ما هو البروتين وكيف يتم تصنيعه؟

إذا كنت ترغب في تطوير دواء ما لمرض معين، فأنت بحاجة إلى هدف يعمل عليه هذا الدواء، ولنفترض على سبيل المثال أن هدفنا هو بروتين، يتعين عليك بعد أن حددت الهدف الدوائي ألا وهو البروتين أن تكون على دراية بماهية هذا البروتين. ما هو البروتين وكيف يتم تصنيعه؟ وما هي بنيته؟ هل هي أولية أو ثانوية أو ثالثية؟ ومن ثم، كيف نحدد شكل هذا البروتين والذي من خلاله سنحدد شكل جزيء الدواء؟ في هذا المقال – الجزء الثالث من سلسلة اكتشاف الأدوية – سنجيب عن هذه التساؤلات.

مستودع البروتينات وموقع PDB:

قبل البدء في طرح أي معلومة، سأوضح أهمية هذا الموقع، يعد PDB مستودعًا لهياكل البروتين، ومعظمها هياكل الأشعة السينية. كل بروتين له رمز من أربعة أحرف. نرى في هذا الموقع عرضًا يبين الشكل العام للبروتين، ويخبرنا بالضبط عن الأحماض الأمينية الموجودة في ذلك البروتين. هذا النوع من المعلومات الهيكلية له قيمة كبيرة في إيجاد الجزيئات التي ستؤثر على البروتين المستهدف. وهنا مثال يوضح عملية البحث في الموقع.

البحث على موقع PDB

تعمدت ذكر هذه المعلومة في البداية لتوضيح الأمثلة المطروحة في المقال.

ما هو البروتين؟

البروتينات هي جزيئات كبيرة ومعقدة تلعب العديد من الأدوار الحاسمة في الجسم، وتقوم بمعظم عملها في الخلايا. البروتينات ضرورية لبنية ووظيفة وتنظيم أنسجة وأعضاء الجسم.

أهمية البروتين في الجسم؟

يعتمد جسم الكائن الحي على الكثير من البروتينات، إذ تتكون منها:

  • أجسام مضادة-antibody: ترتبط الأجسام المضادة بجزيئات غريبة معينة، مثل الفيروسات والبكتيريا، للمساعدة في حماية الجسم.
  • إنزيم-enzyme: تُجري الإنزيمات آلاف التفاعلات الكيميائية التي تحدث في الخلايا، وتساعد في تكوين جزيئات جديدة من خلال قراءة المعلومات الجينية المخزنة في الحمض النووي.
  • رنا رسول-messenger: تحتاج البروتينات إلى ناقلات متخصصة، مثل بعض أنواع الهرمونات، والهرمونات هي إشارات لتنسيق العمليات البيولوجية بين الخلايا والأنسجة والأعضاء المختلفة.
  • توفر بعض البروتينات البنية والدعم للخلايا.
  • النقل-transport/التخزين-storage: ترتبط هذه البروتينات وتحمل الذرات والجزيئات الصغيرة داخل الخلايا وفي جميع أنحاء الجسم.

مما يتكون البروتين؟

تتكون البروتينات من سلاسل طويلة من الأحماض الأمينية. وتعرف الأحماض الأمينية على أنها جزيئات عضوية صغيرة تتكون من ذرة كربون ألفا (مركزية) مرتبطة بمجموعة أمينية، ومجموعة كربوكسيل، وذرة هيدروجين، ومكون متغير يسمى سلسلة جانبية.

ترتبط الأحماض الأمينية ببعضها البعض عن طريق روابط ببتيدية وتشكل سلاسل طويلة، وهناك 20 نوعًا مختلفًا من الأحماض الأمينية التي يمكن دمجها لصنع بروتين، ويحدد تسلسل الأحماض الأمينية البنية الفريدة ثلاثية الأبعاد لكل بروتين ووظيفته المحددة.

مستويات بنية البروتين

البنية الأولية primary structure

يُعرَّف الهيكل الأساسي للبروتين على أنه تسلسل الأحماض الأمينية لسلسلة البولي ببتيد الخاصة به، تتم قراءة الهيكل الأساسي للبروتين وكتابته من الطرف الأميني (N) إلى الطرف الكربوكسيل (C).

الهيكل الأساسي الأولي
غالبًا ما يتم تلوين البروتينات في PDB بنمط قوس قزح لتسليط الضوء على الطرف N والطرف C، على سبيل المثال، يحتوي أنجيوتنسين 1 (PDB 1N9U) على 10 أحماض أمينية فقط، وتُظهر صورة الأنجيوتنسين الأولي هذه تلوينًا قياسيًا مع الطرف N باللون الأزرق والنهاية C باللون الأحمر.

البنية الثانوية secondary structure

تتخذ مناطق معينة من البروتين نمطًا قابلًا للطي. تُعرف أنماط الطي هذه باسم حلزونات ألفا alpha-helices وصفائح بيتا beta-sheets والملفات العشوائية random coils، وهن الأكثر شيوعًا في البنية الثانوية للبروتينات.

يتم عرض حلزونات ألفا كملفات حلزونية، وأوراق بيتا عبارة عن أسهم مسطحة، والملفات العشوائية عبارة عن خطوط بسيطة.

في هذا الهيكل (PDB 1ZT5) يظهر حلزون ألفا باللون الأزرق (بالقرب من الطرف N) مع منطقتين من صفائح بيتا أكثر في منتصف السلسلة، وتم العثور على ملفات عشوائية في جميع أنحاء البروتين، وخاصة عند الطرف C، ومن المثير للاهتمام أن الملفات العشوائية ليس لها هيكل منتظم ولكنها تعتبر نوعًا من الهياكل الثانوية.

البنية الثالثية tertiary structure

هي عبارة عن تجمع للسلاسل الثانوية ألفا وبيتا مع بعضها تاركة بينها نقاط انعطاف بواسطة مجموعة من الروابط.

البنية الرباعية quaternary structure

هي تجمع لسلسلتين ببتيديتين أو أكثر لكل منهما بنية ثالثية، وتسمى كل سلسلة بوحدة جزئية Subunit.

تُظهر هذه الصورة (PDB 4NKK) هيكلًا به وحدتان فرعيتان من البروتين. غالبًا ما تعطي الصور الموجودة في PDB لكل بروتين لونًا مختلفًا بحيث تكون البروتينات المنفصلة واضحة بصريًا.

كيف تصنع الخلايا البروتين؟

المرحلتان الأساسيتان في صنع البروتين هما: النسخ والترجمة.

النسخ هو المرحلة الأولى في صنع البروتين

Transcription: في النسخ، يتم صناعة نسخة للحمض النووي تسمى mRNA، وتنقل المعلومات الوراثية من شريط DNA إلى شريط RNA. يتم النسخ في النواة بخطوتين أساسيتين. في البداية، يلتحم أنزيم RNA بولميراز مع الحمض النووي DNA. ثم يفصل شريطي حمض DNA وتنكشف القواعد النيتروجينية. عندها، يضيف أنزيم RNA بولميراز النوكليوتيدات الجديدة للقواعد المكشوفة. وبعد اكتمال عملية النسخ ينفصل الأنزيم عن شريط DNA.

تشذيب حمض RNA: يحدث داخل النواة قبل خروج mRNA، ويصبح في هذه المرحلة mRNA أولي. ويحتوي mRNA على أجزاء تسمى الإكسونات والإنترونات، حيث تترجم الإكسونات إلى بروتينات، يينما لا تترجم الإنترونات إلى بروتينات. وهنا تقوم أنزيمات بإزالة الإنترونات وتربط الإكسونات بعضها ببعض لترجمتها.

الترجمة هي المرحلة الثانية في صنع البروتين

يخرج mRNA من النواة إلى السيتوبلازما، مكونًا من تتابعات من القواعد النتروجينية تعرف باسم الشفرة الوراثية. حيث نطلق على كل 3 قواعد مصطلح كودون. يرمز كل كودون إلى حمض أميني معين خلال عملية الترجمة. وتبدأ الشفرة الوراثية بكودون البدء، وتنتهي بواحد من كودونات التوقف. ويستدعي كودون البدء الحمض الأميني ميثيونين، بينما لا تترجم كودونات التوقف لأي حمض أميني.

مراحل ترجمة البروتينات

  • مرحلة البدء: يرتبط mRNA بالوحدة الريبوزومية الصغرى عند كودون البدء، ومن ثم يحمل tRNA في أحد طرفيه الحمض الأميني. كما يحمل في الطرف الأخر رمز الكودون. يرتبط أول tRNA مع كودون البدء، وهو يحمل مقابل الكودون UAC ومن الجهة الأخرى الحمض الأميني ميثيونين، ومن ثم ترتبط الوحدة الريبوزومية الكبرى مع الصغرى. يعرف في هذه الحالة باسم الريبوزوم الفاعل. لدى هذه الريبوزوم موقعين لارتباط tRNA هما موقع P وموقع A، حيث يتمركز أول tRNA عند الموقع P، بينما يصل جزئ tRNA جديد إلى الموقع A الشاغر. ويربط أنزيم ما الحمضين الأمينيين برابطة ببتيدية.
  • مرحلة الإستطالة: يندفع tRNA الموجود في الموقع A إلى الموقع P، ثم ينفصل جزئ tRNA الموجود في الموقع P. يتلقى الموقع A tRNA جديد مضيفًا أحماض أمينية جديدة، وهكذا إلى أن تتكون سلسلة طويلة من الأحماض الأمينية، ويتشكل البروتين (عديد ببتيد).
  • مرحلة الإنتهاء: تنتهي عملية الترجمة حين يصل كودون التوقف إلى الموقع A، وكودون التوقف ليس له مقابل كودون ولا يترجم لأي حمض أميني. ويقتصر دوره على إيقاف عملية الترجمة.

أهمية البروتينات في صناعة الدواء

يتكون عشرين بالمائة من جسم الإنسان من البروتينات، وهي تعتبر اللبنات الأساسية لجميع الأمراض. مما يجعلها ضرورية لعملية اكتشاف الأدوية، إذا أنه من خلال تحديد البروتين – كهدف – نستطيع تحديد جزيء الدواء الذي سيرتبط به.

اقرأ المزيد:

المصادر:

ما هو الكولاجين وما هي أهم استخداماته؟

ما هو الكولاجين وما هي أهم استخداماته؟

يُعتبر الكولاجين البروتين الأكثر وفرة في جسم الإنسان، ويوجد في العظام والعضلات والجلد والأوتار، منه طبيعي؛ يصنعه الجسم، ومنه اصطناعي؛ يأتي من مصدر خارجي عن طريق المكملات الغذائية، وهذا الأخير يُستخدم للأغراض الطبية والتجميلية.

تعاني النساء من انخفاض كبير في تخليق الكولاجين بعد انقطاع الطمث، وبحلول سن 60 عامًا، يكون الانخفاض الكبير في إنتاج الكولاجين أمرًا طبيعيًا، للمزيد من التفاصيل عن بروتين الكولاجين وأهم استخداماته والعوامل التي تقلل من إنتاجه تابع قراءة المقال التالي.

ما هو الكولاجين؟

هو بروتين صلب وغير قابل للذوبان وليفي يشكل ثلث البروتين في جسم الإنسان، في معظم الكولاجين يتم تجميع الجزيئات معًا لتشكيل ألياف طويلة رفيعة، تعمل هذه الهياكل الداعمة وخلايا الربط مع بعضها البعض بحيث تمنح الجلد القوة والمرونة.
يُصنع الكولاجين في جميع أنحاء الجسم، ولكن بشكل خاص في الجلد والعظام والأنسجة الضامة، وهناك بعض أنواع ألياف الكولاجين أقوى من الفولاذ.
يوجد ما لا يقل عن 16 نوعًا مختلفًا للكولاجين، لكن 80 إلى 90 في المائة منها تنتمي إلى الأنواع 1 و 2 و 3و 4، وهذه الأنواع المختلفة لها هياكل ووظائف مختلفة.

  • النوع الأول: يمثل هذا النوع 90٪ من كولاجين الجسم وهو مصنوع من ألياف كثيفة، ويوفر هذا النوع بنية للجلد والعظام والأوتار والغضاريف الليفية والنسيج الضام والأسنان.
  • النوع الثاني: يتكون هذا النوع من ألياف غير محكمة الترابط ويوجد في الغضروف المرن الذي يعمل على تبطين مفاصلك.
  • النوع الثالث: يدعم هذا النوع بنية العضلات والأعضاء والشرايين.
  • النوع الرابع: يساعد هذا النوع في الترشيح ويوجد في طبقات بشرتك.

أهم أربعة عناصر غذائية تساعد على إنتاج الكولاجين:

يصنع جسمك البروكولاجين من خلال الجمع بين اثنين من الأحماض الأمينية وهما الجلايسين والبرولين، بالإضافة لوجود فيتامين سي والنحاس.
قد تتمكن من مساعدة جسمك على إنتاج هذا البروتين المهم عن طريق التأكد من حصولك على الكثير من العناصر الغذائية التالية:
فيتامين سي توجد كميات كبيرة منه في الحمضيات والفلفل والفراولة، أما البرولين فيتواجد في بياض البيض والقمح ومنتجات الألبان والملفوف والفطر، أما بالنسبة للجليسين فهو موجود بكثرة في الأطعمة المحتوية على البروتينات كاللحوم والمأكولات البحرية، وأخيرًا النحاس متوفر في اللحوم العضوية وبذور السمسم ومسحوق الكاكاو والكاجو والعدس.

أهم استخدمات الكولاجين:

هناك دراسات واعدة بفوائد الكولاجين في المجالات التالية:

  • كتلة العضلات: أظهرت دراسة أجريت عام 2019 على الرجال النشطين أن مزيجًا من مكملات الكولاجين وتدريب القوة يزيد من كتلة العضلات وقوتها أكثر من العلاج الوهمي.
  • التهاب المفاصل: بحثت دراسة أجريت على الحيوانات عام 2017 في آثار إعطاء مكملات الكولاجين للفئران المصابة بهشاشة العظام بعد الصدمة (PTOA)، أشارت النتائج إلى أن المكملات قد تلعب دورًا وقائيًا في تطور المرض.
  • مرونة الجلد: أظهرت النساء اللواتي تناولن مكملًا غذائيًا تحسنًا في مظهر البشرة ومرونتها في دراسة أجريت عام 2019.
  • يستخدم الكولاجين أيضًا في العلاجات الموضعية لتحسين مظهر الجلد عن طريق تقليل الخطوط والتجاعيد، كما يدعو بعض ممارسي الطب البديل أيضًا إلى استخدام مكملات الكولاجين لعلاج متلازمة الأمعاء المتسربة.
  • التئام الجروح: يمكن أن يساعد الكولاجين في التئام الجروح عن طريق جذب خلايا الجلد الجديدة إلى موقع الجرح، مما يعزز الشفاء ويوفر ركازة لنمو الأنسجة الجديدة.
  • علاج اللثة وزرع الأسنان: استخدم الكولاجين لتعزيز نمو أنواع معينة من الخلايا، في جراحة الفم، يمكن لحواجز الكولاجين أن تمنع الخلايا سريعة النمو حول اللثة من الانتقال إلى جرح في السن، مما تتيح لخلايا الأسنان فرصة التجدد.
  • الأطراف الصناعية الوعائية: تم استخدام ترقيع أنسجة الكولاجين من المتبرعين في تجديد الأعصاب الطرفية، وفي الأطراف الاصطناعية للأوعية الدموية، وفي إعادة بناء الشرايين، بينما تتوافق الأطراف الاصطناعية من الكولاجين مع جسم الإنسان، فقد وجد أن بعضها قد يسبب تخثر الدم.

بعض السلوكيات التي تقلل من إنتاج الكولاجين:

يمكن لبعض العوامل أن تستنفد مستويات الكولاجين في الجسم، وتجنبها يمكن أن يحافظ على صحة الجلد لفترة أطول، من أهمها:

  • الإكثار من تناول الكربوهيدرات حيث تتداخل مع قدرة الكولاجين على إصلاح نفسه.
  • التعرض لأشعة الشمس: تتسبب الأشعة فوق البنفسجية في ضوء الشمس في تحلل الكولاجين بسرعة أكبر، مما يؤدي إلى إتلاف ألياف الكولاجين وتسبب تراكم الإيلاستين غير الطبيعي، تتلف الأشعة فوق البنفسجية الكولاجين الموجود في الأدمة، ويعيد الجلد البناء بشكل غير صحيح، مكونًا التجاعيد.
  • العديد من المواد الكيميائية الموجودة في دخان التبغ تلحق الضرر بكل من الكولاجين والإيلاستين في الجلد، ويضيق النيكوتين أيضًا الأوعية الدموية في الطبقات الخارجية من الجلد، مما يحد من إيصال المغذيات والأكسجين إليه.
  • يتناقص إنتاج الكولاجين مع تقدم العمر وممارسة مثل هذه السلوكيات، واحدة من العلامات الظاهرة على ذلك هي أن الجلد يصبح أقل صلابة وليونة وأقل قدرة على التئام الجروح فتظهر التجاعيد. كما يضعف الغضروف، ويمكن أن تظهر بعض اضطرابات المناعة الذاتية، مثل الذئبة، حيث تهاجم الأجسام المضادة الكولاجين.

أخيرًا:

تؤدي عملية الشيخوخة إلى استنفاد مستويات الكولاجين بشكل طبيعي بمرور الوقت، ويمكنك مساعدة جسمك على الحفاظ على الكولاجين وحمايته عن طريق تجنب السلوكيات التي تضر به، إذ يمكن أن يساعد تجنب التبغ والتعرض الزائد للشمس واتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة في تقليل الشيخوخة الواضحة وحماية الكولاجين والحفاظ على صحة الجلد والعظام والعضلات والمفاصل لفترة أطول.

المصادر:

Exit mobile version