الثقوب السوداء: أكثر الأجرام ظلامًا في الكون

هذه المقالة هي الجزء 2 من 10 في سلسلة رحلة إلى أعتم أجسام الكون، "الثقوب السوداء"

تعرف «الثقوب السوداء-Black Holes» بأنها أجرام فلكية جاذبيتها هائلة جدًا، بحيث لا يمكن لأي شيء في الكون أن يفلت منها، ولا حتى الضوء. يسمى “سطحها” «أفق الحدث-Event Horizon»، ويمثل الحد الذي تتجاوز «سرعة الإفلات-Escape Velocity» فيه سرعة الضوء، أي على الجسم أن يتحرك أسرع من الضوء –وذلك مستحيل- كي يستطيع الإفلات من جاذبيتها. فأي مادةٍ أو إشعاع يصل ذلك الحد؛ يسقط فيها بلا عودة. [1]

من اكتشف الثقوب السوداء؟  

كانت سنة 1916 عام سعد الفيزيائي «كارل شوارزشايلد-Karl Schwarzschild». حيث اكتشف الثقوب السوداء صدفةً بينما كان يعمل على مسألة تتعلق بنظرية النسبية العامة لأينشتاين. فقد حاول شوارزشايلد دراسة قوة الجاذبية لجسم كروي منفرد ومتناسق، مثل الشمس في ضوء النسبية. لكن دراسته هذه انتهت إلى نتيجة غير مألوفة: لقد اختلفت الأمور كليًا عند نصف قطر معين، يسمى اليوم «نصف قطر شوارزشايلد-Schwarzschild radius».  وعرفت الثقوب السوداء حينها بأنها أجسام فلكية تحقق خاصية شوارزشايلد هذه. ثم توصل الباحثون لاحقًا لما يجعل طول شوارزشايلد مميزًا جدًا: إذا ضغطت كمية معينة من المادة في حيز أصغر من ذلك الطول، فستتغلب قوة جاذبيتها على كل القوى التي نعرفها، ولن يتمكن أي شيء من الهرب منها.

في البداية رفض الفيزيائيون فكرته، وافترضوا عدم إمكانية حدوث ذلك في الطبيعة. ثم في ثلاثينيات القرن الماضي؛ تبين أن الطبيعة تسمح للثقوب السوداء وقطرها الغريب بالوجود. فقد وضح الفيزيائي الهندي «صابرحمنيان تشاندراسيخار-Subrahmanyan Chandrasekhar» أنه إذا تجاوزت كثافة المادة حدًا معينًا، فلن تغلب قوة في الكون جاذبية هذه المادة، مما يتوافق كليًا مع فكرة شوارزشايلد. [2]

ما الذي يحدث داخل الثقب الأسود؟

ليست الثقوب السوداء بفضاء فارغ أبدًا، بل تحوي أطنانًا من المادة التي سحقت عند دخوله. حيث ينتهي المطاف بأي مادة تدخله إلى نقطة صغيرة لا متناهية في مركزه تدعى «المتفردة-Singularity». ومهما أبدى الجسم الساقط من مقاومة، ومهما يكن اتجاه سقوطه، فسينتهي في المتفردة خلال مدة وجيزة؛ بسبب قوة جذبها الهائلة.

لا يعلم الفيزيائيون طبيعتها على وجه التحديد، فعندها تنهار كل قوانين الفيزياء.  [3]

كيف يتأكد العلماء من وجود الثقوب السوداء؟

يعلم الفيزيائيون أن الثقوب السوداء موجودة، رغم عدم قدرتهم على رصدها مباشرةً أو رؤيتها، فمعظم أدلتهم غير مباشرة. مثلًا؛  رصد فريق من الباحثين أمواج سينية قوية تأتي من نظام «سيغنس إكس-1- Cygnus X-1» الذي يبعد عنا 6000 سنة ضوئية. ثم وجدوا أن النظام مكون من جسم كثيف معتم –ثقب أسود- يسحب الغلاف الجوي لجسم آخر قربه. لم ير الباحثون الثقب الأسود ذاته، ولكنه فيما يحاول ابتلاع الغلاف الجوي، ارتفعت حرارة الغاز فأطلق أمواج سينية قابلة للرصد وعلمنا أن الثقب موجود. [4]

صورة توضح ابتلاع الثقب الأسود سيغنس إكس-أ لمجاوره
حقوق الصورة: ESO

ما هي أحجام الثقوب السوداء؟

يمكن أن تكون الثقوب السوداء صغيرة أو كبيرة، ولكن أصغرها (بحجم الذرة) له كتلة هائلة (كتلة جبل). أما الثقب الأسود في سيغنس إكس-1 فهو أقرب ثقب أسود إلينا، وكتلته تعادل 20 ضعف كتلة الشمس، وهي كتلة متوسطة نوعًا ما مقارنة بباقي الثقوب السوداء في الكون. فيما قدر العلماء وجود 10 مليون ثقب أسود على الأقل في مجرتنا. وكغيرها من المجرات في الكون؛ يحتل ثقب أسود عملاق مركزها، ويسمى «القوس-أ-Sagittarius-A». تكون الثقوب السوداء العملاق أثقل بملايين المرات من الشمس، ومئات المليارات أحيانًا. وتصل هذه الثقوب لأحجام هائلة؛ نتيجة ابتلاعها كل ما يحيط بها من مادة، واندماجها مع ثقوب سوداء أصغر منها. [5]

ماذا يحدث لو سقطت داخل ثقب أسود؟

من حسن الحظ أن أقرب ثقب أسود يبعد عنا آلاف السنين الضوئية. فتأثيرهم على الاجسام البعيدة لا يخالف تأثير أي جسم ثقيل آخر في الكون. أما إذا بدلت الشمس بثقب أسود له نفس كتلتها، لن يتغير مدار الأرض أبدًا، لأن قوة الجاذبية بقيت نفسها. لكنك إن اقتربت من ثقب أسود عادي، فستكون قوة جاذبيته قوية لدرجة تجعل جسمك يمتط ويتحول إلى خيط رفيع من الجسيمات قبل أن تصل إلى أفق الحدث حتى، في حدث يسمى «تأثير السباجيتي-spaghettification».
[1]
وفي كل الأحوال؛ من المستبعد أن تصل إلى ثقب أسود، فلما القلق؟

المصادر

[1] NASA
[2] ScienceFocus
[3] NASA_2
[4] NASA_3
[5] California Institute of Technology

التجربة الثورية في ميكانيكا الكم: تجربة شتيرن-غيرلاخ

التجربة الثورية في ميكانيكا الكم: تجربة شتيرن-غيرلاخ

أحدثت تجربة شتيرن-غيرلاخ ثورة في ميكانيكا الكم، إذ أظهرت أن الكم المكاني موجود بالفعل وهو ظاهرة لا يمكن استيعابها إلا بميكانيكا الكم وسنتعرف في مقالنا على تلك التجربة لكن دعونا أولا نأخذ نبذة عن علمائها…

* (لمعرفة بعض من ظواهر ميكانيكا الكم تابع مقال ما الفرق بين البت الكمي والبت الكلاسيكي؟)

من هو «أوتو شتيرن-Oto Stern»؟


هو عالم ألماني، ولد في عام 1888 في Żary وهي مدينة غرب بولندا وتوفي في 1969 في Berkeley، حاز على جائزة نوبل للفيزياء عام 1943.

مراحل في حياة شتيرن

كان يدرس مبكرًا نظرية الديناميكا الحرارية الإحصائية وأصبح محاضرًا في الفيزياء النظرية بجامعة فرانكفورت ومن ثم أستاذًا في الكيمياء الفيزيائية في جامعة هامبورغ.

حينها أجرى شتيرن ووالتر جيرلاخ تجربتهما التاريخية في هامبورغ في أوائل عشرينيات القرن الماضي.

اضطر شتيرن في عام 1933 للمغادرة من ألمانيا بسبب وصول النازيين إلى السلطة وذهب إلى الولايات المتحدة. إذ أصبح باحثًا في الفيزياء في معهد كارنيجي للتكنولوجيا ومكث هناك لحين تقاعده عام 1945.

حصل على جائزة نوبل عام 1943 لدوره في التجربة الشهيرة شتيرن-غيرلاخ في حين استُبعد زميله والتر غيرلاخ لأنه استمر في العمل مع النازيين أثناء الحرب، وأحدثت تجربتهما ثورة في ميكانيكا الكم. [1]

من هو «والتر غيرلاخ-Walther Gerlach»؟

هو عالم فيزيائي ألماني ولد في 1889 في Biebrich am Rhein وتوفي في 1979 في Munich. اشتهر بشكل خاص بعمله مع أوتو شتيرن.

مراحل في حياة غيرلاخ


تلقى تعليمه في جامعة توبنغن، إذ أصبح محاضرًا عام 1916 وبعد فترات في غوتنغن وفرانكفورت عاد إلى توبنغن كأستاذ في الفيزياء في عام 1925. ومن ثم أستاذ في الفيزياء في ميونخ من عام 1929 إلى عام 1957.

قدم مساهمات عدة في مجالات الإشعاع والتحليل الطيفي ونظرية الكم وله عدة كتب مثل «Magnetismus (1931), Include Grundlagen der Quantentheorie (1921), Humaniora und Natur (1973)». [2]

ما هي تجربة شتيرن-غيرلاخ ببساطة؟

يدور الإلكترون حول النواة وينتج عنه تيار وتتصرف الذرة كما لو كانت مغناطيسيًا صغيرًا! أجرى كل من العالمان أوتو شتيرن ووالتر غيرلاخ تجرية في عام 1922 هدفها توضيح الاتجاه المكاني للجسيمات الذرية ودون الذرية ذات القطبية المغناطيسية. (أي إثبات أن الحركة المدارية للإلكترون كمية).

ما الذي استخدماه شتيرن وغيرلاخ في تجربتهما؟

•فرن كهربائي
•مجال مغناطيسي غير منتظم
•عينة من الفضة
•لوح زجاجي

خطوات التجربة


تم تسخين عينة الفضة في فرن كهربائي، لتنطلق حزمة من ذرات الفضة. وُجهت تلك الحزمة -استخدمت ذرات الفضة لأن غلافها الخارجي يحتوى على إلكترون واحد فقط- عبر مجموعة من الشقوق المحاذية. ومن ثم عبرت مجال مغناطيسي غير منتظم (كان القطب الشمالي مددب لتصبح شدة المجال المغناطيسي كبيرة والجنوبي مقعر لتقل عنده شدة المجال المغناطيسي). [3]

ومن ثم تترسب ذرات الفضة على اللوح الزجاجي ويحدث ما هو ليس متوقع؟

فيما خالف تلك التجربة الفيزياء الكلاسيكية؟

تعد ذرة الفضة محايدة كهربيًا فهي مغناطيس ذري يتسبب في دوران إلكترون غير مزدوج في أن ينشأ قطب شمالي وقطب جنوبي مثل إبرة البوصلة تمامًا. كذلك في المجال المغناطيسي غير المنتظم تكون القوى الموجودة على القطبين غير متساوية. فعند توجيه الحزمة تترسب ذرات الفضة في منطقتين فقط كما موضح بالشكل.

تجربة شتيرن-غيرلاخ

هذا ما خالف الفيزياء الكلاسيكية لأنه توقع العلماء أن تتوزع ذرات الفضة بشكل عشوائي. من خلال تلك التجربة توصل العلماء إلى أن للإلكترون حركة مدارية كمية حول النواة. وآنذاك لم يكن معروف عدد الكم المغزلي وكان معروف العزم المغناطيسي فقط، إذ تحتوى ذرة الفضة على 47 إلكترون وفي غلافها الخارجي 5s يظهر الـ Spin حيث جميع إلكتروناتها عزمها المغناطيسي صفر وذلك لإكتمال جميع الأغلفة عدا الذرة الأخيرة، فتتصرف الذرة كجسم عدده الكمي مقداره 1/2. [3,4]

تطبيقات تجربة شتيرن-غيرلاخ

طُبقت تجربة شتيرن-غيرلاخ لدراسة النيتروجين النشط وكذلك كان لها الفضل في اكتشاف الرنين المغناطيسي على يد العالم إيزيدو رابي.

المصادر

مصدر 1 2 3 4

لغز الطاقة المظلمة: ما تفسيراته المحتملة؟

هذه المقالة هي الجزء 1 من 9 في سلسلة رحلة بين 8 ألغاز كونية مذهلة!

تعتبر «الطاقة المظلمة-Dark Energy» إحدى الظواهر غير المفسرة في الكون. فهي المسؤولة عن زيادة سرعة توسعه، ومنعه من الانكماش على نفسه. ورغم أنها تشكل حوالي ثلاثة أرباع الكون، إلا أننا حتى الآن لا نعرف طبيعتها والسر وراءها. وقد تعتقد أن لهذه الطاقة علاقة ب«المادة المظلمة-Dark Matter». ولكن في الحقيقة، لا يربط بين اللغزين سوى كلمة “مظلمة”، إشارةً لأننا لا نعلم عن كليهما شيئًا. فما الذي دفعنا للاعتقاد بوجود هكذا طاقة غامضة؟ وما تفسيراتها المحتملة؟ 

ما هي الطاقة المظلمة؟

من الصعب الإجابة عن هذا السؤال، فطبيعتها لا تزال مجهولة. ولكننا نعلم يقينًا أنها مهمة، فقد قدر العلماء أنها تشكل 68% من كوننا، واعتمدت تقديراتهم هذه على مقدار تأثيرها في توسع الكون. بينما شكلت المادة المظلمة حوالي 27% من الكون. أما ال 5% المتبقية فهي كل ذرة في الأرض وعليها، وكل جسم رصدناه وقد نرصده خارجها. وكأننا نقول أن ما ندعوها مادةً عاديةً أقل شيوعًا من أن تكون كذلك! [1]

وقد تشرح قصة اكتشاف الطاقة المظلمة ما نعرفه عنها:

اكتشاف الطاقة المظلمة

مهد اكتشاف توسع الكون الطريق أمام الطاقة المظلمة، ولا معنى لها من دونه:

توسع الكون

في عام 1929؛ اكتشف الفلكي الأمريكي «إدوين هابل-Edwin Hubble» أن الكون يتوسع. كما لاحظ أنه كلما كانت المجرة أبعد عن الأرض؛ كلما تحركت أسرع بعيدًا عنها. لكن ذلك لا يعني أن الأرض هي مركز الكون، بل أن كل شيء في الفضاء يبتعد عن كل شيء بمعدل ثابت سمي «ثابت هابل-Hubble Constant».
[2]

وفي مطلع تسعينيات القرن الماضي، تأكد العلماء من توسع الكون. فكان أمامهم احتمالين: إما أن الكون فيه مادة جاذبيتها كافية لجعله ينكمش على نفسه في حدث «الانكماش العظيم-The Big Crunch». أو أن مقدار المادة في الكون أقل بقليل من ذلك؛ فيستمر بالتوسع دون توقف، وحتى في هذه الحالة؛ ستبطؤ الجاذبية من سرعة توسعه. لكن لم يتمكن العلماء من رصد هذا التباطؤ، رغم تأكدهم من وجوب حدوثه نظريًا، فالكون يحوي مادة تكفي جاذبيتها لينكمش. [3]

صورة توضح حدث الانكماش العظيم

الكون يتسارع

ثم حدثت المفاجأة عام 1998. حين عمل فريقان مستقلان من الفلكيين على حساب المسافات بين النجوم عن طريق تحليل صور «مستعر أعظم-Supernova» بعيد جدًا. وعند قياسهم ضوء المستعر الأعظم؛ لاحظوا أنه أخفت مما ينبغي، مما يعني أن الضوء سافر لمسافات أبعد مما توقعوا، وأن الكون يتوسع أسرع من ذي قبل!

لم يتوقع أحد ذلك، كما لم يتمكن أحد من شرحه، ولكن الجميع كان متيقنًا من وجود سبب وراءه. ثم حاول الباحثون تفسيره بشتى الطرق. اعتمدوا في بعضها على نماذج نظرية أينشتاين للجاذبية، وعلى تدفق غامض من الطاقة في بعضها الآخر. فيما اقترح آخرون أن نظرية أينشتاين خاطئة ولا بد من الإتيان بنظرية جديدة تزيل الغموض عن التوسع.

ولا يعلم الباحثون حتى الآن ما هو التفسير الصحيح، ومهما يكن فقد أطلقوا عليه اسم الطاقة المظلمة. [4] إليك أبرز التفسيرات المحتملة للطاقة المظلمة:  

التفسيرات المحتملة

الطاقة المظلمة سمة من سمات الفضاء

يقترح بعض العلماء أن الطاقة المظلمة ليست سوى سمة من سمات الفضاء. فقد كان «ألبرت أينشتاين-Elbert Einstein» أول من لاحظ أن الفضاء الفارغ كيان بحد ذاته، وهي سمة من سمات الفضاء المميزة التي نقترب من فهمها شيئًا فشيئًا. كما وضح احتمالية تولد المزيد من الفضاء تباعًا. ثم جاء أحد نماذج نظرية أينشتاين للجاذبية، تحديدًا النموذج الذي يتضمن «الثابت الكوني-The cosmological Constant»، ليتوقع أن “الفضاء الفارغ” يملك طاقته الخاصة. حيث افترض أن هذه الطاقة هي سمة من سمات الفضاء ذاته لا تفترق عنه. وبما أنها سمة له؛ لا بد لنسبتها أن تبقى ثابتة.

والآن لنجمع توقعات أينشتاين سويةً. إذا بدأ المزيد من الفضاء بالوجود، على الطاقة هذه أن تزداد لتبقى نسبتها ثابتة في الفضاء. وكنتيجة لذلك، قد تزيد هذه الطاقة من سرعة توسع الكون أكثر فأكثر.

ولكن للأسف؛ لا أحد يرى سببًا لوجود ثابت كوني كهذا، أو لأخذه هذه القيمة بالتحديد والتي تسبب تسريع توسع الكون. [5]

تفسير الكم للطاقة المظلمة

قدمت ميكانيكا الكم شرحها الخاص للطاقة المظلمة مقترحةً مصدرًا للطاقة الغامضة هذه، واعتمدت فيه على «نظرية الكم للمادة-The quantum theory of matter». ففي هذه النظرية؛ يكون الفضاء ممتلئًا بأزواج من الجسيمات الافتراضية، التي تفني بعضها باستمرار، وتتولد نتيجة اهتزاز حقول الطاقة. قد يبدو ذلك مقنعًا، ولكن عندما حسب العلماء مقدار الطاقة التي سيمتلكها الفضاء في نموذج نظرية الكم هذا، وجدوا أنه أكبر ب 120 10 (1 متبوع ب 120 صفرًا) مرة من مقدار الطاقة الفعلي. [6]

من النادر أن يحصل العلماء على إجابة خاطئة لهذه الدرجة، لذلك يستمر الغموض.

الطاقة المظلمة كنوع جديد من الطاقات الديناميكية

فيما يقترح علماء آخرون أن الطاقة المظلمة نوع جديد من الطاقة أو حقول الطاقة الديناميكية. طاقة تملأ الكون ولكن تأثيرها على توسعه معاكس تمامًا لتأثير المادة والطاقة العاديتان. ويدعوها بعضهم «الجوهر-Quintessence»، نسبةً إلى العنصر الخامس من عناصر المادة عند الإغريق. وحتى لو كان الجوهر صحيحًا، لن يحل من الغموض شيئًا. بل على العكس، سيضع أمامنا تساؤلات جديدة عن طبيعته أو السبب وراء وجوده، وكأننا حللنا اللغز بلغز آخر. [7]

خطأ ما في نظرية أينشتاين

أما الاحتمال الأخير فيقترح أن نظرية أينشتاين للجاذبية خاطئة. ويطلب نظرية جديدة تفسر هذا التوسع المتسارع. قد يحل ذلك لغز الطاقة المظلمة، ولكنه أيضًا يؤثر على فهمنا لتأثير المادة العادية في المجرات والعناقيد المجرية. ولو افترضنا أننا بحاجة لنظرية كهذه، كيف لها أن تكون؟ وكيف سيمكنها وصف حركة الأجسام في مجموعتنا الشمسية بشكل صحيح كما فعل أينشتاين، وأن توفق ذلك مع تسارع توسع الكون في الوقت ذاته؟ لربما يوجد نظرية كهذه، ولكننا لم نتوصل لها بعد. [8]

إن السؤال حول طبيعة الطاقة المظلمة يتطلب –كما يبدو- بيانات أضخم بكثير من التي أوصلتنا لاكتشافها، وربما زمنًا أطول.

المصادر

[1] CERN
[2] Hubble Space Telescope website
[3] NASA
[4] Scientific American
[5] Harvard university
[6] DeGruyter
[7] Princeton University
[8] NASA_2

ما الذي يميز البت الكمي عن البت الكلاسيكي؟

هزم حاسوب «IMB Deep Blue» بطل الشطرنج «غاري كاسباروف» في عام 1997، إذ حسب 200 مليون حركة في الثانية، وكان ذلك بسبب خطأ في برمجيه الجهاز، ومن المثير أن الحاسوب الكمي سيكون قادرًا على حساب تريليون حركة في الثانية! في عام 2019، حقق فريق من جوجل إنجازًا ببناء حاسوب كمي باستخدام كيوبتات فائقة التوصيل، فحاسوب «Sycamore» حل مشكلة تستغرق 10 آلاف سنة بالحواسيب التقليدية في 200 ثانية فقط… في عام 2020، بنى فريق صيني حاسوب كمي باستخدام كيوبتات ضوئية، إذ تعتمد على الضوء وتجعل الحاسوب أسرع. [7،8]

أما في يوليو الماضي، قام فريق بحثي صيني أخر ببناء جهاز حاسوب كمي، إذ أكمل هذا الحاسوب عملية حسابية في ما يزيد قليلًا عن ساعة مقارنة بحاسوب تقليدي سيكملها في ثماني سنوات! إضافة إلى شركة IBM التي صرحت أنها بحلول 2023، ستبني حاسوبًا كميًا من 1000 كيوبت، حيث أنه كلما زاد عدد الكيوبتات زادت سرعة ومعالجة الحاسوب. أخيرًا، تأتي الإمارات بأنها ستدخل هذا السباق وتستعد ببناء حاسوب كمي. [6،9]

فوسط هذا الصراع الكمي، نقدم لكم سلسلة في الحوسبة الكمية وعملياتها…

ففي هذا المقال سنتحدث عن البنية الأساسية للحواسيب الكمية؛ لنخوض بعدها في تفاصيل العوامل التي نتلاعب فيها بتلك البنية، وتلك البنية الأساسية هي الكيوبت أو البت الكمي؟ فما هو البت الكمي وما الذي يميزه؟

وقبل الحديث عن ماهية الكيوبت، علينا معرفة بعض المصطلحات الهامة، ألا وهي: التراكب والتشابك والتداخل.

ما هو التشابك الكمي؟

هو أحد الظواهر الغريبة التي نراها داخل عالم الكم، عندما يرتبط جسيمان أو أكثر بطريقة معينة بغض النظر عن المسافة بينهما في الفضاء. ففي العقود الأولى من القرن العشرين، طور الفيزيائيون الأفكار الأساسية وراء التشابك أثناء دراستهم لميكانيكا الكم ووجدوا أنه لابد لوصف الأنظمة دون الذرية استخدام ما يسمى بالحالة الكمية.

التشابك

ما هي الحالة الكمية؟


لا يوجد شيء مؤكد في عالم الكم فمثلًا لا نعرف أبدًا مكان وجود الإلكترون في الذرة بالضبط، فتأتي الحالة الكمية هنا لتلخص احتمالية قياس خاصية معينة لجسم ما مثل موضعه… فتصف جميع الأماكن التي قد نجد فيها الإلكترون.

ميزة أخرى للحالات الكمية

صدرت ورقة بحثية في عام 1935، حيث قام إلبرت أينشتاين وبوريس بودولسكي وناثان روزن بفحص مدى قوة ارتباط الحالات الكمية مع بعضها. وجدوا حينها أنه عندما يرتبط جسيمان؛ فإنهما يفقدان حالتهما الكمية الفردية ويتشاركان في حالة واحدة. تلك الحالة الموحدة هي التشابك الكمي. إذ بسبب الترابط الشديد، فإن قياسات أحد الجسمان تؤثر تلقائيًا على الآخر بغض النظر عن بعدهما عن بعضهما.

كان إروين شرودنجر أول عالم فيزياء استخدم كلمة “تشابك” وهو أحد مؤسسي ميكانيكا الكم ووصف التشابك بأنه الجانب الأكثر أهمية في ميكانيكا.

طرق تشابك الجسميات

هناك العديد من الطرق إحداها تتمثل في تبريد الجسميات ووضعها بالقرب من بعضها بحيث تتداخل حالاتها الكمية مما يجعل من المستحيل تمييز جسيم عن الآخر.

تتمثل الطريقة الأخرى في اعتمادها على بعض العمليات دون الذرية مثل الاضمحلال النووي والذي ينتج عنه تلقائيًا جزيئات متشابكة. كذلك من الممكن إنشاء جزيئات متشابكة من الفوتونات أو جسيمات الضوء. يمكن استخدام التشابك الكمي في التشفير وكذلك في الحوسبة الكمية. [3]

ما هو التراكب الكمي؟

إحدى الخصائص التي يتميز بها الكيوبت هي حالة التراكب، فالتراكب أحد المبادئ الأساسية لميكانيكا الكم. يمكن رؤية الموجة التي تصف نغمة موسيقية على أنها عدة موجات بترددات مختلفة في الفيزياء الكلاسيكية. فالتراكب هو إضافة حالتين كميتين أو أكثر لخلق حالة كمية أخرى. [1]

التراكب

ما هو التداخل الكمي؟

استمر الجدل حول إذا ما كان الضوء جزيئات أم موجات إلى أكثر من ثلاثمائة عام. حتى أعلن إسحاق نيوتن في القرن السابع عشر أن الضوء يتكون من تيار من الجسميات. وابتكر توماس يونغ تجربة الشق المزدوج في أوائل القرن التاسع عشر؛ لإثبات أن الضوء عبارة عن موجات. على الرغم من صعوبة قبول نتائج التجربة إلا أنها قدمت دليلًا على التداخل الكمي. حينها صرح الفيزيائي ريتشارد فاينمان أنه يمكن استيعاب أساسيات ميكانيكا الكم من خلال تجربة الشق المزدوج. [4]

يمكن أن تتداخل حالات الكيوبت مع بعضها لأن كل حالة تُوصف بسعة احتمالية مثل اتساع الموجات. يوجد نوعان من التداخل، فالتداخل البناء يعزز السعة والهدام يلغي السعة. تُستخدم تلك التأثيرات في خوارزميات الحوسبة الكمية مما يجعلها مختلفة عن الخوارزميات الكلاسكية. [3]

التداخل

ما هو الكيوبت؟

تتضمن جميع العمليات الحسابية إدخال للبيانات ومعالجتها وفقًا لقواعد معينة ومن ثم إخراج النتيجة النهائية لنا. والوحدة الأساسية للبيانات هي “البت” أما الوحدة الأساسية للحسابات الكمية هي “البت الكمي أو الكيوبت”.

فالكيوبت الكمي يشبه البت الكلاسيكي. إذ من حيث قدرة البت الكلاسيكي فله حالتين 1 أو 0 أما البت الكمي فله حالات متعددة مثل 1 أو 0 أو 2 أو تراكبًا للحالات. [5]

كيف تصنع الكيوبتات؟


يمكن تصنيع الكيوبتات من أيونات أو فوتونات أو ذرات اصطناعية أو حقيقة أو اشباه الجسيمات.

كيف يتم تمثيل الكيوبتات؟

تُمثل الكيوبتات من خلال تراكب حالات متعددة محتملة، إذ يستخدم الكيوبت ظواهر ميكانيكا الكم.

إذ يمنح التراكب الحواسيب الكمية قوة حوسبة فائقة، فيسمح للخوارزميات الكمية بمعالجة المعلومات في وقت أقل ويعمل كل من التراكب والتداخل والتشابك على إنشاء قوة حوسبة يمكنها حل المشكلات بشكل أسرع من الحواسيب الكلاسيكية. [2]

أهم ما يميز الكيوبت عن البت

المصادر

[1] Quantum-inspire
[2] Azure-Microsoft
[3] Livescience
[4] Whatis
[5] Jack D. Hidary, Quantum Computing: An Applied Approach, Springer, 2019, (page 17-18)

[6] Wired

Ibm [7]

bbc [8]

[9] Ibm

الأكوان المتعددة: لماذا يعتقد البعض بوجودها؟

هذه المقالة هي الجزء 2 من 9 في سلسلة رحلة بين 8 ألغاز كونية مذهلة!

تقترح فرضية «الأكوان المتعددة-Multiverse Hypothesis» أن كوننا –بما فيه من مجرات ونجوم- ليس الكون الوحيد. وتطرح احتمالية وجود أكوان أخرى مختلفة ومنفصلة تمامًا عن كوننا.  وبحسب هذه الفرضية؛ من الممكن وجود عدد لا نهائي من الأكوان، لكل منها قوانينه الفيزيائية الخاصة، ومجموعته من المجرات والنجوم (إن سمحت قوانينه بوجودها)، وحتى حضارته الذكية الخاصة التي اكتشفت -أو لم تكتشف بعد- وجود أكوان أخرى غير كونها. قد تبدو هذه الفرضية جامحة بشكل لا يصدق؛ فلماذا إذًا يعتقد بعض العلماء بها؟ [1]

الأدلة النظرية على الأكوان المتعددة

نظرية التضخم

يجد مفهوم الأكوان المتوازية مكانةً له في عدة مجالات فيزيائية وفلسفية أيضًا. لكن من المؤكد أن أبرز مثال يأتينا من «نظرية التضخم-Inflation Theory». تعنى نظرية التضخم بحال الكون بعد أقل من ثانية من تشكله. وبالتحديد؛ تصف حدثًا توسع فيه الكون جدًا في وقت ضئيل، “متضخمًا” ليصبح أضعاف حجمه السابق. ويعتقد العلماء أن حدث التضخم هذا انتهى منذ حوالي 14 مليار سنة. لكنه لم ينته في كل مكان في الوقت ذاته، فمن الممكن أنه انتهى في منطقة ما واستمر في الأخرى. [2]

وبالتالي؛ بينما انتهى التضخم في كوننا؛ من الممكن أنه استمر في مناطق بعيدة جدًا منه. بحيث ينتؤ كون مستقل من كل تضخم مستمر، وهكذا دواليك. ولفهم ذلك؛ تخيل أنك تنفخ بالونًا، وبسبب خطأ ما في تصنيعه كانت بعض المناطق منه أرقّ من غيرها. بينما توقف بالونك عن الانتفاخ بعد أن امتلأ هواءً؛ استمرت هذه المناطق الرقيقة منه بالانتفاخ، وبرزت كأنها بالون جديد ناتئ من بالونك الأساسي. والفرق هنا أن العملية لا نهائية في الأكوان المتعددة، فكل “نتوء” جديد سيحوي مناطق يستمر فيها الانتفاخ بعد ان يتوقف في غيرها، لنحصل على انتفاخات لا نهائية داخل انتفاخات أخرى.   

صورة توضح نشوء الأكوان المتعددة بالتضخم
حقوق الصورة: Express

وفي هذا السناريو من التضخم اللانهائي؛ كل كون جديد سيكون مستقلًا عن الكون الذي نشأ منه. ويكون له قوانينه الفيزيائية الخاصة، مجموعته من الجسيمات، ترتيبه من قوى الطبيعة، وقيمه وثوابته الخاصة. ربما يفسر ذلك لما لكوننا خواصه الحالية، وخاصةً تلك التي يصعب على الفيزياء النظرية شرحها، كالمادة المظلمة و«الثابت الكوني-Cosmological constant». فإذا كان هناك أكوان متعددة؛ سيكون هناك ثابت كوني مختلف لكل كون منها، وسيكون توزيع الثوابت عشوائيًا. ويكون ثابت كوننا ليس مميزًا ومحض صدفة لا أكثر. [1]

وجود حياة ذكية في الكون

يعتقد بعض العلماء أن أحد أهم الأدلة على الأكوان المتعددة هو وجودنا وتمكننا من طرح سؤال كهذا. فلطالما شعرنا وكأن كوننا معد مسبقًا ليحضن حياةً ذكية. وكأن كل القوانين والقوى مضبوطةٌ لتلائم وجودنا وتدعمه. وتبدو هذه السمات مميزة جدًا، من استقرار نواة الذرة وتوافر الكربون في الكون، إلى وجود الضوء وحياة النجوم الطويلة.  

ولكن كل ذلك يصبح “طبيعيًا” إذا ما افترضنا وجود عدد لانهائي من الكون. حيث تخبرنا الاحتمالات أنه لا بد من وجود كون من هذه الأكوان تجتمع فيه كل الشروط المناسبة لنشأة الحياة. وبالتالي هناك أيضًا عدد هائل من الأكوان التي لا تدعم الحياة، فلماذا وجدنا في هذا الكون بالتحديد؟ لأنه الوحيد الذي يسمح بذلك.

  ولا بد أن نذكر أن علماء الإحصاء اختلفوا معهم في ذلك، ولم يعتبروا وجود الأكوان المتعددة ضرورة لوجودنا.[3]

ميكانيك الكم

يعد «مبدأ التراكب-superposition» حجر الزاوية في ميكانيكا الكم. وينص أن الجسيم أو الكم يتواجد في حالتين و مكانين مختلفين في الوقت ذاته. ومثالًا على ذلك نرى الطبيعة المثنوية للضوء، فالضوء جسيم يدعى الفوتون وموجة كهرومغناطيسية في آن واحد. وأيضًا؛ يوجد الإلكترون هنا وهناك في الوقت ذاته، ولكننا عندما نرصده نجبره على اختيار مكان منهما. [4]

ويمهد هذا المبدأ لتجربة «قطة شرودينغر-Schrödinger’s cat»، وهي قطة محبوسة في صندوق مغلق، ومصيرها محكوم بأداة كمية قاتلة. وبما أن الأداة توجد في حالتين مختلفتين إلى أن نفتح الصندوق ونقوم بالرصد؛ فالقطة حية وميتة في آن واحد. [5]

وعوضًا عن افتراض أننا “نجبر” الكم على اختيار حالة أو مكان واحد عند رصدنا، يميل مؤيدو فرضية الأكوان المتعددة لتفسير أخر. حيث يعتقدون أنه لا حاجة للاختيار أصلًا! ففي اللحظة التي نرصد فيها الكم، ينقسم الواقع إلى نسختين: واحدة نرصده وقد اختار الحالة 1، وآخر نرصده وقد اختار 2. وكان الواقع يتكون من عدة طبقات متفرعة، كل منها يشكل كونًا من الأكوان المتعددة.  [6]

ولكن لا يزال العلماء متحفظين ومشككين في هذه الفرضية، فالأدلة حتى الآن غير مقنعة كفاية.

الأدلة المادية على الأكوان المتعددة

حاول عدة علماء إيجاد أدلة مادية رصينة تثبت وجود الأكوان المتعددة. مثلًا؛ لو حدث وكان كون ما قريب من كوننا بشكل كافي لالتحم معه مخلفًا أثرًا ما. قد يكون ذلك الأثر تشوهات في «إشعاع الخلفية الكونية الميكروي-cosmic microwave background radiation»* ، أو تصرفات غريبة للمجرات.  

في حين يبحث علماء أخرون في أنواع خاصة من الثقوب السوداء، والتي قد تكون آثارًا لقطع من كوننا انفصلت إلى داخل الكون الآخر في عملية تعرف ب«النفق الكمومي-Quantum tunneling». فإذا انفصلت مناطق من كوننا بهذه الطريقة؛ ستخلف وراءها “فقاعات” في كوننا والتي قد تتحول إلى ثقوب سوداء. [7]

*إشعاع الخلفية الكونية الميكروي: الإشعاع الذي أصدره كوننا عندما كان شديد الكثافة وأصغر بمليون مرة مما هو عليه الآن.

ولكن بحثهم هذا لم يثمر حتى الآن، ولا تزال فكرة الأكوان المتعددة افتراضًا فقط.

المصادر

[1] Nature

[2] NASA

[3] Scientific American

[4] Cornell University

[5] joint quantum institute

[6] space

[7] university College London

المغناطيسيات الكلاسيكية وميكانيكا الكم

المغناطيسيات الكلاسيكية وميكانيكا الكم

ربما تبادر سؤال لذهنك وهو ما العلاقة بين المغناطيسيات وميكانيكا الكم؟ دعني أخبرك عزيزي القارئ بأن ميكانيكا الكم للمغنطيسيات هي واحدة من أهم الأنظمة في عالم الكم. لذا علينا قبل الانتقال إلى فهمها بأن نفهم أولًا كيف تتصرف المغنطيسيات الكلاسيكية. ففي مقالنا ( المغناطيسيات الكلاسيكية وميكانيكا الكم ) سنفهم ذلك. فسنتعرف عن ماهية المجال المغناطيسي والقوة المغناطيسية وكيف ينشأ المجال وتاريخ استكشافه…

سنصف الآن تفصيليًا ما يحدث عند وضع مغناطيس متحرك في مجال مغناطيسي غير منتظم وهذه أكثر الحركات تعقيدًا في الميكانيكا الكلاسيكية؛ لذا سنحلل كل جزء ببطء حتى نتمكن لاحقًا من فهم تجربة «stern-Gerlach» التي تجرى باستخدام الإبر المغناطيسية أو الحلقات ومن ثم نفهم سلوك النسخة الكمومية للتجربة، فهيا بنا.

ربما سمعنا عن مصطلح يسمى «القوة-Force» والمصطلحات دفع أو ضغط تعبر كذلك عن القوة, فإذا ضغطنا في نفس الاتجاه على جسم بالتساوي وفي مكانين مختلفين، فإنه سيتحرك موازيًا لوضعه الأول.

إذا طبقنا قوتين متساويتين في اتجاهين متعاكسين (بينهما مسافة) فإنهما سيتسببان في دوران ذلك الجسم وهذا ما نطلق عليه عزم الدوران.

فعزم الدوران هو القوة التي يمكن أن تتسبب في دوران جسم حول محوره.

لذا دعونا نلخص بعض الحقائق التي يجب أن نعرفها عن المغناطيس:

  • يحتوى المغناطيس على قطبين شمالي وجنوبي.
  • الأقطاب المختلفة تتجاذب.
  • تقل القوة كلما ابتعدنا عن القطب المغناطيسي.

الأن لندخل في المجال المغناطيسي الذي يعد محورًا لحديثنا وهام فهمه لما هو قادم.

ما هو المجال المغناطيسيّ؟

قبل التعرف على المجال المغناطيسيّ وجب أن نعرف ما هي القوة المغناطيسية؟

القوة المغناطيسيّة هي نتيجة القوة الكهرومغناطيسية التي تنتج عن حركة الشحنات (الموجبة أو السالبة) وهي من القوى الأساسية الأربعة للطبيعة (القوة الكهرومغناطيسية وقوة الجاذبية والقوة النووية القوية والقوة النووية الضعيفة).

فالمجال المغناطيسيّ صورة لوصف كيفية توزيع القوة المغناطيسيّة حول أو داخل شيء مغناطيسيّ. أو المنطقة المحيطة بمادة مغناطيسية أو شحنة كهربائيّة متحركة تعمل فيها قوة مغناطيسيّة.

فالمغناطيس له قطبان والأقطاب المتعاكسة تتجاذب والمتشابهة تتنافر ويصف المجال المغناطيسيّ المنطقة المحيطة بالمغناطيس عند مرور تيار كهربي. دعونا نعرف كذلك ما هي القوى الأساسية الأربعة في الطبيعة؟

الجاذبية

الجاذبية هي التجاذب بين جسمين لهما كتلة أو طاقة ونرى ذلك عند رمي صخرة من قمة برج وكان أول من اقترح فكرة الجاذبية هو إسحاق نيوتن وبعد قرون جاء ألبرت أينشتاين من خلال نظريته النسبية العامة. على الرغم من أنها تربط الكواكب والنجوم والأنظمة الشمسية إلا أنه قد تتبين أنها أضعف القوى الأساسية على المقياسين الجزيئي والذري.

القوة النووية الضعيفة

تعبر عن الجسيمات دون الذرية وهي أقوى من الجاذبية، فتصف البنية الأساسية للمادة، وأحد هذه الجسيمات هي الكوارك، إذ لم يرى العلماء ما هو أصغر منها والنوع الأخر من الجسيمات الأولية هو البوزون وهو الحامل للقوة ويتكون من حزم من الطاقة ويعتقد العلماء بوجود نوع أخر يسمى الجرافيتون وهذا لم يُعثر عليه بعد وهو مسؤول عن قوة الجاذبية.

القوة الكهرومغناطيسية

هي قوة تؤثر على الجسيمات المشحونة مثل الإلكترونات السالبة والبروتونات الموجبة. إذ أن الشحنات المتعاكسة تتجاذب والمتشابهة تتنافر وكلما زادت الشحنة، زادت القوة. تتكون من جزأين وهما القوة الكهربائية والقوة المغناطيسيّة، فتعمل القوة الكهربائية بين الجسيمات المشحونة سواء ثابتة أو متحركة وبمجرد أن تبدأ الجسيمات في الحركة، يأتي دور القوة المغناطيسيّة، إذ تخلق الجسيمات مجالًا مغناطيسيًا. تعد هي المسؤولة عن بعض الظواهر مثل الاحتكاك والمرونة والقوة التي تربط المواد الصلبة في شكل معين.

القوة النووية القوية

هي أقوى قوة في الأربعة قوى الأساسية وهي المسؤولة عن ربط الجسيمات الأساسية للمادة لتشكيل جسيمات أكبر. فكما ذكرنا أن الكوارك أصغر الجسيمات ولا يمكن تقسيمها وهي اللبنات الأساسية لفئة أكبر وهي الهادرونات التي تشمل البروتونات والنيترونات.

نبذة عن تاريخ المجال المغناطيسيّ

في عام 1269 رسم الباحث الفرنسي «بيتروس بيريجرينوس دي ماريكورت-Petrus Peregrinus de Maricourt» خريطة المجال المغناطيسي على سطح مغناطيس كروي باستخدام إبر حديدية. إذ لاحظ أن خطوط المجال الناتجة تتقاطع عند نقطتين، أطلق عليهما “الأقطاب” ووضح أن المغناطيس له قطبين شمالي وجنوبي. بعد ثلاثة قرون، جاء «ويليام جيلبرت-William Gilbert» بمغناطيسية الأرض أي أنها لها مجال مغناطيسي. في عام 1750، صرح رجل الدين والفيلسوف الإنجليزي جون ميتشل أن الأقطاب المغناطيسيّة تتجاذب وتتنافر.

وما زالت الاكتشافات تتوالي، تحقق تشارلز أوغستين دي كولوم في عام 1785 تجريبيًا من المجال المغناطيسي للأرض. بعدها في القرن التاسع عشر، ابتكر عالم الرياضيات والهندسة الفرنسي سيميون دينييس بواسون أول نموذج للحقل المغناطيسيّ والذي قدمه في عام 1824.

في عام 1819، اكتشف الفيزيائي والكيميائي الدنماركي هانز كريستيان أورستد أن التيار الكهربائي ينشأ حوله حقل مغناطيسي. وفي عام 1825، اقترح أمبير نموذجًا للمغناطيسية، إذ كانت القوة الناشئة عن التيار الكهربي المتدفق، بدلًا من الأقطاب المغناطيسية. أظهر الإنجليزي فاراداي أن المجال المغناطيسيّ المتغير يولد مجالًا كهربائيًا (الحث الكهرومغناطيسي) في عام 1831.

بين عامي 1861 و 1865، نشر جيمس كلارك ماكسويل نظريات حول الكهرباء والمغناطيسية تعرف باسم معادلات ماكسويل وصفت العلاقة بينهما.

يمكن توضيح المجال المغناطيسيّ بـ:

  • خطوط المجال المغناطيسيّ: هي خطوط تخيلية وتستخدم لتمثيل المجالات المغناطيسية وتشير كثافة الخطوط إلى حجم المجال، فمثلًا يكون المجال المغناطيسيّ أقوى ومزدحم بالقرب من القطبين وكلما ابتعدنا يكون ضعيف وكثافة الخطوط أقل.
  • متجه المجال المغناطيسيّ: يوصف المجال المغناطيسي رياضيًا بمتجه ويشير كل متجه في الاتجاه الذي تشير إليه البوصلة (شمال، جنوب، شرق، غرب…).

وإليك خصائص المجال المغناطيسي:

  • لا تتقاطع خطوط المجال المغناطيسي مع بعضها.
  • تعبر كثافة خطوط المجال عن قوة المجال.
  • دائمًا ما تصنع خطوط المجال المغناطيسي حلقات مغلقة.
  • تبدأ خطوط المجال المغناطيسي دائمًا من القطب الشمالي وتنتهي عند القطب الجنوبي.

كيف ينشأ المجال المغناطيسي؟

ينشأ عندما تكون الشحنة في حالة حركة وهناك طريقتين من خلالهما يمكننا توليد مجال مغناطيسي.

عند مرور تيار كهربي

لديك سلك كهربي يتدفق خلاله التيار عن طريق توصيله ببطارية ومع زيادة التيار عبر الموصل يزداد المجال المغناطيسي وعندما نبتعد عن السلك يتناقص المجال مع المسافة، وهذا ما تم وصفه من قِبل قانون أمبير.

فالمجال المغناطيسي له اتجاه لأنه كمية متجهة، ويمكن تحديده بواسطة قاعدة اليد اليمنى، بالتفاف يدك اليمنى حول السلك وإبهامك في اتجاه التيار وباقية الأصابع تلتف في اتجاه المجال المغناطيسيّ.

حركة الإلكترونات حول النواة

يوجد بعض المواد يمكن تحويلها إلى مغناطيس (مثل الحديد) باستيفاء بعض الشروط:
نحتاج إلى ذرات تحتوي على إلكترون أو أكثر لها عكس اتجاه الدوران. فالحديد مثلًا يحتوى على أربع إلكترونات.

يجب أن تكون المادة مستقرة بدرجة كافية.

بعد أن انتهينا من مقالنا (المغناطيسيات الكلاسيكية وميكانيكا الكم). في المرة القادمة سيكون حديثنا عن تجربة Stern-Gerlach والسلوك الكمومي بها.

أقرأ أيضا: مقدمة في الحوسبة الكمية

المصادر

الموصلات الفائقة تاريخها وآلية عملها وتطبيقاتها

أحدثت «الموصلات أو الناقلات الفائقة-Superconductors» ثورة حقيقة في تكنلوجيا القرن العشرين، وأسهمت في تطوير قطاعات النقل والتخزين وتكنلوجيا المعلومات. فهي تتيح نقل التيارات الكهربائية دون أي هدر أو ضياع في الطاقة، وكأن التيار يستمر فيها لأجل غير مسمى. كما أن لها تطبيقات عديدة في حياتنا اليومية بدءًا من التجهيزات الطبية وحتى القطارات السريعة. فما هي الموصلات الفائقة؟ كيف تعمل ؟ وما آخر ما توصل إليه العلماء حولها؟

يطلق مصطلح الموصلات الفائقة على نواقل معدنية (غالبًا) تكون في حالة فيزيائية تسمى «الموصلية أو الناقلية الفائقة-Superconductivity». تتميز المادة في حالة الموصلية الفائقة بانعدام المقاومة الكهربائية التي تطبقها على التيار المار فيها. كما أنها لا تسمح بدخول الحقول المغناطيسية داخلها. لذلك تتيح الموصلات الفائقة نقل التيارات الكهربائية القوية دون أي ضياع في الطاقة، وتتدفق فيها الكهرباء بحرية دون عوائق.

غالبًا ما نصل إلى حالة الموصلية الفائقة عند تبريد بعض المواد إلى درجات منخفضة جدًا. في حين يعمل الباحثون الآن على تطوير موصلات قادرة على العمل في درجات الحرارة العادية، مما قد يحدث ثورة تكنلوجية أكبر. [1]

نواقل فائقة
حقوق الصورة: Bruker

من اكتشف الموصلية الفائقة؟

يعود اكتشاف حالة الموصلية الفائقة إلى عالم الفيزياء الهولندي «كامرلنغ أونس-Kamerlingh Onnes» عام 1911. كان أونس يدرس الخصائص الكهربائية لمادة الزئبق في مختبره في «جامعة ليدن-Leiden university» في هولندا. واكتشف أن المقاومة الكهربائية للزئبق تتلاشى كليًا عند تبريده بشكل الكبير، لحوالي 4.2 درجة مئوية فقط فوق الصفر المطلق*. وليتأكد من نتيجته؛ طبق أونس تيارًا كهربائيًا على عينة من الزئبق المبرد، ثم فصل منبع التيار. استمر جريان التيار في الزئبق دون أي ضياع، مما أكد انعدام المقاومة الكهربائية، وفتح لنا أبوابًا واسعة من تطبيقات الموصلية الفائقة. [1]

*«الصفر المطلق-Absolute zero»: هو أقل درجة حرارة يمكن الوصول لها وتساوي -273.15 درجة مئوية.

تاريخ الموصلية الفائقة

أمضى الباحثون عقودًا من الزمن يبحثون في طبيعة الموصلية الفائقة وما يسببها. فوجدوا أن عدة مواد (ليس كلها) تكتسب خاصية الموصلية الفائقة عند تبريدها إلى درجة حرارة معينة. توسع فهمنا للموصلات الفائقة مع اكتشاف الفيزيائيين «والتر ميسنر-Walther Meissner» و «روبرت أوكسنفلد-Robert Ochsenfeld» أنها “تطرد” الحقول المغناطيسية قريبة. مما يعني أنها تمنع الحقول الضعيفة من التوغل فيها. وقد سميت هذه الظاهرة «تأثير ميسنر-Meissner effect» عام 1933. [2]

ثم عام 1950 نشر عالما الفيزياء النظرية «ليف لانداو-Lev Landau» و «فيتالي جينزبرغ-Vitaly Ginzburg» أول نظرية ناقشت كيفية عمل الموصلات الفائقة. نجحت نظريتهما في توقع خصائص الموصلات الفائقة. ولكنها درستها على المقياس الكبير، وأهملت ما يحدث على المستويات دون الذرية. [3]

وأخيرًا؛ طور الفيزيائيون «جون باردين-John Bardeen» و «ليون كوبر-Leon Cooper» و «روبرت شريفر-Robert Schrieffer» نظرية BCS المتكاملة عن الموصلية الفائقة  عام 1957. [4]

كيف تعمل الموصلات الفائقة؟

بدايةً؛ تتولد المقاومة الكهربائية في النواقل نتيجة ارتداد الالكترونات الحرة في الناقل. وبحسب نظرية BCS؛ تقترن الالكترونات في أزواج تعرف «بأزواج كوبر-Cooper pairs» عند تبريدها، مما يمنعها من الارتداد. حيث تكون أزواج كوبر شديدة الاستقرار عند درجات الحرارة المنخفضة جدًا. ولذلك تختفي المقاومة الكهربائية ويسري التيار بشكل مثالي. [4]

تعمل النواقل هكذا في درجات الحرارة المنخفضة فقط. وما إن ترتفع درجة الحرارة قليلًا حتى تمتلك الإلكترونات الطاقة الكافية لكسر روابط كوبر وتتسبب في مقاومة كهربائية. لهذا السبب وجد أونس أن الزئبق يعمل كموصل فائق عند -268.96 درجة مئوية ليختفي التأثير عند -268.95 درجة مئوية. [1]

 تطبيقات الموصلات الفائقة

من المحتمل أنك ولمرة في حياتك رأيت أو استخدمت موصلًا فائقًا دون أن تعي ذلك . فهي أساس عمل عدة تجهيزات طبية مثل «جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي-MRI» و«التصوير بالطنين المغناطيسي النووي-NMRI». تعتمد هذه الأجهزة على توليد حقول مغناطيسية قوية عن طريق مغانط كهربائية. إلا أن هذه المغانط قد تذيب معادن الأجهزة وتدمرها؛ بسبب الحرارة الناتجة عن أقل مقاومة في نواقلها العادية. ولكن بفضل الموصلات الفائقة التي تتيح نقل التيارات الكهربائية دون مقاومة نولد الحقول المغناطيسية الضرورية دون إحداث ضرر في الاجهزة. [5]

كما تستخدم مغانط قوية مشابهة في «قطارات ماجليف-Maglev trains» لرفع القطارات عن سككها وتخفيف الاحتكاك. وفي المفاعلات النووية ومسرعات الجسيمات عالية الطاقة والدارات الرقمية السريعة وأجهزة الكشف عن الجسيمات.

قطار ماجليف في الصين
حقوق الصورة: GlobalTimes

كذلك تستخدم الموصلات الفائقة لإمداد المدافع الكهرومغناطيسية بالطاقة، وهي أسلحة مدفعية تستخدم القوة الكهرومغناطيسية لإطلاق القذائف بسرعات هائلة. أي أنك تحتاج إلى موصل فائق إذا أردت ألا ينصهر جهازك ذو المغناطيس أو التيار القوي حال تشغيله. [6]

مدفع كهرومغناطيسي تابع للبحرية الأمريكية
حقوق الصورة: SputnikNews

الحواسيب الكمومية

تعد الحواسيب الكمومية من أهم تطبيقات الموصلات الفائقة. حيث تُستخدم النواقل الفائقة في بناء الحواسيب الكمومية وتزويدها بالطاقة لما لها من خصائص فريدة في نقل التيار. تتألف الحواسيب الكمومية من وحدات كمية تسمى «الكيوبت-Qubit». في حين يمكن ل«بت-Bit» الحاسوب العادي أن يساوي إما 0 أو 1؛ توجد الكيوبتات في حالة من التراكب الكمي وتساوي 1 و 0 في نفس الوقت. يمكن للموصلات الفائقة تزويدها بهذه السمة؛ فالتيار المار في «حلقة فائقة التوصيل-Superconducting loop» يسري وفق اتجاه عقارب الساعة وعكسها في الوقت ذاته. [7]

آخر ما توصل إليه العلماء

يواجه العلماء تحديين في مجال الموصلات الفائقة. أولهما تطوير مواد تعمل كموصلات فائقة في الظروف العادية. حيث أن الموصلات الفائقة الحالية لا تعمل سوى عند درجات حرارة منخفضة جدًا. وثانيهما شرح آلية عمل وخصائص هذه الموصلات الجديدة.

أنواع الموصلات الفائقة

تصنف النواقل الفائقة في مجموعتين رئيستين:

  1. «الموصلات الفائقة ذات درجة الحرارة المنخفضة-low-temperature superconductors (LTS)» والمعروفة بالموصلات الفائقة التقليدية.
  2. «الموصلات الفائقة ذات درجة الحرارة المرتفعة-high-temperature superconductors (HTS)» والمعروفة بالموصلات الفائقة غير التقليدية.

تشرح نظرية BCS آلية عمل موصلات LTS. في حين تختلف آلية عمل موصلات HTS ولا تزال من الألغاز الكبرى في الفيزياء الحديثة. ولعل السبب في ذلك أن معظم الأبحاث السابقة اهتمت بموصلات LTS؛ لأن دراستها أسهل وتطبيقاتها أهم.

في المقابل؛ تثير ناقلات HTS اهتمام العلماء في الوقت الحالي. وتعرف بأنها أي موصل فائق يعمل عند درجة حرارة أعلى من -196.2 درجة مئوية. وحتى مع كون الدرجة هذه باردة كثيرًا؛ إلا أنها مرغوبة أكثر. لأننا نصل إليها باستخدام النيتروجين السائل الأكثر شيوعًا من الهيليوم السائل المستخدم في موصلات LTS. [1]

مستقبل الموصلات الفائقة

يمكننا القول أن ذروة السعي للباحثين في مجال الموصلات الفائقة هي التوصل إلى ادة تعمل كموصل فائق في درجة حرارة الغرفة. وأفضل ما توصلنا إليه حتى الآن هو موصل فائق يعمل عند 15 درجة مئوية. ويتكون السابق من مادة هيدريد الكبريت الكربوني بعد ضغطها بمقدار 267 مليار باسكال (واحدة قياس الضغط وتساوي 1 نيوتن / متر مربع). تعادل هذه القيمة الضغط الجوي داخل الكواكب الغازية كالمشتري، مما يجعلها غير عملية على الإطلاق.

ستمكننا النواقل الفائقة التي تعمل في درجة حرارة الغرفة من نقل التيار الكهربائي دون خسارة أو هدر وبكل سهولة. كما ستمنحنا قطارات ماجليف أكثر فعالية، وأجهزة تصوير طبية أرخص ثمنًا، وستكون تطبيقاتها غير محدودة عمومًا. [8]

كل ما على الباحثين هو معرفة ما قد يجعلها تعمل في تلك الحرارة، وما هي المادة السحرية التي ستسمح بذلك.

المصادر

[1] CERN
[2] Springer
[3] IOP Science
[4] The University of Maryland
[5] NASA
[6] Springer_2
[7] Nature
[8] Nature_2

لماذا تختلف وتتنوع أشكال المجرات ؟

هذه المقالة هي الجزء 4 من 18 في سلسلة دليلك لفهم أهم الأجرام والظواهر الفلكية

يعج كوننا بمليارات المجرات المختلفة، والتي غالبًا ما تزين سماءنا في شكل أضواء خافتة نحسبها نجومًا. بعض المجرات شبيه بمجرة درب التبانة، قرص أزرق منتفخ وأذرع لولبية على الأطراف. وبعضها الآخر يميل إلى البساطة ويتخذ شكل كرات حمراء. أما أكثرها تفردًا وجمالًا فتكون ما بين بين، عشوائيةً غير متناظرة. ولكن لما كل هذا التنوع؟ وما السر وراء أشكال المجرات المختلفة؟

تصنيف المجرات

يخبرنا شكل المجرة عن قصة حياتها وتطورها. وتصنف المجرات ضمن أربع مجموعات رئيسة حسب شكلها؛ هي: «المجرات الحلزونية أو اللولبية-Spiral galaxies»، و«المجرات البيضوية-Elliptical galaxies»، و«المجرات غير المنتظمة-Irregular galaxies»، و«المجرات العدسية أو المحدبة-Lenticular galaxies». [1]

وقد توصل العلماء إلى أشكال المجرات ثلاثية الأبعاد اعتمادًا على آلاف الصور ثنائية الأبعاد الملتقطة لها. وبالاستعانة ببعض الخواص الأخرى كلون المجرة وطبيعة حركتها. على سبيل المثال، يشير لون المجرة الأزرق لاحتوائها على عدد أكبر من النجوم الحديثة التي تكون أكثر حرارة. في حين يشير اللون الأحمر لاحتواء المجرة على عدد كبير من «الأقزام الحمراء-Red dwarfs» (مرحلة متأخرة من حياة النجوم) وبالتالي عمر تقديري أكبر.  [2]

المجرات اللولبية

بنيتها وخواصها

تشبه المجرات اللولبية البيضة المقلية: «انتفاخ-Bulge» في الوسط و«أذرع لولبية-Spiral arms» نحو الخارج. يتكون الانتفاخ من أعداد كبيرة من النجوم القديمة، مما يعطي الانتفاخ لونه الأقرب إلى الأصفر. أما الأذرع اللولبية فتتكون من عدد أقل من النجوم يقل تدريجيًا بالاتجاه نحو الخارج. ويشكل الغاز والغبار القسم الأكبر من منها، ويغلب عليها اللون الأزرق؛ لأن نجومها حديثة التشكل. ومن أمثلة المجرات اللولبية مجرة درب التبانة ومجرة المرأة المتسلسلة المعروفة ب «أندروميدا-Andromeda».

مجرة اندروميدا
حقوق الصورة: ESA/Hubble & NASA

كما تصنف المجرات اللولبية في ثلاث مجموعات فرعية هي: Sa و Sb و Sc، وتندرج مجرة درب التبانة في مجموعة Sb. تتميز مجرات المجموعة Sa بأذرع لولبية غير متمايزة بالكاد تُرى، بالإضافة إلى انتفاخات مركزية كبيرة. أما مجرات المجموعتين Sb وSc فلها أذرع لولبية سهلة التمييز وانتفاخات أصغر حجمًا. [3]

تصنيف المجرات اللولبية
حقوق الصورة: Space Facts

تشكلها

أما شكلها اللولبي فيعود لكيفية تشكلها. فبحسب النظرية؛ تتشكل المجرات اللولبية من سحب عملاقة من الهيدروجين. تتقارب فيها جزيئات الغاز من بعضها بفعل الجاذبية. فتزداد كثافة الغاز وقوة جاذبيته ويبدأ بالدوران. تزداد سرعة الدوران تباعًا لازدياد الكثافة إلى أن تنهار السحابة على نفسها مشكلةً قرصًا دوارًا من الغاز. تنشأ النجوم في مناطق تجمع الغاز لتدور حول مركز المجرة، مثلها مثل جزيئات الغاز والغبار الأخرى. فنرى أن طبيعتها الدوارة تعطيها شكلها اللولبي المميز. وقد سماها الفلكي الشهير «إدوين هابل-Edwin Hubble» المجرات المتأخرة؛ لأنه اعتقد أنها تشكلت في مرحلة متأخرة من تطور الكون. [4]

المجرات البيضوية

بنيتها وخواصها

تبدو هذه المجرات بيضوية الشكل دون أي قرص أو انتفاخ أو أذرع مميزة مع كميات أقل من الغاز والغبار. أما لونها فيميل للأحمر؛ فهي تجمعات من النجوم القديمة. تدور النجوم فيها بطريقة عشوائية أكثر من نظيرتها اللولبية، كما أنها أكبر حجمًا منها.

مجرة M87 البيضوية
حقوق الصورة: Canada-France-Hawaii TelescopeJ.-C. Cuillandre (CFHT), Coelum

تصنف المجرات البيضوية في ثمان مجموعات فرعية أولها E0 وأخرها E7. تكون مجرات المجموعة E7 أكثر استطالةً من غيرها، في حين تبدو المجرات E0 أقرب إلى الشكل الكروي. [5]

تصنيف المجرات البيضوية
حقوق الصورة: Space Facts

تشكل المجرات البيضاوية

في معظم الحالات؛ تتشكل المجرات البيضوية من اندماج مجرتين آخرتين. حيث تندمج مجرتان لهما الكتلة ذاتها تقريبًا، فتشد كل منها الأخرى بنفس القوة مشتتةً مدارات النجوم ومعطيةً المجرة شكلها البيضوي. كما يعتقد العلماء أن مجرة أندروميدا ستندمج مع مجرتنا بعد حوالي أربعة مليارات سنة، مشكلين مجرةً بيضوية عملاقة. [6]

وليس كل اندماج مجري يؤدي إلى تشكل مجرة بيضوية. فمجرتنا اللولبية درب التبانة قديمة وكبيرة الحجم، ولكنها لا تزال محافظة على شكل قرصها، لأنها تندمج مرارًا وتكرارًا مع مجرات أصغر منها، وتسحب الغبار والغاز المتناثرين في الكون. [7]

المجرات غير المنتظمة

بنيتها وخواصها

من أمثلتها سحابتي ماجلان الكبيرة والصغيرة. وكما يخبرنا اسمها؛ هي تجمعات من النجوم والغاز والغبار ذات شكل غير محدد أو منتظم. أما لونها فغالبًا ما يميل إلى الأزرق؛ لأنها تنتج عن اندماج مجرتين لولبيتين نجومهما حديثة.

سحابة ماجلان الكبيرة
حقوق الصورة: Carlos Fairbairn

تشكلها

باختصار؛ المجرات غير المنتظمة هي عملية اندماج غير مكتملة. حيث أن عمليات اندماج المجرات ليست فوريةً على الإطلاق، بل تستغرق مئات ملايين السنين على الأقل. لذلك تحصل عدة عمليات اندماج حاليًا في الكون دون أن نلاحظها، فلشدة بطئها نحسبها مجرة ثابتة لا مجرتين تندمجان. [8]

المجرات المحدبة

بنيتها وخواصها

تبدو المجرات المحدبة مزيجًا بين المجرات اللولبية والبيضوية، حيث تتكون من قرص دوّار بيضوي الشكل يشبه العدسة المحدبة، ولكن دون أذرع لولبية. كما أنها مجموعة أقل شيوعًا من غيرها. أما لونها فيميل للأحمر كالمجرات البيضوية؛ لأنها تجمعات من النجوم القديمة يتخللها كميات قليلة من الغاز والغبار.

مجرة; NGC 5866 المحدبة
حقوق الصورة: NASAESA, and The Hubble Heritage Team (STScI/AURA)

تشكلها

يعتقد العلماء أنها تتشكل عند نفاذ وقود مجرة لولبية، وتصبح غير قادرة على تكوين المزيد من النجوم، فتبدأ النجوم القديمة بالتفاعل مع بعضها البعض. وتطبق كل من النجوم قوة شد جاذبية على قرائنها، فتختفي الأذرع اللولبية ويبقى القرص الدوار الذي يصبح أكثر استطالة. [9]

وحتى الآن؛ لا يزال هناك الكثير لنتعلمه عن أشكال المجرات وخواصها. كما لا يزال تَشكّل المجرات وتطورها من أكبر الأسئلة المفتوحة في علم الفلك والفيزياء الفلكية.

المصادر:

[1] Hubble Space Telescope

[2] Oxford Academic

[3] Space

[4] Scientific American

[5] Space-2

[6] Oxford Academic-2

[7] California Institute of Technology

[8] NASA

[9] Astronomy & Astrophysics

البلورات الزمنية وعلاقتها بالحواسيب الكمية

البلورات الزمنية وعلاقتها بالحواسيب الكمية

سعى الباحثون جاهدين على مدار السنوات الماضية في فهم البلورة الزمنية، تلك البلورة التي لا تستهلك أي طاقة وتحوي بعدًا رابعًا!

كان أول من تصور البلورة الزمنية هو الفيزيائي الحائز على نوبل «فرانك ويلكزك» عام 2012. البلورة الزمنية هي حالة جديدة من حالات المادة. في عام 2016 بنى العلماء بلورات زمنية من خلال سلسلة من أيونات الإيتربيوم. استطاع باحثون في Google بالتعاون مع علماء فيزياء من جامعات متعددة مؤخرًا أن يستخدموا الحاسوب الكمي لإثبات حقيقة البلورة الزمنية. سنعرف في السطور القادمة البلورات الزمنية وعلاقتها بالحواسيب الكمية

في عام 2019، احتل فريق الحوسبة الكمية لشركة جوجل عناوين الصحف. إذ أجروا أول عملية حسابية على الإطلاق. لم يكن يعتقد أن الحواسيب العادية قادرة على القيام بها في فترة قياسية كما فعل الحاسوب الكمي. بالرغم من ذلك ظهرت هذه المهمة للتعجيل فقط. لم يكن لها فائدة عميقة تجعلنا نطمأن بشأن الحاسوب الكمي وأنه سيجتاح وسيكون مربحًا، لكن العرض التوضيحي البلوري للزمن، بشرنا بشأن الحاسوب الكمومي.

هناك نوعان من البلورات:

  • بلورات الفضاء (البلورات العادية).
  • بلورات زمنية.

لكن كيف تتكون البلورة؟

تنتج البلورة من عملية تسمى «عملية البلورة».

البلورات الزمنية وعلاقتها بالحواسيب الكمومية

عملية البلورة

هي تحول مادة سائلة إلى مادة صلبة، إذ يتم وضع ذراتها أو جزيئتها في شبكة بلورية ثلاثية الأبعاد وأصغر جزء في البلورة {خلية الوحدة}. تتكون البلورة من ملايين من وحدات الخلايا. تستخدم عملية البلورة كطريقة للحصول على بلورات نقية ويوجد نوعان من بلورة:

  • بلورة بالتبخير
  • بلورة بالتبريد

فالبلورة عملية تترتب أو تصطف فيها ذرات أو جزيئات المادة في شبكة ثلاثية الأبعاد وعند إضافة مادة صلبة في سائل وتقليبها. تذوب المادة الصلبة في السائل وعند إضافة المزيد والمزيد من المادة الصلبة في السائل. عند نقطة معينة لا تذوب وتسمى هذه النقطة بالتشبع ويطلق على المحلول اسم «محلول مشبع».

يُسخن المحلول في وعاء مفتوح وتبدأ جزيئات المذيب في التبخر، تاركة وراءها المواد المذابة وعندما يبرد المحلول. تبدأ بلورات المذاب بالتراكم على سطح المحلول. يتم جمع البلورات وتجفيفها حسب متطلبات المنتج ويتم فصل المواد الصلبة الغير مذابة في السائل بعملية الترشيح ويعتمد حجم البلورات المتكونة خلال هذه العملية على معدل التبريد. تتشكل العديد من البلورات الصغيرة إذا تم تبريد المحلول بمعدل سريع وبلورات كبيرة إذا تم تبريده بمعدل بطيء.

تُعد البلورة الزمنية الحالة الشاذة والتي خرجت عن التوازن المعتاد، أي تلك المرحلة التي تكون فيها الطاقة أقل ما يمكن وتكون فيها الجزيئات في حالة ثبات متمتعة بحالة من الاستقرار لكن ما الفارق الجوهري، فعلينا معرفة البلورة العادية أولًا؛ لنمييز.

بلورات الفضاء (البلورات العادية)

مكعبات الملح والسكر ورقائق الثلج والماس والياقوت واللؤلؤ والأوبال كلها أمثلة على بلورات عادية. بالاضافة الى المئات من الأحجار الكريمة والصخور. قد تكون تلك البلورات جذابة لكن قيمتها الحقيقة لا يمكن ملاحظتها إلا تحت الميكروسكوب. إذ تتكون المواد الصلبة البلورية من هياكل معقدة هندسيًا من ذرات أو أيونات أو جزئيات. تلك التجمعات المرتبة منهم تتكون من هياكل مجهرية تسمى التشابك البلوري. تتكرر تلك الهياكل وتمتد في جميع الاتجاهات وتبقى ثابتة بمرور الوقت وبالتالي تظل في حالة اتزان.

خلية الوحدة

نحصل على التركيب البلوري عن طريق ربط الذرات أو الجزئيّات وهذه البنية موجودة في الطبيعة وتعرف المجموعة الصغيرة المكونة للهيكل الذري باسم خلية الوحدة للهيكل. خلية الوحدة هي البنية الأساسية للهيكل البلوري وهي تشرح أيضا بالتفصيل التركيب البلوري.

فخلية الوحدة هي أصغر جزء مكون للبلورة، تتكون خلايا الوحدة في مساحة ثلاثية الأبعاد وهنا يكمن الفرق بين البلورة العادية والزمنية، فالبلورة العادية تنشأ في فضاء ثلاثي الأبعاد عكس البلورة الزمنية، التي تنشأ في فضاء رباعي، معتمدين على البعد الرابع ألا وهو الزمن.

تستخرج البلورات الطبيعية من الأرض. إذ تتسبب درجة حرارة الأرض وضغطها في تكونها، كذلك يمكن إنشاء العديد من البلورات في المختبرات لكن تحت ظروف معينة.

البلورات الزمنية

هي حالة جديدة من حالات المادة، لكن مختلفة تمامًا عن سابقيها الذين تميزوا بالتوازن الحراري. أي استقرار الذرات المكونة لهم بأقل طاقة تسمح بها درجة الحرارة المحيطة. إضافة إلى الخصائص الثابتة التي لا تتغير بمرور الوقت.

البلورات الزمنية هي شكل مختلف، إذ تتحرك الجسيمات حركة لا نهائية ولا تفقد أي قدر من الطاقة لكن كيف تتكون؟

كيف تتكون البلورة الزمنية؟

علينا معرفة أنه كلما اكتسبت الذرات أو الجزيئات قدرًا أكبر من الطاقة كلما كانت حركتها حرة. فمثلا في الحالة الصلبة تكون الطاقة قليلة. فنجد المادة متماسكة أما في الحالة الغازية تكون الطاقة أكبر ما يمكن فتكون جزيئات المادة في أعلى درجات الحرية. في المادة السائلة تكون الطاقة متوسطة أو أقل من طاقة الحالة الغازية فنجد نوعًا من التماسك كمثال الماء.

يوضح الفيزيائيون أنهم بنوا هذه المرحلة الجديدة من المادة داخل الحاسوب الكمومي.

البلورة الزمنية تكسر قاعدة الاستقرار، فهي مرحلة جديدة من مراحل المادة، فالماء والجليد مثلًا في حالة توازن حراري.

التماثل

تنطبق القوانين الفيزيائية المعروفة بشكل متناسق على جميع الأشياء في المكان والزمان. بالرغم من ذلك، هناك أنظمة معينة تنتهك هذا التناظر أو التماثل.

والمقصود بالتماثل في الفيزياء أن خصائص الجسيمات مثل الذرات والجزيئات تظل دون تغيير بعد تعرضها لمجموعة متنوعة من العمليات. قدم التماثل نظرة ثاقبة حول قوانين الفيزياء وطبيعة الكون ويتضمن إنجازان مميزان للقرن العشرين وهم النسبية وميكانيكا الكم.

استنتاج هام

تطبيق التماثل أدى لاستنتاج مهم وهو أن بعض القوانين الفيزيائية التي تحكم سلوك الأشياء والجسيمات لا تتأثر عند تغيير إحداثياتها الهندسية. بما في ذلك الزمن باعتباره بعدًا رابعًا وتظل القوانين الفيزيائية صالحة في جميع الأماكن والأزمنة في الكون.

فما يميز هنا البلورات الزمنية أننا حينما ننظر في أي وقت إليها؛ سنرى الشكل متماثل ويرجع ذلك إلى الدوران الأبدي للبلورة.

تخرق البلورات الزمنية بعض قوانين الفيزياء مثل:

قانون نيوتن الأول للحركة

قانون إسحاق نيوتن الأول والذي ينص على أنه إذا كان هناك جسم في حالة سكون أو يتحرك بسرعة ثابتة في خط مستقيم. فإنه سيبقى في حالة السكون أو الحركة ما لم تؤثر عليه قوة. في النهاية سيتوقف الجسم المتحرك بفعل قوة ما مثل الاحتكاك، لكن البلورة الزمنية تتحرك حركة أبدية وتخل بذلك القانون.

القانون الثاني للديناميكا الحرارية

تخرق البلورات الزمنية القانون الثاني للديناميكا الحرارية

يهتم القانون الثاني بالاتجاه الطبيعي أو التلقائي الذي يسعى للحفاظ على الإنتروبي.

الإنتروبي هو مقياس للفوضى أو العشوائية. فمثلًا انتقال الحرارة من الجسم الساخن إلى الجسم البارد عملية تلقائية وسنجد أنه كلما زادت حرية حركة الجزيئات زادت الإنتروبي.

عند زيادة (تسخين) الحرارة يزداد الإنتروبي وعند التبريد (خفض) تقل الإنتروبي.

الإنتروبي في الحالة الغازية أكبر من السائلة أكبر من الصلبة.

وذلك مخالف لما يحدث في البلورات الزمانية التي تتميز بحركة أبدية، لأن تلك طبيعتها ولا تحتاج إلى طاقة.

نتاج البلورات الزمنية

كشف العلماء أن البلورات الزمنية مشابهة المواد فائقة التوصيل كالزئبق والرصاص. وهي ظاهرة كمومية، إذ تقوم بعض المواد بتوصيل التيار الكهربائي دون أي فقد للطاقة وتستخدم المواد فائقة التوصيل في الحواسييب الكمومية.

حيث تتكون الحواسيب الكمومية من كيوبتات وهي جسيمات كمومية يمكن التحكم فيها وهي وحدة بناء الحاسوب. تتكون كيوبتات جوجل من شرائط الألومنيوم فائقة التوصيل والتي ذكرنا أنها تخرق القانون الثاني للديناميكا الحرارية. استخدام البلورات الزمنية التي تتحرك حركة أبدية. يساعد في بناء وصيانة الحاسوب الكمومي وتقنيات كمومية أفضل والتي يمكن دمجها في حياتنا العملية. يُعتقد أن دراسة البلورات الزمنية والتعمق في فهمها سيؤدي انجازات علمية في الساعات الذرية الدقيقة والجيروسكوبات والمقاييس المغناطيسية، قد يسمح لنا هذا باستخدام أنظمة كمومية مستقرة في درجات حرارة تشغيل أعلى بكثير مما حققناه حاليًا.

المصادر

8 أشياء كانت لتحدث لو أن الأرض مسطحة

احتضنت الكرة الزرقاء الباهتة التي ندعوها الأرض عدة جماعات بشرية أنكرت كرويتها، فالاعتقاد بأن الأرض مسطحة قديم قدم الحضارة البشرية. لا سيما أن انحناء الأرض غير مرئي من أعلى جبال الأرض، بل يحتاج على الأقل ل 11000 متر من الارتفاع. وفي جميع الأحوال؛ تطورت التكنلوجيا بما يكفي وسمحت لنا بالسفر أبعد من ذلك لرؤية كرويتها. كما طورنا من العلوم ما يكفي لنعلم أن كوكبًا مسطحًا غير ممكن أساسًا. لكن الاعتقاد بتسطح الأرض لا يزال أشيع مما نتصور!

فيما يلي 8 أشياء كانت لتحدث لو أن الأرض مسطحة:

وداعًا للجاذبية التي نعرفها

بما أن  الأرض كروية؛ تشد الجاذبية جميع الأجسام بشكل متساوٍ نحو مركزها. ففي الحقيقة؛ قوة الجاذبية هي المسؤولة عن جعل كوكبنا كرويًا. وكون الأرض مسطحة يستلزم بالضرورة عدم وجود قوة الجاذبية التي نعرفها. لأنها بوجودها ستحول الأرض إلى كرةٍ من جديد.

إذاً؛ لن يكون للأرض المسطحة-إن وجدت- جاذبية على الإطلاق، لأن قرصًا صلبًا مسطحًا كالأرض ينافي قوانين الجاذبية التي نعرفها، ذلك وفقًا لحسابات عالم الرياضيات والفيزيائي «جيمس ماكسويل-James Maxwell» في خمسينيات القرن التاسع عشر. [1]

وحتى لو غضضنا النظر عن ذلك، واعتبرنا وجود الجاذبية ممكنًا على الأرض المسطحة، فستكون تجربتنا مختلفة تمامًا. حيث ستشد الجاذبية جميع الأجسام نحو مركز القرص، أي باتجاه القطب الشمالي. في هذه الحالة، سيصبح الشد أفقيًا وباتجاه المركز كلما ابتعدت عن القطب الشمالي، مما سيعيث فسادًا في العالم. كما سيصبح من السهل تحقيق أرقام قياسية جديدة في رياضة القفز الطويل، ما دمت توجه جسدك شمالًا قبل القفز. [2]

«توجه الجاذبية-Gravitroprism» هي حركة نمو النباتات استجابة للجاذبية الأرضية، فتنمو الجذور للأسفل والأغصان للأعلى. لو كانت الجاذبية موجهةً نحو القطب الشمالي في حالة الأرض المسطحة؛ لرأينا النباتات تنمو بشكل مختلف تمامًا.
حقوق الصورة: GettyImages

لن يكون هناك غلاف جوي

لن تستطيع الأرض المسطحة إبقاء طبقات الغاز المعروفة بالغلاف الجوي دون وجود الجاذبية التي تشدهم أساسًا. وبالتالي ستظلم السماء؛ لأن الضوء القادم من الشمس ينتثر عند مروره في الغلاف الجوي ملونًا سماءنا بالأزرق. وفي جميع الأحوال، سنموت اختناقًا قبل رؤية أي من ذلك. كما ستغلي المياه دون غلاف جوي يحميها. ولنفهم ذلك لا بد أن نبدأ بعملية الغليان ذاتها، حيث تغلي المياه عندما يصبح ضغط بخارها مساويًا للضغط الجوي. ولك أن تتخيل ما قد يحدث دون وجود غلاف أو ضغط جوي! والأكثر من ذلك؛ غالبًا ما ستتجمد أية مياه متبقية على الأرض دون وجود غلاف جوي يحافظ على استقرار درجات الحرارة. [3]

طقس غائم مع احتمال تساقط الأمطار

وبما أن الجاذبية تتجه نحو مركز القرص وهو القطب الشمالي في حالة الأرض المسطحة؛ ستهطل الأمطار باتجاه القطب أيضًا. ذلك لأن الأمطار تتساقط على الأرض بسبب الجاذبية وتتجه نحو مركزها. وسيصبح المطر أفقيًا أكثر كلما ابتعدت عن المركز. أما إذا أردت مشاهدة المطر يتساقط عموديًا كما نعهده على أرضنا الكروية، عليك السفر نحو مركز القرص!

 ولربما تتدفق مياه البحار والأنهار باتجاه القطب الشمالي، جاعلةً من حواف القرص أرضًا قاحلةً. [2]

الأمطار الأفقية.
حقوق الصورة: Blogspot

ما أسهل الضياع على الأرض المسطحة

من الواضح أن لا أقمار صناعية ستدور حول أرض مسطحة، فقد تواجه مشاكلًا في الدوران حول قرص مسطح. وبالتالي لن تعمل الأقمار الصناعية التي تعتمد عليها تكنلوجيا العالم، ومن أبرزها «نظام تحديد المواقع العالمي-Global Positioning System» المعروف اختصارًا بGPS .

فنحن نعتمد على أنظمة ملاحة الأقمار الصناعية العالمية في كل شيء تقريبًا، بدءًا من خدمة GPS على هاتفك، وإدارة معلومات السفر وغيرها. كما تستخدم خدمة GPS لتحديد مواقع المتصلين في حالات الطوارئ، فقد تنقذ الأقمار الصناعية حياتك!

من الصعب تخيل العالم دون خدمة تحديد المواقع التي سنضيع من دونها. ولكن من جهة أخرى؛ يمكن لقاطني الأرض المسطحة الاستدلال بالمطر الأفقي الذي يشير إلى الشمال! [4]

بعض الرحلات ستستمر للأبد

من المتوقع أن تأخذ الرحلات وقتًا أطول على الأرض المسطحة، فبالإضافة إلى تعطل أنظمة الملاحة العالمية؛ سنحتاج للسفر لمسافات أطول بكثير. فبحسب خرافة الأرض المسطحة؛ يقع القطب الشمالي في مركز الكوكب، بينما يشكل القطب الجنوبي حاجزًا جليديًا يحيط بحواف الأرض. كما أن هذا الحاجز يمنع الناس من السقوط عن الحافة.

وفي جميع الأحوال، لن تتمكن من الطيران حول العالم؛ بل عليك الطيران عبره، مما يزيد المسافة بشكل كبير. مثلًا؛ لكي تسافر من أستراليا (التي تقع على طرف الأرض المسطحة) إلى «محطة ماكموردو-McMurdo» في القطب الجنوبي (التي تقع على الجانب الآخر من الخريطة)؛ عليك الطيران عبر القطب الشمالي بأكمله بالإضافة إلى أمريكا الشمالية والجنوبية. [5]

خريطة الأرض المسطحة.
حقوق الصورة: livescience

لا مزيد من الشفق القطبي، وسنتحمّص على الأرض المسطحة

على أرضنا الكروية، تدور المعادن المنصهرة حول نواة الكوكب، مولدةً التيارات الكهربائية التي تشكل الغلاف المغناطيسي الذي يحمي الكوكب. حيث تنحني خطوط الحقل المغناطيسي المتولد حول الكوكب منطلقةً من قطب للآخر. أما على الأرض المسطحة، وبدون نواة صلبة لتولد الحقل الحامي للكوكب، لن نستطيع رؤية «الشفق القطبي-Aurora» لسببين؛ أولهما أنه لن يوجد شفق قطبي، والثاني أننا لن نوجد حينها.

يعرف الشفق القطبي أيضًا بأضواء الشمال، وهي ظاهرة خلّابة تحدث عند اصطدام الجسيمات المشحونة القادمة من الشمس بجزيئات الأوكسجين والنيتروجين في الغلاف المغناطيسي، فتطلق طاقةً على شكل أضواء في السماء. [6]

الشفق القطبي.
حقوق الصورة: sciencenews

وفي جميع الأحوال، لن نهتم بالشفق القطبي عندها، فبدون الغلاف المغناطيسي تصبح الأرض عرضةً للرياح والعواصف الشمسية. وستتعرض الأرض بما فيها من كائنات للإشعاعات الشمسية المميتة، متحولةً لبقعة قاحلة شبيهة بجارها المريخ. [7]

سماء ليلٍ واحدة لجميع البشر

تقسم الكرة الأرضية إلى نصفين شمالي وجنوبي، ويرى راصدو السماء في كل نصفٍ أجرامًا سماويةً مختلفة. في حين لا تقسم الأرض المسطحة أبدًا. بالتالي يصبح رصد السماء أسهل أينما كنت على الأرض، حيث لن تضطر للسفر إلى نصف كرة آخر لترصد بعض الأجرام السماوية على لائحتك الفلكية. أوليس ذلك أمرًا جيدًا؟

في هذه الحالة، لن نستطيع رؤية قسم كبير من السماء القابعة أسفل الأرض المسطحة، وسنفقد عدة اكتشافات علمية لم تكن لتتم لولا قدرتنا على رصد 360 درجة من الكون المنظور. لكننا قد نحل ذلك بإطلاق تلسكوبات فضائية تزودنا برؤية أوسع للكون. [8]

وداعًا للأعاصير على الأرض المسطحة

تسبب الأعاصير أضرارًا جسيمةً على الأرض سنويًا. ففي عام 2017 سبب إعصار «هارفي-Harvey» وحده خسائر تقدر ب 125 مليار دولار للولايات المتحدة الأمريكية. [9] والأعاصير هي عواصف استوائية أساسًا، اكتسبت طبيعة دوّارة مدمرة بفعل تأثير «كوريوليس-Coriolis». حيث يسبب تأثير كوريوليس دوران العواصف في نصف الكرة الشمالي بجهة دوران عقارب الساعة، بينما تدور عكسها في النصف الجنوبي. [10]

في حين لن يكون هناك تأثير كوريوليس على أرض مسطحة وثابتة، وبالتالي لن تتشكل أية أعاصير. ولنفس السبب لا تحدث أعاصير في المنطقة بين 5 درجات شمال وجنوب خط الاستواء؛ حيث ينعدم تأثير كوريوليس عند خط الاستواء. [11]

وما دمنا نتنفس على الأرض، ونسافر بسرعة مستخدمين GPS، ونرى الشفق القطبي والأمطار العمودية؛ يمكنك التأكد أن الأرض كروية. فلو كانت مسطحة لما كنا على قيد الحياة لنقر بذلك!

المصادر:

1– livescience

2- Colombia climate school

3- BBC Science focus

4- BBC News

5- Scientific American

6– NASA

7- NASA2

8- Space

9-NOAA

10- NASA3

11- NASA4

هل يوجد نمط ما في الكون أم أنه عشوائي تمامًا؟

هذه المقالة هي الجزء 3 من 9 في سلسلة رحلة بين 8 ألغاز كونية مذهلة!

تساءل علماء الكونيات لعقود من الزمن عما إذا كانت بنية كوننا كسوريّة – «الكسوريات-Fractals» – على المقياس الكبير. أي ما إذا كانت بنية الكون تبدو ذاتها مهما كبر مقياسنا؟ وبعد إتمام العلماء مسح شامل للمجرات توصلوا أخيرًا لما يبدو أنه إجابة: لا، ولكن بدرجة ما. ففي مطلع القرن العشرين؛ لاحظ الفلكيون أن كوننا واسع بشكل لا يصدق. وقد بدأ ذلك الفلكي الشهير «إدوين هابل-Edwin Hubble» عند اكتشافه المسافة الشاسعة التي تفصلنا عن مجرة «المرأة المتسلسلة-Andromeda»، أقرب المجرات إلى درب التبانة. كما رأى الفلكيون أن المجرات متناثرة قرب بعضها وبعيدة عن بعضها الآخر. لذلك ظهر السؤال التالي: هل يوجد نمط معين في توزيع تلك المجرات أم أن الكون عشوائي تمامًا؟

في البداية بدا التوزيع عشوائي كليًا. فقد رأى الفلكيون عناقيد مجرية عملاقة، يحتوي كل منها على آلاف المجرات. كذلك رأوا مجموعات أصغر من المجرات، ومجرات وحيدة أيضًا. واعتمادًا على عمليات الرصد هذه؛ جزم العلماء بغياب نمط شامل وأن الكون عشوائي.

تقبل الفلكيون ذلك بصدر رحب، فقد سبق وافترضوا فكرة تعرف باسم «المبدأ الكوني-The Cosmological Principle»، والتي تفترض أن الكون «متجانس-Homogeneous» تقريبًا (أي متماثل في جميع الأماكن)، وأنه «متماثل-Isotropic» (أي هو ذاته أينما نظرت من أي اتجاه). وحزمة من المجرات والعناقيد العشوائية تناسب ذلك المبدأ.

ولكن في أواخر سبعينيات القرن الماضي، أصبحت الدراسات الاستقصائية للمجرات معقدةً بما يكفي لتكشف عن بدايات نمط في توزيع المجرات في الكون. فإلى جانب العناقيد المجرية، وجدوا أيضًا خيوط رفيعة من المجرات، بالإضافة إلى فراغات شاسعة من اللا شيء. وقد سمى الفلكيون ذلك «الشبكة الكونية-The cosmic web». حيث يخالف هذا النمط المبدأ الكوني، لأنه يعني أن المناطق الواسعة من الكون لا تبدو مثل المناطق الأخرى منه. [1] ربما هناك المزيد لنعرفه!

كون داخل كون آخر

اقترح عالم الرياضيات «بينويت ماندلبروت-Benoit Mandelbrot» وأب «الكسوريات-Fractals» فرضية لحل مشكلة الكون العشوائي. بدايةً، غالبًا ما تكون الكسوريات عصية على التعريف الدقيق، ولكنها بسيطة بما يكفي على الحدس. فهي ببساطة أنماط تتكرر مهما كبّر أو صغّر مقياسك.

يجدر بالذكر أن ماندلبروت لم يبتكر مبدأ الكسوريات، فقد درسها علماء الرياضيات لعصور سبقته. لكنه هو من صاغ كلمة “كسوري” وأدخلها في دراساتنا الحديثة عن المبدأ. [2]

تحيط بنا الكسوريات في كل مكان، ويمكننا رؤيتها في الطبيعة. فإذا كبّرت ندفة ثلج ترى ندفات ثلج مصغّرة. وإذا كبّرت أغصان شجرة ما سترى أغصان أخرى مصغرة. أما رياضيات الكسوريات فمكنتنا من فهم بنى كثيرة متشابهة في الكون.

وضع ماندلبروت فرضية تنص على:

إذا كانت الكسوريات في كل مكان؛ فلربما يكون الكون بأكمله كسوري. ولربما ما رأيناه من بدايات نمط في توزع المجرات يكون بداية أعظم كسوري ممكن. وربما إن استطعنا القيام بدراسات استقصائية أكثر تعقيدًا؛ قد نجد شبكات كونية داخل شبكات كونية، تملأ كوننا إلى ما لا نهاية. [3]

كون متجانس

اكتشف الفلكيون المزيد عن الشبكة الكونية، وعرفوا المزيد حول تاريخ الانفجار العظيم، ثم أتوا بعدة طرق لشرح وجود أنماط على النطاق الواسع من الكون. توقعت هذه النظريات أن الكون لا يزال متجانسًا على المقاييس الكبيرة للكون، مقاييس أكبر بكثير مما رصده العلماء من قبل.

لم نتوصل إلى الاختبار النهائي لفكرة الكون التجزيئي من قبل، ولكن تقنيات هذا القرن مكنتنا من ذلك. حيث استطاعت عمليات المسح والاستقصاء الهائلة مسح مواقع ملايين المجرات، ورسم صورة للشبكة الكونية على مقاييس كبيرة لم تُرصد من قبل، مثل «مسح سلووان الرقمي للسماء-Sloan Digital Sky Survey».

إذا كانت فكرة الكون الكسوري صحيحة؛ لتمكننا من رؤية شبكتنا الكونية متضمّنة داخل شبكة كونية أكبر. أما إذا كانت خاطئة؛ ستتوقف الشبكة الكونية عن كونها كذلك عند نقطة ما، وسيبدو أي جزء عشوائي من الكون كأي جزء عشوائي آخر (إحصائيًا).

النتيجة أن الكون متجانس، ولكن على مقياس هائل. عليك أن تقطع 300 مليون سنة ضوئية قبل أن يبدو الكون متجانسًا. وبكل تأكيد؛ الكون ليس كسوري، لكن بعض أجزاء الشبكة الكونية لها صفات كسورية. مثلًا؛ تضم كتل المادة المظلمة المسماة «الهالات-Halos» بنىً متداخلة وفرعية، تحتوي فيها الهالات على هالات ثانوية، والثانوية على ثالثية وهكذا، والعكس صحيح.

الفراغات في كوننا ليست فارغة تمامًا، بل تحتوي على بعض المجرات القزمة الباهتة، والتي تتوزع بشكل مماثل للشبكة الكونية. ووفقًا للمحاكاة الحاسوبية؛ للفراغات الثانوية فهي شبكة كونية أيضًا. [4]

ومع أن كوننا ليس كسوري بحد ذاته، حيث لم تصمد فكرة ماندلبروت طويلًا، لكننا لا نزال قادرين على إيجاد الكسوريات أينما نظرنا!

المصادر

[1] Space
[2] Live Science
[3] Live Science2
[4] Space2

12 ظاهرة فلكية غامضة تحدث في الكون

لا شكّ أن الكون غريبٌ. ولربما تسعفك نفسك في استيعاب مقدار الغرابة، فها أنت ذا كائنٌ حيّ يتراقص فوق فوق كرة زرقاء من الصخور المنصهرة. إلّا أن كوكبنا – بغرابته- لا يشكّل سوى قسم بسيط من الظواهر غير المألوفة التي تغزو كوننا. حتى أن علماء الفلك باتوا يدعونها مفاجآتٍ لا اكتشافات. بينما يقدّم المقال التالي اثني عشر ظاهرة غامضة في الفضاء.

إشاراتٌ راديويّة غامضة

رصد الباحثون إشارات راديوية فائقة القوة تستمر لعدة أجزاء من الثانية منذ عام 2007. سميت هذه الومضات الغامضة ب«انفجارات الراديو السريعة-Fast radio bursts»(FRBs)، وتبيّن أنها تأتي من على بعد مليارات السنين الضوئية. ولكنّها بالتأكيد ليست كائنات فضائية! فقد تمكن العلماء مؤخرًا من رصد FRBs متكررة، حيث ومضت ست مرات على التوالي. وكانت ثاني إشارة ملتقطة من هذا النوع حتى الآن، كما يعتقد أنها ستساعد في حل هذا اللغز. [1]

معكرونة نووية

تتشكل أقوى مادة في الكون من بقايا النجوم الميتة. ووفقًا لنماذج المحاكاة الحاسوبية؛ تتعرض البروتونات والنيوترونات في هذه الحالة لضغط هائل من الجاذبية، فتنضغط مشكلة مادةً أشبه بطبق من المعكرونة، والتي قد تنفجر إذا ما طبقت عليها قوة أكبر ب10 مليارات مرة من تلك التي تثني الفولاذ. [2]

حقوق الصورة: https://www.cosmos.esa.int/web/ulx-pulsars-workshop?hcb=1

حلقات هاوميا

يدور الكوكب القزم «هاوميا-Haumea» في «حزام كويبر- Kuiper belt» وراء كوكب نبتون، وهو جرم فلكي غير اعتياديّ أساسًا. فله شكل غريب مستطيل وقمران ويوم طوله أربع ساعات فقط، مما يجعله أسرع جسم في الدوران حول نفسه في المجموعة الشمسية. ثم تبيّن عام 2017 أن هاوميا أكثر غرابة مما ظننا. فعندما رصد الفلكيون عبوره أمام نجم في السماء تمكنوا من رؤية حلقات رفيعة تدور حوله، والتي تشكلت غالبًا نتيجة اصطدام عنيف حدث في الماضي. [3]

حلقات هاوميا
حقوق الصورة: https://earthsky.org/space/dwarf-planet-haumea-enigmatic-ring-new-insights/?hcb=1

قمرٌ له قمر

ما الذي قد يكون أفضل من القمر؟ بالتأكيد قمرٌ يدور حوله قمر آخر أو ما يسمى «قمر القمر-Moonmoon». لا زال وجود أنظمة كهذه نظريّ فقط. فحتى الآن لم يرصد العلماء شيء كهذا، رغم أن وجودها لا يتعارض مع أي من قوانين الكون. وكأن عدم وجودها ظاهرة غامضة بنفسه! [4]

حقوق الصورة: https://www.livescience.com/63819-moonmoons-could-exist.html?hcb=1

مجرة خالية من المادة المظلمة

يطلق مصطلح «المادة المظلمة-Dark matter» على المادة المجهولة التي تشكل 85% من المادة في الكون، وهي غريبة حقًا. لكن العلماء متأكدون من شيء واحد على الأقل، وهو وجودها في كل المجرات. إلا أن فريقًا من الفلكيين وفي أثناء دراستهم أحد المجرات وجدوا أنها بالكاد تحتوي مادةً مظلمة. فيما اقترح بحث آخر أن المجرة السابقة فيها مادة مظلمة! وفي جميع الأحوال أعطت هذه المفارقة مصداقيةً لأحد الفرضيات التي تزعم عدم وجود مادة مظلمة على الإطلاق. [5]

نجمٌ متخافت

انصدمت الفلكية «تابيثا بوياجيان-Tabetha Boyajian» من جامعة لويزيانا الأمريكية لدى رصدها النجم المسمى KIC 846285، حيث يخفت ضوؤه فجأةً لفترات زمنية متغيرة، وقد ينخفض سطوعه 22% في بعض الأحيان. اقترحت فرضيات عدة لتفسير هذه الظاهرة الغريبة ومنها وجود حضارة ذكية ما، بينما يعتقد العلماء حاليًا بوجود حلقة من الغبار تدور حول النجم وتسبب ذلك التعتيم. [6]

نجم KIC 846285
حقوق الصورة: https://www.theverge.com/2018/1/3/16843678/alien-megastructure-tabbys-star-kic-8462852-dust?hcb=1

كهربائية هايبريون العالية

تحتدم المنافسات بين أقمار المجموعة الشمسية حول لقب “أكثر الأقمار غرابةً”، فمن جهة نجد قمر المشتري «آيو-IO» ونشاطه البركاني الهائل، وقمر نبتون «تريتون-Triton» الذي ينف الغازات. لكن الأغرب شكلًا هو بالتأكيد قمر زحل «هايبريون-Hyperion»، فله شكل غير منتظم مليء بالحفر والفوهات البركانية، وكأنه حجرٌ اسفنجيّ. فيما وجد مسبار«كاسيني-Cassini» الذي زار نظام كوكب زحل بين عامي 2004 و 2017 أن هايبريون مشحون كهربائيًا، مع شعاع من الجسيمات المشحونة المتدفقة في الفضاء. [7]

القمر هايبريون
حقوق الصورة: https://solarsystem.nasa.gov/missions/cassini/science/saturn/?hcb=1

نيوترينو مُرشد

زار جسيم «نيوترينو-Neutrino» منفرد الأرض يوم 22 أيلول/سبتمبر عام 2017 ، إلا أن غرابته تعدت ذلك حتى. في حين يرصد الفيزيائيين في مرصد «آيسكيوب-IceCube» للنيوترينو جسيمات مشابهة مرة على الأقل شهريًا، لكن هذه النيوترينو تميز بكونه يحمل معلومات كافية عن مصدره، مما سمح للفلكيين برصد ذلك المصدر. وقد وجدوا أنه صدر عن اشتعال «بلازار-Blazar» (أي ابتلاع الثقب الأسود فائق الكتلة في مركز مجرتنا للمادة المحيطة به) وتوجه نجو الأرض منذ أربعة مليارات سنة. [8]

حقوق الصورة:https://www.eurekalert.org/pub_releases/2018-07/ded-bit070818.php?hcb=1

المجرة المستحاثة

تصنف المجرة المسماة DGSAT I ك«مجرة فائقة الانتشار-Ultradiffuse galaxy»، مما يعني أنها كبيرة بحجم درب التبانة لكن نجومها متباعدة بشكل يكاد يجعل المجرة غير مرئية. وفي حين تكون غالبية مجرات UDGs متجمعة في عناقيد مجرية، وجد العلماء مجرة DGSAT I الشبحية وحيدة في الفضاء. يخبرنا ذلك أنها تشكلت في مرحلة مختلفة جدًا من تطور كوننا، تقريبًا حوالي مليار سنة بعد الانفجار العظيم، ما يجعل المجرة الشبحية مستحاثة حيّة! [9]

مجرة DGSAT I
حقوق الصورة:https://www.space.com/anemic-galaxy-discovered.html?hcb=1

صورة كوازار حاسمة

تقوم الأجسام ذات الكتل الكبيرة بثني الضوء وفقًا لنسبية أينشتاين، فيشوه ذلك صورة الجسم الواقع خلفها. استغل الباحثون هذه الظاهرة واستعملوا تلسكوب هابل الفضائي ليرصدوا «كوازار-Quasar» من الكون المبكر. واستخدموه ليقدروا معدل توسع الكون. وجد العلماء أن الكون يتوسع الآن أسرع من ذي قبل، مما يتعارض مع قياسات أخرى. وقد دفع ذلك الفيزيائيين للتشكيك في صلاحية نظرياتهم أو أن شيئًا غريبًا يجري. [10]

صورة الكوازار
حقوق الصورة:https://phys.org/news/2019-01-astronomers-images-quasars-hubble-constant.html?hcb=1

سيل من الأشعة تحت الحمراء

تعرف النجوم النيوترونية بأنها أجسام شديدة الكثافة تتشكل بعد موت نجم عادي. وعادةً ما تطلق موجات راديو أو إشعاع أعلى طاقةً كالأشعة السينية مثلًا. لكن في أيلول/سبتمبر عام 2018 وجد الفلكيون سيلًا مستمرًا من الأشعة تحت الحمراء قادم من نجم نيوتروني يبعد عنا 800 سنة ضوئية، في ظاهرة تعد الأولى من نوعها. اقترح الباحثون أن الإشارة السابقة تولدت عن قرص من الغاز الذي يدور حول النجم، فيما لم يحل هذا اللغز نهائيًا بعد. [11]

شفق قطبي على كوكب مارق

تجول «الكواكب المارقة-Rogue planets» أو الكواكب بين النجمية مجرتنا، وهي كواكب طردت من نظامها النجمي بفعل قوى الجاذبية. وهنا نجد ظاهرة غامضة هي الشفق القطبي على هذه الكواكب، فهي لا تتبع لنجم معين لتسبب رياحه الشمسية حدو الشفق القطبي. فهناك صف من الكواكب المارقة التي تخرج عن المألوف، حيث يتضمن كواكب بحجم الأرض تسمى SIMP J01365663+0933473 وتبعد عنا 200 سنة ضوئية. تتميز هذه الكواكب بحقل مغناطيسي أقوى ب200 مرة من حقل المشتري المغناطيسي، وهي قوة كافية لتوليد ومضات من الشفق في غلافها الجوي والتي يمكن رصدها بموجات الراديو.

الشفق القطبي على قزم بني مارق
حقوق الصورة:https://skyandtelescope.org/astronomy-news/auroras-discovered-rogue-brown-dwarf/?hcb=1

وفي جميع الأحوال نعول على العلم فقط في حل هذه الألغاز وكشف الستار عن كل ظاهرة غامضة في كوننا.

المصادر:

[1]livescience

[2]livescience2

[3]space

[4]livescience3

[5]livescience4

[6]livescience5

[7]livescience6

[8]NASA

[9]livescience7

[10]livescience8

[11]livescience9

[12]livescience10

نيكولا تسلا: عبقرية منسية وصراع مع إديسون

يعد العبقري المنسي، نيكولا تسلا، من أشهر وأهم العلماء المهضوم حقهم في التاريخ، ولولا إسهاماته لما كنا لنقرأ هذا المقال، ولما كنا في هذه الرفاهية من الأساس. لذلك حُق علينا أن نسأل أنفسنا: من هو نيكولا تسلا؟ وما قصة صراعه مع إديسون؟

نيكولا تسلا: عالم من النور

تبدأ قصة نيكولا تسلا في عام 1856، بالتحديد في العاشر من يوليو، عندما ولد المهندس والعالم الفذ بقرية سميلجان، بكرواتيا. كان والد تسلا كاهنًا في الكنيسة الأرثوذكسية، وكانت ووالدته غير متعلمة، ولكنها متقدة الذكاء. فكانت تتمتع بذاكرة فوتوغرافية قوية ورثتها لولدها الاستثنائي. يوم ميلاد الطفل لم يكن عاديًا. كانت هناك عاصفة شديدة من البرق في ذلك اليوم جعلت الخادمة في بيت تسلا تتخذ من مولد العبقري نذير شؤم قائلة بأنه “طفل الظلام”، لتقاطعه والدة نيكولا “بل طفل النور”. [1] [2]

أراد والد تسلا من ابنه أن يصبح كاهنًا -مثله-، ولكن نيكولا كان مولعًا بالهندسة. أصُيب تسلا بالكوليرا في سن المراهقة، وكاد يموت، فقطع والده عهدًا على نفسه بأن يرسل ولده إلى كلية الهندسة إذا شُفي من المرض. تاعفى بعدها تسلا بأعجوبة وذهب إلى كلية جراتس، بالنمسا، ليدرس الهندسة. رأى تسلا هناك “آلة غرام”، وهي عبارة عن محرك يمكن تحويله إلى مولد كهربائي، ليبتكر طريقة يستخدم بها التيار المتردد ويبدأ رحلته في إنارة حياة البشر.  [3]

توماس إديسون: مخترع المصباح الكهربائي

ولد العالم الشهير توماس إديسون في الحادي عشر من فبراير، عام 1847، بمدينة ميلان بولاية أوهايو الأمريكية. اشتهر إديسون بالكثير من الاختراعات مثل المصباح الكهربي، والفونوغراف (الجرامافون)، والمرسل الكربوني، وغيرها الكثير من الاختراعات.[4]

في عام 1854، انتقلت عائلة إديسون إلى مدينة بورت هورون بولاية ميشيغان، ليلتحق بالمدرسة العامة هناك لمدة 12 أسبوعًا. إديسون كان مفرط النشاط ويتشتت بسهولة ووصفه معلمه بأنه “صعب”.

أخرجته أمه من المدرسة في سن الحادية عشر، وعلمته في المنزل. امتلك إديسون شهية شرهة للتعلم وكان يقرأ الكثير من الكتب في مجالات مختلفة. بعدها بعام، أي في سن الثانية عشر، أقنع إديسون والداه ببيع الصحف في السكك الحديدة وأسس صحيفة صغيرة خاصة به. أطلق عليها Grand Trunk Herald.

انتهز إديسون فرصة العمل في السكة الحديدية، وأنشأ مختبر صغير في عربة إحدى القطارات ليختبر بعض التفاعلات الكيميائية. لسوء حظ إديسون، شب حريق في العربة مما جعل المحصل يهرع إلى مصدر الحريق ليجد إديسون ويصفعه على صدغه. يُعتقد أن تلك الصفعة هي من تسببت في إصابة إديسون بالصمم في إحدى أذنيه، ولكن ذلك لم يمنعه من صناعة المجد الذي نرى أثره إلى يومنا هذا.  [5]

نيكولا تسلا وصراع مع إديسون

بدأت قصرة الصراع بوصول تسلا إلى بودابست، أوروبا، ليعمل كمهندس كهربائي في شركة للهواتف النقلة. وفي يوم عادي، وبينما كان يتنزه في إحدى شوارع المدينة، خطرت له فكرة توليد الكهرباء باستخدام التيار المتردد.

في عام 1882، عمل تسلا لدى الفرع الفرنسي لشركة توماس إديسون. كان عمله في البداية بسيطًا، فاقتصر على تركيب مصادر الإضاءة كالمصابيح، ولكن لاحظ مدراءه ذكاءه مبكرًا، فأوكلوه مهام أصعب مثل تصميم المولدات والمحركات. أصبح يتردد على الفروع المختلفة من شركات إديسون في جميع أنحاء أوروبا لإصلاح مختلف الأعطال. [6]

بعد عامين من العمل في فروع أوربا، طلب مدير تسلا منه أن يذهب إلى فرع مدينة نيويورك، ووافق تسلا على الحال. [6]

بدأت المشكلة من اختلاف وجهات النظر، وامتلاك كل عالم منظور وطريقة تفكير مختلفة عن الآخر؛ كان تسلا يرى أن التيار المتردد ACهو الأفضل، بينما ذهب إديسون مع التيار المستمر DC. هناك الكثير من الفروقات بينهم، أهمها هي قدرة التيار المتردد AC على تغيير اتجاهه، مما يمكنه من الاستخدام لمسافات بعيدة، على عكس التيار المستمر DC الذي يتميز بثبات اتجاهه، وفي نفس الوقت يحافظ على قيمته مع مرور الزمن. [7]

سبب تمسك إديسون بالتيار المستمر كان يتعلق بالمادة وفقط، فكان إديسون يمتلك الكثير من براءات الاختراع في التيار المستمر، فكان يرى أن اتجاهه للتيار المتردد سيخسره الكثير من الأموال.

إلى الآن، يمكن اعتبار الأمر طبيعيًا، مجرد اختلاف في وجهات النظر. بدأ الخلاف الحقيقي عندما طلب مدير تسلا منه أن يطور طريقة لجعل بعض الآلات تعمل بالتيار المستمر، وإذا نجح تسلا في ذلك، ستتم مكافأته ب 50 ألف دولار، وبالفعل تمكن تسلا من الأمر، ولكن المدير لم يف بوعده، فغضب تسلا وخرج من الشركة. [6]

وهناك رواية أخرى، وفيها يقول إديسون لتسلا “انت لا تفهم روح الدعابة الأمريكية”، أي أن المدير كان يمزح معه.

هبوط وصعود

بعدما استقال تسلا من شركات إديسون، قرر إنشاء شركته الخاصة. أسس نيكولا تسلا شركته الخاصة عام 1885، ولكن سرعان ما خسر تسلا شركته وبراءات اختراعه للمستثمرين. بعدما خسر شركته، اضطر تسلا لحفر الأنفاق في مقابل دولارين في اليوم الواحد ليستطيع مواصلة العيش. [8]

في عام 1887، تمكن تسلا من تصميم موتور يعمل بالتيار المتردد ACويحول الطاقة الكهربية إلى طاقة ميكانيكية. عرض تسلا اختراعه على العديد من المهندسين، وأثار انتباه أحد أهم الشخصيات وقتها، وهو جورج ويستنجهاوس.

طلب جورج من تسلا أن يستخدم المحرك الخاص به، ليكمل بذلك نظام متكامل من التيار المتردد يمكنه من منافسة توماس أديسون. وافق تسلا على الفور وتلقى 60 ألف دولار وبعض الملكيات في الشركة، وعينه ويستنجهاوس كمستشار للشركة مقابل 2000 دولار في الشهر، ما يوازي 50 ألف دولار حاليًا. [10]

عندما علم توماس إديسون بصعود شركة ويستنجهاوس، استشاط غضبًا وحاول إسقاط الشركة والتيار المتردد. استغل إديسون كرسي الإعدام الكهربائي والذي اعتمد على التيار المتردد للترويج لوحشية ذلك التيار، كما أعدم فيل يدعى “توبسي” باستخدام التيار المتردد، ولكن لم تسر الأمور كما خطط لها إديسون، ففي ذلك الوقت كان المعرض العالمي الكولومبي يستعد للانعقاد في مدينة شيكاغو للاحتفال بالذكرى ال 400 من وصول كريستوفر كولومبس واكتشافه لأمريكا، وكلت مهمة إضاءة ذلك المعرض إلى ويستنجهاوس وتسلا، وتم الاحتفالية بنجاح، وحازا على ثقة ال 27 مليون مواطن حضر الافتتاح وغيرهم الكثير ممن رأوا في التيار المتردد كل الأمل في إنارة المستقبل. [9]

جاءت الضربة الثانية بعدما فازا الشريكان -تسلا وجورج- مجددًا على تيار إديسون عندما أنشئا أول محطة لتوليد الكهرباء تعمل بالتيار المستمر بجوار شلالات نياجرا، لينيرا مدينة بافلو بنيويورك ويصبح تسلا رائدًا في الطاقة المترددة، ويتم تكريمه بتمثال خاص له على ضفاف شلالات نياجرا بعد ذلك.[9]

وفاء، ومعاناة، وإرث دائم

بعد النجاح منقطع النظير الذي حققه الشريكان، كانت شركة ويستنجهاوس تنهار، فكانت مدانة بأكثر من 10 مليون دولار. طلب جورج من تسلا أن يسترد منه بعض العائدات في محاولة بائسة منه لينقذ الشركة، وتسلا لم يكن ليبيع صديقه وأكثر من آمن بقدراته، فوافق على الفور وأعطاه 12 مليون دولار، ما يكافأ اليوم 300 مليون دولار. في المقابل أعطت الشركة 216 ألف دولار للعالم العبقري.

أنشأ تسلا سلسلة من المختبرات الخاصة به في نيويورك ليقوم ببعض الاختراعات. كان يزوره الكثير من المشاهير والعظماء، مثل مارك توين، أحد أشهر الأدباء في تاريخ أمريكا. اخترع تسلا الكثير وحاز على أكثر من 300 براءة اختراع. وكان رائدًا في التصوير بالأشعة السينية، وأول مخترع للريموت عن بعد، وملف تسلا، وغيرها الكثير من الاختراعات.[2]

في عام 1895، شب حريق في مختبرات تسلا، لتذهب الكثير من أبحاثه دون رجعة. كذلك ثروته، وسكن في فندق كان يدفع إيجاره من مرتبه كمستشار لدى ويستنجهاس. بمرور الوقت تدهورت حالة تسلا، وأصبح مهووسًا بالحمام، كما أصيب بالوسواس القهري.

في السابع من يوليو، عام 1943، وجدت الخادمة تسلا ميتًا في غرفة فندقه، بعمر السادسة والثمانين، لتشهد على ضربة موجعة تلقتها البشرية، بعدما فقدت العبقري. [11]

مات تسلا فقيرًا مديونًا. على الرغم من قدرته على العيش كمليونير. وبالمناسبة كان سيصبح أول بليونير في التاريخ لولا ولاؤه وإخلاصه لوستنجهاوس، ولكن العبقري لم يكن جشعًا، ترك لنا الكثير من العلم والقيم التي اندثرت مع الزمن. أضاء العالم بأفكاره وأفعاله، فمات جسدًا وبقي إرثه وخُلدت ذكراه.[11]

هناك الكثير من العباقرة، وهناك نيكولا تسلا.

المصادر

  1. PBS
  2. Britanica
  3. PBS
  4. Britanica
  5. BIOGRAPHY
  6. PBS
  7. Power & Beyond
  8. HISTORY
  9. HISTORY
  10. Smithsonianmag magazine
  11. BIOGRAPHY

إلى أين تقودنا الثقوب السوداء؟

هذه المقالة هي الجزء 4 من 9 في سلسلة رحلة بين 8 ألغاز كونية مذهلة!

ها أنت ذا على وشك القفز داخل ثقب أسود. إذا اعتبرنا أنك وبطريقة ما استطعت البقاء على قيد الحياة، فما الذي ينتظرك هناك؟  أين سينتهي بك المطاف؟ وما القصص العجيبة التي سترويها للناس عند عودتك؟ ربما تكون أبسط إجابة على ذلك أن “لا أحد يعلم!” فالعلماء حتى الآن غير متيقنين من طبيعة الثقوب السوداء. كما أن عبور أفق حدث ثقب ما –إن لم يمزقك إربًا بسبب الجاذبية- يمنعك من إرسال أي رسالة للعالم الخارجي. فلا شيء يعود من ثقب أسود!

من المتوقع أن تكون الإجابة السابقة محبطةً ومؤلمةً بعض الشيء. فقد توقعت نظرية النسبية العامة لأينشتاين وجود الثقوب السوداء، عندما اعتبرت أن الجاذبية تؤثر في نسيج المكان-الزمان. ومنذ ذلك الوقت؛ عرفنا تشكل الثقوب السوداء بعد موت النجوم. حيث تموت النجوم هائلة الكتلة مخلفةً وراءها نواةً صغيرة وكثيفة من المادة. وإذا ما كانت كتلة هذه النواة أكبر من ثلاثة أضعاف كتلة الشمس أي «حد تشاندراسيخار-Chandrasekhar limit»؛ ستطغى الجاذبية وينهار النجم على نفسه في نقطة واحدة تدعى «المتفردة-Singularity».

ينتج عن كل ذلك ثقب أسود له قوة جاذبية هائلة، حتى أن الضوء لا يمكنه الهرب منه. أما «أفق الحدث-Event horizon» فهو حد من الثقب الأسود؛ وأي شيء يتجاوزه لا يستطيع العودة أبدًا. لا مهرب من أفق الحدث!

وبمجرد وصولك لأفق الحدث ستعمل قوى الجاذبية على تمزيقك لخيوط من الذرات فيما يعرف ب «تأثير السباجيتي-Spaghettification»، ثم ستعمل المتفردة على تحطيم ما تبقى منك. يبدو أن فكرة إمكانية الخروج من الثقب الأسود لمكان آخر أقرب إلى الخيال، فحتى لو قادك الثقب لمكان آخر؛ لن تصمد إلى ذلك الحين! [1]

ماذا عن الثقوب الدودية؟

منذ سنوات؛ درس العلماء احتمالية كون الثقوب السوداء ثقوبًا دوديةً تقودنا لمجرات أو عوالم أخرى. فقد حاول «ألبرت أينشتاين-Albert Einstein» بمساعدة «ناثان روزن-Nathan Rosen» وضع فرضية عن “جسور” تربط بين نقاط مختلفة من نسيج المكان-الزمان عام 1935. كما طرحت الفكرة مجددًا لافي الثمانينيات عندما قام الفيزيائي «كيب ثورن-Kip Thorne» بمناقشة إذا ما ستستطيع الأجسام عبور هذه الجسور. [2]

لكننا حتى الآن لم نرصد أي دليل على وجود هكذا جسور أو ثقوب دودية! فقد كتب ثورن في كتابه «The science of interstellar» عام 2014: “لا نرى أي أجسام يمكنها التحول لثقوب دودية في كوننا.” تكمن المشكلة في عدم قدرتنا على الاقتراب كفاية من الثقوب السوداء لنرى بأنفسنا، حتى أن أول صورة لثقب أسود التقطت مؤخرًا عام 2019.، أي بعد حوالي قرن من اقتراح فكرة الثقوب السوداء!

كما يعتقد «دوغلاس فينكبينر-Douglas Finkbeiner» وهو بروفيسور الفيزياء والفلك في جامعة هارفرد أننا حتى ولو اقتربنا؛ لن نستطيع رؤية رائد فضاء يسقط في الثقب الأسود. يمكننا فقط رؤيته يصبح باهتًا وأحمرًا مع اقترابه من أفق الحدث، نتيجةً لتأثير الانزياح نحو الأحمر بسبب الجاذبية. كما أنه وبمجرد سقوطه داخل الثقب؛ سيبقى محتجزًا فيه إلى الأبد. وكأن الثقوب السوداء تقود لنهاية الزمن! [3]

قد تقود الثقوب السوداء إلى ثقوب بيضاء

إذا قادتنا الثقوب السوداء لجزء آخر من المجرة أو إلى كون آخر؛ فلا بد من وجود شيء يقابلها في الجهة الأخرى. فهل يكون ذلك «ثقب أبيض-White hole»؟ وضع عالم الكونيات الروسي «إيغور نوفيكوف-Igor Novikov» فرضيته عام 1964، واقترح فيها أن الثقب الأسود يرتبط بثقب أبيض موجود في الماضي. وعلى عكس الثقوب السوداء؛ تسمح البيضاء للمادة والضوء بالخروج منها وتمنعها من الدخول. [4]

استمر العلماء بدراسة العلاقة المحتملة بين الثقوب السوداء والثقوب البيضاء. وفي دراسة نشرت في مجلة «Physical review D» عام 2014؛ ادعى الفيزيائيان «كارلو روفيلي-Carlo Rovelli»  و «هال م.هاغارد-Hal M. Haggard» أنه يوجد مقياس كلاسيكي متوافق مع معادلات أينشتاين تنهار فيه المادة داخل ثقب أسود ثم تنبثق من ثقب أبيض. أي أن كل المادة التي ابتلعها ثقب أسود ما يمكن أن تخرج من ثقب أبيض، كما أن الثقوب السوداء قد تتحول لبيضاء عندما تموت. وبعيدًا عن تدمير المعلومات التي تدخله؛ قد يتوقف انهيار الثقب الأسود، وقد يحدث نوع ما من الارتداد الكمي الذي سيسمح للمعلومات بالخروج. [5]

إشعاع هوكينج

تلقي الفكرة السابقة الضوء على مقترح عالم الكونيات الشهير ستيفن هوكينج، والذي ناقش في السبعينيات إمكانية إطلاق الثقوب السوداء جسيمات وإشعاع حراري فيما يعرف ب«إشعاع هوكينج-Hawking’s radiation». وبحسب هوكينج لا تدوم الثقوب السوداء إلى الأبد. فقد وجد أنها تفقد طاقتها نتيجة إطلاقها الإشعاع، وتتقلص تدريجيًا حتى تختفي. [6]

لكنه يقترح كذلك أن الإشعاع المنطلق عشوائي تمامًا ولا يتضمن أية معلومات عما سقط في الثقب. وكأن موت الثقب الأسود يمحي كمًا هائلًا من المعلومات. مما يعني أن فكرة هوكينج تتعارض مع نظرية الكم التي تشترط عدم ضياع أو تدمير المعلومات. قاد هذا التعارض لما يعرف بمفارقة معلومات الثقب الأسود، وحتى الآن لا نعرف إلام سيقود! [7]

فهل نعود لفكرة الثقوب البيضاء التي تشع معلومات محفوظة؟ ربما. في دراسة نشرت عام 2013 في مجلة «Physical Review Letters»؛ قام العالمان «خورخي بولين-Jorge Pullin» و«رودولفو غامبيني-Rodolfo Gambini» بتطبيق فكرة الجاذبية المكمّمة على ثقب أسود، ووجدوا أن الجاذبية ازدادت باتجاه المركز ثم تناقصت ملقيةً كل ما دخل الثقب في مكان آخر من الكون. أعطت نتائج الدراسة مصداقيةً أكبر لفكرة كون الثقوب السوداء بوابة. واعتبر العلماء أن المتفردة غير موجودة في الدراسة السابقة، وبالتالي لن يكون هناك حد فاصل يدمر كل المعلومات. [8]

قد لا تقودنا الثقوب السوداء لأي مكان

يعتقد العلماء أحمد المهيري و«دونالد مارلوف-Donald Marlof» و«جوزيف بولشينسكي-Joseph Polchinski» و«جيمس سولي-James Sully» أن هوكينج لم يكن مخطئًا تمامًا. فقد عملوا على فرضية تعرف باسم «جدار النار-AMPS Firewall». ووفقًا لحساباتهم؛ يمكن لميكانيك الكم أن تحول أفق الحدث إلى جدار عملاق من النار يحرق كل ما يلمسه بلمح البصر. وفي هذه الحالة؛ لا تقودنا الثقوب السوداء لأي مكان لأننا لا نستطيع دخولها حتى!

لكن هذا الادعاء يتعارض مع نظرية النسبية العامة؛ التي تقول أن الجسم الذي يعبر أفق الحدث يكون في حالة من السقوط الحر ويخضع لقوانين الكون المعروفة. وحتى لو لم يتعارض ذلك مع النسبية؛ فهو يقترح ضياع المعلومات، مما يخالف ميكانيك الكم. [9]

وفي جميع الأحوال؛ لا ننصحك بالاقتراب من ثقب أسود!

المصادر:

Space1 [1]

Space2 [2]

Space3 [3]

Space4 [4]

Physical Review D [5]

Nature [6]

Nature [7]

Physical Review Letters [8]

ScienceDirect [9]

6 أشياء غريبة تحدث في الفضاء

يقول المثل الإنكليزي «Watched pots never boil» أي أن الأواني المرصودة لا تغلي أبداً، وفي جميع الأحوال؛ لما قد نرصدها ونحن نعلم يقينًا كيف ستبدو عند الغليان؟ ولكن هل يختلف ذلك المشهد قليلًا في الفضاء الخارجي؟

إليك ستة أشياء من حياتنا اليومية –بما فيها غليان الماء- التي تحدث بشكل مختلف كليًا عند مدار الأرض المنخفض مع تفسيراتها العلمية:

تنتج المياه فقاعة كبيرة عند الغليان

عندما  تغلي المياه في الظروف الطبيعية على الأرض تنتج عددًا كبيرًا من فقاعات بخار الماء الصغيرة، أما في الفضاء؛ تصدر المياه المغلية فقاعةً كبيرةً ووحيدةً. [1]

الفرق بين غليان المياه على الأرض (يسار) وفي الفضاء (يمين)
حقوق الصورة: https://cdn.mos.cms.futurecdn.net/Ts6Mfp4WjxJXneZCNhRhH9-970-80.png

لم يستطع العلماء توقع ما قد يحدث عند غليان المياه في ظروف الجاذبية الضعيفة، ويعود ذلك لشدة تعقيد ديناميك الموائع والتنبؤ بحركة السوائل. إلى أن أجريت تجربة على متن مركبة فضائية عام 1992 والتي وضحت لنا عملية الغليان تلك. [2]

فيما بعد شرح الفيزيائيون أن حالة الغليان الغريبة هذه تعود لغياب تأثيري «الحمل الحراري-Convection»، وهو الحركة التي تحدث داخل السائل جاعلةً جزأه الأكثر حرارة والأخف يرتفع، بينما ينخفض الأثقل والأبرد، «وقوة الطفو- Buoyancy»؛ التي تدفع أي جسم يُغمر في سائل ما، ذلك أن كلا التأثيرين ناتجٌ عن الجاذبية. فعلى الأرض؛ يسبب التأثيران السابقان ما نراه من اضطراب عند غليان الماء. [1]

كما يمكننا الاستفادة من تجربة الغليان هذه. وبحسب «NASA Science News»؛ اكتشافنا لكيفية غليان السوائل ستسهم في تطوير أنظمة التبريد في المركبات الفضائية. وقد تفيد في تصميم محطات توليد طاقة؛ باستخدام ضوء الشمس لغلي الماء وإنتاج البخار الذي سيدير عنفات توليد الكهرباء.  [2]

لهبٌ دائري

عند إشعالك شمعةً على الأرض؛ بإمكانك رؤية اللهب الناتج يرتفع ليصبح متطاولًا. أما في الفضاء يتحرك اللهب متوزعًا في كل الاتجاهات؛ فنحصل على كرة من اللهب! وإليك السبب:

مقارنة بين شعلة الشمعة على الأرض (يسار) وفي الفضاء (يمين)
حقوق الصورة: https://www.nasa.gov/sites/default/files/images/586089main_me-candleFlame_full.jpg

بدايةً؛ تزداد كثافة الهواء كلما اقتربنا من سطح الأرض نتيجة قوة الجاذبية التي تسحب جزيئات الهواء نحو المركز. والعكس صحيح؛ يصبح الغلاف الجوي أقل سماكةً كلما ارتفعنا عن السطح؛ فيقل الضغط الجوي تدريجيًا. رغم أن فرق الضغط الجوي بين إنش وآخر ضئيل جدًا؛ إلا أنه المسؤول عن شكل شعلة الشمعة.

على الأرض؛ يسبب فرق الضغط تأثيرًا يعرف ب «الحمل الحراري الطبيعي-Natural convection». فعندما يسخن الهواء المحيط بالشعلة؛ يتمدد ويصبح أقل كثافة من الهواء البارد المحيط، وبينما تحاول جزيئات الهواء الساخنة التمدد للخارج تقوم الأخرى الباردة بدفعها نحو الداخل. وبما أن الجزيئات الباردة تكون أكثر عدداً أسفل الشعلة مما في أعلاها؛ تواجه الشعلة مقاومة أقل في أعلاها وبالتالي تتجه نحو الأعلى.

أما في الفضاء وفي ظل غياب الجاذبية؛ تواجه الشعلة مقاومة متساوية من كل الاتجاهات، وبالتالي تتخذ شكلًا دائريًا. [3]

تتكاثر الباكتيريا أسرع، وتصبح مميتةً أكثر

أظهرت ثلاثون سنة من الأبحاث العلمية أن مستعمرات البكتيريا تنمو أسرع بكثير في الفضاء. مثلًا؛ مستعمرات «إي-كولي الفضائية- Astro-E. coli» (جرثومة الإشريكية القولونية) نمت أسرع بمرتين من قرينتها على الأرض. [4]

بالإضافة إلى ذلك أصبحت بعض الأنواع الجرثومية أخطر في الفضاء. في عام 2007 أجريت تجربة لقياس نمو جرثومة «السالمونيلا- Salmonella» على متن مركبة الفضاء «أطلنطس-Atlantis»، وأظهرت أن بيئة الفضاء غيرت 167 من التعبيرات الجينية* عند الجرثومة.  أظهرت الدراسات فيما بعد أن هذه التغيرات جعلت السالمونيلا الفضائية قادرة على إصابة الفئران بالمرض أكثر بثلاث مرات من السالمونيلا العادية.

تفسر عدة فرضيات ذلك النمو السريع للبكتيريا عند انعدام الجاذبية. ببساطة؛ قد تجد مساحة أكبر للنمو عندما تعوم في الفضاء؛ بينما تعلق في أسفل «طبق بيتري-Petri dish»** على الأرض.

كما يعتقد العلماء أن تغير السالمونيلا يعود لبروتين HFq الذي يؤدي دورًا رئيسًا في التحكم بعملية التعبير الجيني. تتعرض الخلايا الجرثومية في الفضاء لضغط ميكانيكي ناتج عن تغير حركة السوائل داخلها في الجاذبية الضئيلة، ويحاول بروتين HFq  التعايش مع ذلك مما يجعل الخلايا أكثر سميّةً.

يأمل العلماء الاستفادة من هذا الاكتشاف، خاصةً التعرف على استجابة السالمونيلا للضغط على الأرض، كالذي يسببه الجهاز المناعي لشخص مصاب بها مثلًا. [5]

  • **طبق بيتري: هو طبق دائري شفاف ذو غطاء مسطح يستخدم لتربية الكائنات الحية الدقيقة.
  • *«التعبير الجيني-Genetic expression»: هي عملية اصطناع مواد في الخلية باستخدام المعلومات الموجودة في المورثات.

تختلف رائحة الأزهار في الفضاء

تنتج الأزهار مركبات عطرية مختلفة عند نموها في الفضاء؛ وبالتالي تصبح رائحتها مختلفة جدًا. يعود ذلك لتأثير الظروف البيئية كدرجة الحرارة والرطوبة في نوعية الزيوت العطرية التي تنتجها النبتة. وبما أن هذه الزيوت خفيفة؛ لا شك أنها تتأثر بجاذبية الفضاء كذلك. [6]

كما أنتجت الشكرة اليابانية «شيسيدو-Shiseido» عطرًا من “خارج هذا العالم” سمته «زين-Zen»، احتوى العطر على خلاصة مجموعة متنوعة من الورود تسمى «Overnight Scentsation» التي سافرت على متن المركبة الفضائية «ديسكفري-Discovery» عام 1998 قبل استخلاص الزيوت منها وتكرارها. [7]

حقوق الصورة: https://cdn.mos.cms.futurecdn.net/aURRwcsAnvmtfA93y7NCbd-970-80.jpg.webp

التعرق في الفضاء

كما في حالة اللهب والشمعة؛ لا يحدث انتقال حراري طبيعي في حالة انعدام الجاذبية، وبالتالي يحتفظ الجسم بحرارته، فيحاول جاهدًا التعرق لتبريد نفسه. وليصبح الأمر أسوأ؛ يتراكم العرق دون أن يتبخر أو ويسقط في قطرات! كل ذلك يجعل السفر بين النجوم رحلة رطبةً جدًا. [8]

مقلُ عيونٍ مهروسة

يؤدي انعدام الجاذبية لتغيرات في بنية عيون رواد الفضاء وتصبح رؤيتهم ضبابية. حيث تتسطح مؤخرة عيون بعد رواد الفضاء، بينما يعاني أخرون من تورم في أعصابهم البصرية. يحدث ذلك على الأرض بسبب ارتفاع ضغط السوائل في الرأس، ويكون الأمر مشابهًا في الفضاء. حيث ترتفع السوائل في الجسم في غياب الجاذبية التي تسحبها للأسفل، وبالتالي تزداد السوائل في الرأس ضاغطةً على العيون.

تسطح كرة العين
حقوق الصورة: https://cdn.mos.cms.futurecdn.net/9yjwDkKCP7Bwcseff7hqdk-970-80.jpg.webp

بينما يسبب تسطيح العيون رؤية ضبابية عند معظم الناس؛ إلا أنه قد يحسن الرؤية عن المصابين بقصر النظر، والتي تكون عيونهم متمددة بشكل مفرط. إلا أن تورم العصب البصري لن يفيد أحدًا، وقد يسبب العمى إذا لم يعالج بشكل مناسب. [9]

ربما يجب الأخذ بهذه التأثيرات قبل التخطيط لأي رحلة مستقبلية للمريخ وما وراءه؛ خاصةً ما يتعلق بمدة الرحلة. فلا أحد يريد عيونًا مهروسةً أو عمياء!

المصادر:

Phys [1]

[2] nasa_1

[3] nasa_2

[4] JSTOR

[5] nasa_3

[6] nasa_4

[7] nasa_5

[8] Space

[9] SCIELO

live science [10]

Exit mobile version