جائزة نوبل الفيزياء 2019 تُمنح للاكتشافات الحديثة في علم الفلك

جائزة نوبل الفيزياء 2019 تُمنح للاكتشافات الحديثة في علم الفلك!

قررت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم أن تُمنح جائزة نوبل للفيزياء 2019 للاكتشافات العلمية الحديثة في علم الفلك ، حيث ذهبت نصف الجائزة إلى العالم جيمس بيبلز؛ لاكتشافاته النظرية في علم فيزياء الكونيات، بينما ذهب نصف الجائزة الآخر للعالمان ميشيل مايور وديدييه كيلوز؛ لاكتشافهم أول كوكب خارج المجموعة الشمسية يدور حول نجم شمسي.

جائزة نوبل الفيزياء 2019 تُمنح للاكتشافات الحديثة في علم الفلك

جائزة نوبل الفيزياء 2019 ودور العالم جيمس بيبلز فيها:

ولد العالم جيمس بيبلز في عام 1935 في مدينة وينيبيغ بكندا. وحصل على شهادة الدكتوراة عام 1962 من جامعة برينستون بالولايات المتحدة الأمريكية، وعمل بعد ذلك بالجامعة كأستاذ للعلوم. وها هو اليوم يفوز بنصف جائزة نوبل عن أعماله في فيزياء الكونيات.

لاكتشافات العالم جيمس بيبلز أثر كبير في علم فيزياء الكونيات حتى أنها أثرت في مجال البحث بأكمله، ووضعت الأساس لهذا العلم على مدار الخمسين عامًا الماضية. إن إطار عمله النظري والذي يتطور منذ منتصف ستينات القرن الماضي هو أساس أفكارنا المعاصرة حول الكون.

يصف نموذج الانفجار العظيم Big Bang الكون منذ لحظاته الأولى، منذ ما يقرب من 14 مليار عام، عندما كان الكون حارًا للغاية وكثيفًا. منذ ذلك الحين، والكون يتوسع، حتى أصبح أكبر وأكثر برودة. وبعد حوالي 400000 عام من الانفجار العظيم، أصبح الكون شفافًا وكانت الأشعة الضوئية قادرة على السفر عبر الفضاء. وحتى هذا اليوم، فإن هذا الإشعاع القديم لا يزال يدور حولنا، وبه يختبئ الكثير من أسرار كوننا. باستخدام أدواته وحساباته النظرية، تمكن جيمس بيبلز من تفسير هذه الآثار واكتشاف عمليات فيزيائية جديدة.

أظهرت النتائج لنا كونًا نعرف فيه خمسة في المائة فقط من محتواه، وهو المادة التي تكون النجوم والكواكب والأشجار وتكوننا كذلك. أما نسبة 95% الباقية، فهي مادة وطاقة مظلمة غير معروفين. وهذا هو اللغز والتحدي اللذان يواجهان الفيزياء الحديثة.

فوز جيمس بيبلز، ميشيل مايور، ديدييه كيلوز بجازة نوبل فيزياء 2019

العالمان ميشيل مايور و ديدييه كيلوز

في أكتوبر 1995، أعلن العالمان ميشيل مايور وديدييه كيلوز عن أول اكتشاف لكوكب خارج نظامنا الشمسي يدور حول نجم شمسي في مجرتنا درب التبانة. في مرصد هوت بروفنس في جنوب فرنسا، وباستخدام الأدوات المتخصصة، تمكن العالمان من رؤية الكوكب 51 بيغاسي ب، وهو كوكب غازي مماثل لأكبر عملاق غازي في مجموعتنا الشمسية، كوكب المشتري.

بدأ هذا الاكتشاف ثورة في علم الفلك، ومنذ ذلك الحين تم العثور على أكثر من 4000 كوكب خارج المجموعة الشمسية في مجرة درب التبانة. وحتى الآن لا نزال نكتشف عوالم جديدة وغريبة لها أحجام وأشكال ومدارات مختلفة لا تصدق. إنهم يتحدون أفكارنا المسبقة حول أنظمة الكواكب، ويجبرون العلماء على مراجعة نظرياتهم حول العمليات الفيزيائية الكامنة وراء أصول الكواكب. ومع وجود العديد من المشاريع المخطط لها للبدء في البحث عن الكواكب الخارجية Exoplanets، قد نجد في النهاية إجابة على السؤال الأبدي حول ما إذا كانت هناك حياة أخرى موجودة في كوننا.

لقد غير الفائزون هذا العام أفكارنا حول الكون. فقد ساهمت الاكتشافات النظرية لجيمس بيبلز في فهمنا لكيفية تطور الكون بعد الانفجار الكبير، كما استكشف ميشيل مايور وديدييه كيلوز أحياءنا الكونية بحثًا عن كواكب مجهولة. لقد غيرت اكتشافاتهم إلى الأبد مفهومنا عن العالم.

المصدر: البيان الصحفي لموقع جائزة نوبل

الأسرار الجزيئية للتكيف مع الأوكسجين الفائزة بجائزة نوبل في الطب 2019

لطالما كانت التفاصيل هي كلمة السر للحل لطالما كانت الإجابة كامنة في مخبأ ليس في الطب فقط بل في كل العلوم وهذا ما حدث في علاقة قد يظن البعض أنها سهلة الفهم وهي علاقتنا بإكسير الحياة الشفاف الأوكسجين فها نحن نرى تسليم جائزة نوبل لعام 2019 لاكتشافات قوية عن العلاقة بين الجسم والأوكسجين وما نحن بصدد عرضه بين أيديكم عزيزي القاريئ هو شرح كامل لما يحدث في الجسم استجابة للأوكسجين. تعتمد كمية خلايا الدم الحمراء المصنعة وسرعة تصنيعها على سلسة من التفاعلات حيث تفرز الكلية هرمون «Erythropoieten» كاستجابة لنقص الأوكسجين تحت تأثير من بروتين «hypoxia inducible factor-1» نحن هنا يغمرنا الشوق لمعرفة تفاصيل تلك المواد وتفاعلها مع الأوكسجين.

هرمون «Erythropoieten»:

هو هرمون يتم إفرازه من كلٍ من الكلية بنسبة(85-90)% ،والكبد بنسبة (10-15)% مسؤول عن نضج خلايا الدم الحمراء في نخاع العظام ويزداد إفرازه في حالات نقص الأوكسجين «hypoxia» وذلك تحت تأثير من بروتين «hypoxia inducible factor-1» الذي يقوم بزيادة إنتاج الهرمون عن طريق التأثير على ترجمة الجين المسؤول عنه، ويقوم الهرمون بدوره بالتأثير على تكون خلايا الدم الحمراء عن طريق زيادتها عدداً ،وكذلك زيادة سرعة الانتقال بين المراحل المختلفة في تكوين الخلايا. عندما يتم إزالة الكليتين من شخص فإنه يعاني من أنيميا شديدة ذلك لإن النسبة المتبقية المفرزة من قبل الكبد تكفي فقط لتكوين ثلث إلي نصف خلايا الدم الحمراء المطلوبة من قبل الجسد. وبذلك يعتمد الجسم على نسبة ذلك الهرمون أشد الاعتماد، الذي بدوره يعتمد على كمية الأوكسجين الواصلة للأنسجة.

 

بروتين «Hypoxia inducible factor-1» :

1.وظيفته:

قد يكون أخطأ ظنك عزيزي القاريء معتقداً أن كلمة السر في تكوين خلايا الدم الحمراء هو هرمون «Erythropoieten» ولكن ذلك الهرمون ما هو إلى عاقبة من بعض أفعال بروتين صغير يسمى «Hypoxia inducible factor-1» ذلك البروتين له وظيفة قوية في الخلايا حيث أنه يؤثر على سرعة ترجمة الجينات فعُرفَ بإنه «transcription factor عنصر استنساخ» حيث أنه يؤثر فى الجينات المسؤولة المختصة بعملية علاج نقص الأوكسجين مثل تصنيع إوعية دموية جديدة «angiogenesis»، استخدام الجلوكوز لإنتاج الطاقة، تكاثر الخلايا، وكذلك موتها، وكذلك عمليات الأيض. بالإضافة إلى كل ما سبق فإنه يؤثر على إنتاج هرمون «Erythropoieten» لتجتمع كل ما سبق من وظائف في هدف واحد وهو علاج أزمة نقص الأوكسجين بأي شكل ممكن بأقل الخسائر.

2.تركيبه:

ذلك البروتين يتكون من جزئين مختلفين «heterodimer» حيث يتكون من تحت وحدة بيتا  وتحت الوحدة ألفا. وهو من عائلة من البروتينات تسمى «Basic helix loop helix transcription factors» حيث أنها تحتوي على ترتيب معين من الأحماض الأمينية يسمح لها بالارتباط بالجينات،  وبالتالي التأثير فيها تلك العائلة المتواجدة فى حقيقيات النواة من إنسان، وبنات  وحيوان، وغيره. وهي المسؤولة عن الارتباط بجينات الحمض النووي والتأثير على ترجمتهم.

3. تأثير الأوكسجين:

لطالما كانت العلاقة بين كمية الأوكسجين ونسبة ذلك البروتين في الخلية مسألة بحث، ونقاش كبيرة حيث لوحظ أن كمية البروتين تقل مع زيادة الأوكسجين ولكن كيف يحدث ذلك؟!

الإجابة على هذا السؤال تتطلب معرفة مركبين بالغين الأهمية وهما «VHL» و « Proline hydroxylase-2 »

ما هو «VHL»؟

كلمة سر عمل الخلايا هي النظام والتحديد فمن انتهت وظيفته يموت! وللوصول لتحقيق ذلك المبدأ تطلب وجود بعض العضيات مثل «proteosome»المسؤولة عن التخلص من البروتينات منتهية الوظيفة وهذا بالضبط ما يحدث مع «Hypoxia inducible factor-1» ولكن كيف؟ تأتي كلمة السر المفضلة لدى الخلية وهي التحديد لتفرض نفسها خالقة طريقة منظمة ومحددة للتخلص من البروتينات منتهية الوظيفة وذلك عن طريق وصمها بمركب يسمي «Ubiquitin» الذي يعمل كإشارة بانتهاء حياة ذلك البروتين والمسؤول عن ذلك التأشير هى مركبات تسمى «Ubiquitin ligase» الذي يربط البروتين المرغوب في إعدامه بمركب «Ubiquitin». في الحقيقة عائلة «Ubiquitin ligases» كبيرة جدا متعدة الأفراد أحد أبرز أعضائها هو «VHL» -الذى يعتبر كابح لكثير من السرطانات- الذي يقوم بالدور السابق على أكمل وجه وأظهرت الأبحاث أنه من ضمن البروتينات التي يتفاعل معها مسبباً إعدامها هو صديقنا هنا «Hypoxia inducible factor-1» ولكن كيف أو متى يتم الارتباط؟ هنا يأتي الإنزيم «Proline hydroxylase-2» الذي يضيف مجموعة هيدروكسيل إلى أحماض أمينة اسمها «Proline»، وتتم تلك الإضافة تحديداً في تحت الوحدة ألفا ذلك التفاعل يعتمد بنسبة 100% على نسبة الأوكسجين الموجودة حيث في حالة توافر الأوكسجين يحدث ذلك التفاعل. بعد إتمام ذلك التفاعل يستطيع  مركبنا «VHL» التعرف على «Hypoxia inducible factor-1» وتكملة سلسلة التفاعل حتى يتم تدميره.

تحكم الأكسجين في عملية التحلل لبروتين الـ HIF-1a

وبذلك عزيزي القارئ تكونت لديك فكرة كاملة عن كل المراحل الجزيئية التي يحدثها الجسم استجابةً الأوكسجين. والواجب ذكره أن بروتيننا العزيز «Hypoxia inducible factor-1» له جانب مظلم؛ فنظرا لقدرته القوية على التأثير على الكثير من الجينات تقوم خلايا السرطان باستغلاله حتى يصل الأوكسجين إلى الأجزاء فقيرة الأوكسجين من الورم، وكذلك قد ينتشر السرطان عن طريق ما يصنعه من أوعية دموية جديدة مما يعزز من قدرة السرطان المرضية التدميرية فما بين أيدينا من فهمٍ واعٍ للتفاصيل يجعل الأمل في علاج الكثير من الأمراض الفتاكة ليس بسرابٍ بل باحتمال قوي وارد الحدوث.

ما سبق ذكره حصد عديد من جوائز نوبل على مر الزمن آخره نوبل 2019 في الطب وهذا تم تقديمه تفصيلا في مقال منفصل «لم قد يفوز تكيف الخلايا مع الأكسجين بـ جائزة نوبل الطب 2019؟»

مصادر:

Guyton text book physiology

VHL gene

The VHL/HIF oxygen-sensing pathway and prelevance to kidney disease

Press release: The Nobel Prize in Physiology or Medicine 2019

Hypoxia-Inducible Factor (HIF)-1 Regulatory Pathway and its Potential for Therapeutic Intervention in Malignancy and Ischemia

 

لم قد يفوز تكيف الخلايا مع الأكسجين بـ جائزة نوبل الطب 2019 ؟

تكيف الخلايا مع الأكسجين يفوز بـ جائزة نوبل الطب 2019

بفضل العمل الرائد لهؤلاء الحائزين على جائزة نوبل، تعرفت البشرية على كيفية تنظيم مستويات الأكسجين المختلفة للعمليات الفسيولوجية الأساسية، فاستحق تكيف الخلايا مع الأكسجين أن يفوز بـ جائزة نوبل الطب 2019، ولكن ماذا حدث بالضبط؟ وما دور هؤلاء العلماء في الاكتشاف في نوبل الطب 2019 ؟ وما أهميته حقًا؟ سنتعرف في هذا المقال على آلية تكيف الخلايا مع تغير مستويات الأكسجين ونجيب على كل ما سبق من أسئلة تدور في بال متابعينا.

جائزة نوبل الطب 2019:

جاءت الاكتشافات الجوهرية التي قام بها الحاصلون على جائزة نوبل لعام 2019 عن واحدة من أهم آليات العمليات الأساسية في الحياة، فقد وضعوا حجر الأساس لفهمنا لكيفية تأثير مستويات الأكسجين على عملية الأيض الخلوية والوظيفة الفسيولوجية. أيضًا مهدت اكتشافاتهم الطريق لاستراتيجيات جديدة واعدة لمكافحة العديد من الأمراض مثل فقر الدم والسرطان وغيرهم.

تبدأ قصة هذا الاكتشاف بالعنصر الهام والمعروف والأساسي للحياة على الأرض، وهو الأكسجين. يشكل الأكسجين O2، حوالي خمس الغلاف الجوي للأرض، وهو ضروري للحياة؛ إذ يتم استخدامه بواسطة الميتوكوندريا الموجودة في جميع الخلايا الحية تقريبًا من أجل تحويل الغذاء إلى طاقة مفيدة. كل هذا معروف لكل طالب في المرحلة الابتدائية. إذن فما الجديد؟ وما الذي يستدعي منح جائزة كنوبل لهؤلاء العلماء؟

فوز ويليام جي كلين، غريغ سيمينزا، بيتر راتكليف بجائزة نوبل 2019 في الطب

قصة تكيف الخلايا مع الأكسجين و جائزة نوبل الطب 2019 تبدأ من 1931:

للقصة بداية قديمة، إذ كشف الباحث “أوتو واربرج”، الحائز على جائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء أو الطب عام 1931، أن هذا التحويل (يقصد به تحويل الغذاء إلى طاقة مفيدة) هو عبارة عن عملية إنزيمية، ولاحقًا تم الكشف عن آليات تضمن توفير كمية كافية من الأكسجين للأنسجة والخلايا.

الاستجابة الفسيولوجية الأساسية لنقص الأكسجة تتمثل في ارتفاع مستويات هرمون EPO «الإريثروبويتين-Erythropoietin»، مما يؤدي إلى زيادة إنتاج خلايا الدم الحمراء (الكريات الحمر). من هنا، ظهرت أهمية السيطرة الهرمونية على الكريات الحمر والتي عُرفت بالفعل في بداية القرن العشرين، ولكن بقاء هذه العملية نفسها تحت سيطرة الأكسجين بقيت لغزًا سنكشفه لك عبر مقالنا.

كيف يتم تنظيم جين EPO؟

باستخدام الفئران المعدلة وراثيًا، عرض «جريج سيمينزا-Greg Semenza» قطع الـ DNA محددة تقع بجانب جين EPO تتجاوب مع نقص الأكسجين، فدرس «بيتر راتكليف» أيضًا التنظيم المعتمد على الأكسجين لجين EPO، ووجدت كلتا المجموعتين البحثيتين أن آلية استشعار الأكسجين كانت موجودة في جميع الأنسجة تقريبًا، وليس فقط في خلايا الكلى التي يتم فيها إنتاج EPO بشكل طبيعي. كانت هذه نتائج مهمة وتُبين أن الآلية كانت عامة ووظيفية في العديد من أنواع الخلايا المختلفة.

في خلايا الكبد المزروعة، اكتشف العالم سيمنزا مركب هام وهو مركّب بروتيني يرتبط بجزئ الحمض النووي بطريقة تعتمد على الأكسجين، ودعي هذا المركب باسم الـ(HIF) أو «العوامل المحفّزة لنقص الأكسجين-Hypoxia-inducible factors».

كيف مهدت أعمال العالم سيمينزا الطريق؟

بدأ سيمينزا جهود مكثفة في تنقية مُركّب الـ HIF لمعرفة ماهيته، وفي عام 1995، تمكن من نشر بعض النتائج الرئيسية، بما في ذلك تحديد الجينات التي ترمز بروتين الـ HIF. وتم معرفة مكونات بروتين الـ HIF بنجاح، فعرفنا أنه يتكون من بروتينين مختلفين مرتبطين بالحمض النووي، تمت تسميتهم بعوامل النسخ (HIF-1α و ARNT).

أمكن للباحثين حينئذ البدء في حل اللغز، فقد فتحت أعمال سيمنزا الباب لفهم المكونات الإضافية المشاركة، وكيف تعمل الآلية. فقد لاحظ الباحثون أن ارتفاع مستويات الأكسجين، يصحبه نقص في محتويات الخلايا من الـ HIF-1α، وأن انخفاض مستويات الأكسجين، يصحبها ارتفاع في كمية الـ HIF-1α بحيث يمكن ربطهما سويًا بشكل عكسي، وبالتالي يمكن ربطهما بتنظيم جين الـ EPO والجينات الأخرى الملازمة لقطع المادة الوراثية الخاصة بالـ HIF. ثم أظهرت عدة مجموعات بحثية أن «HIF-1α» -والذي عادة ما يتحلل ويتكسّر بسرعة- محمي من التحلل والتكسير مع نقص الأكسجة، وهو أمر غريب!

إذن فكيف يتحلل بروتين الـ «HIF-1α» وتقل نسبته عند ارتفاع مستويات الأكسجين في الخلية؟

هنا قصة أخرى لا تقل في روعتها عن قصة سيمنزا وراتكليف، إذ اكتشف الثلاثي Aaron Ciechanover وAvram Hershko وIrwin Rose آلية تُعرف باسم ال Proteasome وحصلوا عن كشفهم هذا جائزة نوبل عام 2004 في الكيمياء، وتعمل تلك الآلية على تكسير بروتين الـ «HIF-1α»، عند مستويات الأكسجين الطبيعية والمرتفعة، إذ يتم إضافة ببتيد صغير يُدعى اليوبيكويتين، إلى بروتين HIF-1α، ويعمل اليوبيكويتين كعلامة وإشارة للبروتينات الموجهة لتكسير وتحليل بروتين الـ«HIF-1α». ولكن تظل كيفية ارتباط اليوبيكويتين بـ HIF-1α بطريقة تعتمد على الأكسجين مسألة مركزية وغامضة لكنها مؤكدة!

إذن، فما قصة الباحث ويليام كيلين؟ ولماذا حصل على نوبل معهم؟

في نفس الوقت الذي كان سيمينزا وراتكليف يكشفان عملية تنظيم جين الـ EPO، عكف باحث السرطان ويليام كيلين جونيور على كشف أسرار حالة وراثية غريبة، تُعرف باسم (VHL) «فون هيبل لينداو-Von Hippel Lindau»، وهي حالة مرضيّة تؤدي لزيادة كبيرة في خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان في العائلات التي تحمل طفرات الـ VHL الموروثة.

هل هناك علاقة تربط بين VHL وHIF-α1؟

اكتشف كايلين أن جين VHL ينتج بروتينًا يمنع ظهور السرطان، ووجد أيضًا أن الخلايا السرطانية التي تفتقر إلى جين الـ VHL الوظيفي السليم، تعبر -بشكل غير طبيعي- عن مستويات عالية من الجينات المنظمة لنقص الأكسجة؛ ولكن عندما أعيد إدخال جين الـ VHL في الخلايا السرطانية، استعادت المستويات الطبيعية. كان هذا دليلًا مهمًا يوضح أن جين الـ VHL متورطًا بطريقة ما في التحكم في الاستجابة لنقص الأكسجة.

إذن فما دور العالم راتكليف؟

أظهرت أدلة إضافية من عدة مجموعات بحثية أن جين الـ VHL هو جزء من مجموعة معقّدة من البروتينات التي تعمل مثل اليوبيكويتين، فتكسر وتحلل الHIF-α1، إلى أن استفاد راتكليف من أعمال كايلين وقام هو ومجموعته البحثية بعد ذلك باكتشاف رئيسي يثبت أن VHL يمكن أن يتفاعل مع HIF-1α لتكسيره وتحليله في مستويات الأكسجين الطبيعية. وهو ما ربط بين الـ VHL وHIF-α1 بشكل قاطع. وبالرغم من كشف الكثير من قطع اللعبة، إلا أنه ما زال ينقصنا فهم كيفية تنظيم مستويات الأكسجين للتفاعل بين VHL و HIF-1α حتى ذلك الوقت!

ركز البحث على جزء معين من بروتين HIF-1α المعروف بأهميته في التحلل المعتمد على جين الـ VHL، وقد اشتبه كل من كايلين وراتكليف في أن مفتاح استشعار الأكسجين يتواجد في مكان ما في هذا البروتين.

هل تم حل اللغز؟

في عام 2001، نشر العالمين في وقت واحد بحثين علميين يقولان بأنه يتم إضافة مجموعات الهيدروكسيل في موقعين محددين في الـ HIF-1α في ظل مستويات الأكسجين الطبيعية. يسمح هذا التعديل للبروتين -والذي يسمى «prolyl hydroxylation»- للـ VHL بالتعرف على الـ HIF-1α والارتباط به، وهو ما كشف عن دور الهيدروكسيل في التحفيز الجيني لبروتين الـ HIF-1α وبالتالي تم تفسير كيفية تحكم مستويات الأكسجين الطبيعية في التحلل السريع لـ HIF-1α بمساعدة إنزيمات حساسة للأكسجين (البروليل هيدروكسيليز)، ليُحل اللغز!

تحكم الأكسجين في عملية التحلل لبروتين الـ HIF-1a

ما أهمية الاكتشاف في حياتنا؟

إن جهاز المناعة لدينا يتم ضبطه هو والعديد من الوظائف الفسيولوجية الأخرى بواسطة استشعار خلايانا للأكسجين. فقد ثبت أن استشعار الأكسجين ضروري أثناء نمو الجنين للسيطرة على تكوين الأوعية الدموية الطبيعية وتطور المشيمة. وتشمل الأمثلة الأخرى للعمليات التكيفية التي يتحكم فيها استشعار الأكسجين في توليد أوعية دموية جديدة وإنتاج خلايا الدم الحمراء.

إن استشعار الأكسجين أمر أساسي لعدد كبير من الأمراض، على سبيل المثال، المرضى الذين يعانون من الفشل الكلوي المزمن غالبا ما يعانون من فقر الدم الحاد بسبب انخفاض تعبير الـ EPO، إذ ينتج الـ EPO بواسطة خلايا في الكلى وهو ضروري للسيطرة على تكوين خلايا الدم الحمراء.

هل للآليات المنظمة للأكسجين دور في السرطان؟

في الأورام، يتم استخدام الآلية المنظمة للأكسجين لتحفيز تكوين الأوعية الدموية وإعادة تشكيل الأيض من أجل الانتشار الفعال للخلايا السرطانية، وتركز الجهود المستمرة والمكثفة في المختبرات الأكاديمية وشركات الأدوية على تطوير عقاقير يمكنها أن تتداخل مع حالات مرضية مختلفة إما عن طريق تنشيط أو تثبيط آلية استشعار الأكسجين. من يعلم، فقد يحمل الكشف علاج نهائي لمرض طالما حلمنا بالقضاء عليه.

تقديم: آلاء السطام

مراجعة علمية: عبدالله طه

المصادر:

بيان موقع جائزة نوبل الصحفي

Semenza, G.L, Nejfelt, M.K., Chi, S.M. & Antonarakis, S.E. (1991). Hypoxia-inducible nuclear
factors bind to an enhancer element located 3’ to the human erythropoietin gene. Proc Natl
Acad Sci USA, 88, 5680-5684

Wang, G.L., Jiang, B.-H., Rue, E.A. & Semenza, G.L. (1995). Hypoxia-inducible factor 1 is a
basic-helix-loop-helix-PAS heterodimer regulated by cellular O2 tension. Proc Natl Acad Sci
USA, 92, 5510-5514

Maxwell, P.H., Wiesener, M.S., Chang, G.-W., Clifford, S.C., Vaux, E.C., Cockman, M.E.,
Wykoff, C.C., Pugh, C.W., Maher, E.R. & Ratcliffe, P.J. (1999). The tumour suppressor
protein VHL targets hypoxia-inducible factors for oxygen-dependent proteolysis. Nature, 399,
271-275

Mircea, I., Kondo, K., Yang, H., Kim, W., Valiando, J., Ohh, M., Salic, A., Asara, J.M., Lane,
W.S. & Kaelin Jr., W.G. (2001) HIFa targeted for VHL-mediated destruction by proline
hydroxylation: Implications for O2 sensing. Science, 292, 464-468

Jakkola, P., Mole, D.R., Tian, Y.-M., Wilson, M.I., Gielbert, J., Gaskell, S.J., von Kriegsheim,
A., Heberstreit, H.F., Mukherji, M., Schofield, C.J., Maxwell, P.H., Pugh, C.W. & Ratcliffe,
P.J. (2001). Targeting of HIF-a to the von Hippel-Lindau ubiquitylation complex by O2-
regulated prolyl hydroxylation. Science, 292, 468-472

 

تقنية جديدة في علم المناعة مرشحة لجائزة نوبل في الطب

تقنية جديدة في علم المناعة مرشحة لجائزة نوبل في الطب لهذا العام، يتألف جهاز المناعة من أجزاء عديدة تعمل معاً للدفاع عن الجسم ضد الأمراض التي تنتج عن غزو الممرضات أو السموم للجسم البشري.

والممرضات هي الكائنات المسببة للمرض مثل البكتيريا والفيروسات، يهاجم جهاز المناعة المواد الغريبة عبر سلسلة من الخطوات تسمى «الاستجابة المناعية-immuno response»، وتسمى المواد التي تحفز الاستجابة المناعية المستضدات، وتدخل أنواع عديدة من الخلايا في الاستجابة المناعية، منها اللمفاويات والخلايا المهيئة للمستضدات.

تتميز الخلايا اللمفاوية بامتلاكها لمستقبلات نوعية للمستضدات المختلفة، ‏ويعتمد انتاج هذه ‏المستقبلات على الخلط العشوائي لعدد محدود من الجينات التي تشفر ‏الارتباط بالمستضد من المستقبل المناعي، ونتيجة لهذا الخلط العشوائي فإن جزء‏ًا من «الخلايا التائية والبائية-T and B lymphocytes» تحمل مستقبلات تتعرف على المستضدات الذاتية (خلايا وبروتينات الجسم) وتسمى بـ «الخلايا الذاتية التفعيل self-reactive cells»، ‏وتنتج تلك الخلايا عند تفعيلها استجابة مناعية ضد خلايا وأنسجة الجسم الطبيعية وهذا ما يسمى بـ «المناعة الذاتية-autoimmunity»، ‏وللحيلولة دون النتائج الوخيمة مثل تطور أمراض المناعة الذاتية هناك آلية تكبح تلك الخلايا وتحول دون تفعيلها وتسمى تلك الآلية بالتحمل المناعي.

التحمل المناعي :
هو قدرة الجهاز المناعي على التعرف على المستضدات التي يتم إنتاجها ذاتيًا على أنها غير تهديد مع القيام في الوقت المناسب بتكوين استجابة لمواد غريبة.
هذا التوازن بين الدفاع والتحمل المناعي أمر بالغ الأهمية للوظائف الفسيولوجية الطبيعية وللصحة العامة.

هناك تحمل مناعي للمستضدات الذاتية يطلق عليه بـ «التحمل الذاتي-self tolerance»، وهناك «تحمل مناعي للمستضدات الغريبة-Non self tolerance».

ينشأ التحمل المناعي الذاتي مبكرًا في طور الحياة الجنينية حيث يتعرف الجهاز المناعي للجنين على المستضدات الموجودة في جسم الجنين على أنها مستضدات ذاتية فلا تحدث استجابة مناعية ضدها، وينتج التحمل الذاتي من التخلص من «الخلايا الليمفاوية ذاتية التفعيلself-reactive lymphocytes» أو تعطيلها وتثبيطها خلال نموها وتمايزها في نخاع العظام أو الغدة «الصعترية-Thymus» وهذا ما يسمى بـ «التحمل المركزيcentral tolerance»، أو في الأنسجة الطرفية وهو ما يسمى بـ «التحمل الطرفي-peripheral tolerance».

مرض التحمل الذاتي:

أخطاء التحمل الذاتي ينجم عنها اضطراب في المناعة الذاتية مثل مرض الاضطرابات الهضمية، «مرض السكري من النوع الاول-Diabetes mellitus type 1»، «مرض التهاب الأمعاء-Inflammatory Bowel Disease»، «التصلب المتعدد-Multiple sclerosis» على سبيل المثال لا الحصر.

آليات التحمل الذاتي قد تشكل عائق أمام التدخلات العلاجية، توجد صعوبة بعد إجراء عمليات الزرع لأن الجهاز المناعي قد يتعرف على مستضدات الشخص المانح على أنها غريبة، لذلك فإن التلاعب المناعي تجاه تحمل الأنسجة المزروعة معبراً عن المستضدات غير الذاتية سوف يقلل من الرفض.

وعلى العكس من ذلك، فإن الاستجابة المناعية للخلايا السرطانية تضعف بسبب الاستجابة المناسبة للتحمل لأن الخلايا السرطانية تعبر عن المستضد الذاتي، في هذه الحالة، يتطلب العلاج المناعي الفعال ضد السرطان كسر آليات التحمل الذاتي.

الآثار المترتبة على البحث عن المستضد الذاتي والتحمل الذاتي هو تحدي رئيسي يواجهه الباحثون عند توليد أجسام مضادة ضد مستضدات التماثل العالية، توليد استجابة كافية لمستضد يتطلب التغلب على آليات التحمل الذاتي، وبسبب أن هذه مهمة شاقة، فقد طورت GenScript تقنية خاصة للقيام بذلك.

تستخدم تقنية ImmunoPlus الخاصة بنا أجهزة المناعة الرئيسية للتحايل على آليات التحمل الذاتي والسماح لـ B-Cells بتوليد «أجسام مضادة-Antibodies» عالية التقارب.
الأجسام المضادة البديلة هي مجرد مثال واحد حيث تكون هناك حاجة إلى أجسام مضادة للمستضدات الذاتية ذات التماثل العالي.
يمكن أن تكون الأجسام المضادة البديلة وسيلة لاختبار السلامة وفعالية الأجسام المضادة العلاجية البشرية في فئران التجارب.

استهداف المستضد المرتبط في الفئران باستخدام الأجسام المضادة التي تم إنشاؤها بواسطة الفئران يمكن أن يوفر بعض الفهم للجسم المضاد المتوافق مع البشر في النظام البشري، على وجه التحديد، يمكن تقدير درجة السمية والفعالية واستقراء النموذج البشري.

موسم نوبل هو احتفال بالعلوم، تحوز اهتمام العامة والهواة بالضبط كما يفعل المتخصصون في نطاقاتهم البحثية، وذلك لأن نوبل كانت دائمًا الجائزة الأكثر “أناقة” وأهمية خلال قرن مضى، ولذلك فهي دائمًا فرصة ذهبية لجذب الناس إلى حب العلوم وعوالمها المثيرة حقًا.
وبعد أن تم الإعلان عن توقعات جائزة نوبل، ووفقًا لمجلة Genscript فإن تقنية ImmunoPlus مرشحة لنيل جائزة نوبل لهذا العام 2019.

 

المصدر: https://bit.ly/2OkvOk2

مميزات ميدالية جائزة نوبل

“بينما كانت القوات تزحف في شوارع كوبنهاجن، كنت مشغولاً بإذابة ميداليات لاوي-Laue وأيضاً ميداليات جيمس فرانك-James Franck”

فما هي مميزات ميدالية جائزة نوبل ؟

فمنذ عام 1901، كانت ميداليات جائزة نوبل جزءاً من العديد من القصص الرائعة. فكان واجباً علينا أن نذوب ثلاث ميداليات نوبل في الدنمارك لإخفائها عن النازيين. وقد اختلطت ميداليتان من ميداليات نوبل بين حائزين مختلفين واستغرق الأمر منهم أربع سنوات لتصحيح الخطأ. وقد تسببت ميدالية نوبل في إرباك أمن المطار عندما تبين أنها سوداء تماما في آلة الأشعة السينية في فارغو نورث داكوتا-Fargo North Dakota. وبذلك نعتبرها على أقل تقدير ميدالية ذهبية خاصة جدا.

في عام 1902، حصل الفائزون على أول ميدالية “حقيقية” لجائزة نوبل في الفيزياء والكيمياء والفيزيولوجيا والطب والأدب حيث صممها النحات السويدي إريك ليندبرغ-Erik Lindberg. بالطبغ قد تتسآل لماذا لم تمنح لهم ميداليات حقيقية منذ عام 1901أي عندما تم منح الجوائز الأولى لنوبل؟ ويرجع السبب في التأخير إلى أن تصاميم الجوانب العكسية لأوسمة نوبل “السويدية” لم توضع في صيغتها النهائية في الوقت المناسب قبل الاحتفال بمنحها لأول مرة في عام 1901. ويلزم أن توافق كل مؤسسة من المؤسسات الحائزة على الجوائز على هذه التصميمات.

ويبدو من مراسلات إريك ليندبرغ مع والده الأستاذ أدولف ليندبرغ-Adolf Lindberg أن كل واحد من الفائزين بجائزة عام 1901 حصل على ميدالية “مؤقتة”، وكانت ميداليات تحمل صورة ألفريد نوبل-Alfred Nobel وصنعت من معدن أساسي كتذكار حتى انتهاء تصنيع الميداليات “الحقيقية”. ولم تكتمل أولى هذه الميداليات حتى أيلول/سبتمبر 1902.

تصميم فرنسي

كان إريك ليندبرج-Erik Lindberg يعيش في باريس خلال السنوات التي صمم فيها الميداليات، فوفقاً للشاعر الأيرلندي وليام بتلر ييتس-William Butler Yeats التصميم يبدو فرنسي للغاية. بعد أن حصل ييتس-Yeats على جائزة نوبل للأدب في عام 1923 كتب ما يلي في كتاب “جائزة السويد-The Bounty of Sweden”.

إنني قادر على دراسة وتحليل ميداليتي، تصميمها الساحر الزخرفي الأكاديمي وسلوكها الفرنسي. إنها عمل التسعينات يظهر شاباً يستمع إلى إلهة الإلهام تقف جانبا كشابة جميلة مع قيثارة كبيرة في يدها. بينما أتفحصها أدرك أنني كنت وسيماً ذات مرة مثل ذلك الشاب لكن مقطوعاتي الشعرية التي لم أتمرن عليها كانت عجزة والآن أنا مسن مصاب بداء المفاصل، ولم يبق شيء للنظر إليه سوى إلهة الإلهام الشابة الخاصة بي”.

مميزات ميدالية جائزة نوبل

إن ييتس- وكل الفائزين الآخرين منذ عام 1901 حصلوا على ميداليات جائزة نوبل التي صممها إريك ليندبرج استناداً إلى التصاميم الأصلية. وبما أن إريك ليندبرغ كان مسؤولا عن تصميم ميداليات نوبل “السويدية”، فقد كُلف النحات النرويجي غوستاف فيغلند-Gustav Vigeland بتصميم ميدالية السلام النرويجية في عام 1901. ولكن بما أن غوستاف فيغلند كان نحاتاً وليس نقاشا على الميداليات، فقد صنع إريك ليندبرغ نتوءات من أجل ميدالية السلام استناداً إلى تصاميم فيغلند. ولا تزال تصاميمهم مستعملة حتى اليوم.

فجميع الميداليات لها بعض الإختلافات في التصميم (باستثناء ميداليتي الفيزياء والكيمياء المتشابهتين) ولكنها تبقى ميدالية ذهبية تحمل صورة الشخص ومنقوش مناسب. يعرض الوجه الأمامي من جميع الميداليات صورة لألفريد نوبل في صيغ مختلفة. وعلى الجانب الآخر من الميداليات “السويدية” الثلاث نجد أن العبارة الرئيسية هي نفسها: “Inventas vitam iuvat excoluisse per artes- الإختراعات تعزز الحياة التي يتم تجسيدها من خلال الفن“ (ويمكن ترجمة العبارة كالتالي “وهم الذين حسنوا الحياة على الأرض بواسطة الاكتشافات الجديدة”) في حين أن الصور تختلف بحسب رموز المؤسسات التي حصلت على الجائزة. فوسام السلام مكتوب عليه “Pro pace et fraternitate gentium-من أجل السلام والأخوة بين البشر“ بينما وسام الاقتصاد لا يكتب عليه أي إقتباس على الإطلاق.

مواصفات ميدالية نوبل

وعلى جميع ميداليات نوبل “السويدية” يُنقش اسم الفائز بوضوح تام على الوجه المعاكس، في حين أن اسم الفائزين بجائزة نوبل للسلام والاقتصاد يتم نقش أسماءهم على حافة الميدالية بمعنى أنه ليس واضحا، مما أدى إلى خلق مشاكل بالنسبة للفائزين بجائزة الاقتصاد لعام 1975، الروسي ليونيد كانتوروفيتش Leonid Kantorovich والأميركي جوالينغ كوبمان Tjalling Koopmans، حيث اختلطت ميداليتهم في ستوكهولم، وبعد أسبوع عاد الفائزون بالجائزة إلى بلدانهم حاملين الميداليات الخطأ. وبما أن الواقعة حدثت أثناء الحرب الباردة فقد استغرق الأمر أربع سنوات من الجهود الدبلوماسية لاستبدال الميداليات لمالكيها الشرعيين.

كانت الميداليات “السويدية” تزن كل منها 200 غرام تقريباً وقطرها 66 مم، ومصنوعة من 23 قيراطاً من الذهب. ومنذ 1980 أصبحت تصنع من 18 قيراطا من الذهب المعاد تدويره. ويوزَّع على جميع الميداليات 175 غراماً بإستثناء ميدالية العلوم الإقتصادية التي تزن 185 غ.

جورج دي هيفسي George de Hevesy الحائز على جائزة نوبل

هناك العديد من الإشاعات حول ما حدث لأوسمة نوبل التي حصل عليها ثلاثة من الحائزين على جائزة نوبل في الفيزياء أثناء الحرب العالمية الثانية: ميدالية الألماني ماكس فون لاوي (Max von Laue (1914، وميدالية جيمس فرانك (James Franck (1925، وميدالية دان نيلز بوهر (Dane Niels Bohr (1922.

كان معهد الفيزياء النظرية التابع للبروفسور بوهر Bohr في كوبنهاجن ملاذاً للفيزيائين اليهود الألمانيين منذ عام 1933. أودع (ماكس فون لاوي) و (جيمس فرانك) ميدالياتهما هناك لكي لا تعثر عليها السلطات الألمانية بعد احتلال الدنمارك في إبريل/نيسان 1940، كانت الميداليات المهمة الأولى لبوهر حسب الكيميائي المجري جورج دي هيفيسي (وهو أيضاً من أصل يهودي وحائز على جائزة نوبل في الكيمياء في عام 1943، أنظر الصورة)، الذي عمل في المعهد. كان إرسال الذهب إلى خارج البلاد بمثابة جريمة كبرى في ألمانيا تحت حكم هتلر. وبما أن أسماء الفائزين كانت منقوشة على الميداليات، فإن اكتشافها من قِبل القوات النازية كان سيؤدي إلى عواقب وخيمة جدا.

“لقد اقترحت أن ندفن الميدالية، ولكن بوهر لم يحب هذه الفكرة لأن الميدالية قد تنكشف، فقررت إذابته. بينما كانت القوات الغازية تزحف في شوارع كوبنهاجن، كنت مشغولاً بإذابة ميداليات لاوي وجيمس فرانك. وبعد الحرب، استعيد الذهب وقدمت مؤسسة نوبل بكل سخاء ميداليتين جديدتين للاوي وفرانك”

اقتباس من جورج دي هيفيسي (مغامرات في بحوث النظائر المشعّة Adventures in Radioisotope Research، المجلد 1، الصفحة 27، بيرغامون Pergamon، نيويورك، 1962، الذي تحدث عن ميدالية فون لاوي von Laue.

كتب دي هيفيسي إلى فون لاوي بعد الحرب أن مهمة إزاحة الميداليات لم تكن سهلة، لأن الذهب عديم التفاعل ويصعب تذويبه. فقد احتل النازيون معهد بور وفتشوه بدقة شديدة لكنهم لم يجدوا أي شيء. وانتظرت الميداليات انتهاء الحرب في محلول الماء الملكي أو ماء الفضة ولم يذكر دي هيفيسي ميدالية بور، ولكن الوثائق الواردة في أرشيف نيلز بور في كوبنهاغن تبين أن ميدالية نيلز بور وميدالية الدنماركي August Krogh في الطب قد تم التبرع بها لمزاد أقيم في 12 آذار/مارس 1940 لصالح صندوق الإغاثة الفنلندي. واشترى هذه الميداليات مشترٍ مجهول الهوية وتبرع بها إلى المتحف التاريخي الدانمركي في فريدريكسبورغ حيث لا تزال محتفظة بها.

ما الذي حدث لميداليتي فون لاوي وفرانك ؟

وفيما يتعلق بميداليتي فون لاوي وفرانك، يتضمن أرشيف نيلز بور رسالة من نيلز بور مؤرخة 24 كانون الثاني/يناير 1950 بشأن تسليم الذهب إلى الأكاديمية السويدية الملكية للعلوم في ستوكهولم ويتعلق الأمر بهاتين الميداليتين. وتذكر مداولات مؤسسة نوبل في 28 شباط (فبراير) 1952 أن الپروفسور فرانك نال ميداليته المميزة في احتفال أُقيم في جامعة شيكاغو في 31 كانون الثاني (يناير) 1952.

يملك Brian Schmidt صاحب جائزة نوبل في الفيزياء عام 2011 تجربة خاصة مع ميداليته في مطار فارجو Fargo. طلبت منه جدته في فارغو منه جلب الميدالية وفي طريق عودته إلى بيته، اضطر شميت إلى إرسال ميداليته الذهبية عبر آلة الأشعة السينية في أمن المطار. وبدا حراس المطار مشوشين جدا مع هذا الشيء الأسود على الشاشة وسألوا عن ماهيته ومن أعطاه إياه. فأجاب شميت إنها ميدالية ذهبية حصلت عليها من ملك السويد. فتسآل الأمن لماذا أعطاه الملك هذه الميدالية، فأجاب شميت لأنني ساعدت في اكتشاف أن معدل تمدد الكون يتسارع.

تلك كانت بعض قصص ومميزات ميدالية جائزة نوبل، ولكن قد يشهد المستقبل على المزيد من الغرائب.

مصادر:
موقع جائزة نوبل الرسمي

Exit mobile version