ما أهمية استقرار الأسرة في حياة الطفل؟

يؤثر هيكل الأسرة وتكوينها على نمو الطفل. فهناك كثير من الأطفال يكبرون في أسر غير تقليدية. وهناك من يولدون ويترعرعون في أسر تقليدية، فهل النتيجة واحدة؟ وهل لنظام الأسرة وتكوينها أثر على نمو الطفل وتحسنه اجتماعيًا ونفسيًا ودراسيًا؟ وما أهمية استقرار الأسرة في حياة الطفل؟

أهمية الأسرة في حياة الطفل

تعتبر الأسرة نواة تكوين المجتمع، فهي المصدر الأول والمثل الأعلى لتربية الأطفال، إذ يتلقى فيها الأطفال القوة والاستقرار والقيم الاجتماعية.

لذا ثبات الأسرة واستقرارها عامل مهم لتنشئة الطفل، فالطفل يولد لا يعلم شيئًا، فتكون أول طريقة يتعلم بها عن طريق مراقبة الحياة اليومية التي يحيا فيها، فيبدأ في التقليد والمحاكاة، فسلامة الأسرة وجودتها من أساسيات نمو الطفل.

من هنا نجد أن الأسرة مسؤولة عن تشكيل الطفل والتأثير على قيمه ومهاراته وتنشئته الاجتماعية.

تعلم القيم

عندما تتعامل مع طفلك أو مع الناس عمومًا، مراعيًا الأخلاق المرغوبة مجتمعيًا، متجنبًا الغير محمود منها، سيلاحظ طفلك ذلك بالتأكيد، بل وسيقوم بالتقليد، فالطفل كقطعة الإسفنج، يمتصون كل شيء حولهم دون تمييز بين المحمود وغير المحمود.

وفي المراحل المتقدمة تكون لك الأولوية، والمساحة الكبرى لدى طفلك للحديث عن القيم وأهمية مراعتها، كذلك شرح العواقب الناتجة عن مخالفتها. إذا، عند تعلم القيم، نجد أن الأسرة هي النموذج الأول والأهم في تلقيها.

تعلم المهارات المختلفة

عندما يولد طفلك يبدأ بتعلم المهارات الحركية واللغوية والإدراكية والعاطفية،

وتقع مسؤولية تعليم هذه المهارات إلى حد كبير على عاتق الأسرة. مثلًا، فإن العمل الذي يحدده الوالدان في المنزل لتعليم هذه المهارات أكثر فعالية بكثير من الأعمال والإزامات التى يخضع فيها الطفل لرعاية شخص آخر. سيتعلم طفلك منك كيفية الجلوس والمشي واللعب وطريقة الأكل،… وهكذا. ربما تبدو هذه الأمور طبيعية جدًا بالنسبة إليك، لكنها مهارات يجب أن تصقل في سن صغيرة جدا.

كذلك المهارات اللغوية، عنصر أساسي آخر من عناصر دور الأسرة في تنمية الطفل. إذا لم تتحدث إلى طفلك وتعلمهم لغتك وأسلوبك، فإنها لن تنتقل إليهم أبدًا، لذا فتعليم أطفالك المهارات اللغوية منذ الصغر يعتبرأساسي لنمو الطفل.

والمهارة الأخرى الهامة جدًا لنمو الطفل هي المهارات العاطفية. فالمهارات العاطفية مهمة طوال حياة الطفل، فمن خلالها يتعلم الطفل كيف يكون لديه تعاطف مع الآخرين، وكذلك يمكنه تعلم كيفية التعامل مع النجاحات والإخفاقات التي تحدث دومًا في الحياة. إذا كان طفلك لا يملك المهارات العاطفية المناسبة، فلن يكون قادرًا على التعامل مع النتائج السيئة. كما يؤدي الافتقار إليها إلى خيارات غير سديدة عندما يكبر في السن.

فتصبح الأسرة مفيدة جدًا في تنمية مهارات الطفل خاصةَ عند تعدد الأطفال.

كذلك المهارات الاجتماعية المختلفة، تعززها الأسرة ذات العلاقات الناجحة، فتدريب وتعليم الطفل كيفية إجراء تفاعلات وجهًا لوجه أمر بالغ الأهمية في نمو الطفل. لأن التفاعلات المباشرة تتطلب استجابات فورية، وتعبيرات جسدية، وإشارات، وتحكم في النغمات الصوتية معينة.

الأسرة المصدر الأول للأمان

يحصل الطفل على إحساسه الأساسي بالأمن من عائلته وأسرته. ويعتمد عليها في الحصول على احتياجاته الأساسية كالمأوى والغذاء والملبس.

كذلك الأمن العاطفي في المنزل مهم جدًا لنمو الطفل وهو نوع من الأمان الذي لن يجده في أي مكان آخر. ففي المنزل حيث يتعلم الطفل كيف يكون نفسه فعلًا ويعبر عن نفسه بالكامل. لذا فإن تهيئة بيئة آمنة ومفتوحة في المنزل أمر حيوي ومهم للنمو الجيد.

فإحساس الأمن داخل الطفل هو سمة إيجابية مدى الحياة. ينمو الأمن ببناء الثقة بين أفراد الأسرة والطفل. عندما يشعر الطفل أن بإمكانه الوثوق بالآخرين من حوله، حينها سيكون أكثر راحة ليكون نفسه فعلا.

تأثير الطلاق على الأطفال

الطلاق يمثل تحولًا محوريًا في حياة جميع أفراد الأسرة، وغالبًا ما يكون مؤلمًا في عالم الطفل، بل يعتبره الطفل فقدان للأسرة. فهو أمر لا يتمنى الأطفال السماع عنه مطلقًا، ويواجهون صعوبة في تصور شكل حياتهم بعد ذلك. كما أن عمر الطفل وقت طلاق الوالدين يؤثر أيضًا على كيفية استجابته وعلى ما يجب استيعابه عن هيكل الأسرة الجديد.

فخلال سنوات الطفولة الأولى، يكون ارتباط الطفل بوالديه شيء رئيسي، وبالتالي فإن أي اضطراب كبير في حياتهما المنزلية قد يكون من الصعب عليه قبوله وفهمه. والأسوأ من ذلك، قد يعتقد الأطفال في هذا العمر أنهم أنانيون لطلبهم عدم الانفصال وربما يعتقدون أنهم هم السبب في انفصال والديهم. وقد يبكون ويريدون المزيد من الاهتمام أكثر من المعتاد، قد ينتابهم إحساس الخوف من التخلي عنهم.

آثار نفسية وقد يزيد الطلاق من خطر مشاكل الصحة العقلية لدى الأطفال والمراهقين. وبصرف النظر عن حالات الطلاق قد تزيد من خطر مشاكل الصحة العقلية لدى الأطفال والمراهقين. وبغض النظر عن العمر والجنس والثقافة ، يعاني أطفال الآباء المنفصلين بزيادة المشاكل النفسية.

فقد يتسبب الطلاق في حدوث اضطراب تكيف في الأطفال. كما أكدت الدراسات أن معدلات الاكتئاب والقلق أعلى في الأطفال المنفصلين آباءهم.

في حين أن الطفل قد يشعر في بداية الأمر بالضعف أو الحزن بشأن الطلاق، تشير الدراسات إلى أن أطفال الأسر الواقع فيها أمر الطلاق معرضون لخطر الإصابة بالاكتئاب. والأكثر إثارة للقلق.

كما تؤثر حالة الطلاق على علاقاتهم الاجتماعية، فقد يواجهون صراعات في علاقاتهم الخاصة، إذ أن الانقسام بين الوالدين قد يغير موقف الطفل تجاه العلاقات بشكل عام. وقد تكون أقل إثارة للدخول في علاقات طويلة الأمد وملتزمة.

والمرور بتجربة الطلاق في الأسرة يجعل خيار عدم تكوين أسرة خيارًا أوليًا لدى الطفل وقد يظهر له أن هناك العديد من البدائل لنماذج الأسرة. وقد يختارون المعاشرة فقط أي العيش معًا دون أن يكونوا متزوجين بدلًا من الزواج.

تأثير الطلاق على السلوك والأداء الأكاديمي

قد يعاني الأطفال من الأسر المطلقة من مشاكل سلوكية مثل اضطرابات السلوك، والانحراف، والسلوك الاندفاعي أكثر من الأطفال في الأسر المستقرة. بالإضافة إلى زيادة المشاكل السلوكية، قد يتعرض الأطفال أيضاً لمزيد من الصراع مع الأصدقاء بعد الطلاق.

أما عن الأداء الأكاديمي فالأطفال في الأسر غير المستقرة، لا يؤدون دائمًا بشكل جيد أكاديميًا، خاصةً إذا كان الطلاق مفاجئ وغير متوقع، في حين أن الأطفال من الأسر ذات الدلالات والمؤشرات التي تلوح بوقوع الطلاق، قد يكونون أفضل حالًا عن السابق ذكرهم.

قد يعاني الأطفال من الأسر المطلقة من مشاكل سلوكية مثل اضطرابات السلوك، والانحراف، والسلوك الاندفاعي أكثر من الأطفال في الأسر المستقرة. بالإضافة إلى زيادة المشاكل السلوكية، قد يتعرض الأطفال أيضاً لمزيد من الصراع مع الأصدقاء بعد الطلاق.

أما عن الأداء الأكاديمي فالأطفال في الأسر غير امستقرة، لا يؤدون دائمًا بشكل جيد أكاديميًا، خاصةً إذا كان الطلاق مفاجئ وغير متوقع، في حين أن الأطفال من الأسر ذات الدلالات والمؤشرات التي تلوح بوقوع الطلاق، قد يكونون أفضل حالًا عن السابق ذكرهم.

تعتبر تربية الأطفال أمرًا صعبة للغاية، لكنها مجزية جدًا. تذكر أن التربية ليست  أن تعلم طفلك فقط، بل تأكد من أنك تتصرف بالطريقة التي تتوقع أن يكون بها طفلك. من المستحيل أن تكون تمثل المثالية طوال الوقت، ولكن يمكنك أن تسعى دائمًا لأن تكون أفضل ما لديك عندما يتعلق الأمر بدورك في نمو الطفل. لا يوجد شخص مثالي ولا توجد عائلة مثالية.

ومع ذلك ، فإن معرفة مدى أهمية دور الأسرة في تنمية الأطفال أمر بالغ الأهمية. كوالدين، فأنتم أول معلمين لطفلكم. دوركم أكثر من كونه رعاية وتلبية طلبات ورغبات، معظم ما يتعلمه طفلك يحدث في المنزل مع عائلته. وعليك خلق بيئة يمكن فيها لطفلك أن يتعلم المهارات والقيم المناسبة وكذلك أن كيف ينشأ اجتماعيًا بشكل جيد وقوي، وأن يحصل على الأمن، كل ذلك يخلق أساسًا متينًا يمكن لطفلك  أن ينمو عليه.

المصادر

ncbi1

verywellfamily 2

ncbi3

ncbi4

ncbi5

أنماط الأبوة والأمومة وتأثيرها على الأبناء

تعتبر السنوات الأولى من حياة الفرد من أهم فترات التطور، فالأطفال في تلك المرحلة يصبحون كالإسفنج يمتصون كل شيء من آبائهم، فهم قبلتهم وجهة إتصالهم الوحيدة. وبالتالي فإن أسلوب الأبوة والأمومة والطريقة التي يتفاعل بها الآباء مع الأبناء لها تاثير كبير على أطفالهم. فقد يكون هذا التأثير طويل المدى وقد يكون قصير المدى؛ فهو يؤثر على جميع جوانب الأطفال، من طريقه التفكير حتى طريقه ملابسهم.

في عام 1983، تم توسيع نظرية «ديانا بومريند-Diana Baumrind»، التى طورت ثلاثة أنماط رئيسة للأبوة والأمومة لتصبح أربعة أنماط بواسطة «ماكوبي ومارتن- Maccoby and Martin» وآخرون. فما هما الأربعة أنماط الأساسية في التربية؟ وما هي نتيجة اعتماد كل نمط في التربية؟ وما هو النمط الأمثل؟ وكيف تحدد نمط الأبوة والأمومة المناسب لأطفالك؟

ما هي الأبوة والأمومة؟

تُعرف الأبوة والأمومة على أنها كوكبة من المواقف أو الأنماط للسلطة الأبوية تجاه الطفل والتى تُنقل إليه، مما يخلق السياق العاطفي للتعبير عن سلوك الوالدين. فيُعتقد أنه يوفر المناخ العاطفي للتفاعل بين الوالدين والأطفال، كما أن لها تأثير كبير على نوعية حياة الأسرة.

أهمية الأبوة والأمومة في التربية

إن للآباء والامهات وظيفة يمكن وصفها بأنها الأصعب على الإطلاق، فيُسند إليهم تربية الأبناء ودعمهم، فيمر الشخص خلال فتره نموه بعِدة مراحل وتغيرات، بما في ذلك التغيرات البيولوجية والعاطفية والمعرفية والإجتماعية. فمن الضروري أن يحاول الوالدان تحقيق التوازن في جميع الجوانب. ولن يتأتى ذلك إلا من خلال معرفة أهم المؤثرات السلوكية إلى جانب بيئة التربية.

كما يتأثر أسلوب التربية بترتيب الطفل، فيتأثر أسلوب الأبوة تجاة الطفل الثانى مثلاً بالتجربة التى مر بها الوالدان أثناء تربيتهم للطفل الأول وهكذا.

وفي بعض الأحيان قد يتعارض كل ذلك مع عوامل أخرى بيولوجية أو بيئية، وبالتالي فإن تحقيق هذا التوازن يمكن أن يُصبح صراعًا للآباء.

نظرية بومريند لأنماط الأبوة والأمومة

في الستينيات ابتكرت عالمة النفس «ديانا بومريند-Diana Baumrind» أربعة أنماط مختلفة من الأبوة والأمومة. بناءًا على الملاحظة والتحليلات، وهم:

نمط الأبوة الموثوقة

نمط الأبوة السُلطوية

نمط الأبوة المُتساهلة

نمط الأبوة الغير مسئولة

وقد صُنفت هذه الأساليب على أساس جانبين أساسيين من جوانب السلوك الأبوي هما: الرقابة الأبوية- Parental Control والدفء الأبوى Parental Warmth. دعنا سريعًا نذكر ما ينطوي عليه المصطلحين:

تشير الرقابة الأبوية إلى الدرجة التي يدير بها الآباء سلوك أطفالهم. بدءًا من التحكم الشديد إلى التراخي، بالإضافة إلى وضع القواعد وتلبية المطالب.

أما عن الدفء الأبوي، فهو يشير إلى الدرجة التي يتقبل بها الآباء سلوك أطفالهم ويستجيبون لها.

1- نمط الأبوة الموثوق

الآباء الموثوقون حازمون مع أطفالهم، لكنهم مانحون جيدون للدفء في نفس الوقت. فالأسلوب الموثوق يعتمد على وضع قواعد معينة للأبناء مع إتاحة الفرصة لهم للمناقشة والاستدلال. فهو اتصال ثنائى الإتجاه.

دائما ما تكون لديهم توقعات عالية من أبناءهم، يشجعونهم على الاستقلال مع الإشارة إلى حدودهم. يستخدم أيضًا هؤلاء الآباء أنظمة المكافآت لتقدير العمل الجيد وتحفيز أطفالهم.

تُظهر الملاحظات أنه عندما يتبنى الوالدان طريقة الأبوة هذه، يكون الطفل قادرًا على التفاوض وإجراء المناقشات بشكل أفضل. ذلك لإنه اعتاد على التعبير عن نفسه أثناء المناقشات مع الوالدين. نظرًا لإن آراءه وأفكاره تؤخذ دائمًا على محمل الجد في المنزل.

فالأطفال الذين يدركون أن آراءهم مهمة وتؤخذ في الاعتبار. يكونون أكثر وعيًا ومسئولية اجتماعيًا؛ مما يعزز ثقة الأبناء بأنفسهم وقدراتهم ومهاراتهم.

2- نمط الأبوة السلطوي

الآباء الذين يتبنون هذا الأسلوب تجدهم يمارسون سيطرة شديدة على أطفالهم، ولا يمنحون الدفء الكافي. فهم يطورون نظامًا للعقوبات من أجل تصحيح أي سلوك غير مرغوب. عادة ما يرون معاملتهم لأبناءهم على أنها حب قاسي. هذا النمط من الأبوة مُقيد وغالبًا ما يكون إتخاذ القرارات حكرًا على الوالدين فقط دون التشاور مع الأبناء. فلا تُجرى أية مناقشات ولا تتبادل الآراء. قليلا ما تُشَجَّع الأبناء على الاستقلالية. أظهرت الملاحظات أن الأطفال مُتلقيّ ذلك النمط إما يميلون إلى الخضوع والإعتماد على والديهم، أو التمرد إظهار ميولاً عدوانية.

3- نمط الأبوة المتساهلة

يتميز الوالدين الذين يتسمون  بنمط التربية المتساهلة بالدفء الشديد والسلبية. مثل هؤلاء الآباء لا يطلبون الكثير من أطفالهم، يواجهون صعوبة في قول لا لأبناءهم؛ بسبب الخوف من استيائهم. الوالدان غير نشطين في جوانب صنع القرار في حياة أبناءهم؛ وبالتالي يتخذ الأطفال العديد من القرارات المهمة بمفردهم. فهم يقدمون النصيحة فقط لأطفالهم، لكن القرار النهائي يُتخذ في النهاية من قِبل الطفل نفسه. أطفال ذلك النمط من التربية لا يدركون مفهوم العواقب. كما أنهم لم يعتادو على الحرمان، مما يؤدي إلى وجود مشاكل في ضبط النفس لديهم. تتأثر علاقتهم مع أقرانهم الآخرين أيضًا؛ لإنهم يميلون إلى تطوير قضايا الأنا فيظهرون بمظهر الأنانيين.

4- نمط الأبوة المهملة

آباء ذلك النمط ليسوا دافئين وليس لديهم أي مطالب من أبناءهم. هم غير مشاركين في أمور أطفالهم ولا يتفاعلون معهم -إلا إذا لزم الأمر- فهم غير مبالين بمشاعر أو حتى مكان تواجد أطفالهم. يميلون إلى الإنشغال بحياتهم الخاصة أو التركيز على الذات فقط. هؤلاء الآباء لا يأخذون في الاعتبار أفكار وآراء أطفالهم. عادة ما يكون هذا النمط من الأبوة نتيجة استسلام الوالدان أو نتيجة الإحباط أو التعب. يظهر أطفال هذا النمط سلوكيات مثل سلوك أطفال الآباء المتساهلين.

بعض العوامل التي تؤثر على أسلوب الأبوة والأمومة المُتبع في الأسرة

مدى توافق أسلوب الوالدان في المنزل، إذا كان الوالدان يتبعان أسلوبان مختلفان من الأبوة -على سبيل المثال: يمكن أن تكون الأم متساهلة والأب سُلطويًا. فمن الضروري أن يجد الوالدان طريقة للعمل معًا والتنازل عن الأسلوب الغير مُوفق في مواقف معينة؛ من أجل الحصول على نتيجة إيجابية. فقد يؤدي عدم موافقة كلا الوالدان علانيةً  أثناء إتخاذ القرارات المتعلقة بالطفل إلى نزاع يمكن للطفل الإستفادة منه لحسابه. – على سبيل المثال: إذا قال الأب أنه لا يُسمح لاطفل بالذهاب إلى مكان ما، لكن والدته قالت نعم! سيستمر الطفل في الذهاب إلى المكان الذي منع الأب الذهاب إليه. على الرغم من تحذيره للطفل من ذلك، لإن الطفل يعلم أن الأم ستضمن عدم توقيع العقوبة.

سلوك الطفل نفسه قد يحكم أسلوب الأبوة المُتبع، يؤثر سلوك الطفل أيضًا على أسلوب التربية. على سبيل المثال: قد يؤدي الطفل المتمرد المُتحدي إلى قيام والديه بممارسة سيطرة قُصوى (النمط السُلطوي) من أجل تقويم الطفل، أو إهمال الطفل (النمط الغير مسئول) لمجرد أن الوالدين قد استسلموا وكلْوا. من ناحية أخرى، فإن الطفل الذي لديه دوافع ذاتية ومتعاون، من شأنه أن يدفع والديه إلى استخدام أسلوب تربية أكثر موثوقية وبناء علاقة جيدة مع طفلهم. وهناك بعض العوامل الأخرى التي قد تؤثر على أسلوب الأبوة والأمومة المُتبع مثل قلة النوم، الاجهاد، حالة مزاج الوالدين، مسئوليات الوظيفة، القيود المالية، التوتر، القلق،..

كيف يمكن تحديد أسلوب الأبوة والأمومة الأمثل؟

بينما لا يوجد أسلوب تريية واحد يمكن وصفه بالأمثل أو الأنسب -بناءًا على الأبحاث والتحليلات- يعتقد علماء النفس أن أسلوب الأبوة والأمومة الموثوق هو الأسلوب الأكثر فائدة، فهم يزعمون ان هذا الأسلوب هو الأكثر مرونة ويحقق التوازن الصحيح بين الرقابة ودفء الوالدين. إذ يُظهر الأطفال الذين يخضعون لأسلوب التربية الموثوقة لديهم علاقة صحية مع والديهم حتى بعد أن يصبحوا بالغين. ومع ذلك من المهم أن نفهم أن هناك العديد من العوامل تلعب دورًا فيما يتعلق بتربية الأطفال، على رأسها الإختلافات الثقافية.

ما هي أهمية الخلفية الثقافية في تحديد النمط الأبوي المناسب؟

من الضروري مراعاة التأثيرات الثقافية في الأسرة. فقد لا تكون أساليب الأبوة والأمومة الموثوقة هي الأنسب لتربية الأطفال من خلفيات عرقية واجتماعية واقتصادية مختلفة. فتُشير الأبحاث أن الأساليب الموثوقة تعمل بشكل أفضل مع الأطفال في جميع الطبقات. في حين أنه قد لا يكون الخيار الأنسب للأطفال الناشئين في ظل قيود اجتماعية واقتصادية معينة. فقد وُجد أنه عندما يعيش الطفل في بيئة آمنة، فإن السماح له بقدر من الحرية المرونة سيُبشر بالخير للطفل وسيتبع ذلك نتائج إيجابية. ومع ذلك قد لا يكون هذا الحال بالنسبة للطفل الذي يعيش في بيئة شديدة الخطورة .سيحتاج الطفل الذي يعيش في مثل هذه البيئة درجة أعلى من التحكم – على سبيل المثال: بالنسبة لطفل نشأ في أسرة مكونة من ثلاثة أفراد في أرقى ضواحى لوس أنجلوس- كاليفورنيا. سيحقق أسلوب الأبوة الموثوقة نتائج إيجابية من الطفل، هنا يتمتع الطفل بامتياز عدم التعرض للتحيز العنصري أو الجنساني ويحيا في مكان آمن. بما أن والديه مستقران اقتصاديًا بشكل واضح للعيش في هذا المكان، فلا ضغوط اجتماعية ولا اقتصاديه على الأسرة.

خُذ مثالاً آخر، من ناحية أخرى، فتاة آسيوية صغيرة تنشأ في أسرة متوسطة الحال بلا أب، تخضع للتحيز العنصري والجنساني. تكافح والدتها من الناحية المالية، فتعمل في وظيفتين لتوفير وجبة على المائدة. لن يعمل أسلوب الأبوة الموثوقة هنا، بدلاً من ذلك ستكون هناك حاجة إلى مزيج من أساليب الأبوة الأخرى لتحقيق النجاح.

عادة ما تُستخدم أساليب الأبوة السلطوية من قبل الآباء الذين ينتمون إلى الأقليات العرقية. على الرغم من أن أسلوب التربية هذا يرتبط بالنتائج الإيجابية المنخفضة، إلا أنه عندما يُطبق من قِبل مجموعات الأقليات مقل العائلات الآسيوية والإفريقية، فإنهم يميلون إلى تحقيق نتائج إيجابية. فإن تحديد أهداف معينة صارمة وحازم يعمل بشكل أفضل لهذه العائلات، ويمكن رؤيته من حيث النجاح الأكاديمي أيضًا -وهو شئ يُقدره الآسيويون جدًا- كما أن هناك شريحة كبيرة جدًا من عائلات الأقليات العرقية تعيش في أحياء خطرة بها العديد من المخاطر التي تُهدد سلامتهم وأمنهم. هذا يتطلب من الآباء وضع قواعد صارمة كتقييد التواجد خارج إطار الجماعة أو المنزل، على الرغم من مقاومة الأطفال لهم، إلا أن هذا هو الخيار الأكثر أمانًا

الخلاصة

يُعد اختيار النمط الأبوي الصحيح أمرًا بالغ الأهمية لضمان التطور الإيجابي للأبناء. الأبوة والأمومة موضوع مُعقد جدًا وتؤثر عليه عوامل مختلفة، يجب على المرء ألا يتبنى أسلوب الأبوة والأمومة بشكل أعمى لمجرد أن أقرانه يتبعونه، ولا يسعى لإتباع أحدث الإتجاهات. عندما يتعلق الأمر بالتربية، سيأخذ الوالد الجيد في الإعتبار حاجة الطفل والأسرة أثناء إتخاذ القرارات. فلا يوجد أسلوب تربية مثالي يمكن تطبيقه بالتساوي على جميع المواقف والظروف كما لا توجد صيغة مؤكدة للنجاح بل يجب على الوالدين التكيف مع الاحتياجات المتغيرة للطفل بناءًا على الموقف. في حين أن أسلوب الأبوة الواحد يمكن أن يعمل بشكل مثالي لعائلة واحدة، فقد يلزم مزيج من أساليب الأبوة والأمومة لعائلة أخرى.

المصادر

ncbi

greatschools

melbournechildpsychology

apa

ncbi

springer

Exit mobile version