ما هي الخلية الكهروكيميائية ثلاثية القطب وما أهميتها؟

تُستخدم العديد من التقنيات الكهروكيميائية لقياس النشاط الكهروكيميائي للمواد المختلفة. قد تكون التجارب لقياس التيار الناتج عند تطبيق مدى واسعة من الجهد الكهربي أو قياس الجهد الكهربي الناتج من تطبيق تيار كهربي على القطب. في هذا المقال، سنناقش الخلية المستخدمة لمثل هذه التقنيات، ألا وهي الخلية الكهروكيميائية ثلاثية القطب The 3-electrode cell.

مم تتكون الخلية الكهروكيميائية ثلاثية الأقطاب؟

الخلية الكهروكيميائية ثلاثية القطب هي عبارة عن دائرة كهربية من ثلاثة أقطاب متصلة معًا حيث يتم التحكم بها من خلال جهاز التحكم في الجهد -potentiostat. ولذلك تُستخدم لقياس النشاط الكهروكيميائي للأقطاب (نصف خلية). تتكون الخلية من ثلاثة أقطاب:

 1. قطب العمل- Working Electrode (WE)

قطب العمل هو القطب المستخدم لدراسة المادة النشطة كهروكيميائيًا. يتم تطبيق جهد ثابت أو مدى واسع من الجهد الكهربي على قطب العمل للتحاليل الكهروكيميائية المختلفة لدراسة نشاط وتفاعلات المادة محل الدراسة. نتيجة لذلك تحدث تفاعلات الأكسدة والاختزال عند تطبيق الجهد/ التيار الكهربي. يتكون قطب العمل غالبًا من طبقات من المواد الصلبة مُرسبة على ألواح معدنية مثل النحاس أو الألمونيوم–  Al or Cu sheet أو الكربون الزجاجي- Glassy Carbon (GC) أو قطب الزئبق المتساقط – Dropping Mercury Electrode (DME) لدراسة المحاليل السائلة.

2. القطب المرجعي- Reference Electrode (RE)

يلعب القطب المرجعي دورًا هامًا كمرجع في القياس والتحكم في الجهد الكهربي للقطب العامل، دون تمرير أي تيار حيث أن القطب المرجعي له جهد ثبات. لذلك يتم قياس وتطبيق الجهد الكهربي في الدائرة الكهربية بناء على جهد القطب المرجعي. علاوة على ذلك، تختلف قيمة جهد القطب المرجعي باختلاف المادة المكونة للقطب لذا من الضروري أن تكون الأقطاب المرجعية مستقرة كيميائيًا مما يحافظ على قيمة الجهد لفترة طويلة في الأوساط المختلفة. على سبيل المثال، من أهم الأقطاب المرجعية المُستخدمة في الكيمياء الكهربية:

القطب المرجعيقيمة الجهد
قطب الهيدروجين القياسيSaturated Hydrogen Electrode (SHE)0.000 V
قطب كلوريد الفضة المشبعAg/AgCl (Sat. KCl)+0.197 V
قطب الكالوميل المشبعSaturated Calomel Electrode (SCE) +V 0.241
قطب أكسيد الزئبقHg/HgO (1M KOH) +0.1634 V

3. القطب المساعد- Counter Electrode (CE)

تتركز أهمية القطب المساعد في الخلية ثلاثية الأقطاب في غلق الدائرة الكهربية وذلك عن طريق تطبيق جهد معاكس للجهد المُطبَّق على جهد قطب العمل. بينما يتم أكسدة القطب العامل، يحدث اختزال على القطب المساعد والعكس صحيح. هكذا يتم غلق الدائرة الكهربية وغلق مسار حركة الإلكترونات مما يسبب مرور تيار كهربي يمكن قياسه وتحليله لدراسة المادة الفعالة. لذلك يكون الدور الأهم للقطب المساعد هو تمرير كل التيار اللازم لموازنة التيار الذي لوحظ في القطب العامل.

من الجدير بالذكر أنه يتم استخدام أقطاب مساعدة مصنوعة من مواد موصلة للكهرباء لكنها خاملة كهروكيميائيًا كالذهب والبلاتينوم حتى لا يحدث أي تداخل للتفاعلات الكهروكيميائية الخاصة بالمادة الفعالة. كما من الضروري استخدام قطب مساعد بمساحة سطح كبيرة نسبيًا مقارنة بمساحة سطح قطب العمل للتأكد من تكافؤ سرعات التفاعلات الكهروكيميائية على القطبين.

ما أهمية الخلية الكهروكيميائية ثلاثية الأقطاب؟

تتمثل أهمية الخلية المُعدة من ثلاثة أقطاب في إمكانية عزل التفاعل الحادث عند القطب الكهربي العامل فقط. من أجل دراسة تفاعلات المادة الفعالة، يلزم عزل التفاعل عند القطب الكهربي العامل، وذلك عن طريق إدخال القطب المرجعي، أي القطب الثالث. لذلك يحتوي هذا القطب على جهد كهربي محدد ولا يمر أي تيار من خلال القطب المرجعي أثناء القياسات بحيث يكون الجهد ثابتًا. من خلال هذا الإعداد، يمكن للمرء ضبط الجهد بين قطب العمل والقطب المرجعي مع ترك التيار يمر بين القطب العامل والقطب المساعد. نتيجة لذلك، يكون قادرًا على دراسة التفاعل فقط عند القطب العامل دون أي تأثير من تفاعل القطب الكهربي المضاد.

عم تختلف الخلية الكهروكيميائية ثلاثية القطب عن ثنائية القطب؟

لدراسة سلوك المادة على سطح القطب/الإلكتروليت، نحتاج إلى مراقبة كل من الجهد والتيار. وذلك عن طريق وضع القطب العامل في محلول إلكتروليتي وإخراج النظام من توازنه. يمكن القيام بذلك عن طريق استقطاب القطب إما كاثوديًا أو أنوديًا عن طريق تطبيق الجهد أو التيار على القطب العامل. من أجل تطبيق الجهد، نحتاج إلى قطب مرجعي ذي جهد كهربي ثابت. بعد تطبيق الجهد، يتعين علينا تسجيل تأثير اضطراب النظام الكهربي. للقيام بذلك، يتعين علينا تسجيل التيار الذي تطور عبر القطب العامل وبعض الأقطاب الكهربائية الأخرى. لذلك نحن بحاجة إلى قطب كهربي ثالث يسمى القطب المساعد. أهم دور للقطب المساعد هو إكمال الدائرة لحمل التيار. لذا من أجل دراسة السلوك الكهروكيميائي للتحليل باستخدام تقنيات كهروكيميائية مثل التقنيات الفولتمترية وما إلى ذلك، يجب أن نستخدم نظام الأقطاب الثلاثة بدلاً من نظام ثنائي القطب.

إذا قمت بتشغيل إعداد ثنائي القطب، فأنت تقوم بتعيين جهد أو تيار بين قطب العمل والمساعد. في هذا الإعداد، تكون الاستجابة المُقاسة عبارة عن مزيج من الاستجابة على قطب العمل القطب المساعد.

المصادر

  1.  Gamry | Two, Three and Four Electrode Experiments
  2. Zensor |  Electrochemical System

ما هي المكثفات فائقة التوصيل والتحديات التي تواجهها؟

على الرغم من أن السعة التخزينة للبطاريات تفوق سعة المكثفات إلا أن تلك الميزة هي سلاح ذو حدين. لا يمكن استخدام البطاريات في الأجهزة التي تتطلب كمية كبيرة من الطاقة لحظيًا كما أنها تمتلك فترة عمر أقصر. وعلى صعيد آخر، تتميز المكثفات بمعدل عالٍ لتفريغ الطاقة لحظيًا لكنها تفتقر للسعة التخزينية الهائلة كما في البطاريات. أيضًا من أهم ما يميز المكثفات هي طول فترة عمرها وإمكانية إعادة الشحن والتفريغ لمرات عديدة بكفاءة عالية. لملء الفجوة بين المكثفات والبطاريات والوصول لمعدل تفريغ طاقة عالٍ بسعة تخزينة كبيرة توصل العلماء لاختراع المكثفات فائقة التوصيل الكهربي-[1] Supercapacitor or Ultracapacitor. في هذا المقال سنتعرف ماهية المكثفات فائقة التوصيل وأنواعها وتطبيقاتها وكذلك التحديات التى تواجهها كجيل جديد لتخزين الطاقة.

ما هي المكثفات الفائقة؟

المكثفات الفائقة هي أحد أجهزة تخزين الطاقة. إنه جهاز يجمع بعض صفات المكثفات التقليدية والبطاريات القابلة لإعادة الشحن. يخزن الطاقة من خلال تكوين طبقة مزدوجة من الشحنات على قطبي المكثف الفائق أو من خلال التفاعلات الكهروكيميائية للمواد الفعّالة المكونة للأقطاب[1,2] .

يختلف المكثف الفائق من حيث السعة التخزينية العالية جدًا مقارنة بالمكثف العادي. يخزن المكثف العادي الطاقة عن طريق تخزين شحنة ثابتة بدلاً من تفاعل كهروكيميائي. وذلك عن طريق تطبيق فرق الجهد على قطبي موصلي الكهرباء الموجب والسالب إلى شحن المكثف. هذا مشابه لتراكم الشحنات الكهربائية عند المشي على السجادة أو الاحتكاك بجسم خشن. فيحتفظ جسدك بكهرباء إلكتروستاتيكية. ممايؤدي في حالة لمس جسم ما إلى إطلاق الطاقة من خلال الإصبع مثلًا.

كيف تطورت المكثفات الفائقة؟

اقترح الفيزيائي الألماني هيلمهولتز عام 1879 مكثفًا فائقًا يخزن الطاقة عن طريق استقطاب الإلكتروليتات. بحلول عام 1957، تقدم أمريكي يدعى بيكر بطلب للحصول على براءة اختراع لمكثف كهروكيميائي. قام باستخدام الكربون المُنشط مع مساحة سطح محددة عالية كمواد قطب كهربائي.

ثم في عام 1962، أنتجت شركة Standard Oil Company (SOHIO) مكثفًا فائقًا بقوة 6 فولت مع الكربون المنشط. ثم في عام 1979، بدأ إنتاج المكثفات الفائقة كتطبيق تجاري واسع النطاق. مع التقدم المستمر للتقنيات الرئيسية في المواد والعمليات، والتحسين المستمر لجودة المنتج وأدائه، بدأت المكثفات الفائقة في دخول فترة التطوير. وتستخدم حاليًا على نطاق واسع في الصناعة وفي مجال الأجهزة المنزلية. مما أدى إلى تكثيف جهود العديد من الباحثين لأكثر من 100 عام. حتى الآن، تم تحسين الأداء باستمرار. ونتطلع إلى استخدام المكثفات الفائقة بأداء أفضل في المستقبل [2].

ما هي أنواع المكثفات الفائقة تبعًا لآليات تخزين الطاقة ؟

1. مكثفات الطبقة المزدوجة الكهربية Electrical Double Layer Capacitor (EDLC)

تعتمد على تكوين طبقة مزدوجة من الشحنات. الطبقة الأولى هي شحنة الجسم. والطبقة الثانية تكونت نتيجة تجاذب الأيونات المخالفة للجسم في الشنحة كما يحدث في شكل 1A الذي يمثل مادة كربونية. وكذلك شكل 1B الذي يمثل مادة كربونية مسامية كما يحدث في المكثفات. وتُعتبر المواد الكربونية (جرافين، أنابيب الكربون النانوية، مشتقات كربيد الكربون، الكربون النشط، إلخ) من أهم المواد التي تعتمد على هذه الآلية في تخزين الطاقة[1].

2. مكثفات كاذبة Pseudocapacitor (PC)

يتم تخزين الطاقة من خلال تفاعلات كهروكيميائية بين المواد المكونة للقطب والالكتروليت المحيط به كما في الشكل1C  والذي يفسر تخزين الطاقة في البطاريات. وهناك أيضا آلية حركة/إقحام أيونات المحلول الإلكتروليتي  في مسامات الأقطاب الكهربية. ينشأ عن ذلك تيار كهربي نتيجة حركة الأيونات/الإلكترونات من وإلى المحلول الإلكتروليتي والمادة النشطة للقطبين (شكل 1D). وتُعد هذه أحد أشهر آليات التخزين عند استخدام موصلات مسامية كفوم المعادن الانتقالية. وأيضًا مركبات العناصر الانتقالية (أكاسيد، نيترات، فوسفات، نتريد، كربيد العناصر الانتقالية) مواد نشطة كهروكيميائيًا يمكنها إنتاج كمية كبيرة من الطاقة عن طريق عمليات الأكسدة والاختزال الانعكاسية Reversible redox reactions [1].

3. مكثفات هجينة Hybrid Supercapacitors:

تعتمد المكثفات الهجينة على آليات التخزين المختلفة معًا. فيقوم أحد القطبين بتخزين الطاقة عن طريق تكوين طبقة مزودجة من الشحنات بينما القطب الآخر يعتمد على آلية التفاعلات الكهروكيميائية. تتميز هذه المكثفات بأنها تعمل في مدى أوسع من جهد التشغيل من النوعين السابقين. كما أنها تعتمد على آليات تخزين مختلفة مما يزيد من فترة عمرها [1].

شكل 1:  (A) مادة كربونية، (B) مادة كربونية مسامية، (C)  مادة نشطة للتفاعلات الكهروكيميائية، (D) إقحام الأيونات المحلول الإلكتروليتي في مادة القطب [1]

ما أهم مميزات المكثفات فائقة التوصيل الكهربي؟

ما يميز المكثفات الفائقة هو قدرتها على تخزين الطاقة بكل الآليات الممكنة مما يجعلها الجيل الجديد من أجهزة تخزين الطاقة. فيمكن تعديد مميزات المكثفات فائقة التوصيل عن البطاريات والمكثفات العادية، في النقاط التالية [3,4]:

  1. سعة تخزين أعلى بمئات المرات من المكثفات العادية. وذلك لقدرتها على تخزين الطاقة بالطرق المختلفة السابقة وليس عن طريق تكوين طبقة مزدوجة من الشحنات أو التفاعلات الكهروكيميائية فقط.
  2. القدرة على تفريغ الطاقة بمعدل أعلى من البطاريات حيث أن طبقة الشحنات المزدوجة تعمل على تفريغ طاقتها في وقت قصير. وأيضًا آلية إقحام الأيونات والإلكترونات تولد تيار كهربي نتيجة حركة الجسيمات السريعة. تلك من أهم مميزات المكثفات الفائقة مما جعل العلماء يعملون على تطويرها لاستخدامها في مكابح السيارات الكهربية وغيرها من الأجهزة الكهربية الحديثة.
  3. يمكن إعادة شحن الأجهزة آلاف المرات دون أي فقد في السعة التخزينة أو معدل التفريغ.

ما تطبيقات المكثفات الفائقة؟

يمكن استخدام المكثفات فائقة التوصيل في التطبيقات التي تتطلب شحن/تفريغ سريع للطاقة كمكابح السيارات الكهربية وأجهزة توليد الطاقة المتجددة ورادارات الطرق. بينما تُستخدم البطاريات في الأجهزة التي تتطلب توليد الطاقة على المدى الطويل كبطارية الهاتف المحمول والبطاريات المنزلية. وأيضا تُستخدم المكثفات الفائقة في التحكم في ضغط الكهرباء القطارات الكهربية  أثناء تخفيض سرعتها لتقليل استهلاك الطاقة [5].

ما التحديات التي تواجه المكثفات فائقة التوصيل؟

تستخدم المكثفات الفائقة على نطاق واسع في النقل والصناعة والجيش والإلكترونيات الاستهلاكية وغيرها من المجالات بسبب خصائصها الممتازة. ومع ذلك، فإن هذه الأجهزة بها بعض أوجه القصور. يتم وصف المشكلات الحالية التي تحتاج إلى حل بشكل أساسي في الجوانب الأربعة التالية [6] :

1. المشاكل الفنية للمكثفات الفائقة:

كثافة الطاقة للمكثفات الفائقة ليست عالية جدًا. في الوقت الحالي، لا تزال هناك فجوة معينة بين المكثفات الفائقة والبطاريات من حيث كثافات الطاقة. ولا تزال كيفية تحسين كثافة الطاقة هي محور البحث وصعوبته. يمكن تعزيز كثافة الطاقة عن طريق زيادة مساحة السطح الفعالة لمواد الأقطاب في المكثفات ذات الطبقة المزدوجة أو زيادة نافذة جهد التشغيل أو كليهما. يتم إجراء المزيد من الأبحاث لتطوير مواد جديدة ذات مساحة سطح عالية واستخدام إلكتروليتات عضوية مناسبة يمكن أن تتحمل نافذة جهد أكبر. إذا تمت معالجة هذه الامتدادات بشكل صحيح ، يمكن أن تصبح كثافة الطاقة للمكثفات الفائقة مماثلة للبطاريات.

2. كشف الثبات والاتساق:

نافذة الجهد للمكثف الفائق منخفض (أقل من 2.7 فولت)، الأمر الذي يتطلب الكثير من التوصيلات المتسلسلة للتطبيقات العملية. نظرًا للحاجة إلى شحن وتفريغ عاليين في التطبيقات، فإن الشحن الزائد له تأثير خطير على عمر المكثفات. فمن المهم جدًا ما إذا كانت الفولتية على المكثفات الفردية في السلسلة متسقة أم لا.

3.المعيار الصناعي:

كجهاز جديد لتخزين الطاقة، لا يمكن فصل التطوير الصحي للمكثفات الفائقة عن الصناعة والإشراف على السوق. تهدف مجموعة من الأنظمة القياسية التقنية إلى صياغة معايير الصناعة العملية، والمعايير الوطنية، وحتى المعايير الدولية. على سبيل المثال، المصطلحات وطريقة تسمية نموذج التصنيف وطريقة اختبار الأداء الكهربائي والمتطلبات الفنية للسلامة والمواصفات العامة ومواصفات مادة القطب الكهربائي ومواصفات الإلكتروليت وسلسلة مواصفات الشاحن والمتطلبات الفنية للإنتاج ومتطلبات النقل والاسترداد ويجب وضع متطلبات تدمير المكثفات الفائقة. وأيضًا معايير أخرى تهدف إلى توجيه وتوحيد صناعة المكثفات الفائقة لتحقيق هدف التخلص من إعادة التدوير الأخضر بتكلفة منخفضة. إنها وسيلة ضرورية لتعزيز التنمية الصحية للصناعة.

المراجع:

  1. Science | Where Do Batteries End and Supercapacitors Begin? .
  2. JEC| The History Of Supercapacitors
  3. Chemical Reviews | Pseudocapacitance: From Fundamental Understanding to High Power Energy Storage Materials
  4. Batteryuniversity | How does a Supercapacitor Work?
  5. Encyclopedia | Supercapacitor Applications and Developments
  6. APL Materials | Challenges and opportunities for supercapacitors

ما هو الجدول الدوري وما أبرز معالمه؟

يعد الجدول الدوري بالدرجة الأولى واحدًا من رموز العلم؛ فلم يتوقع ديمتري مندلييف أن ملاحظته لتشابه عدة عناصر كيميائية في الخواص وتدرجها بالوزن الذري ومحاولته تفنيدها وفقًا لذلك في مجموعات أنه سيبدأ بعملٍ خالدٍ ومرجعيٍ يعود له الباحثين والعلماء في الكيمياء.

من المعروف بأن من هو على اطلاع بالفن له نظرة خاصة ونوعية للّوحات الفنية لا يملكها العوام. فالفنان لا يرى لوحة الموناليزا مثلًا كامرأة متهكمة بملامح باردة، بل يثّمنها لأنه عليم ملمٌ بمواطن الإبداع والعبقرية فيها.

كذلك الأمر عند حديثنا عن الجدول الدوري، فهو لوحة فنية بعيون الكيميائي، نجمت عن جهود متراكمة لعدد من العلماء على مدار أعوامٍ من العمل الدؤوب المتواصل. إذًا، كيف تم ترتيب هذه العناصر؟ وعلى أي أساس؟ وهل اكتشفنا جميع العناصر وحصرنا عددها أم لم ننتهي بعد؟

لمحة عامة عن الجدول الدوري

اكتسب الجدول الذي يجمع العناصر الكيميائية لفظة “الدوري” للدلالة على ترتيب العناصر فيه بشكل متسلسل متدرج بالحجم -بازدياد نصف القطر الذري– في الدور الواحد (السطر الأفقي)، مع ترتيب العناصر في أعمدة (سطور رأسية) بناءً على العدد الذري، والتوزيع الالكتروني والخواص الكيميائية. سمح ذلك للباحثين بالتنبؤ بخواص عناصر لم تُكتشف أو تُدرس بعد بحسب موقعه المُمَهد له في الجدول الدوري!

يضم الجدول الدوري 7 أدوار (سطور) و18 فصيلة (عمود)، ويسوده المعادن ثم أشباه المعادن واللامعادن. وبالنظر للتوزيع الإلكتروني في الطبقة السطحية، يعبر العمودين الأوليين في جهة اليسار عن المعادن القلوية عن “القَطَّاع s”، أما الأعمدة الستة في جهة اليمين تعبر عن “القَطَّاعp “. والعناصر التي في أوسط الجدول “القَطَّاعd “، وأخيرًا، العناصر التي في أسفل الجدول ومنفصلةٍ عنه “القَطَّاعf”.

مراحل تطور الجدول الدوري تاريخيًا

قام مندلييف بوضع نموذج أولي بسيط للجدول الدوري في ستينات القرن التاسع عشر، ليعرض ابتكاره على الجمعية الكيميائية الروسية عام 1869 لتعتمده الأخيرة وتنشره.

عصر المفاعلات النووية

بحلول عام 1940 تم اكتشاف 92 عنصرًا في الطبيعة انتهت بأثقلها “U – اليورانيوم “. إلا أن شغف العلماء والباحثين قادهم إلى تصنيع 26 عنصرًا جديدًا في المفاعلات النووية عبر ما يعرف بتفاعلات الاندماج النووي (دمج نواتي ذرتين لخلق ذرة جديدة). ولمّا كانت النواتين الداخلتين في التفاعل النووي موجبتي الشحنة، وجب تطبيق قوة تفوق التنافر الكهربي الساكن بين الشحنتين المتماثلتين. وقوة التنافر تلك تزيد عن قوة انفجار الديناميت TNT بملايين المرات، لذلك عملية التخليق أو التصنيع النووي ليست ببساطة عملية تصنيع مركب كيمائي [1].

تمت دراسة بعض هذه العناصر كيميائيًا وإضافتها جميعًا للجدول الدوري، ودعيت لاحقًا “بعناصر ما بعد اليورانيوم” لأنها تَلي عنصر اليورانيوم في الجدول الدوري. وفي نفس العام، تم تصنيع العنصر (93) “Np – النبتونيوم” والعنصر (94) “Pu – البلوتونيوم” ثم تصنيع كل من “Am – الأمريكيوم” (95) و”Cm – الكوريوم” (96) عام 1944 [1].

غلين سيبورج ومساهماته في الجدول الدوري

اعتقد العلماء بإمكانية وضع العناصر الجديدة في أوسط الجدول الدوري، إلا أنه كان ل «غلين سيبورج» رأيٌ مختلف. إذ تنبأ غلين وفقًا للتوزيع الإلكتروني للعناصر الجديدة بخواص جديدة ومتفردة ، بناءً عليه، اقترح نموذجًا للجدول الدوري تكون فيه تلك العناصر بدورين (سطرين) أسفل الجدول الدوري. ووضع غلين العناصر الجديدة بمعزلٍ لتحري التبسيط في العرض وهما اللانثانيدات والأكتيندات على الترتيب، وهو ما تم تأكيده بمرور الوقت والعمل به. ليستحق غلين بذلك جائزة نوبل في الكيمياء عام 1951 مناصفّةً مع ماكميلان؛ فضلًا عن جهودهما الرائدة في تصنيع 9 عناصر ما بعد اليورانيوم. ولعل تشريف اسم غلين سيبورج في عنصر “Sg – السيبورجيوم” يرقى عن الذي تكتنفه جائزة نوبل [1].  ليتوالى بعدها تخليق عناصر جديدة منتهيةً بآخر عنصر “Og – الأوغانيسون” عام 2016 ذو العدد الذري (118).

ومنذ ذلك الوقت عكف العلماء والباحثين على تخليق عناصر جديدة ذات العدد الذري (119) و(120)، إلا أنه ولسوء حظوظهم، لم تتكلل جهودهم بالتوفيق إلى يومنا هذا. معتبرين بأن النتائج المنشودة تتطلب فهمًا أكبر للتفاعلات النووية وفيزيائها. كما أنها فرصة مناسبة لنَذكر بأن عالمنا سيبورج نفسه تنبأ عام 1969 باتساع الجدول الدوري في المستقبل ليحتوي على (172) عنصر مما يتوجب إضافة دور (سطر) ثامن له، مع ضرورة وضع العناصر ذات العدد الذري التي تساوي (120) وتزيد عنه في قَطّاع جديد ” القَطَّاع g ” نظرًا لاختلاف التوزيع الإلكتروني في طبقتها السطحية، ومنه اختلاف في الخواص الكيميائية [2]. كما تم اقتراح نموذجين جديدين للجدول يتلاءما مع هذا التحديث [3].

عصر النكليدات Nuclides

تُعرف النكليدات بأنها مفهوم محيط ولفظ عام للنظائر، والنظائر هي عناصر لها نفس العدد الذري ولكن باختلاف العدد الكتلي. فمثلًا لذرة الكلور نظيرين في الطبيعة لهما الكتلتين 37 و35. للإيضاح، تخيل عزيزي القارئ لو أنه زاد وزنك مؤخرًا، فهل ستتغير شخصيتك ومعتقداتك وأفكارك؟ بالطبع لا، إذًا لا يوجد اختلاف في الخواص الكيميائية بين نظيري الكلور، وإنما في الكتلة والنشاط الاشعاعي. بتطور العلم استطاع البشر تصنيع ما يزيد عن 4000 نكليد من أصل 118 عنصر! [4]

للنكليدات استخدامات مختلفة في الطب والبحث العلمي والتحليل الكيميائي، وغيرها. وقصارى القول، إن فهم الجدول الدوري واتساقه وتطوره، يمنحنا فكرة متواضعة عن مدى تطور فهم البشرية للكيمياء بمرور الوقت. ويبقى السؤال المُحير، هل للجدول الدوري نهاية؟ أم أنه مترامي الأطراف بانتظار زيادة علمنا فيزداد اتساعًا؟!

المصادر

1. Periodic Table & Transuranium Elements Lesson Plan (acs.org)

2. The continuation of the periodic table up to Z = 172. The chemistry of superheavy elements | SpringerLink

3. Periodic table of elements revisited for accommodating elements of future years on JSTOR

4. Karlsruhe Nuclide Chart – New 10th edition 2018 | EPJ N (epj-n.org)

ما هي البطاريات الجلفانية؟

ما هي البطاريات الجلفانية:

تُعرف البطاريات الجلفانية (الأيونية السائلة) بأنها بطاريات تعتمد على المذيبات الأيونية لنقل الشحنات الكهربائية بين الأقطاب الكهربائية، ما يعني أنها لا تحتوي على جزء صلب داخلي يحتاج إلى تفكيك أو إعادة تركيب.
تتكون البطاريات الجلفانية عادة من زوجين من الإلكترودات الخاصة مكونة بذلك الأقطاب السالبة والموجبة؛ مثل الكربون والليثيوم، ويفصلهما غشاء مخصص يعمل كمادة وسيطة.

ما الذي يميز البطاريات الجلفانية:

تتمتع البطاريات الجلفانية بعدة مزايا، منها قدرتها على إنتاج الكهرباء بشكل مستمر، وقابليتها لإعادة الشحن، وغيرها؛ مثل:

قابلية التشغيل في درجات حرارة مختلفة:

تتحمل البطاريات الجلفانية درجات حرارة عالية مقارنة بالبطاريات الأخرى، ما يعني أنه يمكن استخدامها في الظروف القاسية والتطبيقات الصناعية.

كفاءة الشحن والتفريغ:

تتمتع البطاريات الجلفانية بكفاءة عالية في عمليات الشحن والتفريغ، فتحتفظ بالشحن لفترة أطول مقارنة بالأنواع الأخرى.

عمر إفتراضي طويل:

تمتع البطاريات الجلفانية بعمر طويل نسبيًا، ما يعني أن حاجتها للصيانة والتبديل أقل بكثير مما تحتاجه البطاريات الأخرى.

صديقة للبيئة:

تتكون البطاريات الجلفانية من مواد صديقة للبيئة، فلا تحتوي على كثير من المواد الضارة، التي تتواجد في البطاريات التقليدية. وكلما أُخذت إلى مرحلة أكثر تطور، تحسنت جودة المواد المستخدمة فيها، وقل استخدام المواد السامة.

تاريخ البطاريات الجلفانية:

تعتبر البطاريات الجلفانية من أحدث التقنيات في عالم البطاريات الكهربائية، وككل اختراع مهم في تاريخ البشرية، أخذت عملية تطويرها فترة لا بأس بها، محدثة بذلك أهم قفزاتها التكنولوجية في القرن العشرين مساهمة بذلك في زيادة عجلة التسارع التكنولوجي.
ففي عام 1898، قام العالم الإيطالي جيوزيبي زامبوني بتطوير أول بطارية جلفانية عن طريق استخدام الجل والتيار الكهربائي. وقد أدى هذا الإختراع إلى تحسين أداء بطاريات الحمض الرصاصي التي كانت تستخدم آنذاك.
وفي العقود اللاحقة، شهدت البطاريات الجلفانية تطورات هائلة، حيث تم تحسين أدائها، وكفاءتها، لتتلائم مع الوظيفة التي صنعت لأجلها دون أن تلحق أضرار متراكمة على البيئة.

وفي عام 1973، تم تطوير أول بطارية جلفانية قابلة للشحن من قبل العالم الأمريكي جون غودنوف. ومنذ ذلك الحين، تم تطوير أنواع مختلفة من البطاريات الجلفانية، بما في ذلك بطاريات الليثيوم الجلفانية التي أصبحت مشهورة في العالم وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من أجهزة الهواتف المحمولة، والألواح الذكية، والسيارات الكهربائية.

ما هي آلية عمل البطارية الجلفانية:

تعتمد جميع أنواع البطاريات الجلفانية على نفس الآلية الأساسية لتوليد الكهرباء، فتقوم البطارية بتحويل الطاقة الكيميائية إلى طاقة كهربائية عن طريق عملية التأكسد والاختزال.

يتكون الجهاز الكهروكيميائي الذي يتم استخدامه في البطاريات الجلفانية من قطبين كهربائيين ووسط كهروليتي يسمى المحلول الجلفاني. يتم وضع القطب السالب في المحلول الجلفاني المكون من مذيب وملح، في حين يتم وضع القطب الموجب في المحلول الجلفاني المكون من أكسدة وخاصية خفض الأيونات.

عند تشغيل البطارية، يبدأ التفاعل الكيميائي بين المحلول الجلفاني والقطبين، مما يؤدي إلى إنتاج الكهرباء. يتم تحريك الإلكترونات من القطب السالب إلى القطب الموجب عبر الدائرة الخارجية، في حين تتحرك الأيونات من المحلول الجلفاني إلى القطب الموجب لإكمال التفاعل الكيميائي.

تتفاوت سرعة تفاعل البطارية وكفاءتها بشكل كبير اعتمادًا على أنواع مختلفة من المواد المستخدمة في المحلول الجلفاني وأنواع القطبين. وبالتالي؛ تختلف البطاريات الجلفانية في الكفاءة والأداء.

أنواع البطاريات الجلفانية:

تشتهر البطاريات الجلفانية بكونها تقدم حلاً مستدامًا وآمنًا لتخزين الطاقة، لذا فإنها تستخدم في مجموعة واسعة من التطبيقات، مثل: استخدامها في معدات الاتصالات والتحكم عن بعد، وأجهزة القياس والمراقبة، وأجهزة التحكم في الصناعة. كما تستخدم في بعض الأجهزة الطبية والتطبيقات العسكرية. وتبعًا لذلك تختلف أنواع البطاريات الجلفانية عن بعضها طبقًا لطريقة توليد الكهرباء وخصائص الأداء.

فيما يلي، سنلقي نظرة على بعض أنواع البطاريات الجلفانية الأكثر شيوعًا:

1. بطاريات الزنك الهوائية:

تُعرف بطاريات الزنك الهوائية باسم بطاريات الهواء المنعش، وتعد هذه البطاريات واحدة من أكثر الأنواع الصديقة للبيئة. تعمل هذه البطاريات عن طريق تفاعل الزنك مع الأكسجين في الهواء، وتوفر هذه العملية كثافة طاقية عالية جدًا. كما أنها تتميز بوزنها الخفيف وحجمها الصغير، ما يجعلها مثالية للاستخدام في الأجهزة الصغيرة مثل الساعات الذكية والسماعات اللاسلكية.

2. بطاريات حمض الرصاص:

تُعد بطاريات حمض الرصاص من الأنواع الأكثر شيوعًا في متوسط الاستخدام اليومي. تعمل هذه البطاريات عن طريق تفاعل حمض الكبريتيك مع الرصاص وأوكسيد الرصاص لتوليد الكهرباء. تتميز بطاريات حمض الرصاص بأنها متينة ورخيصة التكلفة، ولذلك تستخدم في العديد من التطبيقات مثل السيارات وأنظمة الطاقة الشمسية.

3. بطاريات الليثيوم الجلفانية

تُعتبر بطاريات الليثيوم الجلفانية من أكثر الأنواع شيوعًا في التطبيقات الإلكترونية. تستخدم هذه البطاريات تفاعل الليثيوم مع الأكسجين في الهواء لتوليد الكهرباء. كما تتميز بكثافة طاقة عالية وعمر افتراضي طويل، ولذلك تستخدم في العديد من التطبيقات مثل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة.

مستقبل البطارية الجلفانية:

من المتوقع أن تتحسن تقنية البطاريات الجلفانية في المستقبل، وأن تصبح أكثر كفاءة واقتصادية، مما يزيد من استخداماتها في مختلف المجالات. كما يمكن أن تلعب هذه البطاريات دورًا هامًا في تطوير الطاقة المتجددة والحد من انبعاثات الكربون.

المصادر:

Challenges and prospects of bipolar membranes in solid-state batteries.
Recent advancements in gel polymer electrolytes for lithium-ion batterie
s.
Electrochemical behavior of gel polymer electrolyte and its influence on performance of Li-ion batteries.
Gel polymer electrolytes for batteries.
Review of selected electrode–solution interactions which determine the performance of Li and Li ion batteries.

الحرائك الدوائية: رحلة الدواء عبر الجسم

يمكن أن تؤثر العديد من العوامل على الفعالية العلاجية للدواء، بما في ذلك الحرائك الدوائية، وهي رحلة الدواء في الجسم، وتمر بأربع مراحل مختلفة وهي: الامتصاص، والتوزيع، والتمثيل الغذائي، والإطراح، يرمز لها إختصارًا ADME. يتمثل الامتصاص في كيفية انتقال الدواء من موقع الإعطاء إلى موقع التأثير، أما التوزيع فيصف رحلة الدواء عبر مجرى الدم إلى أنسجة الجسم المختلفة. و بالنسبة للتمثيل الغذائي يتجلى في العملية التي تكسر الدواء، ثم أخيرًا الإطراح وهي عملية إخراج الدواء من الجسم.

حركية الدواء:

هي فرع معين من علم العقاقير يدرس ما يفعله الجسم بالدواء. تتضمن هذه الدراسة:

  • معدل امتصاص وتوزيع مادة كيميائية
  • معدل ومسارات استقلاب الدواء وإفرازه
  • تركيز الدواء في البلازما بمرور الوقت

ما هي الخطوات الأربعة للحركية الدوائية؟

1- الامتصاص/absorption:

كيفية دخول مادة كيميائية إلى الجسم، يتعلق الامتصاص بحركة هذه المادة من موقع الإعطاء إلى مجرى الدم. يعتمد معدل ومدى امتصاص الدواء على عوامل متعددة، منها: طريقة إعطاء الدواء والتركيب والخصائص الكيميائية للدواء والتفاعلات الدوائية والغذائية. هناك أربعة طرق رئيسية لإعطاء الدواء:

  • الابتلاع عن طريق الجهاز الهضمي
  • الاستنشاق عن طريق الجهاز التنفسي
  • التطبيق على الجلد
  • الحقن وهنا يصل الدواء مباشرة إلى مجرى الدم

تَدخل المركبات المحقونة فقط مباشرة في الدوران الجهازي (مجرى الدم). بالنسبة للأدوية التي يتم تناولها عن طريق الفم أو الاستنشاق أو التطبيق على الجلد، فيجب أولًا أن تعبر المواد الكيميائية غشاءا قبل الدخول لمجرى الدم. يؤثر إعطاء الدواء بهذه الطرق على التوافر البيولوجي للدواء، وعلى جزء الشكل النشط للدواء الذي يدخل مجرى الدم ويصل بنجاح إلى موقعه المستهدف. بمعنى آخر لا يحدث لهذه الأدوية امتصاص كامل، بعبارة أخرى يحدث توصيل أقل للدواء إلى موقع التأثير، وذلك بسبب استقلاب العديد من الأدوية قبل الوصول إلى مجرى الدم.

4 طرق يَعبُر من خلالها الدواء الغشاء للوصول إلى مجرى الدم.

  • الانتشار السلبي: ينتقل الجزيء من منطقة عالية التركيز إلى منطقة ذات تركيز منخفض. هذه هي الطريقة الأكثر شيوعًا لامتصاص الدواء.
  • الانتشار الميسر: ينتقل الجزيء من منطقة عالية التركيز إلى منطقة ذات تركيز منخفض بمساعدة البروتينات الحاملة في الغشاء.
  • الانتشار النشط: عملية تعتمد على الطاقة يتطلب خلالها الجزيء طاقة على شكل ATP لعبور الغشاء.
  • الالتقام الخلوي: عندما يتم نقل دواء أكبر من خلال غشاء عن طريق غشاء الغشاء.

2- التوزيع/distribution:

بمجرد امتصاص الدواء، ينتقل من موقع الامتصاص إلى الأنسجة حول الجسم. عادة ما يتم هذا التوزيع من جزء من الجسم إلى آخر عبر مجرى الدم، وقد يحدث أيضًا من خلية إلى أخرى. يفحص الباحثون المكان الذي تنتقل إليه المادة الكيميائية، ومعدل وصولها إلى مواقع معينة، ومدى التوزيع للمساعدة في تحديد الفعالية. يمكن أن تؤثر العديد من العوامل هنا، مثل تدفق الدم، والدهون، وربط الأنسجة وتأثير الحجم الجزيئي، وكيف يتفاعل الدواء مع مكونات الدم، مثل بروتينات البلازما.

على سبيل المثال، عقار مثل الوارفارين شديد الارتباط بالبروتين، مما يعني أن نسبة صغيرة فقط منه تبقى حرة لممارسة آثارها العلاجية. إذا أعطِي دواء شديد الارتباط بالبروتين مع الوارفارين، فإنه يمكن أن يحل محل الوارفارين من موقع الارتباط بالبروتين ويزيد من الكمية التي تدخل مجرى الدم.

بالإضافة إلى ذلك، توجد حواجز تشريحية في أعضاء معينة مثل الحاجز الدموي الدماغي، مما يمنع بعض الأدوية من الدخول إلى أنسجة المخ. الأدوية ذات الخصائص المعينة، كالوزن الجزيئي، أو أن تكون المادة محبة للدهون، أو حجمها صغير، تكون أكثر قدرة على عبور حاجز الدم في الدماغ.

التمثيل الغذائي/الاستقلاب/metabolism:

التمثيل الغذائي للدواء هو التحول البيولوجي للدواء عن طريق الأعضاء أو الأنسجة (في المقام الأول الكبد أو الكلى أو الجلد أو الجهاز الهضمي) بحيث يمكن إفراز الدواء. لتسهيل الإزالة عن طريق البراز أو البول، يتم تغيير مركب الدواء ليصبح أكثر قابلية للذوبان في الماء. إنزيمات السيتوكروم P450 (CYP450) مسؤولة عن التمثيل الغذائي لحوالي 70-80٪ من جميع الأدوية في الاستخدام السريري. يمكن أن يؤدي التمثيل الغذائي الكيميائي إلى حدوث تسمم، وذلك بسبب تكوين منتجات ثنائية ضارة أو مستقلب سام. يَرسم العلماء مسارات التمثيل الغذائي المحددة لعقار مرشح، وهو ما يطلق عليه مسارات النتائج العكسية (AOPs). توفر AOPs البيانات اللازمة لتحديد السلامة أو السمية المحتملة للدواء.

بعض العوامل التي تؤثر على التمثيل الغذائي للدواء:

  • الوراثة: يمكن أن تؤثر الجينات على ما إذا كان الشخص يستقلب الأدوية بسرعة أكبر أو ببطء.
  • العمر: يمكن أن يؤثر العمر على وظائف الكبد، إذ أن كبار السن لديهم ضعف في وظائف الكبد وقد يستقلبون الأدوية ببطء، وحديثي الولادة أو الرضع لديهم وظائف الكبد غير ناضجة.
  • التفاعلات الدوائية: يمكن أن تؤدي التفاعلات الدوائية إلى انخفاض التمثيل الغذائي للدواء عن طريق تثبيط الإنزيم، أو زيادة التمثيل الغذائي للدواء عن طريق تحريض الإنزيم.

الإفراز/الإطراح/excretion:

هو العملية التي يتم من خلالها التخلص من مركب الدواء المستقلب من الجسم. يحدث معظم إطراح الأدوية في صورة براز أو بول. وتشمل طرق الإخراج الأخرى من خلال الرئتين أو العرق من خلال الجلد. يؤثر الحجم الجزيئي والشحنة على مسار الإخراج، ويسعى الباحثون لمعرفة مدى سرعة إفراز الدواء والمسار الذي يسلكه للخروج من الجسم.

لا يتم إطراح كل مركب دوائي بالكامل. إذ إن المركبات القابلة للذوبان في الدهون أكثر عرضة للتراكم البيولوجي مقارنة بالمركبات القابلة للذوبان في الماء. هذا التراكم قد يسبب آثارًا ضارة.

لماذا تعتبر ADME مهمة؟

في اكتشاف الأدوية وتطويرها، يجب على الباحثين فحص نشاط الدواء في الجسم لتقييم السلامة والسمية. تعد دراسات التمثيل الغذائي للدواء ودراسات الحرائك الدوائية، مثل دراسات ADME وعلم السموم، خطوة حاسمة في هذه العملية. تقدم البيانات التي تم جمعها من الباحثين إذا ما كان الدواء قابلاً للتطبيق. كما توفر أهدافًا محددة للبحث والتطوير في المستقبل.

عجل التقدم في هذا المجال في ظهور مناهج ADME الشخصية. إذ يتم النظر في عوامل مثل جينوم المريض أو حتى الوقت من اليوم الذي يتم فيه إعطاء الأدوية. غالبًا ما تستخدَم التقنيات الحسابية لمساعدة هذه الدراسات الأكثر دقة.

المصادر:

اقرأ المزيد حول: مفاهيم أساسية في علم الدواء

ما هي كيمياء السطوح وما أهم تطبيقاتها؟

إن كيمياء السطوح المعروفة باسم “Surface Chemistry” ذات أثر بالغ في حياتنا اليومية. فهي تدرس الحوادث والظواهر التي تحدث عند السطح الفاصل بين طورين مختلفين؛ فما هي أبرز تلك الحوادث؟ وكيف تمكن العلماء من تكريسها في تطبيقات صناعية وطبية وهندسية تنعكس إيجابًا على حياة البشر وتسهلها بشكل ملحوظ؟

الامتزاز والامتصاص

بادئ ذي بدء، علينا التحدث عن العمود الفقري للظواهر السطحية، ألا وهو “الامتزاز-Adsorption”. فلا تخلو أي عملية كيميائية منه تقريبًا. إنّ أول من أطلق لفظ الامتزاز هو الفيزيائي الألماني “هنريش كايزر” عام 1881. ويعرَّف الامتزاز بتموضع مادة على سطح مادة أخرى، فمثلًا تتموضع الأجسام الصلبة على سطحها، أي تمتز عليها، جزيئات الغاز في الجو دون أن تدخل جزيئات الغاز في بنية الأجسام الصلبة. أما عندما تتغلغل وتدخل جزيئات مادة في أخرى نطلق على هذه الظاهرة اسم الامتصاص؛ كما يحصل حال تبلل قطعة الإسفنج بالماء.

تطبيقات كيمياء السطوح الصناعية

تلعب بعض المركبات الصلبة دور حفّاز (وسيط)، يسرع من حدوث تفاعل يجري بدونها أساسًا ولكن ببطء. إذا كانت المتفاعلات في الطور الغازي أو السائل، نصبح أمام تفاعل يحوي عدة أطوار (حالات فيزيائية)، لذلك نطلق عليها لفظ (حفّازات غير متجانسة). ويتمثل مبدأ العملية بامتزاز المتفاعلات على سطح الحفاز ليسير التفاعل بحركية عالية. استخدمت الحفّازات في صناعة مركبات كيميائية بكميات ضخمة في أوائل القرن 19. لتلك المركبات وعلى بساطتها دورًا جليًّا في تقدم أي صناعة كانت مثل: “حمض الكبريت-H2SO4″، و”حمض النتريك-HNO3″، و”غاز الأمونياك-NH3 ” .

وبعد نجاح تلك العمليات، أخذت تتضمن الصناعة الكيميائية التفاعلات الحفزية بمنحىً أكثر تعقيدًا؛ كإنتاج «الميثانول-CH3OH» من غازيّ «أُحادي أكسيد الكربون-CO»، و«الهيدروجين-H2»، وأكسدة «الايثلين-C2H4» للحصول على «أوكسيد الايثلين-C2H4O» الذي يصَنَّع منه «الايثلين غليكول-C2H6O2» )مانع تجمد الماء اللازم لتبريد محركات للسيارات). كما استخدمت في حذف الهيدروجين من كل من «البيوتان-«C4H10  لإنتاج «البيوتادايين-C4H6» الذي يدخل في صناعة المطاط، و«البروبان-C3H8» و«الإيثان-C2H6» لصناعة البلاستك PP وPE على الترتيب[1].

في أوائل القرن الماضي، دخلت الحفازات ميدان النفط لتثبت جدارتها في تسريع وتيرة التطور الاقتصادي. ففي النفط مشتقات لا تصلح لاستخدامها كوقود أو للصناعات البتروكيميائية. فيُعمَد إلى إدخالها في تفاعلات برعاية حفازات سيراميكية “zeolite”؛ وهي التكسير الحفزي (والتكسير الحفزي هو تصغير لعدد ذرات الكربون في المشتق النفطي لتصبح صالحة للاستخدام في الوقود أو الصناعات البتروكيميائية) متحولةً لمركبات أخفّ صالحة للتطبيقين آنفيّ الذكر [1].

 يتمحور اليوم دور الحفازات صناعيًا حول إعطاء نواتج بشكل انتقائي، وذلك بمفردها دونًا عن غيرها من نواتج ثانوية. حيث تعتبر النواتج الثانوية -أحيانًا- مُضرّة للبيئة، أو ليس لها جدوى، حيث تصرف الطاقة والوقت في صناعتها دون طائل. فمثلًا، أضحت عملية تصنيع أوكسيد البروبلين الذي يعَد المادة الخام لإنتاج البولي يوريثان (الإسفنج الصناعي)، اليوم تتم بمفاعلة البروبلين مع «بيروكسيد الهيدروجين-«H2O2 بواسطة حفّاز من «سيلكات التيتانيوم-Ti-silicate»، بعد أن كان حدوث التفاعل يتم باستخدام غاز الكلور السام، أو بمرافقة منتجات ثانوية كالستايرين [2].

التطبيقات الهندسية لكيمياء السطوح

1- مضادات للتآكل

في العديد من التطبيقات العملية تؤدي تفاعلية بعض الأسطح تجاه بيئتها مثل درجة الحرارة، وسائل أكّال، والغاز، والإشعاع إلى تآكل كيميائي أو اهتراء ميكانيكي بفعل الاحتكاك. ويقود التآكل أو الاهتراء إلى ضياع في المادة والطاقة، وهو أمر غير مرغوب بالتأكيد [10]. وعليه نلجأ لطلاء السطح بمادة مُبطئة للتآكل؛ قد تكون أوكسيدًا معدنيًا مثل أوكسيد الكروم المطلي على سطح الستانلس ستيل، أو بوليمر خامل مثل التيفلون أو التيفال المطلي على المقلاة. ويتجلى دور هذه المواد في تثبيط حركية تفاعل التآكل [11] [12] [13].

لكن من منظور آخر، قد تُمثل تلك المواد مصدر قلق في حال خَدشها؛ إذا وضعت في بيئة غير ملائمة، كما حدث مع تلسكوب هابل الفضائي المطلي بالتيفال الألوميني. فقد تدهورت بنية التليسكوب عند تعرضه للإشعاع فوق البنفسجي وتشكل الجذور الحُرة لـ 19 عامًا [13].

2- المُزلقات

المزلقات هي مواد توضع بين سطحين صلبين يكونا في حالة حركة مستمرة. وتساعد المُزلقات على تقليل الاحتكاك والاهتراء عند السطوح البينية [14]. وتحوي زيوت التزليق على هيدروكربونات يتراوح عددها من 14 إلى أكثر من 40 ذرة كربون، وهي ذات طبيعة (أروماتية- نفتينية- أليفاتية) [15]. كما تحتوي بعض الإضافات لتعزيز أداء الزيت تحت الإجهاد الشديد للآلات التي منها (العربات، ومحركات الاحتراق الداخلي؛ والتوربينات، والضواغط والأنظمة الهيدروليكية).

لا تقتصر المُزلقات على السوائل، بل يمكن أن تكون صلبة ذات بنية مؤلفة من طبقات تنزلق تحت الضغط لتؤدي الغرض المطلوب مثل؛ الغرافيت، و«ثنائي كبريتيد التنغستين-WS2» [15].

 تستخدم المُزلقات الصلبة في توربينات الغاز ذات الحرارة العالية. كما تستخدم أيضًا في تطبيقات الفضاء الخارجي لأن نظيراتها السائلة غير ثابتة، فتتبخر عند شروط كهذه. ومن التطبيقات الهامة للمُزلقات تغطية القرص الصلب (CD-DVD) »بطبقة رقيقة جدًا- «Film لحمايته من الخدوش والتَلف عند استعماله [16].

التطبيقات الطبية لكيمياء السطوح

في أواخر أربعينيات القرن الماضي، ومع تطور المواد الحيوية مثل الغرسات الطبية؛ كالعدسات داخل العين، واستبدال مِفصل الورك، وأجهزة التماس مع الدم، بدأ الباحثون باستكشاف التفاعلات التي تحدث على السطوح. وبناءً على العديد من المشاهدات التجريبية، لاحظوا علاقتها بخواص السطح نَفسه [3].

على سبيل المثال: عندما تدخل مادة غريبة داخل الجسم وتصبح على تماس مع الدم، سيمتز عليها مباشرةً عدة بروتينات بشكل انتقائي، مشَكِّلةً المرحلة الأولية. تليها لاحقًا التصاق الصفائح الدموية لتلعب الدور الرئيس في تجلّط الدم. وقد تم تطوير العديد من الاستراتيجيات لتعديل السطح منعًا للتجلّط [4] [5] [6].

مثالٌ آخر: تتمثّل فكرة عمل جهاز استشعار الجلوكوز المُستخدم من قِبل مرضى السكري لمراقبة مستوى السكر في الدم بمواجهة الجلوكوز بطبقة من أنزيم جلوكوز أوكسيداز على «قطب -Electrode» أوكسجين. فيحفِّز الأوكسجين بشكل انتقائي أكسدة الجلوكوز في الدم معطيًا مركب بيروكسيد الهيدروجين [7]. ويتناسب تركيز بيروكسيد الهيدروجين طرديًا مع الجلوكوز. ويتم الكشف عنه إما إلكتروكيميائيًا أو عبر مُحول بصري. إلكتروكيميائيًا أي يتفاعل بيروكسيد الهيدروجين على قطب كهربائي معطيًا شحنات كهربائية. كلما زاد عدد الشحنات، زاد تركيز المركب [8]. اما مُحول بصري، ففيها يتفاعل بيروكسد الهيدروجين مع مركب على شريط ليظهر اللون الأزرق؛ وتزداد شدة اللون بزيادة تركيز بيروكسد الهيدروجين [9].

ونافلة القول وفق ما تم ذِكره، بات علم السطوح من العلوم الواعدة بما تحمل من تقدم مستمر وتطبيقات واسعة لا شُطآن لها. وما زال العلماء عاكفين على المضي في هذا المضمار. فلا نعرف ما الذي سيحمله المستقبل في هذا المجال بعد.

المصادر:

1- Researchgate
2- NCBI
3- Sciencedirect
4- Pubmed
5 – Sciencedirect
6- Pubmed
7- NCBI
8- NCBI
9- ACS Publications
10- Springerlink
11- Springerlink
12- Scirp.org
13-jstor.org
14- NCBI
15- Academia
16- Sciencedirect

مفاهيم أساسية لعلم الأدوية

يهتم علم الدواء بدراسة الخصائص التركيبية للعقاقير، وكيفية تصميم الأدوية وتصنيعها، والتقنيات الدوائية، والتداخلات الدوائية، ودراسة السموم، والخصائص العلاجية والتطبيقات الطبية والمضاعفات والآثار الجانبية للعقاقير الطبية. هناك العديد من المصطلحات الطبية والعلمية التي تخص الدواء، غالبًا ما يتم الخلط بينها ويتم التعامل معها على أنها مترادفات، سأتطرق في هذا المقال للضروري منها، وأوضح أهم المفاهيم الأساسية لعلم الأدوية.

خاصيتين رئيسيتين للدواء:

غالبًا ما يتم الخلط بين فعالية وفاعلية دواء معين، من المهم التمييز بين هذين الخاصيتين، إذ إنهما ليستا مترادفتان، ونستطيع من خلال المنحنيات المتدرجة للجرعة والاستجابة، تحديد خاصيتين رئيسيتين للأدوية، وهما الفاعلية والفعالية.

الفعالية Efficacy:

هي قدرة الدواء بعد الارتباط بالمستقبلات على إحداث تغيير يؤدي إلى تأثيرات معينة. تُعرف باسم الفعالية القصوى Emax، أي قدرة الدواء على إنتاج أقصى استجابة، بمعنى آخر، هي الاستجابة القصوى التي يمكن أن يثيرها الدواء، أو قدرة الدواء على إثارة استجابة فسيولوجية عندما يتفاعل مع مستقبلات.

الفاعلية potency:

هي مقياس مقارن للجرعات المختلفة لدوائين مطلوبين لإنتاج نفس التأثير الدوائي. تُعرف باسم قوة الدواء. بمعنى آخر، هي كمية الدواء اللازمة لإنتاج استجابة معينة.

مثال لكل من الفعالية والفاعلية:

بشكل عام، ينتج المورفين مستوى مثاليًا من التسكين غير ممكن مع أي جرعة من الأسبرين. وبالتالي، فإن المورفين أكثر فعالية من الأسبرين. وبالمثل، فإن فوروسيميد مدر للبول، ولديه قدرة أكبر على التخلص من الملح والسوائل من البول أكثر من الميتولازون. لذلك فإن للفوروسيميد فعالية أكبر من الميتولازون.

من ناحية أخرى، يستخدم 500 ملغ من الباراسيتامول و 30 ملغ من المورفين كمسكن. هنا، تتطلب جرعة صغيرة من المورفين إنتاج تأثير مسكن. بالتالي، فإن فاعلية المورفين أقوى من الباراسيتامول.

بعض الفروقات ما بين الفعالية والفاعلية:

  • تُقدَّر الفعالية بمقارنة الاختلافات في الاستجابة الأعلى بتركيزات أو جرعات دوائية عالية. من ناحية أخرى، يتم تقدير الفاعلية بمقارنة الجرعة (ED50).
  • تعتمد الفعالية على التركيز في موقع التأثير، وعدد ارتباط مستقبلات الدواء، والعوامل النفسية، وكفاءة اقتران تنشيط المستقبل بالاستجابات الخلوية. حيث أن فاعلية الدواء تعتمد على ألفة المستقبلات لربط الدواء ومدى فعالية تفاعل الدواء مع المستقبلات التي تؤدي إلى الاستجابة السريرية.
  • تعتبر الفعالية عنصرًا حاسمًا في اختيار دواء من بين أدوية أخرى من نفس النوع. بينما الفاعلية عنصر حاسم في اختيار جرعة الدواء.
  • الفعالية أكثر أهمية من الفاعلية، حيث أن الدواء ذو الفعالية الأكبر من الفاعلية يكون أكثر فائدة علاجية.
  • الفعالية مفيدة في تحديد الفعالية السريرية للدواء. بينما فاعلية الدواء مفيدة في تصميم أشكال الجرعات.

اختبار الفعالية والفاعلية:

فعالية وفاعلية الدواء لا يتم قياسها حتى المرحلة الثانية من التجارب السريرية. وهو خطر حقيقي في اكتشاف الأدوية، كما أنه يفسر سبب وجود الكثير من الأدوية التي تفشل في المرحلة 2 من التجارب السريرية. من أجل تقليل مخاطر الفشل، تقوم الشركات بعملية تسمى التحقق من صحة الهدف، وهو التأكد من ان الارتباط بين الدواء والهدف سوف ينتج عنه فائدة علاجية للإنسان.

الآثار الجانبية للدواء:

عندما يتناول المريض الدواء، يحدث نوعان من التأثيرات العلاجية: الآثار المرغوبة والأخرى غير المرغوب فيها. والأهم من ذلك، أن جميع الأدوية يمكن أن تسبب آثارًا جانبية علاجية غير متوقعة إلى جانب آثارها المفيدة. ترتبط شدة وحدوث هذه الآثار بحسب حجم الجرعة.

التأثير الجانبي والتأثير السام للدواء:

يُعرَّف التأثير الجانبي side effect بأنه التأثير غير المرغوب فيه علاجيًا ولكنه غالبًا لا مفر منه والذي يحدث عند الجرعات العلاجية العادية للدواء. هي ليست آثارًا خطيرة، ويمكن التنبؤ بها من الملف الدوائي للدواء في جرعة معينة.

أما التأثير السام toxic effect فهو تأثير ضار وغير مرغوب فيه ولكن يمكن تجنبه في كثير من الأحيان، حيث غالبًا ما يكون سببه استخدام الدواء بجرعة عادية ولكن لفترة طويلة أو جرعة زائدة من الدواء. من المحتمل أن تكون التأثيرات السامة للأدوية إما مرتبطة بالإجراءات الدوائية الرئيسية مثل النزيف بمضادات التخثر أو لا علاقة لها بالإجراء الدوائي الرئيسي مثل تلف الكبد بسبب جرعة زائدة من الباراسيتامول.

على سبيل المثال، يتم تناول كربونات الكالسيوم لعلاج نقص الكالسيوم أو هشاشة العظام، ويعتبر الإمساك من الآثار الجانبية التي لا يمكن تجنبها هنا. بينما يمكن تجنب التأثيرات السامة عن طريق الاستخدام الدقيق والحكيم للدواء.

بعض الفروقات التي توضح التأثير الجانبي والتأثير السام:

  • الآثار الجانبية ليست ضارة في كثير من الأحيان، بالرغم من أنها غير متوقعة من الناحية العلاجية ولكنها لا تهدد الحياة. على الجانب الأخر، فإن التأثيرات السامة ضارة وغالبًا ما تكون مهددة للحياة.
  • يحدث التأثير الجانبي ضمن الجرعة العلاجية العادية للدواء. أما التأثير السام فيحدث بسبب الجرعة الزائدة أو الجرعة المتكررة من الدواء. المقصود بالجرعة العلاجية هنا هي الكمية المحددة مسبقًا من الدواء والتي ستنتج التأثيرات العلاجية المثلى.
  • عدم ضرورة تقليل جرعة الدواء أو وقفها في حال التأثير الجانبي. عكس ذلك في التأثير السام يكون تقليل أو وقف الدواء ضروري.
  • في كثير من الأحيان لا حاجة لعلاج الآثار الجانبية، باستثناء الحالات الشديدة لتقليل الانزعاج أو المضاعفات. في حالة التأثيرات السامة، يتم علاج التسمم وإعطاء ترياق. على سبيل المثال، يجب إعطاء N-acetylcysteine ​​لعلاج السمية الكبدية الناتجة عن جرعة زائدة من الباراسيتامول.

Ec50, IC50:

هذه المصطلحات وإن كانت متشابهة، إلا أنها ليست متطابقة تمامًا، EC50: هو تركيز دواء يعطي استجابة نصف قصوى. IC50 هو تركيز مثبط حيث يتم تقليل الاستجابة (أو الارتباط) بمقدار النصف. من الطرق الجيدة لتذكر الاختلاف استخدام الاختصار “I” في IC50، والذي يرمز إلى التثبيط inhibition، على عكس “E” في EC50 ، والذي يشير إلى فعال effective.

المؤشر العلاجي، LD50, ED50

المؤشر العلاجي Therapeutic index: هو هامش الأمان الموجود بين جرعة الدواء التي تنتج التأثير المطلوب والجرعة التي تنتج آثارًا جانبية غير مرغوب فيها وربما خطيرة. تعرف هذه العلاقة على أنها نسبة الجرعة التي تنتج سمية إلى الجرعة التي تنتج استجابة مرغوبة سريريًا أو فعالة (TI= LD50/ED50)، حيث LD50 هي الجرعة التي يقتل فيها دواء ما 50٪ من مجموعة اختبار من الحيوانات و ED50 هي الجرعة التي يتم فيها إنتاج التأثير المطلوب في 50٪ من مجموعة الاختبار. بشكل عام، كلما كان هذا الهامش أضيق، زادت احتمالية أن ينتج الدواء تأثيرات غير مرغوب فيها. من الجدير بالذكر أن الدواء الأكثر أمانًا يكون له مؤشر علاجي أعلى. يعد الوارفارين مثالًا للدواء ذي المؤشر العلاجي الضيق، أما البنسلين فإنك يملك مؤشر علاجي كبير.

يحتوي المؤشر العلاجي على العديد من القيود ، لا سيما حقيقة أن الجرعة المميتة 50 لا يمكن قياسها عند البشر. وعند قياسها في الحيوانات، فهي دليل ضعيف لاحتمالية حدوث تأثيرات غير مرغوب فيها على البشر. ومع ذلك، فإن المؤشر العلاجي يؤكد على أهمية هامش الأمان، المتميز عن الفاعلية، في تحديد فائدة الدواء.

التركيز الأدنى الفعال والتركيز الادنى السمي


Minimum Effective Concentration (MEC): الحد الأدنى للتركيز المطلوب لتأثير الدواء، وتسمى في حالة المضادات الحيوية MIC، تعني هذه الأخيرة التركيز الأدنى المثبط للكائنات الحية الدقيقة minimum inhibitory concentration. أما minimum toxic concentration (MTC) فهي التركيز الأدنى الذي يُحدث سمية. ويقابلها مصطلح MBC، وهو التركيز الأدنى القاتل للكائنات الحية الدقيقة minimum bactericidal concentration.


إذا كان الدواء يعطي تأثيرًا علاجيًا بجرعة منخفضة ولا يحدث تأثيرًا سامًا إلا بجرعة عالية، فنحن نملك نافذة علاجية واسعة TW يمكن من خلالها استخدام الدواء بأمان.

تعتبر هذه المفاهيم من الأساسيات لعلم العاقير وعلم الصيدلة، وهي تحتاج سنوات من البحث ومراحل من الاختبارات للوصول إلى النتائج الدقيقة. كل ذلك العمل والجهد يفيد في تحديد أساسيات مهمة كجرعة الدواء وطريقة إعطاؤه وأمانه.

مفاهيم أساسية

المصادر:

لماذا لم يفز ديمتري مندليف بجائزة نوبل؟

وفّر علينا ديمتري مندليف وجدوله الدوري أطنانًا من الجهد والعناء. وسهّل علينا الحياة، وساعد في تقدم الكيمياء -وغيرها من المجالات الأخرى- بشكل غير مسبوق. هذا النَظم الكيميائي الذي يعود لعالمٍ لم ينصفه التاريخ بالشكل الكافي، حان الوقت لمحاولة إنصافه.

ضيفنا اليوم في سلسلة العلماء الذين لا نعرف كيف لم يحصلوا على جائزة نوبل هو ديمتري مندليف. الكيميائي والمعلم الروسي الذي اكتَشف نظامًا للعناصر الكيميائية، وصنفها بطريقة تسهِّل علينا دراستها ومعرفة خصائصها، والذي لم يَنل جائزة نوبل رغم جهده العظيم.

حياته المبكرة

في الثامن من فبراير من عام 1834، وفي بلدة توبولسك الواقعة بمقاطعة سيبيريا في روسيا، شهد العالم مولد ديمتري إيفانوفيتش ميندليف. امتازت عائلته بالعزوة والعدد الكبير، ويعتقَد أنه امتلك 16 أخاً وأختاً. والده، والذي كان معلمًا بسان بطرسبرج، أصيبَ بالعمى بعد ولادة ابنه الأخير. ما اضطر الأم إلى التكفل بمصاريف الأسرة. ولم يكن ذلك مستعصيًا عليها؛ فالأم ماريا كورنيليفا كانت مديرة لأحد مصانع الزجاج، وكان دخلها كبيرًا.

وفي عام 1847 مات الأب. وبعدها بعام واحد فقط، احترق مصنع الزجاج، مما اضطر العائلة إلى الانتقال للعاصمة سان بطرسبرج. كان الأب أثناء حياته قد تخرج في المعهد التربوي بالعاصمة، وكان متفوقًا وذي سمعة طيبة، ولهذا عمل كمدرس هناك. وبعد وفاته، استطاع ديمتري مندليف أن يلتحق بنفس المعهد الذي درس فيه أبوه؛ لأن مدير المعهد كان يعرفه. وبالمناسبة، كان ديمتري يبلغ من العمر وقتها 16 عامًا.

على مشارف العشرين، نشر مندليف ورقته العلمية الأولى، وكان عادًة ما يعمل على سريره. وعلى الرغم من أنه كان صعب المراس، ومعلميه وزملاءه يشهدون بذلك، إلا أنه استطاع أن يتخرج متفوقًا على الجميع. وحصل على المركز الأول متفوقًا على أقرانه.

أصبح مندليف معلمًا في سنه ال21 في عام 1855، ولكنه لم ير أن التدريس كاف لإشباع رغباته العلمية وطموحه العالي, فأراد صاحبنا أن يحصل على درجة الماجستير في الكيمياء، وهذا ما أعاده مسرعًا إلى العاصمة ليدرس الماجستير هناك. ومن جامعة سان بطرسبرج، حصل ديمتري مندليف على درجة الماجستير في الكيمياء عام 1856. [1]

شغفٌ منقطع النظير بعلم الكيمياء

أصبح مندليف معلمًا وأكاديمياً حاصلاً على درجة الماجستير في الكيمياء. وجمع بين السلك التعليمي والأكاديمي في الوقت ذاته حتى فاز بمنحة إلى غرب أوروبا ليستكمل دراساته وأبحاثه في مجال الكيمياء.

قضى مندليف جلَّ عامي 1859 و1860 في مدينة هايدلبرغ بألمانيا. وهناك عمل مع روبرت بنزن Robert Bunsen في جامعة هايدلبرغ. وقتها، اكتشف بنزن بمساعدة زميله جوستاف كيرتشوف عنصر السيزيم باستخدام تقنية منظار الطيف أو الـ Spectroscopy. وتلك هي التقنية التي جمعت ميندليف ببنزن.

وفي عام 1860، حضر ميندليف مؤتمرًا سيغير نظرته تمامًا ويشكل فارقًا في حياته. كان هذا المؤتمر هو المؤتمر الدولي الأول من نوعه للكيمياء، وأقيم في مدينة كارلسروه الألمانية. وكان الهدف من المؤتمر هو تعميم الكيمياء وتوحيدها Standardize على مستوى العالم أجمع. وقتها سمع مندليف عن نص قانون أفوجادرو، وازداد شغفه وحبه للكيمياء.

عاد ديمتري مندليف إلى سان بطرسبرج وإلى التدريس مرة أخرى في عام 1861. وكان شغفه بالكيمياء واضحًا. وتأثر مندليف بتقدم الألمان في مجال الكيمياء وخاف أن يسبقوا دولته روسيا، فرأى ضرورة تأليف كتابٍ شامل عن الكيمياء باللغة الروسية. وصدق أو لا تصدق؛ في 61 يوماً فقط، استطاع العالم الشغوف ذو الـ 27 عامًا أن ينجز كتاب “الكيمياء العضوية” في 500 صفحة!

فاز الكتاب بجائزة دوميدوف Domidov Prize، وارتبط اسم مندليف ارتباطًا وثيقًا بالكيمياء في روسيا. لكن لم يكتف مندليف بهذا الحد، وإنما ألّف كتابًا ثانيًا تحت اسم مبادئ الكيمياء أو The Principles of Chemistry في عام 1869. وكان يبلغ حينها من العمر 35 سنة فقط! واشتهر الكتاب في روسيا، بل وفي العالم أجمع، وترجِم إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية. [2]

الجدول الدوري للعالم ديميتري مندليف

في عام 1869، شرع مندليف بكتابة الجزء الثاني من كتاب “مبادئ الكيمياء”. ووقتها، كتب أسماء وخصائص 65 عنصرًا كيميائيًا على بطاقات شبيهة ببطاقات اللعب. ولعل أهم الخصائص التي كتبها كان الوزن الذري للعناصر، والذي رأى مندليف أنه كان مهمًا للغاية لمعرفة العلاقة بين العناصر الكيميائية المختلفة. وظل مندليف يقلِّب البطاقات يمينًا ويسارًا علّه يصل إلى اكتشاف ما، ولكنه سرعان ما غلبه النوم. [3]

وعلى غرار اكتشافات عظيمة لم تكن لتخرج للنور لولا العقل اللاواعي، توصل عقل مندليف اللاواعي للنمط الصحيح الذي يجب أن يرتب البطاقات وفقًا له لكي يصل إلى العلاقة بينها.

“في الحلم، رأيت جدولًا ترتَّب فيه العناصر بالنمط المناسب. وعندما استيقظت، دوّنت ما رأيته في الحلم على ورقة”.

ديميتري مندليف

لم يحتج مندليف سوى لأسبوعين فقط لكي ينشر العلاقة بين الخصائص والأوزان الذرية للعناصر الكيميائية. ووقتها، ظهر ما سيغير علم الكيمياء إلى الأبد، ظهر الجدول الدوري للعناصر الكيميائية.

ديمتري مندليف لم يفز بجائزة نوبل، ولكنه فاز بأكثر من ذلك بكثير

بسبب اكتشافه للجدول الدوري، تم ترشيح ديمتري مندليف إلى جائزة نوبل في الكيمياء في عام 1905 و1906. لكن لسوء الحظ ولاعتقاد لجنة التحكيم بأن اكتشافه للجدول الدوري كان شيئًا من الماضي، ذهبت الجائزة إلى مكتشف عنصر الفلور، ألا وهو هنري مواسون. وبالمناسبة، توقع الجدول الدوري مكان عنصر الفلور به بدقة شديدة. [3]

وبعد ترشحه لمرتين آخرهما في 1906، مات مندليف في العام اللاحق، ومات معه حلم فوز الجدول الدوري بجائزة نوبل. ومع هذا، فاز الجدول بشرف أكبر وأصبح موجودًا على أغلفة ملايين الكتب حول العالم. وأصبح ذكر الجدول الدوري وذكر مكتشفه ديمتري مندليف مخلدًا حتى يومنا هذا.

جدول مندليف الدوري وعناصره بالأخضر الصافي

المصادر:

  1. Biography
  2. Famous Scientists
  3. National Geographic

أنظمة إيصال الدواء النانوية قادرة على تحقيق ثورة طبية!

أصبح علم النانو نعمة للبشرية من خلال ما يقدمه من مزايا وخاصة في مجال الطب. حيث أدى التقدم الكبير في هذا المجال لتحفيز التفكير لابتكار آلية فعالة لمحاربة الأمراض والاضطرابات الصحية المزمنة. وقد استُخدم طب النانو لتطوير أنظمة إيصال للدواء تستخدم مع مجموعات كبيرة من الأمراض. فما هي أنظمة إيصال الدواء النانوية؟ وما الهدف منها؟ وما هي تطبيقاتها؟

ما هي أنظمة إيصال الدواء النانوية؟

تعد أنظمة إيصال الدواء النانوية علمًا جديدًا وسريع التطور لعلاج الأمراض المختلفة. حيث تستخدم مواد نانوية صغيرة لإيصال الأدوية وعلاج الأمراض في المناطق المستهدفة بطريقة مدروسة وخاضعة للرقابة. ويتم في هذه الأنظمة دمج الأدوية في هيكل الجسيم النانوي أو يربط الدواء مع سطح الجسيم النانوي.

تعمل الجسيمات النانوية المستخدمة كوسيلة لتوصيل للأدوية عمومًا أقل من 100 نانومتر. وتتكون من مواد مختلفة قابلة للتحلل الحيوي مثل البوليمرات الطبيعية أو الاصطناعية أو الدهون أو المعادن. وأكثر الجسيمات النانوية أهمية هي الجسيمات الشحمية، واتحادات البوليمر، والجسيمات النانوية المعدنية (على سبيل المثال ، AuNPs)، وغيرها. ويتم امتصاص الجزيئات النانوية بواسطة الخلايا بشكل أكثر كفاءة من الجزيئات الدقيقة الأكبر، وبالتالي يمكن استخدامها كنظم نقل وإيصال فعّالة.

ما هي الحاجة إلى تقنيات إيصال الدواء النانوية؟

يؤدي رش الحديقة بالمبيدات الكيماوية لموت الأعشاب الضارة، ولكن تُُقتل معها الزهور الجميلة. هذا نفس ما تفعله جرعات الكيماوي المستخدمة في علاج السرطانات، فعند إطلاقها بشكل حر في الجسم تقوم بقتل الخلايا السرطانية الضارة والخلايا السليمة. كما أن إطلاقها بشكل حر هكذا في الجسم يؤدي لتحلل الجرعة في الجسم، فتصل مخففة وضعيفة للكتلة السرطانية. يؤدي ذلك إلى الحاجة لجرعات أكبر، وكذلك تواتر أكثر من الجرعات مما يؤدي لمزيد من الضرر.

من هذا المثال نستنتج الحاجة الماسة لإنشاء جسيمات نانوية محملة بعلاجات محددة ولها أهداف دقيقة معروفة. مما يحسّن من خصائص العلاجات الدوائية ويزيد من ثباتها ضمن الجسم وتوزعها البيولوجي وقابليتها للذوبان. والأهم من ذلك هو إطلاق جرعات أعلى من الدواء في الموقع المستهدف. وتتمثل الفائدة الأساسية من هذه الأنظمة في تقليل الآثار الضارة للأدوية التقليدية. كما تقلل من كمية الجرعة المستخدمة، وتحسّن من امتصاص الخلايا المستهدفة للدواء المرسل. وتتيح إمكانية عبور الحواجز البيولوجية وتقليل سمية الدواء الحر للخلايا غير المستهدفة. وسيؤدي كل ذلك لزيادة فعالية ونجاح العلاج المقدم. كما ستزيد المدة بين الجرعات، مما يؤدي لفعالية علاجية كبيرة (على سبيل المثال استهدافالخلايا السرطانية).

طرق إيصال الدواء باستخدام الجسيمات النانوية

عن طريق الفم

يعتبر الطريق الفموي أشهر الطرق استخدامًا، وأكثرها ملاءمة وأمان وسلامة. نظرًا لسهولة استخدامها وقبول المريض لها. كما أن طرق تصنيعها غير مكلفة وأرخص في الإنتاج. وتستحب الطريقة الفموية بسبب طبيعتها غير الغازية، حيث يقدم المسار الفموي ميزة تجنب الألم وعدم الراحة المرتبطة بالحقن والتلوث.

فمثلا، يجب أن تقاوم الأدوية النشطة بيولوجيًا مثل الببتيدات والبروتينات بيئات المعدة والأمعاء. لذلك لا تتوافر الببتيدات والبروتينات دوائيًا بشكل فموي. يرجع ذلك أساسًا إلى انخفاض نفاذية الغشاء المخاطي لها، وعدم الاستقرار في بيئة الجهاز الهضمي. مما يؤدي إلى تدهور المركب قبل امتصاصه. ركزت العديد من الدراسات ولسنوات عديدة على تحسين توصيل الببتيدات العلاجية والبروتينات عن طريق الفم. وهكذا تم تطوير استراتيجيات مختلفة لتعزيز إعطاء الدواء واللقاحات عن طريق الفم. لذلك يؤدي ارتباطهم بحاملات غروية مثل الجسيمات النانوية البوليمرية كأحد الأساليب العديدة المقترحة إلى تحسين التوافر البيولوجي عن طريق الفم.

الأنسولين هو الدواء الأكثر فعالية في خفض مستوى الجلوكوز في الدم لعلاج داء السكري. ومن المعروف بالطبع أن حقن الإنسولين واحدة من أشهر العقاقير للتعامل مع السكري. وقد وجدت الدراسات أن للإدخال المبكر للأنسولين قدرة على حماية الجزر الفارزة للإنسولين من موت الخلايا المبرمج، وبالتالي زيادة تجديد خلايا β في مرض السكري من النوع 2. وقد بقيت حقن الأنسولين تحت الجلد هي الطريقة السائدة لتعاطي مرضى السكري للإنسولين، ولكنها غالبًا ما تؤدي إلى ضعف استجابة المريض. ويبدو أن إعطاء الأنسولين عن طريق الفم سيكون الطريقة الأكثر ملاءمة ويمكن أن يحاكي الإنتاج الداخلي للأنسولين. ومع ذلك فإن تركيبة الأنسولين الموثوقة للإعطاء عن طريق الفم تواجه بعض العوائق في الجهاز الهضمي مثل التحلل الأنزيمي في الجهاز الهضمي وضعف نفاذية الأنسولين من خلال نظام الجهاز الهضمي. ولكن يمكن عن طريق النظم النانوية التغلب على تلك المشاكل.

عن طريق الحقن

ظهرت حقن الجسيمات النانوية في بداية التسعينيات كنظام جديد لتوصيل الأدوية الغروية مع مزايا مثل عدم السمية والتوافق الحيوي الممتاز. والتطبيق بالحقن هو مجال واسع، حيث يمكن استخدام الحقن تحت الجلد وداخل الصفاق وداخل المفصل. كما يعتبر الحقن في الوريد أمراً جذاباً للمرضى. وبعد إعطاء حقن الجسيمات النانوية في الجسم الحي، يمكن للدم توزيعها على جميع أعضاء وأنسجة الجسم. كما يمكن للجسيمات النانوية الدهنية الصلبة أن تحمي الدواء المدمج من التحلل الكيميائي في البيئات المختلفة قبل وصولها للهدف بفضل تصميمها المتماسك.

التطبيق الموضعي كالكريمات والمراهم

يسمح التطبيق الموضعي باستخدام دواء قوي نسبيًا مع حد أدنى من مخاطر السمية. حيث يتميز المسار عبر الجلد لتوصيل الدواء بمزايا فريدة من نوعها، حيث يتجاوز الدواء عملية التمثيل الغذائي الأول ويصل إلى الدورة الدموية الجهازية مباشرة. كل هذا يؤدي إلى تعزيز التزام المريض خاصة عند الحاجة إلى علاج طويل الأمد كما هو الحال في علاج الآلام المزمنة وعلاج الإقلاع عن التدخين. ويتضمن التوصيل عبر الجلد تطبيق مركب فعال دوائيًا على سطح الجلد لتحقيق مستويات امتصاص الدم العلاجية لعلاج الأمراض البعيدة عن موقع التطبيق.

ومنذ الموافقة على Transderm-Scop، كأول نظام لتوصيل الأدوية عبر الجلد (TDDS) في عام 1981 ، تفجرت الأبحاث في هذا المجال. وظهرت مجموعة متنوعة من الحالات السريرية المناسبة لتطبيق تلك الطريقة السهلة. حيث يوفر تطبيق اللصقات غير المؤلم وغير الجراحي والصديق للمريض وسيلة مناسبة ومريحة له. كما يسهل إزالة اللصقات في حالة فرط أنسولين الدم مثلا.

ومن أجل تحسين الانتشار الموضعي للعلاجات، كان المسار الموضعي أحد أكثر خيارات التوصيل غير الغازية الواعدة. أدى ذلك إلى تحسين تجاوب المريض. كما أدى إلى تحسين الديناميكية الدوائية للمركبات القابلة للتحلل وتقليل الآثار الجانبية التي تحدث بشكل متكرر. ومع ذلك لا تزال الطرق الموضعية للدواء تواجه تحديًا في المستحضرات الصيدلانية بسبب الصعوبات في ضبط اختراق الجلد، وتحديد وإعادة إنتاج الكمية الدقيقة من الدواء الذي يصل إلى الطبقات بالعمق المطلوب.

عن طريق الأنف والرئة

يوفر توصيل الدواء من خلال المسار الرئوي العديد من المزايا مثل زيادة التركيز الموضعي للدواء في الرئتين، وتحسين عمل المستقبلات الرئوية. كما تزيد من الامتصاص بسبب مساحة السطح الشاسعة والجرعة المنخفضة والتوصيل الموضعي والجهازي للدواء وتقليل الآثار العكسية الجهازية.

 ومع ذلك، لا يزال توصيل الدواء من خلال المسار الرئوي يواجه تحديات أيضًا، مثل الإزالة المخاطية الهدبية، والبلعمة بواسطة البلاعم السنخية، والتي يمكن أن تسبب تدهور الدواء في موقع الامتصاص. وتذوب الجزيئات الكبيرة في سائل القصبات الهوائية (BALF) وتنتشر عبر الظهارة السنخية، حيث يمكن أن يتسبب وجود البلاعم السنخية هنا في تدهور تركيزات الدواء مما يؤدي إلى انخفاض التوافر البيولوجي. وبالتناوب، تمتص الجزيئات الصغيرة بسرعة من خلال ظهارة الرئة والتي يمكن أن تكون مفيدة للإفراز الفوري، ولكنها قد لا تفيد في الإطلاق المستمر. كلتا الحالتين ستنتهي بزيادة وتيرة الجرعات، مما قد يؤدي إلى صعوبة تعاطي العلاج.

درس العلماء التعاطي عن طريق الأنف بسبب سهولة الوصول إليه وطبيعته غير الغازية. كما يسمح مسار الأنف بالتوصيل الموضعي إلى الجهاز التنفسي العلوي (أي منطقة الأنف والأنسجة الأنفية وسوائل الأنف). ويسمح الأنف أيضًا بالتوصيل الدموي وإيصال الأدوية للجهاز العصبي المركزي بسبب مساحة السطح الكبيرة وطبيعة الأوعية الدموية الكثيفة في تجويف الأنف والوصول المباشر إلى منطقة حاسة الشم. وقد أظهر تعاطي الدواء عن طريق الأنف نجاحًا على مر السنين. مما يسمح بتجنب تأثير المرور الأول، وتقليل الآثار الجانبية الجهازية وتجاوز الحاجز الدموي الدماغي (BBB) ​​وزيادة التوافر البيولوجي.

إن توصيل الأدوية الموصلة عن طريق الأنف له أهمية كبيرة محتملة فيما يتعلق بنقل الأدوية مباشرة إلى الدماغ عبر منطقة الشم. فأثبتت الجسيمات النانوية PLGA فعاليتها في توصيل عامل نمو الأرومة الليفية الأساسي (bFGF) مباشرةً إلى الدماغ والمستخدم لعلاج مرض ألزهايمر. كما يمكن أن يكون خيارًا علاجيًا أفضل حتى بالمقارنة مع تعاطي الدواء الحر و/أو الجسيمات النانوية المحملة بالدواء.

وقد تم تطوير الجسيمات النانوية لإنتاج لقاحات على شكل قطرات أنفية بسيطة. وبالتالي يمكن استخدام لقاحات الأنف في المناطق الفقيرة أو الريفية حيث يوجد نقص في عاملي الرعاية الصحية الضروريين لحقن اللقاحات بطرق آمنة.

نظم الإيصال المزروعة (الغرسات)

تعمل الغرسة في الموقع المستهدف بشكل أساسي على توصيل جرعة الدواء من الخزان الخارجي إلى الموقع المستهدف. وقد تحتوي على وظائف أخرى مثل الاستشعار والتحكم في التدفق. ويحتوي الخزان الخارجي على مضخة أو آلية تمكنه من توصيل الدواء إلى الغرسة في الموقع المستهدف عبر قسطرة متصلة بين الجزئين. وقد ظهر هذا النهج لعلاج داء السكري خلال السنوات القليلة الماضية، حيث يوجد خزان مضخة الأنسولين في المنطقة تحت الجلد للمريض بدلاً من زرعها في الموقع المستهدف. مما يتيح لها الحصول على المزيد من الأدوية المتاحة للعلاج.

تطبيقات إيصال الدواء

في الوقت الحاضر يطبق طب النانو في أنظمة توصيل الأدوية لعلاج العديد من الأمراض بما في ذلك السرطان والاضطرابات التنكسية العصبية والسكري والأمراض المعدية.

لعلاج السرطان

منذ اكتشافه يعتبر العلاج الكيميائي هو العلاج الأكثر فعالية لعلاج جميع أنواع السرطانات. وفي الوقت الحاضر، يتم استخدامه قبل كل شيء في الحالات المتقدمة من المرض. ومع ذلك فإن الانتقائية الضعيفة للعلاج الكيميائي ضد الأنسجة تؤدي إلى تدمير الأنسجة السليمة. وتزداد أهمية هذه الآثار الجانبية عندما يكون من الضروري زيادة جرعات الدواء من أجل توفير تركيز مناسب في منطقة الورم. لهذا السبب تمثل تقنية النانو القائمة على أنظمة التوصيل بديلاً محتملاً لإحداث تأثير كبير في علاج السرطان.

خلال العقدين الماضيين، تمت دراسة أنظمة إيصال الدواء النانوية لعلاج السرطان. وتمت الموافقة على بعضها بالفعل من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) لإعطائها للمرضى. وما زال البعض الآخر قيد الدراسات ما قبل السريرية. وتتمثل المزايا الرئيسية لاستخدام أنظمة توصيل الأدوية الدقيقة النانوية في انتقائيتها العالية ضد الخلايا السرطانية التي تقلل إلى حد كبير الآثار الجانبية السامة لعوامل العلاج الكيميائي (مثل السمية الكلوية، والسمية العصبية، والسمية القلبية، وما إلى ذلك). بالإضافة إلى سماحها بتقليل كمية الدواء الذي يتم تناوله لأن حبسه في حامل النانو يحسن من استقرار الدواء، مما يساهم أيضًا في تقليل التأثيرات السامة في الأنسجة السليمة. وتتنوع أنظمة توصيل الأدوية للتطبيقات المضادة للسرطان بين جسيمات شحمية، وجسيمات نانوية بوليمرية، وجسيمات نانوية غير عضوية/المعدنية أو جسيمات نانوية بكتيرية، وغيرها.

لعلاج ألزهايمر

التحدي الأكثر صعوبة الذي يجب على علاج ألزهايمر مواجهته هو عبور الحاجز الدموي الدماغي (BBB). حيث يمنح ذلك الحاجز الجهاز العصبي المركزي (CNS) حيزًا مناعيًا متميزًا، ويمكن تحقيق ذلك العبور باستخدام الجسيمات النانوية. لكن ما زالت المواد المعالجة لألزهايمر غير مكتشفة بعد بسبب التعقيد الهائل للمرض.

لعلاج السكري

أحد أهداف الطب النانوي المطبق على مرضى السكري هو تقليل تواتر الحقن عن طريق استخدام صيغة الجسيمات النانوية طويلة المفعول للأدوية المضادة لمرض السكر. وقد يصبح إعطاء الأنسولين عن طريق الفم الشكل الأكثر تفضيلاً للأدوية المزمنة. ومع ذلك تقلل الحواجز الفيزيائية والكيميائية الحيوية في الجهاز الهضمي من فعاليته. ومن المتوقع أن يؤدي تطبيق أنظمة إيصال الدواء النانوية إلى تحقيق وصول الأدوية سليمة إلى الموقع المستهدف.

نشهد، مع تطور تقنيات النانو، ثورة في تركيب الأدوية بحق، حيث يعد طب النانو بالحل لمشكلة توصيل الدواء إلى خلايا بعينها، وتسهيل انتقال الأدوية عبر الحواجز المختلفة في الجسم بسهولة. وكما رأينا، تمتلك الجسيمات النانوية إمكانات هائلة كنظام فعال لتوصيل الأدوية في حالات الالتهاب والسرطان. ولكن لا تزال هناك حاجة إلى فهم أكبر للآليات المختلفة للتفاعلات البيولوجية وهندسة الجسيمات.

المراجع

jnanobiotechnology

pdfdrive.com: drug delivery approaches and nanosystems

ما هي تقنية النانو وكيف بدأت؟

غالبًا ما تؤدي الأحلام والخيال البشري الخصب إلى ظهور علوم وتقنيات جديدة تماماً. ومن رحم هذه الأحلام كانت تقنية النانو ملتقى الخيال العلمي مع الحقيقة. فما هو النانو؟ وما هي تقنية النانو؟ كيف بدأت؟ وإلى أين تتجه اليوم في القرن الحادي والعشرين؟

ما هو النانو “NANO”؟

قبل أن نبدأ الحديث عن تقنية النانو لنلقي نظرة عن مفهوم النانو. تُشتق البادئة “nano” من الكلمة اليونانية القديمة “nanos” والتي تعني القزم. أما اليوم فتستخدم على مستوى العالم كبادئة تعني عامل بالشكل (9-)^10. وإذا قرنت كلمة نانو مع كلمة متر ستجلب مصطلح النانو متر والذي يشير إلى وحدة قياس مكاني تساوي جزء واحد من مليار جزء من المتر أو من (وحدة القياس).

اقتُراح مفهوم “النانومتر” لأول مرة من قبل “ريتشارد أدولف زيجموندي – Richard Adolf Zsigmondy”، الحائز على جائزة نوبل عام 1925 في الكيمياء، لوصف حجم الجسيمات.

ريتشارد أدولف زيجموندي

لمساعدتكم في تخيل النانومتر نستعرض المثال التالي:

لنفرض أننا قطعنا متراً إلى 100 قطعة متساوية، فسيكون حجم كل قطعة سنتيمتراً واحداً هذا يعادل حجم مكعب السكر. إذا قطعنا السنتيمتر إلى مائة قطعة متساوية، فستكون كل قطعة مليمترًا واحدًا. يتراوح حجم حبة الرمل من 0.1 مم إلى 2 مم. ويمكن رؤية الأشياء الصغيرة مثل المليمتر بالعين المجردة ولكن عندما تقل أبعاد الجسم عن المليمتر فقد يكون من الصعب تمييزها.

إذا قمنا بتقطيع المليمتر إلى مائة قطعة متساوية فسيكون طول كل قطعة ميكرومتراً. ويبلغ قطر الشعرة من 40 إلى 50 ميكرومتراً. وعادة لا يمكن رؤية الأشياء على هذا المقياس بأعيننا، بل يمكن تصورها باستخدام عدسة مكبرة أو مجهر ضوئي.

إذا قطعنا ميكرومتراً إلى ألف قطعة متساوية، فسيكون طول كل قطعة نانومتراً! وعندما تكون الأشياء صغيرة إلى هذا الحد لا يمكننا ملاحظتها بأعيننا أو بالمجهر الضوئي. وتتطلب هذه الأشياء الصغيرة أداة خاصة للتصوير. إذ يبلغ الحمض النووي 2 نانومتر، والذرات تكون أصغر من نانومتر. فالذرة الواحدة تبلغ قرابة 0.1-0.3 نانومتر، اعتمادًا على نوع العنصر.

توضيح لمقياس النانومتر مقارنة بحجوم المواد

ما هي تقنية النانو؟

تعرف بأنها أي تقنية تتم على مواد من المقاييس النانوية، فهي العلوم والهندسة والتكنلوجيا التي يتم إجراؤها على نطاق 1 – 100 نانومتر. وتتيح فهم المواد والتحكم بخواصها على المستوي الذري والنووي للتخطيط لعناصر جديدة تنتج ظواهر جديدة لتطبيقات جديدة. حيث تظهر المواد المعدلة على المستوي النانوي خصائص (فيزيائية، وبصرية، وحرارية، وميكانيكية، وكهربائية، وإلكترونية، وغيرها…) فريدة وجديدة تماماً.

تقسم المكونات النانوية إلى هياكل بحسب أبعادها كالتالي:

  • العناقيد النانوية: هي هياكل تتراوح من 1 إلى 100 نانومتر في كل بُعد مكاني. يتم تصنيف هذه الهياكل على أنها هياكل نانوية صفرية البعد 0D.
  • الأنابيب النانوية والأسلاك النانوية: لها قطر بين 1 و100 نانومتر وطول يمكن أن يكون أكبر من ذلك بكثير. ويتم تصنيف هذه الهياكل على أنها هياكل نانوية أحادية البعد 1D.
  • السطوح ذات النسيج النانوي أو الأغشية الرقيقة: يتراوح سمكها بين 1 و100 نانومتر، في حين أن البعدين الآخرين أكبر بكثير. ويتم تصنيف هذه الهياكل على أنها هياكل نانوية ثنائية الأبعاد2D .
  • أخيرًا، المواد الضخمة: ذات الأبعاد التي تزيد أبعادها الثلاث عن 100 نانومتر من الهياكل السابقة تسمى الهياكل النانوية ثلاثية الأبعاد 3D.
أنواع الهياكل النانوية بحسب أبعادها.

ما مقدار أهمية تقنية النانو اليوم؟

تعلمنا تقنية النانو فهم العالم الذي نعيش فيه وتمكننا من فعل أشياء مثيرة للاهتمام عندما ننتقل للمقاييس النانوية.

فعلم النانو وتقنياته يمكن أن يساعدا في إعادة تشكيل العالم من حولنا. إذ نعلم أن كل شيء من حولنا يتكون من ذرات _ الطعام، الملابس، الأبنية، وأجسادنا _ مرتبة بطريقة محددة لتقوم بوظائف محددة، يمكننا أيضًا باستخدام علوم وتقنيات النانو التلاعب وإعادة ترتيب الأجزاء في المواد المختلفة لإنتاج نماذج محددة تقوم بوظائف محددة.

وهناك قضية مهمة لنأخذها في الحسبان وهي أن خصائص الأشياء تتغير عندما تصبح أصغر. بالتالي، عندما يتم التلاعب بالمادة وإعادة تنظيمها على مقياس النانو، سيتمكن العلماء من ضبط خصائص المادة بدقة.

تاريخ تقنيات النانو

منذ حوالي النصف قرن لم تكن تقنية النانو أكثر من مجرد خيال علمي، ثم في عام 1959 قدم الفيزيائي ريتشارد فاينمان الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء خلال اجتماع للجمعية الفيزيائية الأميركية في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (CalTech) محاضرة عن مفهوم التلاعب بالمادة والتحكم بها على المستوي الذري. خلق فاينمان بذلك نهجًا جديدًا للتفكير، وبدأت رحلة إثبات صحة فرضياته منذ ذلك الحين. ولهذا السبب يعتبر المؤسس الأول لتقنية النانو.

ريتشارد فاينمان

بعد أكثر من عقد من الزمان، صاغ البروفيسور ” Norio Taniguchi ” مصطلح تقنية النانو (nano-technology).

Norio Taniguchi

ومع ذلك، فإن العصر الذهبي لتقنية النانو بدأ فقط في عام 1981، عندما تم تطوير واستخدام مجهر المسح النفقي الذي مكننا من رؤية الذرات الفردية. وشهدت بداية القرن الحادي والعشرين اهتمامًا متزايدًا بالمجالات الناشئة في علم وتقنيات النانو. ففي الولايات المتحدة دعا الرئيس السابق بيل كلينتون إلى تمويل الأبحاث في هذه التقنية الناشئة خلال خطاب ألقاه في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في 21 يناير 2000.

وبعد ثلاث سنوات وقع الرئيس جورج بوش على قانون البحث والتطوير في مجال تكنولوجيا النانو للقرن الحادي والعشرين. وقد جعل هذا التشريع لأبحاث تقنيات النانو أولوية وطنية وخلق مبادرة تقنية النانو الوطنية (National Nanotechnology Initiative) (NNI) والتي لا زالت قائمة حتى اليوم.

حاضر ومستقبل تقنيات النانو

في إطار زمني يقارب النصف قرن، أصبحت تقنية النانو الأساس لتطبيقات صناعية رائعة.

اليوم:

تؤثر تقنية النانو على حياة كل إنسان، والفوائد المحتملة منها كثيرة ومتنوعة. ونرى أنها تدخل في العديد من القطاعات مثل:

  • إدارة وسلامة الغذاء والصناعات الغذائية ومستحضرات التجميل لتحسين الإنتاج ومدة الصلاحية والتوافر البيولوجي وغيرها…
  • إدارة البيئة وتنظيفها وهي واحدة من أكبر مشاكل العالم الحقيقي وأكثرها إلحاحا. ستساعد تقنية النانو في حماية البيئة والمناخ من خلال توفير الطاقة والمياه وتقليل الغازات الدفيئة والنفايات الخطرة مع زيادة متانة المواد التي تدوم لفترة أطول وتقلل إنتاج النفايات، وإنتاج الطاقة المتجددة والمستدامة.
  • قطاع التقنيات الرقمية وتعتبر المدخل الرئيسي لعالم رقمي أصغر وأكثر كفاءة.
  • القطاعات الصحية فهي اليوم تستخدم للوقاية التشخيص والعلاج. وتزيد تقنية النانو من فعالية التصوير الطبي التشخيصي مما يجعل العلاجات أكثر فعالية.
  • ونرى اليوم الكثير من المحاولات لتطوير أنظمة توصيل الدواء للعديد من الأمراض وخاصة دون المستوي الذري. حيث يساعد تغليف الجسيمات النانوية على توصيل الدواء مباشرة للخلايا السرطانية. كما يقلل مخاطر تلف النسج السليمة، مما يغير بشكل جذري الطريقة الحالية المتبعة لعلاجات السرطان. ويقلل بشكل كبير من الآثار السامة للعلاج الكيميائي.

في المستقبل:

فيعتبر العصر الناشئ في الطب هو ” طب النانو” وحصرًا عصر ” الروبوتات النانوية ” التي يمكنها إكمال المهام بطريقة آلية. وتتمتع الروبوتات النانوية بالقدرة على الاستشعار وتمييز الصديق من العدو والاستجابة بتقديم حمولاتها الدوائية وذلك كله على مستوى النانو.

وتسخر تقنية النانو اليوم التقدم الحالي في الكيمياء والفيزياء وعلوم المواد والتقنيات الحيوية لإنشاء مواد جديدة لها خصائص فريدة بفعل هياكلها المحددة على مقياس النانومتر.

كما أدت البحوث العلمية في هذه الأفكار وغيرها على مستوى النانو إلى ابتكارات مثيرة للاهتمام. ورغم ذلك لا تزال تقنية النانو في مرحلة الاستكشاف المبكرة جداً، ولكنها تتطور بشكل سريع. فرغم أن آليات مكافحة الأمراض دون الذرية كانت خيالًا علميًا لعقود من الزمن، فقد اقتربنا اليوم من جعل هذه الفكرة حقيقة. وعلى الرغم من الطبيعة المعقدة للمواد النانوية إلا أن مستقبل تقنية النانو يبدو مشرقاً جداً.

المصادر:

.Haick, P. H. (2013). Nanotechnology and Nanosensors
JE Hulla, S. S. (2015). Nanotechnology: History and future. Human and Experimental Toxicology, p. 42
.kohler, J. M. (2021). Challenges for Nanotechnology. Encyclopedia
.Sakhare, D. (2022). Nanotechnology Applications in Science and Technology

 

ما هي خلايا الوقود الهيدروجينية؟

هذه المقالة هي الجزء 16 من 22 في سلسلة موضوعات تأسيسية في الطاقة المتجددة

تمثل الطاقة أهم متطلبات عصرنا الحالي، ويتم استهلاكها بشكل متسارع، ولذا أضحت متطلبات الطاقة تتزايد بشكل كبير. الإنفجار السكاني الذي نشهده منذ عقود، ووفرة الموارد الأولية للطاقة المتجددة، إضافة إلى التنوع الصناعي يدفعنا لمضاعفة الجهود التي تراكم خبراتنا في مجال إنتاج واستهلاك الطاقة. مما لا شك فيه أن تطوير أي تقنية جديدة بحد ذاته يعد عملية مكلفة، لكن قدرتنا على إيجاد حلول في كل مرحلة من مراحل تطوير التقنية هو أيضًا عملية نستطيع مواكبتها تدريجيًا. فالحاجة إلى تقليل التكلفة ورفع الكفاءة ستؤدي إلى إيجاد أنظمة فعّالة ومتاحة تجاريًا، ووقود نظيف نتاج لتقنيات تنافس التقنيات الحالية في عمليات الإنتاج والنقل. أحد هذه التقنيات التي من الممكن أن تنقلنا إلى مرحلة جديدة تمامًا هي تقنيات الوقود الهيدروجيني، ولا يمكننا الحديث عن الهيدروجين كوقود دون التطرق إلى خلايا الوقود الهيدروجينية.

ما هي خلايا الوقود الهيدروجينية ؟

تتمتع خلايا وقود الهيدروجين بإمكانيات حقيقة لأن تكون التقنية المستقبلية من حيث قابلية التطبيق. تحمل هذه التقنيّة المقومات الأساسية التي تؤهلها لتكون أحد الحلول العصرية لمشكلة زيادة الطلب على وقود صديق للبيئة.
تشبه خلية الوقود الهيدروجينية إلى حدٍ كبير الخلية الكهروكيميائية، والتي تتكون بشكل رئيسي من المكونات الثلاثة: كاثود، آنود، والإلكتروليت. تتصل المكونات مع بعضها بدائرة كهربائية. ليس هناك أي أجزاء دوّارة في هذا التصميم، وبالتالي فهو تصميم بسيط وفعّال. وتصنف الخلايا بحسب نوع الإلكتروليت المستخدم.

كيف تنتج خلايا الوقود الهيدروجينية الكهرباء؟

خلية الوقود هي خلية تحويل طاقة، يتم عبرها استغلال طاقة الهيدروجين. هي عبارة عن خلية كهروكيميائية تقوم بتحويل الطاقة الكيميائية إلى طاقة كهربائية. ويحدث ذلك عن طريق التفاعل الكهروكيميائي للأوكسجين والهيدروجين. حيث يتأين غاز الهيدروجين في الآنود، مما يؤدي إلى تحرير الإلكترونات من الذرة، لتتكون أيونات الهيدروجين. ومن هنا يتفاعل الأوكسجين مع الإلكترونات المنطلقة من الآنود وأيونات الهيدروجين من الإلكتروليت، وينتج عن هذا التفاعل إنتاج الكهرباء، وتكوّن الماء.

إن مبدأ العمل السابق ذكره لا يتغير مهما كان نوع خلية الوقود المستخدمة. وتنتج الخلية ما يصل إلى 0.7 فولت عند التحميل الكامل. ويمكن الحصول على الجهد المطلوب عن طريق توصيل خلايا الوقود على التوالي، وبالمثل نحصل على التيار المطلوب عن طريق توصيل الخلايا على التوازي.

يختلف أداء الخلية بحسب نوع الإلكتروليت المستخدم وتتفاوت الخلايا من حيث الحرارة التشغيلية، وتفاعلات الآنود والكاثود، والكفاءة. ويتم اختيار نوع الخلية بحسب التطبيق المطلوب. وما تم ملاحظته من مقارنة الأنواع المختلفة أن الكفاءة في كل الأنواع لازالت لم تتجاوز 60%.

تطبيقات ومستقبل خلايا الوقود الهيدروجيني

إن بساطة تشغيل هذه الخلايا وكذلك انخفاض الانبعاثات جعلا منها خيارًا مستقبليًا واعدًا. وهذه العوامل في حد ذاتها تجعل من خلايا الوقود قابلة للاستخدام على نطاق واسع من التطبيقات. ومن هذه التطبيقات: توليد الطاقة، والنقل، والأجهزة المحمولة، وتطبيقات الفضاء.

حاليًّا، هناك توجّه لإيجاد طريقة يمكن للبشرية من خلالها توليد الكهرباء بطريقة مستدامة. وتتمتع خلايا الوقود بإمكانية عالية للتأهل كتقنية يمكن من خلالها توليد الكهرباء بمنتجات ثانوية غير ضارة. ومع تزايد الطلب على الطاقة الكهربائية، أصبح من المُلح إيجاد طرق جديدة وآمنة لتلبية الطلب. إن العوامل المحدّدة للطاقة المتجددة هي تخزين الطاقة ونقلها. وباستخدام خلايا وقود الهيدروجين، أصبح من الممكن الحصول على الطاقة الكهربائية من مصادر نظيفة بتقنيات نقل وتخزين آمنة سنتطرق لها في مقال قادم.

المصادر:

Fuel Cell and Its Applications: A Review

كيمياء صبغة بيض شم النسيم في 6 طرق

عادةً ما يرتبط تلوين البيض بشم النسيم -وهو عطلة وطنية في مصر، يحتفل المصريون به من جميع الأديان بقدوم الربيع، ويعود تاريخه إلى ما لا يقل عن 2700 ق.م، ويُحتفل به في 25 أبريل- وكذلك يرتبط تلوين بيض شم النسيم بعيد الفصح (عيد القيامة) وهو العيد الذي يحتفل المسيحيون فيه بقيامة يسوع المسيح من بين الموتى في اليوم الثالث بعد صلبه، ويُحتفل به في 17 أبريل من كل عام.

فتُّعدُ عادة تلوين البيض من أشهر وأكثر العادات بهجةً، لكن هل فكرت يومًا في العملية الكيميائية المثيرة في صبغ البيض بتلك الألوان الزاهية؟ وكيف تُلونّ البيض بطرق طبيعية لسلامة صحتك؟ هذا ما سنجيب عنه.

6 طرق لتلوين بيض شم النسيم بألوان طبيعية

لصبغ بيض عيد الفصح (شم النسيم) طبيعيًا، ضف لكل كوب من الماء ما يلي:

  1. كوب ملفوف أحمر (كرنب أرجواني) مُقطع؛ سيعطيك لون أزرق على البيض الأبيض، ولون أخضر على البيض البني.
  2. معلقة من الكركم المطحون؛ سيعطيك لون أصفر للبيض.
  3. كوب من قشر البصل الأصفر؛ سيعطيك لون برتقالي للبيض الأبيض ولون أحمر للبيض البني.
  4. كوب من البنجر المبشور (الشمندر)؛ سيعطيك لون وردي للبيض الأبيض، وكستنائي على بيض بني.
  5. كيس شاي زنجر أحمر؛ سيعطيك لون لافندر للبيض.
  6. كوب من قشر البصل الأحمر؛ سيعطيك لون خزامي أو أحمر للبيض.

أضف الماء ومن ثم مادة الصبغة (الملفوف الأرجواني، الكركدية…) واترك الماء يغلي على نار هادئة لمدة من 15 إلى 30 دقيقة. تصبح جاهزة عندما تكون أغمق بقليل من اللون الذي تريده -أو الدرجة المرادة، فكلما ظلت الصبغة أكثر على النار؛ كان اللون أغمق-. ولتتحقق من اللون أقطر على البيض، ومن ثم صفي الصبغة وأضف الخل للصبغة ومن ثم اسكبها فوق البيض.

العملية الكيميائية في صبغة بيض شم النسيم

بعد اختيارك للألوان التي تريديها وتجهيز المكونات، لنرى الكيمياء في عملية الصباغة.

عند إلقاء صبغة الطعام -التي تُعد الجزيئات الملونة لها هي نفسها أملاح الصوديوم لحمض الفينول- في الماء؛ تسقط أيونات الصوديوم تاركة الجزء سالب الشحنة وراءها.

عند وضع البيضة في خليط حمضي (الخل مثلًا)؛ ستزيد البروتونات الحرة -أيونات الهيدروجين موجبة الشحنة- والتي ستحل محل المفقودة من الصوديوم، سيتفاعل قشر البيض والذي هو عبارة عن كربونات الكالسيوم وبروتين مع الحمض (حمض الأسيتيك في الخل) وينتج غاز ثاني أكسيد الكربون نتيجة التفاعل مع كربونات الكالسيوم؛ لذا ترى الفقاعات على سطح قشر البيض أثناء نقعه. فتبدأ القشرة في الذوبان مما يزيد من مساحة سطح البيضة ويعرض المزيد من البيضة للصبغة.

تتفاعل البروتينات الموجودة في الطبقة الرقيقة من قشر البيض مع الحمض، فتصبح البروتينات موجبة الشحنة. فيكون لسطح البيضة شحنة موجبة تجذب الصبغة سالبة الشحنة مما يجعلها تلتصق أكثر.

انفوجرافيك توضيحي

هل يمكننا استخدام أي حمض آخر؟

يمكنك استخدام أي حمض منزلي آخر، مثل حمض الستريك بعصير الليمون، ولكن عليك قياس درجة الحموضة التي لابد أن تقترب من 4 (الرقم الهيدروجيني) وذلك باستخدام شرائط الأس الهيدروجيني. فكيف تفعل ذلك؟

فعندما اختبرنا تأثيرات المستويات المختلفة من الخل الأبيض (5٪ من حمض الأسيتيك) على لون البيضة المسلوقة، اختبرنا ستة شروط مختلفة وكنا نضع الورقة ومن ثم يظهر لون، ونقيّم من خلال الشرائط الملونة -الموضحة بالأسفل- لون الورقة قريب من أي منها.

الستة شروط:

الماء النقي (الرقم الهيدروجيني له 7)، كوب الماء مع 1/8 ملعقة صغيرة من الخل (الرقم الهيدروجيني له 6)، كوب الماء مع 1/2 ملعقة صغيرة من الخل (الرقم الهيدروجيني له 5) ، كوب الماء مع ملعقتان صغيرتان من الخل (الرقم الهيدروجيني له 4) ونصف الماء والخل (الرقم الهيدروجيني له 3) والخل النقي (الرقم الهيدروجيني له 3).

يمكنك تكرار تلك الاختبارات مع أي حمض لأن ذلك ضروريًا، لمزيد من البروتونات وذلك يعني المزيد من الروابط الهيدروجينية، وارتباط الألوان أكثر بالبيض.

شرائط الأس الهيدروجيني.

لماذا تتغير بعض الألوان؟

اللون الذي تراه على البيضة سواء أحمر، أصفر، أزرق، أخضر… يعتمد على كيفية امتصاص كل جزيء من الصبغة طء

للأطوال الموجية الآخرى. فستؤدي الاختلافات الدقيقة في التركيب الجزئي إلى تغيّر لون الصبغة على نحو كبير، فمثلًا إذا استبدلنا ذرة هيدروجين (H) بمجموعة الهيدروكسيل (OH) فسيغير الجزئ العاكس للأزرق إلى جزئ أخضر. لاحظ الصور..

مصدر الصورة
مصدر الصورة

المصادر

ما هي الأنزيمات؟

يوجد آلاف الأنزيمات في أجسادنا، والتي تقوم بوظائف ومهام عديدة وضرورية. على الرغم من عدم رؤيتنا لعمل الأنزيمات إلا أنه يتجلى من خلال صحتنا السليمة ولياقتنا البدنية. فحدوث أي خلل في وظائف هذه الأنزيمات سيترتب عليه وجود أعراض مرضية. وهنا، يساعد تحليل الأنزيمات مقدمي الرعاية الصحية من التحقق فيما إذا كان هناك مرض ما. في هذا المقال، سنجيب عن عدة تساؤلات وسنبدأ بأهمها: ما هي الأنزيمات؟

ما هي الأنزيمات؟

الإنزيمات عبارة عن بروتينات تقوم بمجموعة كبيرة ومتنوعة من التفاعلات الكيميائية في أجسامنا. وهي تعتبر ضرورية للهضم ووظائف الكبد وما غير ذلك. تساعد الإنزيمات في تسريع التفاعلات الكيميائية وعملية التمثيل الغذائي، وغالبًا ما تنتجها أجسامنا بشكل طبيعي.

كيف تعمل الأنزيمات؟

تقوم الأنزيمات بتكوين مواد معينة وتفكيك مواد أخرى. تسمى المادة الأولية ب”الركيزة-S “substrate، بينما تسمى المادة الناتجة عن التفاعل ب “المنتج-product”. يرتبط جزيء الركيزة في الموقع النشط للإنزيم لتكوين مركب (ركيزة-إنزيم) ثم يحدث تفاعل لتشكيل المنتج. يمكن للإنزيم بعد ذلك العثور على جزيء ركيزة آخر وتكرار العملية.

ما هي وظائف الأنزيمات في الجسم؟

من أهم أدوار الإنزيمات “المساعدة في الهضم” من خلال تحويل الطعام الذي نتناوله إلى طاقة. ويتم ذلك بتكسير الدهون والبروتينات والكربوهيدرات، وفي نهاية المطاف تستخدم الإنزيمات هذه العناصر الغذائية للنمو وإصلاح الخلايا. أما عن الوظائف الأخرى فتساعد الأنزيمات أيضًا بالآتي:

  • عملية التنفس
  • بناء العضلات
  • وظائف العصب
  • تخليص أجسادنا من السموم

تسمية الأنزيمات

تتم تسمية الإنزيمات عن طريق إضافة النهاية (ase-) إلى اسم الركيزة التي يعمل عليها الأنزيم. مثلا، يسمى الأنزيم الذي يعمل على اليوريك أسيد (حمض البول اليوريك) “يورياز-urease”. وأحيانًا تسمى وفق نوع التفاعل الذي تحفزه. على سبيل المثال، يسمى إنزيم يحفز إزالة ذرات الهيدروجين من جزيء معين “ديهيدروجينيز-dehydrogenase”. وبنفس النمط يسمى الأنزيم الذي يحفز نزع الكربوكسيل “ديكاربوكسيلاز-decarboxylase”. ويخصص الاتحاد الدولي للكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية لكل إنزيم اسمًا ورقمًا للتعرف عليهما.

تصنيف الإنزيمات

تصنف الإنزيمات إلى ست فئات حسب نوع التفاعل المحفز، وهي:

  • أوكسيدوروكتازات-oxidoreductases: تحفيز تفاعلات الأكسدة والاختزال.
  • ترانسالات-transferases: نقل مجموعة وظيفية من جزيء إلى آخر (قد تكون المجموعة ميثيل أو أسيل أو أمينو أو فوسفات).
  • هيدروليسات-hydrolases: تشق جزيء إلى جزئين من خلال عمل الماء.
  • لياز-lyases: التفاعلات غير المائية التي تنطوي على كسر روابط.
  • ليجاسيس-ligases: انضم إلى جزيئين معًا من خلال تكوين روابط C-C أو C-N أو C-O أو C-S باستخدام ATP.
  • وإيزوميراز-isomerases: إعادة ترتيب الجزيئات.

الأنزيمات كهدف دوائي

نظرًا لأن أغلب التفاعلات الحيوية في الجسم تتم بواسطة الأنزيمات، ففي الكثير من الأمراض يتم اختيار الأنزيمات كهدف دوائي. والدواء في هذه الحالة إما أن يحفز أو يثبط الأنزيم الهدف، وبالتالي تحفيز أو تثبيط التفاعل الحيوي الذي يتوسطه الأنزيم.

كيف نصمم الدواء المناسب لتثبيط أنزيم ما؟

سابدأ بطرح مثال لتوضيح الفكرة بشكل أفضل، Xanthine oxidase أنزيم يحول الركيزة hypoxanthine إلى xanthine ومنها لليوريك أسيد. ويعرف هذا الأخير بحمض البول والذي يسبب تراكمه مرض النقرس. لأعالج النقرس سأحتاج دواء يثبط عمل هذا الأنزيم، ولكن يجب أن تكون بنية الدواء مشابهة إلى حد ما لبنية الأنزيم. لماذا مشابهة إلى حد ما وليست متطابقة؟ لأن تطابق بنية الدواء لبنية الأنزيم سيخضع الدواء لنفس تفاعل الأنزيم.

بعد أن وجدنا الدواء المناسب ألا وهو الألوبيرينول والذي يختلف عن بنية إنزيم الأكزانتين أوكسيداز بغياب ذرة كربون في جزيء الأولوبيرينول. ولماذا ذرة الكربون مهمة إلى هذا الحد؟ لأنها ستمنع أكسدة الهيبوكزانتين، وبالتالي لن يتشكل حمض البول، وبهذا نكون ثبطنا عمل الأنزيم وبالتي عالجنا المرض.

الخلاصة: لتصميم دواء يعمل على الأنزيم الهدف، لا بد من معرفة بنية الركيزة التي يتفاعل معها الأنزيم. وبذلك، نأخذ فكرة عن هيكل الدواء المطلوب، الذي بدوره سيتفاعل مع الركيزة لتحفيز أو تثبيط عمل الأنزيم.

أخيرًا

تحدثنا في هذا المقال عن الأنزيمات بشكل منفصل، وذلك لما لها من أهمية سواء من خلال قيامها بمهام وتفاعلات عديدة داخل أجسامنا، أو في حال اخترناها كهدف لعلاج مرض ما.

المصادر:

ما هو البروتين وكيف يتم تصنيعه؟

إذا كنت ترغب في تطوير دواء ما لمرض معين، فأنت بحاجة إلى هدف يعمل عليه هذا الدواء، ولنفترض على سبيل المثال أن هدفنا هو بروتين، يتعين عليك بعد أن حددت الهدف الدوائي ألا وهو البروتين أن تكون على دراية بماهية هذا البروتين. ما هو البروتين وكيف يتم تصنيعه؟ وما هي بنيته؟ هل هي أولية أو ثانوية أو ثالثية؟ ومن ثم، كيف نحدد شكل هذا البروتين والذي من خلاله سنحدد شكل جزيء الدواء؟ في هذا المقال – الجزء الثالث من سلسلة اكتشاف الأدوية – سنجيب عن هذه التساؤلات.

مستودع البروتينات وموقع PDB:

قبل البدء في طرح أي معلومة، سأوضح أهمية هذا الموقع، يعد PDB مستودعًا لهياكل البروتين، ومعظمها هياكل الأشعة السينية. كل بروتين له رمز من أربعة أحرف. نرى في هذا الموقع عرضًا يبين الشكل العام للبروتين، ويخبرنا بالضبط عن الأحماض الأمينية الموجودة في ذلك البروتين. هذا النوع من المعلومات الهيكلية له قيمة كبيرة في إيجاد الجزيئات التي ستؤثر على البروتين المستهدف. وهنا مثال يوضح عملية البحث في الموقع.

البحث على موقع PDB

تعمدت ذكر هذه المعلومة في البداية لتوضيح الأمثلة المطروحة في المقال.

ما هو البروتين؟

البروتينات هي جزيئات كبيرة ومعقدة تلعب العديد من الأدوار الحاسمة في الجسم، وتقوم بمعظم عملها في الخلايا. البروتينات ضرورية لبنية ووظيفة وتنظيم أنسجة وأعضاء الجسم.

أهمية البروتين في الجسم؟

يعتمد جسم الكائن الحي على الكثير من البروتينات، إذ تتكون منها:

  • أجسام مضادة-antibody: ترتبط الأجسام المضادة بجزيئات غريبة معينة، مثل الفيروسات والبكتيريا، للمساعدة في حماية الجسم.
  • إنزيم-enzyme: تُجري الإنزيمات آلاف التفاعلات الكيميائية التي تحدث في الخلايا، وتساعد في تكوين جزيئات جديدة من خلال قراءة المعلومات الجينية المخزنة في الحمض النووي.
  • رنا رسول-messenger: تحتاج البروتينات إلى ناقلات متخصصة، مثل بعض أنواع الهرمونات، والهرمونات هي إشارات لتنسيق العمليات البيولوجية بين الخلايا والأنسجة والأعضاء المختلفة.
  • توفر بعض البروتينات البنية والدعم للخلايا.
  • النقل-transport/التخزين-storage: ترتبط هذه البروتينات وتحمل الذرات والجزيئات الصغيرة داخل الخلايا وفي جميع أنحاء الجسم.

مما يتكون البروتين؟

تتكون البروتينات من سلاسل طويلة من الأحماض الأمينية. وتعرف الأحماض الأمينية على أنها جزيئات عضوية صغيرة تتكون من ذرة كربون ألفا (مركزية) مرتبطة بمجموعة أمينية، ومجموعة كربوكسيل، وذرة هيدروجين، ومكون متغير يسمى سلسلة جانبية.

ترتبط الأحماض الأمينية ببعضها البعض عن طريق روابط ببتيدية وتشكل سلاسل طويلة، وهناك 20 نوعًا مختلفًا من الأحماض الأمينية التي يمكن دمجها لصنع بروتين، ويحدد تسلسل الأحماض الأمينية البنية الفريدة ثلاثية الأبعاد لكل بروتين ووظيفته المحددة.

مستويات بنية البروتين

البنية الأولية primary structure

يُعرَّف الهيكل الأساسي للبروتين على أنه تسلسل الأحماض الأمينية لسلسلة البولي ببتيد الخاصة به، تتم قراءة الهيكل الأساسي للبروتين وكتابته من الطرف الأميني (N) إلى الطرف الكربوكسيل (C).

الهيكل الأساسي الأولي
غالبًا ما يتم تلوين البروتينات في PDB بنمط قوس قزح لتسليط الضوء على الطرف N والطرف C، على سبيل المثال، يحتوي أنجيوتنسين 1 (PDB 1N9U) على 10 أحماض أمينية فقط، وتُظهر صورة الأنجيوتنسين الأولي هذه تلوينًا قياسيًا مع الطرف N باللون الأزرق والنهاية C باللون الأحمر.

البنية الثانوية secondary structure

تتخذ مناطق معينة من البروتين نمطًا قابلًا للطي. تُعرف أنماط الطي هذه باسم حلزونات ألفا alpha-helices وصفائح بيتا beta-sheets والملفات العشوائية random coils، وهن الأكثر شيوعًا في البنية الثانوية للبروتينات.

يتم عرض حلزونات ألفا كملفات حلزونية، وأوراق بيتا عبارة عن أسهم مسطحة، والملفات العشوائية عبارة عن خطوط بسيطة.

في هذا الهيكل (PDB 1ZT5) يظهر حلزون ألفا باللون الأزرق (بالقرب من الطرف N) مع منطقتين من صفائح بيتا أكثر في منتصف السلسلة، وتم العثور على ملفات عشوائية في جميع أنحاء البروتين، وخاصة عند الطرف C، ومن المثير للاهتمام أن الملفات العشوائية ليس لها هيكل منتظم ولكنها تعتبر نوعًا من الهياكل الثانوية.

البنية الثالثية tertiary structure

هي عبارة عن تجمع للسلاسل الثانوية ألفا وبيتا مع بعضها تاركة بينها نقاط انعطاف بواسطة مجموعة من الروابط.

البنية الرباعية quaternary structure

هي تجمع لسلسلتين ببتيديتين أو أكثر لكل منهما بنية ثالثية، وتسمى كل سلسلة بوحدة جزئية Subunit.

تُظهر هذه الصورة (PDB 4NKK) هيكلًا به وحدتان فرعيتان من البروتين. غالبًا ما تعطي الصور الموجودة في PDB لكل بروتين لونًا مختلفًا بحيث تكون البروتينات المنفصلة واضحة بصريًا.

كيف تصنع الخلايا البروتين؟

المرحلتان الأساسيتان في صنع البروتين هما: النسخ والترجمة.

النسخ هو المرحلة الأولى في صنع البروتين

Transcription: في النسخ، يتم صناعة نسخة للحمض النووي تسمى mRNA، وتنقل المعلومات الوراثية من شريط DNA إلى شريط RNA. يتم النسخ في النواة بخطوتين أساسيتين. في البداية، يلتحم أنزيم RNA بولميراز مع الحمض النووي DNA. ثم يفصل شريطي حمض DNA وتنكشف القواعد النيتروجينية. عندها، يضيف أنزيم RNA بولميراز النوكليوتيدات الجديدة للقواعد المكشوفة. وبعد اكتمال عملية النسخ ينفصل الأنزيم عن شريط DNA.

تشذيب حمض RNA: يحدث داخل النواة قبل خروج mRNA، ويصبح في هذه المرحلة mRNA أولي. ويحتوي mRNA على أجزاء تسمى الإكسونات والإنترونات، حيث تترجم الإكسونات إلى بروتينات، يينما لا تترجم الإنترونات إلى بروتينات. وهنا تقوم أنزيمات بإزالة الإنترونات وتربط الإكسونات بعضها ببعض لترجمتها.

الترجمة هي المرحلة الثانية في صنع البروتين

يخرج mRNA من النواة إلى السيتوبلازما، مكونًا من تتابعات من القواعد النتروجينية تعرف باسم الشفرة الوراثية. حيث نطلق على كل 3 قواعد مصطلح كودون. يرمز كل كودون إلى حمض أميني معين خلال عملية الترجمة. وتبدأ الشفرة الوراثية بكودون البدء، وتنتهي بواحد من كودونات التوقف. ويستدعي كودون البدء الحمض الأميني ميثيونين، بينما لا تترجم كودونات التوقف لأي حمض أميني.

مراحل ترجمة البروتينات

  • مرحلة البدء: يرتبط mRNA بالوحدة الريبوزومية الصغرى عند كودون البدء، ومن ثم يحمل tRNA في أحد طرفيه الحمض الأميني. كما يحمل في الطرف الأخر رمز الكودون. يرتبط أول tRNA مع كودون البدء، وهو يحمل مقابل الكودون UAC ومن الجهة الأخرى الحمض الأميني ميثيونين، ومن ثم ترتبط الوحدة الريبوزومية الكبرى مع الصغرى. يعرف في هذه الحالة باسم الريبوزوم الفاعل. لدى هذه الريبوزوم موقعين لارتباط tRNA هما موقع P وموقع A، حيث يتمركز أول tRNA عند الموقع P، بينما يصل جزئ tRNA جديد إلى الموقع A الشاغر. ويربط أنزيم ما الحمضين الأمينيين برابطة ببتيدية.
  • مرحلة الإستطالة: يندفع tRNA الموجود في الموقع A إلى الموقع P، ثم ينفصل جزئ tRNA الموجود في الموقع P. يتلقى الموقع A tRNA جديد مضيفًا أحماض أمينية جديدة، وهكذا إلى أن تتكون سلسلة طويلة من الأحماض الأمينية، ويتشكل البروتين (عديد ببتيد).
  • مرحلة الإنتهاء: تنتهي عملية الترجمة حين يصل كودون التوقف إلى الموقع A، وكودون التوقف ليس له مقابل كودون ولا يترجم لأي حمض أميني. ويقتصر دوره على إيقاف عملية الترجمة.

أهمية البروتينات في صناعة الدواء

يتكون عشرين بالمائة من جسم الإنسان من البروتينات، وهي تعتبر اللبنات الأساسية لجميع الأمراض. مما يجعلها ضرورية لعملية اكتشاف الأدوية، إذا أنه من خلال تحديد البروتين – كهدف – نستطيع تحديد جزيء الدواء الذي سيرتبط به.

اقرأ المزيد:

المصادر:

ليز ميتنر؛ أم القنبلة الذرية

عار علينا أن نعرف الانشطار النووي دون معرفة من صك المصطلح. ليز ميتنر، العالمة العظيمة التي درست الفيزياء النووية والإشعاع النووي، وواحدة من أشهر العلماء في التاريخ. كانت جزءًا من الفريق المُكتشف للانشطار النووي Nuclear Fission، وهي من صاغت المصطلح ذاته. حصلت على جائزة نوبل في الكيمياء وسُميت بأم القنبلة الذرية.

بداياتها العلمية

وُلدت ليز ميتنر في شهر نوفمبر عام 1878 في مدينة فيينا بالنمسا، وكانت الطفلة الثالثة من بين ثمانية أطفال. بسبب القيود النمساوية التي كانت مفروضةً وقتها على تعليم النساء، لم يُسمح لميتنر أن تلتحق بالجامعة كتعليم حكومي، ولكن لحسن الحظ، استطاعت عائلتها أن توفر لها تعليمًا خاصًا انتهت منه عام 1901 لتلتحق بعده بجامعة فيينا. تأسيًا بأستاذها الفيزيائي لودويج بولتزمان، درست ميتنر الفيزياء وركزت أبحاثها على المجال النووي، وبالتحديد الإشعاع النووي، وأصبحت ثاني امرأة تحصل على درجة الدكتوراة من جامعتها عام 1905.

بعد تفوقها، سمح لها الفيزيائي العملاق ماكس بلانك من حضور محاضراته، وهذا ما لم أدهش الجميع؛ فماكس بلانك لم يسمح لأي امرأة بهذا الشرف من قبل! ليس هذا فحسب، بل أصبحت ليز ميتنر مساعدة لماكس بلانك وعملت مع أوتو هان (مكتشف انشطار اليورانيوم) واكتشفا معًا الكثير من النظائر.

ظل العالمان يعملان معًا كشريكين لمدة 30 عامًا. وخلال عملهما على الكثير من الأبحاث، كانا أول من عزل نظير عنصر البروتاكتينيوم 231. أسهم كليهما أيضًا في تفاعلات انحلال بيتا، قبل أن ينضم إليهما الكيميائي القدير “فريتز ستراسمان” ويبهر الثلاثي العالم أجمع بإسهاماتهما، وبالتحديد في كشف آفاقٍ جديدة متعلقة بتفاعلات اليورانيوم المتسلسلة. [1]

صراع من أجل العلم

في عام 1926، بدأت العالمة رحلتها الخاصة مع أبحاثها في الانشطارات النووية، وفي نفس الوقت كانت تعمل كأستاذة بدوام كامل في جامعة برلين. معظم طموحات ليز ميتنر كانت مرتبطة بأبحاثها التي لم تخرج من النطاق النظري، ولكن الآلاف تيقنوا من انتظار جائزة نوبل للعالمة الطموحة.

عندما تولى هتلر مقاليد الحكم، ثبط من أبحاث ليز ميتنر مما تسبب في إحباطها، ولكن ميتنر كانت أكثر حظًا من زملائها الألمان بسبب جنسيتها النمساوية التي حمتها مؤقتًا من تسلط المختل صاحب المئة وسبعة وثلاثين سنتيمتر، ولكن القدر كان له رأي آخر؛ تمكنت ليز من انتزاع حريتها والفرار عن طريق الحدود الهولندية عام 1938.

وصلت ليز إلى السويد وتابعت أبحاثها الدؤوبة في ستوكهولم. عملت في مختبر Manne Siegbahn وبدأت مشاريع جديدة مع العملاق نيلز بور.

ظلت ليز ميتنر تعمل في السويد حتى بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، كان هذا قبل انتقالها للولايات المتحدة الأمريكية لتعطي محاضراتها هناك. [2]

ما استحقته ليز ميتنر

على الرغم من إسهاماتها العلمية الثورية، إلا أن ليز ميتنر تعد تمثيلًا جليًا للعلماء المهضوم حقهم في التاريخ. احتج الكثيرون على عدم حصولها على جائزة نوبل، ولكن يجب ألا ننسى أن أوتو هان لم يكن ليحصل عليها لولا إسهامات ميتنر.

في 1966 حصل الثلاثي، ليز ميتنر، وأتو هان، وفريتز ستراسمان على جائزة إنريكو فيرمي؛ والتي يتم منحها للعلماء الدوليين تكريمًا لهم ولإسهاماتهم في تطوير أو استخدام أو إنتاج الطاقة.

وبسبب قوة إسهاماتها في المجال النووي عمومًا، والإشعاع خصوصًا، يعتبر الجميع عالمتنا الجليلة لهذا اليوم “أكثر عالمة تأثيرًا في القرن العشرين.” لم نكن لنصل إلى هنا في الفيزياء النووية لولاها. الجدير بالذكر أيضًا أن أحد أثقل العناصر في الجدول الدوري، وهو عنصر الماتنريوم 109 سُمي كذلك تيمنًا بليز متنر. [3]

المصادر:

1- Live Science
2- Atomic Heritage foundation
3- Oxford

Exit mobile version