سحر الكيمياء في عالم مصر القديمة, اكتشافات مازالت تدهشنا

من بين جميع العلوم، الكيمياء هي أكثر العلوم التي يرتبط بها المصريون القدماء ارتباطًا وثيقًا. حتى إن إحدى المدارس الفكرية تنسب كلمة كيمياء إلى الإسم المصري لمصر القديمة”kemet”، الذي نقله الكيميائيون اليونانيون والعرب. و التي تعني “الأرض السوداء”، وتصف لون التربة السوداء الخصبة التي تترسب سنويًا من نهر النيل. و ليس من قبيل المصادفة أن يكون هذا هو الاسم و الاعتراف بأن المصريين كانوا أفضل الكيميائيين في العالم القديم حتى الإغريق اعترفوا بذلك. إن الاستخدام المصري للكيمياء أُعتُقِدَ بأنه “أسطوري علمي”. فلقد اعتقدوا، على سبيل المثال، أن المواد تمتلك جوهرًا أو انبعاثًا لآلهة مختلفة مثل المغنتيت حيث ربطوه بالإله حورس. وكان يُعتقد أن ملح النطرون مع أوزوريس وراتنجات الأشجار هي دموع الآلهة. استخدمت الكيمياء على نطاق واسع، لكن ارتباطها بالطقوس الدينية كان محوريًا، حيث عمل علماء المعادن والعطور والصباغون خارج المعابد، وفقًا لقواعد الطقوس. مما أدى هذا إلى السرية المحيطة بمعرفتهم الكيميائية. فكيف كان المصريون القدماء بتلك البراعة في الكيمياء؟ وهل كانت انجازاتهم مجرد “تجربة وخطأ” أم أكثر تعقيدا مما نعتقد؟

تقنيات في صناعة الألوان والأصباغ

يعتبر تخليق المواد هي  جوهر الكيمياء وهو مايميز الكيميائي الماهر. وكان المصريون القدماء أول حضارة تصنع صبغة غير عضوية، وهي الأزرق المصري. كان هذا جزءًا من رغبتهم في تقليد الأحجار الكريمة التي ارتبطوا بها مع الآلهة، ولا سيما اللازورد، وهو معدن سيليكات الألومنيوم الأزرق النادر المحتوي على اللازوريت، والذي اعتقدوا أنه يشكل شَعْر الإله. من عام 2500 قبل الميلاد، بدأوا في تصنيع الصبغ الأزرق رباعي سيليكات الكالسيوم والنحاس (CaO.CuO.4SiO2). و أعيد تصنيعها في العصر الروماني، قبل أن تضيع التكنولوجيا. ثم أعيد اكتشافها فقط في القرن التاسع عشر.

و بالنظر إلى الكيمياء التي ينطوي عليها الأمر، لا يمكنك إلا أن تقدر مهاراتهم. حيث تم محاولة تحضير القليل من الأزرق المصري, واحتاج الأمر إلي وجود جو مؤكسد, ومحفز ومواد خام _مثل السيليكا والجير والنحاس_ إلي التسخين مع مادة البوراكس “Borax” للحصول علي ذلك اللون. وذلك مع الأخذ فى الاعتبار قياس العناصر المتكافأة للمنتج النهائي, ممايشير إلي أن الكيميائيين المصريين كانوا قادرين علي تعديل ظروف أفرانهم ومعدل التبريد لتكوين صبغات خضراء بديلة عن عمد أيضاً. إن اللون الأزرق المصري، وهو أول صبغة اصطناعية، تم صنعها منذ 3000 عام قبل الميلاد، و تركيبتها الكيميائية هي CaCuSi4O10، أو CaO3CuO34SiO2، وهي عبارة عن سيليكات نحاس الكالسيوم. تم إنتاجها عن طريق تسخين رمال الكوارتز ومركب نحاسي و CaCO3 وكمية صغيرة من القلويات (رماد النبات أو النطرون) معاً إلى 800-1000درجة مئوية لعدة ساعات ، وخلال هذه الفترة يحدث التفاعل التالي:[1]

Cu2CO3(OH)2+8SiO2 +2CaCO3= 2CaCuSi4O10+3CO2 +H2O

واعتمادًا على كيفية طحن هذه الكريستالات الناتجة عن التفاعل، ينتج مجموعة من الألوان الزرقاء. حيث يعطى المسحوق الناعم لون أزرق سماوي فاتح والحبوب الخشنة تعطي ألوانًا زرقاء أغمق.

عُرف عن القدماء المصريين في العالم القديم بأنهم صباغون ممتازون. لقد عرفوا الموردينتس “Mordents” وهي مواد تستخدم لربط الصبغة بالقماش. وقد استخدموا “حجر الشب” أو مايمسي بال “Alum” لذلك الغرض . و غالبًا ما يحتوي حجر الشب_ وهو ملح كبريتات البوتاسيوم الألومنيوم_ على شوائب من الحديد، مما قد يؤدي إلى ظهور لون غير مرغوب فيه في عملية الصباغة. مما يبدو من المحتمل أنه في العصور القديمة تمت تنقية الشب عن طريق عمليات إعادة التبلور”Recrystallization”.

إلى جانب الصبغات المعدنية، استخدم المصريون صبغات نباتية مثل الفوة ، القرطم ، والألكانيت للون الأحمر، ونبات وسمة الصباغين للأزرق. ولحاء شجرة الرمان للأصفر. و يحتوي المستخلص الأحمر من نبات الفوة على الإيزارين، الذي تم اكتشافه على الأقمشة الحمراء الموجودة في مقبرة توت عنخ آمون.

 وجاء اللون النيلي أو الأزرق من نبتة النيلي أو من نبات وسمة الصباغين. حيث يُهرس النبات في الماء ويُترك للخليط ليتخمر، وبعد ذلك يتشكل راسب أزرق من “الإنديجوتين”. ويتم تجفيفه ثم استخدامه علي هذا الشكل. ثم بعد ذلك يتم اختزال الأنديجوتين إلى مركب عديم اللون قابل للذوبان عن طريق المعالجة الكيميائية على سبيل المثال، العسل أو الجير، ثم يُغمر النسيج في المحلول ويُترك ليجف. وعن طريق الأكسدة بالهواء أثناء عملية التجفيف يظهر اللون .

كانت الصبغة الأكثر قيمة في العصور القديمة هي اللون الأرجواني الصوري” Tyrian purple”. هذه الصبغة هي “ديبروموينديجوتين”. حيث حصل القدماء عليها من سلائف “precursors” شبه عديمة اللون من غدد المحار التي يحصدوها من البحر الأبيض المتوسط. وينشأ اللون الأرجواني عندما يجف القماش المعالج في الشمس.

كيمياء البحث عن الحياة الأبدية

كانت مهارات التحنيط لدى المصريين في أوجها خلال فترة حكمه في الأسرة الثامنة عشر. حيث تم العثور علي مجموعة واسعة من المواد العضوية _من أصل حيواني ونباتي_ المرتبطة بالتحنيط علي جثث الممياوات. على الرغم من أن التحنيط المبكر كان يُنظر إليه في البداية على أنه مجرد جفاف ناجم عن الصحراء المصرية الحارة والجافة. و اعتمدت هذه العملية، المستخدمة للحفاظ على الجسم للآخرة، على تجفيف الأنسجة لمقاومة التعفن. و تطورت من بداية بسيطة إلى عملية معقدة. حيث يقول هيرودوت، أن الجسم بعد إزالة المخ وبعض الأعضاء الداخلية، تتم تغطيته بالنطرون لمدة 70 يومًا لتجفيف الأنسجة. وتم استخدام النطرون كعامل تجفيف وخَلُص إلي أنه تم استخدامه في الحالة الجافة وليس كسوائل. وأن الفترة المثلي للجفاف هي 30-40 يومًا. تم استخدام الراتينج المصهور أيضًا كعامل تحنيط. و مكنت التحسينات الفنية خلال الأسرة التاسعة عشرة من الاحتفاظ بلون الجلد الطبيعي كما يظهر في مومياء رمسيس الثاني.

وقد اكتشف العالم “باكلي” أدلة أكثر تعقيدا على التحنيط. ففي وقت مبكر من أواخر العصر الحجري الحديث قبل العصر الفرعوني، منذ أكثر من 6000 عام، وجد أنهم يستخدمون بالفعل المنتجات الطبيعية، وراتنجات الأشجار، والمنتجات النباتية التي لها خصائص مضادة للبكتيريا والفطريات ومبيدات الحشرات إلى حد ما. مما يؤدي إلي حماية ممتازة لكامل الجسم في هذا الوقت.[2]

إن ظن الأغلبية في تحنيط توت عنخ آمون أنه من المحتمل أن قد تم تحنيطه في محلول النطرون بالطريقة السابق ذكرها. و لكن تم ذكر فكرة مضادة لهذا في عام 1914 من قبل الكيميائي ألفريد لوكاس، الذي عمل مع كارتر_مكتشف مقبرة توت عنخ آمون_ والذي كان معروفًا باسم شيرلوك هولمز في علم المصريات. حيث أوضح تحليله للمومياء بقعًا من كلوريد الصوديوم والكبريتات على الجلد، ولكن بدون أي أثر للكربونات. لقد حيره هذا الأمر وخَلُصَ في النهاية إلى أن النطرون لم يستخدم على الإطلاق. ولكن باكلي اعتقد أن هذا سيكون سمة من سمات حل تلك الأحجية. وهو أن ليس لديك الكربونات والبيكربونات لأنهما قد تم دمجهما مع الأنسجة.

إن ارتفاع درجة القلوية “High PH” فى المحاليل، من شأنه أن يوقف البكتيريا عن مسارها، عن طريق منع وظيفة الإنزيم. مما يساعد المحلول أن ينتشر بشكل أعمق في الأنسجة ويغير بنية الكولاجين، ربما عن طريق الارتباط الكاتيوني ببقايا البروتين الكربوكسيلي، مما يوفر مزيدًا من الحفظ الكامل. ومن ثم سيظل الجسم يحتوي على كمية كبيرة من الأنسجة والماء بداخله.

و من تجارب التحنيط التي أجراها باكلي، بما في ذلك على جسم الإنسان المتبرع به، خَلُصَ إلى أنه عندما يتم إجراء العملية بعناية شديدة، فإن النتيجة ستكون حفظًا مثاليًا تقريبًا. فعندما يدخلون القبر ، يبدون تمامًا كما كانوا على قيد الحياة، وكأنهم نائمون.  إن تلك العملية أظهرت مستوى عالٍ من التعقيد والتحكم وهو استخدام الراتنجات العضوية من مجموعة متنوعة من المصادر. بالإضافة إلى استخدام هذه الخلائط كوسيلة لعزل الماء. حيث تشير الدلائل إلى أنه تم تطبيقها أيضًا على الأجسام قبل استخدام النطرون. وذلك بسبب الطبيعة الكاوية للكربونات والبيكربونات، فإذا لم تقم بتطبيق هذه الطبقة العضوية، فإنها سوف تبيض الجلد باللون الأبيض. ولكن إذا وضعت مادة الحاجز العضوي هذه أولاً ثم وضعتها في محلول النطرون، فإن ما تحصل عليه بعد ذلك هو حفظ ممتاز للون البشرة.

سر خلطات مستحضرات التجميل

من أهم ألغاز الكيمياء المصرية القديمة، اكتشاف أصباغ الرصاص الاصطناعية المستخدمة في مكياج الكحل الذي كان يرتديه المصريون القدماء. ويعود تاريخه إلى عام 2000 قبل الميلاد. وقد نُشر في عام 1999، التحليلات الكيميائية التي أجراها “فيليب والتر” في متحف اللوفر في باريس. حيث أظهرت أن المركبات المحفوظة جيدًا الموجودة في مجموعة اللوفر لأواني المكياج المصرية القديمة، تضمنت أصباغًا طبيعية (galena (PbS و cerussite (PbCO3). ولكن أيضًا اللوريونيت (Pb(OH)Cl) ومسحوق الفوسجينيت الأبيض (Pb2Cl2CO3)، و نادرًا ما يتم العثور على كلاهما بشكل طبيعي ومن غير المحتمل أن يكونا نتاج تحلل لأي شيء موجود. ومن ثم استنتج والتر أن هذه الأصباغ يجب أن تكون صنعت صناعياً، باستخدام ما نسميه اليوم الكيمياء الرطبة “Wet chemistry”.

و استنادًا إلى الوصفات الرومانية اللاحقة، جرب والتر طريقة لإنتاج الفوسجينيت. لقد استخدم معدن “الليثارج” _(PbO)_ المطحون بالملح وخلطها في الماء وفي بعض الحالات كربونات الصوديوم. ثم قام بتحييد المحلول القلوي الناتج (تصف الوصفة الرومانية صب المحلول واستبدال الماء كل يوم للتحكم في الرقم الهيدروجيني) وبعد عدة أسابيع وجد إما مادة اللوريونيت أو الفوسجينيت، مع بلورات ذات حجم مماثل لتلك الموجودة في العينات المصرية. و يشير هذا إلى أنه ربما كان لديهم بعض المعرفة بالتحكم في الأس الهيدروجيني والمحاليل المُثَبتَة “Buffering solutions” وبعض الكيمياء الكمية الأساسية.

تم تأكيد عمل والتر منذ ذلك الحين من قبل عدة مجموعات بحثية. ففي عام 2018 ، استخدمت “لوسيل بيك” ، من مختبر قياس الكربون 14 بجامعة باريس ساكلاي، التأريخ بالكربون المشع لإثبات أن عينات المكياج المصرية القديمة تضمنت مركبات اصطناعية. و من العينات التي تم اختبارها، تم تأكيد إحداها على أنها مستحضرات تجميل اصطناعية، مصنوعة من نفس مركب الفوسجينيت الذي اكتشفه والتر ومٌؤَرخ في الفترة من 1763 إلى 1216 قبل الميلاد.

كانت لوسيل بيك قادرةً أيضًا على تحديد تاريخ الوعاء الخشبي بالكربون (إلى 1514-1412 قبل الميلاد ، في عهد أمنحتب الثالث) الذي كان يحتوي على المكياج. و لقد حصلوا على علاقة ارتباط جيدة جدًا بين نتائج الصندوق الخشبي ونتائج عينات المكياج. لذلك في هذه الحالة، فإنه دليل مباشر على أن مستحضرات التجميل هذه تم إنتاجها بشكل مصطنع في ذلك الوقت. و قد يكون هذا أقدم دليل على استخدام الكيمياء الرطبة لإنتاج مستحضرات التجميل، على الرغم من أن واحدة فقط من العينات كانت اصطناعية، إلا أنها تبدو نادرة. اختبر بيك أيضًا بعض العينات من المتحف البريطاني ولم يعثر حتى الآن على أي مستحضرات تجميل اصطناعية.

جاء المزيد من الأدلة على وجود الفوسجينيت الاصطناعي من فريق من معمل أبحاث الآثار في جامعة أكسفورد في المملكة المتحدة، وتم أخذ عينات من 11 حاوية كحل في متحف بيتري بجامعة لندن. لقد أجروا مجموعة واسعة من التحليلات الكيميائية لإلتقاط كل من المكونات غير العضوية والعضوية. ووجدوا أيضًا مركبات الرصاص التي من المحتمل أن تكون قد تم تصنيعها. ووجدوا تنوعًا أكبر بكثير من التحليل الحديث السابق، بما في ذلك أشياء مثل المعادن التي تحتوي على المنغنيز والنحاس. بالإضافة أيضًا إلي مكونات لا تحدث معًا بشكل طبيعي، لذلك كانت هناك نية متعمدة في صياغاتهم. في عام 2010، اقترح فريق فرنسي بما في ذلك والتر، أن تركيبات الكحل التي صنعها المصريون القدماء ربما تكون قد صيغت لخصائصهم الطبية. حيث أظهروا أن أيونات Pb2+ يمكنها أن تثير استجابة معينة من الإجهاد التأكسدي في خلايا الجلد التي يمكن أن تحفز الاستجابة المناعية.

فن تشكيل المعادن من ذهب توت عنخ آمون إلي تقنيات التلحيم

أظهر المصريون القدماء أيضًا مهارة فنية هائلة في صناعة المعادن. وعلي الرغم من عدم تمكنهم أبدًا من صهر الحديد- الحديد الوحيد الذي كان لديهم كان نيزكيًا ويسمى بشكل مناسب “معدن السماء”- لكنهم كانوا أساتذة في صناعة النحاس والفضة والذهب. أنتجوا أشياء مثل القناع الذهبي لتوت عنخ آمون، المصنوع من سبائك الذهب عيار 23 قيراطًا، مع عيون كوارتز وسبج ولازورد مرصع. إحدى التقنيات التي تثير إعجاب هي طريقة اللحام، والمعروفة باسم اللحام الصلب الكيميائي، والتي تظهر في تصنيع المجوهرات الذهبية. حيث يتم استخدام ملح النحاس المسحوق مثل الملكيت (كربونات النحاس) ، و يتم لصقها في مكانها. و عند تسخين الملحين معًا (الذهب والنحاس)، ينتج عن ذلك انخفاض في درجة انصهار الذهب في الحال. وهذا ما كان يجعل سبائك النحاس والذهب مميزة لتشكيل اللحام. مرة أخري، انها كيمياء!.

ان مجال الحديث عن الكيمياء في مصر القديمة واسع وما تم ذكره ماهي الا مقتطفات من فيض علمهم الذي مازال يحير العلماء. و لا يُعرف سوى القليل نسبيًا عن معاملهم ومعداتهم. حيث يوجد في عدد من المعابد المصرية غرف تسمى المعامل. وهي غرفة محفورة فيها وصفات العطور وهناك أيضًا وصفات تستحضر عمليات الصباغة، ولا سيما في معبد دندرة. و في العصر الفرعوني، من شبه المؤكد أنه لم يكن هناك أي من الأواني الزجاجية التي قد نربطها بالمختبر. حيث لم يصل نفخ الزجاج إلى مصر حتى الإمبراطورية الرومانية.

كما أن الافتقار إلى النصوص الكيميائية جعلنا نفتقر إلى المعلومات حول كيفية نظر المصريين إلى العالم المادي وما إذا كان لديهم أي إطار نظري لوصف طبيعة المادة. و غالبًا ما يُنسب هذا النوع من التفكير إلى الإغريق، مثل ديموقريطوس الذي توصل إلى فكرة الذرة حوالي عام 400 قبل الميلاد. حيث أرجع بعض العلماء إلي أن هذا التركيز على التفكير الفلسفي قد يكون بسبب نقص الإغريق النسبي في الموارد الطبيعية والمواد التي منعتهم من تطوير المهارات العملية والتجريبية للمصريين. و من المحتمل أن الكثير من العلوم التي تعتبر الآن نتاجًا للثقافة اليونانية قد تم نقلها من مصر. مثل جميع أنواع الوصفات، وكيفية صنع اللؤلؤ الصناعي أو الأحجار الكريمة الاصطناعية، فهذه وصفات أقدم بكثير ترجع إلى التقاليد المصرية.

المصادر

1-Chemistry in the Time of the Pharaohs

2-Unwrapping ancient Egyptian chemistry

أوغست كونت .. سيرة ذاتية

ميلاد علم الاجتماع وتطور حركة الفكر

إهتم المفكرون قبل وقت طويل بدراسة المجتمعات التي عاشوا فيها، قبل أن يصبح علم الاجتماع تخصصًا أكاديميًا منفصلا: «أفلاطون- Plato»، «أرسطو-Aristotle»، «كونفوشيوس-Confucius» ، «ابن خلدون-Ibn Khaldun» و «فولتير-Voltaire» كلها جهود مهدت الطريق لعلم الاجتماع الحديث. فمنذ العصور القديمة، كانت العلاقة بين الأفراد والمجتمعات التي ينتمون إليها من أهم الموضوعات التي اشتعلت في رؤوسهم. فقام الفلاسفة القدماء بدراسة العديد من الموضوعات التي تناولها علم الاجتماع الحديث، رغبةً منهم في وصف كيف يكون المجتمع المثالي، بما في ذلك نظريات الصراع الاجتماعي والاقتصاد والتماسك الاجتماعي والقوة. في هذه المقالة أوغست كونت .. سيرة ذاتية سنتناول جهود واحدًا من أهم مؤسسي علم الاجتماع.

في القرن الثالث عشر، اعترف «ما توان لين – Ma Tuan-Lin» وهو مؤرخ صيني، لأول مرة بالديناميكيات الاجتماعية كعنصر أساسي للتطور التاريخي. شهد القرن التالي ظهور المؤرخ الذي يعتبره البعض أول عالم اجتماع في العالم : ابن خلدون. كتب عن العديد من الموضوعات التي  تعتبر محاور أساسية في علم الاجتماع الحديث، إذ وضع أساسًا لكل من علم الاجتماع والاقتصاد الحديث، بما في ذلك نظرية الصراع الاجتماعي ومقارنة الحياة البدوية والمستقرة ووصف للاقتصاد السياسي ودراسة تربط التماسك الاجتماعي للقبيلة بقدرتها على السلطة.

في القرن الثامن عشر، طور فلاسفة عصر التنوير مبادئ عامة يمكن استخدامها لشرح الحياة الاجتماعية. استجاب مفكرون مثل «جون لوك- John Locke» وفولتير و «إيمانويل كانط-Immanuel Kant» و «توماس هوبز-Thomas Hobbes» لما رأوه من علل اجتماعية من خلال الكتابة عن الموضوعات التي كانوا يأملون أن تؤدي إلى الإصلاح الاجتماعي. مثل «ماري وولستونكرافتMary- Wollstonecraft» ، التي كتبت عن ظروف المرأة في المجتمع. تم تجاهل أعمالها منذ فترة طويلة من قبل الهيكل الأكاديمي الذكوري، ولكن منذ 1970s  وقد اعتبر وولستونكرافت على نطاق واسع من أوائل المفكرين النسويين.

شهد أوائل القرن التاسع عشر تغييرات كبيرة مع الثورة الصناعية  وزيادة التنقل  وأنواع جديدة من العمالة. فقد كان أيضًا وقتًا للاضطرابات الاجتماعية والسياسية الكبيرة مع صعود الإمبراطوريات التي عرضت العديد من الناس لأول مرة لمجتمعات وثقافات أخرى غير ثقافاتهم. انتقل الملايين من الناس إلى المدن وتحول الكثير من الناس بعيدًا عن معتقداتهم الدينية التقليدية.

أوغست كونت والد علم الاجتماع

صيغ مصطلح علم الاجتماع لأول مرة في عام 1780 من قبل الكاتب الفرنسي «إيمانويل جوزيف سياس-Emmanuel Joseph» في مخطوطة لم تر النور. وفي عام 1838، اختراع المصطلح ذاته من جديد من قبل أوغست كونت. درس كونت في الأصل ليكون مهندسًا، لكنه أصبح فيما بعد تلميذًا للفيلسوف الاجتماعي «كلود هنري دي روفروي كونت دي سانت سيمون- Henri de Saint-Simon» فكلاهما يعتقد أن علم الاجتماع هو دراسة المجتمع باستخدام نفس الأساليب العلمية المستخدمة في العلوم الطبيعية. كان كونت يأمل في توحيد جميع العلوم تحت علم الاجتماع. وأعرب عن اعتقاده بأن علم الاجتماع يحمل القدرة على تحسين المجتمع وتوجيه النشاط البشري، بما في ذلك العلوم الأخرى. ورأى أنه بمجرد أن يحدد العلماء القوانين التي تحكم المجتمع، يمكن لعلماء الاجتماع معالجة مشاكل مثل سوء التعليم والفقر.[1]

النشأة

طور الفيلسوف الفرنسي أوغست كونت نظامًا للفلسفة الإيجابية. ورأى أن العلم والتاريخ يتوجان في علم جديد للبشرية، والذي أعطى اسم ” علم الاجتماع. أوغست كونت عالم الرياضيات، فيلسوف العلوم، كبير منهج الوضعية, ثم مؤسس ورئيس كهنة كنيسة الإنسانية، ولد في مونبلييه الفرنسية في 17 يناير 1798، تخلى عن الكاثوليكية المتدينة والملكية لعائلته أثناء مراهقته. دخل مدرسة الفنون التطبيقية في عام 1814 وأثبت نفسه عالم رياضيات وتميز بهذا المجال. لكنه طرد عام 1816 لمشاركته في تمرد طلابي. بعد بقائه في باريس، تمكن من إجراء أبحاث هائلة في الرياضيات والعلوم والاقتصاد والتاريخ والفلسفة. نشأ الفيلسوف الفرنسي أوغست كومت في أعقاب الثورة الفرنسية.تلك الفترة التي  شهد فيها المجتمع الأوروبي صراعًا عنيفًا ومشاعر الاغتراب. فلقد تحطمت الثقة في المعتقدات والمؤسسات الراسخة. قضى كومت الكثير من حياته في تطوير فلسفة لنظام اجتماعي جديد وسط كل الفوضى وعدم اليقين.

ميلاد أفكار كونت

رفض كونت الدين و الحكم، بدلا من ذلك ركز على دراسة المجتمع بمذهب أسماه “علم الاجتماع.” فقد قسم الموضوع إلى فئتين: القوى التي تجمع المجتمع معا “الإحصائيات الاجتماعية” وتلك التي تقود التغيير الاجتماعي “الديناميات الاجتماعية”. تلك الأفكار والأساليب العلمية التي تقدمت كثيرًا في هذا المجال. لعل كان أحد أسئلة كونت المركزية هو كيف تتطور المجتمعات وتتغير؟ منها انطلق إلى أفكاره وفلسفته الخاصة، لذا يعتبر كونت أحد مؤسسي علم الاجتماع، كما يُطلق عليه أبو علم الاجتماع

في التاسعة عشر من عمره، التقى كونت هنري دي روفروي، كونت دي سانت سيمون، وباعتباره ابنا بالتبني الروحي، أصبح سكرتيرًا ومتعاونًا مع الرجل الأكبر سنا حتى عام 1824. العلاقة بين سانت سيمون وكونت بدأت تتوتر على نحو متزايد لأسباب نظرية وشخصية حتى تدهورت في النهاية وانفصلا. كان سيمون مفكرًا بديهيًا مهتمًا بالإصلاح الاجتماعي، فكان طوباويًا. في الوقت ذاته كان كونت مفكرًا علميًا، مما يعني اعتماده المراجعة المنهجية لجميع البيانات المتاحة، مع اقتناع بأنه فقط بعد إعادة تنظيم العلم في مجمله يمكن أن يساعد في حل المشاكل الاجتماعية.

أبرز جهود كونت في علم الاجتماع

فلسفة الوضعية

عادة ما تفهم الوضعية كمصطلح على أنها طريقة معينة للتفكير. بالنسبة لكونت، فالوضعية هي عقيدة تنص على أن المعرفة الحقيقية الوحيدة هي المعرفة العلمية، وأن هذه المعرفة لا يمكن أن تأتي إلا من تأكيد إيجابي للنظريات من خلال طريقة علمية صارمة، ورفض كل شكل من أشكال الميتافيزيقيا.

فالمنهجية هي نتاج إعادة تصنيف منهجية للعلوم ومفهوم عام لتطور الإنسان في التاريخ وفقا لقانون المراحل الثلاث. كان كونت مقتنعا بأنه لا يمكن فهم أي بيانات بشكل كاف إلا في السياق التاريخي. الظواهر واضحة فقط من حيث أصلها ووظيفتها وأهميتها في المسار النسبي للتاريخ البشري.

ولكن على عكس هيجل، رأى كونت أنه لا يوجد روح (قوة معنوية)، فوق التاريخ الذي يجسد نفسه من خلال تقلبات الزمن. يمثل كونت النسبية الراديكالية: كل شيء نسبي؛ هناك الشيء المطلق الوحيد.

الوضعية كمبدأ يجعل جميع الأفكار والأنظمة السابقة نتيجة للظروف التاريخية. الوحدة الوحيدة التي يوفرها نظام الوضعية في تحيزه المضاد للفيزيائي الواضح هي النظام المتأصل للفكر البشري. وهكذا يحاول قانون المراحل الثلاث، الذي اكتشفه في وقت مبكر من عام 1820، إظهار أن تاريخ العقل البشري وتطور العلوم يتبعان نمطًا محددًا يوازي نمو المؤسسات الاجتماعية والسياسية.[3]

قانون المراحل الثلاث

 وفقًا لكونت، يرتكز نظام الوضعية على القانون الطبيعي والتاريخي فإن كل فرع من معرفتنا ملزم بالضرورة بالمرور على التوالي في مساره من خلال ثلاث حالات نظرية مختلفة.

فقانون المراحل الثلاث هو فكرة طورها أوغست كونت، وينص على أن المجتمع ككل وكل علم من العلوم يتطور من خلال ثلاث مراحل تصور عقليًا:

(1) المرحلة اللاهوتية أو الوهمية.

(2) المرحلة الميتافيزيقية أو المجردة.

(3) المرحلة العلمية أو الإيجابية. [4]

تمثل هذه المراحل أنواعا مختلفة ومعارضة من التصور البشري. النوع الأكثر بدائية هو التفكير اللاهوتي، الذي يعتمد على”مغالطة التعاطف” لقراءة التجربة الذاتية في عمليات الطبيعة. يتطور المنظور اللاهوتي بشكل جدلي من خلال الشهوة الجنسية والشرك والتوحيد حيث تفهم الأحداث على أنها متحركة بإرادتهم الخاصة أو بإرادة العديد من الآلهة أو مرسوم كائن واحد أعلى. سياسيًا، توفر الدولة اللاهوتية الاستقرار تحت الملوك المشبعين بالحقوق الإلهية والمدعومة بالقوة العسكرية. مع تقدم الحضارة، تبدأ المرحلة الميتافيزيقية كنقد لهذه المفاهيم باسم النظام الجديد. تتحول الكيانات الخارقة تدريجيًا إلى قوى مجردة تمامًا كما يتم تدوين الحقوق السياسية في أنظمة القانون. في المرحلة النهائية من العلم الإيجابي يتم التخلي عن البحث عن المعرفة المطلقة لصالح تحقيق متواضع ولكن دقيق في القوانين النسبية للطبيعة. يتم استبدال الأوامر الاجتماعية المطلقة والإقطاعية تدريجيا عن طريق زيادة التقدم الاجتماعي الذي تحقق من خلال تطبيق المعرفة العلمية.[2]

رؤية كونت في التعامل مع العلوم

من هذا المسح لتطور الإنسانية كان كونت قادرًا على تعميم منهجية إيجابية محددة. مثل «رينيه ديكارت-René Descartes» ، اعترف كونت بوحدة العلوم. ومع ذلك، لم يكن ذلك من طريقة تفكير لا لبس فيها ولكن التطور المتتالي لقدرة الإنسان على التعامل مع تعقيدات التجربة. كل علم يمتلك طريقة محددة للتحقيق. كانت الرياضيات وعلم الفلك العلوم التي طورها رجال مفكرون في وقت مبكر بسبب بساطتها وعموميتها وتجريدها. لكن الملاحظة وتأطير الفرضيات كان لابد من توسيعها من خلال طريقة التجريب من أجل التعامل مع العلوم الفيزيائية للفيزياء والكيمياء والبيولوجيا. مطلوب طريقة مقارنة أيضا لدراسة العلوم الطبيعية والإنسان والمؤسسات الاجتماعية. [5]

حتى تاريخ العلم والمنهجية يدعم قانون المراحل الثلاث من خلال الكشف عن التسلسل الهرمي للعلوم والاتجاه المنهجي من العام إلى الخاص، ومن البساطة إلى التعقيد. يدرس علم الاجتماع مجتمعات معينة بطريقة معقدة لأن الإنسان هو موضوع وبؤرة هذا الانضباط وهذه الدراسة. يمكن للمرء أن ينظر إلى الفئات الاجتماعية من وجهة نظر “الإحصائيات الاجتماعية”، التي تضم عناصر التماسك والنظام مثل الأسرة والمؤسسات، أو من وجهة نظر” الديناميات الاجتماعية ” التي تحلل مرحلة التطور المستمر التي حققها مجتمع معين.

قانون الثلاث مراحل أمام اختبار الزمن

لم تصمد رؤية كونت للعلم الموحد ولا نموذجه المكون من ثلاث مراحل أمام اختبار الزمن. فبدلا من ذلك، يأتي ذكر كونت لإضفاء توجه إيجابي على علم الاجتماع والطلب على الصرامة العلمية. إذ وجهت الدراسات الاجتماعية المبكرة تشبيها من علم الاجتماع إلى العلوم الطبيعية، مثل الفيزياء أو علم الأحياء. جادل العديد من الباحثين أن علم الاجتماع يجب أن تعتمد المنهجية العلمية المستخدمة في العلوم الطبيعية. هذا النهج العلمي، بدعم من أوغست كومت، هو في لُب الوضعية، وهو التوجه المنهجي مع الهدف الذي هو التحقيق العلمي الدقيق والموضوعي والتنبؤ.

منذ القرن التاسع عشر، وُضعت فكرة الوضعية على نطاق واسع. على الرغم من أن الوضعية لديها الآن مجموعة واسعة من المعاني أكثر مما انطوى عليه ما قصده كونت، إلا أن الإيمان بعلم اجتماع صارم علميًا، ففي جوهره نُفذ بالفعل. كما طبق علماء الاجتماع الحديث المنهج العلمي على البحث الاجتماعي في جميع جوانب المجتمع، بما في ذلك الحكومات والتعليم والاقتصاد.

اليوم، يستخدم علماء الاجتماع الذين يتبعون التوجه الإيجابي لكونت مجموعة متنوعة من أساليب البحث العلمي. على عكس علماء الطبيعة، نادرًا ما يجري علماء الاجتماع تجارب، لأن الموارد البحثية المحدودة والمبادئ التوجيهية الأخلاقية تمنع التلاعب التجريبي على نطاق واسع للفئات الاجتماعية. ومع ذلك، في بعض الأحيان علماء الاجتماع قادرون على إجراء التجارب الميدانية. على الرغم من أن الأساليب الكمية، مثل الدراسات الاستقصائية، ترتبط بشكل شائع بالوضعية، فإن أي طريقة، كمية أو نوعية، يمكن استخدامها علميا.

في حين يعتبر نهج كونت اليوم طريقة مبسطة للغاية وغير قائمة على أسس سليمة لفهم التنمية الاجتماعية، إلا أنه يكشف عن رؤى مهمة في تفكيره حول الطريقة التي يوحد بها علم الاجتماع، – كجزء من المرحلة الثالثة – العلوم ويحسن المجتمع.

ستة مجلدات من الفلسفة الإيجابية

في عام 1826، بدأ تقديم سلسلة من المحاضرات نخبة من المفكرين الفرنسيين. ومع ذلك، حوالي ثلث الطريق من خلال سلسلة المحاضرات، عانى من انهيار عصبي. على الرغم من الاستشفاء الدوري على مدى السنوات ال 15 المقبلة، أنتج عمله الرئيسي، دورة ستة مجلدات من الفلسفة الإيجابية. في هذا العمل، جادل كومت بأنه  مثل العالم المادي، يعمل المجتمع بموجب مجموعة قوانينه الخاصة.[6]

لمحة خاصة وبزوغ عقيدته “دين الإنسانية”

عززت جهود كونت دراسة المجتمع وتطوير علم الاجتماع. خلال هذا الوقت ، دعم نفسه بمنصب في مدرسة الفنون التطبيقية، لكنه اشتبك مع المسؤولين وتم فصله في عام 1842. في نفس العام, طلق زوجته, «كارولين ماسين – Caroline Massin» بعد 17 سنوات من الزواج. ومنذ ذلك الحين، اعتمد على الأصدقاء والناس لدعمه.

في عام 1844، ارتبط كونت بـ «كلوتيلد دي فو-Clotilde de Vaux» وهي سيدة متزوجة، وهو أرستقراطي وكاتب فرنسي آنذاك. استمرت علاقتها مع كونت الأفلاطونية. بعد وفاتها وفي عام 1846، كتب كونت نظام الحكم الإيجابي. وصاغ مصطلح “دين الإنسانية”. إذ اقترح كونت نظامًا دينيًا قائمًا على العقل والإنسانية، مؤكدًا أن الأخلاق كحجر الزاوية في التنظيم السياسي البشري. [7]

وفاته

واصل كونت صقل وتعزيز “النظام العالمي الجديد”، في محاولة لتوحيد التاريخ وعلم النفس والاقتصاد من خلال الفهم العلمي للمجتمع. نشر عمله على نطاق واسع من قبل المثقفين الأوروبيين وأثر على تفكير كارل ماركس وجون ستيوارت ميل وجورج إليوت. حتى توفي جراء مضاعفات سرطان المعدة في باريس في 5 سبتمبر 1857.

عُرف أوجست كونت على نطاق واسع كمؤسس علم الاجتماع و “دين الإنسانية”. وقد أثرت مساهمات كونت في تاريخ وفلسفة العلوم بشكل حاسم على المنهجيات الإيجابية. صاغ مصطلح “علم الاجتماع” وأعطاه محتواه الأول، كانت له رؤيته الاجتماعية الخاصة، فاعتقد أن علم الاجتماع يمكن – ويجب – أن يكون انعكاسيًا وموسوعيًا وطوباويًا، فقد نظر في مواضيع مثل الشهوة الجنسية والشرك والمصير والحب والعلاقات بين علم الاجتماع والعلوم واللاهوت والثقافة.

المصادر

[1] cuny

[2] journals

[3] britannica

[4] britannica

[5] stanford

[6] lse

[7] victorianweb

5 أمراض غيرت التاريخ

تركت الأمراض بصمات واضحة على جبين التاريخ. يعد انخفاض حجم السكان وتقليل التنوع الجيني وتغير المناخ بعض الأمثلة البسيطة الدالة على التأثير الذي يمكنك أن تتوقعه إثر كل وباء. سنعرض في هذه المقالة 5 أمراض غيرت التاريخ وكان لها تأثيرًا كبيرًا على العالم.

5- الاستعمار وتغير المناخ  

بعد وصول الإسبان إلى منطقة البحر الكاريبي، انتقلت أمراض مثل الجدري والحصبة والطاعون الدبلي إلى السكان الأصليين من قبل الأوروبيين. دمرت هذه الأمراض السكان الأصليين، إذ مات ما يصل إلى 90 في المائة في جميع أنحاء القارتين الشمالية والجنوبية. عند وصوله إلى جزيرة هيسبانيولا، واجه كريستوفر كولومبوس-Christopher Columbus شعب تاينو، 60 ألف نسمة. وقبل حلول 1548، بلغ عدد السكان أقل من 500. تكرر هذا السيناريو نفسه في جميع أنحاء الأمريكتين.

في عام 1520، دٌمرت إمبراطورية الأزتك بسبب عدوى الجدري. قتل المرض العديد من ضحاياه وتسبب في عجز الآخرين. لذلك لم يتمكنوا من مقاومة المستعمرين الإسبان وتركوا المزارعين غير قادرين على العمل مساحات الزراعة الخاصة بهم.

والجدير بالذكرأن الأبحاث التي أجريت في 2019، خلصت إلى وفيات 56 مليون أمريكي في القرنين السادس عشر والسابع عشر، كان السبب الأول لها هو المرض. كما أن محاولة زراعة الأرض الزراعية غير المحروثة وإنبات النباتات بها، تسببت في جذب المزيد من غاز ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي. مما ساهم في حدوث فترة برودة شديدة للكوكب. وصفها المؤرخون بالعصر الجليدي الصغير. يمكننا القول بأن الاستعمار أثر على مناخ الأرض.

4- الكوليرا ونشأة علم الأوبئة 

عام 1854، أزال جون سنو-John Snow مقبض مضخة المياه، ليُنشئ علمًا جديدًا من علوم الطب! فقد كانت بداية نشأة علم جديد “علم الأوبئة-Epidemiology” على يد مجموعة من الأطباء أبرزهم الطبيب البريطاني جون سنو لعمله في تحديد مصدر تفشي الكوليرا.

شك سنو في الطريقة التي ينتشر بها المرض، رافضًا نظرية الميازما-Miasma والتي تفترض أن الهواء الملوث أو الفاسد هو سبب بعض الأمراض كالجدري والكوليرا والزهري، ولاحظ كيفية ظهور مجموعات من الأمراض بين الأشخاص الذين استخدموا مضخات مياه معينة. ساعد تدخله في إزالة مقبض المضخة المصابة على تقليل معدلات العدوى أثناء الوباء. جون سنو هو أول من اعتمد الاسلوب الوبائي في السيطرة انتشار المرض.

3- الانفلونزا الإسبانية ومعاهدة فرساي  

عام 1918، دمرت الأنفلونزا الإسبانية العالم وأصابت قرابة ثلث السكان. تسببت في إتلاف خلايا الدماغ، مما أثّر على قدرة الدماغ على العمل مؤدية أحيانًا إلى الذهان.

أُصيب وودرو ويلسون-Woodrow Wilson الرئيس الثامن والعشرين للولايات المتحدة بالأنفلونزا في ذلك الوقت. لعب ويلسون دورًا أساسيًا في مفاوضات معاهدة فرساي، ولا سيما مساعدة رئيس الوزراء الفرنسي جورج كليمنسو-Georges- Clemenceau.

كان ويلسون في فترة العلاج خلال مرحلة المعاهدة، وكان دائم التعب والإرهاق والبُطء، مما جعله يتغافل عن الكثير من الأمور والمفاهيم. فأشار العديد من العاملين بالبيت الأبيض إلى التغير الكبير في سلوكه، إذ تخلى عن الكثير من أفكاره وآراءه حول المعاهدة.

توالت التقارير عن التغير الحاصل بشأن إدارة ويلسون. فمُنحت السلطة لكليمنسو. كما يروي التاريخ، فإن قسوة معاهدة فرساي أدت إلى كارثة ألمانية كشلْ الاقتصاد الألماني. كما لعبت دورًا في اكتساب هتلر السلطة. يمكن القول بأن كل هذه التطورات كانت نتيجة إصابة وودرو ويلسون بالانفلونزا الإسبانية.

2- طاعون جستنيان والقضاء على الإمبراطورية البيزنطية

ظهر لأول مرة في مصر، ثم انتشر طاعون جستنيان عبر فلسطين والإمبراطورية البيزنطية، ثم في جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط. غير الطاعون مسار الإمبراطورية، وسحق خطط الإمبراطور جستنيان لإعادة الإمبراطورية الرومانية إلى بعضها البعض وتسبب في صراع اقتصادي هائل. وينسب إليه أيضًا خلق الجو المروع الذي حفز الانتشار السريع  للمسيحية.

في نهاية المطاف وعلى مدى القرنين التاليين، قتل حوالي 50 مليون شخص -26% من سكان العالم- . ويعتقد أن يكون أول ظهور كبير للطاعون الدبلي، والذي يؤدي إلي تضخم الغدد الليمفاوية، وينتقل عن طريق الفئران وينتشر عن طريق البراغيث.

1- مرض السل والموضة 

في أواخر 1800s، أصبح السل -المرض المعدي في الرئتين- وباءً في الولايات المتحدة وأوروبا. كان المرض موجودًا لفترة طويلة. فتك بالبشر ببطء شديد، لكنه اتُخذ على محمل آخر! بدأت تصبح صفات مرض السل وأعراضه رومانسية في العصر الفيكتوري، فأصبحت الموضة بين النساء أن تأخذ مظهرًا شاحبًا ونحيلاً. بل وأصبح المرض نفسه اتجاهًا عصريًا. فأثر ذلك بشدة على تصاميم الفساتين والأزياء.

أثار ذلك التوجه بعض حملات الصحة العامة الكبرى في الولايات المتحدة، وأصبح هناك حملة ودعوة لجعل الفساتين والتنانير النسائية أقصر لمنعها من التقاط السُل من الشارع. كما أصبح هناك دعوات لحلق اللحى والشوارب بسبب احتمال نمو البكتيريا في شعر الوجه.

انتشار الوباء لا علاقة له بالتقدم أو التطور، حتى التطور العلمي والطبي لم يستطع وقايتنا من الأوبئة حتى يومنا هذا، تلك كانت -ليس على سبيل الحصر- 5 أمراض غيرت التاريخ وملامح بعض الحضارات.

المصادر

the conversation
bbc
smithsonianmag
history
worldhistory

6 وسائل غريبة لمنع الحمل قديمًا

تسعى العديد من الأسر في كثير من المجتمعات في معظم الدول الآن لتحديد النسل، لأسباب عِدة، منها الاقتصادي والصحي،.. إلخ. تحديد النسل ليس بالأمر المستحدث، يكاد يكون الفرق الآن هو وجود العديد من الأساليب والأدوات الآمنة والمتاحة لتناسب احتياجات وظروف كل أسرة. على عكس الماضى، فقد استخدمت أجهزة وآليات غريبة وقد تكون غير فعالة لتحديد النسل. سنتناول في هذا المقال 6 وسائل غريبة لمنع الحمل قديمًا!

فكرة تحديد النسل

 افتتحت أول عيادة لتحديد النسل في الولايات المتحدة عام 1916 في مدينة نيويورك من قِبل مارغريت سانجر- Margaret Sanger، من أهم الدعاة للحق في استخدام وسائل منع الحمل. على ما يبدو أن الموافقة على مثل هذه العيادات كان أمرًا صعبًا آنذاك، إذ واجهت أول عيادة لتحديد النسل صعوبة في العثور على الأطباء. كما أُغلقت بعد فترة وجيزة جدًا من افتتاحها الأول. ومع ذلك، واصل الأطباء والباحثون سعيهم لإيجاد وصقل وسائل منع الحمل. فقد تحولت جهودهم إلى التقنيات المشهورة التي نستخدمها الآن. في حين أنه من الصعب العثور على وسائل منع الحمل المستخدمة قديمًا نظرًا لأن معظم المواد صغيرة ومصنوعة من مواد قابلة للتحلل الحيوي، إلا أن إلقاء نظرة على السجلات القديمة والتاريخية يعطي بعض التلميحات إلى بعض أشكال وسائل منع الحمل المستخدمة في الثقافات المختلفة على مدار التاريخ.

6- نبات السلفيوم

السلفيوم هو نبات منقرض، اشتُهر السلفيوم ونباتات نفس العائلة مثل Queen Anne’s Lace باستخدامهم الشعبي كوسيلة لمنع الحمل الطبيعية في العالم القديم. نما نبات السلفيوم في ليبيا وزُرع من أجل راتينجه بسبب فعاليته الشديدة. نفذ النبات بسرعة لكثرة الاستهلاك في مجالات وأغراض متعددة. كان لتلك النباتات تاريخًا طويلًا من الاستخدامات المتعلقة بالخصوبة، خاصة استخدامها كعامل مضاد للخصوبة. استخدم زيت وبذور هذه الأعشاب في بعض الأدوية ووصفات الطهي والعلاجات العشبية لإجهاض الأجنة. يعتبر الاستخدام المتكرر لتلك الأعشاب خطرًا، إذ يسبب تليف الكلى والكبد.

5- راتينج النباتات والفضلات الحيوانية

قديمًا تمكن الناس في بعض الحضارات مثل مصر القديمة من صنع مبيدًا طبيعيًا للنطاف. تكون من عجينة من صمغ شجرة السنط والعسل. تخمر العجينة وتنتج حمض اللبنيك الذي سوف تقتل الحيوانات المنوية الحية. يغمس الخليط في القطن وتوضع في المهبل لم تكن تلك الوصفة الشعبية هي القاتل الطبيعي الوحيد للحيوانات المنوية. فقد استخدم شيء من خليط روث التمساح وروث الفيل بنفس الطريقة، لكنها كانت منتشرة في بعض أجزاء آسيا.

4- تقويم الدورة الشهرية

في بداية التسعينيات، درس اثنان من أطباء أمراض النساء، الياباني كيوساكو أوجينو- Kyusaku Ogino والنمساوي هيرمان كناوس- Hermann Knaus الإباضة بعناية. وخلصوا إلى أنها تحدث عادة من 12 إلى 16 يومًا قبل بداية فترة الحيض. وأكدوا أيضا أن البويضة غير المخصبة فترة حياتها أقصر، ربما أقل من يوم واحد. يبدو أنهم استطاعوا إذًا تحديد ” الفترة الآمنة ” بدقة أكبر. فقد استطاعوا تقسيم الشهر إلى فترات آمنة وفترة خصوبة وفترة إباضة. بدا ذلك التقويم أشبه بالعجلة ذات المظهر المعقد استخدمتها المرأة كتقويم لدورتها الشهرية.

انتشرت بسرعة فكرة التقويم الزمني لفترة الأمان وفترة الإباضة. وتبنى نهجهم هذا كثير من الأطباء في أمريكا، من بينهم الطبيب الأمريكي ليو ج. لاتز- Leo J. Latz. فقد نصح لاتز بتجنب الجماع لمدة ثمانية أيام  – بالنسبة للنساء اللواتي لديهن دورة منتظمة مدتها 28 يومًا -. يبدأ هذا الامتناع قبل خمسة أيام من الإباضة، مع ثلاثة أيام إضافية من أجل السلامة. على الرغم من اعتقاد لاتز أن جهود أوجينو وكناوس جعلت طريقة الحاسبة الشهرية وسيلة فعالة لتحديد النسل ومنع الحمل، إلا أنها لم تكن الأكثر فعالية!  فكل جسم يختلف عن الآخر، وهناك الكثير من العوامل الخارجية التي يمكن أن تلعب دورها عند محاولة الحساب.

3- غطاء عنق الرحم

كان غطاء عنق الرحم موجودًا منذ قرون ولم يفقد شعبيته إلا مؤخرًا لأن الواقي الذكري وحبوب منع الحمل أصبحا أكثر انتشارًا. ومع ذلك، فإنه كان وسيلة هائلة لتحديد النسل. عادة ما يستخدم غطاء عنق الرحم مع مبيد أو قاتل آخر للحيوانات المنوية، وهو حاجز صغير يعمل كحاجز حول عنق الرحم. فلا يمكن للحيوانات المنوية المرور به. على مر القرون ، تطور شكل هذا الحاجز، وصنع من مواد خام متعددة مثل الجلد والمعدن والبلاستيك.ذُكر في السجلات أيضًا استخدام نصف ليمونة كقبعة عنق الرحم. فتعمل حموضة الليمون على الأرجح بمثابة قاتل طبيعي للنطاف. كما استخدموا بعض من مثانة الماعز أو الواقي الذكري المصنوع من الكتان.

2- الكي الكهربي

كانت تلك هي إحدى التقنيات التي غالبًا ما تم السعي إليها واستخدامها في أواخر القرن التاسع عشر. تعمل تقنية الكي باستخدام الكهرباء من خلال قضبان معدنية موجهة تجاه قناة فالوب. كان استخدام الأقطاب الكهربائية لإغلاق المسارات يهدف إلى منع البويضات من أن تصبح صالحة للتخصيب. لم تكن هذه التقنية معروفة بالضرورة بأنها ناجحة، وتسببت في قلق أكثر على السلامة، ومع ذلك فقد انتشرت واستمر استخدامها شعبيًا لعقود.

1- تناول الرصاص والزئبق

إذا كنت تبحث عن وسائل منع الحمل الأكثر خطورة حقًا، فلنتجه إلى عادات الصين القديمة. فقد كانت النساء في العصر الإمبراطوري يشربن عن قصد معادن مثل الزئبق لمنع الحمل . نعلم جميعنا اليوم أن تناول مثل هذه المواد لن تجعلك عقيمًا فحسب، بل ربما تجعلك مريضًا أو مجنونًا، أوقد تؤدي إلى فشل الأعضاء، أو تسبب أضرارًا أخرى دائمة. لكننا اليوم أمام ممارسة كانت فعالة نسبيًا في منع الحمل كما أنها كانت تستخدم على نطاق واسع على مدار التاريخ.

تلك هي 6 وسائل غريبة لمنع الحمل قديمًا. في النهاية، أيًا كانت طرق منع الحمل التي تختارها، فلا يجب عليك تجربة أيًا من الوسائل السابق ذكرها أعلاه ولا غيرها الذي لم يذكر من الطرق الغريبة والخطرة أحيانًا. كما يجب أن تعلم أيضًا أنه لا يوجد وسيلة من وسائل منع الحمل فعالة بنسبة 100 ٪.

المصادر
carrotmuseum
medicaldaily
case
plannedparenthood
healthline
globalcitizen

أساطير نشأة الكون وخلق الإنسان

كيف بدأ الخلق؟ سؤال طرحه الإنسان دائمًا منذ قديم الأزل في الحضارات المختلفة محاولًا إيجاد إجابة معقولة، وقد ظهرت أساطير مختلفة لمحاولة الإجابة على هذا السؤال. في هذا المقال بعنوان أساطير نشأة الكون وخلق الإنسان سنتناول أشهر الأساطير التي فسرت كيفية نشأة الكون.

أسطورة الخلق، وتسمى أيضًا أسطورة نشأة الكون، هي صياغة فلسفية ولاهوتية لأسطورة الخلق البدائية داخل مجتمع ديني. يشير مصطلح الأسطورة هنا إلى التعبير التخيلي في شكل سردي لما يتم اختباره أو إدراكه كحقيقة أساسية. ويشير مصطلح الخلق إلى بداية الأشياء، سواء بإرادة وفعل كائن متعال، أو عن طريق الانبثاق من مصدر نهائي، أو بأي طريقة أخرى. تشير أساطير الخلق إلى العملية التي يتم من خلالها تمركز العالم وإعطائه شكلاً محددًا داخل الواقع كله. كما أنها بمثابة أساس توجيه البشر في العالم. يحدد هذا التمركز والتوجه مكان البشرية في الكون والاعتبار الذي يجب أن يحظى به البشر تجاه البشر الآخرين والطبيعة والعالم غير البشري بأسره؛ يضعون النغمة الأسلوبية التي تميل إلى تحديد جميع الإيماءات والأفعال والهياكل الأخرى في الثقافة.

خصائص أساطير نشأة الكون

أساطير نشأة الكون وخلق الإنسان (أصل العالم) هي الأسطورة بامتياز. بهذا المعنى، فإن الأسطورة شبيهة بالفلسفة، ولكنها على عكس الفلسفة، تتكون من نظام من الرموز؛ ولأنه أساس أي فكر ثقافي لاحق، فهو يحتوي على أشكال عقلانية وغير عقلانية. هناك نظام وهيكل للأسطورة، ولكن لا ينبغي الخلط بين هذا الترتيب والبنية وبين النظام والهيكل الفلسفي والعقلاني. تمتلك الأسطورة نوعًا مميزًا من النظام. تتمتع أساطير الخلق بطابع مميز آخر من حيث أنها توفر نموذجًا للتعبير غير الأسطوري في الثقافة ونموذجًا للأساطير الثقافية الأخرى. بهذا المعنى، يجب على المرء أن يميز بين الأساطير الكونية وأساطير نشأة التقنيات الثقافية والصناعات الإنسانية. بقدر ما تروي الأسطورة الكونية قصة خلق العالم، فإن الأساطير الأخرى التي تروي قصة تقنية معينة أو اكتشاف منطقة معينة من الحياة الثقافية تأخذ نماذجها من البنية الأسلوبية لأسطورة نشأة الكون. قد تكون هذه الأساطير الأخيرة مسببة (أي شرح الأصول)؛ لكن أسطورة نشأة الكون ليست أبدًا مجرد مسببات، لأنها تتعامل مع الأصل النهائي لكل الأشياء.

نشأة الكون في الميثولوجيا الإغريقية

يمكن العثور على اختلافات في قصة الخلق في الأساطير اليونانية في العديد من النصوص القديمة. المثال الأكثر اكتمالا هي «الثيوغونيا-Theogony» للشاعر اليوناني هسيودوس، الذي عاش في القرن الثامن قبل الميلاد تقريبًا. يجمع عمله بين جميع الأساطير والتقاليد اليونانية القديمة حتى وقته. وفقًا للثيوغونيا، في البداية كانت «الفوضى-chaos» و«الفراغ-void» فقط موجودان في جميع أنحاء الكون بأسره. تجدُر الإشارة هنا إلى أن الكلمة اليونانية «chaos» ليس لها نفس المعنى الذي تحمله اليوم – إنها تعني ببساطة “مساحة فارغة أو فراغ مظلم”. تبع الفوضى «جايا-Gaia» (التي تعني الأرض) و«إيروس-Eros» (الذي يعني الحب). لم يتم تحديد ما إذا كان جايا و إيروس قد ولدا من الفوضى أو ما إذا كانا موجودان مسبقًا، ومع ذلك، يذكر هسيودوس أن جايا ظهرت إلى الوجود لتصبح موطنًا للآلهة. أنجبت الفوضى «إيريبوس-Erebus»، الذي كان ظلام العالم السفلي، و«نيكس-Nyx» (الليل) وأنجبت جايا أورانوس، من هناك، تصف الأسطورة اليونانية كيف تزاوج الآلهة مع بعضها البعض لإكمال الخليقة بأكملها. أصبح أورانوس وغايا أول آلهة حكمت. تزاوج أورانوس مع جايا وأنتجوا ثلاثة «صقاليب-cyclops» و 12 جبابرة (جنس من العمالقة). كان كرونوس  أحد الجبابرة. ومن هنا تبدأ ملحمة آلهة الأساطير اليونانية الشهيرة.

كان أورانوس يشعر بالغيرة من أطفاله وحكم عليهم بالبقاء داخل جايا. لقد سد رحمها (الكهوف) وهذا ما أثار غضب جايا. وهكذا طلبت جايا من أطفالها المساعدة في مقاومة والدهم. صعد أحد الجبابرة، كرونوس، إلى الأمام وعاقب أورانوس بخصيه بمنجل أعطته إياه جايا. أُلقيت الأعضاء التناسلية لأورانوس في البحر وسقط دمه على الأرض وخلق المزيد من الأطفال وهم أفروديت وإرينيس (الغوريون) والعمالقة والحوريات. حذر أورانوس وجايا كرونوس من أن مشاكله لم تنته لأنه في يوم من الأيام سيطيح به أحد أبنائه. نتيجة لذلك، قرر كرونوس ابتلاع أطفاله. لكن جايا كانت قادرة على إنقاذ الطفل زيوس، الذي نشأ في جزيرة كريت اليونانية إلى أن جعل كرونوس، بمساعدة ميتيس (واحدة من الجبابرة)، يتقيئ الأطفال المبتلعين. بقيادة زيوس، تمرد الأشقاء الستة (ديميتر، هيرا، هيستيا، هاديس، وبوسيدون) ضد والدهم. تُعرف سنوات المعركة باسم «حرب الجبابرة-titanomachy». بدت المعركة وكأنها لن تنتهي أبدًا، ولكن بعد ذلك خطرت لدى زيوس فكرة. أطلق سراح أعمامه، و السيكلوب، و«هيكاتونكاريز-Hecatooncheires» من تارتاروس وساعدوه في قلب مجرى الحرب عن طريق صناعة صواعق لزيوس ورمي حجارة ضخمة على أعدائه. انتصر زيوس وحلفاؤه وألقوا كرونوس في تارتاروس إلى الأبد.

كان هناك ثلاثة جبابرة لم يدعموا كرونوس في المعركة: بروميثيوس وإبيميثيوس وأوكيانوس. انضم بروميثيوس لاحقًا إلى زيوس. وتم إرسال جميع الجبابرة إلى تارتاروس (العالم السفلي)، باستثناء بروميثيوس وإبيميثيوس. بعد ذلك، قسمت آلهة اليونان القديمة المتمردة الكون فيما بينهم. أُعلن أن زيوس هو الإله الأعلى، ويسيطر على كل الآخرين. لقد عاشوا جميعًا في قمة جبل أوليمبوس في اليونان – لكن ليس بسلام. خلق بروميثيوس الإنسان من الأرض (الطين)، ونفخت الإلهة أثينا الحياة في خليقته. هنا نرى نمطًا شائعًا آخر يتكرر في أساطير الخلق القديمة وهو إعطاء الروح للجسد حتى يصبح حيًا.

نشأة الكون في الحضارة المصرية القديمة

بالنسبة للمصريين القدماء، بدأت الرحلة بخلق العالم والكون من الظلام والفوضى العارمة. ذات مرة لم يكن هناك شيء سوى الماء الداكن اللامتناهي بدون شكل أو غرض. يوجد في هذا الفراغ «حكا-Heka» (إله السحر) الذي انتظر لحظة الخلق. من هذا الصمت المائي المسمى بنوو ارتفع التل البدائي، المعروف باسم بن بن، الذي وقف عليه الإله العظيم «أتومAtum» (أو في بعض إصدارات الأسطورة، بتاح). نظر أتوم إلى العدم وتعرّف على وحدته، وهكذا تزاوج مع ظله من خلال السحر لينجب طفلين، شو (إله الهواء) وتفنوت (إلهة الرطوبة). أعطى شو للعالم المبكر مبادئ الحياة بينما ساهم تيفنوت في مبادئ النظام.

ترك شو وتفنوت والدهم على بن بن، وشرعوا في تأسيس العالم. بمرور الوقت، أصبح أتوم قلقًا لأن أطفاله قد ذهبوا لفترة طويلة وأزال عينه وأرسلها بحثًا عنهم. بينما اختفت عينه، جلس أتوم وحيدًا على التل وسط الفوضى والخلود. عاد شو وتفنوت بعيون أتوم (التي ارتبطت لاحقًا بعيون أوجات، عين رع، أو العين التي ترى كل شئ) وأذرف والدهما، ممتنًا لعودتهما الآمنة، دموع الفرح. هذه الدموع، التي سقطت على أرض بن بن الخصبة المظلمة، ولدت الرجال والنساء.

ومع ذلك، لم يكن لهذه المخلوقات المبكرة مكان تعيش فيه، ولذا تزاوج شو وتيفنوت وأنجبتا جب (الأرض) ونوت (السماء). على الرغم من أن جيب ونوت أخ وأخت، فقد وقعوا في حب عميق وكانا لا ينفصلان. وجد أتوم أن سلوكهم غير مقبول ودفع نوت بعيدًا عن جب، عالياً في السماء. كان العاشقان قادرين على رؤية بعضهما البعض إلى الأبد ولكنهما لم يعودا قادرين على التلامس. كانت نوت حاملًا بالفعل من قبل جب، ومع ذلك، فقد أنجبت في النهاية أوزوريس وإيزيس وست ونفتيس وحورس – الآلهة المصرية الخمسة التي غالبًا ما تم التعرف عليها على أنها أقدم أو على الأقل أكثر التمثيلات المألوفة لكبار الشخصيات الإلهية. أظهر أوزوريس نفسه إلهًا مدروسًا وحكيمًا وتم إعطائه حكم العالم من قبل أتوم الذي ذهب بعد ذلك للاهتمام بشؤونه الخاصة.

نشأة الكون في الحضارة البابلية

القصة، وهي واحدة من أقدم القصص في العالم، إن لم تكن أقدمها، تتعلق بميلاد الآلهة وخلق الكون والبشر. في البداية، كان هناك ماء غير متمايز يحوم في فوضى. ومن هذه الدوامة، قسمت المياه إلى مياه حلوة وعذبة، تُعرف باسم الإله «أبسو-Apsu»، ومياه مالحة ومرة تعرف باسم الإلهة «تيامات-Tiamat». وبمجرد التفريق بين هذين الكيانين، ولد من اتحاد هذين الكيانين الآلهة الشابة. ومع ذلك، كانت هذه الآلهة الشابة صاخبة للغاية، مما أدى إلى إزعاج نوم أبسو في الليل وصرف انتباهه عن عمله في النهار. بناءً على نصيحة وزيره، مومو، قرر أبسو قتل الآلهة الشابة. عندما سمعت تيامات عن خطتهم، حذرت ابنها الأكبر، «إنكي-Enki» (أحيانًا إيا) الذي قام بتنويم أبسو وقتله. من بقايا أبسو، أنشأ إنكي منزله. تيامات، التي كانت ذات يوم مؤيدة للآلهة الشابة، تشعر الآن بالغضب لأنهم قتلوا رفيقها. وقامت بالتشاور مع الإله «كوينجو-Quingu» الذي نصحها بشن حرب على الآلهة الشابة. فكافأت تيامات كوينجو بأقراص القدر، التي تضفي الشرعية على حكم الإله وتتحكم في الأقدار، وقام بارتدائها بفخر كدرع على صدره. مع كوينجو كبطل لها، تستدعي تيامات قوى الفوضى وتخلق أحد عشر وحشًا رهيبًا لتدمير أطفالها.

يقاتل إيا وإنكي والآلهة الأصغر سنا ضد تيامات بلا جدوى حتى يظهر من بينهم البطل مردوخ الذي أقسم أنه سيهزم تيامات. مردوخ يهزم كوينجو ويقتل تيامات بإطلاق النار عليها بسهم يقسمها إلى قسمين وتجري من عينيها مياه نهري دجلة والفرات. من جثة تيامات، خلق مردوخ السماوات والأرض، وقام بتعيين الآلهة في واجبات مختلفة وربط كائنات تيامات الأحد عشر بقدميه كجوائز (إلى حد كبير من التملق من الآلهة الأخرى) قبل وضع صورهم في منزله الجديد. كما أنه أخذ ألواح القدر من كوينجو، مما يضفي الشرعية على حكمه. بعد انتهاء الآلهة من مدحه لانتصاره العظيم وفن خلقه، يتشاور مردوخ مع الإله إيا (إله الحكمة) ويقرر خلق البشر من بقايا الآلهة التي حرضت تيامات على الحرب. تم اتهام كوينجو بأنه مذنب وقتل، ومن دمه، خُلِق «لولو-Lullu»، الرجل الأول، ليكون مساعدًا للآلهة في مهمتهم الأبدية المتمثلة في الحفاظ على النظام والحفاظ على الفوضى.

نشأة الكون في الأساطير الصينية الداوية

«بان كو-Pangu» هو شخصية بارزة في أساطير الخلق الصينية. حتى يومنا هذا، يغني شعب تشوانغ أغنية تقليدية عن بان كو الذي يخلق السماء والأرض. لقد تمت مناقشة أصل أسطورة بان كو كثيرًا. يعتقد الكثيرون أنها نشأت مع «شو شينغ-Xu Zheng»، وهو مؤلف صيني من القرن الثالث الميلادي، حيث كان أول كاتب معروف بتسجيله؛ يقترح البعض أنها نشأت في أساطير شعب مياو أو ياو في جنوب الصين، بينما يرى البعض الآخر أنها موازية لأساطير الخلق الهندوسية القديمة.

في أساطير الخلق الداوية الصينية. يُقال إن الرجل الأول بان كو قد خرج من الفوضى (بيضة) بقرنين وأنياب وجسم مشعر. تنسب إليه بعض الحسابات فصل السماء عن الأرض، ووضع الشمس والقمر والنجوم والكواكب في مكانها، وتقسيم البحار الأربعة. لقد شكل الأرض من خلال حفر الوديان وتكديس الجبال. تم تحقيق كل هذا من معرفة بان كو «بالين واليانج-yinyang»، المبدأ الذي لا مفر منه للازدواجية في كل الأشياء. تؤكد أسطورة أخرى أن الكون مشتق من جثة بان جو العملاقة. أصبحت عيناه الشمس والقمر، وشُكلت الأنهار بدمه، ونما شعره إلى الأشجار والنباتات، وتحول عرقه إلى الأنهار، وصار جسده ترابًا. علاوة على ذلك، تطور الجنس البشري من الطفيليات التي أصابت جسم بان جو. تعود أساطير الخلق هذه من القرن الثالث إلى القرن السادس. تصور التمثيلات الفنية بان كو في كثير من الأحيان على أنه قزم يرتدي أوراق الشجر.

نشأة الكون في الحضارة الإسكندنافية

تتلخص النظرة الإسكندنافية للعالم كما يمكننا استخلاص أفضل من المصادر المختلفة إلى الفكرة العامة التالية. كانت هناك أربع مراحل: العملية التي نشأ فيها العالم وكل ما فيه، مرحلة ديناميكية يبدأ فيها الوقت، تدمير العالم في راجناروك، وظهور عالم جديد من البحر.

وفقًا «لسنوري-snorri» (مؤرخ أيسلندي)، قبل وجود أي شيء آخر، كانت هناك العوالم المتعارضة مثل «نيفلهايم-Niflheim» الجليدية و«موسبلهايم-Muspelheim» النارية. على الرغم من أن الفراغ المسمى «بغينونغاغاب-Ginnungagap» يفصل بينهما بأمان، إلا أن البرودة والحرارة امتدتا لتلتقي بعد كل شيء، مما أدى إلى إذابة حريق موسبلهايم للجليد، والذي ظهر منه اثنتان من الأشكال الرطبة: العملاق يمير والبقرة «أويثمبلا-Audhumla». كان يمير مخنث ويمكنه التكاثر لاجنسيًا. عندما نام، قفز المزيد من العمالقة من رجليه ومن عرق إبطه. لقد غذت البقرة يمير بحليبها، وتغذت بدورها من الملح في الجليد. كشفت لعقات البقرة ببطء «بوري-Buri»، الأول من مجتمع «الأيسر-Aesir» للآلهة. كان لبوري ابن اسمه بور، تزوج بستلا، ابنة العملاق بولثورن. كان الأطفال نصف الآلهة ونصف العمالقة من بور وبيستلا هم أودين، الذي أصبح رئيس آلهة الأيسر، وشقيقيه، فيلي وفي (Vili and Ve).

قتل أودين وإخوته يمير وشرعوا في بناء العالم من جثته. لقد صنعوا المحيطات من دمه، والتربة من جلده وعضلاته، ونباتات من شعره، وسحب من دماغه، وسماء من جمجمته. وكان هناك أربعة أقزام يمثلون الاتجاهات الأربعة الأساسية، حملوا جمجمة يمير عالياً فوق الأرض. شكلت الآلهة في النهاية الرجل والمرأة الأوائل، آسك وإمبلا، من جذعين من الأشجار، وبنوا سورًا حول موطنهم المسمى «بمدجارد-Midgard»، لحمايتهم من العمالقة.

الخلاصة

إن أساطير نشأة الكون وخلق الإنسان تختلف من حضارة لأخرى ولها أنواع مختلفة سوف نناقشها في الجزء الثاني من أساطير نشأة الكون وخلق الإنسان

المصادر:

ancient-origins

ancient.eu

ancient.eu

britannica

ancient-origins

ancient.eu

norse mythology

britannica

كيف غير رودولف ديزل ومحركه العالم؟ وكيف ساهم في تطور الحضارة البشرية؟

كيف غير رودولف ديزل ومحركه العالم؟ وكيف ساهم في تطور الحضارة البشرية؟:

لمدة أربعين عام حتى عام 1872 كان البخار المزوّد الأساسي للطاقة في المصانع والقطارات (كان مردود الآلات العاملة على البخار 10% في أحسن الحالات أي عشرة بالمائة فقط من الطاقة المقدمة يتحول إلى عمل مفيد) ولكن النقل المدني كان يعتمد على الأحصنة وهذا بالطبع غير عملي.

كان الخيار الآخر هو محركات الاحتراق الداخلي التي ستتطورعلى يد أهم العلماء في القرن العشرين وهو رودولف ديزل الذي ساهم محركه بشكل كبير في تغيير شكل الحضارة البشرية وساهم في تطور العالم التجاري والصناعي وغير في شكل الاقتصاد العالمي.

بدايات رودولف ديزل

ولد «رودولف ديزل Rudolf Diesel عام 1858 في فرنسا، تغيرت حياته بعد سماعه محاضرة في الديناميكا الحرارية؛ إذ تعلم أنّه بالإمكان نظريًا تحويل كامل الحرارة في محرك الاحتراق الداخلي إلى عمل مفيد، ومن ثمّ جنّد نفسه لتحويل هذه النظرية إلى أرض الواقع.

أنشأ ديزل عام 1885 أول ورشة عمل له لتطوير محركه الذي يعمل بانضغاط الهواء وستستمر عملية التطوير 13 عاما ً حتى حصوله على أول براءة اختراع.

وبعد أن أدرك أهمية ما يفعل، سجل اختراعه،المسمى محرك الديزل، برقم 608,845 وبدأ تجاربه لتطويره حيث كاد أن يموت عندما انفجر في أحد المرات التي كان يختبر فيها المحرك.

وبحلول عام 1898، كانت محركاته تستخدم لتشغيل خطوط الأنابيب والمحطات الكهربائية والسيارات والشاحنات والمصانع في جميع أنحاء العالم، وقد أصبح ديزل مليونيراً ولكن لاشيء يبقى على حاله.

رسم يوضح محرك الاحتراق الداخلي الذي اخترعه رودولف ديزل عام 1897

نجاحاته واخفاقاته

تطلبت مرحلة الاختبار عدة سنوات وواجه ديزل المشاكل مرارًا وتكرارًا، وبحلول عام 1897 أجرى ديزل ما مجموعه ست سلاسل من الاختبارات وكان على وشك اليأس عدة مرات. وفي أوغسبرغ عام 1893 بدأ تصميم النموذج الأولي بشوط 200mm لكل 400mm ولكن للأسف لم ينجح الاختبار، وبعد سلسلة من التحسينات والتطويرات والاختبارات التي أجراها ديزل نجحت التجربة ففي 17 فبراير1897، أجرى البروفيسور موريتز شروتر من جامعة ميونخ التقنية اختبار القبول الرسمي للمحرك وحدد مردوده 26.2٪ وكانت هذه القيمة العالية لم يسبق لها مثيل من قبل في أي محرك وبعد عام قامت شركة سولزر السويسرية بانتاج هذا المحرك.

أول محرك ديزل من صنع شركة سولزر السويسرية

على خلاف محرك البنزين، الذي يبدأ دارته بشمعة اشتعال، تبدأ دارة محرك الديزل بانضغاط الهواء لإشعال الوقود.

ومع بداية الحرب العالمية الأولى ازدادت الأهمية الاقتصادية لمحركات الديزل وأصبحت الحكومات تستخدمه في النقل الحربي كالغواصات والقاطرات والقطارات والسفن الحربية.

على الرغم من أن السيارات العاملة على محرك الديزل كانت أغلى ثمنًا ولكن أكثر اقتصادية ولكن للأسف لم تعجب الزبائن.

كيف كانت نهاية رودولف ديزل وماذا حل بمحركه؟

في عام 1912، بعد حوالي 15 عامًا من ولادة اختراعه، تعرض لانتقادات علنية بسبب آرائه التقليدية حول المحرك، لقد رآه كعمل متكامل بينما رآه الآخرون أنه عمل خام قيد التطوير، اهتم بالترويج للمحرك بدلاً من العمل عليه وتطويره، وفي نفس العام كتب أن بعض المصانع أصبحت جاهزة بشكل كاف لبناء محركه مما أثار غضب زملاءه المهندسين وابتعد تلقائيا ً عن الأوساط العلمية والتجارية مما أدى إلى تعرضه لانهيار عصبي حيث أصح يائساً ويعاني من الاكتئاب.

اختفى ديزل في ظروف غامضة  عام 1913 في القنال الانجليزي من على سفينة في رحلة من انجلترا ووجدت جثته بعد عشرة أيام طافية في المحيط.

يقال أن ديزل من الممكن أن يكون قد انتحر وفق رواية أسرته ومعظم كتاب سيرته ووفقاً لرواية بعض منظري المؤامرة من الممكن أن يكون قد قتل على يد منافسيه.

ظهرت أول السيارات العاملة على محركات الديزل عام 1930، أثناء رحلة من إنديانابوليس إلى نيويورك بعد 17 عام من وفاة مبتكر هذا المحرك. 

عند انتهاء مدة براءة اختراع المحرك، أخذته عدة شركات وعملت على تطويره وأصبح له دور كبير في تشكيل العالم الحديث والتجارة العالمية، فقد جعل التجارة البحرية أقل تكلفة وانتشر استخدامه في الآلات الزراعية والمرافق الصناعية ومختلف مجالات الحياة.

محرك ديزل حديث

المصادر

dieselnet
ENERGYFACTOR
BBC
NEWSDAY
MAN MUSUM

Exit mobile version