مملكة إيبلا المنسية، كيف اكتشفت وبم اشتهرت؟

لم يكن اكتشاف أطلال مملكة “إيبلا” حدثاً عادياً في تاريخ سوريا الحديث، فمعرفة مملكة “إيبلا” نقلت سوريا إلى مكانة رفيعة وجعلتها تحتل مركزاً حضارياً متقدماً في الشرق الأدنى جنباً إلى جنب مع بلاد الرافدين وحضارته السومرية ووادي النيل وأهراماته وعصر ملوك

والحقيقة أن الوثائق التي كتبت قبل 4500 سنة غيّرت مفاهيمنا عن أقدم مراحل التاريخ. فقد ظلت “إيبلا” قابعة في أذهان علماء الآثار عشرات السنوات قبل أن يُعرف موقعها، فهي لم تكن قبل عام 1968 سوى اسم موثق في الشواهد الكتابية.

يوجد الكثير منا لا يعلم أين هي مملكة إيبلا فلا بد من التعرف عليها في المقال التالي

موقع مملكة إيبلا

تم اكتشاف مملكة إيبلا على يد بعثة إيطالية برئاسة العالم الآثاري الشاب باولو ماتييه عام 1968 م والحقائق تتضح شيئاً فشيئاً عن التاريخ السوري القديم.
تقع مملكة إيبلا في سورية في المنطقة الواقعة إلى الجنوب الغربي من مدينة حلب، في قمة تل مرديخ. وتبعد عنها حوالي 50 كم. وقد ذكرت في العديد من الأماكن التاريخية القديمة مثل الوثائق المسمارية ونصوص سلالة أور الثالثة. كما ذكرت في نصوص تعود للعصر الآشوري القديم. ومع ذلك ظلت مدينة «إيبلا» مجهولة ومنسية بالنسبة لموقعها الجغرافي على الرغم من أهميتها، ودورها الحضاري في المنطقة.

الديانة في إيبلا

كانت ديانة إيبلا متعددة الآلهة، وفي المقام الأول كنعانية. كان دابير هو الإله الراعي للمدينة، ولكن تم أيضًا عبادة دجن وسيبيش وحدد وبالاتو وعشتروت. كانت لغة إيبلا لهجة كنعانية غير معروفة حتى الآن ، وهي أقرب إلى اللغات السامية الشمالية الغربية. ومع ذلك، فإن كتابة الألواح هي بالكتابة المسمارية السومرية، مع أقرب تشابه للألواح من أبي صلابيخ (الآن في العراق). تكشف النصوص أن المعلمين السومريين جاءوا إلى مملكة إيبلا.

ووجود “ إيبلا” بالقرب من أداب يشهد على أن الإبليين ذهبوا إلى سومر أيضًا. تظهر المفردات والمقاطع والمعاجم الجغرافية وتمارين الطلاب التي تم استردادها أن إيبلا كانت مركزًا تعليميًا رئيسيًا. إن اكتمال نصوص إيبلا، والتي في بعض الأحيان تكرر نصوصًا مجزأة من سومر، يعزز بشكل كبير الدراسة الحديثة للغة السومرية[1].

اكتشافات مملكة إيبلا

إن من أهم الاكتشافات التي أوضحت طبيعة حياة الإنسان السوري القديم من حيث الجوانب المختلفة بما فيها السياسية والدينية والثقافية وغيرها، هو اكتشاف مكتبة القصر الملكي في مملكة «إيبلا». فقد قام الملكُ الأكادي «نارام سين» بإضرام النار في المملكة. ولكن المفارقة كانت مدهشة، فتلك النار التي أشعلها شوت الرقم المصنوعة من الطين، هذا مما جعلها تعيش عمراً أطول, والأجمل من هذا أن تلك الرقم كانت بلغة خاصة بمملكة «إيبلا». ومع ذلك لم يتم التأكد من أنّ الموقعَ هو نفسُه موقع «إيبلا» القديمة.

بقيت هذه المملكةُ مجهولةً إلى عام 1968 عندما عُثِر على جذع تمثال من الحجر البازلتي يحمل نقشاً أكّادياً مؤلفاً من سطور عدة. وتذكر الكتابة أن التمثال هو ملك (إيبلا)، وقد ورد اسمها مرتين في النقش. مما أثبت للباحثين أنهم أمام مملكة «إيبلا» التي تسمى المملكة المنسية المنخفضة.

مكتبة إيبلا

المكتبة الملكية لمملكة إيبلا القديمة يُعتقد أنها أقدم مكتبة في العالم. تم اكتشاف المكتبة في الأعوام 1974 – 1976 على يد علماء آثار إيطاليين من جامعة روما لا سابينزا. وقد عثروا على حوالي 2000 قرص كامل يتراوح حجمها من 1 بوصة إلى أكثر من قدم، و4000 جزء من القرص، وأكثر من 10000 شريحة وأجزاء صغيرة. تعد هذه المجموعة من النصوص هي الأكبر التي تم العثور عليها على الإطلاق من الألفية الثالثة قبل الميلاد والتي كان لها الاثر الكبير في تقدم تاريخ الكتابة.

هناك أيضًا أدلة تشير إلى أن الألواح من مكتبة إيبلا قد تم ترتيبها عمدًا وحتى تصنيفها. تم تخزين الألواح الأكبر حجمًا في الأصل على الرفوف، لكنها سقطت عندما تم تدمير القصر. بالإضافة إلى ذلك، تظهر الألواح دليلاً على النسخ المبكر للنصوص إلى اللغات والنصوص الأجنبية، وتصنيفها وفهرستها لتسهيل استرجاعها، وترتيبها حسب الحجم والشكل والمحتوى.

المجتمع والسكان

 كان يسكن المملكة أكثر من 250 ألف شخص في مئات البلدات والقرى. مدينة إيبلا، التي تبلغ مساحتها 140 فدانًا، كان يسكنها ما يزيد عن 40 ألف نسمة، 10% منهم من الموظفين الحكوميين. حيث كان عمل مملكة إيبلا تجاريًا، وكانت الإمبراطورية الإيبالية في المقام الأول إمبراطورية اقتصادية ثقافية وليست عسكرية[2].

مملكة إيبلا وعلاقاتها مع الدول الأخرى

لقد تركزت تجارة مملكة إيبلا مع الجهات الشرقية والشمالية الشرقية أكثر من الغربية والجنوبية، فقد كان أهم طريق تجاري لها هو الذي يتجه إلى الفرات وبخاصة إلى ماري ثم تذهب إلى كيش وسط بلاد الرافدين. وكانت هناك طرق أخرى تذهب إلى إيمار  على الفرات وإلى كركميش، حيث تصدر المنسوجات والمفروشات الصوفية والكتانية، كذلك المنتجات الزراعية ومنها الزيوت والعنب والحبوب. أما أهم وارداتها فكانت المعادن وخاصة معدني الذهب الفضة والقصدير والاحجار الكريمة.

إيبلا في شأنها شأن بلاد الرافدين في افتقارها إلى الثروات الطبيعية التي كانت بحاجة إلى استيرادها. ويمكن القول أن العدد الكبير من النصوص الاقتصادية المتعلقة بالاستيراد والتصدير لمملكة إيبلا مهمة كمثيلتها التي جاءتنا من بلاد آشور في العهد الاشوري القديم (2004-1521 ق.م)[3].

نهاية مملكة ايبلا

هناك رأيان حول نهاية مملكة إيبلا، الرأي الأول يقول إن مملكة أكاد هي التي قضت على مملكة إيبلا على حين يذهب الثاني إلى أن مملكة ماري هي المسؤولة أيضاً عن تدمير وإنهاء مملكة إيبلا.

يعتقد الباحثين ايضًا أنه من ضمن الأسباب الرئيسية التي أدت لنهاية مملكة إيبلا أنها غدت قوة اقتصادية كبيرة بسطت نفوذها على مساحات واسعة وصلت حتى بلاد الرافدين إلى جبال الأمانوس التي  توصف بجبال الفضة لكثرة وجود مناجم الفضة فيها  والتي تتوافر فيها أشجار الأرز والسرو والصنوبر  بكثافة[4].

المصادر:

1_ britannica
2-Royal achives of ebla

4_ worldhistory

المصدر من: elakademiapost.com

سحر الكيمياء في عالم مصر القديمة, اكتشافات مازالت تدهشنا

من بين جميع العلوم، الكيمياء هي أكثر العلوم التي يرتبط بها المصريون القدماء ارتباطًا وثيقًا. حتى إن إحدى المدارس الفكرية تنسب كلمة كيمياء إلى الإسم المصري لمصر القديمة”kemet”، الذي نقله الكيميائيون اليونانيون والعرب. و التي تعني “الأرض السوداء”، وتصف لون التربة السوداء الخصبة التي تترسب سنويًا من نهر النيل. و ليس من قبيل المصادفة أن يكون هذا هو الاسم و الاعتراف بأن المصريين كانوا أفضل الكيميائيين في العالم القديم حتى الإغريق اعترفوا بذلك. إن الاستخدام المصري للكيمياء أُعتُقِدَ بأنه “أسطوري علمي”. فلقد اعتقدوا، على سبيل المثال، أن المواد تمتلك جوهرًا أو انبعاثًا لآلهة مختلفة مثل المغنتيت حيث ربطوه بالإله حورس. وكان يُعتقد أن ملح النطرون مع أوزوريس وراتنجات الأشجار هي دموع الآلهة. استخدمت الكيمياء على نطاق واسع، لكن ارتباطها بالطقوس الدينية كان محوريًا، حيث عمل علماء المعادن والعطور والصباغون خارج المعابد، وفقًا لقواعد الطقوس. مما أدى هذا إلى السرية المحيطة بمعرفتهم الكيميائية. فكيف كان المصريون القدماء بتلك البراعة في الكيمياء؟ وهل كانت انجازاتهم مجرد “تجربة وخطأ” أم أكثر تعقيدا مما نعتقد؟

تقنيات في صناعة الألوان والأصباغ

يعتبر تخليق المواد هي  جوهر الكيمياء وهو مايميز الكيميائي الماهر. وكان المصريون القدماء أول حضارة تصنع صبغة غير عضوية، وهي الأزرق المصري. كان هذا جزءًا من رغبتهم في تقليد الأحجار الكريمة التي ارتبطوا بها مع الآلهة، ولا سيما اللازورد، وهو معدن سيليكات الألومنيوم الأزرق النادر المحتوي على اللازوريت، والذي اعتقدوا أنه يشكل شَعْر الإله. من عام 2500 قبل الميلاد، بدأوا في تصنيع الصبغ الأزرق رباعي سيليكات الكالسيوم والنحاس (CaO.CuO.4SiO2). و أعيد تصنيعها في العصر الروماني، قبل أن تضيع التكنولوجيا. ثم أعيد اكتشافها فقط في القرن التاسع عشر.

و بالنظر إلى الكيمياء التي ينطوي عليها الأمر، لا يمكنك إلا أن تقدر مهاراتهم. حيث تم محاولة تحضير القليل من الأزرق المصري, واحتاج الأمر إلي وجود جو مؤكسد, ومحفز ومواد خام _مثل السيليكا والجير والنحاس_ إلي التسخين مع مادة البوراكس “Borax” للحصول علي ذلك اللون. وذلك مع الأخذ فى الاعتبار قياس العناصر المتكافأة للمنتج النهائي, ممايشير إلي أن الكيميائيين المصريين كانوا قادرين علي تعديل ظروف أفرانهم ومعدل التبريد لتكوين صبغات خضراء بديلة عن عمد أيضاً. إن اللون الأزرق المصري، وهو أول صبغة اصطناعية، تم صنعها منذ 3000 عام قبل الميلاد، و تركيبتها الكيميائية هي CaCuSi4O10، أو CaO3CuO34SiO2، وهي عبارة عن سيليكات نحاس الكالسيوم. تم إنتاجها عن طريق تسخين رمال الكوارتز ومركب نحاسي و CaCO3 وكمية صغيرة من القلويات (رماد النبات أو النطرون) معاً إلى 800-1000درجة مئوية لعدة ساعات ، وخلال هذه الفترة يحدث التفاعل التالي:[1]

Cu2CO3(OH)2+8SiO2 +2CaCO3= 2CaCuSi4O10+3CO2 +H2O

واعتمادًا على كيفية طحن هذه الكريستالات الناتجة عن التفاعل، ينتج مجموعة من الألوان الزرقاء. حيث يعطى المسحوق الناعم لون أزرق سماوي فاتح والحبوب الخشنة تعطي ألوانًا زرقاء أغمق.

عُرف عن القدماء المصريين في العالم القديم بأنهم صباغون ممتازون. لقد عرفوا الموردينتس “Mordents” وهي مواد تستخدم لربط الصبغة بالقماش. وقد استخدموا “حجر الشب” أو مايمسي بال “Alum” لذلك الغرض . و غالبًا ما يحتوي حجر الشب_ وهو ملح كبريتات البوتاسيوم الألومنيوم_ على شوائب من الحديد، مما قد يؤدي إلى ظهور لون غير مرغوب فيه في عملية الصباغة. مما يبدو من المحتمل أنه في العصور القديمة تمت تنقية الشب عن طريق عمليات إعادة التبلور”Recrystallization”.

إلى جانب الصبغات المعدنية، استخدم المصريون صبغات نباتية مثل الفوة ، القرطم ، والألكانيت للون الأحمر، ونبات وسمة الصباغين للأزرق. ولحاء شجرة الرمان للأصفر. و يحتوي المستخلص الأحمر من نبات الفوة على الإيزارين، الذي تم اكتشافه على الأقمشة الحمراء الموجودة في مقبرة توت عنخ آمون.

 وجاء اللون النيلي أو الأزرق من نبتة النيلي أو من نبات وسمة الصباغين. حيث يُهرس النبات في الماء ويُترك للخليط ليتخمر، وبعد ذلك يتشكل راسب أزرق من “الإنديجوتين”. ويتم تجفيفه ثم استخدامه علي هذا الشكل. ثم بعد ذلك يتم اختزال الأنديجوتين إلى مركب عديم اللون قابل للذوبان عن طريق المعالجة الكيميائية على سبيل المثال، العسل أو الجير، ثم يُغمر النسيج في المحلول ويُترك ليجف. وعن طريق الأكسدة بالهواء أثناء عملية التجفيف يظهر اللون .

كانت الصبغة الأكثر قيمة في العصور القديمة هي اللون الأرجواني الصوري” Tyrian purple”. هذه الصبغة هي “ديبروموينديجوتين”. حيث حصل القدماء عليها من سلائف “precursors” شبه عديمة اللون من غدد المحار التي يحصدوها من البحر الأبيض المتوسط. وينشأ اللون الأرجواني عندما يجف القماش المعالج في الشمس.

كيمياء البحث عن الحياة الأبدية

كانت مهارات التحنيط لدى المصريين في أوجها خلال فترة حكمه في الأسرة الثامنة عشر. حيث تم العثور علي مجموعة واسعة من المواد العضوية _من أصل حيواني ونباتي_ المرتبطة بالتحنيط علي جثث الممياوات. على الرغم من أن التحنيط المبكر كان يُنظر إليه في البداية على أنه مجرد جفاف ناجم عن الصحراء المصرية الحارة والجافة. و اعتمدت هذه العملية، المستخدمة للحفاظ على الجسم للآخرة، على تجفيف الأنسجة لمقاومة التعفن. و تطورت من بداية بسيطة إلى عملية معقدة. حيث يقول هيرودوت، أن الجسم بعد إزالة المخ وبعض الأعضاء الداخلية، تتم تغطيته بالنطرون لمدة 70 يومًا لتجفيف الأنسجة. وتم استخدام النطرون كعامل تجفيف وخَلُص إلي أنه تم استخدامه في الحالة الجافة وليس كسوائل. وأن الفترة المثلي للجفاف هي 30-40 يومًا. تم استخدام الراتينج المصهور أيضًا كعامل تحنيط. و مكنت التحسينات الفنية خلال الأسرة التاسعة عشرة من الاحتفاظ بلون الجلد الطبيعي كما يظهر في مومياء رمسيس الثاني.

وقد اكتشف العالم “باكلي” أدلة أكثر تعقيدا على التحنيط. ففي وقت مبكر من أواخر العصر الحجري الحديث قبل العصر الفرعوني، منذ أكثر من 6000 عام، وجد أنهم يستخدمون بالفعل المنتجات الطبيعية، وراتنجات الأشجار، والمنتجات النباتية التي لها خصائص مضادة للبكتيريا والفطريات ومبيدات الحشرات إلى حد ما. مما يؤدي إلي حماية ممتازة لكامل الجسم في هذا الوقت.[2]

إن ظن الأغلبية في تحنيط توت عنخ آمون أنه من المحتمل أن قد تم تحنيطه في محلول النطرون بالطريقة السابق ذكرها. و لكن تم ذكر فكرة مضادة لهذا في عام 1914 من قبل الكيميائي ألفريد لوكاس، الذي عمل مع كارتر_مكتشف مقبرة توت عنخ آمون_ والذي كان معروفًا باسم شيرلوك هولمز في علم المصريات. حيث أوضح تحليله للمومياء بقعًا من كلوريد الصوديوم والكبريتات على الجلد، ولكن بدون أي أثر للكربونات. لقد حيره هذا الأمر وخَلُصَ في النهاية إلى أن النطرون لم يستخدم على الإطلاق. ولكن باكلي اعتقد أن هذا سيكون سمة من سمات حل تلك الأحجية. وهو أن ليس لديك الكربونات والبيكربونات لأنهما قد تم دمجهما مع الأنسجة.

إن ارتفاع درجة القلوية “High PH” فى المحاليل، من شأنه أن يوقف البكتيريا عن مسارها، عن طريق منع وظيفة الإنزيم. مما يساعد المحلول أن ينتشر بشكل أعمق في الأنسجة ويغير بنية الكولاجين، ربما عن طريق الارتباط الكاتيوني ببقايا البروتين الكربوكسيلي، مما يوفر مزيدًا من الحفظ الكامل. ومن ثم سيظل الجسم يحتوي على كمية كبيرة من الأنسجة والماء بداخله.

و من تجارب التحنيط التي أجراها باكلي، بما في ذلك على جسم الإنسان المتبرع به، خَلُصَ إلى أنه عندما يتم إجراء العملية بعناية شديدة، فإن النتيجة ستكون حفظًا مثاليًا تقريبًا. فعندما يدخلون القبر ، يبدون تمامًا كما كانوا على قيد الحياة، وكأنهم نائمون.  إن تلك العملية أظهرت مستوى عالٍ من التعقيد والتحكم وهو استخدام الراتنجات العضوية من مجموعة متنوعة من المصادر. بالإضافة إلى استخدام هذه الخلائط كوسيلة لعزل الماء. حيث تشير الدلائل إلى أنه تم تطبيقها أيضًا على الأجسام قبل استخدام النطرون. وذلك بسبب الطبيعة الكاوية للكربونات والبيكربونات، فإذا لم تقم بتطبيق هذه الطبقة العضوية، فإنها سوف تبيض الجلد باللون الأبيض. ولكن إذا وضعت مادة الحاجز العضوي هذه أولاً ثم وضعتها في محلول النطرون، فإن ما تحصل عليه بعد ذلك هو حفظ ممتاز للون البشرة.

سر خلطات مستحضرات التجميل

من أهم ألغاز الكيمياء المصرية القديمة، اكتشاف أصباغ الرصاص الاصطناعية المستخدمة في مكياج الكحل الذي كان يرتديه المصريون القدماء. ويعود تاريخه إلى عام 2000 قبل الميلاد. وقد نُشر في عام 1999، التحليلات الكيميائية التي أجراها “فيليب والتر” في متحف اللوفر في باريس. حيث أظهرت أن المركبات المحفوظة جيدًا الموجودة في مجموعة اللوفر لأواني المكياج المصرية القديمة، تضمنت أصباغًا طبيعية (galena (PbS و cerussite (PbCO3). ولكن أيضًا اللوريونيت (Pb(OH)Cl) ومسحوق الفوسجينيت الأبيض (Pb2Cl2CO3)، و نادرًا ما يتم العثور على كلاهما بشكل طبيعي ومن غير المحتمل أن يكونا نتاج تحلل لأي شيء موجود. ومن ثم استنتج والتر أن هذه الأصباغ يجب أن تكون صنعت صناعياً، باستخدام ما نسميه اليوم الكيمياء الرطبة “Wet chemistry”.

و استنادًا إلى الوصفات الرومانية اللاحقة، جرب والتر طريقة لإنتاج الفوسجينيت. لقد استخدم معدن “الليثارج” _(PbO)_ المطحون بالملح وخلطها في الماء وفي بعض الحالات كربونات الصوديوم. ثم قام بتحييد المحلول القلوي الناتج (تصف الوصفة الرومانية صب المحلول واستبدال الماء كل يوم للتحكم في الرقم الهيدروجيني) وبعد عدة أسابيع وجد إما مادة اللوريونيت أو الفوسجينيت، مع بلورات ذات حجم مماثل لتلك الموجودة في العينات المصرية. و يشير هذا إلى أنه ربما كان لديهم بعض المعرفة بالتحكم في الأس الهيدروجيني والمحاليل المُثَبتَة “Buffering solutions” وبعض الكيمياء الكمية الأساسية.

تم تأكيد عمل والتر منذ ذلك الحين من قبل عدة مجموعات بحثية. ففي عام 2018 ، استخدمت “لوسيل بيك” ، من مختبر قياس الكربون 14 بجامعة باريس ساكلاي، التأريخ بالكربون المشع لإثبات أن عينات المكياج المصرية القديمة تضمنت مركبات اصطناعية. و من العينات التي تم اختبارها، تم تأكيد إحداها على أنها مستحضرات تجميل اصطناعية، مصنوعة من نفس مركب الفوسجينيت الذي اكتشفه والتر ومٌؤَرخ في الفترة من 1763 إلى 1216 قبل الميلاد.

كانت لوسيل بيك قادرةً أيضًا على تحديد تاريخ الوعاء الخشبي بالكربون (إلى 1514-1412 قبل الميلاد ، في عهد أمنحتب الثالث) الذي كان يحتوي على المكياج. و لقد حصلوا على علاقة ارتباط جيدة جدًا بين نتائج الصندوق الخشبي ونتائج عينات المكياج. لذلك في هذه الحالة، فإنه دليل مباشر على أن مستحضرات التجميل هذه تم إنتاجها بشكل مصطنع في ذلك الوقت. و قد يكون هذا أقدم دليل على استخدام الكيمياء الرطبة لإنتاج مستحضرات التجميل، على الرغم من أن واحدة فقط من العينات كانت اصطناعية، إلا أنها تبدو نادرة. اختبر بيك أيضًا بعض العينات من المتحف البريطاني ولم يعثر حتى الآن على أي مستحضرات تجميل اصطناعية.

جاء المزيد من الأدلة على وجود الفوسجينيت الاصطناعي من فريق من معمل أبحاث الآثار في جامعة أكسفورد في المملكة المتحدة، وتم أخذ عينات من 11 حاوية كحل في متحف بيتري بجامعة لندن. لقد أجروا مجموعة واسعة من التحليلات الكيميائية لإلتقاط كل من المكونات غير العضوية والعضوية. ووجدوا أيضًا مركبات الرصاص التي من المحتمل أن تكون قد تم تصنيعها. ووجدوا تنوعًا أكبر بكثير من التحليل الحديث السابق، بما في ذلك أشياء مثل المعادن التي تحتوي على المنغنيز والنحاس. بالإضافة أيضًا إلي مكونات لا تحدث معًا بشكل طبيعي، لذلك كانت هناك نية متعمدة في صياغاتهم. في عام 2010، اقترح فريق فرنسي بما في ذلك والتر، أن تركيبات الكحل التي صنعها المصريون القدماء ربما تكون قد صيغت لخصائصهم الطبية. حيث أظهروا أن أيونات Pb2+ يمكنها أن تثير استجابة معينة من الإجهاد التأكسدي في خلايا الجلد التي يمكن أن تحفز الاستجابة المناعية.

فن تشكيل المعادن من ذهب توت عنخ آمون إلي تقنيات التلحيم

أظهر المصريون القدماء أيضًا مهارة فنية هائلة في صناعة المعادن. وعلي الرغم من عدم تمكنهم أبدًا من صهر الحديد- الحديد الوحيد الذي كان لديهم كان نيزكيًا ويسمى بشكل مناسب “معدن السماء”- لكنهم كانوا أساتذة في صناعة النحاس والفضة والذهب. أنتجوا أشياء مثل القناع الذهبي لتوت عنخ آمون، المصنوع من سبائك الذهب عيار 23 قيراطًا، مع عيون كوارتز وسبج ولازورد مرصع. إحدى التقنيات التي تثير إعجاب هي طريقة اللحام، والمعروفة باسم اللحام الصلب الكيميائي، والتي تظهر في تصنيع المجوهرات الذهبية. حيث يتم استخدام ملح النحاس المسحوق مثل الملكيت (كربونات النحاس) ، و يتم لصقها في مكانها. و عند تسخين الملحين معًا (الذهب والنحاس)، ينتج عن ذلك انخفاض في درجة انصهار الذهب في الحال. وهذا ما كان يجعل سبائك النحاس والذهب مميزة لتشكيل اللحام. مرة أخري، انها كيمياء!.

ان مجال الحديث عن الكيمياء في مصر القديمة واسع وما تم ذكره ماهي الا مقتطفات من فيض علمهم الذي مازال يحير العلماء. و لا يُعرف سوى القليل نسبيًا عن معاملهم ومعداتهم. حيث يوجد في عدد من المعابد المصرية غرف تسمى المعامل. وهي غرفة محفورة فيها وصفات العطور وهناك أيضًا وصفات تستحضر عمليات الصباغة، ولا سيما في معبد دندرة. و في العصر الفرعوني، من شبه المؤكد أنه لم يكن هناك أي من الأواني الزجاجية التي قد نربطها بالمختبر. حيث لم يصل نفخ الزجاج إلى مصر حتى الإمبراطورية الرومانية.

كما أن الافتقار إلى النصوص الكيميائية جعلنا نفتقر إلى المعلومات حول كيفية نظر المصريين إلى العالم المادي وما إذا كان لديهم أي إطار نظري لوصف طبيعة المادة. و غالبًا ما يُنسب هذا النوع من التفكير إلى الإغريق، مثل ديموقريطوس الذي توصل إلى فكرة الذرة حوالي عام 400 قبل الميلاد. حيث أرجع بعض العلماء إلي أن هذا التركيز على التفكير الفلسفي قد يكون بسبب نقص الإغريق النسبي في الموارد الطبيعية والمواد التي منعتهم من تطوير المهارات العملية والتجريبية للمصريين. و من المحتمل أن الكثير من العلوم التي تعتبر الآن نتاجًا للثقافة اليونانية قد تم نقلها من مصر. مثل جميع أنواع الوصفات، وكيفية صنع اللؤلؤ الصناعي أو الأحجار الكريمة الاصطناعية، فهذه وصفات أقدم بكثير ترجع إلى التقاليد المصرية.

المصادر

1-Chemistry in the Time of the Pharaohs

2-Unwrapping ancient Egyptian chemistry

المسرع الخطي LCLS للأشعة السينية، من فكرة سلاح نظري لميكروسكوب لا سابق له

ظلت ليزرات الأشعة السينية مدة طويلة مادة خصبة للخيال العلمي. ولم يبدأ أول جهاز منها بالعمل لغرض علمي إلا قبل اثني عشرة سنة، وذلك في جامعة ستانفورد باعتبارها مرفقا تابعا لمكتب العلوم في وزارة الطاقة الأمريكية. ويستمد هذا الجهاز، المعروف باسم منبع الضوء المترابط للمسرع الخطي (LCLS) طاقته من أطول مسرع جسيمات خطي في العالم، في مختبر المسرع الوطني SLAC. وقدي جري بواسطته تكوين حالات غريبة للمادة لم تحصل في أي مكان أخر من الكون، وذلك بتعريض الذرات والجزيئات والجوامد لنبضات أشعة سينية ذات شدة عالية. فماهو هذا الجهاز؟ وما هي خصائصه؟

ألية عمل الأشعة السينية

إذا وضعنا ذرة أو جزيئا أو حبيبة غبار في وجه أقوى ليزر للأشعة السينية في العالم، فإنه لن يكون أمامها أي فرصة للنجاة. إذ تصل درجة حرارة تلك المادة المضاءة بالليزر إلى أعلى من مليون “كلفن” كما في حالة الشمس. وذلك في غضون أقل من جزء واحد من تريليون جزء من الثانية. وعلى سبيل المثال، تفقد ذرات النيون الخاضعة لمثل هذه الظروف الاستثنائية جميع إلكتروناتها العشرة سريعا وبمجرد خسارتها لغلافها الإلكتروني الواقي تنفجر مبتعدة عن الذرات المجاورة. ويمثل مسار حطامها مشهدا فاتنا جدا للفيزيائيين.

إن ما يجعل هذه العملية مدهشة هو أن ضوء الليزر يطرد إلكترونات الذرة من الداخل إلى الخارج. لكن الإلكترونات, التي تحيط بنواة الذرة على شكل طبقات مدارية شبيهة بطبقات البصل، لا تتفاعل جميعا بتجانس مع حزمة الأشعة السينية. لأن الطبقات الخارجية شفافة تقريبا لهذه الأشعة. ولذا فإن الطبقة الداخلية هي التي تقع تحت وطأة الإشعاع، تماما كما تسخْن القهوة في الفنجان الموضوع في فرن موجات ميكروية قبل الفنجان بمدة طويلة_ كما يتضح فى الشكل المقابل. فإن الأشعة السينية تقوم بطرد إلكترونات المدار الداخلي K _. وينطلق الإلكترونان الموجودان في تلك الطبقة إلى الخارج مخلفين وراءهما حيزا فارغا فتغدو الذرة جوفاء. وخلال بضع فيمتوثوان، تمتص إلكترونات أخرى إلى الداخل لتحل محل الإلكترونات المفقودة. وتتكرر دورة تكوين التجويف الداخلي وملء الفراغ حتى لا يتبقى أي إلكترون حول الذرة. وتحدث هذه العملية في الجزيئات وفي المادة الصلبة أيضا.[1]

لكن تلك الحالة الغريبة لا تدوم إلا بضع فيمتوثوان.  وفي الجوامد، تتفكك المادة إلى حالة متأينة, أي إلى بلازما كثيفة وساخنة لا توجد عادة إلا في ظروف استثنائية من مثل تفاعلات الاندماج النووي أو في مراكز الكواكب الضخمة. وعلى كوكب الأرض لا مثيل للحالة المتطرفة الخاطفة التي تنشأ عند تفاعل الذرة مع حزمة ليزر الاشعة السينية.

إحياء المسرع الخطي LCLS وفتح أفاق جديدة

 في الواقع استمد أول ليزر أشعة سينية طاقته من اختبار لقنبلة نووية تحت الأرض. فقد صنع ذلك الليزر من أجل مشروع سري اسمه إكسكاليبر Excalibur. ونفذه مختبر <لورنس ليفرمور> القومي. وكان ذلك الجهاز واحد من مكونات مبادرة الدفاع الاستراتيجي التي أطلقها الرئيس الأمريكي الأسبق <رونالد ريكان> والمسماة بحرب النجوم في ثمانينات القرن الماضي. حيث كان الغرض منها أن تعمل على إسقاط الصواريخ والأقمار الصناعية.[2]

إن الليزر المعروف بمنبع الضوء المترابط في المسرّع الخطي(LCLS) الموجود في مركز مسرّع ستانفورد الخطي (SLAC). يوقظ ذكريات منظومات “حرب‏ النجوم” المضادة للصواريخ تلك.[3] فقد قامت جامعة ستانفورد ببنائه كأطول مسرع إلكترونات في العالم. ويبلغ طول ذلك المسرع ثلاثة كيلومترات، ويبدو من الفضاء كإبرة موجهة إلي قلب الحرم الجامعي. إن ذلك المسرع الخطي مدين في نشأته للعديد من الإكتشافات وجوائز نوبل التى أبقت الولايات المتحدة فى طليعة فيزياء الجسيمات الأولية طوال عقود من الزمن. ومنذ إعادة إناطة مهام جديدة في الشهر 2009/10. غدت بالنسبة إلى فيزياء الذرة والبلازما والكيمياء وفيزياء المادة الكثيفة وعلم الأحياء، ما يمثله المصادم الهادروني الكبير (LHC). ويمكن لنبضات الأشعة السينية لمنبع الضوء المترابط LCLS أن تكون بالغة القصر ( بضع فيمتوثوان) إلي حد أنها تجعل الذرات تبدو جامدة. وهذا ما يمكن الفيزيائيين من رؤية التفاعلات الكيميائية أثناء حدوثها. وتلك النبضات شديدة السطوع أيضا، ولذا تسمح بتصوير البروتينات والجزيئات الحيوية الأخرى التي كانت دراستها شديدة الصعوبة.

ظلال الذرات وتصوير المسافات الضئيلة

يدمج ليزر الأشعة السينية أداتين من الأدوات الرئيسية التي يستعملها فيزيائيون اليوم التجريبيون. وهما منابع ضوء السنكروترونات Synchrotrons والليزرات الفائقة السرعة Ultrafast Lasers. أما السنكروترونات، فهي مسرعات مضمارية الشكل تدور الإلكترونات ضمنها وتصدر أشعة سينية تلج أجهزة قياس موضوعة حول محيط الآلة على هيئة دولاب ذي قضبان منبثقة من مركزه. وتستعمل أشعة السنكروترون السينية لدراسة أعماق الذرات والجزيئات والنُظم النانوية. فضوء الأشعة السينية مثالي لهذا الغرض، لأن أطوال موجاته من مقاس الذرة. [4] ولذا تولد الذرات ظلالا ضمن حزمة الاشعة السينية. وإضافة إلى ذلك، يمكن تعديل الأشعة السينية بحيث ترى أنواعا معينة من الذرات. كذرات الحديد فقط مثلا، وتبين مكان تموضعها ضمن الجسم الصلب أو ضمن جزيء كبير كجزيئات الهيمو جلويين (الحديد هو المسؤول عن اللون الآحمر للدم).

لكن ما تعجز عنه الأشعة السينية هو اقتفاء أثر الحركة الذرية ضمن الجزيء أو الجسم الصلب. فكل ما نراه حينئذ هو غشاوة باهتة. لأن النبضات ليست قصيرة ولا ساطعة بقدر كاف. ولا يمكن للسنكروترون تصوير الجزيئات إلا إذا كانت مصطفة على هيئة بلورات، حيث تقوم قوى موضعية بإبقاء الملايين منها في صفوف منتظمة.

وفيما يخص الليزرات، فإن ضوءها أشد سطوعا بكثير من الضوء العادي لأنه ضوء مترابط. إن الحقل الكهرومغناطيسي في الليزر ليس متموجا كسطح البحر الهائج، بل يهتز بنعومة وانتظام متحكم فيهما. ويعني الترابط ان الليزرات تستطيع تركيز طاقة هائلة ضمن بقعة صغيرة. وأنه يمكن إشعالها وإطفاؤها في برهة قصيرة من رتبة الفيمتوثانية.

التباين بين الأشعة السينية والليزرات العادية

وتعمل الليزرات العادية عند أطوال موجات الضوء المرئي والضوء القريب منه. وتلك أطوال أكبر بألف مرة من أطوال الموجات الضرورية لتمييز الذرات إفراديا. وعلى غرار رادار الطقس الذي يستطيع رؤية عاصفة مطرية دون تمييز قطرات المطر،  فإن الليزرات العادية تستطيع رؤية مجموعة متحركة من الذرات دون تمييزها إفراديا. فمن أجل تكوين ظل حاد للجسم المرصود يجب أن يكون طول موجة الضوء صغيرا ومن رتبة مقاس ذلك الجسم على الأقل. ولذا نحتاج إلى ليزر أشعة سينية. وباختصار يتغلب ليزر الأشعة السينية على الصعوبات والسلبيات التي تمثلها الأدوات الشائعة لتصوير المادة عند المقاسات الشديدة الضآلة. لكن صنع جهاز من هذا النوع ليس بالمهمة السهلة.

بدت فكرة بناء ليزر أشعة سينية غريبة في وقت من الأوقات.  باعتبار أن صنع أي ليزر أمر بالغ الصعوبة بحد ذأته. فالليزرات العادية تنجح في عملها لأن الذرات تشبه البطاريات الصغيرة. فهي تمتص مقادير قليلة من الطاقة وتخزنها ثم تصدرها على شكل فوتونات، أى جسيمات ضوء. وهي تحرر طاقتها تلفائيا عادة, إلا أن <أينشتاين> كان قد اكتشف فى بداية القرن العشرين طريقة لقدح تحريرها من خلال عملية تسمى الاإصدار المحرض Simulated emission. وإذا جعلتَ الذرة تمتص مقدارا معينا من الطاقة, ثم قذفتها بفوتون يمتلك مقدارا مماثلا من الطاقة، أصدرت الذرة الطاقة الممتصة ، مولدة نسخة من الفوتون. وينطلق الفوتونان (الأصلي والمستنسخ) ليحفزا تحرير طاقة من زوج من الذرات الأخري، ويتكرر ذلك مراكما جيشا مستنسخا في تفاعل متسلسل أسي. والنتيجة هى حزم ليزرية.

لكن حتي عندما تكون الظروف ملائمة، فإن الذرات لاتستنسخ فوتونات دائما. فاحتمال إصدار ذرة معينة لفوتون عند قذفها بفوتون آخر، قليل. وثمة فرصة أكبر لها لتحرير طاقتها قبل حدوث ذلك. وتتغلب الليزرات العادية على هذه المحدودية بضخ طاقة تملأ الذرات، مع استعمال مرايا ترسل الضوء المستنسخ جيئة وذهابا ليتلتقط فوتونات جديدة.

أما في ليزر الأشعة السينية، فيغدو تحقيق كل خطوة من هذه العملية أشد صعوية بكثير. ففوتون الأشعة السينية يمكن أن يمتلك طاقة أكبر بألف مرة مما يمتلكه الفوتون المرئي. لذا على كل ذرة أن تمتص طاقة أكبر بالف مرة. ولا تحتفظ الذرات بطاقاتها مدة طويلة. إضافة إلى أنه من الصعب الحصول على مرايا عاكسة للأشعة السينية. وعلى الرغم من أن هذه العوائق ليست جوهرية، فإن ثمة حاجة إلى طاقة هائلة لتكوين الظروف الليزرية.

أجزاء المسرع الخطي وآلية عمله

يعد منبع الضوء المترابط LCLS أقرب شئ تصنعه البشرية لمدفع سفينة فضاء ليزري ويستمد هذا الجهاز طاقته من مسرع جسيمات خطي. وهو نسخة مضخمة من المدفع الإلكتروني المستعمل في جهاز التليفزيون القديم الذي يطلق إلكترونات بسرعات قريبة من سرعة الضوء والمموج هو أساس هذا الاإختراع. إذ يجعل اللكترونات تسلك مسارا منعرجا. وكلما غيرت الإلكترونات اتجاهها في، أصدرت إشعاعا يتألف في هذه الحالة من أشعة سينية. ونظرا لأن الإلكترونات تتحرك بسرعة قريبة من سرعة الأشعة السينية التي تصدرها، فإن هذه العملية تغذي نفسها وتنتج حزمة استثنائية بشدتها ونقائها.[5]

مكونات الجهاز:

  1. ليزر التشغيل: يولد ليزر التشغيل نبضات ضوء فوق بنفسجي تقتلع نبضات من الإلكترونات من المهبط.
  2. المسرع: تسرع الحقول الكهربية الإلكترونات لتصبح طاقاتها 12 بليون إلكترون فولت. ويستعمل في منبع الضوء المترابط LCLS هذا كيلو متر واحد من الطول الإجمالي للمسرع SLAC. أي ثلثه فقط.
  3. ضاغط الحزمة 1: تدخل النبضات الإلكترونية ممرا منحنيا ذا شكل “S” مخفف يقوم بتسوية نسق الإلكترونات ذات الطاقات المتباينة.
  4. ضاغط الحزمة2: بعد جولة من التسارع. تدخل النبضات ضاغطا آخر أطول من الضاغط الأول. لأن طاقة الإلكترونات الآن أكبر.
  5. ردهة النقل: تقوم المغانط هنا بتكبير أو تصغير النبضات.
  6. ردهة المموج: تسبب مجموعة مغانط ذات قطبييات متناوبة حركة متعرجة للإلكترونات، محرضة إياها علي توليد حزمة أشعة سينية ليزرية.
  7. استخلاص الجزمة: يسحب مغنطيس قوي الإلكترونات ويدع الأشعة السينية تكمل طريقها.
  8. محطة منبع الضوء التجريبية: تقوم الأشعة السينية بعملها. حيث تضرب المادة وتقوم بمهمة التصوير.

المصادر:

1- Interaction of X-ray with Atoms

2-Excalibur Project

3- LCLS Overview II SLAC

4-Synchrotron

5-The Ultimate X-ray Machine

المكثف الفائق ذو الحالة الصلبة: مستقبل تخزين الطاقة؟

المكثف الفائق ذو الحالة الصلبة هو نوع جديد من أجهزة تخزين الطاقة الذي يحظى بالاهتمام. حيث إنها توفر عددًا من المزايا مقارنة بالمكثفات الفائقة والمكثفات التقليدية. بما في ذلك كثافة طاقة أعلى وعمر أطول ودرجة حرارة تشغيل أعلى. وهذا يجعلها مرشحًا واعدًا لمجموعة متنوعة من التطبيقات، بما في ذلك السيارات الكهربائية والأجهزة القابلة للارتداء والغرسات الطبية.

تعمل المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة باستخدام إلكتروليت صلب بدلاً من إلكتروليت سائل. وهذا يجعلها أكثر متانة وأمانًا من المكثفات الفائقة التقليدية، لأنها ليست عرضة للتسرب أو الحريق. كما يسمح أيضًا بكثافة طاقة أعلى، حيث يمكن جعله أرق وأخف من الإلكتروليت السائل.

ما هو المكثف الفائق ذو الحالة الصلبة؟

المكثف الفائق ذو الحالة الصلبة – Solid-state Supercapacitor هو نوع من المكثف الفائق الذي يستخدم إلكتروليتًا صلبًا بدلاً من إلكتروليت سائل. هذا يجعلها أكثر متانة وأكثر أمانًا من المكثفات الفائقة التقليدية، لأنها ليست عرضة للتسرب أو الحريق. تتمتع المكثفات الفائقة ذو الحالة الصلبة أيضًا بكثافة طاقة أعلى من المكثفات الفائقة التقليدية، مما يجعلها مرشحًا واعدًا لمجموعة متنوعة من التطبيقات، مثل المركبات الكهربائية والأجهزة القابلة للارتداء والغرسات الطبية [1] .

ما القصة وراء أول مكثف فائق ذو الحالة الصلبة؟

تم اختراع أول المكثف الفائق ذو الحالة الصلبة في عام 1991 من قبل باحثين في جامعة تكساس في أوستن. تم تصنيع الجهاز من غشاء رقيق من البوليمر الموصّل محشور بين طبقتين من رقائق معدنية، وكان قادرًا على تخزين وإطلاق الطاقة الكهربائية بسرعة وكفاءة. مهد هذا الاختراع الطريق لتطوير المكثفات الفائقة الأخرى ذات الحالة الصلبة. ومنذئذ تم استخدامها في مجموعة متنوعة من التطبيقات، بما في ذلك الإلكترونيات المحمولة، والمركبات الهجينة، وأنظمة الطاقة المتجددة.

كيف يعمل المكثف الفائق ذو الحالة الصلبة؟

تعمل المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة عن طريق تخزين الطاقة إلكتروستاتيكيًا في طبقة كهربائية مزدوجة تتشكل عند السطح البيني بين القطب الكهربائي والإلكتروليت [1] .

فيما يلي شرح مبسط لكيفية عمل المكثف الفائق ذو الحالة الصلبة:

  1. يتم فصل قطبي المكثف بواسطة إلكتروليت صلب.
  2. عندما يتم تطبيق الجهد على المكثف، تتحرك الأيونات في الإلكتروليت نحو القطب المشحون عكسيًا.
  3. تخلق حركة الأيونات مجالًا كهربائيًا يخزن الطاقة.
  4. يتم تخزين هذه الشحنة في شكل مجال كهربائي، والذي يمكن تفريغه بسرعة عند الحاجة لتوفير دفعة من الطاقة.

يعتمد أداء المكثفات الفائقة على تصميم وخصائص المجمعات الحالية، والأقطاب الكهربائية، والإلكتروليتات. والتي بدورها يمكن أن تؤثر على كثافة ومخرجات الطاقة، وسلوك الشحن والتفريغ الدوري، ومعلمات الأداء الرئيسية الأخرى.

يمكن تحسين المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة حيث تلعب الموصلات الكهربائية دورًا مهمًا في أداء جهاز تخزين الطاقة. ويمكن أن يؤدي تصميم المواد ومعالجتها وخصائص سطح الموصلات الكهربائية إلى تباين كبير في معاملات الأداء الرئيسية. فمثلًا يمكن أن يؤدي استخدام المواد ذات البنية النانوية مع مساحة سطح محددة عالية والمسامية الهرمية إلى أداء ممتاز واستقرار طويل للنظام. وكذلك استخدام الطاقة الحرارية الشمسية لتحسين أداء المكثفات الفائقة المرنة في درجات حرارة منخفضة، وهو أمر مهم للإلكترونيات القابلة للارتداء في الهواء الطلق.

بشكل عام ، يمكن أن تؤدي هذه التحسينات إلى زيادة كثافة الطاقة، وإخراجها، ومدى استقرار المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة، مما يجعلها أكثر كفاءة وفعالية للتطبيقات المختلفة.

مزايا المكثف الفائق ذو الحالة الصلبة

يتميز المكثف الفائق ذو الحالة الصلبة بالعديد من المزايا مقارنة بالمكثف الفائق التقليدي، بما في ذلك [2] :

  • كثافة طاقة أعلى: يمكن للمكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة تخزين طاقة أكثر من المكثفات الفائقة التقليدية. مما يجعلها خيارًا أكثر جاذبية للتطبيقات التي تتطلب كثافة طاقة عالية.
  • عمر أطول: تتمتع المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة بعمر أطول من المكثفات الفائقة التقليدية. مما يجعلها خيارًا أكثر فعالية من حيث التكلفة للتطبيقات طويلة المدى.
  • درجة حرارة تشغيل أعلى: يمكن أن تعمل المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة في درجات حرارة أعلى من المكثفات الفائقة التقليدية. مما يجعلها خيارًا أكثر تنوعًا لمجموعة واسعة من التطبيقات في البلاد الحارة.
  • حجم أصغر: يمكن جعل المكثف الفائق ذو الحالة الصلبة أصغر من المكثفات الفائقة التقليدية. مما يجعلها أكثر ملاءمة للاستخدام في الأجهزة المحمولة.

كيف تقارن المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة بأنواع أخرى من أجهزة تخزين الطاقة من حيث الكفاءة والأداء؟

تقدم تقارن المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة العديد من المزايا مقارنة بالبطاريات التقليدية في أنظمة تخزين الطاقة، بما في ذلك [2,3] :

  • كثافة طاقة أعلى من بطاريات أيون الليثيوم: يمكن للمكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة توفير الطاقة وامتصاصها بشكل أسرع بكثير من البطاريات. مما يجعلها مثالية للتطبيقات التي تتطلب دفعات سريعة من الطاقة، مثل المركبات الكهربائية وأنظمة الكبح المتجددة.
  • دورة حياة أطول: يمكن تدوير المكثفات الفائقة مئات الآلاف من المرات دون تدهور كبير. بينما تحتوي البطاريات عادةً على عدد محدود من دورات الشحن والتفريغ قبل الحاجة إلى استبدالها.
  • معدلات شحن أسرع: يمكن شحن المكثفات الفائقة أسرع بكثير من البطاريات، الأمر الذي قد يستغرق ساعات أو حتى أيامًا لشحنها بالكامل. بينما يمكن شحن المكثفات الفائقة في غضون ثوانٍ أو دقائق. مما يجعلها مثالية للتطبيقات التي تتطلب شحنًا سريعًا، مثل الأجهزة الإلكترونية المحمولة.
  • نطاق واسع لدرجة حرارة التشغيل: يمكن أن تعمل المكثفات الفائقة على نطاق واسع من درجات الحرارة، من -40 درجة مئوية إلى 85 درجة مئوية. بينما قد يكون أداء البطاريات محدودًا في درجات الحرارة القصوى.
  • صديقة للبيئة: لا تحتوي المكثفات الفائقة على مواد كيميائية سامة أو معادن ثقيلة. مما يجعلها صديقة للبيئة أكثر من البطاريات التقليدية.

ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن أداء المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة يمكن أن يختلف اعتمادًا على تصميم المواد ومعالجتها وخصائص سطح الموصلات الكهربائية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تتأثر السعة والمقاومة الداخلية للمكثفات الفائقة مما قد يؤثر على كفاءتها. أخيرًا، بينما تتمتع المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة بكثافة طاقة عالية، إلا أنها تتمتع بكثافة طاقة أقل من البطاريات. مما يحد من استخدامها في التطبيقات التي تتطلب سعة تخزين طاقة عالية.

بشكل عام ، توفر المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة العديد من المزايا مقارنة بالبطاريات التقليدية في أنظمة تخزين الطاقة، مما يجعلها خيارًا جذابًا لمجموعة واسعة من التطبيقات.

ما هي عيوب المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة؟

في حين أن المكثفات الفائقة الحالة الصلبة تقدم مزايا عديدة مقارنة بالبطاريات التقليدية، إلا أن لها أيضًا بعض العيوب، بما في ذلك [4]:

  • كثافة طاقة أقل: عادةً ما تكون للمكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة كثافة طاقة أقل من البطاريات. مما يعني أنها يمكن أن تخزن طاقة أقل لكل وحدة وزن أو حجم.
  • نطاق الجهد المحدود: للمكثفات الفائقة نطاق جهد محدود. مما قد يجعل من الصعب استخدامها في بعض التطبيقات التي تتطلب جهدًا أعلى.
  • معدل تفريغ ذاتي أعلى: تتمتع المكثفات الفائقة بمعدل تفريغ ذاتي أعلى من البطاريات. مما يعني أنها يمكن أن تفقد شحنتها بسرعة أكبر عند عدم استخدامها.
  • التكلفة: يمكن أن تكون المكثفات الفائقة أغلى من البطاريات التقليدية، مما يجعلها أقل جاذبية لبعض التطبيقات.
  • توافر محدود: المكثفات الفائقة الحالة الصلبة ليست متوفرة على نطاق واسع مثل المكثفات الفائقة التقليدية.

بشكل عام، في حين أن المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة توفر العديد من المزايا مقارنة بالبطاريات التقليدية، إلا أن لها أيضًا بعض القيود التي يجب مراعاتها عند اختيار نظام تخزين الطاقة لتطبيق معين. لكن على الرغم من هذه العيوب، فإن المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة هي تقنية واعدة لتخزين الطاقة. وهي مناسبة بشكل خاص للتطبيقات التي تتطلب معدل تفريغ طاقة عالٍ وعمرًا طويلًا، مثل السيارات الكهربائية والأجهزة القابلة للارتداء.

تطبيقات المكثفات الفائقة الحالة الصلبة

فيما يلي بعض التطبيقات المحتملة لمكثفات الحالة الصلبة الفائقة:

السيارات الكهربائية: يمكن استخدام المكثفات الفائقة الحالة الصلبة لتخزين الطاقة في السيارات الكهربائية، مما قد يساعد في توسيع نطاق السيارات الكهربائية وتقليل الوقت المستغرق لإعادة شحنها.

الأجهزة القابلة للارتداء: يمكن استخدام المكثفات الفائقة الحالة الصلبة لتشغيل الأجهزة القابلة للارتداء، مثل الساعات الذكية وأجهزة تتبع اللياقة البدنية.

الغرسات الطبية: يمكن استخدام المكثفات الفائقة الحالة الصلبة لتشغيل الغرسات الطبية، مثل أجهزة تنظيم ضربات القلب ومضخات الأنسولين.

المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة هي تقنية جديدة لتخزين الطاقة. مع استمرار البحث والتطوي، يمكن للمكثفات الفائقة الحالة الصلبة أن تحدث ثورة في طريقة تشغيل أجهزتنا.

ما هي بعض التطبيقات المحتملة للمكثفات الفائقة الحالة الصلبة في صناعة السيارات؟

المكثفات الفائقة الحالة الصلبة لديها القدرة على استخدامها في مجموعة متنوعة من التطبيقات في صناعة السيارات. فيما يلي بعض التطبيقات المحتملة [4] :

  • المركبات الهجينة والكهربائية: يمكن استخدام المكثفات الفائقة الحالة الصلبة جنبًا إلى جنب مع البطاريات لتوفير نبضات عالية الطاقة لتسريع الكبح والتجدد، مما يمكن أن يحسن الكفاءة الإجمالية للسيارة.
  • أنظمة التوقف والتشغيل: يمكن استخدام المكثفات الفائقة لتشغيل الأنظمة الكهربائية للمركبة أثناء أحداث توقف المحرك، مما يقلل من استهلاك الوقود والانبعاثات.
  • دعم الطاقة: يمكن استخدام المكثفات الفائقة لتوفير طاقة احتياطية للأنظمة الحيوية في حالة انقطاع التيار الكهربائي، مثل الوسائد الهوائية وإضاءة الطوارئ.
  • نموذج مجال التردد: يمكن استخدام المكثفات الفائقة في تطبيقات الطاقة الصناعية التي تتطلب كثافة طاقة عالية، مثل محولات الطاقة الإلكترونية.

بشكل عام، تتمتع المكثفات الفائقة الحالة الصلبة بإمكانية تحسين كفاءة وأداء الأنظمة المختلفة في صناعة السيارات.

ما هي الآثار البيئية لاستخدام المكثفات الفائقة الحالة الصلبة

هناك معلومات محدودة متاحة عن التأثيرات البيئية المحددة لاستخدام المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة. ومع ذلك، فقد بحثت بعض الدراسات في استخدام المكثفات الفائقة في سياق أجهزة تخزين الطاقة على نطاق أوسع. فيما يلي بعض الآثار البيئية المحتملة التي يجب مراعاتها [3,4] :

  • مصادر المواد: يتطلب إنتاج المكثفات الفائقة استخدام مواد مختلفة، بما في ذلك المعادن والبوليمرات. يمكن أن يكون لتوريد هذه المواد آثار بيئية، مثل تدمير المصادر، وتلوث المياه، وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري من التعدين والنقل.
  • استهلاك الطاقة: تتطلب عملية تصنيع المكثفات الفائقة طاقة يمكن أن تسهم في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتأثيرات البيئية الأخرى.
  • التخلص من الأجهزة بعد نهاية العمر الافتراضي: مثل جميع الأجهزة الإلكترونية، ستصل المكثفات الفائقة في النهاية إلى نهاية عمرها الإنتاجي وتحتاج إلى التخلص منها. يمكن أن يكون للتخلص من النفايات الإلكترونية آثار بيئية كبيرة، بما في ذلك تلوث التربة والمياه من المواد الكيميائية السامة وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري من الحرق.
  • أداء درجات الحرارة المنخفضة: وجدت إحدى الدراسات أنه يمكن تحسين أداء المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة في درجات الحرارة المنخفضة باستخدام الطاقة الحرارية الشمسية، مما قد يقلل من الحاجة إلى مصادر الطاقة الأخرى التي لها تأثيرات بيئية.

بشكل عام ، هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم الآثار البيئية لاستخدام المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة بشكل كامل. ومع ذلك، فمن الواضح أن إنتاج هذه الأجهزة والتخلص منها يمكن أن يكون له تأثيرات بيئية، ويجب بذل الجهود لتقليل هذه الآثار من خلال المصادر المستدامة، والتصنيع الموفر للطاقة، والممارسات المسؤولة للتخلص في نهاية العمر.

لا تزال المكثفات الفائقة الحالة الصلبة في المراحل الأولى من التطوير، ولكن لديها القدرة على إحداث ثورة في صناعة تخزين الطاقة. بفضل كثافة الطاقة العالية والمتانة والسلامة، يمكن استخدام المكثفات الفائقة الحالة الصلبة لتشغيل مجموعة واسعة من الأجهزة، من السيارات الكهربائية إلى الأجهزة القابلة للارتداء.

المصادر          

  1. Thermally Chargeable Solid-State Supercapacitor | Advanced Energy Materials
  2. Flexible all-solid-state supercapacitors with high capacitance, long cycle life, and wide operational potential window: Recent progress and future perspectives | Journal of Energy Storage
  3. A mini-review: emerging all-solid-state energy storage electrode materials for flexible devices | Nanoscale
  4. Recent progress in the all-solid-state flexible supercapacitors | SmartMat

كيف يمكن أن يساعدك التناضح على البقاء بصحة جيدة؟

على الرغم من أن مبدأ التناضح يبدو بسيطًا، إلا أنه يلعب دورًا كبيرًا في جميع العمليات الفسيولوجية. يلعب التناضح دورا مهما في الصحة الإنسانية وفي الحفاظ على التوازن. إذ تعمل الأغشية البيولوجية كحواجز شبه منفذة، فتسمح بحدوث عملية التناضح. يعتبر التناضح أساسًا لجميع العمليات الرئيسية في الجسم تقريبًا، بما في ذلك الهضم، ووظائف الكلى، والتوصيل العصبي، وما إلى ذلك. كما يسمح بتوازن تركيزات الماء والمغذيات في جميع خلايا الجسم. إنها العملية الفيزيائية الأساسية التي تنظم تركيز المادة المذابة داخل وخارج الخلايا، و التي تساعد في إخراج الماء الزائد من الجسم.

في البداية، دعنا نقم بهذه التجربة باستخدام حلوى الدببة أو المارشيملو والمشروبات الغازية لفهم كيف يتم الهضم وانتقال الأيونات والجسميات المختلفة بين خلايا أجسادنا [1] .

تجربة الحلوى في المشروبات الغازية

للقيام بالتجربة، سوف تحتاج إلى:

  • حلوى الدببة المطاطية
  • أنواع مختلفة من المشروبات الغازية (صودا)
  • مسطرة أو شريط قياس
  • قلم
  • مفكرة

الخطوات

  1. جهز الدببة المطاطية وقم بقياس وتسجيل طول وعرض كل قطعة حلوى.
  2. ضع كل قطعة حلوى في كوب مختلف من الصودا.
  3. لاحظ ما سيحدث خلال الـ 24 ساعة القادمة وسجّل ملاحظاتك في دفتر ملاحظات.
  4. بعد 24 ساعة، قم بقياس وتسجيل طول وعرض كل دب مرة أخرى.
  5. قارن قياساتك قبل التجربة وبعدها.

بعض النصائح لإجراء تجربة حلوى الدببة في الصودا

  • استخدم نفس العلامة التجارية ونكهة حلوى الدببة في كل تجربة، سيساعد هذا على ضمان أن النتائج متسقة.
  • استخدم نفس الكمية من الصودا لكل تجربة، سيساعد هذا أيضًا على ضمان اتساق النتائج.
  • راقب الدببة المطاطية على فترات منتظمة، سيساعد هذا على معرفة كيف تتغير بمرور الوقت.
  • سجل ملاحظاتك بعناية، سيساعدك هذا على تحليل نتائج التجربة.

الملاحظات والتفسير

يجب أن ترى أن الدببة المطاطية قد انتفخت في الصودا. هذا لأن الصودا عبارة عن محلول مفرط التوتر، مما يعني أنه يحتوي على تركيز أعلى من المواد المذابة (السكر) مقارنة بحلوى الدببة. يتحرك الماء الموجود داخل حلوى الدببة إلى الصودا في محاولة لمعادلة تركيزات السكر المرتفعة. هذا يسبب تضخم الدببة وذوبانها في النهاية [1] .

العلم وراء الدببة المطاطية في تجربة الصودا هو التناضح. في تجربة حلوى الدببة في الصودا، تصنع الحلوى من الجيلاتين، وهو غشاء شبه نافذ عبارة عن بروتين يشكل بنية تشبه الشبكة. يسمح هذا الهيكل للماء بالمرور من خلاله، لكنه يمنع الجزيئات الأكبر مثل السكر من المرور. معدل انتفاخ الدببة يعتمد على نوع الصودا. سوف تتسبب المشروبات الغازية التي تحتوي على المزيد من السكر في تضخم الدببة المطاطية بسرعة أكبر من المشروبات الغازية التي تحتوي على كمية أقل من السكر. وذلك لأن المشروبات الغازية التي تحتوي على المزيد من السكر تكون مفرطة التوتر أكثر من المشروبات الغازية التي تحتوي على نسبة سكر أقل.

يمكنك أيضًا تجربة هذه التجربة مع أنواع أخرى من الطعام، مثل حلوى المارشيملو أو الخبز. ستلاحظ أن حلوى المارشيملو أو الخبز سوف تنتفخ أيضًا وتذوب في النهاية في الصودا. هذا لأنها مصنوعة أيضًا من مواد عبارة عن أغشية شبه منفذة. علاوة على ذلك، يمكن استبدال الصودا بمحاليل وسوائل أخرى كماء الصنبور، أو ماء البحر، أو محلول ملحي، أو محلول سكري وملاحظة أثر كل سائل على حلوى الدببة.

تعد تجربة حلوى الدببة في المحاليل المختلفة طريقة ممتعة وسهلة لإظهار مبادئ التناضح. كما أنها أيضًا طريقة رائعة لتعليم الأطفال أنواع المحاليل المختلفة وكيف يمكن أن تؤثر على حركة الماء [1] .

ما هو المحلول مفرط التوتر وما استخداماته في الصحة؟

المحلول مفرط التوتر هو محلول يحتوي على تركيز أعلى من المواد المذابة (مثل الملح أو السكر) من المحلول الآخر الذي تتم مقارنته به. عندما يتم وضع خلية في محلول مفرط التوتر، ينتقل الماء خارج الخلية، مما يؤدي إلى تقلص الخلية أو تكوينها [2] .

بعض التطبيقات الطبية لمحاليل مفرطة التوتر

تُستخدم المحاليل مفرطة التوتر في التطبيقات الطبية المختلفة مثل [3]:

  • إدارة إصابات الدماغ الشديدة حيث يرتبط محلول ملحي مفرط التوتر بالضغط داخل الجمجمة وضغط التروية الدماغي.
  • تقليل ماء الرئة خارج الأوعية الدموية في مرضى القلب الذين يخضعون لجراحة المجازة القلبية الرئوية.
  • تُستخدم المحاليل مفرطة التوتر في الجفاف التناضحي، وهي طريقة تسمح بالإزالة الجزئية للماء من المواد النباتية والتي يمكن استخدامها للحصول على منتجات عالية الجودة. ومع ذلك، فإن الكميات الكبيرة من محلول مفرط التوتر (المستخدم في الجفاف التناضحي) تشكل مشكلة.
  • علاج التهاب الأذن الوسطى تحت الحاد والمزمن مع الانصباب، حيث ثبت أن حمض الهيالورونيك المرتبط بمحلول مفرط التوتر يتم إدارته عن طريق غسل الأنف آمنٌ وفعالٌّ.

كيف يلعب التناضح دورًا هامًا في الحفاظ على صحة وتوازن الجسم؟

التناضح كما ذكرنا سابقًا هو حركة الماء من منطقة ذات تركيز عالٍ للماء إلى منطقة ذات تركيز ماء منخفض من خلال غشاء شبه نافذ. هذه العملية مهمة للعديد من وظائف الجسم ، بما في ذلك[3] :

  • الهضم: يساعد التناضح على تقسيم الطعام إلى جزيئات أصغر يمكن أن يمتصها الجسم.
  • الإخراج: يساعد التناضح على إزالة الفضلات من الجسم.
  • توازن السوائل: يساعد التناضح في الحفاظ على التوازن الصحيح للسوائل في الجسم.
  • وظيفة الخلية: يعتبر التناضح ضروريًا لوظيفة الخلية، حيث يساعد على نقل العناصر الغذائية إلى الخلايا و على نقل فضلات المنتجات خارج الخلايا.

بعض المشاكل الصحية المترتبة عن خلل في عملية التناضح داخل الجسم

  • الجفاف: يحدث الجفاف عندما يفقد الجسم كمية من الماء أكثر مما يأخذ، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى بعض الأعراض مثل التعب والصداع والدوار.
  • نقص صوديوم الدم: يحدث نقص صوديوم الدم عندما يكون مستوى الصوديوم في الدم منخفضًا جدًا. يمكن أن يؤدي هذا إلى عدد من الأعراض، بما في ذلك الارتباك والنوبات والغيبوبة.
  • فرط صوديوم الدم: يحدث فرط صوديوم الدم عندما يكون مستوى الصوديوم في الدم مرتفعًا جدًا. يمكن أن يؤدي هذا إلى العديد من الأعراض، بما في ذلك الارتباك والنوبات والغيبوبة.

من المهم الحفاظ على توازن سوائل صحي للتأكد من أن التناضح يمكن أن يعمل بشكل صحيح.

بعض النصائح للحفاظ على توازن السوائل داخل الجسم

  • شرب الكثير من السوائل: تعتمد كمية السوائل التي تحتاج إلى شربها على عدد من العوامل، بما في ذلك عمرك ومستوى نشاطك وعلى المناخ. ومع ذلك، بشكل عام، يوصى بأن يشرب البالغون ثمانية أكواب من الماء يوميًا.
  • اتبع نظامًا غذائيًا صحيًا: تعتبر الفواكه والخضروات مصدرا جيدا للمياه. كما أنها تحتوي على عناصر غذائية أخرى مهمة للحفاظ على توازن السوائل الصحي.
  • تجنب التعرق المفرط: إذا كنت تتعرق كثيرًا، فمن المهم استبدال السوائل التي تفقدها. يمكنك القيام بذلك عن طريق شرب السوائل، مثل الماء أو المشروبات الرياضية، أو عن طريق تناول الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الماء، مثل الفواكه والخضروات.

في الختام، يعتبر التناضح عملية حيوية تلعب دورًا مهمًا في صحة الإنسان. ومن خلال فهم كيفية عمل التناضح، يمكننا أن نفهم بشكل أفضل كيفية الحفاظ على توازن السوائل في الجسم وتجنب بعض المشاكل الصحية بعادات يومية بسيطة. وذلك من خلال شرب الكثير من السوائل، واتباع نظام غذائي صحي، وتجنب التعرق المفرط مما يساعد في ضمان أن يعمل التناضح بشكل صحيح وأن تظل أجسامنا بصحة جيدة [4,5] .

المصادر

  1. Candy dissolve kitchen science experiment | Littlebinsforlittlehands
  2. Osmosis and tonicity | Khan Academy
  3. Physiology, Osmosis | National Library of Medicine
  4. Fluid balance concepts in medicine: Principles and practice | PubMed
  5. What is Fluid Balance in the Body? | Study.com

كيف اخترع العلم عباءة الإخفاء السحرية ؟

فئة ثورية من المواد ذات خصائص غير موجودة في الطبيعة تدفع حدود ما اعتقدنا أنه غير ممكن. تخيل عالماً تتحدى فيه تلك المواد القوانين التقليدية للفيزياء، حيث ينحني الضوء حول الأشياء كما لو كانت شفافة. وكأننا نتحدث عن طاقية الإخفاء أو عباءة الإخفاء السحرية من الأفلام! لكن للفيزياء يد في تحويل الخيال إلى واقع. وتفتح المواد الخارقة عالماً من الاحتمالات اللانهائية، من إنشاء أجهزة تصوير فائقة الدقة إلى تطوير تقنيات إخفاء مستقبلية. فما هي تلك المواد؟

ماهي الميتاماتيريالز Metamaterials أو المواد الخارقة؟

كلمة “ميتا” هي كلمة يونانية وتعني “فوق” أو “خارج”. وقد أطلق هذا الوصف على تلك المواد المُهَندسة التي تتيح لنا التحرك خارج الطرق التقليدية التي تتفاعل بها الموجات والمادة، مما يخلق تقنيات يبدو فيها الضوء والصوت كما لو كانا يعصيان القواعد التقليدية.[1] ولعلك سمعت عن “رداء الإخفاء” الذي يعتبر المثال الرئيسي لهذا النوع الجديد من المواد، وهو عبارة عن طلاء يمكنه إخفاء الأجسام بشكل واضح. وقد قامت عدة فرق بحثية حول العالم بتصميم وإنتاج ذلك الطلاء الذي يمكنه إعادة توجيه الموجات الضوئية التي تصطدم به، بطريقة تمنع بشكل فعال انعكاس الضوء عن الجسم فلا يصل إلى عيوننا. وعلى الرغم من أن هذه الاختراعات ما زالت محدودة وبعيدة عما رأيناه في أفلام هاري بوتر، إلا أنها تتفاعل مع الضوء بطريقة تبدو كالسحر.

من الزجاج الملون إلى الضوء المحكم والقطبية المدهشة!

لقرون عديدة، سعى العلماء للسيطرة على خصائص الضوء والصوت أثناء تفاعلهما مع حواسنا البشرية. ومن النجاحات المبكرة في هذا السعي هو اختراع الزجاج الملون. حيث تعلم الرومان القدماء والمصريون كيفية إذابة الأملاح المعدنية في الزجاج لتلوينه. وتمتص الجسيمات الدقيقة من المعادن المتناثرة في الزجاج ألوان محددة وتسمح بمرور ألوان أخرى، مما يخلق ألوانًا زاهية في تحف نعجب بها حتى اليوم. وفي القرن السابع عشر، أدرك «إسحاق نيوتن» و«روبرت هوك» أن لون ولمعان بعض الكائنات يتم خلقه بواسطة أنماط نانومترية على سطح أجسامهم، وهو مثال آخر على كيفية قدرة المواد الخارقة على خلق تأثيرات بصرية مدهشة.[2]

إن العيون البشرية ممتازة في اكتشاف خاصيتين أساسيتين للضوء، وهما كثافته (سطوعه) وطول موجته (لونه). أما الخاصية الثالثة وهي الأهم للضوء، هي قطبيته، التي تصف المسار الذي تتبعه حقوله الكهرومغناطيسية في الفضاء عبر زمن ما. وعلى الرغم من عدم قدرة البشر على تمييز قطبية واحدة عن أخرى بأعيننا، إلا أن هناك العديد من أنواع الحيوانات تمتلك حساسية للقطبية، مما يسمح لها برؤية المزيد وتوجيه أنفسها بشكل أفضل في محيطها.

وفي أواخر القرن التاسع عشر، بعد بضع سنوات من اكتشاف «جيمس كليرك ماكسويل» للمعادلات الكهرومغناطيسية، بنى «جاجاديش تشاندرا بوس» أول مثال لما يمكن أن نسميه مادة خارقة. حيث أحضر جاجاديش ألياف من نبات «الجوت»، و قام بلوي تلك الألياف، ورتبها في تشكيلات منتظمة يدويًا. ثم سلّط ضوء أحادي القطبية، حيث تتذبذب حقول الضوء المغناطيسية والكهربية على طول خطوط مستقيمة علي تلك الألياف. لاحظ «تشاندرا» أن قطبية الضوء الصادر قد أديرت بزاوية معينة بعد انتشارها وتفاعلها مع تلك الألياف. ولأول مرة، بدا أنه من الممكن تصميم مادة اصطناعية للتحكم في الضوء بطرق لم يسبق لها مثيل.

ثورة علم التمويه

اكتشاف الانكسار السالب

يمكن تتبع عصر المواد الخارقة الحديث بالعودة إلى عام 2000. عندما قام كلا من الفيزيائيين« ديفيد آر. سميث» من جامعة ديوك و«شيلدون شولتز» من جامعة كاليفورنيا، سان دييغو، وزملاؤهم بإنشاء مادة لم يُر مثيلاً لها من قبل، وهي مادة ذات معامل انكسار سالب! لكن ماذا نقصد بمادة ذات معامل انكسار سالب؟

عندما يمر شعاع الضوء من وسط إلى آخر -من الهواء إلى الزجاج على سبيل المثال- تتغير سرعته، مما يتسبب في انحناء الشعاع، أو “انكساره”. والفرق في معامل الانكسار بين المادتين هو الذي يحدد زاوية هذا الانحناء. وتعتبر ظاهرة الانكسار هي أساس معظم الأجهزة البصرية الحديثة، بما في ذلك العدسات والشاشات، وتفسر لماذا يبدو القلم في كوب الماء مكسورًا.


بالنسبة لجميع المواد الطبيعية المعروفة، فإن معامل الانكسار إيجابي. وهذا يعني أن الضوء ينحني دائمًا على نفس جانب الحدود، بزاوية أكبر أو أصغر من الحدود وفقًا لتغير المٌعَامِل. على العكس من ذلك، فإن الضوء الداخل إلى وسط ذو معامل انكسار سالب سينحني للوراء، مما يخلق تأثيرات بصرية غير متوقعة، مثل ظهور القلم  يميل في الاتجاه الخطأ.

افترض العلماء لزمن طويل أنه من المستحيل العثور على مادة تدعم الانكسار السالب، واعتبر البعض أن ذلك سينتهك المبادئ الفيزيائية الأساسية. ومع ذلك، عندما قام شولتز وسميث وزملاؤه بتجميع حلقات وأسلاك نحاسية صغيرة على قواعد دوائر مكدسة (مكونة من طبقات فوق بعضها البعض)، أظهروا أن شعاع الميكروويف الذي يمر عبر هذه المادة يخضع للانكسار السالب. هذه الخطوة المبتكرة أتاحت للمواد الخارقة إمكانية توفير مجموعة أوسع من معاملات الانكسار من تلك التي توفرها الطبيعة.

ثورة في علم التمويه

بعد هذا الانجاز العلمي الأولي، أصبح هناك قدر كبير من الأبحاث العلمية التي تهدف إلي إنشاء مواد خارقة تعمل على إخفاء الأشياء. حيث قام كلا من «نادر إنجيتا» و«أندريه أولو» من جامعة بنسلفانيا، بتصميم غطاء أو عباءة من المواد الخارقة تتسبب في إلغاء موجات الضوء المرتدة عن الغطاء. وبغض النظر عن الاتجاه الذي أتت منه، فعندما تضرب الموجة الغطاء سيتم إعادة توجيهها بطريقة تلغي الموجة المتناثرة بواسطة الجسم داخل الغطاء. نتيجة لذلك، سيكون الجسم المغطى مستحيل الكشف عنه عن طريق الإضاءة الخارجية.

تم إنتاج عباءات ثلاثية الأبعاد يمكنها تقليل موجات الراديو المنتشرة بشكل كبير، مما يجعل الجسم صعب الكشف على الرادار. ولذلك استخداماته العسكرية. ويمكن لتقنيات التخفي الموجودة إخفاء الأشياء عن الرادار عن طريق امتصاص اصطدام الأمواج، ولكن العباءات الخارقة أفضل بكثير. وذلك لأنها لا تقمع فقط الأمواج المنعكسة، بل تعيد توجيه الموجات الواردة للقضاء على التشتت. وامتدت تلك التطبيقات إلي إخفاء الموجات الصوتية، مما يخلق تمويه للأشياء، لا تستطيع الكشف عنها بواسطة أجهزة السونار. بالإضافة إلي صنع عباءات لكبح الموجات الحرارية والزلزالية. [3]

مقايضة بين الحجم وسرعة الضوء

لايزال هناك طريق طويل لتقطعه هذه العباءات لتصل لتلك المصورة في الأفلام. تسمح طاقية الإخفاء أو عباءة الإخفاء للخلفية متعددة الأطوال الموجية خلفها بالظهور بالكامل (أي اختفاء كامل للعباءة ورؤية كاملة لما ورائها). لكن عباءاتنا الواقعية محدودة إما بأحجام صغيرة أو بمدي ضيق للأطوال الموجية تعمل عندها. ويكمن التحدي الأساسي في المنافسة ضد مبدأ “السببية”، والذي ينص علي عدم إمكانية انتقال أي معلومات أسرع من الضوء فى الفضاء. أي أنه لو أردت تحقيق الشفافية الكاملة، فإن على الضوء الذي يمر من العباءة ألا يتفاعل معها أو يتغير. ومن ثم فمن المستحيل أن تحصل علي كل الضوء الآتى من خلف العباءة (أي تصبح شفافة كاملةً كما لو كانت تنتقل عبر الجسم دون إبطائها). وبناءً على ذلك، لا يمكننا منع التشتت بشكل تام بأكثر من طول موجي واحد (لون واحد من الضوء). بل حتى لو قمنا بتحفيز شفافية جزئية فقط (أي رؤية جزئية لما وراء العباءة أو الشيء المغطي) ، فإننا نواجه مفاضلة شديدة بين الحجم الكبير الذي يمكن أن يكون عليه الكائن المٌغَطي وعدد ألوان الضوء التي يمكننا إخفاءها من أجلها. [4]

لا يزال إخفاء جسم كبير بأطوال موجية مرئية بعيد المنال. ولكن يمكننا استخدام المواد الخارقة للأجسام الأصغر والأطوال الموجية الأطول. مما يفتح فرص مثيرة للرادار، والاتصالات اللاسلكية التي يمكن أن تستفيد من تلك التقنيات لتحسين جودة الاشارات والتقليل من التداخل. بالإضافة إلي أجهزة الاستشعار عالية الدقة التي تتطلب قياسات دقيقة دون التأثر بالاضطرابات المحيطة بها أثناء تشغيلها. وإضافة إلي فرص إخفاء أنواع أخرى من الموجات، مثل الصوت. والذي له قيود أقل نظَرًا لسرعته البطيئة مقارنة بالضوء، مما يسمح لنا بالتحكم به.

إن الرحلة إلى عالم المواد الخارقة وحجب الأشياء هي مغامرة مستمرة، مليئة بالإمكانيات المذهلة والوعد بمستقبل تصبح فيه الأمور غير العادية أمرًا شائعًا. و هي شهادة على رغبة الإنسان في دفع حدود ما هو ممكن.

المصادر:

1-3D metamaterials II Nature Reviews Physics
2-Structural Color II Bird academy
3-Heat cloaks hide objects in 3D II Physics World
4-How Far Away Are Active Invisibility Cloaks II Popular Mechanics
5-Symmetry II Wikipedia
6-Trick Light II Scientific American Magazine

كيف يساعد ChatGPT على تطوير عملية التعلم؟

هذه المقالة هي الجزء 10 من 18 في سلسلة مقدمة في التدريس للبالغين

تخيل فصل دراسي يتيح لكل طالب معلم شخصي يمكنه الإجابة على أسئلتهم وتزويدهم بالملاحظات في الحال، في أي وقت وأي مكان. يعدنا ChatGPT بتطوير عملية التعلم مع قدراته المتقدمة، ثورة في عدة مجالات، ولا سيما في مجال التعليم. وذلك لأن ChatGPT لديه القدرة على تحويل طريقة تعلم الطلاب وتدريس المعلمين، مما يجعل التعليم أكثر تخصيصًا وتفاعلًا ومشاركة من أي وقت مضى. في هذه المقالة، سنكتشف الطرق التي تستخدم ChatGPT في المجال التعليمي وكيفية إعادة صياغة مستقبل التعلم.

تصنيف بلوم المعرفي

 قسّم بنجامين بلوم «Benjamin Bloom» -وهو عالم متخصص في مجال علم النفس التربوي- المجال المعرفي لأهداف التعلم عام 1956 إلى ست مستويات فرعية. ووضعت تلك المستويات في نموذج شهير سمي بـ«تصنيف بلوم المعرفي» [1]. ثم أجرى أندرسون (Anderson) وكراثهول (Krathwohl) بعض التعديل على النموذج في عام 2001، لينتج هرم بلوم الحديث [1][2]. وتتدرج هذه المستويات من الأقل في الوعي المعرفي إلى الأعلى، وهي:

  1. التذكر (Remembering): إذ يتذكر الطالب ما قد قرأه فقط، ولا يتوقع منه أي تعديل عليه.
  2. الفهم (Comprehension): فيعيد الطالب ما قرأه بطريقته وأسلوبه، فيضيف عليه من معلوماته ويضيف بعض الروابط كأن يعطي مثالًا على ما فهمه، أو يقارن المفهوم بمفهوم آخر أو يعلله.
  3. التطبيق (Application): أن يطبق ما فهمه في حل تدريب مثلًا، أو يقيس الفكرة على دراسة حالة أخرى.
  4. التحليل (Analysis): وبعد التثبيت في الخطوات السابقة، يستطيع الطالب في هذه المرحلة أن يحدد العناصر المشتركة بين ما درس وما حوله، ويكون قادرًا على أن يثبت رأيه.
  5. التقييم (Evaluation): وهنا يرتقي الطالب إلى مرحلة أعلى حين يكون قادرًا على توضيح التناقضات والمناقشة بالحجج واتخاذ القرارات والتبرير لها.
  6. الابتكار (Creation): تأتي مرحلة الابتكار أخيرًا لأن الطالب يكون فيها قدرًا على إعادة تنظيم ما تعلمه بطرق مختلفة في سياقات عدة من خلال الجمع بعد التحليل، والتأليف والتصميم بعد التقييم وإعادة التنسيق بعد التطبيق.

كيف يساعد ChatGPT في تطوير عملية التعلم ؟

يستطيع ChatGPT إعطاء الأجوبة، وطالما أنه يجيب فقد جمع بين مرحلتي التذكر والفهم. فيسأل الطالب ويجيبه البوت. وإذا وجد الطالب مناطق الالتباس، فإنه يسأل أكثر ليزيلها وتتضح أكثر، ويساعده في ذلك معلمه الشخصي. ولكن كيف يجمع البوت بين الطالب والمعلم الحقيقي في التجربة التعليمية بداخل الصف؟

التسقيل

يمكن استخدام ChatGPT في تطوير عملية التعلم في المراحل الأولى من تصنيف بلوم كأداة دعم للتفكير الذاتي، وذلك عن طريق استخدامه كأداة للتسقيل. يوفر التسقيل (بالإنجليزية: Scaffolding) تعليمًا يسمح للمتعلم بتعليم نفسه. يصف هوجان وبريسلي عملية التسقيل كاستراتيجية تعليمية توفر دعمًا فكريًا فرديًا للطلاب بحيث يمكنهم العمل لتحسين ورفع تطورهم الإدراكي [7].

أولًا، يحدد الطالب مستوى معرفته، ومن خلال هذا التحليل الذاتي يمكنه استخدام البوت ليسأل ويفهم بما يدعم مستويات تفكير أعلى؛ مما يضمن فهمًا أوسع. يبدو هذا النهج مناسبًا للعديد من المواد التكاملية، بما في ذلك تلك التي تهدف إلى التفكير النقدي. فيقول أثاناثيو وماكنت في بحثهم بعنوان «التفكير النقدي في مادة الإدارة: تصنيف بلوم بوصفه أداة تعلم»:

«يمكن أن يستخدَم التصنيف كأداة تسقيل مناسبًا بشكل خاص في الدورات التي تفسر العديد من المجالات الوظيفية في سياقات جديدة. تفسير العديد من المجالات الوظيفية في سياقات جديدة، مثل مواد الاستراتيجية، إدارة التنوع، التفاوض، الشؤون العامة، سلوك التنظيم، الاتصالات التنظيمية، والإدارة الدولية، وغيرها الكثير مما يمكن وصفها بأنها تفكير ذاتي»[3].

أثاناثيو وماكنت في بحثهم بعنوان «التفكير النقدي في مادة الإدارة: تصنيف بلوم بوصفه أداة تعلم» (بالإنجليزية: Critical Thinking in the Management Classroom: Bloom’s Taxonomy as a Learning Tool)

ولكن، هل يعتمد الطالب كليًّا على أجوبة البوت؟ هل سأله الأسئلة الصحيحة؟ وهذا ما يقودنا للنقطة التالية.

كيف يسأل الطالب؟

على الطلاب، المتواصل منهم وغيره، أن يعرفون كيف يسألون الأسئلة التي ستضمن لهم إجابة كافية وافية فلا يضيعون وقتهم ولا يشتتون تركيزهم. وهنا يأتي دور المعلم الذي يدرّبهم على طرق الأسئلة الصحيحة. فكلما كانت الأسئلة صحيحة، كانت الإجابات أكثر قيمة وأغنى في المحتوى. ومن سمات صحة الأسئلة أن تكون [4]:

  1. تركز على الكلمات المفتاحية.
  2. محددة.
  3. واضحة بمصطلحات مألوفة.
  4. غير معقدة وغير متراكبة.
  5. غير مفتوحة.
  6. لا تتضمن أي نوع من أنواع السخرية.
  7. تحوي المصطلحات الأكاديمية.
  8. غير نقدية.
  9. لا تحوي رأيًا أو تجارب شخصية.
  10. أسئلة لا تحوي أحكام أخلاقية.

فمثلًا: بدلًا من أن يسأل طالب الفيزياء قائلًا: “قانون الطفو”، عليه أن يحدده قائلًا: “متى يغوص الجسم ومتى يطفو؟”، أو “تطبيقات قانون الطفو لأرشميدس”. ثم يأتي دور الطلاب في التفكير في الإجابات التي حصّلوها. وعلى الصعيد الآخر من هذه العملية، على المعلم أن يعلّم الطالب كيف يسأل أسئلة ناقدة في الصف، يناور زملائه في الحديث والمناقشة بالحجج والدلائل فيخرج الجميع من المناقشة فائزين برأي جديد أو بفكرة لم ترد على خواطرهم.

يسرد توم جامبيل في مقاله بجريدة فوربس 5 طرق تساعد الشخص ليطرح أسئلة تفتح المزيد من آفاق المناقشة، نسرد منها ثلاثًا [5]:

  1. اسمع لتفهم وجهة النظر الأخرى، لا لتحكم: فبدلًا من أن يسأل الطالب “لماذا لم تبحث أنت في…”، يقول “ما المشكلة في أن…”، أو “هل فكرت في أن..”، ليكون “ألن توافقني الرأي حين أقول أن…”
  2. اسأل أسئلة مفتوحة: بدلًا من الأسئلة المحدِدة التي تبدأ بـ”هل”، يمكن أن يسأل أسئلة تبدأ بـ”ما، ماذا، كيف..”
  3. أسأل أسئلة متابعة: إذ أن الأسئلة التي تسألها للشخص الآخر بعدما يفرغ من حديثه تمنحه فرصة أخرى في التفكير فيما قاله، فيسأل الطالب زميله مثلًا: “هلا تخبرني المزيد عن..” أو “أيمكنك أن تعطني مثالًا لذلك؟”

التفكير الناقد وحل المشكلات

يذكر فريد سواينكر في مقاله على لينكدان بعنوان «التعليم في عصر الذكاء الاصطناعي: ستة تغيرات يحتاجها العالم» أن على المؤسسات التعليمية أن تضع هدفها النهائي في تعليم الطلاب كيف يتعلمون وكيف يفكرون منطقيًا في حل المشكلات»[6]، كما على المعلم تعليمهم أهمية الأولويات والمعلومات ذات الصلة. فلا يرتبطون بوجهات نظرهم فقط، ولا يستنتجون ما لا يتعمد على تحليل دقيق، وأن يكون نقدهم علميًا وليس فقط خضوعًا لرأي الجماعة. وعلى المعلم أن يضمن فعالية تطبيق ذلك التفكير النقدي في المناقشات في الفصل.

يرتبط حل المشكلات والتفكير الناقد، بعد مرحلتي التذكر والفهم، بالعالم الحقيقي، ويربط ذلك الطلاب بدورهم بالعالم حولهم؛ فيضعون ما يتعلمون في سياقات ومجالات مختلفة؛ مما يؤثر إيجابيًا على مستقبلهم الذي يتطلب عقولًا إبداعية أكثر من العقول التي تستطيع اجتياز الاختبارات التي تعتمد على التذكر والفهم فقط دون المهارات الإبداعية. وكل ما سبق يتكاتف في التطبيق تحت الاستراتيجية الأم، وهي ما تسمى بـ “استراتيجية الفصل المقلوب”.

استراتيجية الفصل المقلوب أو المعكوس

استراتيجية الفصل المقلوب، أو ما تسمى بالـ «flipped classroom» هو نموذج تعليمي يتضمن استخدام التكنولوجيا لتغيير دور المعلم والطالب في عملية التعلم. يقوم الطلاب في هذا النموذج بمشاهدة مقاطع الفيديو أو الدروس التعليمية المسجلة في المنزل، وهو بالضبط ما يحدث في حالة استخدامنا لـ ChatGPT في تطوير عملية التعلم؛ فيعطي المعلم الطلاب المفهوم أو الفكرة للبحث والفهم من خلال البوت الذي يغطي مراحل المعرفة الأولى من تصنيف بلوم، ويبقى الفصل مكانًا للمناقشات الناقدة البناءة، والمناظرات، والتعبير عن الآراء المبنية على الأدلة، وإبراز التناقضات، والابتكار في عمل المشاريع الجماعية أو حتى الفردية منها والأنشطة التفاعلية؛ وذلك بما يغطي مستويات التفكير العليا.

تضمن استراتيجية الفصل المقلوب تحويل الطلاب إلى متعلمين نشطين، متكلمين، واثقين، معبرين عن رأيهم. إذ تمكنهم هذه الاستراتيجية من تحمُّل المسؤولية الكاملة عن تعلُّمهم واكتساب المفاهيم والمهارات الفوق المعرفية بشكل أكبر. وهو ما يخدم الهدف الرئيسي من التعليم، ألا وهي أن يكون الطالب متعلم مستقل قادرًا على تحصيل المعلومات دون اعتماد على المعلم. وسيوفر هذا للمعلم أن يتفرغ لدعم الطلاب في تطبيق المفاهيم وتوجيههم في الاستخدام الصحيح للمعلومات سواء في تطبيق واختراع مثلًا، أو في إرساء نظريات جديدة. يساعد هذا النموذج على تعزيز تفاعل الطلاب مع المواد الدراسية وتحسين فهمهم واستيعابهم للمفاهيم والمهارات بشكل أفضل.

وختامًا، يكبر دور المعلم في عصر الذكاء الاصطناعي بما يشمل توفير مثل هذه البيئات التفاعلية الآمنة ليشارك الطلاب آرائهم دون مواجهة خوف الأحكام، متخطيًا المراحل الأولى من العملية التعليمية التي تستهلك وقتًا وطاقة، وتستنزف كلًا من الطالب والمعلم على حد سواء حتى دون تحقيق قيمة كبيرة. وبدلًا من رفض ChatGPT، على المعلم أن يتعلم كذلك كيف يسخره ويستخدمه بما يخدم تنمية عقول طلابه وعملية بنائهم للمستقبل.

المراجع:

  1. Bloom’s Taxonomy
  2. A taxonomy for learning, teaching, and assessing: a revision of Bloom’s taxonomy of educational objectives
  3. Critical Thinking in the Management Classroom: Bloom’s Taxonomy as a Learning Tool
  4. How to Ask the Right Questions to Get the Most Out of Your Chat GPT / AI Conversations in 2023
  5. The Art Of Asking Higher-Quality Questions
  1. Education in the time of AI: 6 shifts the world needs to make
  2. Instructional Scaffolding to Improve Learning

ما هو النقد الأسلوبي؟

يهتم النقد الأسلوبي بدراسة النص انطلاقا من الأسلوب الخاص بالكاتب. فماذا يقصد الأسلوبيون بالأسلوب؟ وكيف تتم دراسة النصوص أسلوبيا؟

ما مفهوم الأسلوب في النقد الأسلوبي؟

يهتم النقد الأسلوبي، كما هو واضح، بدراسة الأسلوب. ويقصد بالأسلوب كل ما يتعلق بالنص من خصائص فنية وبلاغية وأساليب شكلية. ولا يعنى به ما يميز أسلوب كل كاتب عن كاتب آخر، بل ما يمكن من التمييز بين نص أدبي ونص غير أدبي.

يعرف النقاد الأسلوب بأنه خروج عن الاستعمال العادي أو التقليدي للغة، عن طريق التلاعب بالمادة اللغوية وخرق القوانين المعتادة لاستعمالها لإثارة انتباه واهتمام القارئ، وكذا إظهار “أدبية” النص له.

دور دلالة الكلمات في النقد الأسلوبي

يقسم النقد الأسلوبي البحث في المادة الكلامية المستعملة في النص إلى قسمين:

  • البحث في الدلالة الذاتية للكلمات: ويقصد بذلك معنى الكلمة خارج سياقها النصي، وما تعنيه في المعجم.
  • البحث في الدلالة الإيحائية للكلمات: ويقصد بذلك المعنى الذي يتشكل للكلمة في إطار سياقها داخل النص بالإضافة إلى تأثير ثقافة القارئ. إذ تختلف دلالة الكلمة من قارئ إلى آخر حسب خلفيته المعرفية. ويعتبر الأسلوبيون أن قوة النص الإيحائية هي التي تخرجه من اللاأدبي إلى الأدبي.

دور البلاغة في النقد الأسلوبي

صارت البلاغة جزءا من الدراسات الأسلوبية، إذ يهتم النقد الأسلوبي بكل تقنيات الكتابة كالاستعارة والكناية والتشبيه وغير ذلك. تدرس هذه الأساليب والتقنيات الكتابية لفهم غاية الكاتب من استعمالها، وإن كان يحاول إقناع القارئ أو إزعاجه أو إثارة أي مشاعر أو ردود فعل أخرى.

بماذا يهتم النقد الأسلوبي؟

يهتم النقد الأسلوبي بشكل أساسي بالسمات النصية التي تتكرر داخل النص من كلمات أو تعابير تتردد داخل النص، أو أساليب يعاد صياغتها بطرق مختلفة. إذ يدل التكرار بالنسبة للأسلوبيين على سمة كاتب معين ونظرته للحياة وتصوره للأدب.

حدود النقد الأسلوبي

لا يتقيد الأسلوبي بتيار نقدي محدد، بل يمكنه أن يجمع بين العديد من التيارات النقدية، كل ذلك من أجل أن يفسر المعاني الحاصة بالنصوص دون إقامة أي اعتبار لانسجام هذه التيارات النقدية.

خاتمة

إذن، يهتم النقد الأسلوبي بالأسلوب الخاص بالكاتب والسمات التي تتكرر في النص. هذه السمات التي تساعد على الكشف عن الغايات التي يسعى إليها الكاتب، وبالتالي فهم النص وتفسيره.

المصادر

مناهج النقد المعاصر، صلاح فضل.

مبادئ تحليل النصوص الأدبية، بسام بركة، ماتيو قويدر، هاشم الأيوبي.

ما هي الحورية في الأساطير اليونانية؟

ما هي الحورية في الأساطير اليونانية؟ كانت «الحوريات-nymphs»، أصلها الكلمة اللاتينية «nympha»، في الأساطير اليونانية هي آلهات طبيعة ثانوية سكنت الأرض، وعلى الرغم من أنهم كانوا في مرتبة أقل من الآلهة، إلا أنهم كانوا يتم استدعائهم لحضور تجمعات الآلهة في جبل أوليمبوس. كانت الحوريات مرتبطات بموقع معين أو شكل من أشكال الطبيعة مثل الجبال والبساتين والينابيع والأنهار والوديان والكهوف، أو يكن منضمات إلى حاشية إله، مثل ديونيسوس أو هيرميس أو بان أو أرتميس. على الرغم من أنها ليست كائنات خالدة، فقد عاشوا حياة طويلة للغاية. على عكس العديد من المخلوقات الأسطورية الأخرى مثل الجنيات، نادرًا ما يتم ذكر الحوريات في الثقافة الشعبية المعاصرة. كانت الحوريات هدفًا متكررًا للساتير الشهوانيين. [2] [1]

صفات وسمات:

يتم تصوير الحوريات بشكل عام على أنها كائنات شابة وحيوية وجميلة تجسد سن الخصوبة وكانت جذابة للغاية للذكور الشباب. لقد جسدوا المرأة الجميلة المثالية، مصدر الحياة الجديدة والقادرة على رعايتها. ومع ذلك، كانت علاقاتهم مع الرجال مضطربة بشكل عام. بينما أسر جمالهم بعض الرجال، وأصبحوا مفتونين بهن وغير قادرين على عيش حياة طبيعية، تخلى آخرون عن الحورية التي أحبتهم، مما دفعها إلى السعي للانتقام بسبب الغيرة. لذلك، بينما تمتلك الحورية الخصائص الجسدية التي تجذب الإنسان وتنتج حياة جديدة، فإنها تفتقر إلى الصفات الداخلية الضرورية للحب البشري الحقيقي. [1]

لم تكن الحوريات كائنات خالدة، لقد عاشوا حياة طويلة للغاية، لكنهم كانوا عرضة للشيخوخة والموت. يمكن أن تكون الحوريات طفولية في سلوكهم المرح. ومع ذلك، يمكن أن يشعروا أيضًا بالغضب والغيرة والحزن الشديد. مع مرور الوقت، تطورت الحوريات إلى عدة فئات مختلفة، بناءً على نوع البيئة التي سكنوها، وهي الطريقة التي يتم وصفهم بها. [1]

أصل الحوريات:

تأتي فكرة الحورية من عبادة الطبيعة، ولا سيما تقديس فكرة الخصوبة. كان يُنظر إلى النساء، لكونهن يحملن الأطفال، على أنهن تمثيلات بشرية لقدرة الحياة على النمو والازدهار في الطبيعة. إلى جانب الاعتقاد بأن الطبيعة كانت مأهولة بأرواح مجسدة، اندمجت الأفكار في النهاية في الإيمان بالأرواح الأنثوية التي تحمي وتساعد في الواقع على تغذية الطبيعة والحياة. اعتمدت كل حورية موقعًا تعيش فيه حيث اختاروا الأشجار والأنهار والبحيرات والجبال وما إلى ذلك، وكل واحدة منهن كانت تعتني بمسكنها. [1]

توصف الحوريات أيضًا بشكل بارز على أنهن بنات زيوس أو بنات جايا أو من آلهة الأنهار الإقليمية مثل «أخيلوس-Achelous» و«سيبرين-Cebren». تم العثور على صور للحوريات تزين مصادر المياه العذبة عبر البحر الأبيض المتوسط، وتم العثور على مزارات مخصصة للحوريات في الكهوف في جميع أنحاء العالم اليوناني، مثل المكان الموجود في فاري على جبل هيميتوس وبيتسا في كورينث وفاراي في آخايا، مما يدل على شعبيتهم المنتشرة. [3]

التصنيف:

هناك ثلاثة تصنيفات رئيسية للحوريات: الأرض والمياه والأشجار. هناك العديد من الأقسام الفرعية داخل كل فئة، اعتمادًا على نوع البيئة التي يُقال أن الحورية تسكنها. على سبيل المثال، يقال إن حورية الوادي مختلفة قليلاً عن حورية الجبل، لكن كلاهما يقع في فئة الأرض. [1]

حوريات الأرض

تضمنت حوريات الأرض «الحورية الجبلية-Oreads»، الذين لم يكن لديهم خوف من المرتفعات وقفزوا من فوق الجروف. كانت هناك أيضًا «Napaeae» وهن حوريات الوديان. أشهر حوريات« اليابسة هن «هيسبيريدس-Hesperides»، الذين اعتنوا بحديقة جميلة في الزاوية الغربية البعيدة من العالم. يُطلق عليهم أحيانًا اسم “العذارى الغربيات” أو “بنات المساء”، ويبدو أن جميع التسميات مرتبطة بموقعهم المتخيل في الغرب البعيد. بالإضافة إلى رعايتهم للحديقة، قيل إنهم استمتعوا بالغناء. كانت حديقة هيسبيريدس هي المكان الذي توجد فيه التفاح الذهبي الذي أُرسل هرقل للحصول عليه. [1]

حوريات الماء

عاشت حوريات الماء عند الينابيع والآبار والجداول، كما جسدت آلهة الأنهار الأنهار. ارتبط «الناياد- Naiads» بالمياه العذبة، وكان «الأوقيانوسيات-Oceanids» حوريات المياه المالحة وارتبطت «النيريدات- Nereids» على وجه التحديد بالبحر الأبيض المتوسط. كانوا في كثير من الأحيان يتم عبادتهم في الطوائف المحلية القديمة، وكان يُعبدوا على أنهم ضروريون للخصوبة والحياة البشرية. [1]

حوريات الأشجار

غالبًا ما كانت حوريات الأشجار، «الدرياد-Dryads» أو «هامادرياد- Hamadryads»، مرتبطة بأشجار معينة. غالبًا ما كان يُعتقد أن هذه الحوريات تعيش في شجرة معينة، بدلاً من غابة كاملة من المناطق المشجرة، وكان يُعتقد في كثير من الأحيان أنها مندمجة في مضيفها لدرجة أنه إذا تعرضت الشجرة للتلف أو القتل، فإن الحورية ستموت أيضًا. لقد جاءوا لتمثيل الأهمية المقدسة للأشجار والاعتقاد بأن الأشجار يجب أن تُبجل وتُعامل باحترام. [1]

الحوريات في الاساطير:

يوريديس

نادرًا ما كان للحوريات دور مركزي في الأساطير اليونانية. عادة ما كانوا يؤدون أدوارًا داعمة مثل رفقاء للآلهة والساتير. على سبيل المثال، غالبًا ما كانت الإلهة أرتميس تحضر الحوريات عندما تذهب للصيد. أصبحت الحوريات أيضًا عشاق أو زوجات الآلهة أو الأبطال. تزوجت «يوريديس- Eurydice» من الشاعر والموسيقي أورفيوس. بعد وفاة يوريديس من لدغة أفعى ، حاول أورفيوس استردادها من العالم السفلي، لكنه فشل في تلبية الشروط المحددة لعودتها. [4]

إينوني

حورية أخرى اكتسبت مكانة أسطورية كزوجة كانت «إينوني-Oenone». تزوجت إينوني من باريس، أمير طروادة، وتنبأت أنه إذا غادر باريس في رحلة إلى اليونان، فإن الرحلة ستكون كارثية على طروادة. خلال تلك الرحلة، هرب باريس مع هيلين، زوجة الملك الأسبرطي، مما أدى إلى تحريك الأحداث التي أدت إلى حرب طروادة وتدمير طروادة في نهاية المطاف. عندما كان باريس مجروحًا من القتال، رفضت إينوني مساعدته، على الرغم من أنها حصلت على موهبة الشفاء. في النهاية رضخت واندفعت إلى طروادة لإنقاذ زوجها، لكنها وصلت بعد فوات الأوان. عند اكتشاف أن باريس قد مات، قتلت إينوني نفسها. [4]

إيكو

في أعمال الكاتب الروماني أوفيد، يعتبر «نرجس- Narcissus» وسيمًا كما كان دائمًا ولكنه يرفض بقسوة محاولات «إيكو-Echo» للتقرب منه. الحورية الجميلة والحزينة، تموت ويبقى صوتها فقط لترديد محنتها. كعقاب على إهماله، يتم قتل نرجس. في نسخة أخرى، تمت معاقبة إيكو من قبل هيرا لأنها أبقت الإلهة مشتتة بالقصص بينما هرب عشاق زوجها زيوس، حوريات الجبل، من جبل أوليمبوس دون سابق إنذار. وهذا يفسر سبب قدرة إيكو على تكرار ما قاله لها الآخرون فقط. وقد صادفها نرجس يومًا ما وهي في هذه الحالة أثناء صيد الغزلان في الغابة. بعد تبادل غير مجدي للكلمات والتصريحات المتكررة، حاولت إيكو احتضان الشاب، لكنه يرفضها وينطلق إلى المنزل. ثم تبتعد إيكو في الغابة حتى يهلك جسدها في النهاية ويبقى صوتها فقط. [5]

الحوريات في الديانة اليونانية القديمة:

تشير الدلائل الأثرية إلى أن عبادة الحوريات في الفترة القديمة كانت الشغل الشاغل لفقراء الريف، وركزت على مصادر المياه، والتي أصبحت فيما بعد معممة واختلطت مع آلهة الخصوبة الأخرى وطقوسهم. في هذا الشكل الريفي المبكر، كان من المعتاد أن يترك أي شخص يمر بجانب مزار في الينبوع قربانًا، عادةً في شكل ذبيحة حيوانية، مثل جزء من خنزير أو ماعز أو خروف. بمرور الوقت، أصبحت هذه القرابين غير دموية بشكل متزايد، وبلغت ذروتها مع التقليد المألوف الآن المتمثل في ترك العملات المعدنية في النافورة للحورية المقيمة. [3]

ارتفع الاهتمام بالحوريات بين النخبة الاجتماعية في الفترة الكلاسيكية ووصل إلى آفاق جديدة في الممالك الهيلينية، التي أسست «هيكل حوريات الماء- Nymphaeum»، نوافير المياه العامة المزخرفة، والتي كانت جزءًا مهمًا من طقوس الزفاف الحضرية حيث استمرت الحوريات في لعب دور مهم. واحدة من هذه الهياكل هي «هيكل الحورية- The Sanctuary of the Nymph» التي بنيت على المنحدرات الجنوبية للأكروبوليس في أثينا، حيث عُقدت الزيجات، ويمكن تقديم الخاطبين المحتملين إلى الفتيات اللواتي يمكن زواجهن. بعد حفل الزفاف، كانت العرائس تقدم «Loutrophoros» (نوع من المزهريات الخزفية) ومزهريات أخرى مزينة بمشاهد الزفاف، لروح الهيكل. [3]

المصادر:

  1. new world encyclopedia
  2. theoi
  3. world history
  4. encyclopedia
  5. world history

ما هي عملية الاستمطار وكيف يمكن التحكم بها؟

سعى الإنسان عبر التاريخ وربما عصور ما قبل التاريخ إلى تعديل الطقس بمجموعة متنوعة من الوسائل. استخدمت العديد من القبائل البدائية أطباء سحرة أو رجال طب لجلب السحب والأمطار خلال فترات الجفاف، ولإبعاد سحب المطر أثناء فترات الفيضانات. و ترجع الجهود ” العلمية” الجدية للاستمطار إلي منتصف القرن التاسع عشر حين كان الناس يجربون كل شيء كإطلاق نيران المدافع، أو إشعال الحرائق في الغابات للتأثير في السحب كي تمطر. ففي عام 1894 جرب أهال من نبراسكا فى الولايات المتحدة وضع حد لقحط شديد عن طريق تفجير عشرة براميل مليئة بالبارود. وكمثال على الغموض العلمي، لوحظ أن السماء أمطرت إثر ذلك رذاذا خفيفا لم تكن له أي فائدة، ولكنه كان يكفي فقط على تشجيع الناس على الاستمرار بالمحاولة واستنباط سبل جديدة. فما هي عملية الاستمطار ؟ وكيف يمكن التحكم بها؟

سحب بلا أمطار

تحتوى السحب المنتفخة على كمية كبيرة من الماء. حتي إن سحابة صغيرة منها قد يصل حجمها إلى 750 كيلومترا مكعبا. وإذا ما تصورت وجود نصف غرام من الماء في المتر المكعب من هذه السحابة، فإن تلك الكرات البخارية في الغلاف الجوي تظهر كأنها بحيرات سابحة في السماء. ولكنها قد لاتجود إلا بقطرات قليلة قبل أن تختفي وراء الأفق. ولكن إذا حالفنا الحظ أو تصرفنا بذكاء لمعالجة تلك المشكلة, فيمكننا وضع اليد على تلك الكمية التي تسبح فى الجو علي الدوام والتي تقدر بنحو 0.04% من المياه العذبة فى العالم. وقد أدي هذا الي حث الحكومات فى بعض الدول الي تزويد الغلاف الجوي بأيونات لاعتصار مزيد من الرطوبة منه. فعلي سبيل المثال، تنشر الحكومة الصينية جيشا للطقس من 48 ألف شخص وتزودهم ب 50 طائرة و 7 آلاف راجمة صواريخ و 7 آلاف مدفع من أجل انتزاع المزيد من الأمطار.

المبدأ وراء علم الاستمطار

إن السحب التي تأتي منها الأمطار تحتوى على قطيرات ماء بحجم الميكرون, حيث تكون حرارتها دون درجة التجمد. ولكنها لم تتحول بعد إلى جليد لأنها تفتقر إلى نوى ضرورية لكي تتجمع حولها. لنقل إنها بحاجة إلى جسيمات غبارية بالحجم المناسب تماما. وهذه القطيرات خفيفة بحيث تبقيها التيارات الصاعدة عالقة في الجو. وإذا جرى توفير نوى مناسبة فإن القطيرات تندمج وتأخذ شكل كريات صغيرة من الجليد سرعان ما تتحول إلى غيث عندما تتساقط مخترقة الجو الدافئ. وقد اخترع هذه التقانة «فونيكوت» [العالم في مجال الغلاف الجوي بمختبر البحوث التابع الشركة جنرال إلكتريك'” بنيويورك] فى عام 1946. حيث استخدم فونيكوت يوديد الفضة كبذور والتى تحاكي بنيته الجزيئية تلك الموجودة في بلورات الجليد. ففي سحابة باردة يعمل يوديد الفضة على جذب الماء للالتصاق به. ويقوم يوديد الفضة بهذه المهمة نظريا وحتى عمليا: إذ صرح طيارون أن بإمكانهم مشاهدة السحب وهي تتغير عندما ترشق بهذه المواد الكيميائية. [1][2]

قياس الفاعلية

لقد استحدثت العديد من التقنيات لقياس فاعلية عملية الاستمطار ولاسيما خلال السنوات العشر الأخيرة. ففي ثمانيات القرن الماضي استخدم «رادار دوبلر- Doppler Radar» الذى مَكنَ العلماء لأول مرة من رؤية تركيزات المياه ضمن إحدى السحب. تللك الآلة التي تنشئ تلك البقع الخضراء على خرائط الطقس التي نشاهدها على شاشة التلفاز.[3] وفي عام 2000 أحرز الرادار الثنائي الاستقطاب الذي يصدر إشارات موجية على كل من محوري الإحداثيات تقدما كبيرا. حيث أصبح بإمكانك أن تعرف ما إذا كانت السحابة تحتوي على مطر وأن ترى حجم وشكل قطرات المطر.[4] ومع حصولنا على بيانات أفضل, ازدادت قوة الحواسيب وقدراتها على تحليل هذه البيانات وقدرتها على إحداث نماذج افتراضية. حيث يمكنك إنشاء سحابة إفتراضية وتقوم بحقنها بيويد فضة افتراضي, ثم تلاحظ ما الذي سيحدث.

رحلة إلي أعماق السحب

لنفترض أنك أحد الطيارين المسئولين عن إطلاق أنابيب يوديد الفضة وتم استدعائك للقيام بتلك المهمة. كل ما عليك هو التوجه إلي المنطقة الأنسب من العاصفة وهي منطقة “التدفق”. تلك المنطقة هي القناة التي يرتفع فيها الهواء الدافئ والرطب ضمن العاصفة، ويؤدي هذا الهواء دور الوقود لها. وهي عبارة عن «حوالق شبحية- Ghostly tendrils» من الرطوبة مندفعة بسرعة نحو السماء. و يحمل التدفق يوديد الفضة على بعد 2000 قدم داخل السحابة حيث توجد المياه فائقة البرودة و التي ينبغي أن يصل إليها متسببا في تشكل أولي لبلورات الجليد.

ويستهدف الطيارون التدفق نظرا لكونهم لا يستطيعون الطيران داخل السحابة، فبإمكان الرياح العنيفة داخلها تمزيق الطائرة. وعوضا عن ذلك يدور الطيار حول النقطة المناسبة مطلقا عددا من الأنابيب مستخدما التدفق فى نقل الدخان الحامل ليوديد الفضة إلي داخل السحابة. وأحيانا تكفي طلقة واحدة لتحقيق الهدف وفي أحيان أخرى يتطلب الأمر إطلاق ما يصل إلى 50 طلقة. أما المدة التى يتطلبها تزويد السحابة بخطوط الفضة، فهى تتراوح بين 10 إلى 15 دقيقة. إن زراعة البذور لايحدث قطرات فحسب, فبإمكانه أيضا تغيير بنية السحب إلى بنية عمودية طويلة. الأمر الذي يجعلها أقوي في توليد المطر.[5][2]

المصادر:

1- Cloud Seeding| Wikipedia

2-Cloud Seeding – A Review| Al-Bayan Center for Planning and Studies

3-Doppler Radar| National Weather Service

4-Dual Polarization Radar| National Weather Service

5-Eight States Are Seeding Clouds to Overcome Megadrought| Scientific American

ما هو فيتامين B3 أو النياسين؟

نظرة عامة

ينتمي فيتامين B3 لمجموعة فيتامينات B3 الذائبة في الماء، ولا يستطيع الجسم تصنيعه. ويترافق نقصه الشديد مع مجموعة من الأعراض التي تعرّف كمرض بلاجرا.

أشكال فيتامين B3:

يحصل الجسم على فيتامين B3بالشكلين الفعالين:

  1. “حمض النيكوتينيك-nicotinic acid”
  2. “النياسيناميد-niacin amide” ويعد الشكلالأكثر استخداما في منتجات العناية بالبشرة.

بالإضافة إلى هذين الشكلين، يستطيع الجسم الحصول على فيتامين B3 عبر تحويل تربتوفين-حمض أميني-إلى نيكوتينيك أميد (النياسيناميد)[1].

فوائده للجسم:

  1. يفيد في ضبط كوليسترول الجسم، إذ يرفع نسبة الكوليسترول الجيد HDL ويخفض من نسبة الكوليسترول السيء LDL.
  2. يعد مساعد أنزيم أساسي في الجسم، ويدخل في العديد من عمليات الاصطناع الحيوي.
  3. يدخل في عمليات اصطناع وإصلاح ال DNA.
  4. يدخل في عمليات اصطناع الطاقة في الجسم.
  5. يعمل كمضاد أكسدة.
  6. يمكن أن يساعد في تخفيض ضغط الدم.
  7. يسهم في تعزيز وظائف الدماغ وتنشيط الذاكرة[2].

فوائده للبشرة:

  1. يساعد في حماية البشرة من أشعة الشمس الضارة.
  2. يدخل في عملية تكوين السيراميد في البشرة، والذي يعد بمثابة حاجز يحافظ على رطوبة البشرة.
  3. يخفف الاحمرار والتهابات البشرة.
  4. يحسن مظهر مسام البشرة، إذ يقلل من حجم المسام الواسعة.
  5. ينظم إفراز الزيوت في البشرة.
  6. يعالج تصبغات البشرة، ويحفز إنتاج الكولاجين في البشرة.
  7. يخفف من التجاعيد وعلامات التقدم بالعمر.
  8. يعالج حب الشباب، ويفيد حتى في الحالات الشديدة منه.
  9. يرطب البشرة ويعالجها من الجفاف[3].

استخداماته العلاجية:

  1. يستخدم في علاج مرض بلاجرا.
  2. يستخدم كخافض لكوليسترول الدم.
  3. يمكن أن يستخدم كعلاج مساعد لخفض ضغط الدم.
  4. يمكن أن يبطئ تطور السكري من النمط الأول.
  5. يمكن أن يستخدم في علاج الشيزوفرينيا والزهايمر.
  6. يدخل في علاج العديد من المشاكل الجلدية من حب شباب وأكزيما وغيرها[2].

أين يتواجد؟

 إن نقصه عند الإنسان نادرا، ويرجع ذلك لتوافره في العديد من الأطعمة النباتية والحيوانية:

  1. البيض.
  2. الحبوب.
  3. الخضراوات الخضراء.
  4. السمك.
  5. الحليب.
  6. الفاصولياء.
  7. الموز.
  8. اللحم الأحمر.
  9. المكسرات.

نلاحظ تواجد النياسين بشكل نياسيناميد في الأطعمة الحيوانية، ونيكتونيك أسيد في الأطعمة النباتية[4].

المقدار اليومي الموصى به:

  • الأطفال: 2-16 ملغ تبعا للعمر.
  • البالغين (+19): 16ملغ للذكور، 14ملغ للإناث.
  • النساء الحوامل: 18ملغ.
  • المرضعات:17ملغ.

الجرعة القصوى منه:

يتحمل الجسم مقدار 35ملغ من فيتامين B3يوميا دون ظهور أعراض جانبية مؤذية[5]. ويتم زيادة المقدار المتناول منه عن هذا المقدار لأسباب علاجية فقط وتحت مراقبة طبية.

أسباب نقصه:

  1. الحمية القاسية التي تتضمن عدم تناول العديد من الأطعمة الضروري لصحة الجسم.
  2. إدمان الكحول: حيث يؤثر شرب الكحول على امتصاص العديد من العناصر الغذائية.
  3. اضطرابات التغذية وعسر الهضم المزمن[4].

أعراض نقصه:

  1. اكتئاب.
  2. صداع.
  3. تعب.
  4. مشاكل في الذاكرة.
  5. هلوسات[4].

أسباب زيادته:

تعد زيادة فيتامين B3 عن المستويات الطبيعية عبر الطعام نادرة للغاية. إذ ترتفع تراكيزه وتصل لحدود السمية من خلال التناول المستمر وغير المراقب لجرعات عالية منه عبر المتممات الغذائية[4].

أعراض زيادته:

  1. التوهج.
  2. ارتفاع حمض البول.
  3. انخفاض ضغط الدم.
  4. دوار.
  5. تعب.
  6. غثيان.
  7. صداع.
  8. تشوش الرؤية[4].

أيهما أفضل الموضعي أو الفموي؟

يتم الحصول على فيتامين B3 بكميات كافية للجسم من الطعام، ومن النادر حدوث نقص فيه. بالمقابل، هذه الكميات التي يتم الحصول عليها من الطعام، لا تخفف بشكل ملحوظ مشاكل البشرة.

لذلك، يفضل استخدامه بشكله الموضعي في معالجة البشرة من كريمات وسيرومات وغيرها. إذ يضمن استخدامه الموضعي توجيها أعلى لمعالجة مشاكل البشرة من حب شباب ومسام واسعة وجفاف[3].

كيفية تطبيقه:

1.الفموي

يمكن أن يؤخذ على شكل مكمل غذائي يحتوي بالإضافة إليه، على مجموعة من الفيتامينات والمعادن كالزنك والنحاس وفوليك اسيد لمعالجة حب الشباب. أما أخذه لوحده، يتم في حالات نقصه الشديد ولغايات علاجية محددة بعد استشارة الطبيب وتحت مراقبته[3].

2.الموضعي:

     يتواجد النياسين على شكل النياسيناميد في المستحضرات الجلدية. ويفضل تطبيقه بتركيز 5% أو أقل، إذ تظهر الأبحاث أن استخدامه بتركيز5%، يعالج حب الشباب ويحسن مظهر البشرة بشكل واضح. ويجب التنويه إلى استخدام تركيز 2% أو أقل في حال امتلاك بشرة حساسة.

وتضمن مشاركة هيالورنيك أسيد مع نياسيناميد امتصاص أعلى من البشرة، وبالتالي نتائج أفضل[3].

فترة العلاج

في الواقع، ليس هناك فترة محددة بالضبط، إذ تختلف فترة العلاج من بشرة لأخرى. ولكن، هناك بعض الأبحاث التي حددت فترة لظهور النتائج، وهي 4 أسابيع على أقل تقدير.

بينما في حالة زيادة فترة العلاج عن بضعة شهور، ولم يتم الحصول على أي تحسن، لا بد من مراجعة الطبيب لتغيير العلاج[3].

للمزيد حول أنواع البشرة وما هو المناسب لكل بشرة، إليك المقال التالي: ماهي أنواع البشرة؟

كخلاصة، يعد فيتامين B3 من الفيتامينات الضرورية للجسم، ويدخل في معالجة العديد من الحالات المرضية وخاصة على مستوى البشرة. لذلك من الضروري مراجعة الطبيب قبل أخذ أي منتج قد لا يتناسب مع الحالة الصحية سواء على المستوى الفموي أو الموضعي.

المصادر:

  1. Niacinamide: Benefits, Uses and Side Effects
  2. 5 health benefits of niacin
  3. Everything You Should Know About Niacinamide
  4. Niacin – Vitamin B3
  5. WebMD

النقد التواصلي؛ كيف يكون القارئ جزءا من النص؟

اهتم النقاد النفسيون بدراسة علاقة الكاتب بالنص، واهتم النقاد الاجتماعيون بدراسة علاقة الكاتب بالمجتمع، لكن لم يهتم أحد بدراسة علاقة القارئ بالنص حتى جاء النقد التواصلي. فما هو النقد التواصلي؟ وما علاقة القارئ بهذا المنهج النقدي؟ وماذا يقصد بأفق التوقع؟

ما هو النقد التواصلي؟

يسعى النقد التواصلي إلى دراسة العلاقة بين القارئ والنص الأدبي. فالقارئ هو الذي يمنح الوجود للنص، إذ لا يمكن أن يوجد نص دون قارئ، حتى النص الذي يتلفه كاتبه دون أن يعرضه على أحد يكون هو نفسه قارئا له.

قراء النقد التواصلي

يميز النقد التواصلي بين عدة أنواع من القراء، من أهمها؛ القارئ المتضمن، القارئ المثالي، والقارئ المجهول.

القارئ المتضمن

وهو أي قارئ أشار له الكاتب داخل النص الأدبي، كأن يقول “عزيزي صاحب الظل الطويل” أو “أخي العزيز” أو “أصدقائي الأعزاء”. ولا يعد هذا القارئ هو المستهدف الوحيد من النص، بل كل من يقرأ النص سواء انطبق عليه وصف العبارة أم لا.

القارئ المثالي

يتميز هذا القارئ بثقافة واسعة تمكنه من فهم كل ما يكتبه الكاتب، والوصول إلى المعنى المراد منه، وتوفهم كل الحالات النفسية والأوضاع الاجتماعية التي يصفها الكاتب. وهو، إضافة إلى ذلك، عليم بتقنيات الكتابة وأساليب الفن، بحيث يستطيع الحكم على النص الأدبي من منطلقات منطقية وليس من خلال ذوقه فقط.

القارئ المجهول

“وهو القارئ الحقيقي الموجود في الواقع. [1] لا يعلم الكاتب أي شيء عن هذا القارئ، لأن أي شخص قادر على امتلاك كتابه يستطيع قراءته. ويمز القارئ المجهول لتعدد التأويلات والقراءات التي يمكن أن تفهم من خلال النص. إذ يمكن لنص واحد أن يدل على الرغبة في الحياة والرغبة في الموت بالاعتماد على قراء مختلفين وتأويلات وقراءات مختلفة.

ما الذي يقصده النقد التواصلي بأفق التوقع؟

أفق التوقع أو أفق الانتظار هو ما يتوقعه القارئ حين يقرر قراءة عمل أدبي ما، فإن فتح رواية عنوانها “رسائل بيلي” فسوف يتوقع وجود رسائل بداخلها، أو شيئا متصلا بشخص اسمه بيلي. إن كانت الرواية تتحدث عن شخص اسمه بيلي ورسائل له أو رسائله هو إلى شخص ما فسوف يكون أفق التوقع/الانتظار قد لبي. أما إذا لم تكن الرواية  تتحدث عن أي رسائل ولا تذكر شخصا اسمه بيلي فسوف يكون أفق التوقع/الانتظار قد كسر.

هل أكسره، أم لا أكسره؟ هذا هو السؤال

للكاتب خياران؛ إما أن يلبي أفق التوقع/الانتظار، أو يكسره. وسواء لبى الكاتب أفق التوقع/الانتظار أو كسره وخرج عنه، تظل مهارة الكاتب في بناء عوالمه وقصصه وكذا أسلوبه هي التي تحدد رد فعل القارئ. لكن، عموما يفضل الاعتماد على القواعد المعتادة والإبداع في نطاقها، كأن تكتب رواية غرامية دون أن تكون القصة تقليدية مستهلكة، بل مختلفة تكسر أفق تلقي القارئ دون أن تكسره فعلا.

ما الذي يحدد أفق التوقع/ الانتظار؟

يتغير أفق التوقع/الانتظار حسب الخلفية الثقافية الخاصة بالقارئ. فالقارئ العربي لن يتذوق الأدب الروسي كما يتذوقه قارئ روسي، والقارئ الروسي لن يتذوق الأدب العربي كما يفعل القارئ العربي مهما كانت الترجمة محكمة. فالتشبيهات والمجازات والاستعارات تتغير بتغير الخلفية الثقافية.

خاتمة

ركز، إذا، النقد التواصلي على علاقة القارئ بالنص الأدبي، وأفق توقعه/ انتظاره الذي يتحكم في حكمه على النص. أفق التوقع/الانتظار هذا الذي تتحكم فيه الخلفية الثقافية لكل قارئ، فتتغير التأويلات والقراءات حسب كل قارئ.

المصادر

[1] مبادئ تحليل النصوص الأدبية، بسام بركة، ماتيو قويدر، هاشم الأيوبي.

[2] مناهج النقد المعاصر، صلاح فضل.

كيف نقي أنفسنا من الإشعاع؟

من أجل وقاية أنفسنا من الإشعاع، يجب أن نعرف الإشعاع وخصائصه ونعي أولا مخاطر الإشعاع، ثم نتبع بعد ذلك التدابير الموصى بها للحماية منه. فبعد أن تعرفنا على الإشعاع وتطبيقاته ومخاطره، حان الوقت للتعرف على سبل الوقاية منه والمعايير الموصى بها عالميُا للحفاظ على سلامة الفرد والمجتمع في هذا المجال.

نظام الوقاية من الإشعاع

أنشأت اللجنة الدولية للوقاية من الإشعاع نظامًا يهدف إلى وضع أسس لوقاية مختلف أفراد المجتمع من الآثار الحتمية والعشوائية للإشعاعات. فوضعت حدودًا للجرعات، يجب عدم تجاوزها، بحيث تقل الآثار الحتمية عند احترام حدود الجرعات الموصى بها. ووصت بإبقاء التعرض الإشعاعي في أقل مستوى ممكن للتخفيف من الآثار العشوائية التي تتزايد احتمالية حدوثها كلما زاد التعرض للإشعاع. بالإضافة إلى هذا، صنفت مختلف الحالات التي يمكن أن تتسبب في التعرض الإشعاعي من أجل اتباع التدابير المناسبة لكل حالة [1].

مبادئ الوقاية من الإشعاع

وضعت اللجنة الدولية للوقاية من الإشعاع ثلاثة مبادئ للوقاية من الإشعاعات: التبرير والتحسين وحدود الجرعة. يقوم مبدأ التبرير على ضرورة تبرير استخدام الإشعاعات، بجعل المنافع تفوق الأضرار المترتبة عن التعرض للإشعاعات. بالنسبة لمبدأ التحسين، فإنه ينص على أن التعرض للإشعاع يجب أن يبقى في أدنى مستوى ممكن له. بينما يؤكد مبدأ حدود الجرعة على ضرورة عدم تجاوز حدود للجرعة التي يتقاها الفرد. وتتغير هذه الحدود حسب نوع الفئة المعرضة للإشعاعات. فاالحد المخصص للجمهور، وهو عامة الناس، يصل إلى 1 ميلي سفيرت في السنة. بينما يفوق الحد المخصص للمهنيين، وهم العاملون في المجالات النووية، 20 ميلي سفيرت في السنة. أما المرضى الذين يتعرضون للإشعاعات لأسباب طبية، فإن حد الجرعة لا يشملهم، حيث تكون منافع العلاج أقوى من الأضرار الناتجة عن تجاوز حدود الجرعات [1][2][3].  

حالات التعرض

 من أجل تحديد التوصيات التي يجب اتباعها أثناء التعرض للإشعاع، صنفت اللجنة الدولية للوقاية من الإشعاع حالات التعرض الإشعاعي إلى ثلاث حالات:

  • حالات التعرض المخطط لها، وهي الحالات التي يتم التعرض فيها للإشعاع بشكل متعمد من أجل غرض معين، كما في المجال الطبي ومجال البحث العلمي والصناعة؛
  • حالات التعرض الطارئة، وهي حالات التعرض الناتجة عن حدث غير متوقع كالحوادث النووية. وفي هذه الحالات، قد يضطر منقذ إلى التعرض إلى نسبة كبيرة من الإشعاعات في سبيل إنقاذ حيوات الناس؛
  • حالات التعرض القائمة، وهي حالات التعرض العادية التي يتعرض لها الناس في المنازل وأماكن العمل والبيئة. ويمكن أن تصل هذه الحالات إلى مستويات عالية من الإشعاع، كما في بعض المناطق التي تتميز بوجود كميات عالية من الرادون المشع الطبيعي [1][4].

في حالات التعرض المخطط لها تُطبَّق مبادئ الوقاية الثلاث لحماية الأفراد الذي تشملهم هذه الحلات. بينما تقتصر الحالات الطارئة و التعرض القائم عى مبدأي التبرير والتحسين. وتستبدل حدود الجرعة الموصى بها بمستويات يتم تحديدها حسب طبيعة الموقف. ولتوضيح كيفية تطبيق هذه المبادئ في الواقع، يمكن أن نأخذ مثلًا حالة منشأة نووية في منطقة مأهولة. يُحتِّم مبدأ التبرير على المستثمرين إظهار أدلة كافية تبين أن منافع المنشأة اجتماعيًا واقتصاديًا تفوق الأضرار التي قد يتعرض لها الجمهور من أثر الإشعاع الذي تسببه المنشأة. وبتطبيق مبدإ التحسين، يجب أن يكون تصميم مثاليًا لحصول أقل قدر من التعرض، مع الأخذ بعين الاعتبار التكلفة المادية للتصميم. أما مبدأ حدود الجرعة، فيُطبَّق بالتأكد الدوري من أن أيًا من العاملين في المنشأة لم يتخط حدود الجرعة المسموح بها للمهنيين [1].

الوقاية من أخطار التعرض الإشعاعي

تتنوع أساليب الوقاية من أخطار التعرض الإشعاعي حسب نوع التعرض، فالمعايير المتبعة في التعرض الداخلي ليست نفسها المتبعة في التعرض الخارجي. ويحدث التعرض الداخلي بدخول المادة المشعة جسد الإنسان عن طريق الاستنشاق أو البلع أو الحقن أو التسرب من خلال جرح مفتوح. ويتوقف هذا النوع من التعرض إما بشكل طبيعي –على شكل فضلات أو من خلال التحلل الكامل للمصدر المشع إلى مادة غير مشعة- أوبواسطة علاج طبي. بالنسبة للتعرض الخارجي، فإنه يحدث عندما يتموضع المصدر الإشعاعي خارج جسم الإنسان. ويمكن أن يكون التعرض الخارجي بتَوَضُّع المواد المشعة المحمولة في الهواء في الملابس أو الجلد، والتي يمكن إزالتها بالاغتسال، أومن خلال التعرض لمنبع خارجي من الإشعاعات كالتعرض للأشعة السينية أثناء الفحوص الطبية. ، ويتوقف التعرض، في هذه الحالة، حين يبتعد المرء عن مجال الإشعاع أومن خلال وضع حائل بينه وبين مصدر الإشعاع [1][4].

خطر التعرض الخارجي

يتم تقليل خطر التعرض الخارجي إما بتقليل زمن التعرض أو بتقليل معدل الجرعة التي يمتصها الجسم في مدة معينة. ويُقلَل معدل الجرعة إما بتقليص المسافة بين الشخص المتعرض ومصدر الإشعاع، أو من خلال وضع حائل بينه وبين المصدر [5].

الشكل 1: قدرة الاختراق لدى مختلف الجسيمات
  1. الزمن

تتزايد الجرعة الإشعاعية التي يتلقاها الفرد مع تزايد الفترة الزمنية التي يقضيها خلال التعرض. وحسب مبدإ التحسين، يجب تقليل الوقت الذي يقضيه العاملون في منطقة التعرض إلى أقل قدر ممكن [1].

  • المسافة

تتعلق المسافة بشكل عكسي مع معدل الجرعة الممتصة، حيث كلما ابتعدنا عن مصدر الإشعاع كلما قلت نسبة التعرض. ويؤثر شكل المصدر المشع على معدل الانخفاض. فبالنسبة للمواد الكروية مثلًا، ينقص معدل الجرعة إلى الربع إذا ضاعفنا المسافة بين المصدر والشخص المتعرض. بينما لا ينقص إلا بمقدار النصف إذا كان المصدر أسطواني الشكل [1].

  • الحائل

يتعلق سمك ونوع الحائل اللازم للوقاية من خطر التعرض الخارجي بنوع الإشعاع وطاقته. فجسيمات ألفا لا تحتاج إلا إلى قطعة من الورق لإيقافها. بينما تتطلب جسيمات بيتا حائلًا من البريسميكس بسمك 10 مليمترات. بينما تحتاج الأشعة السينية وأشعة غاما سمكا كبيرًا وكثافة عالية لإيقافها [1].

الشكل 2: طرق تقليص التعرض الخارجي

خطر التعرض الداخلي

على عكس التعرض الخارجي، فإن مجرد كمية صغيرة من المادة المشعة قد تسبب خطرًا كبيرًا عند دخولها للجسم. ويتعلق معدل بقاء المادة في الجسم بسرعة تحللها، التي تبدأ بأجزاء من الثانية وقد تصل إلى آلاف السنين، وبمعدل الإخراج الطبيعي للمادة على شكل فضلات، والذي يتراوح بين عدة أيام إلى بضع سنين [1].

وعند دخول مادة مشعة إلى جسد الإنسان فإنها تظل تتراكم في عضو معين (الرئة في حال الاستنشاق) إلى أن تتكتل معظمها داخله، ثم تبدأ بالاختفاء تدريجيًا إما عن طريق التحلل الإشعاعي أو على شكل مخلفات طبيعية. وبالتالي، فإن معدل الجرعة الممتصة يظل يتزايد بشكل متسارع إلى أن يصل إلى قيمة قصوى (عندما تتكتل معظم المادة المشعة داخل العضو)، ثم يبدأ بالتناقص تدريجيًا إلى أن ينعدم مع اختفاء المادة المشعة من الجسم [1].

من أجل تقليص أثر التعرض الداخلي يجب تقليل الجرعة بقدر الإمكان كما ينص مبدأ التحسين، بالإضافة إلى احترام حدود الجرعة التي يجب عدم تجاوزها. وفي العادة يتم تفادي التعرض الداخلي للعاملين عن طريق تنظيف أماكن التلوث الإشعاعي قبل دخول العاملين إليها. لكن في حال استدعى أحد العاملين أحد المناطق الملوثة فيجب حمايته بالملابس والأدوات المناسبة [1].

وفي الختام، يجب على العاملين في المجالات النووية عدم الاستهانة بالآثار الصحية  التي تسببها الإشعاعات واتباع مختلف التدابير الموصى بها وطنيُا وعالميًا مهما كان الملل الذي يسببه ذلك.

المصادر

[1] An Introduction to Radiation Protection

[2] Principles for Non-Ionizing Radiation Protection : Health Physics

[3] Radioprotection : principes de base et limites de doses

[4] Ionizing radiation, health effects and protective measures

[5] Personne compétente en radioprotection Principes de radioprotection – réglementation

ما الذي يجعل الأدب أدبا؟

لا يهتم المنهج البنيوي كالمناهج النسقية – المنهج التاريخي والمنهج الاجتماعي والمنهج النفسي – بالجانب الخارجي للعمل الأدبي، سواء كان حياة المؤلف أو نفسيته أو الظروف التاريخية أو الظروف الاجتماعية المصاحبة للفترة التي أنجز فيها العمل الأدبي. بل يهتم – المنهج البنيوي- بالجانب الداخلي للعمل الأدبي. ماذا تقصد البنيوية إذن حين تتحدث عن الجانب الداخلي للعمل الأدبي؟ وما الذي تبحث عنه البنيوية في العمل الأدبي؟ وما هي أبرز الحركات التي ساهمت في ظهور البنيوية؟

ما الذي يقصده المنهج البنيوي حين يتحدث عن الجانب الداخلي للعمل الأدبي؟

تسببت مقولة “أدبية النص” أو “أدبية الأدب” في نقل القيمة الفنية الخاصة بالأعمال الأدبية من السياق التاريخي والسياق الاجتماعي والسياق النفسي كما شهدناه مع المناهج السياقية، إلى السياق الداخلي للأعمال الأدبية المنبثق من داخلها. ويقصد بالسياق الداخلي “البنية” التي يعرفها النقاد بأنها “النظام الأدبي الذي يقوم على مجموع العلاقات الداخلية الموجودة بين مختلف عناصر النص”.[1]  

فلو حللنا قصة من الأدب الشعبي مثلا سنلاحظ حضور “التحضير للمواجهة” و”المبارزة” و”نتيجة” هذه المواجهة. وتبرز هذه الأخيرة عناصر البنية الداخلية للنص. تتضمن القصة شخصيات تحمل كل واحدة منها دورا معينا وهو ما يمكن أن نسميه بالعوامل. فلو كانت القصة تحكي عن رجل يريد الزواج من حبيبته لكنه يجد صعوبات تعيقه، ستكون حبيبته هي العامل المطلوب وستكون العوائق هي العامل المعارض، وستكون هناك عوامل مساندة تمكنه من بلوغ مراده. ولا تقتصر العوامل على هذه العوامل الثلاثة فقط، بل يمكن الحديث عن أكثر من ذلك، ليسمن المطلوب حضورها كاملة في كل قصة. ومن خلال هذه العوامل نستطيع فهم طبيعة البنية الخاصة بالنص. [2]

ما الذي يبحث عنه المنهج البنيوي في العمل الأدبي؟

تهدف الدراسة البنيوية إلى تحليل الكيفية التي تتفاعل بها هذه العناصر فيما بينها، وكيفية تكون المعنى من خلال الكلمات والجمل. فقد اكتفت البنيوية من التحليل التاريخي للأدب. “فالتاريخ فلسفة في الدرجة الأولى والأدب لا يكون أدبا بما فيه من فلسفة وإنما بشيء آخر”. وهذا الشيء هو هو ما أطلق عليه “أدبية النص” أو “أدبية الأدب”. [1]  إذ أن هم البنيوية كان هو الإجابة عن السؤال “ما الذي يجعل الأدب أدبا؟”.

ما الذي ساهم في ظهور المنهج البنيوي؟

ساهمت العديد من المدارس والاتجاهات وكذلك الأفراد في ظهور وتطور المنهج البنيوي، ولكننا سنقتصر على الحديث عن ثلاثة فقط، دي سوسير، والشكلانيين الروس، وكلود ليفي شتراوس مع إشارة خفيفة لياكبسون.

دي سوسير

قدم دي سوسير في محاضراته الشهيرة “محاضرات في اللسانيات العامة” التي تناولت علم اللسانيات مجموعة من الثنائيات. ولا يهمنا من هذه الثنائيات سوى ثنائية علم اللغة الداخلي وعلم اللغة الخارجي. ويقصد بعلم اللغة الداخلي القوانين المستخلصة من اللغة، فهذه القوانين أو القواعد غير المبتكرة من طرف البشر بل مصدرها هو اللغة نفسها وطبيعة هذه اللغة. بينما يعني علم اللغة الخارجي كل ما ارتبط بالظروف الخارجية للنص من أوضاع وبيئات خارجية تتصل بالحقائق اللغوية.

الشكلانيون الروس

ركزت هذه المدرسة  التي نشأت في روسيا “على دراسة الشكل الأدبي ودلالاته وطانت تحليلاتها لمفهوم الشكل قريبة جدا من مفهوم البنية” خاصة حين يتعلق الأمر بطريقة تحليلهم للنظم الإيقاعية للشعر والنثر ولقضايا أخرى ترتبط بالأدب عموما. [1]

كلود ليفي شتراوس وياكبسون

ومما ساهم بشكل كبير في بروز المنهج البنيوي رؤية كلود ليفي شتراوس الذي أدرك من خلالها أن المنهج اللغوي أكثر فائدة لدراسة البنى الاجتماعية وفهم علاقات المجتمعات الأولية من المنهج التاريخي والتحليلي. لذلك التقت أفكاره مع أفكار ياكبسون فحللا معا “سونيت القطط” لبودلير، وكان ذاك التحليل إعلانا لميلاد المنهج البنيوي.

خاتمة

سئم النقاد إذن من تحليل الأدب انطلاقا من سياقات خارجية قد لا تكون لها علاقة بما يحصل داخل النص، فاعتمدوا على مفهوم البنية ليحللوا النصوص الأدبية منفصلة عن كل السياقات الخارجية، وقد وصل الأمر ببعضهم إلى الحديث عن لاوعي خاص بالنص، ينفصل تماما عن الكاتب ولا وعيه الخاص.

المصادر

[1] مناهج النقد المعاصر، صلاح فضل.

[2] مبادئ تحليل النصوص الأدبية، بسام بركة، ماتيو قويدر، هاشم الأيوبي.

Exit mobile version