ما تأثير الأزمات العالمية في البورصة؟

هذه المقالة هي الجزء 10 من 10 في سلسلة مقدمة عن البورصة وكيفية الاستثمار فيها

تؤثر الأزمات الاقتصادية في سوق الأسهم بنفس الكيفية التي تؤثر بها سوق الأسهم في الاقتصاد. ينبغي فهم تقلبات الاقتصاد للخروج بأقل الخسائر. عندما ينزلق الاقتصاد نحو الركود، من الطبيعي أن يقلق المستثمرون حيال هبوط أسعار الأسهم وتأثير ذلك في محافظهم الاستثمارية. في الوقت عينه، قد تقرأ تقارير عن انخفاض أسعار الوحدات السكنية، وارتفاع أصوات البطالة، وربما تقلص الناتج الاقتصادي. ولكن ما علاقة البناء وتقلص الإنتاج بمحفظة أعمالك؟ وبغض النظر عن كل هذه المخاطر، كيف يؤثر الركود عليك بصفتك مستثمرًا؟

فكرة عامة حول دورة الأعمال

 تتعلق هذه الأعراض السابق ذكرها بجزء أكبرمن الصورة، بتلك القوة التي تحدد قوة الاقتصاد وتشير إلى ما إذا كنا في فترة ركود (Recession) أو توسع (Expansion). لفهم حالة الاقتصاد في وقت معين وكيف يؤثر ذلك في سوق الأسهم، سنستهل حديثنا بمفهوم دورة الأعمال (Business Cycle). تتكون دورة الأعمال من أربع فترات نشاط مختلفة، يمكن أن تستمر كل منها لأشهر أو لسنوات [1].

ما هي دورة الأعمال؟

تشير دورة الأعمال إلى التقلبات في النشاط الاقتصادي التي يمر بها الاقتصاد على مدى زمني محدد. يمكننا القول أنها كالمد والجزر في الاقتصاد.  في مرحلة الذروة، يتسم الاقتصاد بكونه صحيا وآخذا في النمو؛  وغالبًا ما تصل أسعار أسهم الشركات إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق. أما خلال مرحلة الركود في دورة الأعمال، ينخفض ​​الدخل وتتبعه العمالة؛ كما تنخفض أسعار الأسهم إذ تكافح الشركات للحفاظ على ربحيتها. تظهر علامة أن الاقتصاد قد دخل مرحلة الحضيض في ارتفاع أسعار الأسهم بعد انخفاض كبير.

١- الذروة  Peak

تحدث حين يكون الاقتصاد بكامل قوته. تكاد البطالة تنعدم، وينمو الناتج المحلي الإجمالي ويزدهر، ويرتفع دخل الفرد حتى يظن أنه لن يشقى بعدها أبدًا. ينعكس كل هذا النشاط الاقتصادي الإيجابي في أسعار الأسهم. إذ ترتفع أسعار الأسهم في شتى الشركات والصناعات إلى أعلى مستوى. وقد تزيد الشركات توزيعات الأرباح لإظهار الدعم للمستثمرين الذين ما فتئوا يشترون الأسهم ويزيدون رأس المال. ولأن السماء لا تمطر ذهبًا، ينتج تضخم (Inflation) وتميل الأسعار إلى الارتفاع. ومع ذلك، فإن معظم الشركات والعمال والمستثمرين يجدون خلاصهم في أوقات الازدهار.

 «كل ما ارتفع آيل إلى سقوط»

٢- الركود  Recession

بعد الانغماس في النمو، يأخذ الدخل إلى جانب العمالة في الانخفاض لأسباب يفنى دونها العادّون.  يمكن أن يكون حدثًا خارجيًا يؤدي إلى الهبوط، مثل احتلال لا قبل لنا به أو صدمة العرض عن طريق الزيادة المفاجئة للمعروض أو نقصانه، أو تصحيحات السوق المفاجئة (Corrections) لتعديل أسعار الأصول، أو انخفاض إنفاق المستهلك بسبب التضخم، ما قد يدفع الشركات إلى تسريح الموظفين. خلال فترة الركود، عادة ما تنخفض أسعار الأسهم. يمكن أن تكون الأسواق متقلبة إذ يتفاعل المستثمرون بسرعة مع أي تلميح بالصحف – سواء كان خبرًا جيدًا أو سيئًا – ويمكن أن يتسبب إيثار السلامة في قيام بعض المستثمرين بسحب أموالهم من سوق الأسهم بالكامل.

 ولأن شركات الأجور تدفع للعمال والأسعار التي يتقاضاها المستهلكون «غير مرنة» أو لا تتغير بتغير الظروف، فإن تقليص الرواتب استجابة شائعة.  يؤدي ارتفاع معدل البطالة إلى خفض الاستهلاكية وبالتالي خلق حلقة مفرغة من الانكماش الاقتصادي (Economic Contraction).  يُعرَّف الركود عمومًا على أنه ربعان متتاليان أو أكثر من الانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي. يعرّف المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية (NBER) الركود بأنه أيّ فترة يحدث فيها «انخفاض كبير في النشاط الاقتصادي يستشري في الاقتصاد كله ويستمر لأكثر من بضعة أشهر». وقد استخدموا مجموعة متنوعة من العوامل لصياغة التعريف مثل الناتج المحلي الإجمالي والتوظيف ومبيعات التجزئة والإنتاج الصناعي.

٣- الحضيض  Through

الحضيض جزء من دورة الأعمال. يتحقق إبان وصول الإنتاج والعمالة إلى أدنى مستوياتها قبل أن تبدأ في الارتفاع مرة أخرى.  في هذه المرحلة، تهدأ حركة الإنفاق والاستثمار على نحو ملحوظ، ما يفضي إلى انخفاض الأسعار والأجور. قد صعب إدراك المرحلة أثناء حدوثها، ولكن يمكن إدراكها بعد الوقوع. إنها النقطة التي ينتقل فيها النشاط التجاري من الانكماش إلى الانتعاش.  من علامات المرحلة – أو إنذار بدُنوها-، ارتفاع أسعار الأسهم بعد انخفاض. تضفي إعادة التوازن الاقتصادي تلك جاذبية على المشتريات في حالة المستهلكين والاستثمارات الجديدة – في العمالة والأصول – في حالة الشركات.

٤- الانتعاش والتوسع  Recovery and Expansion

يشرع الاقتصاد أثناء الانتعاش أو «التوسع» في النمو مرة أخرى، حيث ينفِق المستهلكين أكثر، وتزيد الشركات من إنتاجها، ما يؤدي إلى توظيف المزيد من العمال. كما تظهر المنافسة على العمالة، ما يرفع الأجور ويضع المزيد من الأموال في جيوب العمال والمستهلكين. يسمح ذلك للشركات بفرض مزيد من الرسوم على المنتجات، ما يؤدي إلى حدوث تضخم يبدأ منخفضًا وبطيئًا ولكنه قد يؤدي في النهاية إلى توقف النمو وبدء الدورة مرة أخرى عند ارتفاعه. ومع ذلك، على المدى البعيد، تميل معظم الاقتصادات إلى النمو، إذ تربو كل ذروة عن سابقتها.

لنضع النقاط على الحروف، لن تغني عنك دورة الأعمال شيئًا ما لم تستغلها لتحسين عوائد محفظتك. ما الذي يجب على المستثمر فعله خلال فترة الركود؟ تعتمد الإجابة  على أي نوع من المستثمرين أنت.

النوع الأول

يستفيد النوع الأول من الأزمات عن طريق البيع على المكشوف (Short Selling). ما يعني أنهم يكسبون المال عندما تنخفض أسعار الأسهم ويخسرون الأموال عند ارتفاعها.  يجب على المستثمرين المتمرسين فقط استخدام هذه الطريقة، نظرًا لمخاطرها. والأهم من ذلك هو أن الخسائر الناتجة عن البيع على المكشوف غير محدودة من الناحية النظرية إذ لا يوجد حد واضح لمدى ارتفاع قيمة السهم.

النوع الثاني

مَثل الركود عند جيل آخر من المستثمرين كمثل التخفيضات في محل البقالة المجاور لمنزلك. تُعرف هذه الطريقة باسم الاستثمار في القيمة (Value Investing). ينظر هؤلاء إلى انخفاض سعر السهم بصفته صفقة تنتظر تحصيلها، والمراهنة على أن الاقتصاد سيتحسن في نهاية المطاف. يستفيد المستثمرون في القيمة من الأسواق الهابطة في انتقاء أسهم عالية الجودة بسعر رخيص.

النوع الثالث

الذين يمر عليهم الركود خفيفًا وبلا تخبط.. يعرف المستثمر (تبعًا لإستراتيجية الشراء والاحتفاظ طويلة الأجل) أن المشكلات قصيرة الأجل مجرد صورة على الرسم البياني على مدى 20 إلى 30 عامًا. وأنه لا داعي للمبالغة.

كيف يتصرف المستثمر المبتدئ؟

قلما يمتلك أحدنا رفاهية استباق الزمن بعقود، أو قلبًا من حديد لئلا يحزن عند الخسارة.  الاستثمار في القيمة ليس متاحًا للجميع أيضًا، لأنه يتطلب بحثًا مكثفًا، بينما يتطلب البيع على المكشوف انضباطًا وصرامة أكثر من طريقة الشراء والاحتفاظ. بيت القصيد هو فهم موقفك واختيار الأسلوب الذي يناسبك .إذا شارفت على التقاعد مثلًا، فإن النهج طويل الأمد ليس مناسبًا لك بالتأكيد.  بدلًا من العيش تحت رحمة سوق الأوراق المالية، فكر في التنويع في أصول أخرى مثل سندات الخزينة وصناديق سوق المال وشهادات الإيداع (CDs).

دورة الأعمال غير منزهة عن الخطأ

غالَى واضع نموذج دورة الأعمال في التبسيط. إذ تواجه الاقتصادات أحيانًا ركودًا مزدوجًا. فقد يحدث ركود جديد عقب تعاف قصير. ولا تتمتع جميع الاقتصادات بمسار نمو طويل الأجل. العلاقات بين الإنفاق والأسعار والأجور والإنتاج الموصوفة أعلاه هي أيضًا أبسط من الواقع.  غالبًا ما يكون للحكومات يد في جميع مراحل الدورة.  يمكن أن يؤدي الإفراط في الضرائب أو التنظيم أو طباعة النقود إلى حدوث ركود. في حين أن التحفيز المالي والنقدي يمكن أن يحيل الاقتصاد المنكمش انتعاشًا. أي أن النتائج تخرج عن النص ويحدث انتعاش بدلًا من إعادة التوازن فحسب.

 قد تشعر عند قراءة الأخبار في إحدى فترات الركود بأن الساعة آتية. لكنّ فهم دورة الأعمال يوضح أن فترات الانكماش جزء طبيعي من كل اقتصاد فاعل. عندما يبدأ الاقتصاد في إظهار علامات الركود، يجدر بك وضع استراتيجية للتعامل مع المخاطر بناءً على وضعك المالي.

ما القطاعات التي لا تتأثر بالركود؟

تميل بعض القطاعات إلى الأداء بشكل أفضل من غيرها خلال فترة الركود. على سبيل المثال، عادةً ما تكون الأسهم الدفاعية – مثل السلع الاستهلاكية والرعاية الصحية – أقل تأثرًا بالانكماش الاقتصادي من الأسهم الدورية – مثل الطاقة والصناعة.  وذلك لأن المستهلكين لا يزالون بحاجة إلى شراء الطعام ودفع المال مقابل الرعاية الصحية حتى في الأوقات العصيبة.  قد لا يكونون قادرين على تحمل تكاليف الكماليات مثل السيارات الجديدة أو الإجازات، لكنهم ما زالوا بحاجة إلى الأساسيات.

تميل أسهم القيمة أيضًا إلى التفوق على أسهم النمو (Growth Stocks) خلال فترة الركود، لأن أسهم القيمة ( التي قيمتها في التداول أقل من قيمتها الفعلية) عادة ما تكون أرخص وبالتالي أكثر جاذبية للمستثمرين الباحثين عن صفقات جيدة. بالرغم من أن أسهم النمو أعلى تكلفة، يمكن أن تكون صفقة رابحة خلال فترة الانكماش الاقتصادي [2].

 في الختام، تعتمد كيفية تصرف الأسهم خلال فترة الركود على القطاع الذي تعمل فيه. تُصنف بعض القطاعات، مثل الرعاية الصحية والمرافق، على أنها دفاعية، لأنها توفر السلع والخدمات الأساسية التي لا يزال الناس بحاجة إليها حتى عندما تكون الظروف الاقتصادية غير مواتية. نتيجة لذلك، تميل هذه القطاعات إلى التفوق في الأداء على السوق خلال فترة الركود. تندرج القطاعات الأخرى، مثل الكماليات تحت التصنيف الدوري.  هذا لأنهم أكثر حساسية للتغيرات في الظروف الاقتصادية. يتمثل الحل في التنويع لأولئك الذين يرغبون في حماية محافظهم من الجانب السلبي المحتمل للانكماش الاقتصادي والذين يترقبون ثمار الانتعاش النهائي.

كيف يؤثر التضخم في سوق الأسهم؟

 لقد رأينا كيف يتسبب التضخم في قيام السلطات النقدية برفع أسعار الفائدة، تغير تلك الزيادة اتجاهات المستثمرين إذ يتركون الأسهم لصالح أدوات الدين، لأن نسبة المخاطرة إلى العائد قد تغيرت. لنفترض أن أدوات الدين قدمت في السابق عوائد بنسبة 6٪ سنويًا، والآن نقدم عائدًا قدره 8٪ سنويًا بسبب الزيادة في أسعار الفائدة. وبافتراض أن عوائد الأسهم ظلت ثابتة عند 15٪ ، فإن هذه البيانات تعني أن نسبة المخاطرة إلى العائد قد انخفضت من 2.5 مرة (15٪ / 6٪) إلى 1.9 مرة (15٪ / 8٪). ما يرجح كفة الاستثمار في أدوات الدين. إذ إن معدل العائد الذي تقدمه مقارنة بمخاطر الاستثمار جعلها خيارًا أفضل من الأسهم.

وعندما نستثمر المزيد من الأموال في أدوات مدرة للدخل الثابت مثل أدوات الدين، نظرًا لارتفاع أسعار الفائدة التي تقدمها، ينخفض ​​الطلب على الأصول ذات المخاطر العالية والتي يحتمل أن تكون ذات عائد مرتفع، مثل الأسهم. وهذا يؤثر سلباً على البورصة [3]. ومع ذلك، من المهم التأكد من أن صافي أسعار الفائدة الحقيقية (وهي العوائد المحققة على الاستثمار بعد احتساب الضرائب والتضخم) إيجابية. إذا كان التضخم أعلى من الفائدة المكتسبة، يجب ألا تستثمر في أدوات الدخل الثابت.

الخلاصة أن زيادة التضخم يزيد الفائدة على القروض، ما يجعل الاقتراض والإنفاق أكثر تكلفة على المؤسسات. مع زيادة تكلفة القروض، تزداد تكلفة رأس المال، الذي يعد بدوره مزيجًا من تكلفة حقوق الملكية والديون [4]. نتيجة لذلك، تنخفض قيمة التدفقات النقدية المتوقعة. وبما أن تقييم الأسهم (حساب قيمتها في نهاية فترة محاسبية معينة) يتم عن طريق خصم التدفقات النقدية المستقبلية، فإن ذلك سيؤدي إلى انخفاض في تقييم الأسهم وارتفاع معدل الخصم. وأخيرًا تصبح المؤسسات ذات المستويات الأعلى من الديون الأكثر شقاءً.

المصادر

  1. Investopedia
  2. Nasdaq
  3. Thrivent
  4. Forbes

10 معلومات يجب أن تعرفها عن ميكانيكا الكم

أحدثت نظرية الكم ثورة حقيقية في العلم، فأزاحت الستار عن العالم الغريب القابع خلف أبسط ظواهر حياتنا اليومية وصولاً لنشأة الكون، وبين كل ذلك؛ كانت عصب الثورة الرقمية في القرن العشرين. تدرس «ميكانيكا الكم-Quantum mechanics» سلوك المادة في المستوى دون الذري. وتهدف لتحديد خصائص الذرات ومكوناتها مثل الإلكترونات والبروتونات، بالإضافة إلى تفاعلات هذه الجسيمات مع الطيف الكهرومغناطيسي. [1] إليك أهم 10 معلومات عن ميكانيكا الكم والمبادئ التي تحكم هذا العالم الغريب.

1.تكميم الطاقة

أولى المعلومات عن ميكانيكا الكم تتلخص في وجود قواسماً مشتركةً بين ميكانيك الكم وحذائك، فكما تحتاج لمقاس يناسبك، كذلك الطاقة تكون في كميات محددة أو «quantas». أصغر الكميات «ثابت بلانك-Planck constant» وما تبقى مضاعفاته.

لفهم المبدأ السابق يمكننا تطبيقه على الضوء، فالضوء يُصدر بشكل قطع منفصلة محددة تدعى «الفوتونات-Photons». وبحسب المبدأ؛ لا يمكنك صنع نصف فوتون أو 64.4 فوتونات، يمكنك فقط صناعة أعداد صحيحة منه.

إلا أن الطاقة أهم بقليل من حذائك، فقد أحدث هذا الاكتشاف ثورة في الفيزياء الحديثة على يد «ماكس بلانك-Max Planck». كما حاز ألبرت أينشتاين على جائزة نوبل في الفيزياء لإثباته ذلك عام 1921. [2]

2. الطبيعة المثنوية

في عام 1906؛ حاز «ج.ج تومسون-J.J Thomson» جائزة نوبل لاكتشافه أن الالكترونات عبارة عن جسيمات، ثم جاء ابنه جورج عام 1937 ليثبت أن الالكترونات موجات. فأيهما صحيح؟

في عالم الكم كلاهما على حق، حيث يدعى هذا المبدأ «ازدواجية موجة-جسيم-wave-particle duality» ويعد حجر الزاوية في فيزياء الكم.

كما ينطبق على الالكترونات والضوء، فأحياناً نحتاج لاعتبار الضوء طيف كهرومغناطيسي، وفي أحيان أخرى يستحسن تصوره بشكل جسيمات الفوتونات. [3]

3. يمكن للأشياء أن تكون في مكانين في الوقت ذاته

تعد ازدواجية الموجة-الجسيم مثالاً على مبدأ «التراكب-superposition»، وهو تواجد الكم أو الشيء في مكانين أو حالتين في نفس اللحظة.

مثلاً؛ يتواجد الالكترون هنا وهناك في ذات الوقت، ولكننا عندما نرصده نجبره على اختيار مكان منها.

يمكننا تخيل الالكترون كمجموعة من الاحتمالات، يمكننا تلخيصها رياضياً ب«تابع الموجة-wave function». وقيامنا بالرصد ييدمر التابع وحالة التراكب ويجبر الالكترون على اختيار حالة من ضمن الاحتمالات الممكنة.

يمهد هذا المبدأ لتجربة «قطة شرودينغر-Schrödinger’s cat»، وهي قطة محبوسة في صندوق مغلق حيث مصيرها محكوم بأداة كمية ما. وبما أن الأداة توجد بحالتين مختلفتين لحين القيام بالرصد؛ فإن القطة حية وميتة في الوقت ذاته لحين قيامنا بذلك. [4]

4. قد تقودنا ميكانيكا الكم لأكوان متعددة

تتبع الفكرة السابقة (أن عملية الرصد تهدم التابع وتجبر الكم على اختيار حالة معينة) لتفسير «كوبنهاغن-Copenhagen» لفيزياء الكم، لكن ذلك ليس التفسير الوحيد، حيث يعتقد مؤيدو فكرة العوالم المتعددة أنه لا حاجة للاختيار!

بل أنه في لحظة القيام بعملية الرصد والقياس؛ ينقسم الواقع إلى نسختين: واحدة نرصد فيها الكم وقد اختار الحالة a، والثاني حيث يختار الحالة b.

وبالتالي يتكون الواقع من العديد من الطبقات المتشابكة، وعند رؤيته على المستويات الأكبر؛ تتفكك هذه الطبقات ويبدو كل منها عالماً يشكل كوناً من الأكوان المتعددة.[5]

5. تساعدنا في تحديد صفات النجوم

بيّن الفيزيائي الدنماركي «نيلز بور-Niels Bohr» أن مدارات الالكترونات داخل الذرات مكممة أيضاً، حيث تأتي في قياسات محددة تدعى مستويات الطاقة.

عندما ينتقل إلكترون من مستوى أعلى إلى أخفض؛ يطلق فوتوناً له طاقة مساوية لفرق الطاقة بين المدارين الذين انتقلهما الإلكترون، والعكس صحيح؛ يمتص الإلكترون فوتوناً ويستعمل طاقته ليقفز إلى مستوى طاقة أعلى.

يستعمل الفلكيون هذا التأثير دائماً، فيتمكنون من معرفة مكونات النجوم عن طريق تحليل ضوئهم إلى طيف يشبه قوس قزح وتحديد الألوان المفقودة.

وبما أن المواد الكيميائية المختلفة تمتلك مستويات طاقة متباعدة بشكل مختلف؛ يمكنهم تحديد مكونات الشمس والنجوم الأخرى بناءً على الألوان غير الموجودة. [5]

6. بدون ميكانيكا الكم لما سطعت الشمس!

تصنع الشمس طاقتها خلال عملية تدعى «الاندماج النووي-Nuclear fusion»، والتي تتم باندماج بروتونين معاً – الجسيم موجب الشحنة في الذرة-.

الآن قد تتساءل كيف لهما أن يلتصقا ببعضهما ولهما الشحنة نفسها، ألن يتنافرا؟

إذا ما درسناهما كجسيمين سيتنافران تماماً كما يتنافر قطبي المغناطيس المتشابهين. يسمي الفيزيائيون ذلك ب«حاجز كولوم-Coulomb barrier» وهو كالحائط الذي يحول بين البروتونين.

وعندها ستصطدم البروتونات في الحائط وتبتعد: لن يوجد اندماج نووي ولن يوجد ضوء شمس!

والآن لنعتبرهم موجات.

عندما تصل قمة الموجة للحائط تكون مقدمة الموجة قد عبرته بالفعل.

علم أن ارتفاع الموجة يمثل المكان المحتمل وجود البروتون فيه، وعلى رغم أن احتمالية وجوده في مقدمة الموجة ضئيلة؛ إلا أنها تتحقق أحياناً، وعندها يكون وكأن البروتون عبر خلال الحاجز وبالتالي يحدث الاندماج النووي. أما هذا التأثير فيعرف باسم «النفق الكمومي-Quantum tunneling».
[6]

7. توقف ميكانيكا الكم انهيار النجوم الميتة

خلال حياة النجم؛ يَبقى في حالة من «التوازن الهيدروستاتيكي-hydrostatic equilibrium»، وهو توازن بين الطاقة الناتجة عن الاندماج النووي والتي تتجه للخارج وطاقة الجاذبية المتجهة للداخل؛ مما يحافظ على شكل النجم ويمنعه من الانهيار.

إلا أنه في نهاية حياة النجم ينفذ وقوده ويتوقف الاندماج؛ فتربح الجاذبية جاعلةً النجم ينهار على نفسه.[7]

وكلما أصبح أصغر كلما انضغطت المادة أكثر، وهنا يأتي دور «مبدأ باولي في الاستبعاد-Pauli exclusion principle»؛ أحد مبادئ ميكانيكا الكم الذي يمنع بعض الجسيمات كالإلكترونات من التواجد في نفس الحالة الكمية.

وبينما تحاول الجاذبية القيام بذلك، تواجه مقاومة يدعوها الفلكيون «ضغط تنكس الإلكترون-Electron degeneracy pressure»، فيتوقف الانهيار ويتشكل جسم جديد بحجم الأرض يدعى «قزم أبيض-White dwarf».
[8] 

8. تسبب تبخر الثقوب السوداء

يعد «مبدأ الريبة لهايزنبيرغ-Heisenberg uncertainty principle» أحد أهم مبادئ ميكانيك الكم، وينص على استحالة تحديد خاصّيتين لنظام ما بشكل دقيق بنفس الوقت: كلما عرفنا أحدها بدقة أكبر، كلما كان من الأصعب تحديد الخاصية الثانية.

ينطبق ذلك على سرعة الجسيم وموقعه، أو طاقته والزمن.

الأمر أشبه بأخذ قرض مالي، يمكنك اقتراض مبلغ كبير من المال لفترة زمنية قصيرة، أو اقتراض مبلغ صغير لمدة أطول، وليس الاثنين معاً!

يقودنا ذلك إلى فكرة الجسيمات الافتراضية، إذا اقتُرٍضت طاقة كافية من الطبيعة؛ يمكن لها أن تولد زوجين من الجسيمات الافتراضية في الفراغ بشكل (جسيم-مضاد جسيم)، ثم يختفيان بسرعة حتى لا يتخلفان عن سداد القرض؛ في عملية تسمى «الإفناء-Annihilation».

نعم، الفراغ الكمي ليس فارغاً تماماً!

افترض «ستيفن هوكينج-Stephen Hawking» حدوث هذه التذبذبات قرب حدود ثقب أسود ما: سيبتلع الثقب الأسود أحد الجسيمين، بينما سيستطيع الآخر الهرب من الثقب على شكل «إشعاع هوكينج-Hawking Radiation».

وبمرور الوقت، يتقلص الثقب الأسود وكأنه يتبخر! لأنه لا يسدد القرض كاملاً. [9]

9. تفسر ميكانيكا الكم بنية الكون على النطاق الكبير

إن «الانفجار العظيم-Big bang» أحد أفضل نظرياتنا عن نشأة الكون، وقد عُدل في الثمانينات ليتضمن نظرية أخرى تدعى «التضخم-Inflation».

تنص نظرية التضخم على انتفاخ الكون وصولاً لحجم حبة عنب؛ ذلك بعد ما كان أصغر من ذرة، وذلك في أول تريليون من تريليون تريليون جزء من الثانية، أي أن حجمه تضاعف حوالي 1078 مرة.

لاستيعاب ذلك؛ تخيل تكبير خلية دم حمراء بنفس المقدار، سيتجاوز حجمها الكون المنظور بأكمله!

وبما أنه كان أصغر من ذرة؛ فمن المرجح أن تذبذبات كمية مرتبطة بمبدأ هايزنبيرغ للريبة قد حكمت الكون في ذلك الوقت. والتضخم سبب نمو الكون بسرعة كبيرة؛ فلم يتثن لهذه التذبذبات الكمية أن تختفي، مما أدى لتركيز الطاقة أ:ثير في بعض الأماكن.

يعتقد الفلكيون أن ذلك كان بمثابة بذور تجمعت حولها المادة مشكلةً المجرات والعناقيد المجرية التي نرصدها اليوم. [5]

10. عالم من الأشباح!

إلى جانب إثباته تكميم الضوء؛ كذلك اعتقد أينشتاين بوجود تأثير ” شبحي عن بعد”. وهذا التأثير الشبحي هو آخر العشر معلومات عن ميكانيكا الكم في هذا الموضوع. نعرف اليوم ذلك ب«التشابك الكمي-Quantum entanglement»، ولكننا حتى الآن نجهل حقيقة ما يحدث فيه!

لنقل أننا أحضرنا زوجاً من الجسيمات بحيث تكون حالتها الكمية مرتبطة  أو “متشابكة”، أحدها في الحالة a والآخر في الحالة b: متعاكسين تماماً. فإذا كان أحدهما أزرق، يكون الثاني أحمر وهكذا.

وبحسب مبدأ باولي بالاستبعاد؛ يستحيل أن يكون لهما نفس الحالة الكمية، وعندها إذا قمنا بتغيير الجسيم الأزرق وجعلناه أحمراً مثلاً، سيتغير الآخر فوراً ليصبح معاكسه الأزرق من جديد.

في التشابك الكمي سيحدث ذلك حتى ولو وضعنا كل جسيم في جانب من الكون، وكأن معلومات التغيير الذي قمنا به قد سافرت أسرع من الضوء! [10]

قد لا نفهم ميكانيكا الكم بشكل كامل، ولكننا متيقنون من غرابتها أولاً وعظمتها ثانياً. شاركنا معلومات أخرى عن ميكانيكا الكم في التعليقات.

المصادر

[1] Britannica
[2] space
[3] Cornell university
[4] joint quantum institute
[5] space
[6] Harvard
[7] science direct
[8] university of Chicago
[9] nature
[10] nature

Exit mobile version