أوبول شارون: ثمن الدخول لعالم الموتى

هذه المقالة هي الجزء 7 من 8 في سلسلة أغرب طقوس الدفن عبر التاريخ

طالما أذهلت البشر فكرة ما بعد الموت، أين ستذهب أرواحنا؟ لقد حاول قدماء الإغريقيين تقديم وصفًا مميزًا لتصورهم عن رحلة ما بعد الموت، لكن الميت عليه أن يدفع رشوة لعبور النهر الفاصل بين عالم الأحياء وعالم الأموات. النهر الذي يحرسه شارون، فما هي رشوته؟

الموت في الميثولوجيا اليونانية

شارون وسايكه، لوحة للفنان جون رودام سبينسر
المصدر

المفهوم الإغريقي عن الحياة الآخرة ومراسم الدفن كان مبنيًا بشكل كبير على كتابات هوميروس، الذي وصف العالم السفلي في الإلياذة. اعتقد الإغريقيون بأن الروح “سايكه” تغادر الجسد بلفظ الشخص لآخر أنفاسه. لطالما اعتقدوا أن راحة الميت تعتمد على تذكر أقربائه له، وإحياء ذكره وإقامة طقوس دفن تليق به.
كانت قضية نسيان الأحياء للميت أمرًا شديد السوء في المجتمع الإغريقي، فالذكرى هي ما تجعل الميت ينعم بالسكينة في الحياة الآخرة. كما جسدت معظم شواهد القبور اليونانية افي الأكروبوليس، أو المتاحف، مشاهدًا طبيعية من حياة المتوفي، مثل رجل تقدم له زوجته الطعام، امرأة ترعى طفلها الرضيع، وذلك ليس إلا تذكيرًا للأحياء بأن الأموات لم يفنوا بعد، وإنما هم مستمرين في حياة ضبابية أخرى، وبهذا رأى الإغريق أنهم هزموا الموت بإبقاء الذكرى حيّة. [1]

مملكة هيديس، عالم الأموات

العالم السفلي في الأسطورة اليونانية مكان ضبابي، مظلم، ومخيف. مخبأ في أعماق الأرض، وخفيّ على الأحياء. تدخله الأرواح بعد خروجها من الجسد لتأخذ شكلًا يشبه الشخص الميت، ويرحل لعالم الأموات. تعد مملكة هيديس النقيض التام لجبل أوليمبوس، جبل الآلهة العظمى التي يحكمها زيوس وتمثل النور، بينما هيديس الظلام.
يحكمها سيد الأموات، الإله “هيديس” وهو شقيق الإله الأعظم في الميثولوجيا اليونانية “زيوس”، الذي نُفي إلى العالم المظلم وأصبح سيدًا للظلال والموتى. سُميت مملكته باسمه، ويُشار لهيديس كأنها الجحيم. حكمها هيديس وزوجته بيرسفوني. [2]

مملكة هيديس أو العالم السفلي في الميثولوجيا الإغريقية، اللوحة للفنان جان بريغيل الأكبر
المصدر

التقسيم الجغرافي للعالم السفلي

مدخل العالم السفلي

على أبواب الجحيم يتجسد القلق، الحزن، الأمراض، الشيخوخة،الخوف، الجوع، الحاجة، العذاب، الموت، والملذات المحرمة. في الجهة المقابلة لهؤلاء تتجسد الحرب، الانتقام، الشقاق. تحرس الأبواب العديد من الوحوش المريعة منها السينتور “نصف إنسان ونصف ثور”، السكيلا؛ وهي نصف امرأة ونصف أفعى ذات أسنان مرعبة، الهايدرا وهي ثعبان عملاق بثلاث رؤوس، والعديد من الوحوش الأخرى. في منتصف هؤلاء توجد شجرة دردار، تتمثل فيها الأحلام الزائفة والأوهام تحت كل ورقة منها. يوجد بعدها نهر “ستيكس” الذي يحمل خلاله شارون الأرواح لبوابة الجحيم التي يحرسها سيربيروس الكلب ذو الرؤوس الثلاثة. بعد اجتياز البوابة يقف قضاة العالم السفلي ليقرروا مصير أرواح الموتى، إلى الجزر المباركة “إليزيوم” أو إلى “تارتاروس”. [3]

تارتاروس

بالرغم من أنها ليست جزءًا بشكل مباشر من الجحيم، بل هي أبعد من ذلك، فتتوضع تحت الجحيم، كتب هوميروس عنها بأن الظلام فيها شديد لدرجة أن الليل ينسكب حولها في ثلاثة صفوف والأشجار تنمو فيها بشكل مرعب. وهو المكان الأكثر ظلامًا في هيديس ويوجد فيها أسوأ الأشخاص عقابًا على خطاياهم، وكت أيضًا أن الإله كرونوس حكمها لاحقًا [3]

المروج الزنبقية

وهي الأماكن التي يذهب إليها الناس العاديون، الذين لم يرتكبوا خطايا كبرى، ولكنهم لم يحققوا أي عظمة في حياتهم ليستحقوا الدخول للحقول الإليزية، وهذه المروج هي التي يرسل إليها الناس الذين ليس لديهم مكان آخر في الجحيم. [3]

حقول الحداد

المكان المخصص من الجحيم للعاشقين الذين ضيعوا حبهم دون مقابل.

الإيليزيوم

وهو أفضل الأماكن في الجحيم، يذهب إليها أنصاف الآلهة، الأبطال، الفلاسفة، كل من قام بعمل عظيم ومشرف، والأشخاص الذين كانوا على مقربة من الآلهة ومستقيمين في حياتهم تنعموا بوجودهم في الإيليزيوم.

الأنهار في الجحيم

يعتبر نهر ستيكس أهم هذه الأنهار وأشهرها، وهو نهر الكراهية، سُمي تيمنًا بالإلهة ستيكس ويدور حول الجحيم سبع مرات. أما النهر الثاني نهر أشيرون، نهر الألم. وهناك “ليثه” نهر النسيان، ونهر فليجيثون الناري الذي يقود لأعماق تارتاروس، وكوكيتوس نهر النحيب. ,وأخيرًا أوشينوس وهو المحيط بالعالم بأكمله. [3]

مهمة شارون في العالم السفلي

شارون هو إله ابن الإلهين اربوس، ونيكس “ربة الليل”، كانت مهمته نقل أرواح الموتى الذين تم دفنهم بشكل لائق فقط عبر نهري ستيكس وأشيرون خلال عبارة كان يقودها هو. ولكن ذلك لم يكن مجانيًا؛ فكان يتوجب على الروح دفع عملة معدنية “الأوبول” كانت توضع في فم المتوفي خلال طقوس الدفن.
يمثل شارون كرجل متجهم، مروع، ومهيب. هكذا صوره معظم أدباء الإغريق مثل فيرجل في كتابه الإنيادة. في الأساطير الأتروية كان يعرف باسم تشارون وظهر بهيئة شيطان الموت ومسلح بمطرقة. في الفلكلور اليوناني الحديث أصبح يمثل ملاك الموت، أو الموت بحد ذاته. [4]

شارون يوصل أرواح الموتى عبر نهر ستيكس للدخول للعالم السفلي، اللوحة للفنان أليكسندر ليتوفتشينكو
المصدر

طقوس الدفن عند قدماء الأغريق

تحضير الجسد

يتم وضع الجسد وعرضه أولًا وغلق أقرب الأقرباء عيني الميت وفمه، ثم توضع عملة معدنية في الفم بين الأسنان لتكون دفعة لشارون ليوصله عبر نهر ستيكس. بعد ذلك تُغسل الجثة من القريبات غالبًا ويلبس الميت ما يليق بمكانته في الحياة، وبعدها توضع الجثة على سرير ليتمكن الأقرباء من تقديم وداعهم النهائي. [6]

الحداد الرسمي

تبدأ بعدها فورًا مرحلة الحداد الرسمي، وبشكل عام كان المفروض من الرجال ألا يظهروا مشاعرًا وحزنًا على الميت ويتصفون بشكل رسمي. غالبًا ما يكون رب الأسرة واقفًا بقرب الجثة لتحية الضيوف. في المقابل كانت النساء ينتحبن ويعلى صراخهم حزنًا على الميت. وتكون رئيسة المعزين والدة أو زوجة المتوفى، تقف بجانب الجثة وتمسك الرأس بيديها حزنًأ. [6]

الإكفورا

بعد عرض الجثة وبداية الحداد الرسمي تنقل الجثة إلى المدفن في موكب جنائزي يسمى إكفورا، يجري الموكب ليلًا ويشمل توقفات متعددة خلاله حتى يجذب الموكب الانتباه وذلك تكريمًا للمتوفى. في البداية كان المشيعون من أفراد الأسرة فقط، لكنهم استبدلوا لاحقًا بأشخاص مختصين وفناني أداء محترفين، واشتمل على الغناء والموسيقى.
عند الوصول للقبر يتم ممارسة الحرق أو الدفن، وهنالك معلومات قليلة عن طرق الدفن لأنها لم تمثل في الأدبيات الإغريقية، ولكنها تفاوتت بين الحرق والدفن وذلك تبعًا للموقع الجغرافي والفترة الزمنية. [6]

طقوس ما بعد الحداد

يعقب الدفن مأدبة جنائزية تسمى بريديبينيون، تتم في منزل المتوفى. كان اليونانيون لا يعتقدوا بأن الموتى سيشاركونهم في أعيادهم أي أنهم رحلوا بشكل تام، والمأدبة لمجرد الذكرى. تقدم القرابين في القبر في اليوم الثالث والتاسع والثلاثين بعد الوفاة، وفي الذكرى السنوية للوفاة. وكانت هذه القرابين منظمة للغاية. وتضمنت التضحية بالحيوانات، والتبرع بالثياب والأشياء الثمينة. [6]

رشوة شارون للعبور

إحدى العملات المستخدمة ك “أوبول” لدخول العالم السفلي، يظهر فيها الملك ديمتريوس
المصدر

ثمن العبور، أو ما يشار له باسم أوبول هو عبارة عن عملة معدنية صغيرة فضية توضع في فم المتوفي. لاحقًا تم إطلاق اسم أوبول على أي عملة معدنية. كانت هذه العملات أخف وزنًا بشكل عام. يجادل علماء الأثار في رمزية العملة في فم الميت، هل هي أجرة العبور في نظر الإغريقيين القدماء، أم هي سداد لجسد الميت بعملة من نحاس، لمنع عودة الأموات إلى أجسادهم؛ كونهم يؤمنون أن الروح تلفظ من الفم مع الأنفاس الأخيرة. [5]

المصادر:

1- worldhistory
2- greekmythology
4- britannica
5- coinweek
6- classroom.synonym

رحلة في تاريخ الفن، من أين أتى القنطور؟

لا بد وأنك شاهدت قنطورًا ولو لمرة في حياتك على الأقل؛ في لعبة Hercules مثلًا.《 والقنطور-Centaur 》 هو كائن غريب من الميثولوجيا اليونانية. نصفه إنسان ونصفه، حصان وقد عاش في غابات البر الرئيسي لليونان. استخدم الإغريق هذا المخلوق كرمز، للدلالة على الشعوب الأخرى التي اعتبروها بربرية وهمجية. لكن في حالة 《تشيرون-Chiron》 فقد كان رمزًا للحكمة الإلهية.

أدبيًا، ظهر أقدم ذكر للقنطور في نصوص هوميروس. أما في الفن فقد ظهر هذا المخلوق في اليونان بدايةً، في نهاية ما يسمى بالعصور المظلمة اليونانية، أما في الحضارات الشرقية فله شواهد تعود إلى ما قبل هذا التاريخ.

ولادة القنطور-Centaur

مشهد منحوت من أسطورة Centauromachy 447-438 المتحف البريطاني

في الأساطير والميثولوجيا اليونانية، كان القنطور جنسًا أخر من المخلوقات. كائنات مركبة نصفها بشر ونصفها أحصنة. يقاتلون باستخدام أغصان الأشجار وبرمي الحجارة في معظم الأوقات، ونادرًا ما قاتلوا باستخدام الأقواس والأسهم.

إن قصة ولادة القنطور غريبة بعض الشيء. لم يجد 《إيكسيون-Ixion》 ابن الإله أريس أحدًا يمكن أن يسامحه لما اقترفه من ذنب عندما قتل والده بالتبني، حتى تبناه في النهاية الإله زيوس واستقبله كضيف في جبل الأولمب. لكن إيكسيون عاد لذنبه ووقع في حب 《هيرا- Hera》 زوجة زيوس. ولكشفه قام زيوس بصنع سحابة على شكل زوجته فوقع إيكسيون بالفخ بعد أن تزاوج معها. أما القنطور فقد ولد من تزاوجهم.

استطاع القنطور أن ينجب ذرية عبر زواجه من أفراس منطقة 《ماغنيسيا-Magnesian mares》

كان القنطور يمثل الهمجية والوحشية بعيد كل البعد عن الحضارة. مثل القنطور العنف يظهر في الميثولوجيا كقاتل ومغتصب. عاش في الغابات في مناطق 《ثيساليا- Thessaly》 والبعض الأخر عاش في منطقة إيبيروس أما النوع الذي كان يمتلك قرونًا كالثور فقد انتشر في جزيرة قبرص.

ريد ويدنغ أو الزفاف الأحمر

أكثر المشاهد شهرة والتي تظهر في الميثولوجيا اليونانية هي أسطورة 《Centauromachy》. في هذه الأسطورة يدعو 《بيريثيوس-Pirithous》 القنطور لحضور حفل زفافه مع  《هيبوداميا-Hippodamia》 وفي أثناء الحفل يسكر القنطور ويهاجم جميع الضيوف ويحاول خطف هيبوداميا. لحسن الحظ يتمكن بيريثيوس بمساعدة البطل ثيسيوس من هزيمته وابعاد هذا التهديد.

إن القنطور الأكثر شهرة في الأساطير اليونانية هو تشيرون. وقد اعتبره هوميروس الأصلح بينهم جميعًا. ويعتبر من أكثر الكائنات حكمة في الميثولوجيا اليونانية. لقد كان معلم أخيل وهرقل وفرساوس وثيسيوش والكثير غيرهم. كان تشيرون ابن 《كرونوس-Cronus》 وفيليريا وربما كانت قصة ولادته المختلفة هذه من أجل شرح سبب اختلافه عن باقي أنواع القنطور الهمجية.

كائنات مركبة

رجل وقنطور من البرونز منتصف القرن الثامن ق.م.

مثل كل الحضارات الأخرى تقريبًا كان للإغريق أساطيرهم الخاصة. ولو يكن القنطور هو الكائن الوحيد المركب في هذه الأساطير. كان هنالك أيضًا 《Sphinex أو أبو الهول》 وهو كائن نصفه أسد ورأسه إنسان والعديد من هذه الكائنات أيضًا.

بهذه الأساطير حاول الإغريق فهم وشرح العالم الطبيعي الذي يحيط بهم.

قبل ظهور العالم اليوناني في التاريخ، كانت صور المخلوقات المركبة موجودة بالفعل في حضارات بحر إيجة والبحر المتوسط.  هنالك تمثيل واحد على الأقل لقنطور من العصر البرونزي وجد في أوغاريت أو ما يعرف برأس شمرا حاليًا على الساحل السوري. كما تم التعرف أيضًا على عدة مخلوقات مركبة في الحضارة الميناوية والميسينية التي ازدهرت في بحر إيجة خلال عصر البرونز.

وخلال العصور المظلمة اليونانية، الفترة التي تلت انهيار حضارات عصر البرونز، اختفت هذه المخلوقات المركبة في ظروف غامضة حتى عادت فيما يعرف بالعصر الهندسي اليوناني. وهو عصر ازدهر فيه الفن الهندسي اليوناني من سنة 700-900 قبل الميلاد.

تشترك جميع هذه المخلوقات المركبة في الفن اليوناني في أن تصميمها كان قيد التجريب في جميع هذه المراحل وصولًا للقرن السادس قبل الميلاد.

في الفن الشرقي

الثور المجنح من الحضارة الأشورية 721-705 ق.م.

على الرغم من اعتبار القنطور الهام يوناني بامتياز، فهذا لا يعني أن اليونان لم يستوحوا شيئًا من رموزهم وأيقوناته من حضارات وثقافات أخرى.

لم تكن مناطق وجزر بحر إيجة معزولة عن بقية العالم. فقد أحاطت باليونان ممالك قوية ذات تاريخ عميق وأساطير غنية. أثرت مصر وممالك الشرق الأدنى والأوسط على الإغريق في كل جانب، من العمارة والفن إلى الدين. ليس من قبيل المصادفة أن يتضمن الفن القديم فترة استشراقية. بحلول الوقت الذي كتب فيه هوميروس ملاحمه، كان بحر إيجة قد شهد بالفعل الحرب والتجارة والهجرة لدرجة أن صور وقصص الشرق كانت في متناول الإغريق. لم يكن اليونانيون، بطبيعة الحال، مستقبِلين سلبيين بل فاعلين. لقد تبنوا هذه الصور والمحفزات، وخلطوها مع صورهم الخاصة، وأنتجوا أساطير وقصص وفنون فريدة جديدة تحتوي على كل هذه التأثيرات القديمة.

تم استخدام رموز هذه الوحوش المركبة مثل أبو الهول من الحضارات الشرقية، أحيانًا مع بعض التغييرات الصغيرة وأحيانًا أخرى دون أي تغييرات على الإطلاق. علاوة على ذلك، فإن الوحوش الشرقية مثل الأسد البشري والثور البشري تقدم العديد من أوجه التشابه الشكلي مع القنطور.

هل كان هنالك قنطور-Centaur في الشرق؟

خنم أسطواني أشوري من القرن 13 ق.م.

في ختم أسطواني آشوري يعود إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد، يمكننا أن نرى بوضوح رجلًا له أجنحة وجسم حصان وذيل عقرب. يحمل هذا الفارس المجنح المميز قوسًا.

تصوير مبكر آخر للقنطور في الفن الشرقي يأتي من ختم أسطواني آشوري آخر من القرن الثالث عشر قبل الميلاد. كان الشكل يحمل أيضًا قوسًا، وخلال القرون التالية تبلورت في صورة برج القوس.

باستثناء هذه الأختام الآشورية، يمكن إرجاع جذور 《القنطور-Centaur》 إلى بلاد ما بين النهرين ، وهو نوع خاص من الأسود المركبة. بالطبع، هناك أيضًا كائنات أخرى لها أجسام بشرية وحيوانية ولكن لا شيء مثل القنطور كما ظهر في الفن والأساطير اليونانية.

القنطور في حضارات بحر إيجة

القنطور الميسيني

كانت الحضارات الميسينية والمينوية هي الحضارات التي ازدهرت في بحر إيجه خلال العصر البرونزي اليوناني وحتى القرن الثاني عشر قبل الميلاد عندما بدأت العصور المظلمة اليونانية.

هناك دليل جيد يدعم استخدام الحضارة الميسينية لرمز 《القنطور-Centaur》. إنه عبارة عن تمثالان من الطين الميسيني تم العثور عليهما في أوغاريت. ليس من الغريب العثور على أشياء ميسينية في أوغاريت فقد كانت مركزًا تجاريًا رئيسيًا في منطقة سوريا. في الواقع، كان الميسينيون على اتصال دائم من خلال التجارة والحرب والسفر مع الشعوب من حولهم.

هناك ايضًا عدة أدلة تشبه القنطور وهي تماثيل خزفية نذرية من معابد في جزيرة كريت وقبرص من القرنين الثاني عشر والحادي عشر قبل الميلاد. ومع ذلك، بدت هذه الأشياء أشبه بأبي الهول وأقل شبهاً بالقنطور لأنها لم تكن لها أيدي.

القنطور والعصور المظلمة لليونان

قنطور لافكندي 1000 ق.م.

تم اكتشاف شخصية لافكندي بالقرب من بلدة 《Euboea》 الصغيرة في منطقة تسمى لافكندي. يعود تاريخه إلى العصور المظلمة اليونانية، وبشكل أكثر تحديدًا القرن العاشر قبل الميلاد. بشكل عام، يعتبر لافكندي موقعًا أثريًا مهمًا قدمت أعمال التنقيب فيه معلومات قيمة فيما يتعلق بالعصر اليوناني المظلم والاتصال بين اليونان ومصر وقبرص وسوريا وليفانتي.

إقرأ أيضًا: سلسلة الفن القديم: الجزء الرابع – الفن الهيلينستي (اليوناني)

إنه أول مثال كامل للقنطور. أهميته كبيرة لدرجة أن العديد من الكتيبات تعتبر هذه بداية الفن اليوناني. تجدر الإشارة أيضًا إلى أنه في هذا الوقت لم تكن هناك أساطير يونانية موحدة. لم يتم تدوين ملاحم هوميروس إلا بعد قرنين من الزمن. في وقت نحت هذا التمثال، كانت الأساطير اليونانية لا تزال في بدايتها. حيث كانت الأساطير تتفاعل مع بعضها البعض وتتغير باستمرار. لذلك لا يمكننا افتراض أنه كان له نفس المعنى والرمزية كما في القرن السادس قبل الميلاد.

يعتبر القنطور من 《لافكندي Lefkandi》 أول قنطور كامل في الفن اليوناني. لكن ماذا يعني الكامل؟ على الرغم من أن فكرة الهجينة بين الإنسان والحصان ليست اختراعًا يونانيًا، إلا أن فكرة القنطور ككائن برأس وجسم الإنسان العلوي وجسم الحصان هي إلهام يوناني.

هل يمكن أن يكون قنطور-Centaur ليفكندي هو تشايرون؟

قنطور-Centaur ليفكندي كان لديه ستة أصابع في يده كذلك كان تشايرون صاحب الحكمة الأسطورية. مات تشيرون بعد إصابته بسهام هرقل في ركبته اليسرى. إذا ألقينا نظرة فاحصة على الركبة اليسرى لشخصية ليفكندي، فسنلاحظ خدشًا عميقًا. قد يكون هذا إضافة مقصودة أو نتيجة غير مقصودة ناتجة عن مرور الوقت. إذا كان الأول صحيحًا، فسيكون هناك سبب آخر للاعتقاد بأن بأن هذا القنطور هو مثل مبكر لـلتشايرون أو مخلوق له أسطورة مماثلة لأسطورة تشايرون.

المصادر

  1. The Centaur’s Smile
  2. The Lapiths and the Centaurs
  3. Classical Myth

أساطير نشأة الكون وخلق الإنسان

كيف بدأ الخلق؟ سؤال طرحه الإنسان دائمًا منذ قديم الأزل في الحضارات المختلفة محاولًا إيجاد إجابة معقولة، وقد ظهرت أساطير مختلفة لمحاولة الإجابة على هذا السؤال. في هذا المقال بعنوان أساطير نشأة الكون وخلق الإنسان سنتناول أشهر الأساطير التي فسرت كيفية نشأة الكون.

أسطورة الخلق، وتسمى أيضًا أسطورة نشأة الكون، هي صياغة فلسفية ولاهوتية لأسطورة الخلق البدائية داخل مجتمع ديني. يشير مصطلح الأسطورة هنا إلى التعبير التخيلي في شكل سردي لما يتم اختباره أو إدراكه كحقيقة أساسية. ويشير مصطلح الخلق إلى بداية الأشياء، سواء بإرادة وفعل كائن متعال، أو عن طريق الانبثاق من مصدر نهائي، أو بأي طريقة أخرى. تشير أساطير الخلق إلى العملية التي يتم من خلالها تمركز العالم وإعطائه شكلاً محددًا داخل الواقع كله. كما أنها بمثابة أساس توجيه البشر في العالم. يحدد هذا التمركز والتوجه مكان البشرية في الكون والاعتبار الذي يجب أن يحظى به البشر تجاه البشر الآخرين والطبيعة والعالم غير البشري بأسره؛ يضعون النغمة الأسلوبية التي تميل إلى تحديد جميع الإيماءات والأفعال والهياكل الأخرى في الثقافة.

خصائص أساطير نشأة الكون

أساطير نشأة الكون وخلق الإنسان (أصل العالم) هي الأسطورة بامتياز. بهذا المعنى، فإن الأسطورة شبيهة بالفلسفة، ولكنها على عكس الفلسفة، تتكون من نظام من الرموز؛ ولأنه أساس أي فكر ثقافي لاحق، فهو يحتوي على أشكال عقلانية وغير عقلانية. هناك نظام وهيكل للأسطورة، ولكن لا ينبغي الخلط بين هذا الترتيب والبنية وبين النظام والهيكل الفلسفي والعقلاني. تمتلك الأسطورة نوعًا مميزًا من النظام. تتمتع أساطير الخلق بطابع مميز آخر من حيث أنها توفر نموذجًا للتعبير غير الأسطوري في الثقافة ونموذجًا للأساطير الثقافية الأخرى. بهذا المعنى، يجب على المرء أن يميز بين الأساطير الكونية وأساطير نشأة التقنيات الثقافية والصناعات الإنسانية. بقدر ما تروي الأسطورة الكونية قصة خلق العالم، فإن الأساطير الأخرى التي تروي قصة تقنية معينة أو اكتشاف منطقة معينة من الحياة الثقافية تأخذ نماذجها من البنية الأسلوبية لأسطورة نشأة الكون. قد تكون هذه الأساطير الأخيرة مسببة (أي شرح الأصول)؛ لكن أسطورة نشأة الكون ليست أبدًا مجرد مسببات، لأنها تتعامل مع الأصل النهائي لكل الأشياء.

نشأة الكون في الميثولوجيا الإغريقية

يمكن العثور على اختلافات في قصة الخلق في الأساطير اليونانية في العديد من النصوص القديمة. المثال الأكثر اكتمالا هي «الثيوغونيا-Theogony» للشاعر اليوناني هسيودوس، الذي عاش في القرن الثامن قبل الميلاد تقريبًا. يجمع عمله بين جميع الأساطير والتقاليد اليونانية القديمة حتى وقته. وفقًا للثيوغونيا، في البداية كانت «الفوضى-chaos» و«الفراغ-void» فقط موجودان في جميع أنحاء الكون بأسره. تجدُر الإشارة هنا إلى أن الكلمة اليونانية «chaos» ليس لها نفس المعنى الذي تحمله اليوم – إنها تعني ببساطة “مساحة فارغة أو فراغ مظلم”. تبع الفوضى «جايا-Gaia» (التي تعني الأرض) و«إيروس-Eros» (الذي يعني الحب). لم يتم تحديد ما إذا كان جايا و إيروس قد ولدا من الفوضى أو ما إذا كانا موجودان مسبقًا، ومع ذلك، يذكر هسيودوس أن جايا ظهرت إلى الوجود لتصبح موطنًا للآلهة. أنجبت الفوضى «إيريبوس-Erebus»، الذي كان ظلام العالم السفلي، و«نيكس-Nyx» (الليل) وأنجبت جايا أورانوس، من هناك، تصف الأسطورة اليونانية كيف تزاوج الآلهة مع بعضها البعض لإكمال الخليقة بأكملها. أصبح أورانوس وغايا أول آلهة حكمت. تزاوج أورانوس مع جايا وأنتجوا ثلاثة «صقاليب-cyclops» و 12 جبابرة (جنس من العمالقة). كان كرونوس  أحد الجبابرة. ومن هنا تبدأ ملحمة آلهة الأساطير اليونانية الشهيرة.

كان أورانوس يشعر بالغيرة من أطفاله وحكم عليهم بالبقاء داخل جايا. لقد سد رحمها (الكهوف) وهذا ما أثار غضب جايا. وهكذا طلبت جايا من أطفالها المساعدة في مقاومة والدهم. صعد أحد الجبابرة، كرونوس، إلى الأمام وعاقب أورانوس بخصيه بمنجل أعطته إياه جايا. أُلقيت الأعضاء التناسلية لأورانوس في البحر وسقط دمه على الأرض وخلق المزيد من الأطفال وهم أفروديت وإرينيس (الغوريون) والعمالقة والحوريات. حذر أورانوس وجايا كرونوس من أن مشاكله لم تنته لأنه في يوم من الأيام سيطيح به أحد أبنائه. نتيجة لذلك، قرر كرونوس ابتلاع أطفاله. لكن جايا كانت قادرة على إنقاذ الطفل زيوس، الذي نشأ في جزيرة كريت اليونانية إلى أن جعل كرونوس، بمساعدة ميتيس (واحدة من الجبابرة)، يتقيئ الأطفال المبتلعين. بقيادة زيوس، تمرد الأشقاء الستة (ديميتر، هيرا، هيستيا، هاديس، وبوسيدون) ضد والدهم. تُعرف سنوات المعركة باسم «حرب الجبابرة-titanomachy». بدت المعركة وكأنها لن تنتهي أبدًا، ولكن بعد ذلك خطرت لدى زيوس فكرة. أطلق سراح أعمامه، و السيكلوب، و«هيكاتونكاريز-Hecatooncheires» من تارتاروس وساعدوه في قلب مجرى الحرب عن طريق صناعة صواعق لزيوس ورمي حجارة ضخمة على أعدائه. انتصر زيوس وحلفاؤه وألقوا كرونوس في تارتاروس إلى الأبد.

كان هناك ثلاثة جبابرة لم يدعموا كرونوس في المعركة: بروميثيوس وإبيميثيوس وأوكيانوس. انضم بروميثيوس لاحقًا إلى زيوس. وتم إرسال جميع الجبابرة إلى تارتاروس (العالم السفلي)، باستثناء بروميثيوس وإبيميثيوس. بعد ذلك، قسمت آلهة اليونان القديمة المتمردة الكون فيما بينهم. أُعلن أن زيوس هو الإله الأعلى، ويسيطر على كل الآخرين. لقد عاشوا جميعًا في قمة جبل أوليمبوس في اليونان – لكن ليس بسلام. خلق بروميثيوس الإنسان من الأرض (الطين)، ونفخت الإلهة أثينا الحياة في خليقته. هنا نرى نمطًا شائعًا آخر يتكرر في أساطير الخلق القديمة وهو إعطاء الروح للجسد حتى يصبح حيًا.

نشأة الكون في الحضارة المصرية القديمة

بالنسبة للمصريين القدماء، بدأت الرحلة بخلق العالم والكون من الظلام والفوضى العارمة. ذات مرة لم يكن هناك شيء سوى الماء الداكن اللامتناهي بدون شكل أو غرض. يوجد في هذا الفراغ «حكا-Heka» (إله السحر) الذي انتظر لحظة الخلق. من هذا الصمت المائي المسمى بنوو ارتفع التل البدائي، المعروف باسم بن بن، الذي وقف عليه الإله العظيم «أتومAtum» (أو في بعض إصدارات الأسطورة، بتاح). نظر أتوم إلى العدم وتعرّف على وحدته، وهكذا تزاوج مع ظله من خلال السحر لينجب طفلين، شو (إله الهواء) وتفنوت (إلهة الرطوبة). أعطى شو للعالم المبكر مبادئ الحياة بينما ساهم تيفنوت في مبادئ النظام.

ترك شو وتفنوت والدهم على بن بن، وشرعوا في تأسيس العالم. بمرور الوقت، أصبح أتوم قلقًا لأن أطفاله قد ذهبوا لفترة طويلة وأزال عينه وأرسلها بحثًا عنهم. بينما اختفت عينه، جلس أتوم وحيدًا على التل وسط الفوضى والخلود. عاد شو وتفنوت بعيون أتوم (التي ارتبطت لاحقًا بعيون أوجات، عين رع، أو العين التي ترى كل شئ) وأذرف والدهما، ممتنًا لعودتهما الآمنة، دموع الفرح. هذه الدموع، التي سقطت على أرض بن بن الخصبة المظلمة، ولدت الرجال والنساء.

ومع ذلك، لم يكن لهذه المخلوقات المبكرة مكان تعيش فيه، ولذا تزاوج شو وتيفنوت وأنجبتا جب (الأرض) ونوت (السماء). على الرغم من أن جيب ونوت أخ وأخت، فقد وقعوا في حب عميق وكانا لا ينفصلان. وجد أتوم أن سلوكهم غير مقبول ودفع نوت بعيدًا عن جب، عالياً في السماء. كان العاشقان قادرين على رؤية بعضهما البعض إلى الأبد ولكنهما لم يعودا قادرين على التلامس. كانت نوت حاملًا بالفعل من قبل جب، ومع ذلك، فقد أنجبت في النهاية أوزوريس وإيزيس وست ونفتيس وحورس – الآلهة المصرية الخمسة التي غالبًا ما تم التعرف عليها على أنها أقدم أو على الأقل أكثر التمثيلات المألوفة لكبار الشخصيات الإلهية. أظهر أوزوريس نفسه إلهًا مدروسًا وحكيمًا وتم إعطائه حكم العالم من قبل أتوم الذي ذهب بعد ذلك للاهتمام بشؤونه الخاصة.

نشأة الكون في الحضارة البابلية

القصة، وهي واحدة من أقدم القصص في العالم، إن لم تكن أقدمها، تتعلق بميلاد الآلهة وخلق الكون والبشر. في البداية، كان هناك ماء غير متمايز يحوم في فوضى. ومن هذه الدوامة، قسمت المياه إلى مياه حلوة وعذبة، تُعرف باسم الإله «أبسو-Apsu»، ومياه مالحة ومرة تعرف باسم الإلهة «تيامات-Tiamat». وبمجرد التفريق بين هذين الكيانين، ولد من اتحاد هذين الكيانين الآلهة الشابة. ومع ذلك، كانت هذه الآلهة الشابة صاخبة للغاية، مما أدى إلى إزعاج نوم أبسو في الليل وصرف انتباهه عن عمله في النهار. بناءً على نصيحة وزيره، مومو، قرر أبسو قتل الآلهة الشابة. عندما سمعت تيامات عن خطتهم، حذرت ابنها الأكبر، «إنكي-Enki» (أحيانًا إيا) الذي قام بتنويم أبسو وقتله. من بقايا أبسو، أنشأ إنكي منزله. تيامات، التي كانت ذات يوم مؤيدة للآلهة الشابة، تشعر الآن بالغضب لأنهم قتلوا رفيقها. وقامت بالتشاور مع الإله «كوينجو-Quingu» الذي نصحها بشن حرب على الآلهة الشابة. فكافأت تيامات كوينجو بأقراص القدر، التي تضفي الشرعية على حكم الإله وتتحكم في الأقدار، وقام بارتدائها بفخر كدرع على صدره. مع كوينجو كبطل لها، تستدعي تيامات قوى الفوضى وتخلق أحد عشر وحشًا رهيبًا لتدمير أطفالها.

يقاتل إيا وإنكي والآلهة الأصغر سنا ضد تيامات بلا جدوى حتى يظهر من بينهم البطل مردوخ الذي أقسم أنه سيهزم تيامات. مردوخ يهزم كوينجو ويقتل تيامات بإطلاق النار عليها بسهم يقسمها إلى قسمين وتجري من عينيها مياه نهري دجلة والفرات. من جثة تيامات، خلق مردوخ السماوات والأرض، وقام بتعيين الآلهة في واجبات مختلفة وربط كائنات تيامات الأحد عشر بقدميه كجوائز (إلى حد كبير من التملق من الآلهة الأخرى) قبل وضع صورهم في منزله الجديد. كما أنه أخذ ألواح القدر من كوينجو، مما يضفي الشرعية على حكمه. بعد انتهاء الآلهة من مدحه لانتصاره العظيم وفن خلقه، يتشاور مردوخ مع الإله إيا (إله الحكمة) ويقرر خلق البشر من بقايا الآلهة التي حرضت تيامات على الحرب. تم اتهام كوينجو بأنه مذنب وقتل، ومن دمه، خُلِق «لولو-Lullu»، الرجل الأول، ليكون مساعدًا للآلهة في مهمتهم الأبدية المتمثلة في الحفاظ على النظام والحفاظ على الفوضى.

نشأة الكون في الأساطير الصينية الداوية

«بان كو-Pangu» هو شخصية بارزة في أساطير الخلق الصينية. حتى يومنا هذا، يغني شعب تشوانغ أغنية تقليدية عن بان كو الذي يخلق السماء والأرض. لقد تمت مناقشة أصل أسطورة بان كو كثيرًا. يعتقد الكثيرون أنها نشأت مع «شو شينغ-Xu Zheng»، وهو مؤلف صيني من القرن الثالث الميلادي، حيث كان أول كاتب معروف بتسجيله؛ يقترح البعض أنها نشأت في أساطير شعب مياو أو ياو في جنوب الصين، بينما يرى البعض الآخر أنها موازية لأساطير الخلق الهندوسية القديمة.

في أساطير الخلق الداوية الصينية. يُقال إن الرجل الأول بان كو قد خرج من الفوضى (بيضة) بقرنين وأنياب وجسم مشعر. تنسب إليه بعض الحسابات فصل السماء عن الأرض، ووضع الشمس والقمر والنجوم والكواكب في مكانها، وتقسيم البحار الأربعة. لقد شكل الأرض من خلال حفر الوديان وتكديس الجبال. تم تحقيق كل هذا من معرفة بان كو «بالين واليانج-yinyang»، المبدأ الذي لا مفر منه للازدواجية في كل الأشياء. تؤكد أسطورة أخرى أن الكون مشتق من جثة بان جو العملاقة. أصبحت عيناه الشمس والقمر، وشُكلت الأنهار بدمه، ونما شعره إلى الأشجار والنباتات، وتحول عرقه إلى الأنهار، وصار جسده ترابًا. علاوة على ذلك، تطور الجنس البشري من الطفيليات التي أصابت جسم بان جو. تعود أساطير الخلق هذه من القرن الثالث إلى القرن السادس. تصور التمثيلات الفنية بان كو في كثير من الأحيان على أنه قزم يرتدي أوراق الشجر.

نشأة الكون في الحضارة الإسكندنافية

تتلخص النظرة الإسكندنافية للعالم كما يمكننا استخلاص أفضل من المصادر المختلفة إلى الفكرة العامة التالية. كانت هناك أربع مراحل: العملية التي نشأ فيها العالم وكل ما فيه، مرحلة ديناميكية يبدأ فيها الوقت، تدمير العالم في راجناروك، وظهور عالم جديد من البحر.

وفقًا «لسنوري-snorri» (مؤرخ أيسلندي)، قبل وجود أي شيء آخر، كانت هناك العوالم المتعارضة مثل «نيفلهايم-Niflheim» الجليدية و«موسبلهايم-Muspelheim» النارية. على الرغم من أن الفراغ المسمى «بغينونغاغاب-Ginnungagap» يفصل بينهما بأمان، إلا أن البرودة والحرارة امتدتا لتلتقي بعد كل شيء، مما أدى إلى إذابة حريق موسبلهايم للجليد، والذي ظهر منه اثنتان من الأشكال الرطبة: العملاق يمير والبقرة «أويثمبلا-Audhumla». كان يمير مخنث ويمكنه التكاثر لاجنسيًا. عندما نام، قفز المزيد من العمالقة من رجليه ومن عرق إبطه. لقد غذت البقرة يمير بحليبها، وتغذت بدورها من الملح في الجليد. كشفت لعقات البقرة ببطء «بوري-Buri»، الأول من مجتمع «الأيسر-Aesir» للآلهة. كان لبوري ابن اسمه بور، تزوج بستلا، ابنة العملاق بولثورن. كان الأطفال نصف الآلهة ونصف العمالقة من بور وبيستلا هم أودين، الذي أصبح رئيس آلهة الأيسر، وشقيقيه، فيلي وفي (Vili and Ve).

قتل أودين وإخوته يمير وشرعوا في بناء العالم من جثته. لقد صنعوا المحيطات من دمه، والتربة من جلده وعضلاته، ونباتات من شعره، وسحب من دماغه، وسماء من جمجمته. وكان هناك أربعة أقزام يمثلون الاتجاهات الأربعة الأساسية، حملوا جمجمة يمير عالياً فوق الأرض. شكلت الآلهة في النهاية الرجل والمرأة الأوائل، آسك وإمبلا، من جذعين من الأشجار، وبنوا سورًا حول موطنهم المسمى «بمدجارد-Midgard»، لحمايتهم من العمالقة.

الخلاصة

إن أساطير نشأة الكون وخلق الإنسان تختلف من حضارة لأخرى ولها أنواع مختلفة سوف نناقشها في الجزء الثاني من أساطير نشأة الكون وخلق الإنسان

المصادر:

ancient-origins

ancient.eu

ancient.eu

britannica

ancient-origins

ancient.eu

norse mythology

britannica

عجائب مصر القديمة: الميثولوجيا المصرية

هذه المقالة هي الجزء 5 من 9 في سلسلة عجائب مصر القديمة

كما قد تكون قد لاحظت عزيزي القارئ، من الأجزاء السابقة يتبين لنا الدور العظيم الذي لعبته الآلهة والشخصيات من العوالم الأخرى في حياة المصريين القدماء، فهي تعالجهم من أمراضهم وتساعدهم في التغلب على أعدائهم، فتعالوا معنا اليوم نقص عليكم قصة الآلهة في ضوء الميثولوجيا المصرية القديمة.

التاسوع المقدس

آمن الناس في مصر القديمة بتسع آلهة رئيسية هم:

– آتوم
– شو
– تفنوت
– نوت
– جب
– – إيزيس
– أوزوريس
– ست
– نفتيس

وهي عائلة واحدة وسنعرف قصتهم وما يربطهم في الميثولوجيا المصرية بعد قليل.

ملحوظة مهمة

تختلف الأساطير المصرية من مكان لآخر في مصر القديمة، كما تختلف أسماء الآلهة كذلك، فعلى سبيل المثال، الإله آتوم هو نفسه الإله رع هو نفسه الإله آمون، إلا أن المسمى يختلف من مكان لآخر ومن زمان لآخر، كأي أسطورة بشرية قابلة للتطور والتحور مع مرور الزمن، فقد تجد القصة التي سنرويها اليوم باختلافات في أسماء الشخصيات والأحداث وترتيبها، إلا أنها جميعها متشابهة في الأصل.

قصة الخلق في الميثولوجيا المصرية

في البدء، لم يكن هناك شيء سوى الماء، وكان الوجود مظلمًا وفوضويًا، فجلس الإله آتوم وتأمل وحدته، ثم تزوج آتوم من ظلّه، فأنجب شو (إله الهواء)، وتفنوت (إلهة الرطوبة)، ثم انطلق كل من شو وتفنوت لإعداد العالم وتنظيمه لاستقبال الحياة، فوضعت تفنوت القواعد التي سيسير العالم وفقًا لها، ووضع شو مبادئ الحياة.

افتقد آتوم أبناءه، وأصابه القلق، فاقتلع عينيه من مكانهما وأرسلهما للبحث عن شو وتفنوت، فعادا إليه ومعهما عينَي والدهما، وعندما رآهم أتوم ذرف دموع الفرح، فسقطت دموع أتوم على الأرض لتخصيبها لخلق الرجال والنساء.

ثم تزوج شو من أخته تفنوت وأنجبا نوت (إلهة السماء)، وجِب (إله الأرض)، فوقع جِب في حب نوت، فغضب أبوهما من علاقتهما وقرر أن يفصلهما عن بعضهما البعض، لتبقى نوت في السماء ويبقى جِب في الأرض، ولكن نوت كانت حاملًا من جِب، فأنجبت إيزيس، وأوزوريس، ونفتيس، وسِت، وتزوج أوزوريس من أخته إيزيس.

  • انفوجراف عن التاسوع المقدس (قصة الخلق) في الميثولوجيا المصرية.
التاسوع المقدس في الميثولوجيا المصرية

إيزيس وأوزوريس في الميثولوجيا المصرية

حكم أوزوريس العالم بمساعدة أخته وزوجته إيزيس، فزرعا الأشجار وشقّا الأنهار، إلا أن الإله ست الغيور لم يكن راضيًا بما يحدث، فحسد أخاه أوزوريس على ما لديه، فدبّر مكيدة للتخلص منه، حيث دعاه إلى حفل أقامه، وكان قد صنع صندوقًا ليناسب حجم أوزوريس بالضبط، وانتظر حتى أصاب أوزوريس النعاس، وقال أنه سيهدي الصندوق لمن يناسب الصندوق حجمه، وعندما أتى دور أوزوريس ونام في الصندوق، أسرع ست بإغلاق الصندوق وإلقاءه في نهر النيل.

عندما علمت إيزيس بما حدث لأوزوريس أصابها الحزن الشديد وأخذت تبحث عنه إلى أن وجدت جثته. فأخذت في إعداد الأعشاب والوصفات لإعادة إحياء زوجها وأخيها أوزوريس، ولكن ست عثر على جثته فقام بتقطيعها إلى 42 قطعة، وقام بتفريقها في مختلف أرجاء مصر ليصعب على إيزيس إعادة تجميع جثته.

فعادت إيزيس تبحث عن أشلاء زوجها بمساعدة أختها نفتيس، واستطاعوا جمع جميع أجزاء جسده باستثناء قضيبه. حيث أكلته سمكة، فصنعت عضوًا ذكريًا بديلًا وجامعت زوجها وحملت بابنها حورس.

عاد أوزوريس إلى الحياة مرة أخرى، لكنه لم يكن كاملًا، فهبط إلى العالم السفلي ليصبح هو الحاكم على هذا العالم.

لم تكن إيزيس راضية بما حدث، فاستعانت بابنها الإله حورس، والذي دخل في حرب عنيفة مع الإله ست لاستعادة ملك أبيه، واستمرت الحرب 80 عامًا إلى أن انتهت بانتصار حورس وتدمير سِت.

المصادر


coursera

ancient.eu

ميثولوجيا العناكب في الأساطير القديمة.

ميثولوجيا العناكب

ماذا لو كان العنكبوت الذي قتلته في غرفتك يظن طوال الوقت أنك رفيقه في السكن! “

ذلك السؤال الذي طرحه الروائي الروسي فيدور دوستويفسكي، يعد سؤال فلسفي،و ببراعة يمثل فيه العنكبوت رمز للوداعة والسلام، ولكن هل يمكن أن تدل رمزية العنكبوت على الضعف،و هل ذلك حال العنكبوت طوال الوقت؟ في هذا المقال سنجيب عن هذا السؤال من خلال قصص العناكب في الميثولوجيا والأساطير القديمة، وتحديدًا ميثولوجيا العناكب.

البقاء للعناكب

تعتبر العناكب من أوائل الحيوانات التي عاشت على سطح الأرض، منذ حوالي 300 مليون سنة، و تعتبر أيضاً من الكائنات التي نجحت في النجاة من الانقراض. بداية من عصر الديناصورات حتى يومنا هذا.

تطورت العناكب خلال 400 مليون سنة، بالإضافة إلى ذلك هنالك 40,000 مليون نوع من العناكب، تشغل اليوم أنحاء العالم ، ولايزال العديد منها غير مصنف، أو حتي يقع تحت تسمية علمية.

أليست العناكب جديرة للتعبير عن القوة!

العنكبوت الأم في ميثولوجيا قبائل التشوكاتو

تتجسد شخصية المرأة العنكبوت في صورة امرأة عجوز حكيمة،ذلك في العديد من الأساطيرو الميثولوجيا التي تنسب لقبائل «Navajo- النفاجو» والقبائل «Hopi-الهبو» التي كانت تسكن جنوب غرب أميركا.

من أبرز هذه الأساطير أسطورة قبائل التشوكاتو التي كانت تسكن منطقة الميسيسيبي، فيحكي شعب التشوكاتو أنه في زمن عاشت فيه الحيوانات في ظلام حالك،فلم يكن هنالك نار وحتي الشمس كانت قابعة في الطرف الأخر من الأرض، فعزم الحيوانات على سرقة النار.

في البداية تطوع حيوان الأبوسوم وحاول أن يخفي جزء من النار في شعر ذيله الكثيف، لكنه احترق وهو حتى الأن عاري الذيل، حاول من بعده النسر وحاول أن يخبئها في ريش رأسه، لكنه احترق وسبب حروق على رأسه وأصبحت الآن النسور عارية الاعناق وتمتلك بقع حمراء علي رؤوسها.

من بعدهم حاولت الغربان، وقد كانت بيضاء ذات صوت جميل لكن النار أحرقت ريشها الابيض وأتلفت صوتها العذب، فتدخلت الجدة العنكبوت وشكلت من الطين وعاء لتخفي فيه النار وأحكمت شباكها حول النار.

استطاعت أن تحضرها عبر سحبها طوال الطريق من الشرق، وعندما سألت الحيوانات عن من سيتطوع لحراسة النار، كانوا خائفين منها ورفضو فتطوع الإنسان في النهاية،وبعد ذلك علمته الجدة العنكبوت كيف يتحكم بالنار،وكيف يصنع الأواني الفخارية ويعزل النسيج.

تناولت أساطير لقبائل النفاجو خلق العنكبوت الأم لكل شيء، حيث أنها من نسجت الكون بأسره من شبكها، وتناولت أساطير قبائل الهبو أن العنكبوت آلهة الأرض اشتركت مع آلهة أخرى في خلق حواء و أدم.

ميثولوجيا العناكب في الأساطير اليونانية

تناولت الأساطير و الميثولوجيا اليونانية قصة خلق أول عنكبوت في العالم، من خلال قصة فتاة تدعى أركاني عاشت في آسيا الصغرى.فقد كانت ماهرة في فن الحياكة، ولقيت تعليمها على يد الآلهة أثينا، و ذاعت موهبة اراكاني وروعة منسوجاتها حتى أنها تحدت الآلهة أثينا.

فنسجت أركاني نسيج تهين فيه الآلهة، وتصور فيه مجونهم وحماقتهم، وبالإضافة إلى ذلك إدعت أن منسوجتها تفوق الإله اثينا، غضبت أثينا ومزقت ذلك النسيج، فشعرت أركاني بالخجل من نفسها،وعندما علمت إلى أين قادتها غطرستها شنقت نفسها، ولكن الإله أثينا أشفقت عليها، فحولت الحبل المعلق إلي شبكة واراكاني إلى عنكبوت حتى تغزل لوحتها إلى الأبد، وبالمناسبة أركاني هو مصطلح يطلق على العناكب وهو مستخدم حتى الآن.

الآلهة نيث غزل ونسج القدر

نجد في الأساطير المصرية القديمة رمزية العنكبوت من خلال الإله نيث، والتي تعتبر آلهة الحرب والنسيج ووفقًا للأساطير، كانت الآلهة نيث خالقة العالم وأم الشمس في مصر القديمة، وكانت تصور بامراة تمسك المغزل أو حتى السهام، مما يوحي بقوتها وقدرتها على الصيد، وتذكر بعض النصوص أن الآلهة نيث كانت هي من تغزل الخيوط التي تغلف الممياوات لحمايتها .

وفي  الثقافة الشعبية الصينية القديمة، كانت العناكب مصدر احتفال وكانت تجلب الحظ، ويعتقد أنها تجلب السعادة والثروة وكانت الحلي تصنع على أشكال العناكب وذلك لجلب الحظ السعيد، وتظهر العناكب على نطاق واسع في الفن والأدب الصيني والأساطير.

العنكبوت في عيد ميلادها الـ 400 تتحول إلى أنثى!

هل سمعتم يوما عن (الـ joroguma) بالإضافة إلى أن ذلك الاسم يطلق على إحدى أنواع العناكب، إلا أنه أيضا يظهر في العديد من أساطير الفلكلور الياباني، وتتناول الأسطورة أن تلك الأنواع من العناكب تكتسب طاقة سحرية عندما تتم عامها الربعمائة.

تستطيع من  خلال طاقتها السحرية التحول إلى امرأة جميلة، وتختلف مغامراتها حسب كل مقاطعة في اليابان، ففي إحدى المرات تغوي مقاتل ساموراي، وتدعوه لمنزلها ثم توقعه في شباكها وتلتهمه، وفي رواية أخرى تبدأ بسقوط فأس إحدى الحطابين قرب شلال تسكنه joroguma،  فيرآها الحطاب في صورة امرأة جميلة تسكن الشلال،و تعطيه فأسه الذي سقط في الماء، وتطلب منه ألا يخبر أحد عن مكانها، ظل الحطاب محافظًا على السر، ولكنه في إحدى الأيام ثمل وأفشى السر.

حسنًا لا نعرف ماحدث لذلك المسكين ولكنه لم يعد حتي اليوم!

ميثولوجيا العناكب في الأساطير السلتية

تظهر الآلهة أريانرود في الأساطير السلتية القديمة، وهي آلهة نسج القدر والزمن وأيضا إله الخصوبة والتناسخ،  وتعني كلمة أريانودا العجلة الفضية، وذلك لارتباط الإله بالقمر ونجم الشمال وتشير تلك العجلة الفضية إلى تتابع ودوران شهور السنة.

في عام 2008  اكتشف الباحثون معبد من الطوب اللبن في وادي في دولة البيرو، يجسد صور عنكبوت منحوتة، بالإضافة لوجود بعض النقوش والرسومات في عدة كهوف في أستراليا و التي تجسد العناكب، كما تستخدم بعض القبائل طواطم العناكب للحماية وجلب الحظ.

الخاتمة

العنكبوت صورة قوية صمدت منذ أقدم العصور، ذالك المخلوق الذي يعكس ازدواجية ترعبنا وتبهرنا على حد سواء مما يعزز مكانتها في عالمنا كرمز لا ينسي. والأن هل مازالت تظن أن العنكبوت القابع في غرفتك يصلح كرفيق للسكن؟

المصادر

Exit mobile version