مراحل البلوغ وأثر صورة الجسد عند المراهقين

تمثل مراحل البلوغ تغير فسيولوجي كبير، وبالتالي ليس غريبًا أن يكون لعملية النضج هذه تأثير عميق على الأداء النفسي للشباب. واحدة من أكثر التغييرات حدة التي تحدث في سن البلوغ تتضمن صورة الجسد، والتي تشير إلى التصورات المعرفية والعاطفية للمرء عن جسمه. تعتبر التغييرات في صورة الجسد لافتة للنظر بشكل خاص لأنها تنطوي على اختلافات ملحوظة بين الجنسين.

عدم الرضا عن الجسم هو الجانب الأكثر دراسة من اضطرابات صورة الجسم، والتي تصيب عدد كبير. ويبدو أن لعدم الرضا عن الجسد عواقب سلبية تتمثل في اضطرابات الأكل، والقلق، والاكتئاب، وتدني احترام الذات، والإقبال على الجراحة التجميلية غير الضرورية. فعلى سبيل المثال وجدت دراسة استقصائية أجرتها حركة be real على مراهقين في المملكة المتحدة أن أكثر من نصف العينة (52٪) غالبًا ما يقلقون بشأن مظهرهم. وفي استطلاع آخر على الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و 19 عامًا، وجد أن حوالي 35٪ صورتهم الجسدية تسبب لهم القلق “كثيرًا” أو “دائمًا”. لذا، قبل أن نتحدث عن تأثير تغيرات فترة البلوغ على صورة الجسد، دعونا أولًا نفهم فسيولوجيا البلوغ.

فسيولوجيا فترة البلوغ

يمر الجسم بالعديد من التغييرات الداخلية والخارجية خلال البلوغ. والبلوغ هو الوقت الذي يصل فيه الأشخاص إلى طولهم البالغ، ويطورون فيه خصائص جنسية ليصبحوا قادرين على التكاثر. وتحدث التغيرات الجسدية والنفسية للبلوغ ببطء بمرور الوقت. وتبدأ عادة بين سن 8-13 في الإناث و9-14 عند الذكور. ويستمر البلوغ طوال سنوات المراهقة.

ماذا يحدث خلال فترة البلوغ؟

يبدأ البلوغ عندما ترسل منطقة في الدماغ تسمى منطقة ما تحت المهاد إشارات لبقية الجسم بأن الوقت قد حان لتطوير خصائص البالغين. يرسل الدماغ هذه الإشارات من خلال الهرمونات، التي تجعل الأعضاء التناسلية (المبايض عند الإناث والخصيتين عند الذكور) تنتج مجموعة من الهرمونات الأخرى.

تسبب هذه الهرمونات نموًا وتغيرات في أجزاء مختلفة من الجسم بما في ذلك الأعضاء التناسلية الخارجية، وأنسجة الثدي، والجلد، والعظام، والدماغ. حيث يصبح الجلد دهنيًا وينتج الجسم المزيد من العرق، ويجعل كثير من الناس يصابون بشكل من أشكال حب الشباب.

تؤثر التغيرات في الهرمونات أيضًا على عواطف وأفكار الشخص. عادة ما يكون للبلوغ آثار نفسية مثل الزيادة والتغيير في المشاعر بشكل متكرر، وبدء الانجذاب الجنسي والرومانسي للآخرين، ويبدأ العديد من الأشخاص في استكشاف حياتهم الجنسية.

مراحل البلوغ في الذكور

تحدد أداة تسمى مراحل تانر مراحل البلوغ للذكور والوقت المحتمل لحدوثها. بالنسبة للآباء يمكن أن تكون هذه المراحل بمثابة دليل ممتاز للتغييرات التي تتوقع أن تراها في ابنك. فهناك خمس مراحل من البلوغ للبنين.

  1. المرحلة الأولى هي مرحلة ما قبل البلوغ. في هذه المرحلة لا يشهد الأولاد أي تغييرات ملحوظة.
  2. المرحلة الثانية تبدأ التغييرات الجسدية تحدث في هذه المرحلة، والتي تكون بين سن 9 و 14 عامًا. يبدأ الأولاد عادةً في تجربة نمو الأعضاء التناسلية (نمو الخصيتين وكيس الصفن)، ونمو الشعر المتناثر حول القضيب وتحت الذراعين، وزيادة في الطول مما قد يؤدي إلى آلام النمو.
  3. في المرحلة الثالثة تسرع التغييرات الجسدية بين سن 10 و16 سنة ويستمر نمو القضيب والخصيتين. وكذلك يختبر الذكور “الأحلام الرطبة-wet dreams”، والتي تعني القذف ليلاً أثناء النوم. ويستمر شعر العانة في النمو ويكون داكن خشن على شكل مثلث في منطقة الأعضاء التناسلية. وتستمر الزيادة في الطول، والمزيد من التعرق الذي يمكن أن يسبب رائحة في الجسم، والتغييرات الصوتية، وزيادة كتلة العضلات. وقد يحدث نمو للثدي، أو ما يعرف بالتثدي عند حوالي 50٪ من المراهقين، ولكنه يزول عادةً بنهاية سن البلوغ. إذا أصبحت هذه مشكلة جسدية أو اجتماعية يجب عليك التحدث مع مقدم الرعاية الصحية لطفلك.
  4. في المرحلة الرابعة تكون مرحلة البلوغ قد اكتملت، ولكن لا زال الأولاد يختبرون زيادة في نمو حجم القضيب وتغميق لون الجلد في كيس الصفن والخصيتين. وتبدأ النتوءات الحمراء على الخصيتين في النمو، ونمو شعر الجسم الذي يصل إلى مستويات البالغين. كما يبقى شعر العانة في شكل مثلث خشن، وقد يستمر تطور حب الشباب، ويستمر الصوت في التغير.
  5. المرحلة الخامسة هي المرحلة النهائية، حيث ينتهي سن البلوغ في هذه المرحلة. الأولاد يكملون نموهم وتطورهم البدني. وقد لا يطور الكثير منهم شعر الوجه حتى هذه الخطوة. كما قد يمتد شعر العانة إلى الفخذين، وقد يكون لدى بعض الأولاد خط من الشعر يصل إلى البطن. ينتهي معظم الأولاد من النمو في سن 17 عامًا، ولكن قد يستمر بعضهم في النمو خلال أوائل العشرينات من العمر.

مراحل البلوغ في الإناث

توضح مراحل تانر أيضًا مراحل البلوغ للفتيات والوقت المحتمل لحدوثها. وهناك خمس مراحل من سن البلوغ للفتيات كذلك.

المرحلة الأولى هي مرحلة ما قبل البلوغ. في هذه المرحلة لا تشهد الفتيات أي تغييرات ملحوظة.

في المرحلة الثانية تبدأ التغييرات الجسدية تحدث، وتكون بين سن 8 و13 عامًا. وعادة ما تواجه الفتيات تبرعم الثدي، وتضخم الهالات (المنطقة المصطبغة حول الحلمة)، ويظهر شعر العانة النقطي، ويزداد الطول.

في المرحلة الثالثة تسرع التغييرات الجسدية، وتكون بين سن 9 و 14 سنة. إذ يستمر نمو الثدي، ويبدأ شعر تحت الإبط في النمو، ويستمر شعر العانة في النمو حيث يزداد خشونة وتجعد على شكل مثلث. وتحدث طفرة في النمو، وتصبح بشرة الفتاة أكثر دهنية، وقد يظهر حب الشباب.

في المرحلة الرابعة يكتمل سن البلوغ، ويستمر نمو الثدي، وتبدأ حلماتهن في البروز. ولا يزال شعر العانة في شكل مثلث، وهناك الآن الكثير من الشعر الذي لا يمكن عده. وقد يستمر النمو بمعدل حوالي 2 بوصة في السنة، وقد تستمر مشاكل حب الشباب. وتبدأ الدورات الشهرية (الحيض) عادةً في حوالي سن 12 عامًا.

المرحلة الخامسة هي المرحلة النهائية. تصل فيها الفتيات إلى مرحلة البلوغ الجسدي. قد يمتد شعر العانة إلى الفخذين، وقد يكون لدى بعض الفتيات خط من الشعر يصل إلى البطن. تصل معظم الفتيات إلى ذروتهن عند بلوغ سن 16 عامًا، ولكن قد يستمر بعضهن في النمو حتى سن العشرين.

تأثير البلوغ على صورة الجسد عند المراهقين

غالبًا ما يواجه المراهقون ضغوطًا كبيرة وغير واقعية وضارة حول الجمال وبناء الجسم والوزن والشكل. ويمكن أن يؤدي البحث عن الجسم أو المظهر “المثالي” إلى خسائر فادحة في ثقة المراهق وصحته الجسدية والعقلية. فصورة الجسد هي الطريقة التي تفكر بها أو تشعر بها حيال مظهرك وجسمك. وقد يصعب الحفاظ على صورة الجسم الطبيعية والصحية خلال فترة البلوغ.

العوامل التي قد تضر بصورة جسم المراهق هي زيادة الوزن الطبيعية أو المتوقعة والتغيرات الأخرى الناتجة عن البلوغ. كما أن ضغط الأقران للنظر بطريقة معينة، ووسائل التواصل الاجتماعي وصور الوسائط الأخرى التي تروج للجسم المثالي باعتباره لائقًا أو نحيفًا أو عضليًا تضر بالمراهقين وتشجع المستخدمين منهم على التطلع إلى مُثُل جسدية غير واقعية أو غير قابلة للتحقيق.

يتعرض المراهقون الذين لديهم أفكار سلبية عن أجسادهم لخطر متزايد من تدني احترام الذات، والاكتئاب، ومشاكل التغذية والنمو، واضطرابات الأكل. بالإضافة إلى ذلك، قد يحاول بعض المراهقين التحكم في وزنهم عن طريق التدخين، أو تناول المكملات الغذائية، أو تغيير مظهرهم عن طريق شراء منتجات التجميل، أو إجراء جراحة تجميلية. إن قضاء الوقت في القلق بشأن أجسادهم وكيفية قياسها يمكن أن يؤثر أيضًا على قدرة المراهقين على التركيز على الأنشطة الأخرى.

التحدث عن صورة الجسم

يمكن أن يساعد التحدث عن صورة الجسد مع أطفالك على الشعور بالراحة. فمن المهم عند التحدث مع طفلك أن:

  1. تكن قدوة حسنة. فكيف تتقبل أنت جسدك، وكيف تتحدث عن أجساد الآخرين يمكن أن يكون له تأثير كبير على ابنك المراهق.
  2. ذكّر طفلك بأن يمارس الرياضة ويتناول نظامًا غذائيًا متوازنًا من أجل صحته، وليس فقط ليبدو بطريقة معينة.
  3. فكر أيضًا في ما تقرأه وتشاهده بالإضافة إلى المنتجات التي تشتريها.
  4. استخدم لغة إيجابية. بدلاً من التحدث عن السمات الجسدية لطفلك أو للآخرين امتدح خصائصه الشخصية مثل القوة والمثابرة واللطف.
  5. تجنب الإشارة إلى الصفات الجسدية السلبية في الآخرين أو في نفسك. لا تصنع أو تسمح باستخدام ألقاب أو تعليقات أو نكات مؤذية بناءً على الخصائص الجسدية للشخص أو وزنه أو شكل جسمه.
  6. اشرح آثار سن البلوغ. تأكد من أن طفلك يفهم أن زيادة الوزن هي جزء صحي وطبيعي من النمو، خاصة خلال فترة البلوغ.
  7. تحدث عن الرسائل الإعلامية. قد ترسل وسائل التواصل الاجتماعي والأفلام والبرامج التلفزيونية والمجلات رسالة مفادها أن نوعًا معينًا من الجسم، أو لون البشرة فقط هو المقبول وأن الحفاظ على المظهر الجذاب هو الهدف الأكثر أهمية. حتى الوسائط التي تشجع على التمتع بالصحة والرياضية واللياقة البدنية قد تصور جسمًا مثاليًا ضيقًا – شخصًا منغمًا ونحيفًا. يتم أيضًا تغيير صور المجلات والوسائط الاجتماعية بشكل شائع. نتيجة لذلك قد يحاول المراهقون تلبية مُثُل غير موجودة في العالم الحقيقي.
  8. تحقق مما يقرأه طفلك أو يتصفحه أو يشاهده وناقشه معه.
  9. شجع طفلك على التساؤل عما يراه أو يسمعه.
  10. راقب استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. يستخدم المراهقون وسائل التواصل الاجتماعي والخدمات لمشاركة الصور والحصول على التعليقات. يمكن للوعي بأحكام الآخرين أن يجعل المراهقين يشعرون بالخجل تجاه مظهرهم. تشير الأبحاث أيضًا إلى أن الاستخدام المتكرر لوسائل التواصل الاجتماعي من قبل المراهقين قد يكون مرتبطًا بضعف الصحة العقلية والرفاهية. ضع قواعد لاستخدام ابنك المراهق لوسائل التواصل الاجتماعي وتحدث عما ينشره أو يشاهده.

    بالإضافة إلى تأثير البلوغ على صورة الجسد عند المراهقين اقرأ أيضًا: كيف أثرت تطبيقات تحرير الصور على معايير الجمال واحترام الذات

مصادر:
1. cambridge.org
2. medicalnewstoday.com
3. clevelandclinic.org
4. mayoclinic.org
5. mentalhealth.org

ملخص كتاب سيكولوجية الجماهير لغوستاف لوبون

نشر كتاب “سيكولوجية الجماهيرˮ أول مرة عام 1895 لمؤلفه غوستاف لوبون، والذي يعد مؤسس علم نفسية الجماهير. وسنستعرض هنا ملخصًا موجزًا للكتاب.

مقدمة سيكولوجية الجماهير (عصر الجماهير)

تبدو الانقلابات الكبرى التي تسبق عادةً تبدل الحضارات محسومةً بتحولات سياسية ضخمة كالغزو أو قلب السلالات المالكة. ولكن الدراسة المتفحصة تكشف غالبًا أن السبب الحقيقي هو التغير العميق الذي يصيب أفكار الشعوب. أما الأحداث الضخمة التي تتناقلها كتب التاريخ فليست إلا الآثار المرئية للمتغيرات اللامرئية التي تصيب سيكولوجية الجماهير وعواطفها.

إن العصر الذي ندخل فيه الآن هو بالفعل عصر الجماهير. فالجماهير هي القوة الوحيدة التي تتزايد هيبتها وجاذبيتها باستمرار، ولا يستطيع شيء تهديدها. ونشأت قوة الجماهير أولًا عن نشر بعض الأفكار التي زرعت في النفوس ببطء، ثم بالتجميع المتدرج للأفراد من خلال الروابط والجمعيات. وإن معرفة سيكولوجية الجماهير (علم نفس الجماهير) تشكل المصدر الأساسي لرجل الدولة الذي يريد ألّا تحكمه الجماهير.

الكتاب الأول (روح الجماهير)

الخصائص العامة للجماهير، القانون النفسي لوحدتها الذهنية

الخصائص الأساسية للفرد المنخرط في الجمهور هي تلاشي الشخصية الواعية، وهيمنة الشخصية اللاواعية، وتوجه الجميع إلى نفس الاتجاه بواسطة التحريض والعدوى للعواطف والأفكار، والميل إلى تحويل الأفكار المحرّض عليها إلى فعل وممارسة مباشرة.

ومن أسباب ظهور هذه الصفات، اكتساب الفرد بواسطة العدد المتجمع فقط شعورًا عارمًا بالقوة، والعدوى العقلية أو الذهنية للعواطف والأفعال في الجمهور.

“لا يوجد في التجمع الذي يشكله جمهور ما حاصلٌ ومتوسط للعناصر، وإنما يوجد فقط تركيب وخلق للخاصيات. وهذا يشبه ما يحصل في مجال الكيمياء. فبعض العناصر المستخدمة في التركيب كالقواعد والحوامض مثلًا تتداخل في بعضها البعض وتتركب من أجل تشكيل مادة جديدة مزودة بخصائص مختلفة عن تلك الخصائص التي كانت تتحلى بها العناصر المفردة قبل تركيبها”.

جوستاف لوبون

عواطف الجماهير وأخلاقياتها

الخصائص الأساسية للجماهير

  • سرعة انفعال الجماهير وخفّتها ونزقها.

إذ تكون الانفعالات التحريضية التي تخضع لها الجماهير مهيمنةً وقوية إلى درجة أنها مستعدة للموت من أجلها.

  • سرعة تأثر الجماهير وسذاجتها وتصديقها لأي شيء.

نجد الجمهور غالبًا في حالة ترقب مهيأة لتلقي أي اقتراح، ويفرض أول اقتراح يظهر نفسَه مباشرة بواسطة العدوى والانتشار، فخلق الأساطير التي تنتشر بسهولة في أوساط الجماهير ينتج عن سرعة التصديق والتضخيم الهائل للأحداث.

  • عواطف الجماهير، تضخيمها وتبسيطها.

بساطة عواطف الجماهير وتضخيمها يحميانها من عذاب الشكوك وعدم اليقين.

  • تعصّب الجماهير واستبداديتها ونزعتها المحافظة.

“إن الاستبداد والتعصب يشكلان بالنسبة للجماهير عواطف واضحة جدًا، وهي تحتملها بنفس السهولة التي تمارسها. فهي تحترم القوة ولا تميل إلى احترام الطيبة التي تعتبرها شكلًا من أشكال الضعف. وما كانت عواطفها متجهة أبدًا نحو الزعماء الرحيمين وطيبي القلب، وإنما نحو المستبدين الذين سيطروا عليها بقوة وبأس. وهي لا تقيم تلك النصب التذكارية العالية إلا لهم. وإذا كانت تدعس بأقدامها الديكتاتور المخلوع فذلك لأنه قد فقد قوته ودخل بالتالي في خانة الضعفاء المحتقرين وغير المهابين. إن نمط البطل العزيز على قلب الجماهير هو ذلك الذي يتخذ هيئة القيصر. فخيلاؤه تجذبها، وهيبته تفرض نفسها عليها، وسيفه يرهبها”.

جوستاف لوبون
  • أخلاقية الجماهير.

الجماهير غير مهيأة لاحترام النزعة الأخلاقية فيما يخص بعض الأعراف والتقاليد الاجتماعية، أما بالنسبة لبعض الصفات كالإخلاص والنزاهة والتضحية بالذات فهي قادرة على أرفع أنواع الأخلاقية، ولكنها تبرهن على انحطاط أخلاقيتها غالبًا.

أفكار، ومحاجّات عقلية، ومخيلة الجماهير

  • أفكار الجماهير.

وتقسم إلى أفكار طارئة تتشكل تحت تأثير اللحظة كالانبهار بفرد أو عقيدة ما، وأفكار أساسية تقدم لها البيئة والوراثة والرأي العام استقرارًا كبيرًا كالأفكار الدينية والديمقراطية والاجتماعية. ولا تهيمن الأفكار إلا إذا اتخذت هيئة بسيطة جدًا وتجسدت في سيكولوجية الجماهير على هيئة صور، فتدخل إلى اللاوعي وتصبح عاطفة متماسكة. وإذا كان يلزم وقت طويل كي تترسخ الأفكار، فإنه يلزم وقت لا يقل عنه طولًا كي تزول.

  • المحاجّات العقلية للجماهير.

ترتكز المحاجّات العقلية المؤثرة على الجماهير على ترابطات بين أشياء متنافرة ليس بينها إلا علاقات سطحية ظاهرية. كما أن الجماهير تعمّم حالات فردية وخصوصية، وهاتان هما الخاصيتان الأساسيتان للمنطق الجماعي.

  • خيال الجماهير.

تأسست مقدرة الفاتحين وقوة الدول على قاعدة الخيال الشعبي، وإن معرفة سيكولوجية الجماهير وفن التأثير على مخيلتها تعني معرفة فن حكمها.

“لم أستطع إنهاء حرب الڤاندي إلا بعد أن تظاهرت بأني كاثوليكي حقيقي، ولم أستطع الاستقرار في مصر إلا بعد أن تظاهرت بأني مسلم تقي. وعندما تظاهرت بأني بابوي متطرف استطعت أن أكسب ثقة الكهنة في إيطاليا. ولو أتيح لي أن أحكم شعبًا من اليهود لأعدت من جديد هيكل سليمان”.

نابليون في مجلس الدولة الفرنسي

الأشكال الدينية التي تتخذها كل قناعات الجماهير

للعاطفة الدينية خصائص بسيطة جدًا، عبادة إنسان يعتبر خارقًا للعادة، والخوف من القوة التي تعزى إليه، كما أن الخضوع الأعمى لأوامره مظهر مهم، واستحالة أية مناقشة لعقائده، والرغبة في نشر هذه العقائد، والميل لاعتبار كل من يرفضون تبنيها أعداءً. ولذلك فالتعصب وعدم التسامح يشكلان المرافق الطبيعي لها.

الكتاب الثاني (آراء الجماهير وعقائدها)

العوامل البعيدة المشكلة لعقائد الجماهير وآرائها

تمهد هذه العوامل الأرضية لانبثاق الأفكار الجديدة، إذ تجعل الجماهير قادرة على تبني بعض القناعات وغير مؤهلة لتبني قناعات أخرى.

  1. العِرق.

وهو أهم من كل العوامل الأخرى مجتمعة، إذ يمكن للمقترحات الاجتماعية أن تمارس فعلًا مهمًّا، ولكنه مؤقت دائمًا إذا كانت مضادة لمقترحات العِرق أي لكل سلسلة الأسلاف.

  • التقاليد الموروثة.

تمثل التقاليد خلاصة العِرق، ولا يمكن لأية حضارة أن توجد بدونها، أي بدون روح قومية، والجماهير تعارض بإصرار أية محاولة لتغييرها.

  • الزمن.

إن بعض الأفكار التي يمكن تحقيقها في فترة ما تبدو مستحيلة في فترة أخرى، فالزمن يراكم بقايا العقائد والأفكار وتولد منها أفكار عصر ما، فهو يجعل كل العقائد تتطور وتموت، فبه تمتلك قوتها وبه تفقدها.

  • المؤسسات السياسية والاجتماعية.

لقد حصلت حروب دموية لفرض مؤسسات تعزى إليها مقدرة خارقة على خلق السعادة، فالمؤسسات تؤثر على روح الجماهير لأنها تولد انتفاضات كهذه، ولكنها لا تمتلك أية فضيلة.

  • التعليم والتربية.

يتيح التعليم المقدم في بلد ما استشراف مصير هذا البلد ومستقبله، فمع التربية والتعليم تتحسن سيكولوجية الجماهير وروحها أو تفسد، فهما مسؤولان عن ذلك جزئيًا.

العوامل المباشرة التي تساهم في تشكيل آراء الجماهير

تؤدي هذه العوامل إلى التمردات الشعبية أو الإضرابات. وهي التي تدفع أغلبية من الشعب إلى الوصول بشخص ما إلى السلطة أو إسقاط حكومة معينة.

  1. الصور، والكلمات، والشعارات

ترتبط قوة الكلمات بالصور التي تثيرها، والكلمات التي يصعب تحديد معانيها بدقة هي التي تمتلك أحيانًا أكبر قدرة على التأثير. مثلًا، ديمقراطية، اشتراكية، حرية، …إلخ.

  • الأوهام.

تحوّل الجماهير نظرها عن الحقائق التي تزعجها وتفضل تأليه الخطأ إذا ما جذبها، فمن يعرف كيف يوهمها يصبح سيدها، ومن يحاول قشع الأوهام عن أعينها يصبح ضحية لها.

  • التجربة.

تشكل التجربة المنهجية الوحيدة الفعالة تقريبًا لزرع حقيقة ما في روح الجماهير، وإن التجارب التي عاشها جيل ما غير ذات جدوى بالنسبة للجيل اللاحق، فالأحداث التاريخية التي تضرب عادة مثلًا للموعظة لا تفيد شيئًا، وتكمن فائدتها الوحيدة في البرهنة على ضرورة تكرار التجارب من عصر إلى عصر لتمارس بعض التأثير.

  • العقل.

يعدّ العقل عاملًا سلبيًا في التأثير.

محرّكو الجماهير، ووسائل الإقناع التي يمتلكونها

  1. محرّكو الجماهير.

إن القادة ليسوا رجال فكر غالبًا، وإنما رجال ممارسة وانخراط، وغالبًا ما يكونون خطباء ماهرين، إذ تعطي كثافة الإيمان لكلامهم قوة تحريضية كبيرة، فالكثرة تصغي دائمًا إلى الإنسان المزود بإرادة قوية.

  • وسائل العمل التي يستخدمها المحركون أو القادة.

التأكيد، والتكرار، والعدوى. إذ يشكل التأكيد المجرد من البراهين الوسيلة الموثوقة لإدخال فكرة ما في روح الجماهير، والشيء المؤكد يرسخ في النفوس بواسطة التكرار إلى درجة أنه يقبل كحقيقة برهانية، وعندما يتاح لتوكيد ما أن يكرّر كثيرًا وبالإجماع، يتشكل عندئذٍ ما ندعوه بتيار الرأي العام، وتتدخل الآلية الجبارة للعدوى.

  • الهيبة الشخصية.

وهي نوع من الجاذبية الساحرة التي يمارسها فرد أو عقيدة ما على روح الجماهير، ولها نوعان أساسيان.

  • الهيبة المكتسبة، ويصنعها اسم العائلة والثروة والشهرة وهي أكثر انتشارًا.
  • الهيبة الشخصية، وهي ذات طبيعة مختلفة جدًا وتشكّل مَلَكَةً مستقلة عن الألقاب والسلطات، ويمارس من يمتلكونها سحرًا مغناطيسيًا على المحيطين بهم بما فيهم أندادهم، والنجاح أحد أهم العوامل التي تشكلها، إذ تختفي دائمًا مع الفشل.

محدودية تغير كلّ من عقائد الجماهير وآرائها

  1. العقائد الثابتة.

وهي العقائد الإيمانية الكبرى والتي تدوم قرونًا عديدة وترتكز عليها حضارة بأكملها، مثل أفكار الإصلاح المسيحي (لوثر) والأفكار الديمقراطية والاجتماعية.

“أما العقائد الكبرى العامة فذات عدد محصور جدًا. وتشكلُها وتلاشيها يمثلان بالنسبة لكل عرق تاريخي نقاط الذروة في تاريخه. إنها تشكل الهيكل العظمي للحضارات”.

جوستاف لوبون
  • الآراء المتحركة للجماهير.

وهي طبقة سطحية من الآراء والأفكار، تتموضع فوق العقائد الراسخة، وتولد وتموت باستمرار، مثل النظريات التي توجه الفنون والآداب. وتتزايد هذه الآراء لأن العقائد القديمة تفقد هيمنتها على النفوس تدريجيًا، وبسبب ظهور الصحافة ونشرها لأكثر الآراء اختلافًا. وينتج عن هذه الأسباب المختلفة ظاهرة جديدة جدًا في تاريخ العالم؛ وهي عجز الحكومات عن قيادة الرأي العام.

الكتاب الثالث (تصنيف الفئات المختلفة من الجماهير ودراستها)

تصنيف الجماهير

تقسم الجماهير إلى

جماهير غير متجانسة.

  1. جماهير مغْفَلَة (أسماء أفرادها غير معروفة)، كجماهير الشارع.
  2. جماهير غير مغْفَلَة، كهيئات المحلّفين والمجالس البرلمانية.

جماهير متجانسة

  1. الطوائف، كالطوائف السياسية والدينية.
  2. الزمر، كالزمرة العسكرية والزمرة العمالية.
  3. الطبقات، كالطبقة البورجوازية والطبقة الفلاحية.

تشكل الطائفة المرحلة الأولى من مراحل تشكل الجماهير المتجانسة، إذ تحتوي على أفراد من ثقافات ومهن وأوساط مختلفة أحيانًا، ولا رابطة بينها إلا العقيدة والإيمان.

وتمثل الزمرة أعلى درجات التنظيم التي يقدر عليها الجمهور، ولا تشمل إلا أفرادًا من نفس المهنة، أي ذوي تربية وأوساط متماثلة تقريبًا.

وتتشكل الطبقة من أفراد ذوي أصول مختلفة توحّدهم بعض المصالح وبعض عادات الحياة والتربية المتشابهة.

الجماهير المدعوة بالمجرمة

وتمتلك نفس الخصائص العامة لجميع أنواع الجماهير، فجرائم الجماهير ناتجة عمومًا عن تحريض ضخم، والأفراد الذين ساهموا فيها لا يعدّون أنفسهم مجرمين، بل يقتنعون أنهم أطاعوا واجبهم.

محلّفو محكمة الجنايات

نعثر في هذا الجمهور على الخصائص الأساسية، فهيئات المحلّفين تتأثر جدًا بالعواطف ومسحورة بمظاهر الهيبة، وإن هذه الهيئات الديمقراطية في تشكيلتها تبدو أرستقراطية في عاطفتها وميولها. والقرارات المتخذة متماثلة أيًا تكن تركيبة الهيئة المحلّفة ومهما اختلفت وتنوعت.

الجماهير الانتخابية

وهي جماهير غير متجانسة، ونعثر في قراراتهم على تأثير القادة المحركين وعلى دور التوكيد والتكرار والعدوى والهيبة الشخصية، فالوعود المبالغ فيها تولّد آثارًا ضخمة على الناخبين في لحظتها، والناخب لا يهتم لاحقًا بمسألة التحقق فيما إذا كان المرشح قد التزم بوعوده أم لا، بل إنه ينسى ذلك تمامًا. وإن تصويت الجماهير يعبر غالبًا عن آمال العِرق وحاجياته اللاواعية.

المجالس النيابية

وهي جماهير غير متجانسة وغير مغْفَلَة، وتمثل آراءً متطرفة، فالأفراد يميلون دائمًا إلى تضخيم قيم مبادئ أحزابهم عندما ينخرطون في جمهور ما. وإن قابلية التحريض والعدوى تظل محدودة في المجالس النيابية؛ فلكلّ حزب محركوه وقادته.

“إن المجالس النيابية السياسية هي آخر محلّ في الأرض يمكن للعبقرية أن تشع فيه. فلا أهمية فيه إلا للفصاحة الخطابية المتناسبة مع الزمان والمكان، وللخدمات المقدمة للأحزاب السياسية لا للوطن. أما الجمهور العادي فيتلقى هيبة القائد المحرك ولا يدخل في سلوكه أية مصلحة شخصية ولا ينتظر جزاءً ولا شكورا”.

جوستاف لوبون

والمجالس النيابية ليست جماهيرًا بالمعنى الاصطلاحي إلا في بعض الأوقات، فأعضاؤها يحققون فردانيتهم في حالات عديدة، ولذلك يمكنها أن تصوغ قوانين ممتازة.

وعلى الرغم من صعوبات تسييرها، فإنها تمثل أفضل طريقة وجدتها الشعوب لحكم ذاتها، ولا يهددها إلا خطران:

  1. التبذير الإجباري للميزانية، وهو نتيجة لمطالب الجماهير كزيادة الرواتب والتي تتطلب فرض ضرائب جديدة.
  2. التقييد التدريجي للحريات الفردية، ويتجلّى بالنسبة لكل البلدان بسنّ عدد هائل من القوانين التشريعية، فالشعوب تقبل بفرض الإكراهات القسرية كل يوم لأنها تقع ضحية الوهم القائل بأنه كلما زدنا عدد القوانين فإن المساواة والحرية تصبحان مضمونتين أكثر.

إن دورة الحياة لشعب ما، الانتقال من حالة البربرية إلى حالة الحضارة عن طريق ملاحقة حلم ما، ثم الدخول في مرحلة الانحطاط والموت ما إن يفقد هذا الحلم قوته.

يمكنك قراءة المزيد من ملخصات الكتب من هنا.

نظرية وظائف اللغة

هذه المقالة هي الجزء 7 من 7 في سلسلة مقدمة في نظريات اكتساب اللغة

نظرية وظائف اللغة

ترى نظرية وظائف اللغة أن للغة وظائف محددة تقود الأطفال إلى تعلمها للقيام بهذه الوظائف. فالطفل يتعلم لغته الأم في الوقت نفسه الذي يتعلم فيه عن العالم من حوله. ولهذا، تكون اللغة جزءاً من القواعد الثقافية التي تساعد الأطفال على أن يكونوا جزءاً من مجتمعهم، ولا يقتصر هدفها على التواصل فحسب [1].

وقد شرح هذه الوظائف اللغوي البريطاني “مايكل هاليداي – Michael Halliday” في عام 1975. وركز على فكرة أن الأطفال يبدؤون بالتواصل واكتساب اللغة قبل أن يبدؤوا بالكلام. وبناء على ملاحظاته لابنه وكيفية تعلمه للغة الأم، نشر أوراقاً بحثية شرح فيها ارتباط اللغة بالثقافة ككل، ووسع مفهوم وظائفها ليشمل مجالات أبعد من التواصل، وأطلق عليها اسم الوظائف النمائية (developmental functions) [1].

أساس نظرية وظائف اللغة:

يمكن شرح فكرة هاليداي بأن تطور اللغة لدى الأطفال هو عبارة عن إتقانهم للوظائف اللغوية وتعلمهم كيفية إضفاء المعنى. أي أن الطفل يتعلم استخدامات اللغة وإمكان المعاني المرتبطة بها (تفعيل المعاني). وبناء عليه، يرى هاليداي أن الكلمات والتراكيب والأصوات التي تتألف منها اللغة هي عبارة عن تطبيق للمعاني المحتملة المرتبطة بها، وأن تعلم الطفل للغته الأم ينطوي على التعرف على أنماط سلوك وطرق تفكير جديدة [2].

فتطور اللغة لدى الطفل هي عملية تنشئة اجتماعية، لأنها القناة الرئيسية التي ينقل البالغون من خلالها إلى الطفل كل أنماط الحياة، ويتعلم عبرها أن يتصرف كأي فرد في المجتمع الذي يعيش فيه ويتبنى ثقافته وأفكاره ومعتقداته وقيمه. تتم هذه العملية بشكل غير مباشر من خلال تجارب يعيشها الطفل في أحداث متنوعة، ولو كانت صغيرة. ويلعب البالغون دوراً في توجيه السلوك ومراقبته خلال هذه التجارب، مما يساعد الطفل على بناء علاقاته [2].

يتعمد هاليداي استخدام مصطلح “تعلم” بدلاً من “اكتساب“، لأنه يرى أن اللغة تتركب لدى الطفل عن طريق التفاعل. وعلى عكس تفسير النظرية الفطرية، لا تعتبر اللغة هنا بأنها موجودة في الأصل وبانتظار أن يتم اكتسابها. بل إن ما يكتسبه الطفل هو إمكان المعنى (meaning potential) الذي تشكله مكونات اللغة [3].

مراحل تعلم اللغة وفق نظرية وظائف اللغة

يتحدث هاليداي عن ثلاث مراحل يمر بها الطفل في رحلته لتعلم اللغة. تنطوي المرحلة الأولى منها على نظام اللغة الأول الذي يتكون لدى الطفل، فيما تمثل المرحلة الثانية العبور من نظام الطفل إلى لغة البالغين. وأخيراً، تأتي المرحلة الثالثة التي تكون لغة البالغين قد تبلورت بها [3].

المرحلة الأولى

في المرحلة الأولى، يكون الهدف من تعلم اللغة الاستفادة من وظائفها النمائية أو الدقيقة (micro functions) لتحقيق أغراض معينة للطفل. وتتعقد هذه الوظائف السبعة مع تقدم الطفل بالعمر وازدياد كل من وعيه واحتياجاته، كما أنها تحدد الخيارات المتاحة للتعلم، والتراكيب التي تساعد على إعمال هذه الخيارات وتفعيلها [4]. أما عن الوظائف السبعة، فهي كالتالي:

النفعية (instrumental): تدل هذه الوظيفة على استخدام اللغة لتلبية حاجات محددة كالطعام أو الشراب أو الراحة. وعادة ما تضم أسماءً وكلمات مجردة.

التنظيمية (regulatory): تتمثل هذه الوظيفة باستخدام اللغة للتأثير على سلوك الآخرين، إما عن طريق الإقناع أو الطلب أو حتى الأوامر.

التفاعلية (interactional): وتستخدم لتطوير العلاقات مع الآخرين وتسهيل عملية التواصل. وقد تحمل عبارات مثل “شكراً”.

الشخصية (personal): يصبح الهدف عند إدراك هذه الوظيفة استخدام اللغة للتعبير عن الآراء الشخصية والمواقف والمشاعر الخاصة بالمتكلم.

التمثيلية / الإعلامية (representational / informative): أما هنا، فيتطور اعتماد الطفل على اللغة لتصبح وسيلة لتبادل المعلومات مع الآخرين. إذ يصبح الطفل قادراً على طرح أسئلة تؤدي إجاباتها إلى تفاعلات لغوية.

الاستكشافية (heuristic): يتمثل الهدف من اللغة هنا بالاستكشاف والتعلم عن طريق طرح أسئلة وإعطاء تعليقات. وتختلف عن الوظيفة الإعلامية من ناحية أنه لا يتم تبادل معلومات هنا، بل يكون الطفل مستكشفاً ومتلقياً لما هو جديد.

التخيلية (imaginative): تتجسد هذه الوظيفة في الغالب أثناء اللعب والأنشطة الترفيهية التي يقوم بها الطفل. حيث يستخدم اللغة للحديث عن قصص ينسجها ومواضيع يتخيلها [4].

مع نهاية المرحلة الأولى، يكون الأطفال قادرين على استخدام اللغة وفق وظائفها السبعة المختلفة. لكن هذا لا يعني أن مفرداتهم تكون قد اكتملت أو أن تراكيبهم تنوعت. بل يتألف نظامهم اللغوي من مجموعة أصوات ونبرات، لكنها لا ترقى لمستوى المفردات المتمايزة أو الصيغ القواعدية. بالنتيجة، في المرحلة الأولى لتعلمهم اللغة، يدرك الأطفال جيداً ما يمكن أن يفعلوه باللغة، لكنهم لا يستطيعون استخدامها كالكبار بعد [4].

المرحلة الثانية

في المرحلة الثانية، تزداد مفردات الطفل بسرعة وتتسع قدرته على الانخراط بحوارات أطول. وتصبح ألفاظه متعددة المهام، كما أن النظام اللغوي يتطور من كونه ذو وظائف دقيقة إلى وظائف كلية (macro functions). حيث يستطيع الطفل، وهو الآن بعمر عامين تقريباً، أن يستعمل اللغة بأكثر من وظيفة من تلك التي تعلمها في المرحلة الأولى، وفي وقت واحد [4].

المرحلة الثالثة

في المرحلة الثالثة، أي بالوصول إلى لغة البالغين، يتعلم الطفل أن اللغة تستخدم بنطاق أوسع، ويتمكن عندها من ربط مجموعة كلمات وألفاظ مع بعضها. وهنا يتجاوز هدف اللغة وظائفها الأساسية، فتصبح الوظائف ذات أبعاد أكبر (meta functions). أي يمكن للطفل أن يبدأ بتفسير العالم من حوله واختباره بشكل أكبر. كما يصبح قادراً على تكوين علاقات متشعبة من خلال المحادثات واستخدام اللغة للإبقاء على التفاعل بين المتحدث والمستمع. كما يمكن له أن يفهم نصوصاً أو إصدارات لغوية معينة ضمن سياقاتها [4].

إذاً، تحدث هاليداي عن وظائف أساسية لتعلم اللغة هي التي تشجع الأطفال على تعلمها. وتمر هذه العملية بعدة مراحل حتى تتطور إلى لغة البالغين.

المصادر

  1. Halliday – Study Smart
  2. Child Language Development
  3. Misinterpreted
  4. My Tutor

ما هو التواصل اللا عنفي وكيف يؤثر علينا وعلى أطفالنا؟

ما هو التواصل اللا عنفي؟

ظهرت فكرة اللا عنف لدى عالم النفس السريري الأمريكي الحائز على الدكتوراة؛ «مارشال برترام روزنبرج- «Marshall Bertram Rosenberg (1934 – 2015) في السبعينات [1] وذلك بتأثير من أفكار عالم النفس «كارل روجر -«Carl Ransom Rogers (1902 – 1987) حول الاستماع التعاطفي، والتقدير الإيجابي غير المشروط. حيث تعاون كارل مع «إبراهام ماسلو – Abraham Harold Maslow» (1908 – 1970) على تأسيس علم النفس الإنساني.

وفكرة «التواصل اللا عنفي – NonViolent Communication» بحد ذاتها ليست بجديدة، وإنما ظهر نشاط اللا عنف بشكل واضح في الوعي والسلوك السياسي الذي تبناه غاندي ومارتن لوثر كينج.

“اللاعنف لا يعني تجنّب العنف الجسدي الخارجي فحسب، بل أيضاً العنف الداخلي ضد الروح، أنت لا ترفض إطلاق النار على الرجل فحسب، بل ترفض أن تكرهه” [2] .

مارتن لوثر كينج

والتواصل اللا عنفي هو عملية تحويل الكلمات وردود الأفعال التلقائية إلى استجابات واعية تعتمد على إدراكنا لما نلاحظه، ونشعر به، ونريده[1] .


والإيمان بعملية التواصل اللا عنفي يقوم على استحضار أمرين:
الفارق بين “احتياجي” الأعمق وبين “ما أريده الآن” كأداة أخدّم بها احتياجي. ثم إن البشر جميعاً لديهم احتياجات أساسية، غير مشروطة بمكان أو شخص، ولا حتّى وقت، أو شيء، مثل: الاحترام، والاتصال، والتفهّم، وأن يكون مسموعاً ولديه استقلال وحريّة [1].

الخطوات الأربعة لعملية التواصل اللا عنفي

“فليكس، عندما أرى بعضًا من جواربك المتسخة مكوّرة وملقاة أسفل مائدة السفرة، والبعض الآخر منها بجوار التلفزيون. أشعر بالضيق والغيظ، لأنني أحتاج لمزيد من النظام في حجرات البيت التي نتشاركها جميعا، فهل تتكرّم بوضع جواربك المتسخة في الغسالة!”

  • ماذا ألاحظ؟

علي أن أنتبه إلى صياغة الملاحظة والتعبير عنها دون حكم أو تقييم. “فليكس، عندما أرى بعضًا من جواربك المتسخة مكوّرة وملقاة أسفل مائدة السفرة، والبعض الآخر منها بجوار التلفزيون.”

  • كيف أشعر؟

“أشعر بالضيق والغيظ” تحديد المشاعر التي نشعر بها إزاء هذا التصرف.

  • ماذا أحتاج؟

علي أن أعرف أن فهمي لشعوري هو الذي يحدد حاجتي. “لأنني أحتاج لمزيد من النظام في حجرات البيت التي نتشاركها جميعاً”

  • الطلب المحدد بدقة.

“فهل تتكرّم بوضع جواربك المتّسخة في الغسالة” [3].
وبتفكير مستمد من علم النفس، يمكننا استخدام هذا الأسلوب ليس فقط عندما نريد أن نقول شيئاً ما، بل في وإعادة صياغة طلب الشخص الآخر حسب الخطوات (ملاحظة، شعور، احتياج، طلب).

ملاحظة: “هناك نصف ساعة قبل بدء العرض وأرى أنك تتصبب عرقًا”، شعور تخميني: “هل أنت متوتر؟”، في حال أجاب بنعم نسأله عن حاجته: “هل يمكنني عمل شيء لتخفيف التوتر؟” [3].

معوقات التواصل اللا عنفي

  1. الأحكام الأخلاقية التي تصنّف الناس وأفعالهم إلى فئتين خيّر وشرّير، سوي وشاذ، ذكي وجاهل. ويحدث ذلك من قبيل؛ “مشكلتك أنك أناني جداً”، “إنه أحمق”، “إنهم منحازون”، “هذا أمر لا يليق”. وغير هذه من الإهانات والتحقير والانتقاد والشخصنة. يقول الشاعر جلال الدين الرومي: “هناك وراء أي أفكار عن الخطأ والصواب، ميدان؛ سألاقيك عنده”. بل ويعتقد روزنبرج أننا عندما نصادف شخصيات أو سلوكيات لا تعجبنا أو لا نفهمها نسارع إلى اتّهامها أو اتّهام أنفسنا، وذلك لأننا لا نفكر بالطريقة اللا عنفية وإنما نصب تركيزنا على التصنيف والتحليل والحكم والتقييم.
  2. عقد المقارنات بين أنفسنا والآخرين، ويشير روزنبرج إلى أن هذا الأمر طريقة مضمونة إلى إتعاس النفس وتدمير التعاطف.
  3. إنكار المسؤولية حيث أننا جميعاً مسؤولون عن أفكارنا ومشاعرنا وتصرفاتنا. وأي تعبير نستخدمه نحمّل الآخر فيه مسؤولية عما نشعر به أو نفكّر به أو نسلكه يعتبر مثالاً عن إنكارنا لمسؤوليتنا الشخصية كما في قول: “أنت تشعرني بالذنب”. أو قول “ما فعلته ليس سوى تنفيذ للأوامر العليا”. وكثيرًا ما نقوم بعزو أسباب أفعالنا إلى شمّاعات مثل: (1) قوى مبهمة مجرّدة. (2) حالتنا النفسية. (3) تصرفات الآخرين. (4) أوامر السلطة. (5) ضغط الجماعة. (6) القوانين والقواعد والسياسات المؤسساتية. (7) الأدوار الاجتماعية والعمرية. (8) رغبات لا يمكن السيطرة عليها.[3] .

أنواع القوة واستخداماتها في التواصل غير العنيف

ربما نحتاج إلى القوة في المواقف الحسّاسة ذات الخطر الوشيك على الحياة وحقوق الأفراد والتي يتعذّر معها الحوار. إلا أن هذا يتطلّب منا التفريق بين الاستخدام الوقائي والعقابي للقوة.

تهدف القوة الوقائية إلى منع أذى أو ظلم، أما القوة العقابية فهي تهدف إلى جعل المذنب يعاني ويدفع ثمن فعلته.

وتتمثّل القوة الوقائية في الواقع العملي حين نمسك طفلاً يجري في الشارع لمنعه من التعرض للأذى. أما العقابية تأتي على شكل صفعة أو توبيخ أو تأنيب كأن تقول للطفل: “كيف تكون بهذا الغباء؟! عليك أن تخجل من نفسك!”[3].

ويأتي تأثير القوة العقابية بشكل عكسي يدمّر الدافعية الذاتية للإنسان نحو الأشياء لأنه لا يتوقف عن القيام بها لأسباب وجيهة وإنما تفادياً للعقاب الذي ينتظره فيما لم يفعلها. هذا بدوره يقلل من تقديره لذاته، ولربما يجب أن تستدعي دائماً خطورة ما. نحن مقبلين عليه وعواقبه على الصحة النفسية لأطفالنا عندما تتأتّى لذهننا فكرة استخدام القوة العقابية [3] .

المصادر
[1] Society For Conversation Biology
[2] Journal of History Culture and Art Research
[3] التواصل غير العنيف لغة حياة، د.مارشال بي. روزنبرج. 

 

 


 

النظرية التفاعلية في اكتساب اللغة

هذه المقالة هي الجزء 6 من 7 في سلسلة مقدمة في نظريات اكتساب اللغة

النظرية التفاعلية في اكتساب اللغة

ترى النظرية التفاعلية (Interactionist Theory) أن عملية اكتساب اللغة تحدث في سياق تفاعلي. حيث تؤكد على أهمية المدخلات اللغوية (language inputs) التي يتلقاها الأطفال من مقدمي الرعاية حولهم. ومع أن التفاعلية تؤمن بالاستعداد الجيني لدى البشر لتعلم اللغة – وهذه من أبرز نقاط النظرية الفطرية – لكنها تذهب أيضاً إلى التأكيد على أهمية البيئة الاجتماعية في هذه العملية – وهذا ما يذكر بالنظرية السلوكية. أي أن النظرية التفاعلية تمثل حلاً وسطاً للنقاش حول ما إذا كانت اللغة هي أمراً طبيعياً أم مكتسباً. ولكن ما يميزها هو تأكيدها على أهمية التفاعل مع الأشخاص الآخرين كعامل أساسي في اكتساب اللغة وتطويرها [1].

أساس النظرية التفاعلية

يعود أصل النظرية التفاعلية إلى عالم النفس السوفييتي فيغوتسكي (Vygotsky) الذي أرسى أصولها عندما طور النظرية الاجتماعية الثقافية في النمو. يرى فيغوتسكي أن تطور الإنسان هو عملية تتم بواسطة المجتمع، ويكتسب من خلالها الأطفال قيمهم ومعتقداتهم الثقافية عبر الحوارات الجماعية مع أفراد ذوي معرفة أوسع منهم [2].

فعلى خلاف بياجيه الذي أكد على أن نمو الطفل يسبق مرحلة التعلم، يناقش فيغوتسكي أن التعلم هو أحد الجوانب الضرورية والعالمية لعملية النمو التي يطور الطفل عبرها وظائف محددة ثقافياً ونفسياً. وبعبارة أخرى، فإن التعلم يأتي قبل النمو، ويوجه ميول الطفل حسب الثقافة السائدة [2].

التفاعلية واكتساب اللغة

كان عالم النفس الأمريكي “برونر – Bruner” أول من اقترح أن الأطفال بحاجة إلى تفاعل مباشر مع الكبار ليحققوا الطلاقة اللغوية. حيث يعتبر أن سلوك البالغين اللغوي عندما يتحدثون مع الأطفال، أو كما يعرف باسم الخطاب الموجه للأطفال (child-directed speech – CDS)، هو نمط معدل للغة يدعم عملية اكتسابها. وأطلق على هذا الدعم اسم السقالات (scaffolding). كما تحدث برونر عن نظام دعم اكتساب اللغة (Language Acquisition Support System – LASS) كرد على جهاز اكتساب اللغة (LAD) الذي تحدث عنه تشومسكي في النظرية الفطرية [3].

إذاً توجد ثلاث نقاط ركز عليها برونر في تطوير نظريته، وهي عوامل أساسية في اكتساب الطفل للغة وفق النظرية التفاعلية.

الخطاب الموجه للأطفال

يشير هذا المصطلح إلى الطريقة التي يتحدث بها مقدمو الرعاية والبالغون مع الأطفال. ومن المعتقد أنها تعزز التواصل مع الطفل عن طريق مساعدته بالتعرف على الأصوات والمقاطع والكلمات والجمل. كما أن طبيعة هذا الكلام البطيئة، والنبرة التي يستخدمها الكبار وتميل إلى التغم، تساهم في جذب انتباه الطفل [1].

يتسم هذا الحديث بكونه لغة بسيطة ومباشرة ليتم فهمه بسهولة، ويتحقق هذا بتضييق نطاق المفردات وتبسيط الصيغ القواعدية المستخدمة. يميل الكبار أيضاً إلى تكرار الأسئلة والعبارات التي يوجهونها إلى الطفل، إضافة إلى الوقوف لفترات أطول وأكثر بدلاً من الحديث بسرعة [1].

السقالات

استخدم برونر مصطلح السقالات لشرح دور مقدمي الرعاية في تنمية اللغة لدى الأطفال. واعتمد في هذا على أفكار فيغوتسكي التي تؤكد على حاجة الأطفال لوجود شخص آخر ذو معرفة أكبر كي يتسنى لهم تطوير معارفهم ومهاراتهم [1].

يمكن تلخيص نظرية برونر عن السقالات بأن المتعلمين يقومون بفعل التعلم لا عن طريق المذاكرة والحفظ. بل يعتمدون على التجربة والخطأ. حيث يشرح برونر أن الأطفال يحتاجون إلى المساعدة من المعلمين والبالغين في مسيرتهم لتعلم مفاهيم جديدة. وتكون المساعدة على شكل دعم فعال. في البداية، يعتمد الأطفال على هذا الدعم المقدم من الكبار. لكن مع الوقت يصبحون أكثر استقلالاً في تفكيرهم ويكتسبون مهارات ومعارف جديدة. وبالتالي، ينخفض مستوى اعتمادهم على الغير. وهذا يشبه السقالات التي تدعم عملية البناء، والتي تتم إزالتها عندما يكتمل العمل [3].

وعليه، تعرف الطريقة التي يدعم الأهل بها أطفالهم باستخدام الحديث الخاص بالسقالات لأنها تدعم عملية اكتساب اللغة وتحقق التفاعل الضروري لإتمامها. ومع الوقت، يتناقص استخدام الكبار للخطاب الموجه للأطفال مع تطور اللغة المكتسبة لديهم [1].

نظام دعم اكتساب اللغة

يقوم الكبار بدفع تطور لغة الأطفال عبر آلية السقالات الداعمة، وتتم هذه العملية عبر نظام أسماه برونر نظام دعم اكتساب اللغة. في الواقع، يوافق برونر مع طرح تشومسكي لفكرة جهاز اكتساب اللغة (LAD)، ولكنه يؤكد في الوقت ذاته أن للسياق الاجتماعي، وسلوك الأهل على وجه الخصوص، أثر كبير على تطور اللغة. ويطلق على هذا الدور للبيئة المحيطة اسم نظام دعم اكتساب اللغة، وهو ما يحتاجه جهاز اكتساب اللغة لدعم عملية تطوير اللغة لدى الأطفال [4].

ويتمثل الدعم الذي يزوده هذا النظام بتعديل اللغة كي تناسب الطفل، إضافة إلى أنشطة التعلم التعاوني. ومن هذه الأنشطة القراءة المشتركة التي يستخدم فيها الكبار الصور ويربطونها مع مفردات ذات صلة ليتعلمها الطفل. كما يعمل الأهل على تشجيع الطفل على الكلام وتقديم الملاحظات من خلال التفاعل. وخلال حديثهم، يعطي الأهل أمثلة ليقلدها الطفل، ويوظفون الألعاب التفاعلية في ممارسة اللغة [1].

توفر هذه التفاعلات الاجتماعية بيئة سقالات تساعد الأطفال في صياغة كلماتهم الأولى، ثم تدفع تطور اللغة لديهم أكثر مع الوقت [4].

مواطن ضعف النظرية التفاعلية

وجد بعض الباحثين أن البيانات التي تدعم النظرية التفاعلية هي بيانات منحازة، بمعنى أنها تمثل فئة معينة من الأفراد، وتحديداً العائلات الغربية ذات البشرة البيضاء ومن الطبقة المتوسطة. وهذا يعكس عدم إمكانية تطبيق نظرية التفاعل بين أطفال والآباء على مجتمعات وثقافات أخرى يسلك فيها الأهل نهجاً مختلفاً في الحديث مع أبنائهم. ولكن على الرغم من ذلك، يكتسب أطفال تلك المجتمعات اللغة بطلاقة [1].

أي أن استخدام الحديث المباشر مع الأطفال هو أمر مهم، ولكن نظراً لأنه ليس سائداً في كل المجتمعات، لا يتعبر أساسياً في اكتساب اللغة. حيث يمر الأطفال الذين لا يسمعون هذا النوع من الكلام بمراحل اكتساب اللغة نفسها ويصلون إلى الطلاقة [5].

المصادر

  1. Interactionist Theory – Study Smart
  2. Simply Psychology
  3. Scaffolding of Learning
  4. LASS
  5. Theories of language acquisition

ما هو اضطراب الشخصية الحدية؟

هذه المقالة هي الجزء 19 من 19 في سلسلة رحلة بين أشهر الاضطرابات النفسية

ما هو اضطراب الشخصية الحدية؟

يقع اضطراب الشخصية الحدية-Borderline personality disorder تحت مظلة المجموعة الثانية لاضطرابات الشخصية مع اضطراب الشخصية النرجسية، واضطراب الشخصية الهستيرية، واضطراب الشخصية المعادية للمجتمع.

يتسم هذا الاضطراب بسوء صورة الشخص عن ذاته، والشعور بالفراغ، وصعوبة كبيرة في التأقلم مع الشعور بالوحدة. يعاني المصابون بهذا الاضطراب من حالات مزاجية شديدة، وعلاقات غير مستقرة. يمكن أن يكون سلوكهم مندفعًا أيضًا. كما أنهم أكثر عرضة من المتوسط ​​لمحاولات الانتحار. في بعض الأحيان دون نية الانتحار يؤذون أنفسهم (على سبيل المثال الحرق) كشكل من أشكال العقاب الذاتي، أو لمحاربة الشعور الفارغ. عند الإجهاد قد يعاني المصاب باضطراب الشخصية الحدية من أعراض تشبه الذهان. إنه يتعرض لتشويه تصوراته أو معتقداته بدلاً من الانفصال الواضح عن الواقع. يميل المصاب خاصة في العلاقات الوثيقة إلى إساءة تفسير أو تضخيم ما يشعر به الآخرون تجاهه. على سبيل المثال يفترض أن أحد الأصدقاء، أو أحد أفراد الأسرة يشعر بمشاعر كريهة للغاية تجاهه في حين أن الشخص قد يكون فقط منزعجًا أو غاضبًا بدرجة طفيفة.
يعاني المصابون من خوف عميق من الهجران، ويتنافسون على القبول الاجتماعي، ويخافون من الرفض ويشعرون غالبًا بالوحدة حتى في وجود علاقة حميمة. لذلك يصعب عليهم إدارة الصعود والهبوط الطبيعي للشراكة الرومانسية.

قد يكون السلوك الاندفاعي المدمر للذات محاولة لدرء القلق المتزايد المرتبط بالخوف من تركهم بمفردهم. الجانب الآخر من الخوف هو الأمل في أن تكون العلاقة هادئة تمامًا. قد يميل الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب إلى فرد من العائلة، أو شريك رومانسي، أو صديق، ثم يغضبون عند حدوث خيبة أمل حتمية. قد يحمّلون هذا الشخص المسؤولية عن الألم الذي يشعرون به، ويقللون من قيمة العلاقة.

من الشائع جدًا أن يعاني الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الحدية من اضطراب المزاج أو اضطراب الأكل أو مشكلة تعاطي المخدرات. قد يلجأ الشخص إلى الكحول أو المخدرات للهروب من المشاعر المؤلمة التي لا يمكن السيطرة عليها.

تكون نسب الإصابة بين النساء أعلى منها عند الرجال على سبيل المثال حوالي 75% من الحالات المصابة في الولايات المتحدة نساء، ولكن يعتقد العلماء أن هذا الاضطراب منتشر بين الرجال كذلك إلا أنه يتم تشخيصه عن طريق الخطأ على أنه اكتئاب أو اضطراب ما بعد الصدمة.


ما هي أسباب اضطراب الشخصية الحدية؟

قد تؤثر عدة عوامل على تطور اضطراب الشخصية الحدية لكن الباحثون ما زالوا لا يعرفون الأسباب الدقيقة.

يعتقد بعض العلماء أن الاستعداد الوراثي مقترنًا بالعوامل البيئية، والتغيرات في كيمياء الدماغ تلعب دورًا هامًا. ولكن من المهم معرفة أنك قد تتعرض لواحد أو أكثر من هذه الأسباب ولا تصاب باضطراب الشخصية الحدية أبدًا.

1. علم الوراثة

تشير الأبحاث إلى أن الوراثة مثل وجود قريب من العائلة يعيش مع اضطراب الشخصية الحدية. قد تزيد من خطر الإصابة بهذه الحالة. لكن العلماء لم يعثروا على جين معين متعلق بتطور هذا الاضطراب.

2. العوامل البيئية

قد تزيد بيئتك من خطر الإصابة باضطراب الشخصية الحدية. وفقًا لمراجعة نُشرت فيfrontiers in Psychiatry عام 2021، درست تأثيرات التجارب الصادمة في الطفولة لخصت أنه عندما “تتفاعل البيئة العائلية المختلة التي تنتج الصدمات مع السمات المزاجية الفطرية للطفل أو الأشكال الجينية المحددة تزيد فرصة الإصابة”. بعبارة أخرى عندما تقترن بالبيئة المجهدة لفترات طويلة وعوامل الخطر الجينية الأخرى. فإن الصدمات الناتجة عن سوء المعاملة أو الاعتداء الجنسي أو التنمر أو الضغوطات الأخرى في طفولتك قد تتسبب في الإصابة باضطراب الشخصية الحدية.

3. التغييرات في بنية ووظائف المخ

تشير بعض الأبحاث إلى أن التغيرات في كيفية عمل الدماغ وهيكله قد تزيد من خطر الإصابة. قد تؤثر التغييرات على السلوكيات الاندفاعية وتجعل من الصعب تنظيم العواطف. ومع ذلك ليس واضحًا ما إذا كانت التغييرات تحدث كسبب محتمل أو عامل خطر، أو إذا حدثت نتيجة التعايش مع اضطراب الشخصية الحدية.


أعراض اضطراب الشخصية الحدية

يمكن أن يسبب اضطراب الشخصية الحدية (BPD) مجموعة واسعة من الأعراض، والتي يمكن تصنيفها على نطاق واسع في 4 جوانب رئيسية، وي: الاضطراب العاطفي، والإدراك المضطرب، والسلوك الاندفاعي – والعلاقات غير المستقرة مع الآخرين.

1. الاضطراب العاطفي

إذا كنت مصابًا باضطراب الشخصية الحدية، فقد تواجه مجموعة من المشاعر السلبية الشديدة في كثير من الأحيان مثل: المشاعر طويلة الأمد بالفراغ، والوحدة. وقد يكون لديك تقلبات مزاجية حادة خلال فترة زمنية قصيرة.

من الشائع أن يشعر المصابون بالرغبة في الانتحار، وباليأس، ثم يشعرون بإيجابية إلى حد معقول بعد بضع ساعات. يشعر بعض الناس بتحسن في الصباح والبعض الآخر في المساء.
يختلف النمط لكن العلامة الأساسية هي أن حالتك المزاجية تتأرجح بطرق غير متوقعة. إذا كانت لديك أفكار انتحارية: اتصل بطبيبك أو اتصل بصديق أو فرد من العائلة أو شخص تثق به.

إذا تم تشخيصك باضطراب الشخصية الحدية فأخبر شخصًا تثق به بشأن حالتك. امنح هذا الشخص تفاصيل الاتصال بفريق رعايتك واطلب منه أو منها الاتصال بالفريق إذا أصبح قلقًا بشأن سلوكك.

2. أنماط التفكير المضطربة

يمكن أن تؤثر أنواع مختلفة من الأفكار على المصابين بما في ذلك: الأفكار المزعجة – مثل التفكير في أنك شخص فظيع، أو الشعور بانعدام قيمتك. قد لا تكون متأكدًا من هذه الأفكار، وقد تطمئن إلى أنها ليست حلقات موجزة حقيقية لتجارب غريبة – مثل سماع أصوات خارج رأسك لدقائق في كل مرة.
قد تبدو هذه في كثير من الأحيان وكأنها تعليمات لإيذاء نفسك أو الآخرين. وأحيانًا لا تكون متأكدًا مما إذا كانت هذه نوبات حقيقية مطولة من التجارب غير الطبيعية. حيث قد تواجه كلتا الهلوسة (أصوات في الخارج رأسك). والمعتقدات المؤلمة التي لا يمكن لأحد أن يخرجك منها (مثل الاعتقاد بأن عائلتك تحاول سرًا قتلك). قد تكون هذه الأنواع من المعتقدات ذهانية.

من المهم أن تحصل على المساعدة إذا كنت تعاني من الأوهام.

3. السلوك المندفع

إذا كنت مصابًا باضطراب الشخصية الحدية، فهناك نوعان رئيسيان من الدوافع التي قد تجد صعوبة بالغة في السيطرة عليها: دافع لإيذاء النفس. مثل قطع ذراعيك بشفرات الحلاقة أو حرق جلدك بالسجائر في الحالات الشديدة خاصةً إذا كنت تشعر أيضًا بالحزن الشديد والاكتئاب. يمكن أن يؤدي هذا الدافع إلى الشعور بالانتحار وقد تحاول القيام بدافع انتحاري قوي للانخراط في أنشطة متهورة وغير مسؤولة. مثل الإفراط في تناول الكحوليات أو تعاطي المخدرات، أو الإسراف، أو القمار، أو ممارسة الجنس غير المحمي مع الغرباء.

4. العلاقات غير المستقرة

إذا كنت مصابًا باضطراب الشخصية الحدية. فقد تشعر أن الآخرين يتخلون عنك عندما تكون في أمس الحاجة إليهم، أو أنهم يقتربون منك كثيرًا ويخنقونك. عندما يخشى الناس الهجر يمكن أن يؤدي ذلك إلى الشعور بالقلق الشديد والغضب. يمكنك بذل جهود محمومة لمنع تركك بمفردك مثل: إرسال رسائل نصية أو اتصال هاتفيًا بشخص ما بشكل مفاجئ في منتصف الليل، أو التشبث بهذا الشخص جسديًا وتهديده بإيذاء نفسك، أو قتلها إذا تركك هذا الشخص.
بدلاً من ذلك، قد تشعر أن الآخرين يخنقونك، أو يتحكمون بك أو يزاحمونك، مما يثير لديك أيضًا خوفًا وغضبًا شديدين. يمكنك بعد ذلك الرد من خلال التصرف بطرق تجعل الناس يذهبون بعيدًا مثل الانسحاب العاطفي، أو رفضهم، أو استخدام الإساءة اللفظية. قد يؤدي هذان النمطان إلى علاقة “حب – كراهية” غير مستقرة مع أشخاص معينين.

يبدو أن العديد من الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية الحدية عالقون في نظرة جامدة جدًا للعلاقات “السوداء والبيضاء”. إما أن تكون العلاقة مثالية وهذا الشخص رائع، أو أن العلاقة محكوم عليها بالفشل وهذا الشخص مروع. يبدو أن الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية الحدية غير قادرين أو غير راغبين في قبول أي نوع من “المنطقة الرمادية” في حياتهم الشخصية وعلاقاتهم.

بالنسبة للعديد من الأشخاص المصابين، فإن العلاقات العاطفية (بما في ذلك العلاقات مع مقدمي الرعاية المحترفين) تتضمن حالات ذهنية “اذهب بعيدًا / من فضلك لا تذهب” ، وهو أمر محير لهم ولشركائهم. للأسف يمكن أن يؤدي هذا غالبًا إلى الانفصال.


العلاج

1. العلاج النفسي

العلاج النفسي مثلما تحدثنا في مقالات سابقة يمثل العلاج بالكلام ويعتبر علاج أساسي لعلاج اضطراب الشخصية الحدية.

ترتبط المشاكل في هذا الاضطراب بطرق الشخص المعتادة في التواصل مع الآخرين والتعامل مع العقبات. يميل المصابون إما إلى جعل المعالج مثاليًا، أو الشعور بالإحباط بسهولة. إنهم يبالغون في ردود أفعالهم تجاه خيبة الأمل. لذلك يكون من الصعب عليهم الحفاظ على علاقة مع أخصائي الصحة العقلية.

يختبر هذا الاضطراب مهارة المعالجين الذين يتعين عليهم استخدام مجموعة من الأساليب ليكونوا فعالين. يتمثل التحدي الرئيسي في أن الشخص الذي يعاني من اضطراب الشخصية الحدية قد يفهم المشكلات الشخصية أو استراتيجيات التأقلم على المستوى الفكري، ولكنه لا يزال يجد صعوبة بالغة في تحمل الانزعاج العاطفي في العلاقات. حتى عندما يكون لديهم بصيرة فقد يظلون يواجهون صعوبة في إدارة العواطف الشديدة بشكل أكثر نجاحًا.

يُطلق على أحد الأشكال الشائعة للعلاج النفسي المنظم علاج السلوك الجدلي (DBT). يحاول أخذ المشكلات الخاصة لاضطراب الشخصية الحدية في الاعتبار، وذلك باستخدام مزيج من تقنيات العلاج النفسي والتعليم والعلاج النفسي الفردي والجماعي لدعم تقدم المريض.


يحاول العلاج الثاني المسمى (العلاج المركّز على المخطط) معالجة وجهات النظر غير المتكيّفة التي يُعتقد أنها نشأت في الطفولة واستبدال هذه “المخططات” بأخرى أكثر صحة من خلال مجموعة متنوعة من تقنيات العلاج المعرفي. من الصعب نسبيًا إجراء الأبحاث حول العلاج النفسي لاضطراب الشخصية الحدية. نظرًا لاختلاف المشاكل في هذا الاضطراب على نطاق واسع يميل الباحثون إلى دراسة بعض العوامل في وقت واحد. في بعض الدراسات قلل DBT من تكرار إيذاء النفس وشدة التفكير الانتحاري. كما ثبت أنه يقلل من شدة أعراض الاكتئاب أو القلق.

هناك أيضًا علاط يعرف ب (العلاج النفسي الذي يركز على التحويل) ينظر المعالج والمريض عن كثب في الموضوعات العاطفية التي تنشأ بينهما. يُعتقد أن الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدية يواجهون صعوبة كبيرة في فهم الاختلاف بين منظورهم ومنظور الآخرين (بما في ذلك المعالج). لذلك من ناحية، فإن الهدف من العلاج هو اكتساب منظور حول نظرتهم للعالم، واستخدام ما تعلموه لإدارة مشاعرهم وسلوكياتهم بشكل أفضل. لقد ثبت أن العلاج النفسي القائم على التحويل فعال نسبيًا في تقليل التهيج والاندفاع والاعتداء.


طريقة أخرى من العلاج النفسي تسمى العلاج القائم على العقلية (MBT). وهو يقوم على فكرة أن الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدية يجدون صعوبة في “التفكير العقلي” أو فهم مشاعر ومشاعر ومعتقدات أنفسهم والآخرين. يعمل المعالج على مساعدة الشخص على تطوير طرق أكثر تكيفًا للتفكير في المشاعر والتعبير عنها. يحاولون مساعدة الفرد على استقرار إحساسه بالذات مع إدارة الصعود والهبوط في العلاج.

يتمثل أحد محاور الاهتمام في شدة شعور المريض بالارتباط (أو الانفصال) تجاه المعالج.

2. العلاج بالدواء

كما هو الحال مع العلاج النفسي لا يوجد دواء واحد مفيد بشكل واضح في اضطراب الشخصية الحدية. بدلاً من ذلك تُستخدم الأدوية عادةً لعلاج الأعراض عند ظهورها، أو لعلاج الاضطرابات الأخرى التي قد تكون موجودة (مثل اضطراب المزاج أو القلق أو مشكلة تعاطي المخدرات). هناك القليل من الأدلة على أن مضادات الاكتئاب تساعد في علاج الأعراض الأساسية لاضطراب الشخصية الحدية، ولكنها قد تكون مفيدة إذا كانت هناك أعراض واضحة للاكتئاب والقلق. هناك المزيد من الأدلة على أن مثبتات الحالة المزاجية ومضادات الذهان تعمل على تحسين مشاكل التحكم في الانفعالات والعدوانية والتفكير المشوه. الفوائد متواضعة ويجب موازنتها بالآثار الضارة لهذه الأدوية.

بالإضافة إلى ما هو اضطراب الشخصية الحدية؟ اقرأ أيضًا: مقدمة حول اضطرابات الشخصية

مصادر ما هو اضطراب الشخصية الحدية؟:
1. clevelandclinic.org
2. harvard.edu
3. nhs.uk
4. healthline.com

النظرية المعرفية في اكتساب اللغة

هذه المقالة هي الجزء 5 من 7 في سلسلة مقدمة في نظريات اكتساب اللغة

النظرية المعرفية في اكتساب اللغة

تلخص النظرية المعرفية أو الإدراكية (Cognitive Theory) عملية اكتساب اللغة على أنها إحدى مظاهر النمو الفكري للطفل [1]. إذ يجب للطفل أن يدرك المفاهيم المحيطة به قبل أن يكتسب اللغة التي تعبر عن تلك المفاهيم. وقد عمل عالم النفس السويسري “بياجيه – Piaget” على فهم النمو المعرفي عند الأطفال من خلال مراقبة أطفاله الثلاثة وتدوين ملاحظاته بشكل يومي. كما قام بإجراء مقابلات ومراقبات إكلينيكية مع أطفال أكبر سناً باستطاعتهم فهم الأسئلة والخوض في حوارات [2].

أساس النظرية المعرفية

ترى نظرية بياجيه في النمو المعرفي أن ذكاء الطفل يتغير مع نموه. ولا يتمثل نمو الطفل المعرفي باكتساب المعارف فحسب، بل ينطوي أيضاً على تركيب نموذج عقلي عن العالم. وينتج هذا النموذج عن طريق التفاعل بين مقدرات الطفل الأصيلة وما يحدث في البيئة المحيطة به. وتتألف رحلة النمو المعرفي من أربع مراحل مختلفة يمر بها الطفل وتعكس مدى الزيادة في تعقد أفكاره مع التقدم بالعمر. إذاً، فإن النمو البيولوجي والنضج والتفاعل مع البيئة هي عوامل تحدد نمو الطفل المعرفي، وتنقله في المراحل التي تسير بترتيب معين. لكن بياجيه لم يربط تلك المراحل بأعمار محددة، بل من الممكن أن تتفاوت الأعمار التي ينتقل بها الأطفال من مرحلة إلى أخرى [2].

مراحل النمو المعرفي

أما عن هذه المراحل، فهي المرحلة الحسية الحركية (Sensorimotor stage)، ومرحلة ما قبل العمليات (Preoperational stage)، ومرحلة العمليات المحسوسة (Concrete operational stage)، ومرحلة العمليات المجردة (Formal operational stage) [2].

يعتقد بياجيه أنه لا يمكن للمعرفة أن تنبثق ببساطة من التجربة. بل يؤمن بوجود تراكيب قائمة أصلاً، وضرورية للمساعدة في فهم العالم. فالأطفال يولدون مجهزين بتركيب عقلي أساسي تبنى عليه المعارف الجديدة، ويمكن تحقيق النمو المعرفي العقلي عن طريق إدماج الأطر المفاهيمية البسيطة للمعرفة مع أطر بمستوى أعلى في كل مرحلة من مراحل النمو. ويسمي بياجيه هذه الأطر المفاهيمية بالسكيما (Schema) [3].

النمو المعرفي واكتساب اللغة

يبدأ الأطفال باكتساب اللغة في المرحلة الأولى التي يتطور فيها الإدراك الحسي والحركي. كما ذكرنا سابقاً، ينبغي أن يستوعب الطفل ما يحيط به من مفاهيم وأشياء قبل أن يكتسب اللغة للتعبير عنها. وفي هذه المرحلة، تتطور مجموعة من القدرات المعرفية وأهمها ديمومة الكائن (object permanence). وتكمن أهمية هذه القدرة أو الفهم بأنها تكون نتيجة تطور “سكيما” تمثيل الأشياء عقلياً حتى وإن لم تكن موجودة. أي يصبح بإمكان الطفل بعد عدة أشهر من المرحلة الأولى في النمو المعرفي أن يستوعب بقاء أغراضه أو ألعابه موجودة حتى وإن لم يكن يراها [2].

ولفهم ديمومة الكائن أهمية كبرى لأن الطفل يبدأ باستيعاب أن الأشياء هي أمور منفصلة ومستقلة بوجودها، ومن هنا يصبح بإمكان ربط تلك الأشياء بأسمائها واستخدام الكلمات للدلالة عليها [4].

 أي أن ظهور اللغة في هذه المرحلة يكون نتيجة إدراك الطفل لأهمية الكلمات في التعبير عن الأشياء والمشاعر [2]. ولكن لغة الطفل هنا تتميز بتمحورها حول ذاته، ويتمثل هدفها بالتواصل من أجل نفسه [3].

أما في مرحلة ما قبل العمليات، تشهد اللغة تقدماً سريعاً بسبب تطور السكيما العقلية لدى الطفل، والذي يسمح له بالتقاط عدد كبير من الكلمات الجديدة بسرعة. يصبح بوسع الأطفال هنا تركيب جمل بدائية بعض الشيء، وهذا يمثل انتقالاً من مرحلة الكلمة الواحدة [3].

ثم تأتي مرحلة العمليات المحسوسة، وتشهد تحولاً في طريقة تفكير الطفل التي تصبح أكثر منطقية، وتتوجه نحو أحداث ملموسة في البيئة المحيطة. كما يبدأ الطفل بالتفكير بحل المشكلات التي تواجهه. ينعكس هذا التطور في اللغة المكتسبة، والتي تصبح أكثر اجتماعية من كونها متمحورة حول الذات [3].

عند الوصول للمرحلة الأخيرة، وهي مرحلة العمليات المجردة، يكون استيعاب الشخص – الذي أصبح الآن بالغاً – قد تطور أكثر وأصبح يضم مفاهيم وأفكاراً مجردة. وبناء على هذا التطور تتغير اللغة لتلبي الحاجة للحديث عن مواضيع أخلاقية أو فلسفية [3].

مواطن ضعف النظرية المعرفية

تواجه النظرية المعرفية انتقادات تطال محدودية بعض جوانبها. فيلاحظ عالما النفس فيغوتسكي (Vygotsky) وبرونر (Bruner) أن بياجيه فشل في احتواء كافة الجوانب الثقافية والاجتماعية في تجاربه. حيث اقتصرت ملاحظاته على سياقات محددة ثقافياً. كما يرى هذان العالمان أن لبيئة الطفل الاجتماعية والأشخاص الراشدين من حوله دوراً مهماً في تطور قدراته المعرفية واكتسابه للغة. وعند الحديث عن رحلة النمو المعرفي، يرى فيغوتسكي وبرونر أن هذا التطور يحدث على شكل عملية واحدة مستمرة لا على شكل مراحل متعاقبة [3].

في النهاية، أجرى بياجيه أبحاثه ومراقباته لوحده، وكانت البيانات التي جمعها قائمة على تفسيره الشخصي للأحداث. أي أن منهجية البحث التي استخدمها تميل إلى كونها منحازة للتفسيرات الشخصية [2].

المصادر

  1. Theories of language acquisition
  2. Simply Psychology
  3. Cognitive Theory – Study Smart
  4. Very well mind

ما هو التحفيز الذاتي؟ وكيف تحفز نفسك وطفلك ذاتيًا؟

يعرّف التحفيز الذاتي على أنه دافع داخلي لتحقيق شئ ما. عندما لا يتعلق الأمر بمكافأة خارجية بل بمتعة يجدها المرء في العمل نفسه. فيكون الحافز الوحيد للشخص ما تنطوي عليه المهمة من تحدٍ وما تتركه من رضا، دون انتظار مردود من أي شخص أو مؤسسة[1].

الشعور بالكفاءة كوقود للتحفيز الذاتي

وجدت بعض الدراسات أن الشعور بالكفاءة جزء لا يتجزأ من التحفيز الذاتي. فعندما تُتم مهمة صعبة أو تكتسب مهارة جديدة تشعر بالإنجاز. وتتقد فيك الرغبة لبدء مهام أخرى وإكمالها والبحث عن هدف جديد لاختبار ذات الشعور مرة أخرى[1].

ولنا في ألعاب الفيديو آية. عندما ينتقل لاعب من مستوى لمستوى أعلى يتعاظم تصميمه على إنهاء اللعبة، ما يجعل لعبة الفيديو الجيدة إدمانًا لدى المستخدمين. يلعب المستخدمون للاستمتاع وتجاوز المستويات دون انتظار مكافأة خارجية. 

عوامل تؤثر على التحفيز الذاتي

  • الإرادة الحرة.
  • درجة الأُلفة مع المحيط.

يعمل التحفيز الذاتي تحت ظروف معينة؛ تحدده معرفة الفرد بأنه يمتلك الإرادة وحرية الاختيار لأداء العمل من عدمه.

في دراسة سابقة، طلب الباحثون من بعض طلاب الجامعة حل أحجية. على أن يُكافأ نصف المشاركين بجائزة مالية أما النصف الآخر فعملهم تطوعي تمامًا. بعد حل الأحجية، تُرك المشاركون في التجربة للتمتع بوقت مستقطع. لنجد أن نصف العينة، وهم الذين لم يعطهم الباحثون جائزة مالية، رحّبوا بحل أحجية جديدة. أما أاولئك الذين جنوا مالًا مقابل عملهم، لم يضيعوا وقتهم في أحجية أخرى[1]

لن يصبح اختيارك نابعًا من داخلك بعد أن تقف مكافأة خارجية في المتناول على بعد خطوتين منك.

من العوامل المؤثرة أيضًا درجة الألفة مع المحيط. فعندما يشعر الشخص بالأمان والاحترام ويختبر اهتمام من حوله، يتحفز لإنجاز المهمة. فالطفل الذي يتصل بأمه أكثر ويستشعر اهتمامها يبدي رغبة أكبر في الاستكشاف. 

وفقًا لإحدى الدراسات، عندما يعمل الأطفال على مهمة مثيرة في وجود شخص غريب، يتضاءل حماسهم بمجرد أن يشيح الغريب بوجهه. وربما يتوقف الطفل عن اللعب إذا لمس التجاهل بقية من حوله[1].

آباء يعيقون التحفيز الذاتي

واحدة من أكثر الطرق شيوعًا لمكافأة الأبناء هي الجوائز. سواء كانت جائزة مادية كلعبة يحبها أو مال يشتري به الحلوى، أو معنوية كوقت إضافي على جهاز الآيباد.

يأمل الآباء أن يربط أطفالهم بين السلوك الجيد والمكافأة، ويُنمّون -بغير قصد- الإشراط الاستثابي لديهم[2].

يتمثل الإشراط الاستثابي في ربط السلوك بالمكافأة (الثواب) وعليه يرى الباحثون أن تلك الجوائز تضعف التحفيز الذاتي لدى الأطفال تحديدًا. فقد يقلع الفرد عن نشاط يحبه بعد تلقيه مكافأة مقابل هذا العمل. لأنه ينسى سببه الحقيقي (الداخلي) وتتفلت منه ما كانت يومًا دوافعه[3].

سبع خطوات تقودك إلى التحفيز الذاتي:

  • جد الجزء الممتع الذي قد يبقيك مستغرقًا في العمل.
  • ابحث عن المعنى من وراء ما تفعل، مثل قيمة العمل وغرضه الأسمى وكيف يمكن أن يساعد الآخرين.
  • تحدى نفسك، وركز في ذلك التحدي على اكتساب المهارات كنتيجة نهائية لا مكافآت خارجية.
  • ساعد شخصًا.
  • اكتب قائمة بأشياء تريد فعلها وحقق واحدًا كلما خبى عزمك.
  • اشترك في مسابقة وركز على روح الفريق ومستوى اللعب أكثر من النتيجة.
  • قبل أن تبدأ في مهمة، تخيل آخر وقت أنجزت فيه وكيف كنت فخورًا بنفسك حينها، وأبق هذه الصورة نصب عينيك.

هكذا يصبح الإنجاز الأول وقودًا تتبعه سلسلة من الإنجازات حتى نقطة الرضا عن النفس. يذكرنا التحفيز الذاتي بقدراتنا اللامحدودة على فعل أي شيء طالما أردناه حقًا. وأن السر وراء الإنجاز داخلي تمامًا، فمن يملك دواخله، يملك العالم.

المصادر:

1- Parenting for Brain
2- verywell mind
3- verywell mind

النظرية الفطرية في اكتساب اللغة

هذه المقالة هي الجزء 4 من 7 في سلسلة مقدمة في نظريات اكتساب اللغة

النظرية الفطرية في اكتساب اللغة

ترى النظرية الفطرية (Nativist Theory) أن قدرات البشر وعمليات التطور عندهم تكون موجودة منذ الولادة [1]. ولا يعد اكتساب اللغة استثناءً هنا. فحسب هذه النظرية، يولد البشر مع قدرة فطرية تمكّنهم من إنجاز عملية الاكتساب تلك. وقد حققت هذه النظرية ثورةً في مجال دراسة اكتساب اللغة لدى الأطفال بفضل العالم اللغوي الأمريكي نعوم تشومسكي (Chomsky) الذي يرى أن الأطفال يتعلمون لغتهم الأم دون الحاجة إلى تعليم رسمي. بل إن قدرتهم الفطرية هي التي تساعدهم على تنظيم قواعد اللغة، في حين يتمثل دور البشر الآخرين من حولهم في مساعدتهم بتفعيل هذه الموهبة [2].

أساس النظرية الفطرية

عند وصف اللغة بأنها ملكة فطرية، يقصد تشومسكي أن الأطفال يولدون مجهزين بمجموعة من القواعد حول اللغة في عقولهم. وقد أطلق على هذه المجموعة اسم النحو الكلي (Universal Grammar). تشكل هذه المجموعة الأساس الذي تُبنى عليه كافة اللغات البشرية. أي أنه وفقاً لتشومسكي، تشترك كافة اللغات بأساس واحد يكون موجوداً منذ الولادة. كما يرى في السهولة الكبيرة التي يتعلم بها الأطفال لغتهم الأم دليلاً يدعم فرضيته. إذ عند المقارنة، من شبه المستحيل أن يتعلم الأطفال الرياضيات أو ركوب الدراجة، مثلاً، بنفس الطريقة التي يتعلمون بها لغتهم [2].

النحو الكلي

ويعزو تشومسكي سهولة اكتساب اللغة الأم للنحو الكلي بناءً على عدة أسباب. أولاً، إن اللغة التي يتعرض لها الأطفال هي أبعد من أن تكون صحيحةً بالكامل. حيث أنه عندما يتحدث الكبار، يصدف أن يخطؤوا بالكلام أو يتلعثموا أو يقاطعوا بعضهم البعض. ولكن مع هذا، يتمكن الأطفال من اكتساب لغةٍ سليمة. بالإضافة لذلك، لا يقتصر اكتساب اللغة لدى الأطفال على نسخ ما يسمعونه من حولهم. بل يتعلمون أيضاً قواعد اللغة ويستخدمونها لإصدار جمل لم يسبق لهم أن سمعوها [2].

تقدم مجموعة النحو هذه عدداً محدداً من الاحتمالات الممكن استخدامها في اللغة. على سبيل المثال، توجد عدة طرق لترتيب الكلمات في الجملة، وجميعها مدرجة ضمن النحو الكلي. تتوزع هذه الطرق أو الأنماط المختلفة على لغات العالم. فنجد نمط “فاعل – فعل – مفعول به” في اللغات الإنكليزية والفرنسية والفيتنامية، كما يوجد ترتيب “فاعل – مفعول به – فعل” في اليابانية والتيبتية والكورية. ونرى ترتيب “فعل – فاعل – مفعول به” في الويلزية، أما ترتيب “فعل – مفعول به – فاعل” هو من قواعد اللغة الملغاشية [3].

وعليه، إن هذا العدد المحدد من الترتيبات هو جزء من النحو الكلي الذي يولد مع الأطفال، وعندما يبدؤون بالاستماع إلى أهلهم ومقدمي الرعاية، سيميز اللاوعي لديهم نوع اللغة التي يتعاملون معها. وبالنتيجة سيتم ضبط النحو والقواعد اللغوية وفقاً للصيغة الصحيحة. وهذا ما يسمى ضبط المعايير (setting the parameters). وكأن الطفل يُمنح مجموعة من الفرضيات عند ولادته، ويقوم بعد هذا بمطابقتها مع ما يسمعه من حوله. فالطفل لا يتلقى تعليماً مباشراً ورسمياً حول طريقة ترتيب الكلمات في الجملة، أو حول الكلمات التي تستخدم كفعل مثلاً. لكنه يدرك هذا بالفطرة التي تمكنه من التعامل مع المعلومات التي يتلقاها [3].

جهاز اكتساب اللغة

عند تفسير عملية اكتساب اللغة لدى الأطفال وطريقة اختيار القواعد الملائمة من مجموعة النحو الكلي، يتحدث تشومسكي عن جهاز اكتساب اللغة (Language Acquisition Device – LAD). وهو منطقة مفترضة من الدماغ تشرح كيف يمكن للأطفال أن يتعلموا اللغات بسرعة. إلا أنها ليست منطقة حقيقية يمكن رؤيتها عند التشريح، بل هي أقرب ما تكون إلى فكرة نظرية لتفسير اكتساب اللغة. حيث يشرح هذا الجهاز الطريقة التي يستخدم فيها الأطفال قدرتهم الفطرية لفهم اللغة وقواعدها [4]. ويفترض تشومسكي أن هذا الجهاز يتفعل عندما يسمع الطفل الكلام، وهو سمة بشرية لا تتواجد عند الحيوانات [5].

وقد عمل تشومسكي على تنقيح نظريته المتعلقة بجهاز اكتساب اللغة. فكان يعتقد أولاً أنه يضم مجموعة معارف محددة حول اللغة. ولكن فيما بعد، تطورت فكرة هذا الجهاز بأنها تمثل آلية عمل لاكتشاف قواعد اللغة أو استنتاجها [6].

مواطن ضعف النظرية الفطرية

كان عمل تشومسكي في مجال اللغة نظرياً، واهتمامه منصباً حول القواعد والنحو. ويتمثل قسم كبير من عمله بتفسيرات معقدة للقواعد النحوية. إلا أنه لم يتطرق في دراسته لأطفال حقيقيين. وتعتمد نظريته على تعرض الأطفال للغة في السياق المحيط بهم دون النظر في تفاعلهم مع الأطفال الآخرين أو مقدمي الرعاية. وعلاوة على ذلك، لا تشرح أبحاث تشومسكي الأسباب الكامنة وراء رغبة الطفل في الحديث أو ما يعرف بوظائف اللغة [7].

ولهذه الأسباب، قامت النظريات اللاحقة بالتركيز على الطرق التي يطور فيها الأطفال الحقيقيون اللغة لتلبية احتياجاتهم والتفاعل مع البيئة المحيطة، والتي تضم بشراً آخرين [7].

المصادر

  1. Encyclopedia of Child Behavior and Development
  2. Scientific Editing
  3. Noam Chomsky and Language Acquisition
  4. Study.com
  5. Nativist – Study Smart
  6. Chomsky – Study Smart
  7. Theories of language acquisition

النظرية السلوكية في اكتساب اللغة

هذه المقالة هي الجزء 3 من 7 في سلسلة مقدمة في نظريات اكتساب اللغة

النظرية السلوكية في اكتساب اللغة

تعد النظرية السلوكية (Behavioural Theory) إحدى نظريات علم النفس الخاصة بالتعلم. وتطرح فكرة أن تعلم جميع السلوكيات يتم عن طريق التفاعل مع البيئة في عملية تدعى الإشراط أو التكييف (conditioning) مع ظروف معينة محيطة بالشخص تسمى المحفزات. أي أن السلوك هو عبارة عن استجابة لتلك المحفزات [1]. وقد تم تطبيق هذه النظرية في علم اللغويات لتفسير عملية اكتساب اللغة الأم لدى الأطفال.

أساس النظرية السلوكية

يقوم المبدأ الأساسي للنظرية السلوكية على تحليلات السلوك البشري في التفاعلات التي تنطوي على استجابة محددة (response) لمحفز ما (stimulus)، والربط بين هذه الاستجابة وذاك المحفز. وكان عالم النفس الأمريكي إدوارد ثورندايك “Thorndike” أول من بحث في تفسير التعلم على أنه عملية خلق ارتباطات بين سلوك معين ونتائج هذا السلوك. كما طور عالم النفس الأمريكي ب. ف. سكينر “Skinner” نموذج الإشراط الإجرائي (operant conditioning) كجزء من نظرية التعلم القائمة على الاستجابة للمحفزات. حيث اعتبر سكينر أن التعلم بشكل عام هو عملية تأسيس عادات محددة، تنتج عن فعل التعزيز [2].

وعند البحث في الإشراط الإجرائي، تحدث سكينر عن نوعين من التعزيز يتلقاهما الشخص بناءً على سلوكه. فإما أن يتلقى تعزيزاً إيجابياً (positive reinforcement) عن طريق المكافأة (reward)، وهذا ما يثبّت السلوك محلّ الاهتمام. أو أنه يتلقى تعزيزاً سلبياً (negative reinforcement) عن طريق العقاب (punishment)، وهذا ما يحيّد السلوك غير المرغوب به [3].

السلوكية واكتساب اللغة

عند تطبيق السلوكية على عملية اكتساب اللغة، يقول سكينر أن الأطفال يعدلون استخدامهم للغة (أو يكيفوه!) كاستجابة للتعزيز. على سبيل المثال، قد يشعر الطفل بالجوع ويطلب الطعام باستخدام الكلمات المناسبة، كأن يقول “ماما، عشاء”. وهذا ما يؤدي إلى تعزيز إيجابي لهذا السلوك – المتمثل باستخدام اللغة – عن طريق إعطائه الطعام بالفعل، أو تلقيه للمديح والتشجيع من مقدم الرعاية. بالمقابل، عند استخدامه للغة بطريقة غير صحيحة، كأن يستعمل كلمات في السياق الخاطئ، سيتم تصحيحه، أو بأبسط الحالات تجاهله. وهذا ما يمثل تعزيزاً سلبياً ينتج عنه تهميش السلوك غير المرغوب، أي الاستخدام الخاطئ للغة. إضافة لهذا، يلتقط الأطفال اللكنات واللهجات العامية للغة من البيئة المحيطة. وهذا ما يدل على أن المحاكاة تلعب دوراً في اكتساب اللغة [3].

أما في مرحلة الدراسة، يصبح استخدام اللغة أكثر دقة وتعقيداً. ويمكن تفسير هذا بأن للمعلمين دوراً أكثر فعالية من دور مقدمي الرعاية في تصحيح الأخطاء لدى الأطفال. كما يرى بعض الباحثين أن تصحيح مقدمي الرعاية لأخطاء الأطفال هو تصحيح للمحتوى أكثر من تصحيح القواعد والتراكيب اللغوية. أي عندما ينطق الطفل بعبارة صحيحة من حيث المحتوى ولكنها خاطئة قواعدياً، سيتلقى تعزيزاً إيجابياً من مقدمي الرعاية بناءً على صحة حديثه. أما إذا حدث العكس، أي إذا استخدم الطفل لغة سليمة من ناحية القواعد ولكنها لا تنقل رسالة صحيحة المحتوى، فسيكون التعزيز سلبياً. فمقدمو الرعاية يهتمون بصحة الكلام وصدقه أكثر من دقته اللغوية. وتعتبر هذه من نقاط الضعف ضد النظرية السلوكية، حيث أن اللغة التي يسمعها الطفل ليست صحيحةً كل الوقت [3].

مواطن ضعف النظرية السلوكية

إذاً تواجه النظرية السلوكية انتقاداتٍ متعلقةً بمحدودية بعض أفكارها. كما ذُكر سابقاً، يصعب شرح كيفية اكتساب الأطفال للصيغ القواعدية في الوقت الذي لا يتلقون فيه تعزيزاً كافياً من هذه الناحية، أي قبل دخولهم للمدرسة. وأيضاً، يرى بعض الباحثين أن عملية التعزيز الإيجابي هي بطيئة مقارنة مع كمية المفردات التي يكتسبها الأطفال في سنوات اكتسابهم للغة. ثم إن النظرية السلوكية لا تشرح الاختلافات الفردية كتلك المرتبطة بمستوى الذكاء. وأخيراً، فإن الطبيعة المعقدة للعديد من جوانب اكتساب اللغة تجعل شرحها بطريقة الإشراط الإجرائي أمراً غير كافٍ [4].

المصادر

  1. Behaviorist Approach – Simply Psychology
  2. BEHAVIORIST THEORY AND LANGUAGE LEARNING – Dr Mehmet DEMİREZEN
  3. Behavioural Theory – Study Smart
  4. Behaviourist Theory of Language Acquisition

نظريات اكتساب اللغة

هذه المقالة هي الجزء 2 من 7 في سلسلة مقدمة في نظريات اكتساب اللغة

نظريات اكتساب اللغة

قبل الحديث عن نظريات اكتساب اللغة، لا بد أولاً من إعطاء فكرة عن هذه العملية وخواصها. يُعرّف اكتساب اللغة على أنه التطور التدريجي للمقدرة اللغوية لدى المتحدث. ويختلف اكتساب اللغة عن تعلمها بالنسبة للطريقة التي تتم من خلالها كل من هاتين العمليتين. وعند الحديث عن كيفية إتقان البشر للغتهم الأم منذ الصغر، فنحن نتحدث عن عملية اكتساب لا تتم بطريقة واعية ومخطط لها. بل تقوم على التأثر بالمحيط والتقاط اللغة من الناطقين بها مباشرة. وعليه تختلف عمليتا تعلم اللغة واكتسابها من ناحية طبيعة الخطوات التي تمران بها ومدى إدراك الفرد متعلم اللغة لما يحدث أو تحكمه به.

علم النفس اللغوي

يعد اكتساب اللغة من أبرز المحاور التي يجري البحث فيها ضمن علم اللغويات (linguistics). ولكن دراسته لا تقتصر على هذا العلم فحسب، إذ يمثل أيضاً أحد المواضيع المهمة في علم النفس (psychology). فينصب التركيز هناك على دراسة العمليات النفسية التي تمكّن البشر من إتقان اللغة واستخدامها. وعلى وجه الدقة، يسمى هذا القسم من علم النفس بعلم النفس اللغوي (psycholinguistics)، كما يطلق عليه أيضاً اسم علم اللغة النفسي. تنظر الأبحاث التي تجري تحت مظلة هذا العلم في تطور الحديث واللغة، وكيف يحدث فهم اللغة وإصدارها لدى الأفراد من مختلف الأعمار. ويعد اكتساب اللغة الأم، أي في مرحلة الطفولة، من أهم المحاور التي قامت حولها الكثير من النظريات والفرضيات [1].

اختلاف تفسير اكتساب اللغة

يفسر الباحثون عملية اكتساب اللغة لدى الأطفال بطرق مختلفة. وتتباين الأفكار المتعلقة بطبيعة المقدرة اللغوية لدى البشر، وبالعمر الأمثل لاكتساب اللغة. فيذهب البعض إلى أن اللغة أمر فطري يولد مع البشر ويتطور مع التقدم بالعمر. في حين يرفض آخرون هذا، ويعتبرون أن البيئة المحيطة هي العامل الأساسي في اكتساب البشر للغة. كما توجد فرضية تتعلق بالفترة العمرية التي ينجح فيها الأطفال بتطوير المقدرة اللغوية، وتسمى فرضية الفترة الحرجة (critical period hypothesis). باختصار، تقترح هذه الفرضية وجود فترة حرجة من عمر الإنسان يستطيع خلالها أن يتعلم لغةً معينةً ويتقنها كلغةٍ أمّ. تبدأ هذه المرحلة عند السنتين من العمر تقريباً، وتنتهي مع سن البلوغ. وبحسب هذه الفرضية، يصبح اكتساب اللغة أصعب بعد تجاوز هذه المرحلة، وتقل فرص النجاح، وهذا ما يفسر صعوبة تعلم اللغة لدى البالغين [2] [3].

حالة الطفلة “جيني” بالنسبة لنظريات اكتساب اللغة

يمكن توضيح الاختلاف في أفكار الباحثين حول تفسير عملية اكتساب اللغة عن طريق حالة طفلة أمريكية أطلق عليها اسم “جيني – Genie”. وقد كانت هذه الحالة – على غرابتها وقسوتها – موضوعاً مهماً في علوم اللغويات والنفس بشكل أساسي. في عام 1970، دخلت الطفلة جيني ذات 13 عاماً إلى أحد مشافي ولاية كاليفورنيا الأمريكية، بعد أن أنقذتها إحدى هيئات الخدمة الاجتماعية من والدها الذي كان يسيء معاملتها. فقد أمضت معظم حياتها مقيدة على كرسي في غرفة صغيرة مقفلة. ولم يكن مسموحاً لها بأن ترى أو تتواصل مع أي أحد، ما عدا والدتها التي كانت تدخل إلى غرفتها لبضع دقائق لا أكثر. بالنتيجة، وكما هو متوقع، لم يكن باستطاعة جيني استخدام اللغة عندما أُخرجت من عزلتها تلك. ولكن خلال فترة زمنية قصيرة، أصبح بإمكانها التجاوب مع حديث الآخرين وتقليد الأصوات والتواصل [4].

وقد كان لحالة جيني أثر كبير على دراسة اكتساب اللغة لدى الأطفال. فمن جهة، كانت لديها القدرة على تطوير الكلام واستخدام اللغة بعد تجاوزها عمر 13 عاماً. ولكن من جهة أخرى، كانت هذه القدرة بسيطةً، ولم تصل إلى مرحلة استخدام صيغٍ كلاميةٍ معقدةٍ قواعدياً. وهذا ما أثار تساؤل علماء النفس واللغويين على حد سواء، حيث أخذوا من حالة جيني وحرمانها فرصة لدراسة اكتساب اللغة لدى الأطفال، خاصة مع الأخذ بعين الاعتبار أنها كانت تعيش في بيئة لم يكن من المسموح فيه استخدام اللغة. ذلك الأمر حفز الجدال الأساسي، هل اللغة أمرٌ فطري أم أنها ناتجة عن التنشئة؟ هل نكتسب اللغة لأنها تولد معنا أو أنها تتطور لدينا بسبب وجودها في البيئة المحيطة بنا؟ كما أن حالة جيني كانت تدعم فرضية الفترة الحرجة لتعلم اللغة لدى الأطفال، وخاصة أنها لم تصل إلى مرحلة إتقان اللغة كلغة أم، حتى بعد إنقاذها والنجاح الخجول لمحاولات تعليمها الكلام والتواصل اللغوي [2].

نظريات اكتساب اللغة

إذاً، توجد العديد من النظريات التي تحاول تفسير طريقة اكتساب اللغة لدى الأطفال. منها ما يؤيد فكرة أن اللغة أمر فطري لدى البشر، تكون موجودة أصلاً، ثم تتطور. في حين تذهب نظريات أخرى إلى أن اللغة تنتج من المحيط وتتطور ضمنه. ولكن من الجدير بالذكر أن هذه النظريات ليست محض نظريات متناقضة، تحل إحداها محل الأخرى. بل تهدف كل نظرية منها إلى إغناء الفهم الكلي لفكرة اكتساب اللغة، ولكن عن طريق التأكيد على أحد الجوانب دوناً عن غيره في هذه العملية المعقدة. سنستعرض بعضاً من هذه النظريات بشكل عام، على أن يتم التوسع بكلٍ منها لاحقاً [5].

النظرية السلوكية في اكتساب اللغة

تعد النظرية السلوكية (Behavioural Theory) من أوائل نظريات اكتساب اللغة. ويعد عالم النفس الأمريكي “سكينر – Skinner” من أعلام السلوكية، وأحد أبرز الباحثين الذين يعزون تطور اللغة إلى تأثير البيئة المحيطة. وفقاً للسلوكية، يولد الأطفال مثل صفحة فارغة، دون أن يكون لديهم قدرة فطرية على تعلم اللغة. لكنهم يعتمدون في ذلك على التكيف مع البيئة المحيطة [6].

وفي تفسيره لاكتساب اللغة، يقترح سكينر أن الطفل يحاول تقليد والديه أو مقدمي الرعاية. وعندما ينجح بإصدار كلمات صحيحة، يقوم الكبار بتقديم الثناء أو المديح. وهذا ما يعزز محاولات الطفل الناجحة لإصدار اللغة الصحيحة، في حين ينسى المحاولات غير الناجحة التي لا يتم ترسيخها من المحيط [5].

النظرية الفطرية في اكتساب اللغة

من أبرز علماء اللغة الذين بحثوا في عملية الاكتساب وعملوا على تفسيرها هو الأمريكي “تشومسكي – Chomsky”. ويلمع اسم تشومسكي عند الحديث عن النظرية الفطرية (Nativist Theory) التي انتقد من خلالها سكينر والنظرية السلوكية. حيث يرى أن الأطفال لا يحصلون على مدخلات لغوية صحيحة بالقدر الكافي الذي يمكنهم من اكتساب اللغة السليمة. حيث أن الكبار من حولهم لا يستخدمون دائماً لغة صحيحة من ناحية القواعد أو التراكيب. كما أن الطفل لا يسمع إلا عدداً قليلاً من كلمات اللغة [5].

وعليه، تذهب النظرية الفطرية إلى أن الأطفال يولدون ولديهم مَلَكةٌ فطرية لاكتساب اللغة، الذي يحدث وفق عملية محددة بيولوجياً. يرى تشومسكي أن الدماغ تطور لدى الجنس البشري، وأصبحت داراته العصبية تحتوي على معلومات لغوية منذ الولادة. وتتحفز هذه القدرة الطبيعية على اكتساب اللغة عن طريق سماع الحديث الذي يستطيع عقل الطفل تفسيره نتيجة ما يحتويه أصلاً من قواعد وتراكيب. وهذا ما يطلق عليه في علم اللغة اسم “أداة اكتساب اللغة – Language Acquisition Device” [5].

النظرية المعرفية/الإدراكية في اكتساب اللغة

وضع عالم النفس السويسري “بياجيه – Piaget” اكتساب اللغة في إطار التطور العقلي أو المعرفي لدى الطفل، ويعد هذا من أهم مبادئ النظرية المعرفية أو الإدراكية (Cognitive Theory). حيث رأى أنه يجب للطفل أن يدرك المفاهيم التي يسمعها قبل أن يكون باستطاعته اكتساب لغة معينة تعبر عن تلك المفاهيم [5]. ويناقش بياجيه أنه لا يمكن للمعرفة أن تنبثق من مجرد التجربة العملية. بل ينبغي وجود تراكيب أو أنماط عقلية تساعد على فهم العالم. ويرى أن الأطفال يولدون ولديهم تركيب عقلي أساسي تبنى عليه المعرفة. ومع تطور إدراك الأطفال للعالم من حولهم، يصبح بمقدورهم اكتساب اللغة بشكل أكبر. على سبيل المثال، يشرح بياجيه أنه لا يمكن للأطفال استخدام زمن الماضي في حديهم أو إصداراتهم اللغوية ما لم يكونوا قد استوعبوا مفهوم الماضي وأدركوا دلالته [7].

النظرية التفاعلية في اكتساب اللغة

وفقاً للنظرية التفاعلية (Interactionist Theory)، يكمن الهدف من وجود اللغة في التواصل مع الآخرين، ولهذا لا يمكن تعلم اللغة إلا في سياق تفاعلي [5]. يعد عالم النفس الأمريكي “برونر – Bruner” من أبرز الأسماء التي أسهمت في النظرية التفاعلية وأول من ناقشها. حيث اقترح أن لدى الأطفال قدرة فطرية على تعلم اللغة، لكنهم بحاجة إلى تواصل وتفاعل مباشر مع الآخرين لتحقيق الطلاقة اللغوية الكاملة. أي أن مشاهدة التلفاز أو الاستماع للآخرين ليست كافية لاكتساب اللغة، بل لا بد للأطفال أن يتفاعلوا بشكل مباشر مع غيرهم كي يفهموا المواقف المختلفة الذي تستخدم اللغة ضمنها [8].

نظرية وظائف اللغة

تحدث اللغوي البريطاني “هاليداي – Halliday” عن سبع وظائف للغة (language functions) وتتدرج هذه الوظائف من ناحية التعقيد الذي يزداد مع تقدم الطفل بالعمر. يشرح هاليداي أنه مع تطور قدرة الأطفال على التعبير عن أنفسهم، تغدو حاجتهم للغة أكبر بصفتها رمزاً ثقافياً يساعدهم على أن يكونوا جزءاً من المجتمع. أي أنها ليست مجرد وسيلة للتواصل وحسب، بل إن تطور اللغة لدى الأطفال يتزامن مع تطور معرفتهم بالعالم من حولهم [9].

هل اكتسبت الطفلة جيني اللغة بعد عمر 13 عاماً؟

بالعودة إلى الطفلة جيني، كانت حالتها مجالاً لاختبار العديد من النظريات. فحتى مع عمرها المتقدم نسبياً، راقب الباحثون المراحل المعروفة لاكتساب اللغة لدى الأطفال. وبعد العمل معها، بدأت جيني تكتسب عدداً كبيراً من المفردات الجديدة. وقد كانت تمر فعلاً بالمراحل الأساسية التي يمر بها الأطفال، من مرحلة إصدار الكلمة الواحدة، إلى مرحلة الكلمتين، ثم الثلاث كلمات. ولكن لم يكن باستطاعتها تطبيق القواعد النحوية بفعالية، أو استخدام اللغة بطلاقة كاملة. وحتى عند تقدمها بالعمر وبلوغها سن الرشد، لم تنجح المحاولات في إكساب جيني “اللغة الأم” التي يمكن لها أن تتواصل عن طريقها. وقد دخلت قضيتها المعقدة تلك غياهب الكتمان نتيجة صعوبة وضعها وما ينطوي عليه من تعقيدات تتجاوز اهتمام علم اللغويات [2].

لكن مع كل الفرضيات والدراسات، يبقى البحث مفتوحاً في مجال علم النفس اللغوي لمحاولة الوصول إلى فهم أوسع لآلية اكتساب اللغة الأم لدى الأطفال.

المصادر

  1. Psycholinguistics – Science Direct
  2. Theories of Language Acquisition – Study Smart
  3. Critical Period – Study Smart
  4. George Yule, The Study of Language, 4th edition. Cambridge UP.
  5. Theories of Language Acquisition
  6. Behavioural Theory – Study Smart
  7. Cognitive Theory – Study Smart
  8. Interactionist Theory – Study Smart
  9. Halliday – Study Smart

ما أهمية استقرار الأسرة في حياة الطفل؟

يؤثر هيكل الأسرة وتكوينها على نمو الطفل. فهناك كثير من الأطفال يكبرون في أسر غير تقليدية. وهناك من يولدون ويترعرعون في أسر تقليدية، فهل النتيجة واحدة؟ وهل لنظام الأسرة وتكوينها أثر على نمو الطفل وتحسنه اجتماعيًا ونفسيًا ودراسيًا؟ وما أهمية استقرار الأسرة في حياة الطفل؟

أهمية الأسرة في حياة الطفل

تعتبر الأسرة نواة تكوين المجتمع، فهي المصدر الأول والمثل الأعلى لتربية الأطفال، إذ يتلقى فيها الأطفال القوة والاستقرار والقيم الاجتماعية.

لذا ثبات الأسرة واستقرارها عامل مهم لتنشئة الطفل، فالطفل يولد لا يعلم شيئًا، فتكون أول طريقة يتعلم بها عن طريق مراقبة الحياة اليومية التي يحيا فيها، فيبدأ في التقليد والمحاكاة، فسلامة الأسرة وجودتها من أساسيات نمو الطفل.

من هنا نجد أن الأسرة مسؤولة عن تشكيل الطفل والتأثير على قيمه ومهاراته وتنشئته الاجتماعية.

تعلم القيم

عندما تتعامل مع طفلك أو مع الناس عمومًا، مراعيًا الأخلاق المرغوبة مجتمعيًا، متجنبًا الغير محمود منها، سيلاحظ طفلك ذلك بالتأكيد، بل وسيقوم بالتقليد، فالطفل كقطعة الإسفنج، يمتصون كل شيء حولهم دون تمييز بين المحمود وغير المحمود.

وفي المراحل المتقدمة تكون لك الأولوية، والمساحة الكبرى لدى طفلك للحديث عن القيم وأهمية مراعتها، كذلك شرح العواقب الناتجة عن مخالفتها. إذا، عند تعلم القيم، نجد أن الأسرة هي النموذج الأول والأهم في تلقيها.

تعلم المهارات المختلفة

عندما يولد طفلك يبدأ بتعلم المهارات الحركية واللغوية والإدراكية والعاطفية،

وتقع مسؤولية تعليم هذه المهارات إلى حد كبير على عاتق الأسرة. مثلًا، فإن العمل الذي يحدده الوالدان في المنزل لتعليم هذه المهارات أكثر فعالية بكثير من الأعمال والإزامات التى يخضع فيها الطفل لرعاية شخص آخر. سيتعلم طفلك منك كيفية الجلوس والمشي واللعب وطريقة الأكل،… وهكذا. ربما تبدو هذه الأمور طبيعية جدًا بالنسبة إليك، لكنها مهارات يجب أن تصقل في سن صغيرة جدا.

كذلك المهارات اللغوية، عنصر أساسي آخر من عناصر دور الأسرة في تنمية الطفل. إذا لم تتحدث إلى طفلك وتعلمهم لغتك وأسلوبك، فإنها لن تنتقل إليهم أبدًا، لذا فتعليم أطفالك المهارات اللغوية منذ الصغر يعتبرأساسي لنمو الطفل.

والمهارة الأخرى الهامة جدًا لنمو الطفل هي المهارات العاطفية. فالمهارات العاطفية مهمة طوال حياة الطفل، فمن خلالها يتعلم الطفل كيف يكون لديه تعاطف مع الآخرين، وكذلك يمكنه تعلم كيفية التعامل مع النجاحات والإخفاقات التي تحدث دومًا في الحياة. إذا كان طفلك لا يملك المهارات العاطفية المناسبة، فلن يكون قادرًا على التعامل مع النتائج السيئة. كما يؤدي الافتقار إليها إلى خيارات غير سديدة عندما يكبر في السن.

فتصبح الأسرة مفيدة جدًا في تنمية مهارات الطفل خاصةَ عند تعدد الأطفال.

كذلك المهارات الاجتماعية المختلفة، تعززها الأسرة ذات العلاقات الناجحة، فتدريب وتعليم الطفل كيفية إجراء تفاعلات وجهًا لوجه أمر بالغ الأهمية في نمو الطفل. لأن التفاعلات المباشرة تتطلب استجابات فورية، وتعبيرات جسدية، وإشارات، وتحكم في النغمات الصوتية معينة.

الأسرة المصدر الأول للأمان

يحصل الطفل على إحساسه الأساسي بالأمن من عائلته وأسرته. ويعتمد عليها في الحصول على احتياجاته الأساسية كالمأوى والغذاء والملبس.

كذلك الأمن العاطفي في المنزل مهم جدًا لنمو الطفل وهو نوع من الأمان الذي لن يجده في أي مكان آخر. ففي المنزل حيث يتعلم الطفل كيف يكون نفسه فعلًا ويعبر عن نفسه بالكامل. لذا فإن تهيئة بيئة آمنة ومفتوحة في المنزل أمر حيوي ومهم للنمو الجيد.

فإحساس الأمن داخل الطفل هو سمة إيجابية مدى الحياة. ينمو الأمن ببناء الثقة بين أفراد الأسرة والطفل. عندما يشعر الطفل أن بإمكانه الوثوق بالآخرين من حوله، حينها سيكون أكثر راحة ليكون نفسه فعلا.

تأثير الطلاق على الأطفال

الطلاق يمثل تحولًا محوريًا في حياة جميع أفراد الأسرة، وغالبًا ما يكون مؤلمًا في عالم الطفل، بل يعتبره الطفل فقدان للأسرة. فهو أمر لا يتمنى الأطفال السماع عنه مطلقًا، ويواجهون صعوبة في تصور شكل حياتهم بعد ذلك. كما أن عمر الطفل وقت طلاق الوالدين يؤثر أيضًا على كيفية استجابته وعلى ما يجب استيعابه عن هيكل الأسرة الجديد.

فخلال سنوات الطفولة الأولى، يكون ارتباط الطفل بوالديه شيء رئيسي، وبالتالي فإن أي اضطراب كبير في حياتهما المنزلية قد يكون من الصعب عليه قبوله وفهمه. والأسوأ من ذلك، قد يعتقد الأطفال في هذا العمر أنهم أنانيون لطلبهم عدم الانفصال وربما يعتقدون أنهم هم السبب في انفصال والديهم. وقد يبكون ويريدون المزيد من الاهتمام أكثر من المعتاد، قد ينتابهم إحساس الخوف من التخلي عنهم.

آثار نفسية وقد يزيد الطلاق من خطر مشاكل الصحة العقلية لدى الأطفال والمراهقين. وبصرف النظر عن حالات الطلاق قد تزيد من خطر مشاكل الصحة العقلية لدى الأطفال والمراهقين. وبغض النظر عن العمر والجنس والثقافة ، يعاني أطفال الآباء المنفصلين بزيادة المشاكل النفسية.

فقد يتسبب الطلاق في حدوث اضطراب تكيف في الأطفال. كما أكدت الدراسات أن معدلات الاكتئاب والقلق أعلى في الأطفال المنفصلين آباءهم.

في حين أن الطفل قد يشعر في بداية الأمر بالضعف أو الحزن بشأن الطلاق، تشير الدراسات إلى أن أطفال الأسر الواقع فيها أمر الطلاق معرضون لخطر الإصابة بالاكتئاب. والأكثر إثارة للقلق.

كما تؤثر حالة الطلاق على علاقاتهم الاجتماعية، فقد يواجهون صراعات في علاقاتهم الخاصة، إذ أن الانقسام بين الوالدين قد يغير موقف الطفل تجاه العلاقات بشكل عام. وقد تكون أقل إثارة للدخول في علاقات طويلة الأمد وملتزمة.

والمرور بتجربة الطلاق في الأسرة يجعل خيار عدم تكوين أسرة خيارًا أوليًا لدى الطفل وقد يظهر له أن هناك العديد من البدائل لنماذج الأسرة. وقد يختارون المعاشرة فقط أي العيش معًا دون أن يكونوا متزوجين بدلًا من الزواج.

تأثير الطلاق على السلوك والأداء الأكاديمي

قد يعاني الأطفال من الأسر المطلقة من مشاكل سلوكية مثل اضطرابات السلوك، والانحراف، والسلوك الاندفاعي أكثر من الأطفال في الأسر المستقرة. بالإضافة إلى زيادة المشاكل السلوكية، قد يتعرض الأطفال أيضاً لمزيد من الصراع مع الأصدقاء بعد الطلاق.

أما عن الأداء الأكاديمي فالأطفال في الأسر غير المستقرة، لا يؤدون دائمًا بشكل جيد أكاديميًا، خاصةً إذا كان الطلاق مفاجئ وغير متوقع، في حين أن الأطفال من الأسر ذات الدلالات والمؤشرات التي تلوح بوقوع الطلاق، قد يكونون أفضل حالًا عن السابق ذكرهم.

قد يعاني الأطفال من الأسر المطلقة من مشاكل سلوكية مثل اضطرابات السلوك، والانحراف، والسلوك الاندفاعي أكثر من الأطفال في الأسر المستقرة. بالإضافة إلى زيادة المشاكل السلوكية، قد يتعرض الأطفال أيضاً لمزيد من الصراع مع الأصدقاء بعد الطلاق.

أما عن الأداء الأكاديمي فالأطفال في الأسر غير امستقرة، لا يؤدون دائمًا بشكل جيد أكاديميًا، خاصةً إذا كان الطلاق مفاجئ وغير متوقع، في حين أن الأطفال من الأسر ذات الدلالات والمؤشرات التي تلوح بوقوع الطلاق، قد يكونون أفضل حالًا عن السابق ذكرهم.

تعتبر تربية الأطفال أمرًا صعبة للغاية، لكنها مجزية جدًا. تذكر أن التربية ليست  أن تعلم طفلك فقط، بل تأكد من أنك تتصرف بالطريقة التي تتوقع أن يكون بها طفلك. من المستحيل أن تكون تمثل المثالية طوال الوقت، ولكن يمكنك أن تسعى دائمًا لأن تكون أفضل ما لديك عندما يتعلق الأمر بدورك في نمو الطفل. لا يوجد شخص مثالي ولا توجد عائلة مثالية.

ومع ذلك ، فإن معرفة مدى أهمية دور الأسرة في تنمية الأطفال أمر بالغ الأهمية. كوالدين، فأنتم أول معلمين لطفلكم. دوركم أكثر من كونه رعاية وتلبية طلبات ورغبات، معظم ما يتعلمه طفلك يحدث في المنزل مع عائلته. وعليك خلق بيئة يمكن فيها لطفلك أن يتعلم المهارات والقيم المناسبة وكذلك أن كيف ينشأ اجتماعيًا بشكل جيد وقوي، وأن يحصل على الأمن، كل ذلك يخلق أساسًا متينًا يمكن لطفلك  أن ينمو عليه.

المصادر

ncbi1

verywellfamily 2

ncbi3

ncbi4

ncbi5

كيف يتعلم الأطفال ضبط النفس؟

إن الحاجة إلى التحكم في الذات يُمكن أن يشعر البعض وكأنها مُضايقة في بعض الأحيان وشفقة أحيانًا أخرى، ولكن المهم والمطلوب هو تأثيرها القوي المذهل. يتعلق ضبط النفس بالقدرة على إدارة السلوكيات والعواطف للوصول إلى هدف طويل المدى.

لا يعني ذلك قطعًا أن الأطفال الذين يفتقرون إلى السيطرة على النفس، يفتقرون إلى الذكاء. أحيانًا يكون لدىأح الأفراد المتسرعون والذين يميلون إلى إلى المخاطرة نقاط قوة. وقد يصبحون مغامرين ومكتشفين وأصحاب مشاريع أو ربما مخترعين. لكن مع بعض المتاعب المتوقعة. وعلينا كأبوين أو رعاة مساعدتهم على إزالة العقبات والمتاعب من طريقهم قدرالإمكان، وتعلم الانضباط الذاتي وممارسة ضبط النفس هو أحد الأدوات السحرية في عملية التربية، لذا، يتساءل البالغون دائمًا: كيف يتعلم الأطفال ضبط النفس؟

ما هو الانضباط الذاتي لدى الأطفال؟

عُرف التحكم الذاتي بطرق عديدة مثل قوة الإرادة أو الانضباط الذاتي أو صوت الضمير الداخلي. لكن مهما كان تعريفك الخاص للانضباط الذاتي، فتظل وظيفة التحكم الذاتي هي القدرة على تنظيم نفسك وإدارة مهامك.

فالتحكم في الذات جزء من مجموعة من المهارات التي تسمح للأطفال والبالغين بإدارة أفكارهم وأفعالهم ومشاعرهم حتى يتمكنوا من إنجاز أمورهم، لذا يمنح الخبراء تلك المهارات سمة تنفيذية. فبالنسبة للأطفال، فإن تنظيم الجلوس، اللعب، مواعيد الوجبات والواجبات، وغيرها تنطوي على ممارسة التحكم والانضباط الذاتي بشكل مبسط، فهي مهارات تنمو مع الوقت.

وتقوم الرقابة الذاتية مباشرة على صنع القرار. فنقص السيطرة على النفس أثناء الطفولة المتمثل أكثر الأوقات في القليل من الطعام الممتع، أو وقت أكثر من المهام والواجبات المنزلية، مع القليل من نوبات الغضب. وعلى المدى القصي، قد تبدو الآثار المترتبة على هذه القرارات بسيطة إلى حد ما. ولكن أثناء مرحلة المراهقة، قد تكون عواقب سوء اتخاذ القرارات والافتقار إلى السيطرة على النفس وخيمة، سواء على المدى القصير أو الطويل.

ففي مرحلة المراهقة، تكون التجارب التي يتعرض إليها أطفالنا إلى حد كبير خارج أيدينا. هنا حيث يبدأون في اكتشاف من هم وأين وكيف يتلائمون مع العالم. ومستوى سيطرتهم على أنفسهم في هذه المرحلة من أهم الأمورالواجب عليهم ممارستها. لأنها ستلعب دورًا كبيرًا في اتخاذ قراراتهم وخوض تجاربهم، كذلك طريقة تطور دماغهم أثناء انتقالهم إلى مرحلة البلوغ. التحكم الذاتي في مرحلة الطفولة يؤدي إلى التحكم الذاتي في مرحلة المراهقة والذي بدوره يُهيئ دماغ طفلك للحياة.

كيف أصبح الانضباط الذاتي ضرورة؟

لقد حظيت دراسة نيوزيلندية  بإشادة دولية لضخامة بياناتها. إذ تابع الباحثون 1000 طفل منذ ولادتهم وحتى سن 32. فبدا الأطفال ذوو المستويات الأعلى من السيطرة على النفس في سن الخامسة كونهم أكثر عرضة “كبالغين” لأن يكونوا أكثر صحة وأكثر ثراء وأقل عرضة للإدمان أو الإدانة الجنائية.

من الناحية الدراسية، فإن للانضباط الذاتي أثر إيجابي على نتائج التعلم عمومًا، فهو العامل الرئيسي الذي يؤثر على المتعلم، إذا يسمح للمتعلم بتحقيق الأهداف الرئيسية.

ومن المعروف أن يميل عموم الأطفال إلى التمتع بمهارات ضعيفة في التنظيم الذاتي.

ولا يمكن إغفال وجود الكثير من التباين الفردي أيضًا. فبعض الأطفال لديهم المزيد من المشاكل في تنظيم أنفسهم، ويجدون صعوبة في ممارسة ذلك وتنظيمه.

ونعلم أن الكثير يعتمد على عمر الطفل. إذ يفتقر الأطفال الصغار إلى السيطرة الذاتية على الأطفال الأكبر سنًا. وتتطور السيطرة على النفس على مر السنين، مع حدوث بعض أكبر التغيرات بين سن 3 و 7 سنوات.

 وقد خلصت دراسة بارزة أجريت على مدى ثلاثة عقود إلى أن مستوى السيطرة على النفس لدى الأطفال البالغين من العمر خمس سنوات، هو أحد أكبر الأدلة على جودتهم الصحية والمالية، بالإضافة إلى نجاحهم كبالغين. ومعرفة كيفية زيادة السيطرة على النفس لدى الأطفال يمكن أن تساعدهم على السير على طريق يزدهرون ويتألقون فيه.

على الرغم من إشارة بعض الدراسات إلى أن الجينات تلعب دورًا في تشكيل تطور التنظيم الذاتي، إلا أنه يمكن أن يكون لدينا تأثير كبير على الطريقة التي يتصرف بها أطفالن ولكن، هل يستطيع الطفل مقاومة الإلهاءات؟ أيستطيع الإهتداء بالحافز الداخلي؟ هل يمكنه تأخير إشباع رغباته؟ أيمكنه رسم خططه المستقبلية والسير وفقًا لها؟

كيف نغرس ممارسة التنظيم الذاتي في سلوك الطفل؟

تؤكد الدراسات أن ذلك ممكن. يمكن بالفعل أن يستفيد الأطفال عندما نزيل أو نقلل الإغراءات والإلهاءات، وعندما نخلق بيئات تكافئ ضبط النفس. ويحتاج الأطفال أيضًا إلى رسائل تذكير في الوقت المناسب للبقاء على المسار الصحيح، ونصائح عملية ملموسة للبقاء على درب الدوافع، والتغلب على العقبات. وبصفتك الشخص البالغ أو المرشد في حياة طفلك، فإنك في وضع يسمح لك بتعزيز قدرتهم على النجاح وتحقيق العديد من الإنجازات في مرحلة البلوغ من خلال تعزيز قدرتهم على التحكم في الذات. فهل يمكن يمكن التدرج والوصول إلى الانضباط الذاتي عن طريق إزالة المشتتات والإلهاءات فقط؟ أم هو مسار يجب أن يسير فيه الطفل أيًا كانت المغريات؟ وكيف يمكن ذلك على أية حال؟

سنسرد لك بعض النقاط التي يمكنك من خلالها مساعدة طفلك على ممارسة تطوير التحكم في الذات:

  • اخلق الفرص لذلك دائمًا

اتاحة الفرص التي يتعين عليهم فيها أن يقرروا ما إذا كانوا سيمارسون السيطرة على أنفسهم أو يستسلمون للإغراء. مثال على ذلك، التصرف في الأموال وادخارها، مع إيضاح مستوى التقدم كل فترة.

  • وضع الحدود

توفر الحدود فرصًا لتعلم كيفية التنظيم الذاتي. فإذا لم تكن هناك حدود، إذًا من المستحيل تقريبا بالنسبة للطفل أن يعرف متى يحتاج إلى اللجوء إلى التحكم الذاتي. من المهم أن يعرفوا أين هي الحدود.

  • خلو البيئة المحيطة من الإجهاد قدر الإمكان

يعمل الإجهاد دائما على تعطيل المكابح العقلية، فالطفل في حالة التعب أو الإرهاق يفقد هدوءه، ويجد صعوبة في السيطرة على ذاته، كولي أمر عليك تقليل المشتتات ليسهل سيطرته على نفسه كطفل.

 وأشهر مثال على تلك الحالة هي المعركة القائمة بإستمرار أمام المحال التجارية أو محلات الألعاب، لا يمكنك إخفاء المحال من أمام أعينه، لكن يمكنك التحدث معه قبل الخروج، مؤكدًا له أنك متفهم أنه يريد شراء أشياء أو ألعاب لكن ليس هذا هو اليوم المناسب، وعليكما ترتيب تلك الأشياء وكتابتها سويًا في وقت لاحق، وهنا عليك الإلتزام بخطة زمنية للشراء. في تلك الحالة تكون قد جنبته الرغبة الحثيثة في الشراء هذا اليوم، وجنبته الارهاق النفسي في إقناعك بالشراء.

  • اترك له بعض المساحة

أنت أولًا وأخيرًا تتعامل مع طفل، يحب أن يشعر بالاستقلال وحرية الإرادة، فستجده لن يلتزم طول الوقت بخطه تضعها له، طالما الحدود موضوعة وواضحة، فلا قلق، فقط عدِد وضعه باستمرار في الواقف التي تُذكره بضرورة ضبط النفس والتحكم في الرغبات.

  • علمهم كيف يصرفون انتباههم (الصمود)

دائمًا ما يكون الانتظار قاسي جدًا على الأطفال، فهو يدفع الأطفال في التفكير المستمر فيما يريدون القيام به، لكن مهم جدًا تعويدهم الصمود والانتظار، وخلق المواقف لممارسة ذلك باستمرار، تعمد جعلهم يقومون بنشاط آخر بينما هم منغمسون في الانتظار، مع بعض المجهود الذهني.

  •  تعزيز وعيهم الذاتي

كلما زاد الوعي الذاتي لدى طفلك، كلما زادت سيطرته على سلوكه. ساعده على فهم الأشياء التي تميل إلى تقليل قدرته على ضبط النفس. استكشف قبله ما يحدث قبل أن يتخذ قرارات متهورة. ساعده يفهم نفسه بصدق وواقعية، هل هو يشعر بالتعب؟ هل هو إجهاد؟ أم جوع؟ ربما ملل أوقلق؟ دعه هو يجيب عن سؤاله لنفسه، فكلما زاد وعيه، كلما زاد تمكنه من الانصراف عن الأشياء التي تميل إلى إضعاف قدرته على ضبط النفس.

أخيرًا

من الطبيعي أن يحبط الأطفال أحيانًا، أو يندفعوا أحيانًا أخرى. سيجد كل طفل أسلوب لشق طريقة في العالم. وضبط النفس كبناء يُبنى بمرور الوقت، ولا هناك عجلة لهم لأن يصبحوا خبراء. فهي صفة يمكن تعزيزها مهما كانت أعمارهم. من البديهي أن يستغرق بناء الإنسان الصحي الواعي القوي وقتًا. كل ما عليك القيام به كمُرشد وموجه هو توفير الفرص التي سترعاهم بشكل جيد، وإرشادهم لكي يكونوا أفرادًا مميزين وناجحين لأنهم يستحقون منك أن تبذل المجهود لكي يُصبحوا كذلك.

المصـــــادر

pnas

ncbi

americanscientist

mackillop

kidshealth

sciencedirectassets

دوامة الصمت، لماذا نخاف من إبداء رأينا؟

دوامة الصمت مصطلح برز في سبعينات القرن الماضي، وهو نموذج يوضح قابلية الفرد لإبداء الرأي. وما الذي يجعل العديد من الناس خائفين من إبداء رأيهم. طرحت الباحثة في العلوم السياسية إليزابيث نويل-نيومان نظريتها في نموذج التي أطلقت عليه اسم دوامة الصمت، فما هي هذه الدوامة؟

دوامة الصمت Spiral of silence

منذ أن قدمت الباحثة إليزابيث نويل نيومان نظريتها المسماة دوامة الصمت. لقيت هذه النظرية صدىً واسعًا؛ وذلك لأهميتها في شرح تكوين الرأي العام في بيئة إعلامية. تحاول هذه النظرية أن تفسر كيفية تفاعل استهلاك الجمهور للوسائط الإعلامية. ذلك بالإضافة لمحاولة شرح عملية التفاعل بين المجموعات الرئيسية، وكيف يتفاعل هذان العنصران لتشكيل الآراء في المجتمع. [1]

النموذج اللولبي أو الحلزوني Spiral model


تطرح النظرية فكرة مرادها أنه بمرور الزمن سيحدث تأثير لولبي متصاعد spiraling effect. يصبح فيه الرأي السائد أكثر وضوحًا وأهمية من آراء أقل أهمية. ساعدت هذه النظرية بشكل كبير في تفسير التفاعلات التي تتم وجهًا لوجه في وسائل الإعلام، والتي تساعد في تشكيل بنية الرأي العام. تتميز افتراضات نظرية دوامة الصمت المترسخة في علم النفس الاجتماعي، بأنها مثيرة للجدل إلى حد ما. وذلك يعود لأن افتراضات نويل نيومان تتعارض مع وجهات النظر الشائعة عن الفرد العقلاني المستقل. ولكنها من أبرز النظريات التي يتم تكرارها في العلوم الاجتماعية. [2]

كيفية تشكل دوامة الصمت

تعتمد فكرة النظرية على أنه في حالة معينة بمتلك جميع الأفراد طريقة بديهية لمعرفة الرأي العام السائد. ويتم تشكل الدوامة هذه أو تعزيزها عندما يتحدث شخص في رأي الأغلبية بثقة لدعم رأي الأغلبية. بالتالي، يبدأ الأفراد بالابتعاد عن تعبير رأيهم وذلك نتيجة للخوف من الانعزال عن باقي المجتمع، أو نتيجة الخوف من عواقب مخالفتهم للرأي العام السائد. يتم اختبار التأثير اللولبي إلى درجة أنه ينشط دوامة هبوطية حيث تتراكم باستمرار المخاوف لدى الفرد أو الأفراد أصحاب رأي الأقلية المخالف للرأي السائد، بالتالي، لا يتم التعبير عن رأي الأقلية مطلقًا. [1]

دوامة الصمت الهبوطية
المصدر

الأجزاء الأربعة الرئيسية لنظرية دوامة الصمت

سعت نويل نيومان في نظرية دوامة الصمت إلى شرح كيف يعتمد رأي الفرد على آراء الآخرين من حوله. كما وضحت التفاعل الكامن وراء كيفية كسب الاتجاهات “trends” الدعم العام والانتشار. قامت بتلخيص المبادئ الرئيسية لدوامة الصمت في أربعة افتراضات.

الافتراض الأول: الجهاز شبه الإحصائي

أول افتراض تشير فيه نويل نيومان بأن كل فرد يمتلك عضوًا أو جهازًا “شبه إحصائي” وظيفته مراقبة الرأي العام حول قضية معينة. وأوضحت أن أسهل طريقة للعثور على الرأي السائد هي عن طريق عرضه قي الأماكن العامة. يشير المعنى شبه الإحصائي أن التفاعل الاجتماعي هو جوهر هذه النظرية. البشر بشكل عام ميالون إلى تجنب الأفعال التي تجعل منهم غير محبوبين. لذلك في سعيهم إلى ضمان محبة الآخرين لهم يحاولون التمسك بالرأي العام السائد وإخفاء أو قمع آرائهم الحقيقية. [3]
يجب عرض الرأي السائد بشكل متكرر على وسائل الإعلام، ويمكن مراقبته بعدة أشكال منها التغطية الإعلامية والمراقبة البيئية أو المناقشة الشخصية للقضايا. وتجادل نويل نيومان والعديد من العلماء أن وسائل الإعلام أهم وسيلة لنشر الرأي العام. ونظرًا لأن القضية يجب أن تكون قضية أخلاقية يلعب الإعلام دورًا هامًا في نشرها كونها مثيرة للجدل وذلك من خلال جذب مشاعر الجماهير. [4]

الافتراض الثاني: الرأي العام وعملية تشكل دوامة الصمت

وفي هذا الافتراض تفحص الباحثة دور الرأي العام والتفاعل بين الآراء الشعبية في العملية المتصاعدة لتحرك الدوامة. وعرفت الرأي العام على أنه وسيلة من الشعبية؛ وهو الرأي الذي يمكن التعبير عنه دون خوف . الجدير بالذكر أن هذه النظرية تشجع الأفراد من أصحاب رأي الأقلية على التزام الصمت. بالرغم من ذلك، عند تحديد فهم القضية المطروحة بشكل صحيح، يمكن لهذه الآراء المخفية أن تبطل جزءًا من النظرية. عندما تُخفى هذه الآراء فهي تمنع تشكيل مزيج متنوع من الآراء. مثلًا إن لم يعبر الفرد عن رأي غير شعبي مدعوم بالإحصاءات قبل العملية المتصاعدة “تصاعد الدوامة”، فإن الرأي الشائع بعد عملية التصاعد لن يأخذ بعين الاعتبار الرأي غير الشائع حتى لو كان مدعمًا بإحصاءات.إن الرأي الشائع قد لا يملك حججًا قويةً، ولكنه نظرًا لشيوعه ينجذب الجمهور له. [3]
عملية التصاعد اللولبي تنظر إلى الآراء على أنها شعبية أو غير شعبية، ولا تصنفها إن كانت صحيحة أو خاطئة، وذلك يعود إلى أن القضايا تكون في مرحلة المناقشة في مرحلة ما قبل الدوامة، وحتى بعد تحديد رأي الأقلية سيبقى هناك البعض من المؤيدين لرأي الأقلية لكونها صحيحة أخلاقيًا. إن عملية التصاعد هي السمة الأساسية للنظرية ومن خلالها يتأسس الرأي السائد، وبالتالي، فإن الآراء التي تبديها الأقلية يتم دفعها لأسفل الدوامة من قبل رأي الأغلبية، وعلى مرور الزمن يتكون لدى الناس تصورًا أن هناك رأي عام سائد. آراء الأقلية سوف تبقى محبوسة في قاع الدوامة، وبمكن أن تجد لنفسها دعمًا، وبالتالي فإنها لا تختفي تمامًا. [3]

الافتراض الثالث: تهديد الانعزال

بعد انتهاء عملية تصاعد الدوامة اللولبية، يظهر رأي الأغلبية الساحق مجبرًا الناس على اتباعه. ويجد العديد من الباحثين أن إمكانية تعبير الفرد عن رأيه تزداد بزيادة الدعم الاجتماعي الذي يحصل عليه والعكس صحيح. تم تصور هذا الالتزام باتباع الرأي العام بأنه شبيه بالرقابة الاجتماعية. وإن أعرب الفرد عن رأي مخالف لرأي الأغلبية سوف يوجاه العزلة بالتأكيد، تم وصف هذه العزلة بأنها تهديد قسري يفرضه المجتمع على الأفراد. ووضح الباحثون أن تهديد العزلة هذا يأتي من من المجموعات المرجعية للفرد مثل الأصدقاء والعائلة ومجموعة الأقران. ومع تزايد استخدام الوسائط الرقمية أصبح المجتمع المعولم أكثر ارتباطًا ببعضه، وقد توحي هذه الوسائط الرقمية بانطباع بأن هناك إجماع أكثر أو أقل لقضية معينة مما هو موجود بالفعل. [3]

الافتراض الرابع: احتمالية التعبير عن الرأي

ينص الافتراض الرابع على احتمالية قيام الفرد بالتعبير عن رأيه بشكل علني، ومن المرجح أن يبقى الرأي العام هو السائد بشكل حازم. وذلك يعود لموضوع اعتياد الناس على الدفاع عن رأي معين وإدانة ما يخالفه. لذلك فإن زيادة عدد تخلق ضغطًا شديدًا للحفاظ على الوضع الراهن. بالرغم من ذلك فإن هذا لا يمنع بعض الافراد من التعبير عن آرائهم دون الاكتراث برأي المجتمع. ويتصفون هؤلاء الأفراد بقلة تأثير دوامة الصمت عليهك، وهذا لأن تفكيرهم الاستراتيجي يساعدهم على تحقيق أهدافهم بدلًا من أن يشتت اهتمامهم الرأي العام السائد. [3]

الرأي العام وعلاقته بوسائل الإعلام

إن وسائل الإعلام هي نافذة العالم لرؤية ما يحدث ومعرفة كل شيء، فمن البديهي التأثر الشديد بأي خبر يأتي من هذه الوسائل. وبمعنى آخر، إن وسائل الإعلام تصوغ طريقة تفكير المشاهدين. في إطار نظرية دوامة الصمت تشكل وسائل الإعلام أفكار المشاهدين من خلال ضخ الأفكار المختلفة. عند قيام وسائل الإعلام بدعم قضية بشكل متكرر بطريقة تراكمية ومتسقة ، فسوف تحظى هذه القضية بتأييد الجماهير، وتشكل بالتالي الرأي العام. إن الرأي العام غير محدود بمكان أو زمان إنما يعيش مع المجتمع الحالي في زمنه الراهن. ويعمل الرأي العام كآلية لتحديد الرقابة الاجتماعية، وسوف يتغير هذا الرأي العام مع تغير الزمان والمكان، كما أنه يعمل على استقرار المجتمع وتكامله لأن النزاعات سوف تحلها عملية دوامة الصمت لصالح رأي الأغلبية، وهذا ما يسمى بوظيفة التراكم للرأي العام. [1]

تأثير دوامة الصمت على وسائط التواصل الاجتماعي والوسائط الإلكترونية

تجسد وسائط التواصل الاجتماعي ثلاث خصائص وهي إنشاء ملفات عامة ضمن نظام محدود. عرض قائمة بالأشخاص الذين يتشاركون مع بعضهم بأمور معينة، ومن ثم عرض هذه الروابط واجتيازها. بشكل عام يعرف أغلبية الأشخاص من هم في قائمة أصدقائهم، وهذا له تأثير مهم في تحرك دوامة الصمت، إن كان الناس يعرفون بعضهم في الفضاء الإلكتروني. هذا يشير إلى أن تهديد الصمت أو الإسكات إنما يعود من جماعات مرجعية على عكس المجتمع ككل. بالتالي سوف تكون الجماعات المرجعية قادرة على التمييز المنطقي للأيديولوجية الفريدد للشخص وذلك لتعزيز أو معارضة رأيه. إن تأثير الإسكات قد لا يكون واضحًا في تفاعلات الأوساط الرقمية، ويمكن تخفيف تأثير دوامة الصمت في التفاعلات الإلكترونية عن طريق الترابط العالمي للإنترنت.

نقد نظرية دوامة الصمت

تحتوي هذه النظرية على عدة ثغرات أبرزها أصوات الأقليات والانترنت. فيما يخص الانترنت لا يشعر الفرد بخوفه من كون صوته من أصوات الأقليات ويمكنه التعبير عن رأيه في هذه الساحة. أما فيما يخص رأي الأقلية، يبدو أن هناك العديد من الناس الواقعين خارج تأثيرات دوامة الصمت ولن يخافوا من نشر آرائهم علنًا. [4]

إن نظرية دوامة الصمت تسلط ضوءًا مهمًا حول كيفية تشكيلنا لأفكارنا وإن كانت هذه اللأفكار هي أفكارنا حقًا أم تم خداعنا لنعتقد أنها أفكارنا. عندما نبتعد عن بيئة وسائل الإعلام والمنصات الرقمةي شديدة التحيز سوف نكون قادرين على استخلاص استنتاجاتنا الخاصة من آراء الأغلبية حولنا.

المصادر:

1- scienceabc
2- noelle-neumann.de
3- inquiriesjournal
4- masscommtheory

ما هي أكثر الآليات الدفاعية استخدامًا؟

ما هي أكثر الآليات الدفاعية استخدامًا؟

نظرية فرويد للشخصية

لعل أحد أبرز منتجات سيجموند فرويد الفكرية هي نظريته للشخصية (1923) التي يوضح بها بنية النفس البشرية. تنص النظرية على أن النفس مكونة من ثلاثة أجزاء:
«الهوية-id» و «الأنا-ego» و «الأنا العليا-superego».
كل جزء يمثل كيان مستقل بذاته ويملك مميزات فريدة تميزه عن باقي الأجزاء. ومن خلال تفاعل تلك الأجزاء مع بعضها البعض يساهم كل جزء بدوره في تكوين السلوك البشري.
تعرّف النظرية «الهوية-id» على أنها الجزء البدائي والغريزي في النفس البشرية الذي يبحث عن تلبية الغرائز الجنسية والدوافع العدوانية. أما «الأنا العليا-superego» فتعمل كالضمير الأخلاقي وتهتم بالامثتال للأخلاق والمثل العليا. ولكن «الأنا-ego» هي الجزء الواقعي من النفس، والذي ينصب اهتمامه بشكل أساسي على متغيرات الواقع والتوسط بين رغبات الهوية الغريزية البدائية وعالم المثاليات للأنا العليا. [1]

تعد الدوافع الغريزية للهوية هي المحرك الجوهري للسلوك للبشري، حيث أن غاية الهوية هو تلبية تلك الدوافع. ولكن الهوية ليس لديها أي اتصال بالواقع ولذا فمحاولاتها لتبية الدوافع تتسم بالبدائية الشديدة ولا يمكن تطبيقها في العالم الواقعي المليء بالقواعد الاجتماعية. لذا يأتي هنا دور الأنا في التوسط بين الواقع ودوافع الهوية. حيث تسعى الأنا أيضًا لتبية تلك الغرائز ولكن في إطار واقعي وبشكل عقلاني.

في خلال تعاملات الأنا مع الواقع لتلبية الغرائز تحتك بالكثير من التحديات والصعوبات فتنجح أحيانًا وتفشل أحيانًا أخرى. وفي ذلك السياق، عندما تفشل الأنا في تلبية أحد الدوافع وتجد نفسها محاطة بمشاعر سلبية من القلق والتوتر تلجأ إلى استخدام أحد الآليات الدفاعية للتخفيف.

تعرّف الآليات الدفاعية على أنها عمليات نفسية غير واعية تعمل على حماية الشخص من القلق والتوتر الناتجين عن عوامل داخلية أو خارجية. [2]
تتنوع تلك الآليات الدفاعية وتأخذ العديد من الأشكال والصور المختلفة. والتالي قائمة بأشهر تلك الصور للآليات الدفاعية.

«الإنكار-denial»

يعد الإنكار أشهر الآليات الدفاعية استخدامًا وأكثرها شهرة. يتضمن الإنكار حجب الأحداث الخارجية عن الوصول إلى الوعي. عندما يوجد حدث صعب التعامل معه أو استيعابه يرفض الشخص مواجهته.

مثال:
بعض المدخنين يرفضون الاعتراف لأنفسهم بأن التدخين ضار بالصحة.

«الكبت-repression»

يعد أيضًا الكبت من الآليات الدفاعية المشهورة. حيث يستخدم الكبت لإبعاد الأفكار المقلقة أو المزعجة من التواجد في الوعي.

مثال:
عندما يتعرض أحد الأشخاص للدغة عنكبوت في صغره فإنه يطور فوبيا من العناكب في وقت لاحق من حياته بدون تذكر سبب تلك الفوبيا. حيث أن ذكرى اللدغة كُبتت بشكل لا واعي.

«الإسقاط-projection»

يتضمن الإسقاط بأن يقوم الفرد بشكل لا واعي بإسناد أفكاره أو مشاعره السلبية الخاصة إلى شخص آخر. أو بالأحرى، إسقاط مشاعره الغير مرغوبة على شخص آخر لا يملك تلك المشاعر.

مثال:
عندما يغضب أحد الأزواج على زوجته بسبب أنها لا تستمع، في حين أنه الزوج الغاضب نفسه هو من لا يستمع.

«الإحلال-displacement»

الإحلال هو تحويل الأفكار أو المشاعر الموجهة نحو شخص أو شيء ما إلى شخص أو شيء آخر. عادةً ما يستخدم الفرد الإحلال عندما لا يمكن له التعبير عن مشاعره للشخص المُراد بطريقة صحية.

مثال:
عندما يغضب أحد الموظفين من مديره في العمل ولا يستطيع التعبير عن غضبه له فيلجأ إلى تفريغ غضبه على شخص أو شيء آخر. مثل اختلاق الشجار مع زوجته أو ركل حيوانه الأليف.

«نكوص-regression»

النكوص هو عودة إلى مرحلة مبكرة من التطور النفسي عند مواجهة مشاعر أو أفكار غير مقبولة أو ضاغطة.

مثال:
قد يقوم المراهق الغارق بمشاعر الخوف والغضب والدوافع الجنسية المتزايدة بالعودة إلى سلوكيات الطفولة المبكرة مثل التبول اللاإرادي.

«التسامي-sublimation»

يعد التسامي أحد الآليات الدفاعية الراشدة حيث يتضمن تلبية الدوافع الغريزية ولكن بشكل لائق اجتماعيًا وأكثر تحضرًا.

مثال:
عندما يختبر الفرد مشاعر الغضب فيلجأ إلى ممارسة الرياضة لتفريغ غضبه. حيث تم هنا تحويل أو استثمار إحدى الدوافع البدائية السلبية في نشاط بنّاء.

«رد الفعل العكسي-reaction Formation»

رد الفعل العكسي هو تحويل الأفكار أو المشاعر أو الدوافع الغير مرغوب بها إلى عكسها.

مثال:
عندما يغضب أحد الموظفين من مديره كثيرًا ولا يستطيع مواجهة نفسه بتلك المشاعر يصبح على النقيض تمامًا عطوف وكريم بشكل مبالغ فيه نحو مديره.
[3]

«عقلنة-rationalization»

تتضمن العقلنة تبرير شعور صعب أو غير مُتقبل بحجج وتفسيرات تبدو منطقية.

مثال:
عندما يتعرض أحد الطلاب إلى الرفض من الجامعة التي يحلم بدخولها يبرر ذلك بأنه سعيد بدخول جامعة أخرى تتمتع بجو منافسة أقل وأكثر ترحبيًا.

يوجد الكثير والكثير من الحيل الدفاعية الأخرى التي تتنوع ويتم استخدامها في سياقات مختلفة في حياتنا اليومية. بعضها بدائي والبعض الآخر أكثر نضجًا. وليست الآليات الدفاعية شيئًا سلبيًا بالضرورة، فبعض الآليات مثل التسامي مثلًا تعد من أهم مكونات التحضّر والنضج. وتساعد المعرفة بمختلف الآليات الدفاعية على فهم أنفسنا ومن حولنا بشكل أفضل وبالتالي، إمكانية أفضل في مواجهة المشكلات.

مصادر:


[1] simplypsychology.
[2] Wikipedia.
[3] psychCentral.

Exit mobile version