لماذا تثير الخلايا الجذعية الجدل ؟

لقد استخدمت الخلايا الجذعية في الطب أول مرة خلال عملية زرع نخاع عظمي للبالغين في عام 1996. وقد أنقذت علاجات الخلايا الجذعية كثيرًا من الأرواح. رغم ذلك، ولّدت الخلايا الجذعية الكثير من الجدل في السنوات الأربعين الماضية. ستتناول في هذا المقال أهم القوانين والنظم السياسية في تنظيم استخدام تلك الخلايا.

النظام الأساسي لتنظيم ومراجعة التجارب على البشر والحيوانات ؟

 في هذا الصدد، يمكن القول أن أبحاث الخلايا الجذعية ليست فريدة من نوعها. إذ يجب أن يسأل باحثو الخلايا الجذعية نفس الأسئلة -حول مسار أبحاثهم-التي يسألها أي باحث طبي حيوي آخر. تبدأ القضايا الأخلاقية التي يواجهها جميع الباحثين أثناء التجارب السريرية بطرح سؤال ذي مغزى، يكون للإجابة عنه قيمة علمية واجتماعية. ويمكن الوصول إليها من خلال الدراسة.

يجب موازنة مخاطر الضرر والفوائد المحتملة للمجتمع من تطوير المعرفة القابلة للتعميم في كل مرحلة من مراحل البحث.  وذلك لدعم الانتقال من المختبر إلى الدراسات على الحيوانات، ومن الحيوانات إلى البشر. إن تقليل مخاطر الضرر، واختيار وتوظيف المرضى المناسبين، وتجنب سوء الفهم العلاجي، كلها أبحاث مهمة، لا سيما في دراسات المرحلة الأولى على الإنسان ودراسات المرحلة المبكرة الأخرى. [١] تم اشتقاق أول خط خلايا جذعية جنينية في عام 1998. مما أدى إلى واحدة من أكثر النقاشات العامة والحيوية والمستعصية في أخلاقيات البحث.

الوضع الأخلاقي للجنين

 من الضروري أولاً تدمير الجنين البالغ من العمر 5 أيام قبل التجربة.  ويجادل معارضو أبحاث الخلايا الجذعية بأنه نظرًا لأن الجنين قادر على النمو إلى كائن بشري، فإنه يتمتع بمكانة أخلاقية مهمة. لذلك، فإن تدميرها غير أخلاقي.

انعكست الآثار الأخلاقية لأبحاث الخلايا الجذعية في الولايات المتحدة على سياسة التمويل الفيدرالية وعلى الإشراف على الأبحاث. ففي عام 2003، أنشأت الأكاديمية الوطنية للعلوم (NAS) لجنة لوضع مبادئ توجيهية للمؤسسات والباحثين الذين يجرون أبحاثا عليها. وأوصت بإنشاء لجان الإشراف على أبحاث الخلايا الجنينية للمساعدة في مراجعة البحث. كما تتضمنت إرشادات المعاهد الوطنية للصحة الصادرة بعد توسيع التمويل الفيدرالي لعام 2009. وأوصت بالإشراف على الأبحاث حول الخلايا البشرية متعددة القدرات. وتناولت أسئلة الموافقة من جميع المتبرعين بالمواد الحيوية، وإنشاء واستخدام الأجنة لأغراض البحث.

أنشِأت العديد من المؤسسات البحثية مثل “ESCROs أو SCROs” لمراجعة أبحاث الخلايا الجنينية والمستحثة. مع تنوع أبحاث تلك الخلايا، أصبح الإشراف الأخلاقي أكثر تنوعًا أيضًا. فقد أثيرت أسئلة بخصوص الحاجة المستمرة للجان المتخصصة مثل “ESCROs و SCRO”.  ومع ذلك، من المرجح أن تستمر إرشادات NAS في تقديم الإرشادات لمجموعة متنوعة من هيئات الرقابة التي تقوم بمراجعة أبحاث الخلايا الجذعية.[٢]

العدل في أبحاث التجارب العلمية وعلاجها

 يعدّ العدل اعتبارًا ضروريًا، لكنه يهمَل في جلّ الأبحاث العلمية. في العديد من التقنيات الحيوية الجديدة، يمكن أن تكون التدخلات والمنتجات القائمة على الجينات والخلية والطب التجديدي مكلفة للغاية وتستغرق وقتًا وعمالة كبيرة في التطوير والاستخدام. وبالتالي، تتطلب العدالة الانتباه إلى تكاليف تطوير علاجات الخلايا الجذعية وإتاحتها، بهدف تقليل الفوارق غير العادلة في الوصول. وتعتبر التكلفة مصدر قلق قياسي بالنسبة للعدالة التوزيعية.

 يتم تناول اعتبارات العدالة في أبحاث الخلايا وعلاجها بعدة طرق. الأول هو سياسة وممارسة البنوك الحيوية. إن الأساس المنطقي للبنك العام للخلايا الجذعية هو توفير مورد لزرع الخلايا الجذعية السرطانية المكونة للدم لأي شخص تقريبًا. من الناحية المثالية، يمكن للجهود المصرفية واسعة النطاق تخزين سلالات مختلفة كافية من الخلايا متعددة القدرات على نطاق واسع، واستخدامها في تطبيقات الطب التجديدي، وذلك لتوفير تطابق جيد لجميع سكان الولايات المتحدة تقريبًا. ومع ذلك، لا تزال الأنظمة الشاملة لجمع وتخزين واستخدام تلك الخلايامن مختلف الأنواع في المراحل الأولى من تطوير التكنولوجيا والسياسات.

تتحدد العديد من التحديات العلمية والعملية والأخلاقية في ضمان التوافر الواسع لمطابقات المحتاجين. فالبنوك الحيوية واسعة النطاق لخطوط الخلايا الجذعية لديها القدرة على زيادة الوصول إلى العلاجات بشكل كبير مع خفض التكاليف. ولكن نظرًا لأن التطابقات المتاحة قد لا تكون مثالية، فإن الموازنة بين أضرار ومزايا البنوك الحيوية تظل أمرًا بالغ الأهمية.

كيف يؤثر السوق علي التجارب السريرية ؟

إن التجارب التي تتم في سياق الخلايا الجذعية متمثلة في أن العمل المهم المكرس لتحسين صحة الجمهور يتم في نظام السوق مع ضغوط المنافسة والتسويق المصاحبة له. فإن الممارسة السليمة في التجارب السريرية، والمناقشة الدقيقة في وسائل الإعلام، وحتى السعي لتحقيق التوازن بين الشفافية العلمية ومشاركة البيانات ومصالح الملكية الفكرية للصناعة كلها لها آثار عدالة مهمة.

مع تقلص تمويل الأبحاث وتنامي الضغوط التنافسية. قد يصبح من الصعب بشكل متزايد التحرك بشكل متعمد نحو التجارب السريرية وتخصيص موارد البحث بحكمة. يتم تعلم المزيد حول كيفية تقليل مخاطر الضرر الناجم عن إنشاء واستخدام الخلايا الجذعية مع استمرار زيادة تكاليف التقدم الدقيق. كلما قل عدد الموارد التي نمتلكها، زادت أهمية تخصيص الأموال لزيادة احتمالية تطوير المعرفة في المجالات التي تتسم بأكبر قدر من الآمال والحاجة السريرية.[٣]

إن تحسين صحة الإنسان مسعى اجتماعي وليس مجرد هدف علمي. ويقدم الباحثون مساهمات حيوية في وجهات النظر المجتمعية حول قيمة التقدم العلمي وأفضل اتجاهاته. من المفيد للباحثين أن يضعوا في اعتبارهم التطبيقات على مستوى السكان لأبحاث الخلايا الجذعية. بالإضافة إلى تأثيرات العلاج باستخدام تلك الخلايا على صحة الفرد.

في جميع مجالات أبحاث الخلايا الجذعية وعلاجها، ستلعب الدراسة والمناقشة الدقيقة لأفضل المسارات الانتقالية، كما تراها الأخلاق والعلم دورًا حيويًا في تحقيق التوازن بين الأمل والضجة في المستقبل، حيث يواصل هذا المجال التقدم السريع.

المصادر

  1. Bioethical Issues – Stem Cells (bioethics.org.au)
  2. Acid-bath stem-cell study under investigation | Nature
  3. Ethical issues in stem cell research and therapy | Stem Cell Research & Therapy | Full Text (biomedcentral.com)

كيف استخدمت الخلايا الجذعية لعلاج الضمور البقعي؟

ما هو الضمور البقعي؟

الضمور البقعي هو فقدان رؤيتك المركزية. لا يمكنك رؤية التفاصيل الدقيقة، سواء كنت تنظر إلى شيء قريب أو بعيد. لكن الرؤية المحيطية (الجانبية) ستظل طبيعية. على سبيل المثال، تخيل أنك تنظر إلى ساعة بعقارب، قد ترى أرقام الساعة ولكنك لن ترى  العقارب. يعد الضمور البقعي السبب الأكثر شيوعًا لفقدان البصر الشديد بين الأشخاص الذين يبلغون من العمر خمسين  عامًا أو أكثر.

أنواع الضمور البقعي 

أولاً الضمور الجاف 

 هذا النوع هو الأكثر شيوعًا. فحوالي 80 ٪ من المصابين بالضمور البقعي لديهم الشكل الجاف. سببها الدقيق غير معروف، على الرغم من أنه يعتقد أن كلا من العوامل الوراثية والبيئية تلعب دورًا في الإصابة به. يحدث هذا عندما تتحلل الخلايا الحساسة للضوء في البقعة ببطء، بشكل عام في عين واحدة في كل مرة. عادة ما يكون فقدان الرؤية في هذه الحالة بطيئًا وتدريجيًا. 

ثانياً الضمور الرطب 

على الرغم من أن هذا النوع هو الأقل شيوعًا، إلا أنه غالبا  ما يؤدي إلى فقدان البصر لدى المرضى أكثر من الضمور الجاف، فالسبب الأكثر شيوعًا لفقدان البصر الشديد. يحدث الضمور الرطب عندما تبدأ الأوعية الدموية غير الطبيعية في النمو تحت الشبكية. تتسرب السوائل والدم -من هنا جاء اسم الضمور البقعي الرطب- ويمكن أن تخلق بقعة عمياء كبيرة في وسط المجال البصري.[١]

أعراض الضمور البقعي المرتبطة بالعمر

  1. رؤية ضبابية.
  2. صعوبة التعرف على الوجوه المألوفة.
  3. تبدو الخطوط المستقيمة مموجة.
  4. تظهر منطقة مظلمة فارغة أو بقعة عمياء في مركز الرؤية.
  5. فقدان الرؤية المركزية الضرورية للقيادة والقراءة والتعرف على الوجوه.
  6. وجود البراريق وهي رواسب صفراء صغيرة في شبكية العين، أحد أكثر العلامات المبكرة شيوعًا للضمور البقعي المرتبط بالعمر. قد يعني ذلك أن العين معرضة لخطر الإصابة بمزيد من الضمور.

تشخيص الضمور البقعي المرتبط بالعمر

  1. اختبار حدة البصر؛ يقيس اختبار مخطط العين المشترك قدرة الرؤية على مسافات مختلفة.
  2. اتساع حدقة العين؛ يتم توسيع حدقة العين بقطرات للعين للسماح بفحص شبكية العين عن قرب.
  3. تصوير الأوعية بالفلوريسين؛ يستخدم هذا الاختبار التشخيصي للكشف عن الضمور البقعي الرطب المرتبط بالعمر. ويتضمن حقن صبغة خاصة في وريد الذراع، ثم يتم التقاط الصور أثناء مرور الصبغة عبر الأوعية الدموية في شبكية العين. مما يساعد الطبيب على تقييم نسبة تسرب الأوعية الدموية وما إذا كان يمكن علاج التسرب أم لا.
  4. «شبكة أمسلر _Amsler grid»؛ يستخدم هذا الاختبار للكشف عن الضمور البقعي الرطب المرتبط بالعمر. ويستخدم شبكة تشبه رقعة الشطرنج لتحديد ما إذا كانت الخطوط المستقيمة في النمط تبدو متموجة أو مفقودة للمريض.  قد تشير كل الأدلة إلى احتمال الإصابة بالضمور البقعي المرتبط بالعمر.[٢]

كيف تم استخدام الخلايا الجذعية لعلاج الضمور البقعي؟ 

عادةً ما تستخدم بنوك العيون القرنيات فقط، متجاهلة الجزء الخلفي من العيون المتبرع بها والتي تحتوي على خلايا RPE و”هي طبقة من الخلايا الصبغية خارج شبكية العين الحسية العصبية التي تغذي الخلايا البصرية للشبكية والتي تحتوي على  المستقبلات الضوئية “، لذلك كان هذا النسيج متاحًا لمجموعة التجارب التالية.

قام الفريق بتشريح الطبقة الظهارية للشبكية، واتبع البروتوكول لخلايا دماغ الفأر، ووفر لها  عوامل النمو لمساعدتها على الانقسام، وتابعها  بعناية. مندهشين ، وجد الفريق  أن حوالي من ثلاثة إلى خمسة بالمائة أنتجت  مستنسخات هائلة تحتوي على ذرية جديدة جميلة من RPE. ونظرًا لقدرتها على التجدد،  يجب أن تكون هناك طريقة لاستخدام هذه الخلايا الجذعية RPE البالغة لتعويض تلك المفقودة في البقعة قبل موت المستقبلات الضوئية. فزرعت  الخلايا الجذعية RPE لمدة أربعة أسابيع قبل حقنها. أظهرت التجربة أن استخدام هذه الخلايا التي تبلغ مدتها أربعة أسابيع يمكن أن يمنع العمى لدى الفئران، وعلى أساس هذه البيانات قدمت إلى منظمة الغذاء والدواء الأمريكية لإجراء التجارب على البشر.[٣] ومن هنا يمكننا القول إن  الخلايا الجذعية تمكنت من علاج الكثير من الأمراض التي كان علاجها يبدو مستحيلاً. 

المصادر 

  1. What Is Macular Degeneration? – American Academy of Ophthalmology (aao.org)
  2. Age-Related Macular Degeneration (AMD) | Johns Hopkins Medicine
  3. Retinal Pigment Epithelium Culture;a Potential Source of Retinal Stem Cells – PMC (nih.gov)

ما هي الخلايا الجذعية وأنواعها وقصة ظهورها؟

تتكون جميع الكائنات الحية من وحدات بنائية وهي الخلايا. وتعتبر الخلايا الجذعية هي المواد الخام لتكوين كل الأنسجة وأعضاء جسم الكائنات الحية، فما هي؟

ما هي الخلايا الجذعية؟

 الخلية الجذعية هي خلية غير متخصصة. وكي تعتبر الخلية جذعية، يجب أن تكون قادرة على القيام بشيئين. أولاً يجب أن تكون ذاتية التجدد، وثانياً يجب أن تكون متعددة الإمكانات. ولكن ماذا نعني بذاتية التجدد؟

التجديد الذاتي يعني أن الخلية يجب أن تكون قادرة على تكرار نفسها في المزيد من الخلايا من نفس نوع الخلية غير المتخصصة. لذا، يمكن للخلايا الجذعية أن تصنع نسخاً من نفسها مراراً وتكراراً. أما متعددة الإمكانات، فتعني أن الخلايا غير المتخصصة يجب أن تكون قادرة على الانقسام إلى العديد من أنواع الخلايا المتخصصة التي تشكل الأعضاء والأنسجة. هذه هي السمات الرئيسية التي تجعل الخلايا الجذعية قوية بحق.[١]

أنواعها

هناك مجموعة متنوعة من الخلايا الجذعية المختلفة المستخدمة في البحوث. ويمكن عزل تلك الخلايا المختلفة في أوقات متباينة أثناء نمو الإنسان. النوع الأول هو خلايا جذعية جنينية. والنوع الجنيني هو نتاج ثانوي للإخصاب في المختبر. أما النوع الثاني، وهو الخلايا الجذعية المستخلصة من دم الحبل السري، فهي تعزل عن الحبل السري بعد ولادة الطفل مباشرة. والنوع الثالث هو خلايا جذعية بالغة.[١]

تاريخ الاكتشاف

بدأت قصة الخلايا الجذعية في القرن السابع عشر مع اكتشاف المجهر. في عام 1665. حيث استخدم العالم الإنجليزي «روبوت هوك-Robert Hooke» المجهر لفحص شريحة صغيرة من الفلين الزجاجي. فلاحظ هوك أن الفلين لديه العديد من المسام الصغيرة.

اعتقد هوك أن المسام تبدو كالخلايا التي يعيش فيها الرهبان، وأدى اكتشاف هوك إلى فتح مجال جديد للعلم المعروف باسم بيولوجيا الخلية. استغرق الأمر من العلماء 200 سنة أخرى بعد اكتشاف هوك للتأكد من أن جميع الكائنات الحية مصنوعة من خلايا. جمع «شلايدن-Schleiden» بيانات من نباتات مختلفة، بينما ركّز «شوان-Schwann» على خلايا الحيوانات بما في ذلك كائنات وحيدة الخلية مثل البكتيريا. بالنظر إلى بعض سوائل الجسم مثل الدم والحيوانات المنوية، فقد دهشوا لرؤيتهم أنها تتكون من خلايا. وأخيرًا، لاحظ Virshow أن كل خلية مستمدة من خلية موجودة مسبقًا. واليوم، نعلم أن هذه العملية هي انقسام خلية واحدة تنقسم فيها لعمل نسختين من نفس الخلية. ولكن ما يجعل الخلايا الجذعية خاصة للغاية هو أنها لا تكرّر نفسها فحسب، بل يمكن أن تصبح خلايا متعددة مختلفة. ولكن كيف تم اكتشافها [٢]

كيف تم اكتشاف الخلايا الجذعية؟

كان اكتشاف الخلايا الجذعية مشترك بين الأطباء والعلماء معًا. فبينما يدرس علماء الأحياء الخلية، بحث الأطباء عن طرق لإنقاذ مرضاهم من النزيف الحاد. وقد جرت أول عملية نقل دم بشرية ناجحة في بداية القرن التاسع عشر من قبل الدكتور «جيمس بلانديل-Dr. James Blundell» في إنجلترا. حيث تمكن من إنقاذ مريضة عانت من نزيف حاد أثناء الولادة بنقل الدم من زوجها إليها. كانت محظوظة، إذ لم تكن جميع عمليات نقل الدم ناجحة حينها. وقد أثارت هذه العملية أسئلة حول سبب نجاح بعض عمليات نقل الدم وفشل البعض الآخر.[٣]

أراد العلماء والأطباء أن يعرفوا، ما الذي يحدد ما إذا كان نقل الدم مقبولاً أو مرفوضاً، فبدؤوا يتساءلون، ماذا كان في الدم الطازج الذي ساعد المرضى على التعافي؟

في أوائل القرن العشرين، طور «بول إرليش-Paul Ehrlich» تقنيات معينة جعلت من الممكن التمييز بين أنواع مختلفة من خلايا الدم تحت المجهر. وفي عام 1905، أنتج «بابنهيم-Pappenheim»  رسم يياني  يشير إلى أن نوع معين من الخلايا يمكن أن يؤدي إلى جميع أنواع خلايا الدم الأخرى. في منتصف هذا الرسم البياني، هي الخلية الجذعية تميزت بدائرة حمراء. واقترح مصطلح «الخلايا الجذعية» لتحديد جميع أنواع خلايا الدم المختلفة.

من أين تأتي تلك الخلايا السحرية؟

هناك عدة مصادر للخلايا الجذعية وتختلف باختلاف نوعها. إذ يأتي النوع الجنيني من أجنة بعمر 3 إلى 5 أيام. وتتميز هذه الخلايا بأنها متعددة القدرات، مما يعني إنها يمكن أن تنقسم إلى المزيد من الخلايا الجذعية، أو يمكن أن تصبح أي نوع من الخلايا في الجسم. ويسمح هذا التنوع باستخدام خلايا جذعية جنينية لتجديد الأنسجة والأعضاء المريضة أو إصلاحها.
الخلايا الجذعية البالغة، وتوجد هذه الخلايا الجذعية بأعداد صغيرة في معظم أنسجة البالغين، مثل نخاع العظام أو الدهون. بالمقارنة مع الخلايا الجذعية الجنينية، فإن البالغة لديها قدرة محدودة على إنتاج خلايا مختلفة من الجسم.

حتى وقت قريب، اعتقد الباحثون أن الخلايا الجذعية البالغة يمكن أن تخلق فقط أنواعًا متشابهة من الخلايا. على سبيل المثال، اعتقد الباحثون أن الخلايا الجذعية الموجودة في نخاع العظام يمكن أن تنتج خلايا الدم فقط. ومع ذلك، تشير الأدلة الأحدث إلى أن الأنواع البالغة قد تكون قادرة على تكوين أنواع مختلفة من الخلايا وليس نوع محدد فقط. على سبيل المثال، قد تكون خلايا نخاع العظام الجذعية قادرة على تكوين خلايا عظمية أو عضلية للقلب.[٤]

لماذا يوجد اهتمام كبير بها؟

 يأمل الباحثون أن تساعد دراسات الخلايا الجذعية في زيادة فهم كيفية حدوث الأمراض، من خلال مشاهدة ذلك النوع من الخلايا وهي تنضج لتصبح خلايا في العظام وعضلة القلب والأعصاب والأعضاء والأنسجة الأخرى. وقد تساعد تلك الخلايا الباحثون على تكوين فهم أفضل عن كيفية تطور الأمراض.

تساعد الخلايا الجذعية في توليد الخلايا السليمة لتحل محل الخلايا المصابة بالمرض بما يعرف بعلم الطب التجديدي. وتفيد الخلايا الجذعية الأشخاص الذين يعانون من إصابات في النخاع الشوكي، ومرض السكري، ومرض باركنسون، ومرض ألزهايمر، وأمراض القلب، والسكتة الدماغية، والحروق، والسرطان، والتهاب المفاصل. وكما لتلك الخلايا من قدرات تجديدية، يمكن للباحثين استخدام بعض أنواعها أيضًا لاختبار الأدوية من حيث السلامة والجودة.[٤]

ومن هنا بدأت ثورة حقيقة في مجال الطب، عن طريق استخدام تلك الخلايا في العديد من التطبيقات المختلفة في المجال الطبي.

المصادر

  1. What Are Stem Cells? (stanfordchildrens.org)
  2. History of the Cell: Discovering the Cell | National Geographic Society
  3. James Blundell: the first transfusion of human blood – Resuscitation (resuscitationjournal.com)
  4. Stem cells: What they are and what they do – Mayo Clinic

برمجة الخلايا ورحلة الخمسين عام لنوبل في الطب

برمجة الخلايا ورحلة الخمسين عام لنوبل في الطب

لطالما لفتت الخلايا الجذعية الأنظار لها باعتبار كونها حل قوي للكثير من الأمراض، لكن في الوقت نفسه لا يمكن استغلال الخلايا الجذعية الموجوة في الأجنة نتيجة لقضايا متعلقة بأخلاقيات مهنة الطب، وكذلك خشيةً من تفاعلات رفض الأنسجة الغريبة التي يقودها جهاز مناعة الجسم. لكن ما بين أيدينا اليوم قد يمثل حل لتلك المشاكل حيث بإعادة برمجة الخلايا الجسمية المتمايزة للشخص وتحويلها لخلايا جذعية قد يوفر علينا الكثير من العناء. هذا ما تفائل به المجتمع العلمي بعد جائزة نوبل سنة 2012 التي حازها كلاً من «جون جوردون-John Gurdon» و «شينيا ياماناكا-Shinya Yamanaka».

أساسيات لفهم طبيعة الخلايا الجذعية :

مبدأياً الخلايا الجذعية ليست نوعاً واحداً إنما هي عدة أنواع مقسمة حسب قدرتها على إنتاج أنواع مختلفة من الخلايا والأنسجة. ولفهم الخلايا الجذعية بشكلٍ جيد لابد من أن ترجع معي بالزمن للوراء قليلاً حتى نصل لبداية حياتك. في البداية كانت هناك بويضة تحتوي على 23 كروموسوم تم تخصيبها عن طريق حيوان منوي يحتوي أيضاً على 23 كروموسوم، لينتج زيجوت ويحتوي على 46 كروموسوم. يقوم الزيجوت بالانقسام لتتضاعف الخلايا في العدد في تلك المرحلة لم تكن أنت سوى مجموعة من الخلايا الجذعية. أو بالأحرى كنت مجموعة من أقوى الخلايا الجذعية وهي ما تُعرف باسم «Totipotent» دعنا نتأمل قليلاً في تلك الكلمة لغوياً فكلمة «toti» أصلها لاتيني، وهو «totus» وتعني (كل شيئ)، و«potent» تعني قوى؛ فتلك الخلية بالفعل قادرة على إعطاء كل شيء وأي شيء؛ فمنها يأتي الجنين والمشيمة والحبل السري، فهي الأساس لكل ما بعدها لذلك هي الأقوى.والآن بعد أن كون الزيجوت أعداد متضاعفة من الخلايا يتحول تركيب الجنين من كرة مصمتة من الخلايا من النوع «Totipotent» إلى كرة خلوية مجوفة تُسمى «Blastocyst-الكيسة الأريمية» في داخل تلك الكورة يوجد مجموعة من الخلايا التي تُسمى «الخلايا الداخلية-inner cell mass» نوعها يسمى «Pluripotent» وأصل الكلمة كما العادة لاتيني وهو «pluris» وتعني الأكثر. لاحظ أننا قلنا الأكثر وليس الكل؛ لأن ذلك النوع من الخلايا يعطي كل ما يخص جسم الإنسان من أنسجة فيما بعد، ولكنه لا يعطي أي شيء خارج الجسم مثل المشيمة وغيرها.

Blastocyst-الكيسة الأريمية

وبعدها يتوالى نمو الجنين وفي أثناء ذلك تقل قدرة الخلايا على إعطاء عدد متنوع من الأنسجة بحيث تكون أكثر تخصصاً، فيزيد بمرور الوقت الخلايا المتخصصة مثل الجلد، والعضلات ، والأعصاب ….إلخ ويندثر وجود نوعي الخلايا الجذعية المذكورين سابقاً. لكن يظل في بعض أعضاء الجسم البالغ مثل نخاع العظام وبعض الأعضاء الأخرى نوع من الخلايا الجذعية وهو «multipotent»، وكما أصاب توقعك عزيزي القارئ أصلها لاتيني ومعناها «الكثير-many»؛ لإنها تعطي أنواع محدودة من الخلايا ليست جميع الأنواع فهي أقل قدرة من السابق ذكرهم.

بهذا عرفت أهم أنواع الخلايا الجذعية والتي يركز العلم عليها؛ لقدرتها على تعويض المفقود من الأنسجة وشفاء العلل. ولطالما نظر العلم لتلك المراحل التي يتطور فيها الجنين أو بالأحرى التي تتطور فيها الخلايا الجذعية إلى خلايا متخصصة على أنها نهر ذو اتجاه يذهب ولا يعود. لكن تجرتين فارقتين في تاريخ الطب إحداهما عام 1962 والأخرى عام 2006 غيرت وجهة نظر العلم كليتاً، وجعلت من المستحيل ممكن، وعليه كانت نوبل من نصيبهما عام 2012.

إنتاج ضفدعة كاملة من خلية في الأمعاء:

قام الدكتور جون جوردون عام 1962 بتجربة في معمل علم الأجنة بأكسفورد غيرت مسار التاريخ فيما بعد. حيث قام بعزل نوى من خلايا «النسيج الطلائي-Epithelial tissue» الموجود في الأمعاء من ضفدع، وزرعها في عدد من بويضات ضفدع تم تدمير نواتها الأصلية بالإشعاع. ثم راقب نمو وتمايز الخلية بعدها ونتج عن ذلك أكتر من سينارويو:

1. لم يحدث انقسام خلوي تماماً:

كان نسبة المرات الفاشلة في بدأ أي انقسام خلوي 48%، وبعد فحص تلك الخلايا الفاشلة تحت عدسة الميكرسكوب اتضح أن السبب لم يكن في النوى المزروعة إنما كان سبب تقني في زرعهم، ولا دخل للنوى فيه. فيمكن استبعاد تلك النسبة لوجود قدرة محتملة على تفاديها عند الاعتماد على تقنيات أكثر كفاءة في الزراعة.

2. انقسامات خلوية فاشلة:

«انقسامات خلوية فاشلة-Abortive Cleavage»: كان هناك محاولات للانقسام إلا أنها باءت بالفشل وذلك نتيجة حدوث خلل في الكروموسومات، فكان ذلك الخلل مميت بعد فترة؛ حيث تكونت خلايا غير متتظمة الأشكال والأحجام والنوى. ولكن لماذا؟

من وجهة نظر الدراسة كان السبب يتمثل في الاختلاف الكبير الموجود بين الوقت الذي تستغرقة خلايا الأمعاء من النسيج الطلائي بين الانقسامات الخلوية المتتالية والذي تستغرقة الخلايا الجذعية. حسناً لإيصال الفكرة دعنا نستعرض بشكلٍ بسيط دورة حياة الخلايا. تمر كل خلية بدروة الانقسام خلوي، وبعدها تستكين فترة لا تنقسم فيها، وتُسمى تلك الفترة «الطور البيني-Interphase» وفيه تُجهز الخلية نفسها للدخول في انقسام خلوي جديد. ذلك عن طريق بعض التغيرات الكيميائية، وتضاعف المادة الوراثية استعداداً لإنتاج خليتين لهما نفس العدد من الكروموسومات، ويتم أيضاً في تلك المرحلة تصحيح الأخطاء في المادة الوراثية وذلك لتجنب حدوث أي شكلة في الانقسام، وتجنب حدوث طفرات. باختصار للحفاظ على مادة وراثية كاملة صحيحة قابلة لإنتاج خليتين متطابقتين، وعليه هو طور مهم جداً يجب أن يكتمل لنهايته. تختلف فترة ذلك الطور من نوع خلايا إلى آخر ففي خلايا النسيج الطلائي للأمعاء لابد أن يكون أطول من الزيجوت. فما يحدث أن مجموعة من النوى تم زراعتها في فترة مبكرة من هذا الطور، فتم تحفيز عملية الانقسام الخلوي بشكل مبكر قبل إتمام العمل على المادة الوراثية فأدى إلى مجوعة انقسامات فاشلة تنتهى بالموت. فعلى ما سبق يتضح أن السبب هو اختيار النوى في وقت خاطئ في الطور البيني، فيمكن أيضاً استبعاد تلك النسبة إذا توافرت طريقة أكثر فاعلية لاختيار النوى في الوقت المناسب.

3. انقسام جزئي:

ما حدث هو تكوين عدة خلايا بعضها كان طبيعي وناجح في الانقسام، والباقي لم يحالفه الحظ. مما يؤدي إلى تطور الجنين لفترة ولكن لم يكتمل ذلك التطور لتراكم الخلايا الغير طبيعية، لكن لماذا لم تكن كلها طبيعية؟ كان ذلك أصعب سؤال في الدراسة الذي كلف جوردن القيام بتجارب كثيرة، وعليه توصل في دراسته أن السبب كان قلة جودة بعض البويضات التي يتم زراعة النوى فيها، فلم تكن المشكلة في النوى نفسها بل في جودة البويضات؛ حيث أنه عند تكرار عملية الزراعة لجيل بعد جيل قد تزيد نسبة النجاح، والوصول إلى فرد كامل، لكن لم يحدث ذلك كثيراً فاستخلص أن السبب في الفشل كان تباين صفات البويضات فبعضها كان جيد قابل للاستخدام -زاد من نسبة النجاح بشكل بسيط عند إعادة زراعة النوى- والبعض لم يكن كذلك.

4. النجاح في تكوين فرد كامل:

كان نسبة النجاح في تكوين فرد كامل في مجمل التجارب 7%، وذلك عندما نجحت عملية الزراعة من الناحية التقنية مع توفر الوقت المناسب للنوى في الطور البيني وكذلك كانت البويضة مناسبة. وإذا استبعدنا النسب القابلة للاستبعاد وهما نسبتي عدم وجود انقسامات على الإطلاق أو وجود انقسامات فاشلة فستزيد نسبة النجاح من 7% إلى 24%. وبذلك أثبت جوردن أن نوى الخلايا المتمايزة تحمل كامل المادة الوراثية مثلها مثل الخلايا الجذعية في الأجنة وأنه إذا توافرت الظروف المناسبة لها قد تُنتج فرد كامل. وألقى الضوء على كون سبب تمايز تلك الخلايا هو تعطيل بعض الجينات عن العمل والسماح للبعض الآخر، مما يؤدي لممارسة وظيفة محددة، واكتساب صفات شكلية وكيميائية محددة.

لكن هل يمكن إنتاج فرد كامل من خلية متمايزة سلمية؟ هذا ما أجاب عنه «شينيا ياماناكا-Shinya Yamanaka» بعدها بأكثر من أربعين عام تحديداً عام 2006.

هل يمكننا إعادة برمجة الخلايا؟

في دراسة منشورة عام 2006 لليابني شينيا ياماناكا المولود عام 1962 أثبت أنه يمكن إذا توافرت الظروف المناسبة للخلايا المتمايزة سيكون بإمكانها التحول لخلايا جذعية من نوع «Pluripotent». وكانت تجربته قائمة على خلايا «fibroblasts-الخلايا الليفية». في البداية كانت أنظاره مع فريقه واقعه على 24 عامل مميزين للخلايا الجذعية، وعليه افترضوا أن أحد تلك العوامل أو خليط منها قد يؤدي إلى إعادة برمجة الخلايا الليفية لتتحول إلى خلايا جذعية. بالفعل بدأوا باختبارتهم بذلك الصدد. بعد عدة تجارب قائمة على التبديل بين تلك العوامل توصلوا إلى كلمة السر المكونة من 4 عوامل من أصل 24. وبالفعل أنتجوا خلايا جذعية من نوع «Pluripotent» على الرغم من كونها ليست مطابقة للموجودة في الجنين. لكن كيف تأكدوا من قدرتها على إنتاج أنواع مختلفة من الخلايا؟ قاموا بتحفيز تلك الخلايا لإنتاج نوع من الأورام يسمى «teratome- الورم المسخ» وهو ورم يتكون من أنواع مختلفة من الأنسجة فقد يحمل نسيج غضروفي، وعصبي، عضلي،…….إلخ. وقد نجحت بعض تلك الخلايا في إنتاج الورم المسخ في الفئران، مما يدل على قدرتها على التمايز لأنواع عدة من الأنسجة والخلايا.

بذلك عزيزي القارئ على مدار خمسين عام تم تغيير مفهومنا كاملاً عن الخلايا الجذعية، وتفتحت الآفاق نحو منطقة جديدة للاستكشاف والبحث. فإنتاج خلايا جذعية من خلايا جسدية لهو أمل ضخم لعلاج الكثير من الأمراض الخطيرة التي تقضي على أنسجة الجسم، فبتلك التقنية قد يتوفرالعلاج الآمن السهل.

مصادر (برمجة الخلايا ورحلة الخمسين عام لنوبل في الطب):

science direct

development

Nobel prize 2012

Cell press

Khan academy

أقرأ المزيد:

علاج السرطان بالمناعة، من الحُلم إلى نوبل في الطب

هل الخلايا الجذعية معجزة المستقبل؟

هل الخلايا الجذعية معجزة المستقبل؟
كثيرًا ما أثير الجدل عن بحوث الخلايا الجذعية، فكل أسبوع هناك ادعاءات جديدة حول الخلايا الجذعية الجنينية والبالغة.
فما هي الحقيقة؟


لطالما توقع العديد من العلماء حدوث تقدمٍ كبيرٍ في أبحاث الخلايا الجذعية لعلاج الأمراض، وإعادة بناء الأعضاء، ليس هناك شكٌ في أنّ هذه الخلايا ستوفر يومًا ما علاجًا فعالًا، منخفض التكلفة لمرضى السكري وبعض أشكال العمى، النوبات القلبية، السكتة الدماغية، تلف الحبل الشوكي، والعديد من المشاكل الصحية الأخرى.


تاريخ موجز للخلايا الجذعية


لا يبدو أن هناك مكتشفًا واحدًا للخلايا الجذعية؛ تعود الحسابات إلى القرن التاسع عشر وما بعده، ولكن أول إجراء طبي ناجح كان نقل نخاع العظام عام 1939.
أدى التقدم العلمي في علم المناعة إلى مطابقة المانحين في البداية عبر الأشقاء والأقارب المقربين، ثم ازدهرت مطابقة الجهات المانحة غير ذات الصلة في السبعينيات.
في الثمانينيات؛ حدد العلماء الخلايا الجذعية الجنينية في الفئران، مما أدى إلى استنساج النعجة ” دوللي” في عام 1996.
وقد خلق هذا اهتمامًا كبيرًا للتطبيقات البشرية والطبية، كما ولد ردود فعل عنيفة في الولايات المتحدة حيث توقف تمويل البحث والتطوير الفيدرالي بشكلٍ أساسي في عام 2001.
في 2012، تم منح جائزة نوبل لاكتشافٍ مبكرٍ للخلايا الجذعية المستحثۃ متعددة القدرات ( Induced pluripotent stem cells- iPS).
حيث تُعاد خصائص الفاعلية والتجديد الذاتي للخلايا غير الجذعية البالغة، مما يجعلها تتصرف مثل الخلايا الجذعية مرة أخرى.
في العقد بين عامي 2010- 2019، ظهرت الموجة الأولى من الشركات الناشئة للخلايا الجذعية إلى جانب برامج البحث والتطوير في العديد من شركات الأدوية الكبيرة، مما أدى إلى أولى التجارب السريرية البشرية على iPS أو العلاجات الأخرى ذات الصلة.


ما هي الخلايا الجذعية؟


الخلايا الجذعية هي خلايا بدائية نسبيًا، لديها القدرة على الإنقسام بسرعة لإنتاج خلايا أكثر تخصصًا.
الخلايا الجذعية الجنينية لديها القدرة على التمايز بشكلٍ كبير في أنواع الأنسجة التي تنتجها، كما أنها تتكاثر بسرعة، وقد اجتذبت اهتمام الباحثين لعقود.
ومع ذلك؛ من الصعب الحصول على الخلايا الجذعية الجنينية من البشر- فهذا الأمر يتطلب إما خرق القانون في بعض البلدان، أو التقدم للحصول على تراخيص معقدة في بلدان أخرى.
كما أن هناك مشكلة أخرى وهي أنه من الصعب التحكم بالخلايا الجذعية الجنينية، فهي غالبًا ما تكون غير مستقرة، مما يؤدي إلى نتائج غير متوقعة أثناء الإنقسام أو حتى النمو السرطاني.
عادةً ما تؤدي الخلايا الجذعية الجنينية البشرية إلى رد فعل مناعي عند زرعها، مما يعني أن الخلايا المستخدمة في العلاج قد يتم تدميرها بسرعة ما لم تكن محمية- ربما عن طريق إعطاء دواء لتثبيط جهاز المناعة وهذا بحد ذاته ينطوي على مخاطر كثيرة.

مستقبل الخلايا الجذعية البالغة

باختصار؛ تُوقع حدوث تقدم سريع في الخلايا الجذعية البالغة، والعمل البطيء الأقل كثافة مع الخلايا الجذعية الجنينية.
فالعلماء اليوم قادرون على إنتاج مجموعة واسعة من الأنسجة باستخدام الخلايا الجذعية البالغة مع تقدم مذهل في بناء الأنسجة وإصلاحها.
في بعض الحالات، سيتم دمج هذه الخلايا بالفعل في الإصلاحات الجديدة كخلايا متباينه، وفي حالات أخرى؛ ستكون مساعدةً مؤقتة في عمليات الإصلاح الموضعيۃ.
ربما نرى أيضًا بعض المنتجات الطبيۃ الجديدة المثيرة، والتي تَعِد بالعمل بذات الطرق دون الحاجة إلى إزالة خلية جذعية واحدة من الجسم، قد تعمل هذه الأدوية على سبيل المثال؛ على تنشيط خلايا النخاع العظمي وتشجيعها على الهجرة إلى أجزاء من الجسم حيث يلزم إجراء إصلاحات.

لماذا الخلايا الجذعية؟ لماذا الآن؟

كانت الأسباب الرئيسية للوفاة في عام 1900 في معظمها أمراض معدية، في حين أن انتشار معظم الأسباب قد انخفض، فإن أكبر الزيادات تشمل أمراض القلب 40%، والسرطان 300%، صحيح أن هذا يرجع جزئيًا إلى مضاعفة متوسط العمر المتوقع، ونقص الوفاة الناتجة عن أسبابٍ أخرى.
مع ذلك؛ ونظرًا للوقت والموارد قد يعالج الأطباء هذه الأمراض الصعبة.


اليوم؛ ستة من الأسباب السبعة الرئيسية للوفاة هي أمراض غير معدية ( أمراض القلب، السكتة الدماغية، أمراض الرئة، السرطان، مرض الزهايمر، والسكري)، وقد يكون العلاج بالخلايا الجذعية أفضل أملٍ لحل هذه الأمراض في عصرنا وربما يصبح أكثر الإبتكارات الطبية التحويلية في قرنٍ واحد.
تجديد الخلايا البشرية القديمة بتكنولوجيا الخلايا الجذعية
تعمل الخلايا الجذعية في جسمك بجدٍ لاستبدال بشرتك كل أسبوعين، وإنشاء خلايا دم حمراء وبيضاء جديدة وإكمال آلاف المهام الأخرى الضرورية للحياة.


يتفق العلماء عمومًا على أن الخلية الجذعية يجب أن تكون قادرة على القيام بأيّ مما يلي:
التجديد الذاتي( self-renew) ينقسم إلى خلية أخرى، مما يعني عمل نسخة مطابقة من نفسها.
التمايز ( Differentiate) حيث يمكنها التمايز إلى مجموعة متنوعة من أنواع الخلايا الأخرى.
تقترح إحدى نظريات الشيخوخة أنه في العمر ما بين 30- 50 عامًا تصل خلايانا الجذعية إلى نقطة تحول وتبدأ في الانخفاض في العدد والوظيفة، وينتج عن ذلك السمات النموذجية المرتبطة بالشيخوخة.


فوفقًا لدراسة جديدة أجراها باحثون في كلية الطب بجامعة ستانفورد، توصلوا إلى أن الخلايا البشرية القديمة يمكن أن تصبح أكثر شبابًا وقوة بعد حثها على تعبير- ولفترة وجيزة- مجموعة من البروتينات المشاركة في التطور الجيني والمستخدمة في صنع الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات، وقد يكون للنتائج آثار إيجابية على أبحاث الشيخوخة؛ حيث أنه يعيد العديد من السمات الجزيئية للشيخوخة مما يجعل تمييز الخلايا المعالجة عن نظيراتها الأصغر سنًا أمرًا صعبًا.


ووجد الباحثون أيضًا أن الفئران المسنة استعادت قوة الشباب بعد خضوع الخلايا الجذعية العضلية الموجودة لديها لعلاج البروتين المتجدد وزرعها مرة أخرى في أجسامها.


تستخدم البروتينات المعروفة باسم عوامل ياماناكا ( Yamanaka factors) بشكل شائع لتحويل الخلايا البالغة إلى خلايا جذعية مستحثة متعددة القدرات أو كما تسمى خلايا iPS. يمكن أن تصبح هذه الخلايا iPS تقريبًا أي نوع من الخلايا في الجسم بغض النظر عن الخلية التي نشأت منها.


على الرغم من تطور تكنولوجيا الخلايا الجذعية بسرعة كبيرة، حيث يتم نشر أكثر من 2000 ورقة بحثية جديدة حول الخلايا الجذعية الجنينية أو البالغة في مجلات علمية مرموقة كل عام.
كما يتدفق التمويل إلى هذا القطاع من أصحاب رؤوس الأموال والشركات الكبيرة؛ فمن المعروف أن السوق الحالي للعلاجات بالخلايا الجذعية ينمو بنسبة 36% سنويًا؛ ومن خلال كل هذه الموارد والمجاميع المتزايدة من ذوي الخبرة قد يتمكن العلماء والأطباء في العالم من تطوير علم الخلايا الجذعية لعلاج أكثر الأمراض صعوبة في العالم.


إلا أن العديد من الأسئلة لازلت تطرح نفسها باحثة عن إجابة؛ هل ستُوَفَر الخلايا الجذعية؟ وهل يجب أن استثمارهافي شركات التكنولوجيا الحيوية التي تطور تكنولوجيا الخلايا الجذعية؟ ما الذي يتوقعه الأطباء وأخصائيو الرعاية الصحية؛ وما هو تأثير علاج الخلايا الجذعية على صناعة الأدوية، وما هي تكلفتها؟ وأخيرًا؛ ماذا عن الحظر المفروض على أبحاث الخلايا الجذعية الجنينية في العديد من الدول؟

المصادر

m.globalchange

med.stanford.edu

weforum

للمزيد حول الخلايا الجذعية تابع مقال: لماذا لا تتجدد جميع أعضاء الجسم ؟

Exit mobile version