ما هي بطاريات الصوديوم أيون؟

تناولنا في مقالاتنا السابقة البطاريات الجلفانية، وتطرقنا إلى أحد أنواعها وهي بطارية الليثيوم أيون. وهنا سنتناول بشكل أكثر تفصيلًا نوعًا آخر لهذه البطاريات، ألا وهي بطاريات الصوديوم أيون. تكمن أهمية بطارية الصوديوم أيون في إمكانيتها مستقبلًا في المساهمة في حل بعض التحديات التي تواجه تطبيقات تخزين الطاقة ذات السعات العالية، والمتجددة.

ما هي بطارية الصوديوم أيون؟

تعتبر بطارية الصوديوم أيون أحد أنواع البطاريات الجلفانية القابلة للشحن، والتي تستخدم أيونات الصوديوم لنقل الشحنة الكهربائية بين الأقطاب. تشير بعض الأبحاث إلى أن هذه البطاريات يمكن أن تكون بديلاً واعدًا لبطاريات الليثيوم أيون في التطبيقات الصناعية، وتخزين الطاقة كما سبق ذكره في مقدمتنا.
وما يميز هذه البطاريات هو تفردها بعدة مزايا أهمها: الأمان، والاستدامة، والتكلفة المنخفضة.

ما هي آلية عمل بطارية الصوديوم أيون؟

تعتمد آلية عمل بطارية الصوديوم آيون على تدفق الأيونات بين القطبين المختلفين في البطارية أثناء عملية الشحن والتفريغ. في عملية الشحن، يتم تطبيق تيار كهربائي على البطارية، مما يؤدي إلى تحرير أيونات الصوديوم الموجودة في القطب السالب وتتحرك إلى القطب الموجب عبر مادة سائلة تحتوي على أملاح صودية منفصلة في مذيبات قطبية بروتية أو غير بروتية تسمى بالإلكتروليت. بعد ذلك، يتم تخزين هذه الأيونات في القطب الموجب.
أما في عملية التفريغ، يتم توصيل البطارية بالحمل الكهربائي ويتحرر الصوديوم من القطب الموجب ويتحرك عبر الإلكتروليت إلى القطب السالب، ويتم إطلاق الطاقة الكهربائية خلال هذه العملية.

كيف تطورت بطارية الصوديوم أيون عبر التاريخ؟

تم اكتشاف بطارية الصوديوم أيون في عام 1807 من قبل الكيميائي والمخترع الإنجليزي سير همفري ديفي. وقد تم تطوير هذه البطاريات في السبعينات وأوائل الثمانينات من القرن الماضي. ومع ذلك ، بحلول التسعينات ، أظهرت بطاريات الليثيوم أيون فعالية تجارية أكبر، مما تسبب في انخفاض الاهتمام ببطاريات الصوديوم أيون.
في أوائل العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، شهدت بطاريات الصوديوم أيون عملية إعادة إحياء، وذلك بسبب ارتفاع تكلفة المواد الخام لبطاريات الليثيوم أيون. حتى وصلنا الآن إلى مرحلة تصنيع هذه البطاريات بصورة أوسع ليتم استخدامها تجاريًا في معظم المجالات الصناعية.

ما مزايا بطارية الصوديوم أيون؟

توافر ورخص المادة الخام:

الصوديوم هو عنصر شائع في الطبيعة ولا يتطلب استخراجه من مناجم نادرة أو باهظة الثمن. يمكن الحصول على الصوديوم من ملح البحر، أو من منتجات ثانوية لعمليات صناعية أخرى.

الأمان:

بطاريات الصوديوم أيون غير قابلة للاشتعال، ولا تسبب حوادث حرارية أو انفجارا كما قد يحدث في بعض بطاريات الليثيوم أيون. كما أنها تتحمل الجهود الحرارية، وتتميز بالانتقال الآمن من درجات الحرارة العالية إلى المنخفضة بشكل أفضل.

غير مكلفة:

بطاريات الصوديوم أيون يمكن تصنيعها على نفس خطوط إنتاج بطاريات الليثيوم أيون دون تغيير كبير في المعدات أو التقنية. كما يمكن استخدامها لنفس التطبيقات التي تستخدم فيها بطاريات الليثيوم أيون دون تغيير كبير في التصميم، أو تغير في الأداء.

ما هي الأنواع المختلفة لبطاريات الصوديوم أيون؟

توجد عدة أنواع من بطاريات الصوديوم أيون تختلف في تركيبها وخصائصها واستخداماتها، ومن بين هذه الأنواع:

بطاريات الصوديوم-بوليمر:

يتم استخدام بوليمرات صلبة أو هلامية بدلاً عن المذيبات السائلة، والتي تُعرف بالإلكتروليت. تتميز هذه البطاريات بأنها أكثر أمانًا وأخف وزنًا وأكثر مرونة من البطاريات التقليدية.
تستخدم بطاريات الصوديوم بوليمر الصلبة -كما يوضح اسمها- بوليمرات صلبة مثل بولي أكسيد إثيلي《PEO》، أو بولي فلورو إثيلين 《PVDF》 كبديل للإلكتروليت. وبالرغم من تمتع هذه البطاريات بقوة ميكانيكية عالية؛ واستقرار كهروكيميائي جيد، إلا أنها تعاني من موصلية أيونية منخفضة، وانخفاض عدد دورات الشحن والتفريغ.
تستخدم بطاريات البوليمر صوديوم الهلامية بوليمرات هلامية مثل بولي أكريلامايد 《PAAm》، أو بولي فاينيل سيلان《PVS》 كبديل للإلكتروليت. يتميز هذا النوع باحتوائه على مذاب قطبي يتغلغل في شبكة بوليمرية ثلاثية الأبعاد، مما يزوده بموصلية أیونیة عالیة. ومع ذلك، فإن هذه البطاریات تعاني من انخفاض تحمل الأحمال المیکانیکیة، وتدهور سریع لسعة التخزین.

بطاريات الصوديوم-كبريت:

تستخدم هذه البطاريات الصوديوم السائل، والكبريت السائل كأقطاب. وتتكون كل خلية من بطارية الصوديوم-كبريت من بديل إلكتروليت صلب ينقل الأيونات بشكل انتقائي بين قطب سالب من الصوديوم، وقطب موجب من الكبريت. يتم تغليف الخلية بغلاف فولاذي محمي من التآكل من الداخل، ويعمل هذا الغلاف كقطب موجب، بينما يعمل الصوديوم السائل كقطب سالب. ويتم إغلاق الحاوية من الأعلى بغطاء ألومنيوم محكم.
خلال عملية التفريغ، يتفاعل الصوديوم مع أكسجین الماء لإنتاج هیدروکسید صودیوم فی القطب السالب، بینما یتفاعل الکبریت مع أیونات الصودیوم لإنتاج کبریتید صودیوم فی القطب الموجب.
هذا النوع من البطاريات له كثافة طاقة مشابهة لبطاريات الليثيوم أيون، ويتم تصنيعه من مواد رخيصة وغير سامة. ومع ذلك، بسبب الحرارة العالية المطلوبة للتشغيل (عادة ما بين 300 و 350 درجة مئوية)، فضلاً عن طبيعة الصوديوم والكبريت المسببة للتآكل، فإن هذه البطاريات تناسب بشكل أساسي تطبيقات تخزين الطاقة الثابتة، بدلاً من استخدامها في المركبات. بالإضافة إلى أن هذه البطاريات تعاني من مشاكل في السلامة والمتانة، مثل عدد دورات الشحن والتفريغ المحدود (أقل من 1000 دورة في المتوسط). نتيجة لذلك، لم تحقق هذه البطاريات انتشارًا تجاريًا واسعًا.

بطاريات الصوديوم-هواء:

يتكون هذا النوع من قطب سالب من الصوديوم، وقطب موجب من مادة كربونية تحتوي على محفز لتسهيل رد فعل الأكسجين. يفصل بينهما محفز إلكتروليتي يحتوي على أملاح صودا، أو بديلا صلبًا عنه. خلال عملية التفريغ، يتأكسد الصوديوم ويتحول إلى أيونات صوديوم، منتقلة عبر الناقل إلى القطب الموجب. بينما تسافر الإلكترونات عبر الدائرة الخارجية. في نفس الوقت، يؤخذ الأكسجين من الهواء، ويتفاعل مع أيونات الصوديوم لتشكيل نواتج التفريغ، والتي قد تكون أكسيد الصوديوم، أو بيروكسيد الصوديوم، أو سوبرأكسيد الصوديوم بحسب ظروف التفاعل.
 هذا النوع من البطاريات له كثافة طاقة نظرية عالية جداً، تصل إلى 1600 واط ساعة / كغم، وجهد تفريغ عالٍ، يصل إلى 2.5 فولت. 

ما هي تطبيقات واستخدامات بطارية الصوديوم أيون؟

تتميز بطاريات الصوديوم أيون بعدة خصائص تجعلها مفيدة للعديد من التطبيقات، ومن بين استخداماتها:
تخزين الطاقة المتجددة: استخدامها لتخزين الطاقة المتولدة من الطاقة الشمسية والرياح وغيرها من المصادر المتجددة.
النقل الكهربائي: من الممكن أيضًا استخدام بطاريات الصوديوم أيون في السيارات، والدراجات الكهربائية، والحافلات الكهربائية لتخزين الطاقة وتشغيل المحركات الكهربائية.
الإضاءة: تعتبر بديلًا جيد لإضاءة الشوارع والمناطق النائية التي لا تصلها الكهرباء.
التطبيقات الطبية: تستخدم في الأجهزة النقالة، وفي أجهزة المراقبة الطبية.

المصادر:

The Future Roadmap for Sodium-Ion Batteries – Blackridge Research.
Sodium and Sodium‐Ion Batteries: 50 Years of Research.
Engineering of sodium-ion batteries: Opportunities and challenges
Sodium Ion Battery

ما هي البطاريات الجلفانية؟

ما هي البطاريات الجلفانية:

تُعرف البطاريات الجلفانية (الأيونية السائلة) بأنها بطاريات تعتمد على المذيبات الأيونية لنقل الشحنات الكهربائية بين الأقطاب الكهربائية، ما يعني أنها لا تحتوي على جزء صلب داخلي يحتاج إلى تفكيك أو إعادة تركيب.
تتكون البطاريات الجلفانية عادة من زوجين من الإلكترودات الخاصة مكونة بذلك الأقطاب السالبة والموجبة؛ مثل الكربون والليثيوم، ويفصلهما غشاء مخصص يعمل كمادة وسيطة.

ما الذي يميز البطاريات الجلفانية:

تتمتع البطاريات الجلفانية بعدة مزايا، منها قدرتها على إنتاج الكهرباء بشكل مستمر، وقابليتها لإعادة الشحن، وغيرها؛ مثل:

قابلية التشغيل في درجات حرارة مختلفة:

تتحمل البطاريات الجلفانية درجات حرارة عالية مقارنة بالبطاريات الأخرى، ما يعني أنه يمكن استخدامها في الظروف القاسية والتطبيقات الصناعية.

كفاءة الشحن والتفريغ:

تتمتع البطاريات الجلفانية بكفاءة عالية في عمليات الشحن والتفريغ، فتحتفظ بالشحن لفترة أطول مقارنة بالأنواع الأخرى.

عمر إفتراضي طويل:

تمتع البطاريات الجلفانية بعمر طويل نسبيًا، ما يعني أن حاجتها للصيانة والتبديل أقل بكثير مما تحتاجه البطاريات الأخرى.

صديقة للبيئة:

تتكون البطاريات الجلفانية من مواد صديقة للبيئة، فلا تحتوي على كثير من المواد الضارة، التي تتواجد في البطاريات التقليدية. وكلما أُخذت إلى مرحلة أكثر تطور، تحسنت جودة المواد المستخدمة فيها، وقل استخدام المواد السامة.

تاريخ البطاريات الجلفانية:

تعتبر البطاريات الجلفانية من أحدث التقنيات في عالم البطاريات الكهربائية، وككل اختراع مهم في تاريخ البشرية، أخذت عملية تطويرها فترة لا بأس بها، محدثة بذلك أهم قفزاتها التكنولوجية في القرن العشرين مساهمة بذلك في زيادة عجلة التسارع التكنولوجي.
ففي عام 1898، قام العالم الإيطالي جيوزيبي زامبوني بتطوير أول بطارية جلفانية عن طريق استخدام الجل والتيار الكهربائي. وقد أدى هذا الإختراع إلى تحسين أداء بطاريات الحمض الرصاصي التي كانت تستخدم آنذاك.
وفي العقود اللاحقة، شهدت البطاريات الجلفانية تطورات هائلة، حيث تم تحسين أدائها، وكفاءتها، لتتلائم مع الوظيفة التي صنعت لأجلها دون أن تلحق أضرار متراكمة على البيئة.

وفي عام 1973، تم تطوير أول بطارية جلفانية قابلة للشحن من قبل العالم الأمريكي جون غودنوف. ومنذ ذلك الحين، تم تطوير أنواع مختلفة من البطاريات الجلفانية، بما في ذلك بطاريات الليثيوم الجلفانية التي أصبحت مشهورة في العالم وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من أجهزة الهواتف المحمولة، والألواح الذكية، والسيارات الكهربائية.

ما هي آلية عمل البطارية الجلفانية:

تعتمد جميع أنواع البطاريات الجلفانية على نفس الآلية الأساسية لتوليد الكهرباء، فتقوم البطارية بتحويل الطاقة الكيميائية إلى طاقة كهربائية عن طريق عملية التأكسد والاختزال.

يتكون الجهاز الكهروكيميائي الذي يتم استخدامه في البطاريات الجلفانية من قطبين كهربائيين ووسط كهروليتي يسمى المحلول الجلفاني. يتم وضع القطب السالب في المحلول الجلفاني المكون من مذيب وملح، في حين يتم وضع القطب الموجب في المحلول الجلفاني المكون من أكسدة وخاصية خفض الأيونات.

عند تشغيل البطارية، يبدأ التفاعل الكيميائي بين المحلول الجلفاني والقطبين، مما يؤدي إلى إنتاج الكهرباء. يتم تحريك الإلكترونات من القطب السالب إلى القطب الموجب عبر الدائرة الخارجية، في حين تتحرك الأيونات من المحلول الجلفاني إلى القطب الموجب لإكمال التفاعل الكيميائي.

تتفاوت سرعة تفاعل البطارية وكفاءتها بشكل كبير اعتمادًا على أنواع مختلفة من المواد المستخدمة في المحلول الجلفاني وأنواع القطبين. وبالتالي؛ تختلف البطاريات الجلفانية في الكفاءة والأداء.

أنواع البطاريات الجلفانية:

تشتهر البطاريات الجلفانية بكونها تقدم حلاً مستدامًا وآمنًا لتخزين الطاقة، لذا فإنها تستخدم في مجموعة واسعة من التطبيقات، مثل: استخدامها في معدات الاتصالات والتحكم عن بعد، وأجهزة القياس والمراقبة، وأجهزة التحكم في الصناعة. كما تستخدم في بعض الأجهزة الطبية والتطبيقات العسكرية. وتبعًا لذلك تختلف أنواع البطاريات الجلفانية عن بعضها طبقًا لطريقة توليد الكهرباء وخصائص الأداء.

فيما يلي، سنلقي نظرة على بعض أنواع البطاريات الجلفانية الأكثر شيوعًا:

1. بطاريات الزنك الهوائية:

تُعرف بطاريات الزنك الهوائية باسم بطاريات الهواء المنعش، وتعد هذه البطاريات واحدة من أكثر الأنواع الصديقة للبيئة. تعمل هذه البطاريات عن طريق تفاعل الزنك مع الأكسجين في الهواء، وتوفر هذه العملية كثافة طاقية عالية جدًا. كما أنها تتميز بوزنها الخفيف وحجمها الصغير، ما يجعلها مثالية للاستخدام في الأجهزة الصغيرة مثل الساعات الذكية والسماعات اللاسلكية.

2. بطاريات حمض الرصاص:

تُعد بطاريات حمض الرصاص من الأنواع الأكثر شيوعًا في متوسط الاستخدام اليومي. تعمل هذه البطاريات عن طريق تفاعل حمض الكبريتيك مع الرصاص وأوكسيد الرصاص لتوليد الكهرباء. تتميز بطاريات حمض الرصاص بأنها متينة ورخيصة التكلفة، ولذلك تستخدم في العديد من التطبيقات مثل السيارات وأنظمة الطاقة الشمسية.

3. بطاريات الليثيوم الجلفانية

تُعتبر بطاريات الليثيوم الجلفانية من أكثر الأنواع شيوعًا في التطبيقات الإلكترونية. تستخدم هذه البطاريات تفاعل الليثيوم مع الأكسجين في الهواء لتوليد الكهرباء. كما تتميز بكثافة طاقة عالية وعمر افتراضي طويل، ولذلك تستخدم في العديد من التطبيقات مثل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة.

مستقبل البطارية الجلفانية:

من المتوقع أن تتحسن تقنية البطاريات الجلفانية في المستقبل، وأن تصبح أكثر كفاءة واقتصادية، مما يزيد من استخداماتها في مختلف المجالات. كما يمكن أن تلعب هذه البطاريات دورًا هامًا في تطوير الطاقة المتجددة والحد من انبعاثات الكربون.

المصادر:

Challenges and prospects of bipolar membranes in solid-state batteries.
Recent advancements in gel polymer electrolytes for lithium-ion batterie
s.
Electrochemical behavior of gel polymer electrolyte and its influence on performance of Li-ion batteries.
Gel polymer electrolytes for batteries.
Review of selected electrode–solution interactions which determine the performance of Li and Li ion batteries.

Exit mobile version