كيف تساعد المدن الذكية في الحد من التغير المناخي؟

هذه المقالة هي الجزء 13 من 18 في سلسلة كيف ستغير المدن الذكية من شكل عالمنا؟

يشكّل التغير المناخي مشكلةً حرجةً تمتدّ عبر الحدود الوطنية، والمجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ويواجه الباحثون مهمةً صعبةً بسبب كثرة أسباب نشوئه، فقام الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ بوضع أوّل تقييم عام 1990. وبدأت بعده عقود من البحوث الدولية، والمناظرات السياسية، والتحذيرات العلمية المشؤومة على نحو متزايد. على الرغم من الجهود المبذولة، فإن الفشل في خفض الانبعاثات الكربونية واضح إلى حدّ محبط. والواقع أن الزيادة العالمية في الانبعاثات كانت بلا هوادة، حيث أصبحت أعلى بنسبة 60% مما كانت عليه في عام 1999. [1] نتيجةً لذلك يعتقد الخبراء أن التهديدات تشكّل حالة طوارئ عالمية يمكن أن يترتّب عليها عواقب كارثية بالنسبة للبشرية. لذلك بدأت المدن الذكية بتطبيق خطط جديدة للحد من التغير المناخي والمشكلات البيئية فيها بالاعتماد على التقنيات الذكية.

ما هي أسباب التغير المناخي؟

يعتبر تغير المناخ مسألةً معقّدةً ذات عوامل مساهمة متعددة، حيث تتفاعل هذه العوامل مع بعضها البعض وتساهم في حدوث التغير المناخي. بسبب ذلك يصعب إلقاء المسؤولية التامة على البشر فقط، على الرغم من إثبات الأدلة العلمية دور الأنشطة البشرية في زيادة تغير المناخ. [2]

يتمثّل المسبب الرئيسي لتغير المناخ في زيادة انبعاث الغازات الدفيئة ولاسيما ثاني أكسيد الكربون CO2، والميثان CH4، وأكسيد النيتروز N2O. فتحجز هذه الغازات الحرارة في الغلاف الجوي للأرض، مما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية. ويعتبر حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم، والنفط، والغاز الطبيعي مصدرًا رئيسيًا لهذه الانبعاثات. ويشمل ذلك الانبعاثات الصادرة من محطّات توليد الطاقة، والنقل، والعمليات الصناعية. على سبيل المثال؛ تطلق بعض العمليات الصناعية كإنتاج الإسمنت، والتصنيع الكيميائي غازات دفيئة في الغلاف الجوي. إضافةً إلى ذلك تنتج الأنشطة الزراعية مثل إنتاج الماشية، وزراعة الأرز انبعاث الميثان، وأكسيد النيتروز، وتمتلك هذه الغازات قدرة احترار أعلى بكثير من ثاني أكسيد الكربون.[2]

تؤدي الإدارة غير السليمة للنفايات إلى انبعاث غاز الميثان في الجو، مثل تحلّل النفايات العضوية في مدافن القمامة. كما يساهم قطع الأشجار، وإزالة الغابات، والتوسع الحضري في التغيرات لأن الأشجار تمتصّ ثاني أكسيد الكربون. بالتالي تقلّل إزالة الغابات من قدرة الأرض على إزالة الغازات الدفيئة. وقد تؤثر التغييرات في استخدام الأراضي على الأنماط المناخية المحلية والإقليمية للأرض.[2]

المشكلات البيئية في المدن

تواجه المدن مجموعةً من القضايا البيئية المؤثرة على صحة السكان ورفاهيتهم. وتشمل بعض المشكلات البيئية الأكثر إلحاحًا في المدن ما يلي:

  • تلوث الهواء: غالبًا ما ترتبط المدن المكتظّة بمستويات عالية من تلوث الهواء بسبب حركة المرور، والصناعة، وغيرها من المصادر. ويترتّب على ذلك آثارًا صحيةً خطيرةً على السكان مثل حدوث مشاكل في الجهاز التنفسي، وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب.[3]
  • تلوث المياه: تؤدي التنمية الحضرية إلى زيادة الصرف، وتصريف مياه المجارير مما قد يلوث مصادر المياه كالأنهار، والبحيرات. فيؤثر ذلك بدوره على صحة الإنسان، والنظم البيئية المائية.[4]
  • المشاكل البيئية تحت سطح الأرض: يؤثر التحضُّر أيضًا على البيئة تحت سطح الأرض، بما في ذلك التغيُّرات في المياه الجوفية، ونوعية التربة فيؤثر ذلك على كل من صحة الإنسان، والنظام البيئي.[4]
  • التخلّص من القمامة: تولِّد المدن كميات كبيرةً من النفايات التي يصعب إدارتها، ويمكن أن يؤدي التخلص غير السليم منها إلى تلوث البيئة، ومخاطر صحية.[3]
  • الازدحام المروري: تواجه أغلب المدن الكبيرة مشكلة الازدحام المروري التي تزيد من انبعاث الغازات الضارّة، وتلوث الهواء.[5]
  • المساحات الخضراء: غالبًا ما تمتلك المدن مساحات خضراء محدودةً والتي تؤثر على نوعية الهواء، ودرجة الحرارة، ونوعية الحياة بشكل عام، وتخفّف من حدّة بعض هذه المشكلات.[6]

دور المدن الذكية في الحد من التغير المناخي والمشكلات البيئية

يعتبر الخبراء المدن الذكية أداةً مهمةً لمكافحة التغير المناخي والمشكلات البيئية في المدن من خلال تعزيز الممارسات المستدامة، والحد من الاحتباس الحراري. فتساعد المدن الذكية في تخفيف آثار تغير المناخ، وخلق مستقبل أكثر استدامةً للأجيال القادمة. ويتحقّق ذلك بواسطة إدارة الطاقة الذكية، والتنقل المستدام، والإدارة السليمة النفايات، والتخطيط الحضري. وذلك عن طريق الاستفادة من التقنيات المتطوّرة مثل الذكاء الاصطناعي AI، وإنترنت الأشياء IoT، وأجهزة الاستشعار، وتعلم الآلة وغيرها الكثير.

إدارة الطاقة الذكية

تنفّذ المدن الذكية عدّة استراتيجيات بهدف الحد من بصمتها الكربونية، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة، والتخفيف من وطأة التغير المناخي والمشكلات البيئية. فتعطي المدن الذكية الأولوية لدمج مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح في أنظمة الطاقة الخاصة بها. يساعد ذلك على تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتقليل غازات الاحتباس الحراري. [7][8]

تطبِّق المدن الذكية تقنيات كفاءة الطاقة لتحسين استهلاك الطاقة، وتتضمن الأبنية الذكية التي تمكّن من تحسين مراقبة واستعمال الكهرباء.[7] على سبيل المثال؛ تستخدم أنظمة إنارة ذكية تعتمد على أجهزة استشعار فتعدل هذه الأنظمة مستويات الإنارة على أساس كمية الضوء الطبيعي الداخل إلى البناء، فتساهم في خفض صرف الكهرباء.

إضافةً إلى ذلك، تستخدم المدن الذكية «شبكات متناهية الصغر- Microgrids» وهي نظم محلية لتوزيع الطاقة، تعزز موثوقية الطاقة ومرونتها. وتتضمّن تقنيات تخزين الطاقة مثل البطاريات من أجل تخزين الطاقة المتجددة الزائدة لاستخدامها لاحقًا.[8]

تنقل مستدام

تشجع المدن الذكية استعمال وسائل النقل العام والتي تساعد في الحد من الانبعاثات، وتحسين جودة الهواء، وتعزيز أنماط الحياة الأكثر صحةً. فتستثمر في الهياكل الأساسية للنقل العام مثل الحافلات السريعة، والسكك الحديدية، وشبكات مترو الأنفاق، لكي توفر خيارات عديدة تتّسم بالكفاءة والموثوقية.[9] تؤدي كذلك نظم إدارة حركة المرور دورًا حاسمًا في تعزيز وسائط النقل العامة في المدن عن طريق تقليل الازدحام. إذ تعتمد على أجهزة استشعار توفر بيانات آنية، من ثم تستخدم تحليلات متقدّمةً لتحسين تدفّق حركة المرور. تستطيع كذلك إعطاء الأولوية في إشارات المرور إلى المركبات العامة مما يزيد سرعتها مقارنةً مع المركبات الخاصة. كما توفر الأنظمة معلومات لحظيةً للمواطنين عبر تطبيقات على الهاتف المحمول حول ظروف المرور، وجداول النقل العام، والطرق البديلة. نتيجةً لذلك يستطيع السكان اتّخاذ قرارات فعّالة بشأن أسلوب سفرهم. [10]

لنساعد مدينتنا على التفكير بعمق

تحظى أنظمة مشاركة الدراجات بشعبية متزايدة بين الناس كوسيلة نقل مستدامة ومريحة. وتشمل أسطولًا من الدراجات التي يمكن للمستخدمين تأجيرها لفترات قصيرة، وعادةً ما تكون مقابل رسوم مالية. يؤثر النظام بشكل إيجابي على التنقل المستدام عن طريق تشجيع التحول من الرحلات القصيرة بالسيارات إلى الدراجات.[11][12] تواجه مشاركة الدراجات على الرغم من فوائدها الكثيرة تحديات مثل السرقة، وتلف الدراجات، والقدرة المحدودة في ظلّ جائحة كورونا.[12]

المركبات الكهربائية EVs

يشكّل التقارب بين الطاقة والتنقل ضرورةً أساسيةً بالنسبة للمدن الذكية، ومن هنا تأتي أهمية المركبات الكهربائية. والمركبات الكهربائية EVs هي المركبات التي تعمل بالطاقة الكهربائية بدلًا من البنزين، أو وقود الديزل. وتستخدم المحركات الكهربائية، والبطاريات لتشغيل المركبة مما يعني أنها تنتج صفر انبعاثات، وتعدّ أكثر ملاءمةً للبيئة من المركبات التقليدية.[13] وتتضمّن المركبات الكهربائية عدّة أنواع تختلف بحسب المنطقة، والجهة الصانعة وهي:

  • مركبات كهربائية تعمل بالبطارية BEVs: تعمل هذه السيارات فقط بالكهرباء المخزنة في بطاريات قابلة للشحن، ليس لديها محرّك احتراق داخلي، ولا تنتج انبعاثات. تزداد شعبيتها باستمرار، وتتوفّر بأحجام مختلفة بدءًا بالسيارات الصغيرة وحتى سيارات الدفع الرباعي الأكبر حجمًا.[14]
  • مركبات كهربائية هجينة موصولة PHEVs: تحتوي هذه المركبات على محرك كهربائي، ومحرك احتراق داخلي. ويمكن شحنها من مصدر طاقة خارجي كما يمكن تشغيلها باستخدام البنزين، بسبب ذلك تستطيع التحوّل إلى محرك الاحتراق الداخلي عندما تنضب البطّارية.[15]
  • مركبات كهربائية هجينة HEVs: تحتوي على محرك كهربائي، ومحرك احتراق داخلي لكن لا يمكن شحنها من مصدر طاقة خارجي. عوضًا عن ذلك تشحن البطارية من خلال المكابح، ومحرّك الاحتراق الداخلي، لكنها تُنتج بعض الانبعاثات.[15]
  • مركبات خلية الوقود الكهربائية FCEVs: تستخدم خلايا الوقود الهيدروجيني لتوليد الكهرباء من أجل تشغيل المحرك الكهربائي. ولا تنتج أي انبعاثات ولها مدى حياة أطول من المركبات الكهربائية BEVs. لكن البنية التحتية للتزوّد بالوقود الهيدروجيني محدودة حاليًا.[15]

إدارة النفايات

تستخدم المدن الذكية مزيجًا من التقنيات والنظم لتقليل النفايات، وتحسين طرق جمعها بهدف خلق بيئة أكثر نظافةً وصحةً لسكانها. وتعتمد عمومًا على صناديق القمامة الذكية وهي صناديق مجهزة بأجهزة استشعار تكشف متى تصبح ممتلئةً وتنبّه موظّفي إدارة النفايات من أجل تفريغها. بسبب ذلك يقلّ مقدار الوقت، والموادّ اللازمة لجمع النفايات. كما يمكن للصناديق ضغط النفايات لتوفير مساحة أكبر مما يقلّل الحاجة إلى عمليات التفريغ المتكرّر.[16]

علاوةً على ذلك تهدف المدن الذكية إلى تقليل النفايات عن طريق تعزيز ممارسات مثل إعادة التصنيع، والاستخدام، والتدوير. نتيجةً لذلك تقل كمية النفايات التي تحتاج إلى إدارة، وتخلق أيضًا فرصًا اقتصاديةً جديدةً. وتحتاج حتى تنجح بهذا النظام تثقيف المواطنين حول ممارسات إدارة النفايات السليمة مثل فصل المواد القابلة لإعادة التدوير عن المواد غير القابلة لإعادة التدوير.[17]

المساحات الخضراء

تسعى المدن الذكية إلى خلق بيئات حضرية أكثر استدامةً ومرونةً. فيمكن دمج البنية التحتية الخضراء والزرقاء مثل الحدائق والمسطحات المائية في المشهد الحضري. ويمكن للمدن كذلك تشجيع بناء مبانٍ خضراء تتضمّن سمات مثل الأسقف الخضراء والحدائق الرأسية. فلا تسهم هذه المباني فقط في زيادة المساحات الخضراء في المدينة، لكن تساعد أيضًا على الحدّ من الاحتباس الحراري. زيادةً على ذلك تدعم المدن الذكية مبادرات الزراعة الحضرية فتعزّز بذلك الإنتاج الغذائي المحلي، وتقلل من البصمة الكربونية المرتبطة بنقل الأغذية.[18]

بالطبع تستفاد المدن من التقنيات الذكية لتحسين استخدام الموارد. على سبيل المثال: يمكن الاعتماد على أجهزة الاستشعار، وتحليل البيانات لرصد مستويات رطوبة التربة، وتوفير الريّ للأشجار عند الضرورة فقط لتقليل هدر المياه.

لقد وصلنا اليوم إلى نقطة لا يمكننا فيها إنكار خطر التغير المناخي، والمشكلات البيئية، وما يترتّب عليها من نتائج كارثية تهدّد مستقبل كوكبنا. بالتالي نحتاج اتّخاذ تدابير وخطط جديدة وفعّالة للحد من المشكلة، وهذا ما تسعى إليه المدن الذكية الآن.

المصادر

  1. Semantic scholar
  2. Research Gate
  3. Semantic scholar
  4. National Library of medicine
  5. IEEE
  6. IOP Science
  7. Research Gate
  8. MDPI
  9. MDPI
  10. Semantic scholar
  11. Research Gate
  12. Research Gate
  13. Semantic scholar
  14. Semantic scholar
  15. IEEE
  16. Semantic scholar
  17. Journal of Emerging Technologies and Innovative Research
  18. Research Gate

النفايات البلاستيكية تغزو أعلى قمم جبلية في العالم

شاهد معظمنا تلك الصورة المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، لسلحفاة مسكينة ابتلعت كيسًا بلاستيكيًا! أو حتى صورة الطائر المتحلل على ساحل أحد المحيطات، ويبدو أنه قد ابتلع الكثير من قطع البلاستيك. كل تلك الصور وأكثر باتت مألوفة لنا مع ازدياد التلوث البلاستيكي، وزيادة الوعي البيئي خلال هذه الأعوام. يبدو تلوث المحيطات معقولًا بسبب النفايات التي تنتشر على طول السواحل، ولكن هل تعتقدون أن البلاستيك يمكن أن يصل إلى أماكن أبعد على كوكبنا؟ أو هل تظنون أن تلك النفايات البلاستيكية مثل الزجاجات وأكياس البلاستيك وحبال الصيد هي الأشكال الوحيدة من البلاستيك المنتشرة في الطبيعة؟ بالطبع لا! تعرفوا معنا في هذا المقال أنواع النفايات البلاستيكية ومخاطرها.

ما هو البلاستيك؟

أصبح البلاستيك عنصرًا أساسيًا في مختلف الصناعات في العصر الحالي، للأسباب التي نعرفها جميعًا، من مرونة استخدامه وسهولة صناعته. نستعمل الكثير من تلك القطع البلاستيكية يوميًا، سواء من خلال عبوات المياه التي نشتريها، والأكياس البلاستيكية التي نغلف بها طعامنا أو حتى الملابس التي نرتديها. كل تلك الأشياء نستخدمها بصورة مستمرة، ولكن هل تساءلتم عمّا يحدث لها في الطبيعة؟ أو إذا ما كان هذا البلاستيك يتحلل أم يبقى دون تحلل؟ لنعرف الإجابة لا بد أن ندرك مكوناته في البداية.

البلاستيك عبارة عن سلاسل طويلة من البوليمرات -جزيئات كبيرة- والتي تتكون من عناصر مثل الكربون والنيتروجين وغيرها من العناصر، ولكنها صعبة التحلل، ويقدر العلماء المدة الزمنية لِتحللها بمئات السنين. ولكن عندما تتعرض تلك النفايات البلاستيكية للعوامل البيئة من ضغط وحرارة، تتكسر إلى جزيئات أصغر تسمى اللدائن الدقيقة أو (microplastic). (2)

أنواع اللدائن الدقيقة

  1. اللدائن الدقيقة الأولية: والتي تتكون من بوليمرات صغيرة الحجم، وتدخل في الكثير من الصناعات مثل التحضيرات الكيميائية، وأنواع مختلفة من الصناعات البلاستيكية، وهناك نوع أخر من اللدائن الأولية، وهي (الميكروبيدات- microbeds) ،وحجمها أقل من 2 مم، وتتكون من البولي إثلين والبولي بروبين، وتستخدم في المنتجات الطبية والتجميلية. (2)
  2. اللدائن الدقيقة الثانوية: والتي تنتج من تأثير العوامل البيئة، من حرارة وضغط وتحلل مائي للنفايات البلاستيكية. (2)

اللدائن الدقيقة فوق قمة إيفرست، هي الأسوأ، والتي سبّبناها بأنفسنا، لأنها صعبة الجمع مقارنة بالنفايات البلاستيكية العادية. كما أنها تنتشر في كل مكان، مع الأمطار والرياح، في التربة والمحيطات. لكنها وصلت لأبعد من ذلك، بداية من جبال (البرانس-pyrenees) الفرنسية، نهاية (بحديقة سارجاماثا الوطنية-Sagarmāthā National Park) في نيبال، حيث تقع أعلى قمة جبل في العالم، وهي قمة (إفرست- Everest). تقول (إيموجين نابر-Imogen Napper) محققة البلاستيك من جامعة( بلومث-Plymouth)، أنها أثناء تحليلها لعينات من الثلج من أعلى قمة إفرست، لم تكن تتوقع نتيجة بعينها، ولكنها تفاجئت بوجود كميات كبيرة من اللدائن الدقيقة في كل عينة حللتها. (1)

تقول أنها ظنت بأن قمة إيفرست في منأىً عن التلوث البلاستيكي، ولكن من الواضح أن هذا التلوث قد اجتاح كوكبنا. انتشار البلاستيك أمر متوقع مع تطور صناعته وانتشارها في كافة الصناعات، ولكن استيعاب مدى تغلغله في كل موضع من هذا الكوكب، لهو أمر صادم! (1)

على الرغم من أن أقرب مدينة كبيرة لإفرست تبعد عنه بمقدار160 كيلومترًا، إلا أنه ليس خاليًا من البلاستيك، كما أن تحليل الثلج والمياه المحيطة به، سجل أعلى نسبة من اللدائن الدقيقة على الإطلاق! تقريبًا في كل عينة ثلجٍ تم جمعها.

خلال رحلة استكشاف عام 2019، تم العثور على تركيز كبير من تلك اللدائن، أكثر من المجاري المائية بجوار الجبل، وربما ذلك لأن المياه تتحرك بسرعة، كما أن ذوبان الجليد باستمرار، يعمل على تخفيف نسبة التلوث البلاستيكي بها. (1)

مع البحث، اكُتشف أن هناك منطقة تعتبر الأكثر تلوثًا، وذلك لأنها تعتبر معسكرًا للمتسلقين والمغامرين، يقضون فيه وقتًا يصل إلى شهرٍ أو أكثر! ووجد كذلك قطع بلاستيك أصغر من 5 ملليمتر، وكانت مصنوعة من ألياف البوليستر والأكريليك، بالإضافة إلى النايلون. تدخل تلك البوليمرات في صناعة معظم الملابس الخارجية والتي تكون مقاومة للماء، كما تدخل في صناعة الخيام والحبال والأعلام، والتي يستخدمها المتسلقون. كما أن العلماء يقدرون بأن قطعة بسيطة من الملابس البوليستر، يمكنها أن تُطلق مليارًا من اللدائن البلاستيكية الدقيقة سنويًا، وهذا يعني أنه حتى أكثر المتسلقين محافظةً على البيئة، يساهمون في تلويثها بالبلاستيك في نهاية المطاف! (1)

ماذا بعد؟

مع انتشار تلك الحبيبات الدقيقة في كل مكان تقريبًا بداية من أعمق المحيطات وصولًا لأعلى الجبال، وانتشار الأبحاث التي أثبتت دخولها في السلسلة الغذائية للكائنات البحرية، وغيرها من الكائنات؛ ومع تناولنا لتلك الحبيبات من خلال شرب الماء أو تناول الأطعمة المغلفة بالبلاستيك، فالأمر يبدو مقلقًا، وبالأخص لعدم معرفتنا لما يمكن أن تسببه للبشر من أضرار. الأبحاث ما تزال مستمرة في هذا الشأن، ولكن هل يمكن أن يتحول كوكبنا من الكوكب الأزرق إلى الكوكب البلاستيكي؟ أعتقد أن كل تلك التساؤلات ستتضح في المستقبل القريب.

مصادر

  1. Even Mount Everest, The Highest Peak in The World, Cannot Escape Microplastics.
  2. Microplastics in our oceans and marine health.

تحول نهر في روسيا إلى لون الدم نتيجة تلوث كارثي

تحول نهر في روسيا إلى لون الدم نتيجة تلوث كارثي

تسرب ما يقارب من 21 ألف طن من النفط في نهر أمبارنايا-Ambarnaya في سيبيريا؛ ملوثاً النهر وتربة القاع وما حوله. ويعد هذا التسريب كارثي لأبعد الحدود؛ نظراً لطول مدة التعافي منها على مر السنين القادمة، حسب ما أعرب عنه مناصري حماية البيئة وبعض المسؤولين.1

ظهرهذا التسرب في مدينة نوريلسك الصناعية -روسيا- في الأسبوع الأخير من شهر مايو من خزان وقود لمحطة الكهرباء، وانطلاق آلالف الأطنان من الوقود ومواد التشحيم إلى نهر أمبارنايا، ونشوب حريق هائل على مساحة 350 متر مربع حول المحطة. وهو ما وصفه المتحدث باسم وكالة الصيد الحكومية Rosrybolovstvo ديمتري كلوكوف بكارثة بيئية، حيث امتدت المياه القرمزية بعرض النهر وعلى طوله في لقطات نشرتها وكالة الإعلام الروسية على الانترنت.2

لون النهر القرمزي نتيجة تسرب المواد النفطية


وأعلنت الشركة لاحقاً أنها ستبذل ما في وسعها لإزالة التسرب والاستعانة بمتخصصين من موسكو قاموا فيما بتقسيم الجزء المتضرر من النهر لمنع انتشار التسرب. وتعهدت الشركة بدفع تكاليف التنظيف المقدرة حتى الآن بنحو 146 مليون دولار.

وبسبب ذلك تعرضت مدينة نوريلسك لسمعة سيئة بسبب التلوث، على الرغم من تبرير الشركة ببذل قصارى جهودها لتحسين بيئة المدينة ومحيطها. مدينة نوريلسك من أشهر المدن الرائدة في العالم لانتاج النيكل والبلاديوم بالإضافة لتوافد الأجانب إليها.2

أسباب الواقعة

يعتقد المحققون أن خزان المحطة للمواد النفطية بالقرب من نوريلسك قد غرق بسبب ذوبان التربة الصقيعية-permafrost، مما أضعف دعائمه. حيث شهد القطب الشمالي أسابيع من الطقس الحار بشكل غير عادي، وربما يكون أحد أعراض الاحتباس الحراري.1

يستخدم مصطلح التربة الصقيعية-permafrost للأرض المتجمدة بشكل مستمر لمدة عامين أو أكثر، فحوالي 55 ٪ من أراضي روسيا، ومعظمها من سيبيريا، عبارة عن أرض دائمة التجمد وموطن لحقول النفط والغاز الرئيسية فيها. وللأسف تحقق كابوس بيئي قد حذر منه مجلس القطب الشمالي Arctic Council -وهو منتدى دولي تشارك فيه روسيا- في دورتها لعام 2017 والذي ناقش خطورة تواجد المؤسسات في مناطق التربة الصقيعية وعدم إمكانية التربة على تحمل هياكل الثمانينات هذه.1

بالإضافة إلى اعتبار وكالة بلومبرج-Bloomberg للأنباء إلى أن البنية التحتية النفطية في روسيا تعتمد بشكل كبير على ثبات التربة تحتها لاستيعاب مثل هذه الأحمال: صهاريج التخزين في شبه جزيرة يامال.1

التأثير البيئي

عادةً ما تتضمن التسربات النفطية الرئيسية مثل تلك التي حدثت في Exxon Valdez في عام 1989 أو Deepwater Horizon في عام 2010 نفط خام وسميك الطبقة يقع على سطح مياه البحر. وهذه النوع من التسرب طرق تنظيفه معروفة جيداً. ومع ذلك، فإن التسرب الأخير في نوريلسك شمل زيت ديزل أرق وأقل كثافة في المياه العذبة ، مما يجعل التنظيف أكثر صعوبة لسهولة اختلاطه بالمياه.3

يحتوي زيت الديزل على ما بين 2000 و 4000 نوع من الهيدروكربون (اللبنات الطبيعية للوقود الأحفوري)، والتي تتحلل بشكل مختلف في البيئة. ويمكن أن يتبخر 50٪ أو أكثر في غضون ساعات وأيام ، مما يضر بالبيئة ويسبب مشاكل في الجهاز التنفسي للأشخاص القريبين. ويمكن لمواد كيميائية أخرى أكثر مقاومة أن تتحد مع الطحالب والكائنات الدقيقة في الماء وتغرق، مما يخلق رواسب سامة على قاع النهر أو البحيرة. هذا يعطي الانطباع بأن التلوث قد أزيل ولم يعد يشكل تهديدا. ومع ذلك ، يمكن أن تستمر هذه الرواسب لأشهر أو سنوات.3

وبالإضافة لتلك الحادثة، اعترفت مدينة نوريلسك بتسرب أحد مصانعها نتيجة حادث حول لون المياه للأحمر القاتم. ورغم محاولات تخفيف أثر التلوث هذه المرة، أعلنت نائبة وزير البيئة لمنطقة كراسنويارسك-Krasnoyarsk من اتساع رقعة التسريب مما أحال تلك الجهود عن إيقافها في اتجاه مجرى النهر. كما أضاف فاسيلي يابلوكوف من منظمة السلام الأخضر في روسيا أن التلوث سيكون له تأثير سلبي الحياة البيئية المعتمدة بشكل أساسي على مياه النهر من حيوانات ونباتات.1

المصادر:

1- BBC
2- Reuters
3- Phys.org

اقرأ أيضاً: لماذا يزداد تلوث الهواء في أفريقيا؟

جزيئات سامة في مشيمات الحوامل تثبت خطر تلوث الهواء

جزيئات سامة في مشيمات الحوامل تثبت خطر تلوث الهواء، عثر العلماء على دليل يثبت أن السخام المنبعث من عوادم المركبات في الطرقات يمر عبر مشيمة الحوامل ليصل إلى الجنين، لذلك يمكن أن تكون الخطوة الأولى لشرح سبب ارتباط التلوث العالي بزيادة خطر الإجهاض والولادة المبكرة وانخفاض أوزان المواليد، قال الخبراء إن النساء يمكن أن يتخذن تدابير مثل تجنب الطرق المزدحمة.

واكتشف العلماء باستخدام مجهر عالي القدرة وجود جزئيات الكربون في المشيمة لـ 28 امرأة شاركن بالدراسة بعد أن انجبن، كانت الأمهات العشر اللائي يعشن بالقرب من الطرق المزدحمة، والذين تعرضوا لأعلى مستويات التلوث أثناء الحمل، لديهم أعلى مستويات الجزيئات في المشيمة، مقارنة مع العشرة اللائي تعرضن لأدنى حد وعشن 500 متر على الأقل (1600 قدم) بعيدا عن طريق مزدحم.
تحقق الباحثون في كل عينة من المشيمة التي تم فحصها – والتي شملت خمسة ولادات مبكرة و 23 ولادة كاملة المدة، وكان لدى عشر أمهات من المناطق ذات المستويات العالية (2.42 ميكروغرام لكل متر مكعب) عدد أكبر من الجسيمات الكربونية، أكثر من 10 أخريات حيث كان التعرض أقل بكثير عند 0.63.

ويشير الباحثون إلى أن الجزيئات تنتقل من رئة الأم إلى المشيمة بآلية معقولة، قال العلماء من جامعة هاسيلت في بلجيكا بقيادة البروفيسور تيم ناروت: “تُظهر نتائجنا أن حاجز المشيمة البشري لا يمكن اختراقه بالنسبة للجزيئات”. وأضافوا: “سيتعين علينا المزيد من البحث لتوضيح ما إذا كانت الجسيمات تعبر المشيمة وتصل إلى الجنين، وإذا كان ذلك يمثل آلية محتملة تشرح الآثار الصحية الضارة للتلوث، من الحياة المبكرة وما بعدها”.

قال البروفيسور جوناثان جريج، وهو خبير بارز في آثار تلوث الهواء على الأطفال، من جامعة كوين ماري في لندن: “هناك أدلة وبائية قوية للغاية على أن تعرض الأم لجزيئات تلوث الهواء يرتبط بنتائج عكسية مثل الإجهاض”.

وقال أندرو شينان، أستاذ طب التوليد في كلية كينجز كوليدج في لندن: “يمكن للجزيئات الصغيرة، مثل التدخين، أن تسبب مرضًا كبيرًا يتعلق بالمشيمة وهذه النتائج للجزيئات في المشيمة تشكل مصدر قلق، إذ أن آثارها المحتملة على الطفل والأم تستدعي المزيد من التحقيق”.

المرأة الحامل لا تستطيع تغيير البيئة التي تعيش فيها، وقال البروفيسور جريج: “لا ينبغي أن تكون النساء مصابات بجنون العظمة تجاه السير في الشارع ولكن يمكن أن يفكرن في كيفية الحد من تعرضهن”. وقال البروفيسور ناروت: “كان هناك تدابير صغيرة يمكن أن تساعد، على الناس أن يتنفسوا، لذلك من الأفضل تهوية المنازل من الخلف حيث لا توجد حركة مرور، وإذا كان ذلك ممكنًا إذا كنت تقود أو تمشي، اختر طريقًا به حركة مرور أقل، لكن بشكل عام يجب معالجة هذا على مستويات السياسة”.

المصدر: https://bbc.in/2m0mCFi

«أديداس-Adidas» تحوِّل نفايات المحيط البلاستيكية إلى أحذية وملابس رياضية!

تنتج «أديداس-Adidas» أكثر من 400 مليون زوج من الأحذية كل عام. تصنيع العديد من الأحذية يتطلب الكثير من الموارد، ولكن إنشاء مواد جديدة باستمرار ليس بالأمر الجيد بالنسبة للبيئة. وهذا ما دفع أديداس لاستخدام مصدرٍ مختلف.

يتوقع الخبراء أنه خلال 30 عامًا سيتجاوز عدد البلاستيك في محيطاتنا عدد الأسماك بكثير. وتقدر إحدى الدراسات أن 90% من الطيور البحرية قد استهلكت شكلاً من أشكال النفايات البلاستيكية. كل هذا التلوث على الشواطئ وفي المحيط ضارٌ لكل من الحياة البحرية والبشر.

لذا تحاول أديداس الحد من تلويث هذا البلاستيك للمحيط. في عام 2015، شاركت أديداس مع المنظمة البيئية «Parley for the Oceans». هدفهم هو تحويل التلوث البحري إلى ملابس رياضية، وقد حققوا تقدما هائلًا.

في عام 2019، تتوقع أديداس صنع 11 مليون زوج أحذية من بلاستيك المحيط المعاد تدويره. هذا أكثر من ضعف ما حققته في عام 2018. وتقول أديداس إن الشراكة مع «Parley for the Oceans» منعت 2810 طن من البلاستيك من الوصول إلى المحيطات. لكن كيف تصنع هذه الأحذية؟

يبدأ كل شيء على الشاطئ. تجمع منظمة بارلي وشركاؤها القمامة من المناطق الساحلية مثل جزر المالديف. ثم يتم فرز النفايات، ويتم إرسال البلاستيك المستعاد إلى مصنع معالجة أديداس. تستخدم أديداس الزجاجات البلاستيكية التي تحتوي على «البولي إيثيلين تيريفثاليت-(Polyethylene Terephthalate (PET». وإذا كان هناك شيء لا تستطيع أديداس استخدامه، مثل القبعات والخواتم، يتم إرسالها إلى مُنشآت إعادة التدوير العادية.

يسحق مصنع المعالجة النفايات ويغسلها ويجففها، ولا يترك شيئًا سوى رقائق بلاستيكية صغيرة. يتم تسخين الرقاقات وتجفيفها وتبريدها ثم تقطيعها إلى كريات راتنجية صغيرة. عادة ما يكون «البولي إستر-Polyester» مصنوع من البترول. لكن أديداس تذوب هذه الكريات لإنشاء خيوط، يتم نسجها فيما يسمونه «بلاستيك المحيط-Ocean Plastic»، وهو شكل من خيوط البولي إستر.

تستخدم أديداس ‘بلاستيك المحيط’ لتشكيل الأجزاء العلوية من الأحذية والملابس مثل القمصان. تتكون كل قطعة في مجموعة «Parley for the Oceans» من 75% على الأقل من النفايات البحرية. وهذا لم يغيّر شيئًا من معايير الأداء والراحة لأحذية أديداس. البولي إستر المعاد تدويره يستخدم كميات أقل من المياه والمواد الكيميائية ويساعد على منع التلوث البلاستيكي.

هدف أديداس هو استبدال كل البوليستر الأولي مع البوليستر المعاد تدويره بحلول عام 2024. حاليًا، يستخدم البوليستر المعاد تدويره في أكثر من 40% من ملابس أديداس. ربما ترى ملابس أديداس الرياضية المعاد تدويرها دون أن تلاحظ ذلك. تم استخدام الملابس المصنوعة من ‘بلاستيك المحيط’ في فرق كرة القدم الجامعية، البيسبول، «دوري الهوكي الوطني-National Hockey League (NHL)»، «بطولة أستراليا المفتوحة للتنس-Australian Open» وغيرها.

لكن هذا لا يقضي على التلوث البلاستيكي بالكامل. يمكن أن يؤدي غسل ملابس البوليستر إلى إنتاج ألياف دقيقة قد ينتهي بها المطاف في المحيط. تنصح أديداس العملاء أن يغسلوا ملابسهم بشكلٍ أقل، وأن يستخدموا الماء البارد، ويملئون آلة الغسي بالكامل في كل مرة.

لكن هذه ليست سوى الخطوة الأولى. تقوم أديداس أيضًا بتطوير حذاء قابل لإعادة التدوير بنسبة 100% يسمى «Futurecraft Loop». يُصنع هذا الحذاء ليكون قابلًا للتجديد، حيث يمكن إرجاعه وتقسيمه لإنشاء زوج جديد تمامًا. من المتوقع أن تكون أحذية «Futurecraft Loop» متاحة في عام 2021.

بمساعدة شركة «Parley for the Oceans»، تستخدم Adidas مواد متاحة بسهولة لتصنيع منتجات جديدة. وهي خطوة كبيرة نحو مستقبل مستدام.

ألمصدر: Business Insider

إقرأ أيضًا: دراسة تكشف مدى تأثير البلاستيك على صحتنا

تسريب للمواد المشعة في أوروبا أعلى بمئة مرة من معدل تسريبات حادثة فوكوشيما

يذكر أن أول تسريب للمواد المشعة كان سنة 2011 في فوكوشيما باليابان. وفي أيلول من عام 2017، انتقلت سحابة مشعة إلى مختلف أنحاء أوروبا.

تم نشر دراسة مؤخرا تحلل أكثر من 1300 قياس من جميع أنحاء أوروبا ومناطق أخرى من العالم لمعرفة سبب هذا الحادث. وكانت النتيجة غير مرتبطة بالتفاعلات، بل نتيجة لحادث في مصنع لإعادة المعالجة النووية.

ويصعب تحديد المصدر الدقيق لحادثة النشاط الإشعاعي، ولكن البيانات تشير إلى موقع في الأورال الجنوبية. وهي نفسها المنطقة التي تتواجد فيها المنشأة النووية الروسية ماجاك. ولكنها لم تسبب أية مخاطر صحية للسكان الأوروبيين.

من بين الخبراء الـ 70 من جميع أنحاء أوروبا الذين ساهموا ببيانات وخبراتهم في الدراسة الحالية نذكر الدكتور ديتر هاينز-Dieter Hainz مع بول ساي-Paul Saey – معهد الفيزياء الذرية ودون الذرية في TU Wien (فيينا). وتولى الدكتور جورج شتاينهاوزر-Georg Steinhauser – جامعة هانوفر – إلى جانب الدكتور أوليفييه ماسون-Olivier Masson – معهد الحماية الإشعاعية والضمانات النووية في فرنسا – مهمة تقييم البيانات. وقد

نشر الفريق نتائج الدراسة في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم.

كميات غير عادية من الروثنيوم

يقول جورج شتاينهاوزر:

“قمنا بقياس مادة روثينيوم 106 المشعة. وتشير القياسات إلى أنها أكبر إطلاق للنشاط الإشعاعي من محطة مدنية لإعادة المعالجة”.

وفي خريف عام 2017، تم قياس سحابة من مادة روثنيوم 106 في العديد من البلدان الأوروبية. بقيم تصل قدرتها القصوية 176 ملليبكريل لكل متر مكعب من الهواء. وكانت القيم أعلى بمئة مرة من التركيزات الكلية في أوروبا بعد حادثة فوكوشيما.

ويذكر أن نصف عمر النظائر المشعة هو 374 يوماً.

يعتبر هذا التسريب غير عادي، فحقيقة عدم وجود أي مواد مشعة غير مادة الروثينيوم هو مؤشر واضح على أن المصدر لا بد أن يكون مصنعاً لإعادة المعالجة النووية. وكان النطاق الجغرافي لسحابة روثنيوم 106 ملحوظا أيضا، حيث تم قياس أجزاء كبيرة في كل من أوروبا الوسطى أوروبا الشرقية، آسيا وشبه الجزيرة العربية بل وحتى منطقة البحر الكاريبي. وجمعت البيانات عن طريف شبكة دولية غير رسمية تضم جميع محطات القياس الأوروبية تقريبا. وبلغ مجموع المحطات المشاركة 176 محطة قياس من 29 بلدا.

كما تقوم الوكالة النمساوية للصحة والسلامة الغذائية بتشغيل هذه المحطات أيضا، بما في ذلك مرصد جبال الألب في سونبليك-Sonnblick  على ارتفاع 3106 أمتار فوق سطح البحر.

 لا وجود لأية مخاطر صحية

وبالرغم من كون الحادثة غير عادية، فإن تركيز المواد المشعة لم يصل إلى مستويات قد تؤذي صحة البشر في أي مكان من أوروبا. ومن خلال تحليل البيانات، يمكن استخلاص ما يتراوح مجموعه بين 250 و 400 تيرابيكريل من روثينيوم 106. ولم تضطلع أي دولة حتى اليوم بالمسؤولية عن هذا الإطلاق الكبير لمادة الروثينيوم في خريف عام 2017.

ويشير تقييم نمط توزيع التركيز ونمذجة الغلاف الجوي إلى وجود موقع تسريب في جنوب جبال الأورال. وهو المكان الذي تقع فيه المنشأة النووية الروسية ماجاك. وكانت محطة إعادة المعالجة الروسية بالفعل مصدرا لثاني أكبر عملية تسريب نووي في التاريخ وذلك في أيلول من سنة 1957، أي بعد كارثة تشيرنوبيل. وفي ذلك الوقت، انفجر صهريج يحتوي على نفايات سائلة من البلوتونيوم، مما تسبب في تلوث واسع النطاق للمنطقة.

وحدد أوليفييه ماسون وجورج شتاينهاوزر تاريخ التسريب إلى ما بين 25 أيلول 2017 في الساعة السادسة مساءا و 26 أيلول ظهراً من السنة ذاتها. أي بعد 60 عاماً تقريبا من حادث عام 1957.

يقول البروفسور ستاينهاوزر:

“ولكن هذه المرة، وقع الحادث في فترة قصيرة. واستطعنا أن نبرهن أن الحادث وقع خلال مرحلة معالجة عناصر الوقود المستهلك.”

“وعلى الرغم من أنه لا يوجد حاليا بيان رسمي إلا أنه لدينا فكرة جيدة جدا عما كان يمكن أن يحدث”.

على عكس حوادث تشيرنوبيل وفوكوشيما التي استمرت لأيام.

 

المصدر:

Science Daily

 

لا تنسَ تقييم المقال 🙂

Exit mobile version