ما هو أرق الكورونا وماهي أسبابه؟

ما هو أرق الكورونا وماهي أسبابه؟

الحصول على قسط جيد من الراحة ليلًا في ظل الظروف المرهقة أمر صعب، وقد يكون النوم الجيد أثناء جائحة الكورونا المستمرة أمرًا مستحيلًا في بعض الليالي القاسية، ومن المعروف أن مشاكل النوم ليست جديدة، فعلى سبيل المثال أكثر من ثلث الأمريكيين لم يحصلوا على قسط كافٍ من النوم بشكل منتظم لسنوات. إن قلة النوم الجيد مشكلة منتشرة لدرجة أن مركز السيطرة على الأمراض قد أطلق عليها وباء الصحة العامة، ولكن ساهمت الجائحة في تفاقم هذه المشكلة فمع التوتر والحزن والقلق من فيروس كورونا، وتأثيره على الحياة اليومية يُبلغ الناس عن مشاكل نوم أكثر من أي وقت مضى حيث أبلغ حوالي أربعة من كل عشرة أشخاص عن مشاكل في النوم أثناء الوباء هذا ما جعل خبراء النوم يطلقون على مشاكل النوم خلال الجائحة [1] «بأرق كورونا-coronasomnia».

ما هو أرق الكورونا وماهي أسبابه؟

يتميز أرق الكورونا بزيادة مشاكل النوم أثناء الوباء بالإضافة إلى أعراض القلق والاكتئاب والتوتر. في حين أن الأرق التقليدي غالبًا ما يرتبط بالقلق والاكتئاب يختلف أرق الكورونا عنه بأنه دائمًا ماكان مرتبط بأسباب ساهمت في رفع مستويات التوتر خلال الجائحة ومن ثم ظهور هذه المشكلة، وبدأت أعراض أرق الكورةنا أو اشتدت أثناء الجائحة.

لقد قلبت الجائحة تقريبًا كل جانب من جوانب حياتنا اليومية. تكيف الآباء والأطفال مع التعليم عن بعد بينما انتقل ملايين العمال إلى العمل عن بعد أو تم إجازتهم أو فقدوا وظائفهم بالكامل. فقد الناس أحباءهم وعانوا من المرض. هناك حالة مستمرة من عدم اليقين بشأن الأمن الوظيفي، والصحة، ومتى ستعود الأمور إلى طبيعتها. مع الكثير من التغييرات دفعة واحدة، فلا عجب أن يواجه الناس صعوبة في النوم.

زيادة الضغط

تؤثر أحداث الحياة الكبيرة المجهدة مثل الكوارث الطبيعية والهجمات الإرهابية على الصحة النفسية، وتخلق مشاكل في النوم يمكن أن تستمر لأشهر بعد ذلك. يمكن اعتبار جائحة عالمي كحدث من هذا القبيل.

يزيد التوتر من مستويات الكورتيزول، وهو هرمون يعمل عكسياً مع الميلاتونين هرمون النوم. في الطبيعي يرتفع الكورتيزول في الصباح الباكر لتنشيط جسمك طوال اليوم، وينخفض ​​مساءً حيث يبدأ إنتاج الميلاتونين اللذي يعدك للنوم، وبالتالي عندما تظل مستويات الكورتيزول لديك مرتفعة نتيجة التوتر يتم تعطيل إنتاج الميلاتونين، وكذلك تتعرقل راحة نومك.

يمكن أيضًا أن يقلل التواجد في المنزل طوال اليوم من دافعك للنوم نظرًا لأنك تحصل على قدر أقل من التعرض للضوء الطبيعي اللذي يعتبر المنظم الرئيسي لدورة النوم والاستيقاظ لديك. فقدان الروتين اليومي بسبب إرشادات التباعد الاجتماعي اختفت العديد من أجزاء الحياة الطبيعية من ممارسة الهوايات إلى المناسبات الاجتماعية بين عشية وضحاها. يزيد فقدان هذه الأنشطة من إحساسنا بالعزلة الاجتماعية، ويمكن أن يؤثر سلبًا على الصحة العقلية. تخدم الأنشطة العادية أيضًا وظيفة مهمة فيما يتعلق بنومنا. كانت التنقلات والوجبات وفصول التمارين الرياضية والأحداث الاجتماعية كلها علامات زمنية ساعدت في تعزيز إيقاعاتنا اليومية، ومن ثم دورة النوم والاستيقاظ.

بالنسبة لبعض الناس ساهمت هذه التغييرات في انخفاض جودة النوم على الرغم من قضاء المزيد من الوقت في السرير، وقد كانت هذه الأعراض أكثر وضوحًا للأشخاص الذين يعانون من ارتفاع معدلات الاكتئاب والقلق والتوتر. بدون روتين يومي من الصعب أن يظل إيقاعك اليومي على المسار الصحيح، وعندما يتعطل إيقاع الساعة البيولوجية لا يتأثر النوم فقط بل تتأثر مجموعة من الوظائف البيولوجية بما في ذلك الهضم والشهية والاستجابة المناعية وغير ذلك. نتيجة لذلك يصبح قلة النوم والقلق الناجمين عن أرق الكورونا دورة تحقق ذاتها، فعندما يحصل الناس على قسط أقل من النوم تزيد مستويات التوتر لديهم، ويزيد من سوء الحالة المزاجية وبالتالي تتفاقم مشاكل النوم أكثر، ويمكن أيضًا أن يقلل الحرمان من النوم دافعك لممارسة الرياضة ويزيد من شهيتك للأطعمة غير الصحية، ويمكن أن تؤدي هذه التغييرات بعد ذلك إلى زيادة الوزن مما يزيد من خطر الإصابة باضطرابات النوم.

إذا تُرك اضطراب النوم المزمن دون رادع، فقد يؤدي إلى عواقب صحية طويلة المدى مثل: أمراض القلب والأوعية الدموية، والسمنة، والاكتئاب، وحتى السكتة الدماغية.

زيادة استهلاك وسائل الإعلام

في محاولة لمواكبة أحدث المعلومات حول الجائحة زاد الناس بشكل كبير من استهلاكهم لوسائل الإعلام أثناء الوباء، ويعتمدون الآن على مجموعة أكبر من مصادر الأخبار. في جميع الجوانب تقريبًا أدت هذه السلوكيات إلى زيادة مستويات الاضطراب العقلية، وارتبط قضاء المزيد من الوقت المستغرق في وسائل الإعلام، وكذلك التحقق من الأخبار بشكل متكرر بمستويات أعلى من القلق. كلما زاد بحث الشخص عن أنواع مختلفة من الوسائط مثل التلفزيون أو وسائل التواصل الاجتماعي زادت أعراض الخوف لديه. المشكلة هي أن الناس زادوا من استهلاكهم للوسائط ليلًا بالقرب من وقت النوم. نتيجة لذلك يقضي الأشخاص أيضًا وقتًا أطول مع أجهزتهم الإلكترونية، والبث المباشر ومشاهدة الأخبار. ترتبط زيادة وقت الشاشة بنوم أقصر وأقل راحة، فالمزيد من وقت الشاشة يعني المزيد من التعرض للضوء الأزرق، ويفسر دماغك الضوء الأزرق بشكل مشابه لضوء الشمس. يؤدي التعرض لهذا الضوء في الليل إلى ارتفاع مستويات الكورتيزول اللذي يعاكس في عمله الميلاتونين كما تحدثنا سابقًا. بمعنى آخر تشعر بمزيد من اليقظة والتوتر بدلاً من الاسترخاء والاستعداد للنوم. [1]

أعراض أرق الكورونا

تشمل أعراض أرق الكورونا ما يلي:

1. أعراض الأرق مثل صعوبة السقوط والاستمرار في النوم.

2. زيادة مستويات التوتر.

3. زيادة أعراض القلق والاكتئاب.

4. أعراض الحرمان من النوم مثل زيادة النعاس أثناء النهار، وضعف التركيز، وسوء الحالة المزاجية.

طوال جائحة كورونا وثقت دراسات مختلفة زيادة معدلات الأرق واضطرابات الصحة العقلية. ويقدر الخبراء أن عدد الأشخاص الذين يعانون من أي شكل من أشكال الأرق قد زاد بنسبة 37% عن ما قبل الجائحة. في الوقت نفسه أبلغ أربعة من كل عشرة أشخاص عن عرض واحد على الأقل من أعراض الصحة العقلية أثناء الوباء. مقارنة بعام 2019 تضاعف عدد الأشخاص الذين يعانون من أعراض القلق ثلاث مرات، وأما بالنسبة للاكتئاب فقد تضاعف أربع مرات [1]، وارتفعت معدلات الأرق في الصين من 14.6% إلى 20% خلال فترة الإغلاق القصوى، ووفقًا لدراسة نُشرت في الأكاديمية الأمريكية لطب النوم كان هناك 2.77 مليون عملية بحث على جوجل عن الأرق في الولايات المتحدة خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2020_ بزيادة قدرها 58% عن نفس المدة في السنوات الثلاث السابقة. [2]

من هم الأكثر عرضة لخطر الإصابة بأرق الكورونا؟

يمكن لأي شخص أن تظهر عليه أعراض أرق الكورونا، ولكن هناك مجموعات معينة من الناس معرضون لخطر متزايد بما في ذلك: المرضى المصابون بفيروس كورونا، والعاملون في الخطوط الأمامية، ومقدمو الرعاية الصحية بدون أجر، والنساء، والشباب.

من المرجح أن يبلغ مرضى كورونا عن مشاكل النوم بسبب أعراض المرض التي تجعل الراحة صعبة مثل: التنفس والسعال. حيث أبلغ 75٪ من المرضى عن مشاكل في النوم. [1]

العاملون الطبيون في الخطوط الأمامية

لا سيما أولئك الذين يعملون مباشرة مع مرضى كورونا لديهم معدلات أعلى بكثير من سوء نوعية النوم، والأرق، والقلق، والاكتئاب، والنوم المضطرب. هؤلاء الأفراد معرضون بشكل أكبر للإصابة بالعدوى، وبالتالي زاد القلق بشأن العدوى فضلًا عن مستويات أعلى من الإجهاد المرتبط بالعمل بسبب نقص الإمدادات، وأبلغ ما يصل إلى 80% من هؤلاء العاملين في المجال الطبي عن اضطراب النوم، وكانت النساء العاملات أكثر عرضة بنسبة 40% من العمال الذكور للإصابة بالأرق. [1]

هذا بالنسبة للأشخاص المعرضون لخطر الإصابة بأرق الكورونا، ولكن يبقى السؤال هل الأرق من أعراض مرض كوفيد -19؟

على الرغم من أن بعض الناجين من فيروس كورونا اللذين يعانون من أعراض طويلة الأمد يعانون من الأرق؛ إلّا أنّ مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) لا يُدرج اضطراب النوم هذا كعرض شائع للإصابة بكورونا، ولكن جعل الإجهاد المرتبط بالجائحة هو السبب الأكثر احتمالية للأرق لدى هؤلاء الأفراد. [2]

5 نصائح لمكافحة أرق الكورونا

هناك عدد من النصائح اللتي يمكنك من خلالها تحسين تجربة نومك مثل:

1. الاستراحة من الأخبار

على الرغم من أنه من الجيد البقاء على اطلاع بالأخبار، ولكن حاول تجنب الإفراط في الأخبار والعادات السيئة الأخرى هذا مهم بشكل خاص في المساء.

2. الالتزام بجدول زمني ثابت

كما ذكرنا سابقًا، فإن الكثير من التوتر يأتي من تغيير روتيننا اليومي رأسا على عقب. لكن يمكننا الحصول على بعض الراحة من خلال إنشاء جدول يومي وروتين والالتزام به. حاول الحفاظ على وقت نوم ثابت ووقت يقظة ثابت بغض النظر عن يوم الأسبوع.

3. تخطي القيلولة

يمكن أن تكون القيلولة طريقة جيدة لاستعادة بعض الطاقة خاصة إذا كنت تعمل من المنزل، ويمكن أن تنزلق بسهولة من مساحة المكتب إلى الأريكة أو السرير، ولكن تذكر أن قيلولة قصيرة أو قيلولة قصيرة في وقت مبكر من بعد الظهر يمكن أن تكون مفيدة لبعض الناس، ولكن القيلولة الطويلة والقيلولة في وقت لاحق من المساء يمكن أن تعطل النوم.

4. تجنب قلق الساعة

أنت تعرف الشعور عندما تستيقظ في منتصف الليل، وتتحقق من ساعتك ثم تشرع في القلق بشأن الحاجة إلى النوم مرة أخرى؛ لكن هذا التوتر يبقيك مستيقظًا بدلاً من ذلك. إن محاولة عدم الضغط في هذا الموقف أسهل قولًا من فعلها، ولكن هناك خيارات من حيث الاسترخاء يمكن أن تجعل الأمر أسهل. يمكن لتقنيات الاسترخاء مثل التأمل، والتخيل الموجه، والاسترخاء التدريجي للعضلات أن تساعدك على النوم. [2]

5. ممارسة التمارين الرياضية كل يوم

تساهم التمارين اليومية في الحصول على نوم أكثر راحة. التمرين أيضًا وسيلة رائعة للتخلص من التوتر والقلق. حاول إنهاء التمرين قبل النوم بساعة واحدة على الأقل. تعمل التمارين القوية على تنشيط الجسم وتسخينه لذا اترك وقتًا كافيًا لتهدأ قبل النوم. [1]

أما إذا استمرت مشاكل نومك فحاول التحدث لطبيب مختص في هذا الأمر؛ حيث يمكنه تقديم توصيات إضافية مثل العلاج السلوكي المعرفي للأرق، وهو علاج مثبت للأرق، وبالنسبة لأولئك الذين لا يزالون يمارسون التباعد الاجتماعي تُظهر الدراسات أن العلاج المعرفي السلوكي فعال بنفس القدر حتى عند تقديمه عن طريق التطبيب عن بعد. [1]

إقرأ أيضًا: تأثير جائحة كورونا على الصحة النفسية

مصادر ماهو أرق الكورونا وماهي أسبابه؟

1. Sleepfoundation

2. Clevelandclinic

ما هو الإجهاد البيئي؟

هذه المقالة هي الجزء 6 من 9 في سلسلة مقدمة في علم النفس البيئي

في المقال السابق من هذه السلسلة قدّمنا لمفهوم جودة البيئة الحضرية، وكيف أنه مفهوم متعدد الأبعاد لتقييم المدن وجودة المعيشة فيها. التفاعلات البيئية-البشرية تأخذ أشكالًا متعددة ولدى البشر قدرة كبيرة على التأقلم مع بيئاتهم وظروفهم. ولكن التأقلم مع تحديات ومتطلبات البيئة مكلّف على المستوى النفسيّ، والظروف البيئية متدنية الجودة تتطلب أكثر مما قد يحتمل ذهن الفرد. اختلال التوازن بين المتطلبات البيئية وقدرات الإنسان على التجاوب معها هو ما يسمّى في علم النفس البيئي بالإجهاد البيئي. [1]

الضغوطات البيئية، أي العوامل البيئية التي تسبب هذا الإجهاد أو الضغط، يمكن أن تكون حادّة (مثل مستوى التلوث والغبار أثناء العلوق في نفق مروريّ) أو مزمنة (مثل السكن بالقرب من ازدحام مروري)، وهو النوع الأكثر خطرًا على البشر. [2] تميل الضغوط البيئية لأن تكون مزمنة في كثيرٍ من الأحيان لعدم مقدرة الأفراد على التخلص منها أو الابتعاد عنها (قد يكون من الصعب على الساكنين بجانب مطار أو تقاطع مزدحم الانتقال لمسكنٍ آخر على سبيل المثال).

مسببات الإجهاد البيئي

يواجه البشر الضغوطات البيئية (بالمعنى الواسع) على الدوام، وتشهد البيئات المدنية والحضرية ضغوطاتٍ بيئيةٍ أكبر بالطبع. وتعتبر أكثر 5 مُحهدات بيئية دراسةً هي الضوضاء، والازدحام، وتدني جودة المساكن، وتدني جودة الحي، والاكتظاظ السكاني.

الضوضاء

تعرّف الضوضاء بانها أصوات غير مرغوب بها، وتتصف عادةً بكونها صاخبة ومتكررة وطويلة الأمد. يلعب المكوّن النفسي من الصوت (أي كونه غير مرغوب فيها أو خارجًا عن السيطرة مثلًا) دورًا هامًا في اعتباره مصدرًا للضوضاء، كما سبق لنا الحديث في مقال سابق عن جودة البيئة الحضرية.

الضوضاء المزمنة قد تتسبب في التوتر الفسيولوجي وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب. كما أنها تؤثر سلبًا على التركيز والتحفيز؛ فطلاب المدارس الواقعة في أماكن صاخبة (بالقرب من المطارات مثلًا) يعانون من مستويات تركيز أضعف ومن فقدان الرغبة في العمل والدراسة.

الاكتظاظ

الاكتظاظ هو حالة نفسية تحدث حين يشعر المرء بأن عدد الناس الموجودين في بيئته أكثر مما يفضّل، وتتباين هذه الكثافة السكانية المفضلة بين الأفراد وتختلف باختلاف السياقات الاجتماعية والمكانية (سياق وجيز أو طويل الأمد، نوعية النشاط الحاصل، أو مدى عمومية المكان). يحدّ الاكتظاظ من القدرة على إدارة التفاعلات الاجتماعية.

بالإضافة إلى الآثار الفسيولوجية مثل ارتفاع الضغط والقصور الاجتماعي، فإن الاكتظاظ يؤدي إلى الاجهاد النفسي. فالأفراد الذين يشعرون بالاكتظاظ يعانون من القلق والعصبية والتوتر؛ وقد يصل الحال إلى الانعزال المجتمعي «Social Withdrawal»، ومن علاماتها الحدّ من التواصل البصري والتباعد الاجتماعي والعزوف عن اقامة المحادثات.

جودة المسكن

تواجد عوامل الضوضاء والاكتظاظ في البيوت والمساكن يؤثر سلبًا على جودتها. فالعيش وسط بيئة مكتظة سكانيًا ومليئة بالضوضاء كان له نفس التأثير الفسيولوجي من ارتفاع في نسب الضغط وأمراض القلب. ولكن انخفاض جودة المسكن يؤثر أيضًا على النمو العاطفي والسلوكي والذهني للأطفال كما للبالغين.

تحسين ظروف المعيشة والسكن بالمقابل تؤثر إيجابًا على مستويات السعادة والرضا المعيشي بين السكان. وفي المقال التالي سنعود إلى هذا التأثير أثناء حديثنا عن الارتباط المكانيّ.

جودة الأحياء السكنية

هناك العديد من العوامل المكانية التي تؤثر على جودة الأحياء السكنية وقد تتسبب في الإجهاد؛ مثل جودة الخدمات المتوفرة، وفرص التنزه، والازدحامات المرورية، وتوافر المواصلات، وانعدام الصيانة، وانعدام المراقبة البصرية (توافر أعين لترى وتلاحظ ما يجري بالشارع). تؤثر جودة الحي على شعور السكان بالرضا المعيشي والسعادة كما قد تؤثر عليهم بدنيًا وصحيًا. ومن المنطقي اعتبار الارتفاع الملاحظ في نسب التوتر والإجهاد لدى سكان الأحياء الفقيرة ناجمًا عن تعرضهم للمزيد من الضغوطات والموتّرات البيئية.

الازدحام المروري

تتسبب الازدحامات المرورية في نفس الآثار النفسية والصحيّة. كما أن دراسة سلوكيات السائقين تشير إلى أنه كلما ازداد وقت الازدحامات المرورية وزمن الوصول إلى الهدف، كلما ساءت التفاعلات والعلاقات الاجتماعية مع الأهل في البيت. وهذا ما يسمى بتأثير الامتداد «Spill-over Effect»، والذي أشرنا له سابقًا حيث يتسبب تراكم الموتّرات البيئية في سياقٍ ما بآثارٍ سلبية على سلوك وصحة الفرد في سياقٍ مختلف. يتسع الآن مدار البحث والدراسة بخصوص المرور والازدحامات مع توسع المدن ونموها حول العالم، ولأن الأوقات المقضية في المواصلات تزداد عالميًا. ففي أمريكا مثلًا يقضي المرء في المتوسط زمنًا في المواصلات أكثر مما يقضيه في الإجازات.

الآثار غير المباشرة للضغوطات البيئية

قد تتسبب الضغوطات البيئية بآثار صحية ونفسية أخرى بطرقٍ غير مباشرة. فعلى سبيل المثال، قد يؤدي ضعف الخدمات وانخفاض جودة الإدارة المحلية إلى عدم توافر محلات غذائية كبيرة توفّر منتجات طازجة وصحية للسكان ما يخل بنظامهم الغذائي والصحيّ. كما أن عدم توافر الخدمات المطلوبة في مسافة قريبة تجعل من الضروري الذهاب إلى أحياء ومناطق أبعد لإنجاز المهمات المنزلية الضرورية، ما يعني المزيد من الجهد والتوتر على المدى البعيد.

الإجهاد البيئي مفهوم مركب، من شقٍ مكانيّ فيزيائي وشقٍ اجتماعي\إداري؛ فتواجد متنزهات أو مرافق عامة لسكان حيٍ ما لا يعني بالضرورة قدرتهم على الاستفادة بها لممارسة الرياضة أو التسوق على سبيل المثال. فعوامل مثل انعدام الصيانة أو غياب الأمن قد تنفّر السكان من استخدام المرافق المتاحة حتى في حال تواجدها. في المقال التالي نتحدث عن البيئات العلاجية وشروط تحققها، وكيف يمكنها أن تحد من أضرار الموتّرات البيئية.

المصادر:
[1] Environmental Stress, in Environmental Psychology: an introduction; Lina Steg and Judith I. M. De Groot.
[2] للمزيد حول آثار التوتر والقلق المزمنين أنصح بكتاب Why Zebras Don't Get Ulcers، أو حوار روبرت سابولسكي حول الموضوع.

ما هي جودة البيئة الحضرية؟

هذه المقالة هي الجزء 5 من 9 في سلسلة مقدمة في علم النفس البيئي

تستقطب المدن الآن أعدادًا كبيرة من الناس الباحثين عن فرص أفضل للعمل والسكن وحتى للمرح. تعتبر جودة البيئة في المدن ذا أهمية لحياة أولئك الناس. وإذا نظرنا إلى الإسهامات العلمية في مجال الدراسات البيئية-البشرية نجد أن البحث في جودة البيئة الحضرية يكوّن صلب البحث في علم النفس البيئي والجزء الأكبر من الدراسات التجريبية والميدانية.

العديد من الظروف البيئية مثل الضوضاء والحرارة والتلوث الجوي والازدحام قد تكن مصادر ازعاج وقلق وتخفض جودة البيئة الحضرية؛ بينما يمكن لعوامل أخرى مثل البنى التحتية والمساحات الخضراء والمؤسسات الصحية والتعليمية رفع من جودتها.  جودة البيئة الحضرية «Urban Quality Environment»  إذن مفهوم متعدد الأبعاد.

عوامل الإجهاد البيئي

تُعرف العوامل البيئية المؤثرة سلبًا بالضغوطات البيئية. وتؤدي إلى الإجهاد البيئي «Environmental Stress»، تتسبب هذه الضغوطات في نتائج عدة، كالمشاكل الصحية والمشاعر السلبية والسلوكيات غير الاجتماعية.

ترتبط العوامل البيئية المحيطة بالأفراد بكيفية إدراكها، فتصبح تلك العوامل مصدرًا للإجهاد. إذا اعتبرها الفرد نشوزًا في بيئته على سبيل المثال. حيث يقوم الناس بتقييم الظروف المحيطة بهم على مستوى الحطورة والضرورة وإمكانية توقعها وإمكانية التحكم بها. ما يؤثر على شعورهم بالانزعاج منها أو اعتبارها مصدرًا للإجهاد والقلق. فعلى سبيل المثال، إذا اعتبر الفرد مصدرَ ضوضاءٍ ما (مثلًا أعمال صيانة للطريق أو صوت لعب أطفال في مسجد) غيرَ مهم أو خطرًا أو غير ضروري، فسيشعر بمستويات أعلى من الانزعاج والإجهاد بسببه عمّن ينظر إلى مصدر تلك الضوضاء بشكلٍ أكثر إيجابية (باعتبارها ضرورية ومؤقتة على سبيل المثال).

تعتبر مستويات التيقظ «Arousal» والاجهاد «Sensory Overload» أبرز آليات الاستجابة للمؤثرات البيئية السلبية. حسب قانون يركيس-دودسون، فالمستويات شديدة الانخفاض او الارتفاع من التيقظ تؤثر سلبًا على الأداء (بالشعور بالضجر في حالة الانخفاض والقلق في حالة الارتفاع)، بينما يكون الأداء مثيرًا ومثاليًا في مستويات متوسطة ومثلى من التيقظ البدني والعقلي.

في البيئات الحضرية يدفع تواجد عدة ضغوطات بيئية إلى الإجهاد. وحسب نظريات الإجهاد فإن استمرار تواجد الضغوطات يحتاج إلى جهد عقلي متواصل لمواجهة الضغط، ما يؤدي إلى مستويات  تيقظ مرتفعة على الدوام. وفي حال استمرار الإجهاد والتوتر لفترات مطولة يتطور الأمر إلى إرهاقٍ عصبي يقلص من القدرات الإدراكية والعقلية. وفي تلك الحالة يحتاج الفرد إلى أواليات للتعامل مع طاقاتهم وقدراتهم المنهكة، عن طريق الاهتمام والتركيز فقط على التعاملات والمعلومات المهمة وتجاهل الباقي.

في حالة الوصول إلى مرحلة الإرهاق العصبي فإن حتى أصغر المعاملات التي تتطلب بعض التركيز والجهد (مثل الحديث مع الجيران أو اللعب مع الأولاد) قد تكون غير محتملة. ولذلك ففي البيئات الحضرية تكثر حاجة الأفراد للانعزال.

المدينة كمتنفسٍ صحي

المدن ليست فقط مصادرَ للضغط والقلق، بل توفر أيضًا العديد من المتنفسات. فعلى سبيل المثال، يمكن لتخطيطٍ صديقٍ للمشاة «Pedestrian-Friendly» أن يحفز من تجارب التمشية للسكان. كما يمكنه أيضًا توفير تجارب يومية محببة للناس، كمشاهد الخضرة والناس ولعب الأطفال وغيرها من الأنشطة الدائرة في الطرق. ناهيك عن أن التصميم الصديق للمشاة يقلّص من تواجد السيارات في المناطق السكنية ما يضفي شعورًا بالأمان لدى السكان. وقد تحدثنا في المقالات السابقة عن فوائد المساحات الخضراء على سكان المدن. ونضيف الآن أن توافر العناية للمسطحات الخضراء والحدائق وصيانتها يخلق المزيد من الفرص للتعاملات الاجتماعية مع الآخرين، ويزيد من الشعور بالأمن والاهتمام أيضًا.

تعتبر بعض المناطق الحضرية أيضًا ملاذًا نفسيًا، أي أنها تساهم في خفض نسبة الضعط والإرهاق الذهني. فعلى سبيل المثال، يمكن لتواجد النباتات والمظاهر الجمالية عامةً أن تخفض معدلات الإرهاق الذهني (ما قد يساهم أيضًا في خفض معدلات العنف الأسري أحيانًا!). كما أن تواجد علامات طبيعية ومدنية متنوعة في المحيط ينعكس إيجابًا على تجربة السكان. فوجود منشأة كمتحفٍ أو دار عبادة على سبيل المثال ذات تصميم متسع ومتناسق (أي تسمح بالتجول والاستكشاف وتحتوي على علامات يسهل العثور عليها) قد يصاحب تأثيرًا صحيًا على الشعور بالضغط والإجهاد.

دراسة وتقييم جودة الحياة في المدن

يعرّف مفهوم الرضا السكنيّ «Residential Satisfaction»  بأنه الشعور بالرضا الناتج عن العيش في مكان (منزل، حي، أو بلدة). وقد طُوّر هذا المفهوم ليكون أكثر شمولًا، وبقدرٍ ما أكثر موضوعية، عن طريق شموله للمناحي الذهنية والسلوكية والشعورية لدى السكان.

يمكن تقييم الجانب الذهني للرضا السكني باعتبار الجوانب التي يراها الأفراد متعلقةً بجودة حياتهم بشكلٍ عام. أي الجوانب التي يدركون تأثيرها عليهم سلبًا أو إيجابًا. نعيد التذكير بأن انطباع الفرد عن المؤثرات المحيطة به قد يجعلها أشد توتيرًا. يستعمل المختصون في الدراسات الحضرية عدة مقاييس ومعايير نفسية لقياس هذه الانطباعات، ويحاولون مواءمتها في بيئات ثقافية متعددة.

يقاس الجانب السلوكي بشكلٍ رئيسي باعتبار التنقل السكاني، أي تغيّر سكن الفرد، باعتباره مؤشرًا على عدم الرضا السكني. على سبيل المثال، أشارت دراسة على 12 دولة أوروبية أن التكدس في غرف المنازل والمساكن كان مؤثرًا مباشرًا على التنقل السكاني. وأثرت عوامل أخرى كالأعطال المنزلية والضوضاء ومعدلات الجريمة على التنقل عبر آثارها السلبية على رضا السكان. الجانب الثالث، وهو الجانب الشعوري، سيكون عنوانًا لمقال لاحق حين نبدأ بالحديث حول نطاق الإدراك البيئي.

تقييم جودة المدن معماريًا

قد يكون مناسبًا في سياق الحديث عن مستويات الرضا السكانية وكيفية قياسها التطرق إلى تقييم الأماكن والمناطق الحضرية من وجهة نظر معمارية، وتحديد قيمتها ومدى رضا ساكنيها ومستخدميها عنها. تعتبر دراسة «Beyond Location» البريطانية رائدة في هذا المجال. حاولت هذه الدراسة معرفة ما يجعل مكانًا ما مفضلًا أو مكروهًا، وكيف يؤثر تفضيل الناس أو كرههم لمكان ما على سلوكياتهم نحوه؟ قامت هذه الدراسة بتحليل أكثر من 19000 مكانًا عامًا في 6 مدن بريطانية، باستعمال عدة وسائل لتحليل كمية ضخمة من البيانات. وتعتبر هذه الدراسة أكبر دراسة تجريبية من نوعها في هذا المجال.

أثارت هذه الدراسة العديد من النقاشات حول مستقبل التخطيط العمراني. إذ أشارت إلى أن العديد من مبادئ التخطيط العمراني الجديد «New Urbanism» غير مفضلة. وأن النمط التقليدي في التصميم والتخطيط ليس بذلك السوء. لكن تطرقت الدراسة لما هو أبعد من النمط المعماري، إذ حددت 8 مبادئ ترفع من قيمة مكانٍ ما بالنسبة لساكنيه ومرتاديه، وكانت بعض نتائجها مذهلة بالفعل.

وجدت الدراسة على سبيل المثال أن وفرة الحدائق والمسطحات الخضراء لا يرتبط بالضرورة بارتفاع قيمة المكان. إذ أن طبيعة المساحة الخضراء ومدى صيانتها كانا عاملين مهمين. وجدت الدراسة أيضًا أن السكان يشعرون بالرضا أكثر في  الأحياء متعددة الأنشطة (أحياء يتوفر فيها أماكن للسكن والتسوق والترفيه والعمل) عن الأحياء السكنية المحضة (كما هو مشهور في تخطيط الضواحي غربيًا). السكن بالقرب من معلمٍ ما وبالقرب من المنشآت التعليمية كان له أثر كبير في رفع تقييم الأماكن المحيطة وقيمتها.

المصادر:
[1] Urban Environmental Quality, in Environmental Psychology: an introduction; Lina Steg and Judith I. M. De Groot.
[2] Environmental Psychology – University of California, Irvine
[3] Beyond Location

كيف تؤثر الموسيقى على أدمغتنا؟

كيف تؤثر الموسيقى على أدمغتنا؟

عرف الإنسان القيمة العلاجية للموسيقى منذ العصور القديمة، فاستخدم اليونانيون المزامير لمساعدة مرضاهم في عسر الهضم وعلاج الاضطرابات العقلية والحث على النوم، وكذلك استعان قدماء المصريين بالموسيقى لعلاج المرضى. بدأت الدراسة المنهجية لتطبيقات الموسيقى في الطب في نهاية القرن التاسع عشر، وكان الطبيب ديوجل مِن أوائل مَن رصدوا قدرة الموسيقى على خفض ضغط الدم ومعدل ضربات القلب. كان ديوجل يأتي بالموسيقيين في مختبره بجانب المرضى لإجراء التجارب وتسجيل النتائج التي توصل إليها. نُشرت هذه النتائج لأول مرة في عام 1880، وتمّ تِكرار هذا العمل فيما بعد بواسطة العالم الروسي تارخانوف.[1]

استمرت دراسة تأثيرات الموسيقى العلاجية، وقُدِّمت أول دورة تدريبية للعلاج بالموسيقى في العالم في جامعة كولومبيا عام 1919 عندما لُوحِظ تأثير الموسيقى الإيجابي على الجنود المصابين بجروح وصدمات نفسية خلال الحرب العالمية الأولى. استُخدِمت الموسيقى كذلك خلال الحرب العالمية الثانية لرفع معنويات الجنود، ولإعادة تأهيلهم نفسيًا وجسديًا.[2]

تكمن قوة الموسيقى العلاجية في قدرتها على تحفيز مناطق مختلفة في الدماغ على سبيل المثال يمكنها تحفيز الفص الجبهي للدماغ؛ وهو الجزء المسؤول على التخطيط واتخاذ القرارات وبالتالي يمكنها التحسين من هذه الوظائف. يمكن للموسيقى أيضًا تحفيز «اللوزة الدماغية-amygdala»، وهي جزء من الدماغ يقع في الفص الصدغي وتُشارك في الاستجابات السلوكية المرتبطة بالخوف والقلق، وبالتالي يمكن للموسيقى أن تتحكم في خوفك وتحمّسُك للقتال.[4]

أظهرت الأبحاث الحديثة أن الاستماع إلى الموسيقى يُمكن أن يقلل من القلق والألم وضغط الدم، وكذلك أن يُحسن من جودة النوم والمزاج والذاكرة والمهارات الحركية، وبالتالي يمكن استغلالها في المساعدة لعلاج عدة أمراض مثل الزهايمر وشلل الرعاش.[2]

هل يمكن للموسيقى أن تسكّن الألم؟

وجدت دراسة أُجريت في عام 2014 أن الموسيقى مُفيدة لمرضى الألم العضلي الليفي، وأظهرت الدراسة أن الاستماع إلى الموسيقى الهادئة التي يختارها المريض يُسكّن الألم ويزيد من الحركة الوظيفية بشكل كبير. يعتقد الباحثون أن الموسيقى تخفف الألم عن طريق تحفيز الجسم لإفراز المواد الأفيونية_مسكنات طبيعية ينتجها الجسم.[2]

وفي دراسة تحليلية شمولية في عام 2016 حلّلت بيانات 97 دراسة وجدت أنه يمكن للموسيقى تسكين الألم، وبالتالي قد تكون الموسيقى علاجًا فعالًا لتخفيف الآلام الحادة والمزمنة.[3]

الموسيقى تقلل التوتر

يكون تقليل التوتر اعتمادًا على نوع الموسيقى التي تستمع إليها، فيمكن للموسيقى الهادئة أن تخفف التوتر عن طريق خفض مستويات الكورتيزول، وهو الهرمون الذي يتم إطلاقه في الجسم استجابةً للتوتر.

أُجريت دراسة في عام 2013 على 42 طفل تتراوح أعمارهم بين 3-11 عام، فوجد باحثو جامعة ألبرتا أن الأطفال الّذين استمعوا إلى الموسيقى الهادئة أثناء إدخال الحقن الوريدي كانت مستويات التوتر لديهم منخفضة مقارنة بالّذين لم يستمعوا إلى الموسيقى.[2]

تأثير الموسيقى على الذاكرة

يمر أغلبنا بتلك الحالة التي تعيدنا فيها أغنية أو مقطوعة ما إلى ذكرى تجمعنا بمكان أو صديق قديم. يقول طبيب الأعصاب أوليفر ساكس: “الموسيقى تثير مشاعرنا ويمكن أن تجلب تلك المشاعر معها الذكريات”.

منذ بداية القرن العشرين اهتمت عدة دراسات بالعلاقة التي تربط الموسيقى بالذاكرة، وأثبتت العديد منها أنه يمكن للموسيقى تعزيز نشاط الدماغ لدى مرضى الزهايمر _مرض عصبي تضمُر فيه خلايا الدماغ ويعاني فيه المريض من الخرف.

أُجريت دراسة في عام 2014 على 89 مريض يُعاني من الخرف تم تقسيمهم إلى 3 مجموعات: مجموعة تمِّ علاجها عن طريق الاستماع للموسيقى، ومجموعة عن طريق الغناء، ومجموعة تُقدِّم لها الرعاية الصحية المُعتادة. بعد 10 أسابيع أظهرت النتائج أنه مقارنة بالرعاية المعتادة فإن كلِّ من الغناء والاستماع للموسيقى استطاعوا تحسين الحالة المزاجية والذاكرة وبدرجة أقل الانتباه والإدراك العام. كما عزَّز الغناء الذاكرة قصيرة المدى، بينما أثَّرت الموسيقى إيجابيًا على جودة حياة المرضى.[2]

علاج الحبسة الكلامية بالموسيقى

يمكن أن تساعد الموسيقى في علاج «الحبسة الكلامية-Aphasia»، وهي حالة تَنتُج عن ضرر يحدث في مناطق اللغة في الدماغ فتؤدي إلى فقدان القدرة على صياغة جمل مفهومة أو فهم اللغة.

تُفقِد الحبسة الكلامية العديد من المرضى القدرة على التعبير وصياغة الجمل الواضحة والمفهومة، ولكن لُوحظ أن بعضهم لايزال له القدرة على الغناء بشكل واضح يحدث ذلك بسبب الطريقة المختلفة التي يُعالج بها الدماغ اللغة والموسيقى.

تتم معالجة اللغة غالبًا عن طريق الجزء الأيسر من الدماغ بينما تتم معالجة الموسيقى والذكريات الموسيقية عن طريق جزئي الدماغ الأيسر والأيمن معًا، وبالتالي عندما يكون سبب الحبسة الكلامية ضرر في الجزء الأيسر من الدماغ يُمكن استخدام الجزء الأيمن عن طريق الغناء لتحسين اللغة التعبيرية هذه العملية تُعرف ب «علاج التنغيم اللحني-Melodic Intonation Therapy». يُكرر المرضى أقوال قصيرة بلحنٍ وإيقاعٍ معين، ويشمل العلاج عدة تقنيات علاجية مثل النقر باليد اليسرى وتقليل معدل الكلام.[5]

فيديو يوضح تدريب مريض مصاب بالحبسة الكلامية على التحدث بواسطة العلاج التنغيمي اللحني: YouTube

الخاتمة

تقول إيلينا مانز في كتاب قوة الموسيقى “لقد وجد العلماء أن الموسيقى تحفز أجزاء من الدماغ أكثر من أي وظيفة بشرية أخرى”.

على الرغم من التقدم الذي حققه الإنسان في معرفة تأثير الموسيقى على الدماغ البشري والاستفادة من هذا التأثير إلّا أنّه لازال الطريق أمامنا طويل لمعرفة كيف تؤثر الموسيقى على أدمغتنا بالتفصيل؟، ولازلنا أيضًا نحتاج لأجوبة كافية حول لماذا الموسيقى بالذات هي من تُحفّز أدمغتنا أكثر من أي وظيفة أخرى؟

مصادر كيف تؤثر الموسيقى على أدمغتنا؟:

[1]. NCBI

[2]. thetabernaclechoir

[3]. academic.oup.com

[4]. ucf.edu

[5]. saebo.com

[6]. musictherapy.org

إقرأ أيضًا: تاريخ الموسيقى

Exit mobile version