شرح مبسط لجائزة نوبل في الفيزياء 2022 وسبب الفوز بها

باستخدام التجارب الرائدة، أظهر كلا من آلان أسبكت وجون كلاوزر وأنتون زيلينجر، الحائزين على جائزة نوبل في الفيزياء 2022، إمكانية التحقيق والتحكم في الجسيمات الموجودة في حالات التشابك. حيث ما يحدث لجسيم واحد في زوج متشابك يحدد ما يحدث للآخر حتى لو كان أحدهما بعيدًا عن الآخر على نحو كبير جدًا. فما طوره العلماء الحائزين على نوبل في الفيزياء 2022 للأدوات التجريبية بمثابة الأساس لعصر جديد من تكنولوجيا الكم.

قوة التشابك الكمي هو سر نوبل في الفيزياء 2022

لا تمثل ميكانيكا الكم مجرد نظرية أو قضية فلسفية! بل هناك بحث وتطوير مكثف للاستفادة من الخصائص الخاصة بأنظمة الجسيمات الفردية. كل ذلك يصب في مصلحة بناء حواسيب كمية وتحسين القياسات وبناء شبكات كمية وإنشاء اتصال آمن مُشفر كميًا. وتعتمد الكثير من التطبيقات على تقنية الكم، إذ تسمح لجسيمين أو أكثر بالوجود في حالة متشابكة وذلك بغض النظر عن مدى تباعد كلا منهما عن الآخر. يُعرف ذلك باسم «التشابك-Entanglement» والذي أثار جدل واسع في ميكانيكا الكم منذ أن صيغت النظرية.

تحدث ألبرت أينشتاين عن تلك الحركة الخفية عن بُعد. كما قال إروين شرودنجر إنها أهم سمة لميكانيكا الكم. وهذا العام استكشف الفائزون بجائزة نوبل في الفيزياء 2022 هذه الحالات الكمية المتشابكة. ووضعت تجاربهم الأساس للثورة القائمة حاليًا في تكنولوجيا الكم.

ما هو التشابك الكمي؟

حين يتشابك جسيمان كميًا، يمكن للشخص الذي يقيس خاصية لجسيم واحد أن يحدد على الفور نتيجة قياس مكافئ للجسيم الآخر. يحدث الأمر دون الحاجة إلى التحقق، فهو مضمون. وقد يكون ذلك عجيب على مسامعك بالبداية! لكن إذا فكرنا في الكرات بدلاً من الجسيمات. فيمكننا تخيل تجربة يتم فيها إرسال كرة سوداء في اتجاه ما وكرة بيضاء في الاتجاه المعاكس. ويمكن للمراقب الذي يمسك كرة ويرى أنها بيضاء أن يعرف على الفور أن الكرة التي تحركت في الاتجاه الآخر سوداء.

فما يجعل ميكانيكا الكم مميزة هو أن مكافئتها للكرات ليس لها حالات محددة حتى يتم قياسها. قد يبدو الأمر كما لو أن كلتا الكرتين ذو لون رمادي، حتى ينظر شخص ما إلى أخر. بعد ذلك، يمكن أن يأخذ بشكل عشوائي كل الأسود الذي يمكن لزوج الكرات الوصول إليه أو يمكن أن يظهر أنه أبيض. فتتحول الكرة الأخرى على الفور إلى اللون المعاكس.

ولكن كيف يمكن معرفة أن الكرات لم يكن لها لون محدد من البداية؟ حتى لو بدت رمادية اللون، فربما كانت تحتوي على ملصق مخفي بالداخل. يشير إلى اللون الذي يجب أن تصبح عليه عندما ينظر إليها شخص ما.

هل هناك لون ما من الأساس في حالة غياب المراقبة؟

كي نفهم الأمر، يمكن مقارنة الأزواج المتشابكة لميكانيكا الكم بآلة ترمي كرات ذات ألوان متناقضة في اتجاهات متعاكسة نحو طفلين وهما بوب وأليس. وعندما يمسك “بوب” الكرة ويرى أنها سوداء، يعرف على الفور أن “أليس” قد التقطت كرة بيضاء.

نظريًا، عند استخدام المتغيرات الخفية بدلًا من الألوان المحددة من البداية، بدا أن الكرات تحتوي دائمًا على معلومات خفية حول اللون الذي يجب إظهاره لبوب أو أليس. وعلى الرغم من ذلك، تقول ميكانيكا الكم أن الكرات كانت رمادية اللون بشكل ما، إلى أن نظر إليها أحدهما. وعندما تحولت إحداهما إلى اللون الأبيض بنظر أليس إليها، أصبحت الأخرى سوداء. وتفترض مبرهنة بيل لعدم التساوي أن هناك تجارب يمكن أن تفرق بين هذه الحالات. ولكن ما سنراه لاحقًا، أن تلك التجارب أثبتت أن وصف ميكانيكا الكم هو الصحيح وليس مبرهنة بيل.

المتغيرات الخفية وميكانيكا الكم

سبب منح جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2022

يُعدّ جزء مهم مما تمت مكافأة العلماء الثلاثة عليه بجائزة نوبل في الفيزياء لعام 2022 هو الإطاحة بمبرهنة عدم التساوي لبيل. إذ تسمح مبرهنة عدم التساوي لبيل بإمكانية التفريق بين “اللا تحديد المسبق للجسيمات في ميكانيكا الكم” من جهة و”الوصف البديل باستخدام تعليمات سرية أو متغيرات خفية” من جهة أخرى. حيث أظهرت التجارب أن الطبيعة تتصرف كما تنبأت ميكانيكا الكم وليس كما توضح المبرهنة. فالكرات رمادية اللون، وبدون معلومات سرية، والمصادفة وحدها هي التي تحدد اللون الأسود والأبيض في التجربة. أي أنه لا توجد حالة أساسية محددة للون الكرات قبل إطلاقها!

طرق جديدة من خلال الحالات الكمية

يمكننا من خلال الحالات الكمية المتشابكة إيجاد طرق جديدة لتخزين المعلومات ونقلها ومعالجتها. وتحدث أشياء مثيرة للاهتمام إذا كانت الجسيمات في زوج متشابك وتتحرك في اتجاهين متعاكسين. فإذا التقى أحدهما بجسيم ثالث بطريقه تصبح متشابكة معهم. ثم يدخلون مع بعضهم في حالة مشتركة جديدة. فيفقد الجسيم الثالث هويته، لكن خصائصه الأصلية انتقلت الآن إلى الجسيم المنفرد من الزوج الأصلي.

هذه الطريقة لنقل حالة كمية غير معروفة من جسيم إلى آخر تسمى النقل الآني الكمي. كان هذا النوع من التجارب أجراه أنتون زيلينجر وزملاؤه في عام 1997. ومن اللافت للنظر أن النقل الآني الكمي هو الطريقة الوحيدة لنقل المعلومات الكمية من نظام لآخر دون أن يفقد أي جزء منها. حيث من المستحيل تمامًا قياس جميع خصائص النظام الكمي ثم إرسال المعلومات إلى المستلم الذي يريد إعادة بناء النظام. وذلك لأن النظام الكمي يمكن أن يحتوي على عدة نسخ من كل خاصية في وقت واحد، حيث يكون لكل نسخة احتمالية معينة للظهور أثناء القياس. وبمجرد إجراء القياس، تبقى نسخة واحدة فقط، وهي النسخة الذي قرأتها أداة قياس. لقد اختفى الآخرون ومن المستحيل معرفة أي شيء عنهم. وعلى الرغم من ذلك، يمكن نقل الخصائص الكمية غير المعروفة تمامًا باستخدام النقل الآني الكمي وتظهر سليمة وكاملة دون فقدان في جسيم آخر، مع ملاحظة أنها تُدمر في الجسيم الأصلي.

هل أمكننا تطبيق الانتقال الآني عمليًا؟

بمجرد عرض الانتقال الآني بشكل تجريبي، كانت الخطوة التالية هي استخدام زوجين من الجسيمات المتشابكة. فإذا تم تجميع جسيم واحد من كل زوج معًا بطريقة معينة، فيمكن للجسيمات غير المضطربة في كل زوج أن تتشابك على الرغم من عدم ملامستها أبدًا لبعضها البعض. تم توضيح تبادل التشابك هذا لأول مرة في عام 1998 من قبل مجموعة أنتون زيلينجر البحثية.

تمكن الفريق من إرسال أزواج الفوتونات المتشابكة وجزيئات الضوء في اتجاهين متعاكسين من خلال الألياف الضوئية لتعمل كإشارات في شبكة كمية. ويتيح التشابك بين الزوج من تمديد المسافات في مثل هذه الشبكة. فهناك حد للمسافة التي يمكن أن ترسل فيها الفوتونات عبر الألياف الضوئية قبل امتصاصها أو فقدان خصائصها. كما يمكن تضخيم الإشارات الضوئية العادية. لكن هذا لم يحدث مع الأزواج المتشابكة. إذ يجب على المضخم أن يلتقط ويقيس الضوء الذي يكسر التشابك. ومع ذلك، فإن تبادل التشابك يعني أنه من الممكن إرسال الحالة الأصلية إلى أبعد من ذلك، وبالتالي نقلها عبر مسافات أطول مما كان ممكنًا.

أجسام تتشابك دون اتصال!

ينبعث زوجان من الجسيمات المتشابكة من مصادر مختلفة. حيث يتم تجميع جسيم واحد من كل زوج معًا بطريقة خاصة تجعلهم متشابكين مع بعضهم البعض، ثم يتشابك الجسيمان الآخران (مثل 1 و 4 في الرسم التخطيطي) أيضًا. على هذا النحو، يمكن أن يتشابك جسيمان لم يكونا على اتصال مطلقًا.

من التناقض إلى اللا مساواة

أينشتاين أخطأ

نحن نسلم بأنه لا يمكن أن يتأثر شيء ما بحدث يقع في مكان آخر دون أن تصل إليه أي إشارة أولًا؟ كما لا يمكن للإشارة أن تنتقل أسرع من الضوء. هذا المبدأ، الذي يسميه الفيزيائيون بالمحلية، كان يُنظر إليه منذ فترة طويلة على أنه افتراض أساسي حول قوانين الفيزياء. لكن ميكانيكا الكم دائمًا مبهرة وعجيبة! فقال ألبرت أينشتاين أن ميكانيكا الكم تسمح “بعمل مخيف عن بعد” -وهو التشابك الكمي-، على حد تعبير أينشتاين. في ميكانيكا الكم، لا يبدو أن هناك حاجة لإشارة لتوصيل الأجزاء المختلفة لنظام ما. حيث أن التشابك الكمي كسر تصور لازمية وجود إشارة وأن تكون أسرع من الضوء، لإنه بالفعل يحدث بسرعة كبيرة. وهذا التناقض مع المحلية محير بالنسبة لإينشتاين وغيره، نظرًا لعدم معرفة ماهية هذا التشابك.

قدم أينشتاين وزملائه منطقهم في عام 1935، بأنه لا يبدو أن ميكانيكا الكم تقدم وصفًا كاملاً للواقع. وذلك أصبح يسمى بمفارقة EPR -الاسم من عدد الأحرف الأولى من أسماء الباحثين-. كما وضحوا أن هناك «متغيرات خفية محلية-local hidden variables».

ما هي المتغييرات الخفية؟

لنفرض أن لديك زوج من الإلكترونات والذي إجمالي دورانهما يساوي صفر وذلك يعني أنه عند قياس دوران أي منهم على طول محور معين سيؤول لنتائج معاكسه للآخر، نظرًا لدورانهما عكس بعضهم البعض. وعلى الرغم من أن الدوران الكلي له قيمة محددة لكن الدوران الفردي لكل إلكترون غير محدد.

الآن لنفرض أنك فصلت هذه الإلكترونات المتشابكة ونقلتها إلى مختبرات بعيدة عن بعضها وأن فرقًا من العلماء في هذه المختبرات يمكنها إجراء قياسات الدوران. فعندما يقيس كلا الفريقين على طول نفس المحور، فإنهما يحصلان على نتائج معاكسة بنسبة 100٪ أيضًا.

يقترح أينشتاين أنه يمكن أن يأتي كل زوج من الإلكترونات مع مجموعة مرتبطة من “المتغيرات الخفية” -كما وضحنا- التي تحدد دوران الجسيمات على طول جميع المحاور في وقت واحد. لكن هذه المتغيرات الخفية غائبة عن الوصف الكمي للحالة المتشابكة، حيث يمكن للمتغيرات الخفية أن تفسر لماذا تؤدي قياسات المحور نفسه دائمًا إلى نتائج معاكسة دون أي انتهاك للمحلية -والمحلية توضح أنه لا يوجد شيء أسرع من الضوء-، قياس إلكترون واحد لا يؤثر على الآخر ولكنه يكشف فقط عن القيمة الموجودة مسبقًا لمتغير خفي.

بيل يستبعد المتغييرات الخفية

أثبت الفيزيائي جون بيل أنه يمكن استبعاد المتغيرات الخفية المحلية أي استبعاد الموقع تمامًا، عن طريق قياس دوران الجسيمات المتشابكة على طول محاور مختلفة. إذ أنه أليس من الممكن أن يكون السبب في النتائج المعاكسة دائمًا هم الأشخاص ذاتهم، ففي المثال السابق علماء المختبر هم المتحكمين في الدوران وقد يتفقوا على قياسات معينة. كما وضح اختلاف عالم الكم عن العالم الكلاسيكي، وأن ميكانيكا الكم غير متوافقة مع المتغييرات الخفية المحلية، لإن التشابك الكمي كسر مبدأ المحلية في العالم الكلاسيكي. ووضح كل ما ذكرناه من خلال مبرهنته عدم التساوي أو عدم المساواة والتي تبيّن أن جميع النظريات ذات المتغيرات الخفية، يكون الارتباط بين نتائج القياسات أقل من قيمة معينة أو مساوي لها على الأكثر. وهذا ما يسمى عدم التساوي لبيل. وعلى الرغم من ذلك، يمكن لميكانيكا الكم أن تنتهك المبرهنة والتنبؤ بقيم أعلى للارتباط بين النتائج مما هو ممكن من خلال المتغيرات الخفية.

تجارب لاختبار عدم التساوي لبيل

أصبح جون كلاوزر مهتمًا بأساسيات ميكانيكا الكم عندما كان طالبًا في الستينيات، ولم يستطع التخلص من فكرة جون بيل بمجرد أن قرأ عنها. في نهاية المطاف، تمكن هو وباحثين آخرين من تقديم اقتراح لنوع واقعي من التجارب يمكن استخدامه لاختبار عدم التساوي لبيل.

تتضمن التجربة إرسال زوج من الجسيمات المتشابكة في اتجاهين متعاكسين. في الممارسة العملية، يتم استخدام الفوتونات التي لها خاصية تسمى الاستقطاب. فعندما تنبعث الجسيمات، يكون اتجاه الاستقطاب غير محدد، وكل ما هو مؤكد هو أن للجسيمات استقطاب متوازي.

يمكن التحقق من ذلك باستخدام مرشح يسمح بالاستقطاب الموجه في اتجاه معين. هذا هو التأثير المستخدم في العديد من النظارات الشمسية، والذي يحجب الضوء الذي تم استقطابه في مستوى معين.

إذا تم إرسال كلا الجسيمين في التجربة نحو المرشحات التي يتم توجيهها في نفس المستوى على نحو عمودي، وانزلق أحدهما عندئذٍ سيمر الآخر أيضًا. إذا كانوا في زوايا قائمة لبعضهم البعض، فسيتم إيقاف أحدهم بينما يمر الآخر. الحيلة هي القياس باستخدام المرشحات الموضوعة في اتجاهات مختلفة بزوايا منحرفة، إذ يمكن أن تختلف النتائج بعد ذلك. فمثلًا، أحيانًا ينزلق كلاهما وأحيانًا واحدًا فقط وأحيانًا لا شيء. يعتمد عدد المرات التي يمر فيها كلا الجسيمين عبر المرشح على الزاوية بين المرشحات.

فتؤدي ميكانيكا الكم إلى ارتباط بين القياسات. تعتمد احتمالية الحصول على جسيم واحد على زاوية المرشح، التي اختبرت استقطاب شريكه على الجانب الآخر من الإعداد التجريبي. هذا يعني أن نتائج كلا القياسين في بعض الزوايا، تنتهك تساوي بيل ولها ارتباط أقوى مما لو كانت النتائج محكومة بمتغيرات خفية وتم تحديدها مسبقًا عند انبعاث الجسيمات.

انتهاك عدم التساوي

بدأ جون كلاوزر على الفور العمل على إجراء هذه التجربة. قام ببناء جهاز يُصدر فوتونين متشابكين في وقت واحد، وكل منهما باتجاه مرشح يختبر استقطابهما. في عام 1972، مع طالب الدكتوراه ستيوارت فريدمان (1944-2012)، كان قادرًا على إظهار نتيجة تمثل انتهاكًا واضحًا لعدم التساوي لبيل واتفق مع تنبؤات ميكانيكا الكم.

في السنوات اللاحقة، واصل جون كلاوزر وغيره من الفيزيائيين مناقشة التجربة وحدودها. كان أحدها أن التجربة كانت عمومًا غير صحيحة. حيث تم أيضًا ضبط القياس مسبقًا مع وجود المرشحات عند زوايا ثابتة. لذلك كانت هناك ثغرات، حيث يمكن للمراقب أن يشكك في النتائج وأنه ماذا لو الإعداد التجريبي بطريقة ما اختار الجسيمات التي تصادف أن يكون لها ارتباط قوي ولم تكتشف الجسيمات الأخرى؟ إذا كان الأمر كذلك، فقد لا تزال الجسيمات تحمل معلومات خفية.

كان القضاء على هذه الثغرة بالذات أمرًا غاية في الصعوبة. لأن الحالات الكمية المتشابكة هشة للغاية ويصعب إدارتها، ومن الضروري التعامل مع الفوتونات الفردية. بعدها قام طالب الدكتوراه الفرنسي آلان أسبكت ببناء نسخة جديدة من الإعداد قام بتحريرها على عدة تكرارات. في تجربته، تمكن من تسجيل الفوتونات التي مرت عبر المرشح وتلك التي لم تمر. هذا يعني أنه تم اكتشاف المزيد من الفوتونات وكانت القياسات أفضل.

في النهاية، كان قادرًا أيضًا على توجيه الفوتونات نحو مرشحين مختلفين تم ضبطهما في زوايا مختلفة. تمثلت البراعة في الآلية التي غيرت اتجاه الفوتونات المتشابكة بعد تكوينها وانبعاثها من مصدرها. كانت المرشحات على بعد ستة أمتار فقط، لذا يجب أن يحدث التبديل في بضعة أجزاء من المليار من الثانية. إذا كانت المعلومات حول أي فوتون سيصل إليه، أثرت في كيفية انبعاثه من المصدر، فلن تصل إلى هذا المرشح. ولا يمكن أن تصل المعلومات المتعلقة بالمرشحات الموجودة على جانب واحد من التجربة إلى الجانب الآخر وتؤثر على نتيجة القياس هناك.

بهذه الطريقة، أغلق آلان أسبكت ثغرة مهمة وقدم نتيجة واضحة جدًا، وهي أن ميكانيكا الكم صحيحة ولا توجد متغيرات خفية.

شرح لتجارب كلا من جون كلوزر وآلان أسبكت وأنتون زيلينجر بالرسوم

  • استخدم جون كلاوزر ذرات الكالسيوم التي يمكن أن تصدر فوتونات متشابكة بعد أن أضاءها بضوء خاص. أقام مرشحًا على كلا الجانبين لقياس استقطاب الفوتونات، وبعد سلسلة من القياسات، كان قادرًا على إظهار أنها انتهكت عدم التساوي لبيل.
تجربة جون كلاوزر
  • طور آلان أسبكت هذه التجربة، باستخدام طريقة جديدة لإثارة الذرات بحيث تنبعث منها فوتونات متشابكة بمعدل أعلى. يمكنه أيضًا التبديل بين الإعدادات المختلفة، لذلك لن يحتوي النظام على أي معلومات مسبقة يمكن أن تؤثر على النتائج.
تجربة آلان أسبكت
  • أجرى أنتون زيلينجر في وقت لاحق المزيد من الاختبارات حول عدم التساوي لبيل. حيث قام بإنشاء أزواج متشابكة من الفوتونات عن طريق تسليط ليزر على بلورة خاصة. واستخدم أرقامًا عشوائية للتبديل بين إعدادات القياس. استخدمت إحدى التجارب إشارات من مجرات بعيدة للتحكم في المرشحات والتأكد من أن الإشارات لا يمكن أن تؤثر على بعضها البعض.
تجربة أنتون زيلينجر

في النهاية

وضعت هذه التجارب والتجارب المماثلة التي سبقتها الأساس للبحث المكثف الحالي في علم المعلومات الكمي. حيث تتيح لنا القدرة على معالجة الحالات الكمية وإدارتها والوصول إلى أدوات ذات إمكانات غير متوقعة. هذا هو أساس الحساب الكمي ونقل وتخزين المعلومات الكمية وخوارزميات التشفير الكمي. الأنظمة التي تحتوي على أكثر من جسيمين وكلها متشابكة وقيد الاستخدام الآن، وكان أنتون زيلينجر وزملاؤه أول من استكشفها.

فتعمل هذه الأدوات المحسنة بشكل متزايد على تقريب التطبيقات الواقعية من أي وقت مضى. حيث تم الآن إظهار حالات الكم المتشابكة بين الفوتونات التي تم إرسالها عبر عشرات الكيلومترات من الألياف الضوئية وبين قمر صناعي ومحطة على الأرض.

يمكنك أيضًا قراءة: ما هو الانتقال الآني الكمي؟

المصدر: موقع جائزة نوبل.

ما هو الانتقال الآني الكمي؟

انتهيت من عملك أخيرا بعد يوم طويل ومرهق وتتمنى الآن أن تنقلك آلة إلى سريرك مباشرة بدلًا من المشي أو استعمال المواصلات المزدحمة؟

ذُكر أول جهاز للانتقال عن بعد في كتاب إدوارد بيج ميتشل «The Man Without a Body» والذي نُشر في صحيفة «The Sun» في عام 1877 وهي صحيفة تنشر يوميًا في نيويورك. حيث أشار الكاتب إلى ما يسمى «الانتقال الآني» لكن باسم آخر«نقل المادة» وكان ذلك بعد ثلاث سنوات من كتابة «إتش جي ويلز» عن «Techypomp». وهو جهاز مصمم للسفر بسرعة لانهائية ولكن هذا ليس مفهوم الانتقال الآني بالتحديد.

إذ ظهر الانتقال الآني لأول مرة كطريقة للقفز من كوكب إلى آخر في محاكاة ساخرة للكاتب «فريد تي جين» عام 1897. وظهرت عبارة الانتقال عن بعد في كتابات «تشارز فورت» كذلك، فقد اقترح أن النقل الآني هو طريقة لتفسير ظهور بعض الأشياء في أماكن فجأة واختفائها المفاجئ أيضًا.

ذلك ما يحدث في الخيال العلمي، لكن ما رأي العلم بذلك؟ في هذا المقال سنتحدث عن الانتقال الآني الكمي. ما هو بالتحديد؟ وكيف يحدث؟ وما دوره؟

ما هو الانتقال الآني الكمي؟

ربما عرفنا النقل الآني في أفلام الخيال العلمي، لكننا نتحدث الآن عن نقل المعلومات عن بعد، إذ يستخدم في التشفير الكمي لضمان أمن الاتصالات. لكن كيف بإمكانك نقل معلومة بين شخصين دون إرسالها عبر شيء مثل كابل الألياف البصرية! هذه هي روعة الفيزياء الكمية وهذا ما سنعرفه في السطور التالية. [1]ىن

يوجد عدة أنواع من الانتقال الآني لكن النوع الذي نتحدث عنه في هذا المقال هو الانتقال الآني الكمي الذي يعد تطبيقًا للتشابك الكمي. فالتشابك الكمي ببساطة يعتمد على تحديد أحد الحالات التي تحدد في الوقت نفسه الحالة الأخرى كذلك.

فبعد أن طلب «أليكس» شطيرة برغر ودجاجا مشويا وصله طلبه في صندوقين مغلقين، لن يعرف «أليكس» في أي صندوق يقبع الدجاج والشيطرة إلا عند فتح أحدهما. فإذا فتح صندوق ووجده يحتوي على الدجاج المشوي فالآخر بالتأكيد يحتوي على الشطيرة والعكس صحيح.

الأمر نفسه ينطبق على الجسيمات الكمية؛ إذا كان لديك جسيمان متشابكان، فإن معرفة حالة أحدهما ستبين حالة الآخر بغض النظر عن المسافة بينهما.

هكذا يمكننا استخدام التشابك كطريقة للانتقال الآني. يستمر تشابك الفوتونات حتى بعد فصلها، وفي حال تغير أحدها فإن الفوتون الآخر الذي يوجد في موقع آخر يتغير أيضا.[2]

فإذا أخذنا جسيمين وشابكناهما وأرسلنا أحدهما إلى القمر، يمكننا الاستعانة بالتشابك الكمي لنقل معلومات من خلالهما. فالأمر يتعلق فقط بالجسم الذي تريد نقله عن بعد، والذي يرسل المعلومات إلى الجسيم المتشابك الآخر على القمر. عزيزي القارئ، رغم هذا، من غير المحتمل أن يحدث النقل الآني للأشياء الكبيرة أو الأشخاص، أو إبقاء الجسيمات متشابكة لفترة طويلة رغم بعد المسافة. ذلك لم يحدث حتى الآن، وكل ما قام به العلماء هو نقل العديد من الإلكترونات والفوتونات وحتى الجزيئات لعشرات الأميال. فمحاولات العلماء تركز على نقل جسيم واحد وليس مليارات المليارات من الجسيمات التي تشكل الإنسان.[2]

كيف تنقل جزيئا ما عن بعد؟

لنعد مرة أخرى إلى الجسيمين المتشابكين، إذا تفاعل جسيم ثالث مع أول جسيم متشابك فإن التغير الذي سيحدث في الجسيم المتشابك سيلاحظ في توأمه الذي سيأخذ معلومات الجسيم الثالث ووجوده بفعالية.

لكن استحال إنشاء رابط بعيد المدى بين أي جسيمين متشابكين لأن سفر الفوتون المتشابك لا يمكنه قطع مسافات بعيدة كما وضحنا.

لطالما رأى الباحثون الإلكترونيون إمكانية الارتباط بقمر صناعي ما، لأن الفوتونات يمكن أن تنتقل بسهولة كبيرة عبر الفضاء. لكن الصعوبة تكمن في نقلها عبر الغلاف الجوي للأرض إضافة إلى الظروف الجوية المتغيرة التي قد تؤدي إلى انحراف الجسيمات. لكن هناك محاولات ناجحة بالفعل!

  • فقد قام فريق صيني بإنشاء 4000 زوج من الفوتونات المتشابكة كميًا في الثانية وأطلقوا كل زوج من الفوتونات في شعاع من الضوء باتجاه قمر صناعي يسمى «ميسيوس-Micius» -على اسم فيلسوف صيني قديم-. مما مكن مسيوس من اكتشاف الحالات الكمية للفوتونات المفردة التي سنبعثها من كوكبنا، وكان ذلك إنجازًا كبيرا كسر حاجز المسافات البعيدة التي كان من الصعب تحقيقها.[3]
  • مؤخرًا كذلك، حقق فريق في ناسا ولأول مرة نقلا آنيًا كميًا مستدامًأ لكيوبتات وعلى مدى بعيد. إضافة إلى الدقة التى وصلت لأكثر من 90٪ وعلى بعد 44 كيلومترًا عبر ألياف ضوئية باستخدام أحدث الأجهزة للكشف عن الفوتون الفردي. صرح الفريق بأن الإنترنت الكمي قابل للتطبيق ومن شأنه أن يدخلنا عصرا جديدا من الاتصالات.[4]

ما الهدف من الانتقال الآني؟

إن الهدف الرئيس من النقل الآني الكمي في وقتنا هو إنشاء شبكات اتصالات غير قابلة للاختراق. ففي مدينة «جينان-Jinan» الصينية كان هناك تجارب فعلية لشبكة آمنة تعتمد على تكنولوجيا الكم. ويجرى تطوير شبكة تربط بين بكين وشنغهاي بما تسمى «العقد الموثوق» وأنها أول انترنت كمي وهي مهمة لتحديث المفتاح الكمي لإرسال معلومات مشفرة.[3]

نحن الآن في عصر الحوسبة الكمية الذي سيسطو قريبًا وستكون إمكانية كالانترنت الكمي متاحة في كل مكان! ولكن هل من الممكن أن تتحقق أمنيتنا في الانتقال الآني للبشر كما في أفلام الخيال العلمي ذات يوم؟

المصادر

  1. qt
  2. popularmachanics
  3. bbc
  4. nasa

10 معلومات يجب أن تعرفها عن ميكانيكا الكم

أحدثت نظرية الكم ثورة حقيقية في العلم، فأزاحت الستار عن العالم الغريب القابع خلف أبسط ظواهر حياتنا اليومية وصولاً لنشأة الكون، وبين كل ذلك؛ كانت عصب الثورة الرقمية في القرن العشرين. تدرس «ميكانيكا الكم-Quantum mechanics» سلوك المادة في المستوى دون الذري. وتهدف لتحديد خصائص الذرات ومكوناتها مثل الإلكترونات والبروتونات، بالإضافة إلى تفاعلات هذه الجسيمات مع الطيف الكهرومغناطيسي. [1] إليك أهم 10 معلومات عن ميكانيكا الكم والمبادئ التي تحكم هذا العالم الغريب.

1.تكميم الطاقة

أولى المعلومات عن ميكانيكا الكم تتلخص في وجود قواسماً مشتركةً بين ميكانيك الكم وحذائك، فكما تحتاج لمقاس يناسبك، كذلك الطاقة تكون في كميات محددة أو «quantas». أصغر الكميات «ثابت بلانك-Planck constant» وما تبقى مضاعفاته.

لفهم المبدأ السابق يمكننا تطبيقه على الضوء، فالضوء يُصدر بشكل قطع منفصلة محددة تدعى «الفوتونات-Photons». وبحسب المبدأ؛ لا يمكنك صنع نصف فوتون أو 64.4 فوتونات، يمكنك فقط صناعة أعداد صحيحة منه.

إلا أن الطاقة أهم بقليل من حذائك، فقد أحدث هذا الاكتشاف ثورة في الفيزياء الحديثة على يد «ماكس بلانك-Max Planck». كما حاز ألبرت أينشتاين على جائزة نوبل في الفيزياء لإثباته ذلك عام 1921. [2]

2. الطبيعة المثنوية

في عام 1906؛ حاز «ج.ج تومسون-J.J Thomson» جائزة نوبل لاكتشافه أن الالكترونات عبارة عن جسيمات، ثم جاء ابنه جورج عام 1937 ليثبت أن الالكترونات موجات. فأيهما صحيح؟

في عالم الكم كلاهما على حق، حيث يدعى هذا المبدأ «ازدواجية موجة-جسيم-wave-particle duality» ويعد حجر الزاوية في فيزياء الكم.

كما ينطبق على الالكترونات والضوء، فأحياناً نحتاج لاعتبار الضوء طيف كهرومغناطيسي، وفي أحيان أخرى يستحسن تصوره بشكل جسيمات الفوتونات. [3]

3. يمكن للأشياء أن تكون في مكانين في الوقت ذاته

تعد ازدواجية الموجة-الجسيم مثالاً على مبدأ «التراكب-superposition»، وهو تواجد الكم أو الشيء في مكانين أو حالتين في نفس اللحظة.

مثلاً؛ يتواجد الالكترون هنا وهناك في ذات الوقت، ولكننا عندما نرصده نجبره على اختيار مكان منها.

يمكننا تخيل الالكترون كمجموعة من الاحتمالات، يمكننا تلخيصها رياضياً ب«تابع الموجة-wave function». وقيامنا بالرصد ييدمر التابع وحالة التراكب ويجبر الالكترون على اختيار حالة من ضمن الاحتمالات الممكنة.

يمهد هذا المبدأ لتجربة «قطة شرودينغر-Schrödinger’s cat»، وهي قطة محبوسة في صندوق مغلق حيث مصيرها محكوم بأداة كمية ما. وبما أن الأداة توجد بحالتين مختلفتين لحين القيام بالرصد؛ فإن القطة حية وميتة في الوقت ذاته لحين قيامنا بذلك. [4]

4. قد تقودنا ميكانيكا الكم لأكوان متعددة

تتبع الفكرة السابقة (أن عملية الرصد تهدم التابع وتجبر الكم على اختيار حالة معينة) لتفسير «كوبنهاغن-Copenhagen» لفيزياء الكم، لكن ذلك ليس التفسير الوحيد، حيث يعتقد مؤيدو فكرة العوالم المتعددة أنه لا حاجة للاختيار!

بل أنه في لحظة القيام بعملية الرصد والقياس؛ ينقسم الواقع إلى نسختين: واحدة نرصد فيها الكم وقد اختار الحالة a، والثاني حيث يختار الحالة b.

وبالتالي يتكون الواقع من العديد من الطبقات المتشابكة، وعند رؤيته على المستويات الأكبر؛ تتفكك هذه الطبقات ويبدو كل منها عالماً يشكل كوناً من الأكوان المتعددة.[5]

5. تساعدنا في تحديد صفات النجوم

بيّن الفيزيائي الدنماركي «نيلز بور-Niels Bohr» أن مدارات الالكترونات داخل الذرات مكممة أيضاً، حيث تأتي في قياسات محددة تدعى مستويات الطاقة.

عندما ينتقل إلكترون من مستوى أعلى إلى أخفض؛ يطلق فوتوناً له طاقة مساوية لفرق الطاقة بين المدارين الذين انتقلهما الإلكترون، والعكس صحيح؛ يمتص الإلكترون فوتوناً ويستعمل طاقته ليقفز إلى مستوى طاقة أعلى.

يستعمل الفلكيون هذا التأثير دائماً، فيتمكنون من معرفة مكونات النجوم عن طريق تحليل ضوئهم إلى طيف يشبه قوس قزح وتحديد الألوان المفقودة.

وبما أن المواد الكيميائية المختلفة تمتلك مستويات طاقة متباعدة بشكل مختلف؛ يمكنهم تحديد مكونات الشمس والنجوم الأخرى بناءً على الألوان غير الموجودة. [5]

6. بدون ميكانيكا الكم لما سطعت الشمس!

تصنع الشمس طاقتها خلال عملية تدعى «الاندماج النووي-Nuclear fusion»، والتي تتم باندماج بروتونين معاً – الجسيم موجب الشحنة في الذرة-.

الآن قد تتساءل كيف لهما أن يلتصقا ببعضهما ولهما الشحنة نفسها، ألن يتنافرا؟

إذا ما درسناهما كجسيمين سيتنافران تماماً كما يتنافر قطبي المغناطيس المتشابهين. يسمي الفيزيائيون ذلك ب«حاجز كولوم-Coulomb barrier» وهو كالحائط الذي يحول بين البروتونين.

وعندها ستصطدم البروتونات في الحائط وتبتعد: لن يوجد اندماج نووي ولن يوجد ضوء شمس!

والآن لنعتبرهم موجات.

عندما تصل قمة الموجة للحائط تكون مقدمة الموجة قد عبرته بالفعل.

علم أن ارتفاع الموجة يمثل المكان المحتمل وجود البروتون فيه، وعلى رغم أن احتمالية وجوده في مقدمة الموجة ضئيلة؛ إلا أنها تتحقق أحياناً، وعندها يكون وكأن البروتون عبر خلال الحاجز وبالتالي يحدث الاندماج النووي. أما هذا التأثير فيعرف باسم «النفق الكمومي-Quantum tunneling».
[6]

7. توقف ميكانيكا الكم انهيار النجوم الميتة

خلال حياة النجم؛ يَبقى في حالة من «التوازن الهيدروستاتيكي-hydrostatic equilibrium»، وهو توازن بين الطاقة الناتجة عن الاندماج النووي والتي تتجه للخارج وطاقة الجاذبية المتجهة للداخل؛ مما يحافظ على شكل النجم ويمنعه من الانهيار.

إلا أنه في نهاية حياة النجم ينفذ وقوده ويتوقف الاندماج؛ فتربح الجاذبية جاعلةً النجم ينهار على نفسه.[7]

وكلما أصبح أصغر كلما انضغطت المادة أكثر، وهنا يأتي دور «مبدأ باولي في الاستبعاد-Pauli exclusion principle»؛ أحد مبادئ ميكانيكا الكم الذي يمنع بعض الجسيمات كالإلكترونات من التواجد في نفس الحالة الكمية.

وبينما تحاول الجاذبية القيام بذلك، تواجه مقاومة يدعوها الفلكيون «ضغط تنكس الإلكترون-Electron degeneracy pressure»، فيتوقف الانهيار ويتشكل جسم جديد بحجم الأرض يدعى «قزم أبيض-White dwarf».
[8] 

8. تسبب تبخر الثقوب السوداء

يعد «مبدأ الريبة لهايزنبيرغ-Heisenberg uncertainty principle» أحد أهم مبادئ ميكانيك الكم، وينص على استحالة تحديد خاصّيتين لنظام ما بشكل دقيق بنفس الوقت: كلما عرفنا أحدها بدقة أكبر، كلما كان من الأصعب تحديد الخاصية الثانية.

ينطبق ذلك على سرعة الجسيم وموقعه، أو طاقته والزمن.

الأمر أشبه بأخذ قرض مالي، يمكنك اقتراض مبلغ كبير من المال لفترة زمنية قصيرة، أو اقتراض مبلغ صغير لمدة أطول، وليس الاثنين معاً!

يقودنا ذلك إلى فكرة الجسيمات الافتراضية، إذا اقتُرٍضت طاقة كافية من الطبيعة؛ يمكن لها أن تولد زوجين من الجسيمات الافتراضية في الفراغ بشكل (جسيم-مضاد جسيم)، ثم يختفيان بسرعة حتى لا يتخلفان عن سداد القرض؛ في عملية تسمى «الإفناء-Annihilation».

نعم، الفراغ الكمي ليس فارغاً تماماً!

افترض «ستيفن هوكينج-Stephen Hawking» حدوث هذه التذبذبات قرب حدود ثقب أسود ما: سيبتلع الثقب الأسود أحد الجسيمين، بينما سيستطيع الآخر الهرب من الثقب على شكل «إشعاع هوكينج-Hawking Radiation».

وبمرور الوقت، يتقلص الثقب الأسود وكأنه يتبخر! لأنه لا يسدد القرض كاملاً. [9]

9. تفسر ميكانيكا الكم بنية الكون على النطاق الكبير

إن «الانفجار العظيم-Big bang» أحد أفضل نظرياتنا عن نشأة الكون، وقد عُدل في الثمانينات ليتضمن نظرية أخرى تدعى «التضخم-Inflation».

تنص نظرية التضخم على انتفاخ الكون وصولاً لحجم حبة عنب؛ ذلك بعد ما كان أصغر من ذرة، وذلك في أول تريليون من تريليون تريليون جزء من الثانية، أي أن حجمه تضاعف حوالي 1078 مرة.

لاستيعاب ذلك؛ تخيل تكبير خلية دم حمراء بنفس المقدار، سيتجاوز حجمها الكون المنظور بأكمله!

وبما أنه كان أصغر من ذرة؛ فمن المرجح أن تذبذبات كمية مرتبطة بمبدأ هايزنبيرغ للريبة قد حكمت الكون في ذلك الوقت. والتضخم سبب نمو الكون بسرعة كبيرة؛ فلم يتثن لهذه التذبذبات الكمية أن تختفي، مما أدى لتركيز الطاقة أ:ثير في بعض الأماكن.

يعتقد الفلكيون أن ذلك كان بمثابة بذور تجمعت حولها المادة مشكلةً المجرات والعناقيد المجرية التي نرصدها اليوم. [5]

10. عالم من الأشباح!

إلى جانب إثباته تكميم الضوء؛ كذلك اعتقد أينشتاين بوجود تأثير ” شبحي عن بعد”. وهذا التأثير الشبحي هو آخر العشر معلومات عن ميكانيكا الكم في هذا الموضوع. نعرف اليوم ذلك ب«التشابك الكمي-Quantum entanglement»، ولكننا حتى الآن نجهل حقيقة ما يحدث فيه!

لنقل أننا أحضرنا زوجاً من الجسيمات بحيث تكون حالتها الكمية مرتبطة  أو “متشابكة”، أحدها في الحالة a والآخر في الحالة b: متعاكسين تماماً. فإذا كان أحدهما أزرق، يكون الثاني أحمر وهكذا.

وبحسب مبدأ باولي بالاستبعاد؛ يستحيل أن يكون لهما نفس الحالة الكمية، وعندها إذا قمنا بتغيير الجسيم الأزرق وجعلناه أحمراً مثلاً، سيتغير الآخر فوراً ليصبح معاكسه الأزرق من جديد.

في التشابك الكمي سيحدث ذلك حتى ولو وضعنا كل جسيم في جانب من الكون، وكأن معلومات التغيير الذي قمنا به قد سافرت أسرع من الضوء! [10]

قد لا نفهم ميكانيكا الكم بشكل كامل، ولكننا متيقنون من غرابتها أولاً وعظمتها ثانياً. شاركنا معلومات أخرى عن ميكانيكا الكم في التعليقات.

المصادر

[1] Britannica
[2] space
[3] Cornell university
[4] joint quantum institute
[5] space
[6] Harvard
[7] science direct
[8] university of Chicago
[9] nature
[10] nature

Exit mobile version