثنائي أكسيد الكربون أقل وفرة وأقل قوة من بخار الماء، فإنه يمتص أطوال موجية من الطاقة الحرارية التي لايستخدمها بخار الماء، مما يجعله يضيف إلى تأثير الاحتباس الحرري بطريقة فريدة، فالزيادات في co2 في الغلاف الجوي مسؤولة عن حوالي ثلثي اختلال توازن الطاقة الإجمالية التي يتسبب في احترار الارض.
ويمتد خطره إلى المسطحات المئية حيث أن ثنائي أكسيد الكربون يذوب في المحيطات، فيتفاعل مع جزيئات الماء مما ينتج حمض الكربونيك مما يخفض درجة الحموضة، منذ بداية الثورة الصناعية انخفض الرقم الهيدروجيني للمحيط من 8.21 إلى 8.10 وهذا الانخفاض في الرقم الهيدروجيني يسمى تحمض المحيطات

قد لا يبدو انخفاض 0.1 كبيراً، ولكن مقياس الأس الهيدروجيني لوغارتمي(الأس الهيدروجيني= لوغاريتم تركيز أيونات الهيدروجين)، فانخفاض الأس الهيدروجيني درجة واحدة يعني زيادة 10 أضعاف في الحموضة، إذا التغيير 0.1 يعني زيادة الحموضة بنسبة 30% تقريباً، ويتمثل خطر الحموضة الزائدة في المسطحات المائية أنها تقف عائقاً أمام قدرة الحياة البحرية على استخراج الكالسيوم من الماء لبناء هياكلها العظمية.

ثنائي أكسيد الكربون في الماضي والمستقبل:

أدت الزيادات الطبيعية في تركيز الCO2 إلى تدفئة الأرض بشكل دوري خلال دورات العصر الجليدي، بدأت الحلقات الدافئة آنذاك بزيادة طفيفة في حرارة الواصلة من الشمس بسبب انحناء بسيط في محور الأرض أو في مسارها حول الشمس، واستناداً إلى فقاعات الهواء المحبوسة في الجليد (وغيرها من الأدلة المناخية) يمكن معرفة أن نسبة غاز CO2 لم يتجاوز 300 جزء من المليون قبل الثوة الصناعية.

تجوية السيليكان لإزالة ثنائي أكسيد الكربون:

التجوية هي كسر أو حل الصخور بواسطة عوامل بيئية كيميائية أوميكانيكية أو بيولوجية، وبمجرد تكسير الصخور، تقوم عملية تسمى التآكل بنقل قطع الصخور بعيداً، حيث لا توجد أي صخرة يمكنها أن تقاوم التجوية والتآكل معًا.

من المقبول على نطاق واسع أن عملية التجوية الكيميائية لصخور السيليكات “ERW” يمكن أن تتحكم في تغيير المناخ على المدى الطويل بازالة ثنائي أكسيد الكربون في الجو من خلال ترسيب الكربون، وتعتمد على تعديل التربة ذات الصخور الغنية بالكالسيوم والمغنيسيوم أو مايسمى بصخور السيليكات، على سبيل المثال: صخرة البازلت التي تمتاز بكونها وفيرة وسريعة التجوية، يمكن أن تكون مثالية لتطبيق التجوية على الأراضي الزراعية، مما قد يكون فعالاً في تحسين التربة والمحاصيل إضافة إلى تسريع إزالة الCO2

فيمكن نشر صخور السيليكات في الأراضي الزراعية حتى تحدث لها عملية التجوية لإحداث عمليات إزالة الكربون من الغلاف الجوي (المعروفة اِختصارا بCDR)، وهو ما صار ضرورياً في الوقت الراهن، مما يساعد في تخفيف من تغير المناخ الناجم عن النشاط البشري، إضافة إلى تحسين الأمن الغذائي وسلامة التربة، وتقليل مستويات تحمض المحيطات.

ومن الجدير بالذكر أن الصين والهند والولايات المتحدة الأمريكية والبرازيل تتمتع بامكانات كبيرة قد تساعد على تحقيق المتوسط التي تسعى إليه عملية CDR على مستوى العالم، بنسبة تتراوح بين 0,5 و 2 جيجا طن من غاز CO2 سنوياً بتكلفة تتراوح بين 80 و180 دولار أمريكي لكل طن، وتعد هذه الأهداف والتكاليف شاقة بغض النظر عن سياسات الطاقة المستقبلية التي سيتم تطبيقها، ويناقش الباحثون التحديات المستقبلية والفرص التي تنتج عن استخدام هذه التقنية ، بما في ذلك احتمال الزيادة المفرطة في مواد السيليكا الصناعية، واحتمال انتقال نواتج التجوية من البر الى المحيطات.

مصادر (هل يمكننا إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي؟):

Science direct

National Geographic

Nature

المزيد:

ليست جميع الفيروسات سيئة، يمكن لبعضها حماية صحتنا

قالب جليدي عمره مليوني عام يقدم لنا لمحات عن تاريخ الغازات الدفيئة

قالب جليدي عمره مليوني عام يقدم لنا لمحات عن تاريخ الغازات الدفيئة على الأرض

اكتشف فريق من الباحثين في القارة القطبية الجنوبية مؤخرًأ قطعة من الجليد تبلغ من العمر مليوني عام. سيساعد هذا الاكتشاف في منح العلماء صورة أوضح للعلاقة بين الغازات الدفيئة والمناخ في العصور القديمة، والذي بدوره سيمكن العلماء من فهم التغير المناخي في المستقبل.

في ورقة علمية نُشرت في دورية Nature استخدم فريق من العلماء الهواء المحصور في الفقاعات المتواجدة في قطعة الجليد، لقياس مستويات الغازات الدفيئة، ثاني أكسيد الكربون والميثان. ترأس الفريق العالمان جون هيغنز ويوزين يان من جامعة برينستون، والعالم أندريه كورباتوف من جامعة ماين، وضمّ الفريق العالمان إد بروك من جامعة ولاية أوريغون، وجيف سيفرينجهاوس من جامعة كاليفورنيا. 

هذه هي المرة الأولى التي يتمكن فيها العلماء من دراسة قالب جليدي بهذا القِدم، قبل هذا الاكتشاف، كان عُمر أقدم قالب جليدي تم دراسته 800000 عام. أظهرت الدراسات السابقة حول هذا القالب، أن مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي ترتبط ارتباطًا مباشرًا بدرجات الحرارة في القطب الجنوبي والعالم خلال الـ 80000 عام الماضية. قبل هذا لم تكن العلاقة بين المناخ ومستويات ثاني أكسيد الكربون مفهومة جيدًا، ولكن الورقة العلمية الجديدة التي ُنشرت في Nature غيرت ذلك.

خلال المليون سنة الماضية، حدثت دورات من العصور الجليدية يتبعها فترات دافئة كل مئة ألف عام، ولكن من 2.8-1.2 مليون سنة ماضية، كانت هذه الدورات أقصر، بمعدل 40 ألف لكل دورة، وكانت العصور الجليدية أقل تطرفًا.

العالم إد بروك وهو يحمل القالب الجليدي. حقوق الصورة: Oregon State University

أراد الفريق معرفة كيف تباينت مستويات ثاني أكسيد الكربون في هذه العصور الزمنية القديمة، والذي حتى الآن لا يمكننا معرفته إلا بطريقة غير مباشرة، عن طريق دراسة كيمياء الرواسب في المحيطات. 

إحدى النتائج المهمة لهذه الدراسة إظهار أن معدلات ثاني أكسيد الكربون ترتبط بدرجات الحرارة في الحقب الزمنية القديمة.

هذه النتيجة مبنية على على الدراسات التي أجريت على كيمياء قالب الجليد المكتشف مؤخرًأ، والتي تعطي دليل على أن التغير في درجات الحرارة في القارة القطبية الجنوبية مرتبط بالتغير في معدلات ثاني أكسيد الكربون.

هذه الدراسة تمنحنا أساس مهم لفهم علوم المناخ، ولإنشاء نماذج يمكنها توقع التغير المناخي في المستقبل.

يأتي القالب الجليدي المتكون من 2 مليون عام من منطقة تعرف باسم تلال ألان Allan Hills، وهي تبعد حوالي 130 ميل عن محطة أبحاث أنتاركتيكا الأمريكية المعروفة باسم محطة مكموردو McMurdo Station. وقد عُثر على نيازك قديمة أيضًا في هذه المنطقة، وهو ما يدفع العلماء إلى الاعتقاد أنه يمكن أن يحتوي الغطاء الجليدي في المنطقة على جليد قديم.

سيتجه الفريق مرة أخرى إلى تلال ألان في الأيام القادمة ولمدة شهرين، لجمع المزيد من العينات من الجليد، ومحاولة البحث عن عينات أكثر قدمًا.

يقول العالم بروك: “لا نعرف الحد للعمر في هذه المنطقة. قد يكون هناك جليد أكبر عُمرًأ في بعض الأماكن. لهذا السبب سنعود. تجاوز حاجز المليوني عام سيكون أمرًا رائعًا”.

المصدر: Phys.org

طريقة مبتكرة لمواجهة الكميات الهائلة من ثنائي أكسيد الكربون

«ثنائي أكسيد الكربون-Carbon dioxide»

الوقود الأحفوري: هو وقود يتم استعماله لإنتاج الطاقة الأحفورية، يستخرج من الفحم الحجري، والفحم النفطي الأسود، والغاز الطبيعي، ومن النفط، كما تستخرج أيضًا هذه المواد بدورها من باطن الأرض وتحترق في الهواء مع الأكسجين لإنتاج حرارة تستخدم في كافة الميادين.

أدى الاستهلاك البشري للوقود الأحفوري إلى زيادة انبعاثات ثنائي أكسيد  الكربون على مستوى العالم، مما أدى إلى مشاكل خطيرة مرتبطة بارتفاع درجة حرارة الأرض وتغير المناخ والاحتباس الحراري.

على الرغم من أن الانبعاثات بدت وكأنها تتلاشى منذ عدة سنوات إلا أنها على ارتفاع مرة أخرى، فهناك الكثير من الطرق المتبعة حاليًا للتخفيف من هذه الانبعاثات ولكن تكمن العقبة في أن هذه الطرق تعتمد على الطاقة بدرجة كبيرة، انخفاض قدرة ثنائي أكسيد الكربون يزيد أيضًا من صعوبة التقاطه وتحويله بكفاءة عالية إلى مواد مفيدة، الأمر الذي دفع العلماء لبذل المزيد من الجهد والوقت لحل هذه المشكلة، بفضل العمل المستمر تكللت المساعي بالنجاح وتوصلوا إلى طريقة مبتكرة لمواجهة انبعاثات ثنائي أكسيد الكربون.

الطريقة المبتكرة حديثًا:

توصل العلماء بجامعة كيوتو إلى طريقة مبتكرة في محاولة لمواجهة الكميات الهائلة من ثنائي أكسيد الكربون الموجود في الهواء؛ من خلال تحويله إلى مادة مفيدة.
الجدير بالذكر أن هذه العملية تتم دون أن تستهلك الكثير من الطاقة، والأكثر من ذلك أن المواد الناتجة تكون قابلة لإعادة الاستخدام.

يقول سوسومو كيتاجاوا، كيميائي في جامعة كيوتو: “أحد أكثر الطرق إفادة لاحتجاز الكربون هو إعادة تدوير ثاني أكسيد الكربون إلى مواد كيميائية عالية القيمة، مثل الكربونات الدورية بحيث نستطيع استخدامها في الأدوية”.

PCP: وهو عبارة عن بوليمر تنسيق يسهل اختراقه«porous coordination polymer»، معروف أيضًا باسم MOF «إطار معدني عضوي-Metal-organi framework»، يتكون هذا البوليمر من أيونات الزنك المعدنية، أحد أهم ميزاته حسب ما وجد العلماء عن طريق استخدام التحليل الهيكلي للأشعة السينية أنه قادر على التقاط جزيئات ثاني أكسيد الكربون بشكل انتقائي وبكفاءة أعلى بمقدار 10 أضعاف من مركبات PCP الأخرى.

يقول كين إيتشي أوتاكي، الكيميائي بجامعة كيوتو من معهد علوم المواد الخلوية المتكامل (iCeMS): “لقد نجحنا في تصميم مادة مسامية لها تقارب كبير مع جزيئات ثنائي أكسيد الكربون ويمكنها تحويلها بسرعة وفعالية إلى مواد عضوية مفيدة”.

يحتوي البوليمر على مكون عضوي له بنية جزيئية تشبه المروحة، مع اقتراب جزيئات ثنائي أكسيد الكربون من الهيكل، وجد الباحثون أن الجزيء يدور ويعاد ترتيبه، لاحتجاز جزيئات الغاز.

مكون عضوي بهيكل يشبه المروحة.

ميزات PCP:

  1. عندما تعيد الجزيئات ترتيب نفسها تحدث تغييرات طفيفة في القنوات الجزيئية داخل البوليمر، ونتيجةً لذلك يعمل البوليمر كمنخل يمكنه التعرف على الجزيئات حسب الحجم والشكل.
  2. قابل لإعادة الاستخدام حتى مع عدم كفاية عملية التقاط الجزيئات ولو بعد 10 دورات.

يمكن للبوليمر تحويل جزيئات ثنائي أكسيد الكربون الملتقطة لصنع مادة «البولي يوريثين-polyurethane» وهي مادة لها مجموعة واسعة من التطبيقات، على سبيل المثال تستخدم في الملابس، والتعبئة، والأجهزة المنزلية وغيرها الكثير في مجالات متنوعة.

طرق أخرى تم تطويرها في وقت سابق:

قدمَ علماء من جامعة RMIT في أستراليا طريقة لتحويل ثنائي أكسيد الكربون إلى فحم، باستخدام تفاعل كيميائي يشمل السيريوم المعدني.

أيضًا تمكن فريق آخر من الباحثين، من جامعة رايس في الولايات المتحدة، من تطوير جهاز لتحويل ثنائي أكسيد الكربون إلى وقود سائل: في هذه العملية يكون البزموت المعدني هو المكون الرئيسي، وحامض الفورميك هو النتيجة النهائية، كل هذه الأفكار تحتاج إلى مزيد من البحث وتحتاج إلى العمل على نطاقات أكبر.

قد تصبح طريقة تحويل ثنائي أكسيد الكربون الجديدة مهمة جدًا بالنسبة لنا في المستقبل، لأسباب أقلها تحويل شيئًا ضار نوعًا ما لا نريده إلى شيء يفيدنا في مجالات متنوعة.

المصادر:

scitechdaily

Sciencealert

Exit mobile version