ما هي الكهرباء؟

يعد مفهوم الكهرباء واحدً من أعقد المفاهيم عبر الزمن وأهمها. إذ ساعدنا الفهم الأشمل للكهربية بتطوير علم الفيزياء بالكامل وتغير وجهة نظرنا عما يدور في كوننا. فما هي الكهرباء؟ وما سبب وجودها؟

تاريخ الكهرباء

تعرف الإنسان على الكهرباء من خلال سمك الرعاش، والذي اعتقد القدماء المصريين أنه يحمي باقي الأسماك. إلاّ أن أول الاستنتاجات العلمية للكهربية كانت بالصدفة عندما لاحظ الفيلسوف «طاليس – Thales» التجاذب بين المغنيتيت والكهرمان عند فركه بالحرير. [1]

وبقي الوضع كما هو حتى عام 1600م، عندما فسر العالم الإنجليزي «وليام جيلبيرت – William Gilbert» تلك الملاحظات تفسيرًا دقيقًا. جاءت تلك الملاحظات في كتابه «De Magnete» عندما وضح الفرق بين التجاذب الناتج عن مغناطيس والناتج عن الكهرباء الساكنة.

وكانت الطفرة في مجال الكهربية مع العالم «شارل أوغستان دي كولوم – Charles-Augustin de Coulomb» عام 1785م. إذ فسر كولوم الكهربية تفسيرًا عميقًا ووضع الخصائص التي تتصرف بها قوى الكهربية. [2] فما هو تفسير وجود الكهرباء إذن؟ وكيف تعمل؟

الشحنات الكهربية

يوجد في الطبيعة أنواع مختلفة من الجسيمات الصغيرة، وتختلف كل منها في خصائصها. فمثلًا يوجد جسيمات معينة تنجذب مع أحد أنواع الجسيمات، ولكنها تتنافر مع جسيمات أخرى. فإذا قسمنا الجسيمات إلى نوعين موجب وسالب، فالجسيم الموجب سيتنافر مع الجسيم الموجب مثله، ولكنه سينجذب إلى الجسيم السالب.

يصف قانون كولوم حركة وتفاعل تلك الجسيمات مع بعضها، وقد أوضح من خلاله أن التفاعل بين أي جسيمين مشحونين يضعف بزيادة تربيع المسافة بينهم (أي مقدار المسافة مضروب في نفسه). [2]

وتتكون كل المواد في الطبيعة من جسيمات تسمى ذرات، وتختلف كل مادة عن الأخرى في ترتيبهم وتوزيعهم. والذرة تتكون من جسيمين أساسيين هما:

  1. قلب الذرة وتسمى النواة ولها شحنة موجبة
  2. إلكترون سالب الشحنة يدور حول تلك النواة.

وتتكون المواد الصلبة من خلال ترتيب معين للذرات مكونة بحر من الإلكترونات على سطح المادة. وعند فرك الكهرمان بالحرير، تنتقل الإلكترونات السالبة إلى الحرير ويصبح الكهرمان موجب الشحنة (لاحتوائه على جسيمات موجبة أكثر من السالبة).
وبالتالي ينجذب الكهرمان بعد فركه مع المغنيتيت عند اقترابهما ليعوّض الشحنات السالبة التي فقدها. وتسمي حركة انتقال الشحنات تلك بالكهرباء الساكنة. ويمكنك ملاحظة الكهرباء الساكنة عند ظهور شرر عند خلع ملابسك المصنعة من البوليستر في غرفة مظلمة. [3]

البطاريات وتوليد التيار

هناك العديد من الطرق لتوليد التيار الكهربي، ولكن الفكرة الرئيسية في توليد التيار هي البطاريات. وقد صنع «أليساندرو فولتا – Alessandro Volta» أول بطارية في التاريخ. واعتمدت بطارية فولتا على وجود محلولين مختلفين في الشحنة مفصولين عن بعضهما بطبقة تمنع مرور الشحنات داخل البطارية. ويوجد سلك عند طرفي البطارية تنتقل من خلاله الشحنات. ويمثل تدفق الشحنات فيما يعرف باسم السلك التيار الكهربي، وتكون الكهرباء في تلك الحالة كهرباء متحركة. [4]

وتسمح المعادن بمرور التيار خلالها بشكل أفضل من غيرها من المواد. وبشكل عام يمكننا تقسيم المواد على حسب توصيلها للكهرباء لثلاثة أنواع:

  • موصلة
  • شبه موصلة
  • عازلة

فكلما كان سطح المادة يحوي إلكترونات حرة أكثر كان أفضل في توصيل التيار.  ويجتهد العلماء حاليًا في تطوير أشباه الموصلات للاستخدامات الكهربائية وذلك لتنوع خصائصها الكهربائية عن الموصلات. إذ تستخدم أشباه الموصلات في خلايا الطاقة الشمسية والإلكترونيات الحديثة. أما تطوير البطاريات فهو أمر لا يقل أهمية ونرى ذلك في الظهور الدوري لأنواع حديثة من البطاريات.  

المصادر:

  1. BioScience
  2. Histoire de l’Academie royale des sciences
  3. Fundamentals of physics / David Halliday, Robert Resnick, Jearl Walker. —9 th ed. Section 21 (Electric Charge).
  4. Volta’s Electrical Battery Inventio

المغناطيسيات الكلاسيكية وميكانيكا الكم

المغناطيسيات الكلاسيكية وميكانيكا الكم

ربما تبادر سؤال لذهنك وهو ما العلاقة بين المغناطيسيات وميكانيكا الكم؟ دعني أخبرك عزيزي القارئ بأن ميكانيكا الكم للمغنطيسيات هي واحدة من أهم الأنظمة في عالم الكم. لذا علينا قبل الانتقال إلى فهمها بأن نفهم أولًا كيف تتصرف المغنطيسيات الكلاسيكية. ففي مقالنا ( المغناطيسيات الكلاسيكية وميكانيكا الكم ) سنفهم ذلك. فسنتعرف عن ماهية المجال المغناطيسي والقوة المغناطيسية وكيف ينشأ المجال وتاريخ استكشافه…

سنصف الآن تفصيليًا ما يحدث عند وضع مغناطيس متحرك في مجال مغناطيسي غير منتظم وهذه أكثر الحركات تعقيدًا في الميكانيكا الكلاسيكية؛ لذا سنحلل كل جزء ببطء حتى نتمكن لاحقًا من فهم تجربة «stern-Gerlach» التي تجرى باستخدام الإبر المغناطيسية أو الحلقات ومن ثم نفهم سلوك النسخة الكمومية للتجربة، فهيا بنا.

ربما سمعنا عن مصطلح يسمى «القوة-Force» والمصطلحات دفع أو ضغط تعبر كذلك عن القوة, فإذا ضغطنا في نفس الاتجاه على جسم بالتساوي وفي مكانين مختلفين، فإنه سيتحرك موازيًا لوضعه الأول.

إذا طبقنا قوتين متساويتين في اتجاهين متعاكسين (بينهما مسافة) فإنهما سيتسببان في دوران ذلك الجسم وهذا ما نطلق عليه عزم الدوران.

فعزم الدوران هو القوة التي يمكن أن تتسبب في دوران جسم حول محوره.

لذا دعونا نلخص بعض الحقائق التي يجب أن نعرفها عن المغناطيس:

  • يحتوى المغناطيس على قطبين شمالي وجنوبي.
  • الأقطاب المختلفة تتجاذب.
  • تقل القوة كلما ابتعدنا عن القطب المغناطيسي.

الأن لندخل في المجال المغناطيسي الذي يعد محورًا لحديثنا وهام فهمه لما هو قادم.

ما هو المجال المغناطيسيّ؟

قبل التعرف على المجال المغناطيسيّ وجب أن نعرف ما هي القوة المغناطيسية؟

القوة المغناطيسيّة هي نتيجة القوة الكهرومغناطيسية التي تنتج عن حركة الشحنات (الموجبة أو السالبة) وهي من القوى الأساسية الأربعة للطبيعة (القوة الكهرومغناطيسية وقوة الجاذبية والقوة النووية القوية والقوة النووية الضعيفة).

فالمجال المغناطيسيّ صورة لوصف كيفية توزيع القوة المغناطيسيّة حول أو داخل شيء مغناطيسيّ. أو المنطقة المحيطة بمادة مغناطيسية أو شحنة كهربائيّة متحركة تعمل فيها قوة مغناطيسيّة.

فالمغناطيس له قطبان والأقطاب المتعاكسة تتجاذب والمتشابهة تتنافر ويصف المجال المغناطيسيّ المنطقة المحيطة بالمغناطيس عند مرور تيار كهربي. دعونا نعرف كذلك ما هي القوى الأساسية الأربعة في الطبيعة؟

الجاذبية

الجاذبية هي التجاذب بين جسمين لهما كتلة أو طاقة ونرى ذلك عند رمي صخرة من قمة برج وكان أول من اقترح فكرة الجاذبية هو إسحاق نيوتن وبعد قرون جاء ألبرت أينشتاين من خلال نظريته النسبية العامة. على الرغم من أنها تربط الكواكب والنجوم والأنظمة الشمسية إلا أنه قد تتبين أنها أضعف القوى الأساسية على المقياسين الجزيئي والذري.

القوة النووية الضعيفة

تعبر عن الجسيمات دون الذرية وهي أقوى من الجاذبية، فتصف البنية الأساسية للمادة، وأحد هذه الجسيمات هي الكوارك، إذ لم يرى العلماء ما هو أصغر منها والنوع الأخر من الجسيمات الأولية هو البوزون وهو الحامل للقوة ويتكون من حزم من الطاقة ويعتقد العلماء بوجود نوع أخر يسمى الجرافيتون وهذا لم يُعثر عليه بعد وهو مسؤول عن قوة الجاذبية.

القوة الكهرومغناطيسية

هي قوة تؤثر على الجسيمات المشحونة مثل الإلكترونات السالبة والبروتونات الموجبة. إذ أن الشحنات المتعاكسة تتجاذب والمتشابهة تتنافر وكلما زادت الشحنة، زادت القوة. تتكون من جزأين وهما القوة الكهربائية والقوة المغناطيسيّة، فتعمل القوة الكهربائية بين الجسيمات المشحونة سواء ثابتة أو متحركة وبمجرد أن تبدأ الجسيمات في الحركة، يأتي دور القوة المغناطيسيّة، إذ تخلق الجسيمات مجالًا مغناطيسيًا. تعد هي المسؤولة عن بعض الظواهر مثل الاحتكاك والمرونة والقوة التي تربط المواد الصلبة في شكل معين.

القوة النووية القوية

هي أقوى قوة في الأربعة قوى الأساسية وهي المسؤولة عن ربط الجسيمات الأساسية للمادة لتشكيل جسيمات أكبر. فكما ذكرنا أن الكوارك أصغر الجسيمات ولا يمكن تقسيمها وهي اللبنات الأساسية لفئة أكبر وهي الهادرونات التي تشمل البروتونات والنيترونات.

نبذة عن تاريخ المجال المغناطيسيّ

في عام 1269 رسم الباحث الفرنسي «بيتروس بيريجرينوس دي ماريكورت-Petrus Peregrinus de Maricourt» خريطة المجال المغناطيسي على سطح مغناطيس كروي باستخدام إبر حديدية. إذ لاحظ أن خطوط المجال الناتجة تتقاطع عند نقطتين، أطلق عليهما “الأقطاب” ووضح أن المغناطيس له قطبين شمالي وجنوبي. بعد ثلاثة قرون، جاء «ويليام جيلبرت-William Gilbert» بمغناطيسية الأرض أي أنها لها مجال مغناطيسي. في عام 1750، صرح رجل الدين والفيلسوف الإنجليزي جون ميتشل أن الأقطاب المغناطيسيّة تتجاذب وتتنافر.

وما زالت الاكتشافات تتوالي، تحقق تشارلز أوغستين دي كولوم في عام 1785 تجريبيًا من المجال المغناطيسي للأرض. بعدها في القرن التاسع عشر، ابتكر عالم الرياضيات والهندسة الفرنسي سيميون دينييس بواسون أول نموذج للحقل المغناطيسيّ والذي قدمه في عام 1824.

في عام 1819، اكتشف الفيزيائي والكيميائي الدنماركي هانز كريستيان أورستد أن التيار الكهربائي ينشأ حوله حقل مغناطيسي. وفي عام 1825، اقترح أمبير نموذجًا للمغناطيسية، إذ كانت القوة الناشئة عن التيار الكهربي المتدفق، بدلًا من الأقطاب المغناطيسية. أظهر الإنجليزي فاراداي أن المجال المغناطيسيّ المتغير يولد مجالًا كهربائيًا (الحث الكهرومغناطيسي) في عام 1831.

بين عامي 1861 و 1865، نشر جيمس كلارك ماكسويل نظريات حول الكهرباء والمغناطيسية تعرف باسم معادلات ماكسويل وصفت العلاقة بينهما.

يمكن توضيح المجال المغناطيسيّ بـ:

  • خطوط المجال المغناطيسيّ: هي خطوط تخيلية وتستخدم لتمثيل المجالات المغناطيسية وتشير كثافة الخطوط إلى حجم المجال، فمثلًا يكون المجال المغناطيسيّ أقوى ومزدحم بالقرب من القطبين وكلما ابتعدنا يكون ضعيف وكثافة الخطوط أقل.
  • متجه المجال المغناطيسيّ: يوصف المجال المغناطيسي رياضيًا بمتجه ويشير كل متجه في الاتجاه الذي تشير إليه البوصلة (شمال، جنوب، شرق، غرب…).

وإليك خصائص المجال المغناطيسي:

  • لا تتقاطع خطوط المجال المغناطيسي مع بعضها.
  • تعبر كثافة خطوط المجال عن قوة المجال.
  • دائمًا ما تصنع خطوط المجال المغناطيسي حلقات مغلقة.
  • تبدأ خطوط المجال المغناطيسي دائمًا من القطب الشمالي وتنتهي عند القطب الجنوبي.

كيف ينشأ المجال المغناطيسي؟

ينشأ عندما تكون الشحنة في حالة حركة وهناك طريقتين من خلالهما يمكننا توليد مجال مغناطيسي.

عند مرور تيار كهربي

لديك سلك كهربي يتدفق خلاله التيار عن طريق توصيله ببطارية ومع زيادة التيار عبر الموصل يزداد المجال المغناطيسي وعندما نبتعد عن السلك يتناقص المجال مع المسافة، وهذا ما تم وصفه من قِبل قانون أمبير.

فالمجال المغناطيسي له اتجاه لأنه كمية متجهة، ويمكن تحديده بواسطة قاعدة اليد اليمنى، بالتفاف يدك اليمنى حول السلك وإبهامك في اتجاه التيار وباقية الأصابع تلتف في اتجاه المجال المغناطيسيّ.

حركة الإلكترونات حول النواة

يوجد بعض المواد يمكن تحويلها إلى مغناطيس (مثل الحديد) باستيفاء بعض الشروط:
نحتاج إلى ذرات تحتوي على إلكترون أو أكثر لها عكس اتجاه الدوران. فالحديد مثلًا يحتوى على أربع إلكترونات.

يجب أن تكون المادة مستقرة بدرجة كافية.

بعد أن انتهينا من مقالنا (المغناطيسيات الكلاسيكية وميكانيكا الكم). في المرة القادمة سيكون حديثنا عن تجربة Stern-Gerlach والسلوك الكمومي بها.

أقرأ أيضا: مقدمة في الحوسبة الكمية

المصادر

Exit mobile version