القوانين القديمة وفجر الضمير البشري

أين وجد أقدم تدوين للقانون؟

على الرغم من اكتشاف الآلاف من الألواح المسمارية في مواقع عديدة من الشرق القديم، لم يعثر حتى الآن على «مدونة قانونية-law code».
على غرار المدونات القانونية المكتشفة في بلاد ما بين النهرين (مدونات أور نمو وليبت عشتار وحمورابي). وينطبق ذلك على الأرشيفات السورية القديمة، كأرشيفات (ممالك ماري وأوغاريت وألالاخ) أو غيرها من الأرشيفات التي تحتوي على مجموعات خاصة أو قليلة من القوانين. [1]

وقد تم اكتشاف أقدم مدونة في العالم في الأرشيف الملكي الإيبلائي والتي تعود إلى حوالي عام 2400 ق.م. احتوت المدونة على حالات وتطبيقات من «قانون الدعوى أو السوابق القضائية -Case Law » بالإضافة لوجود قواعد قانونية تسجل القانون العام في المملكة. [2]

وذكرت البعثة الأثرية الإيطالية وعلى رأسها «باولو ماتييه-Paolo Matthiae» أن أهم ما وجد في أرشيف إيبلا هي النصوص التاريخية والنصوص القانونية. حيث يوجد في الأرشيف بعض المعاهدات الدولية وعقود البيع والشراء. [3]

الوثائق القانونية في ممالك سورية القديمة

تعددت الآثار المادية القانونية المكتشفة في سورية القديمة، لأنها كانت موضع أقدم تدوين للقانون في التاريخ المكتوب. ومن الجدير بالذكر أنه قد تم نشر أقدم لوح مسماري قانوني سوري في عام1897 م [4]. كما تدل الوثائق على أن أقدم دليل على وجود مدارس للقانون قد عثر عليه في إيبلا من الألف الثالث ق.م. حيث سمح للنساء أيضاً بالدخول إلى هذه المدارس، وكانت العدالة محط اهتمام الحاكم والمحكومين على حد سواء. وقد ورد في أحد رسائل مملكة ماري الموجهة لملكها أن “الحكم السعيد يشتمل على أيام العدل والمساواة”. وكان ابتعاد الملك عن العدل كافياً لخلعه في مملكة أوغاريت. [5]

الآثار المادية القانونية

الأختام المنقوشة

يعد استخدام الأختام في الشرق القديم عميق الجذور. فقد استخدم الناس الأختام المسطحة في البداية، ثم انتقلوا إلى استخدام الأختام الأسطوانية في النصف الثاني من الألف الرابع قبل الميلاد. وقد أدى الختم الغايات التي صنع من أجلها على مر الزمن وهي:

  • تمييز الملكية الشخصية والتعريف بالفرد أو المؤسسة
  • ختم الوثائق أو البضائع لضمان عدم العبث بها
  • ختم الاتفاقات بين الأفراد والمعاهدات بين الدول للتأكيد على شرعيتها، فكان استخدام الختم في هذا المجال بمثابة التوقيع. [6]

الكرات الطينية المختومة

أما الكرات الطينية فهي قطع صغيرة من الطين استخدمت كأختام للسلال والأواني والأوعية والجرار الفخارية. حيث يضغط مالك الآنية أو الوعاء بختمه على الطين الطري وبذلك يحمي ملكيته المودعة في المخزن من السرقة.

ويمكن اعتبار الكرات الطينية المختومة من أقدم الآثار المادية القانونية المكتشفة. فقد عثر على مئات من الكرات الطينية المختومة يعود تاريخها إلى أواخر الألف السابع قبل الميلاد (حوالي 6100ق.م). وتدل هذه الكرات على نظام متطور وقديم للإدارة. [7]

نبذة عن أقدم قوانين العالم القديم

قوانين مجتمع مصر القديمة ومحاكمة ماعت

تشير المخطوطات لدى قدماء المصريين على مدى أهمية النظام والقواعد الاجتماعية والقيم الأخلاقية العليا. ابتداء من قوى الطبيعة وحتى الشعائر التي على البشر أن يقيموها من أجل الآلهة. وإن أراد الملك حقاً أن يحافظ على التوازن، يكمن جوهر عمله أن يسعى ليعمل الناس بمقتضاها وأن يجعلهم يحترمونها. وتتضمن قوانين ماعت التي يعود تاريخها لحوالي 2500 قبل الميلاد على 42 قانوناً أشبه بالوصايا. يحاكم المتوفى بتلك الوصايا في محكمة العالم الآخر عما اقترفه من أعمال في حياته السابقة. القوانين تشير إلى الضوابط الأخلاقية واحترام الغير والرشوة والسرقة. وتعتبر نموذجاً لمحكمة مدنية لتحقيق الانضباط والعدل في المجتمع. [8]

قانون أور نمو أقدم القوانين في بلاد الرافدين

كان الملك السومري أور نمو مؤسس أول شريعة قانونية في التاريخ التي سبقت شريعة الملك البابلي حمورابي (2050-2100 ق.م).

لقد أدرك أور قوة المعتقدات الدينية في التأثير على السلوك الشخصي ولذا قدم قوانينه على أنها واردة من الآلهة. وقد تضمنت 57 قانوناً كتبت على ألواح من الطين، وتم اكتشاف العديد منها. وتمكن العلماء من إعادة صياغة وترجمة هذه القوانين، وكانت بدايتها بإقامة العدل والقضاء على الفساد. كما تضمنت أيضاً المسائل الاجتماعية والجنائية، كالطلاق والقتل والاغتصاب وفرض عليها العقوبات والغرامات بحسب كل جرم تم اقترافه. [9]

المصادر:

1. Raymond, Westbrook. Social Justice and Creative Jurisprudence in late Bronze Age Syria. 2001.

2. Stephanie, Dally. Mari and Karana- two old babylonian cities. 2002.

3. Akkermans (Peter), and other. Investigating the Early Pottery Neolithic of Northern Syria : New evidence from Tell Sabi Abyad. s.l. : American Jornal of Archaeology, 2006.

4. كونه (هارتموت). الأختام الأسطوانية قي سورية بين 3300-330 ق.م. [المترجمون] قاسم طوير علي أبو عساف. برلين : جامعة توبنغن, معهد اللغات الشرقية القديمة.

5. الفاروقي(حارث). المعجم القانوني. بيروت : مكتبة لبنان، 1982.

6. Bonneterre, (Daniel). The structure of violence in the kingdom of Mari. 1995. p. 15.

7. السواح (فراس). موسوعة تاريخ الاديان. . : دار علاء الدين للنشر والتوزيع، 2004.

8. Mark, Joshua J. https://www.worldhistory.org/Egyptian_Religion/. World History Encyclopedia. [Online] January 20, 2016.

9. —. https://www.worldhistory.org/Ur-Nammu/. World History Encyclopedia. [Online] June 16, 2014.

عجائب مصر القديمة: الأهرامات

هذه المقالة هي الجزء 7 من 9 في سلسلة عجائب مصر القديمة

ذكرنا في الجزء الخاص بالعلم في مصر القديمة أننا سنفرد جزءًا مخصصًا للحديث عن الأهرامات، فهي أيقونة مصر الحضارية، ولا يمكنك أن تذكر مصر لشخص ما دون أن تتبادر إلى ذهنه صورة الأهرامات، والآن تعالوا معنا نتحدث عنها بشيء من التفصيل.

أهمية الأهرامات

رغم ضخامتها وبراعة هندستها، لم تُبنى الأهرامات إلا لأسباب دينية، فقد اعتقد قدماء المصريون في البعث والخلود، فبنوها لتكون البوابة التي تنقل الملك من العالم إلى العالم الآخر، ووضعوا بداخلها ثروات الملك وومتلكاته ليجدها عندما يقوم من موته، إلا أن هذه الممتلكات تعرضت للنهب في العصور الوسطى.

لماذا بُنيت بهذا الشكل؟

بُنيت الأهرامات لتكون ذات قمة مثلثة الشكل، وذلك لتسهيل التعرف عليها من الأعلى، فكان المصريون يعتقدون أنها ستكون هي بوابة روح الملك إلى العالم الآخر، وعندما يعود الملك إلى الأرض، ستكون قمة الهرم بشكلها المميز هي ما يرشده إلى طريقه.

كما لم تكن بذات الهيأة الموجودة اليوم، فيعتقد بعض الباحثون أنه بعد الانتهاء من بناءها قام المصريون بكسوة الهرم بطبقة من الجير الأبيض، وقاموا كذلك بكسوة قمته بطبقة من الذهب أو الإلكتروم.

معلومات عامة

• يتكون هرم الجيزة الأكبر (هرم خوفو) من 2.3 مليون حجر، يزن كل حجر منها 2 طن.
• يبلغ ارتفاع الهرم الأكبر 147 مترًا، أي أن العمال قاموا برفع الأحجار ذات الوزن الكبير لهذا الارتفاع، وهو ما يثير دهشة المؤرخين حتى اليوم.
• يُقدّر الباحثون مدة بناء الهرم الأكبر بما يزيد عن 20 عامًا، وتطلب هذا العمل الضخم عددًا كبيرًا من العمال، عددًا يزيد عن 20 ألف عامل.
• تُشير أوجه الأهرامات الأربعة إلى الاتجاهات الأربعة (الشمال والشرق والجنوب والغرب)، على الرغم من عدد وجود البورصات في ذلك الوقت.

كيف بُنيت الأهرامات؟

لا تزال طريقة بناءها لغزًا يؤرق المؤرخين حتى يومنا هذا، إلا أن هناك فرضية قد تُوضح طريقة بناء الأهرامات، وهي فرضية «المنحدرات الضخمة-Huge ramps»، حيث تقوم هذه الفرضية على فكرة أن المصريين بنوها باستخدام المنحدرات الرملية، فكان يسهل نقل الأجسام ذات الكتل الضخمة على المنحدرات الرملية المبتلة، فكان المصريون يقومون بوضع الحجر على لوح خشبي، ويقوم بضع رجال بجرّ هذا الحجر، أو كانوا يستخدمون الحيوانات للمساعدة، وكانوا يُشيّدون منحدرًا رمليًا لكل طابق من الصخور.

من بنى الأهرامات؟

يعتقد البعض أن العبيد هم من قاموا ببناء الأهرامات، ولكن هذا معتقد خاطئ، فقد بُنيت بأيدي عُمّال مصريين أحرار، وهو ما تؤيده الاكتشافات الأثرية الجديدة.

المصادر

edx
history

عجائب مصر القديمة: المرأة في مصر القديمة

هذه المقالة هي الجزء 6 من 9 في سلسلة عجائب مصر القديمة

لا يجوز الحديث عن مظاهر سبق الحضارة المصرية القديمة وتقدمها في كافة المجالات عن الحضارات المعاصرة لها دون الحديث عن المرأة في مصر القديمة، فعلى عكس باقي الحضارات القديمة، حصلت المرأة في مصر على حقوق وواجبات مساوية للرجل، بل وتساوت معه في المكانة الاجتماعية، والآن تعالوا معنا نناقش ذلك بشيء من التفصيل

المجتمع والمرأة في مصر القديمة

على عكس الحضارات الأخرى – والتي اعتبرت المرأة كائنًا أدنى من الرجل – حصلت المرأة في مصر القديمة على المساواة مع الرجل في الحقوق والواجبات باستثناء حق العمل ببعض الوظائف، فقد كان المجتمع المصري القديم يضع وظائفًا محددة لكل من الجنسين، فكان الرجال يعملون في الجيش والبناء وغيرها من الأعمال الشاقة، بينما كانت المرأة في مصر القديمة تعمل بالزراعة والغزْل وصناعة الملابس، بل وحتى إدارة الأعمال، فقد حصلت المرأة المصرية على حقها في التملّك، وحقها في الشهادة أمام القاضي في المحكمة.

الأسرة الحاكمة والمرأة في مصر القديمة

لم يكن الحكم في مصر القديمة حكرًا على الرجال، فعلى الرغم من أن الأغلبية الساحقة من ملوك مصر كانوا رجالًا، فقد حكمت المرأة في مصر القديمة كذلك، حيث حكم مصر ستة ملكات.

حتشبسوت

كانت حتشبسوت ابنة تحتمس الأول وزوجة أخيها تحتمس الثاني، فلم تلد له حتشبسوت ذكورًا، فتزوج من أخرى وأنجب منها تحتمس الثالث، وعندما مات تحتمس الثاني كان تحتمس الثالث صغيرًا على الحكم، فحكمت حتشبسوت.

كانت حتشبسوت ترتدي ملابس الرجال، وتضع لحية مزيفة، فهي تارة تمثّل في النقوش مرتدية الفساتين، وتارة في ملابس الملوك الرجال، ولا توجد تفاصيل كثيرة عن حياتها الشخصية.

كانت فترة حتشبسوت فترة مزدهرة مليئة بالإنجازات، مثل التجارة الخارجية الواسعة والمشروعات البنائية الضخمة، كما روّجت لثقافة الإله آمون، حيث كانت هي من أسس الرابط بين الملَكية وبين الإله آمون.

نفرتيتي

وهي زوجة الملك إخناتون، والذي حوّل العبادة من الإله آمون إلى أشعة الشمس التي تمثّل الإله آتون في تل العمارنة، ولعبت نفرتيتي دورًا كبيرًا في الدين والسياسة في عهد زوجها.

يُستخدم وجه نفرتيتي في العديد من المجوهرات والتحف، فقد كانت مساوية لزوجها في المكانة الاجتماعية، ولم تحظ امرأة في مصر القديمة بما حظيت به نفرتيتي من مساواة مع زوجها الملك، مما يدل على تقديره وحبه لها كزوجة وملكة.

نفرتاري

هي زوجة رمسيس الثاني الأساسية، وأحد أهم الشخصيات في مصر القديمة على الرغم من المعلومات القليلة المتوفرة عنها.

عندما أمر رمسيس الثاني ببناء معبده الشهير بأبو سمبل، أمر ببناء معبد بجواره مخصصًا لزوجته نفرتاري، والتي ارتبطت بالإلهة حتحور، إلهة الحب والموسيقى والرقص، وكان اسم المعبد “هي التي من أجلها تُشرق الشمس”، وبنى لها معبدًا آخر في وادي الملوك بعد وفاتها.

الآلهة والمرأة في مصر القديمة

كما لم يكن الملك مقتصرًا على الرجال فقط، كان مجتمع الآلهة كذلك، حيث جسدت المرأة في مصر القديمة العديد من شخصيات الآلهة، فكان يُرمز لها إما بصورة بشرية أو بصورة حيوانية، وأُعطيت الآلهة الأنثوية صفات الأم من العطف والحب والحنان، كما أُعطيت صفات العنف والقتل وهنا تمثّلت على هيأة اللبؤات.

نوت

كانت نوت هي إلهة السماء في مصر القديمة كما ذكرنا في الجزء الخاص بالميثولوجيا، وكانت الأخت والزوجة لجِب إله الأرض، وكانت والدة كل من إيزيس وأوزيريس وسِت ونفتيس.

اعتبر المصريون القدماء نوت حامية للملك، حيث كانت تُرسم صورها على الجزء الداخلي للتوابيت لحماية الملك في الحياة الأخرى ولضمان قيامه من بين الأموات.

كما كانت تُرسم عارية للتعبير عن الاتصال الجنسي بينها وبين جِب إله الأرض، وكانت تُرسم وهي تبتلع الشمس وتلدها كل يوم، حيث كانت تبتلع قرص الشمس في كل مساء، وتلده في كل صباح.

حتحور

كإلهة للحب والرقص والموسيقى، كان لحتحور عدد كبير من المعابد لم تحظ به أي من الآلهة الإناث في مصر القديمة، وكانت أيضًا تدعم الملوك مثل الملك منتوحتب الثاني.

كما كانت حتحور رمزًا للولادة والحياة، فكانت تُسمّى “إلهة المهبل” و”يد الإله الخالق”، كما تم التعبير عنها في معبدها في دندرة بأنها عشيقة الرقص وإلهة السعادة.

المصادر

ancient.eu
edx

عجائب مصر القديمة: الميثولوجيا المصرية

هذه المقالة هي الجزء 5 من 9 في سلسلة عجائب مصر القديمة

كما قد تكون قد لاحظت عزيزي القارئ، من الأجزاء السابقة يتبين لنا الدور العظيم الذي لعبته الآلهة والشخصيات من العوالم الأخرى في حياة المصريين القدماء، فهي تعالجهم من أمراضهم وتساعدهم في التغلب على أعدائهم، فتعالوا معنا اليوم نقص عليكم قصة الآلهة في ضوء الميثولوجيا المصرية القديمة.

التاسوع المقدس

آمن الناس في مصر القديمة بتسع آلهة رئيسية هم:

– آتوم
– شو
– تفنوت
– نوت
– جب
– – إيزيس
– أوزوريس
– ست
– نفتيس

وهي عائلة واحدة وسنعرف قصتهم وما يربطهم في الميثولوجيا المصرية بعد قليل.

ملحوظة مهمة

تختلف الأساطير المصرية من مكان لآخر في مصر القديمة، كما تختلف أسماء الآلهة كذلك، فعلى سبيل المثال، الإله آتوم هو نفسه الإله رع هو نفسه الإله آمون، إلا أن المسمى يختلف من مكان لآخر ومن زمان لآخر، كأي أسطورة بشرية قابلة للتطور والتحور مع مرور الزمن، فقد تجد القصة التي سنرويها اليوم باختلافات في أسماء الشخصيات والأحداث وترتيبها، إلا أنها جميعها متشابهة في الأصل.

قصة الخلق في الميثولوجيا المصرية

في البدء، لم يكن هناك شيء سوى الماء، وكان الوجود مظلمًا وفوضويًا، فجلس الإله آتوم وتأمل وحدته، ثم تزوج آتوم من ظلّه، فأنجب شو (إله الهواء)، وتفنوت (إلهة الرطوبة)، ثم انطلق كل من شو وتفنوت لإعداد العالم وتنظيمه لاستقبال الحياة، فوضعت تفنوت القواعد التي سيسير العالم وفقًا لها، ووضع شو مبادئ الحياة.

افتقد آتوم أبناءه، وأصابه القلق، فاقتلع عينيه من مكانهما وأرسلهما للبحث عن شو وتفنوت، فعادا إليه ومعهما عينَي والدهما، وعندما رآهم أتوم ذرف دموع الفرح، فسقطت دموع أتوم على الأرض لتخصيبها لخلق الرجال والنساء.

ثم تزوج شو من أخته تفنوت وأنجبا نوت (إلهة السماء)، وجِب (إله الأرض)، فوقع جِب في حب نوت، فغضب أبوهما من علاقتهما وقرر أن يفصلهما عن بعضهما البعض، لتبقى نوت في السماء ويبقى جِب في الأرض، ولكن نوت كانت حاملًا من جِب، فأنجبت إيزيس، وأوزوريس، ونفتيس، وسِت، وتزوج أوزوريس من أخته إيزيس.

  • انفوجراف عن التاسوع المقدس (قصة الخلق) في الميثولوجيا المصرية.
التاسوع المقدس في الميثولوجيا المصرية

إيزيس وأوزوريس في الميثولوجيا المصرية

حكم أوزوريس العالم بمساعدة أخته وزوجته إيزيس، فزرعا الأشجار وشقّا الأنهار، إلا أن الإله ست الغيور لم يكن راضيًا بما يحدث، فحسد أخاه أوزوريس على ما لديه، فدبّر مكيدة للتخلص منه، حيث دعاه إلى حفل أقامه، وكان قد صنع صندوقًا ليناسب حجم أوزوريس بالضبط، وانتظر حتى أصاب أوزوريس النعاس، وقال أنه سيهدي الصندوق لمن يناسب الصندوق حجمه، وعندما أتى دور أوزوريس ونام في الصندوق، أسرع ست بإغلاق الصندوق وإلقاءه في نهر النيل.

عندما علمت إيزيس بما حدث لأوزوريس أصابها الحزن الشديد وأخذت تبحث عنه إلى أن وجدت جثته. فأخذت في إعداد الأعشاب والوصفات لإعادة إحياء زوجها وأخيها أوزوريس، ولكن ست عثر على جثته فقام بتقطيعها إلى 42 قطعة، وقام بتفريقها في مختلف أرجاء مصر ليصعب على إيزيس إعادة تجميع جثته.

فعادت إيزيس تبحث عن أشلاء زوجها بمساعدة أختها نفتيس، واستطاعوا جمع جميع أجزاء جسده باستثناء قضيبه. حيث أكلته سمكة، فصنعت عضوًا ذكريًا بديلًا وجامعت زوجها وحملت بابنها حورس.

عاد أوزوريس إلى الحياة مرة أخرى، لكنه لم يكن كاملًا، فهبط إلى العالم السفلي ليصبح هو الحاكم على هذا العالم.

لم تكن إيزيس راضية بما حدث، فاستعانت بابنها الإله حورس، والذي دخل في حرب عنيفة مع الإله ست لاستعادة ملك أبيه، واستمرت الحرب 80 عامًا إلى أن انتهت بانتصار حورس وتدمير سِت.

المصادر


coursera

ancient.eu

عجائب مصر القديمة: العلم

هذه المقالة هي الجزء 4 من 9 في سلسلة عجائب مصر القديمة

بلغ المصريون القدماء من العلم ما لم يبلغه من عاصروهم، وتقف آثار مصر القديمة شامخة شاهدة على براعتهم في مختلف فروع العلوم، حتى أنه صَعُب على الناس التصديق بأن آثارهم من صناعة البشر، فنرى حديثًا عن الفضائيين وتدخلهم في حياة المصريين القدماء ومساعدتهم، ولكن دعونا نرى ما بلغوه من علم بعيدًا عن الخرافات ونظريات المؤامرة.

الأدوات الشخصية

اهتم المصري القديم بمظهره ونظافته الشخصية للغاية، ومن أجل ذلك اخترعوا المرايا، تلك المرايا التي تملأ بيوتنا اليوم، هي من إبداعات المصريين القدماء.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أنهم كانوا أيضًا هم من اخترعوا فرشاة ومعجون الأسنان، حيث كان معجون الأسنان في مصر القديمة عبارة عن وصفة تتضمن أملاح الصخور والنعناع والفلفل، كما كانت هناك وصفة أخرى تتضمن قرون الثيران المطحونة والرماد، والتي عند امتزاجها باللعاب تصنع خليطًا منظفًا للأسنان، ليس هذا فحسب، بل أنه من العجيب أن تعرف أن أول أقراص نفَس منعشة في التاريخ صُنعت في مصر القديمة، حيث صُنعت من القرفة والبخور والعسل.

الزراعة

كانت حضارة مصر القديمة حضارة زراعية، فاحتاجوا إلى تطوير الآلات والأدوات لمساعدتهم في الزراعة، فاخترعوا المحاريث التي كانت تجرّها الثيران، وبعد حرث الأرض كانوا يبذرون البذور، ثم يجرّون الثيران فوق الأراضي الزراعية مرة أخرى لغرس البذور في التربة.

وكانت الطريقة المصرية في الري عالية الكفاءة، حيث أنها انتقلت إلى اليونان وروما، عن طريق الفيلسوف اليوناني طاليس، والذي كان قد عاش في بلاد مابين النهرين لفترة من الزمان، إلا أنه لم ينقل طريقة الري من بلاد مابين النهرين، فكان المصريون القدماء يحفرون الخنادق والترع للتوصيل بين النهر النيل وبين المساحات المزروعة.

العمارة

برع المصريون القدماء في العمارة، وها هي معابدهم تشهد على ذلك، ولا يسعنا الحديث عن العمارة وجمالها في مصر القديمة دون ذكر رمسيس الثاني، فأحد أهم الآثار في مصر القديمة هو معبده، أبو سمبل، والذي صممه المصريون بدقة بالغة، لتُشرق الشمس مباشرة على وجوه تمثالي رمسيس الثاني والإله آمون في يومين فقط من كل عام (21 من فبراير، و21 من أكتوبر)، وهما يوم ولادته ويوم تتويجه، ويأتي السياح إلى مصر في كل عام في ذلك التوقيت لمشاهدة هذا الحدث الفريد من نوعه.

علم الفلك

كانت الأجرام السماوية مهمة في مصر القديمة على الصعيدين، العملي والروحاني، حيث كانت النجوم شاهدة على أعمال الآلهة العظيمة، كما كانت حركة النجوم أيضًا تُعلم المصريين بمواقيت المطر وزراعة المحاصيل.

كما كانت النجوم ذات بُعد ديني، فكان يُرمز للآلهة بنجوم السماء، حيث كان يرمز «حزام الجبار-Orion belt» إلى الإله أوزيريس، ومن عجائب الأمور أن تعرف أن نجوم حزام الجبار تتعامد فوق أهرامات الجيزة الثلاثة!

واستخدم الفلكيون في مصر القديمة أداة تُدعى «ميرخت-Merkhet»، والتي كانت تستخدم لدراسة حركة بعض النجوم، فقد استطاعوا تحديد مواقع النجوم بدقة باستخدام هذه الأداة.

وأزيدكم من الشعر بيتًا، فإن التقويم السنوي ذو ال 365 يوم الذي نعتمده اليوم، كان أول من توصل إليه هم المصريون القدماء، بل كانت السنة لديهم مقسّمة على 12 شهرًا في كل منهم 30 يومًا، بالإضافة إلى خمسة أيام إضافية، كما كان اليوم في مصر القديمة مقسّمًا على 24 وحدة ترمز كل وحدة منهم إلى إله معين.

الرياضيات في مصر القديمة

كانت الرياضيات في مصر القديمة مستخدمة في كل شيء تقريبًا، فقد استخدموها في الإحصاء وحسابات الضرائب وفي المشاريع الهندسية الضخمة، كالأهرامات على سبيل المثال، والتي قد يتعجب القارئ من عدم ذكرها عند الحديث عن العلم في مصر القديمة، إلا أننا سنُفرد لها جزءًا لذاتها.

واستُخدمت الرياضيات في هندسة المعابد والمباني، والتي ما كانت لتكون بهذا الجمال لولا النسب الرياضية الدقيقة، كما شكّل تقدم المصريين في الرياضيات حجر الأساس لتفوق الرياضيين اليونانيين القدماء، حيث أن «فيثاغورس-Pythagoras» كان قد تعلم الرياضيات في مصر على أيدي الكهنة.

الطب في مصر القديمة

تأثر الطب في مصر القديمة بالسحر لأبعد الحدود كما ناقشنا في الجزء الثاني من هذه السلسلة، حيث كان الأطباء يستخدمون التعاويذ والرسومات لعلاج المرضى، وكانت مهارة السحر من المهارات الأساسية المطلوبة لتوظيف الممرضات، إلا أنهم استطاعوا وصف بعض الطرق للعلاج، والتي تتعلق بالطب الحقيقي، ولعل أشهر آثار المصريين القدماء الطبية هي البرديات الطبية، وأشهر هذه البرديات هي:

1- «بردية إيبرس-Ebers papyrus»

وهي عبارة عن نص من 110 صفحة، يصف بعض العلاجات المستخدمة في ذلك الوقت لأمراض القلب والسرطان والاكتئاب والأمراض الجلدية.

2- «بردية لندن-London papyrus»

وهي بردية مزجت بين المهارات الطبية الحقيقية وبين التعاويذ السحرية، فقد ذكرنا في السابق العلاقة القوية بين الطب في مصر القديمة وبين السحر.

3- «بردية إدوين سميث-Edwin Smith papyrus»

وهي أقدم عمل بشري يصف العمليات والتقنيات الجراحية، وهي تُظهر معرفة المصريين القدماء المفصلة بعلم التشريح، كما كانت تحتوي على خطوات العلاج التي يقوم بها الأطباء حتى اليوم، وهي الفحص والتشخيص ووصف العلاج.

المصادر

coursera
ancient.eu

عجائب مصر القديمة: الهيروغليفية

هذه المقالة هي الجزء 3 من 9 في سلسلة عجائب مصر القديمة

تُعد الكتابة ثورة في تاريخ الإنسان، حيث مثّل اختراع الكتابة نقطة محورية في تاريخنا، فعندنا كتبنا وثّقنا الأحداث التاريخية، وقُمنا بالعمليات الحسابية، وغُصنا في بحار العلوم، وحملنا ما تعلمناه إلى الأجيال القادمة، ولا يجوز الحديث عن بداية الكتابة إلا بالحديث عن الهيروغليفية في مصر القديمة.

الكتابة في أساطير مصر القديمة

وفقًا لإحدى الأساطير المصرية: في البدء، خلق تحوت (إله الحكمة والمعرفة) نفسه على هيئة طائر أبو منجل، ثم وضع البيضة الكونية التي كانت تحمل بداخلها الكون كله.

وفي قصة أخرى: خُلق تحوت من شفتي إله الشمس رع في بداية الزمان، وتختلف الأساطير، إلا أن الثابت الوحيد هو أن تحوت خُلق بمعرفة كبيرة وعلم واسع، ثم وهب تحوت الكتابة للمصريين القدماء، والكلمات هي ما تحمل معرفة تحوت المقدسة، لأنه بمقدور الكلمات أن تؤجج الحروب وأن ترسي السلام، وأن تدمّر وتعمّر، وتُحيي وتُميت.

تحوت

اختراع الهيروغليفية

كان السومريون هم أول من استخدم الحروف في الكتابة، وهي الطريقة المستخدمة في يومنا هذا، إلا أن المصريين القدماء استخدموا طريقة أخرى، فبدلًا من الأحرف استخدموا الرسومات والرموز التعبيرية، قد يكون أقرب شيء لهذا في يومنا هو الرسوم التعبيرية المستخدمة في المحادثات النصية (emojis)، فبدلًا من أن نقول مثلًا “أنا أحب المدرسة”، قد نضع قلبًا بجوار مبنى يمثّل المدرسة للتعبير عن الحب لهذا المكان، وهذه كانت طريقة الكتابة الهيروغليفية.

تطور الكتابة في مصر القديمة

مرّت الكتابة في مصر القديمة بأربعة مراحل أساسية:

1- الهيروغليفية

2- الهيراطيقية

3- الديموطيقية

4- القبطية

والآن لنأخذ لمحة عن كل مرحلة منهم:

1- الهيروغليفية

كما ذكرنا مسبقًا، فقد استخدم المصريون الرموز التعبيرية في اللغة الهيروغليفية، وكانت الرموز من وحي بيئتهم كالحيوانات والأدوات المختلفة، كما لم يكن للكتابة الهيروغليفية اتجاهًا محددًا في الكتابة، فكانت تُكتب من اليمين إلى اليسار، أو من اليسار إلى اليمين، أو من الأعلى إلى الأسفل، أو من الأسفل إلى الأعلى، ولكن اتجاه الكتابة كان يُعرف من وجوه الشخصيات المرسومة، حيث كانت وجوه الحيوانات والشخصيات معاكسة لاتجاه الكتابة، فإذا كانت الكتابة من اليمين إلى اليسار، تُرسم الأوجه ناظرة نحو اليمين.

2- الهيراطيقية

ظهرت الهيراطيقية بعد الهيروغليفية، حيث أصبحت الهيروغليفية تُستخدم في المعابد. وكانت الهيراطيقية تُستخدم من أجل كتابة النصوص الدينية في بادئ الأمر، إلا أنها تطورت لتشمل الحسابات وإدارة الأعمال والوثائق القانونية، بل وحتى النصوص والتعاويذ التي كانت تستخدم في السحر.

3- الديموطيقية

ظهرت الكتابة الديموطيقية من دلتا النيل، وانتشرت نحو جنوب مصر في عام 700 ق.م، واستمرت الديموطيقية لمدة ألف عام من تاريخ مصر القديمة، حيث صمدت خلال الفترة البطلمية وحتى الفترة الرومانية، حيث استُبدلت بالكتابة القبطية.

4- القبطية

كانت القبطية هي كتابة الأقباط، مسيحيو مصر القدامى، وهي كتابة استُخدمت فيها الحروف اليونانية لحفظ النصوص والوثائق المهمة بالنسبة للمصريين في ذلك الوقت، مثل العهد الجديد المسيحي، وكانت الكتابة القبطية هي المفتاح الذي ساعدنا في فهم الهيروغليفية عند فك رموز حجر رشيد.

حجر رشيد

لم نكن لنفهم رموز الكتابة الهيروغليفية لولا فك رموز حجر رشيد، فقد كان الحجر يحتوي على ثلاثة أجزاء مكتوبة بثلاث كتابات مختلفة من ضمنها الكتابة الهيروغليفية والكتابة القبطية، وكانت الأجزاء الثلاثة تُعبّر عن نفس النص، وعن طريق فهم الكتابة القبطية، استطعنا فهم الكتابة الهيروغليفية.

المصادر

coursera

ancient.eu

عجائب مصر القديمة: السحر

هذه المقالة هي الجزء 2 من 9 في سلسلة عجائب مصر القديمة

مما لا شك فيه أن حضارة مصر القديمة برعت في مختلف الفنون والعلوم، ولكن الغريب أن تعرف أن المصريين القدماء هم أول من مارسوا السحر، ليس هذا وحسب، وإنما كان السحر متوغلًا في كل جوانب حياتهم، فقد استخدموه لمباركة الملوك وحمايتهم، واستخدموه كذلك في العلاج، وهذا ما سنتحدث عنه اليوم في الجزء الثاني من سلسلة (عجائب مصر القديمة) بعد أن تحدثنا عن الفن في الجزء الأول.

السحر والسحرة

لعب مفهوم السحر دورًا محوريًا في إيمان المصري القديم، حيث اعتقد الناس في مصر القديمة أن الخالق قام بخلق العالم باستخدام قوة السخر، ورأوا أن السحر قوة كامنة بداخل كل إنسان، إلا أن الكهنة وحدهم القادرون على تسخير هذه القوة والتعامل معها، وكان الكهنة هم أول من مارسوا السحر في مصر القديمة، حيث يُحكى أنهم كانوا يمتلكون القدرة على تحريك الماء في البحيرات الراكدة، وإحياء تماثيل الحيوانات لتحويلها إلى حيوانات حقيقية.

حِكا إله السحر

ويأتي سحرة العقارب في مرتبة أقل من الكهنة، وقد أُطلق عليهم هذا الاسم لأنهم مارسوا السحر للتخلص من الحشرات السامة والأفاعي في منطقة ما.

ولم تقتصر ممارسة السحر على الكهنة ورجال الدين وحدهم، بل إن مهارة السحر كانت مهارة مطلوبة للممرضات في مصر القديمة، كما كان للكهنة دور في العلاج أيضًا، حيث مارس كهنة الإلهة «سخمت-Sekhmet» السحر لعلاج المرضى، ويرجع هذا للاعتقاد السائد في مصر القديمة بأن سخمت هي من تتسبب في الأمراض.

سِخمت

طريقة عمل السحر

كان وقت الفجر وقتًا مثاليًا لممارسة السحر في مصر القديمة، حيث كان يلقي السحرة تعاويذهم في هذا الوقت، وكان على الساحر أن يكون في حالة صفاء روحي، فكان السحرة يمارسون الجنس قبل القيام بالسحر، وهذا للمساعدة على التركيز ومنع تشتت الانتباه.

كما كان على الساحر أن يبتعد عن ما اعتُقد في ذلك الوقت دنسًا، مثل النساء خلال فترة دورتهم الشهرية، فكان الساحر يرتدي ملابس جديدة نظيفة قبل إلقاء تعويذته.

استخدم السحرة في مصر القديمة عصي مصنوعة من العاج، ونُقشت صور الآلهة وبعض الحيوانات على هذه العصي، وهذا كرمز لإعطاء الساحر القدرة على تسخير الكائنات القوية من العوالم الأخرى.

عصا سحرية من العاج

لم تكن الأغلبية في مصر القديمة تستطيع القراءة، مما أعطى للتعاويذ المكتوبة قيمة بالغة الأهمية، حيث كان السحرة يكتبون التعاويذ على ورق البردي، ويتوارثونها من جيل إلى جيل داخل العائلة الواحدة.

احتوت التعاويذ على الكلام والحركات، فكانت تُقرأ بعض الكلمات على جرعات من أشياء غريبة، كدم كلب أسود، أو لبن ثدي امرأة ولدت مولودًا ذكرًا، وكان يُعتقد أن الكلام مسئول عن تنشيط القوى السحرية لهذه الجرعات، كما شملت الحركات بعض الرقصات والإيماءات على ألحان الموسيقى وذلك لتحضير أرواح الآلهة والمعبودات.

السحر للحماية

اعتقد الناس في مصر القديمة أن الشياطين هي التي تتسبب في الأمراض، والحوادث، والفقر، والعقم، فاستخدم المصريون القدماء السحر كآلية دفاعية ضد الشياطين، فعلى سبيل المثال، كانت إذا أوشكت امرأة على وضع مولودها، قوم السحرة برسم دائرة حماية حولها، باستخدام عصي العاج السحرية، وكانوا ينقشون على هذه العصي صور الآلهة التي يستعينون بها وهي تطعن أو تعض الأفاعي (كرمز للشياطين).

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن الأمر قد طال البيوت في مصر القديمة، حيث كانت تُنقش صورة الإله «بِس-Bes» والذي كان يرمز له بأسد قزم، وصورة الإله «تاورت-Taweret» والذي كان يرمز له بفرس النهر على أثاث البيوت والأدوات المنزلية، وهذا لطرد الأرواح الشريرة والتي كان يُعتقد أن قوتها تزداد أثناء الليل.

بِس
تاورت
كرسي مصري عليه رسومات سحرية

بالإضافة إلى التمائم التي استخدمها الناس في مصر القديمة لإعطاء صاحبها بعض الصفات المرغوبة مثل العمر الطويل والصحة الجيدة.

تميمة 1
تميمة 2

السحر للعلاج

اعتقد الأطباء في مصر القديمة أن الشياطين التي تتسبب في الأمراض كانت تنجذب للأشياء القذرة، فاستخدموا روث الحيوانات لإبعادها عن جسد المريض، أو يدهن الطبيب جسد المريض بالعسل لتنفير الشيطان من الجسد، وفي بعض الأحيان كان يرسم الطبيب صور كائنات اعتقد الناس في مصر القديمة أنها ذات قدرات علاجية على جسد المريض، ليقوم المريض بلعقها بدوره لامتصاص قواها السحرية العلاجية، بل إن الأطباء كانوا يستخدمون التعاويذ للتعريف بأنفسهم على أنهم الإله تحوت الذي عالج عين حورس المجروحة، ليُعطي نفسه القدرة على علاج المريض كما عالج تحوت عين حورس في الأسطورة المصرية.

تحوت
حورس

اللعنات

كان الكهنة في معابد مصر القديمة يقومون بنقش اسماء الأعداء والخونة على الأواني الفخارية، ثم يقومون بحرقها، لاعتقادهم بأن هذا يُضعف جيوش العدو، وكانت ترسم صور «أبوفيس-Apophis» في حرب مع الخالق على أوراق البردي، ثم يقومون بحرق هذه البرديات، ليقوموا بإذابة الرماد المتبقي في دلو يحتوي على البول.

حاول بعض الكهنة أن يلعنوا الملك رمسيس الثالث بعدما استولوا على كتاب سحر من المكتبة الملكية، إلا أنهم احتاجوا إلى شيء منه كالشعر أو الأظافر أو السوائل الجسدية، فاستعانوا بحريم الملك لمساعدتهم في الحصول على هذه الأشياء، إلا أن المؤامرة كُشفت وحُكم عليهم بالإعدام.

خاتمة

يتضح مما سبق هوس الإنسان في مصر القديمة بالسحر وخوفه من الشياطين والأرواح وما إلى ذلك، ولا عجب في ذلك إذ أن هذه هي عقلية الإنسان القديم، وفي الجزء القادم سنتحدث عن شيء آخر ميز حضارة مصر القديمة عن غيرها، اللغة الهيروغليفية.

المصادر

coursera
bbc
ancient.eu

عجائب مصر القديمة: الفن

هذه المقالة هي الجزء 1 من 9 في سلسلة عجائب مصر القديمة

برع المصريون القدماء في كافة مجالات ونواحي الحياة بشكل خلّد ذكراهم حتى يومنا هذا، فها هي أفواج السائحين تزور مصر كل عام لمشاهدة آثار هذه الحضارة العظيمة، وما لنا أن نذكر أي مجال من مجالات الحياة دون أن نقّر بدور حضارة مصر القديمة فيه، تلك الحضارة التي برعت في الفن والطب والسحر والهندسة وعلم الفلك، وفي هذه السلسلة (سلسلة عجائب مصر القديمة) سنتعرف على إسهامات المصريين القدماء في كل من هذه المجالات، وسنبدأ اليوم بالحديث عن الفن في مصر القديمة.

أنواع الفن في مصر القديمة وسماته

تنقسم أنواع الفن في مصر القديمة إلى 4 أنواع رئيسية:
1- الرسومات
2- التماثيل
3- العمارة
4- النقوش

والآن لنناقش كل نوع منهم ونرى سماته وأهم خصائصه

1- الرسومات

توجد العديد من الرسومات التي رسمها المصريون القدماء حتى يومنا هذا، وهذا لأن الرسومات لم تكن على ورق، وإنما كانت على جدران المعابد.

وتتميز الرسومات المصرية القديمة بالتسطيح التام، فهي لا توحي بالبروز، وإنما مشهد ثنائي الأبعاد فقط، كما حافظ المصريون القدماء على بعض سمات الرسومات التي وُجدت على جدران الكهوف في العصور القديمة، حيث رسموا الأجزاء المختلفة من الجسد البشري الواحد من مناظير مختلفة، وذلك ليسهل على المشاهد التعرف على أجزاء الجسد هذه، حيث اعتادوا رسم الأقدام بالمنظور الجانبي، وهذا لصعوبة التعرف عليها إن كانت مرسومة بمنظور أمامي، بينما رُسمت الأكتاف والجزء العلوي من الجسد بمنظور أمامي.

وعندما نأتي لمنطقة الوجه، نرى أن الفك مرسوم بمنظور جانبي، بينما العيون مرسومة بمنظور أمامي، ويمكنك ملاحظة كل ما ذكرناه في الصورة التالية.

وكما تلاحظ في الصورة السابقة، رسم المصريون الإله أنوبيس بحجم أكبر من الإنسان الواقف أمامه، وهذا لأن الحجم كان يستخدم في الرسومات المصرية القديمة للتعبير عن المكانة الاجتماعية، فرُسم الملوك والآلهة بأحجام كبيرة، حيث نلاحظ في الصورة القادمة صورة الملك وقد رُسم بجسد كبير، بينما جنود العدو أمامه بأحجام صغيرة.

كما استخدم المصريون خطوطًا متوازية تسّمى بال«قيود-registers»، وذلك التعبير عن المشاهد المختلفة وأيضًا للدلالة على الترتيب الزمني للأحداث.

ونلاحظ غياب هذه القيود في الرسومات التي تعبّر عن مشاهد الحرب أو الصيد، وذلك للدلالة على الفوضى وعدم النظام.

2- التماثيل

لم يُلقِ الفنانون بالًا لجمال الملامح البشرية في التماثيل كما فعل اليونانيون، بل اعتمدوا على الأشكال الهندسية الحادة، كما كانت معظم التماثيل في مصر القديمة تمثّل جسدًا بشريًا في وضعية الجلوس، كما وُضعت الأيدي فوق الركبتين، وذلك للدلالة على السكون والوقار والمكانة الاجتماعية العالية

3- العمارة

لا يجوز الحديث عن مصر دون الحديث عن مسلّاتها ومعابدها، تلك الهياكل المعمارية التي ظهر فيها إبداع الإنسان المصري القديم جليًا للعيان، حيث نحت المصريون القدماء كل مسلة من صخرة واحدة، وكانت المسلات في مصر القديمة تُزيّن بالنقوش بعد الفروغ من نحتها، ولعل أجدر المسلات بالذكر هي مسلة لاتران، والتي تُعد أكبر مسلات مصر القديمة الباقية حتى يومنا هذا، وهي موجودة في روما بإيطاليا، حيث أُعجب الرومان بالمسلات المصرية، فتم جلب العديد من المسلات المصرية إلى روما عاصمة الإمبراطورية الرومانية في ذلك الوقت.

وتلعب المعابد في مصر القديمة دورًا حيويًا، وذلك لاهتمام الإنسان المصري القديم بالدين والعبادة أشد الاهتمام، فكانت المعابد تُزيّن بالرسومات والنقوش من الداخل، فتكثر النقوش والرسومات على جدران المعابد المصرية وأسقفها بل وحتى الأعمدة.

كما نُحتت قمم أعمدة المعابد في مصر القديمة ب«تصميم زهري-floral design» بدقة مبهرة.

4- النقوش

انقسمت النقوش إلى نوعين:

• النقش البارز، وهي النقوش التي تبرز فيها الشخصيات والأجسام عن السطح المنقوش عليه.

• النقش الغائر، وهي النقوش التي تبدو الشخصيات والأجسام فيها كأنها غارقة بداخل الجدار أو السطح المنقوش عليه.

الفنانون في مصر القديمة

لم يكن الفنانون في مصر القديمة فنانين بالمعنى المتعارف عليه في يومنا هذا من حيث الإبداع والتنوع في الأساليب، وإنما كان الفنانون في مصر القديمة كالعمال، حيث يعمل النحاتون والرسامون في فِرَق من أجل إتمام عمل فني واحد، مُتقيدين في ذلك بقواعد ومواصفات محددة، بل وكان العمل الفني الواحد يتطلب أكثر من فريق لإتمام مراحله المختلفة.

أخناتون وتطور الفن في مصر القديمة

لم تمثل فترة حكم أخناتون البالغة 17 عامًا من تاريخ مصر القديمة نقطة تحول ديني فقط، وإنما شهد الفن في عهده تطورًا ملحوظًا، حيث نجد في تماثيله وتماثيل أسرته ملامح أنثوية بارزة، كما كانت النقوش تصوّره هو وأسرته بجماجم طويلة، وأيضًا توجد بعض النقوش لأخناتون وهو يقبّل أطفاله، وفي هذا انتباه للجانب الإنساني الشخصي من حياة الملك، وهذا ليس بالشيء المعهود عن الملوك في مصر القديمة الذين يظهرون في أغلب الرسومات في ساحة المعركة.

خاتمة

يستمر إبهار المصريين القدماء لنا حتى اليوم، سواء في الفن أو الهندسة أو أي مجال آخر، حتى أن هناك ألغازًا لم تُحل بعد عن هذه الحضارة العظيمة، وفي الجزء القادم من هذه السلسلة سنناقش جانبًا آخر اشتهرت به مصر في قديم الزمن، ألا وهو السحر.

المصادر

ancient.eu
visual arts
coursera

إمحوتب: رائد الهندسة والطب في العالم القديم

في كل عصر هناك عباقرة يغيرون مسار التاريخ. أنت تعرف الكثير عن نيوتن، وأينشتاين، وأديسون، والخوارزمي، وأرسطو، وغيرهم. أما في العالم القديم، فلا أحد يضاهي إموحتب في شهرته وعبقريته. يمثل إموحتب الوجه المشرق للحضارة المصرية القديمة وريادتها. وفقًا لما تداوله القدماء، كان إمحوتب وزيرًا وكاهنًا ومهندسًا وطبيبًا وحكيمًا وفلكيًا. تميز ونبغ في كل شيء، وشملت اهتماماته كافة مناحي الحياة.

إموحتب

الوزير

إمحوتب-تعني الآتي في سلام بالمصرية القديمة-معروف بأنه وزير الملك زوسر، وباني هرمه المدرج. ترجح بعض المصادر أيضًا أنه عمل في خدمة خلفاء زوسر من ملوك الأسرة الثالثة. ولد إموحتب بين العامة، وبفضل مواهبه أصبح الرجل الأكثر نفوذًا في مصر. حمل ألقابًا عديدة منها:

  • الأول بعد ملك مصر العليا
  • مدير القصر الكبير
  • مستشار ملك مصر السفلى
  • كاهن هليوبوليس الأكبر
  • كبير النحاتين والبنائين

يبدو أن زوسر كان معجبًا للغاية بوزيره حيث دونت هذه الألقاب على آثار الملك الشخصية خلافًا للقاعدة السائدة بتدوين اسم الملك فقط عليها.

المهندس

هرم زوسر المدرج بسقارة

تكونت المقابر قبل زوسر من مصطبة واحدة. لكن الأمر اختلف على يد إمحوتب الذي بنى الهرم المدرج المكون من ست مصاطب بارتفاع 61 مترًا. يعد هرم زوسر أقدم بناء هرمي في التاريخ. كما يعد أول بناء من الحجر الجيري في التاريخ. حيث استخدم الحجر الجيري المقطوع على شكل طوب بدلا من استخدام الطوب المصنوع من الطين. تم بناء الهرم للداخل بدلًا من بنائه بشكل عمودي لتقليل الجهد المطلوب لبنائه. الأحجار منحنية قليلًا للداخل نحو المركز لتزيد استقرار بنيته وتقلل فرصة انهياره. يحتوي الهرم من الخارج على 13 بابًا كلها مزيفة عدا بابًا واحدًا. أعاد إمحوتب تصميم المقابر كليًا محافظًا على التقاليد القديمة في نفس الوقت، فالأعمدة تشبه حزم البردي والقصب، والنقوش والزخارف هي نفسها المستخدمة في المقابر الطينية.

التصميم الداخلي للهرم المدرج

يرجح العلماء أيضًا مساهمة إموحتب في بناء هرم الملك “سيخمخت” الذي لم يكتمل لوفاته بعد 6 سنوات فقط من توليه الحكم، تاركًا خلفه قاعدة ومصطبة أولى لهما ذات الطابع المعماري الخاص بإمحوتب. كما حمل الهرم غير المكتمل لولي عهده “خابا”-الذي توفي قبل إتمامه أيضا-الطابع ذاته. لا نعرف من بنى هذين الهرمين بالتحديد. إما إمحوتب، أو من تأثروا بطابعه في البناء.

الطبيب

بالرغم من غياب الأدلة العائدة إلى عصر إموحتب حول ممارسته الطب، إلا أنه اشتهر قديمًا بقدراته الشفائية كون الكاهن الأكبر في الدولة القديمة هو كذلك الطبيب الأكبر. كما تعتبر بردية إدوين سميث التي تعود لسنة 1600 قبل الميلاد-أي بعد قرون من وفاة إمحوتب- نسخة حديثة عن مخطوطة طبية كتبها إمحوتب بنفسه. اشتملت البردية المسماة نسبة لجامع الآثار الذي اشتراها في القرن التاسع عشر على وصف 48 إصابة مختلفة وكيفية تشخيصها وعلاجها. على عكس معظم المراجع القديمة، قليلًا ما أتت البردية على ذكر السحر أو استعماله. كما تعد أول مخطوطة تتعرض لأخلاقيات الطب، حيث يبتدئ الطبيب توقعاته للمريض بذكر إذا ما كان المرض قابلًا للعلاج أم صعب العلاج أم يستحيل علاجه، بما يفسح المجال للثقة بين الطبيب ومريضه، ويحافظ على سمعة الطبيب بإخباره سلفًا باحتمالية فشل العلاج.

بردية إدوين سميث

الإله

ظل إمحوتب موضع احترام وتقدير من المصريين والحكام طوال عهد الأسرة الثالثة. وبعد وفاته بحوالي مئة عام اعتبره المصريون نصف إله. وبحلول عصر رمسيس الثاني أطلق عليه ابن الإله بتاح. وفي عصر الأسرة 26 في فترة الغزو الفارسي أصبح إلها كاملًا للشفاء. ثم أصبح خلال حكم اليونانيين والرومان نظيرًا للإله “اسكبيلوس” إله الطب، وبنيت له معابد في ممفيس وجزيرة فيلة حيث كان يتوافد المرضى ويبيتون هناك طلبًا للشفاء. ونقش اسمه في معابد الأباطرة “تيبيريوس” و”كلوديوس” كإله للشفاء.

ترك إمحوتب خلفه تراثًا ثريًا من الشعر والكتابات الدينية والملاحظات العلمية والهندسية التي لم تصلنا ولكنها ذكرها الكتاب القدماء الذين أتوا بعده.

لقد كان إمحوتب رائدًا عظيمًا فتح الباب لمن بعده بفضل فكرته الفريدة في استخدام الحجر الجيري لأول مرة في البناء. لولاه لما وجدت أهرامات الجيزة والمعابد الشامخة في مصر والتي نقل عنها اليونانيون ثم الرومان. مثلت عبقريته تحولًا في تاريخ الهندسة والطب، وألهم من أتوا بعده حتى اشتد عود الحضارة المصرية القديمة وأصبحت سيدة العالم القديم بفضل إمحوتب وغيره الكثيرين الذين ظلوا جنودًا مجهولين في كافة نواحي الحضارة. واستحق أن يرفعه المصريون من منزلة العامة إلى سماء الآلهة.

المصادر

1.Britannica
2.Ancient.eu
3.Pubmed

Exit mobile version