ما التحديات التي تواجه الحكومات في إدارة المدن الذكية؟

هذه المقالة هي الجزء 15 من 18 في سلسلة كيف ستغير المدن الذكية من شكل عالمنا؟

تتحول المدن الذكية بسرعة إلى حقيقة واقعة في العديد من أجزاء العالم. وتتبنّى الحكومات والبلديات الفوائد المحتملة المترتّبة على التقنيات المتقدّمة، والبيانات، بهدف تحسين نوعية حياة المواطنين، وتحقيق التنمية الشاملة. بيد أن تطوير وإدارة المدن الذكية ليس بالأمر السهل، ولا يخلو من التحديات. فما هي التحديات التي تواجه الحكومات في إدارة المدن الذكية؟

إدارة المدن الذكية

لا يوجد تعريف محدّد وموحّد حتى الآن للمدينة الذكية، لأنها مفهوم جديد نسبيًا. فتقترح الجهات الفاعلة تعريفاتها الخاصة التي تتناسب مع آلية عملها، بالرغم من ذلك يوجد بعض المبادئ العامة التي تتبعها الحكومات لإدارة المدن الذكية. ومن المهم ملاحظة أن إدارة المدن الذكية هي عملية مستمرّة تتطلّب تكيُّفًا وإبداعًا، وتختلف الاستراتيجيات والنهج المتّبعة من حكومة إلى أخرى. [1]

عمومًا تتبع الحكومات نهجًا لإدارة دورة الحياة الحضرية. يتضمّن تصميم، وصيانة التفاعلات بين الأنظمة الفرعية وذلك لإنشاء نظام بيئي شامل ومستدام داخل المدينة. كما تلعب دورًا حاسمًا كعامل تكامل بين الوظائف المختلفة المكونة للمدينة. فهي تنسّق، وتشرف على تنفيذ مختلف مبادرات المدن الذكية، وتضمن الأداء السلس للأنظمة.[1]

تشارك الحكومات مختلف أصحاب المصلحة في إدارة المدن الذكية بما في ذلك المواطنين، والشركات، والأوساط الأكاديمية. من أجل ضمان مشاركتهم النشطة في تنمية المدينة وقيادتها. وتدخل التقنيات الذكية في أنظمتها مثل الذكاء الاصطناعي AI، وأجهزة الاستشعار، وإنترنت الأشياء IoT. كما تعتمد على تحليل البيانات في صنع القرار، إذ يتمكّن أصحاب القرار بفضل الرؤى المستنيرة للبيانات من تحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين. من ثم تخصيص الموارد على النحو الأمثل، وتقديم الخدمات المطلوبة.[2]

لكن تواجه الحكومات تحديات صعبةً في إدارة المدن الذكية، بسبب العديد من المشكلات التقنية وغير التقنية. نتيجةً لذلك يتعيّن على صنّاع القرار دراسة هذه التحديات من أجل وضع الخطط اللازمة للتغلّب عليها.

تحديات البنية التحتية

يتطلّب التطبيق الفعّال للتقنيات الذكية بنيةً تحتيةً قويةً وموثوقةً، غير أن العديد من المدن تفتقر إلى البنية التحتية المطلوبة. وقد تفتقر إلى الهياكل الأساسية المادية (مثل أجهزة الاستشعار، وشبكات الاتصالات)، أو الهياكل الأساسية المؤسسية (مثل السياسات، واللوائح التنظيمية الداعمة). ويشكّل نقص البنية التحتية تحديًا حقيقيًا للحكومات في إدارة المدن الذكية، إذ تعوق تكامل البيانات الضخمة التي تسهم في تنمية المدينة.[3]

تعتبر المدينة موطنًا لسكان متنوعين ذوي احتياجات وتوقعات مختلفة. مما يجعل من الصعب تصميم وتنفيذ بنية تحتية تلبي احتياجات الجميع، وتوفر فرصًا متكافئةً للحصول على الخدمات الذكية. لذلك تحتاج الحكومات تخطيطًا وتنسيقًا دقيقًا لضمان استفادة الجميع من التقنيات الحديثة بمن فيهم كبار السن، وذوي الاحتياجات الخاصة.[3]

تحديات خصوصية البيانات والأمن

تتعرض إدارة المدن الذكية للعديد من التحديات المتعلّقة بخصوصية البيانات والأمن، لأنها تنطوي على جمع البيانات الحسّاسة، وتخزينها، ومعالجتها. وتولّد المدن الذكية كميةً هائلةً من البيانات من أجهزة مختلفة كالكاميرات، والمستشعرات. وإذا استخدمت هذه البيانات بشكل غير مسؤول، أو مدروس، أو بسوء نيّة فقد تؤدي إلى آثار سلبية مثل انتهاك حقوق الإنسان، والمبادئ الأخلاقية. على سبيل المثال؛ يمكن أن يؤدي خرق البيانات إلى نشر معلومات حساسة كالبيانات الشخصية، والمعلومات المالية، والبيانات التجارية السرية. مما يؤدي إلى سرقة الهوية، أو الاحتيال، وغيرها من الأنشطة الخبيثة. كما يؤدي انتهاك البيانات إلى انتهاك الخصوصية حين تعرض المعلومات الشخصية لأطراف غير مصرح لها. الأمر الذي يسبب فقدان الثقة بنظام المدينة، ويخفض مشاركة المواطنين.[4][5]

يكثر التهديد السيبراني مع زيادة رقمنة المدن مما يخلق مخاوف أمنيةً مختلفةً. حيث يمكن للمخترقين استغلال نقاط الضعف في نظام المدينة لشنّ هجمات إلكترونية على الأجهزة والأنظمة. [4]

تحديات سياسية في إدارة المدن الذكية

تنطوي مشاريع المدن الذكية على نقل الوظائف العامة الحاسمة إلى أنظمة الحاسوب. نتيجةً لذلك من المهم ضمان أن يكون للجمهور رأي في اقتناء البنية التحتية الرقمية، والتحكم بها. بالرغم من ذلك غالبًا ما تُستبعد المنظمات المجتمعية من عمليات اتّخاذ القرار بشأن تنفيذ المدينة الذكية. وقد يؤدي ذلك إلى حدوث توترات سياسية.[6]

إضافةً إلى ذلك، قد تخلق المدينة الذكية تحديًا للأشخاص المستبعدين، بسبب ذلك تتشكّل مشكلة الإدماج الاجتماعي. يعني ذلك أن مشاريع المدن الذكية قد لا تكون متاحةً أو مفيدةً لجميع أفراد المجتمع، ولاسيما أولئك المهمشون، أو المستبعدون. يزيد التوتر بين مختلف الفئات، وتتعقد المشكلات المرتبطة بالإدماج الاجتماعي بسبب الأبعاد الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، والثقافية للبلدان. لذلك يحتاج الخبراء إيجاد حلول مصممة خصيصًا لكل نظام ذكي.[7]

تواجه الحكومات كذلك مشكلة الإنصاف الرقمي. ويشير المصطلح إلى أن جميع الأفراد والمجتمعات لديهم إمكانية متساوية للوصول إلى تكنولوجيا المعلومات المطلوبة للمشاركة في الحياة الرقمية. وأبرزت الأبحاث التي أجريت مؤخرًا أن كوفيد-19 يزيد أوجه عدم المساواة القائمة، ويزيد تفاقم الفجوة الاجتماعية ذات الصلّة بالتكنولوجيا. ولا سيما بالنسبة للمجتمعات التي تعاني من العنصرية بما في ذلك المهاجرين الجدد، واللاجئين، والأقليات العرقية. ويعني ذلك أن بعض الناس قد لا يحصلون على التقانة اللازمة للمشاركة في المشاريع الذكية. فيؤدي ذلك إلى حدوث صراع بين أفراد المجتمع. [8]

صعوبة تقبل المواطنين لمبادرات المدن الذكية

تواجه إدارة المدن الذكية عدّة تحديات متعلّقة بتقبل المواطنين، ومشاركتهم بمبادرات المدن الذكية ومنها:

قلّة الفهم

تتمثل إحدى المشكلات في عدم فهم البلديات والقطاعات العامة لمفهوم المدن الذكية بشكل كامل. فينعكس ذلك بدوره على جودة تنفيذ الحلول الذكية. ويرجّح سبب المشكلة لنقص الخبراء القادرين على تقديم حلول شاملة للبلديات. على سبيل المثال؛ وجدت دراسة أجريت في سلوفاكيا، وإيطاليا، ولتوانيا، والدنمارك أن فهم البلديات لفكرة المدينة الذكية كان منخفضًا. ويؤثر ذلك على تقبُّل المواطنين للمدينة الذكية، لأن صانعي القرار لا يفهمون تمامًا آثار تنفيذ الحلول الذكية على بيئتهم. [9]

عدم مشاركة المواطنين

غالبًا ما تحدث مشاركة المواطنين في المدن الذكية من خلال منصات مشاركة مخصصة. حيث يمكن للمواطن عن طريقها التصويت، والمناقشة، وتقديم الأفكار. بالرغم من ذلك ، قد لا تكون المنصات الحالية فعّالةً في إشراك المواطنين إذ قد لا يدركون وجودها، أو قد لا يشعرون بأن مشاركتهم ستحدث فرقًا. وهذا النقص في المشاركة يمكن أن يُصعب على الحكومات إدراك ما يريده المواطن، وقد يؤدي إلى انعدام الثقة بين المواطنين والحكومة. [10]

الإحجام عن خلق القيمة بشكل مشترك

غالبًا ما ينظر المواطنون إلى المراقبة من قبل السلطات على أنها قمعية. بالتالي يظهرون تردّدًا في المشاركة في خلق القيمة من الخدمات الذكية، إذ تحتاج عملية صنع القيمة تعاونًا بين السكان والحكومة معًا. مع ذلك قد لا يكون المواطنون على استعداد للمشاركة في هذه العملية إذا شعروا بأن خصوصياتهم تنتهك. على سبيل المثال؛ إذا استخدمت الحكومة كاميرات لمراقبة الأماكن العامة، ربما يشعر السكان بعدم ارتياح، ولا يكونون على استعداد للمشاركة في المبادرات التي تتطلّب منهم مشاركة معلوماتهم الشخصية.[11]

استياء السكان

يشير ذلك إلى عدم رضى المواطن عن التقنيات الذكية، والعملية الديموقراطية، والتأثير المجتمعي للمدينة الذكية. مثلًا قد يشعر السكان بأن التقانة لا تخدم احتياجاتهم، وأنه لا يجري استشارتهم على النحو الملائم في عملية صنع القرار، وقد يساورهم القلق أيضًا بشأن قضايا الخصوصية. ويمكن أن يؤدي هذا السخط، والاستياء إلى مقاومة تنفيذ مبادرات المدن الذكية.[12] على سبيل المثال؛ خطّطت شركة Sidewalk labs وهي تابعة لشركة Alphabet inc -الشركة الأم لGoogle- مع مؤسسة تنشيط واجهة تورونتو البحرية لإنشاء حي ذكي على الواجهة البحرية للمدينة ويدعى المشروع Sidewalk Toronto. لكن واجه المشروع مشاكل بسبب المخاوف بشأن الخصوصية، وجمع البيانات، والشفافية. وألغي في نهاية المطاف عام 2020. [13]

الاختلافات الثقافية

تؤثر الاختلافات الثقافية على قبول، واعتماد التقانة الذكية في المجتمع ومن المهم النظر في هذه العوامل قبل تنفيذ مبادرات المدن الذكية. على سبيل المثال؛ قد يعزى سبب نجاح الأنظمة الذكية لإدارة النفايات SWMS إلى العديد من العوامل، بما في ذلك الدور الثقافي للمجتمع. حيث ينظر في بعض الثقافات إلى إدارة النفايات على أنها مسؤولية جماعية، ويرجح مشاركة السكان في الأنشطة التي تعزّز النظافة كاليابان. لكن في نفس الوقت، ينظر إلى إدارة النفايات في ثقافة أخرى على أنها مسؤولية فردية، وقد ولا يكون المواطنون على استعداد للمشاركة في الأنشطة التي تتطلّب منهم تغيير سلوكهم. [14]

تحديات التمويل

تعد إدارة المدن الذكية مهمةً مكلفةً للغاية، حيث يلزم تنفيذ بنية تحتية جديدة تعهدًا ماليًا كبيرًا، بالتالي يشكل عقبةً وخصوصًا بالنسبة للبلدان النامية. ويرى الكثيرون أن الاعتماد على الهياكل، والبنى الأساسية القائمة هو المفتاح لمعالجة مشكلة التكلفة، إلا أنها لا تخلو كذلك من صيانة، وتشغيل، ومعالجة مما يجعلها مكلفةً أيضًا.[15]

يعتبر تأمين التمويل مهمةً شاقةً تتطلب حلولًا إبداعيةً لسدّ الفجوة بين رأس المال الأولي الذي تقدّمه الحكومة، والأموال اللازمة لإتمام المشاريع. مثلًا قدّمت بعثة المدن الذكية في الهند تمويلًا لمدن مختلفة على أساس مقترحات مشاريعها. فحصلت كل مدينة على رأس مال أولي من الحكومة لتحويل حوالي 22 مليون يورو إلى المقترحات الواعدة. مع ذلك، تشير التقديرات إلى أن هناك حاجة إلى حوالي 88 مليار يورو على مدى السنوات العشرين المقبلة، أي حوالي 4.5 مليار يورو سنويًا. وبذلك سيشكل تمويل جميع المشاريع تحديًا أمام الحكومة في المقام الأول لأنها تعتمد على الاستثمار الخاص، والشراكات بين القطاعين العام والخاص.[16]

تحديات لا تنتهي

تواجه إدارة المدن الذكية تحديات أخرى كثيرة مثل التنسيق بين القطاع العام والخاص، ونقص القدرة على تنفيذ مبادرات المدن الذكية، وتحديات الخدمات العامة كتقديم خدمات مبتكرة تعالج المشاكل الحضرية الملحّة، وغيرها الكثير أيضًا.

عمومًا لن يتحقّق تعظيم إمكانات المدن الذكية إلا من خلال ثقة المواطنين، جنبًا إلى جنب مع تعاون أصحاب المصلحة الرئيسيين في البلديات والقطاع الخاص. إذ ينبغي على الجهات الفاعلة النظر إلى هذا المشروع باعتباره مشروعًا طويل الأجل بدلًا من التعامل مع الحاجات الملحة، والحلول قصيرة الأمد.

المصادر

  1. SSRN
  2. Semantic scholar
  3. Emerald insight
  4. Semantic scholar
  5. Semantic scholar
  6. ACM digital library
  7. AIS eLibrary
  8. National library of medicine
  9. MDPI
  10. Science direct
  11. Emerald insight
  12. Science direct
  13. Frontiers
  14. international journals of industry & sustainable development
  15. Semantic scholar

الإغراق المعلوماتي: أولى تحديات الإنسان المعاصر

باتت المعلومات جزءًا أساسيًا لا غنى عنه في التقدم الحضاري. حيث أدرك الإنسان منذ زمن طويل دور المعلومات الجوهري في تلبية حاجاته اليومية الملحة في المعرفة واستخدامها لحل المشكلات. ولكن اختلف الأمر كثيرًا في العصر الحديث ومنذ بداية العالم الرقمي شهد الإنسان تطورًا غير مسبوق في حجم المعلومات وانتشارها. الأمر الذي أدى إلى مشكلة حقيقية في معالجة هذا الكم الضخم من المعلومات. وعند الوضع في الاعتبار محدودية مصادرنا مثل الوقت وقدرتنا على معالجة تلك المعلومات نجد أن المعادلة أصبحت مستعصية على الحل. تُعرف هذه المشكلة بالإغراق المعلوماتي.

ظهور مصطلح «الإغراق المعلوماتي-information overload» وتعريفه

استخدم مصطلح “الإغراق المعلوماتي” لأول مرة في كتاب بيرترام غروس الصادر عام 1964 “إدارة المنظمات”. وازدادت شعبيته من قبل الكاتب الأميركي ألفين توفلر في كتابه الأكثر شهرة لعام 1970 “صدمة المستقبل”. حيث وصفه بأنه الصعوبة التي يواجهها الإنسان عند اتخاذ القرار في وجود كم مفرط من المعلومات. وعرفت بروفيسورة نظم المعلومات شيري شبير المصطلح في ورقة بحثية بعنوان “تأثير مقاطعة المهام على اتخاذ القرارات الفردية: منظور الحمل الزائد للمعلومات” حيث قالت أنه إذا تجاوزت المدخلات قدرة الفرد على المعالجة، فإن الإغراق المعلوماتي يحدث، مما يسبب انخفاضًا بجودة القرارات المتخذة. أي أنه الإغراق المعلوماتي يحدث عند وجود الكثير من المعلومات التي تفوق قدرة الفرد على المعالجة فيسبب ذلك ارتباك للشخص وانخفاض في قدرته على اتخاذ قرار. [1]

يرتبط الإغراق المعلوماتي بقدرة الفرد على معالجة تلك المعلومات. فبقليل من المعلومات يأتي القليل من المعالجة وبالتالي اتخاذ قرارات سيئة. وبزيادة كم المعلومات تدريجيًا تزداد معها عملية المعالجة لتلك المعلومات وبالتالي زيادة جودة القرارات المتخذة. ولكن بعد الوصول إلى نقطة معينة عندما يتعدى كم المعلومات الحد الأقصى لاستيعاب الفرد يحدث الارتباك الناتج عن الحمل الزائد للمعلومات. مؤثرًا بذلك على قدرة الفرد في اتخاذ القرار وقد يؤثر أيضًا بشكل سلبي على قدرة الفرد في تحديد الأولويات وحتى تذكر المعلومات السابقة.

أسباب الإغراق المعلوماتي

وبتعدد الأجهزة الرقمية وأجهزة الاتصال وانتشار طرق متعددة ومختلفة لنشر المعلومات بل ولسهولة استخدامها أيضًا تعددت أسباب الإغراق المعلوماتي. فقد ينبع من:

  • تعدد المصادر للمعلومات.
  • كم معلومات مفرط في وقت قليل.
  • صعوبة في إدارة المعلومات المُستقبلة.
  • عشوائية أو قلة قيمة المعلومات المُستقبلة.

ومع تعدد الأسباب المؤدية للإغراق المعلوماتي، ازدادت احتمالية التعرض له أكثر من أي وقت مضى. مسببًا بذلك آثار جسيمة على الفرد.

آثار الإغراق المعلوماتي

دائمًا ما تأتي آثار الإغراق المعلوماتي سلبيةً على مستخدمي المعلومات المتوسطين. فيجدوا أنفسهم دائمًا أمام مجموعة من التحديات للوصول إلى معلومات مفيدة أو الحصول على المعلومات المطلوبة وسط أكوام أخرى من المعلومات الغير مرغوب بها. فينتهي بهم الأمر إلى الإرهاق والقلق.

ومن التأثيرات الأخرى أيضًا:

  • تؤدي كثرة المعلومات إلى شيء أشبه بتجمد الدماغ أو الإرهاق. ويواجه البعض ذلك بتجنب استقبال المعلومات في كثير من الأحيان، مما يتسبب في تفويت معلومات قيمة.
  • يمكن أن يؤدي أيضًا الإغراق المعلوماتي إلى إدمان المعلومات. حيث تؤدي الرغبة في الحصول على المزيد من المعلومات إلى الاعتماد المفرط على المصادر مثل الانترنت مما يسبب ذلك انخفاض في الانتاجية.
  • تقليل فترة الانتباه-attention san.
  • مع سيل المعلومات المتاحة خاصة الغير خاضعة للرقابة تزداد احتمالية اتخاذ قرارات خاطئة أو ارتكاب أخطاء جسيمة عند استقبال معلومات كتلك كمصدر للمعرفة.
  • فائض المعلومات يؤدي إلى تأثيرات عصبية ضارة على مستخدمي المعلومات. أُطلق عليها “سمة نقص الانتباه-attention deficit trait” ويمكن اختصارها إلى ADT. أصبحت سمة نقص الانتباه الآن وباءً في المنظمات.
    الأعراض الأساسية هي التشتت، الاهتياج الداخلي، ونفاد الصبر. يعاني الأشخاص المصابون بـ ADT من صعوبة في البقاء منظمين وفي تحديد الأولويات وإدارة الوقت. [2]

حقيقة وجود الكثير من المعلومات لم تشكل تحدٍ على المستوى الفردي فحسب. فعلى المستوى العالمي تواجه الكثير من الشركات التقنية والعديد من المؤسسات الحكومية بالإضافة إلى مدراء الأعمال وأصحاب القرار هذه الموجة الضخمة المتجددة من المعلومات التي يتثمل عبئها في وفرتها وعدم تنظيمها وعدم القدرة على استخراج المعلومات القيمة أو ذات الصلة لكي تعود بالفائدة المُرادة.
بناءً على تلك المشكلة من عدم التنظيم ووجود الحاجة إلى الوصول للمعلومات المفيدة في أقرب وقت تتولد مهام مثل تنظيم المعلومات وتصفية المعلومات الغير ضرورية واستخراج الأخرى المطلوبة.

جهود حل الأزمة

على الرغم من بذل جهود منهجية من قبل خبراء المكتبات وعلوم المعلومات وعلماء الكمبيوتر للتعامل مع هذا الانتشار الهائل للمعلومات من خلال وسائل مختلفة مثل التحكم الببليوغرافي وإدارة المعلومات وتقنيات الاسترجاع، لم يتم العثور على طريقة ناجحة مؤكدة لاستخدامها في معالجة هذا النمو من المعلومات.

وفي ذلك الصدد تمت مناقشة دور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في معالجة الإغراق المعلوماتي على نطاق واسع.
فبينما ينظر إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من قبل مؤلفين مثل Steve whittaker و Candace lee sidner
على أنها أحد المسببات الرئيسية للإغراق المعلوماتي، ينظر العديد من المؤلفين الآخرين مثل Farhoomand و Drury لها على أنها المورد الرئيسي لحل هذه المشكلة. [3]

فمع التقدم التكنولوجي الذي نشهده اليوم وزيادة كفاءة محركات البحث المدعومة بتقنيات وخوارزميات ذكية مثل خوارزميات تعلم الآلة والتعلم العميق القادرة على استخلاص المعلومات المطلوبة أو ذات الصلة بسرعة وكفاءة عالية بالإضافة إلى التقدم في مجال علم البيانات أصبحت مشكلة الإغراق المعلوماتي قابلة للمعالجة والحل.

طرق التصدي للمشكلة

أما عن طرق التصدي لها على المستوى الشخصي، يوافق الأخصائيون على أنه لا غنى عن تحصيل مهارات «الوعي المعلوماتي-information literacy» للتعامل بنجاح مع الإغراق المعلوماتي. وقد تم تعريف “الوعي المعلوماتي” بأنه “مجموعة من القدرات التي تمكن الأفراد من معرفة وقت الحاجة إلى المعلومات والقدرة على تحديد مكانها وتقييمها واستخدامها على نحو فعال”. [4]
فالفرد الذي يمتلك تلك المهارات أي “واعِ معلوماتيًا” قادر على:

  • تحديد قدر المعلومات المطلوب.
  • الوصول إلى المعلومات المطلوبة بفعالية وكفاءة.
  • تقييم المعلومات ومصادرها بشكل نقدي.
  • دمج المعلومات المستقبلة بقاعدة المرء المعرفية وربطها بالمعرفة السابقة.
  • استخدام المعلومات بفعالية لتحقيق غرض محدد.
  • فهم القضايا الاقتصادية والقانونية والاجتماعية المحيطة باستخدام المعلومات. والوصول إلى واستخدام المعلومات بشكل سليم أخلاقيًا وقانونيًا.

لذلك، إذا أمكن للشخص أن يحصل على مستوى معتدل من مهارات الوعي المعلوماتي، سيكون قادرًا على الحصول على المعلومات ذات الصلة من مصادر مختلفة واستخدامها بحكمة في حل المشكلات.

يؤكد كلًا من Simpson و Prusak أن الآليات الأساسية لمكافحة الحمل الزائد للمعلومات هي التأكد من أن المعلومات المقدمة ذات قيمة عالية، وأنه تم توفيرها بأنسب الطرق. [5]

الإغراق المعلوماتي يواجهنا الآن أكثر من أي وقت مضى. لعلي أيضًا أثناء إعدادي لهذا المقال أصابني بعض الارتباك عند تجميع الكثير من المعلومات من مختلف المصادر وبحثي عن المعلومات المفيدة بداخلها. ولكن بالعديد من التدريب والاستمرار على ممارسة مهارات الوعي المعلوماتي وأساليب التعامل مع أمواج المعلومات الضخمة والاستفادة منها سوف يساهم ذلك بشكل كبير في التغلب على الإغراق المعلوماتي. أو على الأقل، تقليل احتمالية التعرض له.

مصادر:

[1] Wikipedia.
[2] Harvard business review.
[3] Semantic scholar.
[4] association of college & Research libraries.
[5] ScienceDirect.

Exit mobile version