ليز ميتنر؛ أم القنبلة الذرية

عار علينا أن نعرف الانشطار النووي دون معرفة من صك المصطلح. ليز ميتنر، العالمة العظيمة التي درست الفيزياء النووية والإشعاع النووي، وواحدة من أشهر العلماء في التاريخ. كانت جزءًا من الفريق المُكتشف للانشطار النووي Nuclear Fission، وهي من صاغت المصطلح ذاته. حصلت على جائزة نوبل في الكيمياء وسُميت بأم القنبلة الذرية.

بداياتها العلمية

وُلدت ليز ميتنر في شهر نوفمبر عام 1878 في مدينة فيينا بالنمسا، وكانت الطفلة الثالثة من بين ثمانية أطفال. بسبب القيود النمساوية التي كانت مفروضةً وقتها على تعليم النساء، لم يُسمح لميتنر أن تلتحق بالجامعة كتعليم حكومي، ولكن لحسن الحظ، استطاعت عائلتها أن توفر لها تعليمًا خاصًا انتهت منه عام 1901 لتلتحق بعده بجامعة فيينا. تأسيًا بأستاذها الفيزيائي لودويج بولتزمان، درست ميتنر الفيزياء وركزت أبحاثها على المجال النووي، وبالتحديد الإشعاع النووي، وأصبحت ثاني امرأة تحصل على درجة الدكتوراة من جامعتها عام 1905.

بعد تفوقها، سمح لها الفيزيائي العملاق ماكس بلانك من حضور محاضراته، وهذا ما لم أدهش الجميع؛ فماكس بلانك لم يسمح لأي امرأة بهذا الشرف من قبل! ليس هذا فحسب، بل أصبحت ليز ميتنر مساعدة لماكس بلانك وعملت مع أوتو هان (مكتشف انشطار اليورانيوم) واكتشفا معًا الكثير من النظائر.

ظل العالمان يعملان معًا كشريكين لمدة 30 عامًا. وخلال عملهما على الكثير من الأبحاث، كانا أول من عزل نظير عنصر البروتاكتينيوم 231. أسهم كليهما أيضًا في تفاعلات انحلال بيتا، قبل أن ينضم إليهما الكيميائي القدير “فريتز ستراسمان” ويبهر الثلاثي العالم أجمع بإسهاماتهما، وبالتحديد في كشف آفاقٍ جديدة متعلقة بتفاعلات اليورانيوم المتسلسلة. [1]

صراع من أجل العلم

في عام 1926، بدأت العالمة رحلتها الخاصة مع أبحاثها في الانشطارات النووية، وفي نفس الوقت كانت تعمل كأستاذة بدوام كامل في جامعة برلين. معظم طموحات ليز ميتنر كانت مرتبطة بأبحاثها التي لم تخرج من النطاق النظري، ولكن الآلاف تيقنوا من انتظار جائزة نوبل للعالمة الطموحة.

عندما تولى هتلر مقاليد الحكم، ثبط من أبحاث ليز ميتنر مما تسبب في إحباطها، ولكن ميتنر كانت أكثر حظًا من زملائها الألمان بسبب جنسيتها النمساوية التي حمتها مؤقتًا من تسلط المختل صاحب المئة وسبعة وثلاثين سنتيمتر، ولكن القدر كان له رأي آخر؛ تمكنت ليز من انتزاع حريتها والفرار عن طريق الحدود الهولندية عام 1938.

وصلت ليز إلى السويد وتابعت أبحاثها الدؤوبة في ستوكهولم. عملت في مختبر Manne Siegbahn وبدأت مشاريع جديدة مع العملاق نيلز بور.

ظلت ليز ميتنر تعمل في السويد حتى بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، كان هذا قبل انتقالها للولايات المتحدة الأمريكية لتعطي محاضراتها هناك. [2]

ما استحقته ليز ميتنر

على الرغم من إسهاماتها العلمية الثورية، إلا أن ليز ميتنر تعد تمثيلًا جليًا للعلماء المهضوم حقهم في التاريخ. احتج الكثيرون على عدم حصولها على جائزة نوبل، ولكن يجب ألا ننسى أن أوتو هان لم يكن ليحصل عليها لولا إسهامات ميتنر.

في 1966 حصل الثلاثي، ليز ميتنر، وأتو هان، وفريتز ستراسمان على جائزة إنريكو فيرمي؛ والتي يتم منحها للعلماء الدوليين تكريمًا لهم ولإسهاماتهم في تطوير أو استخدام أو إنتاج الطاقة.

وبسبب قوة إسهاماتها في المجال النووي عمومًا، والإشعاع خصوصًا، يعتبر الجميع عالمتنا الجليلة لهذا اليوم “أكثر عالمة تأثيرًا في القرن العشرين.” لم نكن لنصل إلى هنا في الفيزياء النووية لولاها. الجدير بالذكر أيضًا أن أحد أثقل العناصر في الجدول الدوري، وهو عنصر الماتنريوم 109 سُمي كذلك تيمنًا بليز متنر. [3]

المصادر:

1- Live Science
2- Atomic Heritage foundation
3- Oxford

7 محطات مهمة عن تاريخ القنبلة النووية

7 محطات مهمة عن تاريخ القنبلة النووية

تعتبر الأسلحة النووية أكثر الاختراعات البشرية فتكًا في التاريخ، وأخطرها على الإطلاق. فبالرغم من استخدامها مرتين فقط من قبل الولايات المتحدة إلا أنها تسببت في مقتل ما يزيد عن 150 ألف شخص. ناهيك عن العواقب الناتجة من الإشعاعات الصادرة. وفي هذا المقال سنستعرض الفكرة العامة للقنابل الذرية بالإضافة إلى أهم الأحداث المؤثرة في المسار النووي.

عناصر البلوتونيوم والراديوم

منذ اكتشاف النشاط الإشعاعي لليورانيوم عام 1896 على يد عالم الفيزياء الفرنسي (هنري بيكريل)، والعلماء في سباق للاستفادة من هذا الاكتشاف. وكان أبرز هؤلاء العلماء (ماري كوري) وزوجها (بيار كوري). وكانا من رواد هذا المجال وساهما بأبحاثهما في اكتشاف أحد أهم العناصر في المجال النووي وهما البلوتونيوم والراديوم عام 1898 وبفضل هذا الاكتشاف حازا على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1903 بالمشاركة مع (هنري بيكريل). (1)

معادلة آينشتاين

في عام 1905 وبالتحديد في 27 سبتمبر، أعطانا (آينشتاين) أشهر معادلة في تاريخ الفيزياء E=mc2 إن لم تكن في التاريخ. المعادلة ببساطة تقول بأن الطاقة والكتلة ليستا مستقلتين عن بعضها. بل في الواقع يمكن تحويل أحدهما للآخر مما فتح الباب على مصرعيه للتفكير في الكتلة والطاقة بطريقة مختلفة، فأخذ العلماء يفكرون في كمية الطاقة الهائلة التي يمكننا الحصول عليها فقط بانشطار نووي لأحد الذرات المشعة مثل اليورانيوم والبلوتونيوم والراديوم (المذكورين بالأعلى). (1).

ومع تقدم العلم، وثبنا بعيدًا في المجال النووي حيث قام العالم الإنجليزي (جيمس تشاوديك) باكتشاف النيوترون عام 1932. النيوترون هو أحد مكونات النواة وهو الذي يلعب الدور الرئيسي في انشطار النواة (فكرة العمل) فتنتج كمية الطاقة الهائلة المعروفة عن القنابل الذرية. ثم بعد هذا الاكتشاف ظهر العالم الإيطالي (انريكو فيرمي) ليكتشف ان النيوترونات المقذوفة ببطء تُستقبل من النواة أفضل من السريعة. ليأتي بعدها الاكتشاف الذي غير المسار النووي وهو اكتشاف الانشطار النووي بفضل ثلاث علماء وهم (ليز ميتنر)، و(أوتو هان)، و(فريتز ستراسمان)(2). ومن ثم اكتشاف تفاعل السلسلة النووية علي يد العالم النمساوي (أوتو روبرت فريش) وفي هذا التفاعل يتم قذف النواة بنيوترون ليتم شطرها إلى نواتين كل منهما يتم قذفه مجددًا لينشطر وهكذا ومع كل انشطار تخرج كمية هائلة من الطاقة. (1)

الانشطار النووي لذرات اليورانيوم 235. Credits: https://energyeducation.ca/encyclopedia/Nuclear_chain_reaction

مشروع مانهاتن

كان هذا المشروع نتاج مجهود الولايات المتحدة في تطوير القنابل الذرية. السبب الرئيسي وراءه كان خوف الولايات المتحدة من أن تسبقهم ألمانيا في سباق التسليح النووي حيث إنه كان من المعرف أن ألمانيا تعمل على مشروعها النووي الخاص من ثلاثينيات القرن الماضي. (3)

بعد اكتشاف الانشطار النووي، أرادت الولايات المتحدة أن تنظم مشروع لتختبر فيه القنبلة الذرية فقام عالم الفيزياء الأمريكي (جورج بيغرام) بتنسيق لقاء بين (انريكو فيرمي) والبحرية الأمريكية في مارس 1939 وكان هذا بداية المشروع ثم بعدها في صيف 1939. قام آينشتاين بالانضمام إلى المشروع آخذًا بنصيحة زميله (ليو سيزلرد) وقام بكتابة خطاب لرئيس الولايات المتحدة آنذاك (فرانكلين دي روزفلت) يحذره فيه من الألمان ومن عملهم على القنبلة الذرية. فقام الرئيس (روزفلت) بالأخذ بنصيحة آينشتاين ومول أبحاث للمشروع بقيمة 6 آلاف دولار أمريكي. (3)

أبو القنبلة الذرية

وفي عام 1945 تولى (روبرت أوبنهايمر)، والذي يلقب بأبو القنبلة الذرية، الإشراف على المشروع وكانت معظم الاختبارات تقام في مدينة لوس آلاموس في ولاية نيو ميكسيكو وفي يوم 16 يوليو 1945. نجح المشروع بإطلاق اول قنبلة ذرية على مدينة ألاموغوردو بعد أن تم إخلائها من السكان. فيما عرف باختبار ترينتي وأدت القنبلة إلى انفجار هائل مسببًا سحابة ترابية وصل ارتفاعها إلى 40 ألف قدم. وبذلك أصبحت الولايات المتحدة رائدة هذا المجال وعلى أتم الاستعداد لقصف هيروشيما ونجازاكي. (4)

هيروشيما ونجازاكي

وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية طلبت دول الحلفاء من اليابان أن تستسلم قبل يوم 28 يوليو، ولكن اليابان لم ترد وانتهى الموعد فكان هذا أكبر خطأ فعلته اليابان. وبهذا الخطأ قامت الولايات المتحدة في اليوم السادس من أغسطس عام 1945 في تمام الساعة الثامنة و15 دقيقة بتوقيت اليابان بإرسال طائرة (Enola Gay) إلى اليابان. لتلقي أول قنبلة نووية في التاريخ بهدف إبادة هيروشيما وكان اسم هذه القنبلة “Little boy” بسبب حجمها الصغير نوعًا ما ولكن لا تجعل الحجم يخدعك، فهذه القنبلة تسببت بمقتل 80 ألف شخص واحتوت على 12 ألف – 15 ألف طن TNT وابادت 13 كيلومتر مربع. (5)

لم تكتف الولايات المتحدة بهذه القنبلة فقط بل قامت بإسقاط القنبلة الثانية “”Fat Man على نجازاكي. أدى هذا إلى مقتل 40 ألف شخص. نجازاكي لم تكن الهدف بل كانت Kokura وهي المدينة التي كانت تحتوي على أكبر مخازن الذخيرة في اليابان وبسبب الدخان الناتج. أدى ذلك إلى انحراف مسار الطائرة إلى الهدف الثاني، ناجازاكي. (4)

خطاب أينشتاين

ولن أجد أفضل من خطاب آينشتاين لأختم به هذا المقال. فبعد حدوث فاجعة هيروشيما ونجازاكي ألقى آينشتاين الخطاب التالي، ” لقد حان الوقت، يجب أن نتخلى عن الحرب. لم يعد من المنطقي حل المشاكل الدولية باللجوء إلى الحروب. وبعد أن رأينا ما فعلته القنابل الذرية وقدرتها على محو مدن كاملة مثل هيروشيما ونجازاكي. يجب علينا أن نحكم المنطق لكي نحل الصراعات بين الدول”.

المصادر
(1) researchgate
(2) aps
(3) britannica
(4) history
(5).bbc

Exit mobile version