هل النيوترينو سر بقاء المادة؟

واحدة من أهم ألغاز الفيزياء حاليًا هي سبب تكون كل شيء حولنا من المادة وليس من المادة المضادة. وحسب دراسات يابانية حديثة فحل تلك المعضلة يكمن في جسيم النيوترينو. فهل النيوترينو هو سر بقاء المادة؟

معضلة المادة والمادة المضادة

تتكون الأشياء من حولنا من مواد مختلفة وتتكون تلك المواد من جسيمات صغيرة مختلفة. وأشهر تلك الجسيمات مثلًا الإلكترون والبروتون. وفي عام 1928 افترض العالم الإنجليزي «بول ديراك – Paul Dirac» وجود جسيم مماثل تمامًا للإلكترون، ولكنه عكسه في الشحنة وهو مضاد الإلكترون. ومن نفس المنطلق لكل جسيم نعرفه يوجد جسيم مضاد، وكذلك إذا كانت المواد التي نعرفها تتكون من الجسيمات فلابد من وجود مواد تتكون من مضادات الجسيمات. [1]

فمثلًا، نرى حولنا الأرض والهاتف وأي شيء حولنا حتى نحن مكونين من مادة، من جسيمات صغيرة. ولكن هل رأيت كوكب ما مكون من مادة مضادة؟ هل رأيت حولك شيء يتكون من مادة مضادة؟ هل استطاع العلماء اكتشاف أي شيء يتكون من مادة مضادة؟ الإجابة لا. ومن جانب آخر، يفترض النموذج المعياري للجسيمات تساوى الجسيمات مع الجسيمات المضادة في الكون. وتسمى تلك المعضلة بمعضلة المادة والمادة المضادة وهي واحدة من أهم ألغاز الفيزياء التي لم تحل حتى الآن.

عندما يجتمع الجسيم مع الجسيم المضاد له فإنهما يلاشيان بعضهما ويتحولا لكم من الطاقة. وإذا تعمقنا في تلك العملية سنجد أن مع تساوي عدد الجسيمات مع الجسيمات المضادة، فلما لم يختف الكون في بداية نشأته؟ وكيف لم تلاش كل الجسيمات نظائرها من الجسيمات المضادة؟ وهو الذي يجعلنا نفكر فيما قد يحدث في ذلك الوقت يمنع عملية التلاشي. أو وجود جسيم قادر على أن يتخطى تلك المرحلة لينجو بالجسيمات لبر الأمان ونرى كوننا كما نراه الآن.

عملية الإبادة: اتحاد الإلكترون مع الإلكترون المضاد ينتج عنهما كم معين من الطاقة

النيوترينو

يعد النموذج المعياري للجسيمات هو أكثر نموذج مقبول في فيزياء الجسيمات. ويقسم النموذج المعياري الجسيمات لعائلات رئيسية تبعًا لإحدى خصائص الجسيمات. واحدة من تلك العائلات تسمى اللبتونات. تحتوي عائلة اللبتونات على (إلكترون – ميوون- تاو – نيوترينو إلكترون – نيوترينو ميوون – نيوترينو تاو) والجسيمات المضادة لهم. والنيوترينو هو جسيم كتلته تكاد تكون صفر واثناء تحركه يتغير من نوع لآخر، أي يتحول من نيوترينو إلكترون إلى نيوترينو تاو مثلا.

ولكن الخاصيتين التي تجعلنا نفكر في النيوترينو كحل لمعضلة المادة والمادة المضادة هما:

  1. أن النيوترينو المضاد والنيوترينو لهم متعادلان أي يحملان نفس الشحنة.
  2. وأن النيوترينو نادرًا ما يتفاعل مع المادة حيث يمر في أجسامنا يوميًا العديد من تلك الجسيمات، ولكنها لا تتفاعل معها.

والآن كيف يمكن للنيوترينو أن يكون حل المعضلة؟

محاولة حل المعضلة بواسطة النيوترينو

يعمل مسرع البروتونات بقرية «توكاي – Tokai» باليابان على إنشاء شعاع مكثف من النيوترينوات ميون ونظيرها المضاد. وتم إرسال ذلك الشعاع إلى كاشف «كاميوكاند الفائق Super-Kamiokande». ولذلك اسم المشروع T2K أي من توكاي إلى كاميوكاند. [2]

خلال رحلة النيوترينوات تتغير دوريًا من نيوترينو ميوون إلى نيوترينو إلكترون. والنيوترينو المضاد ايضًا يتغير بنفس الهيئة من نيترينو مضاد ميوون إلى نيوترينو مضاد إلكترون. وهنا يظهر الأختلاف. فدراسة مشروع T2K وجدت اختلاف في زمن تحول النيوترينو عن نظيره المضاد بحوالي دقيقة. ومازالت الأبحاث والتطويرات في المشروع قائمة لأثبات ذلك الاختلاف. فوجود ذلك الاختلاف يعطي الأفضلية للمادة أن تتكون في بداية الكون أسرع من المادة المضادة مما يفسر ما نراه حاليًا.

ولكن تعمل الدراسة حاليًا على إيجاد نتائج أكثر دقة حتى يتم الاعتراف بها في مجتمع الفيزياء. فمن خلال النظريات الحالية لإيجاد سر بقاء الكون، هل ترى أن النيوترينو يمكن أن يكون هو سر بقاء المادة؟ شاركنا برأيك في التعليقات.

المصادر

[1] Antimatter

[2] The T2K Experiment

12 ظاهرة فلكية غامضة تحدث في الكون

لا شكّ أن الكون غريبٌ. ولربما تسعفك نفسك في استيعاب مقدار الغرابة، فها أنت ذا كائنٌ حيّ يتراقص فوق فوق كرة زرقاء من الصخور المنصهرة. إلّا أن كوكبنا – بغرابته- لا يشكّل سوى قسم بسيط من الظواهر غير المألوفة التي تغزو كوننا. حتى أن علماء الفلك باتوا يدعونها مفاجآتٍ لا اكتشافات. بينما يقدّم المقال التالي اثني عشر ظاهرة غامضة في الفضاء.

إشاراتٌ راديويّة غامضة

رصد الباحثون إشارات راديوية فائقة القوة تستمر لعدة أجزاء من الثانية منذ عام 2007. سميت هذه الومضات الغامضة ب«انفجارات الراديو السريعة-Fast radio bursts»(FRBs)، وتبيّن أنها تأتي من على بعد مليارات السنين الضوئية. ولكنّها بالتأكيد ليست كائنات فضائية! فقد تمكن العلماء مؤخرًا من رصد FRBs متكررة، حيث ومضت ست مرات على التوالي. وكانت ثاني إشارة ملتقطة من هذا النوع حتى الآن، كما يعتقد أنها ستساعد في حل هذا اللغز. [1]

معكرونة نووية

تتشكل أقوى مادة في الكون من بقايا النجوم الميتة. ووفقًا لنماذج المحاكاة الحاسوبية؛ تتعرض البروتونات والنيوترونات في هذه الحالة لضغط هائل من الجاذبية، فتنضغط مشكلة مادةً أشبه بطبق من المعكرونة، والتي قد تنفجر إذا ما طبقت عليها قوة أكبر ب10 مليارات مرة من تلك التي تثني الفولاذ. [2]

حقوق الصورة: https://www.cosmos.esa.int/web/ulx-pulsars-workshop?hcb=1

حلقات هاوميا

يدور الكوكب القزم «هاوميا-Haumea» في «حزام كويبر- Kuiper belt» وراء كوكب نبتون، وهو جرم فلكي غير اعتياديّ أساسًا. فله شكل غريب مستطيل وقمران ويوم طوله أربع ساعات فقط، مما يجعله أسرع جسم في الدوران حول نفسه في المجموعة الشمسية. ثم تبيّن عام 2017 أن هاوميا أكثر غرابة مما ظننا. فعندما رصد الفلكيون عبوره أمام نجم في السماء تمكنوا من رؤية حلقات رفيعة تدور حوله، والتي تشكلت غالبًا نتيجة اصطدام عنيف حدث في الماضي. [3]

حلقات هاوميا
حقوق الصورة: https://earthsky.org/space/dwarf-planet-haumea-enigmatic-ring-new-insights/?hcb=1

قمرٌ له قمر

ما الذي قد يكون أفضل من القمر؟ بالتأكيد قمرٌ يدور حوله قمر آخر أو ما يسمى «قمر القمر-Moonmoon». لا زال وجود أنظمة كهذه نظريّ فقط. فحتى الآن لم يرصد العلماء شيء كهذا، رغم أن وجودها لا يتعارض مع أي من قوانين الكون. وكأن عدم وجودها ظاهرة غامضة بنفسه! [4]

حقوق الصورة: https://www.livescience.com/63819-moonmoons-could-exist.html?hcb=1

مجرة خالية من المادة المظلمة

يطلق مصطلح «المادة المظلمة-Dark matter» على المادة المجهولة التي تشكل 85% من المادة في الكون، وهي غريبة حقًا. لكن العلماء متأكدون من شيء واحد على الأقل، وهو وجودها في كل المجرات. إلا أن فريقًا من الفلكيين وفي أثناء دراستهم أحد المجرات وجدوا أنها بالكاد تحتوي مادةً مظلمة. فيما اقترح بحث آخر أن المجرة السابقة فيها مادة مظلمة! وفي جميع الأحوال أعطت هذه المفارقة مصداقيةً لأحد الفرضيات التي تزعم عدم وجود مادة مظلمة على الإطلاق. [5]

نجمٌ متخافت

انصدمت الفلكية «تابيثا بوياجيان-Tabetha Boyajian» من جامعة لويزيانا الأمريكية لدى رصدها النجم المسمى KIC 846285، حيث يخفت ضوؤه فجأةً لفترات زمنية متغيرة، وقد ينخفض سطوعه 22% في بعض الأحيان. اقترحت فرضيات عدة لتفسير هذه الظاهرة الغريبة ومنها وجود حضارة ذكية ما، بينما يعتقد العلماء حاليًا بوجود حلقة من الغبار تدور حول النجم وتسبب ذلك التعتيم. [6]

نجم KIC 846285
حقوق الصورة: https://www.theverge.com/2018/1/3/16843678/alien-megastructure-tabbys-star-kic-8462852-dust?hcb=1

كهربائية هايبريون العالية

تحتدم المنافسات بين أقمار المجموعة الشمسية حول لقب “أكثر الأقمار غرابةً”، فمن جهة نجد قمر المشتري «آيو-IO» ونشاطه البركاني الهائل، وقمر نبتون «تريتون-Triton» الذي ينف الغازات. لكن الأغرب شكلًا هو بالتأكيد قمر زحل «هايبريون-Hyperion»، فله شكل غير منتظم مليء بالحفر والفوهات البركانية، وكأنه حجرٌ اسفنجيّ. فيما وجد مسبار«كاسيني-Cassini» الذي زار نظام كوكب زحل بين عامي 2004 و 2017 أن هايبريون مشحون كهربائيًا، مع شعاع من الجسيمات المشحونة المتدفقة في الفضاء. [7]

القمر هايبريون
حقوق الصورة: https://solarsystem.nasa.gov/missions/cassini/science/saturn/?hcb=1

نيوترينو مُرشد

زار جسيم «نيوترينو-Neutrino» منفرد الأرض يوم 22 أيلول/سبتمبر عام 2017 ، إلا أن غرابته تعدت ذلك حتى. في حين يرصد الفيزيائيين في مرصد «آيسكيوب-IceCube» للنيوترينو جسيمات مشابهة مرة على الأقل شهريًا، لكن هذه النيوترينو تميز بكونه يحمل معلومات كافية عن مصدره، مما سمح للفلكيين برصد ذلك المصدر. وقد وجدوا أنه صدر عن اشتعال «بلازار-Blazar» (أي ابتلاع الثقب الأسود فائق الكتلة في مركز مجرتنا للمادة المحيطة به) وتوجه نجو الأرض منذ أربعة مليارات سنة. [8]

حقوق الصورة:https://www.eurekalert.org/pub_releases/2018-07/ded-bit070818.php?hcb=1

المجرة المستحاثة

تصنف المجرة المسماة DGSAT I ك«مجرة فائقة الانتشار-Ultradiffuse galaxy»، مما يعني أنها كبيرة بحجم درب التبانة لكن نجومها متباعدة بشكل يكاد يجعل المجرة غير مرئية. وفي حين تكون غالبية مجرات UDGs متجمعة في عناقيد مجرية، وجد العلماء مجرة DGSAT I الشبحية وحيدة في الفضاء. يخبرنا ذلك أنها تشكلت في مرحلة مختلفة جدًا من تطور كوننا، تقريبًا حوالي مليار سنة بعد الانفجار العظيم، ما يجعل المجرة الشبحية مستحاثة حيّة! [9]

مجرة DGSAT I
حقوق الصورة:https://www.space.com/anemic-galaxy-discovered.html?hcb=1

صورة كوازار حاسمة

تقوم الأجسام ذات الكتل الكبيرة بثني الضوء وفقًا لنسبية أينشتاين، فيشوه ذلك صورة الجسم الواقع خلفها. استغل الباحثون هذه الظاهرة واستعملوا تلسكوب هابل الفضائي ليرصدوا «كوازار-Quasar» من الكون المبكر. واستخدموه ليقدروا معدل توسع الكون. وجد العلماء أن الكون يتوسع الآن أسرع من ذي قبل، مما يتعارض مع قياسات أخرى. وقد دفع ذلك الفيزيائيين للتشكيك في صلاحية نظرياتهم أو أن شيئًا غريبًا يجري. [10]

صورة الكوازار
حقوق الصورة:https://phys.org/news/2019-01-astronomers-images-quasars-hubble-constant.html?hcb=1

سيل من الأشعة تحت الحمراء

تعرف النجوم النيوترونية بأنها أجسام شديدة الكثافة تتشكل بعد موت نجم عادي. وعادةً ما تطلق موجات راديو أو إشعاع أعلى طاقةً كالأشعة السينية مثلًا. لكن في أيلول/سبتمبر عام 2018 وجد الفلكيون سيلًا مستمرًا من الأشعة تحت الحمراء قادم من نجم نيوتروني يبعد عنا 800 سنة ضوئية، في ظاهرة تعد الأولى من نوعها. اقترح الباحثون أن الإشارة السابقة تولدت عن قرص من الغاز الذي يدور حول النجم، فيما لم يحل هذا اللغز نهائيًا بعد. [11]

شفق قطبي على كوكب مارق

تجول «الكواكب المارقة-Rogue planets» أو الكواكب بين النجمية مجرتنا، وهي كواكب طردت من نظامها النجمي بفعل قوى الجاذبية. وهنا نجد ظاهرة غامضة هي الشفق القطبي على هذه الكواكب، فهي لا تتبع لنجم معين لتسبب رياحه الشمسية حدو الشفق القطبي. فهناك صف من الكواكب المارقة التي تخرج عن المألوف، حيث يتضمن كواكب بحجم الأرض تسمى SIMP J01365663+0933473 وتبعد عنا 200 سنة ضوئية. تتميز هذه الكواكب بحقل مغناطيسي أقوى ب200 مرة من حقل المشتري المغناطيسي، وهي قوة كافية لتوليد ومضات من الشفق في غلافها الجوي والتي يمكن رصدها بموجات الراديو.

الشفق القطبي على قزم بني مارق
حقوق الصورة:https://skyandtelescope.org/astronomy-news/auroras-discovered-rogue-brown-dwarf/?hcb=1

وفي جميع الأحوال نعول على العلم فقط في حل هذه الألغاز وكشف الستار عن كل ظاهرة غامضة في كوننا.

المصادر:

[1]livescience

[2]livescience2

[3]space

[4]livescience3

[5]livescience4

[6]livescience5

[7]livescience6

[8]NASA

[9]livescience7

[10]livescience8

[11]livescience9

[12]livescience10

Exit mobile version