كيف تؤثر الأنشطة البشرية على توازن دورة الكربون؟

هذه المقالة هي الجزء 4 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

تلعب دورة الكربون دورًا رئيسًا في تنظيم درجة حرارة سطح الأرض ومناخها. فمن خلالها يتم التحكم في كمية غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. والذي يساعد على الاحتفاظ بالحرارة المتولدة من الشمس. لكن في بعض الأحيان قد تؤدي الزيادة في نسبته إلى ارتفاع درجة حرارة سطح الكوكب بشكل غير طبيعي.[1]

وفقًا لتقرير مرصد Noaa الذي تم إصداره في مايو من العام الماضي 2022. فقد وصلت نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي لذروتها. حيث بلغت 420.99 جزء في المليون، بزيادة قدرها 1.8 جزء في المليون عن عام 2021. مما تسبب في زيادة التأثيرات الناجمة عن الاحتباس الحراري، كنوبات الحرارة الشديدة، والجفاف، وحرائق الغابات.[2]

الكربون وأهميته

تعرَّف دورة الكربون بأنها العملية التي يتم من خلالها انتقال ذرات الكربون وتبادلها بين الغلاف الجوي والأرضي والمائي. ونظرًا لأن كوكبنا وغلافه الجوي يشكلان بيئة مغلقة، فإن كمية الكربون في هذا النظام لا تتغير.[3]

يعد ثاني أكسيد الكربون من أهم الغازات المسؤولة عن درجة حرارة سطح الأرض. إذ يعمل مع كل من غازي الميثان والهالوكربونات على تسخين الكوكب، عن طريق امتصاص كميات هائلة من الطاقة المنبعثة من الأرض، ثم إعادة إرسالها مرة أخري.

بدون الغازات الدفيئة، ستكون الأرض أكثر برودة ولن نستطيع العيش عليها. يقدر العلماء بأن غاز ثاني أكسيد الكربون يساهم بحوالي 20% من تأثير الاحتباس الحراري على كوكب الأرض. ويمثل بخار الماء حوالي 50%، بينما تمثل السحب حوالي 25%.

تعمل جزيئات ثاني أكسيد الكربون على تحقيق التوازن اللازم للحفاظ على تركيز بخار الماء. عندما تنخفض تركيزات ثاني أكسيد الكربون، تبرد الأرض، ويتساقط بعض بخار الماء من الغلاف الجوي. وبالمثل عندما تزداد تركيزات ثاني أكسيد الكربون، ترتفع درجة حرارة الجو، ويتبخر المزيد من بخار الماء في الغلاف الجوي. مما يؤدي إلى زيادة معدل الاحتباس الحراري.

لذا فقد وجد العلماء أن ثاني أكسيد الكربون هو الغاز المتحكم في درجة حرارة سطح الكوكب، وفي كمية بخار الماء في الغلاف الجوي. وبالتالي في حجم وتأثير الاحتباس الحراري.[4]

دورة الكربون السريعة والنظم البيئية

تعمل دورة الكربون كحلقة ينتقل من خلالها الكربون على مدى سنوات أو عقود. فعلى سبيل المثال في السلسة الغذائية تمتص النباتات الكربون الموجود في الغلاف الجوي من أجل عملية التمثيل الضوئي،. ثم تستهلك الحيوانات هذه النباتات ويتراكم الكربون بيولوجيًا في أجسامها. ثم يعاد إطلاق الكربون مرة أخري عن طريق عملية التنفس أو التجشؤ أو التحلل عندما تموت الحيوانات في النهاية.

 قد يتم تخزين الكربون في أعماق الأرض لعدة قرون. حتى يصبح وقودًا أحفوريًا يستخدمه الإنسان في أنشطته البشرية، ومن ثم يتم ضخ المزيد من الكربون في الغلاف الجوي.[5]

دورة الكربون البطيئة

من خلال سلسلة من التفاعلات الكيميائية والنشاط التكتوني. يستغرق الكربون ما بين 100-200 مليون سنة للتنقل بين الصخور والتربة والمحيطات والغلاف الجوي. في المتوسط، يتحرك حوالي 10-100 مليون طن متري من الكربون خلال دورة الكربون البطيئة كل عام.

في المحيط، تتحد أيونات الكالسيوم مع أيونات البيكربونات لتكوين كربونات الكالسيوم. بعد موت الكائنات الحية، تغرق في قاع المحيط وبمرور الوقت تتكون طبقات من الرواسب التي تتحول في النهاية إلى صخور، والتي تحتوي على حوالي %80 من إجمالي نسبة الكربون الموجودة في الصخور. بينما تتكون نسبة ال%20 الأخرى من الكائنات الحية التي تم دفنها في طبقات من الطين منذ ملايين السنين .

عندما تندلع البراكين فإنها تعيد إطلاق الغاز مرة أخري في الغلاف الجوي عن طريق ذوبان الصخور. ومن ثم يتم بدء الدورة مرة أخرى. في الوقت الحاضر، تطلق البراكين كمية من ثاني أكسيد الكربون تقدر بنحو 130 إلى 380 مليون طن متري سنويًا. وللمقارنة، فإن الكمية التي يطلقها البشر من الغاز عن طريق حرق الوقود الأحفوري تقدر بحوالي 30 مليار طن سنويًا. أي أكثر بحوالي 300 مرة من البراكين.[6]

الأنشطة البشرية وانبعاثات الكربون

في عام 1896، كان العالم السويدي سفانتي أرهينيوس أول من ربط ارتفاع غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن حرق الوقود الأحفوري بتأثير الاحترار. بعد ما يقرب من قرن من الزمن. أدلى عالم المناخ الأمريكي جيمس إي هانسن بشهادته أمام الكونجرس بأن “تأثير الاحتباس الحراري هو ما يغير مناخنا”. [7]

الأنشطة البشرية لها تأثير هائل على دورة الكربون. حيث يؤدي حرق الوقود الأحفوري وتغيير استخدام الأراضي إلى إطلاق كميات كبيرة من الكربون في الغلاف الجوي.[8] ففي عام 2020 ، قدرت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الولايات المتحدة بحوالي 79٪ من جميع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.[9]

تعد انبعاثات الكربون وغازات الاحتباس الحراري الأخرى، المحرك الرئيسي لتغير المناخ. ففي عام 2022 وحده، بلغت الزيادة في نسبة الانبعاثات الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري وصناعة الأسمنت حوالي 1%، مقارنة بالسنوات السابقة.[10]،  بينما بلغت نسبة الزيادة الناتجة عن توليد الكهرباء والصناعة حوالي 2% خلال عام 2018.[11]

يتطلب تحقيق الأهداف العالمية للحد من الاحترار منا جميعًا العمل لتقليل الانبعاثات. وذلك حتى نستطيع الوصول إلى صافي الصفر بحلول عام 2050. إذ إن ظلت الانبعاثات في الزيادة، فسوف يستمر ارتفاع درجة حرارة سطح الكوكب.   

المصادر

(1)serc.carleton

(2)noaa

(3)oceanservice

(4)nasa

(8),(5)noaa

(6)nasa

(7)nationalgeographic

(9)epa

(10)weforum

(11)npr

كيف تؤثر الشمس على مناخ الأرض؟

هذه المقالة هي الجزء 3 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

تعد الشمس هي مصدر معظم الطاقات التي تحرك العمليات البيولوجية والفيزيائية في العالم من حولنا، إنها مسؤولة بشكل مباشر عن الحفاظ على درجة حرارة سطح الكوكب، وجعله صالحًا للعيش، وبالتالي فإن التغير في كمية الطاقة الشمسية الواردة والصادرة قد تؤثر على المناخ.[1]  

ما هو الإشعاع الشمسي؟

الإشعاع الشمسي هو الطاقة المنبعثة من الشمس، والتي يتم إرسالها في جميع الاتجاهات عبر الفضاء على شكل موجات كهرومغناطيسية.  بعد مروره عبر الغلاف الجوي، يصل الإشعاع الشمسي إلى سطح الأرض المحيطي والقاري وينعكس أو يمتص. ثم يعاد مرة أخري إلى الفضاء الخارجي في شكل إشعاع طويل الموجة.[2]

الاختلاف الموسمي

نظرًا لأن الأرض مستديرة، فإن الشمس تسقط على السطح بزوايا مختلفة. فعندما تكون أشعة الشمس عمودية، فإن سطح الكوكب يحصل على أقصي قدر ممكن من الطاقة، و كلما كانت أشعة الشمس مائلة، كلما طالت مدة انتقالها عبر الغلاف الجوي، وأصبحت أكثر تشتتًا وانتشارًا.

تدور الأرض حول الشمس في مدار بيضاوي وتكون أقرب إلى الشمس خلال جزء من السنة. وعندها ترتفع درجة الحرارة في الجزء الجنوبي من الكرة الأرضية ويحدث الانقلاب الصيفي، بينما تنخفض درجة الحرارة ويصبح الطقس باردًا في نصف الكرة الشمالي.

في النهاية يصبح نظام مناخ الأرض مدفوعًا بالإشعاع الشمسي، فالاختلافات الموسمية في المناخ تنتج في النهاية عن التغيرات في  مدار الأرض.[3]

أنواع الطاقة التي تأتي من الشمس

تبعث الشمس العديد من أشكال الإشعاع الكهرومغناطيسي بكميات مختلفة. فحوالي 43 % من إجمالي الطاقة المشعة المنبعثة من الشمس توجد في الأجزاء المرئية من الطيف الكهرومغناطيسي. بينما يقع حوالي 49% من الطاقة المنبعثة في منطقة الأشعة تحت الحمراء، و حوالي 7% في منطقة الأشعة فوق البنفسجية، وأقل من 1% من الإشعاع الشمسي يكون على شكل أشعة سينية وموجات جاما وموجات الراديو.

يتم نقل الطاقة من الشمس عبر الفضاء، وبمجرد وصولها إلى الأرض، يتم امتصاص جزء صغير من الطاقة بشكل مباشر، بينما تنعكس البقية مرة أخرى إلى الفضاء.

 الأسطح الموجودة على سطح الأرض تمتص الطاقة بدرجات متفاوتة بناءًا على لون السطح وملمسه، فالأسطح ذات الألوان الداكنة تمتص كميات كبيرة من الأشعاع المرئي، بينما تعكس الأسطح ذات الألوان الفاتحة أو الملساء الإشعاع، فالإختلاف في إنعكاس الطاقة يؤثر على درجة حرارة الطقس بصورة كبيرة.

تحقيق التوازن الاشعاعي

تساعدنا الميزانية الإشعاعية على معرفة مقدار الطاقة التي تتلقاها الأرض من الشمس، ومقدار الطاقة التي تعكسها الأرض مرة أخري إلى الفضاء الخارجي، وبالتالي فإن درجة حرارة الأرض لا ترتفع بدرجات متفاقمة، لأن جزء من هذه الطاقة يعود مرة أخري إلى الفضاء.

عندما تصل الطاقة الشمسية الواردة إلى حد الاتزان، فإن درجة الحرارة العالمية تكون مستقرة نسبيًا، إما إذا حدث خلل في كمية الطاقة الواردة والصادرة فإن الأرض تفقد توازنها الإشعاعي، وبالتالي ترتفع درجات الحرارة أو تنخفض نتيجة لذلك.

نتيجة للتأثيرات التي يحدثها الإنسان من الصناعات وإزالة الغابات، فإن تركيز غازات الدفيئة في الغلاف الجوي يزداد، وبالتالي تقل كمية الطاقة الصادرة إلى الفضاء، وترتفع درجات الحرارة التي تعمل على ذوبان الجليد مما يجعله أقل إنعكاسًا، وفي النهاية تتسارع وتيرة تغير المناخ.

النشاط الشمسي وتغير المناخ

لطالما عرف العلماء أن التغير في مقدار الطاقة الشمسية يغير من توزيع الطاقة في الغلاف الجوي للأرض، لكن تأثيرها المباشر على المناخ كان ولا زال موضع تساؤل. ففي أوائل الثمانينيات أجري العلماء قياسًا للإشعاع الشمسي بواسطة الأقمار الصناعية،  ووجدوا انخفاضًا في إجمالي كمية الطاقة الشمسية التي تصل إلى الأرض بنسبة 0.1 %، كما قرر العلماء الذين يدرسون الاختلافات قصيرة المدى في ناتج طاقة الشمس، أن كمية الطاقة الشمسية الإضافية التي تصل إلى الأرض صغيرة نسبيًا، ولا تكفي لتفسير العوامل الأخيرة لتغير المناخ.

خلال فترة الاكتشاف الأولية لتغير المناخ العالمي ، لم يكن حجم تأثير الشمس على مناخ الأرض مفهوما ومع ذلك، منذ أوائل التسعينيات، قام العلماء بإجراء أبحاث مكثفة لمعرفة مدي دورها، ووجدوا أن الشمس تلعب دورًا صغيرًا في تغير المناخ مقارنة بالأنشطة البشرية التي تعد العامل الأساسي لتغير مناخ الأرض.[4]

المراجع

(1)ucsusa
(2)iberdrola
(3)energy
(4) beyondweather

كيف يؤثر تغير المناخ على الصحة العامة للبشر؟

هذه المقالة هي الجزء 13 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

يعد تغير المناخ أحد أكبر تهديدات الصحة العامة وأشدها قسوة. فوفقًا لبيان منظمة الصحة العالمية، فإنه من المتوقع أن يفقد حوالي 250 ألف شخص حياتهم سنويًا بسببه. فارتفاع درجة الحرارة وانعدام الأمن الغذائي والمائي وتلوث الهواء، يؤدي إلى زيادة التعرض للأمراض الحادة والمزمنة. فكيف يؤثر تغير المناخ على صحتنا؟[1]

تأثير التغيرات المناخية على الصحة الجسدية

حسب تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فإنه من المتوقع أن يؤدي الاحترار العالمي إلى تفاقم الظروف الصحية خاصة في المناطق الاستوائية. ففي أفريقيا على سبيل المثال، تؤدي الزيادة في درجة الحرارة إلى زيادة أعداد البعوض، فتتضاعف الإصابات بالأمراض التي تنقلها الحشرات كالملاريا وحمى الضنك.[2]

إضافة إلى ارتفاع نسبة التعرض لضربات الشمس والإرهاق نتيجة لتفاقم موجات الحر. يتسبب تلوث الهواء الناتج عن حرائق الغابات بأمراض الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية. فخلال عام 2019 وحده، تسببت الجسيمات الدقيقة المتطايرة في الغلاف الجوي في وفاة حوالي 1.8 مليون شخص على مستوى العالم.

تتسبب الفيضانات والأعاصير الأكثر توترًا في انتشار الأمراض التي تنقلها المياه وزيادة أعداد النزوح. فخلال عام 2005 ساهم إعصار كاترينا في موت ما يقرب من ألفي شخص، وتشريد حوالي 1.5 مليون شخص.[3]

تغير المناخ والصحة العقلية

ترتبط ـ غالبا ـ الكوارث الطبيعية المرتبطة بالمناخ كالفيضانات والأعاصير وحرائق الغابات بالاضطرابات النفسية المتعلقة بالتوتر. فالأفراد الذين تعرضوا لمواقف مهددة لحياتهم معرضون أكثر لخطر الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة.[4]

ووفقًا لاستطلاع رأي أجرته الجمعية الأمريكية للطب النفسي، فإن أكثر من ثلثي الأمريكيين (67٪) قلقون للغاية بشأن تأثير تغير المناخ على الكوكب. وأكثر من نصفهم (55٪) قلقون من تأثيره على صحتهم العقلية.[5]

من المرجح أن يصبح سلوك الأفراد المعرضين لارتفاع درجات الحرارة أكثر عدوانية. ووجدت إحدى الدراسات علاقة بين التعرض للهواء الملوث وزيادة خطر الإصابة بالقلق والفصام واضطراب الشخصية.[6]

تأثير تغير المناخ على نظام الرعاية الصحية

يؤثر تغير المناخ على كل جانب من جوانب نظام الرعاية الصحية. فالاحترار العالمي على سبيل المثال يعيق الوصول إلى الخدمات الصحية فضلًا عن التأثير على جودتها. كما يؤدي أيضًا إلى ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية. أنظمة الرعاية الصحية مسؤولة عن رعاية الأشخاص الذين يواجهون تأثيرات فورية. وكذلك الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة كأمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض الجهاز التنفسي.

كشفت إحدى الدراسات التي أجريت في الولايات المتحدة على مجموعة من الأحداث المناخية التي حدثت في الولايات المتحدة، وعددها 10 أحداث. أن التكاليف المتعلقة بالصحة، بما في ذلك دخول المستشفيات وزيارات أقسام الطوارئ والتكاليف الطبية الأخرى، بلغت حوالي 10 مليارات دولار خلال عام 2018.

تأثير تغير المناخ على القوى العاملة في مجال الرعاية الصحية

يتعرض أخصائيو الرعاية الصحية لمخاطر الصحة البدنية والعقلية لتغير المناخ بشكل أكثر حدة من عامة السكان. كما أنه لا يؤدي إلى تعطيل حياتهم فحسب، بل يجعل وظائفهم أيضًا أكثر صعوبة. مما يزيد من خطر الإرهاق. غالبًا ما تمنعهم العواصف والفيضانات وحرائق الغابات والأحداث المتطرفة الأخرى من الذهاب إلى مرافق الرعاية الصحية. مع زيادة عدد الأشخاص الذين يتعرضون للإصابة بالأمراض نتيجة التغير المناخي، ستكون هناك حاجة ماسة لزيادة القوى العاملة المجهزة للتعامل مع مرضى الأحداث المناخية.

من الضروري تدريب القوى العاملة في مجال الرعاية الصحية على تحدي المخاطر ومعالجتها. تحتاج القوى العاملة إلى التكيف لتقديم الرعاية الصحية في ظل الظروف المناخية القاسية. وجدت إحدى الدراسات أن آثار تغير المناخ جعلت ثلث العاملين في مجال الرعاية الصحية في إحدى المناطق الاسترالية، يفكرون في الانتقال إلى مكان آخر.[7]

الإجراءات

يجب اتخاذ إجراءات جادة لحماية صحة الناس ورفاهيتهم في جميع أنحاء العالم، خاصة الفئات السكانية الضعيفة. فالحد من كميات الغازات الدفيئة له العديد من الفوائد الصحية، ويمكن أن ينقذ آلاف الأرواح.

التخفيف من حدة تغير المناخ من شأنه أن يمنع انتشار الأمراض، ويوفر مليارات الدولارات من التكاليف المتعلقة بالصحة، خاصة في المجتمعات التي تعاني من الآثار السلبية لتغير المناخ.[8]

المصادر

(1)journal
(2)un
 (7),(3)commonwealthfund
(4)ncbi
(5)psychiatry
(6)bmj
(8)projecthope

كيف يمكننا التخفيف من آثار تغير المناخ؟

هذه المقالة هي الجزء 18 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

تسبب الاحترار العالمي منذ الثورة الصناعية وحتى اليوم في حدوث ظواهر مناخية عنيفة في جميع أنحاء العالم، والتي أعقبها حدوث عواقب وخيمة على الطبيعة والإنسان. فوفقًا لتقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بشأن تغير المناخ فلابد من التخفيف من الانبعاثات والوصول إلى صافي الصفر من الانبعاث الكربوني بحلول عام 2030. ولتحقيق هذا الهدف وأهداف أخرى طموحة وطويلة الأجل تساهم في التخفيف من آثار تغير المناخ، وجب علينا تغيير الطريقة التي نستخدم بها الطاقة والممارسات الحياتية الأخرى. [1]

ماذا نعني بالتخفيف من آثار تغير المناخ؟

التخفيف من آثار تغير المناخ يعني العمل على تقليل كميات الغازات الدفيئة الموجودة في الغلاف الجوي، والتي تعمل على زيادة درجة حرارة سطح الكوكب وجعلها أكثر تطرفًا.[2]

الاتفاقيات الدولية المبرمة بشأن العمل المناخي

بدأ الاعتراف بواقع تغير المناخ عام 1979 عندما عقد المؤتمر العالمي الأول للمناخ في جنيف. وقد كان الغرض الأساسي من مؤتمر جنيف تقييم الآثار والمخاطر المستقبلية للتغيرات المناخية. كان هذا هو المؤتمر الأول من نوعه الذي يتناول الآثار السلبية لتغير المناخ.

أنشئت عام 1988 الهيئة الحكومية الدولية المعنية بشأن تغير المناخ من قبل المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة. وكان الهدف منها تزويد الحكومات والهيئات الرسمية بالمعرفة العلمية والمعلومات التى يمكن من خلالها صياغة السياسات المناخية.

اعتمدت عام 1992 اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، والتي دخلت حيز التنفيذ عام 1994. ومنذ ذلك الحين كانت هي القوة الدافعة للعمل المناخي. الهدف الرئيس للاتفاقية هو تثبيت تركيز غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، لمنع التأثيرات الشديدة على النظام المناخي. إضافة إلى  خفض الانبعاثات بحلول عام 2000. كما حددت الالتزامات تجاه جميع الأطراف المعنية، ووضعت مسؤوليات واضحة على عاتق البلدان المتقدمة لتنفيذ السياسات الوطنية للحد من الانبعاثات البشرية. علاوة على ذلك، ألزمت الأطراف من الدول المتقدمة بمساعدة الأطراف من الدول النامية الضعيفة مالياً وتقنياً في اتخاذ الإجراءات المناخية.

اعتمد بروتوكول كيوتو خلال مؤتمر الأطراف الثالث عام 1997، ودخل حيز التنفيذ عام 2005. وكان الهدف منه خفض انبعاثات البلدان المتقدمة خلال فترة التزام قدرها خمس سنوات بين عامي 2008 و 2012. كما وضعت السياسات وأنظمة المراقبة ذات الصلة.

وفي عام 2015 اعتمدت اتفاقية باريس التي دخلت حيز التنفيذ عام 2016. وكان هدفها الأساسي الحد من زيادة درجة الحرارة العالمية، ومواصلة الجهود للحد من ارتفاعها إلى أكثر من 1.5 درجة مئوية.[3]

استراتيجيات تخفيف التغيرات المناخية

يتضمن التخفيف من حدة التغيرات المناخية الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، التي تعمل على رفع درجة حرارة سطح الكوكب. وتشتمل استراتيجيات التخفيف على مجموعة من الإجراءات التي يجب على الحكومات والدول والشركات اتخاذها. كالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، وتحسين المدن لجعلها أكثر استدامة، والترويج لوسائل النقل المستدامة والأنظمة الزراعية الصديقة للبيئة.[4]

1- الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة

تشير التقديرات إلى أن حوالي 1.4مليار شخص حول العالم يعتمدون على مصادر الطاقة التقليدية كالفحم والخشب  لتلبية احتياجاتهم الأساسية. ومع زيادة الاعتماد على هذه المصادر تتضرر النظم البيئية، وتؤدي إلى ملايين الوفيات المبكرة بخاصة بين النساء والأطفال. من المتوقع أن ينمو الطلب العالمي على الطاقة بأكثر من 50% بحلول عام 2035، وبالتالي يحتاج هؤلاء المستخدمين إلى مصادر طاقة لا تضر بهم أو ببيئتهم.[5]

أحد عوامل الجذب في الطاقة المتجددة هو القدرة على تجديدها والحصول عليها بشكل طبيعي، لذلك فهي أكثر استدامة. كما أنها مناسبة لخطة التخفيف من آثار تغير المناخ. فمقارنة بالوقود الأحفوري فإن العديد من مصادر الطاقة المتجددة تنبعث منها غازات دفيئة أقل بكثير. اعتمدت الولايات المتحدة عام 2020 على الطاقة المتجددة كمصدر أساسي للطاقة بنسبة 12%.

 وتكمن أهمية مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الكهرومائية والشمسية والرياح في خلوها من أي انبعاثات كربونية تقريبًا بمجرد تشغيلها. تكمن الانبعاثات الكربونية بمصادر الطاقة هذه في إنتاج وصيانة ونقل المواد والمنشآت، لذلك تعد مسارا مثاليا للتخفيف الذي يجمع بين مصادر الطاقة المتجددة وتخفيض الاستهلاك للطاقة.

2- تدابير الحفاظ على الطاقة

قد تكون كفاءة استخدام الطاقة وتدابير الحفاظ عليها من أهم الإجراءات الفاعلة للتخفيف من حدة التغيرات المناخية. ففي عام 2019 شكلت انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون حوالي 80٪ من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة في الولايات المتحدة. لذلك فإن ايجاد طرق لاستخدام طاقة أقل سيساعد في التخفيف من آثار تغير المناخ.

إحدى تدابير الحفاظ على الطاقة هو بناء المدن لشبكات النقل العام. بحيث نوفر الطاقة التي تستخدم في قيادة السيارات الفردية، أو بناء بنية تحتية تسهل ركوب الدراجات.[6]

3- احتجاز الكربون وتخزينه

تعمل هذه التقنية على التقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون قبل إطلاقه في الغلاف الجوي. ويمكن لهذه التقنية التقاط ما يصل إلى 90٪من ثاني أكسيد الكربون المنبعث من حرق الوقود الأحفوري في توليد الكهرباء والعمليات الصناعية كإنتاج الأسمنت.

في الوقت الحالي، تعد تقنية احتجاز الكربون وتخزينه هي التقنية الوحيدة التي يمكن أن تساعد في تقليل الانبعاثات الناتجة عن المنشآت الصناعية الكبرى. وبالتالي معالجة الآثار السلبية لتغير المناخ. عند دمج هذه التقنية مع تقنيات الطاقة الحيوية لتوليد الطاقة، فإن احتجاز وتخزين الكربون لديه القدرة على توليد انبعاثات سلبية وإزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي. يجادل العديد من العلماء وواضعو السياسات بأن هذا أمر بالغ الأهمية إذا كان العالم يريد الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى أقل من 2 درجة مئوية، وهو الهدف من اتفاقية باريس.[7]

4- إعادة التدوير

تعمل إعادة التدوير على التقليل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عن طريق تجنب استخدام الطاقة لإنتاج مواد جديدة. ولها فوائد مشتركة تتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية، وتقليل النفايات، ومنع تدهور الأراضي الذي يصاحب الحصول على مواد خام جديدة مثل المعادن.[8]

في جميع أنحاء العالم، يتم اتخاذ العديد من التدابير للتخفيف من آثار تغير المناخ من قبل الدول التي تحاول الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقية باريس وبروتوكول كيوتو.[9]

المصادر

(1) Reducing greenhouse gases: our position | Policy and insight (friendsoftheearth.uk)
(What’s the difference between climate change mitigation and adaptation? | Stories | WWF (worldwildlife.org)
(3) springer
(4),(5)Climate Change Mitigation | GEF (thegef.org)
(8),(6) Climate Change Mitigation Strategies — Earth@Home (earthathome.org)
(7) What is carbon capture and storage and what role can it play in tackling climate change? – Grantham Research Institute on climate change and the environment (lse.ac.uk)
(9)Introduction to Mitigation | UNFCCC

كيف يمكننا التكيف مع تغير المناخ وسط عالم مشتعل؟

هذه المقالة هي الجزء 17 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

من مدن أوروبا التي غمرتها الفيضانات، إلى ضواحي كاليفورنيا المتفحمة بالنيران. ومن دلتا بنغلادش الغارقة بالمياه إلى الجزر التي تواجه ارتفاع منسوب مياه البحار. عواقب وخيمة انطوت على عدم كبح الزيادة في درجات الحرارة العالمية والتكيف مع كوكب أكثر حرارة. فخلال الثلاثين عامًا الماضية كان الهدف المهيمن هو خفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري. لذلك أضحت خطوات التكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة للحد من المخاطر.[1]

ماذا نعني بمصطلح “التكيف”؟ ولم اختلف عليه المناصرون؟

 يشير مصطلح التكيف مع تغير المناخ إلى أي نشاط يمكن من خلاله تقليل المخاطر والآثار السلبية لتغير المناخ، أو يساعد البشر على التكيف معه. ويتضمن التكيف إجراء تعديلات في قراراتنا وأنشطتنا وتفكيرنا بسبب التغيرات في مناخنا [2].

وفي وقت سابق خلال محادثات المناخ التي عقدت في عام 2002، ظهرت بعض الأحاديث عن حاجتنا إلى التكيف مع تغير المناخ، لكن كان للعديد من النشطاء البيئيين رأي آخر! إذ رأوا أن جهود التكيف مع الظروف المناخية المتطرفة بمثابة استسلام وإلهاء عن الحاجة إلى الحد من الانبعاثات.[3]

لماذا نحن بحاجة إلي التكيف؟

كان التكيف مع المشكلات البيئية محورًا للدراسات الأنثروبولوجية منذ مطلع القرن العشرين. وقد تم تطبيق مصطلح التكيف لأول مرة خلال التسعينات. ويتمثل الهدف الرئيسي للتكيف في رفع قدرتنا على الصمود، والذي بدونه تقل احتمالية نجاتنا ويزيد عدد الضحايا.[4]

يؤدي تغير المناخ إلى زعزعة استقرار المجتمعات واقتصاداتها، مما يقوض جهود التنمية المستدامة ويفاقم التحديات البيئية. وقد شهدت العديد من البلدان تأثيرات محلية وعالمية واسعة النطاق، تصاعدت حدتها ووتيرتها أكثر من أي وقت مضي[5]. فمنذ عام 2008 وحتي اليوم، تم تهجير ما يقرب من 21.5 مليون شخص سنويًا، بسبب المخاطر المفاجئة المرتبطة بالمناخ، كالفيضانات والعواصف وحرائق الغابات والجفاف وتآكل السواحل.

وهناك اتفاق كبير بين العلماء على أن تغير المناخ من المتوقع أن يؤدي إلى زيادة أعداد النازحين في المستقبل.[6] كما أظهرت نتائج بحثية إلى أن حوالي 132 مليون شخص سيواجهون الفقر المدقع بسبب تغير المناخ بحلول 2030. لذلك يشدد البعض على أهمية التكيف مع الظروف المناخية حتى نتمكن من حماية الفئات الأكثر ضعفًا في مجتمعاتنا. [7]

الفئات الأكثر ضعفًا هم الأكثر تأثرًا

مع أن الدعوة إلى التكيف مع التغيرات المناخية واضحة، إلا أن بعض المجتمعات ما زالت غير قادرة على التكيف. وذلك بسبب عدم وجود موارد لتلبية الاحتياجات الأساسية كالرعاية الصحية والتعليم. فعلى سبيل المثال، تُقدَّر تكاليف التكيف التي تحتاجها البلدان النامية بحوالي 300 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030. لكن في الوقت الحالي، تُنفَق ما نسبته 21% فقط من التمويل المتعلق بالمناخ الذي تقدمه البلدان الأكثر ثراءًا لمساعدة الدول النامية على التكيف والقدرة على الصمود، أي حوالي 16.8 مليار دولار سنويًا.

استراتيجيات التكيف مع التغيرات المناخية

 حتي نتمكن من حماية أنفسنا ومجتمعاتنا، يجب علينا التكيف مع عواقب الظواهر الجوية المتطرفة. لذلك توجد العديد من الطرق التي نستطيع من خلالها التكيف مع ما يحدث الآن وما سيحدث في المستقبل[8] والتي منها:

1- أنظمة الإنذار المبكر

وهي عبارة عن تقنيات يمكن من خلالها التنبؤ بوقوع العواصف وموجات الحر وغيرها من الظواهر الجوية المتطرفة. ووفقًا لإحدي التقارير، فإن التحذير بفاصل 24 ساعة فقط يمكن أن يقلل الضرر الناتج بنسبة 30 %! كما أن الاستثمار بقيمة 800 مليون دولار وتزويد البلدان النامية بمثل هذه الأنظمة، ستحمي من خسائر قد تبلغ من 3 إلى 16 مليار دولار سنويًا.

2- البنية التحتية الخضراء

تحسين الظروف المعيشية في المجتمعات الضعيفة يعني تحسين بنيتها التحتية وتعزيز قدرتها على التكيف. ووفقًا لتقرير اللجنة العالمية المعنية بالتكيف، فإن البنية التحتية الخضراء والمقاومة للظروف المناخية القاسية قادرة على توفير 4 دولارات من الفوائد مقابل كل دولار واحد من التكلفة.

3- تحسين الإنتاج الزراعي

يمكن أن يساعد الاستثمار في المحاصيل المقاومة للجفاف وتحديث أنظمة الري في حماية المزارع الصغيرة من ارتفاع درجات الحرارة.

4- حماية المانجروف

وهو عبارة عن مجموعة من أشجار المانجروف التي تنمو على طول السواحل لحمايتها. وتعمل أشجار المانغروف على التقليل من آثار العواصف التي تهدد المجتمعات الساحلية. ووفقًا لتقرير اللجنة العالمية المعنية بالتكيف، فإن غابات المانجروف قادرة على حماية حوالي 18 مليون شخص من خطر الفيضانات الساحلية، وتقليل الخسائر التي تقدر بأكثر من 80 مليار دولار سنويًا.

5- الاستثمار في البنية التحتية للمياه

تشير التقديرات إلى أن حوالي 3.6مليار شخص ليس لديهم ما يكفي من الماء لسد احتياجاتهم خلال شهر واحد من العام. وقد يؤدي عدم اتخاذ التدابير اللازمة إلى تعريض حوالي 1.4 مليار شخص إضافي لنقص المياه بحلول عام 2050. لذلك يمكن أن يؤدي الاستثمار في البنية التحتية للمياه ومجمعات المياه الطبيعية إلى توسيع نطاق الوصول إلى المياه النظيفة. [9]

يبدو أن التكيف مع التغير المناخي أمر لا بد منه في ظل أعباء اقتصادية هائلة تحول من مواجهة التغيرات المناخية. فلنا أن نطرح سؤالنا الأول الذي حاولنا توضيح خلفياته في هذا المقال بقليل من العمق. هل سيصبح التكيف هو الحل؟ أم سيزيد من تعقيد المشكلة كما زعم بعض الناشطين؟ الرأي لك.

المصادر

(3),(1)nationalgeographic
(2)nrcan
(4)globalization and health
(5)wwf
(6) unhcr
(7)world bank
(8)un
(9)grist

كيف يمكن للنماذج المناخية أن تخبرنا بمستقبل المناخ؟

هذه المقالة هي الجزء 14 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

في عام 1922، اقترح عالم الفيزياء البريطاني لويس فراي ريتشاردسون، في كتابه التنبؤ بالطقس بواسطة العملية العددية، طريقة جديدة للتنبؤ بالطقس باستخدام المعادلات التفاضلية، من خلال تصويرالغلاف الجوي على أنه شبكة من الخلايا العنكبوتية.

تم تناول أفكار ريتشاردسون في الأربعينيات من القرن الماضي عندما ابتكر العلماء في جامعة بنسلفانيا جهاز الكمبيوتر والذي قاموا على أثره ببناء تطبيق لمعرفة التوقعات الجوية. وفي أواخر الستينات من القرن الماضي طور الباحثون أول نموذج مناخي يمكن من خلاله توقع أنماط الطقس. إذًا فكيف يمكننا توقع التغيرات المستقبلية في نظام المناخ بواسطة النماذج المناخية؟.[1]

ما هي النماذج المناخية؟

نموذج المناخ هو عبارة عن مجموعة من الأنظمة المصممة  لمحاكاة مناخ الأرض لفهم سلوكه والتنبؤ به. والتي تعتمد إلى حد كبير على مجموعة من المعادلات الرياضية التي تستند إلى مجموعة من  القوانين الفيزيائية، التي تحكم نشاط الغلاف الجوي والمحيطات وتفاعلاتها مع أجزاء أخرى من نظام مناخ الأرض.[2]

لماذا يستخدم العلماء النماذج المناخية؟

يستخدم العلماء النماذج المناخية لفهم أنظمة الأرض المعقدة، حيث تسمح لهم هذه النماذج بإختبار الفرضيات واستخلاص النتائج بشأن أنظمة المناخ في الماضي والمستقبل. كما يمكن أن تساعد هذه النماذج في تحديد ما إذا كانت أنماط الطقس المتغيرة كالعواصف والفيضانات ناتجة عن التغيرات المناخية، أم أنها جزء من النظام المناخي الطبيعي.[3]

لفهم الأسباب الكامنة وراء التغيرات المناخية، يحتاج العلماء إلى إجراء تجارب. لنفترض أن عالم المناخ لديه فضول لمعرفة ما يمكن أن يحدث إذا احتوي المحيط الهادئ على ضعف كمية الملح الموجودة به، ففي حالة إذا ما قام بإطلاق العنان لأطنان من الملح في قاع المحيط فقد تكون العواقب وخيمة، ولكن بدلًا من ذلك يقوم العلماء بإنشاء نسخة حاسوبية من الأرض مبنية على الكمبيوتر يمكن من خلالها إجراء التجارب لمعرفة ما سيكون عليه مناخ الأرض في المستقبل.[4]

يعتمد العلماء في فهمهم لأنظمة الأرض على أحد الأنواع الثلاثة الشائعة للنماذج المناخية البسيطة، وهي:

1- نماذج توازن الطاقة: والتي تساعد على التنبؤ بالتغيرات المناخية اعتمادًا على ميزانية طاقة الأرض، حيث يستخدم العلماء معادلة تمثل كمية الطاقة الواردة مقابل الصادرة، ثم يأخذ العلماء هذه المعادلة ويضعونها في نماذج مربعة تمثل جزء من الأرض داخل شبكة ثلاثية الأبعاد، للتعبير عن المناخ في منطقة أو قارة.

 2- نماذج التعقيدات الوسيطة: تتشابة إلى حد كبير مع نماذج توازن الطاقة ولكنها تشمل العديد من الهياكل الجغرافية للأرض كاليابسة والمحيطات والجليد، وتسمح هذه النماذج بقياس تفاصيل أقل من حيث الزمان والمكان عن نماذج توازن الطاقة، لذا فهي  تستخدم في قياس التغيرات ذات الترددات المنخفضة في نظام مناخ الأرض، كالتقلبات الجليدية، وتيارات المحيطات، والتغيرات التي تحدث في الغلاف الجوي.

3- نماذج الدوران العامة: تعد من أكثر النماذج تعقيدًا وأكثرها دقة لفهم نظام مناخ الأرض والتنبؤ بأي تغيرات تحدث فيه. تتضمن هذه النماذج معلومات تتعلق بكيمياء الغلاف الجوي ونوع الأرض ودورة الكربون ودوران المحيطات والتركيب الجليدي للمنطقة المعزولة. يعتبرهذا النموذج من أكثر النماذج تعقيدًا نظرًا لأنه يتطلب قدرًا أكبر من الوقت والذي قد يستغرق عدة أسابيع لتشغيل كل محاكاة.[5]

كيف تعمل؟

خلال النماذج المناخية يتم تقسيم سطح الأرض إلى شبكة ثلاثية الأبعاد من الخلايا، تغطي عدة مناطق من العالم، تستخدم في كل خلية مجموعة من القوانين الفيزيائية والكيميائية لمحاكاة حركة الهواء والماء والطاقة،  ويحدد حجم الخلية دقة النموذج فكلما كان حجم خلايا الشبكة أصغر، كلما كانت التفاصيل الموجودة في النموذج أكثر دقة.[6]

ماذا يمكن أن تخبرنا به النماذج المناخية عن الماضي والمستقبل؟

لعقود عدة، كان العلماء يجمعون بياناتهم عن المناخ بإستخدام النوى الجليدي والأشجار والشعاب المرجانية، والتي اكتشفوا من خلالها تفاصيل الماضي كالنشاط البشري، والتغير في درجات الحرارة، لكن يعتمد العلماء حاليًا على النماذج المناخية لتعميق فهمهم لمناخ الأرض، إضافة إلى اعتمادهم على البيانات المناخية السابقة التي تساعدهم على تقييم الفرضيات حول التغييرات المناخية المستقبلية.

ما مدى دقة النماذج المناخية؟

نظرًا لأن العالم لا يستطيع الانتظار عقودًا لقياس دقة تنبؤات النماذج المناخية، يختبر العلماء دقة النماذج بإستخدام الأحداث الماضية. وعلى الرغم من وجود قدر ضئيل من عدم اليقين، إلا أن العلماء يجدون أن النماذج المناخية الحالية دقيقة للغاية لأنها تستند إلى مبادئ فيزيائية راسخة لعمليات نظام الأرض.

لماذا النماذج المناخية مهمة؟

تساعد النماذج المناخية على فهم نظام المناخ في الماضي والحاضر والمستقبل، وبالتالي فهي تجعلنا أكثر فهمًا لأنظمة الأرض.

من الممكن أن تساعد التنبؤات والنتائج في معرفة الطرق والأساليب التي يمكن من خلالها التخفيف من تأثير التغيرات المناخية، كما أنها تساعد صانعي القرارات على تحديد القضايا البيئية ذات الأولوية بناءًا على الأدلة العلمية.[7]

المصادر

discovermagazine(1)

(2)rmets

(7),(5),(3)climate

(4)frontiersin

(6)climate.gov

لماذا يهدد تلوث الهواء حياة الملايين الآن؟

سبعة ملايين شخصًا حول العالم يفقدون حياتهم كل عام نتيجة لتلوث الهواء، ووفقًا لتقرير منظمة الصحة العالمية فإن تسعة من كل عشرة أشخاص يتنفسون هواءًا ملوثًا،[1] ويعد تلوث الهواء واحدًا من أكبر عوامل الخطر للموت المبكر في العالم، إذ يعاني أولئك الذين يعيشون في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل أكثر من غيرهم، [2] ووفقًا لأحدث تقرير عن حالة الهواء العالمي والصادر في عام 2019  فإن ما يقرب من 4.5 مليون شخص فقدوا حياتهم نتيجة لتعرضهم لهواءًا ملوثًا.

الضباب الدخاني والسخام

هذان هما أكثر أنواع تلوث الهواء انتشارًا، يحدث الضباب الدخاني عندما تتفاعل الانبعاثات الناتجة عن احتراق الوقود الأحفوري مع ضوء الشمس، كما يتكون السخام من جزيئات صغيرة من المواد الكيميائية أو الدخان أو الغبار أو المواد المسببة للحساسية والتي تكون على شكل غاز أو مواد صلبة ويتم حملها في الهواء.

يمكن أن يؤدي الضباب الدخاني إلى حدوث العديد من الأعراض كتهيج العينين والحلق وإلحاق الضرر بالرئتين، خاصةً بين الفئات العمرية الخاصة كالأطفال وكبار السن، أوالأشخاص الذين يعملون أو يمارسون الرياضة في الهواء الطلق. بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الربو أو الحساسية، فمن الممكن أن تؤدي هذه الملوثات إلى زيادة حدة الأعراض، أوحدوث نوبات الربو.

وبشكل خاص تعتبر أصغر الجزيئات المحمولة في الهواء في السخام ، سواء كانت غازية أو صلبة، خطيرة للغاية، لأنها يمكن لها أن تخترق الرئتين ومجرى الدم وتؤدي إلى تفاقم التهاب الشعب الهوائية، وتؤدي إلى نوبات قلبية،. ففي عام 2020 ، أظهر تقرير صادر عن كلية الصحة العامة بجامعة هارفورد أن معدلات الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا في المناطق التي يزيد فيها تلوث السخام كانت أعلى منها في المناطق التي يقل فيها التلوث قليلًا، مما يدل على وجود علاقة بين الموت والتعرض طويل الأمد للجسيمات.[3]

ملوثات الهواء الخطرة

يشكل عدد من ملوثات الهواء مخاطر صحية خطيرة، والتي من الممكن أن تكون قاتلة في بعض الأحيان،  ومن أكثرها شيوعًا الزئبق والرصاص والديوكسينات والبنزين، فعلى سبيل المثال يمكن أن يسبب البنزين المصنف على أنه مادة مسرطنة من قبل وكالة حماية البيئة، تهيج العينين والجلد والرئتين وذلك على المدى القصير ومن الممكن أن يسبب اضطرابات الدم وذلك على المدى الطويل.

يمكن أن تؤثر الديوكسينات، الموجودة بكميات صغيرة في الهواء، على الكبد وتضر بالجهاز المناعي  العصبي والغدد الصماء، كما يهاجم الزئبق الجهاز العصبي المركزي.

وبالنسبة للرصاص فمن الممكن أن يؤدي إلى تدمير أدمغة الأطفال، وحتي التعرض إلى الحد الأدني منه من الممكن أن يؤثر على معدل ذكاء الأطفال وقدرتهم على التعلم.

الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات هي واحدة من المركبات السامة والتى تنتج عن عوادم المركبات ودخان حرائق الغابات، ومن الممكن أن تؤدي إلى تهيج العينين والرئة ومشاكل الدم والكبد وحتي السرطانات، ففي إحدى الدراسات أظهرت النتائج أن أطفال الأمهات المعرضات لمركبات الهيدروكربونات أثناء الحمل، أكثر عرضة لاضطرابات فرط الحركة ونقص الانتباه.[4]

حقائق وأرقام

تشير نتائج إحدي الدراسات التي نشرت بمجلة “ذا لانسيت” إلى أن ثاني أكسيد النيتروجين يتسبب في حدوث ما يقدر بنحو 1.8 مليون حالة إصابة بربو الأطفال سنويًا، وخاصة في المناطق الحضرية، كما أشارت إلى أن الهواء النظيف يجب أن يكون جزءًا مهمًا من الاستراتيجيات التي تهدف إلى الحفاظ على صحة الأطفال.

ووفقًا لاحدى الدراسات التي نشرت بمجلة أبحاث البيئة فإن التعرض للجسيمات الدقيقة كان مسؤولًا عن حوالي 8.7 مليون حالة وفاة على مستوي العالم وذلك خلال عام 2018.[5]

تلوث الهواء وتغير المناخ

يؤدي تلوث الهواء بغاز ثاني أكسيد الكربون وغازات الدفيئة الأخرى إلى حدوث موجات الحر الشديدة والقاسية والتي تؤدي إلى زيادة الوفيات في بعض الأحيان كما تتسبب في انتشار الأمراض والآفات.

وبحسب المجلس القومي للبحوث فإنه لا بد من اتخاذ خطوات أولية للتقليل من كمية غازات الدفيئة، كما أوضح المجلس النرويجي للاجئين أنه كلما أسرعت الجهود للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري كلما قلت المخاطر التي يشكلها تغير المناخ.[6]

المراجع

(1),(3)nrdc

(2)who

(4)sciencedirect

(5)thelancet

(6)epa

مدن تحت الماء .. كيف يهدد تغير المناخ المدن الساحلية؟

هذه المقالة هي الجزء 12 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

على ارتفاع أقل من 5 أمتار، فإن حوالي 250 مليون شخصًا حول العالم يعيشون على طول سواحل البحار والمحيطات، لكن بفضل الزيادة المستمرة في ارتفاع مستوي سطح البحر بسبب التغيرات المناخية فإن حياة هؤلاء الأشخاص معرضة للخطر.[1] ووفقًا لتقرير الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، فإن ارتفاع مستوى سطح البحر يهدد مناطق الأرض المنخفضة حيث تضاعف مستوى سطح البحر من 0.06 بوصة  إلى 0.14 بوصة من عام 2006 إلى عام 2015.[2]

كيف تغير مستوى سطح البحر؟

على مدار الـ 150 عامًا الماضية، تم إجراء قياسات منتظمة للمد والجزر في الموانئ في جميع أنحاء العالم، وذلك لمعرفة مقدار التغير في مستوى سطح البحر، وتظهر المعلومات التي تم جمعها أنه منذ عام 1850، ارتفع مستوى سطح البحر بمقدار 20 سم حول العالم[3].

لماذا يتغير ارتفاع مستوي سطح البحر؟

يرتبط التغيير في ارتفاع مستوي سطح البحر بثلاثة عوامل أساسية، وكلها ناتجة عن تغير المناخ وهي كالتالي:

1- التمدد الحراري

عندما ترتفع درجة حرارة الماء في البحار والمحيطات فإنه يتمدد. ويُعزى الارتفاع المستمر في مستوي سطح البحر خلال الـ 25 عامًا الماضية إلى احتلال المحيطات الأكثر دفئًا مساحة أكبر.

2- ذوبان الأنهار الجليدية

خلال فترات الصيف تذوب القليل من التكوينات الجليدية الكبيرة كالأنهار الجليدية بشكل طبيعي. لكن في الآونة الأخيرة، أدى الارتفاع المستمر في درجات الحرارة الناتج عن الاحتباس الحراري إلى ذوبان أكبر من المتوسط. إضافة إلى أن تأخر فصول الشتاء يؤدي إلى تساقط كميات أقل من الثلج، وبالتالي تحدث حالة من عدم التوازن ويرتفع مستوي سطح البحر في النهاية.

3- فقدان الصفائح الجليدية في جرينلاند وأنتاركتيكا

كما هو الحال مع الأنهار الجليدية الجبلية، فإن الزيادة في درجات الحرارة تتسبب في ذوبان الصفائح الجليدية الضخمة التي تغطي جرينلاند والقارة القطبية الجنوبية بسرعات أكبر، ويعتقد العلماء أن المياه الذائبة من أعلى الصفائح الجليدية ومياه البحر المتسربة تحتها، من الممكن أن تعمل على تزييت مجاري الجليد ويتسبب في تحركها بسرعة أكبر في البحر.[4]

إلى أي مدى يمكن أن يرتفع مستوى سطح البحر؟

بسبب الاحتباس الحراري، فإن التمدد الحراري للمحيطات وذوبان الأنهار الجليدية سيلعبان دورًا في ارتفاع مستوى سطح البحر في المستقبل. وتأتي أكبر مساهمة ممكنة في ارتفاع مستوى سطح البحر من الصفائح الجليدية الكبيرة الموجودة في جرينلاند وغرب وشرق أنتاركتيكا. إذا ذابت هذه الصفائح الجليدية تمامًا، فسيرتفع مستوى المحيطات حوالي 7 أمتار في جرينلاند، و 5 أمتار في غرب أنتاركتيكا، و 53 مترًا في شرق أنتاركتيكا.

هل تغير مستوى سطح البحر في الماضي؟

لقد تغير مستوى سطح البحر بشكل طبيعي في الماضي. ويرجع ذلك في الغالب إلى نمو وذوبان الصفائح الجليدية الكبيرة خلال العصور الجليدية قبل نحو 20 الف عام. خلال ذروة العصر الجليدي الأخير كان مستوي سطح البحر أقل بحوالي 120 مترًا مما هو عليه اليوم. لكن حدثت عدة نوبات من الارتفاع السريع في مستوي سطح البحر. فمنذ حوالي 14 ألف عام قفز معدل ارتفاع مستوي سطح البحر بمقدار 3 سم بسبب ذوبان الغطاء الجليدي الذي أحدثه تغير المناخ في ذلك الوقت. كما أن الفترة ما بين العصور الجليدية شهدت ارتفاع في مستوي سطح البحر بما لا يقل عن 6 أمتار مما هو عليه اليوم.

كيف سيتغير مستوى سطح البحر في المستقبل؟

بسبب الارتفاع المستمر في درجات الحرارة الناتجة عن الاحتباس الحراري، فإن العلماء على يقين تام من أن مستوى سطح البحر سيستمر في الارتفاع خلال العقود القادمة، حيث ستذوب الأنهار والصفائح الجليدية.[5].

ووفقًا لتقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ فإنه من المتوقع أن يرتفع منسوب مياه المحيطات بمقدار من 26 إلي 77 سم بحلول عام 2100[6]. وأشارت نتائج إحدي الأبحاث إلى التسارع في ارتفاع مستوي سطح البحر، ومن المتوقع أن يرتفع بمقدار قدم واحدة بحلول عام 2050.[7]

الآثار

للزيادة المستمرة في مستوي سطح البحر آثار مدمرة، ففي المدن الساحلية يمكن أن يؤدي ارتفاع مستوي سطح البحر إلي زيادة وقوع الأعاصير والعواصف. ووجدت إحدي الدراسات أنه بين عامي 1963 و 2012 ، كانت الأعاصير السبب في فقدان ما يقرب من نصف الوفيات. كما أن الفيضانات تجبر الذين يعيشون في مناطق ساحلية منخفضة على الهجرة إلى مناطق مرتفعة.[8]   

وفي المناطق الزراعية الموجودة بالقرب من الساحل، يمكن أن تؤدي الفيضانات البحرية إلى تلويث التربة بالملح، مما يجعلها أقل قدرة على إنتاج ونمو المحاصيل. في بعض الأحيان قد تختلط المياه المالحة بالمياه العذبة وبالتالي تقل كميات المياه الصالحة للشرب.[9]

التكيف مع التهديد

نتيجة لهذه المخاطر، تخطط العديد من المدن الساحلية لوضع تدابير من شأنها التكيف مع التوقعات طويلة الآجل لارتفاع مستوي سطح البحر. والتي غالبًا ما تكون بناء جدران بحرية وحواجز، أو زراعة أشجار المانغروف أو غيرها من النباتات لامتصاص المياه. ففي جاكرتا على سبيل المثال سيهدف مشروع لحماية المدينة على بناء جدار بحري يبلغ ارتفاعه 80 قدمًا، بقيمة 40 مليار دولار.

ويشير العلماء إلى أن المدى الذي تعمل فيه البلدان معًا للحد من إطلاق المزيد من غازات الدفيئة قد يكون له تأثير كبير على سرعة ارتفاع البحار ومقدارها.[10]

المراجع

(1),(9),(5)(3)frontiersin
(2)climate
(4),(10)(8)nationalgeographic
(6)ipcc
(7)noaa

الإدراك البيئي: كيف ندرك بيئاتنا؟

هذه المقالة هي الجزء 8 من 9 في سلسلة مقدمة في علم النفس البيئي

بالنسبة لعلم النفس البيئي وللدراسات العمرانية إجمالًا، هناك فرق بين “الموضوع – object”، و”البيئة – environment”. فبينما يحتاج الموضوع ذاتًا لتتعامل معه، تحتاج البيئة مساهمين «participant» ليتفاعلوا معها؛ إذ أن البيئة تحيط بالفرد ويعتبر جزءًا منها، ويتفاعل معها ويدركها باستعمال الحواس المختلفة (الحركة والشعور والشم وغيرها)، وربما يساهم فيها بتغييرها. ودائمًا ما يتضمن الإدراك البيئي هذا نوعًا من الأفعال، والتي تتضمن بدورها معانٍ ورموزًا معينة.

القدرة التصويرية للمدينة

تحدثنا في مقالٍ سابق عن كيفن لينش وعن كتابه «صورة المدينة»، والذي عرّف صوريّة المدينة أو قدرة الأفراد على تصوير وتخيل واستذكار المدينة بناءً على صفات المدينة العمرانية مثل الطرق والمراكز والحواف والعلامات والأحياء. وعرّف هذا المفهوم بـ«صوريّة المدينة – city imageability»، أو القدرة الصورية للمدينة. وصف لينش عملية الإدراك البيئي التي ترتكز على هذه العناصر العمرانية بـ«التخطيط الإدراكي – cognitive mapping»، وهو العملية العقلية والإدراكية التي يفهم بها البشر بيئاتهم ويتفاعلون بها من خلالها.

حاول لينش أيضًا قياس مستوى السهولة التي يمكن للسكان أن يقيّموا بها بيئةً ما ويستوعبوها داخل نمط أو نسقٍ معين، واطلق على هذا القياس اسم “وضوح المدينة”، أي القدرة على تكوين صورة ذهنية عن المدينة واستيعابها بشكلٍ منطقي ومتناغم. أي ان المدينة التي تحتوي على عناصر عمرانية محددة وواضحة تكون أسهل للتذكر والحركة.

ولكن على عكس ما قد يوحي به هذا من أن المدن المخططة (مثل المدن الحديثة نسبيًا كنيويورك أو الرياض) أسهل في الحركة خلالها، إلا أن جين جيكوبز أظهرت أن الوحدة البصرية الشديدة بين أجزاء المدينة تؤدي للتشويش، أي ان المدينة تحتاج قدرًا من العفوية والتنوع (العملي والبصري) ليتمكن السكان من ادراكها؛ وتتطلب أجزاءً متباينة تعمل فيما بينها، لا إلى أحياء متفرقة ومنفردة بذاتها [1]. ومن هنا نفهم احد أوجه القصور التخطيط الحضري للمدن وتقسيمها إلى أحياء مخصصة (للصناعة أو للسكن أو لغيرها)، أو حتى محاولة تصميم كل المناطق والبيوت والمباني لتبدو بنفس الشكل (بعض من أصدقائي الذين أقاموا في سنغافورة وصفوها بأنها شديدة التنظيم لدرجة الملل).

الصوريّة الاجتماعية

يمكن للأماكن المميزة أيضًا أن تحفز لدى السكان صورًا اجتماعية، أي معانٍ اجتماعية مشتركة بين مستعملي مكانٍ معين. فمثلًا يمكن لميدانٍ أو ساحةٍ ما أن ترتبط في ذهن سكان الحي بأنها مكانٌ للتجمع وللممارسة الأنشطة الجماعية، أو يمكن أن يرتبط شارعٌ ما بنوعٍ معين من السلوكيات أو الأنشطة أو الأحداث. في العادة، تكون الأماكن ذات القدرة التصويرية أيضًا ذات قدرة اجتماعية أيضًا.

تكشف الخرائط الذهنية للمدن وقدراتها التصويرية والاجتماعية عن جانبٍ مهم من دراسات المدن، وهي الفروق الطبقية بين السكان. فالكثير من المدن على سبيل المثال تعتمد بشكلٍ رئيسي على السيارات للتنقل، مما لا يتيح للطبقات الأفقر الانتقال خلال المدينة ومعاينتها، ويظلون مكدسين داخل مناطق سكنهم والتي قد تعاني من فقرٍ في المرافق العامة. والنتيجة هي أن معاينة بعض السكان للمدينة وتجربتهم للسكن فيها قد تكون شديدة الفقر مقارنة بآخرين من الطبقات الأعلى، الأمر الذي قد يفقدهم الشعور بالانتماء أو الاهتمام بالمدينة وبالحيز الذي يحتلونه فيها.

ومن الجوانب المهمة والتي بدأ الاهتمام بها عالميًا أيضًا هي الفوارق العمرية بين السكان. فالكثير من المدن ومشاريع التخطيط العمراني تكون مبنية بالأساس على استعمال السيارات على سبيل المثال وباهتمامٍ هامشي بالمشاة -إن وجد-. في المقابل فإن بعض المعماريين والمخططين بدؤوا بلفت الانتباه لحق الأطفال واليافعين في الاستمتاع بالمدينة بشكلٍ آمن وسلس، وبدأت الدراسات الحضرية باستكشاف كيف يمكن تخطيط المدن لتكون صديقة للأطفال[2].

اعتبرت برازيليا مدينة نموذجية للتخطيط العمراني عديم الحياة، لدرجة أن مصطلح “متلازمة برازيليا – Brasilia Syndrome” صار كناية عن المدن ذات التخطيط والنسب غير المناسبة للبشر

الحواس البشرية وإدراكنا لما حولنا (الإدراك البيئي)

كما سبق لنا القول في الفقرة السابقة، فإن العديد من مشاريع التخطيط العمراني اليوم تعتمد بشكلٍ أساسي على السيارات وعلى المساحات الكبيرة والمسافات الشاسعة. العديد من المدن حول العالم اليوم تتمركز حول التنقل بالسيارات، مثل الكثير من المدن الأمريكية ومدن الخليج العربي على سبيل المثال.

يتعرض هذا النمط من التخطيط والتصميم للكثير من النقد، ومن جوانب هذا النقد المتعلقة بهذا المقال هي علاقة المدينة والعمران بالحواس البشرية وتناسبها معها. وربما يكون المعماري الدنماركي «يان غيل» أبرز من كتبوا عن هذه العلاقة في كتابه «مدن من اجل الناس». بنية البشر البدنية تسمح لهم بالرؤية ضمن نطاق وزاوية محددين، وسرعتهم في السير أيضًا تفرض عليهم رتمًا معينًا من الرؤية والانتباه على سبيل المثال. ولذلك فإن المشاة نادرًا ما ينتبهون لما يدور في الأدوار العلوية من البنايات -ما لم يرفعوا رؤوسهم، وهي عملية “مرهقة” ما لم يكن هناك داعٍ لها-. المشاة أيضًا يحتاجون مسافات قصيرة نسبيًا للمشي والتنقل في المدن، ووجود الطرق السريعة الواسعة أو ممرات المشاة التي تحتوي سلالم للصعود والهبوط يعد عائقًا في طريقهم. سرعة البشر في السير وبنية أجسامهم هي ما تجعلهم يشعرون بالضجر إذا ساروا بجانب جدارٍ فارغ؛ في حين أن وجود نوافذ ومعارض على مسافات متقاربة تشعر المشاة بالتنوع البصري وتلفت نظرهم، ما يشعرهم بالمتعة البصرية (ناهيك عن تحفيز الأنشطة كالبيع والشراء).

تعتمد النظريات الصديقة للمشاة على المساحات الصغيرة والمسافات القصيرة في تخطيط المدن، فالمدن المعتمدة على الطرق السريعة والسيارات تعتمد أيضًا على سرعة السيارات، ما لا يتيح للركاب معاينة المدينة والتفاعل معها كما يتاح للمشاة. من الجدير بالذكر أن المدن التقليدية (أي المدن ما قبل الصناعية وما قبل الحداثة) كانت تطبق هذه الأنساق بالفطرة، إذ كانت تبنى بمسافات متقاربة وبنسبٍ معتدلة تناسب حواس البشر.

الإدراك البيئي وعلم الأعصاب

ذكرنا عرضًا في مقدمة هذه السلسلة عن وجود ما يسمى بـ”علم الأعصاب المعماري”، وهو استعمال تقنيات ومناهج بحث خاصة بعلوم الأعصاب لدراسة تفاعل البشر مع المدن والعمران وإدراكهم لبيئاتهم. يبحث هذا المجال الآثار العقلية والذهنية للبيئة والعمران على العقل والسلوك البشريين، كما يدرس الكيفية التي يدرك بها البشر بحواسّهم البيئة من حولهم، في محاولة لتصميم بيئات أكثر ملائمة للحياة والسلوك البشريين. وجدير بالذكر أن العديد من نظريات هذا المجال لها أسس تطورية.

يميل الناس للنظر إلى المناطق ذات العوامل المثيرة. لم ينظر أحد تقريبًا إلى الجدار الفارغ في هذا المثال.

فعلى سبيل المثال، درس بعض الباحثين الكيفية التي ينظر بها الناس إلى واجهات المباني عن طريق دراسة حركة بؤبؤ العين، واكتشفوا أن الواجهات المثيرة والتي تحتوي على نوافذ وعلامات (وليست مجرد جدران صمّاء) تجذب نظر الناس عكس الجدران الصماء التي يتجاهلها الناس وكأنها لم تكن. يجدر هنا ذكر أن هذه من الافتراضات التي ذكرناها للتو للمعماري «يان غيل» حول السير في المدن: أي أن السير بجانب واجهات تجارية مفتوحة ومثيرة للاهتمام لا يشعر المرء بالملل. فكّر في هذا حين تتمشى لمكان جديد وحاول أن تلاحظ إن كنت تشعر بالملل أثناء المشي فيه أم لا وهل ينطبق هذا المثال عليه.

المصادر:
1: The Death and Life of Great American Cities
2: Cities Alive: Designing for urban childhoods
3: Environmental Psychology: Environmental Cognition

ما هي تقنية النانو وكيف بدأت؟

غالبًا ما تؤدي الأحلام والخيال البشري الخصب إلى ظهور علوم وتقنيات جديدة تماماً. ومن رحم هذه الأحلام كانت تقنية النانو ملتقى الخيال العلمي مع الحقيقة. فما هو النانو؟ وما هي تقنية النانو؟ كيف بدأت؟ وإلى أين تتجه اليوم في القرن الحادي والعشرين؟

ما هو النانو “NANO”؟

قبل أن نبدأ الحديث عن تقنية النانو لنلقي نظرة عن مفهوم النانو. تُشتق البادئة “nano” من الكلمة اليونانية القديمة “nanos” والتي تعني القزم. أما اليوم فتستخدم على مستوى العالم كبادئة تعني عامل بالشكل (9-)^10. وإذا قرنت كلمة نانو مع كلمة متر ستجلب مصطلح النانو متر والذي يشير إلى وحدة قياس مكاني تساوي جزء واحد من مليار جزء من المتر أو من (وحدة القياس).

اقتُراح مفهوم “النانومتر” لأول مرة من قبل “ريتشارد أدولف زيجموندي – Richard Adolf Zsigmondy”، الحائز على جائزة نوبل عام 1925 في الكيمياء، لوصف حجم الجسيمات.

ريتشارد أدولف زيجموندي

لمساعدتكم في تخيل النانومتر نستعرض المثال التالي:

لنفرض أننا قطعنا متراً إلى 100 قطعة متساوية، فسيكون حجم كل قطعة سنتيمتراً واحداً هذا يعادل حجم مكعب السكر. إذا قطعنا السنتيمتر إلى مائة قطعة متساوية، فستكون كل قطعة مليمترًا واحدًا. يتراوح حجم حبة الرمل من 0.1 مم إلى 2 مم. ويمكن رؤية الأشياء الصغيرة مثل المليمتر بالعين المجردة ولكن عندما تقل أبعاد الجسم عن المليمتر فقد يكون من الصعب تمييزها.

إذا قمنا بتقطيع المليمتر إلى مائة قطعة متساوية فسيكون طول كل قطعة ميكرومتراً. ويبلغ قطر الشعرة من 40 إلى 50 ميكرومتراً. وعادة لا يمكن رؤية الأشياء على هذا المقياس بأعيننا، بل يمكن تصورها باستخدام عدسة مكبرة أو مجهر ضوئي.

إذا قطعنا ميكرومتراً إلى ألف قطعة متساوية، فسيكون طول كل قطعة نانومتراً! وعندما تكون الأشياء صغيرة إلى هذا الحد لا يمكننا ملاحظتها بأعيننا أو بالمجهر الضوئي. وتتطلب هذه الأشياء الصغيرة أداة خاصة للتصوير. إذ يبلغ الحمض النووي 2 نانومتر، والذرات تكون أصغر من نانومتر. فالذرة الواحدة تبلغ قرابة 0.1-0.3 نانومتر، اعتمادًا على نوع العنصر.

توضيح لمقياس النانومتر مقارنة بحجوم المواد

ما هي تقنية النانو؟

تعرف بأنها أي تقنية تتم على مواد من المقاييس النانوية، فهي العلوم والهندسة والتكنلوجيا التي يتم إجراؤها على نطاق 1 – 100 نانومتر. وتتيح فهم المواد والتحكم بخواصها على المستوي الذري والنووي للتخطيط لعناصر جديدة تنتج ظواهر جديدة لتطبيقات جديدة. حيث تظهر المواد المعدلة على المستوي النانوي خصائص (فيزيائية، وبصرية، وحرارية، وميكانيكية، وكهربائية، وإلكترونية، وغيرها…) فريدة وجديدة تماماً.

تقسم المكونات النانوية إلى هياكل بحسب أبعادها كالتالي:

  • العناقيد النانوية: هي هياكل تتراوح من 1 إلى 100 نانومتر في كل بُعد مكاني. يتم تصنيف هذه الهياكل على أنها هياكل نانوية صفرية البعد 0D.
  • الأنابيب النانوية والأسلاك النانوية: لها قطر بين 1 و100 نانومتر وطول يمكن أن يكون أكبر من ذلك بكثير. ويتم تصنيف هذه الهياكل على أنها هياكل نانوية أحادية البعد 1D.
  • السطوح ذات النسيج النانوي أو الأغشية الرقيقة: يتراوح سمكها بين 1 و100 نانومتر، في حين أن البعدين الآخرين أكبر بكثير. ويتم تصنيف هذه الهياكل على أنها هياكل نانوية ثنائية الأبعاد2D .
  • أخيرًا، المواد الضخمة: ذات الأبعاد التي تزيد أبعادها الثلاث عن 100 نانومتر من الهياكل السابقة تسمى الهياكل النانوية ثلاثية الأبعاد 3D.
أنواع الهياكل النانوية بحسب أبعادها.

ما مقدار أهمية تقنية النانو اليوم؟

تعلمنا تقنية النانو فهم العالم الذي نعيش فيه وتمكننا من فعل أشياء مثيرة للاهتمام عندما ننتقل للمقاييس النانوية.

فعلم النانو وتقنياته يمكن أن يساعدا في إعادة تشكيل العالم من حولنا. إذ نعلم أن كل شيء من حولنا يتكون من ذرات _ الطعام، الملابس، الأبنية، وأجسادنا _ مرتبة بطريقة محددة لتقوم بوظائف محددة، يمكننا أيضًا باستخدام علوم وتقنيات النانو التلاعب وإعادة ترتيب الأجزاء في المواد المختلفة لإنتاج نماذج محددة تقوم بوظائف محددة.

وهناك قضية مهمة لنأخذها في الحسبان وهي أن خصائص الأشياء تتغير عندما تصبح أصغر. بالتالي، عندما يتم التلاعب بالمادة وإعادة تنظيمها على مقياس النانو، سيتمكن العلماء من ضبط خصائص المادة بدقة.

تاريخ تقنيات النانو

منذ حوالي النصف قرن لم تكن تقنية النانو أكثر من مجرد خيال علمي، ثم في عام 1959 قدم الفيزيائي ريتشارد فاينمان الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء خلال اجتماع للجمعية الفيزيائية الأميركية في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (CalTech) محاضرة عن مفهوم التلاعب بالمادة والتحكم بها على المستوي الذري. خلق فاينمان بذلك نهجًا جديدًا للتفكير، وبدأت رحلة إثبات صحة فرضياته منذ ذلك الحين. ولهذا السبب يعتبر المؤسس الأول لتقنية النانو.

ريتشارد فاينمان

بعد أكثر من عقد من الزمان، صاغ البروفيسور ” Norio Taniguchi ” مصطلح تقنية النانو (nano-technology).

Norio Taniguchi

ومع ذلك، فإن العصر الذهبي لتقنية النانو بدأ فقط في عام 1981، عندما تم تطوير واستخدام مجهر المسح النفقي الذي مكننا من رؤية الذرات الفردية. وشهدت بداية القرن الحادي والعشرين اهتمامًا متزايدًا بالمجالات الناشئة في علم وتقنيات النانو. ففي الولايات المتحدة دعا الرئيس السابق بيل كلينتون إلى تمويل الأبحاث في هذه التقنية الناشئة خلال خطاب ألقاه في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في 21 يناير 2000.

وبعد ثلاث سنوات وقع الرئيس جورج بوش على قانون البحث والتطوير في مجال تكنولوجيا النانو للقرن الحادي والعشرين. وقد جعل هذا التشريع لأبحاث تقنيات النانو أولوية وطنية وخلق مبادرة تقنية النانو الوطنية (National Nanotechnology Initiative) (NNI) والتي لا زالت قائمة حتى اليوم.

حاضر ومستقبل تقنيات النانو

في إطار زمني يقارب النصف قرن، أصبحت تقنية النانو الأساس لتطبيقات صناعية رائعة.

اليوم:

تؤثر تقنية النانو على حياة كل إنسان، والفوائد المحتملة منها كثيرة ومتنوعة. ونرى أنها تدخل في العديد من القطاعات مثل:

  • إدارة وسلامة الغذاء والصناعات الغذائية ومستحضرات التجميل لتحسين الإنتاج ومدة الصلاحية والتوافر البيولوجي وغيرها…
  • إدارة البيئة وتنظيفها وهي واحدة من أكبر مشاكل العالم الحقيقي وأكثرها إلحاحا. ستساعد تقنية النانو في حماية البيئة والمناخ من خلال توفير الطاقة والمياه وتقليل الغازات الدفيئة والنفايات الخطرة مع زيادة متانة المواد التي تدوم لفترة أطول وتقلل إنتاج النفايات، وإنتاج الطاقة المتجددة والمستدامة.
  • قطاع التقنيات الرقمية وتعتبر المدخل الرئيسي لعالم رقمي أصغر وأكثر كفاءة.
  • القطاعات الصحية فهي اليوم تستخدم للوقاية التشخيص والعلاج. وتزيد تقنية النانو من فعالية التصوير الطبي التشخيصي مما يجعل العلاجات أكثر فعالية.
  • ونرى اليوم الكثير من المحاولات لتطوير أنظمة توصيل الدواء للعديد من الأمراض وخاصة دون المستوي الذري. حيث يساعد تغليف الجسيمات النانوية على توصيل الدواء مباشرة للخلايا السرطانية. كما يقلل مخاطر تلف النسج السليمة، مما يغير بشكل جذري الطريقة الحالية المتبعة لعلاجات السرطان. ويقلل بشكل كبير من الآثار السامة للعلاج الكيميائي.

في المستقبل:

فيعتبر العصر الناشئ في الطب هو ” طب النانو” وحصرًا عصر ” الروبوتات النانوية ” التي يمكنها إكمال المهام بطريقة آلية. وتتمتع الروبوتات النانوية بالقدرة على الاستشعار وتمييز الصديق من العدو والاستجابة بتقديم حمولاتها الدوائية وذلك كله على مستوى النانو.

وتسخر تقنية النانو اليوم التقدم الحالي في الكيمياء والفيزياء وعلوم المواد والتقنيات الحيوية لإنشاء مواد جديدة لها خصائص فريدة بفعل هياكلها المحددة على مقياس النانومتر.

كما أدت البحوث العلمية في هذه الأفكار وغيرها على مستوى النانو إلى ابتكارات مثيرة للاهتمام. ورغم ذلك لا تزال تقنية النانو في مرحلة الاستكشاف المبكرة جداً، ولكنها تتطور بشكل سريع. فرغم أن آليات مكافحة الأمراض دون الذرية كانت خيالًا علميًا لعقود من الزمن، فقد اقتربنا اليوم من جعل هذه الفكرة حقيقة. وعلى الرغم من الطبيعة المعقدة للمواد النانوية إلا أن مستقبل تقنية النانو يبدو مشرقاً جداً.

المصادر:

.Haick, P. H. (2013). Nanotechnology and Nanosensors
JE Hulla, S. S. (2015). Nanotechnology: History and future. Human and Experimental Toxicology, p. 42
.kohler, J. M. (2021). Challenges for Nanotechnology. Encyclopedia
.Sakhare, D. (2022). Nanotechnology Applications in Science and Technology

 

مبدأ عدم الضرر في التدخّلات الإنسانية

مبدأ «عدم الضرر – Do Not Harm»

اشتهر في الأوساط الطبية قَسَم سمّي «قسم أبقراط – Hippocratic Oath». ويعتمد هذا القسم على نص أصلي تم تكييفه بحسب الثقافات، إلا أنه حافظ على قوامه المعنوي وأصل فكرته. وتدور فكرة القَسَم حول القول الأشهر المنسوب إلى أبقراط بترجمة لاتينية ” primum non nocere”  ومعناها بالعربية “أولاً، لا تؤذي” وذلك كأساس للتدخّلات الطبّية [1].

وقد ورد في السياق نفسه لدى أبقراط في أعماله عن الأوبئة؛ عبارة يونانية ترجمت إلى التالي:

“في حالة المرض، يجب على المرء أن يضع في اعتباره شيئين، ليكون مفيدًا لا يسبب ضررًا” [1].

أبقراط

ولا تنحصر الإشارة إلى تجنب الضرر عند أبقراط، فالمفهوم بدوره تناوله التراث الإنساني العقائدي والديني. حيث عرّجت بعض الديانات والأيديولوجيات على أهمية عدم الضرر بالآخر كناموس أخلاقي. فنجد في الإسلام -نموذجاً- حديث نبوي مروي عن أبي سعيد الخدري: “لا ضرر ولا ضرار، من ضار ضارّه الله، ومن شاقَّ شقَّ الله عليه” [3]. ومعنى هذا أن الإنسان لا يجوز أن يضر بنفسه ولا بغيره، وفي هذا توسعة لمفهوم الضرر يشمل الضرر بالذات أيضاً.

تعريف الضرر

يرتبط مفهوم الضرر بالحرية وحدودها في القول المشهور الذي نُسب لأكثر من قائل: “ينتهي الحق في تأرجح ذراعي في أي اتجاه حيث يبدأ أنفك” [4]. ويشيع في الأوساط الشعبية قول مجهول المصدر “أنت حر ما لم تضر”. كما نجد فيما كتب «ستيورات ميل – John Stuart Mill» في كتابه “الحرية” عن دور السلطة في منع الضرر يقول:

“أن الغرض الوحيد الذي من أجله يمكن ممارسة السلطة بشكل صحيح على أي فرد من أفراد المجتمع المتحضر، رغماً عنه، هو منع إلحاق الأذى بالآخرين” [5]

جون ستيوارت ميل

ويشمل الضرر أي إصابة جسدية أو عقلية، وهو شيء يتسبب في إصابة شخص أو شيء ما أو كسره أو جعله أقل قيمة أو نجاحًا. كما يمكن إطلاقه على كل فعل يشوّه أمراً أو يسبّب له التدهور والنقصان. ” [6] [7].

قد يبدو للوهلة الأولى أن التفريق بين الممارسات المضرّة وغير المضرّة بالآخر سهل، إلا أنه إذا أمعنا النظر في السلوكيات التي تصب في مصالحنا بعمومها، نجد أنها قد تتعارض مع مصالح الآخرين [8]. لذلك من اللازم أن نقوم بتحديد معنى الضرر الذي يجب تجنّبه كي لا يختلط الأمر علينا، أو نقع في فخ الأسئلة الخاطئة في مواجهة أنفسنا ومحاسبتها. مثلاً: إذا استفدنا من الفوز بترقية في العمل بينما يخسر المتقدمون الآخرون، فهل يعد ذلك ضاراً بهم؟

في الحقيقة سيناريوهات من هذا النوع قد تبدو مضللة، إلا أن الضرر الذي يجب تجنّبه هو ما يُعرف بوصفه؛ انتكاسة لمصالح مهمة تعود بالنفع على الآخرين. وفي السيناريو السابق ليس الترقي حكر على شخص معين، فالفوز هنا ما دام على أساس الجدارة فهو عادل. كما يروج في أحاديثنا اليومية إلقاء اللوم على الآخرين تحت تأثير من مغالطة السيناريو، كما في المثال التالي:

لو أن صاحب سيارة تركها في مكان عمومي مفتوحة الأبواب، فقادها اللص. وأثناء رؤيته لرجال الشرطة غير الاتجاه فجأة، وضاعف سرعته، الأمر الذي تسبب في وقوع حادثة سير؟ هل صاحب السيارة له دور في الضرر؟

الجواب هو لا. لأن السببية المباشرة هنا هي التي يتعين أخذها بعين الاعتبار في حدوث الضرر.

أهمية مبدأ عدم الضرر في العمل الإنساني والإنمائي

العمل الإنساني والإنمائي هو عمل ممنهج، وله ضوابط وقواعد تهدف إلى حشد القدرات والمعارف وتوجييها بطريقة واعية. وهذا من أجل تحقيق أثر إيجابي في المجتمع، وهذا النوع من الأعمال ينطوي على مخاطر مخفيّة يعايشها عاملو الميدان بشكل مباشر. حيث يوجد خيط رفيع بين إيذاء المجتمع وإفادته. وأساس التخطيط للتدخلات الناجحة المفيدة هي أن نسأل:

من؟ أين؟ ماذا؟ متى؟ لماذا؟ كيف؟ [9]

6 أسئلة رئيسية

ولهذا وجد نهج عدم الضرر DNH والذي يقوم على عدة خطوات [9]. وهي:

  1. تحليل السياق؛ وتحديد المنطقة، والسكان المعنيين، وأطراف النزاع (حكومة، ومجموعات عرقية، ومجموعات دينية). وتحديد الأسباب الجذرية للنزاع، والتدخلات المعمولة من قبل الفاعلين المجتمعيين الآخرين، وأيضاً من قبل الجهة نفسها.
  2. ما هي الأمور التي تساهم في تكريس النزاع وتعميقه (Dividers)؟ وما هو أكثرها تأثيراً؟ أيضاً ما هي الأمور التي تربط بين الناس (Connectors)، وما هو أكثرها تأثيراً؟ ومراعاة هذه العوامل أثناء العمل.
  3. قياس آثار التدخلات على عوامل الارتباط والانفصال (Dividers and connectors).
  4. كيف أثر تدّخلنا على المجتمع المضيف، وما هي خياراتنا الأخرى المتوافرة وكيف تؤثر على عوامل الارتباط والانفصال.

يشجع نهج عدم الضرر إلى اتخاذ خطوة إلى الوراء، والتفكير مليّاً قبل التصرف. والهدف هو تعزيز تصميم المشروع وإدارته. أيضاً يفيد في منهجة طريقة عمل تسمح بفهم أفضل للآثار السلبية على المشاريع أو البرامج المستقبلية. وتعتبر الرغبة في علاقات جيدة مع المستفيدين هي جزء لا يتجزأ من التفكير بنهج عدم الإضرار [10].

والعمل على مبدأ عدم الإضرار في العمل الإنساني أساسي للعاملين الإنسانيين في مناطق النزاع. حيث يساعد على تحديد الأثار السلبية غير المقصودة للتدخلات الإنسانية والإنمائية في مناطق الصراع. ويمكن اعتماد هذا النهج في عملية التخطيط والمراقبة والتقييم للتأكد أن التدخل المعمول لا يؤدي إلى تفاقم الصراع بل يحسّنه [11].

محاذير العمل الإنساني والإنمائي

تفيد المنظمة السويدية “Swedish mission council” بأن هناك عدة أخطاء تتكرر بشكل كبير داخل العمل الإنساني وجب الإنتباه إليها وإلى أضرارها. فمن غير المعقول أن نساعد أحداً من ناحية ونضرّه من ناحية أخرى. وهي [12]:

  1. التناقض بين الأسلوب والفعل.

2. الإضرار بمصالح الناس.

3. التحيز في استهداف التوزيع لمجموعة من المجموعات المتنازعة دون الأطراف الآخرين.

4. التدخّل القاصر، الذي يقدم خدمة تساهم في تدمير نظام الخدمات الأخرى في المنطقة، ويؤثر على ما يربط الناس ويزيد من حدة العنف.

5. إعطاء أهلية وإضفاء صبغة شرعية للزعماء الذين نعمل معهم لتسهيل تقديم الخدمات الإنسانية.

وتفيد نتائج الاستطلاعات بأن اتّباع نهج عدم الإضرار في الأعمال الإنسانية يحسّن المساءلة تجاه المستفيدين، والعلاقات مع المستفيدين. كما يعزز فهم سياقات وديناميكيات المجتمع التي تتم فيها المشاريع. ويزيد أيضًا من درجة الثقة بالتدخّل المعمول من قبل الجهة في منطقة التدخل [10].

المصادر
[1] BMJ
[2] الطب ورائداته المسلمات، عبد الله عبد الرزاق مسعود السعيد.
[3] كنز العمال، الملتقي الهندي.
[4] Quoteinvestigator
[5] Stanford Encyclopedia of Philosophy Archive
[6] Britannica
[7] Merriam-Webster
[8] Ethics
[9] Oxfam
[10] Jean Charancle, Elena Lucchi, Incorporating the principle of “Do No Harm” How to take action without causing harm reflection on a review oh Humanity & inclusion’s practices.
[11] INEE
[12] Swedish mission council

كيف يؤثر تغير المناخ على الشعاب المرجانية؟

هذه المقالة هي الجزء 11 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

تعد الشعاب المرجانية جزءًا لا يتجرأ من البحار والمحيطات. إنها توفر الغذاء وسبل العيش، وتقلل من مخاطر العواصف والفيضانات، وتجذب السياح إلى أكثر من 100 دولة وإقليم. على الرغم من أنها لا تشغل سوى 0.01٪ من قاع المحيط، إلا أنها تعد ملاذًا أمنًا لعددًا لا يحصي من الأسماك. لكن بفعل الصيد غير المشروع وتغير المناخ أصبحت تواجه العديد من التهديدات المحلية والعالمية الخطيرة. وبدون اتخاذ إجراءات فورية لحمايتها، فمن الممكن أن تكون أكثر عرضة للتلف، وتقل أعدادها في النهاية.

ما هي الشعاب المرجانية؟

الشعاب المرجانية هي عبارة عن هياكل تتكون بفعل إفراز المستعمرات المرجانية لكربونات الكالسيوم التي تتراكم وتشكل الهياكل متعددة الأشكال والأحجام. تعد المستعمرات المرجانية مدنًا نابضة بالحياة لأكثر من 4 آلاف نوع من الأسماك، ولآلاف الأنواع الأخري من اللافقاريات.[1]

تأثير التغيرات المناخية على الشعاب المرجانية

عانت الشعاب المرجانية في جميع أنحاء العالم من أحداث التبييض الجماعي لمدة ثلاث سنوات متتالية. ففي الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال شهدت الشعاب المرجانية الموجودة في جزر هاواي آثار مدمرة، كما أدي إبيضاض الشعاب المرجانية الذي حدث في عامي 2016 و 2017  إلى تدمير حوالي 50٪ من الشعاب المرجانية.[2]

مع ارتفاع درجات الحرارة، تزداد أحداث تبيض المرجان، كما أن زيادة غاز ثاني أكسيد الكربون الممتص من الغلاف الجوي يعمل على تغيير كيمياء البحر من خلال انخفاض درجة الحموضة، فيما يعرف باسم تحمض المحيطات، وبالتالي تقل معدلات بناء الشعاب المرجانية.[3]

عندما تتغير درجة الحرارة، يطرد المرجان الطحالب التكافلية التي تعيش في أنسجتها، وهي المسؤولة عن لونها. من الممكن أن يؤدي ارتفاع درجة حرارة المحيطات من 1 إلى 2 درجة مئوية على مدى عدة أسابيع إلى أحداث التبييض وتحويل المرجان إلى اللون الأبيض، والتي غالبًا ما تؤدي إلى موت كميات كبيرة من الشعاب المرجانية.

إذا استمرت درجات الحرارة في الارتفاع، فإن أحداث التبييض ستزداد شدتها. وبالتالي لا يمكن للشعاب المرجانية البقاء على قيد الحياة.[4]، فوفقًا لنتائج إحدي الدراسات فإن الاحتباس الحراري تسبب في فقد حوالي 14% من الشعاب المرجانية خلال عقد من الزمن، وسيتم القضاء على المزيد إذ استمرت درجة حرارة المحيطات في الارتفاع.[5]

ما هي التهديدات الرئيسة للشعاب المرجانية؟

تتعرض الشعاب المرجانية للعديد من التهديدات المحلية والعالمية، بما في ذلك الصيد الجائر، والتلوث البحري، وزيادة حرارة المحيطات وتحمضها وهي كالتالي:

1-الصيد الجائر

هو التهديد المحلي الأكثر انتشارًا للشعاب المرجانية. فيمكن للسفن إتلاف الشعاب المرجانية، كما أن تصريف المواد الضارة يمكن أن يعطل النظام البيئي. ويعمل الصيد الجائر على إزالة الأسماك العاشبة التي تتحكم في نمو الطحالب الكبيرة على الشعاب المرجانية.

2- ارتفاع درجة حرارة المحيطات بسبب تغير المناخ  

يعد ارتفاع درجة حرارة المحيطات بسبب تغير المناخ تهديدًا سريع النمو. يمكن أن يتسبب ارتفاع درجة حرارة المحيط في طرد الشعاب المرجانية لطحالبها الملونة وهي عملية تعرف باسم تبيض المرجان. تموت الشعاب المرجانية في النهاية إذا لم تعود الطحالب التكافلية، أو إذا لم يكن هناك وقت كافٍ بين التبييض لاستعادة الشعاب المرجانية أو إذا أعاقت التهديدات الأخرى تعافيها. 

3- تحمض المحيطات

تؤدي الزيادة في كمية غاز ثاني أكسيد الكربون في مياه البحر إلى تحمض المحيطات. وهذا يعمل على تقليل معدل الأراجونيت (وهو معدن تحتاجه الشعاب المرجانية لبناء هياكلها العظمية). يؤدي نقص الأراجونيت إلى إبطاء عملية نمو المرجان، بالإضافة إلى إنتاج هياكل أضعف وأقل كثافة مما يجعلها أكثر عرضة للتآكل والضرر. وخلال القرن الماضي انخفضت مستويات الأراجونيت. ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه خلال القرن المقبل في ظل زيادة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون.

أهميتها

تشير التقديرات إلى أن الشعاب المرجانية تدعم بشكل مباشر أكثر من 500 مليون شخص في جميع أنحاء  العالم، والذين يعتمدون عليها في حياتهم اليومية. وقدر التقييم الذي نشرته مجلة Global Environmental Changeالقيمة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للشعاب المرجانية بنحو تريليون دولار أمريكي، وتشير دراسة أجراها الصندوق العالمي للطبيعة في عام 2015 إلى أن خسارة الشعاب المرجانية المرتبطة بالمناخ ستكلف حوالي 500 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2100.  

وتعد الشعاب المرجانية  مؤشرات رئيسة لصحة النظام الإيكولوجي العالمي. وهي بمثابة علامة تحذير مبكر لما قد يحدث للأنظمة الأخرى الأقل حساسية.إذا لم يتم التعامل مع أزمة المناخ بشكل عاجل، فمن الممكن أن تتدهور الأنظمة الأيكولوجية بشكل لا رجعة فيه.

التوقعات الحالية للشعاب المرجانية

لسوء الحظ  لا توجد إجابة كافية عن حال الشعاب المرجانية حول العالم، حيث يختلف مدي الضرر الذي لحق بها من مكان لأخر، ومع ذلك فمن المحتمل أن يتدهور ما يقرب من نصف الشعاب المرجانية في العالم بسبب تغير المناخ والتلوث والصيد الجائر.

ووفقًا لتقرير حديث صادر عن الشبكة العالمية لرصد الشعاب المرجانية، والذي اعتمد على بيانات من 35 ألف مسح للشعاب المرجانية جمعت من73 دولة على مدار الأربعين عامًا الماضية، أكدت النتائج أن أحداث التبييض المرجاني أدت إلي فقد حوالي 8% من الغطاء المرجاني على مستوي العالم.

بحلول عام 2030، من المتوقع أن تتعرض معظم الشعاب المرجانية لأحداث تبييض المرجان مرتين على الأقل كل عقد، وربما كل عام بحلول عام 204

ما الذي يجب علينا فعله لحمايتها

لا يوجد حل واحد لإنقاذ الشعاب المرجانية ، ولكن يجب اتخاذ العديد من الإجراءات، فعلى المستوى المحلي، يمكن معالجة التهديدات التي تتعرض لها الشعاب المرجانية من خلال إدارة مصايد الأسماك بشكل مستدام، والقضاء على الصيد الجائر ومعالجة جميع مصادر التلوث.

على المستوى العالمي، تعتبر الجهود المبذولة للحفاظ على معدل الزيادة في درجات الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية أمرًا بالغ الأهمية لتقليل مخاطر تبييض المرجان وتحمضه، وأخيرًا يمكن أن تساعد الإجراءات صانعي السياسات الإقليميين والقادة العالميين على اتخاذ قرارات مستنيرة والتي تعد أملًا جديدًا لحماية الشعاب المرجانية.[6]

المراجع

(1),(6) weforum
(4),(2)iucn
(3)noaa
(5)dw
image source : dailynewsegypt

كيف يساهم الحد من هدر الطعام في حل مشكلة المناخ؟

هذه المقالة هي الجزء 16 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

أكثر من ثلث الطعام الذي يتم إنتاجه على كوكبنا لا يصل أبدًا إلى طاولة الطعام، فإما أن يفسد ويتلف أثناء التنقل، وإما أن يتم التخلص منه من قبل المستهلكين الذين يشترون عادة أكثر من اللازم ويتخلصون من الفائض.[1] وتجدر الإشارة إلى أنه في كل مرة ترمي فيها بقايا الطعام فأنت تتسبب في إطلاق المزيد من غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي.[2]

ماذا نعني بمصطلح هدر الطعام؟

 وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، يعرف هدر الطعام بأنه الانخفاض في كمية أو جودة الطعام الناتج، وذلك طبقًا للقرارات والإجراءات التي يتخذها تجار التجزئة ومقدمو خدمات الأغذية والمستهلكون.[3]

وتشير التقديرات إلى أنه من المحتمل أن تحتل نفايات الطعام المصدر الثالث من المصادر المسببة للاحتباس الحراري بعد الولايات المتحدة والصين. ووفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، فإن الزراعة تساهم في ثلث انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على مستوى العالم، كما أننا نهدر ما يقدر بنحو 30٪ من الأغذية التي ننتجها أى حوالي 1.8 مليار طن.

تختلف نسبة إهدار الطعام من مكان لأخر، ففي البلدان منخفضة الدخل، يُهدر حوالي 40٪ من الطعام بعد حصاده وقبل وصوله إلى المنازل. لكن في البلدان ذات الدخل المتوسط والمرتفع، يتحمل المستهلكون الجزء الأكبر من اللوم. وتشير التقديرات إلى أن الأسر مسؤولة عن إهدار حوالى 53٪ من الطعام في أوروبا، و 47٪ في كندا.[4]

كيف يؤثر هدر الطعام على تغير المناخ

 وجدت الدراسات أن ثلث طعام العالم ينتهي به المطاف في القمامة قبل أن يصل حتى إلى موائد المستهلكين. وأكد تقرير منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) لعام 2011 أن مخلفات الطعام وحدها مسؤولة عن حوالي 10٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المسؤولة عن ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض.

تمثل مخلفات الطعام حوالي 6٪ من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. تطلق المادة العضوية المتعفنة في مكب النفايات غاز الميثان، وهو غاز دفيئة أقوى عدة مرات من غازثاني أكسيد الكربون[5].

ووفقًا لإحدي الدراسات التي أجريت عام 2020، فإن المواطن الأمريكي العادي ينفق حوالي 1300 دولار سنويًا على طعام لا يؤكل، وهذا أكثر من متوسط الإنفاق السنوي على الملابس والبنزين والتدفئة المنزلية والكهرباء.[6]

كما وجدت دراسة أخري  أن الخضروات الطازجة تمثل حوالي 25٪ من نفايات الطعام المنزلية الصالحة للأكل في المملكة المتحدة، لكنها لا تمثل سوى 12٪ من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن الطعام المهدر، بينما تشكل نسبة النفايات من اللحوم والأسماك حوالي 8٪، أى نسبة 19٪ من الانبعاثات.[7]

ومع ذلك ليس من السهل تحديد كمية الطعام التي نهدرها، ولمعرفة ذلك قام مجموعة من الباحثين بإجراء دراسة في كندا، تضمنت التنقيب في  القمامة التي تولدها 94 عائلة تعيش في جيلف، والتي قاموا من خلالها بتصنيف الطعام الذي وجدوه بناءً على مدى صلاحيته للأكل وكميته، واكتشفوا أن كل عائلة تتخلص من حوالي 3 كجم من نفايات الطعام كل أسبوع، أي ما يعادل حوالي 23.3 كجم من انبعاثات الكربون.[8]

ويشير تقرير صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إلى أن فقد الأغذية وهدرها تسبب في إطلاق حوالي 8 و 10٪ من إجمالى انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الفترة ما بين عامي 2010-2016.[9]

ماذا وراء النفايات؟

قد يتساءل البعض ما الفرق بين فقد الطعام وهدره؟، ولكن دعونا نقول بأنه كلما زاد ثراء الأمة، ارتفع معدل نفايات الفرد. من ناحية أخرى، تحدث الخسارة في الغالب في مقدمة السلسلة الغذائية – أثناء الإنتاج وما بعد الحصاد والمعالجة – وهي أقل انتشارًا في الدول الصناعية الكبري عنها في الدول النامية،[10] وبشكل عام توجد العديد من المشكلات التي يسببها هدر الطعام وهي:

1- التكلفة البيئية

ليس من المستغرب أن يتسبب تغير المناخ الناجم عن هدر الطعام في تكلفة بيئية ضخمة. عندما نهدر الطعام، فإننا نهدر أيضًا جميع الموارد التي استخدمت لإنتاجه، كالطاقة والوقود والمياه [11]، ووفقًا لإحدي الدراسات فإن الطاقة التي تدخل في إنتاج وحصاد ونقل وتعبئة تلك الأطعمة المهدرة، تساهم في تولد أكثر من 3.3 مليار طن متري من غاز ثاني أكسيد الكربون.[12]

2-انخفاض الغلة

هناك تأثير واضح لتغير المناخ على نظامنا الزراعي، وتوجد العديد من العوامل التي تؤثر على الإنتاجية الزراعية ويمكن تقسيمها إلى ثلاث فئات أساسية وهي: 1- العوامل التكنولوجية: كالقرارات الإدارية والممارسات الزراعية.

 2- العوامل البيولوجية: كالأمراض والآفات.

3- العوامل البيئية: كخصوبة التربة والظروف المناخية وجودة المياه.

لذا فإن تغير المناخ الناجم عن هدر الطعام يؤثر أيضًا على حجم ونوعية الغذاء الذي يتم إنتاجه، فعلى سبيل المثال يمكن أن تؤدي حالات الجفاف التي تعقبها أمطار غزيرة إلى زيادة احتمالية حدوث الفيضانات، والتي يمكن أن تكون عاملًا لانتشار الفطريات في الجذور والأوراق. ففي عصر تغير المناخ تعد محاولة الحفاظ على التوازن ما بين إنتاج الغذاء والبيئة أمرًا صعبًا.

3- فقدان القيمة الغذائية

وجدت العديد من الأبحاث الزراعية أن أهم أغذيتنا انخفضت قيمتها الغذائية لبعض الوقت، فقد أظهرت الدراسات التي أجريت على الخضار والفاكهة أن المعادن والبروتينات والفيتامينات قد انخفضت بشكل ملموس خلال السبعين سنة الماضية، والتي أرجعهوها إلى اختيار البعض للمحاصيل بناءً على قدرتها على إنتاج غلات أعلى، بدلاً من القيمة الغذائية.

وبصرف النظر عن تغير المناخ الناجم عن هدر الطعام، فإن أشكال التلوث الاخري تلعب دورًا مباشرًا في التأثير على القيمة الغذائية للمحاصيل التي ننتجها، كما أن غازات الدفيئة تلعب دورًا في التأثير على الطعام الذي نتناوله.[13]

كيف يمكننا الحد من هدر الطعام؟

يعتبر الحد من هدر الطعام مبادرة لا تكلفنا الكثير، ويمكن تقليل ما يقرب من 6٪ -8٪ من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي يسببها الإنسان إذا توقفنا عن إهدار الطعام. ويمكننا تنفيذ العديد السياسات المساعدة بما لا تضر بمعيشة الأفراد، ففي ولاية فيرمونت على سبيل المثال تم تنفيذ قانون لإعادة التدوير في عام 2012، وتم منع مولدات النفايات الكبيرة من التخلص من الأطعمة غير المأكولة، كما شهدت بنوك الطعام الحكومية زيادة في التبرعات ثلاثة أضعاف بعد تطبيق هذا القانون.[13]

وعلى مستوي التوزيع يمكننا استخدام تقنيات فعالة وبأسعار معقولة لتتبع ومراقبة الأغذية أثناء النقل لضمان الحفاظ عليها ولمنع تلفها كوحدات التبريد والتقنيات الموفرة للطاقة التي تعمل على تقليل الآثر البيئي.[14]

المراجع

(1)nationalgeographic
 (2), (8),(4)bbc
(3)fao
(5),(11),(13)earth
(6)nutritionj
(7)frontiersin
(9)ipcc
 (14),(10)nationalgeographic
(12)fao
image source: theneweconomy

كيف يساهم النقل في تغير المناخ؟

هذه المقالة هي الجزء 10 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

بالنسبة لكثير من الناس، فإن الرحلة من وإلى العمل هي نهاية الطريق اليومي، لكن الطريقة التي نختار بها الذهاب إلى مكان العمل أو حتي المتاجر، هي واحدة من أكبر القرارات المناخية اليومية التي نواجهها.

على الصعيد العالمي، يشكل قطاع النقل حوالي ربع انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. كما أن المركبات المتحركة على الطرق، كالسيارات والشاحنات والحافلات والدراجات النارية، تشكل ما يقرب من ثلاثة أرباع انبعاثات غازات الدفيئة التي تأتي من وسائل النقل. لذا فإن الطريقة التي تتجول بها كل يوم يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا في بصمتك الكربونية.

السيارات وغازات الدفيئة

وفقًا للأرقام الصادرة عن حكومة المملكة المتحدة، فإن السيارات الكبيرة مسؤولة عن حوالي 85% من انبعاثات غازات الدفيئة. تنتج السيارة التي تعمل بالبنزين حوالي 180 جرامًا من ثاني أكسيد الكربون لكل كيلومتر، بينما تنتج سيارة تعمل بالديزل حوالي 173 جرامًا من ثاني أكسيد الكربون. بشكل عام، كلما كانت السيارة أكبر، زادت الانبعاثات.[1]

 انبعاثات المركبات وتغير المناخ

السيارات ليست وحدها المسؤولة عن الانبعاثات،  فالطائرات والسفن والقطارات تطلق جزءًا كبيرًا من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري حول العالم.

وتعتبرالطائرات المصدر الثالث من قطاع النقل لانبعاثات غازات الدفيئة حول العالم، ففي الولايات المتحدة الأمريكية تزايدت الانبعاثات الناجمة عن الطيران المحلي بنحو 17% منذ عام 1990.

وفي عام 2016 توصلت وكالة حماية البيئة إلى نتيجة رسمية مفادها أن تلوث غازات الاحتباس الحراري من الطائرات يهدد صحة الإنسان ورفاهيته.

السفن: تعتبر السفن المصدر الرئيسي لأكسيد النيتروز والكربون الأسود وذلك إلى جانب إطلاقها كميات من غاز ثاني أكسيد الكربون، والتي تقدر بنحو 3% حول العالم، ومع توقع زيادة التجارة الدولية في السنوات القادمة، فإنه من المتوقع أن تزداد كمية الانبعاثات الناجمة عن السفن والقوارب بنسبة 250٪ بحلول عام 2050.

القطارات ومحركات الديزل: تساهم انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من قطارات محركات الديزل بنسبة 2٪ من انبعاثات النقل في الولايات المتحدة، وزادت بنسبة 7٪ منذ عام 1990، على الرغم من التوافر الواسع للسكك الحديدية الكهربائية الأكثر كفاءة، فإن الولايات المتحدة لديها حاجة ملحة لتحديث شبكة السكك الحديدية الخاصة بها والتخلص من محركات الديزل.[2]

كيف نقلل من انبعاثات النقل

إذا كنت تستخدم سيارة بشكل متكرر، فقد تكون الخطوة الأولى لتقليل انبعاثاتك هي ببساطة التفكير الكامل في البدائل المتاحة أمامك.

في كثير من الأحيان قد يكون من الممكن تجنب استخدام السيارة تمامًا. ففي بلدان عدة تتم الرحلات التي يمكن القيام بها سيرًا على الأقدام بالسيارة. في إنجلترا على سبيل المثال  تتم حوالي 60٪ من الرحلات التي يبلغ طولها ميلين بالسيارة.

يعتبر ركوب الدراجات، بديلاً عمليًا  لركوب السيارات، ففي هولندا على سبيل المثال تتم حوالي 26٪ من الرحلات بالدراجة، تليها الدنمارك بنسبة 18٪ و 10٪ في ألمانيا.

 وشهدت البلدان الثلاثة تغييرات كبيرة في السياسة في السبعينيات والثمانينيات مما أدى إلى زيادة كبيرة في ركوب الدراجات. وما زالت جميعها تواصل الاستثمار في البنية التحتية لركوب الدراجات.

في كثير من الأحيان قد يتجاهل الناس ركوب الدراجات كخيار قابل للتطبيق للسفر لمسافات أطول. وبالنسبة لأولئك الذين يستمرون في استخدام السيارة، فإن اختيار الطراز المتاح الأكثر كفاءة في استهلاك الوقود يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا.

 لا تزال انبعاثات النقل تتزايد على مستوى العالم بسبب التزايد المستمر لسيارات الدفع الرباعي على المركبات الأصغر. قبل حوالي عقد من الزمان، شكلت السيارات الرياضية متعددة الاستخدامات حوالي 17٪ من المبيعات السنوية العالمية للسيارات، لكنها الآن تمثل حوالي 39٪ وذلك وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، وكانت هذه السيارات هي ثاني أكبر مساهم لزيادة الانبعاثات العالمية لغاز ثاني أكسيد الكربون بين عامي 2010 و 2018. [3]

تعزيز النقل المستدام منخفض الانبعاثات

تشير أبحاث الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إلي أن العالم بحاجة إلى تقليل انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 45% بحلول عام 2030. وتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، من أجل تجنب الآثار السلبية للتغيرات المناخية، ومع ذلك فإن تحقيق هذه الأهداف طويلة الأجل سيتطلب تخفيض الانبعاثات بشكل كبير في العقود المقبلة، بما في ذلك قطاع النقل حيث من المتوقع أن تزداد الانبعاثات بشكل كبير بحلول عام 2050. [4]

يساهم قطاع النقل بحوالي ربع انبعاثات غازات الدفيئة المرتبطة بالطاقة. والذي يعتمد في الأساس على حرق الوقود الأحفوري، مما يجعله أحد أكبر مصادر تلوث الهواء في المناطق الحضرية والريفية. وتشير الدراسات إلى أن تلوث الهواء يعتبر إحدي الأسباب الرئيسية لحالات الوفاة المبكرة حول العالم، إذا يموت   أكثر من 3.2 مليون شخص كل عام، نتيجة لتلوث الهواء.[5]

ويتفق الخبراء على أن المركبات الكهربائية بصمتها  الكربونية أقل مقارنة بالسيارات والشاحنات التي تستخدم محركات الاحتراق الداخلي التقليدية. ووجد باحثون من جامعات كامبريدج وإكستر ونيميغن في هولندا أنه في 95٪ من دول العالم، تعتبر قيادة السيارة الكهربائية أفضل للبيئة من قيادة السيارة التي تعمل بالبنزين.

وجدت دراسة أخري صادرة عن معهد ماساتشوستس أن إنتاج البطارية والوقود للمركبة الكهربائية يولد انبعاثات أعلى من صناعة السيارات. لكن تلك التكاليف البيئية المرتفعة تقابلها كفاءة الطاقة الفائقة للمركبات الكهربائية بمرور الوقت.

باختصار فإن إجمالي الانبعاثات الناجمة عن السيارات التي تعمل بالبطارية أقل من السيارات التي تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي.[6]

ومن الممكن استخدام المركبات الموفرة للوقود ( تستهلك كميات أقل من الوقود). عندما نحرق وقودًا أقل، تنخفض حدة الانبعاثات، وبالتالي تتباطئ وتيرة الاحتباس الحراري.

كما أن الوقود النظيف ينتج انبعاثات أقل عند حرقه. يمكن لبعض أنواع الوقود مثل تلك المصنوعة من الوقود الحيوي السليلوزي على تقليل الانبعاثات بنسبة 80% مقارنة بالبنزين.[7]

المصادر

(3),(1)bbc
(2)biologicaldiversity
(4)brookings
(5)unep
(6)cnbc
(7)ucsusa
image source:geospatialworld

ما هي التغيرات المناخية؟

هذه المقالة هي الجزء 5 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

من حرائق الغابات الشديدة في كاليفورنيا، إلى فترات الجفاف الطويلة في أفريقيا، مرورًا بالأعاصير المتكررة في جنوب شرق آسيا، تهديدات عانت منها الكثير من دول العالم جراء الآثار السلبية للتغيرات المناخية، التي أصبحت تهدد التقدم الإنمائي، وتزيد من فرص عدم المساواة، وتفاقم أزمة المياه والغذاء، وتزيد من أعداد النزوح والحاجة إلى المساعدات الإنسانية، والمساهمة في الصراع.[1]

ماذا نعني بتغير المناخ؟

يشير مصطلح تغير المناخ إلى التحولات طويلة الأمد في درجات الحرارة وأنماط الطقس. قد تكون هذه التحولات طبيعية، كالتغيرات في الدورة الشمسية. أوتكون غير طبيعية كالأنشطة البشرية التي أحدثها الإنسان منذ بداية القرن التاسع عشر بما في ذلك حرق الوقود الأحفوري كالفحم والنفط والغاز،والتي كانت المحرك الأساسي لتغير المناخ.[2]

هل الإنسان هو المسؤول عن تغير المناخ؟

درس العلماء التغيرات المناخية السابقة لفهم العوامل التي يمكن أن تتسبب في ارتفاع درجة حرارة سطح الكوكب أو تبريده، كالتغيرات في الطاقة الشمسية، ودوران المحيطات، والنشاط البركاني، وكمية غازات الدفيئة في الغلاف الجوي. وقد لعب كل منهم دورًا في تغير المناخ. فمنذ حوالي 300 عام على سبيل المثال أدي انخفاض إنتاج الطاقة الشمسية وزيادة النشاط البركاني إلى تبريد أجزاء من الكوكب. وقبل 56 مليون سنة أدي انفجار ضخم لنشاط بركاني، إلى إطلاق كميات هائلة من غازات الدفيئة وبالتالي ارتفعت درجة حرارة سطح الكوكب. مما أدي إلى اضطراب المناخ. 

في محاولة لتحديد سبب التغيرات المناخية الحالية، نظر العلماء في كل هذه العوامل(الطاقة الشمسية، ودوران المحيطات، والنشاط البركاني). والتي كانت لها تأثيرات متواضعة على المناخ لا سيما قبل عام 1950. وأفضل تفسير للاحترار الحالي هو ارتفاع تركيزات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي بفعل الأنشطة البشرية.

وتظهر فقاعات الهواء القديمة المحجوزة في الجليد أنه قبل عام 1750، كان تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي يبلغ حوالي 280 جزءًا في المليون. وقد بدأت هذه النسبة في الارتفاع حتي وصلت إلى 300 جزء في المليون عام 1900. ثم تسارعت وتيرة كميات غاز ثاني أكسيد الكربون بعد أن أصبحت السيارات والكهرباء جزءًا من الحياة الحديثة، حيث تجاوزت 420 جزءًا في المليون.

غازات الدفيئة وارتفاع درجة حرارة سطح الأرض

تلعب غازات الدفيئة مثل بخار الماء وثاني أكسيد الكربون دورًا مهمًا في نظام المناخ. فبدونها ستكون الأرض شديدة البرودة. وتعمل غازات الدفيئة على امتصاص بعضًا من الأشعة تحت الحمراء، ثم تعيد إطلاقها في جميع الاتجاهات مما يعمل على تسخين الكوكب.

في الماضي تغيرت تركيزات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي بما في ذلك غاز ثاني أكسيد الكربون اعتمادًا على كمية البراكين الغازية التي تجشأت في الهواء. ومع ذلك في وقتنا الحالي تزداد كميات غاز ثاني أكسيد الكربون بوتيرة غير مسبوقة نتيجة لحرق الوقود الأحفوري.

لماذا نشعر بالقلق من ارتفاع درجة حرارة سطح الكوكب بمقدار درجتين؟

أحد المصادر الشائعة للارتباك عندما يتعلق الأمر بتغير المناخ هو الفرق بين الطقس والمناخ. فالطقس هو الحالة اليومية للأرصاد الجوية المتغيرة التي نواجهها باستمرار. بينما المناخ هو المتوسط طويل الأجل لتلك الظروف، وعادة ما يتم حسابه على مدى 30 عامًا. أو كما يقول البعض: الطقس هو مزاجك والمناخ هو شخصيتك.

لذا فإن ارتفاع درجة حرارة سطح الكوكب بمقدار درجتين فهرنهايت لا يمثلان تغيرًا كبيرًا في الطقس. إلا أنه سيسبب تفاقم حدة المناخ، والذي يكفي لإذابة الجليد ورفع مستوي سطح البحر، وتغيير أنماط هطول الأمطار وتدمير الأشجار.

كيف يمكن أن تصبح فصول الشتاء أكثر برودة إذا كان الكوكب أكثر سخونة؟

ليس من المستغرب أننا ما زلنا نعاني من عواصف شتوية شديدة حتى مع ارتفاع متوسط درجات الحرارة. ومع ذلك تشير بعض الدراسات إلى أن تغير المناخ قد يكون السبب. أحد الاحتمالات هو أن الاحترار السريع في القطب الشمالي قد أثر على دوران الغلاف الجوي، بما في ذلك الهواء سريع التدفق والارتفاعات  العالية، وتشير بعض الدراسات إلى أن هذه التغييرات تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة الباردة إلى خطوط العرض المنخفضة وتتسبب في توقف أنظمة الطقس، مما يسمح بإحداث المزيد من العواصف و تساقط الثلوج .[3]

آثار تغير المناخ العالمي

وفقًا لتقرير المخاطر العالمية لعام 2021 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، فإن الفشل في التخفيف من حدة التغيرات المناخية والتكيف معها هو الخطر “الأكثر تأثيرًا” الذي يواجه المجتمعات في جميع أنحاء العالم، وتوجد العديد من التأثيرات التي يحدثها التغير المناخي والتي منها[4]:

الطقس القاسي

 تشير الدراسات إلى أن فترات الاحترار بسبب التغيرات المناخية ازدادت بمعدل خمس مرات أكثر مما كانت عليه من قبل. وتؤدي درجات الحرارة الشديدة إلى زيادة في حالات الوفيات وخاصة بين كبار السن، ففي صيف 2003 على سبيل المثال تسببت موجة الحر في وفاة ما يقدر بنحو 70ألف حالة في جميع أنحاء أوروبا، كما أدى تغير المناخ إلى تفاقم حالات الجفاف، عن طريق زيادة التبخر، وإلى زيادة هطول الأمطار الغزيرة والفيضانات.[5]

المخاطر الصحية

وفقًا لإحدي التقاريرالصادرة عن منظمة الصحة العالمية، فإنه من المتوقع أن يتسبب تغير المناخ في حدوث ما يقرب من 250 ألف حالة وفاة سنويًا، وذلك بين عامي 2030 و 2050. ومع ارتفاع درجات الحرارة العالمية، ترتفع معدلات الإصابة بالأمراض الناجمة عن الإجهاد الحراري كأمراض القلب والأوعية الدموية والكلى،  ومع تفاقم تلوث الهواء، تزداد صحة الجهاز التنفسي سوءًا، ويمكن أن تؤدي الأحداث المناخية المتطرفة، كالعواصف والفيضانات، إلى تلوث مياه الشرب، وإلى تعرض البنية التحتية الأساسية للخطر.

ارتفاع منسوب سطح البحر

ترتفع درجة حرارة القطب الشمالي بمعدل أسرع مرتين من أي مكان آخر على هذا الكوكب. ومع ذوبان الصفائح الجليدية، فإن محيطاتنا في طريقها للارتفاع في أي مكان على سطح الكوكب، بمقدار 0.95 إلى 3.61 قدم بحلول نهاية هذا القرن، مما يهدد النظم البيئية الساحلية والمناطق المنخفضة.

محيطات أكثر دفئًا وحموضة

تمتص محيطات الأرض ما بين ربع وثلث انبعاثات الوقود الأحفوري، وهي الآن أكثر حمضية بنسبة 30% مما كانت عليه في أوقات ما قبل الصناعة. ويشكل هذا تهديدًا خطيرًا للحياة تحت الماء. كما أن ارتفاع درجة حرارة المحيطات تساهم في أحداث تبيض المرجان القادرة على قتل الشعاب المرجانية بأكملها.[6]

إجراءات لمواجهة أزمة تغير المناخ

إحدى الحجج الأكثر شيوعًا ضد اتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة تغير المناخ هي أن القيام بذلك سيقتل الوظائف ويشل الاقتصاد. لكن في الحقيقة عدم اتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة أزمة المناخ يسبب معاناة بشرية هائلة وضررًا بيئيًا. في حين أن الانتقال إلى اقتصاد أكثر اخضرارًا سيفيد الكثير من الناس والنظم البيئية في جميع أنحاء العالم.

للحفاظ على  درجة حرارة سطح الكوكب أقل من درجتين مئويتين، وهو هدف اتفاقية باريس للمناخ، فإنه يتعين علينا الوصول إلى صفر انبعاثات بحلول منتصف هذا القرن.[7]

ووجدت إحدى الدراسات أن ارتفاع درجة الحرارة بمقدار درجتين مئويتين سيتطلب استثمارًا إجماليًا يتراوح بين 4 تريليون دولار و 60 تريليون دولار[8]، نتيجة لذلك يصعب تحديد الأضرار المناخية. وتقدر وكالة موديز أناليتيكس أن ارتفاع درجات الحرارة بمقدار درجتين مئويتين سيكلف العالم 69 تريليون دولار بحلول عام 2100. [9]

وتشير الدراسات إلى أن تغير المناخ قد أدى إلى انخفاض الدخل في البلدان الفقيرة بنسبة تصل إلى 30%. وخفض الإنتاجية الزراعية العالمية بنسبة 21% منذ عام 1961.[10]

التكيف مع العواقب المناخية يحمي الناس والمنازل وسبل العيش والبنية التحتية والنظم البيئية الطبيعية، وبالتالي سيؤدي تحويل أنظمة الطاقة من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية والرياح إلى تقليل الانبعاثات التي تؤدي إلى تغير المناخ، كما أنه من الضروري خفض إنتاج الوقود الأحفوري بنسبة 6% بحلول عام 2030.[11]

المصادر

(1)usaid

(2),(11)un

(3),(5),(7)nytimes

(4),(6)nrdc

(8)nature

(9)moodysanalytics

(10)nature

Image source: voicesofyouth

Exit mobile version