ما المقصود بفكرة الحتمية الكونية؟ وما هو رأي ميكانيكا الكم في الحتمية السببية؟

ما المقصود بفكرة الحتمية الكونية؟ وما هو رأي ميكانيكا الكم في الحتمية السببية؟

في عشرينيات القرن الماضي احتدم النقاش وحمي الجدال بين العالمَين أينشتاين وماكس بورن وكان صدامًا بين فلسفتين، بين مذهبين متناقضين في التصوّرات الميتافيزيقيّة لطبيعة الواقع وما يمكننا أن نتوقّعه من التصوير العلميّ لهذا.  في ديسمبر من العام 1926 كتب أينشتاين “إنّ لنظرية ميكانيكا الكمّ فوائد جمة، لكنها لا تقرِّبنا من سر الإله”. أنا على يقين تام بأن الله لا يلعب النَّرْد”. كتب أينشتاين هذا في ردِّه على خطاب من الفيزيائي الألماني ماكس بورن. كان ماكس يقول إنّ قلب نظرية ميكانيكا الكم الجديدة ينبض بالشك والعشوائية، وكأنه يعاني من اضطراب النَّظْم القلبي. فحين كانت الفيزياء قبل نظرية الكمّ قِوامها أنّا إذا أدخلنا مُدخلًا معينًا، نحصل على مخرج محدد، بَدَا قِوام ميكانيكا الكمّ أنّا إذا أدخلنا مُدخلًا معينًا نحصل على مُخرج باحتماليّة ما، وفي بعض الحالات يمكننا الحصول على مُخرج آخر. في هذا المقال سنتعرف على مفهوم الكون الحتمي وعلى رأي نظرية ميكانيكا الكم في مفهوم حتمية الكون.

ما المقصود بفكرة الحتمية الكونية؟

اعتقد العديد من جهابذة العلماء كنيوتن ولابلاس وأينشتاين بأن الكون يعمل تمامًا كالساعة، أي بقوانين محددة ودقيقة وما علينا سوى اكتشاف هذه القوانين نتمكّن من التنبؤ بالمستقبل تنبؤًا دقيقًا لا يُساوره الرّيب. يُعرف هذا المنهج بالفلسفة باسم الحتمية السببية وهي الاعتقاد بأنه يمكن استنتاج المستقبل بناءً على الحاضر وقوانين الطبيعة.

طُور المعتقد الفلسفي بالحتمية لأول مرة من قبل الفلاسفة اليونانيين ما قبل سقراط مثل هيراقليطس وليوكيبوس بين القرنين السابع والثامن قبل الميلاد. في السنوات اللاحقة، بنى أرسطو عليها، لكن الفلاسفة الرواقيين هم من قدموا أهم المساهمات وشاعوا هذه الفلسفة. تتجذر فكرة الحتمية بالتأكيد في فكرة فلسفية شائعة جدًا، الفكرة القائلة بأنه يمكن تفسير كل شيء، من حيث المبدأ، أو أن كل شيء له سبب كافٍ للوجود والوجود كما هو، وليس غير ذلك. بعبارة أخرى، تكمن جذور الحتمية فيما أسماه “ليبنيز” مبدأ العقل الكافي ولكن منذ أن بدأت صياغة النظريات الفيزيائية الدقيقة بطابع حتمي ظاهريًا، أصبحت الفكرة قابلة للفصل عن هذه الجذور. غالبًا ما يهتم فلاسفة العلم بالحتمية أو اللاحتمية في النظريات المختلفة، دون أن يبدأوا بالضرورة من وجهة نظر حول مبدأ «لايبنتز-Leibniz».

لا يتعلق مفهوم الحتمية السببية بالكون فقط بل ذهب بعض الحتميين للقول بأن سلوك البشر تحدده مورثاتهم مسبقًا من البيئة التي نشأوا فيها أو من خلال التفاعلات الكيميائية في دماغهم وبالتالي فخياراتنا وقراراتنا هي مجرد نتائج حتمية تحددها قوانين الطبيعة والتي إن استطعنا فهمها فسنكون قادرين على التنبؤ بسلوك البشر تنبؤًا حتميًا. بعبارة أخرى، أنت لا تمتلك إرادة حرة وليس لديك حرية الاختيار فيما تفعله ولكن عارض هذا الرأي الكثير من العلماء وطوّرا نظرياتهم بخصوص مفهوم الإرادة الحرة. الحقيقة ليس هذا مجرد نقاش فلسفي بل هو موضوع هام ومتعلق بالمسؤولية الأخلاقية، فهل يجب أن نعاقب المجرم إذا لم يكن الجرم الذي اقترفه نابعًا من إرادته بل نتيجة حتمية لقوانين الطبيعة-مُقدّر له ومكتوب بواسطة قوانين الطبيعة-؟

الحتمية وعلم الفيزياء الكلاسيكية

حتى نهاية القرن التاسع عشر، كان علم الفيزياء يسير بشكل عام على نهج وفلسفة العالم “إسحاق نيوتن”. فقد كانت آلية عمل قوانين الفيزياء مفهومة جيداً، ولا شيء فيها يدعو إلى القلق. فالسببية والحتمية منسوجتان في صُلب قوانين الطبيعة. وكل ما نحتاجه لمعرفة حالة الكون المستقبلية هو معرفة شروطه الحالية فقط. بمعنى آخر، بات الكون أشبه بآلة عملاقة تعمل بدقة الساعة، لا يصيبها الخلل ولا الملل منذ أن أُطلقت للعمل. فإذا ما علمنا عن موضع وسرعة كوكب أو نجم ما أو حتى ذرة شاردة في الكون في لحظة معيَّنة، يمكننا تحديد كل حركات هذا النجم أو تلك الذرة في المستقبل تحديدًا دقيقًا، شرط أن نأخذ في الحسبان جميع التأثيرات الخارجية. وبهذه الطريقة نستطيع، من حيث المبدأ، عبر استخدام قوانين الفيزياء أن نحدِّد حالة كل ما في الكون، من أكبر مجراته إلى أصغر ذراته. عندها فقط ستكون صورة الكون المستقبلية ماثلة أمام أعيننا، تماماً كالماضي.

ما الذي قصده أينشتاين في قوله ” إنّ الله لا يلعب بالنرد مع الكون”؟

ما الذي قصده أينشتاين بالضبط عندما قال هذا؟ لفهم طبيعة اعتراض أينشتاين، من المهم تقدير الدور الذي تلعبه الحتمية في الفيزياء الكلاسيكية. وفقًا لمعادلات الفيزياء الكلاسيكية -من حيث المبدأ-يمكن حساب جميع الأحداث المستقبلية والتنبؤ بها بدقة تامة.

إذا كان من الممكن معرفة الموقع الدقيق وسرعة كل ذرة وكل جسيم آخر في الكون، وإذا كان بإمكان المرء اختراع جهاز حاسوب ذي قدرات هائلة للغاية، فيمكن عندئذٍ استخدام معادلات الفيزياء الكلاسيكية لحساب كل شيء يمكن أن يحدث على الإطلاق في المستقبل. سيكون من الممكن أيضًا تشغيل هذه المعادلات للخلف لمعرفة كل ما حدث في الماضي. في الواقع، وفقًا للفيزياء الكلاسيكية، يمكن تحديد المستقبل يتحدد بدقة من قبل الحاضر. يشبه الكون ساعة كبيرة ومعقدة، تتحرك للأمام بطريقة معقدة، ولكن يمكن التنبؤ بها تمامًا. أيّد أينشتاين هذه الرؤية للكون؛ وفقًا للفيزياء الكلاسيكية، لا دور للصدفة أو الاحتمال وهذا يعني أن إله الفيزياء الكلاسيكية لا يلعب النرد. ولكن مع تقديم تفسير بورن لميكانيكا الكم صورة مختلفة، لم يعد الكون قابلاً للتنبؤ به كما كان في الفيزياء الكلاسيكية.

تفسير ماكس بورن لميكانيكا الكم

وفقًا لبورن وطريقته في التفكير حول ميكانيكا الكم، فإن الإلكترون (أو أي جسم كمي آخر) يمتد عبر حجم الفضاء الذي تغطيه الدالة الموجية. عندما نقيس موقع الإلكترون، فإنه دائمًا ما يشبه النقطة دون أي مدى مكاني. ومع ذلك وقبل أن يُقاس، يكون الإلكترون في نفس الوقت في جميع المواقع التي تغطيها دالة الموجة الخاصة به، أي أنه فعال في العديد من الأماكن وكلها في نفس الوقت. بهذا المعنى، تتمتع الإلكترونات والأجسام الكمومية الأخرى بنوع من الوجود الاحتمالي، حيث توجد في جميع الأماكن الممكنة وتقوم بكل الأشياء الممكنة في جميع الأوقات الممكنة.

يمكن وصف ذلك أيضًا من منظور مبدأ اللايقين لهايزنبرج. وفقًا لهذا المبدأ، كلما تم تحديد موقع الكائن الكمي بدقة أكبر، كلما قلت قدرتنا على تحديد سرعته بشكلٍ دقيق، والعكس صحيح. لذا، ما تقوله ميكانيكا الكم هو أن الجسيم الكمي لا يمكن أن يكون في مكان واحد فقط ويتحرك بسرعة واحدة فقط.

تخيل إلكترون يُوصف من خلال دالة موجية تبلغ ذروتها بشكل حاد في مكانين، والتي سنسميها الموقعين “أ” و “ب “. الآن، دعنا نفترض أن شكل الدالة الموجية يغطي المواقع “أ” و”ب” بالتساوي وبنفس المدى. في هذه الحالة، إذا تم أُجريت تجربة لقياس موقع الإلكترون، فستكون هناك فرصة بنسبة 50٪ للعثور عليه في الموقع “أ” وفرصة بنسبة 50٪ العثور عليه في الموقع “ب”.

قد يبدو هذا المثال مطابقًا لرمي قطعة نقود معدنية والذي يقدم نتيجتين متساويتين في الاحتمال -50% للشعار 50% للكتابة-. ومع ذلك، قد تفشل مثل هذه المقارنة في أن تأخذ في الاعتبار شيئًا مهمًا حول الدور الذي يلعبه الاحتمال في ميكانيكا الكم.

عند رمي قطعة معدنية فإن احتمالية ظهور الشعار أو الكتابة هي بالتساوي 50% لكل منهما (حقوق الصورة: W. Scott McGill/Shutterstock)

عندما ترُمى عملة معدنية وتُغّطى، فمن الممكن تشبيهها بالإلكترون المذكور أعلاه. يمكن أن يكون الوجه الذي ظهر شعارًا أو كتابةً. الاختلاف الجوهري هو أنه في الوقت الحالي يتم تغطية العملة المعدنية، وقد حدث النتيجة بالفعل إما للشعار أو الكتابة ونحن لا نعرف ذلك حتى الآن. في حين أن الإلكترون في التجربة المذكورة أعلاه موجود في نفس الوقت في كلا الموقعين “أ” و “ب “.

توضح هذه التجربة أنه حتى لو كنا نعرف كل شيء عن الإلكترون، حتى لو عرفنا الشكل الدقيق لدالة الإلكترون الموجية، فلا يزال هناك احتمال بنسبة 50٪ أن يتم العثور عليه في الموقع “أ”، وفرصة بنسبة 50٪ أن يكون يمكن العثور عليها في الموقع “ب”. لذا، فإن الكون لا يتصرف بشكل حتمي  بل يحمل في ثناياه على الدوام جزءًا من العشوائية وهذا ما تم تأكيده في مؤتمر «سولفاي-Solvay» عام 1927 بحضور كوكبة من علماء الفيزياء آنذاك.

صورة جماعية لكوكبة من علماء الفيزياء في مؤتمر سولفاي

المصادر

thegreatcoursesdaily
Stanford University
aeon
simplypsychology

جائزة نوبل في الفيزياء 2020 تُثبت نظرية النسبية العامة

جائزة نوبل في الفيزياء 2020 تُثبت نظرية النسبية العامة، أخذ مفهوم “الثقب الأسود” معانٍ جديدةً في العديد من أشكال التعبير الثقافي ولكن بالنسبة لعلماء الفيزياء، فإن الثقوب السوداء هي نقطة النهاية الطبيعية لتطور النجوم العملاقة. أُجري  أول حساب للانهيار الدراماتيكي لنجم هائل في نهاية الثلاثينيات من قبل الفيزيائي “روبرت أوبنهايمر” الذي قاد فيما بعد مشروع مانهاتن الذي بنى أول قنبلة ذرية. عندما ينفد الوقود من النجوم العملاقة التي تبلغ كتلتها أكبر من الشمس عدة مرات، فإنها تنفجر أولاً على شكل مستعرات أعظمية ثم تنهار إلى بقايا شديدة الكثافة ثقيلة للغاية لدرجة أن الجاذبية تسحب كل شيء  إلى داخلها حتى الضوء. أُخذت فكرة “النجوم المظلمة”  بالاعتبار منذ زمن بعيد حتى نهاية القرن الثامن عشر كما هو موضح في أعمال الفيلسوف وعالم الرياضيات البريطاني “جون ميشيل” والعالم الفرنسي الشهير “لابلاس”. كلاهما استنتج أن الأجرام السماوية يمكن أن تصبح كثيفة لدرجة أنها ستكون غير مرئية – وحتى سرعة الضوء الهائلة لن تُسعفها من الهروب من جاذبيتها. بعد أكثر من قرن بقليل-عندما نشر ألبرت أينشتاين نظريته العامة عن النسبية-، وصفت بعض الحلول لمعادلات النظرية الصعبة مثل هذه النجوم المظلمة. حتى مطلع ستينيات القرن الماضي، كانت هذه الحلول تعتبر تكهنات نظرية بحتة تصف المواقف المثالية التي تكون فيها النجوم وثقوبها السوداء مستديرة ومتماثلة تمامًا. ولكن لا يوجد شيء مثالي في الكون وقد كان “روجر بنروز” الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء 2020 أول من نجح في إيجاد حل واقعي لجميع المواد المنهارة بما فيها من نتوءات وعيوب طبيعية.

لغز  الكوازارات «quasars»

عادت مسألة وجود الثقوب السوداء إلى الظهور في عام 1963 مع اكتشاف الكوازارات وهي ألمع الأجسام في الكون. منذ ما يقرب من عقد من الزمان، كان علماء الفلك في حيرة من أمرهم بسبب الأشعة الراديوية من مصادر غامضة، مثل 3C273 في كوكبة العذراء. وأخيرًا  كشف الإشعاع الواقع ضمن طيف الضوء المرئي عن الموقع الحقيقي للكوازار- 3C273 والذ اتضح أنه بعيد جدًا لدرجة أن الأشعة  الصادرة منه يستغرق وصولها  إلى الأرض أكثر من مليار سنة. وكما هو معروف، إذا كان مصدر الضوء بعيدًا جدًا، فلا بد أن يكون له شدة تساوي ضوء عدة مئات من المجرات وقد أطلق العلماء على مصادر الضوء تلك اسم “كوازار”. سرعان ما وجد علماء الفلك الكوازارات التي كانت بعيدة جدًا لدرجة أنها أطلقت إشعاعها في الطفولة المبكرة للكون.  السؤال الذي يطرأ الآن؟ من أين يأتي هذا الإشعاع المذهل؟ هناك طريقة واحدة فقط للحصول على هذا القدر من الطاقة ضمن الحجم المحدود للكوازار أي من سقوط المادة في ثقب أسود فائق الكتلة.

الحل في مفهوم الأسطح المحاصرة

هل يمكن للثقوب السوداء أن تتشكل في ظل ظروف واقعية ؟ حيّر هذا السؤال الفائز بجائزة نوبل هذا العام “روجر بنروز”. الجواب، كما يتذكره لاحقًا، أثناء نزهة مع زميل له في لندن في خريف عام 1964، حيث كان “بنروز” أستاذًا للرياضيات في كلية “بيركبيك”. عندما توقفوا عن الحديث لوهلةٍ لعبور الشارع، ظهرت فكرة في ذهنه. في وقت لاحق من ظهر ذلك اليوم، بحث عنه في ذاكرته وكانت هذه الفكرة -التي أسماها الأسطح المحاصرة – هي المفتاح الذي كان يبحث عنه دون وعي، وهي أداة رياضية ضرورية لوصف الثقب الأسود. يجبر السطح المحاصر جميع الأشعة على التوجه نحو المركز وذلك بغض النظر عما إذا كان السطح منحنيًا للخارج أو للداخل. باستخدام الأسطح المحاصرة ، تمكّن “روجر بنزور” من إثبات أن الثقب الأسود يخفي دائمًا “التفرد”، وهو الحد الذي ينتهي فيه الزمان والمكان وكثافته لا حصر لها وحتى الآن لا توجد نظرية لكيفية التعامل مع هذه الظاهرة الغريبة في الفيزياء. أصبحت الأسطح المحاصرة مفهومًا مركزيًا في إكمال إثبات بنروز لنظرية التفرد إذ أن الأساليب الطوبولوجية التي قدمها تُعد من أفضل الأدوات لدراسة كوننا المُنحني.

طريق ذو اتجاه واحد حتى نهاية الزمان

 بمجرد أن تبدأ المادة في الانهيار ويتشكل سطح محاصر، لا شيء يمكن أن يوقف الانهيار من الاستمرار. لا مجال للعودة ، كما في القصة التي رواها الفيزيائي والحائز على جائزة نوبل “سوبراهمانيان شاندراسيخار”  في  طفولته في الهند. تدور القصة حول اليعسوب ويرقاتها التي تعيش تحت الماء. عندما تكون اليرقة جاهزة لفتح أجنحتها ، فإنها تَعِدُ بأنها ستخبر أصدقاءها كيف تبدو الحياة على الجانب الآخر من سطح الماء. ولكن بمجرد أن تمر اليرقة عبر السطح وتطير بعيدًا مثل اليعسوب لا تعود. ونتيجةً لذلك، لن تسمع اليرقات الموجودة في الماء قصة الحياة على الجانب الآخر.

وبالمثل، يمكن لكل مادة أن تعبر أفق حدث الثقب الأسود في اتجاه واحد فقط. ثم يحل الوقت محل المكان وتتجه جميع المسارات المحتملة إلى الداخل ، حيث يحمل تدفق الوقت كل شيء نحو نهاية لا مفر منها عند التفرد كما هو موضح في الصورة أدناه. لن تشعر بأي شيء إذا سقطت في أفق الحدث لثقب أسود فائق الكتلة  ومن الخارج، لا أحد يستطيع رؤيتك تسقط، وتستمر رحلتك نحو الأفق إلى الأبد. إن التحديق في ثقب أسود غير ممكن ضمن قوانين الفيزياء المعروفة؛ إذ أن الثقوب السوداء تخفي كل أسرارها وراء آفاق أحداثها.

عندما ينهار نجم ضخم بفعل جاذبيته، فإنه يشكل ثقبًا أسودًا ثقيلًا لدرجة أنه يلتقط كل شيء يمر عبر أفق الحدث. حتى الضوء لا يستطيع الهروب. في أفق الحدث، يحل الزمان محل المكان ويشير إلى الأمام فقط. يحمل دفق الزمان كل شيء نحو «التفرد-singularity» الأبعد داخل الثقب الأسود حيث تكون الكثافة لانهائية وينتهي عندها الزمان. يُظهر مخروط الضوء مسارات أشعة الضوء للأمام وللخلف بمرور الوقت. عندما تنهار المادة وتشكل ثقبًا أسود فإن المخاريط الضوئية التي تعبر أفق الحدث للثقب الأسود ستتحول إلى الداخل، باتجاه التفرد. وبذلك لن يرى المراقب الخارجي أبدًا أن أشعة الضوء تصل إلى أفق الحدث ، بل تدفعه فقط. ولا أحد يستطيع رؤية أزيد من ذلك

الثقوب السوداء تتحكم في مسارات النجوم

على الرغم من أننا لا نستطيع رؤية الثقب الأسود، إلا أنه من الممكن تحديد خصائصه من خلال مراقبة كيفية توجيه جاذبيته الهائلة لحركات النجوم المحيطة. يقود العالمان الحائزان على نوبل في الفيزياء 2020 “راينهارد جينزل” و”أندريا غيز” مجموعات بحثية منفصلة تستكشف مركز مجرتنا- درب التبانة- والتي تبدو من المسقط العمودي مشكل قرص مسطح يبلغ عرضه حوالي 100000 سنة ضوئية كما هو موضح في الصورة أدناه، ويتكون من الغازات والغبار ومئات المليارات من النجوم وأحد هذه النجوم هو شمسنا. من وجهة نظرنا على الأرض ، تحجب السحب الهائلة من الغاز والغبار بين النجوم معظم الضوء المرئي القادم من مركز المجرة. كانت التلسكوبات التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء وتكنولوجيا الراديو هي أول ما سمح لعلماء الفلك برؤية قرص المجرة وتصوير النجوم في المركز. باستخدام مدارات النجوم كمرشدين ، توصل جينزل و غيز إلى الدليل الأكثر إقناعًا حتى الآن على وجود جسم فائق الكتلة مختبئ في مركز مجرتنا ويُعد الثقب الأسود هو التفسير الوحيد الممكن.


مجرة درب التبانة والتي تبدو من المسقط العمودي كقرصٍ مسطح يبلغ عرضه حوالي 100000 سنة ضوئية كما هو موضح في الصورة أعلاه، ويتكون من الغازات والغبار ومئات المليارات من النجوم وأحد هذه النجوم هو شمسنا

للتعرف على مساهمات الفائزين في جائزة نوبل في الفيزياء 2020 اضغط هنا.

المصادر

Nobelprize

اكتشاف الثقب الأسود الفائق يحوز على جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2020

مُنحت جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2020 للعلماء، “روجر بنروز” و” راينهارد جينزل” و”أندريا غيز” وذلك لاكتشافاتهم لواحدة من أكثر ظواهر الكون غرابةً وهي الثقوب السوداء.

أثبت “روجر بنروز” أن الثقوب السوداء ما هي إلا نتيجة مباشرة للنظرية النسبية العامة لصاحبها العالم “أينشتاين”، بينما اكتشف كل من رينهارد جينزل وأندريا غيز أن جسمًا ثقيلًا وغير مرئي يتحكم في مدارات النجوم في مركز مجرتنا-مجرة درب التبانة-.

هذا ويُعد الثقب الأسود الفائق التفسير الوحيد المعروف حاليًا. في هذا المقال سنتعرف معًا على تفاصيل جائزة نوبل في الفيزياء لهذا العام.

من هم العلماء الثلاثة الذين حازوا على جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2020؟

روجر بنروز

وُلد عام 1931 في كولشيستر في المملكة المتحدة. نال شهادة الدكتوراة في عام 1957 من جامعة كامبريدج في المملكة المتحدة، ويعمل حاليًا أستاذًا بجامعة أكسفورد بالمملكة المتحدة.

رينهارد جينزل

وُلد عام 1952 في “باد هومبورغ” في ألمانيا. نال شهادة الدكتوراة عام 1978 من جامعة بون بألمانيا، ويعمل حاليًا مديرًا لمعهد ماكس بلانك للفيزياء في ألمانيا وأستاذًا بجامعة كاليفورنيا، بيركلي، الولايات المتحدة الأمريكية

أندريا جيز

من مواليد 1965 في مدينة نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية. نالت شهادة الدكتوراة في 1992 من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، باسادينا، الولايات المتحدة الأمريكية، وتعمل أستاذًا في جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس، الولايات المتحدة الأمريكية.

ما هي إسهامات العلماء الثلاثة الذين حازوا على جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2020؟

روجر بنروز

استخدم روجر بنروز أساليب رياضية بارعة لإثبات أن الثقوب السوداء هي نتيجة مباشرة لنظرية النسبية العامة لألبرت أينشتاين.

لم يكن أينشتاين نفسه يعتقد أن الثقوب السوداء موجودة بالفعل، تلك الوحوش ذات الوزن الهائل التي تَلقفُ كل ما يلِجُ إليها ولا شيء يستطيع الهروب منها حتى الضوء.

في شهر يناير من العام 1965 –أي بعد عشر سنوات من وفاة أينشتاين- أثبت روجر بنروز أن الثقوب السوداء يمكن حقًا تكوينها ووصفها بالتفصيل!

تخفي الثقوب السوداء في نواتها حالة تفرّد تتوقف فيها كل قوانين الطبيعة المعروفة، ولا تزال مقالته العلمية الرائدة أهم مساهمةً في نظرية النسبية العامة منذ أينشتاين.

راينهارد جينزل وأندريا غيز

قاد كل من راينهارد جينزل وأندريا جيز فريقًا من علماء الفلك الذين ركزوا اهتمامهم منذ أوائل التسعينيات على منطقة تسمى “القوس A” في مركز مجرتنا.

تمكّن هذا الفريق من تعيين مدارات ألمع النجوم الأقرب إلى منتصف مجرة ​​درب التبانة بدقة عالية. وجدت كلتا المجموعتين شيئًا غير مرئي وثقيل، مما أجبر هذا الخليط من النجوم على الدوران حوله.

تحتوي هذه الكتلة غير المرئية على حوالي أربعة ملايين كتلة شمسية مضغوطة معًا في منطقة ليست أكبر من نظامنا الشمسي. ومن هنا يطرأ السؤال التالي: ما الذي يجعل النجوم في مركز مجرة درب التبانة تتأرجح بمثل هذه السرعات المذهلة؟

وفقًا لنظرية الجاذبية الحالية، هناك مُرشح واحد فقط قادر على فعل هذا الشيء – ثقب أسود فائق الكتلة-. طور “جينزل” و”غيز” طرقًا للرصد بمساعدة أكبر التلسكوبات في العالم عبر السحب الضخمة لغازات النجوم والغبار الكوني وحتى مركز مجرة ​​درب التبانة.

مع تقدم تقنيات الرصد، ابتكر العالمان تقنيات جديدة للتعويض عن التشوهات التي يسببها الغلاف الجوي للأرض، وعملوا على بناء أدوات فريدة والتزموا بأبحاث طويلة المدى، فأعطانا عملهم الرائد الدليل الأكثر إقناعًا حتى الآن على وجود ثقب أسود هائل في مركز مجرة ​​درب التبانة.

فتحت اكتشافات الفائزين على جائزة نوبل في الفيزياء هذا العام آفاقًا جديدةً لدراسة الأجسام المدمجة وفائقة الكتلة. لكن هذه الأشياء الغريبة لا تزال تطرح العديد من الأسئلة في أذهان العلماء وتتطلب إجابات وتحفز عجلة البحث في المستقبل.

لا تنحصر الأسئلة فقط حول الهيكل الداخلي لهذه الأجسام، ولكن أيضًا تدور حول كيفية اختبار نظريتنا عن الجاذبية في ظل الظروف القاسية في المنطقة المجاورة مباشرة للثقب الأسود.

الجاذبية تمسك الكون في قبضتها

ربما تكون الثقوب السوداء هي أغرب نتيجة لنظرية النسبية العامة، فعندما قدم ألبرت أينشتاين نظريته في تشرين الثاني (نوفمبر) 1915، قلبت هذه النظرية جميع المفاهيم السابقة عن المكان والزمان رأسًا على عقب.

قدمت النظرية أساسًا جديدًا تمامًا لفهم الجاذبية التي تشكّل الكون على نطاق واسع. منذ ذلك الحين، وضعت هذه النظرية حجر الأساس لجميع الدراسات  والأبحاث المتعلقة بالكون ولها أيضًا استخدام عملي في واحدة من أكثر أدوات التنقل شيوعًا لدينا وهي أنظمة ال “GPS”.

تصف نظرية أينشتاين كيف أن كل شيء وكل شخص في الكون يقع في قبضة الجاذبية. تربطنا الجاذبية بالأرض، وتحكم مدارات الكواكب حول الشمس ومدار الشمس حول مركز مجرة ​​درب التبانة، وتؤدي الجاذبية إلى ولادة النجوم من السحب النجمية، كما تتسبب في موت النجوم عند انهيارها  وتعطي الجاذبيةُ الفضاءَ شكله المعروف وتؤثر على مرور الوقت؛ إذ أن الكتلة الثقيلة تعمل على إنحناء الفضاء وتبطئ الوقت.

يمكن لكتلة ثقيلة للغاية أن تقطع وتغلف جزء من الفضاء مُكوِنةً ما يُعرف باسم الثقب الأسود. جاء أول وصف نظري لما نسميه الآن بالثقب الأسود بعد أسابيع قليلة من نشر النظرية العامة للنسبية.

على الرغم من المعادلات الرياضية المعقدة للغاية للنظرية، كان عالم الفيزياء الفلكية الألماني “كارل شوارزشيلد” قادرًا على تزويد أينشتاين بحل يصف كيفية ثني الكتل الثقيلة للزمان والمكان.

أظهرت دراسات لاحقة أنه بمجرد تكوين الثقب الأسود، فهو يحيط به “أفق حدث” يدور حول الكتلة في مركزه مثل الحجاب. يظل الثقب الأسود مختبئًا إلى الأبد داخل أفق الحدث. كلما زادت الكتلة، زاد حجم الثقب الأسود وأفقه.

بالنسبة لكتلة تعادل الشمس، قد يبلغ قطر أفق الحدث ثلاثة كيلومترات تقريبًا، أما بالنسبة لكتلة مثل الأرض، فلن يبلغ قطره أكثر من تسعة ملليمترات فقط!

المصادر

nobelprize

التاريخ الكبير: كيف تموت النجوم؟

لنعلم كيف تموت النجوم علينا أولا أن نعلم ما هي النجوم وكيف تعمل.

كيف تعمل النجوم؟

لنأخذ الشمس على سبيل المثال، شمسنا ذات كتلة كبيرة جدا، فهي عبارة عن كرة عملاقة من الغاز الساخن، وبسبب هذه الكتلة، تتعرض نواة الشمس لضغط رهيب، مما يزيد حرارتها إلى 16 مليون درجة، وهي درجة جيدة جدا لحدوث الاندماج النووي، حيث تتحول في كل ثانية كمية كبيرة من الهيدروجين إلى الهيليوم بفعل الاندماج داخل نواة الشمس، تفقد الشمس 4 مليون طن من المادة في صورة حرارة كل ثانية، مما يخبرك بشيء بديهي، شمسنا لها نهاية، عمر شمسنا هو 4.5 بليون سنة، وبقليل من الحسابات، اعتمادا على معدل تحويل الهيدروجين إلى هيليوم، أمكننا التنبؤ بأن شمسنا ستعيش ل 5 بلايين أخرى من السنين.

وبعد انقضاء عمرها، ستصير «عملاقًا أحمر-Red giant»، وتلتهم عطارد والأرض، ثم تنهار تحت وطأة الجاذبية، لتصير «قزمًا أبيضًا-White dwarf»، وهو كما يبدو من اسمه، فهو نجم أبيض صغير، بحجم الأرض تقريبًا، لكنه يحتوي كتلة الشمس بأكملها، وبهذا يصير كثيفًا جدًا، مما يجعل عمره يصل إلى تريليونات السنين!

كيف تموت النجوم الأكبر؟

عمر النجوم في الواقع يعتمد على شيئين، كمية الوقود النووي لديه، ومعدل استهلاكه لهذا الوقود، لنأخذ على سبيل المثال نجما ذو كتلة بقدر 20 ضعف كتلة الشمس، نجم كهذا سيبلغ سطوعه 40 الف مرة سطوع الشمس، مما يعني أنه سيستهلك وقوده أسرع ب 40 الف مرة، جاعلًا عمره 10 مليون سنة فقط!

ولكن النجوم كهذه لا ينتهي بها الأمر لتصير أقزاما بيضاء مثل الشمس، حيث تنهار على نفسها بسرعة بالغة بفعل الجاذبية، مما يدفع بالالكترونات نحو البروتونات لتصير نيوترونات، وتتزاحم هذه النيوترونات وتتنافر بفعل القوة النووية القوية، كما تترك خلفها إنفجارًا بقوة تريليون ميجاطن بالمناسبة، حيث أن «النجوم النيوترونية-Neutron stars»، يمكن أن تصل كتلتها إلى أضعاف كتلة الشمس، لكن بقطر 20 كيلومتر فقط!
مما يجعلها كثيفة للغاية، فملعقة واحدة من هذه النجوم تساوي كتلة ألف من أهرامات الجيزة!

ولكن ماذا عن النجوم الأكبر من هذه؟

لا ترحم الجاذبية النجوم الأكبر، حيث تسحقها على نفسها في لمح البصر، لتركز كتلة النجم بأكمله داخل نقطة صغيرة للغاية، تدعى ب «المفردة-singularity»، وهذا ما نعرفه جميعًا باسم «الثقوب السوداء-Black holes»، الذي لا يسمح لأي شيء بمغادرة جاذبيته، مهما كانت سرعته، حتى لو كان الضوء نفسه.

تترك هذه النجوم خلفها انفجارات مهولة، مما نرصده في شكل السدم، فالسدم ما هي إلا جثث النجوم، بالطبع تولد العديد من النجوم كل يوم، لكن هذا إلى زوال، حيث سيأتي يوم لا تولد فيه المزيد من النجوم، وتموت النجوم كلها، تاركة الكون في ظلام دامس، معلنة انتهاء الحقبة النجمية للكون.

من كورس ل Coursera مقدم من «جامعة أمستردام-Amsterdam university».

coursera

لقراءة سلسلة التاريخ الكبير ج4 من هنا

التاريخ الكبير: لماذا يهتم العلماء بدراسة النجوم؟

لم تتوقف السماء عن سحرنا يومًا، حتى أننا نجد القمر، والنجوم مذكورين في كثير من أغانينا، فالسماء بنجومها كانت وما زالت مصدر إلهام لنا نحن البشر، لكن ما هي النجوم وكيف تتكون؟ ولماذا يهتم العلماء بدراسة النجوم؟

أكثر النجوم في كوننا هي نجوم صغيرة ذات كتلة قليلة، بحجم شمسنا أو أصغر، وهي أبرد بكثير من يا النجوم، لذا فلونها أحمر وتُدعى بال «أقزام حمراء-Red dwarfs»، ولكنها ليست مشوقة للحد الكافي، فنحن نتحدث هنا عن النجوم العملاقة، التي هي أكبر من شمسنا على الأقل ب 8 مرات، وقد تسطع أكثر بمليون مرة من سطوع الشمس!

تعيش هذه النجوم حياة مغايرة تمامًا لحياة شمسنا، ففي نهاية حياتها تنفجر في إنفجار خلاب مهيب يدعى بال«سوبرنوفا-Supernova»، تاركة خلفها لوحة جميلة من أجمل وأبهى الألوان، مثل التي نراها في السدم التي يعج كوننا بها، كما لعبت هذه النجوم دورًا حيويًا في تشكيل كوننا بشكله الحالي، فبعد الانفجار العظيم بفترة وجيزة، لم يكن هناك أي مصدر للضوء، كان الظلام والصمت يخيمان على كوننا بأسره، فيما يعرف باسم «العصور الكونية المظلمة-Cosmic dark ages»، ولكن بعد حوالي 100 مليون سنة، تكونت هذه النجوم العملاقة، التي عاشت حياة قصيرة، ثم انفجرت في حدث السوبرنوفا العظيم، وتوالت الأجيال النجمية، جيلًا بعد جيل بمرور الزمن، وأثناء فترة حياة تلك النجوم كان إشعاعها ورياحها النجمي يزيدان من حرارة الغازات من حولهم، مؤديين إلى حدوث عملية «التأين-Ionization»، محدثة ثقوبًا وفقاعات في تلك الغازات من حولها، وعلى مدار الوقت، تقوم تلك النجوم بتغيير شكل المجرات التي تحتويهم، مؤدية إلى شكل كوننا الحالي الذي نعيش فيه.

لماذا يهتم العلماء بدراسة النجوم من الأساس؟

أحد أكثر الأشياء إثارة للدهشة في كوننا هو التنوع الكبير للعناصر، تلك العناصر التي نحن وكل ما حولنا مصنوعون منها، ومن أمثلة هذه العناصر هو عنصر الأوكسجين الذي نتنفسه، وأيضًا عنصر الكربون، الذي هو حجر الأساس لجميع المركبات العضوية، ويلعب دورًا محوريًا في تكوين أنسجتنا وعضلاتنا، كذلك عنصر الكالسيوم، الموجود في أسناننا وعظامنا، وكذلك عنصر الحديد الذي يجري في دمنا.

على الرغم من ذلك التنوع، فالعناصر التي كانت موجودة بعد الانفجار العظيم هي الهيدروجين، والهيليوم، وقليل من الليثيوم، إذا من أين أتت كل تلك العناصر؟

يعتقد المجتمع العلمي أن الفضل في ذلك يرجع إلى النجوم، ولكن كيف ذلك؟

كيف تُشكّل النجوم العناصر؟

يبدأ الأمر بقوة الجاذبية، حيث تضغط الجاذبية الغازات سويًا، مؤدية إلى زيادة حرارتها، حتى تصل درجة الحرارة في المركز إلى ما يزيد عن المليون درجة، هذه الدرجة عالية بما يكفي للسماح بعملية الاندماج النووي، حيث تندمج ذرتان من ذرات الهيدروجين لتكوين ذرة من الهيليوم، ولكن هذا في النجوم التي هي بحجم شمسنا أو أكبر قليلًا، حيث أن النجوم العملاقة لا تتوقف عند هذا الحد، وإنما تستمر بدمج ذرات الهيليوم لتكوين الكربون والأوكسجين.

إذا كان النجم كبيرًا كفاية، فإنه سيستمر في دمج العناصر وصولًا إلى عنصر الحديد، ومن ثم تنفجر تلك النجوم العملاقة، في مشهد مهيب، مطلقة ما بجعبتها من مادة إلى الفضاء الشاسع، مضيفة عناصر جديدة إلى جدولنا الدوري.

يبدو غريبًا أليس كذلك؟ فالأوكسجين الذي تتنفسه بينما تقرأ هذا المقال الآن مصنوع في نواة أحد النجوم كتلك التي تراها في سماء الليل، أضف إلى ذلك أنك أنت نفسك تتكون من ذرات صنعت في نواة أحد النجوم أيضًا!

إنه لشيء مبهر بحق، ولا يسعنا إلا أن نقول أكثر من قول عالم الفيزياء الفلكية الشهير «كارل ساجان-Carl Sagan»: “أنت مصنوع من غبار النجوم”.

من كورس ل Coursera مقدم من «جامعة أمستردام-Amsterdam university».

التاريخ الكبير: ما هي القوى التي تحكم الكون؟

كوننا محكوم بأربع قوى فيزيائية، فكل ما نراه في حياتنا من أحداث يمكن الحكم عليه من خلال التفاعل بين هذه القوة الأربعة، إذًا ما هي القوى التي تحكم الكون؟

1- «القوة الكهرومغناطيسية-Electromagnetic force»

القوة الكهرومغناطيسية هي القوة التي تسبب الترابط بين الجسيمات ذات الشحنة الموجبة، ونظيراتها ذات الشحنة السالبة، إذ أنها هي السبب في تجاذب الالكترونات والبروتونات، كما أن لكل قوة من بين هذه القوة الأربعة جسيمًا ليحملها، فعلى سبيل المثال لا الحصر، الجسيم الذي يحمل القوة الكهرومغناطيسية هو الفوتون، وهو جسيم يسير بسرعة الضوء إذ أنه منعدم الكتلة، لكنه مليء بالطاقة، فتقوم الالكترونات بتبادل الفوتونات بينها وبين البروتونات للحفاظ على ترابطهم في الذرة، يمكنك تصور الأمر على أنه مباراة كرة قدم، فالجزيئات هي اللاعبون، بينما التفاعل بينهم محكوم بحركة الكرة فيما بينهم.

2- «القوة النووية القوية-Strong nuclear force»

وهي القوة التي تسبب الترابط بين البروتونات وبعضها البعض داخل نواة الذرة، لتشكيل العناصر الثقيلة، إذ أن البروتونات ذات شحنة موجبة إلا أنها لا تزال متجاذبة ومتحدة في نواة الذرة، بسبب القوة النووية القوية، كما أنها أيضًا هي السبب في ترابط الكواركات داخل البروتونات، والجسيم الحامل لهذه القوة هو «الجلون-gluon»، فتقوم الكواركات بتبادل الجلونات فيما بينها، لتحافظ على ترابطها داخل البروتونات.

3- «القوة النووية الضعيفة-weak nuclear force»

تتسبب هذه القوة فيما يعرف بالتحلل الإشعاعي، مثل «إشعاع بيتا-Beta radiation»، وهذه القوة ليست ذات جسيم حامل واحد، ولكن ثلاثة جسيمات حاملة لها وهم W plus, W minus, Z boson، وهم يختلفون عن الفوتونات والجلونات في أمر الكتلة، فالفوتونات والجلونات منعدمة الكتلة، لكن هذه الجسيمات لها كتلة.

4- «الجاذبية-Gravity»

ما نتحدث عنه هنا هو ما يعرف ب «النموذج المعياري- Standard model»، وهو ما طوره الفيزيائيون في أوائل ستينيات القرن الماضي، ومن أشهر هؤلاء الفيزيائيون هو «فيلتمان-Veltman»، لكن نموذج فيلتمان حوى بعض الأخطاء القاتلة، إذ نصت نظريته بتنبؤات سخيفة، كما أن نموذج فيلتمان لا يكون صحيحًا إلا إذا كانت الجزيئات منعدمة الكتلة، لكنها إن كانت كذلك لطارت في الفراغ بسرعة الضوء، ولحل هذا الإشكال، صاغ «بيتر هيجز-Peter higgs» معادلاته، لوصف ما سُمّي بعد ذلك ب «حقل هيجز-higgs field»، إذ أخبر هيجز بأن كتلة الجسيمات لا تأتي من داخلها، وإنما هناك حقل غير مرئي، تتفاعل الجسيمات معه أثناء حركتها، فيُبطئ من حركتها، على سبيل المثال، إذا وجدنا جسيمًا ثقيلًا، فهذا يعني أنه يتفاعل بشدة مع حقل هيجز، وليس أن كتلة الجسيم نتيجة لتركز المادة بداخله.

إذًا فالأمر بسيط الآن، علينا فقط أن نجد جسيم هيجز، وعندها سيكون هذا دليلًا على وجود حقل هيجز، وقد حدث بالفعل، فقد وجد الفيزيائيون «بوزون هيجز-Higgs boson» عام 2012، وهذا هو ما يعطي الجسيمات كتلتها.

مما لا يشك فيه عاقل هو وجود الجاذبية وتأثيرها فيما حولنا، فهي التي تسببت بسقوط التفاحة، وهطول الأمطار، وترابط الأرض والقمر، ودوران الأرض حول الشمس، والكثير والكثير من الأشياء الأخرى، لكن الفيزيائيون لا يعرفون جسيمًا ليحمل هذه القوة، إذ أنها قوة كبيرة لتكون محمولة بجسيم واحد، ولكن مما لا شك فيه كذلك أنهم منهمكون في البحث عن هذا الجسيم بحثًا عن فهم أفضل عن ماهية القوى التي تحكم الكون.

من كورس ل Coursera مقدم من «جامعة أمستردام-Amsterdam university».

coursera

لقراءة سلسلة التاريخ الكبير ج2 من هنا

التاريخ الكبير: مم يتكون الكون؟

سلسلة التاريخ الكبير: مم يتكون الكون؟ لطالما سحرنا الكون بغموضه، لكن في القرن الماضي، تمكن العلماء من إزالة بعض من الغموض الذي يحيط بالكون، كما اكتشفنا بعض الأمور المثيرة، على سبيل المثال علمنا أن الفراغ ليس عدمًا كاملًا، ولكنه يحوي «تقلبات كمومية-Quantum fluctuations» تُنشئ جزيئات ومضاداتها، ليتحد الجزيء و مضاده ليعودوا كما كانوا فراغًا، ولكن هذا الاكتشاف المثير قد يدفعك للتساؤل عن ماهية المادة من الأساس، في الواقع، نحن نعرف الكثير، دعونا نناقش في سلسلة التاريخ الكبير: مم يتكون الكون؟

1- الالكترونات

كما نعلم جميعا تدور الالكترونات حول نوى الذرات بسرعة تقارب سرعة الضوء، وهذا لا يسمح لنا بقياس سرعته و تحديد مكانه في نفس اللحظة، تقف قوانيننا عاجزة أمام هذا الجزيء الصغير ذو الشحنة السالبة.

2- «الكواركات-Quarks»

تحتوي نواة الذرة على البروتونات والنيوترونات، واللذان بدورهما يوجد بداخلهما جزيء أصغر، يدعى بالكوارك، وحجم الكوارك أصغر من حجم البروتون بألف مرة، إذ أن كل بروتون يحتوي على ثلاث كوراكات، وكل نيوترون يحتوي على ثلاثة أيضًا، كما أن للكواركات أنواع مثل : «الكوارك العلوي-Up quark»، «الكوارك السفلي-Down quark»، وغيرهم، إلا أن هذان النوعان هما ما يكوّنان المادة التي في كوننا، و يحتوي البروتون على كواركان علويان وكوارك سفلي، بينما يحتوي النيوترون على كواركان سفليان وكوارك علوي.

3- «الالكترون نيوترينو-Electron neutrino»

ليس مكونًا من مكونات الذرة، لكنه يغمر كوننا بجسيماته طوال الوقت، جسيماته القادرة على اختراق كل شيء دون أن نشعر بها، إذ أن في الثانية الواحدة يخترق مئة بليون من هذا الجسيم إبهامك!
لا تزال خصائص النيوترينو مجهولة لدى المجتمع العلمي، كما أننا لا نعرف أي دور يلعب في بناء كوننا، ربما نجيب عن هذه الأسئلة في المستقبل القريب.

4- «المادة المضادة-Antimatter»

كانت المادة المضادة افتراضًا تنبأت به معادلات العالم «بول ديراك-Paul Dirac» في عام 1926، إلا أننا استطعنا إنتاجها في المعامل، كما رصدناها في التقلبات الكمومية، إذ أن الالكترون له جسيم مضاد بشحنة موجبة ويدعى بال «بوزيترون-Positron»، كما أن للبروتون جسيمًا مضادًا كذلك، ويدعى بال «البروتون المضاد-Antiproton»، فلكل جسيم من جسيمات المادة جسيمًا مقابلًا من جسيمات المادة المضادة.

عندما يلتقي جزيء بنظيره من المادة المضادة، يتحدان سويًا ليفنيا ويتحولا إلى طاقة وفقًا لمعادلة ألبرت أينشتاين الشهيرة E=MC^2، التي تنص على أن المادة والطاقة ما هما إلا وجهان لعملة واحدة، وهذه بالضبط هي فكرة «المسرعات الجزيئية-Particle Accelerators»، حيث يقوم الفيزيائيون بتسريع الجسيمات لتصطدم ببعضها منتجةً طاقة هائلة، وبحسب كمية الطاقة تنشأ جسيمات جديدة، إذ اكتشفنا نوعًا أثقل من الكواركات، وهو «الكوارك القمي-Top quark»، ونوعا أثقل من الالكترونات، وهي «الميونات-Muons»، ونوعا أثقل من النيوترونات، وهي ال «ميون نيوترينو-Muon neutrino»، وكل هذا عن طريق مصادمة الجزيئات ببعضها البعض، لتنتج طاقة، ومن ثم تتركز هذه الطاقة لتتحول إلى جسيمات جديدة.

ولكن لماذا لا نجد المادة المضادة بوفرة في الطبيعة مثل المادة؟ ولماذا هذه الجسيمات بالتحديد؟ وهل توجد جسيمات أخرى؟

كل هذه أسئلة لا نعرف لها إجابة في الوقت الحالي، لكن لربما كنت أنت أيضًا المجيب عليها، والفائز القادم بجائزة نوبل في الفيزياء.

من كورس ل Coursera مقدم من «جامعة أمستردام-Amsterdam university».

لقراءة الجزء الأول من هنا

التاريخ الكبير: الانفجار العظيم

التاريخ الكبير: الانفجار العظيم

بعد أن أعددت مشروبك المفضل في سلام، وجلست في شرفة بيتك الهادئة بعد منتصف الليل، تنظر إلى السماء بعجب، فإذا القمر يتوسط المشهد بنوره الفضي الساحر، محاطًا بمجموعة بالكثير والكثير من النجوم، ووسط هذا الجو الشاعري الجميل تتساءل: “كيف بدأ كل هذا؟”.

الحقيقة أننا نعرف كيف بدأ كوننا الجميل، لقد بدأ بداية عنيفة، بدأ ب «انفجار عظيم-Big bang»، ولكن كيف نعرف هذا؟ وما هي الأدلة على هذا الادعاء؟ تابع معنا سلسلة التاريخ الكبير ج١: الانفجار العظيم

1- توسع الكون

بدأ الأمر في بدايات القرن العشرين حينما وجه العلماء تليسكوباتهم نحو السماء، كان الاعتقاد السائد آنذاك أن الكون هو عبارة عن تجمع نجمي يحوي جوالي 400 بليون نجم، له أربعة أذرع، ويدعى ب«مجرة درب التبانة-Milky way galaxy»، لكن هؤلاء العلماء اكتشفوا اكتشافًا قد مثل ثورة علمية في ذلك الوقت، اكتشفوا أن مجرتنا ليست وحيدة!

بل أن هناك العديد من المجرات الأخرى، لم تكن تلك المجرات موجودة فقط، بل أنها كانت تبتعد عنّا، وأنه كلما كانت المجرة أبعد، كلما تحركت أسرع، فيما يعرف باسم «قانون هابل-Hubble’s law» نسبةً إلى العالم «إدوين هابل-Edwin Hubble».

لذا فإن كانت المجرات تبتعد عنا، فهي غدًا ستكون أبعد، كما أنها كانت أقرب إلينا في البارحة، فلنرجع الشريط إذًا للخلف، وسنرى أن المجرات تصبح أقرب مع التراجع في الزمن أكثر وأكثر، حتى يصبح الكون كله كتلة غازية ساخنة.

ومع بعض الحسابات يمكننا حساب عُمر كوننا، وبالفعل أطلق العلماء لأياديهم العنان لصياغة حسابات رياضية لحساب عمر الكون، ألا وهو 13.8 بليون سنة.

2- «الخلفية الكونية الميكرووية-Cosmic microwave background»

في بدايات الكون، كانت درجة الحرارة عالية جدا، عالية بشكل لا يسمح للنجوم أو المجرات أو الكواكب بالتكون، بل حتى أنها لا تسمح بوجود الذرات نفسها!

كانت الغازات ساخنة للغاية حتى بدأت في عملية «التأين-Ionizing»، كانت كل المادة في الكون منصهرة في حساء كوني من البلازما، حيث تندمج نوى الذرات، وتخرج الالكترونات عن مساراتها، والبلازما تنتج الكثير من الضوء والاشعاع لكنها تحتبسهم بداخلها، ولكن بعد أن أتم الكون 300 ألف سنة من عمره، هبطت درجة حرارته إلى 3000 درجة نتيجة للتوسع، رغم أنها درجة عالية نسبيًا، إلا أنها تسمح بتكون الذرات، لذا أصبح هناك مجال للإشعاع بأن يتحرك بحُرية أكثر، وكلما زاد عمر الكون كلما زاد الطول الموجي لهذا الإشعاع، فأصبحت هذه الموجات كانت موجات ميكروويف.

ثم رصدها العلماء وكونوا صورة لخلفية كوننا الميكرووية، فقد رصدوا إشعاعًا قادمًا من أولى سنوات الكون، فهذا أيضًا دليل على أن لكوننا بداية.

3- نسبة الهيليوم:

في نواة شمسنا الدافئة، تؤدي قوى الجاذبية الشمسية إلى التحام نوى ذرات الهيدروجين، حيث تتحد ذرتا هيدروجين لتكوين ذرة هيليوم واحدة، وهذا ما يحدث في النجوم فيما يعرف بعملية «الاندماج النووي-Nuclear fusion»، فإذا قمنا ببعض الحسابات استنادًا إلى عمر الكون، وإلى قوانيننا الفيزيائية المعروفة، فنستطيع التنبؤ بأن في ظروف كهذه، ستكون نسبة الهيليوم في يومنا هذا هي 1:10 من المادة الموجودة في الكون، ثم نأتي على أرض الواقع لنقيس نسبة الهيليوم وتكون المفاجأة، نسبة الهيليوم مطابقة لحساباتنا في ظروف كون بانفجار عظيم!

وهذا أيضًا يعتبر دليلًا قويًا على صحة نظرية الانفجار العظيم. لكن قد يسأل سائل: “هل نعلم كل شيء عن الكون الآن؟”

و الإجابة هي: “لا وبكل تأكيد”

إذ أن كل ما نعلمه عن كوننا كميًا هو 5% فقط من الكون. كل المادة التي نحن مصنوعون منها نحن والنجوم، لا تحظى إلا بنصيب 5% فقط من الكون.

فنحن لا نعلم ما يجعل المجرات متماسكة بهذا الشكل، فأطلقنا عليها اسم «المادة المظلمة-Dark matter»، كما أننا لا نعرف طبيعة القوة التي تتسبب في توسع الكون من الأساس، ونسميها «الطاقة المظلمة-Dark energy»، كما أننا أيضًا لا نعرف ما تسبب ببداية الكون، لا نعلم ما هو سبب الانفجار العظيم، إذ أن الكون كان كثيفًا وساخنًا للغاية بدرجة لا تسمح لقوانيننا الفيزيائية المعهودة بالعمل.

فهناك الكثير والكثير الذي لا نعلمه عن الكون وعنّا، في الواقع نحن نجهل عن الكون أكثر مما نعلم، وكما ترى عزيزي القارئ، هناك الكثير من جوائز نوبل في انتظار من يجيب عن هذه الأسئلة، ومن يدري؟ أليس من الممكن أن يكون أنت من يفعل؟

من كورس تابع لCoursera، مقدم من «جامعة أمستردام-Amsterdam university».

اقرأ المزيد حول: داروين لم يكن أول من وضع نظرية التطور

التقاط أول صورة لاثنين من الكواكب غير الشمسية

التقاط أول صورة لاثنين من الكواكب غير الشمسية تدور حول نجم قريب شبيه للشمس!

تمكن علماء «المرصد الجنوبي الأوروبي-ESO» باستخدام «التيليسكوب بالغ الكبر-Extremely Large Telescope» من التقاط أول صورة لاثنين من «الكواكب غير الشمسية-Exoplanets» التي تدور حول نجم يافع شبيه للشمس على بُعد 300 سنة ضوئية من الأرض.

اعتبر العلماء هذا النجم -الذي يُعرف باسم TYC 8998-760-1- ويبلغ عمره 17 مليون عام فقط نسخة يافعة من نجم الشمس والذي يبلغ عمره 4.6 بليون عام، وبهذا يُعد في مراحل تطور مبكرة للغاية مقارنة بالشمس. ويقع هذا النجم ضمن «كوكبة الذبابة-musca constellation» ويمكن رصده جهة الجنوب.


التُقطت الصورة باستخدام أداة «بحث الكواكب غير الشمسية استقطابي الطيف شديد التباين-SPHERE» الخاصة بالتيليسكوب، وذلك عن طريق حجب الأشعة القوية المنبعثة من النجم المركزي والتقاط الأشعة الأضعف الخاصة بالكواكب، تمت هذه العملية عدة مرات وفي أوقات مختلفة ليتمكن العلماء من تمييز الكواكب عن النجوم في خلفية الصورة.


يُعد هذا الاكتشاف خطوة هامة تساعد على فهمٍ أفضل لتاريخ نشأة كواكب مجموعتنا الشمسية وتطورها. ويرجع تميز هذا الاكتشاف إلى التخطيط المُسبق له، فبينما اكتشف العلماء آلاف الكواكب بشكل غير مباشر، تبقى نسبة الكواكب التي رُصدت مباشرة وفقًا لمخطط مسبق ضئيلة للغاية. لذلك شدد ماثيو كينورثي (مؤلف مشارك في الدراسة وأستاذ بجامعة ليدن في هولندا) على أهمية عمليات الرصد المباشرة في البحث عن بيئات جديدة مناسبة للحياة.

بيئة مشابهة!

بالانتقال إلى الجزء الأسفل من الصورة نجد اثنين من الكواكب غير الشمسية، الأول وهو الأقرب للنجم ويُسمى TYC 8998-760-1b والثاني الأبعد عن النجم ويُسمى TYC 8998-760-1c. كلاهما غازي وهائل الحجم. وبمقارنتهما بنظيريهما -هائلي الحجم وغازيي التكوين أيضًا- في مجموعتنا الشمسية وهما كوكبي المشتري وزحل وجد العلماء بعض النتائج:


أولًا، المسافة بين كلا الكوكبين ونجمهما المركزي أكبر بكثير من المسافة بين المشتري وزحل ونجم الشمس. فبينما يبعد المشتري وزحل مسافة تبلغ 5 و 10 أضعاف المسافة بين الأرض والشمس على الترتيب، نجد أن كلا الكوكبين يبعدان مسافة تبلغ 160 و 320 ضعف المسافة بين الأرض والشمس على الترتيب.


ثانيًا، الكوكبان غير الشمسيين أثقل بمراحل من نظيريهما، فنجد أن كتلتيهما تبلغ 14 و 6 أضعاف كتلة كوكب المشتري على الترتيب. مع العلم أن كوكب المشتري أكبر كواكب مجموعتنا الشمسية.


وفي النهاية، أشار ألكساندر بوهن (المؤلف الرئيسي للدارسة وطالب ما بعد الدكتوراة بجامعة ليدن في هولندا) إلى الإمكانيات التي سوف تُتيحها الأدوات الحديثة، كتلك المتاحة على التيليسكوب بالغ الكبر، في المستقبل ومنها القدرة على رصد كواكب أصغر حجمًا. الأمر الذي يُعد خطوة بارزة في طريق فهم الأنظمة متعددة الكواكب وكذلك تاريخ نشأة نظامنا الشمسي.

كما صرح بوهن أن هذا الاكتشاف يُعد جزءًا من دراسة أكبر للكواكب غير الشمسية والنجوم شبيهة الشمس، والتي اُستكمل 20% منها فقط بينما تطمح الدراسة إلى رصد 70 هدفًا جديدًا مشابهًا للاكتشاف الأخير. وفي الختام أشار بوهن إلى إمكانية العثور على المزيد من الأنظمة متعددة الكواكب التي تدور حول نجوم تشبه النسخة اليافعة من الشمس.

المصادر:


1- eso
2- cnn
3- nasa

كيف ستعود ناسا إلى القمر ؟

كيف ستعود ناسا إلى القمر ؟

في سنة 1972 وقف آخر إنسان على القمر في مهمة Apllo-17 ومنذ ذلك الحين وإلى يومنا هذا لم يزر القمر سوى مركبات روبوتية غير مأهولة، كان الهبوط على القمر من أهم الإنجازات البشرية في القرن الماضي ومازال صداه الى اليوم، تخطط ناسا للعودة إلى القمر بحلول سنة 2024 بإنزال أول امرأة و الرجل التالي على القمر تحت برنامج أرتيميس، لكن هذه المرة من أجل البقاء وليس من أجل الزيارة فقط، ستتخذ ناسا منهجا مختلفا تماما عن المنهج المتبع في مهمات Apollo فماهو المنهاج الجديد وكيف سيتم تحقيقه؟

ماهي استراتيجيات ناسا الجديدة؟

تتلخص إستراتيجيات ناسا الجديدة في إستكشاف الفضاء في 6 نقاط:

  • تحويل مهمات ناسا في مدار اﻷرض المنخفض إلى شركاء تجاريين (بدل أن تقوم ناسا بتطوير الصواريخ اللازمة لايصال روادها الى محطة الفضاء الدولية ستكتفي بشراء رحلات من شركات خاصة مثل SpaceX)، وتحويل محطة الفضاء الدولية ISS والمحطات التجارية القادمة في المستقبل إلى مكان لتجربة تكنولوجيات الفضاء الجديدة.
  • إرسال مهمات روبوتية لها مدة بقاء طويلة ﻹستكشاف القمر بالتعاون مع شركات خاصة ومنظمات عالمية.
  • إرسال رواد فضاء أمريكيين للهبوط على القمر وإعادتهم بسلام.
  • توسيع مهمات إستكشاف الفضاء الامريكية على القمر من أجل التحضير لمهمات أطول وأصعب كاستكشاف المريخ.
  • الحفاظ على مكانة الولايات المتحدة في مقدمة إستكشاف المريخ عن طريق إرسال مهمات روبوتية متقدمة للتحضير لمهمات بشرية على المريخ.
  • إلهام أمريكا والعالم مع كل خطوة من هذا البرنامج.

المهمات الروبوتية:

برنامج ناسا التجاري ﻹرسال الحمولات إلى القمر «Commercial Lunar Payload Services (CLPS)» قام بالفعل بتحديد مهمتين لإرسال الأدوات العلمية و التكنولوجيا إلى القمر من المتوقع أن يبدأ الأمر سنة 2021، ستستعمل ناسا هذا البرنامج لارسال مهمة روبوتية VIPER ، سيتم إرسال هذه المهمة إلى القطب الجنوبي للقمر من أجل البحث على الموارد التي يمكن إستعمالها من طرف المهمات البشرية مستقبلا مثل الماء واﻷكسيجين.

هذه المهمة الروبوتية سيكون لها دور في تأكيد مااكتشفته المهمة المدارية «Lunar Reconnaissance Orbiter» والتي قدمت الكثير من المعلومات المهمة لمدة أكثر من عقد عن القمر والمواد التي يحتويهاr

محطة فضاء حول القمر:

بدل الذهاب إلى القمر مباشرة مثل Apollo سيتم الاستفادة من مقاربة جديدة تماما، سينم بناء محطة فضاء تعرف ب «Gateway» تدور حول القمر في مدار إهليليجي حول القطبين مما يسمح بالوصول إلى مناطق كثيرة على سطح القمر عند الهبوط على عكس Apollo، سيتم بناء هذه المحطة بالتعاون مع كندا التي ستوفر ذراع آلية شبيهة بالتي هي موجودة على محطة الفضاء الدولية، و اليابان التي ستوفر عده قطع مهمة لإقامة رواد الفضاء داخل المحطة ، كما ستشارك ESA وكالة الفضاء اﻷوربية ب «the International Habitat (I-Hab)» التي سيقيم بها رواد الفضاء داخل المحطة، كما سيتم التعاقد مع شركات خاصة من أجل تزويد المحطة بالوقود والمؤونة.

الشكل المتوقع ل «Gateway» والمؤسسات التي ستشارك فيها

نظام اﻹطلاق الفضائي«SLS»:

من أجل إرسال الرواد والمعدات إلى القمر تعاقد ناسا مع شركة Boing من أجل بناء « The Space Lunch System SLS» وهو صاروخ يستطيع رفع حمولات هائلة إلى القمر وسيتم تطوير عدة أنواع منه.

أنواع SLS

كيف ستبدو مهمة أرتيميس؟

يتم وضع رواد الفضاء في كبسولة أورايون المحملة على صاروخ SLS، ينطلق الصاروخ عن طريق إشعال أربعة محركات RS-25 و دافعين يعملان بالوقود الصلب وعن إشتعالهما لامكان للرجعة. في حالة حدوث أي طارئ سيتمكن نظام الانقاذ من سحب الكبسولة وروادها يعيدا عن الصاروخ إلى بر اﻷمان، إن سار كل شئ كما هو مخطط ينطلق الرواد نحو الفضاء، يتم فصل دافعات الوقود الصلب بعد دقيقتين ويواصل الصاروخ نحو مدار اﻷرض، بعد 8 دقائق من الإطلاق يتم فصل طبقة الصاروخ اﻷساسية ويتم إشعال الطبقة العليا لمدة قصيرة لوضع المركبة في مدار حول اﻷرض، هنا يتم التحقق من عمل كل اﻷنظمة وفتح الألواح الشمسية لتزويد المركبة بالطاقة.

يتم إشعال المحركات مجددا ﻹرسال المركبة إلى مدار القمر وهنا التوقيت مهم للغاية من أجل إخراج المركبة من مدار اﻷرض والتأكد أنها ستلتقي بمحطة الفضاء حول القمر بعد عدة أيام، ويتم فصل هذه الطبقة عند الخروج من مدار الأرض.

عند الصول لمدار القمر يتم الاتحاد مع محطة «Gateway» وينتقل الطاقم المحدد مسبقا إلى نظام الهبوط الذي تم إحضاره إلى «Gateway» من طرف الشركاء التجاريين، يتكون هذا النظام من 3 أجزاء

  • جزء ﻹيصال الرواد إلى مدار منخفض حول القمر.
  • جزء للهبوط على القمر.
  • جزء للعودة إلى «Gateway» بعد إنتهاء المهة.

بعد وصول الرواد إلى القمر سيجدون كل شئ يحتاجونه من مركبات وأدوات قد تم إيصاله بالفعل من طرف شركاء ناسا النجاريين ك SpaceX و Blue Origin

عند عودة الرواد إلى المحطة يعودون إلى كبسولة أرايون، يتم اﻹنفصال عن «Gateway» والتوجه نحو اﻷرض، عند الدخول للغلاف الجوي للأرض سيتم إبطاء كبسولة الرواد بسبب الإحتكاك مع الهواء ثم يتم فتح المظلات ﻹبطاء المركبة أكثر من أجل الهبوط في البحر.

المصادر:

اكتشاف ثقب أسود ضخم في الكون المبكر يتحدى النظريات الحالية

اكتشاف ثاني أبعد نجم مزيف (كويزار) وأطلق عليه اسم من لغة الهاوايين الأصليين، يستضيف هذا النجم ثقب أسود ضخم يتحدى النظريات الحالية بسبب تكونه في الكون المبكر.

النجم الزائف أو شبيه النجم أو الكويزار-Quasar‏ هو المنطقة الغازية الساخنة المحيطة مباشرة بثقب أسود هائل تصل درجة حرارتها عدة مئات الألاف درجة مئوية.

اكتشف علماء الفلك ثاني أبعد نجم زائف (كويزار) باستخدام ثلاثة مراصد من مرصد موناكيا-Maunakea، وهو مرصد فلكي تم تأسيسه عام 1967 على قمة بركان موناكيا في أحد جزر هاواي بالمحيط الهادي حيث يعتبر أحد أكبر المراصد الفلكية في الوقت الحاضر وتشترك فيه جامعات ومعاهد من 11 دولة في مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية.

اكتشاف ثقب أسود ضخم في الكون المبكر يتحدى النظريات الحالية

أطلق على هذا النجم الزائف اسم “پونيوا إينا- Poniua’ena”، يأتي هذا الاسم من لغة سكان هاواي الأصليون، ويمكن ترجمته “كمصدر دوران غير مرئي للخلق محاط باللمعان”.

پونيوا إينا هو ثاني نجم زائف تم اكتشافه؛ حيث يستضيف ثقب أسود ضعف حجم الكويزار المعروف في نفس الفترة الزمنية. وخلص العلماء إلى أن وجود مثل ذلك الثقب الأسود الضخم في ذلك الزمن المبكر للكون هو تحدي حقيقي للنظريات الحالية حول كيفية تشكل الثقوب السوداء الهائلة ونموها في الكون المبكر.

الكوازارات (النجوم الزائفة) هي أكثر الأجسام نشاطًا في الكون مدعومة بالثقوب السوداء الضخمة والهائلة، ومنذ اكتشافها، حرص الفلكيون على تحديد أول ظهور لها في تاريخنا الكوني.

ومن خلال البحث المنهجي عن هذه النجوم النادرة في مسوحات الفضاء، اكتشف الفلكيون النجم المزيف الأكثر بعدا سنة 2018، ويسمى “J1342 + 0928”. أما في هذا الاكتشاف الذي نشر في مجلة “رسائل الفيزياء الفلكية-Astrophysical Journal Letters” فيعد ثاني أبعد مسافة عن الكويزار المسمى “Poniua’ena” أو J1007+2115؛ حيث سافر الضوء المرئي من Poniua’ena عبر الفضاء لأكثر من 13 مليار سنة منذ مغادرة الكويزار بعد 700 مليون سنة فقط من الانفجار العظيم.

تُظهر الملاحظات الطيفية من المراصد المستخدمة أن الثقب الأسود الهائل الذي يستضيفه الكويزار Poniua’ena أكبر بـما يعادل 1.5 مليار مرة شمسنا. فمن أجل تشكيل ثقب أسود بهذا الحجم في وقت مبكر من الكون، يجب أن يبدأ على شكل ثقب أسود تعادل كتلته 10000 مرة كتلة الشمس بعد حوالي 100 مليون سنة من الانفجار العظيم، بدلاً من النمو من ثقب أسود جد صغير تكون بعد انهيار نجم واحد.

“كيف يمكن للكون أن ينتج مثل هذا الثقب الأسود الضخم في وقت مبكر جدًا من تاريخه؟ يمثل هذا الاكتشاف أكبر تحد حتى الآن لنظرية تكوين الثقب الأسود ونموه في أوائل الكون.”

شياو هوى فان، بروفيسور ومساعد رئيس قسم الفلك بجامعة أريزونا

تقول النظرية الحالية أن ولادة النجوم والمجرات كما نعرفها بدأت خلال عصر “إعادة التأيين-Reionization”؛ أي بعد حوالي 400 مليون سنة من الانفجار العظيم. كما يُعتقد أن نمو أولى الثقوب السوداء العملاقة حدثت خلال تلك الحقبة نفسها من تاريخ الكون. واكتشاف الكويزارات مثل Poniua’ena في عمق عصر إعادة التأيين هو خطوة كبيرة نحو فهم عملية إعادة التأيين وتشكيل الثقوب السوداء الهائلة المبكرة والمجرات الضخمة. وضع Poniua’ena قيودًا جديدة وهامة على تطور المادة بين المجرات في عصر إعادة التأيين.

“يتصرف Poniua’ena مثل منارة الكونية، بينما يسافر ضوءها في رحلته الطويلة نحو الأرض، يتغير طيفها بواسطة الغاز المنتشر في الوسط بين المجرات مما سمح لنا بتحديد وقت حدوث عصر التأين”

جوزيف حناوي، المؤلف المشارك في الدراسة وبروفيسور في قسم الفيزياء في جامعة كاليفورنيا

المصادر:
ScienceDaily
Keck Observatory

ما هو محرك ألكوبيير Alcubierre Drive؟

ما هو محرك ألكوبيير ALCUBIERRE DRIVE؟

  منذ بداية القرن الماضي بدا جلياً أن حجم الكون شاسع جداً، وأن المسافات بين المجرات مهولة، بل وحتى بين النجوم.

يعد نجم «بروكسيما سينتوري – Proxima Centauri» اﻷقرب للأرض بعد الشمس، بمسافة 4.2 سنة ضوئية، أي أنه لو أمكنك السفر بسرعة الضوء ستصل بعد أكثر من أربع سنوات إن سافرت ﻷقرب نجم إلينا. إذن لو أردنا استكشاف الكون والسفر بكل حرية بين النجوم، حتى حدود السرعة في الكون ليست كافية. نعم، سرعة الضوء في الفراغ بطيئة جداً مقارنة بالمسافات بين النجوم، فمحاولة السفر من أحد أطراف مجرة درب التبانة إلى الطرف الآخر بسرعة الضوء سيتطلب 52850 سنة.

فهل يمكننا السفر بسرعة أكبر من سرعة الضوء؟ ﻷنه يبدو أن هذا هو الأمل الوحيد للبشرية في السفر للنجوم في زمن معقول.

هل يمكن السفر أسرع من الضوء؟

  من المتعارف عليه في الفيزياء أن السفر بسرعة أكبر من سرعة الضوء يخرق قوانين النسبية لأينشتاين، لكن فقط إن أردت أن تسافر من نقطة “أ” إلى “ب” في الفضاء، لكن الفضاء نفسه غير محدود بسرعة الضوء أي أن تمدد أو تقلص الفضاء  «الزمكان-spacetime» يمكن أن يفوق سرعة الضوء، فمثلاً المجرات البعيدة جداً تبتعد عنا بسرعة أكبر من سرعة الضوء بسبب توسع الكون.             

محرك ألكوبيير هو نوع من أنواع  «محركات الطي Warp Drives» التي كثيراً ما نراها في أفلام الخيال العلمي ويشار إليها أحياناً ب«محركات أسرع من الضوء faster than light” FTL-Drive”»    

سنة 1994 قام عالم الفيزياء النظري «ميجيل ألكوبيير Miguel Alcubierre» بنشر ورقة بحثية أظهر فيها  أنه من الممكن نظرياً صناعة محرك يمكننا من السفر بسرعة أكبر من سرعة الضوء في إطار النظرية النسبية، دون اللجوء إلى «الثقوب الدودية Worm Holes».

يعمل هذا المحرك عن طريق تقليص نسيج الفضاء أمامه وتوسيعه من خلفه مما يسمح بالسفر بسرعة مهولة دون استخدام الدفع النفاث، فباستعمال هذا المحرك أنت لاتتحرك أساسًا وإنما تقلص المسافة بينك وبين وجهتك عن طريق تقليص نسيج الفضاء أمامك وتزيد المسافة بينك وبين نقطة انطلاقك عن طريق توسيع نسيج الفضاء خلفك، وهو ما يبدو لملاحظ بعيد بحركة أسرع من سرعة الضوء.

الأمر أشبه بجسم فوق شبكة مطاطية، اعتبر الشبكة المطاطية كتمثيل لنسيج الفضاء، فبدل تحريك الجسم عبر الشبكة من نقطة “أ” نقطة الإنطلاق إلى نقطة “ب” الوجهة، تقوم بتحريك النقطة “أ” نفسها التي وضع الجسم  فوقها نحو النقطة “ب” مما يؤدي إلى تمدد الشبكة خلف الجسم وتقلصهاأمامه.

لماذا لا يوجد محرك ألكوبيير ALCUBIERRE DRIVE في الواقع؟

ربما تتسائل اﻵن إذا كان اﻷمر بهذه البساطة فلماذا لم يتم تصنيع محرك ألكوبيير ؟ولماذا لا تزال الفكرة فقط في عالم الخيال العلمي؟!

المشكلة في ورقة ألكوبيير الأصلية هو أن كمية الطاقة التي نحتاجها لطي نسيج الزمكان أكبر من كمية الطاقة في الكون المنظور، كما أن  هذه الطاقة يجب أن تكون سالبة الكثافة مما يعني أن الكتلة المكافئة لها كتلة سالبة. هذا النوع من المادة مازال مجرد افتراض في الفيزياء يعرف ب«Exotic Matter».

ماذا بعد ورقة ألكوبيير؟

لم يتوقف اﻷمر عند ورقة ألكوبيير وإنما أثار انتباه «ناسا-NASA» مما أدى لرؤية اﻷمر ببعض الجدية حيث قام «هارولد وايت Harold White» بتقليص كميه الطاقة المحتاجة لطي الفضاء وقام أيضا بتصميم تجربة «White–Juday warp-field interferometer» بالتعاون مع «ريشارد جودي Richard Juday» لمحاولة رصد طي الفضاء لكن التجربة لم تعطي أي نتائج.

مازالت فكرة ألكوبيير فكرة نظرية وحسب، إذ تعد مشكلة ال«Exotic Matter» أكبر عائق في وجه «محركات الطي Warp Drives».

بغض النظر عن صحة فكرة ألكوبيير أو خطئها فهي بلا شك فكرة مثيرة للاهتمام وللتساؤل كما أنها وضعت حجر اﻷساس للبحوث القادمة في المستقبل التي ستنظر بعمق إلى إمكانية تصنيع

«محركات الطي Warp Drives»، من الصعب جداً توقع مستقبل التكنولوجيا فربما في يوم من اﻷيام سيكون السفر بين النجوم أمراً واقعاً بدل أن يبقى محبوساً في عالم الخيال العلمي.

المصادر:

arxiv

nasa

nasa

للمزيد حول السفر في الفضاء

كيف قام الأخوان رايت بأول عملية طيران ناجحة في التاريخ؟

كيف قام الأخوان رايت بأول عملية طيران ناجحة في التاريخ؟

عندما تم سجن «ديدالوس-Daedalus» مع ابنه «Icarus-إيكاروس» في القلعة لإخفاء سر المتاهة الخاصة به، قام ديدالوس بصنع أجنحة من الريش والشمع ليتمكنا من الهرب، وقبيل الانطلاق، حذر الأب ابنه ألا يحلق عاليًا بها كي لاتذيب الشمس أجنحته فيسقط، ولكن بعدما انطلق رأى الحرية ونسي نصيحة والده وحلق عاليًا، فذابت أجنحته ووقع في البحر.

بالتفكير مليًا في هذه الأسطورة اليونانية، نجد أن اليونان جعلوا ديدالوس وابنه يهربان عن طريق بناء أجنحة، نعم، لقد كان الطيران أعجوبة عند القدماء وقوة خارقة بالنسبة لهم استخدموها في الأساطير، ذلك أن أعظم العقول في تلك الفترة أقرت بأن الأمر مستحيل فيزيائيا، إلى أن قام «الأخوان رايت-Wright brothers» ببناء أول نموذج ناجح لطائرة وتمكنا من إقلاعها باستخدام قوى آيروديناميكية.

ولكن، ماهي القوى الآيروديناميكية؟

تنحدر هذه الكلمة من أصل يوناني وتتألف من شقين، الأول «هو ἀήρ-ايرو» بمعنى هواء والثاني هو «δυναμική-دايناميك» بمعنى قوة وتهتم بشكل عام بدراسة حركة الهواء واحتكاكه مع المواد الصلبة، ويعد هذا العلم أحد فروع ميكانيك الموائع.

ولكن كيف تمكن الأخوان رايت من القيام بذلك؟ كيف استطاعا تسخير تلك القوة لصالحهما؟

اعتمد الأخوان رايت على فكرة أساسية وهي قانون نيوتن الأول، بحسب نيوتن، يظل الجسم الساكن ساكنا، والجسم المتحرك متحركا ما لم تؤثر عليه قوة خارجية، أي أنه لكي تحلق الطائرة في الهواء، يجب ان تتغلب هذه القوة الآيروديناميكية على وزن الطائرة الذي يقوم بسحبها للأسفل باتجاه مركز الأرض.

بشكل عام، تؤثر على الطائرة أثناء الحركة أربع قوى أساسية:

قوة الدفع الأمامي – Thrust:

تمثل قوة الدفع الخاصة بالمحركات، تكون جهة هذه القوة باتجاه حركة الجسم “غالبًا” وتوجد بشكل أساسي للتغلب على قوة الدفع الخلفي أو المقاومة.

قوة السحب الخلفي- Drag:

تنشأ هذه القوة بسبب مجموعة عوامل منها سرعة الطائرة، كثافة الهواء، شكل الجسم والزاوية التي يصنعها مع اتجاه الحركة، يتم التغلب على هذه القوة باستخدام قوة الدفع الأمامي.

وزن الطائرة – Weight:

يتناسب طردا مع كتلة الجسم، أي أنه كلما ازدادت الكتلة الخاصة بالجسم، ازدادت قوة الرفع المطلوبة للتغلب على الوزن.

قوة الرفع – Lift:

وهي محور دراستنا هذه، هناك العديد من التفسيرات لهذه القوة، منها ماهو صحيح ومنها ماهو مغلوط سنبدأ بمعلومات عامة عن هذه القوة.


تنشأ هذه القوة بسبب حركة الطائرة في الهواء وتتولد عند مراكز الضغط في الأجنحة التي تأخذ شكل ال «airfoil» “كما في الشكل الموضح بلأسفل” ذلك أنه عند حركة الجسم في الهواء، تستطيع جزيئات الهواء الانتقال بسهولة حول الجسم لضعف الارتباط بينها على عكس الأجسام الصلبة.

“مقطع عرضي بجناح الطائرة”، كيف قام الأخوان رايت بأول عملية طيران ناجحة في التاريخ؟


وبما أن الجزيئات تتحرك فهناك سرعة خاصة بهذه الجزيئات تختلف بين بعضها البعض وتؤثر بها على الجسم بقيم مختلفة، انطلاقا من هذه المعلومات، توجد فرضيتين لتفسير قوة الرفع.

تفسير الظاهرة حسب برنولي:


تتعلق فرضية برنولي بضغط الهواء على الجسم، حيث قام برنولي بربط سرعة الهواء بالضغط الخاص به، أي أنه عندما تتغير السرعة الخاصة بالهواء، تتغير قيمة الضغط عنده والعكس صحيح بالتالي عندما تتغير سرعة الهواء المحيطة بالجسم، تتغير قيم الضغط المحيطه به وبتجميع قيم الضغط التي تؤثر على الجسم ينتج لدينا قوة تكون المركبة العمودية فيها على اتجاه الحركة هي قوة الرفع، أما المركبة الأفقية فهي مضافة الى قوة السحب المقاوم للحركة.

حسب نيوتن


تقوم فرضية نيوتن على جمع قيم السرعة لجزيئات الهواء المحيطة التي تؤثر على الجسم، ينتج عن ذلك محصلة اتجاه حركة جزيئات الغاز الكلي، وبحسب قانون نيوتن الثالث، ينتج لدينا رد فعل يعاكس حركة الجزيئات، تكون المركبة العمودية على اتجاه الحركة في رد الفعل هي قوة الرفع أما المركبة الأفقية فتمثل قوة السحب المقاوم للحركة.

اذًا، ما هو التفسير الصحيح؟


كل من فرضية نيوتن وفرضية برنولي صحيحتان، ولكن اعتمد نيوتن على مبدأ انحفاظ كمية الحركة، بينما اعتمد برنولي على مبدأ انحفاظ الضغط. ويجب التنويه هنا الى أن فرضية نيوتن أو فرضية برنولي تشير الى المجتمعات التي تدعم هذه الفكرة وليس الأشخاص بحد ذاتهم، ذلك أن زمن برنولي ونيوتن سبق عصر الطيران بكثير.

بالخلاصة، لا يوجد إجماع كلي بين الفيزيائيين على الأسباب التي تؤدي لخلق قوة الرفع، حيث أنه على الرغم من استطاعتنا تصميم طائرات متكاملة واستمثالها للعمليات التجارية أو العسكرية، وقياس هذه القوى ضمن أنفاق هوائية بدقة عالية، إلا أنه لايوجد تفسير موحد كامل ودقيق لسبب نشوء هذه القوة

المصادر:

Scientific American, NASA

اقرأ أيضا من الأكاديمية:

الطباعة ثلاثية الأبعاد، نماءٌ وازدهار أم خراب ودمار؟

شركة Virgin Orbit تفشل في عملية إطلاق صاروخها الأول

شركة VIRGIN ORBIT تفشل في عملية إطلاق صاروخها الأول:
تعد شركة Virgin Orbit جزءا من مجموعة Orbit Group البريطانية والتي تأسست من طرف ريتشارد برانسون. وكانت الشركة قد خططت لإرسال أول صاروخ لها للمدار يوم 25 مايو خلال مهمة سميت Launch Demo، لكن حدث خطأ ما بعد انفصال الصاروخ عن الطائرة الحاملة له والتي تسمى ب Cosmic Girl.

https://twitter.com/Virgin_Orbit/status/1265001333817356288
اقلاع الطائرة Cosmic Girl

وغرد ممثلو الشركة على منصة تويتر: “لقد تم تحرير الصاروخ من الطائرة وانتهت المهمة في وقت قصير بعد الإطلاق. الطائرة وطاقمها بخير وهم عائدون إلى القاعدة.”

https://twitter.com/Virgin_Orbit/status/1265008105714155520
شركة VIRGIN ORBIT تفشل في عملية إطلاق صاروخها الأول

لقد سبق للطائرة وصاروخها LauncherOne التحليق في السماء عدة مرات خلال اختبارات أخرى، وقد أطلقت الطائرة صاروخا مرة واحدة من قبل أثناء اختبار السقوط غير المزود بالطاقة في يوليو من العام الماضي.

أقلعت الطائرة من ميناء في جنوب كاليفورنيا مع صاروخ طوله 21 مترا محشورا تحت جناح الطائرة وحلقت غريا لتتجه للجنوب الغربي ثم نحو نقطة الإسقاط. بعد حوالي 50 دقيقة، وصلت الطائرة إلى المنطقة المحددة وأطلقت الصاروخ. كان من المفترض أن يشغل الصاروخ محركه المسمى نيوتن 3 ويحترق لمدة ثلاث دقائق لكن واجهه عطب ما في هذه المرحلة. وجاء في تغريدة للشركة بعد الإطلاق:

” حافظ الصاروخ على ثباته بعد تحريره من الطائرة وأشعلنا محرك المرحلة الأولى (نيوتن 3). لقد حدث عطب ما في المرحلة الأولى من العملية وسنتعلم المزيد عما حدث بعد تحليل مهندسينا الكم الهائل من البيانات التي حصلنا عليها اليوم.”

حساب Virgin Orbit على تويتر
شركة VIRGIN ORBIT تفشل في عملية إطلاق صاروخها الأول

ويذكر أن الشركة لم تخاطر بوضع القمر الصناعي التشغيلي على متن الطائرة نظرا لأن هذا النوع من الإطلاق يحتمل نسبة 50 في المائة من الفشل. وأكد الرئيس التنفيذي لشركة Virgin Orbit، دان هارت، أن الاختبار لم يساهم في مشكلة النفايات الفضائية المتزايدة على الأرض. كما أضاف أن هدف العاملين على المشروع لم يكن منحصرا فقط على إنجاح الصاروخ لوصول المدار الأرضي المنخفض بل جمع أكبر قدر من البيانات حول أنظمة الطائرة Cosmic Girl وصاروخها LauncherOne لتقييمها وتعديلها حسب الحاجة للمضي قدما.

وصرح هارت:

“نتعامل مع البيانات كمنتج، وكلما حصلنا على المزيد منها، تزداد قيمة الرحلة.”

دان هارت, الرئيس التنفيذي لشركة Virgin Orbit

وأفاد هارت أيضا أن إستراتيجية الإطلاق الجوي التي اعتمدتها الشركة تمنحها فرصة كبيرة للنجاح مشددا على أن هذا النظام يوفر المرونة والقدرة على الحركة والاستجابة.

لقد سبق لشركة Virgin Orbit أن اكتسبت العديد من الزبناء بما في ذلك وكالة ناسا، القوات الجوية الأمريكية، والقوات الجوية الملكية للمملكة المتحدة. وأضاف هارت أن الصفقات المبرمة تمثل مئات الملايين من الدولارات التجارية. ومن غير الواضح متى ستكون الشركة جاهزة لبدء مهامها التشغيلية لكنها قد تباشر قريبا في رحلة تجريبية أخرى.

المصادر:

Space.com
Virgin Orbit Twitter
The Guardian

مواضيع من الأكاديمية بوست قد تهمك:


هل يجب البحث عن كائنات فضائية تتنفس الهيدروجين؟
مالذي يربط أهرامات الجيزة وجزر النخيل بدبي بالفضاء؟
لماذا يصعب الهبوط على القمر؟

ما حقيقة اكتشاف كونٍ موازٍ يسير فيه الزمن إلى الوراء ؟

ما حقيقة اكتشاف كونٍ موازٍ يسير فيه الزمن إلى الوراء ؟

تناقلت بعض المواقع الاخبارية ومنصات التواصل الاجتماعي موخرًا خبر اكتشاف كونٍ موازٍ يسير في الزمن إلى الوراء. مصدر هذه الإشاعة هو إساءة فهم لمقالٍ نُشر في الثامن من أبريل في مجلة «New Scientist» . في هذا المقال سنستعرض حقيقة وجود كون موازٍ يسير فيه الزمن إلى الوراء وسنعرف الحقيقة من مصدرها وليس مما يكتبه الصحفيون في مقالاتهم.

من هنا بدأت القصة

نشرت صحيفة «ديلي ستارDailyStar» البريطانية مقالًا عن اكتشاف وكالة ناسا لجسيمات قد تكون من خارج كوننا. وفي التجربة استخدمت وكالة ناسا بالونًا عملاقًا يحلّق فوق القارة القطبية حيث لا وجود لضوضاء راديوية قد تشوش على النتائج ويحمل الهوائي الدافع العابر للقارة القطبية أو ما يُعرف اختصارًا «أنيتاANITA» وهو عبارة هوائي راديوي موجهة إلى الأرض لاكتشاف الموجات الراديوية المنبعثة من النيوترينوات عالية الطاقة في حالة تصادمها مع ذرات الموجودة في الجليد. ولاحظ العلماء، أن هناك رياحًا مستمرة لجسيمات عالية الطاقة تأتي من الفضاء الخارجي وبعضها أقوى بمليون مرة من أي شيء يمكن توليده على الأرض، وأضاف العلماء أن الجسيمات منخفضة الطاقة «نيوتريوناتneutrinos» تستطيع المرور عبر الأرض وتتفاعل بالكاد مع مادة كوكبنا، إلا أن الأجسام ذات الطاقة الأعلى تتوقف بسبب المواد الصلبة الأرضية. وأضافت صحيفة ديلي ستار إلى أن الجسيمات عالية الطاقة لا يمكن اكتشافها إلا وهي تنزل من الفضاء الخارجي، مضيفة أن اكتشاف جزئي أثقل «نيوترينو تاو tau neutrino» وهو يخرج من الأرض يعني أن هذه الجسيمات تسير للخلف بمرور الوقت، ما يعد دليلًا على وجود كونٍ موازٍ.

هوائي أنيتا

تفسير خاطئ للأبحاث العلمية

تجذب عناوين الأكوان المتوازية سماع الكثيرين وتتصدر أخبارها الصفحات الأولى ولكن ما يهمنا هنا هو معرفة الحقيقة من لسان الخبراء والباحثين أنفسهم وليس ما يصيغه ويُئَوله الصحفيون. كل ما يدور حول موضوع اكتشاف كونٍ موازٍ لا تسري فيه قوانين الفيزياء الحالية أتى من ثلاث أوراق بحثية:

  • الورقة الأصلية من أنيتا التي أكتشف فيها الباحثون جسيمات عالية الطاقة.
  • الورقة البحثية الثانية لباحثين من جامعات أمريكية والتي افترضت أن النتائج المتحصلة من قبل أنيتا يمكن أن تقدم دليلًا على وجود الكون المتماثل حيث تهيمن المادة المضادة على هذا الكون ويمكن أن يسير فيه الزمن إلى الوراء ومن هنا أتت ادعاءات الكون الموازي وذلك عند قراءة هذه الجملة الموجودة في هذه الورقة العلمية ” وفي هذا السيناريو، يُعاد تفسير الكون قبل الانفجار العظيم وبعد الانفجار العظيم على نموذج (كون-كون مضاد)  أُنشئ من لا شيء”
  • الورقة البحثية الثالثة لباحثين من مرصد «أيس كيوب نيترينوIceCube Neutrino» والتي نشرت في مجلة «The Astrophysical Journal» وتقترح هذه الورقة الحوجة إلى البحث عن تفسيرات بديلة لنتائج أنيتا.

ومع ذلك فأن الاستنتاج الحقيقي الوحيد هو أن الأحداث المكتشفة من قبل أنيتا لا يمكن تفسيرها بالنموذج القياسي للكون. وعلى إثر إعلان نتائج أنيتا حول اكتشاف نيوتيرونات ذات طاقة عالية تنبعث من الأرض ولكن من مصدر مجهول، سارع الباحثون في مرصد ايس كيوب في محاولة البحث عن مصدر هذه الجسيمات. يقبع مرصد أيس كيوب نيترينو في القرب من القطب المتجمد الجنوبي ويتكون من 5160 كاشف ضوئي مدفونيين تحت الجليد لغرض اكتشاف النيوتريونات التي تمر عبر ذرات الهيدروجين والأكسجين وتتفاعل معها. وبهذا يعتبر مرصد ايس كيوب أداة رائعة لمتابعة  مايكتشفه هوائي أنيتا لأنه في حالة اكتشاف حدث شاذ من قبل هوائي أنيتا فمن المفترض أن يكون مرصد أيس كيوب قد اكتشف الكثير من المعلومات عن ذلك الحدث. تقول الباحثة «أناستاسيا باربانAnastasia Barban» من جامعة جينيف في سويسرا “هذا يعني أنه يمكننا استبعاد فكرة أن هذه الأحداث جاءت من مصدر نقطة مكثفة –أو بعبارة أخرى من كونٍ موازٍ- ، وذلك لأن احتمالات رؤية أنيتا لحدث وعدم رؤية أيس كيوب لأي شيء ضئيلة جدًا.”

مرصد أيس كيوب في القطب المتجمد الجنوبي

ما الذي خَلُصت إليه الأبحاثُ العلمية؟

النتائج المنشورة لفحص اكتشافات أنيتا باستخدام مرصد أيس كيوب تُختتم بعبارات مثل “غير متناسقة مع التفسير الكوني” و “الفيزياء الجديدة” ، وتُصاغ على النحو التالي: “إن التفسير الفيزيائي الفلكي لهذه الأحداث الشاذة في ظل الافتراضات النموذجية القياسية مقيد بشدة بغض النظر عن المصدر”. وهذه الخلاصة حُرفت عن معناها الأصلي إلى معانٍ أخرى غير صحيحة. فالمعنى الصحيح: “لا نعرف حتى الآن من أين أتت هذه الإشارات.” أما المعنى الخاطئ: “جاءت هذه النيوترينوات عالية الطاقة من كونٍ موازٍ”. وفي نهاية هذا المقال وجب التنويه عزيزي القارئ إلى الحرص على التدقيق والتأكد من صحة الأخبار العلمية وعدم تصديق كل ما تقرأه في الصحف حتى وإن افتتحت مقالاتها بعباراتٍ طنانة مثل “اكتشفت وكالة ناسا”.

المصادر

sciencealert

forbes

dailystar

Exit mobile version