مقدمة في التصوير الطبي وتقنياته

هذه المقالة هي الجزء 4 من 8 في سلسلة دليلك لفهم أساسيات الهندسة الطبية

تعريف التصوير الطبي

التصوير الطبي هو مجموعة من التقنيات التي تستخدم لعرض جسم الإنسان الداخلي من أجل تشخيص الحالات الطبية أو مراقبتها أو علاجها. كما أنها تعد من أهم المجالات العملية ضمن الهندسة الطبية.

للتصوير الطبي عدد كبير من الأنواع ، يتحدد كل نوع بحسب الطريقة المعتمدة في التصوير وأيضًا بحسب الغرض من التصوير. تعطي كل طريقة نوع معين من المعلومات الطبية حول المنطقة المدروسة. [1]

أهم أنواع طرق التصوير الطبي هي:

  • «الأشعة السينية – X-ray».
  • «الطبقي المحوري -CT».
  • «الرنين المغناطيسي – MRI».
  • «الأمواج فوق الصوتية – Ultrasounds».
  • «التصوير النووي الطبي – Medical Nuclear Imaging ».

الأشعة السينية – X-ray

تعد من أولى طرق التصوير الطبي وتستخدم لتصوير العظام بشكل أساسي، وتعطي صورة ثنائية البعد. تطورت الآشعة السينية مع مرور الزمن للحصول على وظائف أكثر مثل الوظائف العلاجية والتشخيصية.[2]

صورة X-ray للصدر

أنواع التصوير بالأشعة السينية:

الفلورسكوبي – Fluoroscopy

يستخدم حزمة مستمرة من الأشعة السينية لمراقبة المريض أثناء إجراء بعض العمليات مثل زراعة الدعامات أو الناظمات القلبية. ولكنها قد تسبب زيادة لجرعة الأشعة التي يتلقاها المريض، مما قد يسبب ضرر للمريض على المدى الطويل.

الماموغرافي – Mammography

يستخدم لتشخيص سرطان الثدي وذلك عن طريق تعريض الثدي لحزمة أشعة مركزة في منطقة معينة وضعيفة الشدة بنفس الوقت.

صورة ماموغراف للثدي

التصوير البانورامي – Panoramic X-ray

تستخدم لتوليد صورة بانورامية للفكين العلوي والسفلي مما يساعد على دراسة وضع الأسنان التشريحي .[2]

الطبقي المحوري -CT

تستخدم هذه الطريقة الأشعة السينية ولكن يتحرك المنبع بشكل دائري حول المريض وعلى طول المنطقة المدروسة. وبذلك نحصل على صورة ثلاثية الأبعاد. ويستخدم الطبقي المحوري لدراسة الدماغ والأورام السرطانية وحتى حالات الكورونا.

جهاز الطبقي المحوري

الرنين المغناطيسي – MRI

تعتمد هذه الطريقة على استخدام حقل مغناطيسي عالي الشدة لإعطاء صور ثلاثية الأبعاد للجسم. بخلاف الطبقي المحوري، تظهر صور الرنين المغناطيسي تفاصيل النسيج بشكل دقيق جدًا، مما يسمح بدراسته بشكل موسًع. وبالتالي يعطي الرنين المغناطيسي دقة أكبر في تشخيص حالات السرطان في بداياتها قبل أن تصبح خطيرة. كما يسمح برؤية دقيقة للأوعية الدموية وحتى المحيط الداخلي للعين والأذن الداخلية.[3]

صورة الدماغ بوساطة تقنية الرنين المغناطيسي

الأمواج فوق الصوتية – Ultrasounds

تستخدم هذه التقنية الأمواج الصوتية ذات الترددات العالية من رتبة الميغاهيرتز، حيث تقوم كريستالات خاصة بإصدار هذه الأمواج وبعدها تستقبل الأمواج المنعكسة عن الأنسجة الداخلية للجسم، وتقوم بتشكيل الصورة بناءًا عليها.

صورة جنين بواسطةجهاز التصوير بالأمواج فوق الصوتية

وتستخدم الأمواج فوق الصوتية من أجل عدة مهام ومنها [4]:

  • تصوير البطن والكبد والكلى.
  • تصوير فوري وآني للأجنة عند الحوامل.
  • قياس هشاشة العظام.
  • تصوير أنسجة الصدر.
  • مراقبة آنية لضربات قلب الجنين.
  • قياس تدفق الدم.
  • تصوير ومراقبة القلب.

التصوير النووي الطبي – Medical Nuclear Imaging

يستعمل التصوير النووي الطبي في الأغراض التشخيصية والعلاجية، وتستخدم هذه التقنية الخصائص النووية للمواد المشعة في توليد الصور. تقدم الصور النووية معلومات مهمة حول حالات الأورام السرطانية وفي مجال علم الأعصاب، وتعطي معلومات حول أي نشاط نسيجي غير طبيعي متعلق بمرض معين.[5]

صورة بواسطة التصوير النووي تظهر المناطق النشطة حيويًا

وتستخدم كاميرات غاما وتقنيات «التصوير المقطعي بالإصدار البوزتروني -PET» و«التصوير المقطعي وحيد الفوتون -SPECT».

المصادر

[1]-ScienceDirect
[2]-MedlinePlus
[3]-NIBIB
[4]-FDA
[5]-ClevelandClinic

مبدأ عمل عنفات الرياح وأنواعها

هذه المقالة هي الجزء 11 من 22 في سلسلة موضوعات تأسيسية في الطاقة المتجددة

طاقة الرياح أُنشأت بشكل ناجح في معظم أنظمة إنتاج الطاقة الكهربائية حول العالم، إلا أن إنشاء هذه المصادر الجديدة؛ والتكنولوجيا الحديثة تحتاج لدعم كبير للأبحاث الموجهة في هذا الصدد. لا يمكن القول أن طاقة الرياح تؤسس مصدر طاقة حديثة، بحيث شهدت تطور مهم منذ القرن العشرين، وفي حالة الاستخدامات الكهربائية التي بدأت منذ منتصف القرن المنصرم. هذه النتائج تؤكد وجود معرفة و خبرات متراكمة أينعت ثمارها في العقد الماضي.[1]

مبدأ الطاقة لعنفات الرياح

تتكون الرياح من جزيئات صغيرة تحمل كلًا منها طاقة حركية نُعبر عنها باستخدام معادلة الطاقة الحركية:

m= الكتلة، v= السرعة.
عندما يتعلق الأمر بحساب الطاقة الحركية للرياح، يصبح من المستحيل حساب الطاقة الحركية لكل جزء بسرب الرياح لوحده. لهذا يُعبر عن كتلة الجزيئات كمقدار موحد متجانس من الكتلة التي تسري خلال نظام معين بمعدل وحدة زمنية معينة، فيصبح التعبير عن مقدار الطاقة الحركية للرياح بالشكل التالي:

A= مساحة مقطع الريش، ρ= كثافة الهواء، V= حجم الهواء، v= سرعة الهواء.
ومن هنا يصبح لدينا مقدار الطاقة التي يمكن الاستفادة منها وتحويلها إلى شكل آخر للطاقة عبر المنظومة المراد استخدامها.

إن نظام تحويل الطاقة لا يمكن أن يستفيد من الطاقة الحركية التي يستقبلها بكفاءة ١٠٠%، بسبب الفواقد في الطاقة التي يكون سببها ارتطام جزيئات الهواء بمراوح المنظومة من جهة، وذهاب جزء آخر من طاقتها التي تحملها بتدوير المراوح من جهة أخرى.

طبقًا لمبدأ ألبرت بيتز الذي ينص أن أفضل كفاءة من الممكن الوصول لها للاستفادة من الطاقة الحركية للرياح تعادل ٥٩%. ومن هنا يأتي السؤال عن كيفية الوصول لهذه الكفاءة.
من معادلة الطاقة السابق ذكرها، يمكن الاستدلال أنه كلما ازدادت سرعة الرياح، ازدادت تِبعًا الكفاءة. وبالتالي يمكننا القول بأن معرفة العوامل التي تحكم سرعة الرياح، تؤسس الأطر الأساسية التي يجب الاعتماد عليها لبناء منظومات طاقة الرياح.

أول وأهم هذه العوامل هو الموقع الجيد! إذ يجب أن يكون مرتفعًا بالشكل المطلوب، وفي منطقة مفتوحة؛ فلا يصح وجود أجسام عالية تعيق الرياح وتسبب ظاهرة القص الهوائي.

الديناميكا الهوائية لعنفات الرياح

خلافًا لمراوح طواحين الهواء المتعارف عليها، والتي اعتمدت على قوة الرياح لدفع المراوح وإجبارها على الحركة أوتوماتيكيًا، بنيت العنفات الحديثة على مفاهيم أكثر تعقيد بناءًا على نظريات الديناميكا الهوائية وميكانيكا الموائع الأحدث.
أحد مبادئ الديناميكا الهوائية الأساسية المستخدمة في بناء الطائرات، يُستخدم أيضًا في تسيير عنفات الرياح. والذي يعتمد على مبدأ تبادل رئيسي بين قوتين تتحكمان في تسيير الأجسام تحت تأثير الهواء. وهما:

  • قوة الرفع: والتي تؤثر على الجسم المتحرك بشكلٍ عموديٍّ على اتجاه سريان الهواء.
  • قوة الجر: والتي تؤثر على الجسم المتحرك بشكلٍ موازٍ لسريان الهواء.

ولأن الأساس بالتصميم الحديث لريش العنفات الحديثة اُسْتُوحي من تصميم أجنحة الطائرة، فسنرى بأن مفهوم السطح الإنسيابي الهوائي المقوس «Airfoil» في أجنحة الطائرة تم تطبيقه على ريش العنفات الحديثة على حدٍ سواء.
نرى أن سطح أحد جانبي الريش يكون مقوسًا، خلافًا للجانب الآخر الذي يكون بالعادة مسطّحًا نسبيًا. يساعد وجود هذا التصميم بشكل خاص على انتقال الهواء مرورًا بالجانب المقوس الموازي لاتجاه هبوب الرياح من الريشة، فيصل إلى نهاية الريشة كي يلحق بالهواء الساري خلال الجانب المسطح المعاكس لاتجاه الرياح. ينتج عن سريان الهواء السريع، تولد منطقة ضغط منخفض أمام الجانب المقوس، والتي تعمل على رفع الريشة لتدور وفق اتجاه الرياح. في الجهة المعاكسة لاتجاه الرياح من الريشة، يسري الهواء بسرعة أبطئ، مولدًا بذلك منطقة ضغط عالٍ تجر الريشة، وتبطئ سرعتها.[2]

أنواع عنفات الرياح

هنالك نوعان من عنفات الرياح المستخدمة حاليًا، وتصنف بحسب اتجاه دوران عمود الإدارة إلى: عنفات ذات محور أفقي، وعنفات ذات محور عمودي.
بالنسبة لأحجامها فهي تختلف وتتنوع، فالعنفات الصغرى تُستخدم لتشغيل المنازل أو المؤسسات الصغرى التي تتطلب طاقة أقل من ١٠٠ كيلو واط. أما الأحجام التجارية الكبرى، فقد تصل الطاقة التي يمكن أن تنتجها إلى خمسة مليون واط، أو خمسة ميجا واط. العنفات الكبرى تجمع بعض الأحيان معًا لتشكل مزارع رياح تزود الطاقة على مستوى واسع.[3]

عنفات المحور الأفقي «HAWT»

معظم أجهزة الرياح المستخدمة اليوم تقع ضمن هذا التصنيف، هذه العنفات لديها ريش تشبه مراوح طرد الهواء في الطائرة. يوازي طول التصميم القياسي لها طول مبنى مكون من عشرين طابق، ويحتوي على ثلاثة ريش أساسية موازية للأرض وتدور ضمن محيط يصل إلى مائتين قدم. يتجاوز طول مراوح أكبر تصميم يقع ضمن هذا النوع من العنفات طول ملعب كرة قدم، وصمم بهذا الطول والعرض حتى يتم الاستفادة من أكبر قدر من الرياح.[3]

عنفات المحور العمودي «VAWT»

لدى هذه النوعية مراوح تمتد من الأعلى إلى الأسفل، والنوع الأكثر شيوعًا المسمى بعنفة رياح داريوس يشبه آلة خفق بيض عملاقة. يصل طول هذه العنفات إلى مائة قدم، وعرض خمسين قدم. تشغل عنفات المحور العمودي نسبة صغيرة من المنظومات المستخدمة في الوقت الحالي.[3]

شبكة الدوار لتقوية الرياح «The Wind Amplifier Rotor Platform»

يعتبر نوع مختلف وآخر من منظومات الرياح، مصمم خصيصًا ليكون أكثر فاعلية ويشغل مساحة أقل من المساحة التي تشغلها منظومات الرياح الأخرى. الوارب «WARP» كما تم اختصار مسماه، لا يتطلب عنفات كبيرة الحجم، بدلًا عنها؛ يستخدم عنفات تشبه تصميمها تصميم شفاطات الهواء أو مجموعة من عجلات السيارات المكدسة فوق بعضها. كل جزء لديه زوج من العنفات الصغرى عالية القدرة يتم تركيبها داخل إطار مقعر. يسحب سطح الإطار الرياح نحو العنفات مزودًا إياها بسرعة أعلى قد تصل إلى ٥٠ %.الشركة التي صممت وارب والمدعوة بإينكو«ENCO»، تخطط لتسويق تصميمها الحديث هذا إلى منصات الحفر البحرية، وأنظمة الاتصالات اللاسلكية.[3]

محطات الرياح للطاقة

تتكون محطات الرياح، أو ما تعرف باسم مزارع الرياح، من مجموعات من منظومات الرياح المستخدمة لإنتاج الطاقة الكهربائية. لدى مزرعة الرياح عشرات الوحدات موزعة على نطاق واسع. توجد أكبر مزرعة رياح في تكساس، وتتكون من 421 عنفة تولد طاقة لتغطي ٢٢٠ ألف منزل في السنة.[3]

مكونات منظومة الرياح للطاقة

١- البرج

البرج مصمم ليحمل الجزء الدوار والقمرة لعنفة الرياح إلى الارتفاع المطلوب. الأنواع الرئيسية للأبراج المستخدمة في العنفات الحديثة هي: أبراج شبكية، وأبراج فولاذية أُحادية، والأبراج المدعمة بالكابلات.[3]

  1. الأبراج الشبكية «Lattice Tower»: مصنوعة من أعمدة الفولاذ المجمعة معًا بشكل بنية شبكية، تصميمها شبيه بتصميم أبراج نقل الكهرباء العادية. هذه الأبراج تستخدم نصف المواد المطلوبة لتصنيع الأبراج الفولاذية الأُحادية، وبالتالي تعتبر أخف وزنًا وأقل تكلفة. أرجل البرج تنفرج بشكل واسع، موزعة بذلك الأحمال عليها بالتساوي.[3]
  2. الأبراج الفولاذية الأحادية «Turbular Steel Tower»: مصنوعة من عمود مخروطي يزيد قطره تدريجيًا نحو القاعدة، وتوفر مساحة مقطعه الدائرية مقاومة لي عالية. يتراوح طوله من عشرة إلى عشرين متر.[3]
  3. الأبراج المدعمة بالكابلات «Guyed Tower»: مناسبة للمنظومات الصغيرة، بحيث يتم تثبيت العنفة فوق أسلاك مشدودة. تتميز هذه الأبراج بوزنها الخفيف، وتكلفتها المنخفضة نسبيًا.[3]

٢- الجزء الدوار «Rotor»

يعتبر أهم مكونات عنفة الهواء «Wind Turbine»، ودوره يتلخص باستقبال الطاقة الحركية من الرياح وتحويلها إلى عمود الإدارة«Shaft». يتكون الجزء الدوار من:

  • ريش «Blades»
  • مشبك«Hub»
  • عمود إدارة«Shaft» مصقولا من الفولاذ الصلب
  • محامل«Bearings»، وأجزاء داخلية أخرى.[3]

الريش «Blades»

الريش كما ذكر سابقًا، لديها أجزاء ذات سطوح انسيابية مقوسة. بالنسبة لعدد ريش العنفات المستخدمة حاليًا في معظم المنظومات لا يتجاوز ثلاثة ريش للعنفة الواحدة، إلا أن بعض عنفات الهواء الصغيرة المستخدمة في شحن البطاريات، لديها ريش أكثر قد تصل إلى ستة بسبب الحاجة لتشغيلها الآلي في سرعات رياح منخفضة. المواد المستخدمة في صناعة الريش تتفاوت بحسب حجم المنظومة، فمثلًا الريش الخشبية والمعدنية تُستخدم للمنظومات الصغيرة. بينما تستخدم معظم المنظومات الكبيرة والتجارية ريش مصنوعة من الألياف الزجاجية متعددة الطبقات.[3]

المشبك «Hub»

ريش الجزء الدوار مرتبطة بالمشبك، والذي يتكون من براغي، ومحامل الريش، ونظام تأرجح«Pitch System». يحتوي المشبك على نقاط لتثبيت الريش والوصلات الميكانيكية المصممة للتحكم بانحدار الريش. وهو أحد أهم مكونات الجزء الدوار، ولهذا يُصمم بمواصفات متانة عالية، فالمادة المستخدمة في تصنيعه هي صفائح حديد الزهر.[3]

المحامل «Bearings»

عمود الإدارة الرئيسي للعنفة يمر خلال المحامل الرئيسية. المحامل الكروية 《Roller Bearings》 هي المستخدمة والأكثر شيوعا، لقدرتها على تحمل الأخطاء البسيطة الناتجة من انحراف العمود مانعة بذلك حدوث زيادة بالأحمال الجانبية.[3]

٣- صندوق تروس السرعات «Gear Box»

يعتبر جزئية مهمة في عملية تحويل الطاقة في عنفة الرياح. تتراوح سرعة الجزء الدوار لعنفة الرياح بين ٣٠ إلى ٥٠ دورة/ دقيقة. بينما قد تصل السرعة القصوى للمولد إلى ١٥٠٠ دورة/ الدقيقة، هنا يأتي دور صندوق السرعات للتلاعب بالسرعة طبقًا لمتطلبات المنظومة من الطاقة. مصمم ليعمل بسلاسة حتى تحت الظروف البيئية السيئة.[3]

تتحقق السرعة المطلوبة في العنفات الصغير عبر تطبيق مرحلتين، أو ثلاث مراحل لمنظومة التروس. أما في العنفات الأكبر، يتم استخدام تجميعة من التروس الكوكبية«Planetary Gears» والعادية معًا.[3]

٤- المولد «Generator»

يعتبر المولد أحد أهم مكونات نظام تحويل طاقة الرياح. بعكس المولدات المعتاد استخدامها في أنظمة تحويل الطاقة الأخرى، يعمل مولد عنفة الرياح تحت مستويات طاقة متقلبة، بسبب تفاوت سرعة الرياح.[3]
عنفات الرياح الصغيرة مزودة بمولد ذو تيار مستمر تصل قدرته إلى واحد كيلو واط، بينما الأنظمة الكبرى فتستخدم مولدات التيار المتردد ذوات الطور الواحد، أو الثلاثة أطوار. محطات الرياح تستخدم مولدات ذات ثلاثة أطوار، وهذه المولدات قد تكون في بعض الأحيان مولدات تزامنية.[3]

المصادر:

  1. Future of wind: Deployment investment, technology, grid integration and socio-economic aspects
  2. wind-power
  3. Wind Energy Fundamentals ,Resource Analysis and Economics

ما هي الطباعة الحيوية؟

هذه المقالة هي الجزء 3 من 8 في سلسلة دليلك لفهم أساسيات الهندسة الطبية

تعريف الطباعة الحيوية

هي تقنية تشبه تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد التقليدية ولكن باستخدام مواد حيوية خاصة بدلًا من  المواد البلاستيكية أو المعدنية. تقوم الطابعة الحيوية بإنشاء هيكل ثلاثي الأبعاد أولي من المواد الحيوية بشكل يشبه النسيج. وبعد انتهاء الطباعة، يخضع لعدة عمليات معالجة قبل الحصول على النسيج النهائي. كما تستخدم التقنية في الصناعات الدوائية. وتصل دقة الطباعة إلى حوالي 97%. [1]

كيف تعمل الطابعة الحيوية؟

تتألف العملية من ثلاث خطوات.

  • الخطوة الأولى «ما قبل الطباعة – PreBioprinting»

أول خطوة في عملية الطباعة هي تشكيل نموذج ثلاثي الأبعاد للعضو أو النسيج المراد طباعته على برامج التصميم الحاسوبية. كما يتم تحديد المواد اللازمة لهذه العملية، فمثلًا تختلف المواد المستخدمة في إنتاج الصمام القلبي عن المواد المستخدمة في إنتاج النسيج العظمي. كما يمكن أخذ خزعة من جسم المريض من أجل إنتاج عضو يتوافق حيويًا مع جسمه. بالنسبة للصور ثلاثية الأبعاد، يتم أخذها أولًا باستخدام أجهزة التصوير الطبي «الطبقي المحوري – CT» أو «الرنين المغناطيسي – MRI» وبعدها تتم معالجة الشكل وتعديله باستخدام برامج خاصة.[2]

محاكاة حاسوبية لصمامات القلب قبل عملية الطباعة
  • الخطوة الثانية «الطباعة الحيوية – Bioprinting»

وهذه الخطوة التي تتم فيها الطباعة الفعلية، حيث يوضع الحبر الحيوي والمواد الخاصة ضمن الطابعة. المادة هي عبارة عن خليط من الخلايا الجذعية والحبر الحيوي. وعندما تبدأ الطابعة بالعمل، تقوم بترسيب المواد بشكل تراكمي على السقالة وتتابع العمل وفق النموذج الرقمي حتى الوصول للشكل النهائي.[2]

آلية عمل الطباعة الحيوية
  • الخطوة الثالثة «ما بعد الطباعة – PostBioprinting»

وتعد أهم خطوة في سير العملية، لأنها تؤمن الاستقرار الحيوي والميكانيكي للهيكل الذي تمت طباعته. للحفاظ على النسيج وعلى وظيفته الحيوية والبيولوجية، يجب أن يتحقق شرط التحفيز الكيميائي والفيزيائي. يؤمن هذا التحفيز الإشارات اللازمة للخلية لكي تتكاثر وتستشعر حدود السقالة فتنمو ضمنها.[2]

نسيج حديث الطباعة قبل وضعه ضمن الحافظة المواد المغذية

أنواع الطباعة الحيوية

  • الطباعة المعتمدة على التدفق

هي الطريقة الأكثر شيوعًا للطباعة ثلاثية الأبعاد للعناصر البيولوجية. تعتمد هذه الطريقة على توزيع المواد بشكل تدفقي ومنفصل زمنياً، بحيث يتم تعديل درجة حرارة الوسط قبل إضافة كل طبقة. وتستخدم بشكل كبير في الصناعات الدوائية والأبحاث العلمية.[]

طابعة تعمل بتقنية التدفق
  • الطباعة التي تعتمد على الحقن

تعتمد هذه الطريقة على مرحلتين، المرحلة الأولى هي تشكيل هيكل من المواد المغذية فقط ضمن السقالة، المرحلة الثانية فيتم فيها حقن الخلية مع الحبر الحيوي ضمن مفاصل معينة في الهيكل حيث سيبدأ نموها منها. تستخدم هذه الطريقة في إنتاج الجلد الصناعي وعمليات الطباعة التي تتطلب دقة عالية جدًا.

طابعة تعمل بتقنية الحقن
  • الطباعة الحيوية باستخدام الليزر

تعتمد هذه الطريقة على ترسيب المواد الحيوية على السقالة بشكل حراري بعد امتصاص طاقة الليزر من قبل الحبر الحيوي ليترسب على سطح السقالة. وتستخدم هذه الطريقة في معالجة الأحماض النووية للخلايا، وأيضا طباعة بطانة الشريان الرئوي، ويمكن استخدامها في عمليات إنتاج خلايا سرطانية لأهداف بحثية.

طابعة تعمل بتقنية الليزر

المصادر

  1. UBMbiomedicals
  2. NCBI
  3. MicroBenotes

ما هي هندسة النسيج الحيوي وما تطبيقاتها؟

هذه المقالة هي الجزء 2 من 8 في سلسلة دليلك لفهم أساسيات الهندسة الطبية

ما هي هندسة النسيج الحيوي؟

تعد هندسة النسيج الحيوي أحد أهم فروع الهندسة الطبية. تستخدم هندسة النسيج الحيوي مجموعة طرق من العلوم الهندسية والخلايا الحية بالإضافة إلى علم المواد الحيوية وعلوم الكيمياء بهدف إنتاج أنسجة جديدة مشابهة للأنسجة التالفة لاستبدالها.

تعد قدرة الجسم على تجديد الأنسجة التالفة ضعيفة، ومن الممكن أن يحدث تلف أو فقدان أنسجة بسبب الأمراض أو الحوادث. في حال لم يتم إصلاح أو إزالة النسيج المتضرر، قد يمتد التلف إلى أنسجة أخرى، مما يؤدي إلى تفاقم الحالة. من هنا، جاءت أهمية هندسة النسيج الحيوي والتي تقوم على استخدام المواد الحيوية والخلايا الحية لإنتاج أنسجة وظيفية جديدة لإصلاح أو استبدال الأعضاء البشرية التالفة.

ما هو الهدف من الهندسة النسيجية الحيوية؟

تستخدم هندسة النسيج الحيوي بشكل رئيسي لإنتاج وتطوير نسج جديدة تستخدم لإصلاح أو استبدال النسج التالفة مثل أنسجة الغضاريف، وأنسجة القلب مثل الصمامات القلبية، وأنسجة البنكرياس المنتجة للأنسولين، والأنسجة الوعائية مثل الأوعية الدموية. وتستخدم أيضا لأغراض بحثية، يمكن الاستفادة منها لدراسة سلوك خلايا معينة. كما يمكن استخدامها لخلق بيئة نسيجية محاكية للجسم البشري لاختبار تأثير الأدوية عليها.

كيف تعمل هندسة النسيج الحيوي؟

الهدف من عملية هندسة النسج هو إنتاج نسيج ثلاثي الأبعاد. من أجل ذلك يتم أولًا زرع الخلايا والجزيئات الحيوية على هياكل تدعى بالسقالات.

 السقالات هي عبارة عن هياكل أو قوالب تشبه شكل النسيج الذي نريد إنتاجه، وهي نوعان, النوع الأول هو سقالات حيوية مصنوعة من جزء حقيقي من الجسم لكنه معالج كيميائيًا. والنوع الثاني صناعية وتكون مصنوعة من مواد خاصة متوافقة حيويًا ولا تسبب رفض مناعي كبير داخل الجسم الحي.

ينمو النسيج ضمن هذه السقالات وفي ظروف ملائمة، بحيث يأخذ نفس شكلها عند انتهاء النمو وبالتالي نحصل على النسيج المطلوب.[1]

ما هو نوع الخلايا المستخدم في هندسة النسيج الحيوي؟ وما هي الجزيئات الحيوية؟

تستخدم الخلايا الجذعية، وهي خلايا غير متمايزة، يمكنها التكاثر والتمايز إلى أي نوع من الخلايا كالخلايا العضلية أو العصبية، كما أن لها القدرة على التكاثر والتجدد باستمرار. لهذه الخلايا نوعان:

  • الخلايا الجذعية الجنينية: وتوجد في بطانة المشيمة للجنين، وتتصف بالقدرة العالية على التكاثر والتمايز إلى أي نوع من الخلايا عدا خلايا المشيمة والأغشية المحيطة بالجنين.
  • الخلايا الجذعية الناضجة: وتوجد في عدة مناطق من جسم الإنسان، وظيفتها تعويض الخلايا التالفة بشكل طبيعي بعد انتهاء العمر المحدد لها.[1]

بعد معالجة الخلايا وزرعها ضمن السقالات، يجب إضافة مواد خاصة لتحفيز الخلية على أداء وظائفها بشكل طبيعي كالانقسام وأخذ الأغذية من الوسط المغذي الخاص. وتسمى هذه المواد المضافة بالجزئيات الحيوية أو الحبر الحيوي.[3]

ما هي أهم تطبيقات هندسة النسج الحيوية؟

قام باحثون في «المعهد الوطني للهندسة الطبية والحيوية – NIBIB» بالعديد من التجارب والأبحاث ضمن هذا المجال، وأهمها:

  • التحكم في الخلايا الجذعية من خلال البيئة المحيطة:

تم في هذه التجربة وضع الخلايا الجذعية ضمن بيئات فراغية مختلفة، وقد تبين اختلاف نوع الخلايا التي تحولت لها الخلايا الجذعية باختلاف المكان الذي وضعت فيه. أي أنه تم اكتشاف طريقة ميكانيكية-حيوية لتحديد تمايز الخلايا.

  • زراعة كبد إنسان في أجسام الفئران:

قام باحثون بتطوير أنسجة كبد بشرية يمكن زراعتها في أجسام الفئران، بحيث يحافظ فأر التجارب على كبده الطبيعي. وبما أن الكبد الجديد يستطيع استقلاب الأدوية بشكل مماثل لكبد الإنسان، يمكن الاستفادة منه لاختبار الأدوية وكيفية استقلابها على الكبد البشري المزروع قبل توجيهها للبشر.

  • صناعة وسط خاص للإبقاء على النسيج أثناء تطويره:

وجد الباحثون أن النسيج في أطواره الأولى لا يستطيع أخذ الغذاء من الشعيرات الدموية بسبب قلة سماكة وبالتالي يتلف النسيج بسبب انعدام التغذية، لذلك يجب أن يوضع النسيج في مراحله الأولى ضمن مادة هلامية مغذيّة طول فترة النمو في المختبر، وهذه المادة تختلف باختلاف نوع النسيج الذي نريد تطويره.[2]


المصادر:

[1]-Very Well Health
[2]-National Institute of Biomedical Imaging and Bioengineering
[3]-Massachusetts Institute of Technolog

تاريخ طاقة الرياح

هذه المقالة هي الجزء 10 من 22 في سلسلة موضوعات تأسيسية في الطاقة المتجددة

تعود مساعي الإنسان للاستفادة من طاقة الرياح إلى العصور القديمة عندما حاول استخدامها للإبحار. بعدئِذ خدمت الرياح البشرية عبر تغذية الطواحين العملاقة بالطاقة التي استخدمت لطحن الحبوب، وتشغيل مضخات الماء. مرت هذه التقنية بمراحل تطور عديدة امتدت لعقود، لتصل إلى منظومتها الحديثة المعقدة. وسنتحدث هنا عن نبذة عن تاريخ طاقة الرياح.

كيف تتكون الرياح؟

الشمس هي المحرك الرئيسي المتحكم بنطاق واسع من تغيرات الأحوال الجوية للأرض. يتلقى خط الإستواء كميات كبيرة من الإشعاع الشمسي مقارنة بما يتلقاه القطبان الشمالي والجنوبي، مما ينتج عنه ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض عند خط الاستواء، وبالتالي ارتفاع درجة حرارة الهواء الملامس له، فتقلّ كثافته ويرتفع نحو الأعلى مسبباً بانخفاض ضغط الهواء في الطبقات الدنيا. عكس هذا يحدث في المناطق القطبية، حيث تكون درجة حرارة الأرض منخفضة ممّا يؤدّي لانخفاض درجة حرارة الهواء الملامس له وارتفاع كثافته وهبوطه بالقرب من سطح الأرض، الأمر الذي يتسبب في ازدياد ضغطه وتحركه نحو المناطق الحارة المنخفضة الضغط الملامسة لسطح الأرض، بينما يأتي مكانه الهواء الساخن القليل الكثافة القادم من المناطق الاستوائية الحارّة.[1]

طاقة الرياح في التاريخ القديم

ثمة خلاف تاريخي حول بداية ظهور هذه الميكانيكية المستخدمة للرياح كمصدر طاقة. يرجح البعض بأنها ظهرت لأول مرة في بابل، حيث يعتقد أن الملك البابلي حمورابي خطط لاستخدامها في مشروع الري الموسع الذي كان يطمح إليه في القرن السابع عشر قبل الميلاد؛ والبعض الآخر يفترض بأنها ظهرت لأول مرة في الهند.[2]

طبقًا لما ورد في أرثاشاسترا – المخطوطة السنسكريتية التي كتبها كاوتيليا خلال القرن الرابع قبل الميلاد – عن إشارة إلى آلالات تدار عبر الرياح لتعمل على رفع المياه. عدا هذه المخطوطة، لم يتم إيجاد تسجيل دقيق يثبت وجود هذه التقنيات على أرض الواقع، أو دلائل محسوسة تؤكد ترجمتها إلى ميكانيكيات واقعية مستخدمة.[2]

بداية عصر الطواحين الهوائية

أقدم تسجيل تاريخي موثق لتصميم الطواحين الهوائية يعود إلى القرن الثاني قبل الميلاد. يشير إلى استخدام الفرس الطواحين الهوائية لطحن الحبوب خلال تلك الفترة، مستخدمين آلات رأسية المحور مزودة بأشرعة مصنوعة من حزم القصب، أو الخشب. كان حجر الطحن مرتبط بعمود رأسي، وتم ربط الأشرعة بالمركز باستخدام دعامات أفقية. حجم الأشرعة يحدد من خلال المواد المستخدمة في التصنيع، لكن عادة كانت أبعادها بين خمسة متر طولي، وتسعة متر ارتفاع.[2]

بحلول القرن الثالث عشر ميلادي، كانت المطاحن منتشرة في أوروبا. تبنى الفرنسيون التقنية في عام ١١٠٥ ميلادية، ولحقهم الإنجليز في عام ١١٩١ ميلادية. خلافًا لتصميم الفرس الرأسي، الطواحين الأوروبية كانت أفقية المحور، ذات بنية مزينة. بني البرج من الخشب، أو الطوب؛ وصممت مساحة مقطعه العرضي لتأخذ شكلًا دورانيًا، أو متعدد الأضلاع. كان يتم توجيه العضو الدوار يدويًا إلى اتجاه الرياح عبر تحريك الذيل، وبالمثل كان يتم حماية الطاحون من الرياح العاتية عبر إدارة العضو الدوار عكس اتجاه الرياح، أو إزالة القماش الذي يغطي العضو الدوار.[2]

ضخ الماء باستخدام الرياح

أتى بعدها الهولنديون بتصميم مستحدث من صنع المصمم «يان أدريانسن». أدخلت العديد من التحديثات للتصميم، وتم ابتكار العديد من الأنواع المختلفة، مثل: تياسكر، والطواحين الدخانية. أخذ تصميم المقطع العرضي للعضو الدوار شكل الجناح الحامل لرفع الكفاءة.
استخدمت هذه الطواحين بجانب طحن الحبوب استخدامات أخرى عديدة، كان منها: تجفيف الأراضي الرطبة.[2]
وصلت هذه التقنية إلى أميركا عام ١٧٠٠ ميلادية عبر المهاجرين الهولنديين. حينها ظهرت الطواحين المستخدمة لضخ الماء، والتي ما زالت تعتبر أحد أهم التطبيقات لطاقة الرياح.[2]

بداية تطور منظومة طاقة الرياح

ظهرت العنفات ذات المراوح المتعددة أميركية الصنع عام ١٨٠٠ ميلادية، مزودة بعضو دوار صغير بقطر يتراوح من متر إلى عدة أمتار.[2]
كان الغرض من هذه التقنية ضخ المياه من تحت سطح الأرض للاستخدامات الزراعية. أعطت هذه المضخات المائية بمراوحها المعدنية، وتصميمها الهندسي الفعال نتائج أفضل من سابقاتها من التقنيات المستخدمة في هذا المجال. وتباعًا، أُنشئت أكثر من ستة مليون وحدة في الولايات المتحدة مابين ١٨٥٠ و١٩٣٠ ميلادية.[2]

المولدات الكهربائية ومحطات طاقة الرياح

بدأ عصر المولدات الكهربائية التي تعمل بالرياح في وقت قريب إلى حدٍ ما من عام ١٩٠٠ ميلادية. بحيث صُنعت أول عنفة رياح حديثة لإنتاج الكهرباء في الدنمارك عام ١٨٩٠ ميلادية، وعملت على تزويد المناطق الريفية بالكهرباء.[2]

خلال الفترة نفسها، صُنع أول مولد كهربائي يعمل بالرياح في كليفلاند بولاية أوهايو، مستخدمًا لأول مرة صندوق تروس سرعات. عملت المنظومة على مد الطاقة لمدة عشرين عامًا.[2]
اُستخدمت العديد من الطرق الحديثة للتصميم الهندسي للعنفات خلال هذه الفترة. وتم تطوير العضو الدوار، وزعانف العنفات مما أدى إلى رفع الكفاءة، والفاعلية لهذه المنظومات الحديثة. وبحلول عام ١٩١٠م، زودت مئات من هذه المنظومات العديد من قرى الدنمارك بالطاقة.
بدأت التجارب البحثية تأخذ مجالًا أوسع، ونتيجةً لذلك أُنشئت محطات إنتاج الطاقة بالرياح في العديد من الدول، أبرزها: الولايات المتحدة، والدنمارك، وفرنسا، وألمانيا، والمملكة المتحدة.[2]

إلا أنه في السنوات اللاحقة ظهرت مصادر طاقة أكثر اقتصادية، وكفاءة مثل: الوقود الأحفوري، والطاقة النووية. فكانت المقارنة بين تكلفة إنتاج الكهرباء من هذه المحطات، ومن إنتاجها في محطات الرياح لا تصب في مصلحة الأخيرة.[2]
وبهذا تناقص الاهتمام بطاقة الرياح بحلول عام ١٩٧٠م.

العودة إلى طاقة الرياح

أجبرت أزمة النفط التي حدثت في عام ١٩٧٣م العلماء والمهندسين، وصناع القرار على إيجاد حلول بديلة بعدما تراءى لهم أن الاعتماد على النفط كمصدر طاقة رئيسي يترتب عليه تبعات على اقتصادهم بناءًا على سياساتهم المتبعة. وبات جليًا أن حدوث أي توتر سياسي، سيطوق توفر الوقود الأحفوري مما سيؤدي إلى ارتفاع أسعاره بشكل جنوني، فيصبحون بذلك تحت رحمة دول الأوبك. ومن جانب آخر، أدرك العالم أن الوقود الأحفوري مصيره الإنتهاء يومًا ما.

خيار الاعتماد على الطاقة النووية كان مصدر تساؤل كبير أيضًا، وذلك بسبب خطورة تداعياتها على البيئة والبشر على حد السواء. كل هذه العوامل أدت لإحياء الاهتمام بطاقة الرياح، وبذلت جهود حثيثة لإيجاد حلول تغطي جوانب العجز في هذه التقنية. توالت البحوث في مجالات مصادر الطاقة، وتطوير المنظومات الحالية التي من شأنِها جعل التقنية أكثر اقتصادية، وكفاءة، واستدامة.[2]

المصادر
[1] Wind Energy Fundamentals
[2] Wind Energy

ما هي الهندسة الطبية؟ وما هي فروعها؟

هذه المقالة هي الجزء 1 من 8 في سلسلة دليلك لفهم أساسيات الهندسة الطبية

ما هي الهندسة الطبية؟

هي تطبيق مبادئ حل المشاكل والتقنيات الهندسية ضمن المجال الطبي بشكل عام وعلى جسم الإنسان بشكل خاص. وقد برزت  بشكل أكبر بعد ظهور الحاجة إلى زرع أجهزة إلكترونية في الجسم مثل  «الناظمات القلبية – Pacemakers» وزراعة «الأطراف الصناعية – Artificial Limbs ». واستمرت الهندسة الطبية في التطور حتى ضمت عدة مجالات إضافية مثل هندسة النسج والطباعة ثلاثية الأبعاد للأعضاء البديلة.[1]

كيف تختلف الهندسة الطبية عن غيرها من الاختصاصات الهندسية؟

الاختلاف الأساسي هو أن الهندسة الطبية تستهدف صحة الإنسان بشكل مباشر. يدمج هذا الاختصاص المعارف المختلفة من الهندسة الميكانيكية، والإلكترونية، والكهربائية، وعلوم الحاسوب، وعلم الأحياء والطب ليكوّن علم قائم بحد ذاته يخدم المجال الطبي ويمنحه حلول إضافية وفعّالة.

ما هو عمل المهندسين الطبيين؟

ينقسم عمل المهندسين الطبيين إلى أكثر من مجال وتخصص، من أهمها:

  1. تصميم وتطوير الأجهزة البديلة مثل الناظمات القلبية، والكلى الصناعية، والقلب الصناعي، والأطراف الصناعية، والأوعية الدموية الصناعية وغيرها الكثير.
  2. برمجة أجهزة مراقبة المرضى في المستشفيات و تطويرها.
  3. برمجة وتطوير أنظمة التصوير الطبي «الطبقي المحوري – CT»، و«التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني – PET »، و«الرنين المغناطيسي – MRI» والتصوير بالأمواج فوق الصوتية.
  4. إجراء الأبحاث العلمية والتطويرية في مجال المواد الطبية الحيوية ومحاولة اكتشاف خلطات جديدة.
  5. إجراء الأبحاث العلمية في مجال الميكانيكا الحيوية.
  6. صيانة الأجهزة الطبية، ويعد مجالًا واسعًا بسبب التنوع الكبير في الأجهزة الطبية وخصوصية كل جهاز، فقد نجد اختصاصات مختلفة ضمن مجال الصيانة. [2]

ما هي المؤهلات اللازمة لدراسة هذا المجال؟

يجب أن يكون الشخص الراغب بدراسة هذا المجال ملمًّأ بمبادئ الفيزياء، والكيمياء، وعلوم الأحياء، والميكانيكا، والرياضيات والتشريح. ومن الممكن أن يعمل ضمن هذا المجال المهندسين الحاصلين على شهادات أخرى مثل الهندسة الكهربائية بعد أن يخضعوا لدورة تدريبية تعزز الجانب الطبي لهم بالإضافة إلى خبرتهم الأساسية بالجانب التقني والإلكتروني.[3]

ما هي تصنيفات الأجهزة التي يتعامل معها المهندس الطبي؟

تتصف الأجهزة الطبية بالتنوع الكبير، ولكن يمكن تصنيفها ضمن مجموعات كما يلي:

  • الأجهزة التعويضية الجزئية أو الكلية، وتتمثل في الأطراف الصناعية، سواء للقدمين أو لليدين، أو أجهزة تصحيح التشوهات الخلقية للأطراف.
طرف صناعي علوي
  • التجهيزات الخاصة بالمستشفيات والمراكز العلاجية: وتتمثل في الأسرّة، وتجهيزات الغرف بأنواعها وأيضًا تمديدات شبكة الغازات الخاصة بالمستشفى.
  • أجهزة التشخيص والمراقبة: وأمثلة على هذا النوع: السماعة الطبية، وعتاد إضاءة غرف العمليات، وجهاز قياس ضغط الدم وضغط قاع العين وضغط التنفس، ومقاييس نسب السكر في الدم.
جهاز قياس تركيز السكر في الدم
  • أجهزة التصوير: مثل التصوير المقطعي، والمسحي والإلكتروني، وأجهزة رسم تخطيط القلب وأجهزة رسم تخطيط الدماغ.
جهاز التصوير بالإصدار البوزيتروني PET
  •  المجاهر: وتُعد من أبرز أجهزة الهندسة الطبية الحيوية المُستخدمة في المخابر ومراكز الأبحاث، وهناك الكثير من الأنواع، ومنها: المجاهر الضوئية، والإلكترونية، وأجهزة التحليل الطيفي.[3]

المصادر

[1]-Michigan Tech
[2]-Marquette University
[3]-Drexel University

تقنية الملح الذائب في محطات الطاقة الشمسية

هذه المقالة هي الجزء 9 من 22 في سلسلة موضوعات تأسيسية في الطاقة المتجددة

مع الدعوات والالتزامات للحكومات في العالم لاسيما داخل الاتحاد الأوروبي لتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة القائمة على الوقود الأحفوري، بل ذهب الحديث إلى الإنتهاء منها بحلول عام 2030 لبعض الدول. دعت الحاجة المتنامية لمصادر طاقة بديلة مُتجددة أقل تلوثًا تحمي البيئة، وتتسم بالتوفير الاقتصادي لتزود العالم بمخزون كافي من الطاقة. إلا أنَّ الإشكالية لا تكمن بعملية إنتاج الطاقة وحسب، وإنما بتخزينها أيضًا، وذلك يرجع لواحدة من أهم مشكلات بدائل الوقود الأحفوري التي يواجهها العالم اليوم متمثلة بالكفاءة، والاستدامة الموسمية، إلى جانب عدم القدرة على توقع كمية الطاقة الممكن إنتاجها منها في مختلف المواسم، وبالتالي ضمان وفرتها وتخزينها بشكل دوري موسمي.

فكما نعلم الطاقة بشكلٍ عام، والكهربائية بشكلٍ خاص، العِماد الأساسي لضمان التقدم والرخاء الاقتصادي والحضاري للعالم. وذلك يتم عبر الإدارة والتحكم بتوزيع الطاقة على نطاق صناعي من جهة، وتلبية الحاجة للطاقة التي تعتبر متغيرة باختلاف المنشآت؛ والمراكز من جهة أخرى. مما يُعرف حاليًا أن طرق تخزين الطاقة الكهربائية محدودة للغاية ولا تلبي الحد المطلوب؛ لذا إتجهت الأبحاث المختصة لدراسة كيفية تخزين كميات عالية من الطاقة بصورتها البكر.
يكون بالإمكان حفظ الطاقة قرب مراكز توليدها أو نقاط الاستهلاك الأقرب لها؛ مثال لذلك تخزين الطاقة الحرارية باستخدام الملح الذائب.[١]

موجز تاريخي لتقنية الملح الذائب:

يعود أول استخدام لتقنية الملح الذائب إلى عام ١٩٥٠، عندما بدأ مختبر أوك ريدج الوطني في الولايات المتحدة (ORNL) بتطوير واختبار لمركبة مزودة بمحرك يعمل بالوقود النووي باستخدام تقنية الملح الذائب.
وبحلول عام ١٩٥٤، نقلت أورنل تركيز أبحاثها من محركات الوقود النووي إلى المفاعلات النووية، وذلك حصيلة تجارب أظهرت ثبات الأملاح الذائبة وعدم تحللها حين تعرضها للحرارة العالية الناتجة من المفاعلات النووية.
في ذلك الوقت، كانت هيئة الطاقة الذرية الأميركية (AEC) مهتمة أكثر بدراسة مفاعلات توليد الذرات القابلة للانشطار، ولهذا قامت أورنل بتطوير مفاعل توليد ذرات باستخدام الملح ذائب في الستينات. لسوء حظ أورنل المشروع كان ينافس مشروع آخر كانت هيئة الطاقة مهتمة أكثر بتطويره، مما أدى إلى تضارب بأحقية الدعم لمشروع الملح الذائب، مقررة بذلك هيئة الطاقة بدعم المشروع الآخر، موقفة العمل بمشروع مفاعل الملح الذائب. وبهذا أقفل ملف أبحاث مفاعلات الملح الذائب برفع آخر تقرير بالمشروع عام ١٩٧٦.

غير أن جهود باحثي أورنل لم يذهب سدى، فقد تم افتتاح أول محطة توليد طاقة شمسية استخدمت تقنية الملح الذائب لحفظ الطاقة عام ١٩٩٣ في كاليفورنيا. المحطة مصممة لتخزين ١٠ ميجا واط من الكهرباء خلال ساعة واحدة، استخدمت فيها مرايا عديدة لتوجيه أشعة الشمس نحو البرج المركزي. هذه الأبراج تعمل على امتصاص الأشعة الموجهة إليها لترفع من درجة حرارة الملح وتحفظ الطاقة في الملح بصورة حرارة.
بحلول عام ١٩٩٩، أُغلقت المحطة نتيجة لحاجتها لصيانة ذات تقنية عالية ومتتالية لم تكن متوفرة آنذاك.
نشرت أورنل بعدها مباشرة تقرير مختصر في عام ٢٠٠٠، وألحقته بتقرير مفصل في عام ٢٠٠٢ يوثق البحث كامل في هذا المشروع مما فتح الباب لإعطاء التقنية فرصة أكبر في السوق، لتنتشر على نطاق تجاري أوسع عالميًا. [2]


مبادئ تخزين الطاقة حراريًا في تقنية الملح الذائب:

هنالك صورتان لتخزين الطاقة حراريًا: حرارة محسوسة، أو حرارة كامنة.

الطاقة الحرارية المحسوسة تعتمد تخزين الطاقة الحرارية بطور واحد، بحيث تكون درجة حرارة المادة تتفاوت مع كمية الطاقة المخزونة. معادلة تدفق الحرارة من الحار الى البارد تحقق هذا بالصورة التالية:
Q = m C ΔT
بحيث m تعبر عن الكتلة، و C الحرارة النوعية، و ΔT الفرق في درجات الحرارة.
ينبغي الإشارة إلى أنه يشترط في هذه العملية عزل النظام لإبقاء تدرج درجات الحرارة لأجل خزن الطاقة.

إن أخذنا الماء كمثال، نستطيع القول بأنه يعتبر وسيط مثالي في درجات الحرارة المنخفضة التي تتراوح بين (°90 – 25)، وذلك بسبب الحرارة النوعية لجزيئاته المرتفعة نسبيًا(kJ/kg°C)4.2، بالإضافة لسهولة الحصول عليه.
من جهة أخرى، الحرارة الكامنة تُحفظ باستخدام مواد متغيرة الطور، والتي تستفيد من الحرارة الكامنة النوعية (L) الناتجة من تغير الحالة للمادة:
Q = m C ΔT + m L
المواد متغيرة الطور ممتازة بسبب كثافة تخزينها العالي للطاقة، الماء مثلًا لديه حرارة انصهار أكبر ب ٨٠ مرة من الحرارة المتطلبة لرفع درجة حرارة ١ كجم من الماء درجة مئوية واحدة.[3-4-5]

الأملاح الذائبة:

لدى الأملاح الذائبة خواص تجعلها مؤهلة لتكون وسيط ممتاز لحفظ الطاقة على نطاق واسع في المحطات الكبيرة، مثلًا:
درجة غليانها عالية، ومنخفضة اللزوجة، وضغط تبخرها منخفض، وسعة حرارتها الحجمية عالية؛ فكلما كانت سعة الحرارة الحجمية عالية، كانت مناسبة أكثر لتُحفظ في خزانات بأحجام أقل.

الأملاح المستخدمة في تقنية تخزين الطاقة حراريًا، مثل: نترات الصوديوم والبوتاسيوم،  لديها درجات ذوبان تتراوح بين 300-500°C، وسعة حرارية حجمية تترواح بين 1670 – 3770 kJ/m3°C، ولهذا خليط الملح المستخدم في محطات توليد الطاقة الشمسية المسمى تجاريًا ب “HITEC” يتكون من نترات البوتاسيوم 53%؛ ونترات الصوديوم 40%؛ ونتريت الصوديوم 7%، بدرجة حرارة بالحالة السائلة تتراوح بين 149 – 538°C.
يتم تسخين هذه الأملاح وحفظها في خزانات معزولة خارج أوقات الذروة، وعند الاحتياج يضخ الملح الذائب إلى مولد البخار لاستخدام الحرارة بتوليد الكهرباء.[3-5-6]

تخزين الطاقة في محطات الخلايا الشمسية:

محطات توليد الطاقة باستخدام الخلايا الشمسية ( CSP) تستخدم تقنية التخزين الحرارية و التي تتكون من عاكسات ذات قطوع مخروطية، أو مرايا تتبع للشمس، والتي بدورها تعمل على توجيه أشعة الشمس إلى البرج المستقبل المزود بأنابيب ذات نقاط بؤرية بحيث تنتقل الحرارة عبر مائع وسيط (الملح الذائب)، ومنها المائع ينتقل إلى المبادل الحراري ناقلًا الطاقة إلى الماء المستخدم لإدارة المولد الحراري ليولد الكهرباء.

إن تمعنا في البنى المستخدمة للتخزين، سنجد أن هنالك بنيتان أساسيتان مستخدمتان في منظومة تخزين الطاقة بالأملاح الذائبة، وهما:
بنية الخزانين المزدوجين: يستخدم الملح الذائب كمائع ناقل للحرارة عبر امتصاص الحرارة من المفاعل او المبادل الحراري، وكوسيط تخزين الطاقة الأساسي مستخدم الخزانين معًا الحار والبارد.
خزان آحادي: يُستخدم خزان واحد بحيث يبقي الملح الحار والبارد منفصلين باستخدام فاصل حراري. بحيث يتدفق الملح من الجانب البارد للخزان، ليتم تسخينه، ومن ثم يتدفق إلى الجانب الساخن من الخزان، ليُضخ خارجًا مخلفًا حرارة تستخدم لتوليد الكهرباء، ليعود بعدها إلى الجانب البارد من الخزان.[3-6-7-8]

[1] A. Bielecki, S. Ernst, W. Skrodzka, and I. Wojnicki, 2019. Concentrated Solar Power Plants with Molten Salt Storage:
Economic Aspects and Perspectives in the European Union., International Journal of Photoenergy.

[2] S. Ladkany, W. Culbreth, and N. Loyd, 2018. Molten Salts and Applications I: Molten Salt History, Types, Thermodynamic and Physical Properties, and
Cost., Journal of Energy and Power Engineering.

[3] M. Green, et al. “Nuclear Hybrid Energy Systems: Molten Salt Energy Storage,” INL/EXT-13-31768, November 2013.

[4] B. Reinhardt, ” Thermal Energy Storage,” Physics 240, Stanford University, Fall 2010.

[5] S. M. Hasnain, “Review on Sustainable Thermal Energy Storage Technologies, Part I: Heat Storage Materials and Techniques,” Energy Convers. Manage. 39, 1127 (1998)

[6] Z. Yang, and S. V. Garimella, “Cyclic Operation of Molten-Salt Thermal Energy storage in Thermoclines for Solar Power Plants,” Appl. Energy 103, 256 (2013).

[7] J.E. Pacheco, et al. “Development of a Molten-Salt Thermocline Thermal Storage System for Parabolic Trough Plants,” J. Solar Energy Eng. 124, 153 (2002).

[8] Y. Rajavi, “Concentrating Solar Power,” Physics 240, Stanford University, Fall 2013.

ما هي المباني الخضراء؟ وكيف تقلل من أثر البناء على البيئة؟

أثر المباني على البيئة

إذا سُئلت يومًا عن أكثر الأشياء الملوثة للبيئية والمستهلكة للموارد، فربما تكون إجابتك هي وسائل المواصلات أو المصانع. وعلى الأغلب فإن المباني سواء كانت مبنى سكنك أو مبنى الشركة التي تعمل بها لن تدخل قائمتك لأكثر الأشياء الملوثة للبيئية. ولكن طبقًا لـ«مجلس المباني الخضراء الأمريكي – U.S. Green Building Council» فإن المباني أحد أكثر الأشياء الملوثة للبيئية والمستهلكة للموارد على الإطلاق. ففي الولايات المتحدة وحدها:

  • تستهلك المباني (24-50) % من إجمالي الطاقة المستهلكة في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
  • تستخدم 72 % من إجمالي الكهرباء في الولايات المتحدة.
  • المباني مسئولة عن 38 % من إجمالي كمية غاز ثاني أكسيد الكربون المنبعث في كافة أنحاء الولايات المتحدة. وبهذه النسبة فإنها تأتي في المركز الأول في قائمة المساهمين في انبعاث ثاني أكسيد الكربون في الولايات المتحدة تليها وسائل المواصلات.
  • تستخدم المباني 14 % من إجمالي المياه المستخدمة في الولايات المتحدة.
  • تنتج 30 % من إجمالي النفايات في الولايات المتحدة ما يعادل 160 مليون طن من النفايات سنويًا.
  • تستهلك 40 % من المواد الخام المستخدمة في الولايات المتحدة [1]

الاستدامة

نظرًا للأهمية التي يوليها العالم للتغيرات المناخية التي تحدث اليوم، هناك الكثير من المحاولات لتقليل آثار ملوثات البيئة – فعلى سبيل المثال إن جائزة نوبل للفيزياء عام 2021 تم منحها للعلماء المساهمين في فهم أسباب التغير المناخي-. وهناك تاريخ طويل لمحاولات المعماريين لتقليل أثر قطاع الإنشاءات على البيئة، مما جعل مصطلح مثل «الاستدامة – Sustainability» أحد أكثر المصطلحات استخدامًا اليوم في مجال العمارة.

الفرق بين البناء المستدام والمباني الخضراء

يمكن تعريف بـ «البناء المستدام – Sustainable construction» على أنه بناء وتشغيل بيئة صحية معتمدة على كفاءة الموارد والتصميم المراعي للبيئة. [2] أما «المباني الخضراء – Green Buildings» فهي المباني التي تم بناءها باستخدام مبادئ ومنهجيات البناء المستدام. أي أن البناء المستدام يُعنى بالجوانب البيئية والاجتماعية والاقتصادية للمبنى من المنظور المجتمعي. أما المباني الخضراء فهو المبنى القائم بالفعل. [1]

بعض الحلول التي تقدمها المباني الخضراء

1- حلول لمشاكل الطاقة والبيئة

يمكن استغلال شكل المبنى وتوجيهه وكتلته والاستفادة منهم في تقليل كمية الإضاءة والطاقة التي يحتاجها المبنى. فعلى سبيل المثال تستخدم «مدرسة سميث المتوسطة – Smith middle school» في أمريكا نظام إضاءة يعتمد على ضوء الشمس بالكامل كما بالصورة رقم [1].

صورة رقم [1]: مدرسة سميث المتوسطة
source : Innovative design

كما يستخدم أحد مباني «جامعة نوتينجهام -University of Nottingham» الهواء الجوي في تهوية المبنى بالكامل دون الحاجة إلى أي نظام تكييف عن طريق عمل تصميم يعمل على توجيه الهواء الجوي داخل المبنى كما موضح في الصورة رقم [2].

صورة رقم [2]: أحد مباني جامعة نوتينجهام، يمكن
ملاحظة مصيدة الرياح في الأعلى إلى اليمين
Photograph courtesy of Hopkins Architects
and Ian Lawson

بالإضافة إلى استغلال شكل المبنى وتوجيهه وكتلته يمكن أيضًا توليد الكهرباء المستخدمة للمبنى من الطاقة النظيفة. فيمكن استخدام ألواح الطاقة الشمسية في انتاج كافة الكهرباء التي قد يحتاجها المبنى. [2] فقد بيّن الباحثون أنه يمكن إنتاج كافة الكهرباء التي يحتاجها مبنى مكون من طابق واحد عن طريق تغطية السطح الخاص بالمبنى بألواح طاقة شمسية بالكامل.[3] على سبيل المثال يستخدم المقر الرئيسي لشركة فيسبوك كهرباء نظيفة بالكامل معتمداً على ألواح طاقة شمسية منتشرة على سطح المبنى بالكامل.

كما يمكن أيضًا إنتاج الكهرباء من مصادر أخرى غير الطاقة الشمسية، ففي الصورة رقم [3] يستخدم مركز التجارة العالمي في مدينة المنامة بدولة البحرين ثلاث توربينات بقطر 29 متر لإنتاج 15% من الطاقة التي يحتاجها المبنى بالكامل. [2]

صورة رقم [3]: مركز التجارة العالمي بمدينة المنامة.
Photograph courtesy of Atkins

2- حلول لمشكلة المياه

يمكن محاولة حل مشكلة المياه في المباني الخضراء بعدة طرق. فيمكن عمل نظام لتجميع ومعالجة مياه الأمطار التي تهبط في حدود المبنى واستخدامها فيما بعد لري النباتات المجاورة. كما يمكن إنشاء نظام طبيعي لمعالجة مياه الصرف باستخدام أنواع معينة من النباتات فقط فيما يعرف بـ«الأراضي المبتلة – wet lands». ولكن لعل أهم استراتيجية يمكن استخدامها لتقليل كمية المياه المستخدمة هي «التركيبات منخفضة التدفق – low flow fixtures». تعد التركيبات منخفضة التدفق هي تركيبات صحية مثل المراحيض والمباول الأحواض التي تقلل تدفق المياه أثناء استخدامها. فالمراحيض على سبيل المثال تستهلك نصف ما يستهلكه أي مبنى من المياه تقريبًا. ففي الولايات المتحدة الأمريكية وحدها يتم استهلاك 18.2 مليار لتر من المياه يوميًا لدفق مياه المراحيض. فإذا ما تم استبدال كافة أنواع المراحيض في الولايات المتحدة بنوع آخر منخفض التدفق، والتي تعمل بنفس الكفاءة، فيمكن توفير 25000 لتر من المياه لكل شخص يوميًا. [2]

3- حلول لمشكلة النفايات

تحاول المباني الخضراء عموما استهلاك أقل قدر ممكن من المواد الخام الجديدة، فيما يعرف بعمل «دائرة مغلقة – closed loop» للموارد. يحاول مفهوم الدائرة المغلقة جعل الموارد مستخدمة دائمًا عن طريق إعادة الاستخدام أو إعادة التدوير بدلاً من التخلص منها كنفايات في دورة حياة المبنى، أو عندما يكون هناك هالك للمنتج. ولكن وعلى عكس المعتقد الشائع فإن إعادة التدوير ليست الحل الأمثل دائمًا بالنسبة لمخلفات مواد البناء، نتيجة ما سينتج عنه من انبعاثات للغازات الدفيئة. ولكن إعادة الاستخدام لا يتطلب دخول المواد في دورة صناعية جديدة. فيمكن استخدام هالك الطوب والسراميك والخرسانة والركام والبلاط في انتاج طبقة أساسات للطرق، كما يمكن استخدامها في انتاج خرسانات جديدة خضراء. لذلك فيمكن تقليل 160 طن من النفايات سنويًا في الولايات المتحدة وحدها إذا ما تم إعادة استخدام هالك مواد البناء.  [2]

المصادر:
[1] LEED Core Concepts Guide
[2] Sustainable Construction: Green Building Design and Delivery
[3] Assessment of the Technical Potential for Achieving Net Zero-Energy Buildings in the Commercial Sector

الخدع الثلاث الأساسية لصناعة واقع افتراضي

هذه المقالة هي الجزء 3 من 9 في سلسلة ما هو الواقع الافتراضي وكيف سيشكل مستقبلنا؟

يعتمد عمل الواقع الافتراضي بشكل كبير على خداع الحواس والعقل لتوليد الإدراك. ونقصد بالخِدع هنا أن العقل قد أُوهم بأن ما يراه صحيحًا. ويتم تصنيف الخدع إلى ثلاث أنواع سنتحدث عنها في هذا والمقال وهي بمثابة الخدع الثلاث الأساسية لصناعة واقع افتراضي، فما هي؟

الخدع الثلاث الأساسية لصناعة واقع افتراضي

1- خدعة المكان «Place Illusion»

تعمل هذه الخدعة على خلق تأثير أو حالة من الشعور بأن الشخص قد انتقل من مكانه إلى مكان آخر كلياً. لتحقيق هذه الحالة يجب أخذ عدّة عوامل بعين الاعتبار، وهذه العوامل هي:

1- جودة العرض

كما نعلم فإن دقة العرض تلعب دورًا مهمًا في توليد الإدراك، لذلك يجب أن تكون الدقة عالية بالإضافة إلى عامل آخر مهم وهو معدل الإطار. نعلم أن معدل الإطار الطبيعي للعين هو في المجال بين 30 إلى 60 إطار بالثانية، لذلك يجب توليد رسوميات بمعدل إطار بين 75 إلى 120 إطار بالثانية، وكلما زادت القيمة كلما كانت الحركة أقرب إلى الواقعية أكثر.[1]

2- تتبع الحركة وزوايا الميل

تتعلق جودة التتبع بمقياس مهم وهو درجة الحرية التي توفرها أداة التحكم. درجة الحرية هي الحركات والزوايا التي تستطيع الأداة قياسها، وبالتالي كلما زادت كلما كان لدى المستخدم حرية أكبر في الحركة. فمثلًا، لو كان للأداة درجة حرية منخفضة وقام المستخدم بحركة معينة ولم يستجيب لها الجهاز، سيلغى الشعور بالواقعية مباشرةً مما قد يؤثر سلبًا على جودة استخدامه للواقع الافتراضي.

3- أدوات التحكم

وهذا يتعلق بالبندين المذكورين سابقًا، أي لتحقيق جودة عرض عالية و تتبع حركة دقيق، يجب استخدام أدوات ذات جودة عالية تلبي هذه المطالب للإبقاء على الوهم بدون توليد شكوك حول صحته. أيضًا المؤثرات السمعية ذات أهمية كبيرة لتعزيز الوهم المكاني وتوليد الإدراك المطلوب لدى المستخدم.[2]

2- خدعة المعقولية «Plausibility Illusion»

تعمل هذه الخدعة على مبدأ خلق بيئة معقولة يمكن تصديق وجودها وأن كل ما فيها يحدث فعلاً. وهي أهم نوع من الخدع لأنها تستهدف إدراك الدماغ مباشرة وليس الحواس. مثلًا، لو دخلت لتجريب واقع افتراضي يسمح لك بالسفر إلى بلد آخر، ورأيت مخلوقات غريبة، سوف يدرك دماغك أنه محض خيال ويقوم بإلغاء الإدراك بأن ما تراه واقعي. العوامل المؤثرة بالخداع المكاني تؤثر أيضًا على هذا النوع ولكن من الممكن أن يلغى وهم المعقولية في حالتين:

1- البيئة لا تتجاوب

في حال كانت البيئة الافتراضي لا تتجاوب مع تفاعل المستخدم معها بشكل صحيح وواقعي، سيؤدي هذا إلى خلل في الإدراك فمثلًا، لو كنت تسير في غابة افتراضية وعبرت من خلال شجرة بشكل طبيعي دون الإحساس بعائق يوقفك، فإن عقلك سيلاحظ الخطأ المنطقي الحاصل وسيؤدي هذا إلى إفساد كامل التجربة.

2- حركة العناصر

إذا كانت حركة العناصر عبارة عن حركات مكررة إلى حد كبير أو غير منطقية سيلاحظ العقل الأخطاء المنطقية مباشرةً ويلغي الإدراك فمثلًا، لو كنت في الغابة ولاحظت أن مجموعة من الحيوانات يقومون بنفس الحركات بالضبط دون أي تغيير لمسافة معينة ثم يعودون لنقطة البداية، ستلاحظ الخطأ مباشرةً لأن العشوائية هي سمة الطبيعة. [2]

إن تجنب حدوث هكذا أخطاء يتطلب مقدرة كبيرة على محاكاة الطبيعة ضمن أنظمة الواقع الافتراضي. فالمحاكاة الصحيحة هي نواة النظام وفشلها يؤدي إلى فشله مباشرةً. ولكن ما الفرق بين خدعة المكان وخدعة المعقولية؟

في خدعة المكان وكما ذكرنا سابقًا، يجب أن يشعر المستخدم أنه قد انتقل إلى عالم آخر تمامًا. وفي حال حدوث شيء أدى إلى إفساد هذه الخدعة، فيمكن إعادته لأن الأمر يعتمد على خداع الحواس قبل الدماغ. أما خدعة المعقولية، فهي تعتمد على أن المستخدم يصدق بواقعية وصحة ما يراه. وفي حال حدوث شيء أدى إلى إزالة هذه الخدعة مؤقتًا، فإن العقل سيبدأ بالتشكيك بكل ما يراه بعدها. وبالمحصلة سيركز العقل على ملاحظة الأشياء غير الواقعية، مما يؤدي إلى فشل هذه الخدعة بشكل كامل وصعوبة استرجاعها. [2] لذلك من المهم والضروري العمل على تحقيق أعلى مستويات الدقة عند تصميم أنظمة الواقع الافتراضي.

3-خدعة التجسيد «Embodiment Illusion»

وظيفة هذه الخدعة هي خلق إحساس لدى المستخدم بالانتماء الجسدي بالواقع الافتراضي. ويعتمد هذا بشكل أساسي على تتبع الحركة و زوايا الميل كي تنتقل الحركة الحقيقية بشكل كامل ودقيق إلى الواقع الافتراضي. أحد العوامل الأساسية ضمن هذه الخدعة هو التغذية العكسية اللمسية. تولد التغذية العكسية اللمسية شعور واقعي عند ملامسة العناصر المختلفة ضمن الواقع الافتراضي.[3]

تحقيق التوافق بين الخدع الثلاث مهم بدرجة كبيرة لخلق إدراك قوي بواقعية التجربة. وكما نلاحظ فإن التكامل بين جميع العوامل مهم، وأي خلل في إحداها سيؤدي إلى خلل كامل المنظومة.

المصادر:

1- NCBI
2- Geeks For Geeks
3- Virtual Body Works

البلورات الزمنية وعلاقتها بالحواسيب الكمية

البلورات الزمنية وعلاقتها بالحواسيب الكمية

سعى الباحثون جاهدين على مدار السنوات الماضية في فهم البلورة الزمنية، تلك البلورة التي لا تستهلك أي طاقة وتحوي بعدًا رابعًا!

كان أول من تصور البلورة الزمنية هو الفيزيائي الحائز على نوبل «فرانك ويلكزك» عام 2012. البلورة الزمنية هي حالة جديدة من حالات المادة. في عام 2016 بنى العلماء بلورات زمنية من خلال سلسلة من أيونات الإيتربيوم. استطاع باحثون في Google بالتعاون مع علماء فيزياء من جامعات متعددة مؤخرًا أن يستخدموا الحاسوب الكمي لإثبات حقيقة البلورة الزمنية. سنعرف في السطور القادمة البلورات الزمنية وعلاقتها بالحواسيب الكمية

في عام 2019، احتل فريق الحوسبة الكمية لشركة جوجل عناوين الصحف. إذ أجروا أول عملية حسابية على الإطلاق. لم يكن يعتقد أن الحواسيب العادية قادرة على القيام بها في فترة قياسية كما فعل الحاسوب الكمي. بالرغم من ذلك ظهرت هذه المهمة للتعجيل فقط. لم يكن لها فائدة عميقة تجعلنا نطمأن بشأن الحاسوب الكمي وأنه سيجتاح وسيكون مربحًا، لكن العرض التوضيحي البلوري للزمن، بشرنا بشأن الحاسوب الكمومي.

هناك نوعان من البلورات:

  • بلورات الفضاء (البلورات العادية).
  • بلورات زمنية.

لكن كيف تتكون البلورة؟

تنتج البلورة من عملية تسمى «عملية البلورة».

البلورات الزمنية وعلاقتها بالحواسيب الكمومية

عملية البلورة

هي تحول مادة سائلة إلى مادة صلبة، إذ يتم وضع ذراتها أو جزيئتها في شبكة بلورية ثلاثية الأبعاد وأصغر جزء في البلورة {خلية الوحدة}. تتكون البلورة من ملايين من وحدات الخلايا. تستخدم عملية البلورة كطريقة للحصول على بلورات نقية ويوجد نوعان من بلورة:

  • بلورة بالتبخير
  • بلورة بالتبريد

فالبلورة عملية تترتب أو تصطف فيها ذرات أو جزيئات المادة في شبكة ثلاثية الأبعاد وعند إضافة مادة صلبة في سائل وتقليبها. تذوب المادة الصلبة في السائل وعند إضافة المزيد والمزيد من المادة الصلبة في السائل. عند نقطة معينة لا تذوب وتسمى هذه النقطة بالتشبع ويطلق على المحلول اسم «محلول مشبع».

يُسخن المحلول في وعاء مفتوح وتبدأ جزيئات المذيب في التبخر، تاركة وراءها المواد المذابة وعندما يبرد المحلول. تبدأ بلورات المذاب بالتراكم على سطح المحلول. يتم جمع البلورات وتجفيفها حسب متطلبات المنتج ويتم فصل المواد الصلبة الغير مذابة في السائل بعملية الترشيح ويعتمد حجم البلورات المتكونة خلال هذه العملية على معدل التبريد. تتشكل العديد من البلورات الصغيرة إذا تم تبريد المحلول بمعدل سريع وبلورات كبيرة إذا تم تبريده بمعدل بطيء.

تُعد البلورة الزمنية الحالة الشاذة والتي خرجت عن التوازن المعتاد، أي تلك المرحلة التي تكون فيها الطاقة أقل ما يمكن وتكون فيها الجزيئات في حالة ثبات متمتعة بحالة من الاستقرار لكن ما الفارق الجوهري، فعلينا معرفة البلورة العادية أولًا؛ لنمييز.

بلورات الفضاء (البلورات العادية)

مكعبات الملح والسكر ورقائق الثلج والماس والياقوت واللؤلؤ والأوبال كلها أمثلة على بلورات عادية. بالاضافة الى المئات من الأحجار الكريمة والصخور. قد تكون تلك البلورات جذابة لكن قيمتها الحقيقة لا يمكن ملاحظتها إلا تحت الميكروسكوب. إذ تتكون المواد الصلبة البلورية من هياكل معقدة هندسيًا من ذرات أو أيونات أو جزئيات. تلك التجمعات المرتبة منهم تتكون من هياكل مجهرية تسمى التشابك البلوري. تتكرر تلك الهياكل وتمتد في جميع الاتجاهات وتبقى ثابتة بمرور الوقت وبالتالي تظل في حالة اتزان.

خلية الوحدة

نحصل على التركيب البلوري عن طريق ربط الذرات أو الجزئيّات وهذه البنية موجودة في الطبيعة وتعرف المجموعة الصغيرة المكونة للهيكل الذري باسم خلية الوحدة للهيكل. خلية الوحدة هي البنية الأساسية للهيكل البلوري وهي تشرح أيضا بالتفصيل التركيب البلوري.

فخلية الوحدة هي أصغر جزء مكون للبلورة، تتكون خلايا الوحدة في مساحة ثلاثية الأبعاد وهنا يكمن الفرق بين البلورة العادية والزمنية، فالبلورة العادية تنشأ في فضاء ثلاثي الأبعاد عكس البلورة الزمنية، التي تنشأ في فضاء رباعي، معتمدين على البعد الرابع ألا وهو الزمن.

تستخرج البلورات الطبيعية من الأرض. إذ تتسبب درجة حرارة الأرض وضغطها في تكونها، كذلك يمكن إنشاء العديد من البلورات في المختبرات لكن تحت ظروف معينة.

البلورات الزمنية

هي حالة جديدة من حالات المادة، لكن مختلفة تمامًا عن سابقيها الذين تميزوا بالتوازن الحراري. أي استقرار الذرات المكونة لهم بأقل طاقة تسمح بها درجة الحرارة المحيطة. إضافة إلى الخصائص الثابتة التي لا تتغير بمرور الوقت.

البلورات الزمنية هي شكل مختلف، إذ تتحرك الجسيمات حركة لا نهائية ولا تفقد أي قدر من الطاقة لكن كيف تتكون؟

كيف تتكون البلورة الزمنية؟

علينا معرفة أنه كلما اكتسبت الذرات أو الجزيئات قدرًا أكبر من الطاقة كلما كانت حركتها حرة. فمثلا في الحالة الصلبة تكون الطاقة قليلة. فنجد المادة متماسكة أما في الحالة الغازية تكون الطاقة أكبر ما يمكن فتكون جزيئات المادة في أعلى درجات الحرية. في المادة السائلة تكون الطاقة متوسطة أو أقل من طاقة الحالة الغازية فنجد نوعًا من التماسك كمثال الماء.

يوضح الفيزيائيون أنهم بنوا هذه المرحلة الجديدة من المادة داخل الحاسوب الكمومي.

البلورة الزمنية تكسر قاعدة الاستقرار، فهي مرحلة جديدة من مراحل المادة، فالماء والجليد مثلًا في حالة توازن حراري.

التماثل

تنطبق القوانين الفيزيائية المعروفة بشكل متناسق على جميع الأشياء في المكان والزمان. بالرغم من ذلك، هناك أنظمة معينة تنتهك هذا التناظر أو التماثل.

والمقصود بالتماثل في الفيزياء أن خصائص الجسيمات مثل الذرات والجزيئات تظل دون تغيير بعد تعرضها لمجموعة متنوعة من العمليات. قدم التماثل نظرة ثاقبة حول قوانين الفيزياء وطبيعة الكون ويتضمن إنجازان مميزان للقرن العشرين وهم النسبية وميكانيكا الكم.

استنتاج هام

تطبيق التماثل أدى لاستنتاج مهم وهو أن بعض القوانين الفيزيائية التي تحكم سلوك الأشياء والجسيمات لا تتأثر عند تغيير إحداثياتها الهندسية. بما في ذلك الزمن باعتباره بعدًا رابعًا وتظل القوانين الفيزيائية صالحة في جميع الأماكن والأزمنة في الكون.

فما يميز هنا البلورات الزمنية أننا حينما ننظر في أي وقت إليها؛ سنرى الشكل متماثل ويرجع ذلك إلى الدوران الأبدي للبلورة.

تخرق البلورات الزمنية بعض قوانين الفيزياء مثل:

قانون نيوتن الأول للحركة

قانون إسحاق نيوتن الأول والذي ينص على أنه إذا كان هناك جسم في حالة سكون أو يتحرك بسرعة ثابتة في خط مستقيم. فإنه سيبقى في حالة السكون أو الحركة ما لم تؤثر عليه قوة. في النهاية سيتوقف الجسم المتحرك بفعل قوة ما مثل الاحتكاك، لكن البلورة الزمنية تتحرك حركة أبدية وتخل بذلك القانون.

القانون الثاني للديناميكا الحرارية

تخرق البلورات الزمنية القانون الثاني للديناميكا الحرارية

يهتم القانون الثاني بالاتجاه الطبيعي أو التلقائي الذي يسعى للحفاظ على الإنتروبي.

الإنتروبي هو مقياس للفوضى أو العشوائية. فمثلًا انتقال الحرارة من الجسم الساخن إلى الجسم البارد عملية تلقائية وسنجد أنه كلما زادت حرية حركة الجزيئات زادت الإنتروبي.

عند زيادة (تسخين) الحرارة يزداد الإنتروبي وعند التبريد (خفض) تقل الإنتروبي.

الإنتروبي في الحالة الغازية أكبر من السائلة أكبر من الصلبة.

وذلك مخالف لما يحدث في البلورات الزمانية التي تتميز بحركة أبدية، لأن تلك طبيعتها ولا تحتاج إلى طاقة.

نتاج البلورات الزمنية

كشف العلماء أن البلورات الزمنية مشابهة المواد فائقة التوصيل كالزئبق والرصاص. وهي ظاهرة كمومية، إذ تقوم بعض المواد بتوصيل التيار الكهربائي دون أي فقد للطاقة وتستخدم المواد فائقة التوصيل في الحواسييب الكمومية.

حيث تتكون الحواسيب الكمومية من كيوبتات وهي جسيمات كمومية يمكن التحكم فيها وهي وحدة بناء الحاسوب. تتكون كيوبتات جوجل من شرائط الألومنيوم فائقة التوصيل والتي ذكرنا أنها تخرق القانون الثاني للديناميكا الحرارية. استخدام البلورات الزمنية التي تتحرك حركة أبدية. يساعد في بناء وصيانة الحاسوب الكمومي وتقنيات كمومية أفضل والتي يمكن دمجها في حياتنا العملية. يُعتقد أن دراسة البلورات الزمنية والتعمق في فهمها سيؤدي انجازات علمية في الساعات الذرية الدقيقة والجيروسكوبات والمقاييس المغناطيسية، قد يسمح لنا هذا باستخدام أنظمة كمومية مستقرة في درجات حرارة تشغيل أعلى بكثير مما حققناه حاليًا.

المصادر

تاريخ ناطحات السحاب: كيف ظهرت شواهد المدن الحديثة؟

تعتبر ناطحات السحاب اليوم واجهات المدن الحديثة والعمران الإنساني. إذ تأسر الأنظار بارتفاعاتها الشاهقة وأضوائها الباهرة. لكن هذا النوع من البناء يعتبر حديثًا جدًا، واحتاج إلى العديد من التطورات والاختراعات ليتمكن من الانتشار كما هو الآن.

البناء الرأسي في التاريخ

كان العمران على مدار التاريخ محكومًا بالتقنيات المتوفرة والمواد المتاحة جغرافيًا، كما أن الحاجات الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية كانت تلعب دورًا مهمًا في البناء والتخطيط. ولذلك لم يكن هناك حاجة كبيرة تاريخيًا للبناء بشكلٍ رأسي نحو الأعلى، إلا في حالات نادرة محكومة أيضًا بالقدرات التقنية والإدارية والموارد المتاحة لدى المجتمعات.

تعود أوائل المنشآت البشرية الرأسية لحقب ما قبل التاريخ وكانت تستعمل كشواهد على طرق الهجرة والرعي وكانت عبارة عن أحجار طويلة يتم رفعها. ومع نشوء المدن في التاريخ وظهور الديانات المنظمة والامبراطوريات بدأت المباني الشاهقة كالمعابد والقصور في الظهور في الحضارات الكبيرة. لعل أبرز الأمثلة على هذا هي أهرامات بلاد الرافدين المدرجة أو أهرامات الجيزة بمصر. ظل الهرم الأكبر في مصر أعلى مباني العالم ارتفاعًا لآلاف السنوات، بارتفاع يقترب من الـ147 مترًا شاهدًا على قدرة المصريين القدماء الهندسية والإدارية.

في الصين وشرق آسيا ظهرت الباغودا «Pagoda» كنمط معماري متعدد الطوابق يستعمل عادة للطقوس الدينية، لكنها كانت في العادة مبنية من الخشب أو الحجارة والطوب. وبحلول القرن السابع الميلادي كان هناك انتشار لباغودات حديدية لكنها كانت مكلفة ناهيك عن صعوبة تصنيع الحديد بجودة عالية في تلك الفترة. كما أن استعمالها لم يتغير كثيرًا كما لم يتغير تخطيطها الداخلي أيضًا.

الشرق والغرب: المآذن والهندسة الإسلامية

في الحضارة الإسلامية تعدّ المئذنة أكثر الأنماط المعمارية شهرة، وقد تعددت أشكالها حسب النطاق الجغرافي الذي وجدت فيه. بشكلٍ عام لم تظهر المئذنة كمكوّن رئيس في المساجد سوى في العهد الأموي وبعد انتقال الإسلام إلى الحضارات المفتوحة واختلاطه بها. وقد استعار المسلمون العديد من تقينات ومعارف البناء وطوروها. فنجد على سبيل المثال أن المآذن في العراق قديمًا تشبه إلى حدٍ ما الأهرامات المدرجة. مع الوقت طوّر المسلمون وسائل هندسية مثل القباب والأقواس والأعمدة التي ساعدتهم على بناء منشآت أعلى، والتي نراها في المساجد القديمة كالسلطان أحمد في اسطنبول أو الحمراء بغرناطة.

المئذنة الملوية بسامراء

لكن هذا التبادل المعرفي العمراني سار أيضًا في الاتجاه المعاكس، فحسب الكاتبة والمؤرخة المعمارية «ديانا دارك»، فإن النمط المعماري الأوروبي المعروف بالنمط القوطي «Gothic» متأثر بشكل مباشر بالعمارة والهندسة الإسلامية . بل إن بعض المهندسين والمعماريين قبالة عصر النهضة قد تلقوا معرفة معمارية وهندسية من المسلمين واستعملوها لتطوير المعرفة البنائية لديهم، مثل المعماري الشهير «برونيلسكي» في تصميمه وبناءه لكاتدرائية فلورنسا.[1]

مساجد السليمانية للمعماري العثماني معمار سنان، وتظهر المعرفة الهندسية باستعمال القباب والأقواس للبناء عاليًا.

أبراج خشبية، وشواهد حديدية

في القرن الرابع عشر بدأت أبراج الكنائس في أوروبا بتعدي ارتفاع الهرم الأكبر. كاتدرائية لنكولن في انجلترا قد تكون وصلت إلى ارتفاع 160 مترًا عام 1311، ولكن برجها الخشبي انهار أثناء عاصفة عنيفة في فترة حكم إدوارد السادس. وبعد انهياره ظل لقب أعلى منشآت العالم في حيازة أبراج كنائس أوروبية متعددة، مثل كنيسة القديسة ماري في ستراسبورغ، وانتهاءً بكاتدرائية كولون الالمانية التي انتهى العمل عليها عام 1880، قبل أن تخسر لقب أعلى مبنى في العالم لنصب واشنطن في أمريكا.

رسم لكاتدرائية لنكولن بانجلترا قبل احتراق برجها الخشبي
نصب واشنطن، بارتفاع 168 مترًا

كان برج ايفل (بارتفاع 300 متر) محطة فاصلة في تاريخ الإنشاءات وبالأخص إنشاءات ناطحات السحاب لاستعماله هيكلًا حديديًا يحمل وزنه. استخدام هيكل حديدي أو فولاذي لحمل أوزان وأحمال المبنى صفة هندسية مركزية لناطحات السحاب.

يعرّف بروفيسور الاقتصاد بجامعة هارفارد والمهتم بالاقتصاد الحضري «إدوارد غليزر» ناطحة السحاب بأنها “مبنى “طويل”، مكوّن من 10 طوابق على الأقل، ومزود بمصاعد وذو هيكلٍ معدني أو حديدي”. هذا التعريف يبيّن أن نشوء ناطحة السحاب اعتمد بشكلٍ أساسي على تقنيتين ناشئتين من القرن التاسع عشر: انتاج الحديد والصلب بجودة عالية، والمصاعد الآمنة.[2]

الحديد والصلب: مفتاح الإنشاءات المرتفعة

قبل الثورة الصناعية، كان انتاج الحديد والصلب مكلفًا وغير متساوٍ في الجودة. في الواقع، فإن أحد دوافع «جيمز واط» لتصنيع محركات البخار في مدينة برمنغهام بدلًا من موطنه في غلاسغو، هو جودة الحديد والصلب المنتج في المدينة والذي أنتجته مصانع «جون ولكنسون – John Wilkinson». كان لولكنسون أيضًا دور في بناء أول جسر حديدي في العالم عبر نهر السيفرن عام 1775.

في عام 1797 انتهى العمل على أول مبنىً ذي هيكلٍ حديدي في العالم، وهو مطحنة ديثرنغتون للكتان «Ditherington Flax Mill»، ورغم أنها لم تتجاوز الخمس طوابق إلا أنها تعتبر النواة الأولى لناطحات السحاب الحديثة.

«Ditherington Flax Mill»

نوافذ وتجارة!

الإطار الحديدي للمباني يعني أن وزن المبنى لا يُحمل بواسطة الجدران بل بواسطة الهيكل. تصبح الواجهة حينئذ شبه معلقة على هذا الهيكل. ولذلك، في حين احتاج إنشاء المباني تقليديًا إلى جدران بالغة السماكة او إلى دعامات، سمحت الهياكل الحديدة ببناء جدران أنحف أو حتى زجاجية. ولهذا السبب صارت المباني ذات الهياكل الحديدية مفضلة للأنشطة التي تحتاج إلى إضاءة جيدة.

أدرك «ألكساندر ستيورات – Alexander Turney Stewart» -أحد أنجح التجار ورواد الأعمال في نيويورك في القرن التاسع عشر-، أن عرض البضائع على نوافذ الأدوار الأرضية لمتاجره سيجذب المشاة الكثر في شوارع نيويورك إليها. وهكذا صمم “قصر الرخام” الخاص به عام 1848 بنوافذ كبيرة مطلة على الشوارع. بالطبع جعلت النوافذ الكبيرة الدور الأرضي ضعيفًا، لكن المبنى كان مستندًا على أعمدة حديدية لحمل وزنه.

قصر الرخام لرجل الأعمال أليكساندر ستوارت، أول مبنى يوظف نوافذ الطابق الأرضي لعرض البضائع

كان استعمال زجاج في المباني فتحًا هندسيًا إن جاز لنا التعبير، وكان من أوائل المنشآت التي استعملت الزجاج بوفرة هو قاعة لندن الكبرى للمعارض عام 1851، والتي صممها المهندس «جوزيف باكستون – Joseph Paxton». أنشئت هذه القاعة العملاقة بأكثر من 4000 طنٍ من الحديد وأكثر من 84 ألف مترٍ مربع من الزجاج، وتعتبر أحد أسلاف ناطحات السحاب الحديثة.

معرض لندن الكبير

المصاعد: كلمة السر لرواج المرتفعات

عام 1854، وقف «إليشا اوتيس – Elijah Otis» ليقدم عرضًا لزوار معرض نيويورك. لقد وقف على منصة مرتفعة وأمر بقطع الحبل الذي يمسكها، ليتوقف سقوطه مباشرة باستعمال آلية السلامة التي صممها بنفسها. ومنذ ذلك الحين سمحت مصاعد أوتيس بالحركة رأسيًا بشكل آمن، وبدأت الأبراج العالية في الظهور مستعملة تقنية المصاعد. ففي حين كانت الأدوار المرتفعة قديمًا غير محببة ورخيصة لمشقة صعود السلالم العالية، فقد جعلت المصاعد من الأدوار المرتفعة رفاهية ورفعت من قيمتها. ظهر أول برج يشغل المصاعد عام 1870، وهو برج «Equitable Life» بنيويورك. ورغم أنه لم يتعد السبع طوابق بارتفاع 40 مترًا، إلا أن استعماله للمصاعد ضمن نجاحه كمكان للعمل والسكن.

مبنى «Equitable Life» بمانهاتن بنيويورك، والذي هُدم عام 1912 بعد احتراقه.

من أول ناطحة سحاب حتى “مدينة ناطحات السحاب”

يصنّف العديد من المؤرخين مبنى «بيت التأمين – Home Insurance Building» كأول ناطحة سحاب. أقيمت الناطحة عام 1885 باستعمال هياكل حديدية مقاومة للحرائق وباستعمال الاسمنت المسلح، وقد صممها المهندس «ويليام لي بارون جيني – William Le Baron Jenney» والذي يعتبر الآن أبا ناطحات السحاب. ولكن بالطبع، وكما في أي نقاش تاريخي، فإن هناك الكثير من الجدل. فارتفاع مبنى بيت التأمين بالكاد يتعدى ارتفاع مبنى الحياة العادلة بـ3 أمتار، وإن كان يتكون من 10 طوابق بدلًا من 7. ولكن برج «مونتاوك”، والذي أنشئ قبل مبنى الحياة العادلة ببضع سنوات بتصميم المهندسين «دانييل برنهام» و «جون روت» كان أيضًا مكونًا من 10 طوابق.

الثنائي «برنهام» و «روت» قاما فيما بعد ببناء محفل شيكاغو الماسوني ذي الـ21 طابقًا، ولذلك قد يعتبرهم البعض الآباء الحقيقيين لناطحات السحاب. أو يمكن اعتبار المعماري «لوي سوليفان»، والذي اشتهر بفكره المعماري واستغلاله لطاقة الهياكل الحديدية وإمكانياتها.

محفل شيكاغو الماسوني، والذي كان أطول مباني شيكاغو حتى تم هدمه هو أيضًا عام 1939

في الواقع، عمل كلٌ من «سوليفان» و «برنهام» كمتدربين لدى «جيني»، واستعاروا جميعهم أفكارهم من بعض. يمكننا القول أن «جيني» كان الخطوة الجريئة الأولى التي بُنيت على انجازات عدة قبله، وأن متابعيه أكملوا ما بدأه ووصلوا به إلى أبعادٍ جديدة.

العمارة الحداثية: استغلال الناطحات لأقصى حد

لن تكون مبالغة إن وصفنا ناطحة السحاب بأنها ذروة سنام العمارة الحداثية، فقد استغلها المعماريون الحداثيون إلى أقصى طاقاتها. فـ«لوي سوليفان» نفسه في تصريحه الشهير “الشكل يتبع الوظيفة” قد ابتكر تصميم الطوابق بشكلٍ مختلف بناءً على وظائفها المختلفة، ما يسمح بمرونة وفعالية أكبر للمبنى ويسمح له بتعدد الاستخدامات. إلا أن النموذج الأكثر وضوحًا لاستغلال ناطحات السحاب هو بدون منازع رائد العمارة الحديثة الأول «لو كوربوزيه». لقد رأى لو كوربوزيه في ناطحات السحاب الحل الأمثل لمشاكل المدينة الحديثة الصناعية ومشاكلها السكنية، و كان من اوائل مشاريعه ذائعة الصيت هو وحدة السكن «Unité d’Habitation».

كان لو كوربوزيه أيضًا مغرمًا بالنظام، وكان قد أعلن أنه “إما العمارة وإما الثورة”، أي أن التخطيط المعماري الجيد الذي يتجاوب مع التحديات الجديدة هو ما يحول بين السلم وبين الثورة وانهيار المجتمع. وربما من هنا نشأ مخططه الذي قدمه لتطوير مدينة باريس والذي يلقب بـ”مدينة ناطحات السحاب”، والذي يعيد مَحوَرة المدينة حول ناطحات السحاب.

مخطط «Plan Voisin» – لو كوربوزيه.

لم يكتب لمخطط لو كوربوزيه الثوري ذاك أن يرى النور. لكن الفكرة الكامنة وراءه انتشرت في مدن كثيرة حول العالم، ولاقت ناطحة السحاب رواجًا كبيرًا لفاعليتها وقدرتها على توظيف المساحة. وعلى الرغم من ذلك كان لانتشار نمط العمارة الحداثية أثار سلبية بالطبع، ولذلك فقد انتهت تقريبًا منذ السبعينات. وليست صدفة أن الحدث الذي اصطُلح على تسميته بـ”نهاية الحداثة” -كنمط معماري- كان هدم أبراج «برويت-آيغو»، والتي كانت عبارة عن مجموعة من الأبراج العالية المرتبة والتي عانت من مشاكل إدارية ومجتمعية بالإضافة إلى قصور في التخطيط.

أبراج إسكان برويت-آيغو، والتي تم هدمها في أوائل السبعينات بسبب مشاكل اقتصادية وإدارية ومجتمعية متعددة.

ناطحات السحاب: واجهات وتحديات المدينة الحديثة

لا تخطئ العين مشهد ناطحات السحاب في حواضر العالم الآن، سواءً انتقلنا من نيويورك إلى لندن أو من ضفاف النيل بالقاهرة إلى هونغ كونغ. ناطحات السحاب والأبراج نموذج لمحاولة المدن حل مشاكلها بطرق معاصرة، ولكنها بالطبع لا تأتي بدون تحديات خاصة بها.

الكثير من العواصم الاوروبية مثل روما وباريس تكاد تخلو من ناطحات السحاب وذلك لقوانينها العمرانية التي تحاول الحفاظ على نسيج المدينة التقليدي (أعلى برج في روما بالكاد يصل إلى 155 مترًا). الأمر نفسه مشاهد في مدن مثل لندن، ذات الوجود الملحوظ للأبراج العالية وناطحات السحاب. إذ أن الإدارات المحلية كثيرًا ما تعترض على إقامة الأبراج العالية حفاظًا على مشهد الأحياء وروحها التقليدية،  كما حدث مع برج «22 بيشوبغيت» في لندن الذي اعترض الكثيرون عليه لتغييره مشهد أفق المدينة وحجبه كاتدرائية القديس بولس العريقة ونصب حريق لندن.[3] يشبه الأمر أيضًا الاعتراضات الموجهة نحو بناء الأبراج في مدن مقدسة كمكة. حيث يتحول مركز الانتباه والثقل في المدينة من المكان المقدس إلى الأبراج الاستهلاكية، ناهيك عن احتلالها المشهد العام مقابل الكعبة.[4]   تنتشر ناطحات السحاب بالمقابل بشكل أكبر في المدن الجديدة نسبيًا (مثل نيويورك) او التي تحاول تحديث وتطوير نفسها بسرعة مثل ساو باولو.

مدينة ساو باولو، والتي تبدو كغابة من ناطات السحاب اللامتناهية

التطوير والإسكان: دور ناطحات السحاب اليوم

يتعلق هذا الأمر أيضًا بتطوير المدن واستبدال الأحياء القديمة بالأبراج، وهو نمط مشهور في تطوير المدن ومحاولة تجديد مراكزها. لكنه يواجه الكثير من الانتقادات بالنسبة لأولويات ورغبات سكان المناطق التي يتم تطويرها. حيث يتم نقلهم واستبدالهم باستثمارات أجنبية وتجارية ومساكن فارهة عوضًا عن توفير مساكن وخدمات كافية (وهو ما يسمى بالانجليزية Gentrification). هناك العديد من الآراء التي ترى أن هذا الطريقة في التطوير ترفع المستوى الاقتصادي للمدن وتحسن مستوى خدماتها ووضع سكانها المعيشي بالفعل.[5] إلا أنه يجب أخذ حاجات ورغبات السكان قيد الاعتبار أثناء وضع أي خطط لتطوير المدن. وذلك لتفادي مشاكل مثل عدم توافر الخدمات الكافية أو ارتفاع تكلفة المعيشة والسكن في مراكز المدن المطوّرة، ما يدفع أصحاب الدخل المحدود بالسكن بعيدًا عن مراكز العمل ليتمكنوا من توفير سكنٍ مناسب.[6]

كما أن ناطحات السحاب تمثل في كثير من الأحيان نموذجًا للضغوط الاقتصادية والحضرية والإدارية في المدن. فمثلًا، تقام في مدينة نيويورك الكثير من الأبراج التي ينتهي بها الحال (بسبب تعقيدات نظم التطوير الحضري والتمويل) كأبراج فارهة يشتريها الأغنياء كاستثمارات.[7] بالطبع، هذه المشكلة ليست خاصة بنيويورك وحدها بل هي منتشرة في الكثير من المدن عالميًا. فالأبراج السكنية توفر نمطًا من الإسكان عالي الكثافة «High-density Housing» والذي يمكن توفيره بجودة مناسبة وعلى مساحة أصغر داخل المدن عوضًا عن الضواحي البعيدة، ولذلك تلقى رواجًا في المدن التي تعاني من كثافة سكانية عالية (مثل هونغ كونغ أو سنغافورة) أو من أزمات إسكانية (مثل لندن). ولكن نموذج الاستثمار في العقارات والأنظمة الإدارية والاقتصادية كثيرًا ما تجعل هذه المشاريع غالية الثمن. ولذلك بدأت العديد من المدن والأحياء وشركات التطوير بابتكار نماذج تمويل وإسكان مخصص للأفراد والعوائل الصغيرة التي تشتري منزلًا للمرة الأولى فقط (مثل نظام الـملكية المشتركة «Shared Ownership»).[8]

التصور المقترح لناطحات نيويورك المطلة على الحديقة المركزية

كما هو واضح، فالعالم بما هو سائر في طريقه نحو التمدّن. وستكون ناطحات السحاب جزءًا من تكوين المدن لأسباب عدة، معيشية وعملية واقتصادية وسياسية. فهي توفر حلولًا للعديد من التحديات التي واجهتها المدن الصناعية وتوفر فرصًا للمدن المعاصرة. لكنها تأتي مع تحدياتها الخاصة أيضًا والتي تتداخل فيها العمارة بالاجتماع والسياسة والاقتصاد بل وحتى مع سيكولوجية البشر الاجتماعية. قصة ناطحات السحاب وتاريخها نموذج لتاريخ التطور التاريخي للبشر ومجتمعاتهم، وكيف أن كل قفزة تأتي بناءً على خطوات سابقة وتواجه تحدياتها التي تختلف بمرور الزمن.

المصادر:

[1] Stealing from the Saracens
[2] CitiesX: The Past, Present, and Future of Urban Life
[3] A tortured heap of towers': the London skyline of tomorrow
[4] من مكة إلى لاس فيغاس
[5] What happens after a neighborhood gets gentrified?
[6] Choosing the Unwalkable suburbs, or settleing for them?
[7] Super-tall, super-skinny, super-expensive: the 'pencil towers' of New York's super-rich
[8] Shared Ownership

البيئات التصالحية: كيف تكون البيئة متنفسًا صحيًا؟

هذه المقالة هي الجزء 7 من 9 في سلسلة مقدمة في علم النفس البيئي

يُترجم مصطلح «Restoration» أحيانًا إلى التعافي، وهو مصطلح واسع في نطاق علم النفس البيئي. يشمل عملية التعافي النفسية أو الفسيولوجية التي تنتج عن بيئات معينة، والتي تسمى بالبيئات التصالحية -أو البيئات العلاجية-.

أشار عدد كبير من الدراسات النفسية والسلوكية إلى أن البيئات الطبيعية أكثر تجديدًا وتحفيزًا للتعافي من البيئات الحضرية، كما أن التعرّض لتلك البيئات التصالحية يساعد في الهدوء والاسترخاء ويحول دون الإصابة بعدة أمراض -مثل تلك التي عرضناها في المقال السابق حول الإجهاد البيئي-. ولذلك فإن البيئات التصالحية ومكوناتها موضوع رئيس في دراسة المنافع الصحية للطبيعة.

نظريات التعافي بالبيئة

سيق البحث حول البيئات التصالحية بشكلٍ أساسي اعتمادًا على تفسيرين نظريين: الأول هو نظرية التعافي من الإجهاد «Stress Recovery Theory»، والمعنيّة بالتعافي من الإجهاد الناتج عند تعرض الفرد لموقفٍ أو ظرفٍ متطلبٍ ذهنيًا أو مهددٍ لسلامته؛ والثاني هو نظرية استعادة الانتباه «Attention Restoration Theory» والمعنيّة بعلاج الإرهاق الناتج عن التركيز المطوّل. بشكلٍ عام يمكننا اعتبار النظريتين متكاملتين حيث تركز كلٌ منهما على جوانبٍ محددة من عملية التعافي.

أول من وضع أسس نظرية التعافي من الإجهاد كان روجر أولريك، والذي كان رائد أبحاث البايوفيليا كما سبق لنا الحديث. حسب أولريك، فحين التعرض للطبيعة فإن انطباع الناس الأوليّ نحو بيئةٍ ما يتكون بشكلٍ لا واعٍ ودون التدقيق في مكونات البيئة المحيطة في غالب الأحيان.

تصدر الانطباعات الأولية الإيجابية عند توافر صفات بيئية معينة في البيئة المحيطة، تشمل هذه الصفات تواجد المكونات الطبيعية (مثل النباتات)، وتناظر الهيكل أو المخطط الفيزيائي للمكان، واستواء الأرضية، وغياب المخاطر على سبيل المثال. تساهم هذه الانطباعات الإيجابية عن البيئة في التعافي إذ توفر ملاذًا آمنًا من التوتر والإجهاد وتوفر مستويات أقل من الانتباه والقلق والخوف.

استعادة الانتباه: بيئات تدعو للاسترخاء

تهتم نظرية استعادة الانتباه لراشيل كابلان وستيفن كابلان بالمقابل بالعمليات الذهنية الأبطأ في التعافي. تفترض النظرية ابتداءً أن البشر لديهم قدرة محدودة لتركيز انتباههم نحو شيء ليس مثيرًا في حد ذاته، وهو ما يجهد آلية الفلترة الذهنية المسؤولة عن التركيز ويتسبب بإرهاق تركيز الانتباه «Directed attentional fatigue».

تتوقع نظرية استعادة الانتباه أن البيئة يمكنها مقاومة الإرهاق الناتج عن تركيز الانتباه حين تتصف العلاقة البشرية-البيئية بأربع صفات:

  1. الإبهار، أي قدرة البيئة على جذب الانتباه دون جهدٍ ذهني من الفرد
  2. الشعور بالتواصل او الارتباط
  3. الابتعاد عن المشاغل والمشاكل اليومية
  4. التوافق بين تفضيلات المرء وخصائص البيئة.

ولما كان من المعتاد توافر هذه الخصائص الأربع في تفاعل البشر مع الطبيعة، كانت البيئات الطبيعية أكثر فاعلية ونجاعة في العلاج عن معظم البيئات الحضرية. ولكن منشآت مثل دور العبادة أو المتاحف يمكنها توفير بعض الخصائص العلاجية أيضًا، وبالأخص بالنسبة للزوار الذين يشعرون بالراحة في تلك الأماكن.

التصميم العلاجي للمدن

تُناسب معايير التصميم العلاجي المذكورة البيئاتِ المتوفرة على مستويات عالية وحادّة من الإجهاد وصعوبة التركيز.  ولهذا فإن المعايير والمكونات العلاجية أصبحت جزءًا مهمًا من عملية التصميم المبني على الأدلة «Evidence-Based Design»، وبالأخص للمنشآت الصحية. ولكن مع كون عوامل حضرية عديدة مصدرًا رئيسيًا للإجهاد والتوتر فإن التصميم الحيوي المحب للبيئة ينال انتشارًا وتطبيقًا واسعًا على مستوى البيئات الحضرية الكاملة. فالدراسات عن البيئات العلاجية والتأثيرات الصحية للطبيعة وجدت أن التعرض للبيئة والخضرة توفر متنفسًا حتى للأشخاص غير المصابين بمستويات عالية من التوتر كما أنها تحسن من تفضيل السكان لبيئتهم.

حديقة الملك سلمان بالسعودية، مشروع قيد الإنشاء لـ”عمرانية” يدمج الطبيعة بالنسيج العمراني لمدينة الرياض.

تحديات تواجه البيئات التصالحية

يواجه التصميم المحب للبيئة والعلاجي عدة تحديات. إحدى  هذه التحديات هو القدر الأمثل من التعرض للطبيعة والبيئات الصحية الذي يجب أن يتعرض له الفرد. فحسب استبيان موسع في المملكة المتحدة نصح الباحثون بـ30 دقيقة أسبوعيًا كزيارة للأماكن الطبيعية والخضراء لخفض مستويات الضغط والاكتئاب لدى الأفراد. كما أن دراسة تأثيرات الطبيعة العلاجية وجدت أن مساحة المسطحات الخضراء في الحي غير مرتبطة بالعائد الصحي للتعرض له، ما يعني أن تخطيط المسطحات الطبيعية يجب أن يركز على توفير المساحات الخضراء لقطاعات أكبر من الناس وجعلها أسهل للاستخدام عوضًا عن زيادة مساحاتها فقط.

في هذا السياق يكون من الضروري الحديث عن الجانب الإداري والاجتماعي للبيئات الصحية. فكما أشرنا مرارًا في هذه السلسلة فالعلاقة بين البشر والبيئة متداخلة على عدة مستويات. أحد هذه المستويات والذي نال اهتمامًا بالغًا حول العالم بعد جائحة كورونا هو عدالة توفير الأماكن العامة والخضراء للسكان. كما زاد الاهتمام بقدرة كل فئات المجتمع ومكوناته من الوصول والتمتع بالأماكن العامة بشكلٍ آمن. فمع موجة احتجاجات حركة «Black Lives Matter» العام الماضي، توسّع الحديث حول حقوق السكان السود في أمريكا وأوروبا في الاستمتاع بالحدائق والأماكن العامة. ففي ظل شعور العديد منهم بالتهديد بسبب العنصرية، تفقد الحدائق والمساحات الطبيعية فاعليتها وأهميتها كبيئةٍ تصالحية. وتتحول المساحات هناك لمصدر للقلق عوضًا عن ذلك. [1]

التفرقة العنصرية في الأماكن العامة أيضًا تأخذ حيزًا من الاهتمام علميًا كما اجتماعيًا. مع ارتفاع درجات الحرارة عالميًا بسبب الاحتباس الحراري، ما يعني أن بعض الفئات تتمكن من الاستراحة في الحدائق والأشجار. بينما لا تجد بعض الفئات الأخرى سوى الأبنية الأسمنتية والشوارع الجرداء حولها. [2] أيضًا، يجري الحديث حول حرمان الفئات الأثر فقرًا حول العالم من الحصول على متنفسٍ صحي في ظل إجراءات الحظر المفروضة. ويزداد الأمر تعقيدًا عند الأخذ في الحسبان نفور العديد من أفراد الطبقات المتوسطة والأغنى من الفئات الأفقر. ما يجعلهم غير مرغوب فيهم في الأماكن الخضراء.

بيئات تصالحية داخل المدن؟

توفير المساحات الخضراء ليس سهلًا في الكثير من المناطق، إما لظروف المناخ أو لعدم توافر الموارد الكافية. وفي هذه الحال فيمكن الاستعاضة عن المساحات الخضراء (وهي الخيار الأمثل كما سبق لنا الحديث) فمكونات أخرى عوضًا عنها. فمثلًا وجدت بعض الأبحاث أن التعرض لمحاكات بصرية للطبيعة كالفيديوهات واللوحات الفنية) والتعرض للروائح والأصوات الطبيعية يمكن أن يوفرا عوائد صحية وعلاجية أيضًا.

كما أن الخصائص الهندسية للبيئة المحيطة، مثل التناظر والأنماط المتكررة في المكان وسلاسة التصميم نفسه ناهيك بتوفير الملاذ الآمن بعيدًا عن الضوضاء والتلوث، تساهم أيضًا في توفير بيئات علاجية ولكنها غير معتمدة على الطبيعة حصرًا. وقد وعي الكثير من سكان المدن ومحافظيها حول العالم بأهمية توفير البنية التحتية الصديقة للمشاة والسكان بعد أزمة كورونا. ويُتوقع ويُرجى أن تستمر هذه الإجراءات في المدن عالميًا لزيادة المساحات العامة المتاحة للسكان. [3]

مركز ماغيز بمستشفى سانت بارتس بلندن « Maggie’s St Bart’s » ، نموذج للتصميم العلاجي والصحي ويوفر ملاذًا لمرضى السرطان بالمستشفى.
ميدان أزاتليك « Azatlyk Square » في روسيا، والذي تم تطويره وسط المدينة ولا يعتمد حصرًا على المكون الأخضر.
المصادر: 
[1] The Toxic Intersection of Racism and Public Space
[2] Racism is magnifying the deadly impact of rising city heat
[3] City dwellers gained more access to public spaces during the pandemic – can they keep it?
[4] Restorative Environments, in Environmental Psychology: An Introduction, Linda Steg.

الإنشاءات مسبقة الصنع: وسيلة بناء أكثر فاعلية وسرعة

ما هي الإنشاءات مسبقة الصنع؟

الإنشاءات مسبقة الصنع «Prefabricated construction»، وتسمى أحيانًا بالإنشاءات المعيارية «Modular Construction»، هي وسيلة إنشاء حديثة تعتمد على بناء وتركيب أجزاء ومكونات المباني بعيدًا عن موقع الإنشاء وتحت ظروف مصنعية متحكم بها، ومن ثم تركيب وتجميع مكونات المبنى في الموقع المراد. تدعى هذه الوسيلة بالإنشاءات المعيارية لاعتمادها على مكونات معيارية، تتراوح في الحجم بين مكونات كهربائية أو سباكة أو بنائية محددة، مرورًا بمكونات خدمية كاملة كالحمامات، وانتهاءً بوحدات كاملة يتم تصنيعها ومن ثم جمعها في مواقع البناء. تشتهر المنازل المشيّدة بهذه الطريقة باسم المنازل مسبقة الصنع.

بالطبع، هناك العديد من المكونات المعيارية المستعملة في أي عملية البناء، مثل معايير الطوب الأحمر والتي تحددها الهيئات الهندسية لضمان جودة وسلاسة عمليات البناء. لكن التصنيع المسبق «Prefabrication» يستعمل للدلالة على المكونات الأكبر حجمًا والتي تشتمل على أجزاء أصغر، كغرف الخدمات أو الوحدات السكنية. [1] [2]

تركيب مبنى سكني مصنّع مسبقًا عن طريق ألواح خشبية عازلة

فوائد التصنيع المسبق

يوفر التصنيع المسبق عدة فوائد لعملية البناء. فمن جهة الإنشاء فتصنيع الوحدات في بيئة وظروف متحكم بها يرفع من جودة البناء ومستويات العزل (الحراري أو المائي). كما أنه يرفع من وتيرة البناء ويسمح بإنشاء عددٍ أكبر من الوحدات في زمن أقصر (إذ يتضمن العمل الميداني مهماتٍ أقل ويمكن الاستمرار في العمل في ظروفٍ جوية أصعب). ومن جهة التخطيط العمراني فتطبيق هذه الطريقة يسمح بتوفير عددٍ أكبر من الوحدات السكنية بحيث تكون موحدة المعايير والمساحات ومضمونة الجودة. وعلى المستوى المعماري المحض، فاستعمال الوحدات المعيارية «Modules» لا يشكل قيدًا بالضرورة على التصميم المعماري، ويمكن دمجه مع العديد من المواد والتقنيات الأخرى. كما أن المباني والمنازل مسبقة الصنع لا تُظهر أي فوارق مُلاحظة عن المباني التقليدية حال اكتمالها، سواء خارجيًا أم داخليًا. [3]

المنازل مسبقة الصنع: أكثر كفاءة واستدامة

أما من جهة الاستهلاك والاستدامة، فالتصنيع المسبق يسمح بتضمين تقنيات ومعايير أفضل لضمان العزل الحراري أو التدفئة على سبيل المثال. كما أنه يقلل من انبعاثات الكربون الصادرة عن مواقع الإنشاء ويقلل من مخلفات عمليات البناء.

من أكثر أنواع الإنشاءات المعيارية ومسبقة الصنع انتشارًا الآن هي «الألواح العازلة الهيكلية – Structural Insulated Panels»، وهي ألواح مصنّعة ومجهزة حسب الطلب يمكن تشكيلها حسب الحاجة والشكل المطلوبين، وتحتوي على نظم العزل الخاصة بها قبل التشييد. نظام الألواح العازلة الهيكلية ينتشر في أوروبا نظرًا لسرعته وكفاءته وامكانية تشكيل الألواح بأشكال مختلفة، ناهيك عن خصائصه الحرارية الممتازة. من النماذج الناجعة لتطبيق هذا النظام هو حي الإبداع المناخي بمدينة ليدز ببريطانيا، والذي يعتبر مشروعًا رائدًا في العمارة المستدامة وتوفير الطاقة ويوفر منازل مسبقة الصنع بجودة عالية. [4]

منازل مصممة باستعمال هياكل خشبية مصنّعة مسبقًا بمدينة ليدز البريطانية.

يمكننا تشييد مبنى مثل الليجو، أو تشييد ناطحة سحاب في أيام!

تتراوح أنظمة الإنشائات المعيارية في الحجم والتعقيد. فتتراوح بين أنظمة “الطوب الخشبي” التي تستعمل الخشب لبناء جدران باستعمال مكعبات خشبية أشبه بمكعبات الليجو، وبين أنظمة أكثر تعقيدًا تعتمد على معيارية أساسات وهيكل المبنى نفسه. من امثلة هذه النظم الأخيرة وأكثرها شهرة نظام «والتر سيجال – Walter Segal method»، وهو نظام يستعمل وحدات معيارية لإنشاء هياكل خشبية للمباني، بحيث تكون خفيفة الحمل ومتاحة للتشييد الذاتي دون الحاجة لشركات مختصة. تمكين الأفراد من التشييد والبناء باستخدام تقنيات الوحدات المعيارية ذاتيًا هو أحد أهداف تطوير هذه النظم ابتداءً؛ إذ أنها توفر بديلًا سهلًا ورخيصًا وفعّالًا عوضًا عن الاعتماد على شركات مختصة ذات تكلفة كبيرة.

مؤخرًا، برزت الصين كمثال لعمليات البناء السريعة. فقامت مثلًا في بداية جائحة كورونا بمدينة ووهان بتشييد مستشفى كاملة باستعمال نظام التصنيع المسبق خلال 10 أيام لاستعياب المرضى. [5] ولكن حتى لو استبعدنا عامل الإدارة الصينية المركزية، فحتى الشركات الصينية الخاصة بدأت تتوسع في هذا المجال. فمنذ فترة قريبة أتمت شركة «Broad Group» الصينية بناء برج سكني مكون من عشرة طوابق في مدة لم تتجاوز 29 ساعة. المبنى مكون من وحدات معيارية مصنعة مسبقًا، وكل ما احتاجه في موقع الإنشاء هو تركيب أجزائه وإيصال المياة والكهرباء. [6]

جدير بالذكر أن شركة “برود جروب” قد خططت عام 2012 لبناء أعلى ناطحة سحاب في العالم بارتفاع 838 مترًا باستعمال تقنية التصنيع المسبق. وكان مخططًا أن يتم الانتهاء من البرج خلال 7 شهور في البداية، وتقلصت مع بداية الإنشاءات إلى 90 يومًا فقط. إلا أن بناء البرج توقف عام 2013 وسط مخاوف حول سلامته وتوقف دعم الحكومة. [7] ويبدو أن التصنيع المسبق والإنشاءات المعيارية تنال رواجًا في دول شرق آسيا ذات الكثافة السكانية العالية. فأطول برج معياري في العالم الآن هو برج “كليمينت كانوبي” في سنغافورة، بارتفاع 135 مترًا. وقد تم بناؤه باستعمال وحدات اسمنتية مصنعة مسبقًا.[8]

برجا “كليمينت كانوبي” في سنغافورة

مستقبل الإنشاءات قد يكون طباعة المباني!

مع تقدم تقنيات التصميم الحاسوبي والطباعة ثلاثية الأبعاد، بدأت هاتان التقنيات بالاندماج. إذ قام مهندسون من شركة آروب Arup البريطانية بتشييد منزلٍ عن طريق تصميمه حاسوبيًا ومن ثم طباعته باستخدام روبوت خاص.  يتكون المبنى من غرفة معيشة وغرفة نوم ومطبخ وحمام، بمساحة 100 متر مربع وارتفاع 3.2 متر.

تمت طباعة المبنى في ساحة عامة وعُرض في مهرجان “أسبوع التصميم” بميلان

صمم المهندسون جدران المنزل، باعتبارها وحدات المبنى الأساسية، باستعمال برنامج راينو. تزن كل وحدة 1400 كجم (ما يجعل وزن المبنى كله 50 طنًا) وأخذت من 60-90 دقيقة للطباعة. استعمل هذا المشروع مزيجًا اسمنتيًّا معاد التدوير وسريع الجفاف ليستطيع مجاراة سرعة الطباعة ثلاثية الأبعاد.  كما أن آلة الطباعة التي قامت بتشييده تتمكن من الطباعة مباشرة في موقع المبنى ولا تحتاج للطباعة في معمل. أخذ تشييد المبنى (أو طباعته بالأحرى) أسبوعًا ليكون آهلًا للسكن. [9] [10]

في ظل موجات التمدّن والتحضّر وتوقع ازدياد نسبة سكان المدن من العالم إلى 70% بحلول 2050، فإن الإنشاءات المصنّعة والمعيارية بشتى تقنياتها توفر حلولًا لتوفير مساكن ومنشآتٍ موفرة وفعّالة ومستدامة، بالأخص في الأماكن التي تشهد مشاريع تطوير  عمرانيّ كبيرة.

المصادر: 
[1] Prefabrication 
[2] Modular architecture
[3] للمزيد حول تاريخ الإنشاءات مسبقة التصنيع: المنازل الجاهزة
[4] Climate Innovation District
[5] China completes hospital in 10 days
[6] dezeen: Modular Apartment Block in 28 Hours
[7] dezeen: World's tallest Modular building
[8] dezeen.com Clement Canopy
[9] 3d-printed Concrete House
[10] dezeen.com 3d-Printed House

نظرية الرسوم البيانية

كتب الفيلسوف وعالم الرياضيات الشهير «جوتفريد دبليو لايبنيز-Gottfried W. Leibniz» رسالة بعثها إلى «كريستيان هويجنز-Christian Huygens» يقول فيها: “أنا لا أكتفي بالجبر، لأنه لا يقدم أقصى البراهين ولا أجمل التركيبات الهندسية. نحن بحاجة إلى نوع آخر من التحليل الهندسي أو الخطي يتعامل مباشرة مع الموضع، إذ يتعامل الجبر مع المقدار”.

كانت هندسة المواقع لـ لايبنيز -المعروفة اليوم باسم مجال الطوبولوجيا- بطيئة في التطور، ومن بعد ذلك أتى «ليونارد بول أويلر-Leonhard Paul Euler» بورقته البحثية التي مثلت نقطة البداية لنظرية الرسوم البيانية أو المخططات والطبولوجيا. كانت تلك الورقة تتحدث عن حل مشكلة جسور كونيجسبيرج الشهيرة وتُّعد تلك الورقة الأولى في تاريخ الرسوم البيانية.

لقد أنشأ أويلر الرسم البياني لمحاكاة مكان وحالة معينة وهي حل مشكلة كونيجسبيرج التي تُّعد واحدة من أصعب المشكلات. تطورت النظرية من ورقة أويلر وأصبحت نظرية قوية وعميقة ولها دور كبير في تطبيقات العلوم الفيزيائية والبيولوجية والاجتماعية. فنظرية الرسوم البيانية هي فرع من فروع الرياضيات تهتم بشبكات النقاط المتصلة بخطوط. وسنعرف معنى هذا التعريف بدقة في السطور التالية. لمعرفة مشكلة جسور كونيجسبيرج تفصيليًا؛ تابع ذلك المقال: مشكلة جسور كونيجسبرج.

معنى الرسم البياني

الرسم البياني هو زوج من المجموعات (V ، E)، حيث V هي مجموعة الرؤوس. E هي مجموعة الحواف التي تربط أزواج الرؤوس.

الرسم البياني

وجب علينا معرفة أنه يوجد أنواع مختلفة من الرسوم البيانية في الرياضيات والأحصاء. لتمثيل البيانات في شكل تصويري وأكثر تلك الأنواع شيوعًا هي الرسوم البيانية:

  • الإحصائية.
  • الأسية.
  • اللوغاريتمية.
  • المثلثية.
  • الرسم البياني لتوزيع التردد.

في وسعنا استخدام كل هذه الرسوم البيانية في أماكن مختلفة؛ لتمثيل مجموعة محددة من البيانات. لكن لا يُشير مصطلح الرسم البياني إلى مخططات البيانات مثل الرسوم الخطية أو الرسوم البيانية الشريطية. بل يُشير إلى مجموعة من الرؤوس (نقاط أو عقد) والحواف أو الخطوط التي تربط بين تلك الرؤوس.

رسوم بيانية أصعب من رسوم أويلر: الرسوم البيانية الهاميلتونية

المسار الهاميلتوني هو مسار في الرسم البياني غير الموجه أو الموجه الذي يزور كل رأس مرة واحدة بالضبط. إذ اخترع عالم الرياضيات الأيرلندي ويليام روان هاميلتون لغزًا (لعبة إيكوسيان) وقام ببيعه لاحقًا إلى شركة مصنعة للألعاب مقابل 25 جنيهًا إسترلينيًا. تضمن اللغز العثور على نوع خاص من المسار، يُعرف باسم دائرة هاميلتون.

جولة الفارس هي مثال آخر على مشكلة ترفيهية تتضمن حلبة هاميلتونية. كانت الرسوم البيانية الهاميلتونية أكثر صعوبة في التوصيف من الرسوم البيانية لأويلر، إذ أن الشروط الضرورية والكافية لوجود دائرة هاميلتونية في رسم بياني متصل لا تزال غير معروفة.

النظرية والطوبولوجيا

أدى الارتباط بين نظرية الرسم البياني والطوبولوجيا إلى حقل فرعي وهو «نظرية الرسم البياني الطوبولوجي». هناك مشكلة مهمة في هذا المجال تتعلق بالرسوم البيانية المستوية. هذه هي الرسوم البيانية التي يمكن رسمها كمخططات نقطية وخطية على مستوى (أو على نحو مكافئ كـ كرة) بدون أي حواف متقاطعة باستثناء الرؤوس حيث تلتقي.

الرسوم البيانية الكاملة التي تحتوي على أربعة رؤوس أو أقل تكون مستوية، لكن الرسوم البيانية الكاملة ذات الخمسة رؤوس أو أكثر ليست كذلك. لا يمكن رسم الرسوم البيانية غير المستوية على مستوى أو على سطح كرة بدون حواف تتقاطع مع بعضها البعض بين الرؤوس.

نما استخدام الرسوم البيانية للنقاط والخطوط؛ لتمثيل الرسوم البيانية في الواقع من الكيمياء في القرن التاسع عشر، إذ تشير الرؤوس ذات الحروف إلى الذرات الفردية والخطوط المتصلة التي تشير إلى الروابط الكيميائية، حيث كان للاستواء نتائج كيميائية مهمة. كان الاستخدام الأول في هذا السياق للرسم البياني إلى الإنجليزي جيمس سيلفستر في القرن التاسع عشر، وهو أحد علماء الرياضيات العديدين المهتمين بإحصاء أنواع خاصة من الرسوم البيانية التي تمثل الجزيئات.

بعض من تطبيقات النظرية

الكيمياء: نظرية الرسوم البيانية الكيميائي هي الفرع الطوبولوجي للكيمياء الرياضية الذي يُطبق النظرية على النمذجة الرياضية للظواهر الكيميائية.

الفيزياء: تستخدم نظرية الرسوم البيانية كذلك في دراسى الجزئيات، فمثلًا في فيزياء المادة المكثفة يمكننا دراسة البنية ثلاثية الأبعاد للهياكل الذرية المحاكاة المعقدة بشكل كمي من خلال جمع الإحصائيات حول الخصائص النظرية للرسم البياني المتعلقة بطوبولوجيا الذرات.

علم الطب والأحياء: تستخدم نظرية الرسوم البيانية في الأدوية وتحديد دور البروتينات أو الجينات ذات الوظيفة غير المحددة.

الهندسة الكهربائية: تُستخدم مفاهيم نظرية الرسوم البيانية على نطاق واسع في تصميم توصيلات الدوائر يتم تسمية أنواع الاتصالات أو تنظيمها على أنها طبولوجيا.

علوم الكمبيوتر: تستخدم نظرية الرسوم البيانية لدراسة الخوارزميات، مثل:«خوارزمية كروسكال-Kruskal’s Algorithm».«خوارزمية بريم-Prim’s Algorithm».«خوارزمية ديكسترا-Dijkstra’s Algorithm».

النظرية واللغويات: تستخدم شجرة تحليل اللغة وقواعد اللغة الرسوم البيانية.

كذلك يمكن تمثيل الطرق بين المدن باستخدام الرسوم البيانية. بأمكاننا استخدام تصوير المعلومات المرتبة الهرمية مثل شجرة العائلة كنوع خاص من الرسم البياني.

المصادر

العلاقة بين الفن والرياضيات

العلاقة بين الفن والرياضيات

يمكننا الجمع بين عالم الجماليات والعاطفة والإحساس وعالم المنطق والدقة والحقيقة، سنجد ذلك في العلاقة بين الفن والرياضيات إذ استطاع الكثيرون على مر العصور الجمع بينهم.

سنأخذك عزيزي القارئ في مغامرة فنية بها الرياضيات خفية! سنتعرف على سبع علاقات بين الرياضيات والفن.

فن الثلج

يعد «سيمون بيك_Simon Beck» فنانًا للمناظر الطبيعية، فقد درس الهندسة قبل أن يتحول إلى المجالات الإبداعية. إذ يتجول سيمون في التضاريس المغطاة بالثلوج لإنشاء أعمال ذات أنماط هندسية. ليس ذلك فحسب بل ابتكر أعمالًا معقدة على الرمال أيضًا. لكن نظرًا لقيود السفر أو الحياة القصيرة لأعماله الفنية، يوثق بيك ذلك بالتقاط الصور.

‏هناك معايير يوضحها سيمون للرسم على الثلج وهي أن تكون الشمس غير مشرقة بلا غائبة، لكن ليس كثيرًا بحيث يكون جزء من الرسم في الظل ويجب أن يكون الثلج خفيفًا ورقيقًا وألا يكون هناك رياح. إذ أنه وضح أن حوالي 12 رسمة دُمرو بسبب الرياح. إذا لاحظنا فسنجد أن الفن على الثلج أثبت حضوره، سنجد رجل الثلج على سبيل المثال في التاريخ والأدب والفن، سواء كان ذلك مذكور في مخطوطة من القرن الرابع عشر أو رجل ثلج أقل شهرة للنحات الإيطالي مايكل أنجلو. فقد ساد فن الثلج لفترة طويلة المجال الاجتماعي والإبداعي.

الرسوم الحاسوبية

‏يستخدم الإيراني «حميد نادري يغانيه» الصيغ الرياضية لخلق إيحاءات معقدة بواسطة الكمبيوتر. إذ درس الرياضيات وله بضع سنوات مهتم بفن الرياضيات. لقد استخدم علم المثلثات لرسم أشكال متناظرة تتكون من خطوط ودوائر وإنشاء العديد من الصور بوظائف الجيب وجيب التمام. كما جعل الصيغ والرسوم التوضيحية الخاصة به مفتوحة للجمهور على موقعه على الويب حتى يتمكن أي شخص من إنشاء صيغة خاصة وفي حد قوله لنشر قوة الرياضيات.

الفركتلات

الفركتلات هي أنماط تتكرر على مستويات عدة وينشأ عنها دوامات وخطوطًا ومنحنيات لا تنتهي. أوضح «توم بيدارد فابرجيه_Tom Beddard Fabergé» أنه أنشأ الفركتلات ثلاثية الأبعاد بواسطة الصيغ التكرارية وتقوم تلك الصيغ بالتحكم بالمساحة وطيها أو تغيير حجمها أو تدويرها أو قلبها.

كان المشروع الأخير المسمى بـ «Fabergé Fractals»، يبرز جمال الرياضيات والتركيبة الهندسية والتكنولوجية ثلاثية الأبعاد التي تمكنه من إنشاء صور واقعية لدرجة كبيرة مثل بيضته المزخرفة وتتميز إبداعات بيدارد بأنماط تصميم رائعة ومعقدة.

تصنيف مميز للفركتلات!

ابتكر كل من «ليز بلاكنشيب-Liz Blakenship» و«دانيال أشلوك-Daniel Ashlock» تصنيفًا كاملًا للفركتلات بالرسوم التوضيحية. ويطلق على ذلك التصنيف «Lsystem fractal» إذ أنه عبارة عن أشكال هندسية تحتوي على نسخ أصغر غير نهائية. وتلك واحدة من التصنيفات العديدة لكلا من دانيال أشلوك وليز بلاكنشيب للفركتلات.

نماذج هنري سيجرمان ثلاثية الأبعاد

حصل عالم الرياضيات الأسترالي «هنري سيجرمان_Henry Siegman» على درجة الماجستير في الرياضيات من جامعة أكسفورد ومن ثم الدكتوراة وكان عالم رياضي وفنان، إذ وضح تعقيدات الهندسة ثلاثية الأبعاد والطوبولوجيا -مجالات خبرته- في شكل نحتي.

أنشأ هنري رسومًا توضيحية ونماذج مطبوعة ثلاثية الأبعاد تعبر عن الصيغ والمفاهيم الرياضية، لمساعدة طلابه على فهمها بشكل أفضل. يستخدم برنامجًا للنمذجة ثلاثية الأبعاد يسمى «Rhinoceros»، وعادة ما يُستخدم لتصميم المباني والسفن، والسيارات….

نماذج مشروع Hevea للتضمين متساوي القياس

عتبر التضمين متساوي القياس أمرًا معقدًا بعض الشيء لفهمه، لكنه كان عملاً أساسيًا قام به عالم الرياضيات «جون ناش» مع «نيكولاس كويبر»، وهو يشرح كيف يمكن احتواء العالم بأسره في حبة رمل. يُظهر ناش وكويبر أنه من خلال تحريك السطح بشكل كافٍ وبسلاسة لا يُسمح بالتجعيد أو الطي أو التمزيق! يمكنك الحصول على نسخة متساوية القياس من كرة تنس أصلية مثلا، وكلها موجودة داخل نصف قطر النانومتر. قام فريق فرنسي من علماء الرياضيات يطلقون على أنفسهم اسم مشروع (Hevea) بإنشاء إنشاءات رقمية.

احتفال بالهبوط على المريخ!

إذا كان هنالك شيء جميل كالفن الرياضي، فهو الفن الرياضي المرتبط باستكشاف الفضاء. تلك الصورة أنشأها الفنان الشهير ومهندس ناسا السابق «كيري ميتشل» في عام 2012 للاحتفال بمركبة كيوريوسيتي التي هبطت على سطح المريخ. على الرغم من أنها تبدو وكأنها لوحة عادية، إلا أن ميتشل يخلق كل فنه باستخدام الخوارزميات والفركتلات.

يلتقي علماء الرياضيات والفنانون كل عام في مؤتمر «الجسور_Bridges» المعبر عن الروابط الرياضية في الفن والموسيقى والعلوم، وهو مهرجان يحتفل بالروابط بين الرياضيات والفنون. تأسست منظمة الجسور في عام 1998 تحت قيادة عالم الرياضيات بجامعة توسون «رضا سرهنجي» بهدف تعزيز العمل متعدد التخصصات في الرياضيات والفن.‏

يتضمن المؤتمر عروضاً تقديمية حول مواضيع متنوعة مثل تصور الموسيقى، واستخدام الأعمال الفنية في الرياضيات وتصوير الفضاء. بالإضافة إلى ورش عمل حول تأليف الفن والشعر باستخدام الرياضيات، وأمسية موسيقية، وجلسات مسرحية وشعرية تجريبية، ومعرض فنون بصرية.

المصادر

Exit mobile version