ما هو نظام مونتيسوري التعليمي؟

افتُتحت أول بيئة مونتيسوري في 6 يناير 1907 في سان لورينزو، في روما، عاصمة إيطاليا، على يد ماريا مونتيسوري. إذ اكتشفت ماريا قدرة الأطفال المذهلة والسهلة تقريبًا على التعلم. تلك الحقيقة التي شكلت حجر الأساس في سعيها طوال حياتها لإصلاح التعليم. فلأكثر من قرن الآن، كان منهج مونتيسوري هو المنهج الذي يركز على الطفل الذي طورته الدكتورة ماريا مونتيسوري، الطبيبة الإيطالية، لتعليم الأطفال. يغير المنتسوري أسلوب التعليم في المدارس في جميع أنحاء العالم، فهو يؤثر على العملية التعليمة وشكل الفصول الدراسية. والآن، دعنا نضع أمامك السؤال الأهم، ما هو نظام مونتيسوري التعليمي؟

من هي ماريا مونتيسوري؟

نشأتها

ولدت ماريا مونتيسوري في 31 أغسطس 1870 قرية صغيرة بإيطاليا. كان والدها، أليساندرو، محاسبًا في الخدمة المدنية، وكانت والدتها، رينيلد ستوباني، متعلمة جيدًا ولديها شغف بالقراءة.

انتقلت عائلة مونتيسوري إلى روما في عام 1875 وفي العام التالي التحقت ماريا بالمدرسة الحكومية المحلية. كسرت ماريا الحواجز التقليدية منذ بداية تعليمها، وكان لديها في البداية تطلعات لأن تصبح مهندسة.

حينما تخرجت ماريا من المدرسة الثانوية، صممت على الالتحاق بكلية الطب وصممت أن تصبح طبيبة. على الرغم من تشجيع والديها لها على دخول مجال التدريس، أرادت ماريا دراسة مجال الطب الذي يهيمن عليه الذكور. بعد أن رفضت في البداية، وبتأييد من البابا ليو الثالث عشر، منحت ماريا في النهاية الموافقة على دخول جامعة روما عام 1890. أصبحت ماريا واحدة من أوائل النساء في كلية الطب في إيطاليا. وعلى الرغم من مواجهة العديد من العقبات بسبب جنسها، أصبحت ماريا طبيبة بحلول يوليو 1896.

بعد فترة وجيزة من بدء حياتها الطبية، انخرطت ماريا في حركة حقوق المرأة. أصبحت معروفة بكفاءتها العالية في علاج المرضى، وعرفت أيضًا بالاحترام الذي أظهرته للمرضى من جميع الطبقات الاجتماعية. في عام 1897، انضمت ماريا إلى برنامج بحثي في عيادة الطب النفسي بجامعة روما، كمتطوعة. وأبدى هذا العمل اهتمامًا عميقًا باحتياجات الأطفال الذين يعانون من صعوبات في التعلم.

بداية التوجه إلى المجال التعليمي

في سن الثامنة والعشرين، بدأت ماريا في الدفاع عن نظريتها المثيرة للجدل بأن الافتقار إلى الدعم للأطفال المعاقين عقليًا والمتأخرين في النمو يعتبر سبب جنوحهم. وأصبح مفهوم الإصلاح الاجتماعي موضوعًا قويًا ومسيطرًا على فكر ماريا طوال حياتها.

في عام 1901 بدأت ماريا دراساتها الخاصة في الفلسفة التعليمية والأنثروبولوجيا، وبدأت إلقاء المحاضرات وتعليم الطلاب. بين عام  1904 و1908 كانت محاضِرة في المدرسة التربوية بجامعة روما. شهدت هذه الفترة تطورًا سريعًا في روما، لكن الوضع الاقتصادي السيء أدى إلى حالات إفلاس. كانت سان لورينزو إحدى هذه المناطق.

متى ولدت فكرة تعليم مونتيسوري؟

ولدت الفكرة عندما تركت أطفالها في المنزل دون مهام أثناء عمل والديهم. في محاولة لتزويد الأطفال بأنشطة خلال النهار للحفاظ على الممتلكات من التلف وتضييع الوقت، أتيحت لماريا الفرصة لتقديم موادها وممارساتها. ومن أجل ذلك، وضعت ماريا العديد من الأنشطة المختلفة في بيئة الأطفال.

استنتجت مونتيسوري أن الأطفال الذين تعرضوا أو وضعوا في بيئة مهيأة بتصميمات للأنشطة التي تدعم نموهم الطبيعي، تتطور قدرتهم على تعليم أنفسهم. وبحلول عام 1909، قدمت ماريا أول دورة تدريبية لها في نهجها الجديد لحوالي 100 طالب. قدمت ملاحظاتها خلال هذه الفترة. والتى أصبحت مادة لكتابها الأول الذي نشر في نفس العام في إيطاليا، وظهرت في الترجمة في الولايات المتحدة في عام 1912 باسم طريقة مونتيسوري، وترجمت لاحقًا إلى حوالي 20 لغة.

تبع ذلك فترة من التوسع الكبير في نهج مونتيسوري. إذ نشأت مجتمعات عرفت بمجتمعات مونتيسوري وبرامج التدريب والمدارس في جميع أنحاء العالم، وسبحت ماريا بين فترات من السفر مع الخطابة وإلقاء المحاضرات، وكان معظمها في أمريكا، وفي المملكة المتحدة وفي جميع أنحاء أوروبا. وفي عام 1929، أنشأت مونتيسوري (مؤسسة مونتيسوري الدولية – Association Montessori Internationale) [2] لضمان استمرار عملها.

أثر الفاشية على حركة مونتيسوري

أثر صعود الفاشية في أوروبا بشكل كبير على تقدم حركة مونتيسوري. فبحلول عام 1933، أغلق النازيون جميع مدارس مونتيسوري في ألمانيا، وفعل موسوليني الشيء نفسه في إيطاليا. هربًا من الحرب الأهلية الإسبانية في عام 1936، سافرت ماريا وفريقها إلى إنجلترا، ثم إلى هولندا.

وتحولت جولة محاضرات لمدة ثلاثة أشهر في الهند في عام 1939 إلى إقامة لمدة سبع سنوات عقب اندلاع الحرب. ووُضعت ماريا قيد الإقامة الجبرية، واحتجزتها الحكومة البريطانية كمواطنة إيطالية. وفي الهند، بدأت ماريا في تطوير نهجها لدعم الطفل 6-12 من خلال «التعليم الكوني» [3]. ثم قامت بتدريب أكثر من ألف معلم هندي.

في عام 1946 عادت ماريا وأسرتها إلى هولندا وفي العام التالي خاطبت اليونسكو حول موضوع (التعليم والسلام). رشحت ماريا لجائزة نوبل للسلام في ثلاث سنوات متتالية: 1949 و 1950 و 1951. وكانت آخر مشاركة عامة لها في مؤتمر مونتيسوري الدولي التاسع في لندن عام 1951. توفيت ماريا مونتيسوري عن عمر يناهز 81 عامًا في هولندا، وأورثت إرث عملها لابنها ماريو. [1]

ما هو تعليم مونتيسوري؟

“عندما يُمنح الطفل مساحة صغيرة، سيصرخ في الحال، «أريد أن أفعل ذلك!» لكن في مدارسنا، التي لديها بيئة تتكيف مع احتياجات الأطفال، يقولون، «ساعدني في القيام بذلك بمفردي»”

الدكتورة ماريا مونتيسوري، سر الطفولة

طريقة مونتيسوري هي طريقة تعليم محددة، تركز على الطفل وتتضمن أنشطة يقودها الأطفال (كمهام) في فصول دراسية مع أطفال من مختلف الأعمار ومعلمين يشجعون الاستقلالية بين تلاميذهم. إذ تعتقد الدكتورة مونتيسوري أن الأطفال يتعلمون بشكل أفضل عندما يختارون ما يتعلمون، وأن فلسفة فصول مونتيسوري اليوم تجعل الفصل الدراسي يبدو مختلفًا عما اعتادت عليه الفصول في الدراسة التقليدية.

ويؤدي تعليم مونتيسوري، والتعليم المتخصص الذي يتميز بفصول دراسية متعددة الأعمار، والعمل أو المهام التي يختارها الطلاب، والتعلم العملي، إلى تحسين المهارات الاجتماعية والسلوكية. وفي سن مبكرة، يدمج أطفال مونتيسوري العدالة والإنصاف لحل القضايا الشخصية. ويعزز أسلوب الفصل الدراسي التعاوني التفكير الإيجابي فيما يتعلق بأقرانهم. ويستجيب أطفال مونتيسوري بشكل إيجابي للأسئلة المتعلقة بأقرانهم أكثر من الأطفال الملتحقين بالمدارس العامة أو الخاصة أو المستقلة. [4]

كما يتصدى تحسين المهارات الاجتماعية والسلوكية للاعتقاد بأن البيئة المنزلية تهيمن على النمو الاجتماعي والسلوكي في مرحلة الطفولة. وتعزز التفاعلات الشخصية الإيجابية بين الأقران تنمية المهارات لدى الأطفال. إذ يعطي تعليم مونتيسوري الأولوية لتطوير المهارات الاجتماعية والسلوكية للأطفال اللازمة للعمل بشكل جيد في المجتمع.

ويختلف نظام مونتيسوري عن الأسلوب التقليدي جوهريًا وظاهريًا، من حيث المنهج والتقييم والهدف. فهو يعتمد بشكل كبير على محطات نشاط مختلفة للأطفال للاختيار من بينها طوال اليوم. كما يعتبر نظامه في التقييم والدرجات غير تقليدي. وفي الأساس يركز على الطالب بأكمله، فهو يهتم بالنظر في النمو الاجتماعي والعاطفي والفكري والجسدي.

وكما هو الحال مع أي طريقة تعليمية، يحب بعض المعلمين وأولياء الأمور هذا النهج. في حين أن البعض الآخر ليس مفتونًا به. إذ يوجد لنظام أو طريقة مونتيسوري – كأي نظام تعليمي–  بعض الإيجابيات والسلبيات المحتملة. [5]

إيجابيات تعليم مونتيسوري

يتحلى تعليم مونتيسوري بعدة مميزات إليك أبرزها:

  • يضمن سرعة تعليم بوتيرة تناسب كل طفل.
  • يتيح الفرصة للأطفال لاختيار ما يهمهم وما يهتمون به.
  • صممت المواد والمناهج والأنشطة كذلك بعناية، لكي تلبي احتياجات نمو الطفل بدلًا من أسلوب المنهج الواحد لجميع الأطفال والطلاب (بغض النظر عن احتياجات وقدرات وميول واهتمامات الطفل).
  • هناك دروسًا أو أنشطة تعتمد على اللعب، مما يشجع الطفل على التعلم أكثر.
  • يعتمد أسلوب مونتيسوري على الاستفادة من الدوافع الداخلية للتعلم للطفل عن طريق اكتشافها، فلا ينتظر الدافع م من مصادر خارجية.
  • يعتمد على الحواس الخمس للأطفال في التعلم.
  • يتعرض الطفل للمواقف والمشكلات والأنشطة بشكل واقعي، مما يدعوه لاكتساب الخبرات وتنمية المهارات.
  • معلمو نظام مونتيسوري يتلقون تدريبًا مخصصًا لتطبيقه.
  • في نظام مونتيسوري، هناك تركيز قوي على تعليم احترام الذات والأقران والمجتمع.
  • يتفاعل الأطفال في فئة عمرية مختلطة. مما يساعد في تطوير المهارات الاجتماعية، ويمنح الطلاب الأكبر سنًا فرصة ليكونوا في دور قيادي، ويسمح للأطفال الأصغر سنًا بالتعلم من أقرانهم.
  • ينصب التركيز التعليمي على الطفل «الكامل»، الجسدي والعاطفي والاجتماعي، وما إلى ذلك، وليس فقط التعليم الأكاديميي.
  • على المستوى الابتدائي خاصة، غالبًا ما يكون التعلم قائمًا على المشاريع والمهام. بدلاً من المنهج المتكدس بالصفحات والتعريفات الصماء المراد حفظها.
  • الواجبات المنزلية نادرة ولا تتطلب جهدًا ووقتًا كبيرًا.

تلك هي أبرز ما يميز أسلوب مونتيسوري التعليمي، فماذا عن السلبيات؟

سلبيات تعليم مونتيسوري

  1. عدم انتشاره أو إتاحته في أغلب المدارس، وقد تبذل وقتًا و جهدًا حتى تجد مدرسة (خاصة) تعتمد نظام مونتيسوري. الشيء الذي قد يكلفك ماديًا الكثير، كمصاريف دراسة ووسائل تنقل.
  2. اسم  أو تعريف مونتيسوري ليس حاصلًا على براءة اختراع، أو محمي بحقوق الطبع أو النشر، أو لديه علامة تجارية. مما يعني أنه يمكن لأي مدرسة أن تدعي أنها تدعم نظام مونتيسوري، مما يلزم الآباء بذل الجهد للتأكد من حقيقة حصول المعلمين بالمدرسة على تدريبات مونتيسوري المعتمدة أو أن المدرسة بالفعل تطبق نظام مونتيسوري التعليمي.
  3. غالبًا ما يشعر الآباء بالقلق حيال ماذا بعد إنهاء أطفالهم فترة تعليم مونتيسوري. [6]

محاور تعليم مونتيسوري في المراحل المختلفة

أهم أهداف تعليم مونتيسوري في المرحلة الإبتدائية

هي مرحلة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و 12 سنة، يركز نظام مونتيسوري في هذه المرحلة على:

  •  إتاحة فرص للاستكشاف الفكري التعاوني، إذ تدعم مصالح الطفل وتوجهه.
  • دعم تنمية الثقة بالنفس والخيال والاستقلال الفكري والكفاءة الذاتية.
  • تعزيز فهم دور الطفل في مجتمعه وفي ثقافته وفي العالم حوله.

أهم أهداف تعليم مونتيسوري في مرحلة المراهقة

تلك المرحلة للمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و 15 سنة، ويركز نظام مونتيسوري فيها على:

  • التعرض لخصائص البيئات حولهم ويشاركون في أنشطتها.
  • مساعدة الشباب البالغين في فهم الذات في أطر مرجعية بشكل أوسع.
  • توفير سياق للتطبيق العملي للأكاديميين.
  • تطوير التعبير عن الذات، والاعتماد الحقيقي عليها، ومرونة الحركة في العلاقات الشخصية.

وفاة ماريا مونتيسوري

توفيت الدكتورة ماريا مونتيسوري قبل إكمال النهج التعليمي لما بعد هذا المستوي. لكن توجد العديد من برامج مونتيسوري التدريبية المدرسية، والتي يعمل خلالها الممتخصصون على هذا النهج التعليمي ووضع معايير إكماله. [7]

المصادر

1- montessori
2- montessori-ami
3- montessoriacademy
4- rasmussen
5- mcmaster
6- ageofmontessori
7- montessori-nw

كيف يتعلم الأطفال ضبط النفس؟

إن الحاجة إلى التحكم في الذات يُمكن أن يشعر البعض وكأنها مُضايقة في بعض الأحيان وشفقة أحيانًا أخرى، ولكن المهم والمطلوب هو تأثيرها القوي المذهل. يتعلق ضبط النفس بالقدرة على إدارة السلوكيات والعواطف للوصول إلى هدف طويل المدى.

لا يعني ذلك قطعًا أن الأطفال الذين يفتقرون إلى السيطرة على النفس، يفتقرون إلى الذكاء. أحيانًا يكون لدىأح الأفراد المتسرعون والذين يميلون إلى إلى المخاطرة نقاط قوة. وقد يصبحون مغامرين ومكتشفين وأصحاب مشاريع أو ربما مخترعين. لكن مع بعض المتاعب المتوقعة. وعلينا كأبوين أو رعاة مساعدتهم على إزالة العقبات والمتاعب من طريقهم قدرالإمكان، وتعلم الانضباط الذاتي وممارسة ضبط النفس هو أحد الأدوات السحرية في عملية التربية، لذا، يتساءل البالغون دائمًا: كيف يتعلم الأطفال ضبط النفس؟

ما هو الانضباط الذاتي لدى الأطفال؟

عُرف التحكم الذاتي بطرق عديدة مثل قوة الإرادة أو الانضباط الذاتي أو صوت الضمير الداخلي. لكن مهما كان تعريفك الخاص للانضباط الذاتي، فتظل وظيفة التحكم الذاتي هي القدرة على تنظيم نفسك وإدارة مهامك.

فالتحكم في الذات جزء من مجموعة من المهارات التي تسمح للأطفال والبالغين بإدارة أفكارهم وأفعالهم ومشاعرهم حتى يتمكنوا من إنجاز أمورهم، لذا يمنح الخبراء تلك المهارات سمة تنفيذية. فبالنسبة للأطفال، فإن تنظيم الجلوس، اللعب، مواعيد الوجبات والواجبات، وغيرها تنطوي على ممارسة التحكم والانضباط الذاتي بشكل مبسط، فهي مهارات تنمو مع الوقت.

وتقوم الرقابة الذاتية مباشرة على صنع القرار. فنقص السيطرة على النفس أثناء الطفولة المتمثل أكثر الأوقات في القليل من الطعام الممتع، أو وقت أكثر من المهام والواجبات المنزلية، مع القليل من نوبات الغضب. وعلى المدى القصي، قد تبدو الآثار المترتبة على هذه القرارات بسيطة إلى حد ما. ولكن أثناء مرحلة المراهقة، قد تكون عواقب سوء اتخاذ القرارات والافتقار إلى السيطرة على النفس وخيمة، سواء على المدى القصير أو الطويل.

ففي مرحلة المراهقة، تكون التجارب التي يتعرض إليها أطفالنا إلى حد كبير خارج أيدينا. هنا حيث يبدأون في اكتشاف من هم وأين وكيف يتلائمون مع العالم. ومستوى سيطرتهم على أنفسهم في هذه المرحلة من أهم الأمورالواجب عليهم ممارستها. لأنها ستلعب دورًا كبيرًا في اتخاذ قراراتهم وخوض تجاربهم، كذلك طريقة تطور دماغهم أثناء انتقالهم إلى مرحلة البلوغ. التحكم الذاتي في مرحلة الطفولة يؤدي إلى التحكم الذاتي في مرحلة المراهقة والذي بدوره يُهيئ دماغ طفلك للحياة.

كيف أصبح الانضباط الذاتي ضرورة؟

لقد حظيت دراسة نيوزيلندية  بإشادة دولية لضخامة بياناتها. إذ تابع الباحثون 1000 طفل منذ ولادتهم وحتى سن 32. فبدا الأطفال ذوو المستويات الأعلى من السيطرة على النفس في سن الخامسة كونهم أكثر عرضة “كبالغين” لأن يكونوا أكثر صحة وأكثر ثراء وأقل عرضة للإدمان أو الإدانة الجنائية.

من الناحية الدراسية، فإن للانضباط الذاتي أثر إيجابي على نتائج التعلم عمومًا، فهو العامل الرئيسي الذي يؤثر على المتعلم، إذا يسمح للمتعلم بتحقيق الأهداف الرئيسية.

ومن المعروف أن يميل عموم الأطفال إلى التمتع بمهارات ضعيفة في التنظيم الذاتي.

ولا يمكن إغفال وجود الكثير من التباين الفردي أيضًا. فبعض الأطفال لديهم المزيد من المشاكل في تنظيم أنفسهم، ويجدون صعوبة في ممارسة ذلك وتنظيمه.

ونعلم أن الكثير يعتمد على عمر الطفل. إذ يفتقر الأطفال الصغار إلى السيطرة الذاتية على الأطفال الأكبر سنًا. وتتطور السيطرة على النفس على مر السنين، مع حدوث بعض أكبر التغيرات بين سن 3 و 7 سنوات.

 وقد خلصت دراسة بارزة أجريت على مدى ثلاثة عقود إلى أن مستوى السيطرة على النفس لدى الأطفال البالغين من العمر خمس سنوات، هو أحد أكبر الأدلة على جودتهم الصحية والمالية، بالإضافة إلى نجاحهم كبالغين. ومعرفة كيفية زيادة السيطرة على النفس لدى الأطفال يمكن أن تساعدهم على السير على طريق يزدهرون ويتألقون فيه.

على الرغم من إشارة بعض الدراسات إلى أن الجينات تلعب دورًا في تشكيل تطور التنظيم الذاتي، إلا أنه يمكن أن يكون لدينا تأثير كبير على الطريقة التي يتصرف بها أطفالن ولكن، هل يستطيع الطفل مقاومة الإلهاءات؟ أيستطيع الإهتداء بالحافز الداخلي؟ هل يمكنه تأخير إشباع رغباته؟ أيمكنه رسم خططه المستقبلية والسير وفقًا لها؟

كيف نغرس ممارسة التنظيم الذاتي في سلوك الطفل؟

تؤكد الدراسات أن ذلك ممكن. يمكن بالفعل أن يستفيد الأطفال عندما نزيل أو نقلل الإغراءات والإلهاءات، وعندما نخلق بيئات تكافئ ضبط النفس. ويحتاج الأطفال أيضًا إلى رسائل تذكير في الوقت المناسب للبقاء على المسار الصحيح، ونصائح عملية ملموسة للبقاء على درب الدوافع، والتغلب على العقبات. وبصفتك الشخص البالغ أو المرشد في حياة طفلك، فإنك في وضع يسمح لك بتعزيز قدرتهم على النجاح وتحقيق العديد من الإنجازات في مرحلة البلوغ من خلال تعزيز قدرتهم على التحكم في الذات. فهل يمكن يمكن التدرج والوصول إلى الانضباط الذاتي عن طريق إزالة المشتتات والإلهاءات فقط؟ أم هو مسار يجب أن يسير فيه الطفل أيًا كانت المغريات؟ وكيف يمكن ذلك على أية حال؟

سنسرد لك بعض النقاط التي يمكنك من خلالها مساعدة طفلك على ممارسة تطوير التحكم في الذات:

  • اخلق الفرص لذلك دائمًا

اتاحة الفرص التي يتعين عليهم فيها أن يقرروا ما إذا كانوا سيمارسون السيطرة على أنفسهم أو يستسلمون للإغراء. مثال على ذلك، التصرف في الأموال وادخارها، مع إيضاح مستوى التقدم كل فترة.

  • وضع الحدود

توفر الحدود فرصًا لتعلم كيفية التنظيم الذاتي. فإذا لم تكن هناك حدود، إذًا من المستحيل تقريبا بالنسبة للطفل أن يعرف متى يحتاج إلى اللجوء إلى التحكم الذاتي. من المهم أن يعرفوا أين هي الحدود.

  • خلو البيئة المحيطة من الإجهاد قدر الإمكان

يعمل الإجهاد دائما على تعطيل المكابح العقلية، فالطفل في حالة التعب أو الإرهاق يفقد هدوءه، ويجد صعوبة في السيطرة على ذاته، كولي أمر عليك تقليل المشتتات ليسهل سيطرته على نفسه كطفل.

 وأشهر مثال على تلك الحالة هي المعركة القائمة بإستمرار أمام المحال التجارية أو محلات الألعاب، لا يمكنك إخفاء المحال من أمام أعينه، لكن يمكنك التحدث معه قبل الخروج، مؤكدًا له أنك متفهم أنه يريد شراء أشياء أو ألعاب لكن ليس هذا هو اليوم المناسب، وعليكما ترتيب تلك الأشياء وكتابتها سويًا في وقت لاحق، وهنا عليك الإلتزام بخطة زمنية للشراء. في تلك الحالة تكون قد جنبته الرغبة الحثيثة في الشراء هذا اليوم، وجنبته الارهاق النفسي في إقناعك بالشراء.

  • اترك له بعض المساحة

أنت أولًا وأخيرًا تتعامل مع طفل، يحب أن يشعر بالاستقلال وحرية الإرادة، فستجده لن يلتزم طول الوقت بخطه تضعها له، طالما الحدود موضوعة وواضحة، فلا قلق، فقط عدِد وضعه باستمرار في الواقف التي تُذكره بضرورة ضبط النفس والتحكم في الرغبات.

  • علمهم كيف يصرفون انتباههم (الصمود)

دائمًا ما يكون الانتظار قاسي جدًا على الأطفال، فهو يدفع الأطفال في التفكير المستمر فيما يريدون القيام به، لكن مهم جدًا تعويدهم الصمود والانتظار، وخلق المواقف لممارسة ذلك باستمرار، تعمد جعلهم يقومون بنشاط آخر بينما هم منغمسون في الانتظار، مع بعض المجهود الذهني.

  •  تعزيز وعيهم الذاتي

كلما زاد الوعي الذاتي لدى طفلك، كلما زادت سيطرته على سلوكه. ساعده على فهم الأشياء التي تميل إلى تقليل قدرته على ضبط النفس. استكشف قبله ما يحدث قبل أن يتخذ قرارات متهورة. ساعده يفهم نفسه بصدق وواقعية، هل هو يشعر بالتعب؟ هل هو إجهاد؟ أم جوع؟ ربما ملل أوقلق؟ دعه هو يجيب عن سؤاله لنفسه، فكلما زاد وعيه، كلما زاد تمكنه من الانصراف عن الأشياء التي تميل إلى إضعاف قدرته على ضبط النفس.

أخيرًا

من الطبيعي أن يحبط الأطفال أحيانًا، أو يندفعوا أحيانًا أخرى. سيجد كل طفل أسلوب لشق طريقة في العالم. وضبط النفس كبناء يُبنى بمرور الوقت، ولا هناك عجلة لهم لأن يصبحوا خبراء. فهي صفة يمكن تعزيزها مهما كانت أعمارهم. من البديهي أن يستغرق بناء الإنسان الصحي الواعي القوي وقتًا. كل ما عليك القيام به كمُرشد وموجه هو توفير الفرص التي سترعاهم بشكل جيد، وإرشادهم لكي يكونوا أفرادًا مميزين وناجحين لأنهم يستحقون منك أن تبذل المجهود لكي يُصبحوا كذلك.

المصـــــادر

pnas

ncbi

americanscientist

mackillop

kidshealth

sciencedirectassets

المفاهيم الأساسية لتنمية الطفولة المبكرة

يظهر العلم أن الحياة هي قصة تحدد لها البداية الشكل والخُطى. وهذا يجعل السنوات الأولى من الطفولة  فرصة كبيرة، كما تُمثل أيضا خطر كبير. يتم بناء أدمغة الأطفال لحظة بلحظة لأنها تتفاعل مع بيئاتهم. في السنوات القليلة الأولى من الحياة، تشكل أكثر من مليون اتصال عصبي كل ثانية – وهي وتيرة لن تتكرر مرة أخرى- . إن معرفتك بأبرز المفاهيم الأساسية لتنمية الطفولة المبكرة  تُحدث فارقًا ملموسًا كما تؤدي إلى حدوث  فرقًا حاسمًا مع تطور أدمغتهم، مما يوفر أسسًا قوية للتعلم والصحة والسلوك طوال الحياة.

نمو الطفل المبكر- (Early Child Development (ECD

هو التحصيل التدريجي للقدرات المعرفية واللغوية والاجتماعية والعاطفية والحركية والشعور بالذات التي تحركها كل من البيولوجيا والبيئة. توفر الطفولة المبكرة فرصة حاسمة لتشكيل مسار التطور الشامل للطفل وبناء أساس لمستقبله. ولكي يحقق الأطفال كامل إمكاناتهم، وكذلك حقهم الإنساني، فإنهم يحتاجون إلى الرعاية الصحية والتغذية، والحماية من الأذى والشعور بالأمان، وفرص التعلم المبكر، وتقديم الرعاية المستجيبة – مثل التحدث والغناء واللعب – مع الآباء ومقدمي الرعاية الذين يحبونهم. كل هذا مطلوب لتغذية العقول النامية وتغذية الأجسام المتنامية.

فملايين عديدة من الأطفال الأكثر حرمانًا في العالم بمن فيهم الأطفال الذين يعيشون في فقر أو يتأثرون بالصراعات والأزمات، والأطفال المتنقلون، والأطفال المنتمون إلى مجتمعات تواجه التمييز، والأطفال ذوو الإعاقة، يفتقدون إلى فرص النمو المبكر بكل ما يحويه من أهداف.

فلا يتلقى ملايين الأطفال التغذية أو الرعاية الصحية التي يحتاجونها، وهم يكبرون معرضين للعنف والبيئات الملوثة والإجهاد الشديد. إنهم يفوتون فرص التعلم ويُحرمون من التحفيز الذي تحتاجه أدمغتهم النامية لتزدهر. ويكافح آباؤهم ومقدمو الرعاية من أجل الحصول على الوقت والموارد والخدمات اللازمة لتزويد أطفالهم برعاية الرعاية في هذه السياقات.

عندما يغيب الأطفال عن هذه الفرصة مرة واحدة في العمر, يدفعون الثمن في الإمكانات المفقودة، فقد تفى حياتهم قبل أن تتاح لهم فرصة للنم, أو قضاء الحياة مع سوء الصحة البدنية والعقلية; يكافحون من أجل التعلم وغيره, ثم لكسب لقمة العيش. ونحن ندفع الثمن. إن الفشل في إعطاء الأطفال أفضل بداية في الحياة يديم دورات الفقر والحرمان التي يمكن أن تمتد عبر الأجيال، مما يقوض قوة مجتمعاتنا واستقرارها.

تأثير انعدام فرص الحصول على الإهتمام بالنمو المبكر

وفقا لتقرير نشر في مجلة لانسيت الطبية ، هناك 249.4 مليون طفل (حوالي 43٪) يعيشون في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل معرضون لخط عدم تلبية إمكاناتهم التنموية في السنوات الخمس الأولى من الحياة

ويقدرهذا العدد بخطرين رئيسيين يهددان نمو الأطفال، هما الفقر والتقزم (أي انخفاض الارتفاع – بالنسبة للعمر أو الأطفال الذين لا ينمون بشكل جيد بالنسبة لأعمارهم) وبالإضافة إلى الفقر والتقزم، هناك عدد من عوامل الخطر التي تهدد النمو المبكر للأطفال، بما في ذلك سوء التغذية، ونقصها، وانعدام الأمن الغذائي، والعنف، والإجهاد الأسري، والاكتئاب لدى مقدمي الرعاية، وإساءة معاملة الأطفال وإهمالهم، وعدم كفاية فرص التعلم المبكر. قد يتعرض الطفل الذي يعيش في بيئة محرومة لمخاطر متعددة. مع زيادة عدد عوامل الخطر التي يتعرض لها الطفل الصغير، قد ترتفع أيضا شدة التأثير على نمو الطفل.

يشمل توفير رعاية الرعاية جميع العناصر الأساسية للطفل ليزدهر-أي أن ينمو بشكل جيد، وأن يكون بصحة جيدة جسديًا وعقليًا، وأن يتطور على النحو الأمثل. وهذا يشمل التغذية والرعاية الصحية والحب والأمن والحماية من الأذى و إتاحة فرص التعلم واستكشاف بيئتهم بأمان. يتم تسليط الضوء على هذه المدخلات في إطار برنامج الرعاية (NCF)، والذي أطلقته منظمة الصحة العالمية واليونيسيف ومجموعة البنك الدولي في جمعية الصحة العالمية في عام 2018.

لماذا يجب أن نستثمر في تدخلات تنمية الطفولة المبكرة؟

عندما نعطي الأطفال أفضل بداية في الحياة، تكون الفوائد ضخمة، لكل طفل وللمجتمعات التي نتشاطرها. إن توفير تدخلات تنمية الطفولة المبكرة لجميع الأطفال الصغار والأسر هو واحد من أقوى المعادلات وأكثرها فعالية من حيث التكلفة المتاحة لنا، لضمان أن يتمكن الأطفال الأكثر ضعفا من الوصول إلى إمكاناتهم الكاملة.

والاستثمار في مرحلة الطفولة المبكرة يعني تمويل البرامج المثبتة والاستراتيجيات المبتكرة للأطفال من الولادة إلى سن 5 سنوات. أيضًا الإهتمام بتعزيز الأسر في دورها كأول معلم لطفلها، وتحسين نوعية بيئات التعلم المبكر مثل مرحلة ما قبل المدرسة ورعاية الأطفال، وتوسيع الوصول إلى تلك البرامج.

كما تعني الرعاية المبكرة تعزيز الوقاية و الكشف المبكر عن المشاكل الصحية التي يمكن أن تؤثر على التعلم في وقت لاحق. أظهر بحث أجراه الخبير الاقتصادي جيمس هيكمان الحائز على جائزة نوبل أن كل الدولار الواحد المُستثمر في برامج الطفولة المبكرة عالية الجودة يمكن أن يحقق عوائد تتراوح بين 4 إلى 16 دولارا.

الاستعداد المدرسي، مُستعد للحياة

 سنوات الطفل الأولى تحمل مفتاح نجاحها لأن الأطفال الذين يتمتعون بصحة جيدة ومُهيئين، عندما يدخلون رياض الأطفال يقومون بعمل أفضل في المدرسة وهم أكثر عرضة للتخرج والتسجيل في الكلية. والكبار المتعلمين تعليمًا جيدًا هم أكثر استعدادًا لفرص العمل في السوق العالمية والمساهمة في قوة مجتمعاتهم. وقد أظهرت العديد من الدراسات أن الأطفال الذين يحصلون على التعليم المبكر الجيد هم أكثر استعدادًا لرياض الأطفال. فتزيد لديهم المفردات, تكوُن لغة أفضل, كما الرياضيات والمهارات الاجتماعية، فتكون لديهم علاقات أكثر إيجابية مع زملاء الدراسة، ويسجلون أعلى في تقييمات المدرسة. وكما أنها تمضي قدمًا في المدرسة والحياة، هم أقل عرضة للحاجة إلى خدمات التعليم الخاص أو أن يحضر الصف مرة أخرى.

الاستعداد المدرسي، استعداد لسوق العمل

ويشكل تخصيص الموارد لدعم صحة صغار الأطفال وتعلمهم استراتيجية حاسمة للتنمية الاقتصادية. يوافق مجتمع الأعمال، لأن القدرة التنافسية للشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة تعتمد على وجود فئة من الموظفين الموهوبين والمتعلمين ذوي المهارات اللازمة في اقتصاد اليوم مثل:

  • مهارات حل المشكلات
  • مهارات الاتصالات
  • مهارات صنع القرار
  • مهارات التفكير الناقد
  • مهارت الدافع
  • مهارات التعاون

“يشير 95٪ من المديرين التنفيذيين إلى أن شركاتهم تعاني من نقص المهارات”

Business Roundtable (2012). Workforce Skills Surve

95% من نمو الدماغ يحدث قبل رياض الأطفال. والمهارات والقدرات التي يبحث عنها أصحاب العمل-التركيز والانضباط الذاتي والتحفيز والتعاون-تبدأ جميعها في التجذر في السنوات الخمس الأولى من الحياة. العائد على الاستثمار من الاستثمار في برامج التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة الجودة للأطفال من الولادة إلى سن 5 راسخة، مع آثار إيجابية قوية على الاستثمار في برامج الطفولة المبكرة للرضع والأطفال الصغار ومرحلة ما قبل المدرسة هو الاستراتيجية الوحيدة المؤكدة لإنتاج مثل هذه العوائد. كما أنه يرتبط بقوة جريمة أقل واعتمادًا أقل على الخدمات الاجتماعية في وقت لاحق من الحياة.

وحسب ما أفادت غرفة التجارة الأمريكية، يبدأ تكوين المهارات التنموية في السنوات الخمس الأولى من الحياة. هذه هي نقطة البداية لإبداع الشخص والتواصل والعمل الجماعي وحل المشكلات ومهارات التفكير النقدي. كما تشير لجنة التنمية الاقتصادية إلى الاسثمار في الطفولة المبكرة.

“يجب على قادة الأعمال وصانعي السياسات النظر في الاستثمار في الأطفال الصغار واحدة من أكثر الاستراتيجيات فعالية لتأمين القوة الاقتصادية المستقبلية لمجتمعاتهم والأمة”

ماهي عوامل الخطر التى تؤثر على نمو الطفل ونمو الطفل المبكر؟

يعجز نحو 250 مليون طفل (43 في المائة) دون سن الخامسة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل عن تحقيق إمكاناتهم الإنمائية. ومن المسلم به عوامل الخطر للمساهمة في هذه الخسارة من الإمكانات البشرية. وقد يكون توسيع نطاق فهم المخاطر التي تؤدي إلى نتائج سيئة والعوامل الوقائية التي تسهم في قدرة الأطفال على الصمود أمرًا حاسمًا لتحسين أوجه التفاوت. عوامل الخطر هي خصائص قد تزيد من احتمال التعرض أو ارتكاب إساءة معاملة الأطفال وإهمالهم، ولكنها قد تكون أو لا تكون أسبابا مباشرة. مزيج من العوامل الفردية والعلاقية والمجتمعية والمجتمعية تسهم في خطر إساءة معاملة الأطفال وإهمالهم. على الرغم من أن الأطفال ليسوا مسؤولين عن الضرر الذي يلحق بهم، فقد وجد أن بعض العوامل تزيد من خطر تعرضهم للإيذاء أو الإهمال.

عوامل خطر فردية

  • الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 4 سنوات من العمر.
  • الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة الذين قد يزيدون من عبء الرعاية (مثل الإعاقات، ومشكلات الصحة العقلية، والأمراض الجسدية المزمنة).

وهناك من العوامل التى ترتبط بمُقدمي الرعاية مثل:

  • مقدمو الرعاية الذين يعانون من مشاكل المخدرات أو الكحول.
  • مقدمو الرعاية الذين يعانون من مشاكل الصحة العقلية، بما في ذلك الاكتئاب.
  • مقدمو الرعاية الذين لا يفهمون احتياجات الأطفال أو التنمية.
  • مقدمو الرعاية الذين تعرضوا للإيذاء أو الإهمال كأطفال.
  • مقدمو الرعاية الذين هم من الآباء الصغار أو واحد أو الآباء والأمهات مع العديد من الأطفال.
  • مقدمو الرعاية ذوي التعليم أو الدخل المنخفض.
  • مقدمو الرعاية الذين يعانون من مستويات عالية من إجهاد الأبوة والأمومة والإجهاد الاقتصادي.
  • مقدمو الرعاية الذين يستخدمون الضرب وغيره من أشكال العقوبة البدنية للإنضباط.
  • مقدمو الرعاية في المنزل الذين ليسوا أحد الوالدين البيولوجيين.
  • مقدمو الرعاية الذين لديهم مواقف تقبل العنف أو العدوان أو تبرره.

عوامل خطر أُسرية (عائلية)

  • الأسر التي لديها أفراد الأسرة في السجن أو يُمثلون خطرًا أمنيًا/ مجتمعيًا.
  • العائلات المعزولة وغير المرتبطة بأشخاص آخرين (العائلة الممتدة/ الأصدقاء /الجيران).
  • العنف الأسري بكل أشكاله.
  • الأسر ذات الصراع العالي وأساليب التواصل السلبي.

عوامل الخطر المجتمعية

  • المجتمعات التي ترتفع فيها معدلات العنف والجريمة.
  • المجتمعات المحلية ذات معدلات الفقر المرتفعة والفرص التعليمية والاقتصادية المحدودة.
  • المجتمعات ذات معدلات البطالة المرتفعة.
  • المجتمعات سهلة الوصول إلى المخدرات والكحول.
  • المجتمعات التي لا يعرف فيها الجيران أو يبحثون عن بعضهم البعض وهناك مشاركة مجتمعية منخفضة بين السكان.
  • المجتمعات ذات الأنشطة المجتمعية القليلة للشباب.
  • المجتمعات ذات السكن غير المستقر، حيث ينتقل السكان بشكل متكرر.
  • المجتمعات التي تعاني فيها الأسر في كثير من الأحيان من انعدام الأمن الغذائي.

العوامل الوقائية لإهمال النموالأطفال

قد تقلل عوامل الحماية من احتمال تعرض الأطفال للإيذاء أو الإهمال. تحديد وفهم عوامل الحماية بنفس القدر من الأهمية مثل البحث عن عوامل الخطر.

عوامل خاصة بمقدمي الرعاية

  • مقدمو الرعاية الذين يخلقون علاقات آمنة وإيجابية مع الأطفال.
  • مقدمو الرعاية الذين يمارسون رعاية مهارات الأبوة والأمومة وتوفير الدعم العاطفي.
  • مقدمو الرعاية الذين يمكن تلبية الاحتياجات الأساسية من الغذاء والمأوى والتعليم والخدمات الصحية.
  • مقدمو الرعاية الذين لديهم شهادة جامعية أو أعلى و فرص عمل ثابتة.

عوامل الحماية العائلية

  • العائلات التي لديها شبكات دعم اجتماعي قوية وعلاقات مستقرة وإيجابية مع الأشخاص من حولهم.
  • الأسر التي يوجد فيها مقدمو الرعاية ويهتمون بالطفل.
  • الأسر التي يطبق فيها مقدمو الرعاية القواعد المنزلية وينخرطون في مراقبة الأطفال.
  • الأسر التي لديها رعاية بالغين خارج الأسرة الذين يمكن أن يكونوا قدوة أو مرشدين.

عوامل الحماية المجتمعية

  • المجتمعات التي توفر/ لديها على سكن آمن ومستقر.
  • المجتمعات التي تستطيع فيها الأسر الوصول إلى مرحلة ما قبل المدرسة عالية الجودة.
  • المجتمعات التي تتمتع فيها الأسر بإمكانية الحصول على رعاية ورعاية آمنة للأطفال.
  • المجتمعات التي تتمتع فيها الأسر بإمكانية الوصول إلى برامج وأنشطة آمنة بعد المدرسة.
  • المجتمعات التي تحصل فيها الأسر على الرعاية الطبية وخدمات الصحة العقلية.
  • المجتمعات التي تحصل فيها الأسر على المساعدة الاقتصادية والمالية.
  • المجتمعات التي يتمتع فيها البالغون بفرص عمل مع سياسات صديقة للأسرة.

 كيف نحدد بالفعل تنمية الطفولة المبكرة؟

كما أشرنا سابقًا أن تنمية الطفولة المبكرة هي الإهتمام بتنمية القدرات الاجتماعية والعاطفية، والمعرفية واللغوية، فضلا عن الشعور بالذات التي تقودها طبيعتنا الأحيائية، جيناتنا, والبيئة. هذه القدرات هي اللبنات الأساسية لرأس المال البشري في المستقبل. تمكننا من التفكير، حل المشاكل ، التواصل، التعبير عن عواطفنا، تشكيل العلاقات وخلق وتطوير أفكار جدية وجديدة.

تبدأ فترة التطور المبكر تلك عند الحمل، وتستمر حتى ثماني سنوات من العمر. إذ ينتقل الأطفال من المعاملات الأسرية إلى الخارج (المدرسة، أماكن التواصل مع العالم الخارجي) لذلك يحتاج الأطفال الصغار إلى مجموعة من التدخلات الرامية إلى تعزيز النماء في مرحلة الطفولة المبكرة.

منظمة الصحة العالمية واليونيسيف ومجموعة البنك الدولي، طرحت العديد من المساقات والأُطر لرعاية الأطفال في كافة النواحي (الصحة الجيدة والتغذية الكافية وتقديم الرعاية المستجيبة، الأمن والسلامة، فضلاً عن فرص التعلم المبكر). هذه التدخلات ليست في حاجة فقط في السنوات الخمس الأولى من الحياة ولكن في الحقيقة نحن بحاجة إلى ضمان استمرار تلقى الأطفال لها.

نحن بحاجة إلى ضمان أن يتم الترويج للنماء في مرحلة الطفولة المبكرة من خلال برامج الأبوة والأمومة. أي أن المهارات التي يحتاج الآباء إلى دعم التنمية الصحية، والتعلم المبكر، واستجابة ويشمل التوجيه الذي قد تحتاجه الأسر لمنع العنف.

في النهايةيمكن القول بأن الإهتمام بالنمو المبكر للطفل يعزز لديه قدرات هي بمثابة اللبنات الأساسية لتكوين رأس المال البشري في المستقبل (صحة الكبار والتعلم والسلوك) – مما يمكننا من التفكير وحل المشكلات والتواصل والتعبير عن عواطفنا وتشكيل العلاقات وحل النزاعات سلميا وإنشاء وتطوير أفكار جديدة.

ولإخراج وازدهار هذه القدرات، يحتاج الأطفال إلى صحة بدنية وعقلية جيدة، وتغذية مناسبة، وفرص للتعلم والتفاعل الاجتماعي مع الآخرين، كما يحتاجون إلى بيئات آمنة ومقدمي الرعاية الواعون المستجيبون.

المصادر

businessroundtable

minneapolisfed

cdc

thelancet

harvard

لماذا يتسرب الأطفال من المدارس؟

طبقًا لتقرير منظمة اليونسكو سنة 2019م، 60 مليون طفل حول العالم لم يذهبوا إلى المدرسة الإبتدائية أو لم يبدأوا حياتهم بتعلم القراءة والكتابة من إجمالي 787 مليون طفل حول العالم. هذا يُعني أن من كل 10 أطفال لا يحظى طالب منهم بتعلم القراءة والكتابة. ويعتبر ذلك نسبة كبيرة حيث أننا أصبحنا في القرن الواحد والعشرين. وقد ازداد هذا العدد بشكل كبير في وقت تفاقم أزمة كورونا. فلماذا يتسرب الأطفال من المدارس؟ [1]

أكثر المناطق التي يتخلف فيها أطفال عن المدرسة

  • صحراء أفريقيا بها 33.8 مليون طفل لم يذهبوا إلى مدرسة من قبل بنسبة 19% من عدد الأطفال بها. أي من كل 10 أطفال لم يذهب طفلان إلى المدرسة من قبل.
  • تأتي جنوب أسيا بعد صحراء أفريقيا بواقع 12.8 مليون طفل بنسبة 7%. ثم شرق أسيا 6.2 مليون طفل بواقع 3%.
  • بعد ذلك الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يتخلف فيهم عن التعليم 2.7 مليون طفل بواقع 5% من إجمالي الأطفال في مرحلة الدراسة الإبتدائية.
  • وأقل المناطق التي يتخلف فيها أطفال عن الدراسة هم أمريكا الشمالية بنسبة 0.5% من إجمالي الأطفال. ثم أوروبا ووسط أسيا بنسبة 2% فقط، ثم أمريكا اللاتينية والكاريبي بنسبة 3%. [1]

أسباب تخلف الأطفال عن الدراسة

  • من أهم الأسباب التي تدفع الأطفال إلى التخلف عن الدراسة هي العنف والصراعات مثلما يحدث في دول مثل سوريا واليمن والسودان ونيجيريا. حيث أن نصف الأطفال الذين يتخلفون عن الدراسة يقيمون في مناطق قد انتشر فيها العنف لأسباب مختلفة.
  • والسبب الثاني ويعتبر سبب هام جدا هو الفقر حيث أن الإنفاق قليل جدًا في الدول ذات الدخل المنخفض مقارنة بالإنفاق في دول ذات دخل مرتفع. على سبيل المثال الإنفاق على التعليم في النمسا (دولة ذات دخل عالي) أعلى 200 مرة من الإنفاق على التعليم في جمهورية الكونغو الديمقراطية (دولة ذات دخل منخفض). وفي أسوأ الحالات يتطلب الفقر من هؤلاء الأطفال العمل، وخاصة في المزارع وأحيانًا في المناجم في بعض المناطق، مما يجعل هؤلاء الأطفال يتركون المدارس أو لا يذهبون بالأساس.
  • منع الإناث من الذهاب إلى المدارس، على سبيل المثال في دولة الصومال. وفي أغلب مناطقها تذهب 36% فقط من الإناث إلى المدارس وفقط 30% من يكملون دراسة الثانوية. ولكن من تقارير منظمة اليونسكو أن هذه الدول إذا التزمت بالخطط المتفق عليها تستطيع الوصول إلى النسب العالمية للتعليم سنة 2089م.
  • بسبب التحديات الخاصة بالإعاقات: حيث يعيش حوالي 150 مليون طفل حول العالم بتحدي. و80% من هؤلاء الأطفال في الدول غير المتقدمة. و9 من كل 10 من هؤلاء الأطفال لا يذهبون إلى المدارس بسبب صعوبة الوصول أو بُعد المسافة أو أن الدولة لا توفر دعم كامل لهم.
  • بسبب زواج الأطفال حيث على سبيل المثال في نيجيريا 10.5 مليون طفل لا يذهبون إلى المدرسة. و60% منهم إناث وأهم سبب لذلك هو الزواج. في نيجريا تتزوج حوالي 15 مليون طفلة قبل الوصول إلى عمر 18 سنة.
  • بسبب الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات والأمراض والأوبئة مثلما حدث في دولتي ليبيريا وسيراليون في وقت انتشار وباء إيبولا. ومثلما حدث قريبًا جدًا في مناطق متعددة من العالم بسبب وباء كورونا.
  • وجود عدد مدرسين أقل من المطلوب، حيث تحتاج الأمم المتحدة إلى 5 مليون معلم لحل مشاكل التعليم خاصة في صحراء أفريقيا.
  • بسبب عمالة الأطفال حيث يعمل في أعمال خاصة بالشباب البالغين حوالي 168 مليون طفل حول العالم. و11% من هؤلاء العمالة صغيرة السن منقطعون عن الدراسة، وأكثر من نصفهم يعملون في المزارع وتقريبًا الثلث في القطاع الخدمي.
  • نقص أساليب النظافة والحمامات وخاصة للإناث في مرحلة المراهقة. وحدوث الدورة الشهرية وعدم توافر المياه النظيفة والفوط الصحية التي يستخدمها الإناث في وقت الدورة الشهرية. بالإضافة إلى انعدام الخصوصية خاصة في حمامات المدارس. وتنظيم حمامات المدارس في بنجلاديش قد ساعد على زيادة تعليم الإناث بنسبة 11%.
  • عدم وجود مدارس حيث يتلقى كثر من الطلاب التعليم خارج المدرسة أو أمام المدرسة عندما يسمح الطقس بذلك. وكثير من المدارس ليس لديها مكاتب ومُعدات للأطفال. يوجد حول العالم 400 مليون طفل حول العالم لا يجدون لهم كرسي للجلوس منهم 95 مليون طفل في صحراء أفريقيا. [2]

تأثير عدم ذهاب الأطفال إلى المدارس

  1. تزايد عدد كبير من الأطفال حول العالم لا يستطيعون القراءة والكتابة.
  2. إذا لم يستطع الطفل الذهاب إلى المدرسة من الممكن أن يذهب إلى مكان أخر ضار تنتشر فيه البلطجة والإرهاب.
  3. لم يستطع الطالب أن يجد مسار تعليمي معين يرفع فيه من جودة حياته ومستوى معيشته وإفادته للمجتمع.
  4. انتشار الأمراض والأوبئة ولن نجد وقتها العلماء والأطباء الذين يساعدون العالم لحل هذه المشاكل.

الحلول

  1. توفير وجبة أساسية للأطفال في المدارس مما يضمن تغذية جيدة للأطفال ويعتبره الأباء إضافة للأطفال فيحفز من إرسالهم. ومن دراسة في السويد سنة 1960م وهي من الدول ذات الدخل العالي أن الأطفال الذين كانوا يحصلون على وجبة في الدراسة أصبحوا يحصلون على دخل 3% أعلى من أقرانهم الذين لم يحصلوا على وجبة غذائية في المدارس.
  2. محاولة توفير الأمان وطرق أسهل لتعليم الأطفال في الدول التي يزداد فيها العنف. وتزويد المساعدات العالمية الدولية ومن المنظمات بشرط إنفاق جزء مناسب على التعليم.
  3. مساعدة الأطفال الإناث في المناطق التي يشتهر بها عدم المساواة بين الجنسين. والحث على ذهاب الذكور والإناث على حد سواء إلى المدرسة، ومنع زواج الأطفال وسن القوانين التي تضمن تطبيق ذلك. بالإضافة إلى تشجيع الإناث على الذهاب إلى المدارس من خلال توفير الخصوصية الكاملة وأماكن النظافة وحمامات المدارس. وتوفير الفوط الصحية في بداية مرحلة المراهقة. وتعريف كلًا من الذكور والإناث عن التغيرات التي تحدث لهما في المراحل المختلفة وخاصة في مرحلة المراهقة.
  4. مساعدة الأطفال الذين يقابلون تحديات صعبة في حياتهم وتوفير كل السبل التي تساعدهم على إكمال التعليم بدون تعب أو إحراج مما يساعدهم على الانخراط بكل سهولة في نسيج المجتمع.
  5. بناء المدارس بما يتناسب مع عدد الأطفال في كل مكان وتوفير عدد المكاتب والمعدات التي تناسبهم وتوفير عدد المدرسين اللازمين للقيام بمهمة تعليمهم.

منذ 20 سنة كانت نسبة الأطفال الذين لا يذهبون إلى المدرسة 16%. وقد تحسنت كثيرًا حتى وصلت حاليًا إلى 8% منهم 31.5 مليون أنثى و27 مليون ذكر. ومازال الجهد متواصل على جميع الأصعدة. وتحسنت خصوصًا في صحراء أفريقيا من 41% إلى 19%. ومنذ قرنين من الزمن كان 1 من كل 10 يستطيعون القراءة، أما الاّن أصبح 9 أشخاص من كل 10 يستطيعون القراءة.

مصادر

[1] Our World In Data

[2] Theirworld

لماذا يموت الأطفال حول العالم؟

تاريخيًا كان يموت ربع الأطفال بنسبة ٢٦,٩٪  في السنة الأولى من عمرهم، ونسبة ٤٦,٢٪  تقريبًا قبل سن البلوغ. ولكن المعدل العالمي الحالي أقل ١٠ مرات من المعدل سابقًا. وفي الدول الأكثر اهتمامًا بالطفل احتمالية أن ينجو الطفل ١٧٠ مرة أكثر من الدول التي لا تولي اهتمامًا كافيًا. 

معدل وفيات الأطفال الحالي قبل عمر السنة  ٢,٩٪ و يموت قبل بلوغ ال ١٥ سنة ٤,٦٪ منهم. ولكن، ما زال هناك بعض الدول التي تعاني من ارتفاع معدل وفيات الأطفال على سبيل المثال، تعاني جمهورية وسط أفريقيا من معدل وفيات للأطفال قبل عمر السنة يصل إلى ٩٪، أما الدول الأقل في معدل وفيات للأطفال هي أيسلندا بنسبة ٠,١٦٪ وفرصة نجاة الأطفال بها ١٧٠ مرة أكثر من الدول الفقيرة. 

سابقًا، كان معدل الخصوبة أكثر من ٦ أطفال لكل سيدة. ومن المعروف أن معدل ٤ أطفال لكل سيدة يضاعف عدد السكان. أما ٦ أطفال لكل سيدة يجعل عدد السكان أكثر ب ٣ أضعاف من جيل لآخر. وكان عدد السكان شبه ثابت من ١٠٠٠٠ سنة قبل الميلاد إلى عام ١٩٠٠م حيث كانت الزيادة تقدر ب ٠,٠٤٪ سنويًا. بمعدل المواليد الكبير هذا كان من الطبيعي زيادة عدد السكان بشكل مبالغ فيه ولكن ذلك لم يحدث بسبب وفاة أغلب الأطفال. فلماذا يموت الأطفال حول العالم؟ [1]

يوجد تحفظات على تقديرات وفيات الأطفال

  • حيث لم يكن يصدر تقرير عن وفيات الأطفال خاصة الذين توفوا بعد الولادة مباشرة. 
  • بقايا أجساد الأطفال التي يُعثر عليها غالبًا ما تكون غير كاملة.

لاحظ العلماء أيضًا وجود تقارب في معدل وفيات الأطفال لإنسان النياندرتال الذي عاش قبل ٤٠٠٠٠٠ – ٤٠٠٠٠ سنة سابقة في أوراسيا حيث كان يموت ٢٨٪ من أطفالهم في عامهم الأول. 

في سنة ٢٠١٧م، مات حول العالم ٥٦ مليون شخص منهم ٥,٤ مليون طفل قبل الوصول إلى السنة الخامسة من العمر بمتوسط ١٥٠٠٠ طفل لكل يوم. 

تهدف الأمم المتحدة في ٢٠٣٠م إلى وصول معدل وفيات الأطفال إلى ٢,٥٪ في كل الدول بما معناه نجاة نحو ٩٧,٥٪ من الأطفال المولودين بغض النظر عن مكان نشأتهم بما يعني نجاة مليون طفل كل عام عالميًا. وحاليًا يموت ٣,٩٪ من الأطفال  قبل سن الخامسة، ومن المتوقع فقدان ١٠٠ مليون طفل في مرحلة التخطيط للوصول إلى هدف الأمم المتحدة من ٢٠١٥ – ٢٠٣٠ في حالة استمرار معدل مواليد الأطفال بهذا الشكل. 

تاريخيًا

سنة ١٨٠٠م، كان أكثر من ثلث الأطفال لا يصلوا إلى عمر ٥ سنوات. كان للأبوين متوسط ٥ أطفال وكانوا يفقدون ٢ – ٣ أطفال في أعوامهم الأولى ولم يكن هذا نادرًا ولكنه كان طبيعيًا.

سنة ١٩٥٠م، تغير الوضع كثيرًا ولكن في الدول الغنية فقط في أوروبا وأستراليا وأمريكا الشمالية وبعض أجزاء أمريكا الجنوبية. حيث كان معدل وفيات الأطفال أقل من ٥٪ ومعدل الخصوبة ٢ – ٣ أطفال لكل سيدة. وفقدان الأطفال أصبح نادرًا بسبب التطور في نظام الحياة والمعرفة الطبية وعلاج الأمراض المتعلقة بولادة الأطفال. ولكن ما زالت وفيات الأطفال مرتفعة في باقي مناطق العالم.

في سنة ٢٠١٥م، يموت ١ من كل ٢٠٠ طفل في الدول الغنية ووصل في دول عدة إلى ١ – ٢٪، والصين تحولت من فقد ثلث الأطفال إلى ١٪، والهند من فقد ربع الأطفال إلى١ / ٢٠ وكينيا من الثلث الى ١ / ٢٠  وتنزانيا من الثلث إلى ١ / ٢٠. 

هبط المعدل العالمي من ٢٢,٥٪ إلى ٤,٥٪. وأوروبا  من ١١٪ إلى ٠,٦٪. وأمريكا الشمالية من ٣,٨٪ إلى ٠,٦٪. وأمريكا اللاتينية من ٢٠٪ إلى ٢,٤٪. وآسيا من ٢٥٪ إلى ٣,٥٪. و أخيرًا أفريقيا من ٣٢٪ إلى ٨٪. [4]

نموذج من مصر

في مصر سنة ١٩٥٥م، كان معدل الخصوبة من ٦ – ٧ أطفال لكل سيدة وكان يفقد الأبوين ٢ – ٣ أطفال. وفي ٢٠١٦م، أصبح معدل الخصوبة ٣ أطفال لكل سيدة ومعدل فقد الأطفال لا يتعدى ٠,٠٨٪. [3]

عدد الوفيات في مصر سنة ٢٠١٧م بسبب أمراض الجهاز التنفسي السفلي تقريبًا ١٠٠٠٠ طفل، ومن أمراض ما بعد الولادة ووقت الولادة بسبب عيوب خلقية تقريبًا ٩٠٠٠ طفل، ومن أمراض الإسهال تقريبًا ٦٥٠٠ طفل والعديد من الأمراض الأخرى. 

وإذا عقدنا هذه المقارنة مع سنة ١٩٩٠م، حيث مات ٤٥٠٠٠ طفل بسبب أمراض الجهاز التنفسي السفلي. ومات ٣٠٠٠٠ طفل بسبب أمراض حديثي الولادة والعيوب الخلقية عند الولادة، ومات ٣٦٠٠٠ طفل بسبب الإسهال. [2]

لماذا يموت الأطفال حول العالم؟

فقد العالم ٥,٤  مليون طفل حول العالم سنة ٢٠١٧م، ومعدل وفيات الأطفال في الدول الغنية أقل ١٠ مرات من الدول الفقيرة. ولتقليل عدد وفيات الأطفال علينا معرفة معلومتان في غاية الأهمية:

  1. أين يموت هؤلاء الأطفال؟
  2. سبب موت الأطفال. 

أكثر الدول في معدلات وفيات الأطفال هم الصومال وتشاد ووسط أفريقيا وسيراليون ونيجيريا ومالي.

أهم الأسباب:

  1. ١٥٪ من وفيات الأطفال سنه ٢٠١٧م كانت بسبب الالتهاب الرئوي وأمراض الجهاز التنفسي السفلي. وهو أهم سبب في آخر ٣ عقود، والسبب الرئيسي عدوى بكتيرية.
  2. ١٢٪ بسبب أمراض حديثي الولادة و خاصة ما بعد اول ٢٧ يوم من الولادة، ومن المعروف أن وفيات الأطفال في أول سنة أكثر ٣ مرات من ثاني سنة من الولادة. 
  3. ١٠٪ بسبب أمراض الإسهال وتسببه على سبيل المثال الكوليرا وفيروس الروتا و بكتيريا الشيجيلا.وقد صرّحت منظمة الصحة العالمية أن من الممكن علاج الإسهال ومنعه؛ حيث وجود علاجات تعويضية لفقد العناصر المهمة بسبب الإسهال وأدوية أخرى لعلاج الإسهال. 
  4. ٩٪  بسبب عيوب خلقية أو تغيرات جينية غير طبيعية موجودة عند الأطفال منذ الولادة. 

٤٥٪ مجملًا من وفيات الأطفال بسبب الأمراض المعدية، لكن نجاح حملات التطعيم وإتاحة المضادات الحيوية كان لهم دورًا رئيسيًا في تقليل الوفيات. وقلل لقاح الحصبة عدد الحالات  بنسبة ٨٦٪ منذ عام ١٩٩٠م، وقالت منظمة الصحة العالمية أن هذا اللقاح منع وفاة ٢١ مليون شخص في أفريقيا فقط. ولدينا الآن لقاحات ضد السل والفيروسات الكبدية والالتهاب السحائي والسعال الديكي. وأفضل طريقة لحماية الأطفال هي توفير اللقاحات والمضادات الحيوية المناسبة. 

الالتهاب الرئوي

١٥٪  من حالات وفيات الأطفال عام ٢٠١٧م كانت بسبب الالتهاب الرئوي. وبدأ يقل عدد الأطفال الذين يموتون بسبب الالتهاب الرئوي بشكل واضح من ٣ عقود حيث في سنة ١٩٩٠م  مات  مليون طفل بسبب الالتهاب الرئوي. ولكن في ٢٠١٧ قل هذا الرقم 60% وكان هذا بسبب تطوير في تغذية الأطفال وتقوية مناعتهم وتنقية الهواء والنظافة العامة والشخصية ومحاربة الفقر العالمي وظهور اللقاحات والمضادات الحيوية. 

تزداد وفيات الأطفال بالالتهاب الرئوي في صحراء أفريقيا وجنوب آسيا. وفي ٥ دول عدد وفيات الأطفال فيها أكثر من نصف حالات الوفيات عالميًا وهم الهند ونيجيريا وباكستان والكونغو الديمقراطية وإثيوبيا. وتتناسب حالات الوفاة من الالتهاب الرئوي طرديًا مع ازدياد معدلات الفقر.

عوامل الخطورة:

  1. ضعف تغذية الأطفال مما ينتج عنه نقص الوزن وعدم تناسب الوزن مع الطول، والأطفال قليلي التغذية أكثر عرضة للالتهاب الرئوي ٢ – ٤ مرة، وأكثر عرضة للوفاة بسببه  ١٥ مرة أكثر من الطبيعي وتسبب في ٥٣٪ من حالات الوفاة.
  2. التلوث الداخلي في المنزل وهو التدخين سبّب ٢٩٪ من حالات الالتهاب الرئوي والتلوث الخارجي يسبب ١٨٪. وتعرض الأطفال للتدخين سبّب وفاة ٦١٠٠٠ طفل تحت عمر ٥ سنوات في سنة ٢٠١٧م.
  3.  التعرض للحصبة والإيدز يجعل من الالتهاب الرئوي أكثر خطورة للوفاة ٧ مرات. في ٢٠١٠م، ١٪ فقط من الأطفال الذين ماتوا في الهند بسبب الالتهاب الرئوي كانوا مصابين بالإيدز. وعلى الجانب الآخر في أفريقيا ١٧٪ من الأطفال الذين ماتوا بالالتهاب الرئوي كانوا مصابين بالإيدز.

لتقليل وفيات الأطفال من الالتهاب الرئوي:

  • توفير لقاح الالتهاب الرئوي لعمر اقل من ٢٤ شهر وكفاءته ٨٥٪، وعند وصوله إلى أقصى قدر يمكنه إنقاذ ٣٩٩٠٠٠  طفل سنويًا. وكذلك مصل الانفلونزا؛ حيث ارتبطت الانفلونزا ب ٢٪ من حالات وفيات الأطفال بالالتهاب الرئوي.
  • تحفيز الرضاعة وخاصة في أول ٦ شهور من عمر الطفل؛ حيث الأطفال الذين لا يحصلون على رضاعة طبيعية أكثر عرضة للالتهاب الرئوي من الأطفال الذين يحصلون على رضاعة طبيعية  ب ١٥ مرة. وعالميًا ٤١٪ فقط من الأطفال يحصلون على رضاعة طبيعية. 
  • تقليل تلوث الهواء عن طريق تقليل التدخين وتقليل العوادم ونواتج الحرق.
  • سهولة الوصول للرعاية الطبية والأدوية؛ حيث تأخر وقت الوصول إلى رعاية طبية يُزيد من معدل الوفيات حيث اقل من ٦٥٪ من الأطفال الذين يُصابون بالالتهاب الرئوي يذهبون إلى المستشفى. 
  • سهولة الوصول للمضادات الحيوية حيث تُعد البكتيريا أشهر أسباب الالتهاب الرئوي، والعلاج هو المضاد الحيوي، وأشهرهم الأموكسيسيللين وتكلفته غالبًا أقل من ٥٠ سنت. 
  • العلاج بالأكسجين ممكن أن  يقلل الوفيات من الالتهاب الرئوي بنسبة ٣٥٪. وفي ٢٠١٧م أصبح الأكسجين على قائمة الضروريات.

الإسهال

فقدنا ١,٦ مليون شخص حول العالم بسبب الإسهال سنة ٢٠١٧م، وكان ثلث هؤلاء الأشخاص تقريبًا أطفال تحت عمر ٥ سنوات. بالعودة إلى سنة ١٩٩٠م  كان قد مات ١,٧ مليون طفل بسبب الإسهال. والإسهال هو ثالث الأسباب لموت الأطفال عالميًا بعد الالتهاب الرئوي وأمراض ما بعد الولادة والتغيرات الجينية المولود بها الطفل.

في الدول الفقيرة يموت تقريبًا ١٠٠ طفل لكل ١٠٠ ألف بسبب الإسهال، وفي أسوأ الدول مثل مدغشقر وتشاد وجمهورية وسط افريقيا يموت أكثر من ٣٠٠ لكل ١٠٠ ألف طفل. وعلى الجانب الآخر في الدول الغنية يصبح المعدل أقل من طفل لكل ١٠٠ ألف طفل.

الإسهال ممكن علاجه كما صرّحت منظمة الصحة العالمية بتوفير محاليل تعويضية عند فقد عناصر مهمة للجسم بسبب الإسهال. وتطوير النظافة العامة والشخصية، وتوفير اللقاحات والمضادات الحيوية. وغسل اليدين بالصابون يقلل الإصابة بالإسهال ٤٧٪، وتقلل للإصابة أيضًا جودة المياه بنسبة ١٧٪، وكذلك النظافه الشخصية تقلل الإصابة ٣٦٪. بالإضافة إلى أن توافر السوائل التعويضية تمنع الوفاة من الإسهال بنسبة ٦٩٪. وعندما تصل تغطيتها إلى ١٠٠٪ للمحتاجين إليها، تقل حالات الوفاة من الإسهال بنسبة ٩٣٪.

أمراض حديثي الولادة

أكثر من ثلث الأطفال الذين يموتون في سن صغير يكون في الأسبوع الأول من حياتهم. يعني ١,٨٦  مليون بنسبة ٣٤,٥٪ بواقع ٥٠٩٦  طفل أصغر من أسبوع يموت كل يوم. وتزداد الاحتمالية في أول ٢٤ ساعة وبعدها ال ٢٤ ساعة التي تليها. 

أكثر من ٦٠٠ ألف طفل صغير ماتوا في سنة ٢٠١٧م بسبب مشاكل ناتجة عن الولادة المبكرة. وتمثل السودان أعلى الدول في هذه الحالة حيث وفاة ٢٨٨ طفل لكل ١٠٠ ألف. والأفضل هي اليابان حيث يموت ٤ أطفال لكل ١٠٠ ألف. 

لتجنب هذه المشاكل:

 نولي اهتمامًا منتظمًا أثناء الحمل. والتأكد من عدم وجود أمراض جنسية. وتزويد الأمهات بالعناصر الغذائية الهامة. والاهتمام بحالات بعد الولادة حيث أثبتت الدراسات أن الاهتمام ب ٩٠ – ٩٩٪ من الحالات يقلل عدد الوفيات من ٩٠٠ ألف سنة ٢٠١٢م إلى ٤٠٠ ألف سنة ٢٠٢٥م.

اختلاف الجنس

الذكور لديهم مشكلة أكبر في مضاعفات الولادة في وقت مبكر أكثر من الإناث وعدم نضج كل الأعضاء وقت الولادة وخاصة الرئة. ويرجع العلماء هذا بسبب:

نقص إنتاج « lung surfactant – مُنشط السطح الرئوي » حيث في الإناث يكون أسرع مما يؤدي إلى تطور مسارات الهواء ويطور الرئة بشكل إيجابي. 

الذكور أكثر عرضة للأمراض المعدية حيث مناعة الذكور أقل من الإناث بسبب وجود الكروموسوم (Y) الذي يزيد قابلية الذكور للأمراض. وعلى الجانب الاّخر لدى الإناث كروموسوم (xx) فبذلك هم ذات مناعة قوية حيث يحتوي كروموسوم (x) عدد أكبر من الجينات المرتبطة بالمناعة. لكن قوة المناعة تأتي مع التكلفة الكبيرة حيث تكون الإناث  أكثر عرضة لأمراض المناعة الذاتية. 

هرمون التستوستيرون في الذكور يمنع جزئين كبيرين في المناعة وهم «T و B»، ولكن الاستروجين يعمل على تنظيمها بشكل أفضل. 

العوامل الاجتماعية والاقتصادية

الأشخاص الذين لديهم وظائف ومهارات أفضل كان يموت لديهم ٣٢ طفل لكل ألف طفل، والآن أصبح ٣,٨ طفل لكل ألف طفل. ولكن الأشخاص الذين لدينا مهارات ووظائف أضعف كان يموت ٨٠ طفل لكل ألف طفل  والآن أصبح ٧,٤ طفل لكل ألف طفل.

الأم عامل مؤثر

الأم عامل مؤثر حيث مستوى تعليم الأم وصحتها الجيدة والتغذية والنظافة والتأمين الصحي يساعد على تقليل معدل الوفيات. وارتبط عمر الأم وقت الحمل كثيرًا بزيادة عدد الوفيات و امراض الطفولة ويتطور مع زيادة عمر الأم إلى ٢٧ سنة. وقوة التعليم لدى الأم ومعرفتها يقي أبنائها من المخاطر.

ما زال العالم يعاني من فقد الأطفال ولكننا نلاحظ التطورات بمرور الوقت واستخدام العلم. وما زال الأمل أكبر في محاولة الوصول إلى أقل عدد من الوفيات.

مصادر

[1] our world in data
[2] our world in data =>Egypt:

أنماط الأبوة والأمومة وتأثيرها على الأبناء

تعتبر السنوات الأولى من حياة الفرد من أهم فترات التطور، فالأطفال في تلك المرحلة يصبحون كالإسفنج يمتصون كل شيء من آبائهم، فهم قبلتهم وجهة إتصالهم الوحيدة. وبالتالي فإن أسلوب الأبوة والأمومة والطريقة التي يتفاعل بها الآباء مع الأبناء لها تاثير كبير على أطفالهم. فقد يكون هذا التأثير طويل المدى وقد يكون قصير المدى؛ فهو يؤثر على جميع جوانب الأطفال، من طريقه التفكير حتى طريقه ملابسهم.

في عام 1983، تم توسيع نظرية «ديانا بومريند-Diana Baumrind»، التى طورت ثلاثة أنماط رئيسة للأبوة والأمومة لتصبح أربعة أنماط بواسطة «ماكوبي ومارتن- Maccoby and Martin» وآخرون. فما هما الأربعة أنماط الأساسية في التربية؟ وما هي نتيجة اعتماد كل نمط في التربية؟ وما هو النمط الأمثل؟ وكيف تحدد نمط الأبوة والأمومة المناسب لأطفالك؟

ما هي الأبوة والأمومة؟

تُعرف الأبوة والأمومة على أنها كوكبة من المواقف أو الأنماط للسلطة الأبوية تجاه الطفل والتى تُنقل إليه، مما يخلق السياق العاطفي للتعبير عن سلوك الوالدين. فيُعتقد أنه يوفر المناخ العاطفي للتفاعل بين الوالدين والأطفال، كما أن لها تأثير كبير على نوعية حياة الأسرة.

أهمية الأبوة والأمومة في التربية

إن للآباء والامهات وظيفة يمكن وصفها بأنها الأصعب على الإطلاق، فيُسند إليهم تربية الأبناء ودعمهم، فيمر الشخص خلال فتره نموه بعِدة مراحل وتغيرات، بما في ذلك التغيرات البيولوجية والعاطفية والمعرفية والإجتماعية. فمن الضروري أن يحاول الوالدان تحقيق التوازن في جميع الجوانب. ولن يتأتى ذلك إلا من خلال معرفة أهم المؤثرات السلوكية إلى جانب بيئة التربية.

كما يتأثر أسلوب التربية بترتيب الطفل، فيتأثر أسلوب الأبوة تجاة الطفل الثانى مثلاً بالتجربة التى مر بها الوالدان أثناء تربيتهم للطفل الأول وهكذا.

وفي بعض الأحيان قد يتعارض كل ذلك مع عوامل أخرى بيولوجية أو بيئية، وبالتالي فإن تحقيق هذا التوازن يمكن أن يُصبح صراعًا للآباء.

نظرية بومريند لأنماط الأبوة والأمومة

في الستينيات ابتكرت عالمة النفس «ديانا بومريند-Diana Baumrind» أربعة أنماط مختلفة من الأبوة والأمومة. بناءًا على الملاحظة والتحليلات، وهم:

نمط الأبوة الموثوقة

نمط الأبوة السُلطوية

نمط الأبوة المُتساهلة

نمط الأبوة الغير مسئولة

وقد صُنفت هذه الأساليب على أساس جانبين أساسيين من جوانب السلوك الأبوي هما: الرقابة الأبوية- Parental Control والدفء الأبوى Parental Warmth. دعنا سريعًا نذكر ما ينطوي عليه المصطلحين:

تشير الرقابة الأبوية إلى الدرجة التي يدير بها الآباء سلوك أطفالهم. بدءًا من التحكم الشديد إلى التراخي، بالإضافة إلى وضع القواعد وتلبية المطالب.

أما عن الدفء الأبوي، فهو يشير إلى الدرجة التي يتقبل بها الآباء سلوك أطفالهم ويستجيبون لها.

1- نمط الأبوة الموثوق

الآباء الموثوقون حازمون مع أطفالهم، لكنهم مانحون جيدون للدفء في نفس الوقت. فالأسلوب الموثوق يعتمد على وضع قواعد معينة للأبناء مع إتاحة الفرصة لهم للمناقشة والاستدلال. فهو اتصال ثنائى الإتجاه.

دائما ما تكون لديهم توقعات عالية من أبناءهم، يشجعونهم على الاستقلال مع الإشارة إلى حدودهم. يستخدم أيضًا هؤلاء الآباء أنظمة المكافآت لتقدير العمل الجيد وتحفيز أطفالهم.

تُظهر الملاحظات أنه عندما يتبنى الوالدان طريقة الأبوة هذه، يكون الطفل قادرًا على التفاوض وإجراء المناقشات بشكل أفضل. ذلك لإنه اعتاد على التعبير عن نفسه أثناء المناقشات مع الوالدين. نظرًا لإن آراءه وأفكاره تؤخذ دائمًا على محمل الجد في المنزل.

فالأطفال الذين يدركون أن آراءهم مهمة وتؤخذ في الاعتبار. يكونون أكثر وعيًا ومسئولية اجتماعيًا؛ مما يعزز ثقة الأبناء بأنفسهم وقدراتهم ومهاراتهم.

2- نمط الأبوة السلطوي

الآباء الذين يتبنون هذا الأسلوب تجدهم يمارسون سيطرة شديدة على أطفالهم، ولا يمنحون الدفء الكافي. فهم يطورون نظامًا للعقوبات من أجل تصحيح أي سلوك غير مرغوب. عادة ما يرون معاملتهم لأبناءهم على أنها حب قاسي. هذا النمط من الأبوة مُقيد وغالبًا ما يكون إتخاذ القرارات حكرًا على الوالدين فقط دون التشاور مع الأبناء. فلا تُجرى أية مناقشات ولا تتبادل الآراء. قليلا ما تُشَجَّع الأبناء على الاستقلالية. أظهرت الملاحظات أن الأطفال مُتلقيّ ذلك النمط إما يميلون إلى الخضوع والإعتماد على والديهم، أو التمرد إظهار ميولاً عدوانية.

3- نمط الأبوة المتساهلة

يتميز الوالدين الذين يتسمون  بنمط التربية المتساهلة بالدفء الشديد والسلبية. مثل هؤلاء الآباء لا يطلبون الكثير من أطفالهم، يواجهون صعوبة في قول لا لأبناءهم؛ بسبب الخوف من استيائهم. الوالدان غير نشطين في جوانب صنع القرار في حياة أبناءهم؛ وبالتالي يتخذ الأطفال العديد من القرارات المهمة بمفردهم. فهم يقدمون النصيحة فقط لأطفالهم، لكن القرار النهائي يُتخذ في النهاية من قِبل الطفل نفسه. أطفال ذلك النمط من التربية لا يدركون مفهوم العواقب. كما أنهم لم يعتادو على الحرمان، مما يؤدي إلى وجود مشاكل في ضبط النفس لديهم. تتأثر علاقتهم مع أقرانهم الآخرين أيضًا؛ لإنهم يميلون إلى تطوير قضايا الأنا فيظهرون بمظهر الأنانيين.

4- نمط الأبوة المهملة

آباء ذلك النمط ليسوا دافئين وليس لديهم أي مطالب من أبناءهم. هم غير مشاركين في أمور أطفالهم ولا يتفاعلون معهم -إلا إذا لزم الأمر- فهم غير مبالين بمشاعر أو حتى مكان تواجد أطفالهم. يميلون إلى الإنشغال بحياتهم الخاصة أو التركيز على الذات فقط. هؤلاء الآباء لا يأخذون في الاعتبار أفكار وآراء أطفالهم. عادة ما يكون هذا النمط من الأبوة نتيجة استسلام الوالدان أو نتيجة الإحباط أو التعب. يظهر أطفال هذا النمط سلوكيات مثل سلوك أطفال الآباء المتساهلين.

بعض العوامل التي تؤثر على أسلوب الأبوة والأمومة المُتبع في الأسرة

مدى توافق أسلوب الوالدان في المنزل، إذا كان الوالدان يتبعان أسلوبان مختلفان من الأبوة -على سبيل المثال: يمكن أن تكون الأم متساهلة والأب سُلطويًا. فمن الضروري أن يجد الوالدان طريقة للعمل معًا والتنازل عن الأسلوب الغير مُوفق في مواقف معينة؛ من أجل الحصول على نتيجة إيجابية. فقد يؤدي عدم موافقة كلا الوالدان علانيةً  أثناء إتخاذ القرارات المتعلقة بالطفل إلى نزاع يمكن للطفل الإستفادة منه لحسابه. – على سبيل المثال: إذا قال الأب أنه لا يُسمح لاطفل بالذهاب إلى مكان ما، لكن والدته قالت نعم! سيستمر الطفل في الذهاب إلى المكان الذي منع الأب الذهاب إليه. على الرغم من تحذيره للطفل من ذلك، لإن الطفل يعلم أن الأم ستضمن عدم توقيع العقوبة.

سلوك الطفل نفسه قد يحكم أسلوب الأبوة المُتبع، يؤثر سلوك الطفل أيضًا على أسلوب التربية. على سبيل المثال: قد يؤدي الطفل المتمرد المُتحدي إلى قيام والديه بممارسة سيطرة قُصوى (النمط السُلطوي) من أجل تقويم الطفل، أو إهمال الطفل (النمط الغير مسئول) لمجرد أن الوالدين قد استسلموا وكلْوا. من ناحية أخرى، فإن الطفل الذي لديه دوافع ذاتية ومتعاون، من شأنه أن يدفع والديه إلى استخدام أسلوب تربية أكثر موثوقية وبناء علاقة جيدة مع طفلهم. وهناك بعض العوامل الأخرى التي قد تؤثر على أسلوب الأبوة والأمومة المُتبع مثل قلة النوم، الاجهاد، حالة مزاج الوالدين، مسئوليات الوظيفة، القيود المالية، التوتر، القلق،..

كيف يمكن تحديد أسلوب الأبوة والأمومة الأمثل؟

بينما لا يوجد أسلوب تريية واحد يمكن وصفه بالأمثل أو الأنسب -بناءًا على الأبحاث والتحليلات- يعتقد علماء النفس أن أسلوب الأبوة والأمومة الموثوق هو الأسلوب الأكثر فائدة، فهم يزعمون ان هذا الأسلوب هو الأكثر مرونة ويحقق التوازن الصحيح بين الرقابة ودفء الوالدين. إذ يُظهر الأطفال الذين يخضعون لأسلوب التربية الموثوقة لديهم علاقة صحية مع والديهم حتى بعد أن يصبحوا بالغين. ومع ذلك من المهم أن نفهم أن هناك العديد من العوامل تلعب دورًا فيما يتعلق بتربية الأطفال، على رأسها الإختلافات الثقافية.

ما هي أهمية الخلفية الثقافية في تحديد النمط الأبوي المناسب؟

من الضروري مراعاة التأثيرات الثقافية في الأسرة. فقد لا تكون أساليب الأبوة والأمومة الموثوقة هي الأنسب لتربية الأطفال من خلفيات عرقية واجتماعية واقتصادية مختلفة. فتُشير الأبحاث أن الأساليب الموثوقة تعمل بشكل أفضل مع الأطفال في جميع الطبقات. في حين أنه قد لا يكون الخيار الأنسب للأطفال الناشئين في ظل قيود اجتماعية واقتصادية معينة. فقد وُجد أنه عندما يعيش الطفل في بيئة آمنة، فإن السماح له بقدر من الحرية المرونة سيُبشر بالخير للطفل وسيتبع ذلك نتائج إيجابية. ومع ذلك قد لا يكون هذا الحال بالنسبة للطفل الذي يعيش في بيئة شديدة الخطورة .سيحتاج الطفل الذي يعيش في مثل هذه البيئة درجة أعلى من التحكم – على سبيل المثال: بالنسبة لطفل نشأ في أسرة مكونة من ثلاثة أفراد في أرقى ضواحى لوس أنجلوس- كاليفورنيا. سيحقق أسلوب الأبوة الموثوقة نتائج إيجابية من الطفل، هنا يتمتع الطفل بامتياز عدم التعرض للتحيز العنصري أو الجنساني ويحيا في مكان آمن. بما أن والديه مستقران اقتصاديًا بشكل واضح للعيش في هذا المكان، فلا ضغوط اجتماعية ولا اقتصاديه على الأسرة.

خُذ مثالاً آخر، من ناحية أخرى، فتاة آسيوية صغيرة تنشأ في أسرة متوسطة الحال بلا أب، تخضع للتحيز العنصري والجنساني. تكافح والدتها من الناحية المالية، فتعمل في وظيفتين لتوفير وجبة على المائدة. لن يعمل أسلوب الأبوة الموثوقة هنا، بدلاً من ذلك ستكون هناك حاجة إلى مزيج من أساليب الأبوة الأخرى لتحقيق النجاح.

عادة ما تُستخدم أساليب الأبوة السلطوية من قبل الآباء الذين ينتمون إلى الأقليات العرقية. على الرغم من أن أسلوب التربية هذا يرتبط بالنتائج الإيجابية المنخفضة، إلا أنه عندما يُطبق من قِبل مجموعات الأقليات مقل العائلات الآسيوية والإفريقية، فإنهم يميلون إلى تحقيق نتائج إيجابية. فإن تحديد أهداف معينة صارمة وحازم يعمل بشكل أفضل لهذه العائلات، ويمكن رؤيته من حيث النجاح الأكاديمي أيضًا -وهو شئ يُقدره الآسيويون جدًا- كما أن هناك شريحة كبيرة جدًا من عائلات الأقليات العرقية تعيش في أحياء خطرة بها العديد من المخاطر التي تُهدد سلامتهم وأمنهم. هذا يتطلب من الآباء وضع قواعد صارمة كتقييد التواجد خارج إطار الجماعة أو المنزل، على الرغم من مقاومة الأطفال لهم، إلا أن هذا هو الخيار الأكثر أمانًا

الخلاصة

يُعد اختيار النمط الأبوي الصحيح أمرًا بالغ الأهمية لضمان التطور الإيجابي للأبناء. الأبوة والأمومة موضوع مُعقد جدًا وتؤثر عليه عوامل مختلفة، يجب على المرء ألا يتبنى أسلوب الأبوة والأمومة بشكل أعمى لمجرد أن أقرانه يتبعونه، ولا يسعى لإتباع أحدث الإتجاهات. عندما يتعلق الأمر بالتربية، سيأخذ الوالد الجيد في الإعتبار حاجة الطفل والأسرة أثناء إتخاذ القرارات. فلا يوجد أسلوب تربية مثالي يمكن تطبيقه بالتساوي على جميع المواقف والظروف كما لا توجد صيغة مؤكدة للنجاح بل يجب على الوالدين التكيف مع الاحتياجات المتغيرة للطفل بناءًا على الموقف. في حين أن أسلوب الأبوة الواحد يمكن أن يعمل بشكل مثالي لعائلة واحدة، فقد يلزم مزيج من أساليب الأبوة والأمومة لعائلة أخرى.

المصادر

ncbi

greatschools

melbournechildpsychology

apa

ncbi

springer

كيف تحمي طفلك من التحرش؟

كيف تحمي طفلك من التحرش؟ الاعتداء الجنسي على الاطفال جريمة تؤثر بالسلب على الطفل وأهله. أثبتت الدراسات أن الأطفال الذين تم الاعتداء عليهم جنسيًا مُعرضون للإصابة بالانطوائية والخوف الزائد واضطرابات الشخصية والقلق المزمن. وفي المقال التالي سنبسط لكم بعض الإجراءات التي يجب اتباعها لتفادي الاعتداء الجنسي على طفلك.

الثقافة الجنسية عند الأطفال

لا يجب على الأهل النظر للثقافة الجنسية على أنها شئ مخجل أو إباحي، بل العلم بأن الطفل سينغرس في المجتمع وسيقابل كل أطيافه لذا يجب عليهم تثقيفه بجسده. وفيما يلي بعضاً مما يمكنهم فعله لحماية طفلك من التحرش الجنسي:

كن الصديق المقرب لطفلك!

لا يجب أن يخجل الأهل من أطفالهم أو العكس، بل يجب أن يتعود الطفل على حكي كل مايحدث أثناء يومه للأهل ومشاركة الطفل لحظات الفرح والحزن والخوف حتى لا يلجأ للغرباء. والاهتمام بما يقوله لك وأخذ الأمر على محمل الجدية.
أيضًا من المهم أن تشرح الأعضاء التناسلية للطفل بطريقة مبسطة وبأسمائهم الحقيقية غير الرمزية. فمثلاً هناك” الفرج” الذي يتكون من قُبُل ودُبُر، القُبل عند الأنثى يحتوي على فتحتين “المهبل والبول” وعند الذكر يوجد فتحة واحدة في”القضيب” وأيضاً هناك “الثديّان والمقعدة”. ليس بالضروري تعليم الطفل كل التفاصيل التشريحية مرة واحدة، فهو سيقابلها لاحقاً ولكن يختار الأهل الضروري منها. سيسهل شرح أعضاء الطفل له الكثير من الأمور منها عدم شعور الطفل بأنه مختلف عن أقرانه.

كيف تحمي طفلك من التحرش؟

تعليم الطفل أن الأعضاء التناسلية جزء من جسده وعدم اعتبارها كعضو مختلف بل كغيرها من الأعضاء يجب الحفاظ عليها حتى لا تتأذى. مثل عدم لمس العينين أو جرح الوجه، والضرر بها ليس سراً فإذا تعرضت للأذى يمكنه الحديث للأهل دون خوف.

يجب أن يتعلم الطفل أن أعضائه التناسلية ملكه فقط ولا يسمح لأي شخص غير الأب والأم لمسها أو رؤيتها أو تصويرها.
شرح التغيرات الهرمونية التي تحدث له بكل مرحلة عمرية بطريقة مبسطة. فبعض الفتيات يصيبهن الفزع عند نزول الدورة الشهرية للمرة الأولى، يجب أن يتعرفوا أن هذه طبيعة الجسم وتغيرات فسيولوجية.

تعليم الطفل غلق الباب في تبديل الملابس والمرحاض والاعتراض إذا اقتحم أحد خصوصيته. ويجب الحزم في هذا الأمر، فجسده ملكه لا يجب أن يراه أحد عدا والديه والطبيب ويستحب وجود الوالدين معه أثناء زيارة الطبيب.
منع مشاهدة الطفل للمحتويات الإباحية وغض بصره عند رؤيتها حتى لا ينتابه الفضول في تجريبها.
تعليم الطفل الأعضاء التي يسمح للغرباء لمسها والتي لا يسمح مطلقاً، يمكن أن يشبه الوالدين المنطقة غير المسموح بلمسها على شكل مثلث مقلوب رأسه عند الركبة والقاعدة عند المنكبين.

كيف تحمي طفلك من التحرش؟ بعض النصائح لحماية الطفل من التحرش:

1- تحذيره من الذهاب مع الغرباء وتعليمه المسموح والممنوع من الحديث وعدم التحدث مع الغرباء عن طريق الإنترنت.
2-تحذير الطفل من السير منفرداً، يجب أن يكون مع الجماعة فالمتحرش يختار الطفل الخائف الضعيف الوحيد.
4- يجب تعليم الطفل عدم الخوف وقول “لا ” حتى للأقارب إذا رأى الوضع خطير.
5- تعليم الطفل بأن يقاوم المتحرش، فالمتحرش جبان وإذا لمس القوة في الطفل سيخاف أن يفتضح أمره.
6- تسليح الطفل دائماً بوالديه؛ حيث يتم توبيخ من تعامل مع طفله بطريقة سيئة أمامه حتى لو كان من الأقربين لتزداد ثقته بوالديه.
7-التنبيه على الطفل بألا يكتم أسرار جسده إذا أصابه ضرر.
8-ملاحظة الطفل أثناء اللعب أو الرسم فغالباً تُظهر طريقة تعامله مع الألعاب ما بداخله.
9- عدم نهر أو تكذيب الطفل أبداً إذا اتهم شخص بعينه، فالمتحرش من كل الطبقات الإجتماعية ومن كل الأعمار.
10- تعليم الطفل الدفاع عن نفسه بالصراخ والجري، وننصح بتعليم الأطفال رياضة قتالية.

أخيراً يجب أن يكون الأهل حذرين جداً في ردة الفعل إذا تعرض طفلهم للتحرش وعدم لومه أو توبيخه أو ظهور الحزن أمامه فهو ضحية ليس إلا.

المصادر:
Springer
US National Library of Medicine National Institutes of Health
Cambridge University
WebMD

Exit mobile version