من هو زيوس في الأساطير اليونانية؟

في الأساطير اليونانية، كان زيوس هو الإله الأعلى مرتبة بين بانثيون الآلهة الأولمبية. كان يتمتع بالسلطة على جبل أوليمبوس، وكذلك على السماء والرعد. كان زيوس، ابن كرونوس وريا، الأصغر بين العديد من الأشقاء. يمكن القول إن زيوس هو أكثر شخصية معروفة في جميع أساطير العالم؛ كان لتمثيله في الفن والنحت باعتباره المؤسس ذو العضلات الجيدة واللحية البيضاء تأثير هائل على الفهم العام عن الرب في العالم الغربي.

أصل كلمة زيوس

زيوس هو استمرار للتسمية «ديوس-Dyeus»، والتي تشير إلى الإله الهندو أوروبي البدائي لسماء النهار. في اللغة السنسكريتية، عُرف زيوس أنه المشابه تقريبًا «لديوس-Dyaus» أو «ديوس بيتا-Dyaus Pita» (أب السماء). وبالمثل، في اللاتينية، مصطلح «جوبيتر-Jupiter»، الذي يشير إلى زيوس في التراث الروماني، مشتق من كلمة «Iuppiter». «Iuppiter» مشتقة من الكلمة في اللغة الهندو أوروبية البدائية «Dyeu» التي تعني “أن يلمع” و”إله الجنة”. بالنسبة لليونانيين والرومان، كان إله السماء هو أيضًا الإله الأعلى. يقدم التشابه بين لقب زيوس اليوناني وتلك الخاصة بالآلهة السماوية باللغتين السنسكريتية واللاتينية دليلًا لغويًا قويًا على أن الإله كان على صلة بإله السماء الهندو أوروبي البدائي. كان زيوس هو الإله الوحيد في البانثيون الأولمبي الذي كان لاسمه أصلًا هندو أوروبي واضحًا.

أسطورة صعود زيوس للحكم

خوف كرونوس من ابنائه

كان والد زيوس كرونوس ووالدته ريا. استولى كرونوس على السلطة من والده أورانوس وكان دائمًا حذرًا من عدم حدوث نفس الشيء له من أطفاله. لتجنب أي استيلاء، فقد ابتلع جميع أبنائه: هيستيا وديميتر وهيرا وهاديس وبوسيدون. ومع ذلك، أنقذت ريا طفلها الأصغر زيوس عن طريق لف حجر بملابس مبطنة وإعطائها لكرونوس ليبتلعها. تم نقل زيوس بعيدًا إلى جبل ديكتي في جزيرة كريت حيث ترعرع على يد الإلهة البدائية جايا (الأرض)، أو في بعض الإصدارات الأخرى من قبل الحوريات. من بين هؤلاء كانت حورية «أمالثيا- Amaltheia» (في بعض إصدارات الأسطورة كانت عنزة) التي أرضعت الإله الطفل.

زيوس وحرب الجبابرة

بعد وصوله إلى مرحلة الرجولة، أطاح زيوس بكرونوس. أولاً، قام بنزع الحجر الذي ابتلعه كرونوس ووضعه في «Pytho» تحت وديان بارناسوس ليكون علامة على النظام والعدالة للرجال الفانين، ويعرف باسم «Omphalos». بعد ذلك، أخرج إخوته بعكس الترتيب الذي تم ابتلاعهم فيه. في بعض إصدارات القصة، أعطت ميتس كرونوس مقيئًا لإجباره على إخراج إخوته وأخواته؛ في إصدارات أخرى، قطع زيوس معدة كرونوس. مع إطلاق سراح إخوته وأخواته، أطلق زيوس إخوة كرونوس والعمالقة والهيكاتونخيريس والصقاليب من زنزانتهم في تارتاروس، وهي منطقة غامضة في العالم السفلي. كدليل على امتنانهم، أعطى الصقاليب لزيوس الرعد والصاعقة، أو البرق، والتي كانت مخبأة من قبل غايا.

 وتزوج زيوس من أخته هيرا. ومع ذلك، فإن الجبابرة الخارجين على القانون، بتشجيع من جايا، حاولوا على الفور انتزاع السيطرة على العالم من الآلهة الأولمبية في معركة استمرت عشر سنوات تعرف باسم حرب الجبابرة. كان الجبابرة إخوة وأخوات كرونوس، ولم يتمكن زيوس أخيرًا من سجن الجبابرة إلا بمساعدة الصقاليب، الذين جعلوا زيوس صواعق البرق، والهيكاتونخيريس (برياريوس وكوتوس وغايغِيس). سجن زيوس الجبابرة في تارتاروس، أعمق جزء من العالم السفلي وجعل نفسه حاكم السماء، ثم أعطى زيوس السيادة على البحار إلى بوسيدون والعالم السفلي لهاديس. استاءت غايا من الطريقة التي تعامل بها زيوس مع الجبابرة، لأنهم كانوا أطفالها. وهكذا، في أعقاب الحرب الكبرى، حارب زيوس أطفال جايا الآخرين، الوحوش «تيفون- Typhon» و«إيكيدنا- Echidna»، الذين شكلوا تهديدًا لتفوقه المكتشف حديثًا. هزم تايفون وحاصره تحت جبل، لكنه ترك إيكيدنا وأطفالها على قيد الحياة كتحديات لأبطال المستقبل.

نسل زيوس

على الرغم من أن زيوس تزوج لأول مرة (لفترة وجيزة) من «ميتس-Metis» ثم تزوج من هيرا، إلا أنه كان سيئ السمعة في الأساطير اليونانية بسبب علاقاته الزانية، حيث استخدم غالبًا قوته السحرية لتحويل نفسه إلى تجسيدات مختلفة لخداع فريسته من أجل النوم معها، لذلك كان له نسل كثير.

  1. «آريس- Ares» الذي أنجبته هيرا
  2. أثينا، حيث تزوج زيوس ميتيس ولكن من أجل حماية سلطته، سار زيوس بسرعة على خطى والده، حيث ابتلع زوجته الأولى ميتيس بعد أن تم التنبؤ بأن ميتيس ستحمل أطفالًا أقوياء للغاية، والثاني سيكون ابنًا أقوى من زيوس نفسه. ولدت أثينا من رأس زيوس وأصبحت الطفلة المفضلة لديه.
  3. أبوللو وأرتميس اللذان أنجبتهما ليتو. كان زيوس قد غير نفسه وليتو إلى طيور السمان قبل أن يتزاوجا.
  4. هيرميس، الذي أنجبته الحورية مايا. أعطاه زيوس، الذي أعجب بحيله ولسانه المعسول، دور رسول الآلهة.
  5. ديونيسوس، الذي أنجبته سيميل وهي ابنة «كدموس- Cadmus» و«هارمونيا- Harmonia»، من طيبة.
  6. هرقل، الذي أنجبته «ألكمين- Alkmene» وكان دائمًا هدفًا لمكائد هيرا الغيورة ولكن عند وفاته، أحضره زيوس إلى جبل أوليمبوس وجعله إلهاً.
  7. بيرسيو، أنجبته «داناي- Danae»، الذي استحوذ عليها جمال زيوس عندما ظهر لها كمطر ذهبي لدخول غرفتها حيث سجنها والدها «أكريسيوس- Acrisius».
  8. بيرسيفوني، التي أنجبتها ديميتر.
  9. الأقدار والساعات وهوراي (الفصول) ويونوميا (الشرعية) ودايك (العدالة) وإيرينه (السلام) اللاتي أنجبتهم ثيميس.
  10. التسع ملهمات أنجبتهم نيمزوين بعد أن نام الزوجان معًا لمدة تسع ليال متتالية.
  11. أركاس من الحورية كاليستو. تحول كل من الابن والأم إلى دببة من قبل أرتميس الغيورة ولكن زيوس جعلهم كوكبة نجمية، كوكبة الدب الأكبر والأصغر.
  12. إبافوس الذي أنجبته آيو
  13. «ياسيون- Iasion» من الحورية إليكترا

عبادة زيوس

ألقاب عديدة

تم إثبات هيمنة زيوس ليس فقط من خلال حكمه على البانثيون الأولمبي اليوناني، ولكن أيضًا من خلال وضعه كأهم قطعة أثرية ثقافية في اليونان. بمعنى ما، كان تجسيدًا للمعتقدات الدينية اليونانية والإله اليوناني الأصلي. على هذا النحو، تم تكريمه بواحدة من أشهر الطوائف الدينية اليونانية.

تجلت سلطة زيوس الواسعة النطاق من خلال الألقاب العديدة التي استخدمها الإغريق القدماء. على سبيل المثال، أكد اللقب « Olympios» على ملكية زيوس على كل من الآلهة والمهرجان الهيليني الذي أقيم في أولمبيا. وكان اللقب الآخر ذو الصلة هو « Panhellenios»، (“زيوس لجميع الهيلينيين”) الذي كرّس له معبد إيكوس الشهير في إيجينا. كان لزيوس أيضًا ألقاب بديلة تستند إلى وظائفه الإلهية المختلفة. تحت لقب « Xenios»، كان زيوس هو راعي الضيافة والضيوف، وعلى استعداد للانتقام من أي خطأ يرتكب ضد شخص غريب. تحت لقب « Horkios»، كان حارس القَسَم. أُجبر الكذابين الذين تم فضحهم على إهداء تمثال لزيوس، غالبًا في معبد أولمبيا. أخيرًا، تحت لقب « Agoraios»، كان زيوس يراقب الأعمال في السوق (أغورا) ويعاقب التجار غير الشرفاء.

توضح هذه الألقاب والصفات النطاق الواسع للأهمية التي يتمتع بها زيوس في كل من الفهم الأسطوري والديني. يمكن العثور على معظم الألقاب والصفات المذكورة أعلاه، على سبيل المثال، في أي عدد من المعابد اليونانية من آسيا الصغرى إلى صقلية. كانت هناك أنماط معينة من الطقوس مشتركة أيضًا، مثل التضحية بحيوان أبيض فوق مذبح مرتفع.

طوائف دينية

كان المركز الرئيسي الذي التقى فيه جميع اليونانيين لتكريم زيوس هو أولمبيا. حيث يوجد مذبح لزيوس مصنوع من الرماد الذي تم جمعه نتيجة قرون عديدة من البقايا المتراكمة للحيوانات التي تم التضحية بها. كما تضمن المهرجان الذي يقام كل أربع سنوات الألعاب الأولمبية الشهيرة. خارج أولمبيا والأماكن المقدسة الرئيسية الأخرى، كانت هناك طرق معينة لعبادة لزيوس كانت مشتركة في جميع أنحاء العالم اليوناني.

بالإضافة إلى طريقة عبادة زيوس التي أتفق عليها جميع اليونانيين، حافظت الطوائف المحلية على أفكارها الخاصة عن الإله. في جزيرة كريت، على سبيل المثال، كان يُعبد زيوس في عدد من الكهوف في كنوسوس وإيدا وباليكاسترو. تشير قصص مينوس وإبيمينيدس إلى أن هذه الكهوف كانت تستخدم ذات مرة لقراءة الطالع ومعرفة المستقبل من قبل الملوك والكهنة. عادة ما يمثل الفنانون الكريتيون زيوس على أنه شاب ذو شعر طويل وليس بالغًا ناضجًا. ربما كان هذا هو السبب في أنه عُرف باسم «ho Megas kouros» أو “الشاب العظيم” في جزيرة كريت.

«هيكل الوحي (أوراكل)- oracle»

على الرغم من أن معظم مواقع هياكل الوحي كانت مخصصة عادةً لأبولو أو الأبطال أو آلهة مختلفة مثل تيميس، فقد تم تخصيص عدد محدود لزيوس. كشخصية رئيسية في الديانة اليونانية، كان لزيوس هيكل وحي، الأقدم في الواقع، في دودونا في شمال اليونان حيث قدم الكهنة الزاهدون وحيًا يفسر أصوات الريح في أغصان أشجار البلوط المقدسة وخرير الماء من النبع المقدس.

هيكل وحي آخر قد يكون مخصصًا لزيوس هو هيكل وحي آمون في واحة سيوة. يقع هذه الهيكل في الصحراء الغربية لمصر، ولم تكن ضمن حدود العالم اليوناني قبل زمن الإسكندر (356-323 قبل الميلاد)، على الرغم من أنها كانت تلوح في الأفق بشكل كبير في العقل اليوناني خلال العصر القديم. هيرودوت، على سبيل المثال، يذكر المشاورات مع زيوس آمون في روايته للحرب الفارسية. كان زيوس آمون محبوبًا بشكل خاص في إسبرطة، حيث كان يوجد معبد مخصص له في وقت الحرب البيلوبونيسية.

زيوس آمون

المصادر

  1. world history
  2. new world encyclopedia
  3. britannica

عجائب مصر القديمة: الميثولوجيا المصرية

هذه المقالة هي الجزء 5 من 9 في سلسلة عجائب مصر القديمة

كما قد تكون قد لاحظت عزيزي القارئ، من الأجزاء السابقة يتبين لنا الدور العظيم الذي لعبته الآلهة والشخصيات من العوالم الأخرى في حياة المصريين القدماء، فهي تعالجهم من أمراضهم وتساعدهم في التغلب على أعدائهم، فتعالوا معنا اليوم نقص عليكم قصة الآلهة في ضوء الميثولوجيا المصرية القديمة.

التاسوع المقدس

آمن الناس في مصر القديمة بتسع آلهة رئيسية هم:

– آتوم
– شو
– تفنوت
– نوت
– جب
– – إيزيس
– أوزوريس
– ست
– نفتيس

وهي عائلة واحدة وسنعرف قصتهم وما يربطهم في الميثولوجيا المصرية بعد قليل.

ملحوظة مهمة

تختلف الأساطير المصرية من مكان لآخر في مصر القديمة، كما تختلف أسماء الآلهة كذلك، فعلى سبيل المثال، الإله آتوم هو نفسه الإله رع هو نفسه الإله آمون، إلا أن المسمى يختلف من مكان لآخر ومن زمان لآخر، كأي أسطورة بشرية قابلة للتطور والتحور مع مرور الزمن، فقد تجد القصة التي سنرويها اليوم باختلافات في أسماء الشخصيات والأحداث وترتيبها، إلا أنها جميعها متشابهة في الأصل.

قصة الخلق في الميثولوجيا المصرية

في البدء، لم يكن هناك شيء سوى الماء، وكان الوجود مظلمًا وفوضويًا، فجلس الإله آتوم وتأمل وحدته، ثم تزوج آتوم من ظلّه، فأنجب شو (إله الهواء)، وتفنوت (إلهة الرطوبة)، ثم انطلق كل من شو وتفنوت لإعداد العالم وتنظيمه لاستقبال الحياة، فوضعت تفنوت القواعد التي سيسير العالم وفقًا لها، ووضع شو مبادئ الحياة.

افتقد آتوم أبناءه، وأصابه القلق، فاقتلع عينيه من مكانهما وأرسلهما للبحث عن شو وتفنوت، فعادا إليه ومعهما عينَي والدهما، وعندما رآهم أتوم ذرف دموع الفرح، فسقطت دموع أتوم على الأرض لتخصيبها لخلق الرجال والنساء.

ثم تزوج شو من أخته تفنوت وأنجبا نوت (إلهة السماء)، وجِب (إله الأرض)، فوقع جِب في حب نوت، فغضب أبوهما من علاقتهما وقرر أن يفصلهما عن بعضهما البعض، لتبقى نوت في السماء ويبقى جِب في الأرض، ولكن نوت كانت حاملًا من جِب، فأنجبت إيزيس، وأوزوريس، ونفتيس، وسِت، وتزوج أوزوريس من أخته إيزيس.

  • انفوجراف عن التاسوع المقدس (قصة الخلق) في الميثولوجيا المصرية.
التاسوع المقدس في الميثولوجيا المصرية

إيزيس وأوزوريس في الميثولوجيا المصرية

حكم أوزوريس العالم بمساعدة أخته وزوجته إيزيس، فزرعا الأشجار وشقّا الأنهار، إلا أن الإله ست الغيور لم يكن راضيًا بما يحدث، فحسد أخاه أوزوريس على ما لديه، فدبّر مكيدة للتخلص منه، حيث دعاه إلى حفل أقامه، وكان قد صنع صندوقًا ليناسب حجم أوزوريس بالضبط، وانتظر حتى أصاب أوزوريس النعاس، وقال أنه سيهدي الصندوق لمن يناسب الصندوق حجمه، وعندما أتى دور أوزوريس ونام في الصندوق، أسرع ست بإغلاق الصندوق وإلقاءه في نهر النيل.

عندما علمت إيزيس بما حدث لأوزوريس أصابها الحزن الشديد وأخذت تبحث عنه إلى أن وجدت جثته. فأخذت في إعداد الأعشاب والوصفات لإعادة إحياء زوجها وأخيها أوزوريس، ولكن ست عثر على جثته فقام بتقطيعها إلى 42 قطعة، وقام بتفريقها في مختلف أرجاء مصر ليصعب على إيزيس إعادة تجميع جثته.

فعادت إيزيس تبحث عن أشلاء زوجها بمساعدة أختها نفتيس، واستطاعوا جمع جميع أجزاء جسده باستثناء قضيبه. حيث أكلته سمكة، فصنعت عضوًا ذكريًا بديلًا وجامعت زوجها وحملت بابنها حورس.

عاد أوزوريس إلى الحياة مرة أخرى، لكنه لم يكن كاملًا، فهبط إلى العالم السفلي ليصبح هو الحاكم على هذا العالم.

لم تكن إيزيس راضية بما حدث، فاستعانت بابنها الإله حورس، والذي دخل في حرب عنيفة مع الإله ست لاستعادة ملك أبيه، واستمرت الحرب 80 عامًا إلى أن انتهت بانتصار حورس وتدمير سِت.

المصادر


coursera

ancient.eu

حرب طروادة، بين الحقيقة والخيال

في هذا المقال سنتحدث عن حرب طروادة، بين الحقيقة والخيال وأهم أحداثها. حيث استحوذت حرب طروادة، التي دارت بين اليونانيين والمدافعين عن مدينة طروادة في الأناضول في وقت ما في أواخر العصر البرونزي، على الخيال لآلاف السنين. ربما حدث صراع بين الميسينيين والحثيين، لكن تمثيله في الأدب الملحمي مثل إلياذة هوميروس يكاد يكون من المؤكد أنه أسطورة أكثر من الواقع. ومع ذلك، فقد حددت وشكلت الطريقة التي كان ينظر بها إلى الثقافة اليونانية القديمة حتى القرن الحادي والعشرين. ربما تكون قصة الآلهة والمحاربين الأبطال واحدة من أغنى المصادر المنفردة الباقية من العصور القديمة وتقدم رؤى حول الحرب والدين والعادات والمواقف عند الإغريق القدماء. منذ إعادة اكتشاف موقع طروادة في القرن التاسع عشر في ما يُعرف الآن بغرب تركيا، اكتشف علماء الآثار أدلة متزايدة على مملكة بلغت ذروتها وربما دمرت حوالي 1180 قبل الميلاد – ربما تشكل الأساس للحكايات التي رواها هوميروس حوالي 400 عام لاحقًا في “الإلياذة” و “الأوديسة”.

المصدر الرئيسي لمعرفتنا بحرب طروادة هو إلياذة هوميروس (المكتوبة في وقت ما في القرن الثامن قبل الميلاد) حيث يسرد 52 يومًا خلال السنة الأخيرة من الصراع الذي دام عشر سنوات. تصور الإغريق أن الحرب قد حدثت في وقت ما في القرن الثالث عشر قبل الميلاد. ومع ذلك، كانت الحرب أيضًا موضوعًا لتراث شفهي طويل قبل عمل هوميروس، وهذا جنبًا إلى جنب مع مصادر أخرى مثل قصائد Epic Cycle المجزأة، يمنحنا صورة أكثر اكتمالاً لما اعتقده الإغريق بالضبط على أنه حرب طروادة.

كيف بدأت حرب طروادة:

بدأت حرب طروادة، وفقًا للتراث اليوناني، كطريقة لزيوس لتقليل التزايد المستمر في عدد سكان البشرية، وبشكل أكثر عملية، باعتبارها رحلة استكشافية لاستعادة هيلين، زوجة مينيلوس، ملك أسبرطة وشقيق أجاممنون. تم اختطاف هيلين من قبل أمير طروادة باريس (المعروف أيضًا باسم ألكسندروس) وحيث حصل عليها كجتئزة لاختيار أفروديت كأجمل إلهة في منافسة مع أثينا وهيرا في حفل زفاف بيليوس وثيتيس. أراد مينيلوس واليونانيون استعادة هيلين والانتقام من وقاحة طروادة.

أبطال وآلهة في الجيش اليوناني:

إن حرب طروادة، بين الحقيقة والخيال تميل نحو كونها أسطورة حيث كان من بين المحاربين اليونانيين بعض الأبطال المميزين الإضافيين، القادة الذين كانوا أعظم المقاتلين وأظهروا الشجاعة الأكبر في ساحة المعركة. أيضًا، غالبًا ما كان لديهم أم إلهية أو أب بينما كان الوالد الآخر فانيًا، وبالتالي خُلق رابط أنساب بين الآلهة والرجال العاديين. من بين أهمها أخيل، أوديسيوس، آياس، ديوميديس، فطرقل، أنتيلوكوس، مينيستيوس، وإيدومينوس. تم مساعدة الإغريق من قبل العديد من الآلهة الأولمبية للديانة اليونانية. قدمت كل من أثينا وبوسيدون وهيرا وهيفايستوس وهيرميس وثيتيس مساعدة مباشرة أو غير مباشرة لليونانيين في وصف هوميروس للحرب. كانت للآلهة أشخاص مفضلين لديهم من بين الرجال الذين يقاتلون في سهول طروادة وغالبًا ما كانوا يحمونهم عن طريق تشتيت الرماح وحتى إبعادهم في خضم المعركة لوضعهم في مكان آمن بعيدًا عن الخطر.

أبطال وآلهة في جيش طروادة:

كان لدى جيش طروادة أيضًا أبطالهم نصف الإلهيين ومنهم هيكتور (ابن بريام) وأينيس وساربيدون وجلوكوس وفوركيس وبوليداماس وريسوس. حصل جيش طروادة أيضًا على مساعدة من الآلهة، حيث تلقوا المساعدة أثناء المعركة من أبولو وأفروديت وآريس وليتو.

أسوار المدينة منيعة:

كانت معظم حرب طروادة في الواقع حصارًا طويل الأمد، وكانت المدينة قادرة على مقاومة الغزاة لفترة طويلة، ويرجع ذلك أساسًا إلى أن تحصيناتها كانت رائعة للغاية. في الواقع، في الأساطير اليونانية، قيل إن أسوار طروادة بناها بوسيدون وأبولو الذين أجبرهم زيوس، بعد فعل معصية، على خدمة لاوميدون ملك طروادة لمدة عام واحد. على الرغم من ذلك، كانت هناك معارك خارج المدينة حيث قاتلت الجيوش، أحيانًا بالمركبات، ولكن في الغالب بواسطة رجال على الأقدام يستخدمون الرماح والسيوف ويحميهم درع وخوذة ودروع للصدر والساقين. خاضت الحرب ذهابًا وإيابًا عبر سهول طروادة على مر السنين، ولكن يبدو أن المعارك المثيرة حقًا قد تم حجزها للسنة الأخيرة من الحصار وفيما يلي مجموعة مختارة من الأحداث البارزة.

باريس ضد مينيلوس:

بعد أن سئم من المعارك غير الحاسمة، عرض مينيلوس محاربة باريس في قتال فردي وبالتالي تسوية مسألة الحرب. بالموافقة على ذلك، قام المحاربان بعمل قرعة لمعرفة من سيرمي أولاً بحربة. انتص باريس وألقى أولاً لكن رمحه سقط في درع مينيلوس دون ضرر. ثم ألقى الملك اليوناني سلاحه بقوة هائلة وذهب الرمح عبر درع باريس واستمر في اختراق درعه. لو لم يتأرجح باريس في اللحظة الأخيرة، لكان قد قُتل على الفور. ومع ذلك، لم ينته مينيلوس وسدد بسيفه ضربة مخيفة على خوذة أمير طروادة. لكن السيف تحطم وسقط في التراب. ثم أمسك مينيلوس خوذة باريس بيديه العاريتين وشرع في جره من الميدان. كان باريس يختنق بحزام خوذته الموجود حول رقبته، ولم يتم إنقاذه إلا من خلال تدخل أفروديت التي كسرت حزام الخوذة، وغطّت الأمير بضباب كثيف، وأرشدته إلى الأمان في غرفة نومه المعطرة.

هيكتور ضد أياكس:

لقاء البطلَين العظيمين يشبه لقاء مينيلوس وباريس. كل رمى رمحه ولكن بلا جدوى. ثم ألقى هيكتور صخرة كبيرة على اليوناني، فقط ليصدها بدرعه. ثم رد أياكس بصخرة أكبر، وحطم درع هيكتور. ثم سحبوا سيوفهم من أجل قتال مميت، لكن رفاقهم أوقفوا كل منهم وطالبوا بإنهاء القتال مع اقتراب الليل. حتى أن المحاربين قالا وداعًا بشروط ودية من خلال تبادل الهدايا، وقدم هيكتور سيفًا بمقبض فضي وأياكس أعطى حزامًا أرجوانيًا رائعًا.

سقوط فطرقل:

كان أخيل الذي لا يقهر ببساطة أعظم محارب في اليونان، أو في أي مكان آخر في هذا الشأن. لكن مما أثار إحباط اليونان ، فقد جلس معظم الفصل الأخير من الحرب في استياء كبير. كان أجاممنون قد سرق غنيمته الحربية بريسيس، وبالتالي رفض البطل القتال. لا يبدو أن أجاممنون في البداية كان منزعجًا جدًا من فقدان أخيل، لكن عندما بدأ جيش طروادة في اكتساب اليد العليا في الحرب، بدا الأمر وكأن أخيل سيكون مطلوبًا إذا كان اليونانيين سيفوزون بالفعل في الصراع الذي طال أمده . وفقًا لذلك، أرسل أجاممنون اليائس بشكل متزايد نداءًا إلى أخيل بوعود بكنز هائل إذا كان سيعيد الانضمام إلى الصراع. رفض أخيل كل هذا ولكن مع تعرض المعسكر اليوناني للهجوم، ناشد فطرقل معلمه وصديقه العظيم أخيل الانضمام مجددًا إلى الصراع، وعندما استمر في الرفض، طلب فطرقل الإذن بارتداء درع أخيل وقيادة المرميديون أتباع أخيل المخيفين بنفسه. أخيل، عند رؤية إحدى السفن اليونانية مشتعلة بالفعل، أعطى موافقته على مضض لكنه حذر فطرقل وأمره أن يصد أحصنة طروادة فقط من المعسكر وعدم ملاحقتهم إلى جدران طروادة. ثم قاد فطرقل المقاومة اليونانية، وتم اجتياح جيش طروادة، حتى أنه تمكن من قتل بطل طروادة العظيم ساربيدون. بعد نجاحه، تجاهل البطل الشاب نصيحة أخيل وواصل القتال بتهور نحو طروادة. في هذه المرحلة، تدخل أبولو العظيم نيابة عن جيش طروادة وضرب خوذة ودرع فطرقل، حطم رمحه أوقع درعه من ذراعه. وهكذا تعرض فطرقل للطعن من قبل إيوفوربوس ثم تدخل هيكتور لتوجيه ضربة قاتلة بطعنة لا ترحم من رمحه. عندما اكتشف أخيل وفاة صديقه العظيم فطرقل، غمره الحزن والغضب وأقسم على الانتقام الرهيب من جيش طروادة وهيكتور على وجه الخصوص. بعد إقامة حداد مناسب، قرر أخيل أخيرًا الدخول إلى ساحة المعركة مرة أخرى. لقد كان قرارًا سيحدد مصير طروادة.

أخيل يندب موت فطرقل

هيكتور وانتقام أخيل:

بقي هيكتور وحده واقفًا خارج الجدران ولكن على مرأى من أخيل الغاضب، حتى أن أعصابه تراجعت وركض من أجل الأمان. ومع ذلك، قام أخيل بمطاردة أمير طروادة وطارده ثلاث مرات حول أسوار المدينة. أخيرًا أمسك به حيث قتل أخيل هيكتور بطعنة شريرة من رمحه في حلقه. ثم قام أخيل بتجريد جسد هيكتور من درعه، وربط هيكتور من كاحليه بمركبته، وسحب الجسد إلى المعسكر اليوناني على مرأى من بريام الذي يقف على قمة تحصينات المدينة. كان هذا عملاً مشينًا بشكل صادم وضد كل قواعد الحرب القديمة. بعد أن انتقم من وفاة فطرقل، رتب أخيل ألعاب جنائزية تكريما لصديقه الذي سقط. في هذه الأثناء، دخل بريام إلى المعسكر اليوناني متخفيًا وتوسل أخيل لإعادة جثة ابنه حتى يتم دفنه بشكل لائق. في البداية كان أخيل معارضًا ولكن تمت الاستجابة للنداءات العاطفية للرجل العجوز ووافق أخيل على إعادة الجسد. هنا تنتهي الإلياذة، لكن الحرب لا تزال أمامها بعض التقلبات في المصير.

الخدعة النهائية:

كان الإجراء النهائي والحاسم فكرة الحصان الخشبي. أوديسيوس، الذي ألهمته أثينا، فكر في حيلة لإدخال الجيش داخل جدران طروادة. أولاً، أبحر اليونانيون جميعًا حتى غروب الشمس تاركين هدية غامضة لأهل طروادة عبارة عن حصان خشبي عملاق أخفى في الواقع مجموعة من المحاربين بداخله. فقط للتأكد من أن أهل طروادة أخذوا الحصان داخل المدينة، تم اختيار سينون للبقاء وإخبار قصة عن أن الإغريق استسلموا وتركوا هدية لطيفة. أخذ أهل طروادة الحصان داخل أسوار المدينة، لكن بينما كانوا يستمتعون باحتفال مخمور بانتصارهم، قفز اليونانيون من الحصان، وفتحوا أسوار المدينة للجيش اليوناني العائد، وتم نهب المدينة وذبح السكان أو استعبادهم. أعيدت هيلين إلى أرغوس ومن أبطال طروادة، هرب أينيس فقط ليؤسس في النهاية منزلًا جديدًا في إيطاليا. كان للنصر ثمنه رغم ذلك. بسبب تدميرهم بلا رحمة للمدينة وسكانها، والأسوأ من ذلك، أعمال التدنيس الشنيعة مثل اغتصاب كاساندرا، عاقب الآلهة الإغريق بإرسال العواصف لتدمير سفنهم، وأولئك الذين عادوا في النهاية أجبروا على تحمل رحلة صعبة إلى المنزل. بعض اليونانيين الذين عادوا إلى وطنهم فعلوا ذلك فقط لمواجهة المزيد من المحن والكوارث.

حرب طروادة،بين الحقيقة والخيال:

يصعب قراءة العديد من أجزاء ملحمة حرب طروادة تاريخيًا. العديد من الشخصيات الرئيسية هي نسل مباشر للآلهة اليونانية، والكثير من العمل يتم توجيهه أو التدخل فيه من قبل مختلف الآلهة المتنافسة. تم تسجيل حصار مطول في تلك الحقبة، لكن أقوى المدن كان بإمكانها الصمود لبضعة أشهر فقط، وليس 10 سنوات كاملة.

كشفت عمليات تنقيب في موقع طروادة في عام 1870 تحت إشراف عالم الآثار الألماني هاينريش شليمان عن ركام قلعة صغيرة وطبقات من الحطام بعمق 25 مترًا. وثقت الدراسات اللاحقة أكثر من 46 مرحلة بناء مجمعة في تسعة فرق توضح أن المكان كان مسكونًا من 3000 قبل الميلاد. حتى تم التخلي عنها نهائيًا في عام 1350 بعد الميلاد. أظهرت الحفريات الأخيرة أن مساحة مأهولة تبلغ عشرة أضعاف حجم القلعة، مما جعل طروادة مدينة مهمة من العصر البرونزي. الطبقة السابعة أ من الحفريات، التي يعود تاريخها إلى حوالي 1180 قبل الميلاد، تكشف عن حطام متفحم وهياكل عظمية متناثرة وهو دليل على تدمير المدينة في زمن الحرب والذي ربما يكون قد ألهم أجزاء من قصة حرب طروادة. في أيام هوميروس، بعد 400 عام، كانت آثاره لا تزال مرئية.

في النهاية بعد قراءة المقال والتعرف على حرب طروادة، بين الحقيقة والخيال. ما رأيك في هذه الأسطورة؟

المصادر:

ancient.eu
britannica
history

Exit mobile version