الموسيقى وتأثيرها على جسم الإنسان

الموسيقى وتأثيرها على جسم الإنسان

تعد الموسيقى من المواضيع الرئيسة في معظم الحقول المعرفية, وذلك بسبب فاعليتها وسلطتها على الوجود الإنساني. ففي الأساطير القديمة, نجد دور الموسيقى في ترويض الطبيعة وفي بناء الشبكات الإجتماعية. دخل سؤال الموسيقى في الفلسفة قبل سؤال الإنسان, وحافظ هذا السؤال على مكانته في مختلف الفلسفات التي أطاحت بالكثير من الأسئلة, ومنها سؤال الله. العلوم الإنسانية وجدت ضالتها في الموسيقى في تفسيرها للظواهر الاجتماعي تارة وفي استخدامها كعالج نفسي تارة أخرى. وفي العلوم الطبيعية, تنشر باستمرار ورقات بحثية حول تأثير الموسيقى على الجهازين العصبي والمناعي, الدماغ ونشاط القلب. في هذا المقال سوف نسلط الضوء على الموسيقى وتأثيرها على جسم الإنسان من مختلف الزوايا. إقرأ أيضًا تاريخ الموسيقى

الموسيقى ونشاط القلب:

زيادة التوتر مرتبطة  مع معدل ضربات القلب وضغط الدم على حد سواء. تشير الدراسات إلى أن الموسيقى (مثل موزارت، السيمفونية رقم 40) يمكن أن تزيد أو تقلل من معدل ضربات القلب وضغط الدم(1). إن الموسيقى تعزز الاسترخاء من خلال التزامن الفسيولوجي و/أو النفسي. التزامن (Entrainment) هو مبدأ في الفيزياء، حيث يميل جسمين يتذبذبان بترددين مماثلين إلى أن يتسببا في اهتزاز متبادل تعاطفي  (mutual sympathetic resonance) وأن يتذبذبا بنفس التردد. يتم تحقيق التزامن باستخدام الموسيقى لاستدعاء الاسترخاء مباشرة. الأثر الموسيقي والعمليات الفسيولوجية (ضربات القلب، معدل التنفس، ضغط الدم، درجة الحرارة، هرمونات الكظر) مكونة من اهتزازات تحدث بشكل منتظم ودوري وتتألف من تذبذبات.

يمكن استخدام الأثر الموسيقي، وبالأخص الإيقاع والسرعة، كمزامن للتأثير على التغييرات في الاستجابات الفسيولوجية (مثل ضربات القلب، والتنفس، وضغط الدم) من خلال التزامن. عند استخدام الموسيقى لإحداث الاسترخاء من خلال التزامن، يجب أن يكون لديها إيقاعًا يساوي أو يقل عن معدل ضربات القلب أثناء الراحة (أقل من 80 نبضة في الدقيقة)، وديناميات قابلة للتنبؤ، وحركة ملحوظة للألحان، وهارمونيات ملائمة، وإيقاع منتظم دون تغييرات مفاجئة، وصفات صوتية تتضمن الأوتار والناي والبيانو أو الأصوات المركبة خصيصًا. يُستخدم هذه الخصائص الموسيقية لإحداث الاسترخاء من خلال جعل إيقاعات الجسم تبطئ أو تتزامن مع إيقاع الموسيقى(2).

ترتبط الموسيقى المسببة للاسترخاء بانخفاض القلق. يُعتقد أن الموسيقى ذات الإيقاع البطيء والثابت والمتكرر تمارس تأثيرًا مغناطيسيًا يسهم في الاسترخاء وتقليل القلق من خلال تهدئة الإدراك وتغيير الحالات الوعيية. نظرًا لأن الاسترخاء الفسيولوجي غير متوافق مع القلق، يمكن للموسيقى تغيير مستويات القلق المُدركة بينما تسهل استجابات فيزيولوجية أكثر استرخاءً. يمكن للموسيقى أن تقلل من القلق من خلال توجيه قنوات الانتباه في الدماغ نحو محتوى معنوي منشغل وملائم للسمع بدلاً من المحتوى البيئي المُجهِد(2).

الموسيقى والجهاز المناعي

يُحدث التوتر تغييرات رئيسية في الجهاز المناعي. حيث أظهرت الدراسات أن أنواعًا معينة من الموسيقى يمكن أن تعدل مستوى بعض العناصر المناعية مثل الإيمونوغلوبولين A (IgA) والخلايا القاتلة الطبيعية.  تشير النتائج إلى وجود علاقة إيجابية بين الموسيقى المريحة وعلامات التوتر المناعي.(3)

الموسيقى الترفيهية تعدل نشاط الخلايا القاتلة الطبيعية ومستوى سيتوكين IL-10، وهي علامات للتوتر، وتحسين المزاج. في الآونة الأخيرة، تبين أن الموسيقى في حالات التوتر قادرة على رفع مستوى سيتوكين IL-6. سيتوكين IL-6 وسيتوكين IL-10 هما “علامات التوتر” المناعية(4).

الموسيقى وهرمون الكورتيزول

على الرغم من أن التوتر من ناحية والموسيقى من ناحية أخرى يمكن أن يسببان العديد من التغييرات الهرمونية، خاصة والأهم  هرمون الكورتيزول. الكورتيزول هو الهرمون الرئيسي للتوتر، والذي يرتفع مستواه في حالات التوتر، ويعدل الجسم ويساعده على التغلب على الوضع الموجود من خلال استجابات “القتال أو الهروب”. التوتر النفسي يثير استجابة عاطفية قوية وزيادة في مستوى الكورتيزول، ولكن التعرض للموسيقى يقلل من ارتفاع مستوى الكورتيزول. المواقف الإجهادية تسبب ارتفاعًا في مستوى الكورتيزول. أظهرت دراسة أن الموسيقى الرئيسية (مثل Allegro con spirito لموزارت، K448، الذي يسبب السعادة) قللت من التوتر ومستوى الكورتيزول أكثر من الموسيقى الصغيرة (مثل للبيتهوفن “فور اليز”، والتي تسبب الحزن). من ناحية أخرى، الموسيقى التقنية “تكنو” تزيد من إفراز العديد من هرمونات التوتر بما في ذلك الكورتيزول، بينما الموسيقى الكلاسيكية (مثل سيمفونية بيتهوفن 6) تقلل من مستوى الكورتيزول(5).

إقرأ أيضًاكيف تؤثر الموسيقى على أدمغتنا؟

الموسيقى وكيمياء الدماغ

الناقل العصبي الرئيسي في نظام المكافأة هو الدوبامين. الموسيقى اللطيفة تحرر الدوبامين في نواة الاكومبنس(6). من ناحية أخرى، الاستماع إلى الموسيقى البطيئة يقلل من مستوى النوريبينفرين (ناقل عصبي ينظم مستوى الاثارة)(7) . ناقل عصبي آخر يستجيب للموسيقى هو السيروتونين. الموسيقى اللطيفة تزيد من إفراز السيروتونين (الذي يسؤول عن المزاج الجيد) في الدماغ، في حين أن الموسيقى غير اللطيفة تقلل من مستوى السيروتونين(8).

جزيء آخر ينشط نظام المكافأة هو الإندورفين. الإندورفين يسبب شعورًا بالرفاهية والاسترخاء. إن الموسيقى اللطيفة ترفع مستوى الإندورفين، وأفاد المشاركون الذين تم معالجتهم بوكيل مستقبل الإندورفين بأنهم شعروا بلذة أقل بكثير عندما استمعوا إلى محفزات موسيقية تتحرك بشكل طبيعي. الموسيقى التقنية “تكنو” تقلل من مستوى الإندورفين، بينما الموسيقى الكلاسيكية ترفع مستوى الإندورفين(9)

الموسيقى تؤثر على موجات الدماغ:

بقدر ما تعكس النشاط الكهربائي حالة الدماغ، فإن هناك نوعين من موجات الدماغ تشير إلى الاسترخاء. الموجة ألفا (6-12 هرتز) تظهر أثناء الاسترخاء، والموجة ثيتا (4-7 هرتز) تظهر أثناء الاسترخاء العميق. أظهرت الدراسات أن موجات الدماغ (EEG) يمكن تغييرها بواسطة الموسيقى(10). تزيد موجات الدماغ ألفا وثيتا سواء بواسطة الموسيقى النوعية للراحة أو بواسطة تقنيات الاسترخاء الأخرى. لوحظ أن الأشخاص الذين يركزون انتباههم على محفز إيقاعي معين لفترة كافية يمكن أن يشعروا بمستوى جديد من الوعي.

يبدو أن موجات الدماغ تتحرك مع الإيقاع وكلما أمضى الشخص وقتًا أطول في التركيز عليه، زاد التزامهم مع الإيقاع. تمت أظهار أن الموسيقى لموزارت (K448) و(Symphony 94) تثير نشاطًا كهربائيًا مختلفًا في الدماغ(11). بينما تم توضيح تأثير الموسيقى المهدئة، فإن السؤال هو ما إذا كان تأثير الموسيقى هذا يتم من خلال تغيير تردد موجات الدماغ. أظهرت الدراسات على تأثير الموسيقى على النوم نتائج متضاربة، حيث أفاد بعضها بالتأثيرات الإيجابية وأخرى نفت ذلك. قضية النوم مهمة لأن مراحل النوم تتميز بترددات مختلفة لموجات الدماغ، وكذلك الموسيقى التي تثير تغييرات في المزاج(12).

الموسيقى والجهاز العصبي:

أحد الأمثلة، من بين العديد من الأمثلة، التي توضح كيف يمكن للموسيقى أن تؤثر في الوظائف العصبية مُقدم في تقرير يُشير إلى أن شدة انقباض عضلة العين الخاصة برد الفعل المفاجئ كانت أكبر وزمن الاستجابة لها أقصر خلال استماع الأشخاص إلى الموسيقى غير الممتعة مقارنة بالموسيقى الممتعة، مما يشير إلى أن النظام العاطفي الدفاعي يتأثر بالموسيقى(13). وتظهر تأثيرات أكثر عمقًا في التقارير التي تُظهر أن التدريب الموسيقي يعزز تنشيط وتطوير بنية الخلايا العصبية المعينة بما في ذلك القشرة الدماغية والأميجدالا والحصين (Hippocampus) وهايبوثالاموس (Hypothalamus) ويعزز قابلية الجهاز العصبي للتشكيل والتجدد الخلاية(14).

كما تؤدي بعض المسارات أيضًا إلى التوسط في الاستجابات العاطفية عند معالجة الموسيقى الممتعة وغير الممتعة على حد سواء, مع تنشيط محدد لمنطقة النواة الفطرية ومنطقة الجزء العرضي التلقائي المسؤولتين عن تنظيم الاستجابات القلبية والفسيولوجية للمحفزات الجائزة والعاطفية. وفي هذا السياق، تستحق منطقتان في الدماغ اهتمامًا خاصًا؛ تحت المهاد (Hypthalamus) بوظيفتها في التحكم في الاستجابة الهرمونية للضغوط النفسية والحصين الذي يعتبر جزءًا من الجهاز الليمبي ويتحكم في العواطف(15).

إقرأ أيضًا هل تؤثّر الموسيقى في نمو النبات؟

المصادر:

  1. Lemmer B. Effects of music composed by Mozart and Ligeti on blood pressure and heart rate circadian rhythms in normotensive and hypertensive rats. Chronobiol Int. 2008 Nov;25(6):971-86. doi: 10.1080/07420520802539415. PMID: 19005899.
  2. Merker BH, Madison GS, Eckerdal P. On the role and origin of isochrony in human rhythmic entrainment. Cortex. 2009 Jan;45(1):4-17. doi: 10.1016/j.cortex.2008.06.011. Epub 2008 Oct 30. PMID: 19046745.
  3. Zakaria Eletreby, M., El-Sayed Abd-El-Fattah, M., Sabry Ali Al-Dawy, H., Abd-El-Hameed Khedr, M., & Abd-El-Fattah El-Salamoni, M. (2018). EFFECTS OF MUSIC AND STRESS ON HEALING OF INDUCED WOUND IN THE SKIN OF ADULT MALE ALBINO RATS. Al-Azhar Medical Journal, 47(3), 493-510. doi: 10.12816/0052812
  4. Wachi M, Koyama M, Utsuyama M, Bittman BB, Kitagawa M, Hirokawa K. Recreational music-making modulates natural killer cell activity, cytokines, and mood states in corporate employees. Med Sci Monit. 2007 Feb;13(2):CR57-70. PMID: 17261984.
  5. Suda M, Morimoto K, Obata A, Koizumi H, Maki A. Emotional responses to music: towards scientific perspectives on music therapy. Neuroreport. 2008 Jan 8;19(1):75-8. doi: 10.1097/WNR.0b013e3282f3476f. PMID: 18281896.
  6. Sutoo D, Akiyama K. Music improves dopaminergic neurotransmission: demonstration based on the effect of music on blood pressure regulation. Brain Res. 2004 Aug 6;1016(2):255-62. doi: 10.1016/j.brainres.2004.05.018. PMID: 15246862.
  7. Yamamoto T, Ohkuwa T, Itoh H, Kitoh M, Terasawa J, Tsuda T, Kitagawa S, Sato Y. Effects of pre-exercise listening to slow and fast rhythm music on supramaximal cycle performance and selected metabolic variables. Arch Physiol Biochem. 2003 Jul;111(3):211-4. doi: 10.1076/apab.111.3.211.23464. PMID: 14972741.
  8. Evers S, Suhr B. Changes of the neurotransmitter serotonin but not of hormones during short time music perception. Eur Arch Psychiatry Clin Neurosci. 2000;250(3):144-7. doi: 10.1007/s004060070031. PMID: 10941989.
  9. Gerra G, Zaimovic A, Franchini D, Palladino M, Giucastro G, Reali N, Maestri D, Caccavari R, Delsignore R, Brambilla F. Neuroendocrine responses of healthy volunteers to ‘techno-music’: relationships with personality traits and emotional state. Int J Psychophysiol. 1998 Jan;28(1):99-111. doi: 10.1016/s0167-8760(97)00071-8. PMID: 9506313.
  10.  Levitin DJ, Tirovolas AK. Current advances in the cognitive neuroscience of music. Ann N Y Acad Sci. 2009 Mar;1156:211-31. doi: 10.1111/j.1749-6632.2009.04417.x. PMID: 19338510.
  11. Jausovec N, Habe K. The influence of Mozart’s sonata K. 448 on brain activity during the performance of spatial rotation and numerical tasks. Brain Topogr. 2005 Summer;17(4):207-18. doi: 10.1007/s10548-005-6030-4. PMID: 16110771.
  12. Chen J, Yuan J, Huang H, Chen C, Li H. Music-induced mood modulates the strength of emotional negativity bias: an ERP study. Neurosci Lett. 2008 Nov 14;445(2):135-9. doi: 10.1016/j.neulet.2008.08.061. Epub 2008 Aug 28. PMID: 18771704.
  13. Roy M, Mailhot JP, Gosselin N, Paquette S, Peretz I. Modulation of the startle reflex by pleasant and unpleasant music. Int J Psychophysiol. 2009 Jan;71(1):37-42. doi: 10.1016/j.ijpsycho.2008.07.010. Epub 2008 Jul 23. PMID: 18725255.
  14. Hyde KL, Lerch J, Norton A, Forgeard M, Winner E, Evans AC, Schlaug G. Musical training shapes structural brain development. J Neurosci. 2009 Mar 11;29(10):3019-25. doi: 10.1523/JNEUROSCI.5118-08.2009. PMID: 19279238; PMCID: PMC2996392.
  15. Baumgartner T, Lutz K, Schmidt CF, Jäncke L. The emotional power of music: how music enhances the feeling of affective pictures. Brain Res. 2006 Feb 23;1075(1):151-64. doi: 10.1016/j.brainres.2005.12.065. Epub 2006 Feb 3. PMID: 16458860.

تاريخ تطور الجيتار

مرّ الجيتار بمراحل تطور عديدة عبر تاريخه الطويل. ويعد الجيتار أحد أشهر الآلات الموسيقية في العالم. وتأثر خلال مراحل تطوره المختلفة بالعديد من الثقافات والحضارات. وعلى مر القرون، خضع الجيتار للعديد من التغييرات في التصميم والبناء. ولعب دورًا رئيسيًا في تطوير أنواع مختلفة من الموسيقى، الكلاسيكية منها ووصولًا إلى موسيقى الروك أند رول. وبناءً على ماسبق يعدّ تطور الجيتار موضوعًا رائعًا يقدم نظرة ثاقبة لتاريخ الموسيقى وإبداع الابتكار البشري. وسنتعرف في مقالنا هذا على تاريخ تطور هذه الآلة الجميلة في مراحلها المختلفة.

أصول الجيتار: التاريخ القديم

للجيتار تاريخ غني يعود إلى الحضارات القديمة. ويمكن إرجاع أصوله إلى مصر القديمة. حيث أشار باحثون إلى أنّ آلة الـ”هاربسيكورد” المصرية تعد النسخة المبكرة من الجيتار المصنوع من الخشب. وهي ذات شكل منحنٍ مع سلاسل ممتدة عبر جزئها العلوي. ويعتقد الباحثون أن “هاربسيكورد” استخدمت في الاحتفالات الدينية، وكذلك للترفيه.

ثمّ شقت الآلة طريقها إلى اليونان. حيث كانت تعرف باسم “القيثارة”. وكانت القيثارة مشابهة للهاربسيكورد. لكنّ هيكلها كان أكثر استطالة وعزف عليها الموسيقيون باستخدام الريشة. على عكس القيثارة المصرية “هاربسيكورد” التي عزف عليها بالأصابع. وقد اشتهرت آلة القيثارة بين النخبة اليونانية وعزف عليها الشعراء والموسيقيون.

ومع انتشار الجيتار في جميع أنحاء أوروبا تطوّر وتغير شكله. وبحلول العصور الوسطى، اتخذ الجيتار شكلاً أكثر وضوحًا وأقرب إلى ما نعرفه اليوم. مع فتحة صوت مستديرة وظهر مسطح. وعرف ذلك الإصدار من الجيتار باسم “العود”. وشاع العود بين النبلاء وعزف عليه في الاحتفالات وفي المناسبات الدينية على حدٍ سواء.

واستمر الجيتار في التطور على مر القرون. وأضيفت إليه ميزات جديدة مثل الحنق والأوتار المعدنية. ومع حلول القرن التاسع عشر، أصبح الجيتار آلة مشهورة في العروض الفردية والجماعية. ويستخدم اليوم في مجموعة متنوعة من الأساليب الموسيقية، بدءا بالموسيقى الكلاسيكية ووصولًا إلى موسيقى الروك أند رول.

بشكل عام، يتمتع الجيتار بتاريخ غني يمتد عبر القرون والقارات. من بداياته المتواضعة في مصر القديمة إلى وضعه الحالي كواحد من أشهر الآلات الموسيقية في العالم.[1] وصولًا إلى ما يعرف اليوم بالجيتار الكلاسيكي الذي مرّ أيضًا بمراحل تطور مختلفة.

تطور الجيتار الكلاسيكي

شهد الجيتار الكلاسيكي تطورًا كبيرًا على مر العصور. ومر الجيتار من مراحل مهمة قبل وصوله إلى شكله الحالي. وترجع أصول الجيتار الكلاسيكي إلى القرن السادس عشر. حيث عرف لأول مرة باسم “فيويلا”. وكانت الـ “فيويلا” أصغر حجمًا وذات نظام ضبط مختلف مقارنة بالجيتار الكلاسيكي الحديث.

ومن ثمّ تطور الجيتار أكثر في القرن الثامن عشر، حيث خضع الجيتار لتغيير كبير في تصميمه وبنيته. وكان له صوت أعلى وأكثر قوة. إضافة إلى ذلك، تم تطوير نظام الضبط المكون من ستة أوتار، والذي لا يزال يستخدم في آلات الجيتار الكلاسيكية الحديثة.

وخلال القرن التاسع عشر، خضع الجيتار الكلاسيكي لمزيد من التغييرات في تصميمه، بما في ذلك إضافة أوتار معدنية عليه، وذلك ما أدى إلى تحسين صوته وجعله أكثر تنوعًا. وسمح استخدام الأوتار المعدنية أيضًا بتطوير تقنيات عزف جديدة، مثل الاهتزاز والذبذبة.

في أيامنا هذه، يستخدم الجيتار الكلاسيكي على نطاق واسع في مختلف الأنواع الموسيقية، بما في ذلك الموسيقى الكلاسيكية والفلامنكو والموسيقى الشعبية. كما سمح استخدام التكنولوجيا المتقدمة أيضًا بتطوير نماذج جديدة من آلات الجيتار الكلاسيكية، مثل كوتاواي والجيتار الإلكتروني الصوتي.[2]

لكن لم يتوقف تطور الجيتار عند عتبة الجيتار الكلاسيكي حيث ساهمت التكنولوجيا الحديثة في تطوير نوع مختلف من الجيتار عرف باسم الجيتار الكهربائي.

آلة الفيويلا الشكل الأول للجيتار الكلاسيكي

تطور الجيتار الكهربائي

تأثر الجيتار كغيره بحركة التطور التقني الكبيرة التي شهدها العالم في القرن الماضي. إضافة إلى تأثره بالمدارس والأمزجة الموسيقية المختلفة. وعبر تاريخ تطور الجيتار الكهربائي مراحل مختلفة. وكان له بصمته الخاصة في مختلف الأنماط الموسيقية الشائعة في ذلك الوقت وما زال تأثيره المذهل حاضرًا حتى وقتنا الحالي.

صنع أول جيتار كهربائي على يد كل من جورج بوشامب وأدولف ريكنباكر في ثلاثينيات القرن الماضي. وفي خضّم بحثهما عن طريقة لتضخيم صوت الجيتار طورا نموذجًا أوليًا يستخدم لاقطًا مغناطيسيًا لتحويل اهتزازات الأوتار إلى إشارات كهربائية، ومن ثمّ يتم تضخيمها باستخدام مكبر صوت خارجي.

وفي فترة لاحقة من أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي. بدأ الغيتار الكهربائي يكتسب شعبية بين موسيقيي الجاز والبلوز. وأحدث إدخال الجيتار الكهربائي ذو الجسم الصلب، الذي طوره ليو فيندر وليه بول، ثورة في الآلة وجعلها أكثر تنوعًا وقوة. حيث ألغى الجيتار الكهربائي ذو الجسم الصلب الحاجة إلى مكبر صوت خارجي وسمح للموسيقيين بالتحكم في الصوت ومستوى الصوت بسهولة أكبر.

وتابع الجيتار الكهربائي مسيرة تطوره في فترة الستينيات والسبعينيات وطوّرت التقنيات الجديدة في التصميم آلات الجيتار الكهربائية. كما أتاح إدخال بيك آب واستخدام الأخشاب والمواد المختلفة للموسيقيين إمكانية خلق أصوات وأنماط جديدة.

تخطت شهرة الجيتار الحدود مع موسيقى الروك. وعزفت عليه فرق مشهورة مثل البيتلز والرولينغ ستونز. ويعد الجيتار الكهربائي آلة قوية ومتعددة الاستخدامات يعزف عليها في مجموعة متنوعة من أنماط الموسيقى.[3]

الجيتار الكهربائي

تأثير التكنولوجيا على تصميم الجيتار الحديث

للتكنولوجيا تأثير كبير على تصميم الجيتار الحديث، لا سيّما في عالم القيثارات الكهربائية. فكما سبق وتحدثنا شهد الجيتار الكهربائي، الذي اخترع لأول مرة في ثلاثينيات القرن الماضي. تغييرات وتطورات كبيرة بفضل التكنولوجيا.

وإضافة إلى ما سبق كان أحد أهم تلك التغييرات هو استخدام برامج التصميم بمساعدة الكمبيوتر. فعلى سبيل المثال يتيح برنامج (CAD) لمصنعي الجيتار إنشاء التصاميم وتعديلها بسرعة وسهولة، مما يؤدي إلى نماذج وأشكال جديدة ومبتكرة للجيتار.

ومن التأثيرات الإضافية للتكنولوجيا استخدام المواد المتقدمة في صناعة الجيتار. فغالبًا ما تصنع آلات الجيتار الكهربائية الحديثة بمواد خفيفة الوزن ومتينة مثل ألياف الكربون والجرافيت، مما يساعد على تحسين صوت الجيتار وأدائه العام.

إضافة إلى ما سبق لعبت التكنولوجيا دورًا رئيسيًا في عملية تصنيع القيثارات. حيث سمحت الآلات والذكاء الاصطناعي للمصنعين بإنتاج القيثارات بسرعة وكفاءة، مع ضمان الجودة أيضًا. علاوة على ذلك، أتاحت التكنولوجيا للمصنعين تصميم جيتار مخصص يمكن تخصيصه لموسيقيين وأنماط معينة.

بشكل عام، كان للتكنولوجيا تأثير كبير على تصميم الجيتار الحديث. سمحت للمصنعين بإنشاء تصميمات جديدة ومبتكرة، وتحسين أداء الجيتار، وتبسيط عملية تصنيعه. كما سمحت هذه التطورات لعازفي الجيتار بإنتاج مجموعة واسعة من الأصوات والأنماط، مما جعل الجيتار الكهربائي أداة أكثر تنوعًا وتعبيرية من أي وقت مضى.[4]

في الختام، يمكن القول أن الجيتار يمتلك تاريخًا ثريًا ورائعًا تطور عبر القرون. من أصوله المتواضعة كأداة بسيطة استخدمها قدماء المصريين والإغريق، إلى الجيتار الكهربائي المعاصر الذي يعد عنصرًا أساسيًا في الموسيقى الشعبية. وخضع الجيتار للعديد من التغييرات والتعديلات. كما لعب دورًا مهمًا في تشكيل عالم الموسيقى، ولا يزال يمثل أداة مهمة في مختلف الأنواع والثقافات. اليوم، يتمتع بصوت الجيتار ملايين الأشخاص من جميع الأعمار ومستويات المهارة، وسيستمر إرثه في التأثير على الموسيقى للأجيال القادمة.

المصادر:

1- https://www.guyguitars.com/eng/handbook/BriefHistory.html

2- https://www.classicalguitarmidi.com/The%20Evolution%20of%20Classical%20Guitar.html

3-https://www.yamaha.com/en/musical_instrument_guide/electric_guitar/structure/#:~:text=It%20was%20around%201936%20when,birth%20of%20the%20electric%20guitar

4- https://www.engineeringclicks.com/technology-and-the-electric-guitar/

البيانو ومسيرة تطوره

البيانو ومسيرة تطوره

في أوائل القرن الثامن عشر (حوالي عام 1700) طور الإيطالي بارتولوميو كريستوفوري (Bartolomeo Cristofori) ما يعرف الآن باسم البيانو. ولكن لا يمكن القول إن هذه الآلة لم تكن موجودة قبل ذلك، بل إن لها أسلافاً من آلات موسيقية بأنواع وآليات عمل مختلفة. فإذا ما أردنا أن نتعرف على البيانو، لا بدّ من العودة في التاريخ إلى ما قبل القرن الثامن عشر، والبحث في أنواع الآلات المختلفة والتطورات التي طرأت عليها، حتى وصلنا إلى هذه النتيجة الرقيقة العذبة المسماة بيانو [1].

الآلات الموسيقية التي انحدر منها البيانو

تصنف الآلات الموسيقية في ثلاث مجموعات حسب آلية إصدارها للصوت. فهناك الآلات الوترية (string instruments)، والآلات الهوائية أو النفخية (wind instrumetns)، والآلات الإيقاعية (percussion instruments)، وتوجد أيضاً آلات المفاتيح (keyboard instruments) [1].

يمكن تعقب سلف البيانو إلى أكثر من آلة موسيقية، مثل الكلافيكورد (clavichord)، والهاربسكورد أو البيان القيثاري (harpsichord)، والدولسيمر أو السانتور (dulcimer) [1].

وعند العودة أكثر في التاريخ، يمكن الوصول إلى أن البيانو انحدر من آلة المونوكورد (monochord)، حيث يصدر الصوت الموسيقي نتيجة اهتزاز الأوتار داخله، ولهذا يعتبر أنه آلة وترية [1].

لكن يندرج البيانو كذلك ضمن مجموعة الآلات الإيقاعية، لأن حركة الأوتار واهتزازها ناتجة عن ضربها بمطارق داخلية. وبهذا تكون آلية عمله شبيهة بالدولسيمر، الذي يعتمد كذلك على طرق الأوتار بمطرقة صغيرة. فالدولسيمر يمثل أحد أسلاف البيانو المباشرين [1].

وكتصنيف آخر، يقع البيانو في عائلة آلات المفاتيح، وتعود هذه العائلة إلى آلة الأورغن التي تعمل عن طريق إرسال دفعات هوائية عبر أنابيب لإصدار الأصوات. وقد طور الحرفيون المختصون آلة الأورغن وأضافوا لها بعض التحسينات حتى وصلوا إلى آلة الكلافيكورد في القرن الرابع عشر. وكانت هذه إحدى الخطوات في الطريق إلى آلة البيانو لاحقاً [1].

ومع الزمن، في القرن السادس عشر، اختُرعت آلة الهاربسكورد في إيطاليا، وانتشرت لاحقاً إلى فرنسا وألمانيا وبريطانيا. ويقوم مبدأ هذه الآلة على الضغط على مفاتيح للتحكم بأوتاد خشبية تنقر على أوتار متصلة بها. وتشبه آلية العمل بين الأوتار واللوحة تلك الموجودة في البيانو والتي تطورت عنها لاحقاً [1].

الصوت الرقيق

إذاً، مر تطور البيانو بمراحل عديدة حتى وصل إلى شكله الحالي، لذلك لا يمكن القول تماماً أن الإيطالي بارتولوميو كريستوفوري هو من “اخترع” هذه الآلة. ولكنه عمل على تعديل أسلافها، وتحديداً الهاربسكورد. فقد كان غير راضٍ عن عدم قدرة العازف على التحكم بقوة الصوت الصادر عن الهاربسكورد، وينسب له تعديل آلية العمل واستخدام المطارق في بداية القرن الثامن عشر. وقد أُطلق على هذه الآلة الجديدة بدايةً اسم “الهاربسكورد الذي يعزف أصواتاً رقيقة (piano) وقوية (forte)”، أي أن كلمة “بيانو” تعني “الرقيق” بالإيطالية! [1].

آلية العمل

عندما يضغط العازف على المفتاح، تتحرك مطرقة داخلية وتضرب على الأوتار من الأسفل. ولكن الصوت الصادر عن هذا هو صوت رقيق [2].

تدعم الأوتار من إحدى الجهات جسور صغيرة تكون معلقة بأجهزة الأداء، وتنتقل الاهتزازات من الأوتار إلى الأجهزة عبر هذه الجسور. وبالنتيجة يخرج صوت قوي من اهتزاز الهواء بفعل أجهزة الأداء [2].

تصميم البيانو

لم يتغير شكل البيانو وهيكله كثيراً عما سبقه من الآلات الموسيقية التي تطور عنها، حيث بقيت لوحة المفاتيح والصندوق والمطارق والأوتار والدواسات من الأجزاء الرئيسية [3].

الأجزاء الأساسية

أولاً لوحة المفاتيح (keyboard)، وهي الجزء الظاهر والذي تتم فيه عملية التفاعل بين الآلة والعازف. تتألف لوحة المفاتيح القياسية من 88 مفتاحاً بالمجمل. ومن الواضح للناظر أن هذه المفاتيح تنقسم إلى مجموعتين. المجموعة الأولى هي المفاتيح البيضاء أو الطبيعية، وعددها 52. سميت بالطبيعية لأن العلامات الموسيقية (notes) التي تعطيها تكون طبيعية، أي ليست حادة أو مسطحة. أما المفاتيح السوداء، وهي 36 مفتاحاً، فتكون أقصر من أخواتها البيضاء، وتعطي علامات حادة أو مسطحة [3].

القسم الثاني هو الصندوق والغطاء (case and lid). وهو الصندوق الذي يحتوي الآلة بأكملها. على الرغم من سهولة تمييز شكله على الفور، قد يختلف الصندوق بعض الشيء بين نوع وآخر. كما يمكن أن يختلف حجمه وتأثير رفع الغطاء على الصوت الموسيقي [3].

ثالثاً، تأتي المطارق والأوتار (hammers and strings) وهي الأجزاء الجوهرية التي تقوم بالعمل. تقع المطارق والأوتار داخل الصندوق وتحت الغطاء، وتكون الأوتار متصلة بالمطارق. عند النقر على المفاتيح، يصبح المفتاح النقطة الأساسية التي تحرك المطارق وتؤثر على الأوتار. أما الأوتار، فهي مربوطة ومضبوطة لتعطي صوتاً أو علامة موسيقية محددة [3].

المثبط (damper) هو المكون الرابع في هذه الآلة المنسجمة، ويهدف إلى الحفاظ على التناغم في الصوت ومنع اختلاط الأصوات الصادرة عن مختلف العلامات الموسيقية. حيث تتمثل وظيفته بالتقاط الوتر وإيقافه عن الاهتزاز بعد أداء وظيفته، وبهذا يبقى كل صوت محافظاً على استقلاله عن بقية الأصوات. يتموضع المثبط فوق الأوتار، ويقوم بمهمته بعد أن يرفع العازف إصبعه عن المفتاح، إلا إذا كان العازف يستخدم الدواسات الموجودة في قاعدة البيانو [3].

إذاً وصلنا إلى الدواسات (pedals)، وهي الجزء الخامس. عادة ما يكون هنالك دواستان أو ثلاث حسب النوع، وهي مثبتة في القاعدة خارج الصندوق، في المكان أسفل قدم العازف. وينطوي دورها على إنشاء علامة موسيقية معينة، أو الحفاظ على علامة موجودة في اللحن، أو إيقاف الاهتزاز لإنهاء علامة صادرة عن أحد المفاتيح [3].

أنواع البيانو

تقسم آلات البيانو إلى ثلاث مجموعات رئيسية، تتفرع بدورها إلى مجموعات أصغر. وهذه المجموعات الرئيسية هي القائم أو العمودي (upright piano)، والكبير (grand piano)، والرقمي (digital piano) [4].

البيانو القائم

سمي بهذا الاسم لأن الأوتار تكون متوضعة بشكل عمودي مع الأرض. وبناء على هذا، يجب أن تضرب المطارق بشكل أفقي حتى تصيب الأوتار العمودية [4].

تختلف آلية العمل في المرحلة بين الضغط على الأزرار وضرب المطارق للأوتار عن تلك الموجودة في البيانو الكبير، لذا قد يبدو العزف مختلفاً بعض الشيء. كما أن الأوتار أقصر وأجهزة الأداء أصغر [4].

البيانو القائم

البيانو الكبير

يعد هذا النوع أكبر الأنواع وأغلاها. وتكون أجهزة الأداء فيه أفقية مما يفتح مجالاً لاستخدام أوتار أطول. وبما أن توضع الأوتار أفقي، يختلف عمله عن النوع القائم ذو الأوتار العمودية [4].

يمكن لهذا النوع أن يعزف بشكل أسرع ويوفر قدرة أكبر على التحكم لأن المطارق تود إلى وضعها بفعل الجاذبية [4].

البيانو الكبير

البيانو الرقمي

تختلف آلية عمل البيانو الرقمي عن تلك الموجودة في القائم أو الكبير مع أن الصوت الصادر عنه يبدو مشابهاً. فبدلاً من تقوم المطارق بالضرب على الأوتار، يؤدي ضغط المفاتيح إلى تشغيل حساس، وهذا ما ينتج عنه إطلاق صوت بيانو مسجل من مجموعة مكبرات صوت [4].

ويضم هذا النوع مجموعات متعددة من التسجيلات أو النماذج لكل علامة موسيقية، كما يمكن أن يتغير مستوى الصوت حسب قوة الضغط التي يطبقها العازف [4].

البيانو الرقمي

أشهر العازفين

عند ذكر آلة البيانو، سرعان ما يتبادر إلى الذهن أسماء لامعة كالألماني بيتهوفن والنمساوي موزارت من القرن الثامن عشر، والبولندي شوبان من القرن التاسع عشر، وغيرهم من الأسماء الكثيرة التي يصعب حصرها. لنستمع إلى هذه المقطوعة التي تصنف من أشهر ما أبدعه بيتهوفن “من أجل إليزا” (Für Elise).

اقرأ أيضاً: تاريخ الموسيقى

المصادر

  1. Yamaha – The Origins of the Piano
  2. Yamaha – The Sound-Producing Mechanism
  3. Anatomy of a Piano
  4. Merriam Music

الاستماع إلى الموسيقى خلال الحمل : آثاره على صحة الأم والجنين

هذه المقالة هي الجزء 5 من 11 في سلسلة أثر الموسيقى وتطورها

لطاما عُرفت الموسيقى بآثارها الإيجابية على الصحة النفسية والجسدية، وقد استُخدمت للاسترخاء وتخفيض مستوى التوتر والمشاعر السلبية والاكتئاب والقلق. ولكن إلى أي مدى يؤثر الاستماع إلى الموسيقى خلال الحمل على صحة المرأة الحامل؟ وما هو حجم تأثيره على الجنين؟

هل النساء الحوامل أكثر حساسية على الموسيقى؟

غالبًا ما تكون النساء الحوامل أكثر حساسية على عدد من المؤثرات الحسية الخارجية كالروائح ومذاقات الأطعمة مثلًا. ويعود ذلك على الأرجح للتغيرات الهورمونية في فترة الحمل. ولكن بحسب عدد من الدراسات، قد تكون النساء الحوامل أكثر تأثرًا بالموسيقى أيضًا.

بحسب “مركز ماكس بلانك للعلوم المعرفية البشرية وعلوم الدماغ” الألماني، يؤدي الاستماع إلى الموسيقى إلى تغيرات في ضغط الدم وعدد نبضات القلب وسرعة التنفس وحتى في حرارة الجسم أحيانًا عند جميع الأشخاص. أما تأثير الموسيقى في النساء الحوامل قد يكون أقوى بأضعاف، ممّا يطرح فرضية تأثير الموسيقى في الجنين أيضًا.

وفي دراسة أجراها عدد من الباحثين عام 2014، تبيّن أن النساء الحوامل يستمتعن أكثر من غيرهن بالموسيقى. كما يظهرن علامات أعلى من التوتر (أي ارتفاع سريع بضغط الدم) عند الاستماع إلى “موسيقى مزعجة” (كالموسيقى المشغلة بالعكس مثلًا). لكن لم يستطع فريق الباحثين تبيان أسباب فرط تأثر النساء الحوامل بالموسيقى، إلا أن ارتفاع نسب هورمون الأستروجين خلال فترة الحمل قد يكون واحدًا من الأسباب المؤدية لذلك. (1)

كما أضاف الفريق أن دراستهم أظهرت تأثر الأجنة بالموسيقى منذ بداية الشهر السادس من الحمل. ويظهر ذلك من خلال تغيّر عدد نبضات قلب الجنين عند تعرّضه للموسيقى.

الآثار الجسدية والنفسية للموسيقى على المرأة الحامل:

كثرت الدراسات التي بيّنت أهمية الموسيقى في تخفيف أعراض التوتر وتأثيرها الإيجابي على الصحة الجسدية والنفسية. وقد شملت هذه الدراسات البالغين والأطفال وكبار السن. كما استخدمت الموسيقى كأداة للعلاج من خلال دورها في تخفيف الأوجاع الجسدية وخفض مستويات التوتر والاكتئاب.

أما بالنسبة للنساء الحوامل، فهي فئة معرضة للاضطرابات النفسية أكثر من غيرها، إذ أن الدراسات تشير إلى أن حوالي خُمس النساء الحوامل يتعرّضن لمشاكل في مجال الصحة النفسية في فترة حملهن. من هنا، أُجريت العديد من الدراسات لتبيان أثر الاستماع للموسيقى عندهنّ.

بحسب دراسة أجراها باحثون عام 2011 على عينة من 154 مرأة حامل، إن استماع النساء الحوامل للموسيقى لمدة ثلاثين دقيقة فقط كفيل بخفض مستوى ال”كورتيزول” (وهو هورمون التوتر) وخفض مستويات القلق. (2) كما وجدت دراسة أخرى أن النساء اللواتي استمعن للموسيقى لمدة 20 دقيقة يوميًا خلال 12 أسبوع أظهرن انخفاضًا كبيرًا في مستويات القلق والاكتئاب. (3)

إضافة إلى ذلك، تفترض نتائج الدراسات أن الاستماع إلى الموسيقى خلال فترة الحمل قد يلعب دورًا في الحماية من اكتئاب ما بعد الولادة، خصوصًا في الأشهر الثلاث الأولى بعد الولادة. (4)

الآثار الجسدية والنفسية على الطفل:

لا يقتصر تأثير استماع المرأة للموسيقى عليها فقط، بل هو أيضًا يؤثر في الجنين. فالجنين قادر أن يتفاعل مع الموسيقى منذ شهر الحمل السادس، فهو يُظهر ارتفاعًا في عدد نبضات القلب عند تعرّضه للموسيقى.

ما زال تأثير الموسيقى على نمو الجنين غير واضح، إلا أن دراسات عدة تظهر أن الطفل قادر على تذكر الموسيقى التي استمع إليها في رحم والدته، حتى عمر الأربعة أشهر بعد ولادته. (5).

في تجارب على جراء الفئران، تبيّن أن تعرّضها للموسيقى قبل الولادة أدّى إلى تحفيز تكوين الخلايا العصبية بعد ولادتها، في حين أن تعرض جراء الفئران للضجة قبل الولادة فقد خفّض من تكوين خلاياها العصبية. (6)

أما عند الأطفال، فقد تبيّن أن تعرضهم للموسيقى قبل الولادة يساهم في تحسين سلوكهم حديث الولادة (وهو يشمل التحكم الحركي ومستوى اليقظة وغيرها من المؤشرات).

“الموسيقى غذاء الروح”. تُثبت الموسيقى في كل دراسة أهميتها في حياتنا اليومية، ليس فقط كنشاط ترفيهي، بل أيضًا كـأداة وقاية وعلاج على صعيد الصحة النفسية والجسدية.

المصادر:

(1): MedicalNewsToday

(2): PubMed

(3): BMC

(4): BMJ Journals

(5): NCBI

(6): NCBI

إقرأ أيضًا: كيف تؤثر الموسيقى على أدمغتنا؟

آلة الفلوت: منذ العصر الحجري حتى اليوم

هذه المقالة هي الجزء 8 من 11 في سلسلة أثر الموسيقى وتطورها

رافقت الموسيقى الإنسان منذ القدم، من خلال الغناء والرقص والعزف. وتُعتبر آلة الفلوت واحدة من أقدم الآلات الموسيقية على الإطلاق، لكنها أخذت أشكالاً عدّة مع اختلاف العصور والمناطق حول العالم. إذن ما هي آلة الفلوت؟ وما هو تاريخها؟

ما هي آلة الفلوت؟

آلة الفلوت (الناي بالعربية) هي آلة موسيقية نفخية معدنية أو خشبية، على شكل أنبوب رفيع مثقوب. وتصدر الموسيقى من خلال تذبذب الهواء داخل الآلة أو اصطدامه بحافتها. تتعدّد أشكال آلات الفلوت ويمكن تصنيفها إلى نوعين. النوع الأول يتضمن آلات الفلوت الطولية (كالناي العربي والكافال البلقانية والريكوردر والبان بايب Panpipe)، وينفخ العازف فيها من الفتحة الموجودة في الأعلى ويتجه الهواء نحو فتحة الآلة السفلية. أما النوع الثاني فهو يشمل الآلات العرضية، التي يحملها العازف بشكل أفقي (غالبًا باتجاه اليمين)، وينفخ في فتحة جانبية. ومن أبرز الأمثلة على النوع الثاني هي الفلوت الغربية (Flûte traversière) وهي من أشهر آلات الفلوت وأكثرها انتشارًا.

تاريخ آلة الفلوت:

هي تُعتبر من أقدم الآلات الموسيقية التي اخترعها الإنسان، فقد اكتشف علماء الآثار آلات فلوت قديمة جدًا تعود إلى ما بين 35 ألف و 40 ألف عام، وذلك في مناطق مختلفة من العالم (الصين، أوروبا، أفريقيا) ممّا يبين استخدام الفلوت بأشكال مختلفة من قبل حضارات قديمة عديدة. صنع إنسان العصر الحجري آلات الفلوت من عظام الحيوانات كالماموث والطيور، أو من القصب.

ظهرت أوائل الكتابات عن الفلوت في اللغة السومرية في حوالى العام 2600 قبل الميلاد. كما ظهر دور هذه الآلة في الديانة الهندوسية بحيث يعزف الإله كريشنا مستخدمًا آلة الفلوت المقدسة.

وصلت الفلوت العرضانية إلى أوروبا للمرة الأولى في العصور الوسطى من خلال التبادل مع الإمبراطورية البيزنطية، وقد انتشرت بشكل خاص في ألمانيا.

خلال الفترة القائمة بين 1100 و1200 بعد الميلاد، استُخدمت لعزف موسيقى البلاط وفي الموسيقى العسكرية في أوروبا.

في عصر النهضة، انتشر عزف الفلوت الجماعي بين العازفين وسمّيت هذه الموسيقى ب”موسيقى القرين – Consort music”. ابتداءً من القرن السابع عشر، جمعت هذه الموسيقى آلة الفلوت مع آلات أخرى. كما عمل صانعو الآلة، خصوصًا في إيطاليا وهولندا، في هذه الفترة على زيادة أجزاء إضافية (مما يعني إمكانية عزف نوتات إضافية) على الآلة.

بدأ في بدايات القرن الثمن عشر اعتماد آلة الفلوت لعزف السولو (أي العزف المنفرد)، وقد كتب المؤلفون الموسيقيون العظماء أمثال فيفالدي و باخ و هانديل العديد من المعزوفات الخاصة للفلوت.

تصميم الفلوت الحديث:

في العام 1847، صمم صانع الآلات الألماني “ثيوبالد بويم – Theobald Boehm” شكلًا حديثًا للفلوت، بحيث أضاف المفاتيح على الأنبوب المعدني، ممّا أسس لشكل الفلوت الغربي الحديث الذي نعرفه اليوم.

تُعتبر الفلوت الغربية واحدة من أهم آلات الموسيقى الكلاسيكية و موسيقى الجاز، كما تظهر أحيانًا في موسيقى البوب. أما أنواع الفلوت الأخرى فهي غالبًا تشكل جزءًا من الموسيقى التقليدية لبلدان مختلفة (كالناي و المزمار للموسيقى الشرقية، والفلوت الهندية).

في نهاية هذا المقال، أقترح لك عزيزي القارئ مجموعة من المعزوفات لأنواع مختلفة من الفلوت، وأتمنى لك وقتًا ممتعًا:

المصادر:

Britannica
Yamaha.com
Theinstrumentplace.com

إقرأ أيضًا: تاريخ الموسيقى

هل تؤثّر الموسيقى في نمو النبات؟

هذه المقالة هي الجزء 7 من 11 في سلسلة أثر الموسيقى وتطورها

لطلما عُرفت الموسيقى بتأثيرها في البشر، لكن العديد العلماء والباحثين تحدّثوا أيضًا عن تأثير الموسيقى في باقي الكائنات الحية كالحيوانات، فتبيّن مثلًا أن الموسيقى الكلاسيكية حسّنت من سلوك الفئران وزادت من إنتاج الحليب البقري. أما النباتات فهي كائنات حية أيضًا، تتنفس وتنمو وتتكاثر، ولكنها لا تملك أذنين. إذن هل تؤثّر الموسيقى في نمو النبات؟ وإلى أي مدى؟

تاريخ دراسة تأثير الموسيقى في الحيوانات:

استبعد الباحثون لسنين طويلة إمكانية تأثر النباتات بالموسيقى، كونها كائنات لا تملك جهازًا عصبيًا، فيصعب تلقيها للموسيقى أو تجاوبها معها. في المقابل، لاحظ آخرون تجاوب النبات للموسيقى، ودرسوا هذه الفرضية.

كان عالم النبات البنغالي “جاغاديش تشاندرا بوز -Jagadish Chandra Bose ” من أوائل الذين درسوا تأثر النبات بمختلف المؤثرات، ومنها الموسيقى في كتابه “Response in the living and non-living” (عام 1902) وفي كتابه “Plants response as a means of physiological investigation” (عام 1906). [1]

العلم يسأل ويجيب: هل تؤثر الموسيقى في النبات؟

في العام 1962، قاد الدكتور سينغ ( Dr. T.C. Singh) وهو المسؤول عن قسم علم النبات في جامعة أنامالاي في الهند، مجموعة من الأبحاث لدراسة تأثر نمو النبات بالموسيقى. وقد لاحظ زيادة بحوالى ال20% في نمو نبات البلسم وزيادة بنسبة 72% بكتلتها الحيوية بعد تعرّضها للموسيقى الكلاسيكية، وقد لاحظ الأثر نفسه بعد تعريضها لموسيقى الراجا (Raga music)، وهي موسيقى قائمة على آلتي الكمان والفلوت. أما تشغيل موسيقى الراجا لمحاصيل الحقول فقد زاد من نموها بنسبة تتراوح بين 35% و60%. كما بيّن دكتور سينغ أن الحبوب المعرّضة للموسيقى الكلاسيكية قد نمت بشكل أسرع وأعطت عددًا أكبر من الورق. [2]

في العام 1974، نشرت دوروثي ريتالاك كتابها “The Sound of Music and Plants” الذي وصفت فيه مجموعة من الاختبارات التي أجرتها لدراسة كيفية تأثير أنواع مختلفة من الموسيقى على النبات. وبيّنت النتائج أن تعريض النباتات لنوتة ثابتة على مدى ثمان ساعات يوميًا قد أدى إلى تراجع نموه وموته أحياناً. أما تعريضها لنفس النوتة بشكل متقطع أدى إلى زيادة في نموها. كما بينت نتائج مختلفة بحسب نوع الموسيقى، ففي حين كانت الموسيقى الكلاسيكية والجاز تحفز نمو النبات، كانت مويبقى الروك ذات تأثير سلبي عليه. تجدر الإشارة إلى أن العديد من العلماء يعتبرون ان اختبارات دوروثي ريتالاك تفتقد للمصداقية العلمية، ولا يمكن اعتبارها كمصدر علمي موثوق. [3]

أما دراسات الباحث الهندي “غوتاما ريدي” فقد بيّنت أن موسيقى الراغا الهندية حسنت نمو النباتات والمزروعات كالسبانخ والصويا والقمح. كما حفزت إنبات بذور الكوسى والبامية. [1]

في دراسة أخرى أُجريت في جامعة غوجارات في الهند، تبيّن أن النباتات التي تعرّضت للموسيقى الهادئة نمت بشكل أسرع، وذلك بنسب متفاوتة بحسب نوع النبات. كما أظهرت النباتات المعرضة للموسيقى عددًا أكبر من الأوراق والزهور. كما تفتحت الزهور فيها بوقت مبكر مقارنة بالنباتات التي لم تتعرض لأي موسيقى. [4]

إذن فإن هذه الدراسات تشير إلى أن الموسيقى تؤثر في النبات ونموها.

كيف تؤثر الموسيقى في النبات؟

رغم وجود عدد من الدراسات التي تشير إلى تأثر النبات بالموسيقى، إلا أن سبب هذا التأثير ما زال غامضًا وغير واضح. الفرضية الأكثر ترجيحاً هي حساسية النبات لتغير ضغط الهواء. فالموسيقى عبارة عن موجات صوتية مؤلفة من جزيئات الهواء المضغوطة. وبالتالي فإن الموجات الصوتية قد تكون قادرة على التأثير على مستقبلات تغير ضغط الهواء عند النبات.

يعتبر عدد من الباحثين أن حساسية النبات على الأصوات والتذبذبات قد تكون لها أسباب تطورية. فقد بينت الدراسات أن النباتات تتواصل من خلال الذبذبات، وهي تنمو بشكل أفضل عندما تكون محاطة بنباتات أخرى. كما أن النبات قد يكون قادرًا على الاستجابة للذبذبات التي تتسبب بها الرياح، ليحمي نفسه منها، فينمو بشكل أبطأ في فترة الرياح لكي يستطيع مقاومتها.

ولكن تأكيد سبب تأثر النبات بالموسيقى واختلاف هذا التأثير بحسب نوع النبات ونوع الموسيقى مازال بحاجة للبحث والتقصي العلمي.

الموسيقى لغة كونية

ليست الموسيقى حكرًا على البشر، فالدراسات تبيّن يومًا بعد يوم أن الموسيقى تؤثر في باقي الكائنات الحية من الحيوانات والنباتات. ولكن تأثر الكائنات بالذبذبات يفتح الأسئلة حول كيفية احساس النبات بالأصوات وتواصلها مع بعضها. فإلى مدى سيستطيع العلم إجابتنا حول هذه الأسئلة في المستقبل؟

 المصادر:

[1]: Researchgate..ne

[2]: agriculture.com.ph

[3]: dovesong.com

[4]: Academia.edu

إقرأ أيضًا: كيف توثر الموسيقى في الحيوانات؟

ما هو أثر الموسيقى في الحيوانات؟

هذه المقالة هي الجزء 6 من 11 في سلسلة أثر الموسيقى وتطورها

ما هو أثر الموسيقى في الحيوانات؟

دُرس تأثير الموسيقى على البشر لسنين طويلة وقد أصبح معروفًا حجم تأثيرها على أدمغتنا وأجسادنا وصولًا إلى تأثيرها على المجتمع والهوية والسياسة. ولكن حب الموسيقى لا يقتصر على البشر، فللموسيقى أيضًا تأثير على الطبيعة، وتحديدًا على الحيوانات. ويشمل هذا التأثير آثارًا جسدية ونفسية وسلوكية. إذن ما هو أثر الموسيقى في الحيوانات؟ وكيف يختلف تأثيرها من حيوان إلى آخر؟

هل تؤثر الموسيقى في كل الحيوانات على حد سواء؟

يختلف تأثير الموسيقى على الحيوانات بحسب اختلاف نظامها الإدراكي السمعي. فبينما تتأثر بعض أنواع الحيوانات بالموسيقى التي يصنعها ويستمع البشر إليها، تتأثر أخرى بأنواع من “الموسيقى” ضمن نطاق تردد الأصوات الذي يناسبها، والذي قد يعجز البشر عن سماعه. على سبيل المثال، كان الباحثون يختبرون تأثير الموسيقى على الفئران. لكنهم اكشتفوا أن تواصل الفئران بين بعضها يتم من خلال الموجات فوق الصوتية. فمن الصعب إذن أن تستمتع بالموسيقى التي نستمع إليها. في المقابل، تستطيع الطيور المُغرّدة -وهي نوع من الطيور تقلّد الأصوات البشرية- الاستماع إلى الموسيقى والأصوات البشرية، كما تستطيع تقليدها وغناءها.

الآثار الجسدية والنفسية : نمو الدماغ وتعلم المهارات

أُجريت العديد من الدراسات لاختبار نمو الدماغ والمرونة العصبية، ومنها في فترة ما قبل الولادة أو في فترة بعد الولادة. بيّنت إحدى الدراسات أن تعرض الفئران للموسيقى الكلاسيكية (موزارت) حسّن من انتباهها السمعي وقدرتها على تمييز الأصوات. أما تعرضها للموسيقى قبل الولادة، فقد ساهم في نمو الخلايا العصبية السمعية. في المقابل، فقد سبب تعرضها للضوضاء العالية خفض من نسبة تكوين الخلايا العصبية (Neurogenesis) , خفض من قدرتها على التعلم المكاني.

الآثار الجسدية والنفسية: النمو الجسدي

استُخدمت الموسيقى للتأثير فيزيولوجيًا على الحيوانات، تحديدًا في المزارع. فقد بيّنت العديد من الدراسات أن تعرّض البقر للموسيقى الهادئة يزيد من إنتاج الحليب بنسبة 12،64%. بالنسبة للدواجن، لم تشر النتائج بوضوح إلى مساهمة الموسيقى في تحسين نموها. ولكنها أشارت إلى أن استماع الدواجن للموسيقى يساهم في زيادة معدّل تغذيتها، ممّا ساهم في نموها أسرع بشكل غير مباشر.

الآثار الجسدية والنفسية: خفض مستوى التوتر

تساهم الموسيقى الهادئة في خفض مستوى التوتر (الذي يقاس من خلال عدد ضربات القلب وضغط الدم) عند البشر وعند العديد من الحيوانات كالشيمبانزي والفيلة والفئران والدجاج والكلاب. في المقابل، تزيد الموسيقى العالية أو السريعة مستوى التوتر عند عدد من الحيوانات، لذلك فإنه لا يمكن حسم دور الموسيقى لمستوى التوتر، بل يتعلق ذلك بنوع الموسيقى ودرجتها من جهة، وبأصناف الحيوانات التي تتعرض لها من جهة أخرى.

الآثار السلوكية

أظهرت عدد من الأبحاث أن للموسيقى تأثير في السلوكيات الحيوانية.

عند الشيمبانزي مثلًا، الصنف الأقرب إلى الإنسان، تساهم الموسيقى في زيادة التفاعل الاجتماعي بين أفرادها. كما بيّنت دراسة أن حيوانات الشيمبانزي التي تستمع إلى الموسيقى الكلاسيكية أظهرت عددًا أقل من السلوكيات العنيفة، وعددًا أكبر من السلوكيات الاجتماعية والاستكشافية.

في دراسات أخرى أُجريت على الكلاب، تبيّن أن الكلاب التي تتعرض للموسيقى الكلاسيكية تكون أكثر هدوءًا وتُمضي وقتًا أطول بالاستراحة وتصدر أصواتًا أقل من الكلاب الأخرى، في حين أن الكلاب التي تتعرض لموسيقى الميتال (Metal)، وهي نوع من الموسيقى الصاخبة، فهي تكون أكثر حركة وتوترًا.

إذن، يعتبر العلماء أن الموسيقى تؤثر في الحيوانات بدرجات مختلفة، وقد يكون إيجابيًا أو سلبيًا بحسب نوع الموسيقى وبحسب الحيوان الذي يتعرّض لها. وبذلك، تتخطّى الموسيقى كونها لغة بشرية عالمية لا تعرف الحدود، بل هي أيضًا لغة كونية تفهمها الحيوانات أو تتأثر بها على الأقل.

المصادر:
Nature.com
Researchgate.com
Sciencefocus

يمكنك أيضًا قراءة: لماذا نحب الاستماع إلى الموسيقى؟

موسيقى الجاز: الموسيقى التي وُلدت من رحم النضال ضد العنصرية

هذه المقالة هي الجزء 10 من 11 في سلسلة أثر الموسيقى وتطورها

لا تقتصر مقاومة الشعوب للظلم والعنصرية على النضالات السياسية والعسكرية، بل هي تتخطاها إلى النضالات الفنية والموسيقية. وتُعد موسيقى الجاز أحد أبرز الأمثلة على المقاومة بالفن. فما هو الجاز؟ وما هو تاريخ هذا النمط الموسيقي؟ وكيف ساهم الجاز بمحاربة العنصرية؟

ما هو الجاز؟

“الجاز – Jazz” هو نمط موسيقي واسع أُنشئ في الولايات المتحدة الأميركية من قبل الأميركيين من أصل أفريقي، تميّز في بداياته بالارتجال الموسيقي. وهو يجد جذوره في موسيقى “البلوز – Blues” و”الراغتايم- Ragtime”، ويمزج بين الإيقاعات الأفريقية والهيكلية الموسيقية الأوروبية.

يتميّز الجاز غالبًا بتناغم موسيقي (هارموني) معقّد، وتأخير النبرة الموسيقية (syncopation) وبدرجات مختلفة من الارتجال الموسيقي. من أكثر الآلات الموسيقية المُستخدمة في الجاز هي آلة الـ”ترومبيت-Trumpet” والـ”ساكسوفون -Saxophone” والبيانو والـ”درامز – Drums” والغيتار.

من الصعب تحديد تعريف واضح وخصائص موسيقية ثابتة للجاز، إذ أنه منذ نشأته في القرن العشرين، شهد الجاز تغيرات وتطورات كبيرة، وتفرع بعدد من الأنواع الموسيقية المختلفة. ولكن على الرغم من تنوّعه، يتمتع الجاز بهوية فريدة وخاصة تميّزه عن باقي الأنماط الموسيقية.

تاريخ موسيقى الجاز:

انطلق الجاز في بدايته من مدينة نيو أورلايانز التي تقع في ولاية لويزيانا الأميركية، وذلك في بدايات القرن العشرين. وقد شكّلت الخلفية الثقافية الغنية لهذه المدينة أرضًا خصبة لتشكل نمط الجاز الموسيقي، فقد تميّزت نيو أورليانز بالتنوع السكاني الأكبر بين المدن الجنوبية، بحيث جمعت المدينة سكانًا من أصول أفريقية وفرنسية وكاريبية وأيطالية وألمانية ومكسيكية وبريطانية وغيرها. بين العامين 1910 و 1915، انتشر تنظيم أدوار الآلات الموسيقية ضمن مجموعة متناسقة. ورغم عدم إتاحة كل الآلات الموسيقية للعازفين ذوي البشرة السمراء، استطاع هؤلاء خلق موسيقى متناسقة ومستقلة، من خلال استخدام الآلات المتاحة لهم كالكلارينيت والبوق (ترومبيت) والترومبون والتوبا والبيانو والآلات الايقاعية. بعد فترة، بدأ الموسيقيون بالارتجال خلال عروض الفرق الموسيقية، وكانت هذه بداية موسيقى الجاز.

امتزجت الموسيقى الأفريقية التقليدية مع أنماط موسيقية أخرى لينمو الجاز تدريجيًا متجذرًا من الراغتايم والبلوز وموسيقى فرق المسيرة. وكان الجاز في بدايته موسيقى للرقص. بعد تسجيل أغاني الجاز الأولى في عام 1917، انتشر الجاز سريعًا في مدن وولايات أخرى.

نجوم الجاز الأوائل

وقد لمع نجوم الجاز الأوائل أمثال لويس أرمسترونغ ودوك إلنجتون و تشارلي باركر الذين رسموا ملامح موسيقى الجاز. ابتدع هؤلاء تقنياتها وقادوا انتشار الجاز في الولايات المتحدة الأميركية والعالم. في العشرينيات من القرن الماضي، تجذّر الجاز للمرة الأولى في بريطانيا متأثرًا بموجة الجاز الأميركية. وهو ما ساهم في انتشاره في باقي دول العالم.

في الاربعينات، ساهم انتشار الراديو والأفلام والإعلانات بانتشار أكبر لموسيقى الجاز. تحول مغنيو هذا النمط المةسيقي إلى نجوم عالميين وذوي شعبية عالية. كما انتقل العديد من عازفي الجاز إلى الخدمة العسكرية خلال الحرب، ممّا فتح المجال أمام عازفات إناث لدخول مجال الجاز. وقد شهدت سنوات الخمسينات على نجاح كبير للجاز أيضًا، بحيث اعتُبر موسيقى جيل الشباب، وقد تأسست نوادي الجاز في مختلف دول العالم. كذلك تأسس فرع موسيقي جديد تحت مظلة الجاز وهو اليببوب (Bepop).

في الستنينات، شهدت موسيقى الجاز تغييرًا كبيرًا وقد وُلد نمط موسيقي جديد سمّي بالجاز الحديث. لكن صعود نجم موسيقى الروك جعل من الجاز أقل شعبية من ذي قبل. ورغم ذلك، استمرت موسيقى الجاز بالتجدد والانتشار، وهي تعتبر من أهم الانماط الموسيقية وأكثرها انتشارًا وشعبية حتى اليوم.

كيف ساهمت موسيقى الجاز بمقاومة العنصرية؟

كانت موسيقى الجاز بمثابة مساحة للأميركيين ذوي البشرة السمراء، للتعبير عن معاناتهم وأوجاعهم وأفراحهم ورغباتهم، وقد وُلدت موسيقى الجاز في أكثر المناطق التي عانت من التمييز العنصري. كما عبّرت هذه الموسيقى عن هوية الأميركيين ذوي البشرة السمراء وفخرهم بأصولهم الإفريقية وتاريخهم.

لكن دور الجاز لم يقتصر على كونه وسيلة للتعبير، بل تحوّل لأداة لرفع الصوت بوجه التمييز العنصري، من خلال كلمات أغاني الجاز وموسيقاها. فقد بدّل مثلًا لويس أرمسترونغ كلمات أغنية “What did I do to be so” ليثير قضية التمييز العرقي في كلماته سنة 1929. وفي العام 1960، أصدر “ماكس روتش – Max Roach” ألبوم الجاز تحت اسم “We insist!”، الذي غنى فيه عن تاريخ العبودية وتحرر الأفارقة من أنظمته وشمل دعوات لتحرير جنوب أفريقيا. كما غنى العديد من مغني الجاز ضد التمييز الطبقي والجندري.

بالإضافة إلى ذلك، ساهمت صناعة الجاز باختلاط الأميركيين البيض والسود، ورغم وجود التمييز العرقي في كافة القطاعات، اكتسب المغنون السود احترامًا كبيرًا ومعاملة عادلة مقارنة بالمغنين البيض.

Jazz stands for freedom. It’s supposed to be the voice of freedom: Get out there and improvise, and take chances, and don’t be a perfectionist – leave that to the classical musicians

Dave Brubeck

يقول مغني الجاز داف بروبيك أن الجاز هو “صوت الحرية”. وقد ساهم الجاز في كسر حواجز الخوف والعنصرية من جهة، وبكسر تقاليد الموسيقى التقليدية من خلال إفساح المجال للارتجال من جهة أخرى. من هنا، يُعتبر هذا النمط الموسيقى ثورة فنية، بدأت في مدينة تعاني من الفقر والتمييز ووصلت أصداؤها إلى العالم أجمع.

المصادر:

American history
Britannica
National jazz archive
York college

إقرأ أيضًا: ما هي موسيقى الروك؟ وكيف نشأت؟

لماذا نحب الاستماع إلى الموسيقى؟

هذه المقالة هي الجزء 1 من 11 في سلسلة أثر الموسيقى وتطورها

تتجذّر الموسيقى في السلوك البشري منذ القدم، وهي ترافق جميع الحضارات البشرية في مختلف بقاع الأرض. وتشكّل الموسيقى جزءًا من الطبيعة البشرية، إذ أن أغلب البشر يمتلكون بالفطرة القدرة على فهم الموسيقى والاستمتاع بها، وذلك من عمر صغير جدًا. ولكن لماذا نحب الاستماع إلى الموسيقى؟ غالبًا ما تكون السلوكيات المشتركة بين البشر هي سلوكيات ذات أصول تطورية، أي أنها ساهمت في التكاثر والبقاء على قيد الحياة. فما هي الوظائف التي لعبتها الموسيقى؟

الأصول التطورية للموسيقى

تعود علاقة الموسيقى بالإنسان إلى أكثر من أربعين ألف عام، وهي ليست اختراعًا نشأ عند عدد معيّن من الأفراد وانتشر فيما بعد بين البشر كالكتابة مثلًا، بل هي على العكس نشأت بشكل فطري في جميع الحضارات البشرية، حتى الأقدم منها. (1) (إقرأ أيضًا: تاريخ الموسيقى) إن قِدم الموسيقى وتجذّرها في التاريخ البشري دفع العديد من العلماء إلى البحث حول الوظائف التطوّرية للموسيقى.

تنتشر السلوكيات الموسيقية في الطبيعة عند مختلف الحيوانات من الطيور والحيتان وصولًا إلى الحيوانات الأقرب إلينا جينيًا وهي القردة العليا كالغوريلا والشيمبانزي، التي تصنع الموسيقى من خلال الضرب باليدين. تستخدم الحيوانات الموسيقى لتسهيل التزاوج أو التواصل فيما بينها. من هنا، يمكن ملاحظة أدوار الموسيقى التطورية عند الحيوانات.

الموسيقى عند دارون

كتب مؤسس نظرية التطور داروين عن احتمال وجود وظائف تطورية للموسيقى، واعتبر أن البشر استخدموا الموسيقى للتواصل فيما بينهم قبل تطوير اللغة المعقّدة، وتحديدًا للإثارة الجنسية. في عام 2000 م، اعتبر عالم النفس الأميركي جورج ميلر الموسيقى ذات دور أساسي في الجنس، إذ أن القدرات الموسيقية (الغناء والرقص والعزف وغيرها) يمكن أن تتقاطع مع الصفات الضرورية من أجل التكاثر ورعاية الأطفال، فجودة الأداء الموسيقي تعكس عوامل العمر والصحة والرشاقة والذكاء والتآزر اليدوي والانتباه وغيرها. وأضاف ميلر دور الموسيقى كعامل لجذب انتباه الشريك الجنسي وإثارته.

من ناحية أخرى، تحدّث عالم النفس “كولوين تريفارذن – Colwyn Trevarthen” عن دور الموسيقى في التواصل بين الأم وطفلها، بحيث تستخدم الدندنة والإيقاعات لخلق أنماط ثابتة من التفاعل تساهم بتعزيز علاقة تُشعر الطفل بالأمان. (2)

بالنسبة لعلماء آخرين كـ”بانكسيب-Panksepp” و”برناتزكي-Bernatzky”، لعبت الموسيقى وظيفة تطورية من خلال تسهيل التواصل الاجتماعي وبالتالي زيادة الإنتاجية في عمل المجموعات والقبائل.

من خلال الفرضيات المطروحة، يمكن استنتاج أن الموسيقى تملك عدة وظائف تطورية، قد تكون ساهمت في جعل خاصية خلق الموسيقى والاستمتاع بها خاصية بشرية عالمية وفطرية.

الموسيقى بحسب نظرية الاستخدامات والإشباعات

نظرية الاستخدامات والإشباعات هي مقاربة لتفسير سلوكيات الأفراد تجاه وسائل الإعلام والتواصل لتلبية حاجاتهم الفردية.

أثبتت الأبحاث أن الأشخاص يستمعون إلى الموسيقى لعدد كبير من الأسباب. فقد وجد الباحثون غانتز و بيرسون وشيللر في العام 1978 م أن المراهقين يستمعون إلى الموسيقى بهدف تخفيف التوتر و تمضية الوقت وتخفيف مشاعر الوحدة وإدارة مزاجهم.

في العام 1999 م، عمل الباحثان هارغريفز و نورث على البحث عن وظائف الموسيقى الاجتماعية، وقد وجدوا أنها تلعب ثلاث وظائف أساسية: إدارة المزاج وتحديد الهوية الفردية وتعزيز العلاقات الاجتماعية. وفي دراسة أجروها على عينة من المراهقين الذين يبلغون 13 و14 عامًا ، تبيّن أن وظيفة الموسيقى الأساسية هي رسم صورة اجتماعية للآخرين من جهة، وتلبية حاجاتهم العاطفية من جهة أخرى. (4)

ختامًا، تؤثر الموسيقى على أدمغتنا وتحفز شعور اللذة، مما يجعلنا نستمتع بالاستماع إليها. وهي تساهم في تخفيف التوتر والتعبير عن المشاعر من جهة، وفي صقل هويتنا الفردية وصورتنا الاجتماعية من جهة أخرى. وأنت عزيزي القارئ، ما هو السبب الذي يدفعك إلى حب الموسيقى؟

المصادر:

(1) Language, Brain, and Cognitive Development: Essays in Honor of Jacques Mehler
(2) Taylor & Francis online
(3) NCBI
(4) ACADEMIA

تطوّر الموسيقى العربية بين التاريخ والجغرافيا

هذه المقالة هي الجزء 9 من 11 في سلسلة أثر الموسيقى وتطورها

تشكّل الموسيقى واحدًا من أبرز الأوجه الثقافية للمجتمعات، وهي تؤثر وتتأثر بتطوّر هذه المجتمعات وتغيرها. لذلك، يكشف البحث عن تطور أي نوع من الموسيقى مستويات أعمق من البحث في التاريخ والسياسة وعلم الاجتماع. فما هي مراحل تطوّر الموسيقى العربية عبر التاريخ؟ وكيف تأثرت هذه الموسيقى بالأحداث التاريخية من جهة، وبالتبادل الثقافي مع مختلف البقع الجغرافية في العالم من جهة أخرى؟

تعريف الموسيقى العربية

يمكن تعريف الموسيقى العربية عمليًا بكل بساطة بالموسيقى المنتشرة في المناطق المتحدثة باللغة العربية حاليًا، من الخليج مرورًا ببلاد الشام وصولًا إلى المغرب العربي. لكن تعريف الموسيقى العربية يتخذ مفهومًا مختلفًا قي بعديه التاريخي والتقني.

تاريخيًا، يُقصد بالموسيقى العربية الموسيقى التي نشأت في شبه الجزيرة العربية في فترة ما قبل الإسلام، والتي تطوّرت خلال انتشار الإسلام، وكانت مدارسها مركزة في مكة المكرمة والمدينة المنورة في القرنين السابع والثامن، ومن ثم في بغداد وقرطبا بعد توسع الدولة الإسلامية. وبعد القرن الثالث عشر حتى اليوم، أصبحت منتشرة في مختلف مناطق الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا.

من الناحية الموسيقية التقنية، تتميز الموسيقى العربية بأنظمتها النغمية وتقسيمانها الإيقاعية وآلاتها الموسيقية، لذلك تُشمل الموسيقى التركية والفارسية أحيانًا معها كونها تحمل طابعًا شرقيًا مشتركًا.

المراحل التاريخية لتطوّر الموسيقى العربية

تتجذّر أصول الموسيقى العربية، بحسب غالبية المؤرخين، في شعر الجاهلية الذي كان منتشرًا بين القرنين الخامس والسابع بعد الميلاد، بحيث كان الشعراء يلقون الشعر بمرافقة إيقاع بواسطة الطبل، ونغمة بواسطة آلة العود. وكانت حينئذٍ تُعطى النساء ذوات الأصوات الجميلة والمميزة وظيفة حفظ الشعر وغنائه بحسب الأوزان الشعرية، إلى جانب تعلّم العزف على آلة موسيقية كالعود والطبل والربابة وغيرها.

في فترة انتشار الدين الإسلامي في القرن التاسع، ترجم الفيلسوف العربي “إسحاق الكندي” المبادئ والقوانين الموسيقية الإغريقية، وأضاف نظريات موسيقية جديدة، ونشر خمسة عشر مقالًا حول الموسيقى. في أحد مقالاته استخدم كلمة “موسيقى” للمرة الأولى في اللغة العربية، من ثم استُخدمت هذه الكلمة في اللغات الفارسية والتركية والانكليزية وغيرها من اللغات. بين القرنين التاسع والعاشر، نُُشرت للمرة الأولى موسوعة تجمع القصائد والموسيقى. كما نشر “أبو نصر الفارابي” كتابه بعنوان “كتاب الموسيقى الكبير”، الذي يوثّق فيه المقامات الموسيقية العربية التي ما زالت مستخدمة حتى اليوم.

بعد توسّع الدولة الإسلامية، تحوّلت الأندلس في القرن الحادي عشر إلى مركز لتنصنيع الآلات الموسيقية، التي سرعان ما انتشرت في باقي القارة الأوروبية.

في القرن الثالث عشر، كان الموسيقي العربي “صفي الدين الأُرموي” أول من ضبط طريقة تدوين الأنغام وتقسيم الإيقاعات، والتي لم تُعتمد في العالم الغربي حتى القرن العشرين.

الموسيقى في الدولة العثمانية وما بعدها

مع تأسيس الدولة العثمانية وتوسّعها فيما بعد، تفاعلت الموسيقى العربية مع الكثير من الثقافات الموسيقية المختلفة، من الموسيقى التركية إلى الموسيقى الفارسية والبيزنطية والأرمنية وغيرها. وتطوّرت في تلك الفترة الموسيقى وتعدّدت الآلات الموسيقية المستخدمة. كما تعلم الرجال العزف على الآلات الموسيقية كالعود والقانون والناي.

بعد احتلال نابوليون لمصر، نقل العديد من العادات الموسيقية العربية والعثمانية لأوروبا، فانتقل استخدام الآلات الموسيقية المعتمدة في الفرق العثمانية العسكرية (كالبيكولو والسيمبال) إلى الفرق الأوركسترالية الموسيقية الأوروبية.

في القرن العشرين، كانت مصر أولى الدول العربية التي تشهد صعود مفهوم القومية، ممّا ساهم بخلق تيار موسيقي وطني منفرد، وتحوّلت القاهرة إلى مركز للإبداع الموسيقي. وقد كانت “أم كلثوم” في مصر إحدى أبرز وجوه التيار الموسيقي الجديد، تبعتها “فيروز” في لبنان.

بدأت الموسيقى العربية بالتأثر بالتيارات الموسيقية الغربية في الخمسينات والستنيات، ممّا سمح بإستخدام الآلات والإيقاعات الموسيقية الغربية، كما فتح المجال لنشوء العديد من الأنواع الموسيقية العربية كالبوب والروك والجاز والراب والهيب هوب و الإلكترونيك غيرها.

اليوم، تُعد الموسيقى العربية من أكثر الثقافات غنىً وتنوّع، إذ تختلف الموسيقى من منطقة عربية إلى أخرى، ومن دولة إلى أخرى، ومن منطقة إلى أخرى ضمن البلد الواحد. ضف على ذلك تأثر الموسيقى العربية بالأنماط الغربية مما زاد من تنوعها وغناها.

المصادر:
traditionalarabmusic.com
Jstor.org
Insidearabia.com
Zawaya.org

إقرأ أيضًا: تاريخ الموسيقى

علاقة الموسيقى بالسياسة: الموسيقى في خدمة الأنظمة السياسية

هذه المقالة هي الجزء 4 من 11 في سلسلة أثر الموسيقى وتطورها

لا يخفى على أحد دور الموسيقى كأداة للترفيه والمتعة وكناتج ثقافي وجمالي، لكنها أيضًا جزءٌ لا يتجزأ من حياة المجتمع الذي تنشأ فيه وتتوجه إليه. تساهم الموسيقى في تشكيل سلوكنا الاجتماعي والأخلاقي وفي التأثير عليه وتغييره، كما تؤثر على نظرتنا للهوية والدين والسياسة. الموسيقى قادرة أيضًا على توحيد الحشود وتحريكها وإثارة الحماس فيها. من هنا، يظهر دور الموسيقى الاجتماعي والسياسي. فكيف يمكن وصف علاقة الموسيقى بالسياسة؟ وكيف يتم استخدام الموسيقى في خدمة البروباغندا؟

كيف رأى الفلاسفة علاقة الموسيقى بالسياسة؟

لطالما شكّلت الموسيقى مادة دسمة للنقاش الفلسفي، وقد كتب الفلاسفة منذ القِدم عن السلطة والقوة التي تمتلكها الموسيقى، ممّا يمهّد لدورها في السياسة.

لعلّ أفلاطون من أوائل الفلاسفة الذين نسبوا للموسيقى قوة التأثير، فقد آمن أفلاطون أن الموسيقى تمتلك “تأثيرًا على الروح”، وصنّف الموسيقى بين “الموسيقى الجيّدة” و”الموسيقى السيئة”. (1) كما اعتبر أنه يجب إتقان الموسيقى في سبيل خدمة الشجاعة والفضيلة. وكانت الموسيقى حاضرة في تصورّه للمدينة الفاضلة. كما لأفلاطون كذلك لأرسطو، تُعتبر الموسيقى أداة مهمة في تعليم الأطفال وتثقيفهم أيضًا. (2)

في عصر التنوير، كتب الفيلسوف جان جاك روسو عن دور الموسيقى في السياسة، فقد ربط بين الموسيقى واللغة، والمشاعر التي تكمن في المجتمع وتحدّد العلاقات فيه. كذلك ركز روسو على الجانب العاطفي في العلاقات الاجتماعية، وقدرة الموسيقى على الإقناع بأيديولوجيات سياسية، بدون استخدام القوة. (3) ويذكر روسو الأغنية السويسرية التقليدية “ranz des vaches”، التي منعت السلطات السويسرية بثها أو غناءها أمام الجنود السويسريين في القتال، لأنها تدفعهم غالبًا إلى البكاء والرغبة بالعودة إلى وطنهم. (2)

وقد يكون الفيلسوف الألماني “ثيودور أدورنو” أحد أكثر الفلاسفة الذين درسوا تأثير الموسيقى على السياسة وتأثرها بها. فقد كان ناقدًا شديدًا للرأسمالية، واعتبر أن الموسيقى أصبحت بخدمة الإنتاج. ورأى أدورنو أن إنتاج موسيقى شعبية بمعايير شبه موحّدة بهدف زيادة نسب الاستماع إليها وبيعها، يسفّه مع الوقت قيمة الموسيقى وقدرة المستمعين على تقدير واستساغة قيمتها الفنية. إن الموسيقى الجيدة بالنسبة لأدورنو هي القادرة على إثارة الحس النقدي عند المستمع، بحيث تحثه على عيش حياة تحمل قدرًا أكبر من الحرية والاستقلالية. (4)

الموسيقى في خدمة الأنظمة السياسية:

تُدرك الأنظمة والأحزاب السياسية أهمية الموسيقى وتأثيرها على الشعوب، وهي غالبًا تستخدمها في سبيل بث الأيديولوجيات التي تؤمن بها.

في عصر النهضة في أوروبا وتحديدًا في إيطاليا، نشأ تيار موسيقي أوبيرالي يهدف إلى وصف وشرح الأدوار والعمليات السياسية، والتعبير عن استدامة وشرعية المجتمع المنظم. وبعد النجاح الكبير لهذا التيار الموسيقي في السياسة، استخدمته الكنيسة، واستبدلت به تعدد الأصوات في الموسيقى (polyphony) الذي كان معتمدًا سابقًا.

في أمثلة أكثر حداثة، أسّس الاتحاد السوفياتي خلال الحرب العالمية الثانية الفرق الموسيقية لتحريض العسكر وتشجيعهم معنويًا في القتال. كذلك استخدم النازيون أغاني ألمانية شعبية في خدمة بروباغندا الحزب النازي. بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، تولّى مجلس الاستراتيجية النفسية التابع لوكالة المخابرات المركزية في الولايات المتحدة الأميركية مسؤوليات عدة، كانت إحداها الإشراف على بث ونشر الأغاني القومية. (5)

بين الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، استغلت العديد من الأنظمة السياسة في دول أفريقية، مثل جمهورية زائير وكينياـ الموسيقى لجمع تأييد الشعوب حولها. في جمهورية كونغو الديمقراطية، تشكل موسيقى ال”ليبانجا – Libanga” جزءًا مهمًا من الموسيقى التقليدية والإرث الفني السياسي، وهي موسيقى قائمة على تمجيد القادة السياسيين والحشد حولهم.

يمكن أيضًا ذكر العديد من الأغاني العربية في هذا السياق، لعلّ أشهرها هي أغاني المطربة أم كلثوم للملك فؤاد والملك فاروق والرئيس جمال عبد الناصر.

حتى الآن، تستخدم الموسيقى في الكثير من الدول لمرافقة الحملات الانتخابية، وهي تهدف للتأثير عاطفيًا على الناخبين، وإثارة صور وروابط معينة بحسب اختيار الموسيقى.

الموسيقى في الأناشيد الوطنية

قد تكون الأناشيد الوطنية من أبرز أوجه استخدام الموسيقى في السياسة. فهي لا تجسّد نظامًا سياسيًا فقط، بل هوية وطنية وثقافية كاملة.

على الرغم من بساطة أنغامها وكلماتها عادةً، تحتل الأناشيد الوطنية مرتبة هامة، تمامًا كالأعلام الوطنية، وهي تحظى باحترام عال. وذلك لأن النشيد الوطني لا يقتصر على كونه موسيقى وكلمات فقط، بل هو هوية جامعة قادرة على خلق شعور بالانتماء والقوة، يرافق الشعوب في كل مناسباتها الهامة.

تناولنا في هذا المقال جانبًا واحدًا من دور الموسيقى في السياسة. فرغم استخدامها من قبل الأنظمة السياسية لنشر البروباغندا الخاصة بها، تستخدم الموسيقى أيضًا في الكثير من الأحيان كأداة مقاومة في وجه الأنظمة السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها. وتعرضت في الكثير من الأحيان للقمع والمنع من النشر. ويدل كل ما سبق على العلاقة الوطيدة التي تجمع الموسيقى بالسياسة، وتأثيرها الضخم على المجتمع بكافة عناصره.

المصادر
1- francemusique.fr
2- cairn.info
3- Jstor.org
4- Coursera
5- Wiley Online Library

كيف ترتبط الموسيقى بالهوية الفردية؟

هذه المقالة هي الجزء 2 من 11 في سلسلة أثر الموسيقى وتطورها

يقول الفنان البريطاني كيث ريتشاردز :

“الموسيقى ضرورية، تأتي في مرتبة تلي الطعام والهواء والماء والدفء. الموسيقى هي ضرورة من ضرورات الحياة.”

يختصر ريتشاردز بهذه الجملة المَرتبة التي تحتلّها الموسيقى عند الأفراد والشعوب، إذ ترافقهم بكل مناسباتهم وتصبح جزءًا لا يتجزأ من هويتهم الفردية والجماعية. فماذا نعني بالهوية؟ و كيف ترتبط الموسيقى بالهوية الفردية؟

مفهوم الهوية الفردية

يشكّل تعريف مفهوم الهوية تحديًا بنفسه، إذ لا يتفق الأكاديميون على تعريف موحّد لهذه الكلمة. من جهة، تعني الهوية الفردية مجموعة الخصائص والسمات التي تعرّف عن شخص وتميّزه عن باقي الأفراد. من جهة أخرى، تعني الهوية الصورة التي يكوّنها كل شخص منا عن نفسه و/أو الصورة التي يعكسها للآخرين.

ويحمل السؤال عن الهوية “من أنا؟ من أنت؟” في طيّاته الكثير من الأبعاد التي أثارت جدلًا فلسفيًا واسعًا. فهل الهوية ذات طبيعة بيولوجية، أي أنها محصورة بالجسد؟ أم أنها ذات طبيعة نفسية، وتتعلّق بالدماغ والذاكرة؟ وإذا فقد الانسان ذاكرته مثلًا، فهل يفقد هويته ويصير إنسانًا آخرًا؟

كل هذه الأسئلة دارت بشكل أساسي حول سمتين متناقضتين للهوية: الثبات والتغيير. فمن ناحية، تحمل الهوية نوعًا من الثبات بطبيعتها، ولكنها أيضًا في تغيير وتفاعل دائم مع محيطها، أي أن كل شخص منا، رغم امتلاكه هوية خاصة به، فإن هذه الهوية في تطور دائم مع الزمن.

الموسيقى والهوية الفردية

ممّا لا شك فيه أن الموسيقى هي من أهم الفنون التعبيرية، إذ أن كل قطعة موسيقية تعبّر عن شعور وأيديولوجية وثقافة معينة. لذلك فإن الحديث عن علاقة الموسيقى بالهوية غالبًا ما يقتصر على الوظيفة التعبيرية للموسيقى. ورغم أننا نميل إلى اعتبار أن الموسيقى التي نستمع إليها تلعب دورًا في تثبيت أفكار وسمات هوياتية نملكها في الأساس، لكن الموسيقى تلعب بالحقيقة دورًا أكثر عمقًا في تشكيل الهويات الفردية.

يصف العالم الموسيقي البريطاني “سيمون فريث – Simon Frith” الهوية بالعملية الذاتية الدائمة (Self in-process)، أي أن تشكيل الهوية وصقلها هو عملية مستمرة عبر الزمن.

ويعتبر فريث أن العلاقة بين الموسيقى والهوية لا تقتصر على دور الموسيقى في التعبير عن هويتنا، بل هي تسمح لنا باختبار عملية تشكيل الهوية، من خلال اكتشاف أفكار وأيديولوجيات جديدة نتأثر بها ونتفاعل معها. كما يعتبر فريث أن الموسيقى تشكّل إطارًا بشكل خاص للمراهقين لاختبار نطاق واسع من الحالات الشعورية والهويات، وبالتالي بناء شخصياتهم. إذًا، الموسيقى هي واحدة من القوى التي تساهم في صقل الهويات الفردية.

الموسيقى كأداة للسلطات عند ميشيل فوكو

لا يعيش الفرد في مكان منعزل، بل هو يتفاعل ويتأثر بمحيط واسع، وبالتالي فإن صقل هويته الفردية يتأثر بكل القوى المحيطة به. بحسب ميشيل فوكو، السلطة موجودة في كل مكان، وهي تؤثر على كل مجالات حياتنا، من السياسة إلى الاقتصاد إلى الصحة إلى التعليم وصولًا إلى الفن.

إذًا فإن تأثرنا بالموسيقى وحكمنا عليها يتأثر بهذه السلطة، وتتأثر تجارب اختبارنا للموسيقى بما تعلمناه عن الموسيقى في المدرسة، وبما نعرفه عن الموسيقى من الإعلام، وبرؤوس الأموال والانتاجات الموسيقية.

الموسيقى المحيطة بنا ليست عشوائية إذًا، وهي تتأثر بالبنية الاجتماعية التي ينتمي إليها الفرد. وتختلف الأنواع الموسيقية بين الطبقات الاجتماعية المختلفة.

الموسيقى بين جوديث باتلر وفوكو

ينظر فوكو إلى الهوية الفردية كنتيجة للقوى والسلطات الاجتماعية، ولا يراها كخيار. بالمقابل، ترى الفيلسوفة الأميركية “جوديث باتلر – Judith Butler” أن الهوية الفردية تتأثر بالقوى الاجتماعية، لكنها أيضًا تملك مساحة من الحرية وتقرير المصير. وتسمي هذه المساحة بمساحة “الارتجال”، أي تعتبر عملية تشكيل الهوية نوعًا من العرض الموسيقي، الذي رغم تحديده بقيود معينة، له مساحة من الارتجال والحرية.

لم تكن الموسيقى يومًا مجرد أداةً للترفيه، بل هي تشكل جزءًا من صميم هوية كلً منا، وترتبط خياراتنا الموسيقية بشكل وثيق بشخصياتنا وهوياتنا.كما تُستخدم الموسيقى التي نستمع إليها في حياتنا اليومية بصقل أيديولوجياتنا وتشكيل هوياتنا الفردية والجماعية. من هنا، يمكن فهم اعتبار ريتشاردز للموسيقى كحاجة حيوية على الصعيد النفسي والهوياتي.

المصادر:

Coursera
Taylor& Francis online
Questions of cultural identity, Chapter 7, Music and Identity

إقرأ أيضًا: الموسيقى والتسويق: كيف تؤثر الموسيقى على سلوكك الشرائي؟

الموسيقى والتسويق: كيف تؤثر الموسيقى على سلوكك الشرائي؟

هذه المقالة هي الجزء 3 من 11 في سلسلة أثر الموسيقى وتطورها

رافقت الموسيقى الإنسان منذ زمن قديم, وشكّلت جزءًا هامًا من هويته الاجتماعية. وعُرفت الموسيقى بقدرتها على التأثير على المزاج وخلق عادات ومناسبات وأجواء معينة. وقد كتب الكثيرون من الفلاسفة، بدءًا من أفلاطون وصولاً إلى الفيلسوف والعالم الموسيقي الألماني أدورنو عن الموسيقى كأداة تأثير على البنى الاجتماعية والسلوكيات الفردية. في عالمنا الحديث، أصبحت الموسيقى متوفرة في كل زمان ومكان، ورغم أننا لا نعيرها دائمًا انتباهنا، إلا أن هذا لا يلغي تأثيرها اللاواعي على سلوكياتنا. فكيف تُستخدم الموسيقى كأداة للتأثير على سلوكنا الشرائي؟ وما العلاقة بين الموسيقى والتسويق؟

“الموزاك – Muzak”: موسيقى الخلفية

عندما نتكلّم عن الموسيقى، غالبًا ما يتبادر إلى ذهننا الأغاني المعروفة والمفضلة لدينا والتي نستمع إليها بشكل واعٍ. إلا أن الموسيقى تحيط بنا في كل مكان، وفي الكثير من الأحيان، لا نعير وجودها أي اهتمام.

فعندما نشاهد فيلمًا، تكون الموسيقى دائمًا حاضرة لزيادة تأثير المشاهد، وعندما نستمتع بأي لعبة الكترونية غالبًا ما ترافقها نغمة بسيطة، وكذلك عندما نكون في أي مكان عام، في مطعم أو متجر أو مطار، تكون الموسيقى حاضرة في الخلفية.

بدأ استخدام موسيقى الخلفية منذ أوائل القرن العشرين، وقد كانت شركة “موزاك – Muzak” سبّاقة في استخدام الخطوط الكهربائية لنقل موسيقى الفونوغراف للسكان.
بعد انتشار الراديو عرضت الشركة خدماتها على المطاعم والفنادق، التي تفضّل موسيقى الخلفية دون الأحاديث الإذاعية. من هنا، بدأ انتشار موسيقى الخلفية وتُسمى بالموزاك نسبةَ للشركة الأولى.

الموسيقى والتسويق في الإعلانات:

أصبحت الإعلانات تحتل جزءًا كبيرًا من حياتنا اليومية، وهي متواجدة في كل وسائل الإعلام التقليدي ووسائل التواصل الاجتماعي. ويكاد لا يخلو إعلان واحد من الموسيقى، إذ أن الدراسات تبيّن أن الموسيقى تجعل من الإعلانات أكثر تأثيرًا على متلقيها.

تحفّز الموسيقى أجزاء من الدماغ متعلّقة بالذاكرة والعاطفة، لذلك غالبًا ما تثير الموسيقى التي نستمع إليها عددًا من الذكريات المتعلقة بمكان معين أو فترة معينة. لكن أنواع الموسيقى المختلفة تعطي تأثيرات عاطفية مختلفة.

بحسب دراسة أسترالية تختبر تأثير أنواع الموسيقى على 1000 شخص، تبيّن أن أنواع الموسيقى كلها تثير مشاعر قوية ولكن متناقضة. وقد تثير الموسيقى مشاعر البهجة والنشاط، أو مشاعر الحزن أو مشاعر السكون والراحة.

لذلك على المُعلن اختيار الشعور الذي يريد أن يثيره في إعلانه، وبالتالي اختيار الموسيقى المناسبة التي تخلق هذا الشعور.

الموسيقى والتسويق: الموسيقى الخلفية في المتاجر

تؤثر الموسيقى على أدمغتنا على مستوى لا واعٍ، فرغم أننا في أغلب الأحيان لا نعير الانتباه للموسيقى الخلفية للمتاجر والمطاعم، إلا أنها تؤثر على سلوكنا من حيث لا ندري.

وضع الموسيقى الخلفية في المتاجر لا يهدف فقط إلى خلق جو مريح فيها، بل هو أيضًا يعتمد توجيه الزبائن ودفعهم لشراء أكبر عدد ممكن من البضائع. لذلك تقصد المتاجر وضع الموسيقى المناسبة لزيادة مبيعاتها، كما تعطي هذه المهمة أحيانًا لشركات متخصصة في تصميم الموسيقى المناسبة لزبائن كل متجر.

على سبيل المثال، إن الاستماع للموسيقى البطيئة يدفع الزبائن إلى المشي بشكل أبطأ، وذلك يزيد من فرص رؤية البضائع وشرائها.

كما تبيّن الدراسات أن الاستماع إلى موسيقى توحي ببلد معين، تجعل الزبائن أكثر عرضة لشراء منتجات هذا البلد، فإذا وضع المتجر أغنية لـ”Edith Piaf”، يوحي عددًا من الزبائن بجو فرنسي، مما يزيد من احتمالية شرائهم جبنة فرنسية مثلًا.

في دراسة أجريت على طلاب جامعيين اسكتلانديين، قٌسموا إلى أربعة فرق، ووُضع كل فريق في غرفة مع موسيقى من بلد معين (موسيقى أميركية، صينية، هندية وغرفة دون موسيقى). أُعطيت الفرق لائحة طعام (تتضمن أطعمة من مختلف البلدان المذكورة) لاختار أطباق منها، فتبيّن أن معظم الطلاب اختار طعامًا يتماشى مع نوع الموسيقى الذي يستمع إليها.

كما تبين اختبارات أخرى أن نوع الموسيقى مرتبط بهوية اجتماعية معينة، وبالتالي بالقيمة النقدية المتوقعة. فالموسيقى الكلاسيكية مثلًا مرتبطة بصورة اجتماعية متعلقة بالترف أو “الرقي”، وهي تجعل الزبائن أكثر استعدادًا لدفع مبلغ أكبر مقابل شراء البضاعة نفسها عند الاستماع إلى نوع مختلف من الموسيقى.

تتأثر مشاعرنا وسلوكياتنا بكثير من المحفزات حولنا، ولعلّ الموسيقى من أهمها نظرًا لتأثيرها البيولوجي على الجسد والدماغ، ونظرًا للهوية الاجتماعية التي تمثلها. لكن استخدام الموسيقى في التسويق يدفعنا إلى التساؤل: إلى أي مدى يُعتبر استخدام الموسيقى للـ”تلاعب” بالزبائن أخلاقيًا؟

المصادر:

Coursera
The Guardian
Econsultancy.com
Psychologicalscience.org

إقرأ أيضًا: كيف تؤثر الموسيقى على أدمغتنا؟

ما هي موسيقى الروك؟ وكيف نشأت؟

هذه المقالة هي الجزء 11 من 11 في سلسلة أثر الموسيقى وتطورها

من منّا لم يسمع بفرق البيتلز (The Beatles) والرولينغ ستونز (The Rolling Stones) والمغني الشهير “إلفيس بريسلي – Elvis Presley”؟ شكّلت هذه الأسماء الفنية الكبيرة أعمدة موسيقى الروك في بدايتها، لتتحوّل هذه الموسيقى إلى أكثر الأنواع انتشارًا وتأثيرًا في العالم، كما أنها تطوّرت عبر الزمن لتتفرّع إلى عدد من أنواع الموسيقى المختلفة التي تتراوح بين أكثر الأنواع هدوءً وأكثرها صخبًا. لكن ما هي موسيقى الروك؟ وكيف نشأت؟

ما هي موسيقى الروك؟

يُعتبر تعريف موسيقى الروك جدليًا بحيث تتعدّد تعريفاته وتصنيفاته. وتختلف المدرستان الأميركية والبريطانية، وهما الأكثر تأثيرًا في موسيقى الروك، في تعريفها، إذ إن التعريف الأميركي أكثر شمولًا.

يُعرّف الروك كنوع من أنواع الموسيقى الشعبية الذي يتميّز بإيقاع قوي يتمثّل بعزف مركّز على آلالات الإيقاعية كالطبول (Drums) وآلة الصنج (Cymbals). كما يرتبط بأصوات مُكبرّة من خلال الآلات الموسيقية الكهربائية كالغيتار الكهربائي والغيتار الباس الكهربائي (Bass electrical guitar)، وتُدعم هذه الآلات أحيانًا بآلات أخرى كالبيانو والكمان والتشيللو وغيرها. كذلك ترتبط موسيقى الروك بطبيعتها “الثورية”، إذ أثارت أغاني الروك مواضيع جريئة كالمخدّرات والجنس ونقد الأنظمة السياسية والاجتماعية.

انطلقت موسيقى الروك في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي في الولايات المتحدة الأميركية، وكانت تُعرف باسم “الروك أند رول”. وتطوّرت هذه الموسيقى تباعًا خصوصًا في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، فشملت الكثير من الأنماط والأساليب المتعددة، ممّا صعّب عملية تعريف نوع الروك وحصره بخصائص موسيقية محددة.

جذور موسيقى الروك

لم تنشأ موسيقى الروك من العدم، فهي تجد جذورها في أنواع أخرى من الموسيقى كانت منتشرة منذ الثلاثينات والأربعينات من القرن العشرين. في هذه الفترة، كانت الولايات المتحدة الأميركية تعاني من التفرقة العنصرية التي طالت المجال الثقافي والفني أيضًا، بحيث كانت موسيقى “البلوز – Blues” و”الريذم أند بلوز – Rhythm and Blues” محصورة أداءً وجمهورًا بالأميركيين من أصل أفريقي. أما موسيقى “الكانتري -Country ” وموسيقى الـ “بوب – Pop” فقد كانت تُعتبر موسيقى الأميركيين البيض.

في بداية الخمسينات، بدأت خريطة الموسيقى بالتغيير تدريجيًا، فبدأت الموسيقى الريفية بأنواعها تنتشر بشكل أكبر في المدن، لذلك أخذت طابعًا أكثر عدوانية، ممّا دفعها إلى استخدام آلات مكبرة للصوت كالغيتار الكهربائي. كذلك بدأ المغنون البيض بأداء أغانِ تنتمي إلى نوع البلوز، ممّا أعطى الفرصة لعدد من الفنانين السود بالتوجه إلى جمهور أكبر. شهدت هذه الفترة خلطًا بين أنواع عدة من الموسيقى، وهنا كانت بداية الروك أند رول الذي يُعتبر مزيجًا بين موسيقى البلوز والريذم أند بلوز والكانتري.

محاولات الروك الأولى

من الصعب تحديد أول أغنية روك في تاريخ الموسيقى، إذ نتجت هذه الموسيقى تدريجيًا عن المزيج بين أنواع الموسيقى المختلفة. ولكن العديد من المغنيين الأميركيين طبعوا المحاولات الأولى في الروك.

شكلت أغنية “Rock Around the clock” لفرقة “Bill Haley and his comets” محطة أساسية في انتشار موسيقى الروك في العام 1955. رغم أنها لم تكن أغنية الروك الأولى، إلا أنها كانت الأولى التي تحتل المرتبة الأعلى مبيعًا.

كذلك يُعتبر المغني الأميركي “تشاك بيري -Chuck Berry ” من مؤسسي الروك أند رول. وكان متأثرًا بموسيقى الكانتري. كما كان من الفنانين القلائل الذين يكتبون كلمات أغانيهم، وقد استغل تشاك بيري صعود ثقافة الشباب (أي المراهقين) ليكتب أغاني تحاكي قضاياهم وأفكارهم، فأصدر عددًا من الأغاني الشبابية التي لاقت نجاحًا كبيرًا.

المغني الأميركي تشاك بيري

كما نجح الموسيقي الأميركي “ليتل ريتشارد -Little Richard ” في خرق قواعد العرض المسرحي، إذ قدم عروضًا تحمل طابعًا من الجنون غير المألوف في ذاك الزمن، من حيث أزيائه وأسلوبه الغنائي. وأصدر أغاني روك ناجحة.

إلفيس بريسلي: موجة الروك أند رول الأولى

يُعتبر اليوم إلفيس بريسلي أحد أهم الوجوه الفنية في القرن العشرين، ويُلقّب بـ”ملك الروك أند رول”. تميّز إلفيس بحبه لموسيقى البلوز وقدرته على مزج الأنماط الموسيقية بشكل مُبتكر، كما تميّز بذكاء عالي باختيار أغانيه وبكاريزما ساحرة جعلته سريعًا أهم نجم موسيقي أميركي. في العام 1956، احتلّ إلفيس بريسلي المرتبة الأولى لمدة 25 أسبوعًا.

شكّلت أغنية “That’s alright Mama” النقلة النوعية في حياة إلفيس بريسلي الفنية، لكن تسجيل هذه الأغنية كان مجرد صدفة. إذ أن إلفيس كان مع غيره من الموسيقيين يغني متعبًا في وقت متأخر من الليل، وحين كان مدير الاستديو منهمكًا بإصلاح عطل تقني، بدأ بريسلي بغناء أغنية “That’s alright Mama” (وهي أغنية لأرثر كرودوب في الأساس) بطريقة فكاهية لمجرد التسلية، وانضم إليه العازفون. لكن مدير الاستديو أعجب بهذه النسخة من الأغنية وطلب تسجيلها. وبالفعل حققت الأغنية نجاحًا باهرًا.

أثار إلفيس بريسلي جدلًا في الخمسينات نظرًا لجرأة أغانيه ولاعتماده الإثارة الجنسية في عروضه الموسيقية، واعتبره البعض ذا تأثير سيئ على الشباب والمراهقين.

نجحت موسيقى الروك في تجسيد الروح الشبابية وأفكار المراهقين المتمرّدة، كما نجحت بكسر القيود بين ثقافات الأعراق المختلفة في الولايات المتحدة الأميركية. لكن سرعان ما انتشرت موسيقى الروك في العالم أجمع وتحولت إلى أهم أنواع الموسيقى وأكثرها تأثيرًا، ليس فقط على الصعيد الفني بل أيضًا على الصعيد السياسي والاجتماعي .

إقرأ أيضًا: كيف تؤثر الموسيقى على أدمغتنا؟

المصادر:

Coursera
Britannica
Musicaldictionary.com
Rockmusictimeline.com

كيف تؤثر الموسيقى على أدمغتنا؟

كيف تؤثر الموسيقى على أدمغتنا؟

عرف الإنسان القيمة العلاجية للموسيقى منذ العصور القديمة، فاستخدم اليونانيون المزامير لمساعدة مرضاهم في عسر الهضم وعلاج الاضطرابات العقلية والحث على النوم، وكذلك استعان قدماء المصريين بالموسيقى لعلاج المرضى. بدأت الدراسة المنهجية لتطبيقات الموسيقى في الطب في نهاية القرن التاسع عشر، وكان الطبيب ديوجل مِن أوائل مَن رصدوا قدرة الموسيقى على خفض ضغط الدم ومعدل ضربات القلب. كان ديوجل يأتي بالموسيقيين في مختبره بجانب المرضى لإجراء التجارب وتسجيل النتائج التي توصل إليها. نُشرت هذه النتائج لأول مرة في عام 1880، وتمّ تِكرار هذا العمل فيما بعد بواسطة العالم الروسي تارخانوف.[1]

استمرت دراسة تأثيرات الموسيقى العلاجية، وقُدِّمت أول دورة تدريبية للعلاج بالموسيقى في العالم في جامعة كولومبيا عام 1919 عندما لُوحِظ تأثير الموسيقى الإيجابي على الجنود المصابين بجروح وصدمات نفسية خلال الحرب العالمية الأولى. استُخدِمت الموسيقى كذلك خلال الحرب العالمية الثانية لرفع معنويات الجنود، ولإعادة تأهيلهم نفسيًا وجسديًا.[2]

تكمن قوة الموسيقى العلاجية في قدرتها على تحفيز مناطق مختلفة في الدماغ على سبيل المثال يمكنها تحفيز الفص الجبهي للدماغ؛ وهو الجزء المسؤول على التخطيط واتخاذ القرارات وبالتالي يمكنها التحسين من هذه الوظائف. يمكن للموسيقى أيضًا تحفيز «اللوزة الدماغية-amygdala»، وهي جزء من الدماغ يقع في الفص الصدغي وتُشارك في الاستجابات السلوكية المرتبطة بالخوف والقلق، وبالتالي يمكن للموسيقى أن تتحكم في خوفك وتحمّسُك للقتال.[4]

أظهرت الأبحاث الحديثة أن الاستماع إلى الموسيقى يُمكن أن يقلل من القلق والألم وضغط الدم، وكذلك أن يُحسن من جودة النوم والمزاج والذاكرة والمهارات الحركية، وبالتالي يمكن استغلالها في المساعدة لعلاج عدة أمراض مثل الزهايمر وشلل الرعاش.[2]

هل يمكن للموسيقى أن تسكّن الألم؟

وجدت دراسة أُجريت في عام 2014 أن الموسيقى مُفيدة لمرضى الألم العضلي الليفي، وأظهرت الدراسة أن الاستماع إلى الموسيقى الهادئة التي يختارها المريض يُسكّن الألم ويزيد من الحركة الوظيفية بشكل كبير. يعتقد الباحثون أن الموسيقى تخفف الألم عن طريق تحفيز الجسم لإفراز المواد الأفيونية_مسكنات طبيعية ينتجها الجسم.[2]

وفي دراسة تحليلية شمولية في عام 2016 حلّلت بيانات 97 دراسة وجدت أنه يمكن للموسيقى تسكين الألم، وبالتالي قد تكون الموسيقى علاجًا فعالًا لتخفيف الآلام الحادة والمزمنة.[3]

الموسيقى تقلل التوتر

يكون تقليل التوتر اعتمادًا على نوع الموسيقى التي تستمع إليها، فيمكن للموسيقى الهادئة أن تخفف التوتر عن طريق خفض مستويات الكورتيزول، وهو الهرمون الذي يتم إطلاقه في الجسم استجابةً للتوتر.

أُجريت دراسة في عام 2013 على 42 طفل تتراوح أعمارهم بين 3-11 عام، فوجد باحثو جامعة ألبرتا أن الأطفال الّذين استمعوا إلى الموسيقى الهادئة أثناء إدخال الحقن الوريدي كانت مستويات التوتر لديهم منخفضة مقارنة بالّذين لم يستمعوا إلى الموسيقى.[2]

تأثير الموسيقى على الذاكرة

يمر أغلبنا بتلك الحالة التي تعيدنا فيها أغنية أو مقطوعة ما إلى ذكرى تجمعنا بمكان أو صديق قديم. يقول طبيب الأعصاب أوليفر ساكس: “الموسيقى تثير مشاعرنا ويمكن أن تجلب تلك المشاعر معها الذكريات”.

منذ بداية القرن العشرين اهتمت عدة دراسات بالعلاقة التي تربط الموسيقى بالذاكرة، وأثبتت العديد منها أنه يمكن للموسيقى تعزيز نشاط الدماغ لدى مرضى الزهايمر _مرض عصبي تضمُر فيه خلايا الدماغ ويعاني فيه المريض من الخرف.

أُجريت دراسة في عام 2014 على 89 مريض يُعاني من الخرف تم تقسيمهم إلى 3 مجموعات: مجموعة تمِّ علاجها عن طريق الاستماع للموسيقى، ومجموعة عن طريق الغناء، ومجموعة تُقدِّم لها الرعاية الصحية المُعتادة. بعد 10 أسابيع أظهرت النتائج أنه مقارنة بالرعاية المعتادة فإن كلِّ من الغناء والاستماع للموسيقى استطاعوا تحسين الحالة المزاجية والذاكرة وبدرجة أقل الانتباه والإدراك العام. كما عزَّز الغناء الذاكرة قصيرة المدى، بينما أثَّرت الموسيقى إيجابيًا على جودة حياة المرضى.[2]

علاج الحبسة الكلامية بالموسيقى

يمكن أن تساعد الموسيقى في علاج «الحبسة الكلامية-Aphasia»، وهي حالة تَنتُج عن ضرر يحدث في مناطق اللغة في الدماغ فتؤدي إلى فقدان القدرة على صياغة جمل مفهومة أو فهم اللغة.

تُفقِد الحبسة الكلامية العديد من المرضى القدرة على التعبير وصياغة الجمل الواضحة والمفهومة، ولكن لُوحظ أن بعضهم لايزال له القدرة على الغناء بشكل واضح يحدث ذلك بسبب الطريقة المختلفة التي يُعالج بها الدماغ اللغة والموسيقى.

تتم معالجة اللغة غالبًا عن طريق الجزء الأيسر من الدماغ بينما تتم معالجة الموسيقى والذكريات الموسيقية عن طريق جزئي الدماغ الأيسر والأيمن معًا، وبالتالي عندما يكون سبب الحبسة الكلامية ضرر في الجزء الأيسر من الدماغ يُمكن استخدام الجزء الأيمن عن طريق الغناء لتحسين اللغة التعبيرية هذه العملية تُعرف ب «علاج التنغيم اللحني-Melodic Intonation Therapy». يُكرر المرضى أقوال قصيرة بلحنٍ وإيقاعٍ معين، ويشمل العلاج عدة تقنيات علاجية مثل النقر باليد اليسرى وتقليل معدل الكلام.[5]

فيديو يوضح تدريب مريض مصاب بالحبسة الكلامية على التحدث بواسطة العلاج التنغيمي اللحني: YouTube

الخاتمة

تقول إيلينا مانز في كتاب قوة الموسيقى “لقد وجد العلماء أن الموسيقى تحفز أجزاء من الدماغ أكثر من أي وظيفة بشرية أخرى”.

على الرغم من التقدم الذي حققه الإنسان في معرفة تأثير الموسيقى على الدماغ البشري والاستفادة من هذا التأثير إلّا أنّه لازال الطريق أمامنا طويل لمعرفة كيف تؤثر الموسيقى على أدمغتنا بالتفصيل؟، ولازلنا أيضًا نحتاج لأجوبة كافية حول لماذا الموسيقى بالذات هي من تُحفّز أدمغتنا أكثر من أي وظيفة أخرى؟

مصادر كيف تؤثر الموسيقى على أدمغتنا؟:

[1]. NCBI

[2]. thetabernaclechoir

[3]. academic.oup.com

[4]. ucf.edu

[5]. saebo.com

[6]. musictherapy.org

إقرأ أيضًا: تاريخ الموسيقى

Exit mobile version