المواد الزجاجية السبينية

يمكن إزاحة الوسخ أو كنسه تحت البساط، بيد أنه يقتضي الاهتمام به عاجلا أم آجلا. أما “الوسخ” في العلوم الفيزيائية فيمكن أن يكون اضطرابا في البنية، أو شوائب في المواد، أو تعارضا بين تفاعلات. فالوسخ يفسد الترتيب. إذ يستطيع قدر كاف من العشوائية وعدم الكمال واللانسجام أن يخرب التناظرات الأصيلة التي تسهل الوصف الفيزيائي إلى أبعد الحدود. وقد ترِكَ الوسخ طوال معظم تاريخ الفيزياء جانبا. ودرس الفيزيائيون بدلا منه النظم المرتبة كالبلورات التامة. إلا أنهم بحلول أوائل السبعينات شعروا بأنهم ملزمون بمواجهة خلل في الإنتظام. وبدأ الوسخ الذي قد تراكم فى أروقة العلم يتحلل. ولقد كانت دراسة المواد الزجاجية السبينية (Spin glasses)  إحدى أنجح المحاولات لفهم تلك النظم المضطربة. إن النماذج الرياضية لهذه المواد هي طرز أولية لمسائل معقدة في علم الحاسوب والكيمياء الحيوية وغيرها من العلوم. فما هي تلك المواد؟ وكيف نشأت؟

ماهي المواد الزجاجية السبينية؟

حالة الطاقة المنخفضة  أو The Ground State.

في البداية لنتفق على أن كل الأنظم تميل إلي الاستقرار وإلى الوصول إلى حالة ذات طاقة دنيا. فعند إحداث اضطراب ما بين ذرات المادة كرفع درجة حرارة _إلى درجة الحرارة الحرجة (Critical Temperature)_ قد تعانى تلك المادة انتقالا طوريا من حالة إلى حالة.[1] وبرفع ذلك المؤثر وانخفاض درجة الحرارة تتخذ الذرات ترتيبا يضمن لها أقل طاقة. [2]

إذا نظرت إل المواد الصلبة كملح الطعام مثلا، تجد أن ذرات الصوديوم والكلوريد يتخذان في الفراغ شكلا بلوريا منتظما يضمن لهم طاقة أقل واستقرارا أكثر، وكذا كل أشكال المواد الصلبة. وعلى النقيض الآخر، نجد بأن السوائل تفتقر إلى هذا الترتيب وتتحرك ذراتها أو جزيئاتها بصورة غير منتظمة وتأخذ أشكال الحاوية الموضوعة فيها. أما في حالة الزجاج، فنجد أنه ينتمي إلي فئة خاصة من المواد الصلبة غير البلورية. أي أنه صلب في درجات الحرارة العادية، غير أنه يفتقر إلى الترتيب البلوري المنتظم كالسوائل.

ومن الممكن اعتبار الزجاج السبيني في بنيته مماثلا لبنية الزجاج. فهو قد يتكون من بعض ذرات الحديد المبعثرة في شبيكة من ذرات النحاس، إلا أن خواصه معقدة جدا، وأحيانا تكون غير قابلة على نحو مضجر للتنبؤ بها. و”السبين” هنا هو السبين الميكانيكي الكمومي للإلكترونات الذي تنشأ عنه المغناطيسية.[3] أما ما نقصد ب”مادة زجاجية” فقد يخيل للقارئ للوهلة الأولى لحظة قراءة ذلك المصطلح، أن لفظة “زجاجية” تشير إلى صفة الزجاج الذي نراه في حياتنا اليومية. ولكنها تشير إلى حالة لوصف النظم المضطربة أو المتسخة كما ذكرنا سابقا. إذ هو خلل في انتظام توجهات السبينات وتفاعلاتها. إن الخصائص المثيرة للاهتمام العائدة للزجاج السبيني، وكذا ديناميكاتها ودرجة تعقيدها هي كلها ناشئة عن تفاعلات مغناطيسية بين ذراتها. فبعض الذرات تتصرف كما لو كانت قضبانا مغناطيسية، فتولد حقولا مغناطيسية وتخضع لحقول مغناطيسية. ولكي نفهم مالمقصود بذلك علينا إيضاح بعض المفاهيم المتعلقة بالخواص المغناطيسية أولا.

الخاصية المغناطيسية الحديدية (ferromagnetism)  والخاصية المغناطيسية الحديدية المضادة (Antiferromagnetism)

من المعروف أن ذرات الحديد تتميز بسلوك مغناطيسي. فعند تعرضه لحقل مغناطيسي خارجي، تسعى ذراته للاصطفاف في اتجاه محدد. ويعلل هذا الاصطفاف خواص الحديد المغناطيسية القوية، ولهذا فإنه يسمى ( المغنيطيسية الحديدية) (Ferromagnetism)  رغم أنه موجود أيضا في الكوبالت والنيكل ومواد أخري كثيرة.[4] وتنتج المغنيطيسية الحديدية من الطبيعة الميكانيكية الكمومية للإلكترونات الداخلية لهذا المعدن، حيث تجعل من المحبذ طاقيا للعزوم المغناطيسية الخاصة بالذرات المتجاورة أن تكون متوازية.

وبعبارة أخرى، إذا كان العزمان المغناطيسيان لذرتين متجاورتين ذواتي مغناطيسية حديدية يشيران إلى اتجاه واحد، فإنه لابد من بذل طاقة لقلب أحد العزمين المغناطيسيين إلى الإتجاه المعاكس. وعلى النقيض، إذا كان العزمان ذا اتجاهين متعاكسين تتحرر طاقة حين جعلهما متوازيين. ومن ثم تكون الطاقة المغناطيسية الكلية ذات قيمة صغرى إذا ما اتجهت العزوم المغناطيسية لجميع الذرات في اتجاه واحد.

إن إضافة طاقة حرارية لمادة الحديد يمكن أن يؤثر على اصطفاف السبينات. [5] فإذا سخِّن حديد نقي إلى درجات حرارة عالية فإن الطاقة الحرارية تتغلب علي التفاعلات المغناطيسية الحديدية. بحيث يتغير اتجاه كل عزم مغناطيسي من لحظة إلى أخري عشوائيا. ويمكن لصورة فتوغرافية لذرات الحديد أن تبين لنا أن عدد العزوم المغناطيسية المتجهة إلى الأعلي يساوي وسطيا العدد المتجه إلى الأسفل. كذلك الحال فيما يتعلق باليمين واليسار، وبالأمام والخلف. ويكون المجموع المتجه لجميع العزوم المغناطيسية، أو التمغنط الصافي صفرا. ويعرف الحديد في هذا الطور بأنه مادة (موافقة التمغنط) (Paramagnetic). وحين تخفض درجة حرارة الحديد، تصبح التفاعلات بين العزوم المغناطيسية هي الغالبة. ومن ثم تسعى العزوم إلى الاصطفاف فى حالة ذات طاقة دنيا. فتصطف في اتجاه واحد.

وبالمقابل يسود في أنواع أخرى من المواد ضرب مختلف من الترتيب في حالاتها منخفضة الطاقة. فذرات الكروم المتجاورة مثلاً تسعى لصف عزومها المغناطيسية في اتجاهات متعاكسة. فإذا ما اتجهت إحدى الذرات إلى أعلى اتجه عزم الذرة المجاورة إلى أسفل. ولما كان هذا السلوك مضادا لسلوك الحديد سميت هذه الخاصية ب ( المغنيطيسية الحديدية المضادة) (Antiferromagnetism) .

وتبدي المواد الزجاجية السبينية، على نحو لافت للنظر، خواص مغنيطيسية حديدية ومغنطيسية حديدية مضادة معاً. فمثلا، إذا مزجت بضعة أجزاء من الحديد ب 100 جزء من النحاس. فإن ذرات الحديد، التي تتفاعل عادة على نحو مغناطيسي حديدي، تستطيع الآن التفاعل على نحو مغناطيسي حديدي مضاد أيضا. وتسمي هذه العملية بالإشابة المغناطيسية (Alloy). وهو ما تحدثنا عنه في بداية المقال بالنظم المتسخه. فبإحداث قليل من الإشابة يمكنك الحصول على اضطراب فى النظام.

نجد أن إلكترونات التوصيل، التي تتحرك بحرية خلال النحاس، هناك سبين (spin) يتأثر بذرة الحديد المضافة علي نحو غريب بعض الشئ. وعلي مسافة معينة نجد أن ذرة الحديد قد أثرت علي اسبينات إلكترونات التوصيل لتوازي سبينها الخاص. ولكن علي مسافة أبعد قليلا تكون اسبينات الإلكترونات معاكسة لسبين ذرة الحديد. ثم علي مسافة أكثر بعدا تكون السبينات موازية، وهلم جرا.

إن نتيجة هذا السلوك المزدوج هي أنه يمكن لذرة ذات سبين معين ألا تكون قادرة على التوجه بحيث تحقق تفاعلها مع كل الذرات الأخرى في المواد الزجاجية السبينية. ولنتخيل ثلاث ذرات من الحديد موزعة عشوائيا في شبيكة من النحاس. فالذرة الأولي تتفاعل مع الثانية علي نحو مغناطيسي حديدي مضاد. في حين يكون التفاعلان بين الأولى والثالثة، وبين الثانية والثالثة مغناطيسيين حديدين. وليس هناك ثمة سبيل لتحقيق كل التفاعلات في وقت واحد. فإذا كان كان سبين الذرة الأولى متجها إلي أعلي مثلا، وجب أن يتجه سبين الثانية إلي أسفل. أما الثالثة فيفترض أن توجه سبينها في نفس اتجاه كل من الأولى ( السبين إلي الأعلي) والثانية ( السبين إلي الأسفل) . وإن أي ترتيتب سوف يخل بواحد من التفاعلات علي الأقل. ويسمي النظام الذي لايمكن تحقيق كل تفاعلاته في آن واحد (محبطا) (Frustrated).

إن إحدي نتائج الإحباط أو ال Frustration  هو إمكان وجود حالات كثيرة منخفضة الطاقة للمادة الزجاجية السبينية. [6] كما هو موضح بالشكل. إن البحث عن حالة منخفضة الطاقة من تلك الحالات يتطلب التسخين والتبريد_ أي الإحماء_ مشابها للصعود والهبوط. فإذا كانت درجة الحرارة منخفضة جدا، فإن النظام سيبقي في واد ضحل زمنا طويلا جداً. وبرفع درجة الحرارة يتاح للنظام مزيد من الطاقة للاستكشاف، إذا جاز التعبير. وفي وسع سبيناته أن تنقلب بسهولة، ومن ثم يزداد احتمال تملصه من الأودية الضحلة (طاقة أقل) ( كما هو موضح بالشكل)، ويستطيع محاولة تجريب كثير من التشكيلات السبينية المحتملة أكثر من سواها، التي يمكن أن يكون لبعضها طاقة أخفض من طاقة الحالة الإبتدائية.

وعلي هذا فإن ثمة خوارزمية بسيطة لإيجاد حالة منخفضة الطاقة نسبياً لزجاج سبيني، هي بمحاكاة درجة حرارة عالية (عندما يستطيع النظام، من حيث المبدأ أن يجرب أي حالة) ثم تبريد النظام ببطء بحيث يستقر في حالة أقل طاقة. فإذا علق مؤقتاً في مرحلة مبكرة، في واد عالي الموقع، فإنه يبقي لديه مع ذلك فرصة جيدة للانسحاب إلي أقرب ممر للبحث عن واد أعمق ( طاقة أقل). وبعد عدة دورات من التسخين والتبريد تصبح الخوارزمية ذات احتمال كبير لإعطاء حل جيد_ أي حالة منخفضة الطاقة_ ولو أن فرصة إيجاد الحل الأفضل مصادفة في ذلك الفضاء الضخم ضئيلة إلي أبعد حد.

طور جديد من المواد أم مجرد قطعة مغناطيس

إن التحول من سائل إلي بلورة، أو من مادة موافقة التمغنط إلي مادة حديدية التمغنط، عند انخفاض درجة الحرارة هو انتقال طوري حقيقي. ذلك أن الحالات الناشئة تحتفظ بترتيب متميز طوال المدة التي يحافظ أثنائها علي درجة الحرارة. ومن جهة أخري، فإنه حتي لو بدا أن الزجاج العادي يمثل طوراً جديدا فإنه، أساسا سائل: فهو يسيل بمعدل بطئ مذهل بحيث يبدو صلباً.

وبالمثل يمكن للمواد الزجاجية السبينية أن تكون طوراً متميزاً من مادة ذات ترتيب مغناطيسي، أو اصطفاف سبيني يدوم طوال المدة التي يحافظ أثنائها علي درجة الحرارة المنخفضة. ومن ناحية أخري، يمكنها أن تكون مواد متوافقة التمغنط تباطأت خواصها الديناميكية كثيرا بحيث تبدو أنها لاتكوِن سوي (طور ساكن) Static phase. ولو لوحظ أن سبينات مادة زجاجية سبينية، محفوظة في درجة حرارة منخفضة تغير توجهها، لاستطاع المرء أن يستنتج أنها مجرد مغناطيس من مادة موافقة التمغنط (Paramagnetic).

بالنظر إلي الصورة الموضحة، نري أن الزجاج السبيني يحافظ على صورته أطول فترة ممكنة من الزمن بانخفاض درجة الحرارة. فهو عالق في إحدي الأودية الضحلة التي عندها تتسم سبيناتها بخواص ديناميكية بطيئة للغاية وهو ما يشبه خواص الزجاج العادي. أما علي النقيض الآخر، فنري في حالة الحديد أنه بانخفاض درجة الحرارة فيتحول من طور المادة متوافقة المغناطيسية إلي طور المغناطيسية الحديدية بمعدل سريع للغاية.

ومن هنا نخلص أن مكونات الزجاج السبيني هي:

  1. وجود إحباط نتيجة قيود هندسية في الشكل أو اضطراب في النظام كالشوائب.
  2. درجة حرارة منخفضة لاتاحة الفرصة للوقوع في واد ضحل (طاقة أقل).
  3. خواص ديناميكية بطيئة تجعله تجعله معلق في أحد اأودية الضحلة لمدة طويلة.

تطبيقات الزجاج السبيني

دراسة طيات البروتينات Protein Folding

باستخدام نماذج الزجاج السبيني في الكيمياء الحيوية، يمكن للباحثين فهم وتحليل طيات البروتينات. فمن الممكن اعتبار المجموعات الأمينية المكونة للبروتينات كالسبينات (أو كقضبان المغناطيس كما أشرنا) في الزجاج السبيني. وبدوران تلك المجموعات يمكن اكتشاف ماهو الشكل الذي يضمن أقل للطاقة للبروتين ككل و أكثر استقرارا. وتمكننا نماذج الزجاج السبيني من فهم كيف طورت الخلايا من الآليات التي تمكنها من التغلب علي عملية الإحباط في دوران البروتينات, لتنتج لنا أشكالاً أكثر استقرارا. وعلي النقيض، فإن أي خلل في طيات البروتينات قد تنتج أشكالاً من الممكن أن تؤدي إلي أمراض.

المصادر

1- Critical Temperature

2-Energy Minimization

3-Quantum Spin

4-Ferromagnetism

5-The Science of magnets and temperature

6-Frustration and ground-state degeneracy in spin glasses

المغناطيسيات الكلاسيكية وميكانيكا الكم

المغناطيسيات الكلاسيكية وميكانيكا الكم

ربما تبادر سؤال لذهنك وهو ما العلاقة بين المغناطيسيات وميكانيكا الكم؟ دعني أخبرك عزيزي القارئ بأن ميكانيكا الكم للمغنطيسيات هي واحدة من أهم الأنظمة في عالم الكم. لذا علينا قبل الانتقال إلى فهمها بأن نفهم أولًا كيف تتصرف المغنطيسيات الكلاسيكية. ففي مقالنا ( المغناطيسيات الكلاسيكية وميكانيكا الكم ) سنفهم ذلك. فسنتعرف عن ماهية المجال المغناطيسي والقوة المغناطيسية وكيف ينشأ المجال وتاريخ استكشافه…

سنصف الآن تفصيليًا ما يحدث عند وضع مغناطيس متحرك في مجال مغناطيسي غير منتظم وهذه أكثر الحركات تعقيدًا في الميكانيكا الكلاسيكية؛ لذا سنحلل كل جزء ببطء حتى نتمكن لاحقًا من فهم تجربة «stern-Gerlach» التي تجرى باستخدام الإبر المغناطيسية أو الحلقات ومن ثم نفهم سلوك النسخة الكمومية للتجربة، فهيا بنا.

ربما سمعنا عن مصطلح يسمى «القوة-Force» والمصطلحات دفع أو ضغط تعبر كذلك عن القوة, فإذا ضغطنا في نفس الاتجاه على جسم بالتساوي وفي مكانين مختلفين، فإنه سيتحرك موازيًا لوضعه الأول.

إذا طبقنا قوتين متساويتين في اتجاهين متعاكسين (بينهما مسافة) فإنهما سيتسببان في دوران ذلك الجسم وهذا ما نطلق عليه عزم الدوران.

فعزم الدوران هو القوة التي يمكن أن تتسبب في دوران جسم حول محوره.

لذا دعونا نلخص بعض الحقائق التي يجب أن نعرفها عن المغناطيس:

  • يحتوى المغناطيس على قطبين شمالي وجنوبي.
  • الأقطاب المختلفة تتجاذب.
  • تقل القوة كلما ابتعدنا عن القطب المغناطيسي.

الأن لندخل في المجال المغناطيسي الذي يعد محورًا لحديثنا وهام فهمه لما هو قادم.

ما هو المجال المغناطيسيّ؟

قبل التعرف على المجال المغناطيسيّ وجب أن نعرف ما هي القوة المغناطيسية؟

القوة المغناطيسيّة هي نتيجة القوة الكهرومغناطيسية التي تنتج عن حركة الشحنات (الموجبة أو السالبة) وهي من القوى الأساسية الأربعة للطبيعة (القوة الكهرومغناطيسية وقوة الجاذبية والقوة النووية القوية والقوة النووية الضعيفة).

فالمجال المغناطيسيّ صورة لوصف كيفية توزيع القوة المغناطيسيّة حول أو داخل شيء مغناطيسيّ. أو المنطقة المحيطة بمادة مغناطيسية أو شحنة كهربائيّة متحركة تعمل فيها قوة مغناطيسيّة.

فالمغناطيس له قطبان والأقطاب المتعاكسة تتجاذب والمتشابهة تتنافر ويصف المجال المغناطيسيّ المنطقة المحيطة بالمغناطيس عند مرور تيار كهربي. دعونا نعرف كذلك ما هي القوى الأساسية الأربعة في الطبيعة؟

الجاذبية

الجاذبية هي التجاذب بين جسمين لهما كتلة أو طاقة ونرى ذلك عند رمي صخرة من قمة برج وكان أول من اقترح فكرة الجاذبية هو إسحاق نيوتن وبعد قرون جاء ألبرت أينشتاين من خلال نظريته النسبية العامة. على الرغم من أنها تربط الكواكب والنجوم والأنظمة الشمسية إلا أنه قد تتبين أنها أضعف القوى الأساسية على المقياسين الجزيئي والذري.

القوة النووية الضعيفة

تعبر عن الجسيمات دون الذرية وهي أقوى من الجاذبية، فتصف البنية الأساسية للمادة، وأحد هذه الجسيمات هي الكوارك، إذ لم يرى العلماء ما هو أصغر منها والنوع الأخر من الجسيمات الأولية هو البوزون وهو الحامل للقوة ويتكون من حزم من الطاقة ويعتقد العلماء بوجود نوع أخر يسمى الجرافيتون وهذا لم يُعثر عليه بعد وهو مسؤول عن قوة الجاذبية.

القوة الكهرومغناطيسية

هي قوة تؤثر على الجسيمات المشحونة مثل الإلكترونات السالبة والبروتونات الموجبة. إذ أن الشحنات المتعاكسة تتجاذب والمتشابهة تتنافر وكلما زادت الشحنة، زادت القوة. تتكون من جزأين وهما القوة الكهربائية والقوة المغناطيسيّة، فتعمل القوة الكهربائية بين الجسيمات المشحونة سواء ثابتة أو متحركة وبمجرد أن تبدأ الجسيمات في الحركة، يأتي دور القوة المغناطيسيّة، إذ تخلق الجسيمات مجالًا مغناطيسيًا. تعد هي المسؤولة عن بعض الظواهر مثل الاحتكاك والمرونة والقوة التي تربط المواد الصلبة في شكل معين.

القوة النووية القوية

هي أقوى قوة في الأربعة قوى الأساسية وهي المسؤولة عن ربط الجسيمات الأساسية للمادة لتشكيل جسيمات أكبر. فكما ذكرنا أن الكوارك أصغر الجسيمات ولا يمكن تقسيمها وهي اللبنات الأساسية لفئة أكبر وهي الهادرونات التي تشمل البروتونات والنيترونات.

نبذة عن تاريخ المجال المغناطيسيّ

في عام 1269 رسم الباحث الفرنسي «بيتروس بيريجرينوس دي ماريكورت-Petrus Peregrinus de Maricourt» خريطة المجال المغناطيسي على سطح مغناطيس كروي باستخدام إبر حديدية. إذ لاحظ أن خطوط المجال الناتجة تتقاطع عند نقطتين، أطلق عليهما “الأقطاب” ووضح أن المغناطيس له قطبين شمالي وجنوبي. بعد ثلاثة قرون، جاء «ويليام جيلبرت-William Gilbert» بمغناطيسية الأرض أي أنها لها مجال مغناطيسي. في عام 1750، صرح رجل الدين والفيلسوف الإنجليزي جون ميتشل أن الأقطاب المغناطيسيّة تتجاذب وتتنافر.

وما زالت الاكتشافات تتوالي، تحقق تشارلز أوغستين دي كولوم في عام 1785 تجريبيًا من المجال المغناطيسي للأرض. بعدها في القرن التاسع عشر، ابتكر عالم الرياضيات والهندسة الفرنسي سيميون دينييس بواسون أول نموذج للحقل المغناطيسيّ والذي قدمه في عام 1824.

في عام 1819، اكتشف الفيزيائي والكيميائي الدنماركي هانز كريستيان أورستد أن التيار الكهربائي ينشأ حوله حقل مغناطيسي. وفي عام 1825، اقترح أمبير نموذجًا للمغناطيسية، إذ كانت القوة الناشئة عن التيار الكهربي المتدفق، بدلًا من الأقطاب المغناطيسية. أظهر الإنجليزي فاراداي أن المجال المغناطيسيّ المتغير يولد مجالًا كهربائيًا (الحث الكهرومغناطيسي) في عام 1831.

بين عامي 1861 و 1865، نشر جيمس كلارك ماكسويل نظريات حول الكهرباء والمغناطيسية تعرف باسم معادلات ماكسويل وصفت العلاقة بينهما.

يمكن توضيح المجال المغناطيسيّ بـ:

  • خطوط المجال المغناطيسيّ: هي خطوط تخيلية وتستخدم لتمثيل المجالات المغناطيسية وتشير كثافة الخطوط إلى حجم المجال، فمثلًا يكون المجال المغناطيسيّ أقوى ومزدحم بالقرب من القطبين وكلما ابتعدنا يكون ضعيف وكثافة الخطوط أقل.
  • متجه المجال المغناطيسيّ: يوصف المجال المغناطيسي رياضيًا بمتجه ويشير كل متجه في الاتجاه الذي تشير إليه البوصلة (شمال، جنوب، شرق، غرب…).

وإليك خصائص المجال المغناطيسي:

  • لا تتقاطع خطوط المجال المغناطيسي مع بعضها.
  • تعبر كثافة خطوط المجال عن قوة المجال.
  • دائمًا ما تصنع خطوط المجال المغناطيسي حلقات مغلقة.
  • تبدأ خطوط المجال المغناطيسي دائمًا من القطب الشمالي وتنتهي عند القطب الجنوبي.

كيف ينشأ المجال المغناطيسي؟

ينشأ عندما تكون الشحنة في حالة حركة وهناك طريقتين من خلالهما يمكننا توليد مجال مغناطيسي.

عند مرور تيار كهربي

لديك سلك كهربي يتدفق خلاله التيار عن طريق توصيله ببطارية ومع زيادة التيار عبر الموصل يزداد المجال المغناطيسي وعندما نبتعد عن السلك يتناقص المجال مع المسافة، وهذا ما تم وصفه من قِبل قانون أمبير.

فالمجال المغناطيسي له اتجاه لأنه كمية متجهة، ويمكن تحديده بواسطة قاعدة اليد اليمنى، بالتفاف يدك اليمنى حول السلك وإبهامك في اتجاه التيار وباقية الأصابع تلتف في اتجاه المجال المغناطيسيّ.

حركة الإلكترونات حول النواة

يوجد بعض المواد يمكن تحويلها إلى مغناطيس (مثل الحديد) باستيفاء بعض الشروط:
نحتاج إلى ذرات تحتوي على إلكترون أو أكثر لها عكس اتجاه الدوران. فالحديد مثلًا يحتوى على أربع إلكترونات.

يجب أن تكون المادة مستقرة بدرجة كافية.

بعد أن انتهينا من مقالنا (المغناطيسيات الكلاسيكية وميكانيكا الكم). في المرة القادمة سيكون حديثنا عن تجربة Stern-Gerlach والسلوك الكمومي بها.

أقرأ أيضا: مقدمة في الحوسبة الكمية

المصادر

Exit mobile version