توقعات جوائز نوبل 2021، من سيفوز؟

توقعات جوائز نوبل 2021، كيف نعرف من سيفوز بجوائز نوبل 2021؟ وكيف تنجح «تحليلات كلارفيت-Clarivate Analytics» في توقع الفائزين بجائزة نوبل على مر الأعوام؟ وهل ستصدق توقعات جوائز نوبل 2021 ؟

27 نوفمبر 1895: وقع ألفريد نوبل وصيته الأخيرة ومنح النصيب الأكبر من إرثه المادي لسلسلة من الجوائز في الفيزياء والكيمياء وعلم وظائف الأعضاء والطب والأدب والسلام – باسم جوائز نوبل وتُمنح “لأولئك الذين منحوا، خلال العام السابق، أكبر فائدة للبشرية”.

ميدالية نوبل

ما هي «تحليلات كلارفيت-Clarivate Analytics»؟

سيكتشف العالم الفائزين بجوائز نوبل 2021 خلال أقل من أسبوع حيث تعلن الجوائز الأهم علميًا كل عام يوم الاثنين الأول من شهر أكتوبر وهو يوافق 4 أكتوبر هذا العام، لكن بدأت الإثارة من الآن، حيث يحاول العديد من المحللين التنبؤ بمن يحصد الجوائز كل عام.

ومن أهم المتوقعين سنويًا شركة «كلاريفيت-Clarivate» التي تأسست عام 2016 وتدير مجموعة من الخدمات العلمية تركز بشكل كبير على تحليلات البحث العلمي والأكاديمي، وبراءات الاختراع ومعايير الامتثال للجودة والاختبارات الصيدلانية والتكنولوجيا الحيوية.

تدير كلاريفيت منصة «شبكة العلم – Web of Science» وهي قاعدة بيانات معروفة في الوسط العلمي للأبحاث العلمية وتنشر من خلالها قائمة الباحثين الأكثر تأثيًرا في العالم سنويًا تحت مسمى «كلاريفيت الاستشهاد-Clarivate Citation» منذ تسعة عشر عامًا، وتستند إلى بيانات النشر والاقتباس لـ 52 مليون مقالة علمية مفهرسة في قاعدة بياناتهم منذ عام 1970 حتى الآن.

«إذا كنت قد رأيت أبعد، فذلك بالوقوف على أكتاف العمالقة.»

إسحاق نيوتون

لماذا تعد «كلاريفيت الإستشهاد-Clarivate Citation» أهم مؤشرات نوبل؟

يتم اختيار الفائزين بجوائز الاستشهاد عن طريق تحديد الأوراق البحثية الرائدة في مجالاتها والتي تم الاستشهاد بها أكثر من 2000 مرة خلال السنوات العشر الماضية في أبحاث علمية أخرى من نفس المجال وهم 5700 بحث فقط أي أقل من 0.01% من الأبحاث!

ويتم اختيار الباحثين لأدائهم الاستثنائي في واحد أو أكثر من المجالات العلمية؛ من بين هؤلاء الحاصلين على «جوائز الاستشهاد-citation laureates» هناك 59 شخصًا حصلوا على جوائز نوبل بعد ذلك بوقت قصير!

«كلاريفيت الإستشهاد-Clarivate Citation»، توقعات جوائز نوبل 2021

الطب وعلم وظائف الأعضاء

جان-بيير شانجوا

«لمساهمته في فهمنا للمستقبلات العصبية وخاصة تحديد مستقبلات الأسيتيل-كولين النيكوتينية وخصائصها الفراغية»

«جان-بيير شانجوا-Jean-Pierre Changeux» فرنسا |  الولايات المتحدة الأمريكية. أستاذ فخري  في كوليج دو فرانس ومعهد باستور بباريس؛ الكلية الدولية. معهد كافلي المخ والعقل. وجامعة كاليفورنيا سان دييغو، سان دييغو،كاليفورنيا.

«تاداميتسو كيشيموتو»

و«تاداميتسو كيشيموتو-Tadamitsu Kishimoto» اليابان

أستاذ مختبر تنظيم المناعة، مركز أبحاث WPI لبحوث علم المناعة الرائدي، جامعة أوساكا، أوساكا.

«توشيو هيرانو»

«توشيو هيرانو-Toshio Hirano» اليابان

رئيس المعاهد الوطنية لعلوم وتكنولوجيا الكم والإشعاع، تشيبا. أستاذ فخري  بجامعة أوساكا، أوساكا.

لتحديدهم وعزلهم فيروس هانتا، كعامل الحمى النزفية المصحوبة بمتلازمة الكلى.

«كارل م. جونسون»

«كارل م. جونسون-Karl M. Johnson» الولايات المتحدة الأمريكية، وقد عمل سابقًا في مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها؛ ويعمل كأستاذ مساعد فخري بجامعة نيو مكسيكو.

«هو وانغ لي»

و«هو وانغ لي-Ho Wang Lee» كوريا الجنوبية وهو أستاذ فخري بجامعة كوريا، سيول، والرئيس السابق وعضو الأكاديمية الوطنية للعلوم.

لاكتشافهم بروتين Interleukin-6 ووصفهم خواصهُ الفسيولوجية والباثولوجيا التي ساهمت في تطوير علم الدواء.

الكيمياء

«باري هاليويل»

لأبحاثه الرائدة في كيمياء الجذور الحرة، بما في ذلك دور الجذور الحرة ومضادات الأكسدة في إحداث الأمراض للبشر.

«باري هاليويل-Barry Halliwell» سنغافورة، وهو مستشار التعيينات الأكاديمية والتميز البحثي, نائب رئيس جامعة سنغافورة الوطنية (NUS)؛ ورئيس المجلس الاستشاري الطبي الحيوي وكالة العلوم والتكنولوجيا والبحوث (A * STAR)، وأستاذ  قسم الكيمياء الحيوية، كلية يونغ لو لين للطب، بجامعة سنغافورة الوطنية.

«وليام ل.جورجنسن»

لدراسته وإيجاده طرقًا ذكية في الكيمياء الحاسوبية للأنظمة العضوية والجزيئية الحيوية في المحاليل، مما يساهم في تصميم وتصنيع الأدوية الجديدة.

«وليام ل.جورجنسن-William L. Jorgensen» الولايات المتحدة الأمريكية، ويعمل أستاذًا في الكيمياء في قسم الكيمياء، جامعة ييل، نيو هيفن، كونيتيكت.

«ميتسو ساواموتو»

لاكتشاف وتطوير البلمرة الجذرية الحية المحفزة بالمعادن.

«ميتسو ساواموتو-Mitsuo Sawamoto» اليابان، ويعمل كأستاذ بمعهد بحوث الحدود، جامعة تشوبو، كاسوجا، إيتشي، وأستاذ فخري بجامعة كيوتو، كيوتو اليابان.

الفيزياء

«أليكسي واي كيتاييف»

للحساب الكمي الطوبولوجي، حيث يتم تشفير المعلومات الكمومية وحمايتها باستخدام الخصائص الطوبولوجية للأنظمة متعددة-الأجسام.

«أليكسي واي كيتاييف-Alexei Y. Kitaev» الولايات المتحدة الأمريكية، وهو أستاذ بأكاديمية رونالد وماكسين ليندي للفيزياء النظرية والرياضيات، معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا ومعهد المعلومات والمادة الكمية، باسادينا، كاليفورنيا.

«مارك إي جي نيومان»

لإجراء أبحاث واسعة النطاق حول أنظمة الشبكات بما في ذلك العمل على بنية المجتمع ونماذج الرسم البياني العشوائية

«مارك إي جي نيومان-Mark E. J. Newman» الولايات المتحدة الأمريكية، وهو أستاذ بجامعة أناتول رابوبورت المتميزة للفيزياء، قسم الفيزياء ومركز دراسة النظم المعقدة، جامعة ميشيغان، آن أربور، ميتشيغن.

«جورجيو باريزي»

للاكتشافات الرائدة في الديناميكا اللونية الكمومية وفي دراسة الأنظمة المعقدة المضطربة.

«جورجيو باريزي-Giorgio Parisi» إيطاليا، وهو أستاذ فخري للفيزياء النظرية، جامعة روما لا سابينزا، روما.

الاقتصاد

«ديفيد ب.أودريتش»

للبحث الرائد في ريادة الأعمال والابتكار والمنافسة.

«ديفيد ب.أودريتش-David B. Audretsch» الولايات المتحدة الأمريكية، ويعمل كأستاذ متميز ورئيس قسم للتنمية الاقتصادية، ومدير معهد استراتيجيات التنمية، كلية أونيل للشؤون العامة والبيئية، جامعة إنديانا، بلومنغتون، إنديانا.

و«ديفيد ج تيس-David J. Teece» الولايات المتحدة الأمريكية، مدير مبادرة توشر لإدارة رأس المال الفكري، أستاذ إدارة الأعمال معهد ابتكار الأعمال، كلية هاس للأعمال، جامعة كاليفورنيا، بيركلي، بيركلي، كاليفورنيا.

«جويل مكير»

لدراسات تاريخ وثقافة التقدم التكنولوجي وعواقبه الاقتصادية.

«جويل مكير-Joel Mokyr»الولايات المتحدة الأمريكية، حاصل على أستاذية روبرت هـ. ستروتز في الآداب والعلوم، وأستاذ الاقتصاد والتاريخ، جامعة نورث وسترن، إيفانستون، إلينوي.

«كارمن م.رينهارت»

«كارمن م.رينهارت-Carmen M. Reinhart» الولايات المتحدة الأمريكية، حاصلة على أستاذية مينوس أ. زومباناكيس في النظام المالي الدولي، كلية هارفارد كينيدي، كامبريدج، ماساتشوستس.

«كينيث س. روجوف»

«كينيث س. روجوف-Kenneth S. Rogoff» الولايات المتحدة الأمريكية، وهو أستاذ الاقتصاد وحاصل على أستاذية توماس د. كابوت في السياسة العامة، قسم الاقتصاد، جامعة هارفارد، كامبريدج، ماساتشوستس.

للمساهمات في الاقتصاد الكلي الدولي ورؤى حول الديون العالمية والأزمات المالية.

هكذا جاءت توقعات كلاريفيت، فهل ستصدق؟ هذا ما سنتابعه سويًا في 4 أكتوبر القادم، تابعونا.

لماذا الفائزون بالميداليات البرونزية أكثر سعادة من الفائزين بالفضية؟

في الأحداث الأولمبية، تذهب الميدالية الذهبية والفضية والبرونزية إلى الرياضي الذي حقق أول وثاني وثالث مركز. قد تتوقع أن مقدار فرحة الفوز مترتّبة على حسب نوع الميدالية، فالفائز بالميدالية الذهبية هو الأكثر سعادة والفائز بالفضية أقل قليلا والفائز بالبرونزية أقلهم. والغريب أن الأمر ليس كذلك. الرياضي الذي يفوز بالبرونزية يشعر بشكل ما بسعادة أكبر من الرياضي الذي يفوز بالفضية. لكن كان لهذا تفسير فىي علم النفس البشري. خلال هذا المقال سنتعرف لماذا الفائزون بالميداليات البرونزية أكثر سعادة من الفائزين بالفضية؟

كيف تمت الدراسة

بالنسبة لدراسة نشرت حول علم النفس الاجتماعي، قام الباحثون بتحرير مقاطع فيديوهات بالميداليات الفضية والبرونزية في الأوليمبياد الصيفية لعام 1992. وتم تسجيل لحظات ردود الفعل الفورية عقب الإعلان عن الفائز مباشرة، ولحظات أخرى بعد ساعات. وطلب من بعض الأشخاص تقييم ردود فعل الرياضيين على مقياس من 10 نقاط دون إخبارهم بالميدالية التي فاز بها كل رياضي.[1] [2]

نتائج على عكس التوقعات

ووجدت النتائج أن الحاصلين على الميداليات البرونزية بدوا أكثر سعادة بكثير من الحاصلين على الميداليات الفضية. وقيّم المشاركون الحاصلين على الميداليات البرونزية بمقياس 7.1 فور إعلان فوزهم و5.7 على منصة التتويج، بينما تم تقييم الحاصلين على الميداليات الفضية ب 4.8 فور إعلان فوزهم و 4.3 في على منصة التتويج. وقد ظهرت نتائج مماثلة بعد مسابقة الجودو في دورة الألعاب الأوليمبية لعام 2004. [2] [1]

التفسيرات الممكنة

لماذا الفائزون بالميداليات البرونزية أكثر سعادة من الفائزين بالفضية؟ أحد التفسيرات التي طرحها علماء النفس هم مصطلح يسمى “التفكير عكس الواقع- Counterfactual thinking”: بدلا من التفكير في إنجازك، تقوم بمقارنتها إلى ما قد يكون لو كنت فعلت كذا. بالنسبة للميدالية الفضية، فإن هذا الفكر العكسي هو على الأرجح أنه كان بإمكانهم الفوز بالذهبية لو كانوا قد أبلوا بلاء أفضل قليلا. أما بالنسبة للميدالية البرونزية، فالعكس هو الصحيح، فهم كانوا على وشك الخروج دون أي ميداليات على الإطلاق. وقد يكون هذا السبب في أن الحائز على الميدالية البرونزية هو عموما أكثر سعادة مع إنجازهم. [3] [2]

“التفكير عكس الواقع- Counterfactual thinking”

وتعكس الفكرة قضية معروفة جيدا في علم النفس: فإنجازات الشخص أقل أهمية من الطريقة التي ينظر بها ذلك الشخص إلى تلك الإنجازات بشكل ذاتي. على سبيل المثال، قد تشعر بسعادة غامرة بسبب زيادة بنسبة 5٪ في الراتب. حتى تعلم أن زميلك في العمل حصل على زيادة بنسبة 10٪. ولكن هل هناك أي حالة عندما يكون الفرد أكثر سعادة مع رفع 5 ٪ أكثر من الشخص مع زيادة 10 ٪. نعم هذا ممكن، عندما يتوقع الشخص زيادة بنسبة 3 ٪ فقط لكنه تلقى زيادة بنسبة 5 ٪. في حين توقع الشخص الآخر زيادة بنسبة 15 ٪ لكنه تلقى زيادة بقيمة 10 ٪ فقط. في الواقع الشخص الأول سيكون أكثر ارتياحا مع نتيجته، على الرغم من كونها أقل من نتيجة الشخص الثاني. [1]

المصادر

  1. scientificamerican
  2. citeseerx
  3. ncbi

أحد أشهر تطبيقات نظرية الألعاب، لم حازت مساهمات تطوير نظرية المزاد على نوبل للاقتصاد 2020؟

أحد أشهر تطبيقات نظرية الألعاب، لم حازت مساهمات تطوير نظرية المزاد على نوبل للاقتصاد 2020؟

من المشاهد المألوفة لدينا، هي المعارض الانجليزية أو الأوروبية عموماً التي يحضرها رجال أنيقون ونساء ارستقراطيات بقبعات مائلة، لتعرض لوحة لفنان شهير أو أحد مقتنيات المشاهير أو تحف. وتبدأ المزايدة بسعر وتتبعه صيحات بأسعار أعلى حتى يربح العرض صاحب أعلى سعر وذلك بعد أن يختتم المسؤول عن المزاد ب “1، 2، 3” وإن لم يقاطعه أحد بسعر أعلى، يُقفل المزاد.

من جهة ثانية، إن كان في الدولة بعض الفاسدين والمرتشين من أصحاب المهن العليا كالقضاة، فإن الرشاوي يمكن أن تغير مسار العدالة وتتبع صاحب الرشوة الأعلى، فبوجود طرفين في المحكمة، قد يرشي كلاهما القاضي ولكن لا علم لأي منهما بالمبلغ الذي سيدفعه الآخر، وفي النهاية، سينهي القاضي القضية لصاحب الرشوة الأعلى.

كيف يرتبط المشهدان السابقان المألوفان، وكثير من الخطوط العريضة الأخرى في حياتنا اليومية، بنظرية المزادات، التي منح لتحسينها وابتكار أشكال جديدة لها بول ميلجروم وروبرت ويلسون جائزة نوبل للاقتصاد لسنة 2020. لنر معاً أهمية تلك النظرية وأسباب منحهما الجائزة.

نظرية المزاد في سطور

لمعرفة لم حظيت مساهمات ميلجروم وويلسون في نظرية المزاد بجائزة نوبل للاقتصاد 2020، يجب أولاً فهم ما نعني بهذه النظرية وما مدى تأثيرها على حياتنا.

عند عرض مادة/سلعة ما (an object) للمزاد، يكون ناتج هذا المزاد معتمداً على ثلاثة عوامل رئيسية:

الأول هو قوانين المزاد، ونعني بذلك هل عرض المزاد بالظروف المفتوحة (أسعار مكشوفة) أم المغلقة؟ وهل يسمح أن يتقدم المشاركون بأكثر من مرة للمزاد أم مرة واحدة؟ وما السعر الذي يدفعه الفائز – هل يدفع السعر الذي فاز به أم ثاني أعلى سعر؟ يجب هنا ألا يختلط عليك الأمر بين كلمتي “مزاد” و”مناقصة”، إذ أن المناقصة هي أحد أشكال المزاد.

العامل الثاني يتمثل في ما هو المعروض للمزاد، فهل تختلف قيمته بين المزايدين أم أنه ذو قيمة واحدة؟

والعامل الثالث هو عدم اليقين، أو مدى معرفة المزايدين بقيمة الشيء المعروض للمزاد.

إن استيفاء المزاد وتحديده للعوامل الثلاث السابقة تحدده نظرية المزاد، وهذا ما يؤثر على استراتيجية المزايدة وبالتالي على ناتج هذا المزاد. كما تعرض النظرية لنا كيفية تصميم المزاد وتحقيق أثر كبير على قيمة المادة المعروضة للمزاد. ويصبح الموضوع معقداً عندما تتم المزايدة في الوقت ذاته على أكثر من قطعة مرتبطة ببعضها البعض. وهنا يأتي دور الحائزين على الجائزة، إذ طورا أشكالاً لجعل الموضوع أكثر تخصصًا وعملي بدرجة أكبر.

بعض أنواع المزادات التي لا بد من معرفتها

المزاد على الطريقة الانجليزية: تعتمد دور المزادات حول العالم لبيع القطع فرادى على الطريقة الانجليزية في المزايدات، إذ يبدأ المزاد بسعر منخفض ليتم تدريجياً اقتراح أسعار أعلى وأعلى من قبل مقدمي العطاوات الراغبين بالفوز بالقطعة المعروضة، وفي النهاية يفوز مقدّم العطاء صاحب أعلى سعر ويدفع السعر الذي زايد فيه. بينما هذا الموضوع يختلف كلياً في المزاد الهولندي، إذ يبدأ بعرض أعلى سعر ثم تنقص الأسعار تدريجياً إلى أن تباع القطعة المعروضة. 

تحليل بول ميلجروم وبالمشاركة مع روبرت ويبر للشكلين السابقين: سيلاحظ المشاركون في المزاد الانجليزي انسحاب بعض المشاركين الآخرين عن المزايدة عند وصول القطعة إلى سعر معين وهذا يعطيهم معلومات عن تقدير الآخرين لقيمة القطعة، بينما في المزاد الهولندي لن يضفي تقليل قيمة القطعة أي معلومات عن مدى تقييم المشاركين لها. وهذا ما سنرى أثره على “لعنة الفائز” لاحقاً.

من الواضح أن شكل المزاد في الطريقتين الانجليزية والهولندية هو المزاد المكشوف، إذ أن الأسعار مكشوفة للمزايدين، بينما في نطاق الأعمال والتوظيف، فالشكل المتبع هي المزادات المغلقة (المظاريف المغلقة)، إذ يرسل أصحاب العطاءات عروضهم المالية بظروف مغلقة، وغالباً ما يتم الإرساء على العطاء الذي يلتزم بتقديم الخدمة بأقل سعر، بفرض أنه يستوفي شروط الجودة المطلوبة. في بعض المناقصات المغلقة يكون السعر النهائي هو السعر الأعلى (مناقصات السعر الأعلى)، فيما بعضها الآخر يرسي على ثاني أعلى سعر (مناقصات ثاني أعلى سعر).

هل يمكن تحديد أي شكل هو الأفضل؟ كما نرى، إن الأسلوب الأفضل يعتمد على صاحب المزاد، فبينما يهتم البائع الخاص بالبيع لأعلى سعر، يقوم البائعون العامة بالبيع لمن يضمن أكبر فائدة لأطول فترة. لذا فإن مهمة البحث على أفضل شكل مزاد شغلت الاقتصاديين لمدة طويلة. يمكن تخصيص مشكلة تحليل المزادات في تقييم كل من أصحاب العطاءات للمادة المعروضة للمزاد، وهل تعكس العطاءات المختلفة مدى العلم الكافي لمقدمي العطاوات بخصائص المادة المعروضة أو قيمتها؟ وهل يمكن لأصجاب العطاءات التلاعب فيما بينهم والتعاون ليبقى سعر المناقصة النهائي أدنى؟

القيم الخاصة والقيم المشتركة

سنوضح مفاهيم القيمة الخاصة والقيمة المشتركة بمثالين:

لنقل أن جمعية أعلنت عن عشاء خيري باستضافة أحد حائزي جائزة نوبل (أو أي شخصية مرموقة أخرى)، إن المبلغ الذي ستدفعه لقاء حضورك لهذا العشاء هو أمر شخصي، ولا يتأثر بقيمة هذا العشاء لأصحاب العطاءات الآخرين. هنا لا يجب أن تقدم عطاء بأكثر مما يمكن أن يعنيه هذا العشاء لك، ولكن هل ستقدم أقلّ عرض مقابل هذا العشاء؟ هذا ما نعنيه بالقيمة الخاصة، وهي محدودة بحالات معينة.

بينما على الجانب الآخر، معظم المزايدات تكون لديها أيضاً قيم مشتركة، وسنبسط ذلك بالمثال التالي:

لنفرض أنك تاجر للألماس، وتعتزم – مع تجار آخرين- بالتقدم لشراء قطعة ألماس خام في سبيل تقطيعها وبيع القطع الناتجة على حدى. إن جاهزيتك للدفع لقطعة الألماس الخام تعتمد فقط على سعر قطع الألماس التي ستبيعها منها، وهذا السعر يرتبط بدوره بعدد القطع وجودتها. إن لتجار الألماس آراء مختلفة حول هذه القيمة المشتركة لقطعة الألماس، وذلك حسب مهارتهم وخبرتهم والوقت الذي قضوه بفحص الالماس، سيكون من السهل لو علمت تقديرات تقييم باقي التجار لقطعة الألماس ولكنها معلومات سرية يفضلون الاحتفاظ بها.

إن الخطر الذي يقدم عليه مقدم العطاء لمزاد بالقيمة المشتركة محكوم بإن كان مقدمو العطاءات الآخرين ذو معلومات أوفر وأفضل عن السلعة/القطعة المعروضة وبالتالي تحديد قيمتها الصحيحة. فلنفرض أنك في المثال السابق قدمت سعراُ أعلى من الباقي وحصلت على قطعة الألماس، فأنت هنا معرّض لما يعرف بلعنة الفائز، إذ أنك دفعت سعراً كبيراً لم يكن ليدفعه أقرانك وهذه تعد صفقة خاسرة ولكنك ربحت القطعة على أية حال.

يصف روبرت ويلسون، الحائز على نوبل للاقتصاد 2020، الاستراتيجية عروض الأسعار الأمثل (حالة السعر الأعلى) عندما تكون القيمة المشتركة الحقيقية غير يقينة. وسنبين تحليله فيما يلي:

سيعرض المشاركون سعراً أدنى من أفضل سعر يقدرونه للقطعة، لتجنب عقد صفقة خاسرة وتعريض أنفسهم للعنة الفائز،  ومع زيادة عدم اليقين من القيمة الحقيقية للقطعة سوف يزيد حذر مقدمي العروض وتقل عروض الأسعار المحلية. يوضح ويلسون أن المشاكل التي تسببها لعنة الفائز تكون أعظم عندما يكون لدى بعض مقدمي العروض معلومات أفضل من غيرهم. أولئك من هم في وضع غير موات للمعلومات سوف يقدمون عروض أسعار أقل أو يمتنعون عن المشاركة أساساً تجنباً للمخاطر.

لنتفق على أن معظم المزادات تشمل كلا عنصري القيمة الخاصة والقيمة المشتركة، بالعودة إلى تحليل ميلجروم للمزايدات الانكليزية والهولندية، فإن المشاكل المتعلقة بلعنة الفائز في الطريقة الهولندية ذات أثر أكبر لأنها تؤدي إلى انخفاض الأسعار.

إن نتيجة اختلاف جودة شكل المزادات بالتعامل مع لعنة الفائز تعكس مبدأ عاماً: كلما قدم شكل المزاد عائدات أعلى كلما ازداد الرابط بين العطاءات والمعلومات الخاصة لأصحاب العطاءات عن المعروض في المزاد. كما رأينا في طريقتي المزاد الانجليزي والهولندي تماماً، لذا يكون من مصلحة البائع أن  يكون لأصحاب العطاءات أكبر قدر من المعلومات عن قيمة القطعة المعروضة قبل بدء المزاد.

أفضل المزادات المستخدمة عملياً، مساهمات ميلجروم وويلسون المبتكرة

لنستعرض قصة الرابحين بول ميلجروم وروبرت ويلسون بابتكار أشكال مزادات جديدة لمشاكل لم تكن أشكال المزادات المعروفة آنذاك قادرة على حلّها، ولعلّ أشهر قصة لهما هي مساهمتهما في تصميم مزاد لصالح اسلكات الأميركية لبيع ترددات الراديو لمشغلي الاتصالات.

الترددات الراديوية التي تسمح بالاتصالات اللاسلكية (الاتصالات الخلوية ودفوعات الانترنت ولقاءات الفيديو) هي ملك للحكومة، ولكن القطاع الخاص قادر على توظيفها واستعمالها بشكل أكفأ. لذا على الحكومة تخصيص بعض الباقات الترددية لهذه الجهات.

لقد مر سوق الاتصالات بتجارب غير مسرة بالنسبة للمستثمرين وشركات الاتصالات، فقد اعتمدت لجنة الاتصالات الفيدرالية لتوزيع النطاقات الترددية مرة على طريقة جلسات الاستماع أو “beauty contest”  إذ تقوم كل شركة بتقديم حجج لما هي بالتحديد تستحق الرخصة للوصول للنطاقات الترددية.وهذا ما أدى إلى إنفاق أموال الشركات في الضغط للحصول على الرخصة.  ومع توسع قطاع الاتصالات والموبايلات الخلوية في التسعينات، غيرت لجنة الاتصالات الفيدرالية -بعد أن استنزفت أسباب الدفاع عنها- طريقة جلسات الاستماع واتجهت لبطاقات اليانصيب لتخصيص نطاقات التردد لشركات الاتصالات. وبهذا استبدلت جلسات الاستماع بطريقة عشوائية تماماً لتخصيص النطاقات التي كما سابقتها عادت بخسائر كبيرة وأرباح محدودة جداً. 

إلى أن تقرر بسنة 1993 أن تباع النطاقات الترددية عن طريق المزادات، والتحدي هنا يكمن بتصميم مزاد يضمن التخصيص الفعال لرخص الاتصالات وتفيد بنفس الوقت دافعي الضرائب لأعلى حد ممكن. كما أن تعدد المواد المرتبطة (ترددات راديوية في مختلف المناطق) زاد من تعقيد التصميمات لمزادات تناسب هذا الغرض.

حقوق الصورة محفوظة للأكاديمية الملكية السويدية للعلوم
The Royal Swedish Academy of Sciences

هنا نشهد أول تصميم للمزاد المتزامن متعدد الجوالات (SMRA) الذي صممه بول ميلجروم وروبرت ويلسون بمشاركة من بريستون مكافي، يقدم هذا المزاد جميع العروض (وهي هنا نطاقات الترددات الراديوية في مختلف المناطق) في وقت واحد. تمكن هذا المزاد عن طريق البدء بأسعار منخفضة والسماح بعطاءات مكررة، من تقليل المشاكل المرتبطة بعدم اليقين ولعنة الفائز. وعند استخدام لجنة الاتصالات الفيدرالية مزاد SMRA لأول مرة في يوليو 1994،  باعت 10 تراخيص في 47 جولة مزايدات بإجمالي مبيعات بلغ 617 مليون دولار أميركي. هذه العوائد جاءت من مخصصات كانت الحكومة الأميركية توزعها تقريباً بشكل مجاني بطريقة اليانصيب!

لقد اعتبرت التجربة الأميركية لمزاد SMRA لأطياف الراديو ذو نجاح باهر وبدأت دول العالم بتطبيق نفس التصميم لمزادات الطيف الخاصة بها أيضاً. بلغة الأرباح والأموال، فقد عاد هذا التصميم على الحكومة الأميركية خلال عشرين سنة 1994-2014 بما يزيد عن عشرين مليار دولار، وعالمياً عاد بيع الطيف ب 200 مليار كما لم يقتصر استخدامه في سوق الاتصالات فقط بل في نطاق الكهرباء والغاز الطبيعي أيضاً.

وكما يقول جوزيف ستيجليتز، الحائز جائزةَ نوبل، عن البروفيسور ميلجروم: «إن من بين الثورات الحديثة في عالم الاقتصاد إدراك أن الأسواق لا تعمل بشكل ٍجيد من تلقاء نفسها؛ فالتصميم مهم، وتصميم مزاد لجنَة الاتصالات الفيدرالية للطيف الراديوي الذي أبدعه ميلوجروم إنما كان انطلاقاً  لعهد ٍ جديد لتصميم السوق باستخدام النظرية الاقتصادية لجعل الأسواق الحقيقية تعمل بشكل أفضل.» (كتاب قوة الاقتصاد)

خاتمة

يجب اعتبار أعمال ميلجروم وويلسون بمثابة أبحاث أساسية، فهما قاما بتطوير نظرية الألعاب (باعتبار المزادات قسم من نظرية الألعاب) لتحليل كيف تتصرف الجهات المختلفة استراتيجياً عندما كل منعم لديه وصول لمعلومات مختلفة. وشكلت المزادات –مع أدوارها الواضحة في التحكم بالتصرف الاستراتيجي- مساحة طبيعية لأعمالهما. قدمت الرؤى الأساسية من نظرية المزاد الأساس الواجب التطوير عليه أشكال جديدة للتغلب على التحديات الجديدة. وإن جائزة نوبل للاقتصاد لسنة 2020 تذكرنا كيف تؤثر الأبحاث الأساسية بابتكار أفكار تفيد المجتمع، الميزة الفريدة التي تمتع بها ميلجروم وويلسون أنهما عملا على الصعيد النظري والعملي لبحثهما مما عاد بالفائدة على الباعة والشراة والمجتمع ككل.

المصادر:

كتاب قوة الاقتصاد
كتاب نظرية الألعاب
Nobel Prize

اقرأ المزيد: ما هي إنجازات الحائزين على جائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2020؟

ما هي إنجازات الحائزين على جائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2020؟

ما هي إنجازات الحائزين على جائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2020؟

قررت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم منح جائزة «Sveriges Riksbank-البنك الوطني السويدي» في العلوم الاقتصادية لعام 2020 تخليدًا لذكرى ألفريد نوبل إلى كل من بول ر. ميلجروم-Paul R. Milgrom وروبرت ب. ويلسون- Robert B. Wilson لتحسينهما نظرية المزاد واختراعهما أشكالا جديدة للمزادات.

كيف حسنت النظريات التي وضعاها آلية عمل المزادات؟

حقوق الصورة محفوظة للأكاديمية الملكية السويدية للعلوم
The Royal Swedish Academy of sciences


درس فائزا هذا العام بول ميلغروم وروبرت ويلسون آلية عمل المزادات، كما أنهما استخدما رؤيتهما الخاصة لتصميم أشكال جديدة للمزادات فيما يخص السلع والخدمات التي يصعب بيعها بطريقة تقليدية كالترددات اللاسلكية.

كيف أفادت اكتشافاتهما البائعين والمشترين ودافعي الضرائب في جميع أنحاء العالم؟

لقد باع الناس الأشياء دائما لمن يدفع أعلى سعر، أو اشتروها من أي شخص يقدم أرخص عرض.
أما حاليا فتباع أغراض تساوي قيمتها مبالغ خيالية في المزادات يوميا، فليس فقط الأدوات المنزلية والقطع الفنية والأثرية هي التي تباع في تلك المزادات العلنية وإنما يمكن عرض الخدمات الأمنية والمعادن والطاقه وكذلك بضائع تابعة لجهات حكومية فيها.

يحاول الباحثون باستخدام نظرية المزادات فهم النتائج المترتبة على القوانين المختلفه الخاصة بالمزايدة والأسعار النهائية والتي تمثل هيكلية أو شكل المزاد.

إن هذا التحليل لصعب لتصرف المزايدين باستراتيجية مستندة على المعلومات المتوفرة، فهم يأخذون بعين الاعتبار ما يعرفونه هم وما يعتقدون أن المزايدين الاخرين يعلمونه كذلك.

كيف طور روبرت ويلسون المزادات العلنية؟

طور روبرت ويلسون نظرية حول المزادات الخاصة بالأشياء ذات القيمة المشتركة وهي أشياء لم تكن ذات قيمة معروفه مسبقا ولكنها في النهاية ستحمل ذات القيمة للجميع، وكمثال على ذلك القيمة المستقبلية للترددات اللاسلكية أو كمية المعادن في منطقة معينة.

بين ويلسون سبب ميل المزايدين العقلانيين لوضع قيمة أقل من أفضل تقدير لهم عن القيمة المشتركة- يتوقع المزايد أنه سيكون للغرض المعروض قيمة ما ولكنه يعرض سعرا أقل مما توقعه- فذلك بسبب الخوف من لعنة الفائزين أي دفع الكثير من المال والخسارة في النهاية.

ماذا عن الفائز بول ميلغروم؟

صاغ Paul Milgrom نظرية أكثر عمومية للمزادات والتي لا تشمل فقط مزادات الأغراض ذات القيمة المشتركة ، ولكن أيضًا ذات القيمة الخاصة أي التي تختلف من مزاود لأخر.


قام ميلغروم بتحليل استراتيجيات عرض الأسعار في عدد من الأشكال المعروفة للمزادات المختلفة موضحا أن صيغة المزاد يمكن أن تمنح البائع أرباحًا أعلى من المتوقع عند معرفة المزايدين ما يقدره بعضهم البعض من قيمة أثناء المزاد.

مع الوقت، طرحت المجتمعات أغراضا أكثر تعقيدا للتداول بين المستخدمين مثل مدرجات إقلاع الطائرات والترددات الراديوية، وفي هذا المجال ما هي إنجازات الحائزين على جائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2020؟

ابتكر ميلغروم وويلسون نماذج جديدة لبيع العديد من الأغراض المترابطة ببعضها في المزادات علنية بوقت واحد، وذلك نيابة عن بائع متحمس للربح الجمعي العام بدلا من الربح الأقصى.

ففي عام 1994 ، استخدمت السلطات الأمريكية لأول مرة أحد نماذجهم الخاصة بالمزادات لبيع الترددات اللاسلكية لمشغلي الاتصالات. منذ ذلك الحين، حذت العديد من الدول الأخرى حذوها.

انطلق الفائزان هذا العام في العلوم الاقتصادية من نظرية أساسية ليوظفا نتائجهما لاحقًا في تطبيقات عملية انتشرت على مستوى العالم.

وحسب بيتر فريدريكسون وهو رئيس لجنة الجائزة فإن “اكتشافاتهما تعود بفائدة كبيرة على المجتمع”.

المصدر:

Nobel Prize press conference

تاريخ جائزة نوبل للسلام، من يقرر الفائزين؟ ومن فاز بها حتى اليوم؟

جائزة نوبل للسلام

أوصى «ألفرد نوبل- Alfred Nobel » أن تمنح 5 جوائز سنويًا في خمس مجالات مختلفة من ثروته كل عام، وأحدها جائزة نوبل للسلام وكتب في وصيته

« تمنح جائزة السلام للشخص الذي يبذل أفضل وأكثر الجهود الساعية للأخوة بين الدول، من أجل إلغاء أو خفض الجيوش الدائمة وعقد مؤتمرات السلام، ويقرر الفائز لجنة من خمسة أشخاص ينتخبهم البرلمان النرويجي»

ميدالية جائزة نوبل. تصوير: الكسندر محمود 2018

سبب اختيار البرلمان النرويجي لمنح جائزة نوبل للسلام

لم يترك نوبل تفسير حول سبب منح جائزة السلام من قِبل لجنة نرويجية في حين أن باقي اللجان المقررة للجوائز الأربع الأخرى سويدية، إلا أن هناك بعض الاستنتاجات عن ذلك ومنها:

  1. أن نوبل الذي عاش معظم حياته في الخارج وكتب وصيته في «النادي السويدي النرويجي» في باريس ربما يكون تأثر بذلك.
  2. أو أنه حتى عام 1905 كانت النرويج في اتحاد مع السويد وبما أن الجوائز العلمية تمنحها أكثر الهيئات السويدية المتخصصة، ينبغي أن تمنح النرويج الجائزة المتبقية.
  3. وربما كان يعتبر النرويج بلدًا أكثر توجهًا نحو السلام وأكثر ديمقراطية من السويد ولابد أنه أخذ في الاعتبار سعي البرلمان النرويجي نحو إيجاد حل سلمي للنزاعات الدولية في القرن الثامن عشر.
  4. وأخيرًا قد يكون نوبل قد تأثر بإعجابه بالأدب النرويجي ولا سيما المؤلف «بيورنستجيرن بيورنسون- Bjørnstjerne Bjørnson» ، الذي كان ناشطًا في مجال السلام ومعروفًا في نهاية القرن الثامن عشر أو قد يكون مزيجًا من كل هذه العوامل.

قبول النرويج للتكليف

في حين كان هناك قدر كبير من الجدل حول وصية نوبل في السويد، ودور المؤسسات التي تمنح الجائزة. إلا أن النرويج قد قبلت سريعًا دورها كمسؤول عن منح جائزة نوبل للسلام -تحديدًا في 26 أبريل 1897- بعد شهر واحد من تلقيها إخطارًا رسميًا من منفذي الوصية وبعد أن صوّت البرلمان لصالح قبول المسؤولية.

وذلك قبل عام كامل من قبول الهيئات السويدية المعنية بدورها لمنح باقي الجوائز، وتقرر التمهل ثلاث سنوات للانتهاء من الإجراءات القانونية قبل منح جوائز نوبل الأولى.

المُرشحُون المؤهلون

وفقًا للنظام الأساسي لمؤسسة نوبل، يُعتبر ترشيح شخص أو مؤسسة للفوز بجائزة نوبل للسلام صالحًا إذا تم تقديمه من قبل شخص يقع ضمن إحدى الفئات التالية:

  1. أعضاء المجالس الوطنية والحكومات الوطنية (أعضاء مجلس الوزراء / الوزراء) في الدول ذات السيادة وكذلك رؤساء الدول الحاليين.
  2. أعضاء محكمة العدل الدولية في لاهاي المحكمة الدائمة للتحكيم في لاهاي.
  3. أعضاء معهد القانون الدولي.
  4. أعضاء المجلس الدولي للرابطة النسائية الدولية للسلام والحرية.
  5. أساتذة الجامعات والأساتذة الفخريون والأساتذة الفخريون في التاريخ والعلوم الاجتماعية والقانون والفلسفة واللاهوت والدين؛ وعمداء الجامعات ومديري الجامعات (أو من في حكمهم)، ومدراء معاهد أبحاث السلام ومعاهد السياسة الخارجية.
  6. الأشخاص الحاصلون على جائزة نوبل للسلام.
  7. أعضاء مجلس الإدارة أو ما يعادله من المنظمات الحاصلة على جائزة نوبل للسلام.
  8. الأعضاء الحاليون والسابقون في لجنة نوبل النرويجية (تُقدم مقترحات الأعضاء الحاليين في اللجنة في موعد أقصاه الاجتماع الأول للجنة بعد 1 شباط / فبراير).
  9. مستشارون سابقون في لجنة نوبل النرويجية.

السنوات التي لم تمنح فيها الجائزة؟ ولماذا؟

ولم تمنح جائزة السلام في 19 مناسبة: في 1914-1916، 1918، 1923، 1924، 1928، 1932، 1939-1943، 1948، 1955-1956، 1966-1967 و 1972 لأن النظام الأساسي لمؤسسة نوبل ينص أنه :

«إذا لم يتم العثور على أي أعمال أو جهات قيد النظر تستوفي الشروط المشار إليه في الفقرة الأولى، فإن أموال الجائزة سيُحتفظ بها حتى السنة التالية، وإذا لم تُمنح الجائزة حتى ذلك الحين يتم إضافة المبلغ إلى أموال المؤسسة لاستخدامها لاحقًا»

لذا تم منح جوائز نوبل قليلة جدًا خلال الحرب العالمية الأولى والثانية.

قانون سرية الخمسون عامًا

لا تعلن اللجنة المانحة للجوائز أسماء المرشحين بنفسها لا للإعلام ولا للمرشحين أنفسهم، وأي أسماء يعلن عنها كمرشحين محتملين هي محض تخمين أو أعلام من المنظمة التي رفعت اسم المرشح للجنة، ولا يسمح للجنة بإعلان أسماء المرشحين حتى بعد مرور خمسون عامًا على الترشح.

عدد جوائز نوبل للسلام الممنوحة حتى اليوم

منحت جائزة نوبل للسلام 102 مرة ل 137 فائز منذ 1901 منهم 109 فرد و25 منظمة:

  • بما في ذلك أن لجنة الصليب الأحمر الدولية التي منحت جائزة نوبل للسلام ثلاث مرات في 1917 و 1944 و 1963.
  • مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين جائزة نوبل للسلام مرتين في عام 1954 و 1981.
  • و23 منظمة فردية أخرى مُنحت جائزة نوبل للسلام.
  • من بين 137 شخص منحوا جائزة نوبل للسلام هناك 18 امرأة، أولهم عام 1905 «برتا فون سوتنر- Bertha von Suttner» وآخرهم ماريا ريسا عام 2021م.
  • متوسط عمر جميع الحاصلين على جائزة نوبل للسلام بين 1901 و 2017 هو 61 عامًا.
  • أصغر مالكة لجائزة نوبل للسلام هي مالالا يوسفزاي التي كانت تبلغ من العمر 17 عامًا عندما حصلت على جائزة السلام لعام 2014.
  • أكبر فائز بجائزة نوبل للسلام حتى الآن هو جوزيف روتبلات الذي كان يبلغ من العمر 87 عامًا عندما حصل على الجائزة في عام 1995.

قائمة تنازلية بجميع الفائزين منذ عام 1935

  1. جائزة 2020 أليس بيالياتسكي من بيلاروسيا، وجمعية ميموريال الروسية لحقوق الإنسان، ومركز الحريات المدنية التابع لمنظمة حقوق الإنسان الأوكرانية. ومثّل الحائزون على الجائزة المجتمع المدني في بلدانهم الأصلية. فقد روجوا لسنوات عديدة للحق في انتقاد السلطة وحماية الحقوق الأساسية للمواطنين. كما قاموا أيضًا ببذل جهود حثيثة لتوثيق جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان وإساءة استخدام السلطة.
  2. جائزة 2021 ماريا ريسا وديمتري موراتوف “لجهودهما في حماية حرية التعبير، وهو شرط مسبق للديمقراطية والسلام الدائم.”
  3. جائزة 2020 برنامج الغذاء العالمي (WFP)؛ لجهوده في القضاء على الجوع، ومساهمته في تحسين الأوضاع من أجل السلام في مناطق النزاع والدور المُحرّك والفاعل في مكافحة استخدام الجوع كسلاح في الحروب والنزاعات.
  4. جائزة 2019 «أبي أحمد علي-Abiy Ahmed Ali» عن جهوده لتحقيق السلام والتعاون الدولي، وخاصةً لمبادرته الحاسمة لحل النزاع الحدودي مع دولة إريتريا المجاورة.
  5. جائزة 2018 «دينيس موكويجي ونادية مراد»؛ لجهودهم لإنهاء استخدام العنف الجنسي كسلاح في الحرب والصراع المسلح.
  6. جائزة 2017 الحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية (ICAN)؛ لعملهم على لفت الانتباه إلى العواقب الإنسانية الكارثية لأي استخدام للأسلحة النووية ولجهودهم في سبيل التوصل إلى حظر هذه الأسلحة.
  7. جائزة 2016 «Juan Manuel Santos -خوان مانويل سانتوس» لجهوده الحازمة لانهاء الحرب الاهلية المستمرة منذ أكثر من 50 عاما فى بلاده.
  8. جائزة 2015 لجنة الحوار الوطني الرباعي التونسية؛ لمساهمتها الحاسمة في بناء ديمقراطية تعددية في تونس في أعقاب ثورة الياسمين عام 2011 .
  9. جائزة 2014 «Kailash Satyarthi and Malala Yousafzai-كايلاش ساتيارثي وملالا يوسفزاي»؛ لنضالهم ضد قمع الأطفال والشباب وحق جميع الأطفال في التعليم.
  10. جائزة 2013 منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW )؛ لجهودها الواسعة للقضاء على الأسلحة الكيميائية.
  11. جائزة 2012 الاتحاد الأوروبي (EU )؛ لاسهامها في النهوض بالسلام والمصالحة والديمقراطية وحقوق الإنسان في أوروبا لأكثر من ستة عقود.
  12. جائزة 2011«إلين جونسون سيرليف، ليما جبوي وتوكل كرمان-Ellen Johnson Sirleaf, Leymah Gbowee and Tawakkol Karman »؛ لنضالهم السلمي من أجل سلامة وحقوق المرأة والمشاركة في التغيير السلمي في بلادهم.
  13. جائزة 2010«ليو شياوبو-Liu Xiaobo »؛ لنضاله الطويل السلمي من أجل حقوق الإنسان الأساسية في الصين.
  14. جائزة 2009 «باراك هـ. أوباما-Barack H. Obama »؛ لجهوده غير العادية لتعزيز الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب.
  15. جائزة 2008«مارتي أهتيساري-Martti Ahtisaari »؛ لجهودها الهامة في عدة قارات وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود، لحل الصراعات الدولية.
  16. جائزة 2007 «الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ (IPCC) /وألبرت أرنولد-Albert Arnold/ و ال غور جونيور- Al Gore Jr»؛ على جهودهم لبناء ونشر المعرفة بشأن تغيرات المناخ التي صنعها الإنسان، وإرساء الأسس للتدابير اللازمة لمواجهة هذا التغيير.
  17. جائزة 2006«محمد يونس وبنك غرامين- Muhammad Yunus and Grameen Bank »؛ لجهودهم الرامية إلى خلق التنمية الاقتصادية والاجتماعية من أدنى لأعلى.
  18. جائزة 2005 «الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) ومحمد البرادعي- Mohamed ElBaradei »؛ لجهودهم الرامية إلى منع استخدام الطاقة النووية في الأغراض العسكرية وضمان استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية بأكثر الطرق أمانا.
  19. جائزة 2004 «وانغاري موتا ماثاي- Wangari Muta Maathai »؛ لمساهمتها في التنمية المستدامة والديمقراطية والسلام.
  20. جائزة 2003 «شيرين عبادي-Shirin Ebadi »؛ لجهودها من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، وقد ركزت بشكل خاص على الكفاح من أجل حقوق المرأة والطفل.
  21. جائزة 2002 «جيمي كارتر-Jimmy Carter »لعقود من الجهود الدؤوبة لإيجاد حلول سلمية للنزاعات الدولية، والنهوض بالديمقراطية وحقوق الإنسان، وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
  22. جائزة 2001«الأمم المتحدة (U.N) وكوفي عنان- Kofi Annan »؛ لعملهم من أجل عالم أفضل تنظيما وأكثر سلاما.
  23. جائزة 2000«كيم داي – جونغ-Kim Dae-jung »؛ لعمله من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في كوريا الجنوبية وفي شرق آسيا بشكل عام، و لجهوده في السلام والمصالحة مع كوريا الشمالية على وجه الخصوص.
  24. جائزة 1999«منظمة أطباء بلا حدود- Médecins Sans Frontières»؛ تقديرا لعمل المنظمة الرائد في مجال العمل الإنساني في عدة قارات.
  25. جائزة 1998«جون هيوم وديفيد تريمبل-John Hume and David Trimble»؛ لجهودهم لإيجاد حل سلمي للنزاع في أيرلندا الشمالية.
  26. جائزة 1997«الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية(ICBL) وجودي ويليامز- Jody Williams»؛ لعملهم من أجل حظر الألغام المضادة للأفراد وتطهير الأراضي منها.
  27. جائزة 1996«كارلوس فيليب زيمينيس بيلو-Carlos Filipe Ximenes Belo وخوسيه راموس-هورتا – José Ramos-Horta»؛ على عملهم من أجل التوصل إلى حل عادل وسلمي للصراع في تيمور الشرقية.
  28. جائزة 1995«جوزيف روتبلات-Joseph Rot Blat/ ومؤتمرات بوغواش للعلوم والشؤون الدولية»؛ لجهودهم لتقليل الدور الذي تلعبه الأسلحة النووية في السياسة الدولية، و للقضاء على هذه الأسلحة على المدى الطويل.
  29. جائزة 1994«ياسر عرفات-Yasser Arafat /وشيمون بيريز-Shimon Peres/ واسحق رابين- Yitzhak Rabin»لجهودهم الرامية إلى إحلال السلام في الشرق الأوسط.
  30. جائزة 1993«نيلسون مانديلا-Nelson Mandela وفريدريك ويليم دي كليرك-Frederik Willem de Klerk»؛ لعملهم من أجل الإنهاء السلمي لنظام الفصل العنصري، وإرساء الأسس لجنوب افريقيا الديمقراطية الجديدة.
  31. جائزة 1992«ريغوبيرتا مينشو توم-Rigoberta Menchú Tum»؛اعترافا بعملها من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والمصالحة العرقية – الثقافية القائمة على احترام حقوق الشعوب الأصلية.
  32. جائزة 1991«أونغ سان سو كي-Aung San Suu Kyi» لنضالها السلمي من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان
  33. جائزة 1990«ميخائيل سيرجيفيتش غورباتشوف-Mikhail Sergeyevich Gorbachev»؛ لدوره القيادي في عملية السلام التي تجمع أجزاء هامة من المجتمع الدولي اليوم.
  34. جائزة 1989«الدالاي لاما الرابع عشر تينزين جياتسو – The 14th Dalai Lama Tenzin Gyatso
  35. جائزة 1988 «قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة»
  36. جائزة 1987«أوسكار آرياس سانشيز- Oscar Arias Sánchez»؛ لعمله من أجل السلام فى أمريكا الوسطى، والجهود التى ادت الى توقيع اتفاق غواتيمالا في 7 أغسطس 1987.
  37. جائزة 1986«إيلي ويسل-Elie Wiesel»
  38. جائزة 1985«الأطباء الدوليون لمنع الحرب النووية»
  39. جائزة 1984«ديزموند مبيلو توتو- Desmond Mpilo Tutu»
  40. جائزة 1983«ليخ فاليسا-Lech Walesa».
  41. جائزة 1982«ألفا ميردال-Alva Myrdal و ألفونسو غارسيا روبلز- Alfonso García Robles ».
  42. جائزة 1981«مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)»
  43. جائزة 1980«أدولفو بيريز إسكيبيل-Adolfo Pérez Esquivel»
  44. جائزة 1979«الأم تريزا -Mother Teresa»
  45. جائزة 1978«محمد أنور السادات-Mohamed Anwar al-Sadat ومناحيم بيغن- Menachem Begin»
  46. جائزة 1977 منظمة العفو الدولية
  47. جائزة 1976«بيتي ويليامز-Betty Williams ميريد كوريجان- Mairead Corrigan»
  48. جائزة 1975«أندريه دمتري فيتش ساخاروف-Andrei Dmitriev Ich Sakharov».
  49. جائزة 1974«شون ماكبرايد-Seán MacBride إيساكو ساتو- Eisaku Sato»-
  50. جائزة 1973«هنري أ. كيسنجر-Henry A. Kissinger ولي دوك ثو- Le Duc Tho»
  51. جائزة 1972 لم تمنح جائزة نوبل هذا العام. وقد خصصت الجائزة المالية لعام 1972 لصندوق التمويل الرئيسي.
  52. جائزة 1971«ويلي برانت-Willy Brandt»
  53. جائزة 1970 «نورمان ي. بورلوغ-Norman E. Borlaug«.
  54. جائزة 1969 منظمة العمل الدولية (I.L.O.)
  55. جائزة 1968«رينيه كاسين-René Casein»
  56. جائزة 1967 لم تمنح جائزة نوبل هذا العام. وخصصت الجائزة النقدية 1/3 للصندوق الرئيسي و 2/3 للصندوق الخاص لقسم جائزة السلام.
  57. جائزة 1966 لم تمنح جائزة نوبل هذا العام. وقد خصصت الجائزة المالية للصندوق الخاص لقسم جائزة السلام.
  58. جائزة 1965 منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)
  59. جائزة 1964 «مارتن لوثر كينغ جونيور-Martin Luther King Jr».
  60. جائزة 1963 اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والرابطة الدولية لجمعية الصليب الأحمر (رابطة جمعيات الصليب الأحمر).
  61. جائزة 1962«لينوس كارل بولينغ-Linus Carl Pauling».
  62. جائزة 1961 «داغ هيلمار أغني كارل همرشولد- Dag Hjalmar Agne Carl Hammarskjöld».
  63. جائزة 1960«ألبرت جون لوتولي-Albert John Lutuli»
  64. جائزة 1959 «فيليب ج. نويل بيكر-Philip J. Noel-Baker»
  65. جائزة 1958«جورج بير-Georges Pire»
  66. جائزة 1957«ليستر بولز بيرسون-Lester Bowles Pearson»
  67. جائزة 1956 لم تمنح جائزة نوبل هذا العام. وخصصت الجائزة النقدية 1/3 للصندوق الرئيسي و 2/3 للصندوق الخاص لقسم جائزة السلام.
  68. جائزة 1955 لم تمنح جائزة نوبل هذا العام. وقد خصصت الجائزة المالية للصندوق الخاص لقسم جائزة السلام.
  69. جائزة 1954«مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)».
  70. جائزة 1953 «جورج كاتليت مارشال-George Catlett Marshall».
  71. جائزة 1952«ألبرت شفايتزر-Albert Schweitzer»
  72. جائزة 1951«ليون جوهو-Léon Journaux»
  73. جائزة 1950«رالف بانش-Ralph Bunche».
  74. جائزة 1949«لورد بريشين/ جون بويد -Lord John Boyd Orr of Brechin».
  75. جائزة 1948 لم تمنح جائزة نوبل هذا العام. وخصصت الجائزة النقدية 1/3 للصندوق الرئيسي و 2/3 للصندوق الخاص لقسم جائزة السلام.
  76. جائزة 1947«لجنة الصداقة الأمريكية (ذي كويكرز)»-جائزة نوبل للسلام لعام 1946«إميلي جرين بالش-Emily Greene Balch – وجون رالي موت- John Raleigh Mott».
  77. جائزة 1945«كورديل هال-Cordell Hull».
  78. جائزة 1944 اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
  79. جائزة 1943 إلى 1984 لم تمنح جوائز نوبل . وخصصت الجائزة النقدية 1/3 للصندوق الرئيسي و 2/3 للصندوق الخاص لقسم جائزة السلام.
  80. جائزة 1938«مكتب نانسين الدولي للاجئين».
  81. جائزة 1937«فيكونت تشيلوود (اللورد إدغار ألجيرنون روبرت غاسكوين ) Viscount Lord Edgar Algernon Robert Gascoyne»
  82. جائزة 1936«كارلوس سافيدرا لاماس-Carlos Saavedra Lamas»
  83. جائزة 1935«كارل فون اوسيتسكي-Carl von Ossietzky»

ويكتب على كل ميدالية نوبل للسلام:

«من أجل السلام والأخوة بين البشر»

فوز برنامج الغذاء العالمي (WFP) التابع للأمم المتحدة بجائزة نوبل للسلام لعام 2020

فوز برنامج الغذاء العالمي (WFP) بجائزة نوبل للسلام 2020 

«لجهوده في القضاء على الجوع، ومساهمته في تحسين الأوضاع من أجل السلام في مناطق النزاع والدور المُحرّك والفاعل في مكافحة استخدام الجوع كسلاح في الحروب والنزاعات».

يلتزم المجتمع الدولي بالقضاء على الجوع وتحقيق الأمن الغذائي وتحسين التغذية في العالم بحلول عام 2030، لكن لا يزال هناك واحداً من بين كل تسعة أشخاص في العالم لا يملك ما يكفيه من الغذاء. فيأتي الغذاء وما يتعلق به من مساعدات في صميم الجهود الساعية إلى كسر هذه الحلقة من الجوع والفقر.

ما هو برنامج الغذاء العالمي (WFP)؟

برنامج الغذاء العالمي (برنامج الأغذية العالمي) (WFP) هو فرع المساعدات الغذائية للأمم المتحدة وأكبر منظمة إنسانية في العالم تعالج الجوع وتعزز الأمن الغذائي. 

وفقًا لتصريحات المنظمة فهم يوفرون مساعدات غذائية لما يقارب 91.4 مليون شخص في 83 دولة كل عام. من مقرهم الرئيسي في روما وأكثر من 80 مكتبًا محليًا حول العالم، يعمل برنامج الأغذية العالمي لمساعدة الأشخاص الذين لا يستطيعون إنتاج الطعام أو الحصول على ما يكفي منه لأنفسهم وأسرهم. وهم عضو في مجموعة الأمم المتحدة الإنمائية وجزء من لجنتها التنفيذية. 

مقر برنامج الغذاء العالمي في روما

تاريخ المنظمة

تأسس برنامج الأغذية العالمي عام 1963 بعد مؤتمر منظمة الأغذية والزراعة FAO (الفاو) عام 1960، عندما اقترح «جورج ماكغفرن-George McGovern» مدير برنامج الغذاء من أجل السلام في الولايات المتحدة -وقتها- إنشاء برنامج مساعدات غذائية متعدد الأطراف. 

تم إنشاء برنامج الأغذية العالمي رسميًا عام 1963 من قبل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة والجمعية العامة للأمم المتحدة على أساس تجريبي لمدة ثلاث سنوات ثم تم تمديد البرنامج بشكل دائم عام 1965.

ما سبب فوز برنامج الغذاء العالمي بالجائزة؟

عام 2015 تم اعتماد القضاء على الجوع كأحد أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة لكن عام 2019  عانى 135 مليون شخص من الجوع الحاد وهو أعلى رقم شهده العالم منذ عقود وجاءت معظم الزيادة بسبب الحرب والنزاع المسلح،  فقدم برنامج الأغذية العالمي المساعدة لما يقرب من 100 مليون شخص في 88 دولة.

 كما ساهمت جائحة الفيروس التاجي (كورونا) في زيادة عدد ضحايا الجوع في العالم في بلدان مثل: اليمن وجمهورية الكونغو الديمقراطية ونيجيريا وجنوب السودان وبوركينا فاسو، أدى الصراع العنيف والوباء إلى ارتفاع كبير في عدد الأشخاص الذين أصبحوا اليوم يعيشون على شفا المجاعة، وفي مواجهة هذا الوباء أظهر برنامج الأغذية العالمي قدرة رائعة على تكثيف جهوده كما صرحت المنظمة نفسها:

 «حتى يوم اكتشاف لقاح طبي، الغذاء هو أفضل لقاح ضد الفوضى».

جهود المنظمة

يوميًا؛ يقوم البرنامج بأرسال 5600 شاحنة، و20 سفينة، و92 طائرة لإيصال الأغذية وغيرها من المساعدات لمن هم في أمس الحاجة إليها. ويقوم سنويًا بتوزيع ما يقرب من 15 مليار حصة غذائية بتكلفة تقديرية تصل إلى 0.31 دولاراً أمريكياً للحصة الواحدة. وتعكس هذه الأرقام دور البرنامج الحيوي في الاستجابة لحالات الطوارئ، فهو قادر على إنجاز المهمة بسرعة كبيرة حتى في أصعب البيئات.

وقد كان برنامج الأغذية العالمي مشاركًا نشطًا في العملية الدبلوماسية التي بلغت ذروتها في مايو 2018 بتبني مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالإجماع القرار رقم 2417  والذي تناول لأول مرة بشكل صريح الصلة بين الصراع المسلح والجوع. كما شدد مجلس الأمن على التزام الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالمساعدة في ضمان وصول المساعدات الغذائية إلى المحتاجين، وأدان استخدام التجويع كوسيلة من وسائل الحرب.

مؤتمر الإعلان عن فوز برنامج الغذاء العالمي بالجائزة

اليوم في معهد نوبل في أوسلو صرحت رئيسة لجنة نوبل النرويجية  «بيريت ريس أندرسن-Berit Reiss-Andersen» أن الحائز على جائزة عام 2020  هو برنامج الأغذية العالمي لأنها أرادت 

«تحويل أنظار العالم إلى ملايين الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يوشكون أن يواجهوا هذا الخطر … وأن الجوع يستخدم كسلاح حرب ونزاع».

سيعاني الأطفال في اليمن من الجوع والفقر لمدة 20 عامًا بسبب الحرب

وقالت أندرسون:

«إن الجائزة هي دعوة للمجتمع الدولي لتمويل وكالة الأمم المتحدة بشكل كاف لضمان عدم تجويع البشر. وقالت إن برنامج الأغذية العالمي كان من الممكن أن يحصل على الجائزة من دون تفشي جائحة فيروس كورونا. لكن الفيروس عزز أسباب إعطائه لبرنامج الأغذية العالمي، بما في ذلك الحاجة إلى التعاون الدولي في وقت الأزمة العالمية».

من كان المرشحين هذا العام؟

وصُرح سابقًا بأن هناك 318 مرشحًا قيد الدراسة هذا العام، منهم 211 فردًا و 107 منظمة، ومن بين الشخصيات الأخرى التي تم اعتبارها: الناشطة السويدية في مجال المناخ «جريتا شونبرغ-Greta Thunberg» البالغة من العمر 17 عامًا، والمنشق الروسي وزعيم المعارضة «أليكسي نافالني-Alexei Navalny» الذي تعافى من هجوم بغاز الأعصاب ألقى باللوم فيه على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومنظمة الصحة العالمية لدورها في التصدي لوباء فيروس كورونا.

دونالد ترامب مرشح لنوبل للسلام!

على صعيد أخر صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب  إنه كان يجب أن يفوز بجائزة السلام العام الماضي؛ والتي منحت لرئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد بعد أن أبرم اتفاق سلام مع إريتريا، وقال البيت الأبيض إن ترامب رشح لجائزة 2021 عن الوساطة التي أجراها لتطبيع العلاقات بين الإمارات والبحرين مع إسرائيل.

قيمة الجائزة

مُنحت مائة جائزة نوبل للسلام منذ عام 1901 حتى الآن لأفراد و24 جائزة لمنظمات، بينما يتم الإعلان عن الفائزين بجميع جوائز  نوبل في ستوكهولم، تُمنح جائزة السلام في العاصمة النرويجية أوسلو.

إلى جانب المكانة الأدبية الهائلة للجائزة، تبلغ القيمة المادية للجائزة 10 ملايين كرونة أي أكثر من مليون دولار أمريكي وميدالية ذهبية يتم تسليمها في حفل يقام سنويًا في اوسلو في 10 ديسمبر ذكرى وفاة مؤسس الجائزة ألفريد نوبل، لكن سيتم إلغاء حفل هذا العام بسبب الوباء العالمي.

وفي النهاية اختتم بيان نوبل بقول:

«إن عمل برنامج الأغذية العالمي لصالح البشرية هو مسعى ينبغي لجميع دول العالم أن تؤيده وتدعمه».

من هي لويز جليك الفائزة بجائزة نوبل للأدب عام 2020؟

أصبحت الشاعرة لويز جليك الفائزة بجائزة نوبل للأدب عام 2020 أول امرأة أمريكية تفوز بالجائزة منذ 27 عامًا بعد فوزها اليوم لما وصفه الحكام بأنه:

«حس شعري لا لبس فيه، يجعل الوجود الفردي عالميًا بجمال بسيط»

من هي لويز جليك الفائزة بجائزة نوبل للأدب عام 2020؟

ولدت «لويز غليُك-Louise Glück» في مدينة نيويورك بتاريخ 22 أبريل 1943، وهي الإبنة الكبرى لرجل الأعمال «دانيال جليك» وزوجته «بياتريس جليك» كان والدي السيد دانيال جليك من اليهود المجريون المهاجرون إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وامتلكت العائلة فيما بعد متجر للبقالة في مدينة نيويورك. 

أصبح والد لويز أول فرد في عائلته يولد في الولايات المتحدة، وكان طموحه أن يصبح كاتبًا، كما كانت والدة لويز خريجة كلية ويلسلي المرموقة؛ لذا تلقت من والديها تعليمًا عن الأساطير اليونانية والقصص الكلاسيكية منذ الصغر وتأثرت بها فبدأت كتابة الشعر في سن مبكرة للغاية.

عندما كانت مراهقة أصيبت لويز بمرض «فقدان الشهية العصبي» والذي كان تحدي حاسم في أواخر سنوات المراهقة والشباب، وقد وصفت المرض في أحد مقالاتها بأنه نتيجة جهدها للاستقلال عن والدتها.

وخلال خريف عامها الأخير في المدرسة الثانوية بدأت العلاج النفسي، وبعد بضعة أشهر تم إخراجها من المدرسة للتركيز على إعادة تأهيلها على الرغم من تخرجها في عام 1961، إلا أنها أمضت السنوات السبع التالية في العلاج، حتى تغلبت على المرض وتعلمت كيفية التفكير طريقة صحية بعيدة عن حالتها المرضية. 

نتيجة لحالتها لم تلتحق لويز بالكلية كطالبة بدوام كامل وقد وصفت قرارها بالتخلي عن التعليم العالي لصالح العلاج بأنه ضروري، وبدلاً من ذلك التحقت بدورة تعليمية في الشعر في كلية «سارة لورانس» من عام 1963 إلى عام 1965، والتحقت بورش لتعليم الشعر في كلية التعليم العام بجامعة كولومبيا، والتي كانت تقدم برامج للطلاب المميزين.

الديوان الأول

خلال مسيرتها المهنية  استكشفت السيدة جلوك موضوعات الصدمة والفقدان بالإضافة إلى الشفاء والولادة بلغة رقيقة مجردة وغير مزخرفة، ويرى النقاد الأدبيين إنها من خلال القيام بذلك تمكنت من تحويل الحياة اليومية إلى تمثيل أوسع ومؤثر للوحدة والألم مع تقديم الأمل في التجديد في نفس الوقت.

ونشرت ديوانها الأول «المولود الأول-Firstborn» عام 1968 وسرعان ما رسخت نفسها كواحدة من أبرز الشعراء المعاصرين في الولايات المتحدة، حتى حصلت بالفعل على العديد من الجوائز بما في ذلك:

  • «جائزة بوليتزر» عام 1993 .
  • جائزة الكتاب الوطني عام 2014.
  • شاعرة الولايات المتحدة الأولى من 2003 إلى 2004.
  • وتعمل حاليًا أستاذة للغة الإنجليزية في جامعة ييل، بمدينة نيو هيفن، بولاية كونيتيكت الأمريكية.

ووجدت جمهورًا كبيرًا في كل من الولايات المتحدة والعالم بمجموعاتها الشعرية التي وجدت نجاحًآ بارزًآ مثل: «انتصار أخيل-The Triumph of Achilles» عام 1985، و«أرارات-Ararat التي أثنى عليها «أندرس أولسون – Anders Olsson» رئيس لجنة نوبل قائلا عن اللهجة الطبيعية المخادعة لهذه الأعمال.

«إنه صريح ولا هوادة فيه، ولا أثر للزخرفة الشعرية».

لويز غليك ليست فقط منخرطة في مغامرات وظروف الحياة المتغيرة، بل هي أيضًا شاعرة التغيير الجذري والولادة الجديدة، حيث تأتى الانتصارات في أْعمالها من إحساس عميق بالخسارة. في واحدة من أكثر مجموعاتها انتشارًا «السوسن البري -The Wild Iris» والتي حصلت على جائزة بوليتزر عنها ، تصف عودة الحياة المعجزة بعد الشتاء في قصيدة «قطرات الثلج-Snowdrops»:

لم أكن أتوقع النجاة

فاجأتني الأرض، فلم أكن أتوقع…

أن استيقظ مرة أخرى، أن أحس..

جسدي في الأرض الرطبة

قادر على التحرك مرة أخرى، والتذكر

كيفية التفتح مرة أخرى بعد ذلك الوقت الطويل

في الضوء البارد

من أوائل الربيع

خائف، نعم، ولكني بينكم مرة أخرى

أبكي، نعم، بالمخاطرة والفرح

في رياح العالم الجديد.

صعوبة فوزها بالجائزة

آخر شاعر فاز بجائزة نوبل هو الكاتب السويدي توماس ترانسترومر، الذي نال الجائزة عام 2011، بالإضافة لصعوبة فوز شاعر بالجائزة؛ تضاءلت أيضًا آمال الكتاب الأمريكيين في الفوز منذ عام 2008 عندما قال السكرتير الدائم للأكاديمية السويدية «هوراس انغدال» إن الكتاب الأمريكيين «حساسون للغاية تجاه الاتجاهات السائدة في ثقافتهم الجماهيرية».

«الولايات المتحدة معزولة للغاية ومحدودة فهم لا يترجمون أدبهم بشكل كاف ولا يشاركون حقًا في الحوار الأدبي العالمي، وهذا الجهل مقيد؛ بالطبع هناك أدب قوي في جميع الثقافات الكبرى لكن لا يمكنك الابتعاد عن حقيقة أن أوروبا لا تزال مركز العالم الأدبي … وليس الولايات المتحدة».

هل تمحو السيدة جليك الفضائح السابقة؟

وقد يساعد قرار منح جائزة نوبل للآداب إلى السيدة جلوك الأكاديمية السويدية على النأي عن الفضائح التي ابتليت بها في السنوات الثلاث الأخيرة فقد توقع المراقبون أن الأكاديمية السويدية ستذهب إلى «خيار آمن» هذا العام مثل:

الشاعرة الكندية «آن كارسون» أو الروائي الصيني «يان ليانك»، أو الروائي الياباني الأكثر مبيعًا «هاروكي موراكامي»، فمن بين الحائزين السابقين على جائزة نوبل في الأدب وعددهم 116 فائز هناك 15 امرأة فقط! كما أن آخر كاتب أفريقي أسود فاز بها هو «وول سوينكا» في عام 1986.

كما اهتزت الهيئة المهيبة بسبب مزاعم الاعتداء الجنسي وسوء السلوك المالي عام 2017 التي بلغت ذروتها في بإدانة جان كلود أرنو زوج عضو الأكاديمية كاتارينا فروستنسون بتهمة الاغتصاب في عام 2018، واكتشاف تسريبها أسماء الفائزين السابقين وتلا ذلك سلسلة من الاستقالات من أعضاء الأكاديمية مما أدى لتأجيل جائزة 2018.

عند الإعلان عن الفائزين لعامي 2018 و 2019 في العام الماضي كانت الأكاديمية تأمل في وضع حد للنقد ووعدت بأن لجنة التحكيم كانت «تبحث في جميع أنحاء العالم» عن الفائزين وتبتعد عن التركيز الأوروبي الموجه نحو الذكور لكن بدلاً من ذلك اختاروا كاتبين أوروبيين:

الكاتبة البولندية الشهيرة« أولغا توكارتشوك»، والكاتب النمساوي «بيتر هاندكه» الذي تعرض لانتقادات واسعة النطاق لدعمه الزعيم الصربي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش الذي توفي في السجن عام 2006 بعد محاكمة دولية بتهمة الإرهاب وارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

قيمة الجائزة

بالإضافة لشهادة الفوز المميزة والتي ترسم بشكل فردي يدويًا لكل فائز والميدالية الذهبية المميزة للفائزين بفئة الأدب القائلة: «لمن حسن حياة البشر باكتشاف الفنون»، قيمة الجائزة المادية هذا العام 10 ملايين كرونة سويدية أي أكثر من مليون دولار أمريكي تُمنح من قبل الأكاديمية السويدية المكونة من 18 حكمًا للكاتب الذي يرونه استوفى الشرط المنصوص عليه في وصية ألفريد نوبل:

«أنتج في مجال الأدب العمل الأكثر تميزًا في اتجاه مثالي».

كيف ستغيّر تقنية كريسبر-كاس 9 للتعديل الجيني حياتنا؟

أُعلن اليوم فوز العالمتين «ايمانويل شاربنتيير-Emmanuelle Charpentier» و«جينيفير دودنا-Jennifer Doudna» بجائزة نوبل للكيمياء لعام ٢٠٢٠، وذلك لمساهمتهما في اكتشاف تقنية «كريسبر-CRISPR» للتعديل الجيني الدقيق، وهي التقنية التي غيّرت علم الجينات والوراثة، وقد تغيّر عالمنا للأبد. إذن، كيف ستغيّر تقنية كريسبر-كاس 9 للتعديل الجيني حياتنا؟

سنتعرف في هذا المقال التفصيلي على كيفية عمل تقنية «كريسبر-CRISPR» وأهمية التعديل الجيني في حياتنا.

ما هو التعديل الجيني؟

التعديل الجيني يُعرف أيضًا بالهندسة الجينية، وهو مجموعة من التقنيات المتقدمة التي تسمح للإنسان بتعديل المعلومات الجينية بطريقة دقيقة جدًا، سواء من خلال إضافة أو إزالة أو تغيير المادة الوراثية في مواقع محدّدة من التتابعات الچينية.

وتُطبق تقنيات التعديل الجيني على عدد كبير من الكائنات، من البكتيريا إلى النبات وصولًا إلى الحيوان والإنسان. لذلك فإن استخدام هذه التقنيات أثر في العديد من المجالات العلمية.

سمحت التقنية بتغيير سمات النباتات والمزروعات لتصبح أكثر إنتاجية، ومن جهة أخرى أعطت الأمل في العلاج الجيني لكل أنواع الأمراض الوراثية.

كما قد تتخطى الحدود، لتسمح باختيار السمات الخارجية الوراثية للمولود (مثل لون العيون أو جنس المولود مثلًا)، وهنا طبعًا يبدأ الحديث عن الجانب الأخلاقي الذي يلازم كل تكنولوجيا جديدة أو تقنية متقدمة ذات تأثير ضخم على البشرية.

كيف اكتُشفت تقنية كريسبر؟

عام 1953، اكتشف العالمان «جايمس واتسون- James Watson» و«فرانسيس كريك-Francis Crick » تركيبة الحمض النووي على شكل «الحلز المزوج-Double Helix»، وقد نالا جائزة نوبل في الطب للعام 1962.

منذ ذلك الحين، انكبّ العلماء على تطوير تقنيات تخوّلهم التحكم بالمادة الوراثية الموجودة في الحمض النووي وتعديلها.

جاءت تقنية كريسبر لتجعل هذا الحلم حقيقيًا، بل سهلًا وقليل الكلفة أيضًا، ولكن كيف وصلنا إلى تقنية كريسبر؟

من واطسون وكريك إلى كريسبر، كيف وصلنا إلى التعديل الچيني؟

لوحظ عام 1987 وجود تركيبة مكرّرة في جينوم البكتيريا «اشيرشيا كولي- Escherichia Coli»، كذلك وُجدت تركيبة متكررة في واحدة من ال«العتائق-Archaea » التي تسمى «هالوفيراكس ميديتيراني-Haloferax mediterranei»، وتتكرر هذه التركيبة على مسافات متساوية.

تبيّن فيما بعد أن هذه التراكيب المتكرّرة موجودة في جميع أنواع الكائنات الأحادية الخلية (Prokaryotes)، وتحمل هذه التراكيب صفات مشتركة، فهي تراكيب قصيرة متكررة على مسافات متساوية. لذلك سُمِّيت:

 Clustered Regularly Interspaced Short Palindromic Repeats واختصرًا سميت ب CRISPR.

إذن، متى تحول اسمه من كريسبر إلى كريسبر كاس ٩؟

عام 2002، نُشر للمرة الأولى اسم CRISPR-cas9، بعد اكتشاف مجموعة من الجينات (cas) المُلازمة للكائنات الأحادية الخلية، ويكون موقعها دائمًا مجاور لتركيبة CRISPR. كما تبيّن أن دور هذه المجموعة من الجينات يتعلّق بالتعبير الجيني لتراكيب CRISPR.

في العام 2005، بدأ الباحثون بفهم أهمية تركيب كريسبر، فاكتشفوا أن الكائنات أحادية الخلية التي تملك تركيبة كريسبر تصبح أكثر مقاومةً للفيروسات، ممّا يرجح دور تركيب كريسبر في الحماية من الحمض النووي الغريب عنها (أي الحمض النووي الذي يأتي من العدوى الفيروسية).

كيف عرفنا دور كريسبر كاس ٩ المناعي في البكتيريا؟

أُثبتت هذه النظرية للمرة الأولى في عام 2007 من خلال مجموعة من الاختبارات، قام فيها الباحثون بالتسبب بإصابة البكتيريا العقدية أو «ستربتوكوكوس تيرموفيلوس- Streptococcus thermophilus» بالعاثيات (Bacteriophage).

أبدت البكتيريا المجهزة بتركيبة كريسبر مقاومة واضحة للعدوى، أما البكتيريا المُزال منها تركيبة كريسبر، فقدت قدرتها على المقاومة ونجح الفيروس في إصابتها.

في عام 2008، أثبتت مجموعة من الاختبارات أن تركيبة كريسبر غالبًا ما تستهدف الحمض النووي DNA بدلًا من الحمض النووي RNA.

تستهدف تركيبة كريسبر تحديدًا الحمض النووي المشابه لها، والذي يكون محمولًا من قبل الفيروسات أو الكائنات الغزوية الأخرى، ممّا يفترض أن هذه التراكيب يأتي أصلها من فيروسات غزت البكتيريا سابقًا، فتمكنت البكتيريا من مقاومتها واحتفظت ببقاياها من الحمض النووي كالذاكرة المناعية، بل واستخدمت تلك الذاكرة سلاحًا بوجه الهجمات القادمة.

ولكن هذه المعلومة تستوجب طرح سؤال مهم وهو: إذا كانت تراكيب كريسبر تهاجم التراكيب التي تحمل حمضًا نوويًا يشبهها، وهي تراكيب متكررة، فما الذي يمنعها من تدمير بعضها البعض؟

ما الذي يمنع تراكيب كريسبر من مهاجمة بعضها البعض؟

هذا ما أُجيب عنه من خلال اكتشاف تراكيب صغيرة مجاورة لتركيب كريسبر، تسمى ب”Protospacer Adjacent Motifs” PAM . وتبين فيما بعد أن دور هذه التراكيب الصغيرة لا يقتصر على حماية تراكيب كريسبر من بعضها البعض، بل أيضًا تلعب دورًا في استهداف الحمض النووي المهاجم.

في عام 2011، أصبح واضحًا دور تركيبة كرسيبر-كاس9 في حماية الكائنات الأحادية الخلية من الكائنات المهاجمة.

بدأ تقصي نظام عمل هذه التركيبة. وهنا بدا فهم دور بروتينات كاس (Cas) مهمًا، فتبين أنها تعمل على مستويات ثلاثة: دمج الحمض النووي للكائن المهاجم في تركيبة كريسبر، ونشأة الcrRNA، وتعطيل الحمض النووي للكائن المهاجم.

ما دور إيمانويل شاربينتير في اكتشاف تقنية كريسبر كاس ٩؟

في العام نفسه، عملت الباحثة «إيمانويل شاربنتيير-Emmanuelle Charpentier» مع عدد من زملائها على تفسير نظام عمل الcrRNA، وهو ما يقوم بالبحث عن الحمض النووي المشابه للذي يحمله تركيب كريسبر.

لكن عمل الcrRNA لا يكتمل دون عمل (tracrRNA (Trans-activating CRISPR RNA. فالtracrRNA يقترن مع تراكيب pre-crRNA التي تتحول فيما بعد لcrRNA . وتشكّل الRNA المُرشد (Guide RNA) سويًا.

متى وكيف سهمت جينيفر دودنا في التقنية إذن؟

قررت الباحثتان شاربنتيير ودودنا التعاون لدرس إمكانية استخدام الcrRNA لإرشاد مقصات كريسبر للتسلسلات المرغوبة وبالتالي القدرة على التعديل الجيني.

بالفعل أعلنت الباحثتان في عام 2012 عن إمكانية برمجة بروتينات كاس9 مع الRNA المُرشد لتعديل أي تسلسل من الحمض النووي DNA.

شكّل اكتشافهما ثورة في عالم الكيمياء الحيوية وفي التكنولوجيا الطبية، وأعطيا الإنسان، ولأول مرة في التاريخ، القدرة على التحكم الدقيق بصفات كل الكائنات الحية، ممّا قد يوفر الملايين من سنين التطور، ويجعل التطور قابلًا للتطبيق من خلال تقنية سهلة وعالية الدقة وقليلة الكلفة.

عبّرت لجنة نوبل عن أهمية الاكتشاف بقولها أن الباحثتان قد أعادا كتابة شفرة الحياة!

كريسبر؛ المقصات الجينية التي حازت على نوبل الكيمياء لعام 2020

الوجه الآخر للتعديل الجيني، مخاوف وتحديات

على الرغم أن التعديل الجيني يُعد ثورة علمية قادرة على تخليص البشرية من آلاف الأمراض الوراثية، وقادرة على جعل الكائنات الحية أقوى أو أذكى أو أكثر فعالية وفي خدمة الإنسان، إلا أنه يمكن أن تتحول إلى سلاح فتّاك، قد يقضي على التنوع البشري أو يعزز الفروقات العنصرية والطبقية في العالم.

لذلك يعتبر علم الوراثة والجينات من أكثر العلوم تعقيدًا على الصعيد الإنساني والأخلاقي، ويطرح إشكاليات عديدة.

السلامة كتهديد مباشر تطرحه تقنيات التعديل الچيني

الإشكالية الأولى تتعلّق بالسلامة، فعملية التعديل الجيني يمكن أن تصبح خطيرة، إذا عُدلت جينات غير مرغوبة، أو إذا لم تتم عملية التعديل بشكل سليم، وقد يكون لهذه الأخطاء التقنية نتائج مرعبة على صحة وسلامة المريض أو المولود.

العدالة والإنصاف والمساواة قد تهتز بشدة مع تطور تقنيات التعديل الچيني

الإشكالية الثانية تتعلق بالعدالة والمساواة بين البشر، فلنتخيل مثلًا أن هذه التقنية أصبحت متاحة فقط بيد طبقة غنية من البشر، ستظهر الفروقات أكبر في الرعاية الصحية، خصوصًا أن التقنية تمكّن من تجنب الأمراض الوراثية، بل من الممكن أن تستخدم في اختيار سمات جسدية وعقلية (مثلًا اختيار جنس المولود مما قد يعزز التمييز الچندري، أو لون البشرة مما يزيد التمييز العنصري).

من الإشكاليات التي يخلقها موضوع الهندسة الجينية عند البشر، هي التجربة العلمية الممكن إجراؤها على الأجنّة البشرية، مما يتعارض مع القواعد الأخلاقية (وأحيانًا الدينية) ويطرح مخاوف عديدة.

لا شك أن التعديل الجيني من خلال تقنية كريسبر-كاس 9 هو واحد من أهم الاكتشافات العلمية الحديثة، والتي بدأت بالفعل بتغيير عالمنا. ولهذا تُعد جائزة نوبل للكيمياء للعالمتين شاربنتيير ودودنا مُستحقة. على أمل أن يستخدم هذا النوع من التطور العلمي العظيم لمصلحة البشر، كل البشر، دونما تمييز.

مصدر:

NobelPrize.org

كريسبر؛ المقصات الجينية التي حازت على نوبل الكيمياء لعام 2020

قررت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم منح جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2020 مناصفة بين جينيفر دودنا (الأمريكية) وإيمانويل شاربنتر (فرنسية) لتطويرهم تقنيات التعديل الجيني «كريسبر» والمعروفة علميًا باسم CRISPR Cas 9 لقدرات التقنية المذهلة وإمكاناتها المستقبلية على تعديل الطفرات المسببة للأمراض الجينية المختلفة. كريسبر؛ المقصات الجينية التي حازت على نوبل الكيمياء لعام 2020 ، ما هي؟

كريسبر؛ أداة قوية ستغير من حياتنا

منذ اكتشافهما المُلهم، تغيرت علوم الحياة للأبد، إذ تمكن علماء الكيمياء الجزيئية وعلماء الأحياء الخلوية من معرفة وظائف الجينات المختلفة بسهولة أكبر مما سبق، ومعرفة أدوارها المختلفة في تطور الأمراض.

تمكن علماء النباتات الآن من منح بعض النباتات صفات جديدة شديدة الأهمية للبقاء، مثل تحمل الجفاف في البيئات الجافة مثل الصحاري.

في مجال الطب، يمكن استخدام هذه التقنية لاكتشاف طرق جديدة لعلاج السرطانات، بالإضافة إلى بعض الاستخدامات غير الأخلاقية بالطبع، مثل أي تكنولوجيا قوية.

في عام 2011، لم يكن أي من إيمانويل أو جينيفر يدركان أن لقاءهما الأول في أحد المقاهي في باريس سيغير حياتهما للأبد.

هوّس شاربنتير بالبكتيريا المسببة للأمراض

حصلت شاربنتير على الدكتوراة من معهد باستور المرموق في باريس، كما عاشت في خمس بلاد مختلفة وسبع مدن. عملت كذلك في عشر معاهد مختلفة. في عام 2002، عندما أسست شاربنتير مجموعتها البحثية الخاصة، في «جامعة فيينا –Vienna University»، كانت تبدي اهتمامًا شديدًا بأكثر أنواع البكتيريا ضررًا للبشر، «البكتيريا العقدية- Streptococcus pyogens ».

تتسبب «البكتيريا العقدية- Streptococcus pyogens» في العدوى لملايين البشر سنويًا، مما يسبب بعض الأعراض الطفيفة، لكنها في بعض الأحيان تسبب أعراضًا قاتلة، مثل تآكل الأنسجة، مما أعطاها اسم « آكلة اللحم البشري-Flesh eater».

لفهم طريقة عمل البكتيريا العقدية، قررت شاربنتير تتبع طريقة تنظيم جينات هذه البكتيريا، والتي كانت أول خطوة في اتجاه مشروعها مع دودنا.

العلم، مغامرة تعادل القصص البوليسية

نشأت دودنا في هاواي كطفلة فضولية تحب تعلّم كيفية عمل الأشياء. في أحد الأيام ترك والدها كتابًا لـ «جيمس واتسون-James Watson » مكتشف الشكل الحلزوني للـ DNA على سريرها، والذي كان خطوتها الأولى في معرفتها للجينات وكيفية عملها.

تابعت جينيفر في الكتاب عمل واتسون إلى جوار زميله «فرانسيس كريك- Francis Crick» ورحلتهم لفك شيفرة الحمض النووي، أُسرت دودنا بعملية البحث العلمي، حيث لم يكن العلم مجرد حقائق.

على الرغم من ذلك، عندما بدأت بحل الألغاز العلمية لم يكن اهتمامها موجهًا صوب الـ DNA، ولكنها كانت قريبة بشكل ما، فكانت تعمل على الـ RNA.

في عام 2006، كانت دودنا تقود مجموعة بحثية في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، ولديها 20 عامًا من الخبرة في العمل مع الـ RNA.

لسنوات كان يعتقد المجتمع العلمي أنه ملم بوظائف الـ RNA، لكنهم اكتشفوا فجأة الكثير من جزيئات الـ RNA الصغيرة التي تلعب دورًا هامًا في تنظيم عمل الجينات داخل الخلية، فاكتشاف دودنا عام 2006، كان سببًا في تلقيها لمكالمة من زميلة لها في جامعة مختلفة، لتبدأ قصة نوبل!

محاكاة العالمتان للجهاز المناعي القديم للبكتيريا

أخبرتها زميلتها، والتي هي عالمة أحياء جزيئية، باكتشاف جديد أثار انتباهها، فعندما تحرى الباحثون التسلسل الجيني لأنواع مختلفة من البكتيريا، وجدوا نمطًا متطابقًا في جميع أنواعها، على الرغم من اختلاف تسلسلاتها الجينية عن بعضها البعض، فالأمر أشبه بنفس الكلمة تتكرر في كل جملة مختلفة.

تدعى هذه الأنماط بـ Clustered Regularly Interspaced Short Palindromic Repeates التي اختُصرت لاحقا بـ “CRISPR”.

الغريب بحق، هو أن الأنماط غير المكررة، وغير المتشابهة، تُبدي تطابقًا مع جينات بعض الفيروسات، لذا فالاعتقاد السائد حينها هو أن هذه أجزاء من جهاز مناعي قديم، فالفرضية تقول أنه في حالة نجاة البكتيريا من الفيروسات، فإنها تحتفظ بجزء من مادتها الوراثية كذكرى.

أخبرتها زميلتها أن الباحثين يعتقدون أن هذا يحدث بطريقة مشابهة لما كانت تقوم دودنا بدراسته في ذاك الوقت، وهو الـ RNA interference.

دودنا ترسم آلية معقدة

كانت هذه أخبارًا مذهلة لباحثة متقدة الذهن وشغوفة كشاربنتر، فقد اتضح أنه بالإضافة إلى CRISPR، اكتشف الباحثون جينات أسموها بـ CRISPR-associated  بمعنى «المصاحبة لكريسبر»، التي اختصرت لتصبح cas، والذي أبهر دودنا في هذا الأمر هو أن هذه الجينات تبدو مشابهة لوظائف بعض البروتينات المعروفة، والمسئولة عن تقطيع الشريط الوراثي، وتفكيكه.

أمرت دودنا فريقها بالعمل، وبعد بضع سنوات، تمكن فريقها من معرفة العديد من الوظائف لبروتينات cas.

القطعة الجديدة غير المعروفة في أحجية نظام كريسبر

نعود إلى إيمانويل من جديد، انتقلت إيمانويل للعمل في مشروع بحثي، في جامعة Umeå شمال السويد، وبالعمل مع بعض الباحثين، تمكنت إيمانويل من وضع خارطة للـ RNA  الخاص بالبكتيريا العقدية.

كانت النتائج محيرة بالنسبة لإيمانويل، حيث أن واحدًا من هذه الجزيئات متنوع وغير معروف حينها، كما أن الخارطة الجينية تظهر تماثلًا كبيرًا مع نماذج  CRISPR، فهل هما مرتبطان؟

بعد بحث وتجارب مكثفة، نشرت إيمانويل نتائج أبحاثها. علمت شاربنتير جيدًا أنها على أعتاب شيء مختلف كليًا، فلديها العديد من سنوات الخبرة في مجال الأحياء الجزيئية، ولكن مع استمرار بحثها المتعلق ب CRISPR cas-9، تحتاج شاربنتير إلى مساعدة عالم كيمياء حيوية، وكانت جينيفر دودنا بالطبع.

في ذاك الربيع، عندما دعيت شاربنتير لمؤتمر في «بورتو ريكو-Puerto Rico» لمناقشة اكتشافاتها، كانت تسعى هي لمقابلة باحثة من بيركلي.

مقابلة غيرت حياتهما للأبد

تقابلا بالصدفة في إحدى المقاهي، حيث قدمتهما زميلة مشتركة لبعضهما البعض، وأخبرتها شاربنتير بأنهما عليهما أن يتعرفا على شوارع المدينة القديمة.

بينما تتمشى الباحثتان في شوارع المدينة، تسأل شاربنتير دودنا ما إن كانت مهتمة بشأن التعاون في بحث مشترك عن البكتيريا العقدية، فتوافق دودنا على الفور، ليتحقق لشاربنتير مبتغاها في الحصول على مساعدة باحثة في مجال الكيمياء الحيوية.

بدأ الفريقان بإجراء المقابلات الرقمية للتخطيط للأبحاث، كانتا تعتقدان أنهما تحتاجان الـ RNA المتعلق بـ CRISPR للتعرف على الـ DNA الفيروسي، وأن cas-9 هو المقص المسئول عن قطع الـ DNA، على الرغم من هذا، لم ينجحا عند إجراء التجارب، فقد ظلت جزيئات الـ DNA متماسكة، ولكن لماذا؟

بعد فترة طويلة من العصف الذهني، والتجارب التي باءت جميعها بالفشل، قرر الباحثون أخيرًا إضافة الـ tracrRNA الذي كانت قد اكتشفته إيمانويل مسبقًا إلى بحثهم، وعندما أضافوه إلى cas-9، حدث ما كان متوقعًا، فانقسم جزيء الـ DNA إلى قسمين أخيرًا.

كان اكتشافًا ثوريًا، فقد كشفتا عن آلية دفاعية طورتها البكتيريا ضد الفيروسات.

تجربة أعلنت بدء عصر جديد

قرر الباحثون تبسيط وتشذيب مقصات الـ DNA باستخدام معرفتهم عن الـ tracrRNA، والـ CRISPR-RNA، فقررا دمجهما معًا، وسموا الناتج باسم «الرنا المرشد-Guide RNA»، لتدرك الباحثتان أنهما أمام تجربة ستغير مجرى التاريخ.

قاما بأخذ جين مجمد كان موجود في معمل دودنا، وقاموا باختيار خمس مناطق مختلفة، حيث يجب أن يُقطع الجين، ثم قاما بقص جزء CRISPR من المقصات، لتتطابق شيفرته مع شيفرة الجزء المطلوب إزالته.

كانت النتائج مذهلة، حيث قُطع الجين في الأجزاء المُحددة بالضبط.

كريسبر؛ المقصات الجينية التي غيرت علوم الأحياء الجزيئية

بعد نشر بحثهما بفترة وجيزة، أعلنت العديد من المجموعات البحثية عن إمكانية استخدام تقنيتهما للتعديل في خلايا الفئران والبشر، مؤديًا بذلك إلى ثورة علمية، فقد كان تعديل الخلايا في الماضي أمرًا بالغ التعقيد، ومستهلكًا للكثير من الوقت، بل وأحياناً مستحيل.

باستخدام المقصات الجينية يمكن للباحثين الآن قطع أي جزء من الشريط الوراثي، ولسهولة هذه التقنية، تم تعميمها في المشروعات البحثية المختلفة، كما أنها أصبحت تستخدم في تهجين النباتات.

أمل علاج الأمراض الوراثية

في مجال الطب، تُعد تقنية كريسبر أملًا واعدًا في مجال العلاج المناعي. يقوم الباحثون بالفعل بإجراء التجارب لمعرفة ما إن كانت مقصات CRISPR cas-9 فعالة في محاربة السرطان أم لا. كما يطمح الباحثون لاستخدامها في إعادة إصلاح الأنسجة الكبيرة التالفة مثل المخ.

يجب استخدام تقنية المقصات الجينية بحرص

بالرغم من فوائدها العديدة، يمكن لهذه التقنية أن تستخدم بشكل خاطئ، حيث يمكن استخدامها لخلق أجنة معدلة وراثيًا. لكن يعتقد بعض المتخصيين بأنه لا داعي للقلق، لطالما كانت هناك العديد من القوانين التي تقيد استخدامات الهندسة الوراثية، كما أن التجارب المجراة على البشر والحيوانات يجب أن تخضع أولًا لموافقة اللجان الأخلاقية. وفي هذا الصدد يمكنك القراءة أكثر عن المخاوف المحيطة بالتقنية من هنا.

ما رأي القارئ بهذا الكشف؟ وكيف يمكن أن يغير من حياتنا كبشر في المستقبل؟ وهل أنت مع أم ضد اتاحة استخدام التعديل الجيني على البشر؟

المصدر:
البيان الرسمي لموقع جائزة نوبل

مخاوف أخلاقية متصاعدة تجاه جائزة نوبل في الكيمياء 2020 وتقنية كريسبر

لم يكن الجدل حول التعديل الجيني بالجديد، ولكنه عاد للواجهة بعد تسليط نوبل الكيمياء عام 2020 الضوء على تقنية كريسبر للتعديل الجيني واكتشاف قدرتها على جعل هذا التعديل أكثر دقة وسهولة مقارنة بالتقنيات القديمة. مخاوف أخلاقية متصاعدة تجاه جائزة نوبل في الكيمياء 2020 وتقنية كريسبر .

يعتقد علماء الأخلاقيات الحيوية والباحثون عمومًا أنه لا ينبغي محاولة تعديل الجينوم البشري للأغراض الإنجابية حتى اليوم، ولكن يجب أن تستمر الدراسات التي من شأنها جعل العلاج الجيني آمنًا وفعالًا. [1،2]

يتفق معظم المهتمون بالتعديل الجيني على أهمية مواصلة المداولات العامة والنقاش للسماح للجمهور بتقرير ما إذا كان تعديل الجراثيم مسموحًا أم لا.

اعتبارًا من عام 2014، حظرت حوالي 40 دولة أبحاث تعديل جينات الخلايا الجنسية، منها 15 دولة في أوروبا الغربية بسبب المخاوف الأخلاقية والمتعلقة بالسلامة. [3]

هناك أيضًا جهد دولي بقيادة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين للتنسيق وتنظيم تطبيق تقنيات التعديل الجيني. بدأت تلك الجهود رسميًا في ديسمبر 2015 مع القمة الدولية لتعديل الجينات البشرية في واشنطن.

مخاوف السلامة

نظرًا لاحتمال حدوث تأثيرات جانبية لعمليات تعديل جيني في المكان الخطأ أو تعديل بعض الخلايا دون أخرى، فإن السلامة هي الشغل الشاغل للباحثين حاليًا.

يتفق الباحثون وعلماء الأخلاق المتخصصون ممن كتبوا وتحدثوا عن تعديل الجينوم، على أنه لا ينبغي استخدام التعديل الجيني لأغراض الإنجاب السريري حتى تثبت سلامة وأمان تعديل جينوم الخلايا الجنسية.

يُرجّح البعض فوائد التعديل الجيني على مخاطره بهدف للدفع تجاه رفع الحظر المفروض عليه، إلا أن البعض الآخر يعتقد بأنه لا يمكن تبرير المخاطر بالفائدة المحتملة.

يشكك بعض الباحثين بنبوءات التعديل الجيني للأجنة البشرية أو اعتبارها ذات فائدة أكبر من التقنيات الحالية، مثل التشخيص الجيني قبل الزرع (PGD) والتخصيب في المختبر (IVF). ومع ذلك، يقر العلماء وأخصائيي الأخلاقيات الحيوية أنه في بعض الحالات، يمكن أن يعالج تعديل الخلايا الجنسية الاحتياجات التي لا يلبيها التشخيص الوراثي قبل الزرع. [4]

مقترحات التعديل الجيني الحالية تشمل:

1. حالات تماثل كلا الأبوين المحتملين بالنسبة لمسبب للمرض (أي حمل كلاهما نسختان من جينات الإصابة، وهو ما يشير إلى إصابة جميع أطفالهم بالمرض).

2. حالات الاضطرابات متعددة الجينات التي تتأثر بأكثر من جين واحد.

3. العائلات التي تعترض على بعض عناصر عملية التشخيص الوراثي قبل الزرع. [5،6]

يشعر بعض الباحثين وأخصائيي الأخلاقيات الحيوية بالقلق من أن أي تعديل للجينوم – حتى للاستخدامات العلاجية – سيضعنا على منحدر زلق قد يقود بنا مباشرة لاستخدامه لأغراض غير علاجية وإجراء تحسينات على البشر، وهو ما يعتبره الكثيرون مثيرًا للجدل.

يجادل آخرون بوجوب السماح بتعديل الجينوم المُثبت آمانه وفعاليته لعلاج الأمراض الوراثية باعتباره واجب أخلاقي تجاه أولئك المرضى. 6 ويقترحون إدارة المخاوف بشأن التحسين والتلاعب من خلال السياسة والقوانين والتنظيم.

يشعر المعلقون على هذه القضية بالقلق أيضًا إزاء سوء استخدام تعديل الجينوم للأغراض الإنجابية وتباين القدرات الرقابية بين داخل الولايات المتحدة وخارجها، مما قد يؤدي إلى استخدامات يعتبرها البعض مرفوضة.

تستشهد هذه الحجج بالبيئات ذاتية التنظيم إلى حد كبير في العيادات الإنجابية التي تقدم التشخيص الوراثي قبل الزرع والتلقيح الصناعي، والاختلافات القائمة في اللوائح بين مختلف البلدان.

موافقة مسبقة

يشعر البعض بالقلق من استحالة الحصول على موافقة حقيقية واعية لعلاج الخلايا الجنسية لأن المرضى المتأثرين بالتعديلات هم الجنين والأجيال القادمة. ويواجه هذا الطرح بحجة مضادة تقول بأن الآباء يتخذون بالفعل العديد من القرارات التي تؤثر على أطفالهم في المستقبل، بما في ذلك القرارات المُعقّدة مثل التشخيص الوراثي قبل الزرع مع التلقيح الاصطناعي.

عبّر الباحثون وخبراء الأخلاقيات الحيوية عن قلقهم أيضًا بشأن إمكانية الحصول على موافقة واعية حقًا من الآباء المحتملين طالما أن مخاطر علاج الخلايا الجنسية غير معروفة.

العدل والإنصاف

كما هو الحال مع العديد من التقنيات الجديدة، يتزايد القلق من إتاحة تقنيات التعديل الجيني للأثرياء فقط بارتفاع أسعارها مما سيزيد التفاوتات الحالية وسيعيق الوصول إلى الرعاية الصحية المناسبة والتدخلات الأخرى.

يشعر البعض بالقلق من التفاوت المجتمعي الذي قد ينتج عن تعديل الخلايا الجنسية بجودة هندسية متباينة، مما قد يخلق معدّلين مميزين ومعدلين عاديين ومعدلين ضعفاء وهكذا.

أبحاث تعديل الجينوم الأجنة

كثير ممن لديهم اعتراضات أخلاقية ودينية يقفو في مواجهة استخدام الأجنة البشرية لإجراء المزيد من الأبحاث. مما جعل استخدام الأموال الفيدرالية في أي بحث ينتج الأجنة أو يدمرها أمر غير ممكن. بالإضافة إلى عدم قدرة المعاهد الوطنية للصحة على تمويل أي استخدام لتحرير وتعديل الجينات في الأجنة البشرية. وفقًا للوائح المعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة.

بالرغم من عدم قدرة المعاهد الوطنية للصحة على تمويل تحرير أو تعديل الجينات في الأجنة البشرية حاليًا، تعتقد العديد من مجموعات الأخلاقيات الحيوية والبحثية أن البحث باستخدام تعديل الجينات في الأجنة مهم لأسباب لا تعد ولا تحصى مثل معالجة الأسئلة العلمية حول البيولوجيا البشرية، طالما لم تُستخدم لأغراض إنجابية.

بشكل عام، يمكن استخدام بقايا أجنة قابلة أو غير قابلة للحياة باستخدام تقنيات التلقيح الاصطناعي في أبحاث الأجنة، أو أجنة تم إنشاؤها خصيصًا للبحث، ولكل حالة اعتباراتها الأخلاقية.

ما رأيك عزيزنا القارئ؟ هل تتفق أم تختلف مع لجنة نوبل عن مدى استحقاق تلك الجائزة لتقنيات التعديل الجيني بالرغم من تلك المخاوف؟

مصادر:

[1] National Academies of Sciences, E., Medicine,. (2017). Human Genome Editing: Science, Ethics, and Governance. Washington, DC: The National Academies Press.

[2] The Hinxton Group. (2015). Statement on Genome Editing Technologies and Human Germline Genetic Modification. Retrieved from http://www.hinxtongroup.org/Hinxton2015_Statement.pdf

[3] Araki, M., & Ishii, T. (2014). International regulatory landscape and integration of corrective genome editing into in vitro fertilization. Reprod Biol Endocrinol, 12, 108. doi:10.1186/1477-7827-12-108

[4] Lanphier, E., Urnov, F., Haecker, S. E., Werner, M., & Smolenski, J. (2015). Don’t edit the human germ line. Nature News, 519(7544), 410. doi:10.1038/519410a

[5] Hampton, T. (2016). Ethical and Societal Questions Loom Large as Gene Editing Moves Closer to the Clinic. JAMA, 315(6), 546-548. doi:10.1001/jama.2015.19150

[6] Savulescu, J., Pugh, J., Douglas, T., & Gyngell, C. (2015). The moral imperative to continue gene editing research on human embryos. Protein Cell, 6(7), 476-479. doi:10.1007/s13238-015-0184-y

[7] Ishii, T. (2017). Germ line genome editing in clinics: the approaches, objectives and global society. Brief Funct Genomics, 16(1), 46-56. doi:10.1093/bfgp/elv053

[8] Park, A. (2016). UK Approves First Studies Using New Gene Editing Technique. Time Health.

[9] Araki, M., & Ishii, T. (2014). International regulatory landscape and integration of corrective genome editing into in vitro fertilization. Reprod Biol Endocrinol, 12, 108. doi:10.1186/1477-7827-12-108

[10] Lanphier, E., Urnov, F., Haecker, S. E., Werner, M., & Smolenski, J. (2015). Don’t edit the human germ line. Nature News, 519(7544), 410. doi:doi:10.1038/519410a

[11] The Hinxton Group. (2015). Statement on Genome Editing Technologies and Human Germline Genetic Modification. Retrieved from http://www.hinxtongroup.org/Hinxton2015_Statement.pdf

[12] National Academies of Sciences, E., Medicine,. (2017). Human Genome Editing: Science, Ethics, and Governance. Washington, DC: The National Academies Press.

[13] Callaway, E. (2016). UK scientists gain licence to edit genes in human embryos. Nature News, 530(7588), 18. doi:doi:10.1038/nature.2016.19270

[14] Cyranoski, D., & Reardon, S. (2017). Chinese scientists genetically modify human embryos. Nature News. doi:doi:10.1038/nature.2015.17378

نوبل في الطب 2020: ما هو فيروس التهاب الكبد الوبائي سي؟ وكيف تم اكتشافه؟

نوبل في الطب 2020: ما هو فيروس التهاب الكبد الوبائي سي؟ وكيف تم اكتشافه؟

في صباح اليوم الإثنين الموافق 5-10-2020، أعلنت الأكاديمية السويدية الملكية للعلوم فوز كلاً هارفي ألتر، وتشارلز رايز، ومايكل هاوتون بجائزة نوبل في الطب لعام 2020 عن اكتشافهم فيروس التهاب الكبد الوبائي سي (HCV). فذلك الفيروس الذي ظل لغزاً مجهولاً لعقودٍ طويلة، ونتيجة للجهل بوجوده استطاع أن ينتشر في أرجاء المعمورة شرقاً وغرباً مما جعله واحد من أهم أمراض العصر؛ فطبقاً لمنظمة الصحة العالمية (WHO) هناك أكثر من 71 مليون مريض مزمن بفيروس التهاب الكبد الوبائي سي، يموت منهم نسبة كبيرة جداً نتيجة لتليف وسرطان الكبد. إلا أنه مع المعرفة الصحيحة للفيروس، وتطوير العلاجات المتسمر تنحصر تلك النسبة المتوفية بشدة. ولكن ما هو فيروس التهاب الكبد الوبائي سي؟ وكيف تم اكتشافه؟ هذا ما ستناوله بالتفصيل في الأسطر القادمة.

ما هو فيروس التهاب الكبد الوبائي سي؟

هو أحد أهم الفيروسات التي تصيب الكبد، وسر أهميته يكمن في صمته؛ حيث أنه لا يبدأ في إظهار أي علامات على وجوده إلا بعد فترة طويلة جداً من الزمن يكون الكبد قد تأثر بشكلٍ بالغ. ينتقل الفيروس عن طريق الدم مثله مثل فيروس ب ويتوجه للكبد ليبدأ دورة حياته:

  1. الارتباط : وفيها ترتبط مستقبلات على سطح الفيروس بمستقبلات على سطح خلية الكبد.
  2. دخول: بعد أن يتم الارتباط يتحرك الفيروس بما يحيطه من غلافه على سطح الخلايا مثل الكورة حتى يصل لنقطة معينة، تحديداً نقطة التصاق خليتي كبد متجاورتين، وهنا يدخل الفيروس الخلية مغلفاً بغلاف خلوي مصدره الغشاء الخلوي لخلية الكبد.
  3. التحرر: عند دخول الفيروس مغلفاً لا تلبث المادة الوراثية للفيروس أن تتحرر من الغلاف بفعل من درجة الأس الهيدروجيني للسيتوبلازم. وبذلك تكون المادة الوراثية للفيروس (وهي من النوع RNA) حرة.
  4. الترجمة: يتم ترجة المادة الوراثية للفيروس إلى مركب من البروتينات متلاصقة مع بعضها، يبلغ طولها حوالى 3000 حمض أميني.
  5. هنا يأتي دور إنزيمات من الخلية المضيفة حتى تشترك مع إنزيمات الفيروس في تقطيع ذلك المركب الضخم إلى البروتينات المنفردة التي تكون الفيروس، وعددها عشرة بروتينات.
  6. التكاثر: لاتزال الخلية المضيفة تقدم خدماتها لمراحل حياة الفيروس حيث في تلك المرحلة أيضاً تتعاون مع بعض بروتيات الفيروس حتى تكون ما يشبه بالحويصلة تصلح لتكاثر المادة الوراثية للفيروس، وزيادة أعدادها حتى تنتج أعداد غفيرة من الفيروس.
  7. التجميع: تجتمع البروتينات في ترتيبها الطبيعي محيطةً بالمادة الوراثية للفيروس ويضاف إليها بعض جزيئات من البروتينات الدهنية للخلية حتى يتكون التركيب الطبيعي للفيروس.
  8. الخروج والانتشار: بعد أن يكون الفيروس مكتمل النضج، يتحرر من الغشاء الخلوي لخلية الكبد للبيئة الخارجية للنسيج حتى يصيب المزيد من الخلايا.

تصاحب دورة حياة فيروس الكبد الوبائي سي العديد من الأعراض المرضية تُقسم حسب فترة ظهورها إلى أعراض حادة وأعراض مزمنة. أما عن الأعراض الحادة فتلك التي تظهر خلال ستة أشهر من الإصابة وتكون غير مميزة، ولا تستدعي الذهاب للمستشفى، وقد يستطيع جسم المُصاب أن يقضي على الفيروس في تلك المرحلة في قرابة 20% من الحالات فقط. في حالة نجاة الفيروس من تلك المرحلة يدخل المريض في الإصابة المزمنة التي غالباً ما يفشل جسم المريض فيها في التخلص من الفيروس وتتمثل خطورة تلك المرحلة في أنها قد تؤدي للإصابة بالتليف الكبدى وفشله عن أداء وظيفته بالإضافة للإصابة بسرطان الكبد المرتبط بشدة بالفيروس. وهنا يجب الإشارة أن السبب في كل ذلك هو رد الفعل المناعي تجاه الفيروس وليس الفيروس نفسه؛ فتواجد الفيروس داخل الخلية وتكاثره بها يتسبب في بعض التغيرات على سطح الخلية المضيفة تجعل الخلايا المناعية تتعرف عليها كجسم مريض يجب قتله، وبالفعل يتم قتل عدد كبير من خلايا الكبد المُصابة بسرعة تفوق قدرة الكبد على التعويض، وبالتالي يتم الشفاء عن طريق التليف، وكنتيجة لذلك لا يستطيع الكبد أداء وظيفته بشكلٍ مناسب ويكون معرض بشكل ضخم للفشل. والآن أصبح لدينا صورة كاملة ملخصة عن كيفية تفاعل الفيروس مع الجسم، تبقى لنا أن نعرف كيف استطاع علماؤنا الثلاثة الكشف عن ذلك العدو اللدود في الثلث الأخير من القرن الماضي

هارفي ألتر وفكرة وجود الفيروس:

كان كلاً من فيروس التهاب الكبد الوبائي أ و ب HBV&HAV متعارف عليه في أربعينيات القرن الماضي. وتم تطوير آليات للكشف عنهما في الدم بمرور الوقت؛ لتقليل الإصابة بإلتهاب في الكبد بعد عملية نقل الدم. وبالفعل قلة الإصابة بالاتهابات الكبد بشكل ملحوظ، ولكن ظلت هناك نسبة كبيرة من التهابات الكبد مجهولة المصدر والذي استطاع هارفي ألتر الكشف عنها في العديد من أوراقه البحثية سنتابع منهم ثلاثه أمثلة:

1. الدراسة الأولى:

قام ألتر بجمع عينات دم ل 22 حالة قبل وبعد اسقبالهم للدم وكشف فيها عن: أجسام مضادة للفيروس التهاب الكبد ب و أ، بالأضافة لأنتيجن فيروس ب (الأنتيجن هو مركب مميز على سطح الكائنات الممرضة تتعرف عليها خلايا المناعة)، وكذلك أجسام مضادة لفيروسات EBV و cytomegalovirus وجميعها تُصيب الكبد بالتهاب. وعلى الرغم من أن الحالات جميعاً كانت مصابة بالتهاب في الكبد ألا أن النتائج كانت كما يلي:

  1. فيروس أ: سالب قبل وبعد استقبال الدم.
  2. فيروس ب: سبع حالات كان لديها أجسام مضادة قبل استقبال الدم مما يعني إصابتها به من قبل، و 15 حالة لم تعبر عن أجسام مضادة سواء قبل أو بعد استقبال الدم فقط حالة واحدة ظهر فيها أجسام مضادة بعد عملية نقل الدم، إلا أن جميع الحالات لم يتواجد في عيناتها أنتيجين فيروس ب سواء قبل أو بعد نقل الدم.
  3. EBV: جميعهم تواجدت في أجسامهم الأجسام المضادة لذلك الفيروس قبل عملية نقل الدم، ولم يزداد تركيزها بعده مما يعني عدم الإصابة.
  4. cytomegalovirus: فقط تسع حالات من عبرت عن أجسام مضادة بعد نقل الدم إلا أنه يُستبعد أن يكون ذلك الفيروس السبب لالتهاب الكبد لديهم لعدم توافق أعراضه الإكلينيكية مع أعراض الحالات المُصابة.

2. الدراسة الثانية:

كانت هدف هذا الدراسة بشكل رئيسي تحسين الاختبارات المُستخدمة في عملية نقل الدم. وقد استعان فيها ألتر وفريقه بعينه مكون من 108 شخص استقبلوا الدم، واتضح أن منهم 12 شخصاَ أصيب بالتهاب في الكبد ولكن ما السبب؟! بعد عمل تحاليل الدم المناسبة اتضح أن أربع حالات فقط هي من أصيبت بفيروس التهاب الكبد الوبائي ب، أما الثماني حالات الباقية فلم تظهر تحاليلهم نتائج إيجابية للإصابة بكلٍ من فيروس ب وأ وEBV و cytomegalovirus. فبذلك جائت تلك الدراسة مؤكدة لسابقتها.

3. الدراسة الثالثة:

هنا أكد في تلك الدراسة على وجود فيروس مجهول يُسبب المرض وأكد أنه قبال للانتشار مثله مثل قرينه فيروس ب. في تلك الدراسة استعان فيها بحيوان الشمبانزي، ولكن لماذا الشمبانزي تحديداً؟ لإن الشمبانزي مثله مثل الإنسان يُصاب بفيروس التهاب الكبد الوبائي ب وأ. قام ألتر وزملائة بجمع عينات دم من أربعة مصابين بالتهاب كبد ثبت أنه ليس نتيجة لفيروس ب أو أ وحقنوها في خمسة حيوانات شمبانزي وعزلوهم عن بعضهم العض، وبعد فترة قاموا بمتابعة تحاليل الدم خاصتهم وأخذ عينات من الكبد التي أظهرت إصابة ثلاثة من الشمبانزي بالمرض حيث الارتفاع في إنزيمات الكبد، وكذلك أظهرت العينات تحت الميكرسكوب مظهراً مشابه بشدة لمظهر التهاب فيروس الكبد الوبائي ب مما يؤكد أن ما يتسبب في ذلك الاتهاب هو أيضاً فيروس، والأمر الآخر الذي يؤكد ذلك أنهم استطاعوا تحديد مدى معين لفترة الحضانة.

بذلك لن نكون مخطئين إذا قولنا أن هارفي ألتر نجح في توجيه الأبصر، والمجهودات ناحية فيروس جديد مجهول ممكن أن يكون أكثر خطورة من فيروس التهاب الكبد الوبائي ب.

مايكل هاوتون وعبقرية اكتشاف الفيروس:

إذا أردت أن تعرف أني موجود عليك أن تراني بعينيك، ولكن هل تلك الطريقة الوحيدة التي تتأكد فيها من وجودي؟ في الحقيقة لا فقط تدرك وجودي من آثار أقدامي مثلاً. ونحن أمامنا مثال حي يدعم تلك الإجابة وهو مايكل هاوتون؛ فهاوتون لم يكن تقليدياً في بحثه فلم يضيع وقته في محاولة عزل الفيروس ورؤيته بشكل مباشر. فاتبع افتراض أنه لطالما أن المسبب في ذلك المرض قد يكون بنسبة كبير فيروس فمؤكد سيسبب ذلك الفيروس رد فعل مناعي ويتواجد ضده أجسام مضاده في الدم، فلم لا نستغل النتيجة أو الأثر للوصول للسبب؟ هذا ما فعله هاوتون. حيث أنه قام بحقن عينة من مصابي التهاب كبد مجهول السبب في حيوانات الشمبانزي حتى تكون بمثابة بيئة لتكاثر المادة الوراثية للفيروس، بعدها تم الحصول على عينات من تلك الحيوانات وعزل المادة الوراثية التي تتكون من المادة الوراثية للشمبانزي والفيروس، وقام بتقسيمها وزراعتها في بكتيريا حتى تعبر تلك الأحماض النووية عن نفسها وتصنع بروتيناتها والجدير بالذكر أنه حصل على عدد ضخم جداً من تلك الأحماض النووية تُعد بالملايين. وبعد ذلك عرضها على بلازما مصدرها المرضى من البشر، ولك أن تتخيل عزيزي القارئ أن عينة واحدة فقط من الأحماض النووية كانت صحيحة أي ارتبطت بها الأجسام المضادة. تم عزل تلك العينة والإكثار منها للحصول على الترتيب الجيني للفيروس، وقد استغرق ذلك العمل قرابة السبع أعوام ونتج عنه التعرف على الفيروس وتسميته بفيروس سي.

تشارلز رايز وآخر قطع الأحجية:

هل يكفي فيروس سي وحده للتتسبب بالمرض؟ الإجابة كانت من عند تشارلز رايز الذي نجح في مقارنة الأحماض النووية لعينات من فيروس سي. حيث أن المادة الوراثية لفيروس سي هي من النوع RNA، ونتيجة لذلك يزداد معدل الطفرات بشكل قوي عن الطبيعي فبتالي ليست جميع جزيئات فيروس سي تمتلك نسخة مطابقة للمادة الوارثية بل إن الكثير منها قد يمتلك في طيات مادته الوراثية ما يعرقل تكاثره وتسبيبه للمرض وهذا ما اكتشفه تشارلز رايز. وقد اكتشف أيضا تتابع مميز من القواعد النيتروجينة في إحدى نهايات جزيئ ال RNA افتراض أنها مهمة جدا في دورة حياة الفيروس. وعليه قام تشارلز بعزل تلك التتابعات التي اعتقد أنها قد تعرقل تكاثر الفيروس، وحافظ على ذلك التتابع المهم، حتى يتكون لديه الفيروس المثالي ومن ثم قام بحقنه في الشمبانزي الذي تسبب فعلا في المرض والتدمير المزمن للكبد.

النتائج:

استطاعت تلك الأبحاث سالفه الذكر أن تغير من موقف البشرية أمام ذلك الفيروس المخادع؛ فبعد الوصول الدقيق لتركيبه الشكلي والجيني والبروتينات الموجودة على سطحه أصبح من الممكن توفير الإمكانيات المناسبة للتعرف على وجوده في الدم حتى يقل بذلك الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي المرتبط بعمليات نقل الدم، وتتوفر الطرق المناسبة للتشخيص. والأهم أيضاً أن بالمعرفة الدقيقة للفيروس استطعنا تطوير علاجات مناسبه منها ما يمنع تكاثر الفيروس مثل Ribavirin عن طريق منع تصنيع مادته الوراثيه RNA. ومنها من يعمل على قتل واستهداف الفيروس بشكل مباشر. ومنها من يسهتدف خطوة تقطيع مركب البروتين الذي يتم تكوينة بعد خطوة الترجمة وبذلك يمنع تكوين الفيروس وانتشاره. وبالطبع هناك عقار Sovaldi المشهور الذي يمنع تكاثر الفيروس. ولا يزال التطور قائم باكتشاف عقارات جديدة أو بالدمج بين أكثر من عقار.

مصادر (نوبل في الطب 2020: ما هو فيروس التهاب الكبد الوبائي سي؟ وكيف تم اكتشافه؟):

WHO report

HCV life cycle-Hepatitis online

Us san diego health

nobel in medicine

NEJM

Lancet

Hepatology

Lancet

Science

Health line

ماري كوري: أول امرأة تفوز بجائزة نوبل

أربعة عقود من التعرض للمواد المشعة أودت بحياة العالمة ماري كوري، ولكن بالمقابل منحت الحياة لملايين المرضى ممن أصيبوا بالسرطان، وبذلك أصبحت أول امرأة تفوز بجائزة نوبل، وأول من يحصل عليها مرتين في مجالين مختلفين.

سنتعرف في هذا المقال على العالمة ماري كوري وأهم اكتشافاتها.

ماريا سكلودوفسكا

ولدت ماريا في وارسو في بولندا عام 1867، كانت ابنة مدرس فيزياء، وكانت طالبة موهوبة، انتقلت في عام 1891 للدراسة في السوربون في باريس.
مع أعلى درجات الشرف، حصلت ماري على شهادة في العلوم الفيزيائية عام 1893 وفي الرياضيات عام 1894، وفي ذلك العام التقت بيير كوري، الفيزيائي والكيميائي الفرنسي الشهير الذي قام بعمل مهم في المغناطيسية، تزوجا ماري وبيير في عام 1895، إيذانًا ببداية شراكة علمية من شأنها أن تحقق شهرة عالمية، ولقد أمضوا زواجهما في العمل جنبًا إلى جنب، وتبادلوا الاكتشافات العلمية الرائدة وجائزة نوبل.

أهم اكتشافات ماري وبيير كوري

كانت ماري كوري تبحث عن موضوع في أطروحتها للدكتوراه، وبدأت في دراسة اليورانيوم، والذي كان في صميم اكتشاف بيكريل للنشاط الإشعاعي في عام 1896. مصطلح النشاط الإشعاعي الذي يصف ظاهرة الإشعاع الناجم عن التحلل الذري، صاغته في الواقع ماري كوري.

في مختبر زوجها، درست البتشبلند المعدني، والذي يعتبر اليورانيوم العنصر الأساسي فيه، وأبلغت عن احتمال وجود عنصر أو أكثر من العناصر المشعة الأخرى في المعدن. انضم إليها بيير كوري في بحثها، وفي عام 1898 اكتشفوا البولونيوم، الذي سمي على اسم موطن ماري الأصلي بولندا، والراديوم. بينما كان بيير يبحث في الخصائص الفيزيائية للعناصر الجديدة، عملت ماري على عزل الراديوم كيميائيًا من البيتشبلند، إذ أنه على عكس اليورانيوم والبولونيوم، لا يوجد الراديوم بشكل حر في الطبيعة، وقد قامت ماري ومساعدها أندريه ديبيرن بتكرير عدة أطنان من البتشبلند بشق الأنفس لعزل عُشر جرام من كلوريد الراديوم النقي في عام 1902.

بناءً على نتائج هذا البحث، كانت حصلت على درجة الدكتوراه في العلوم في يونيو 1903 وفي وقت لاحق من العام تقاسمت جائزة نوبل في الفيزياء مع زوجها بيير وبيكريل، وكانت أول امرأة تفوز بجائزة نوبل، وتم تعيين بيير كوري رئيسًا للفيزياء في جامعة السوربون عام 1904، كما واصلت ماري جهودها لعزل الراديوم النقي.

جائزة نوبل للمرة الثانية

في 19 أبريل 1906، قُتل بيير كوري في حادث في شوارع باريس، كانت وفاة زوجها بمثابة ضربة مريرة لماري، ولكنها كانت أيضًا نقطة تحول حاسمة في حياتها المهنية، إذ تعهدت بمواصلة عملها.

في مايو 1906 تم تعيينها في مقعد زوجها في جامعة السوربون، وبذلك أصبحت أول أستاذة في الجامعة.

في عام 1910، نجحت مع ديبيرن أخيرًا في عزل الراديوم المعدني النقي، ولهذا الإنجاز، كانت هي الحائزة الوحيدة على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1911، مما يجعلها أول شخص يفوز بجائزة نوبل الثانية.

أثر اكتشاف ماري وبيير في التطبيقات الطبية

أصبحت ماري مهتمة بالتطبيقات الطبية للمواد المشعة، وعملت في مجال الأشعة خلال الحرب العالمية الأولى وإمكانية استخدام الراديوم كعلاج للسرطان.
ابتداءً من عام 1918، بدأ معهد الراديوم في جامعة باريس العمل تحت إشراف كوري ومنذ بدايته كان مركزًا رئيسيًا للكيمياء والفيزياء النووية.

إيرين كوري

كانت ابنة كوري، إيرين كوري، تعمل أيضًا كيميائية فيزيائية، وحصلت مع زوجها فريدريك جوليو على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1935 لاكتشاف النشاط الإشعاعي الاصطناعي.

وفاة ماري كوري

توفيت ماري كوري عام 1934 بسبب سرطان الدم الناجم عن أربعة عقود من التعرض للمواد المشعة، وكانت مساهمتها في الفيزياء هائلة، ليس فقط في عملها الخاص، الذي تجلت أهميته من خلال منحها جائزتي نوبل، ولكن بسبب تأثيرها على الأجيال اللاحقة من علماء الفيزياء النووية والكيميائيين.

في عام 1995 تم دفن رماد ماري كوري في بانثيون في باريس. كانت أول امرأة تحصل على هذا الشرف لإنجازاتها الخاصة، وتم أيضًا الحفاظ على مكتبها ومختبرها في Curie Pavilion في معهد Radium كمتحف Curie.

المصادر: https://www.mariecurie.org.uk/blog/marie-and-pierre-curie-a-marriage-of-true-minds/48568https://www.google.com/amp/s/www.history.com/.amp/this-day-in-history/curies-isolate-radiumhttps://www.britannica.com/biography/Marie-Curie/Death-of-Pierre-and-second-Nobel-Prize

اقرأ أيضًا حول: تعديلات بسيطة في روتينك اليومي قد تخفف من نوبات الصداع لديك

نوبل في الطب وحل ألغاز العقل البشري

نوبل في الطب وحل ألغاز العقل البشري

مع بداية الألفية الجديدة احتفل المجتمع العلمي بتسليم جائزة نوبل لثلاثة علماء بدأوا في فك أُحجية طريقة عمل الجهاز العصبي عن طريق الفهم الكامل للآليات الجزيئية الموجودة في الكواليس، والمسؤولة عن عبقرية وإبداع عقولنا بالغة التعقيد؛ فاستطاعوا أن يقدموا فهماً أولياً لكيفية تحكم المخ في الحركة، وكيف تنشأ الأمراض النفسية كالفصام، وكذلك قدموا خطوة قوية في بداية طريقنا لفهم كيف نتعلم، وكيف تتحول المعلومات والأحداث من حولنا لذكريات نحتفظ بها لفترات طويلة قد تصل لعمرنا بأكمله.

انتقال المعلومات خلال الخلايا العصبية:

الوحدة الأساسية في الجهاز العصبي هي الخلية العصبية. وهي تتكون من جسم الخلية الذي يحتوي على النواة وما يحاطيها من سيتوبلازم يحتوي على عضيات الخلية المختلفة، فهو بمثابة العقل المسيطر على الخلية العصبية. في معظم الأحوال يستقبل جسم الخلية المعلومات عن طريق «الزوائد الشجيرية-Dendrites» ويرسلها للخلايا الأخرى عن طريق «المحور العصبي-Axon».

تركيب الخلية العصبية

في كل المراحل السابقة يكون تحرك المعلومات بطول الخلية على هيئة تغير في الحالة الكهربائية بها، وحتى نكون أكثر وضوحاً الخلية العصبية لا تختلف كثيرً عن الموصلات في الدائرة الكهربية؛ حيث في الموصلات تنتقل الإشارات عن طريق اختلاف الجهد وهذا ما يحدث في حالتنا تلك؛ حيث أن الأيونات على جانبي الغشاء الخلوي في الخلية العصبية مختلفة التركيز والشحنات بحيث يكون الخارج موجب والبيئة الداخلية للخلية تكون سالبة فيكون فرق الجهد من داخل الخلية لخارجها سالب، وعند وصول مؤثر عن طريق المستقبلات العصبية مثلاً تتحرك الأيونات خلال قنوات في الغشاء الخلوي حتى تنعكس الشحنة فيكون خارج الخلية سالب الشحنة وداخلها موجب، وبذلك تنعكس شحنة فرق الجهد من السالب للموجب. يحدث ذلك التغيير في جزء معين من الغشاء الخلوي الذي بدوره يؤثر على الجزء المجاور وينتشر التأثير تباعاً على طول الغشاء الخلوي، وهذا ما يسمي بالسيال العصبي. ولكن بعد أن انتقل ذلك التأثير على طول المحور العصبي ستأتي نهاية المحور، وهي عبارة عن مجموعة من التفريعات غالباً ما تكون متصلة بالزوائد الشجيرية لخلايا عصبية أخري لكن بالطبع يوجد بين نهايات المحور العصبي وبدايات الزوائد الشجيرية فراغ صغير جداً. يُسمى ذلك التركيب ككل باسم «التشابك العصبي- synapse» فعند وصول السيال العصبي لنهاية المحور العصبي تفتح قنوات الكالسيوم -الموجودة في التفرعات النهائية للمحور العصبي- حتى ينتقل لداخل الخلية محفزاً تحرر النواقل العصبية، وهي عبارة عن مركبات كيميائية تنتقل خلال الفراغ الموجود في التشابك العصبي حتى ترتبط بمستقبلات محددة موجودة على سطح الزوائد الشجيرية، لتقوم باستثراتها هي الأخرى وبداية سيال عصبي جديد.

«التشابك العصبي-synapse»

في الحقيقة التفاصيل التي تحدث في تلك المنطقة تم الكشف عنها من قبل ثلاثة علماء حازوا جائزة نوبل في الطب عام 2000 وهم «Arvid Carlsson-أرفيد كارلسون»، و«بول جرينجارد-Paul Greengard» و«إريك كاندل-Eric Kandel» سنستعرضها سوياً في السطور القادمة.

ماهية الناقل العصبي:

«Arvid Carlsson-أرفيد كارلسون»

هناك العديد من المركبات تقع تحت عنوان النواقل العصبية مثل السيروتونين، والأدرينالين، والأستيل كولين وغيرهم الكثير. لكن حتى خمسينيات القرن الماضي لم يكن الدوبامين معروف كناقل عصبي إنما كان يُعتقد أنه فقط أصل كيميائي لبعض النواقل العصبية الأخرى لكن أرفيد كارلسون غير كل ذلك عن طريق ابتكاره لطرق فحص جديدة استطاع عن طريقها رصد الدوبامين في بعض مناطق المخ وأهمها منطقة «النوى القاعدية-Basal Ganglia» وهي منطقة بالغة الأهمية في وظائف الحركة، وتشارك أيضاً في عمليات خاصة بالمشاعر والتصرفات. يوجد في تلك المنطقة ناقل عصبي يُسمى أستيل كولين في حالة توازن مع الدوبامين. وعند حدوث خلل في التوازن بينهم ينتج اضطرابات عنيفة في الحركة. فمثلا عند وجود نقص شديد في الدوبامين نتجية تآكل الخلايا المفرزة له ينتج عن ذلك مرض البركنسون أو الشلل الرعاش. فيعاني الشخص من حركات لا إرادية مع خشونة أو تصلب كبير في العضلات وتؤثر بالطبع على القدرة على الكلام وعلى جميع نواحي الحركة. ويتم علاج ذلك المرض بزيادة نسبة الدوبامين في المخ عن طريق دواء يُسمى L-dopa، وغيره من الطرق التي تخلق توازن بين الأستيل كولين والدوبامين في منطقة «النوى القاعدية-Basal Ganglia». استطاع كارلسون أيضاً أن يضع نظرية توضح دور الدوبامين في بعض الأمراض النفسية الأخرى مثل الشيزوفرينيا أو الفصام حيث قد تمتاز تلك الأمراض بنشاط زائد للدوبامين في بعض مناطق المخ فيعاني الشخص من هلاوس أفكار مغلوطة والخلط بين الواقع والخيال. فتعتمد الكثير من الأدوية على منع تأثير الدوبامين بإغلاق مستقبلاته في تلك المناطق، ولكن تذكر عزيزي القارئ أن التوازن بين الدوبامين والأستيل كولين مهم جداً في «النوى القاعدية-Basal Ganglia» للحفاظ على الحركة بشكلٍ مناسب، وعليه قد يعاني مريض الشيزوفرينيا الذي يتعاطى بعض الأدوية المضادة لحالته من خلل في الحركة قد يكون مشابه للخلل الحادث في مرض الشلل الرعاش عندما يكون الدوبامين أقل من الأستيل كولين في النوى القاعدية. وقد يعاني بعدها من حركات مشابهة لحركات الرقص أو أداء حركات غريبة بغير إرادته وهذا ما يُسمى Chorea عندما يزداد نشاط الدوبامين عن الأستيل كولين. كل ذلك وأكثر أبهرنا به الدكتور «Arvid Carlsson-أرفيد كارلسون» واستحق عليه نوبل في الطب عام 2000 بجدارة. لكن كيف يعمل الناقل العصبي على مستقبلات في الزوائد الشيجرية من الأساس؟ كانت إجابة ذلك السؤال من نصيب الدكتور «بول جرينجارد-Paul Greengard».

التفاعل على الضفة الأخرى:

«بول جرينجارد-Paul Greengard»

بعد أن تحرر الناقل العصبي من النهايات العصبية وسبح في الفراغ الموجود بين المحور العصبي والزوائد الشجيرية وصل أخيراً للضفة الأخرى حيث يوجد مستقبِله المخصص له ليتفاعل معه. وتم تقسيم التفاعل حسب السرعة إلى سريع، وبطيئ. ما يهمنا هنا هو التفاعل البطيء لتأثيراته الحيوية القوية حتى على النوع الآخر-السريع- ولأنه الطريقة التي يعمل بيها الدوبامين الذي اهتم به بول جرينجارد وفريقه؛ نظراً لدوره المهم في العديد من الأمراض كما وضحنا، وكذلك لأن كلا من خصائصه الكيميائية والأماكن التي يتواجد بها في المخ تجعلان ملاحظته أسهل كثيراً من النواقل العصبية الأخرى ذلك بحسب ما وضح جريناجرد في دراسته. ولفهم طريقة تفاعل النواقل العصبية تخيل معي مجموعة من الأطفال يلعبون لعبة يجري فيها أحدهم بعد أن يلمسه آخر الذي بدوره يلمس طفل آخر فيجري بعدما كان واقفاً ثابتاً بلا حراك، إذا نستطيع القول أن اللمسة هي بمثابة إشارة تنشيط ينقلها الأطفال بين بعضهم البعض لينتقلوا من حالة الثبات إلى الجري. في الحقيقة بروتينات أو إنزيمات الخلية لا يختلفون كثيراً عن هؤلاء الأطفال فبدل من أن تكون (اللمسة) إشارة النشاط ستؤدي (مجموعة الفوسافت) ذلك الدور حيث إضافة فوسفات إلى إنزيم معين قد يؤدي لتنشيطة وحركته أو إيقافه عن العمل. ففي البداية يسبح صديقنا الناقل العصبي عبر الفراغ المتواجد في تركيب التشابك العصبي ثم يتربط بالمستقبل الخاص به الذي بدوره يتسبب في تواجد برويتن آخر يسمى «الرسول الثاني-second messenger» في الحقيقة ذلك الرسول له عدة أنواع لكن أشرهم هو مركب يُسمى cAMP الذي بدوره يقوم بتنشيط مجموعة من الإنزيمات تُسمى اختصاراً PKA التي تقوم بإضافة مجموعة الفوسفات لبروتينات مختلفة في الخلية، تلك البروتينات مقسمه لأربعة أنواع: 1) قنوات الأيونات التي تتحكم بمرور الأيونات من خلالها فبالتالي تتحكم في النشاط الكهربي للغشاء الخلوي كما وضحنا في بداية المقال. 2) مضخات الأيونات التي تستعيد تركيز الأيونات أو الشحنات الطبيعي على جانبي الغشاء الخلوي؛ حيث لابد بعد عكس الشحنات السالبة والموجبة أثناء السيال العصبي أن تستعيد تلك الشحنات تركيزها ومكانها الطبيعي من جديد، وهذا ما تفعله مضخات الأيونات. 3) مستقبلات النواقل العصبية حيث أنها بذلك تؤثر على استقبال الخلية للمزيد من النواقل العصبية وبالتالي تؤثر على نشاطها العصبي. 4) تؤثر مجموعة ال PKA كذلك على مجموعة من البروتينات تتواصل مع الحمض النووي في النواة حتى تغير من ترجمة الجينات المختلفة لمختلف البروتينات تبعاً لنشاط الخلية العصبية، فبذلك تحدث مزامنة بين متطلبات الخلية وبين الجينات التي يتم ترجمتها. تلك هي الأربعة أنواع الأساسية لكن لا يمنع ذلك وجود غيرهم.

لم تكن تلك اكتشافات بول وفريقه الوحيدة فقد اكتشف مركباً غاية في الأهمية يُسمى اختصاراً DARPP-32 وهو بروتين مهم جداً في بعض الخلايا العصبية. يتم التأثير على نشاطه بنفس الطريقة التي تم إيضاحها مسبقاً حيث يتم تنشيطه بفعل بورتينات PKA فيقوم بدوره هو الآخر بالتأثير على الكثير من البروتينات مثل الأربع أقسام سابقين الذكر، فهو بمثابة قلب الحدث وإحدى المحطات الرئيسية للتحكم في نشاط الخلوى كرد فعل للارتبط بالناقل العصبي الدوبامين. والآن تعرفنا على اكتشافات ثلاثة من العلماء الحائزين على نوبل في الطب عام 2000 تبقى الثالث الذي صنع ثورة في عالم الذاكرة وتخزين المعلومات في المخ.

المخ ما هو إلا صلصال!

«إريك كاندل-Eric Kandel»

في حقيقة المرأ لا يموت المرأ بنفس المخ الذي وُلِد به فكل المتغيرات المحيطة بنا، أو بالأحرى المعلومات التي يكتسبها الفرد تغير من تركيب المخ. فمخ الإنسان ليس إلا صلصال يشكله بنفسه عن طريق ما يزرعه فيه من معلومات. وذلك عن طريق إحداث تغيرات في «التشابكات العصبية-Synapses». حيث تعرض الإنسان لمؤثر قوي ينتج عنه تغيرات موازية في المخ. حسب قوة وتكرار المؤثر حسب قوة التغيرات التي تصيب التشابكات العصبية وبدورها تتحكم في قوة احتفاظ الإنسان بذكرياته الجديدة. هذا ما اكتشفه الدكتور «إريك كاندل-Eric Kandel» عن طريق الاختبارات التي قام بها على أحد أنواع الرخويات البحرية يُسمى «سبيكة معرفة-sea slug» تتميز باحتوائها على عدد محدود من الخلايا العصبية؛ 2000 تقريباً وبالتالي أي تغيير سيكون ملحوظ. بتعريض ذلك الكائن لمختلف المؤثرات بمختلف الدرجات ينتج رد فعل مختلف في القوة، ويظل ذلك الرد ملازم لسبيكة البحر لفترة زمنية تختلف باختلاف تغيرات التشابك العصبي. حيث أن الذاكرة نوعان -كما وضح إريك- فهي إما قصيرة المدى أو طويلة المدى. لو كانت قصيرة فهي غالباً ما تنتج عن تحرير كمية كبيرة من النواقل العصبية دفعة واحدة ظلت تؤثر على الأعصاب المعنية لفترة من الزمن، وكذلك حدوث بعض التغيرات في تلك الأعصاب أدت لحساسية أكبر للنواقل العصبية، وفترة نشاط أكبر مثل زيادة كمية مركبات cAMP و PKA. ويمكن زيادة حجم التشابك العصبي، وكلما زاد تعقيد تلك التغيرات أدت لزيادة التمسك بالذاكرة حتى تتحول لطويلة المدى، بالطبع الوضع في العقل البشري أكثر تعقيداً بكثير لكنه يتبع نفس المبدأ حيث التغييرات التي تصيب مناطق التشابك العصبي بزيادة عددها، أو بزيادة حساسيتها للنواقل العصبية وفترة نشاطها وغيرها من الأمور التي تخدم الذاكرة والتعلم موجودة بين معظم الكائنات على اختلاف درجة التعقيد.

بذلك بدأت الألفية الجديدة بتكريم لإنجاز جديد في للبشرية في رحلة اكتشافها لنفسها.

مصادر (نوبل في الطب وحل ألغاز العقل البشري):

Nobel 2000

NCBI: Arvid Carlsson, and the story of dopamine

Science: The Neurobiology of Slow Synaptic Transmission ,Paul Greengard

المزيد:

زراعة الأعضاء من اللغز المستحيل لنوبل في الطب

زراعة الأعضاء من اللغز المستحيل لنوبل في الطب

زراعة الأعضاء من اللغز المستحيل لنوبل في الطب

لا يخفى على أحدٍ مدى أهمية عمليات نقل ورزاعة الأعضاء كحل أخير للكثير من الحالات الميؤوس منها التي عصف المرض بأحد أعضائها فلا حل سوا التخلص منه واستبداله. في الحقيقة الوصول للأعداد الضخمة من عمليات نقل الأعضاء التى يتم إجرائها اليوم، كان طريق غاية في الصعوبة ومحفوف بالمخاطر ومات في سبيله أعداد كبيرة من المرضى نتيجة للتجارب الغير موفقة. لكن بدايةً من مننتصف القرن الماضي بدأت الأمور في التغير، وفرصة نجاح تلك العمليات أصبحت في تزايد مستمر، وقد جذب البحث في ذلك المجال انتباه جائزة نوبل أكثر من مرة كان من أعظمهم نوبل 1990 من نصيب كلاً من «جوزيف موراي-Joseph Murray» و«دونال توماس-Donnall Thomas»؛ فقد أحدث كلاً منهما ثورة في عالم الطب ونقل الأعضاء. قبل الحديث عنهما وجب التعرف على مزيد من التفاصيل حول عملية نقل الأعضاء.

زراعة الأعضاء على المستوى الجزيئي:

كل فرد في الدولة يمتلك ما يثبت هويته المتمثل في بطاقة أو رخصة قيادة، وفي أثناء مرورك بنقطة تفتيش مثلاً تتفحصها الشرطة حتى تسمح لك بالمرور دون غرامات أو عقوبات. الأمر مشابه لخلايا جسمك بالضبط؛ فخلايا الجسم تمتلك على سطحها مركبات معينة يتعرف عليها جهاز المناعة حتى لا يقوم بمهاجمة خلايا الجسم. تلك المركبات تختلف بشكل كبير للغاية من شخصٍ لآخر؛ حيث أن الجين المسؤول عن ذلك البروتين يعبر عن أحماض أمينية متباينه من فردٍ لآخر. ويطلق على ذلك المركب اسم «MHC». في حالة نقل الأعضاء بين شخصين مختلفين جينياً تتعرف خلايا المناعة، والأجسام المضادة على تلك المركبات فتجدها غريبة عن الجسم، فتبدأ بالهجوم على العضو بقوة بشتى الطرق مثل قطع وصول الدم إليه، أو مواجهة الخلايا بشكلٍ مباشر. وبعد فترة يتسبب جهاز المناعة في تليف العضو الجديد وموته، تختلف تلك الفترة بحسب نشاط جهاز المناعة للشخص المستقبل للعضو ومدى الاختلاف الجيني بينه وبين المتبرع؛ فكلما اقتربا من بعضهما جينياً كلما كان الوضع أفضل، ويقل نشاط الجهاز المناعي حتى يصل للتسامح التام مع العضو الجديد كما هو الحال في التوأم المتطابق. فلو أردنا حل تلك المشكلة سنهتم بأمرين: الأول أن يكون كلاً من المتبرع والمستقبل متقاربين جينياً بالتالي متقاربين في تركيب مركب «MHC»، الثاني أن يتم تثبيط المناعة حتى لا ترفض العضو الجديد.

اجتهد عدد كبير من الأطباء لحل تلك المتطلبات بدايةً من «الكسيس كاريل-Alexis Karel» الحائز على نوبل في الطب عام 1912؛ نتجية لاسهاماته الكبيرة في وضع طُرق لتخييط الأوعية الدموية الأمر البالغ الأهمية في عالم الجراحة، وكذلك ساهم في معرفة العديد من المبادئ الهامة الخاصة بعملية نقل الأعضاء؛ فقد اكتشف وجود قوة رد فعل تحارب الأعضاء الجديدة وتتسبب في موتها، وأطلق عليها اسم «القوة الحيوية-biological force». تلك القوة التي عمل كلاً من جوزيف موراي ودونال توماس على التغلب عليها.

«الكسيس كاريل-Alexis Karel»

رحلة الخمسة وعشرون عام في زراعة الكلية:

من عام 1951 حتى عام 1976، قام جوزيف موراي وفريقه بدراسة زراعة الكلية حيث قاموا بزراعة كلى ل589 مريض ترواحت أعمارهم من 8 سنوات إلى 82 سنة. كانت أكثرهم نجاحاً ما تمت على سبع أزواج من التوائم المتماثلة حيث كانت صاحبة أكبر معدل نجاة فمنهم من عاش عشرات السنين، وأنجب أطفالاً. مما يدل أن رفض الأعضاء يكون أقل ما يمكن بين التوائم نتيجة لتقاربهم الجيني. وقد درس موراي الطرق المختلفة لتثبيط المناعة حتى لا تتسبب في قتل العضو. ذلك عن طريق تعريض المرضى لكمية كبيرة من أشعة X، ولكن ذلك الأسلوب لم يكن نجاحه كافٍ، فتعاون مع فريق من الباحثين لمعرفة دواء فعال مثبط للمناعة، وذلك من خلال تجاربهم على الكلاب. بناءاً عليه توصولوا لدواء «6-ميركابتوبورين-6-mercaptopurine» وهو دواء يستخدم في محاربة السرطان؛ لقدرته على تعطيل تصنيع بعض القواعد النيتروجينية التي تدخل في تركيب الحمض النووي للخلية بشكلٍ أساسي. أما في حالة تثبيط المناعة فذلك الدواء يسبب قتل «الخلايا المناعية التائية-T cells» -خلايا أساسية للغاية في رد الفعل المناعي- وقد تم تطوير نوع أقل سُمية منه في تلك الأثناء يسمى «الآزوثيوبرين-azathioprine» الذي كان فعال بشكلٍ كبير عند استخدامه في حالة نقل الأعضاء. ويصادف في تلك الفترة تطوير عقار الكورتيزون المثبط للمناعة، والذي تفائل به موراي وفريقه لاتسخدامه في نقل الأعضاء. وقد كشفت أبحاثه أيضاً على العديد من المشاكل المترتبة على نقل الأعضاء، وكذلك العديد من التحذيرات يستنير بها المتخصصون، حيث أنه نتجية لتثبيط المناعة ستزداد في المقابل فرصة الإصابة بالسرطان. هذا ما حدث في أكثر من حالة خاصةً إذا كان مصدر العضو شخص ميت بالسرطان حتى لو لم ينتقل السرطان إلى ذلك العضو، لذلك يظل المصدر المصاب بالسرطان غير مفضل على الإطلاق. وكذلك تزداد نسبة إصابة الشخص بالعدوى فتتحول بعض الفطريات والفيروسات والبكتيريا من حالة الضعف في الأشخاص الطبيعين إلى حالة أكثر قوة بكثير في حالة نقل الأعضاء.

دونالد توماس وزراعة نخاع العظم:

قام دونالد توماس بعدد من عمليات زراعة نخاع العظام -العضو المسؤوول عن تصنيع جميع أنواع خلايا الدم- وكان الكثير منها ناجح، ولكن الأهم أنه ترك منهجاً كاملاً للمتخصصين في كيفية تجهيز مستقبلين نخاع العظام عن طريق الإشعاع، أوباستخدام الأدوية المناسبة وكيفية التعامل معهم طبياً بعد زراعة نخاع العظام. وكانت المشكلة الكبرى والمميزة في زراعة نخاع العظام هي إمكانية مهاجمة خلايا المستقبل من قِبل خلايا نخاع العظام، يحدث ذلك في حالة احتواء نخاع العظام الذي تم زراعته على خلايا مناعية ناضجة خاصةً من نوع الخلايا التائية، وتكون مناعة الشخص المتسقبِل لنخاع العظام ضعيفة بحيث لا يستطيع قتل تلك الخلايا، فعند تعرض الخلايا التائية للمتبرع لخلايا المضيف سيتم تنشيطها وزيادة عددها للقضاء على خلايا المُضيف وإصابته بالمرض. وقد وضع توماس في أبحاثه خريطة لتشخيص تلك الحالة، وكيفية تفاديها باستخدام عقار «methotrexate-ميثوتريكسات» وهو عقار غالباً ما يتم استخدامه في مكافحة السرطان حيث أنه يمنع عمل الكثير من الإنزيمات المسؤولة عن تصنيع الحمض النووي. بذلك يمنع انقسام الخلايا الأمر المهم لتقدم السرطان كما هو مهم لزيادة عدد الخلايا المناعية أثناء الالتهابات بذلك هو سبيل للتعامل مع الحالة الماثلة أمامنا. وفي السنين الأخيرة يعتمد تفادي ذلك المرض على القضاء على الخلايا التائية في نخاع العظام باستخدام الأجسام المضادة.

وبذلك وعلى مدار عقودٍ طويلة تم تطوير طُرق قوية وفعالة لنقل الأعضاء والحفاظ عليها سليمة حتى أصبحت منتشرة في أرجاء المعمورة.

مصادر(زراعة الأعضاء من اللغز المستحيل لنوبل في الطب):

Nobel 1912

Nobel 1990

NCBI

azathioprine drug bank

the new England Journal of medicine

Methotrexate drug bank

NCBI graft versus host disease

أقرأ المزيد:

علاج السرطان بالمناعة، من الحُلم إلى نوبل في الطب

برمجة الخلايا ورحلة الخمسين عام لنوبل في الطب

برمجة الخلايا ورحلة الخمسين عام لنوبل في الطب

لطالما لفتت الخلايا الجذعية الأنظار لها باعتبار كونها حل قوي للكثير من الأمراض، لكن في الوقت نفسه لا يمكن استغلال الخلايا الجذعية الموجوة في الأجنة نتيجة لقضايا متعلقة بأخلاقيات مهنة الطب، وكذلك خشيةً من تفاعلات رفض الأنسجة الغريبة التي يقودها جهاز مناعة الجسم. لكن ما بين أيدينا اليوم قد يمثل حل لتلك المشاكل حيث بإعادة برمجة الخلايا الجسمية المتمايزة للشخص وتحويلها لخلايا جذعية قد يوفر علينا الكثير من العناء. هذا ما تفائل به المجتمع العلمي بعد جائزة نوبل سنة 2012 التي حازها كلاً من «جون جوردون-John Gurdon» و «شينيا ياماناكا-Shinya Yamanaka».

أساسيات لفهم طبيعة الخلايا الجذعية :

مبدأياً الخلايا الجذعية ليست نوعاً واحداً إنما هي عدة أنواع مقسمة حسب قدرتها على إنتاج أنواع مختلفة من الخلايا والأنسجة. ولفهم الخلايا الجذعية بشكلٍ جيد لابد من أن ترجع معي بالزمن للوراء قليلاً حتى نصل لبداية حياتك. في البداية كانت هناك بويضة تحتوي على 23 كروموسوم تم تخصيبها عن طريق حيوان منوي يحتوي أيضاً على 23 كروموسوم، لينتج زيجوت ويحتوي على 46 كروموسوم. يقوم الزيجوت بالانقسام لتتضاعف الخلايا في العدد في تلك المرحلة لم تكن أنت سوى مجموعة من الخلايا الجذعية. أو بالأحرى كنت مجموعة من أقوى الخلايا الجذعية وهي ما تُعرف باسم «Totipotent» دعنا نتأمل قليلاً في تلك الكلمة لغوياً فكلمة «toti» أصلها لاتيني، وهو «totus» وتعني (كل شيئ)، و«potent» تعني قوى؛ فتلك الخلية بالفعل قادرة على إعطاء كل شيء وأي شيء؛ فمنها يأتي الجنين والمشيمة والحبل السري، فهي الأساس لكل ما بعدها لذلك هي الأقوى.والآن بعد أن كون الزيجوت أعداد متضاعفة من الخلايا يتحول تركيب الجنين من كرة مصمتة من الخلايا من النوع «Totipotent» إلى كرة خلوية مجوفة تُسمى «Blastocyst-الكيسة الأريمية» في داخل تلك الكورة يوجد مجموعة من الخلايا التي تُسمى «الخلايا الداخلية-inner cell mass» نوعها يسمى «Pluripotent» وأصل الكلمة كما العادة لاتيني وهو «pluris» وتعني الأكثر. لاحظ أننا قلنا الأكثر وليس الكل؛ لأن ذلك النوع من الخلايا يعطي كل ما يخص جسم الإنسان من أنسجة فيما بعد، ولكنه لا يعطي أي شيء خارج الجسم مثل المشيمة وغيرها.

Blastocyst-الكيسة الأريمية

وبعدها يتوالى نمو الجنين وفي أثناء ذلك تقل قدرة الخلايا على إعطاء عدد متنوع من الأنسجة بحيث تكون أكثر تخصصاً، فيزيد بمرور الوقت الخلايا المتخصصة مثل الجلد، والعضلات ، والأعصاب ….إلخ ويندثر وجود نوعي الخلايا الجذعية المذكورين سابقاً. لكن يظل في بعض أعضاء الجسم البالغ مثل نخاع العظام وبعض الأعضاء الأخرى نوع من الخلايا الجذعية وهو «multipotent»، وكما أصاب توقعك عزيزي القارئ أصلها لاتيني ومعناها «الكثير-many»؛ لإنها تعطي أنواع محدودة من الخلايا ليست جميع الأنواع فهي أقل قدرة من السابق ذكرهم.

بهذا عرفت أهم أنواع الخلايا الجذعية والتي يركز العلم عليها؛ لقدرتها على تعويض المفقود من الأنسجة وشفاء العلل. ولطالما نظر العلم لتلك المراحل التي يتطور فيها الجنين أو بالأحرى التي تتطور فيها الخلايا الجذعية إلى خلايا متخصصة على أنها نهر ذو اتجاه يذهب ولا يعود. لكن تجرتين فارقتين في تاريخ الطب إحداهما عام 1962 والأخرى عام 2006 غيرت وجهة نظر العلم كليتاً، وجعلت من المستحيل ممكن، وعليه كانت نوبل من نصيبهما عام 2012.

إنتاج ضفدعة كاملة من خلية في الأمعاء:

قام الدكتور جون جوردون عام 1962 بتجربة في معمل علم الأجنة بأكسفورد غيرت مسار التاريخ فيما بعد. حيث قام بعزل نوى من خلايا «النسيج الطلائي-Epithelial tissue» الموجود في الأمعاء من ضفدع، وزرعها في عدد من بويضات ضفدع تم تدمير نواتها الأصلية بالإشعاع. ثم راقب نمو وتمايز الخلية بعدها ونتج عن ذلك أكتر من سينارويو:

1. لم يحدث انقسام خلوي تماماً:

كان نسبة المرات الفاشلة في بدأ أي انقسام خلوي 48%، وبعد فحص تلك الخلايا الفاشلة تحت عدسة الميكرسكوب اتضح أن السبب لم يكن في النوى المزروعة إنما كان سبب تقني في زرعهم، ولا دخل للنوى فيه. فيمكن استبعاد تلك النسبة لوجود قدرة محتملة على تفاديها عند الاعتماد على تقنيات أكثر كفاءة في الزراعة.

2. انقسامات خلوية فاشلة:

«انقسامات خلوية فاشلة-Abortive Cleavage»: كان هناك محاولات للانقسام إلا أنها باءت بالفشل وذلك نتيجة حدوث خلل في الكروموسومات، فكان ذلك الخلل مميت بعد فترة؛ حيث تكونت خلايا غير متتظمة الأشكال والأحجام والنوى. ولكن لماذا؟

من وجهة نظر الدراسة كان السبب يتمثل في الاختلاف الكبير الموجود بين الوقت الذي تستغرقة خلايا الأمعاء من النسيج الطلائي بين الانقسامات الخلوية المتتالية والذي تستغرقة الخلايا الجذعية. حسناً لإيصال الفكرة دعنا نستعرض بشكلٍ بسيط دورة حياة الخلايا. تمر كل خلية بدروة الانقسام خلوي، وبعدها تستكين فترة لا تنقسم فيها، وتُسمى تلك الفترة «الطور البيني-Interphase» وفيه تُجهز الخلية نفسها للدخول في انقسام خلوي جديد. ذلك عن طريق بعض التغيرات الكيميائية، وتضاعف المادة الوراثية استعداداً لإنتاج خليتين لهما نفس العدد من الكروموسومات، ويتم أيضاً في تلك المرحلة تصحيح الأخطاء في المادة الوراثية وذلك لتجنب حدوث أي شكلة في الانقسام، وتجنب حدوث طفرات. باختصار للحفاظ على مادة وراثية كاملة صحيحة قابلة لإنتاج خليتين متطابقتين، وعليه هو طور مهم جداً يجب أن يكتمل لنهايته. تختلف فترة ذلك الطور من نوع خلايا إلى آخر ففي خلايا النسيج الطلائي للأمعاء لابد أن يكون أطول من الزيجوت. فما يحدث أن مجموعة من النوى تم زراعتها في فترة مبكرة من هذا الطور، فتم تحفيز عملية الانقسام الخلوي بشكل مبكر قبل إتمام العمل على المادة الوراثية فأدى إلى مجوعة انقسامات فاشلة تنتهى بالموت. فعلى ما سبق يتضح أن السبب هو اختيار النوى في وقت خاطئ في الطور البيني، فيمكن أيضاً استبعاد تلك النسبة إذا توافرت طريقة أكثر فاعلية لاختيار النوى في الوقت المناسب.

3. انقسام جزئي:

ما حدث هو تكوين عدة خلايا بعضها كان طبيعي وناجح في الانقسام، والباقي لم يحالفه الحظ. مما يؤدي إلى تطور الجنين لفترة ولكن لم يكتمل ذلك التطور لتراكم الخلايا الغير طبيعية، لكن لماذا لم تكن كلها طبيعية؟ كان ذلك أصعب سؤال في الدراسة الذي كلف جوردن القيام بتجارب كثيرة، وعليه توصل في دراسته أن السبب كان قلة جودة بعض البويضات التي يتم زراعة النوى فيها، فلم تكن المشكلة في النوى نفسها بل في جودة البويضات؛ حيث أنه عند تكرار عملية الزراعة لجيل بعد جيل قد تزيد نسبة النجاح، والوصول إلى فرد كامل، لكن لم يحدث ذلك كثيراً فاستخلص أن السبب في الفشل كان تباين صفات البويضات فبعضها كان جيد قابل للاستخدام -زاد من نسبة النجاح بشكل بسيط عند إعادة زراعة النوى- والبعض لم يكن كذلك.

4. النجاح في تكوين فرد كامل:

كان نسبة النجاح في تكوين فرد كامل في مجمل التجارب 7%، وذلك عندما نجحت عملية الزراعة من الناحية التقنية مع توفر الوقت المناسب للنوى في الطور البيني وكذلك كانت البويضة مناسبة. وإذا استبعدنا النسب القابلة للاستبعاد وهما نسبتي عدم وجود انقسامات على الإطلاق أو وجود انقسامات فاشلة فستزيد نسبة النجاح من 7% إلى 24%. وبذلك أثبت جوردن أن نوى الخلايا المتمايزة تحمل كامل المادة الوراثية مثلها مثل الخلايا الجذعية في الأجنة وأنه إذا توافرت الظروف المناسبة لها قد تُنتج فرد كامل. وألقى الضوء على كون سبب تمايز تلك الخلايا هو تعطيل بعض الجينات عن العمل والسماح للبعض الآخر، مما يؤدي لممارسة وظيفة محددة، واكتساب صفات شكلية وكيميائية محددة.

لكن هل يمكن إنتاج فرد كامل من خلية متمايزة سلمية؟ هذا ما أجاب عنه «شينيا ياماناكا-Shinya Yamanaka» بعدها بأكثر من أربعين عام تحديداً عام 2006.

هل يمكننا إعادة برمجة الخلايا؟

في دراسة منشورة عام 2006 لليابني شينيا ياماناكا المولود عام 1962 أثبت أنه يمكن إذا توافرت الظروف المناسبة للخلايا المتمايزة سيكون بإمكانها التحول لخلايا جذعية من نوع «Pluripotent». وكانت تجربته قائمة على خلايا «fibroblasts-الخلايا الليفية». في البداية كانت أنظاره مع فريقه واقعه على 24 عامل مميزين للخلايا الجذعية، وعليه افترضوا أن أحد تلك العوامل أو خليط منها قد يؤدي إلى إعادة برمجة الخلايا الليفية لتتحول إلى خلايا جذعية. بالفعل بدأوا باختبارتهم بذلك الصدد. بعد عدة تجارب قائمة على التبديل بين تلك العوامل توصلوا إلى كلمة السر المكونة من 4 عوامل من أصل 24. وبالفعل أنتجوا خلايا جذعية من نوع «Pluripotent» على الرغم من كونها ليست مطابقة للموجودة في الجنين. لكن كيف تأكدوا من قدرتها على إنتاج أنواع مختلفة من الخلايا؟ قاموا بتحفيز تلك الخلايا لإنتاج نوع من الأورام يسمى «teratome- الورم المسخ» وهو ورم يتكون من أنواع مختلفة من الأنسجة فقد يحمل نسيج غضروفي، وعصبي، عضلي،…….إلخ. وقد نجحت بعض تلك الخلايا في إنتاج الورم المسخ في الفئران، مما يدل على قدرتها على التمايز لأنواع عدة من الأنسجة والخلايا.

بذلك عزيزي القارئ على مدار خمسين عام تم تغيير مفهومنا كاملاً عن الخلايا الجذعية، وتفتحت الآفاق نحو منطقة جديدة للاستكشاف والبحث. فإنتاج خلايا جذعية من خلايا جسدية لهو أمل ضخم لعلاج الكثير من الأمراض الخطيرة التي تقضي على أنسجة الجسم، فبتلك التقنية قد يتوفرالعلاج الآمن السهل.

مصادر (برمجة الخلايا ورحلة الخمسين عام لنوبل في الطب):

science direct

development

Nobel prize 2012

Cell press

Khan academy

أقرأ المزيد:

علاج السرطان بالمناعة، من الحُلم إلى نوبل في الطب

Exit mobile version