أزمة الاستدامة: كيف يحاول المعماريون حل أزمة المناخ؟

أزمة الاستدامة: كيف يحاول المعماريون حل أزمة المناخ؟

بالنسبة للكثيرين، فإن العمارة والمدنية هما واجهة الحضارة البشرية المعاصرة؛ فحين نفكّر في المدن العريقة أو الصاخبة كنيويورك أو لندن أو طوكيو، فإن مبانيها وامتداداتها العمرانية هي أول ما يخطر على البال في الأغلب. لكن بغض النظر عن كل إشكاليات حياة المدينة الحديثة، الاجتماعية والعملية، فإن هناك أزمة تواجه التصميم المعماري والهندسي حول العالم، وهي مشكلة الاستدامة «sustainability». ومع توقع الأمم المتحدة بارتفاع نسبة سكان المدن حول العالم إلى 68% من إجمالي سكان العالم[1]، يتضح بشكلٍ أكبر أثر الإنشاءات والتمدن على الكوكب ككل.

أزمة العمارة وأزمة المناخ

حسب تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة فإن قطاع الإنشاءات يتسبب في 38% من انبعاثات الكربون عالميًا[2]،  تتوزع على عدة عمليات كعملية التشييد، وإشغال المبنى، والصناعات المتعلقة بالإنشاءات، وغيرها. وفي ظل أزمة المناخ الحالية يستهدف العالم الوصول إلى تحييد انبعاثات الكربون بشكلٍ كامل بحلول عام 2050، ووقف ارتفاع درجة حرارة الكوكب إلى 1.5 درجة مئوية بحلول 2030. [3] ولكن في ظل أوضاع مضطربة منذ سنوات فإن هذا الهدف يبدو بعيد المنال، ويستوجب العمل على مجالات متعددة لضبط هذا الخطر. وبالطبع فإن قطاع الإنشاءات يواجه تحديات مشابهة، حيث يمثل ركيزة أساسية في الاقتصاد العالمي، وهو المسؤول عن تشييد المطارات والموانئ والأنفاق التي ترتكز عليها حركة النقل والتجارة والتي تساهم هي الأخرى في انبعاثات الكربون عالميًا.

ما هي الاستدامة؟

حدّد المعهد الملكي للمعماريين البريطانيين «RIBA» ركائز الاستدامة الثلاث: البيئية والاقتصادية والاجتماعية، بحيث تضمن التوازن بين العوامل الثلاث[4]. يمكننا تعريف الاستدامة حسب أهداف المؤسسة كما يلي: “تناسب دورة حياة المبنى مع قيمته، رفع جودة وقيمة الحياة الاجتماعية، ضمان الصحة والسلامة، الاستغلال الحسن للأرض والبيئة، رفع جودة التواصل والنقل، رفع جودة دورة الماء، وتحييد أثر الكربون المتضمن في المباني أو المنبعث من عمليات الانشاء.”.

تحاول الهيئات والكليات المعمارية والهندسية حول العالم اليوم تدارك أزمة المناخ عن طريق إدماج شروط الاستدامة في مناهجها وأهدافها وقوانينها. بالإضافة إلى حث الممارسين والمكاتب المعمارية والهندسية على اتّباع نموذج “أخضر” في التصميم.

ما الذي يمكن للمعماريين فعله؟

على مستوى التصميم الفردي للمباني، يمكن لمصممي المبنى أو المشروع أن يقيّموا حالة المبنى ويتخذوا قرارًا بتعديله عوضًا عن هدمه بالكامل وبناء مبنى جديد بالكلية. من أشهر المعماريين المشهورين بهذا النوع من المشاريع هما المعماريان الفرنسيان آن لاكاتون وفيليب فاسال. أحد أشهر مشاريع الثنائي هو تجديدهما لبرج «بوا لو بريتر – Bois Le Prêtre»السكنيّ في فرنسا. البرج مكوّن من 17 طابقًا وتم بناؤه في الخمسينات بواجهات اسمنتية سميكة. فكّر المعماريون بإعادة تشكيل المبنى عن طريق إزالة الواجهات وتركيب شرفات ذات شبابيك زلّاجة عليها. بمجرد “استغلال المتاح” في البرج، حسب تعبير المعماريّين[5]، فقد وفّرا تكاليف هدم المبنى وانشاء آخر، ووفروا كميات ضخمة من مواد البناء المستعملة التي كانت لتهدر. فوق ذلك وسّعوا شقق البرج وسمحوا لها بإضاءة أكبر وأفضل.[6]

دراسة حالة وموقع المشروع مهم أيضًا لتحديد اتجاه الواجهات والرياح ونوعية المواد المناسبة للمناخ المحلّي، وتحديد مدى حاجة المبنى للعزل. المباني الزجاجية قد تكون غير فعالة في مناخات حارة وصحراوية كالخليج العربي، حيث تمتص كميات مهولة من حرارة الشمس مما يتطلب تبريدها باستمرار وتحتاج نوافذها للصيانة أكثر بفعل العواصف الترابية وارتفاع درجات الحرارة. اختيار مادة الاسمنت مثلًا للبناء يتطلب كمية طاقة كبيرة، في حين أن استعمال مواد محلية (كالخشب أو الطين) يمكن أن يؤدي نفس الغرض بأداء مكافئ. المعماري المصريّ -وأحد روّاد الاستدامة في العالم العربي- الدكتور حسن فتحي أطلق شعار “انظر تحت قدميك وابنِ”، لتشجيع استعمال المواد وأساليب التخطيط والمعمار المحلية.[7]

استغلال ضوء الشمس في إضاءة وتدفئة المباني، واستغلال الرياح لتهويتها وتبريدها، قد يغني عن استعمال التكييفات والتدفئة لفترات مطولة على مدار اليوم ويقلل استهلاك الطاقة بنسبة قد تصل إلى 30%.[8]

بالطبع، يتطلب إدماج أفكار كهذه وضع بعض التقييدات على تصميمات المساحات واختيار المواد وغيرها، ولذلك فمن الضروري أن تشمل مرحلة التصميم فكرة الاستدامة والأثر بعيد المدى للمبنى. بعض المعماريين وصل بهم الأمر إلى تصميم مبانٍ “قابلة للتحلّل” ولا تترك أثرًا بيئيًا بعد انتهاء عمرها الافتراضي.[9]

مبادرات دولية: يُعلن المعماريون

للأسف تظل هذه الحلول الفردية غير فعالة على المستوى الدولي، فهناك الكثير من المشاريع التي لا تضع أزمة المناخ وشرط الاستدامة قيد الحسبان أو حتى ضمن أولوياتها. لذلك فقد ظهرت العديد من المبادرات لمحاولة تنظيم مهنة العمارة عالميًا. إحدى هذه المبادرات هي مبادرة »يُعلن المعماريون – Architects Declare»، التي انطلقت عام 2019 بمشاركة 17 مكتبًا معماريًا حائزًا على جائزة ستيرلنغ المعمارية.

يذكر مؤسس المبادرة، مايكل بولين، أن ما دفعه  لإنشائها هو تأثره بأسلوب التفكير النظمي «System Thinking»، حيث صار يسعى لتغيير المنظومة بمحاولة تعديل النموذج «Paradigm» الذي يقود سلوكها وقيمها، وتعديل أهداف المنظومة من الأصل، عوضًا عن مجرد خلق أمثلة ناجحة لمشاريع مستدامة ومحاولة ترويجها.[10]

تعدى عدد أعضاء المبادرة الألف موزعين على 27 دولة، وتوسعت لتشمل تخصصات هندسية أخرى أيضًا. لكنها في يونيو 2020 تعرضت لأزمة حادة بعد توجيه النقد لاثنين من أعضائها المؤسسين، مكتبا نورمان فوستر وزها حديد، لمشاركتهما في مشاريع مطارات مخالفة لبيان المبادرة ومكلفة بيئيًا حسب المبادرة. انتهت الازمة في ديسمبر الماضي بانسحاب المكتبَين، في حين اتهم «باتريك شوماخر» -رئيس مكتب زها حديد-المبادرة بأنها “شديدة الراديكالية”.[11]

اختلاف في الأولويات أم في وجهات النظر؟

علق «نورمان فوستر» على اتهامات المبادرة له بمخالفة مثياقها المهني بأنه مع شركائه كانوا روّاد التصميم البيئي للمطارات منذ عقود، ومشاريع كمدينة مصدر بالإمارات ومطاري ستانستيد والملكة علياء تشهد له بذلك. حسبَ «فوستر» فإن الحل ليس في إيقاف حركة الطيران بل في إنشاء مطارات صديقة للبيئة.[12]  في المقابل توجه النقد لـمكتبي فوستر وزها حديد بأن أولياتَهم ليست معالجة الأزمة المناخية، خاصةً إذا تعارضت مع نموذج عملهم التجاري.[13]

الجدل أيضًا حول مساهمة قطاع الطيران في الأزمة. الكاتبة «كريستين مورراي» تساءلت عن جدوى إثارة الضجة حول المطارات التي تشكّل 3% من انبعاثات الكربون رغم أن تلك المشاريع ستنفذ على أي حال، قائلة “أنتم لم توقفوا المطار وإنما قسمتم المهنة إلى أخيار وأشرار.”[14]

كما يبدو واضحًا الآن، فأصل هذه الأزمة سياسي الطبع بالدرجة الأولى. الحكومات التي تقيم مشاريع مكلفة بيئيًا لن يعنيها استبدال مصممٍ بآخر، وفي هذه الحالة قد يكون الأنسب تصميم هذه المشاريع بحيث تحجّم آثارها البيئية أو تحتويها إلى حدٍ ما. الكثيرون يرون أن علاج المشكلة يجب أن يكون على مستوى حراك سياسي اجتماعي دولي لتدارك الكارثة المناخية التي تتهدد كوكبنا.

وأنت عزيزي القارئ، هل ترى الحل الراديكالي ممكنًا؟ أم أن الحل الأنسب هو تقليل الأضرار الناجمة عما هو كائن بالفعل؟ ضع في الحسبان أنه ربما يتوجب على بعض المجتمعات التضحية بامتيازات أو فرص تمدنية وتوسعية من أجل مستقبل هذا الكوكب. هل تعتقد أن لدينا الاستعداد لذلك؟

المصادر

[3] Emissions Gap Report 2019

[4] RIBA Sustainable Outcomes Guide

[5] للإطلاع على فلسفة لاكاتون وفاسال في التصميم، يمكن مطالعة إصدارهما: Reduce, Reuse, Recycle

[6] LaFarge Holcim Foundation: Anne Lacaton

[7] للإطلاع على أفكار حسن فتحي وأمثلة واقعية للبناء بمواد محلية، يمكن مطالعة كتابه “عمارة الفقراء”.

[8] Whole Building Design Guide

[9] Dezeen

[10] The Architectural League

[11] Dezeen

[12] Dezeen

[13] World Architecture

[14] Dezeen

هل وصلنا إلى نهاية عصر المضادات الحيوية؟

هل وصلنا إلى نهاية عصر المضادات الحيوية؟

لو أنك مولود بعد عام ١٩٢٨م فأنت محظوظ لتعيش حياة آمنة إلى حد ما، فمنذ هذا التوقيت تحديداً أوجد العالم «Alexander fleming – ألكسندر فليمنج» الأمل باكتشاف البنسلين.

تعد استخدامات البنسلين الحالية محدودة، بالإضافة إلى الحساسية التي تصيب عدد من الناس من جراء استعماله. والحقن التي يأخذها الأطفال غالبًا كل ٢٠ يوم في حياتهم، ومن الممكن أن يستمروا بأخذها لما بعد الخامسة والعشرين عاما – أقل أو أكثر –  وما يحمله كل هذا من معاناة. لكن الحقيقة أن اكتشاف البنسلين هو حقبة جديدة من الحياة، إنه بداية عصر طبي جديد وعليه بُني التاريخ، ومنه قد نخرج من عصر إلى عصر آخر. 

قصة اكتشاف البنسلين

عاد العالم فليمينج من إجازته إلى المعمل الخاص به، وقد كان تاركاً طبقاً لمزرعة بكتيرية، فوجد جزءاً من الطبق لا تنمو به البكتريا أو حوله، فاستنتج من ذلك أن العفن قام بإفراز مادة قتلت البكتريا، فقام بعد ذلك بتحليل واكتشاف البنسلين.

أكمل « Howard Florey- هاوارد فلوري » و« Ernst chain  –  إيرنست تشين » من جامعة أوكسفورد أبحاثهم على البنسلين، وبدأوا استخدامه كدواء على الفئران.[1]

ليتم أخيراً علاج أول مريض بنجاح عام ١٩٤٢م بعد أن عُرف البنسلين كمادة قاتلة لأشرس أنواع البكتيريا، ولكن كان هناك إخفاقات إما أثناء التجهيز وإما الكمية الغير كافية. 

تغلب العلماء على المشكلة بتصنيع كمية أكبر، ووضع أفضل طريقة للاستخدام. واستطاعت شركات الأدوية تصنيع ما يقرب من ٦٥٠ مليار وحدة كل شهر بمرور الحرب العالمية الثانية. وأصبح العالم يمتلك ٤٠٠ مليون وحدة من البنسلين في عام ١٩٤٣م. [3] 

كان الوصول لتلك المرحلة هو بمثابة تقدم عظيم للبشرية حيث كان يمكن لأي عدوى أو جرح أن تودي بحياة المصاب، ولكن بعدها أصبح للأطباء القدرة على علاج عديد من الأمراض بشكل أسهل. 

لم يدم ذلك التقدم طويلاً حيث طورت البكتريا نفسها لمقاومة ذلك السلاح الذي استطاع التخلص منها قبل ذلك. حيث ذكر فليمينج في حفل تكريمه عن اكتشاف البنسلين تخوفه من تطور البكتيريا لمقاومة البنسلين وعدم قدرته على العلاج.

كيف تستطيع البكتيريا مقاومة المضادات الحيوية؟

  1. تفرز البكتريا « penicillinase – بنيسيليناز »  وهو إنزيم يستطيع تكسير البنسلين ويجعله غير قادر على العمل. 
  2. تستطيع البكتيريا إحداث تغيير في تركيبها، وخصوصًا المكان الذي يرتبط فيه البنسلين وبالتالي لن يستطيع البنسلين القضاء عليها. 
  3. تستطيع أيضا البكتيريا إخراج البنسلين من داخلها عن طريق « efflux pump – مضخة التدفق ». [2] 

نتيجة لذلك حدثت أول حالة مقاومة من البنسلين عام ١٩٤٥م. أي بعد استخدامه بعامين تقريبًا، ليدخل العالم في عصر جديد من التطور لاكتشاف مضادات حيوية جديدة. ولكن كلما تم اكتشاف مضاد حيوي جديد تطورت البكتريا لمقاومته. 

صراع غير متكافئ

يعتبر ذلك صراع غير متكافئ لسببين:

  1. يظهر جيل جديد من البكتيريا كل ٢٠ دقيقة تقريبًا. 
  2. تستغرق الكيمياء الصيدلية ١٠ أعوام لاستخلاص دواء جديد. 

هل ساهم البشر في هذا التطور ؟

نعم، ساهمنا بشكل كبير، ولكن كيف؟

  • نستخدم المضادات الحيوية تقريباً في أي نوع من أنواع العدوى حتى إذا كانت العدوى فيروسية أو فطرية وليست بكتيرية.
  • يُستخدم المضاد الحيوي كحبة واحدة عند الإحساس بالألم أو التعب ومن الممكن أن تكون حبتين أو ثلاثة حبات فقط. لكن يجب أن يُستخدم المضاد الحيوي كاملاً حتى لا يتسنى لباقي البكتيريا الموجودة التعرف على المضاد الحيوي وتكوين مقاومة تجاهه. ويصبح لدى أي جيل قادم من البكتريا القدرة لمقاومة هذا المضاد الحيوي. توصلت دراسة على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية إلى أن ٤٥٪ من الحالات الطبية يمكن شفاؤها دون استخدام المضاد الحيوي. 
  • تطلب أغلب الأسر من الطبيب أن يصف مضاد حيوي للطفل حتى إذا لم يكن بحاجة إليه. 
  • تذهب ٨٠٪ من مبيعات المضادات الحيوية  للحيوانات دون استخدام طبي، بل لتصبح أقوى وأكبر حجمًا لتحقيق مبيعات أكثر.

يوجد عدد من الحلول التي يجب على الجميع الالتزام بها للخروج من هذه الأزمة التي قد تفتك بأعداد كبيرة من البشر في وقت قريب:

  1. سن القوانين والتوعية حول استخدام المضادات الحيوية، حيث يوصف المضاد الحيوي عند الحاجة فقط ويجب التأكيد على إكمال فترة العلاج، حيث أننا نتوقع الوصول لمرحلة عدم أخذ المضاد الحيوي إلا بعد عمل مزرعة بكتيرية لمعرفة العلاج المناسب فقط، وبالتالي عدم صرفه من الصيدليات المجتمعية دون وصفة طبيب مختص، وبشرط أن يتطابق مع التشخيص المذكور في الوصفة الطبية. العديد من الدول قامت بسن هذه القوانين ولايزال البعض منها يصرف المضادات الحيوية مثل أي ادوية من دون وصفة طبية. لكن هل هذا يحل المشكلة؟ بالطبع لا. من الممكن أن يؤخر الوصول إلى مرحلة المقاومة الكاملة للمضادات الحيوية، وهذا حل مضمون تنفيذه عن طريق القوانين والقواعد المشددة. 
  2. عدم إعطاء المضادات الحيوية للحيوانات إلا في الحالات المرضية، بالإضافة إلى أن يصر المستهلك على أنه لن يشتري مثل هذه المنتجات إلا إذا كانت خالية من المضادات الحيوية، وبذلك يتم التقليل من استخدامها في الحيوانات.
  1. تطوير الإنسان للمضادات الحيوية الجديدة التي تقضي على البكتيريا ولا تستطيع البكتريا مقاومتها.               لكن الأمر ليس بتلك السهولة حيث أنه في الثلاثة عقود الأخيرة لم تظهر عائلة مضاد حيوي جديدة تمامًا. 

التقنيات التي تساهم بقتل البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية

  • استخدام الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الكمبيوتر المتطورة في إنتاج مضادات حيوية جديدة، لعل أهمها «Halicin -هاليسين». وهو مركب يقتل أنواع كثيرة من البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، ويعتقد العلماء أن هناك أمل في إنتاج مضادات حيوية جديدة.[4][5] 
  • العلاج الفيروسي عن طريق«bacteriophage  – باكتيريوفاج » وهو عبارة عن فيروس يلتصق بالبكتريا ويخترقها ويتكاثر داخلها مرات عديدة ويستطيع تحليلها وتكسيرها، وبعدما تموت كل البكتريا لن يستطيع الباكتيريوفاج التكاثر مرة أخرى، فهو يتكاثر داخلها فقط. لذلك هو مستقبل مشرق ومفيد في مقاومة البكتيريا. 
  • استطاع عدد من العلماء مؤخراً تتبع التركيب الجيني للعفن الذي أدى بألكسيندر فليمينج لاكتشاف البنسلين، وأكدوا أنه في الوقت القريب سيكون هناك معلومات أكثر عن مقاومة البكتريا، وقد يكون هناك تغيرات جديدة في ذلك، ونستطيع مقاومة هذه البكتيريا التي تقاوم كل أسلحتنا ضدها.[6] 

يتحرك العالم سريعاً من مرحلة إلى مرحلة بداية من ما قيل عن استخدام الفراعنة المصريين العفن في علاج بعض الجروح بكل هذه العصور حتى الوصول إلى فليمينج، والوصول إلى هذه المرحلة على حافة نهاية المضادات الحيوية. 

التوقعات تقول أننا بحلول عام ٢٠٥٠م سنفقد سنويَا ١٠ ملايين شخص. إن هذا العدد هو أكبر مما نفقده سنوياً حالياً بسبب السرطان. فالأمل في إيجاد طريقة للعلاج هو الحل لإيقاف كوارث بشرية مستقبلية.

المصادر:

[1] Healio

[2] medicalnewstoday

[3] ACS chemistry for life

[4] nature

[5] The Guardian

[6] drugs.com

كيف تؤثر الموسيقى على أدمغتنا؟

كيف تؤثر الموسيقى على أدمغتنا؟

عرف الإنسان القيمة العلاجية للموسيقى منذ العصور القديمة، فاستخدم اليونانيون المزامير لمساعدة مرضاهم في عسر الهضم وعلاج الاضطرابات العقلية والحث على النوم، وكذلك استعان قدماء المصريين بالموسيقى لعلاج المرضى. بدأت الدراسة المنهجية لتطبيقات الموسيقى في الطب في نهاية القرن التاسع عشر، وكان الطبيب ديوجل مِن أوائل مَن رصدوا قدرة الموسيقى على خفض ضغط الدم ومعدل ضربات القلب. كان ديوجل يأتي بالموسيقيين في مختبره بجانب المرضى لإجراء التجارب وتسجيل النتائج التي توصل إليها. نُشرت هذه النتائج لأول مرة في عام 1880، وتمّ تِكرار هذا العمل فيما بعد بواسطة العالم الروسي تارخانوف.[1]

استمرت دراسة تأثيرات الموسيقى العلاجية، وقُدِّمت أول دورة تدريبية للعلاج بالموسيقى في العالم في جامعة كولومبيا عام 1919 عندما لُوحِظ تأثير الموسيقى الإيجابي على الجنود المصابين بجروح وصدمات نفسية خلال الحرب العالمية الأولى. استُخدِمت الموسيقى كذلك خلال الحرب العالمية الثانية لرفع معنويات الجنود، ولإعادة تأهيلهم نفسيًا وجسديًا.[2]

تكمن قوة الموسيقى العلاجية في قدرتها على تحفيز مناطق مختلفة في الدماغ على سبيل المثال يمكنها تحفيز الفص الجبهي للدماغ؛ وهو الجزء المسؤول على التخطيط واتخاذ القرارات وبالتالي يمكنها التحسين من هذه الوظائف. يمكن للموسيقى أيضًا تحفيز «اللوزة الدماغية-amygdala»، وهي جزء من الدماغ يقع في الفص الصدغي وتُشارك في الاستجابات السلوكية المرتبطة بالخوف والقلق، وبالتالي يمكن للموسيقى أن تتحكم في خوفك وتحمّسُك للقتال.[4]

أظهرت الأبحاث الحديثة أن الاستماع إلى الموسيقى يُمكن أن يقلل من القلق والألم وضغط الدم، وكذلك أن يُحسن من جودة النوم والمزاج والذاكرة والمهارات الحركية، وبالتالي يمكن استغلالها في المساعدة لعلاج عدة أمراض مثل الزهايمر وشلل الرعاش.[2]

هل يمكن للموسيقى أن تسكّن الألم؟

وجدت دراسة أُجريت في عام 2014 أن الموسيقى مُفيدة لمرضى الألم العضلي الليفي، وأظهرت الدراسة أن الاستماع إلى الموسيقى الهادئة التي يختارها المريض يُسكّن الألم ويزيد من الحركة الوظيفية بشكل كبير. يعتقد الباحثون أن الموسيقى تخفف الألم عن طريق تحفيز الجسم لإفراز المواد الأفيونية_مسكنات طبيعية ينتجها الجسم.[2]

وفي دراسة تحليلية شمولية في عام 2016 حلّلت بيانات 97 دراسة وجدت أنه يمكن للموسيقى تسكين الألم، وبالتالي قد تكون الموسيقى علاجًا فعالًا لتخفيف الآلام الحادة والمزمنة.[3]

الموسيقى تقلل التوتر

يكون تقليل التوتر اعتمادًا على نوع الموسيقى التي تستمع إليها، فيمكن للموسيقى الهادئة أن تخفف التوتر عن طريق خفض مستويات الكورتيزول، وهو الهرمون الذي يتم إطلاقه في الجسم استجابةً للتوتر.

أُجريت دراسة في عام 2013 على 42 طفل تتراوح أعمارهم بين 3-11 عام، فوجد باحثو جامعة ألبرتا أن الأطفال الّذين استمعوا إلى الموسيقى الهادئة أثناء إدخال الحقن الوريدي كانت مستويات التوتر لديهم منخفضة مقارنة بالّذين لم يستمعوا إلى الموسيقى.[2]

تأثير الموسيقى على الذاكرة

يمر أغلبنا بتلك الحالة التي تعيدنا فيها أغنية أو مقطوعة ما إلى ذكرى تجمعنا بمكان أو صديق قديم. يقول طبيب الأعصاب أوليفر ساكس: “الموسيقى تثير مشاعرنا ويمكن أن تجلب تلك المشاعر معها الذكريات”.

منذ بداية القرن العشرين اهتمت عدة دراسات بالعلاقة التي تربط الموسيقى بالذاكرة، وأثبتت العديد منها أنه يمكن للموسيقى تعزيز نشاط الدماغ لدى مرضى الزهايمر _مرض عصبي تضمُر فيه خلايا الدماغ ويعاني فيه المريض من الخرف.

أُجريت دراسة في عام 2014 على 89 مريض يُعاني من الخرف تم تقسيمهم إلى 3 مجموعات: مجموعة تمِّ علاجها عن طريق الاستماع للموسيقى، ومجموعة عن طريق الغناء، ومجموعة تُقدِّم لها الرعاية الصحية المُعتادة. بعد 10 أسابيع أظهرت النتائج أنه مقارنة بالرعاية المعتادة فإن كلِّ من الغناء والاستماع للموسيقى استطاعوا تحسين الحالة المزاجية والذاكرة وبدرجة أقل الانتباه والإدراك العام. كما عزَّز الغناء الذاكرة قصيرة المدى، بينما أثَّرت الموسيقى إيجابيًا على جودة حياة المرضى.[2]

علاج الحبسة الكلامية بالموسيقى

يمكن أن تساعد الموسيقى في علاج «الحبسة الكلامية-Aphasia»، وهي حالة تَنتُج عن ضرر يحدث في مناطق اللغة في الدماغ فتؤدي إلى فقدان القدرة على صياغة جمل مفهومة أو فهم اللغة.

تُفقِد الحبسة الكلامية العديد من المرضى القدرة على التعبير وصياغة الجمل الواضحة والمفهومة، ولكن لُوحظ أن بعضهم لايزال له القدرة على الغناء بشكل واضح يحدث ذلك بسبب الطريقة المختلفة التي يُعالج بها الدماغ اللغة والموسيقى.

تتم معالجة اللغة غالبًا عن طريق الجزء الأيسر من الدماغ بينما تتم معالجة الموسيقى والذكريات الموسيقية عن طريق جزئي الدماغ الأيسر والأيمن معًا، وبالتالي عندما يكون سبب الحبسة الكلامية ضرر في الجزء الأيسر من الدماغ يُمكن استخدام الجزء الأيمن عن طريق الغناء لتحسين اللغة التعبيرية هذه العملية تُعرف ب «علاج التنغيم اللحني-Melodic Intonation Therapy». يُكرر المرضى أقوال قصيرة بلحنٍ وإيقاعٍ معين، ويشمل العلاج عدة تقنيات علاجية مثل النقر باليد اليسرى وتقليل معدل الكلام.[5]

فيديو يوضح تدريب مريض مصاب بالحبسة الكلامية على التحدث بواسطة العلاج التنغيمي اللحني: YouTube

الخاتمة

تقول إيلينا مانز في كتاب قوة الموسيقى “لقد وجد العلماء أن الموسيقى تحفز أجزاء من الدماغ أكثر من أي وظيفة بشرية أخرى”.

على الرغم من التقدم الذي حققه الإنسان في معرفة تأثير الموسيقى على الدماغ البشري والاستفادة من هذا التأثير إلّا أنّه لازال الطريق أمامنا طويل لمعرفة كيف تؤثر الموسيقى على أدمغتنا بالتفصيل؟، ولازلنا أيضًا نحتاج لأجوبة كافية حول لماذا الموسيقى بالذات هي من تُحفّز أدمغتنا أكثر من أي وظيفة أخرى؟

مصادر كيف تؤثر الموسيقى على أدمغتنا؟:

[1]. NCBI

[2]. thetabernaclechoir

[3]. academic.oup.com

[4]. ucf.edu

[5]. saebo.com

[6]. musictherapy.org

إقرأ أيضًا: تاريخ الموسيقى

الأدب العالمي

لا يمكننا أن ننكر أن الأدب العالمي كان وسيلتنا لمعايشة وفهم ثقافات مختلفة كانت في منأى عنا جغرافيًا وثقافيًا، أغلبنا قرأ بالفعل أعمال أدبية من الشرق والغرب، وتلك الأعمال الإنسانية ساهمت ولو بشكل قليل في سد الفجوة المعرفية بيننا كبشر مختلفي الثقافات والانتماءات. 

في هذا المقال سنتحدث أكثر عن تاريخ مصطلح الأدب العالمي وعن نشأته وعمن صاغه وقدمه إلى العالم.

صياغة مصطلح الأدب العالمي

طالما كان الأدب هو نافذتنا نحو المعرفة والفهم العميق للنفس البشرية، ومن الفهم ينبع التقبل، تقبل الاختلافات والتي نشأت مع تنوع البيئات على أرضنا. الأدب العالمي موجود منذ وجود هذا التنوع الثقافي والحضاري بيننا، ولكنه صيغ كمصطلح في عام ١٨٢٧ على يد الأديب الألماني يوهان فون غوته.

يوهان فون غوته

يعد يوهان فون غوته من أشهر الأدباء الألمان وأكثرهم إثراء للأدب الألماني والعالمي على حد سواء، والذي كتب أعمال أدبية مميزة تنوعت ما بين الروايات والمسرحيات والأشعار.

كما أنه كان رجلًا واسع المعرفة والقراءة، فكان شغوفًا بتعلم اللغات مما مكنه من قراءة الأعمال الأدبية بلغتها الأم، ومن أشهر أعماله هي مسرحية فاوست والتي تجسدت في عدة أعمال سينمائية حول العالم، وتم اقتباسها كذلك في أعمال أدبية.

لقطات من حياة غوته

ولد غوته في ٢٨ أغسطس عام ١٧٤٩ في مدينة فرانكفورت، وفي طفولته احتلت فرنسا مدينته وخسرت عائلته منزلها مما ترك في نفسه بالغ الأثر، فيما بعد التحق غوته بكلية الحقوق وأكمل دراسته فيها.

بعدها حصل غوته على شهادته في الحقوق عام ١٧٧١، والتحق بالسلك القضائي مما ساعده على توطيد علاقته مع رجال الدولة والسلطة. في مختلف مراحل حياته كان غوته مستمرًا في الإنتاج الأدبي.

غوته و قلعة فايمار

من المحطات المهمة في حياة غوته هي حياته في قلعة فايمار، ففي عام ١٧٧٤ تعرف غوته على دوق مقاطعة فايمار والذي طلب منه أن يكون من ضمن حاشيته وبالفعل وافق غوته على ذلك، وسافر للعيش في قلعة فايمار.

بعد فترة عينه الدوق مسئولًا ماليًا، فأحدث غوته العديد من التغيرات على مقاطعة فايمار، واهتم أكثر بالمسرح والأدب.

يوهان بيتر أكرمان ومحادثاته مع غوته

كان الشاعر الألماني يوهان بيتر أكرمان سببًا في معرفتنا لمصطلح الأدب العالمي، وذلك لأنه سجله في محادثاته مع غوته، فيما بعد نشر تلك المحادثات في كتاب، وهذا الكتاب من أشهر كتابات أكرمان.

رحلة أكرمان إلى غوته

كان أكرمان طالب في كلية الحقوق ولكنه مع ذلك كان شغفوفًا بالأدب والشعر، في إحدى المرات رشح له صديق إحدى أعمال غوته، ذُهل أكرمان من أعمال غوته، وقرر أن يراسل غوته ليكون معلمه ومرشده في طريقه الأدبي، وقتها كان غوته في عامه ٧٣.

بالفعل ترك أكرمان كلية الحقوق، ولكنه كان فقيرًا ولم يستطع تحمل تكاليف السفر، فسار على قدميه لمدة أسبوعين حتى وصل إلى فايمار.

ظل أكرمان يتردد على بيت غوته طوال السنوات التسع الأخيرة من حياة غوته، كما أنه عمل لديه كسكرتير، وتقريبًا سجل أكرمان أغلب محادثاته مع معلمه ونشرها في كتابه (محادثات مع غوته).

تأثر غوته بالأدب الشرقي

كان غوته شغوفًا بالأدب الصيني، وكان قارئًا نهمًا للترجمات القليلة لتلك المؤلفات، وكان دائمًا يرى ضرورة إنتاج المزيد من الترجمات لهذه الأعمال.

كما أنه تأثر بالشعر الفارسي، وظهر ذلك في إحدى دواوينه والذي ذكر فيها الشاعر الفارسي حافظ الشيرازي، كما أنه كان واسع الإطلاع على الأدب العربي والشعر العربي على وجه الخصوص، فقرأ فيه الكثير، وحاول ترجمته إلى الألمانية.

كل تلك القراءات المختلفة جعلته يدرك أهمية نشر الآداب المختلفة، ومنها الأدب الشرقي ويعرفه للإنسان الغربي.

أشهر أعمال الأدب العالمي

هناك العديد من الأعمال الأدبية العالمية والتي نالت شهرة واسعة والتي تناولنا بعضها في مقالات أخرى مثل ملحمة جلجامش من قلب الحضارة السومرية، وملحمة الإلياذة والأويسة من الحضارة اليونانية القديمة، وغيرها من الأعمال الأدبية القديمة والحديثة، والتي غيرت مفهومنا عن بعضنا البعض، ومنحتنا رؤية مختلفة للحضارات والثقافات.

الخاتمة

ربما ينال غوته الفضل في صياغته لهذا المصطلح أي مصطلح الأدب العالمي، ولكن الفضل يرجع لفعل الكتابة نفسه وتوثيقها للقصص الإنسانية على مر العصور وفي مختلف بقاع الأرض.

المصادر

www.britannica

كيف تتم عملية الانزلاق الغضروفي القطني؟ وما مدى خطورتها؟

هل عملية الانزلاق الغضروفي القطني خطر؟

يتكون العمود الفقري من فقرات عظمية وبين هذه الفقرات يوجد قرص جيلاتيني هلامي يسمى ” الغضروف”، تكمن أهمية هذا القرص في منع احتكاك الفقرات ببعضها والسماح بالحركة للعمود الفقري.
خلف هذا القرص يوجد الحبل الشوكي، مع الوقت والسن يمكن أن يتمزق جدار هذا الغضروف وينزلق جزء منه نتيجة الضغط الواقع عليه، ويسبب هذا الانزلاق ضغط على الحبل الشوكي والأعصاب وفي بعض الأحيان يضطر الطبيب لإجراء عملية جراحية لإزالة هذا الجزء المنزلق لتجنب الضغط على الحبل الشوكي. فما مدى خطورة هذه الجراحة؟ هذا ما سنوضحه في المقال التالي.

صورة تشريحية للعمود الفقري توضح الغضروف باللون الأزرق والأعصاب باللون الأصفر

كيف تتم عملية الانزلاق الغضروفي؟

استئصال الانزلاق الغضروفي يعني قطع جزء من الغضروف المنزلق، يمكن إجراء استئصال في أي جزء على طول العمود الفقري من الرقبة إلى أسفل الظهر، ولكن أشهر أماكن لانزلاقه هما الفقرات العنقية والفقرات القطنية. تتم هذه العملية عن طريق وصول الجراح إلى الجزء الخلفي للعمود الفقري وتخطي العظام و العضلات حتى يصل إلى الغضروف المنزلق أو التالف.

هناك العديد من التقنيات الجراحية المختلفة لإجراء عملية استئصال القرص الغضروفي. منها تقنية “الفتح” والتي تكون عن طريق شق أو فتح الجلد والعضلات حتى يتمكن الجراح من رؤية المنطقة مباشرةً. الطريقة الأخرى والأشهر هي ” الاستئصال بالمنظار المجهري” والذي يحدث شقًا صغيرًا به ولا يتسبب في حدوث مشاكل في عضلات الظهر وقد يقلل من مدة التعافي. وببعض الحالات يضطر الجراح لإزالة جزء من العظام أو دمج بعض الفقرات ببعض، وبكل الحالات يكون الهدف الرئيسي هو تقليل الضغط على الأعصاب والحبل الشوكي، سيوصي جراحك بالطريقة الأنسب لحالتك الخاصة.

اقرأ أيضًا: متى يكون ألم الرقبة مؤشر خطر؟

من الأكثر عرضة لإجراء هذه الجراحة؟

قد تكون مرشحًا لاستئصال القرص الغضروفي إذا كان لديك:

  • الاختبارات مثل التصوير بالرنين المغناطيسي أو التصوير المقطعي تظهر انزلاق غضروفي ضاغط على الحبل الشوكي.
  • ألم شديد أو ضعف أو تنميل في ساقك أو قدمك.
  • آلام الساق (عرق النسا) تكون أسوأ من آلام الظهر.
  • لم تتحسن بالعلاج الطبيعي أو الأدوية.
  • ضعف الساق وفقدان الإحساس في منطقة الأعضاء التناسلية.
  • فقدان السيطرة على المثانة أو الأمعاء.

هل عملية الانزلاق الغضروفي القطني خطر؟

يعتبر استئصال القرص إجراء آمنا نسبيًا ولكن كغيره من العمليات لا يسلم من المخاطر والتي منها:

عدم شفاء الأعراض السابقة كليًا

تعتبر هذه الجراحة فعالة بشكل عام في تخفيف الأعراض مثل ألم الساق وتنميلها. لكن ببعض الأشخاص يستمر ظهور الأعراض حتى بعد الجراحة، أو تظهر الأعراض مرة أخرى في غضون سنوات قليلة من الجراحة. يمكن أن تتكرر هذه الأعراض نتيجة لضعف بالعمود الفقري أو انزلاق غضروفي آخر أوغيرهم من مشاكل تسبب ضغط على الحبل الشوكي.

عدوى بكتيرية

أحد أكثر المضاعفات شيوعًا هو الإصابة بعدوى بمكان الشق والتي يمكن علاجها عادة بالمضادات الحيوية.

تكون جلطات الدم

هناك خطر الإصابة بجلطة دموية بعد الجراحة، خاصة في ساقك وأعراضه ألمًا وتورمًا في ساقك. وفي حالات نادرة ، قد تنتقل هذه الجلطات إلى الرئة وتسبب انصمام الرئوي. يمكن تقليل خطر الإصابة بجلطة دموية بشكل كبير عن طريق الحفاظ على نشاطك بفترة التعافي أو ارتداء الجوارب الضاغطة للمساعدة في تحسين تدفق الدم.

تمزق جزء من الحبل الشوكي

هناك خطر حدوث تمزق جزء من الحبل الشوكي يسمى ” الجافية” أثناء جميع أنواع جراحات العمود الفقري. الجافية عبارة عن كيس مانع لتسرب السائل النخاعي والذي يغطي النخاع الشوكي والأعصاب الشوكية. إذا لم يتم التعرف على التمزق وإصلاحه في وقت الجراحة، فقد يؤدي ذلك إلى تسرب السائل النخاعي (CSF) بعد العملية. ويجب أن يكون جراحك على دراية بخطر تمزق الجافية، وإذا حدث فسيغلق التمزق بالغرز. في معظم الحالات يكون الإصلاح ناجحًا ولا يظهر أي مشاكل.

تسرب السائل النخاعي

هناك خطر حدوث تلف لبطانة العصب، مما قد يؤدي إلى تسرب السائل الدماغي النخاعي (CSF). إذا تم اكتشاف هذا أثناء العملية، فسيتم ترقيعه وإصلاحه. يمكن أن تظهر التسريبات الصغيرة في بعض الأحيان فقط بعد العملية، مما يتسبب في مشاكل مثل الصداع، وقد تحتاج لجراحة أخرى لإصلاح هذا.

تقرحات الوجه وفقدان البصر

نظرًا لأنه سيكون وجهك لأسفل أثناء جراحة تخفيف الضغط القطني، فسوف تستريح على جبهتك وذقنك أثناء إجراء العملية ويمكن أن يسبب ذلك تقرحات بالوجه أو مشاكل بالرؤية، لكن سيفحص طبيب التخدير بانتظام للتأكد من أن هذا لا يسبب أي مشاكل، لكن بعض الناس سيستيقظون بوجه منتفخ قليلاً.

إصابة العصب أو الشلل

الشلل من المضاعفات غير الشائعة ولكنها خطيرة، يعاني بعض المرضى الذين خضعوا لجراحة تخفيف الضغط القطني من خدر أو ضعف جديد في إحدى أو كلتا الساقين نتيجة للعملية. يمكن أن تنجم إصابات الأعصاب والشلل عن عدد من المشاكل المختلفة، بما في ذلك نزيف داخل العمود الفقري (ورم دموي خارج الجافية) تسرب السائل النخاعي أو تلف عرضي للأوعية الدموية التي تزود النخاع الشوكي بالدم أو تلف عرضي للأعصاب عند تحريكها أثناء الجراحة.

الموت

كما هو الحال مع جميع أنواع الجراحة، هناك خطر الوفاة أثناء الجراحة أو بعدها، على الرغم من ندرة حدوث ذلك.

الخاتمة

يعد الانزلاق الغضروفي في أسفل الظهر سببًا شائعًا لألم الظهر والساق. وبالنسبة لمعظم الناس، تتحسن الأعراض تدريجيًا بمرور الوقت مع العلاج أو بدونه.

لذا قبل اللجوء للجراحة جرب طرق وقائية أخرى مثل تغيير الطريقة الخطأ التي تمارس بها أنشطتك اليومية، أو الأدوية المسكنة للألم أو التمارين الرياضية أو العلاج الطبيعي أو حقن الستيرويد. إذا لم ينجح أحد هذه الأشياء، يمكنك تجربة شيء آخر أو الجمع بين بعضها.
بالنسبة للأعراض التي استمرت 6 أسابيع على الأقل والتي تجعل من الصعب القيام بأنشطتك العادية، فإن الجراحة تعد خيارًا عندما لا تساعد العلاجات الأخرى.
تهدف العلاجات الجراحية وغير الجراحية لتقليل الألم والأعراض الأخرى. لكن للأسف كما ذكرنا تنطوي جراحة إزالة الانزلاق الغضروفي القطني على بعض المخاطر، بما في ذلك العدوى وتلف الأعصاب واحتمال ألا تخفف الجراحة من الأعراض. وحتى إذا تحسنت مع الجراحة، فهناك احتمال أن تظهر عليك أعراض جديدة في المستقبل.

اقرأ أيضًا: كيف تتم عملية الرباط الصليبي

مصادر هل عملية الانزلاق الغضروفي القطني خطر؟

1- NCBI

2- mayo clinic

3- NHS

4- web med

5- healthline

هل عملية الانزلاق الغضروفي القطني خطيرة؟

ما هي متلازمة إرهاق المعلومات؟

نبحث على الإنترنت يوميًا عن معلومة فنجد كمًا من المعلومات لا حصر له، كثير من هذه المعلومات متضارب وكثير منها متفق. ولكن بتفاوتات قد تسبب لك الشك والارتباك. فإذا أردت أن تعرف هل القهوة مفيدة أم مضرة للشخص السليم وللشخص الذي لديه أمراض مزمنة ستجد سيلًا من المعلومات، وغالبًا ستخرج في النهاية أكثر شكًا بما وصلت إليه من معلومات. هذا ما يسمى ب « Information Fatigue Syndrome – متلازمة إرهاق المعلومات ».

نعيش الآن في عصر المعلومات التي نجدها في كل ضغطة زر بحث على الإنترنت، وفي كل تليفون نقال عن طريق الإشعارات، ومن خلال البريد الإلكتروني. فما هي متلازمة إرهاق المعلومات؟[6]

كيف عرفنا عن متلازمة إرهاق المعلومات؟

تعرف متلازمة إرهاق المعلومات بأنها حالة من توافر معلومات وبيانات عن أشياء حولنا تتخطى القدرة الاستيعابية للأشخاص، حيث تعرقل القدرة على اتخاذ قرار في وقت مناسب لحدث ما، وتصيب الشخص الباحث بالقلق والتوتر وفقدان الثقة بالنفس.

قام بتسمية المتلازمة الطبيب النفسي البريطاني « David Luiz – ديفيد لويز » عام ١٩٩٨عندما وجد أن كثرة المعلومات تجعل الأشخاص أكثر عرضة لارتكاب الأخطاء والتواصل غير المفهوم.
أطلق « George smele – جورج سميل » (١٨٥٨-١٩١٨) على هذه الأعراض«information overload intoxication – زيادة المعلومات عن الحد اللازم».

فى عام ١٩٧٠أعاد « Alfen Tofler – ألفين توفلر»الحديث عن المتلازمة مرة أخرى فى كتابه « Future shock – صدمة المستقبل».[1]

ما هي أسباب متلازمة إرهاق المعلومات؟


يوجد أسباب عديدة لمتلازمة إرهاق المعلومات لعل أهمها:

  1. تفاقم المعلومات عن الحد المناسب.
  2. تعدد مصادر المعلومات.
  3. عدم القدرة على إدارة هذا الكم الهائل من المعلومات.
  4. عدم ملائمة أو عدم أهمية كثير من المعلومات.
  5. قلة الوقت لفهم هذه المعلومات.[7]

التأثير على الأفراد ومنظمات العمل


تؤثر هذه المتلازمة على كل من الأفراد والمؤسسات حيث تظهر على الأشخاص المصابين بها بعض الأعراض:

  1. التركيز الضعيف بسبب التحميل الزائد على الذاكرة قصيرة المدى.
  2. نقص الإنتاجية بسبب تعدد المهام لبعض الأشخاص الذين يجدون مشكلة فى ذلك.
  3. التسرع الزائد حيث يؤمن الشخص أنه لا سبيل للوصول إلا بهذه السرعة القصوى.
  4. حالة مزمنة من الانزعاج الذي يقترب من الغضب.
  5. قلق تقليدي يصاحبه نقص في المناعة وعدم توازن في الهرمونات واكتئاب واحتراق.

تتكون المنظمات وشركات الأعمال من أفراد يتعرضون دائمًا للمعلومات. وبذلك تتأثر أماكن العمل في الإنتاج والتنافس وتحقيق النتائج إذ يكون الموظف فى حالة من التشتت وعدم القدرة على حسم أمر وقرار ما يساعد الشركة.[2]

التأثير على العمل

تؤثر متلازمة إرهاق المعلومات على صحة الموظفين وطريقة معيشتهم. وقد أشارت دراسات إلى أن ٢٥٪ من الموظفين مصابون بالتوتر، و٣٦٪ من المديرين لديهم مشاكل صحية، و٦٨٪ من المدراء أيضا يشعرون بتفاقم المعلومات لديهم. بالإضافة إلى أن كثرة المعلومات تقتل الإنتاجية والإبداع لدى الموظفين وتضعف من أدائهم.[8]

التأثير على مواجهتنا لفيروس كورونا:


تؤثر المتلازمة أيضاً على ما نعيشه اليوم من آثار فيروس كورونا حيث زيادة المعلومات اليومية منها ما هو صحيح وما هو خاطئ يؤثر على اتخاذ القرارات بشأن الفيروس وحماية أنفسنا فيما يسمى « decision fatigue – إرهاق القرار».

ينطبق إرهاق القرار على الحكومات حيث تشاهد أخبار عديدة من كل مكان في العالم ومصادر متعددة فيصبح اتخاذ القرار أصعب. ويتعرض الأفراد أيضا لذلك حيث يصعب على الفرد اتخاذ قرار بعد كل ما يتصفحه يوميا من الأخبار المزيفة وغير المزيفة.[4]


الحلول لمواجهة الآثار السلبية:

يجب أن نحمي أنفسنا من خطر تلقي الكثير من المعلومات وعدم القدرة على الإنتاج والتركيز عن طريق الحلول الآتية التي إذا اُتبعت بالشكل الصحيح تقل المتلازمة تدريجيًا.

  1. التركيز على العمل الذي تقوم به دون الانشغال بأمور أخرى. ومع الوقت يزيد الوعي بالعمل الذي تقوم به وتصبح أكثر خبرة وأكثر قدرة على فعله.
  2. اجعل من نفسك المتحكم في كل أمور حياتك بمعنى أنك الذي تختار متى تقوم بتشغيل التليفزيون ومتى تقوم بإغلاقه، متى ترد على مكالمات تليفونك النقال ومتى لا ترد، وعليك أن تحدد الوقت المخصوص للكمبيوتر والتصفح أيضًا.
  3. قم بعملك عندما يتاح لك ذلك العمل بلا تأخير.
  4. اكتب دائمًا ما ستفعله اليوم وما تحتاج ألا تفعله لتحسين يومك.
  5. عند التعامل مع البريد الإلكتروني عليك أن تحدد وقتًا معينًا لتصفح البريد. مثلًا أن يكون فى الصباح أو بعد العمل آخر اليوم، وبعدها عليك أن تتخذ قرار بشأن البريد إما الرد عليه أو مسحه أو الاحتفاظ به لأهميته.
  6. حدد وقت يومي للرد على الرسائل المهمة لديك من خلال القنوات المستخدمة فى عملك.
  7. قم بتجميع كل المهام الصغيرة التى قد تأخذ منك دقائق بسيطة في وقت واحد كل مدة من الزمن لمدة حوالي ساعة.
  8. لا تلقي بنفسك إلى المهام المتعددة في وقت واحد سيصعب ذلك عليك غالبًا من إتمام أي مهمة بكفاءة.
  9. ابدأ يومك بعمل المهمة الأكبر التى تستحق وقتًا أطول وتركيزًا وجهدًا أكبر وأنت فى حالة من النشاط.
  10. عليك أن تأخذ قسطًا من الراحة كل فترة من العمل.

تتكاثر المعلومات بشكل يومي في حياتنا إلى أن نصبح غير قادرين على الاستفادة منها لذلك علينا أن نضع حدًا لذلك، ونبدأ في استخلاص ما يفيدينا لاستخدامه في حياتنا اليومية وإفادة مجتمعنا.

المصادر

الحب من منظور علم النفس التطوري

هذه المقالة هي الجزء 6 من 10 في سلسلة 9 موضوعات في علم النفس التطوري

الحب من منظور علم النفس التطوري

كتب فيه الفلاسفة والأدباء ما لا يُحصى من الكتب. روي عنه ما لا يُحصى من الحكايات في الأفلام والروايات. ألهم الموسيقيين والرسامين والشعراء، وغُزلت حوله ملاحم الأساطير والمعجزات. إنه الحب، واحد من أهم المشاعر الإنسانية، وقد يكون أكثرها تعقيدًا. رغم أنه شغل حيزًا كبيرًا من الحياة الثقافية والفكرية والفنية للإنسان، إلا أن العلم بقي خجولًا وعاجزًا لفترة طويلة أمامه باعتبار أن دراسته وتفسيره بشكل موضوعي أمر شبه مستحيل. حتى أن تعريف الحب نفسه يعتبر مهمة شاقة، نظرًا لاختلاف تجاربنا البشرية فيه. لكن تطور علوم الأحياء والجينات وعلم النفس سمح للعلوم بفهم شعور الحب بشكل أعمق. وبدوره، بحث علم النفس التطوري عن جذور هذا الشعور وأسبابه التاريخية، إذن ما هو الحب من منظور علم النفس التطوري ؟ وكيف يفسّره؟

ما هو الحب؟

الحب بطبيعته مفهوم معقّد وواسع ويحمل عددًا من المعاني، فقد يُقصد به الحب الرومانسي الذي يجمع شخصين في ارتباط عاطفي، وقد يعني أيضًا حب الأم والأب لأطفالهم أو حب الأصدقاء أو المحبة بكل ما تعنيه. لكن ما يعنينا في هذا المقال تحديدًا هو الحب الرومانسي.

لم يجتمع الفلاسفة والأدباء حول تعريف موحّد للحب، ولا حول تفسير واضح له. في علم النفس، تعدّدت النظريات حول الحب لكن الأكثر شيوعًا هي نظرية مثلث الحب لعالم النفس الاجتماعي ستيرنبرج. وقد اعتبر أن الحب يتألف من ثلاثة عناصر أساسية هي الشهوة والحميمية والالتزام.

لكن كون الحب شعورًا بشريًا عامًا موجودًا في كل المجتمعات وعند مختلف الشعوب، يمكن اعتباره سمة بشرية ذات أساس فيزيولوجي. فنحن نشعر الحب بأجسادنا، بأعراض شبه مرضية، من دقات القلب السريعة إلى الأرق ورعشة الجسد وغيرها. ورغم أننا نشير في الحب غالبًا إلى القلب، إلا أن الحب ينبع من الدماغ، ويرتبط بشكل مباشر بـ«الناقلات العصبية – Neurotransmitters» كالدوبامين والأوكسيتوسين.

أما من ناحية علم النفس التطوري، فقد حاول الباحثون تفسير الحب كسمة تطورية ساهمت في تحسين النجاح الإنجابي و/أو فرص البقاء على قيد الحياة. وقد أثبتوا فعلًا عددًا من الوظائف التكيّفية للحب، بالإضافة إلى عدد من الدلائل التي تشير إلى جذور الحب التطورية.

الوظائف التكيّفية للحب

يعتمد علم النفس التطوري بشكل أساسي على نظرية الانتقاء الطبيعي. فتنتقل الجينات المساهمة في زيادة النجاح الإنجابي وفرص البقاء على قيد الحياة من جيل إلى الآخر. ويعتبر علم النفس التطوري أن الحب نفسه نتيجة للانتقاء الطبيعي، نظرًا للوظائف التكيفية التالية:

  • رعاية الأطفال: مع تطوّر البشر وزيادة حجم دماغهم، ازدادت حاجة الأطفال للرعاية لوقت طويل. ففي حين تولد الكثير من الحيوانات بأدمغة شبه مكتملة، يولد أطفال البشر بأدمغة غير كاملة. يحتاج أطفال البشر طفولة طويلة تمتد حتى 15 عامًا ليصبح الطفل ناضجًا وواعيًا ومستقلًا. من هنا، أصبحت رعاية الأطفال مهمة شاقة تستنزف الكثير من الوقت والطاقة. ساهم الحب في خلق علاقة التزام بين الوالدة والوالد، مما سهّل مهمة رعاية الأطفال. وزادت قدرتهما على تأمين الموارد المادية والنفسية لهم وبالتالي تزداد فرص بالبقاء على قيد الحياة ونقل الجينات.
  • زيادة احتمالية الحمل والإنجاب: تتميّز إناث حيوانات الشيمبانزي بخصائص جسدية ظاهرة خلال فترة «الشبق –Estrus» ، فيتم التزاوج حصرًا في هذه الفترة التي تمتاز بخصوبة عالية مما يرفع احتمالية الحمل.

أما عند إناث البشر، فتتكرر فترة الإباضة شهريا، وهي قصيرة نسبيًا ولا تُظهر خصائص جسدية واضحة. لذلك من المهم أن تكون العلاقة بين المرأة والرجل طويلة الأمد لزيادة احتمالية الحمل وبالتالي الإنجاب. بالإضافة إلى ذلك، فإن تعدد الأزواج لمرأة واحدة يزيد من احتمالية تسمّم الحمل، وبالتالي فعلاقة الزواج الأحادي تعزّز احتمالية الإنجاب.

  • أهمية رعاية الأب: بيّنت دراسة لبيئة السكان الأصليين في شرقي باراغواي أن الأطفال الذين ينعمون برعاية الأب خلال السنين الخمس الأولى من حياتهم تصبح لديهم فرصة مضاعفة للبقاء على قيد الحياة مقارنة بالأطفال الذين فقدوا آبائهم في أول حياتهم. وهذه الدراسة ما هي إلا دليل جديد على أن الحب الذي يضمن بقاء الوالد إلى جانب أطفاله، يعزز فرصتهم في البقاء على قيد الحياة.

كيف ساهم الحب في تنمية القدرات المعرفية والاجتماعية؟

ساهمت العلاقات الطويلة الأمد في بناء القبائل والمجموعات التي تعزز فرصها بالنجاة. لكن الحياة ضمن القبائل تطلبت بالمقابل قدرات اجتماعية عالية تسمح بالتعاون والتضامن وكشف الغشاشين وغيرها.

كما أن العلاقات العاطفية نفسها تشكل واحدة من أكثر العلاقات تعقيدًا، نسبة للتعلّق النفسي الكبير بين الفردين. وهي بالتالي تنتج مع الوقت مصاعب اجتماعية معقّدة. ونظرًا للدافع الذي شكله الحب، ساهم بشكل مباشر بصقل القدرات الفكرية والاجتماعية التي تميزنا كبشر عن باقي الكائنات، والتي شكلت الركيزة الأساسية لبناء المجتمعات المتقدمة والثقافات بشكلها الحالي.

“الحب قماشة تقدمها الطبيعة ويطرزها الخيال”.

فولتير

الحب ليس فقط شعور عظيم وتجربة إنسانية راقية، لكنه أيضًا الشعور الذي ساهم في المحافظة على حياة أسلافنا وانتشارهم في بقاع الأرض، وفي تنمية قدراتنا العقلية والاجتماعية لنصبح ما أصبحنا عليه اليوم.

المصادر

Researchgate
Science direct
Harvard Health Publishing

هل استطاع إنسان النياندرتال التكلم مثلنا؟

عزيزي القارئ قد تظن أنك، وباستثناء الببغاء، الكائن الوحيد القادر على الكلام على سطح هذه المعمورة. لكن يؤسفني أن أخبرك أن كل ذلك قد تغير. فمؤخرًا ظهر أن النياندرتال، أقرب أقربائنا، امتلك القدرة على إصدار الأصوات وسماعها، بالقدر نفسه الذي تمتلكه أنت قبل أن تكون موجودًا حتى. فهل استطاع إنسان النياندرتال التكلم مثلنا؟

هل تكلم النياندرتال؟

استطاع أقرب اقربائنا النياندرتال السمع وإصدار الأصوات كالإنسان الحديث تمامًا وفق ما جاء في دراسة حديثة. فعبر تحليل مفصل وإعادة تشكيل رقمي لعظام الجمجمة لدى النياندرتال. تمكنت هذه الدراسة من إنهاء جدل استمر لسنوات عن قدرة هذا الكائن على التكلم.

حسب عالم الحفريات البشرية 《رولف كوام-Rolf Quam》 من جامعة بينغهامتون هذه الدراسة واحدة من أهم الدراسات التي حصلت في مجال الحفريات البشرية. فنتائجها القوية تظهر بوضوح أن إنسان النياندرتال كان لديه القدرة على إدراك وإنتاج الكلام البشري. وهي واحدة من عدد قليل جدًا من الدراسات الحالية التي تعتمد على الأدلة الأحفورية لدراسة تطور اللغة. وهو موضوع صعب التأكد منه في علم الأنثروبولوجيا.

إن الفكرة القائلة بأن 《إنسان نياندرتال-Homo neanderthalis》 كان أكثر بدائية من 《البشر المعاصرين-Homo sapiens》 عفا عليها الزمن. ففي السنوات الأخيرة، تُظهر مجموعة متزايدة من الأدلة أنهم كانوا أكثر ذكاءً مما افترضنا في السابق. لقد طوروا تكنولوجيا لصناعة الأدوات وابتكروا الفن وأقاموا الجنازات لموتاهم.

ومع ذلك، لم نكن نعلم ما إذا كانوا قد تحدثوا بالفعل مع بعضهم البعض، فقد ظل هذا الأمر لغزًا. يبدو أن سلوكهم المعقد يشير إلى أنه كان من المحتمل جدًا أن يكونوا قادرين على التواصل. لكن بعض العلماء أكدوا أن البشر المعاصرين فقط هم الذين لديهم القدرة العقلية للقيام بهذه العمليات اللغوية المعقدة.

سيكون من الصعب للغاية إثبات قدرتهم على التكلم بطريقة أو بأخرى. ولكن الخطوة الأولى ستكون تحديد ما إذا كان النياندرتال يستطيع إنتاج الأصوات وإدراكها في النطاق الذي يسمح بالتواصل القائم على الكلام.

تصميم ثلاثي الأبعاد لأذن الإنسان العاقل على اليسار وأذن النياندرتال على اليمين(مواقع التواصل)

هل ستحل الصورة المقطعية اللغز؟

باستخدام مجموعة من العظام القديمة. شرع  فريق بقيادة عالمة الأنثروبولوجيا القديمة 《مرسيدس كوندي فالفيردي – Mercedes Conde-Valverde》 بأخذ صور مقطعية عالية الدقة لجماجم خمسة من إنسان نياندرتال. وذلك لإنشاء نماذج افتراضية ثلاثية الأبعاد لهياكل الأذن الخارجية والوسطى له. قاموا أيضًا بنمذجة هياكل الأذن في الإنسان العاقل. وأحفورة أقدم بكثير – جمجمة Sima de los Huesos hominin، والمعروفة بإسم (Sima hominin،) سلف إنسان نياندرتال، والتي يعود تاريخها إلى حوالي 430 ألف سنة.

وقد استخدم أيضًأ نموذج للقدرة السمعية لهذه الهياكل بالإستعانة بمجال الهندسة الحيوية السمعية. من أجل فهم نطاق التردد الذي كانت الأذنين أكثر حساسية تجاهه، والمعروف أيضًا باسم النطاق الترددي المشغول. بالنسبة للإنسان الحديث، فإن النطاق الترددي المشغول هو النطاق سماع الأصوات البشرية.

وجد الفريق أن إنسان نياندرتال يتمتع بسمع أفضل في نطاق 4 إلى 5 كيلوهرتز من سلفه Sima. وأن النطاق الترددي المشغول لإنسان نياندرتال كان أقرب إلى النطاق الترددي للإنسان المعاصر من سلفه المباشر. يشير هذا التحسن بالقدرة السمعية إلى أن بشر النياندرتال كانوا بحاجة إلى سماع أصوات بعضهم البعض.

قالت كوندي فالفيردي هذا هو المفتاح لحل اللغز حقًا. فوجود قدرات سمعية مماثلة، في النطاق الترددي الذي يستطيع النياندرتال سماعه يدل على أنه يمتلك نظام اتصال معقد وفعال يمكنه من إصدارأصوات مثل الكلام البشري.

ومن المثير للاهتمام، أن عرض النطاق الترددي المشغول لإنسان نياندرتال امتد إلى ترددات أعلى من 3 كيلوهرتز. والتي تشارك بشكل أساسي في الإنتاج الثابت للأصوات. مما سيميز أصوات إنسان نياندرتال عن الأصوات القرود غير البشرية والثدييات الأخرى.

اقرأ أيضًا: الإنسان الأخير .. كيف انقرض إنسان النياندرتال؟

هل كان لديهم لغة؟

إن إحدى النتائج الأخرى المثيرة للإهتمام في الدراسة هي الاقتراح بأن كلام إنسان النياندرتال يتضمن على الأرجح استخدامًا متزايدًا للحروف الساكنة. ركزت معظم الدراسات السابقة لقدرات الكلام لدى إنسان نياندرتال على قدرته على إنتاج حروف العلة الرئيسية في اللغة الإنجليزية المنطوقة. ومع ذلك، يظن الباحثون أن هذا التركيز في غير محله. نظرًا لأن استخدام الحروف الساكنة هو وسيلة لتضمين المزيد من المعلومات في الإشارة الصوتية. كما أنه يفصل الكلام البشري واللغة عن أنماط الاتصال في جميع الرئيسيات الأخرى تقريبًا.

لقد تحسن السمع لدى النياندرتال مما مكنه من إنتاج الحروف الساكنة التي تظهر غالبًا في اللغات البشرية الحديثة، مثل “s” و “k” و “t” و “th”. وهي نفس الطريقة التي تكون بها سمعنا. جرب الصراخ ب  “sssss” سترى أنها طريقة جيدة للتواصل وربما إستخدمها النياندرتاليون للتواصل فيما بينهم.

لكن هل القدرة على الكلام تعني امتلاك لغة؟

لقد حذر الباحثون من أن امتلاك القدرة التشريحية على إنتاج الكلام وسماعه لا يعني بالضرورة أن إنسان نياندرتال لديه القدرة الإدراكية للقيام بذلك. ومع أنه ليس لدينا أي دليل على أن أشباه البشر هؤلاء قد تكلموا بلغة. إلا أننا نعلم أنهم قد أظهروا سلوكًا رمزيًا معقدًا، مثل القدرة على التعبير بالرسم وأنهم قد أقاموا طقوسًا لدفن موتاهم.

لا نعرف ما إذا كان لديهم لغة، ولكن على الأقل لديهم جميع الأجزاء التشريحية اللازمة للتمكن من الكلام. كما تقول مرسيدس كوندي فالفيردي. ليس الأمر أن لديهم نفس لغتنا، وليس مهمًا إن كانت الإنغليزية أو الإسبانية، ولا شيء من هذا القبيل. بل قدرتهم على إصدار الأصوات، فإن استطعنا سماعهم فسنعرف أنهم بشر.

تختلف قدرة إنسان النياندرتال على السمع عن باقي أشباه البشر مما يشير إلى تطور مشترك للسلوكيات المعقدة والقدرة على التواصل الصوتي بين البشر المعاصرين والنياندرتال.

إن هذه النتائج بالإضافة إلى الاكتشافات الحديثة التي تشير إلى السلوكيات الرمزية في إنسان نياندرتال، تعزز فكرة امتلاكهم لنوع من اللغة البشرية. لغة مختلفة تمامًا في تعقيدها وكفاءتها عن أي نظام اتصال شفهي آخرتستخدمه الكائنات الحية غير البشرية على هذا الكوكب.

لم يعد هناك نياندرتال ليتكلم

لم يقتنع روبرت بيرويك، عالم اللغويات الحاسوبية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا كفاية بقدرة النياندرتال على الكلام . وبرأيه إن قدرة النياندرتال على الكلام لا تعني أبدًا أنه امتلك لغة.

قد لا يتم حل مسألة قدرة النياندرتال على التكلم بلغة أبدًا، حتى مع استمرار تراكم الأدلة. الأمر ببساطة لم يعد هناك إنسان نياندرتال يتكلم.

تقدم العديد من الاكتشافات الحديثة أدلة حول طبيعة حياة النياندرتال فقد كان قادرًا على التعبير الرمزي، وارتداء المجوهرات، والمشاركة في صناعة فن الكهوف حتى قبل الإنسان العاقل كما أنه اقام طقوسًا مدفنية لموتاه وإعتنى بالعجزة من أقربائه. لقد حررت هذه الأدلة إنسان نياندرتال من التصور طويل الأمد بأن البشر الأوائل كانوا متوحشين بدائيين، وهي أسطورة متجذرة جزئيًا في الأيديولوجية العنصرية في حياتنا اليوم.

لفترة طويلة، كان العلماء يميلون إلى الاعتقاد بأن هناك “قفزة” فصلت الإنسان الحديث عن بقية العالم البيولوجي، مثل الإدراك واللغة. لكن ربما يكون هذا قد تغير اليوم فيبدو أن النياندرتال كان بشرًا مثلنا.

أما أنت الأن فأخبرني إن التقيت بالنياندرتال يومًا ما فما الذي ستخبره به؟

المصادر

أبراج الصمت ” دخمه” كيف دفن الزرادشتيون موتاهم؟

هذه المقالة هي الجزء 2 من 8 في سلسلة أغرب طقوس الدفن عبر التاريخ

أبراج الصمت ” دخمه” كيف دفن الزرادشتيون موتاهم؟

الطقوس الزرادشتية في الدفن تعد طقوس غريبة، ومميزة، دفعت قناعات الزرادشتيين بقدسية عناصر الطبيعة، لتفادي تلويث الجثث فيها. ورُفِع الموتى إلى أبراج الصمت في طقس دفنٍ سماويّ.


أحد أبراج الصمت ” دخمه” في مدينة يزد


لمحة عن الزرادشتية:


تعد الزرداشتية من أقدم الأديان التوحيدية القائمة حتى يومنا هذا. و هي من الأديان المجوسية، نشأت على يد زرادشت في القرن السادس قبل الميلاد في بلاد فارس. وكانت الدين الرسمي للإمبراطوريات الأخمينية والباراثية والساسانية.
قام زرادشت بتبسيط مجمع الآلهة الفارسية القديم وتحويله إلى ثنائية كونية، وتتمثل بالحرب المستمرة بين الخير والشر، الخير متمثلًا بالإله الأعلى في الزرادشتية وهو “أهورا مازدا” أو سيد الحكمة، وهو الخالق ويمثل النور والحكمة.
والشر متمثلًا ب “أهريمان” الذي مثل الشر، والدمار، والظلام.
تركز الزرادشتية على تقديس عناصر الطبيعة. أي الماء والأرض والنار والهواء. ولكن النار كانت الأكثر تقديسًا، ودخلت كعامل رئيسي في طقوسهم، كما هو الحال في معابد النار. ومنه نشأ الاعتقاد الخاطئ أن الزرادشتيون يعبدون النار، وفي الواقع فإن تقديسهم للنار نابع من قدسية الإله الأعلى أهورا مازدا الذي يمثل النور، تُعتبر النار وسيطًا تُكتسَب من خلاله البصيرة الروحية والحكمة.


الموت في الزرادشتية:


يؤمن الزرادشتيون بالحساب بعد الموت، فالجنة للزرادشتي الصالح والجحيم للأشرار منهم. كما تؤكد الزرادشتية على أهمية النقاء والطهارة في الحياة، وارتباط الطهارة الروحية بالطهارة الجسدية. وبالتالي فإن التلوث الجسدي يؤدي للتلوث الروحي. فعملية تحلل الجثث من أنواع التلوث الجسدي ولا يجب خلطها بعوامل الحياة الرئيسية بشكل مباشر وإلا لوثتها.
والروح تهيم لعدة أيام بعد الوفاة، وفي هذا الوقت تعرض الجثة لخطر سكنها من قبل شياطين الجثث ال”ناسو”  لذلك توجب تطهيرها قبل الدفن.
لذلك ابتعد الزرادشتيون عن الدفن الأرضي، والدفن النهري، والحرق.  وهذا ما دفعهم لاعتماد أبراج الصمت أو ما يعرف بالدخمه في اللغة الفارسية القديمة.


أبراج الصمت:


وهي المدافن الرسمية عند الزرادشتيين. تتمثل في برج دائري الشكل أطرافه أعلى من المنتصف. السطح مقسم لثلاثة دوائر، الدائرة الخارجية والأعلى مخصصة لجثث الرجال، وفي المنتصف جثث النساء، والدائرة الأقرب للمركز مخصصة للأطفال.
في منتصف البرج حفرة عميقة تجمع فيها العظام بعد أن تجف الجثث وتتفكك بالتدريج عن طريق عوامل الطبيعة، وتمر بطبقات من الفحم والرمل إلى أن تتحلل كليًا وتصرف إلى المياه.
تمدد الجثث على السطح وتقدم للطيور الجارحة لتأكلها، وهذا قريب من مبدأ الدفن السماوي عند البوذيين في التيبت. ولكن الاختلاف يكمن في المنطق الذي دفعهم للجوء للدفن السماوي. ركز المنطق الزرادشتي على عدم تلويث عناصر الحياة الأساسية بالجثة المتحللة. أما بوذيو التيبت ركزوا على أهمية عدم بقاء مخلفات من الجسد لأنه أداة أو مركبة للروح في رحلة الانبعاث “سامسارا” بالإضافة لرمزية النسور في الديانة البوذية.
ولكن كلا الديانتين ركزتا على أن الجسد هدية سخية للنسور وعلى أهمية السخاء في حياة الانسان.

مراسم الدفن:

تحضير الجثة للدفن:


تغسل جثة المتوفي بسائل الغوميز “مياه وبول الثور”. وتحضر الثياب التي سيدفن فيها الميت، وبالطبع هذه الثياب سيتم التخلص منها بعد احتكاكها بالميت لأن الجثة تلوثها.
تُوضع بعدها الجثة على غطاء أبيض ليلقي عليها أهل الميت الوداع الأخير، ولكن محظور عليهم لمسها. ولأن الجثة تستقطب الشياطين يحرس الجثة كلب لطرد الشياطين والأرواح الشريرة في طقس يدعى ” ساجديد”.
يسمح لغير الزرادشتيين بمشاهدة الجثة ووداع المتوفي، لكن يحظر عليهم مشاهدة باقي مراسم الدفن.

طقوس حفظ الجثة من التلوث:


بعد تحضير الجثة للدفن، تسلم لحاملي الجثث المختصين، وهم الوحيدون المخولون بالاقتراب من الجثة بعدها.
يقومون بغسل ثياب الميت في محاولة لإبعاد التلوث قدر المستطاع، ويلف القماش الأبيض الذي وضعت عليه الجثة حولها مثل الكفن.
تُرسم دوائر حول الجثة كحاجز روحي لمنع انتشار تلوث الجثة ولتحذير الزوار حتى يحافظوا على مسافة آمنة منها.

الطقوس الأخيرة في أبراج الصمت:

تُنقل الجثة إلى “الدخمه” أي برج الصمت، ودائمًا ما يتم النقل في النهار، ويكون عدد حاملي الجثة عدد زوجي دائمًا.
يتبعهم أهل الميت في ثنائيات، وكل ثنائي يحملون قطعة قماش تدعى ال”بايواند”.
يقرأ راهبان الصلوات ثم ينحنون أمام الجثة. ثم تُزال الثياب والكفن عن الجثة بأدوات لتجنب اللمس. تترك الجثة أمام الطيور لتأكلها وغالبًا تتم هذه العملية في ساعات، ثم ترمى العظام المتبقية في الحفرة الموجودة في منتصف البرج.

طقوس الحداد وتذكر المتوفي بعد الجنازة:

تتلى الصلوات على الميت لمدة ثلاثة أيام بعد الوفاة، ساد الاعتقاد أن روح الميت لا تغادر الأرض ضمن الأيام الثلاثة الأولى.
في اليوم الرابع تصعد الروح إلى جسر الحساب، أو ما يعرف باسم “شينفات”. في الأيام الثلاثة الأولى يتفادى أهل الميت أكل اللحم وحتى الطبخ في المنزل التي غُسِلت فيه الجثة. ويقوم الأقارب بمهمة تحضير الأكل في منازلهم.
يحرق البخور في منزل الميت في أيام الحداد الثلاثة، وفي الشتاء لا يقترب أحد من المنطقة التي غُسلت فيه الجثة لمدة عشر أيام. ويترك فيها مصباح مشتعل. أما في الصيف فيمنع الاقتراب منها لثلاثين يومًا.

إن هذه الطقوس ممنوعة في إيران من عام 1970، لكن ما تزال قائمة في مناطق من الهند، حيث يعيش قسم من الزرادشتيين، والجدير بالذكر أن النقص في أعداد  الطيور التي تأكل الجثث يهدد هذه الطقوس في مدينة مومباي في الهند.
أما الزرادشتيين الذين يعيشون في المناطق التي تمنع قوانين الدولة طقوسهم، قاموا بالتكيف مع بيئتهم المحيطة عملًا لتعاليم زرادشت التي تحتم على الفرد التكيف مع مجتمعه. فيقوم معظمهم بدفن الجثة في صفيح معدني أو محاطة بالإسمنت. فهم بذلك لا يلوثون الأرض ولا يخالفون تعاليمهم وفي نفس الوقت لا يخالفون القوانين السائدة في مجتمعهم. تبدو لنا هذه الطقوس غريبة، بل وحتى مرعبة. ولكن من المهم دائمًا معرفة ما الذي يدفع الناس للقيام بطقوس تختلف عما نعرفه، فالهدف الأسمى في نظر الزرادشتيين هو المحافظة على عدم التلوث وعلى طهارة الأرض ونقاوتها من تلويث الجثث.






Exit mobile version