كيف تعمل أنظمة تقييم المباني الخضراء؟

يعتبر التحرك نحو العمارة الخضراء الهدف الأساسي للعمارة في عصرنا. ويبدو للبعض أن استخدام الأجزاء الخضراء لوحدها هي الطريقة الأكثر فعالية لتحقيق ذلك، لكن في الحقيقة الأمر أكثر تعقيدًا من ذلك بكثير. نتيجةً لذلك ظهرت «أنظمة تقييم المباني الخضراء – Green Building Rating Systems»، لقياس الاستدامة الفعلية للمباني. فماذا يقصد بأنظمة تقييم المباني الخضراء؟

تصنيف المباني الخضراء

لكي نفهم الفكرة التي تجمع بين عنصرين مختلفين وهما المبنى الأخضر، ونظام التصنيف، علينا فحصهما بشكل منفصل أولًا. حيث يعتبر المهندسون المبنى الأخضر مفهومًا متعدد الأوجه، يشير إلى مجموعة واسعة من القضايا. ويعرفه المجلس العالمي للبناء الأخضر World GBC على أنه مبنى يقلل، أو يزيل التأثيرات السلبية، ويمكن أن يخلق تأثيرات إيجابية على مناخنا وبيئتنا الطبيعية، كما يحافظ على الموارد الطبيعية الثمينة، ويحسّن نوعية حياتنا. وتعالج العمارة الخضراء مواضيع متكررة وهي الاستخدام الكفء للطاقة والمياه والموارد الطبيعية، والحد من التلوث، وإدارة النفايات، والمعايير الجيدة في الأماكن المغلقة، وصحة ورفاهية الساكنين. وبرز نهج أكبر للبناء الأخضر مع توسع أهداف الاستدامة بشكل متزايد. فأصبح مراعيًا للتنمية المستدامة من حيث جوانبها الرئيسية الثلاثة -الاقتصادية، والبيئية، والاجتماعية- مع الالتزام بمتطلبات الأداء التقني والوظيفي.[1]

ويقصد بنظام التصنيف : أداة لتصنيف المباني على أساس امتثالها لواحد أو أكثر من المتطلبات التي تؤثر على أداء المبنى الذي يهدف النظام إلى تحديد مستواه. ويقيّم نظام التصنيف، أو يكافئ المستويات النسبية لأداء المنشآت.[1]

أهمية مراعاة البيئة في قطاع البناء

تسهم البيئة المبنية في القضايا الاجتماعية- الايكولوجية بشكل رئيسي، ولاسيما تغير المناخ. واعتبر الباحثون أن اعتماد نهج مراعٍ للبيئة، والمجتمع في قطّاع الإنشاءات أمرًا بالغ الأهمية منذ عقود. وينبع ذلك في المقام الأوّل من التأثير الكبير الذي تحدثه البيئة المبنية من حيث استهلاك الطاقة، والموارد، وكذلك الانبعاثات.[1]

يمثل قطّاع البناء في المواقع على الصعيد العالمي 31% من مجمل الاستعمال النهائي للطاقة، 54% من الطلب النهائي على الكهرباء، و23% من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بالطاقة. ويأتي ثلثها من الاستهلاك المباشر للوقود الأحفوري. وحتى في أوروبا حيث بُذل جهد كبير للحدّ من تأثير البناء، لكن لا تزال المباني مسؤولةً على نحو 40% من استهلاك الاتحاد الأوروبي للطاقة، وعن 36% من إجمالي انبعاث غازات الاحتباس الحراري. بالإضافة إلى ذلك، تستهلك صناعة البناء أكثر من 40% من المواد الخام للاقتصاد العالمي سنويًا، ومعظمها غير متجدّد. وتنتج أكثر من 35% من النفايات العالمية. ولا يمكننا أن ننسى المياه، إذ تستخدم 17% من المياه العذبة لتشييد المباني وتشغيلها.[1]

الحاجة إلى أنظمة تقييم المباني الخضراء

تبرز أنظمة تقييم المباني الخضراء كوسيلة لتقدير ومكافأة المنظمات والأفراد الذين يشيدون، ويديرون مبانٍ خضراء، بالتالي تشجيعهم على دفع حدود الاستدامة إلى الأمام. وقد تطوّرت هذه الأنظمة باستمرار بسبب الحاجة إلى التعامل مع التحدّيات العالمية المتنامية مثل نوعية البيئة المبنية، والتي تؤثر بدورها على صحة ورفاهية السكّان. على سبيل المثال، انبعاثات المركبات العضوية المتطايرة في الأماكن المغلقة، وعدم الراحة بسبب الرطوبة، أو الافتقار إلى المساحات المفتوحة.[1]

ورغم أن الطلب على الطاقة في قطاع البناء أعلى منه في قطاعي الصناعة والنقل، إلا أن التشييد ينطوي على أعلى إمكانات خفض الانبعاثات، وذلك لأنه يمتلك ميزة المرونة. ويعتقد الخبراء أن اعتماد ممارسات بناء أكثر استدامة يستطيع تحسين ظروف الحياة. ويقودنا هذا بدوره إلى مفهوم البناء الصديق للبيئة، الذي أخذ بالانتشار تدريجيًا.[1]

أنظمة تقييم المباني الخضراء

يقصد «بأنظمة تقييم المباني الخضراء – GBRSs» المعايير التي تقيس مستوى استدامة المباني من خلال تقييم متعدد المعايير، وتشجع على تبني ممارسات مستدامة بيئيًا، واجتماعيًا، واقتصاديًا في تصميم وبناء، وتشغيل، المنشآت. وتهدف هذه النظم إلى توجيه المشروع وتقييمه طوال دورة حياته مما يحد من الأثر السلبي على البيئة، وكذلك على صحة شاغلي المبنى ورفاهيتهم، بل ويقلل من التكاليف التشغيلية أيضًا.[1]

أنواع مختلفة لأنظمة تقييم المباني الخضراء

تتنوع أنظمة تقييم المباني الخضراء حول العالم، وعلى الرغم من وجود بعض الاختلافات بينها، لكنها تلتزم بنفس هيكل التقييم العام. وهو قياس أداء المشاريع باستخدام مجموعة من المؤثرات ذات الصلة مجمّعةً حسب المواضيع. مثل إدارة المياه، واستخدام الطاقة ومواد البناء، وخصائص الموقع. ويخصص لكل متطلب درجة أو حكم معين، من ثم يحدد مجموع الدرجات النهائي مستوى الاستدامة التي حققها البناء. ويرجع سبب تنوع الأنظمة إلى حاجة كل بلد إلى التكيُّف مع نظام معين بحسب خصوصيته. مثل الأولويات المناخية والبيئية، ونوع البناء السائد، والموارد المحلية، والثقافة، وقوانين البناء المحلية. نتيجةً لذلك اعتمد كل نظام وحدات ومقاييس مختلفة مما يجعل أي مقارنة أو تعاون بينها أمرًا صعبًا إلى حد ما. [1]

أمثلة عن أنظمة تقييم المباني الخضراء

نظام LEED

تأسس LEED عام 1993 وهو برنامج اعتماد ابتكره مجلس المباني الخضراء في الولايات المتحدة الأمريكية. ويهدف إلى تشجيع، وتطوير الممارسات المستدامة عن طريق أدوات ومعايير قياس الأداء. ويتعامل النظام مع العديد من أنواع الأبنية كالمدارس، والمكاتب، ومرافق الرعاية الصحية، والمساكن الخاصة، وغيرها. ويركز على 5 مجالات وهي: التنمية المستدامة للموقع، وتوفير المياه، وكفاءة الطاقة، واختيار المواد، وجودة البيئة في الأماكن المغلقة. ويرتب LEED المباني على أساس عدد النقاط المخصصة للمجالات الخمسة السابقة، من ثم يمنح شهادات معتمدة وهي الفضة، والذهب، والبلاتين.[2]

نظام BREEAM

يقيس «طريقة التقييم البيئي لمؤسسة أبحاث البناء- BREEAM» ويحدد أداء استدامة المباني، ويضمن تلبية المشاريع لأهداف الاستدامة، ومواصلة الأداء الأمثل مع مرور الوقت. أطلقتها مؤسسة أبحاث البناء BRE عام 1990، ويتيح إدماج تدابير الاستدامة في أبكر مرحلة ممكنة من المشروع باستخدام BREEAM خفض تكاليف دورة الحياة، وزيادة قيمة الأصول، وتخفيف المخاطر، وغيرها الكثير من الفوائد. ويوفر النظام إطارًا شاملًا لتقييم المبنى، ويقيس القيمة المحققة في سلسلة من الفئات. وهي: الإدارة، والمياه، والطاقة، والنقل، والصحة والرفاهية، والمصادر، والمرونة، واستخدام الأراضي والبيئة، والتلوث، والمواد، والنفايات، والابتكار. وتتناول كل فئة العوامل المؤثرة بما في ذلك التصميم منخفض التأثير، وانبعاثات الكربون المنخفضة، والتصميم المتين والمرونة، والتكيف مع تغير المناخ، والقيمة الإيكولوجية، وحماية التنوع البيولوجي. ويسجل كل معيار محقق من ثم يضرب في المتراجحة. وتتراوح تصنيفات BREEAM من مقبول إلى متفوق، وتنعكس في سلسلة من النجوم كما هو موضح في الجدول. [3]

جدول تقييم BREEAM.

نظام Green Star

أسس مجلس المباني الخضراء في أستراليا Green Star عام 2003، وهو نظام تصنيف معترف به دوليًا يضع معايير للمباني والأماكن الصحية والمرنة والإيجابية، والتي تتطور باستمرار لتراعي البيئة الأسترالية. ويتألف النظام من 4 أدوات قياس، وهي المباني، والمجتمعات، والأداء، والتصميم الداخلي.[4]

أطلق تصنيف Green Star Building عام 2020 لمواجهة تحدّيات العقد المقبل، ويضم 8 فئات تتيح العمل على مجالات الاستدامة كما هو موضح في الصورة.

تصنيف Green Star Building لعام 2020.

ويشمل التصنيف مسار المناخ الإيجابي، وهو مجموعة واضحة من الأهداف المتوائمة مع توصيات الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ. بهدف مساعدة المهندسين على تقديم مبنى مناخي إيجابي.

مسار المناخ الإيجابي.

يمنح التصنيف نوعًا واحدًا من الشهادات، وهي شهادة Green Star مع 3 مستويات من التقدير: 4 نجوم أو 5 نجوم، أو 6 نجوم. [4]

نظام CASBEE

طُوّر «نظام التقييم الشامل لكفاءة البيئة المبنية- CASBEE» من قبل لجنة أبحاث أنشئت عام 2001 بالتعاون مع الأوساط الأكاديمية، والحكومات المحلية في اليابان. ويقيس النظام الأداء البيئي للمباني والبيئة المبنية من منزل واحد إلى مدينة بأكملها. وهو قياس شامل لجودة المبنى ويصنف المشاريع في 5 درجات.[5]

يتألف النظام من عدّة أدوات تعرف مجتمعةً باسم عائلة CASBEE، وهي CASBEE للإسكان وتُطبق على المنازل والمباني الفردية. بينما يُستعمل CASBEE للإدارة الحضرية من أجل تقييم الأداء البيئي للكتل الحضرية وتنمية المدن. إضافةً إلى ذلك يستخدم CASBEE للمدن من أجل تقييم الأداء البيئي على نطاق الحكومة المحلية ككل.[5]

أدوات عائلة CASBEE.

تختلف أنظمة تقييم المباني الخضراء لكنها تسعى إلى هدف مشترك وهو تذكيرنا بالاستدامة من أجل غد أفضل. فربما علينا التوقف للحظة وإعادة تقييم أسلوب بنائنا، وعمارتنا، ومدننا.

المصادر

  1. scholarly community encyclopedia
  2. Britannica
  3. Bre group
  4. Green building council Australia
  5. CASBEE

الاحتراق النفسي، مرض المجتمع الحديث

أشعر بالضغط والإجهاد، لقد نفذت طاقتي، أود أن أكف عن فعل أي شيء إلخ… عادة ما نستمع لمثل تلك الشكاوى عندما نتطرق للحديث عن العمل أو الدراسة. وأصبحت تلك الجمل هي الأكثر رواجًا في المجتمع الحديث، فهل هي مجرد مقولات يومية معتادة، أم هي أعذار لضعف الأداء الوظيفي. ربما هي أعراض مرضية لما يعرف بـ “متلازمة الاحتراق النفسي”.

ما هو الاحتراق النفسي؟

ظهر مصطلح ⟪الاحتراق النفسي-Burnout⟫ لأول مرة عام 1974 بواسطة الطبيب والمعالج النفسي ⟪هربرت فرودنبرجر-Herbert Freudenberger⟫. تحدث تلك المتلازمة نتيجة الإرهاق المزمن وعدم القدرة على التعامل مع التوتر العاطفي الناتج عن ضغوط العمل. وتتضمن الإرهاق العاطفي المتزايد، وفقدان الدوافع، ووهن العزيمة، وغياب القدرة على الإنجاز [1].

يمكن أن تتأثر مجموعات من المهن المختلفة بالاحتراق النفسي مثل أصحاب الياقات البيضاء وهم أولئك الذين يقومون بعمل ذهني أو مكتبي مثل المديرين. كما يمكن أن يتأثر أصحاب الياقات الزرقاء، وهم أولئك الذين يقومون بعمل يدوي ميداني مثل العمال. حتى أن أصحاب الياقات الوردية معرضون لها، وهم الذين يعملون في أعمال تتعلق بخدمة ومساعدة الناس مثل الأطباء ومقدمي الرعاية الصحية والمدرسين. ويحدث عمومًا للعاملين بوظائف تستلزم متطلبات متواصلة، وتفاعلات كثيفة مع أناس لديهم احتياجات جسدية أو نفسية.

أعراض الاحتراق النفسي

الاحتراق النفسي ليس مجرد حالة مزاجية ولكنه بالأحرى عملية تصف أعراض وعلامات بين الفرد واتصاله بذاته واتصاله بالمؤسسة التي يعمل بها وكذلك المجتمع المحيط به. ويمكن تصنيف الأعراض إلى خمسة مجموعات: أعراض جسدية، وعاطفية، وذهنية، وسلوكية، وتحفيزية.

1.الأعراض الجسدية

تكثر الأمراض الجسدية في الأشخاص المصابين بالاحتراق النفسي عن غيرهم. وقد وجد أن سبب بعض الأمراض يعود إلى الاحتراق النفسي مثل مرض السكري من النوع الثاني وأمراض القلب. ويزداد تفشي تلك الأمراض كلما زادت حدة الاحتراق النفسي. وقد تصل في بعض الحالات إلى أمراض القلب وأمراض العضلات الهيكلية.

يبلغ الأشخاص المصابون بالاحتراق النفسي أكثر عن شكاوى صحية وتدهور سريع لصحتهم الجسدية خلال عام واحد. وقد أثبتت الدلائل العلمية ارتباط الاحتراق النفسي بالأمراض الجسدية، إذ يتسبب بها بعدة طرق منها: ⟪متلازمة التمثيل الغذائي-metabolic syndrome⟫، و⟪خلل المحور الوطائي النخامي الكظري-Dysregulation of hypothalamic pituitary adrenal axis⟫، والالتهاب الجهازي، وضعف الجهاز المناعي، والسلوك الصحي السيء.

يمكن أن تظهر الأعراض الجسدية في صورة أعراض مشابهة للتوتر الناتج عن تنشيط الجهاز العصبي السمبثاوي. وهناك أيضا أعراض مشابهة للأعراض الناتجة عن القلق مثل الصداع والغثيان والدوار والتشوش والتشنجات العصبية والمشكلات الجنسية وزيادة معدل ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم. كما يصاحبها اضطرابات النوم واضطرابات الاستيقاظ وقصر مدة النوم والأرق.

وقد وجد أن هناك أعراض نفسية جسدية تكون مصاحبة للإرهاق العاطفي. حيث يمكن أن يظهر الاحتراق النفسي في صورة توتر ما قبل الطمث وانقطاع الدورة الشهرية وفرط التنفس وأمراض الجهاز الهضمي وقرحة المعدة ونزلات البرد المتكررة وتفاقم بعض الحالات المرضية المزمنة كالربو والسكري.

قد تحدث بعض الأعراض المشابهة لأعراض الاكتئاب، مثل الإجهاد المزمن والإرهاق الجسدي وتغيرات الوزن وفقدان الشهية وقصر النفس. وأيضا ألم العضلات خاصة الرقبة وأسفل الظهر[1].

2.الأعراض العاطفية

الإرهاق العاطفي هو أبرز عرض للاحتراق النفسي. وهناك أيضا أعراض الاكتئاب والقلق التي تظهر في صورة اضطرابات، وتقلبات الحالة المزاجية، ونقص الانضباط العاطفي، والخوف غير المبرر، والتوتر الزائد، والعدوانية، وسرعة الانفعال، والحساسية الزائدة، والغضب، ونقص التعاطف تجاه الآخرين، وعدم الرضا الوظيفي [1].

3.الأعراض الذهنية

الشعور بالعجز هو العرض الواضح على المستوى الفردي. أما على مستوى الاتصال بالآخرين؛ يظهر الاحتراق النفسي في صورة انتقاد ولا أنسنة الآخرين، والسلبية، والتشاؤم، والقولبة، والتصنيف بصورة ازدرائية، واللوم، والظهور بمظهر العظمة، والاستقامة، والكراهية، والارتياب، والذهان الكبريائي، والشعور بعدم التقدير، والتشكيك في الإدارة [1].

أما على المستوى الشخصي؛ قد يعاني الشخص من معتقدات لا عقلانية منها الاعتمادية على الآخرين أو تجنبهم. قد يحدث أيضا اضطراب وضعف في الذاكرة .

4.الأعراض السلوكية

تظهر التغيرات السلوكية في المراحل المتأخرة من الضغط الوظيفي المزمن. وتكون غالبا في صورة انفعال زائد، ويكون الأشخاص الذين يعانون من الاحتراق النفسي أكثر ميلًا لفرط النشاط، والاندفاع. كما أنهم أيضا أكثر ميلًا للتسويف، وإهمال الأنشطة التفاعلية، والتذمر القهري، وكذلك الاعتمادية على الآخرين، وتجنب المشكلات[1].

قد يلجأ هؤلاء الأشخاص أيضا إلى المشروبات الكحولية لتخفيف الشعور بالإحباط.وفي محيط العمل؛ قد يجد منهم زملاؤهم انفعالات عنيفة، وصدامات، وغيرة، وانعزال.

يتأثر الأداء الوظيفي بالاحتراق النفسي، إذ يؤدي إلى نقص الإنتاجية، ونقص الفعالية، وكثرة التعرض للأخطاء، والتباطؤ، ومقاومة التغيير، والجمود، وصعوبة اتباع القواعد، وعدم القدرة على التنظيم وإدارة الوقت.

كما تتأثر المؤسسات، إذ تزداد نسبة الإجازات المرضية. وكذلك تزيد عدد أيام الإجازات بشكل عام، ومعدلات تهرب الموظفين، وضعف الالتزام تجاه المؤسسات، والرغبة في ترك العمل.

5.الأعراض التحفيزية

عندما يعي الشخص الذي يعاني من الاحتراق النفسي أن توقعاته غير حقيقية؛ يفقد المثالية ويتبعها فقد الحماس. ويظهر فقد التحفيز في صورة إحساس بالخيبة، والخضوع، والإحباط، والضجر، وضعف العزيمة، ويقل الرضا عن الوظيفة والحياة.

يلاحظ زملاء العمل على المصاب بالاحتراق النفسي فقد الاهتمام، وفتور الهمة، والاعتماد على الآخرين في تحقيق احتياجاته الشخصية والاجتماعية. ويترتب على ذلك ضعف الآداء الوظيفي نتيجة لضعف الروح المعنوية ونقص التحفيز وضعف المبادرة ورفض الذهاب للعمل الذي قد يصل إلى النفور من الوظيفة [1].

علاج الاحتراق النفسي

لا يوجد علاج محدد للاحتراق النفسي، لذلك يحتاج العلاج إلى نهج متعدد التخصصات يتضمن الخبرة الطبية والنفسية. كما يحتاج إلى الدعم الاجتماعي على مستوى العمل أو الحياة الخاصة. ويتم علاج الاحتراق النفسي تبعا للأعراض السابق ذكرها كالتالي:

1.علاج الأعراض الاكتئابية

يعد الاكتئاب أساس التشخيص التفريقي في المرحلة المتأخرة من الاحتراق النفسي ويمكن أن يصاحبه رغبة في الانتحار. وعند تشخيص الاكتئاب المصاحب للاحتراق النفسي، يعالج حسب القواعد المقررة لعلاج الاكتئاب، أي عن طريق العلاج النفسي للحالات البسيطة. وقد يقر العلاج النفسي مصحوبا بالعلاج الدوائي بمضادات الاكتئاب للحالات المتوسطة والشديدة [1].

كما يعد العلاج السلوكي المعرفي من الأعمدة الأساسية للعلاج. فالركيزة الأساسية للعلاج المعرفي السلوكي هي أفكارنا التي تؤثر على شعورنا، لذلك يهتم العلاج المعرفي السلوكي بتصحيح الأفكار والمعتقدات والسلوكيات المختلة التي تؤدي للاكتئاب. ويهدف العلاج المعرفي إلى تغيير الأفكار التشاؤمية، والتوقعات غير الواقعية، وانتقاد الذات الذي يؤدي إلى اكتئاب مستمر. كما يساعد في تطوير أهداف حياتية إيجابية.

2.علاج أعراض القلق

يعد القلق من الأعراض البارزة للاحتراق النفسي ويعالج بوسائل العلاج النفسي والعلاج الدوائي. ويعد العلاج السلوكي المعرفي هو أفضل طريقة لعلاج اضطرابات القلق [1].

3.علاج الإجهاد المزمن والإنهاك العصبي

لا يوجد علاج دوائي محدد للإجهاد الناتج عن الاحتراق النفسي، لذلك يستخدم العلاج قائم على التعامل مع الأعراض، وهناك توصيات بالعلاج السلوكي المعرفي [1].

4.علاج اضطرابات النوم

تتكرر اضطرابات النوم عند الأشخاص المصابين بالاحتراق النفسي، وقد تتسبب في الأمراض المتعلقة بالتوتر النفسي مثل الاكتئاب وأمراض التمثيل الغذائي. كما تؤدي اضطرابات النوم إلى ضعف الأداء وضعف جودة الحياة. وتسبب اضطرابات النوم بعض الأعراض مثل الإرهاق والتعب. وإذا كان هناك اضطرابات معينة مثل انقطاع التنفس الانسدادي النومي، الذي يتفاقم في حالة التوتر والإجهاد وزيادة الوزن وتعاطي المخدرات، يتم علاجه حسب القواعد المقررة لهذه الحالات.

وبعد استبعاد الأسباب السابقة لاضطرابات النوم؛ يكون العلاج عن طريق تطبيق سلوكيات النوم الصحي. تتضمن سلوكيات النوم الصحي تجنب الأطعمة الدسمة قبل النوم، وتجنب تناول الكافيين قبل النوم بثلاث ساعات على الأقل. بالإضافة إلى تجنب التعرض للشاشات والأجهزة الالكترونية قبل النوم، كما يفضل النوم في مكان مظلم وهادئ، والذهاب للنوم والاستيقاظ في ميعاد ثابت يوميا، وتجنب النوم أثناء النهار.

يمكن الاستعانة بالعلاج الدوائي بالأدوية المهدئة والمنومة في الحالات الشديدة التي لا تستجيب للعلاج السلوكي [1].

5.علاج النعاس الزائد في النهار

يؤدي كل من اضطرابات النوم والاكتئاب والإجهاد المزمن إلى النعاس الزائد في النهار، لذلك يجب معرفة السبب لتحديد العلاج المناسب. ويمكن استخدام بعض الأدوية التي تقلل النعاس في النهار مثل ⟪مودافينيل-Modafinil⟫ أو مضادات الاكتئاب في حالة الاكتئاب [1].

طرق تخفيف التوتر والضغط العصبي

إلى جانب العلاج النفسي والدوائي؛ هناك بعض الأساليب العلاجية التي تهدف لتخفيف التوتر. ومن تلك الأساليب العلاجية استخدام تقنيات الاسترخاء، كالتدريب الذاتي، واسترخاء العضلات التدريجي، وتقليل الضغط القائم على العقلانية والتدريب على الكفاءة العاطفية.

بالإضافة إلى ذلك؛ فإن ممارسة الرياضة البدنية متوسطة الشدة كالمشي والسباحة تساعد في علاج الاكتئاب وتقليل الإجهاد البدني الناتج عن الاحتراق النفسي. للعلاج المعرفي السلوكي دور أيضا، إذ يساعد في التغلب على التوتر وزيادة الثقة بالنفس والكفاءة الذاتية [1]. في حالة التوتر البسيط؛ من المفيد أخذ استراحة لبعض الوقت والابتعاد عن مسببات التوتر.

الوقاية من الاحتراق النفسي

تهدف الوقاية إلى منع أو تأخير ظهور الاحتراق النفسي، وتنقسم إلى وقاية أولية ووقاية ثانوية ووقاية ثالثية. تكون الوقاية الأولية قبل ظهور الأعراض إذ تستهدف الأشخاص الأصحاء الخاليين من الأعراض، وذلك بتقديم النصح والإرشاد عن طرق التعامل مع التوتر والضغط العصبي.

أما الوقاية الثانوية فتكون في المرحلة المبكرة من ظهور الأعراض، وتهدف إلى منع تطور المرض إلى صورة أشد أو تحوله إلى حالة مزمنة، وذلك عن طريق التوعية بالمرض.

وأخيرا الوقاية الثالثية وتكون لمنع الأضرار اللاحقة والانتكاسات عن طريق إعادة التأهيل، وغالبا ما تحتاج إلى مدة طويلة [1].

نحاول عادة إثبات أنفسنا عن طريق العمل بجد واجتهاد للارتقاء في السلم الوظيفي، أو الحصول على أعلى الدرجات العلمية. وننسى كوننا بشر نحتاج إلى الاهتمام بصحتنا النفسية والجسدية. لذلك فإن الوثاية خير من العلاج، فلا تبخل على نفسك ببعض من الراحة والتصالح مع الذات. واعتبر ذلك استثمارًا في صحتك.

المراجع

[1]  Burnout Syndrome in an International Setting

ما هو التفكير الناقد وكيف يمكن تدريسه؟

هذه المقالة هي الجزء 18 من 18 في سلسلة مقدمة في التدريس للبالغين

من بين كل مفردات اللغات تمثل كلمتي “لماذا؟” و”إذًا؟” السر وراء كل اكتشاف ونتيجة واختراع. كما تمثل هاتان الكلمتان أساس التفكير الناقد، إذ تشير “لماذا” لتفكيك المقدمات، وتحكي “إذا” عن النتائج المترتبة على المقدمات. يُعد التفكير الناقد من أهم المهارات التي علينا تأصيلها في عقول الطلاب بشكل عام، وفي عصرنا الحالي بشكل خاص. ولكن، ما هو التفكير الناقد؟ ولماذا هو بتلك الأهمية؟ وكيف نأصّله في عقول الطلاب؟

ما هو التفكير الناقد؟

يعرف التفكير بشكل عام بأنه قدرة الإنسان على التعامل والسيطرة على الموجودات والمواقف المختلفة التي يواجهها أثناء تفاعله مع البيئة التي يعيش فيها، إذ يعمل على تمكينه من اكتساب المعارف والمعلومات، وتطوير أنماط السلوك، وفهم طبيعة الأشياء وتفسيرها، وحل المشكلات، والاكتشاف، والتخطيط، واتخاذ القرارات [1].

أما التفكير الناقد، فله تعريفات عدة، ومنها تعريف سناء سليمان في قولها إنه التفكير “الذي يقوم على تقصي الدقة في ملاحظة الوقائع التي تتصل بالموضوعات ومناقشتها وتقويمها، والتقيد بإطار العلاقات الصحيحة التي ينتمي إليها هذا الواقع، واستخلاص النتائج بطريقة منطقية وسليمة مع مراعاة الموضوعية” [2]. ويعد التفكير الناقد من المهارات العليا التي ينطوي عليها نموذج بلوم؛ وذلك لما يشمله من تقييم وتحليل للمعلومات التي تعلمها الطالب بطريقة منطقية ومستقلة، بالإضافة قدرة الطالب على تحليل الأدلة وتقييم صحتها وموثوقيتها.

ما هي أهمية التفكير الناقد؟

بالإشارة إلى المهارات التي يتعلمها الطالب خلال رحلة تطبيقه للتفكير الناقد، نرى أنه يصبح مفكّرًا مستقلًا قادرًا على تفنيد الحقائق المقدمة وتقييم نتائجها. وبالتالي؛ لا يكون هذا الطالب فريسة سهلة للانحياز الفكري، أو للتلاعب، أو الغسيل الدماغي من أي طرف في أي مجال. بالإضافة إلى ذلك، يساعد التفكير الناقد الطلاب على الإبداع، وذلك لأن الطالب يكون في رحلة بحث دائمة على الارتباطات والعلاقات بين الحقائق المقدمة؛ إذا يساعده ذلك في إيجاد علاقات وارتباطات جديدة بين ما تعلمه وبين العالم الخارجي وما يراه فيه. [4] [3]

تتحسن لدى الطلاب كذلك مهارات اتخاذ القرارات وحل المشكلات، إذا يتعلم الطلاب كيفية تحليل المواقف والأفكار وفلترة الأدلة والبراهين المقدمة؛ فيستدل ويقيم ويستنتج [3]. ولكونه بكل هذه الأهمية، فعلى المعلم تأصيل هذه المهارة في طلابه خلال الصف، ولكن كيف السبيل إلى ذلك؟

كيف تدرّس التفكير الناقد؟

نشر دانييل ويلينجهام، أستاذ علم النفس بجامعة فيرجينيا، بحثًا في عام 2019 بعنوان “كيفية تدريس التفكير النقدي”، كتبه لوزارة التعليم في أستراليا. وهو يعتقد أن التفكير النقدي مهارة محددة تتعلق بمجال معين من المعرفة. ويقول إن مجالات المعرفة المختلفة لها تعريفات مختلفة للأشياء، وأنها تطبق التحليل والتركيب والتقييم بطرق مختلفة [5]. فمثلًا، تُعرّف الماء كيميائيًا بأنها اتحاد ذرتين من الهيدروجين مع ذرة من الأكسجين، بينما تعرّف فيزيائيًا بأنها مركّب سائل شفاف لا لونَ ولا طعمَ ولا رائحة له، ويوجد بحالات المادّة الثلاث: السائلة، والصلبة، والغازية.

إذا، هل يعني هذا أننا لا نستطيع تدريس التفكير النقدي كمهارة عامة؟ يجيب العالم المعرفي تيم فان جيلدر بأن هذا ليس صحيحًا بالضرورة. كتب مقالاً بعنوان “تعليم التفكير النقدي: بعض الدروس من العلوم المعرفية”، ويوضح أنه كي تصبح خبيرًا في التفكير النقدي أمر صعب وأن تحسين هذه المهارات يستغرق وقتًا. إضافة إلى أننا نحتاج إلى بعض المعرفة النظرية على الأقل حول شيء ما حتى نتمكن من التفكير بشكل نقدي حوله.  [7] [6]

وقال فان جيلدر أيضًا إن الطلاب يحسنون مهارات التفكير النقدي لديهم أسرع عندما يتعلمون كيفية تقديم حججهم في الخرائط العقلية [7][6]. وبقولنا هذا، إليكم طرق لتدريس مهارة التفكير الناقد:

التغذية البصرية

قم بإنشاء طريقة بسيطة بصريًا لرؤية الروابط بين الأفكار والأسباب والافتراضات والاعتراضات. وهذا فعال لأنه يساعد الطلاب على فهم كيفية بناء الحجج.

اسأل الطلاب أسئلة مفتوحة

تتسم الأسئلة المفتوحة بكونها لا تجاب بإجابة واحدة، ولا يكون هناك إجابة واحدة صحيحة أو خاطئة. وعليك أن تؤكد هذا لطلابك، فلا يخافون التعبير عن إجابة ما، بل وعليهم أن يعرفوا أن هناك أجوبة فقط أفضل من أخرى في سياقات ما. فبدلًا من أن تسألهم مثلًا، “هل الطاقة النووية هي الحل الأمثل لدولتنا؟” اسألهم: “لماذا قد تكون الطاقة النووية هي الحل الأمثل لدولتنا؟”

أعط الطلاب الوقت اللازم للتفكير العميق

‏غالبا ما تكون الإجابات السطحية نتيجة التسرع في إعطاء إجابة للسؤال المطروح. وهذا ما نحاول أن نتغلب عليه في المناقشات الصفية بين الطلاب وبعضهم، وبين الطلاب والمعلم. امنح الطلاب بضع دقائق للتفكير بوضوح قبل اقتراح أي أفكار. للحصول على أفضل النتائج، فمثلًا، وبعد طرح سؤال مفتوح عليهم وتلقي اقتراحاتهم أن هناك أنواعًا أخرى من الطاقة، اطلب منهم الجلوس سويًا والتفكير في الإجابات المقدمة. أي هذه الطاقات المثلى للاستخدام: الطاقة الشمسية، أم طاقة الرياح، أم الطاقة النووية؟ ولماذا؟ دعهم يفكرون في مميزات وعيوب كل واحدة منهم للوصول للنتيجة بشكل أكثر حيادية وتأكدًا.

يمكنك كذلك جعل الطلاب يفكرون في مميزات وعيوب فكرتين متقابلتين، وليكن الطاقة النظيفة والطاقة المستخدمة حاليًا. يفكّر الطلاب لإيجاد حل وسط أكثر عملية وقابلية للتطبيق متغلبين على العيوب في كلا الاقتراحين. وبهذا فإنك تساعد الطلاب في إيجاد ارتباطات وعلاقات بين المقترح والمستخدم في العالم حولنا. بل ويستطيع الطلاب ربط ما تعلموه في المواد الأخرى ويطبقوه عند تنقيح الاقتراحات وتقديم الحجج.

“لماذا؟” و”ثم؟”

شجّع الطلاب على التفكير وشرح منطق حججهم وتحليل ما يسمعوه في ضوء السؤال “لماذا؟”. يؤصّل السؤال “لماذا” مهارة التفكير العميق وسبر أغوار القضايا عند الطلاب. في مادة فلسفية مثل القانون مثلًا يكون التفكير العميق كالتالي:

يجب عزل هذا المشفى.

لماذا؟

لأنه يقابل ميدان. 

ثم؟

تؤثر الضوضاء على المرضى بداخل المشفى، كما تؤثر عوادم السيارات على جودة الهواء الذي يتنفسه المرضى.

لماذا؟

لأن هذه المشفى تحوي مرضى الصدر، وهذا الهواء يضر بصحتهم.

لماذا؟

لأنه يبطء من سرعة تعافيهم ويزيد من فرص الأمراض الصدرية لأنهم بحالة ضعيفة بالفعل.

ثم؟

نتيجة لذلك، يتأخر المرضى الحاليين في الخروج من المشفى، ويصعب استقبال مرضى آخرين بحالة مرضية خطيرة، مما يؤدي إلى تهديد حيواتهم لعدم التدخل السريع.

ضع مع الطلاب معاييرًا للمعلومات الموثوقة

علّم طلابك الفرق بين الآراء والحقائق العلمية. «كل ما تقولونه آراءًا، حتى تستطيعون إثباته بدليل». وقد يكون هذا الدليل تجربة علمية يجرونها، أو معلومات موثوقة نشرها خبراء/علماء. فإذا اقترح طالبًا أن الطاقة غير النظيفة هي الطاقة الأولى عالميًا (وإن بدا هذا واضحًا) فعليه تقديم إحصائيات تثبت ما يقول.

على المعلم كذلك لفت نظر الطلاب إلى المعلومات المقدمة في الإعلانات، والتي قد تكون معلومات مضللة تمامًا. فمن قال أن معجون الأسنان هذا هو الأفضل والذي يرشحه 99% من أطباء الأسنان؟ أهذا الرجل الذي يرتدى ثوب الطبيب هو الذي قال ذلك؟ هل هو حقًا الأفضل؟ لماذا هو الأفضل؟ وما هي معايير الأفضل؟

وإذا أبحر الطلاب في رحلة البحث على الإنترنت عن أجوبة لأسئلتهم، فعلى المعلم كذلك توجيههم لأي من المواقع هي الموثوقة وكيف نعرف أنها موثوقة؟

اطلب من الطلاب تقييم موقع الويب

هل ويكيبيديا مصدرًا موثوقًا للمعلومات؟ بالطبع لا. أذلك فقط لأنه موقع يمكن لأي شخص التعديل في محتواه؟ ليس ذلك فقط. على المعلم عمل قائمة تحقق ليتبعها الطلاب، فعليه أن يتحقق من:

  1. ما هو نوع الموقع؟

 أهو تجاري غير موثوق وينتهي بـ.com، أم أنه موثوق يتبع منظمة وينتهي بـ.org، أم تعليمي موثوق وينتهي بـedu.، أم حكومي موثوق وينتهي بـ.gov هل هو موقع أصلًا أم مدونة شخصية أم “تويتة” أم منشور على مواقع التواصل الاجتماعي أو أحد المنتديات. هل هي ورقة بحثية منشورة في أحد المجالات العلمية المرموقة.

  1. تاريخ النشر

متى تم نشر هذه المعلومات؟ هل هذه المعلومات حديثة؟ هل تم تحديثها؟

  1. المؤلف

من هو المؤلف؟ وما هي مؤهلاته؟ هل أثرت توجهاته على بحث؟

  1. أدلة المؤلف

هل أجرى المؤلف تجربة؟ ما هي وما هي صفاتها؟ وهل يمكن الوصول إلى الأدلة التي استخدمها المؤلف؟ هل كانت أدلته موجهة؟

ونهاية عزيزي المعلم، تذكّر أن هدفك ليس إجابة الطلاب على أسئلتك، بل كيف فكّر الطلاب في الإجابة وكيف أقاموا حججهم لدعم هذه الإجابة. ويمكنك دائمًا استخدام الأحداث الجارية كمادة خصبة للمناقشة والتحليل والتفكير العميق.

المراجع:

  1. أخبار و أفكار تقنيات التعليم – تعليم جديد (new-educ.com)
  2. التفكير: أساسياته وأنواعه تعليمه وتنمية مهاراته
  3. Future Learn
  4. Why Is Critical Thinking Important? A Survival Guide
  5. How to Teach Critical Thinking
  6. Teaching critical thinking: some lessons from cognitive science
  7. Cambridge

ما هي الموديلات المختلفة للسيارات؟

ماهي الموديلات المختلفة للسيارات؟ صناعة السيارات واستخدامها يعتبر أحد أهم عوامل الإقتصاد الصناعي التي تقوم على عاتقه اقتصادات دول بأكملها. إلا أن أهمية هذا الموضوع بالنسبة لأسواقنا الاستهلاكية لا ينطوي تحت مجال الصناعة، وإنما تحت مجال معرفة الأنواع المختلفة للسيارات، وتركيبتها الداخلية التي قد تميز أنواعًا معينة عن أخرى، وكذلك معرفة المشاكل التي قد تواجه المستهلك وكيفية التعامل معها. ولهذا سنبدأ سلسلة مقالاتنا هنا بمعرفة الأنواع المختلفة التي تتواجد في الأسواق، وسرد أهم ميزاتها وكيف تختلف عن الموديلات الأخرى.
بالطبع مثل أي موضوع آخر، كلما نظرت إلى صناعة السيارات عن كثب، كلما بدا الأمر أكثر تعقيدًا. فعلى الرغم من أن العديد من أنماط هياكل السيارات ” الشاسيه” خرجت من الاستخدام في القرن الحادي والعشرين، إلا أنه لا يزال هنالك اثنا عشر نوعًا رئيسيًا من السيارات، كل منها يحتوي على تشكيلة خاصة به من الأحجام والفئات الفرعية.
تاريخيًا، جاءت تسميات هذه الفئات من استخداماتها وخصائصها، والمصنعون يسعون دائمًا إلى وصف المركبات بطريقة تجعلها تبدو رائعة ومرغوبة قدر الإمكان، أحيانًا باستخدام المصطلحات بطرق لا تتناسب مع معناها الأصلي. بغض النظر عن هذا سنستعرض هنا أهم هذه الأنواع.

SUV 《سيارات الدفع الرباعي》:

أُعطي هذا النوع تسمية SUV إختصارًا لعبارة 《Sports Utility Vehicl》، وتعني سيارات الدفع الرباعي الرياضية متعددة الاستخدام.
تُعتبر سيارات الدفع الرباعي الرياضية أكثر أنماط الهياكل شعبية نظرًا لسلاستها وتمرسها على الطريق. كالعديد من أنواع السيارات الأخرى، تتمتع السيارات الرياضية متعددة الاستخدامات بتاريخ معقد. ففي الأصل كانت مركبات ذات هيكل كامل مستقل عن قاعدتها، مصممة أساسًا لعبور التضاريس الوعرة وحمل الثقيل من الأمتعة على حساب الرفاهية التي يمكن أن نجدها في أنواع أخرى. أما في الوقت الحالي، أصبحت معظم السيارات الرياضية رباعية الدفع عبارة عن مركبات أحادية الهيكل مثلها مثل الموديلات الأخرى كالسيدان، والهاتشباك. هذه الموديلات الحديثة والتي تُعرف بإسم CUV أو السيارات الإنتقالية حافظت على طبيعتها الاساسية المكرسة للمغامرة. فلا تزال تؤدي أغراضها العملية بالتوازي مع تقديمها مستوى راحة عالٍ على الطريق.

مزايا سيارات SUV:

  • مصممة خصيصًا للطرق الوعرة.
  • محركاتها ونواقل الحركة فيها سهلة الصيانة كونها بتصميم طولي.
  • تمتلك مساحة أكبر للأحمال، والركاب.
  • قدرة عالية لتحمل الأوزان الثقيلة.

عيوب سيارات SUV:

  • لا تتمتع بإنسيابية جيدة بشكل عام، كون تصاميمها الأساسية صندوقية الشكل دون وجود انحناءات كثيرة.
  • وزنها الزائد وحدود انسيابيتها يجعلها معرضة لاستهلاك الوقود بشكل أكبر.
  • ذات مركز جاذبية مرتفع مما يجعلها سهلة الانقلاب.

مزايا سيارات CUV:

  • تتمتع بإنسيابية جيدة نسبيًا، كون هيكلها يحوي منحنيات متعددة وميلان خطوط تصميمها يعطيها مقاومة أكبر للأحمال الإيروديناميكية.
  • أوفر في استهلاك الوقود مقارنة بال SUV.
  • قدرة تحكم أعلى وأكثر مرونة على الطريق.
  • مركز جاذبية منخفض.

عيوب سيارات CUV:

  • ليست مصممة للأعمال الشاقة والطرق الوعرة.
  • صيانتها أعلى تكلفة كون محركاتها ونواقل الحركة فيها عرضية.
  • الشعور بالاهتزازات في المقصورة الأمامية أعلى، كون هيكلها غير مستقل عن القاعدة.

Sedan:

يُطلق على هذا النوع أيضًا إسم الصالون، وهي مصطلحات تُطلق على السيارات التي تُعد أكبر من سيارات الهاتشباك وأصغر من سيارات الدفع الرباعي.  تتميز السيدان بتصميم ثلاثي الصناديق، وأربعة أبواب. وتتسع لأربعة أو خمسة ركاب ضمن صفي مقاعد أمامي وخلفي، بوجود المحرك في الأمام، والكابينة في الوسط، وصندوق التخزين في الخلف مفصول عن المقصورة الداخلية بظهر صف المقاعد الخلفي، ويحتوي على باب خاص به.  مما يجب الإشارة إليه هو أن قبل أن تسيطر سيارات الدفع الرباعي المتعددة الاستخدامات على الطريق، كانت سيارة السيدان ذات الأربعة أبواب هي النوع السائد من المركبات. فمن المحتمل أن تطلب من أي شخص ولد قبل عام 2008 رسم سيارة عامة، فهذا هو الشكل الذي سيقدمه لك.

مزايا سيارات السيدان:

  • تصميمها: يعد تصميم سيارات السيدان سببًا مهمًا لانتشارها الكبير حول العالم. فهي ذا تصميم عملي، وأنيق ويلبي احتياجات أغلب الأشخاص سواءً كانوا أفرادًا أم عائلات.
  • سعرها المناسب: يعد سعر سيارات السيدان العملية في أغلب الأوقات أرخص من سيارات الدفع الرباعي، لأنها لم تزود بتقنيات القيادة على الطرق الوعرة مثلًا، بالإضافة إلى أنها تحتوي على أجزاء ميكانيكية أقل.
  • اقتصادية في استهلاك الوقود: بما أن سيارات السيدان أصغر من نظيراتها الأكبر حجمًا كسيارات الدفع الرباعي، فإنها تقدم استهلاك وقود أقل منهم نسبيًا نظرًا لصغر حجمها وخفة وزنها.
  • رشيقة ومريحة للقيادة ويمكن المناورة بها: تتميز سيارات السيدان عادة بأنها مريحة للقيادة سواء داخل طرقات المدينة المزدحمة أو على الطرقات السريعة. فهي سيارات رشيقة ويمكن المناورة بها في الازدحامات والتجاوز على سرعات عالية.
  • مزودة بالعديد من الأنظمة: يتم تزويد سيارات السيدان بالعديد من الأنظمة، والتكنولوجيات التي توجد بسيارات الدفع الرباعي والفئات الأخرى الأغلى ثمنًا منها. لذا يمكن شراؤها بثمن أقل مع الحصول على نفس الميزات تقريبًا.

عيوب سيارات السيدان:

  • صغر مساحة التخزين: عند مقارنة سيارات السيدان بموديلات أخرى مثل سيارات الدفع الرباعي، فهي لا تمتلك نفس مساحة التخزين التي تتميز بها تلك الفئات.
  • صغر المساحة الداخلية: في أغلب الأوقات لا تقدم سيارات السيدان نفس مساحة الأرجل أو الرأس التي تقدمها الفئات الأكبر. والسبب في ذلك هو طول السيارة وارتفاعها، حيث أنه كلما كانت السيارة أطول وأوسع، كلما كانت مساحة الجلوس أكبر.
  • صعوبة في التحكم: إذا قارنا حجم سيارات السيدان بسيارات الهاتشباك، فإننا سنجد أن ركن سيارات السيدان سيكون أصعب من الهاتشباك وخاصة في الأماكن الضيقة.
  • استهلاكها للوقود مرتفع مقارنة بأنواع أخرى: مع أن سيارات السيدان تقدم استهلاك وقود أقل من فئات السيارات الكبيرة، إلا أنها ستستهلك وقودًا أكثر عند مقارنتها بفئة الهاتشباك، وذلك لأنها أصغر حجمًا، وأخف وزنًا، ومزودة بمحركات صغيرة.

Trucks《الشاحنات》:

إن الشاحنات هي أحد عربات النقل اللوجستي الثقيلة، والتي يتم استخدامها في شحن ونقل البضائع المختلفة. وتتعدد أنواع الشاحنات، فلكل نوع تصميم ومزايا محددة بحسب تنوع البضائع والمنتجات المحمولة.
ففي الوقت الذي تمتلك فيه سيارات الدفع الرباعي أكبر عدد من الطرازات المختلفة، فإن طرازات الشاحنات تتفوق عليها في مبيعاتها في الدول الصناعية. تاريخيًا، كانت شاحنات النقل مركبات تعمل على نقل طاقم عمل إلى موقع عمل وإحضار جميع معداتهم معهم في خلفية مفتوحة خلف الكابينة. فأصبحت بهذا رمزًا للعمل الشاق والعملية. في هذه الأيام، تعتبر شاحنات النقل، مع أنماط هياكل الكابينة الرباعية الصديقة للعائلة، أكثر فئات المركبات شعبية على الطريق وتوفر كفاءة، وراحة، وقدرة أفضل بكثير من سابقاتها. كون الشاحنات تستخدم في نقل مختلف الأشياء والمنتجات من مكان لآخر، هناك بالتأكيد أكثر من تصنيف للشاحنات ولكل تصنيف نوعية معينة لما يمكن أن تحمله من منتجات. أما بالنسبة للفروق بين الشاحنات، فنجد أن الشاحنات الصغيرة لها نفس المحركات والتروس الموجودة في السيارات العادية من نفس الحجم، بينما الشاحنات الأكبر حجماً فيكون تركيبها أكثر تعقيداً من الشاحنات الصغيرة، وتكون تلك الشاحنات بها محركات أفضل مقارنة بالسيارات العادية. كما أن قوة السحب أو عزم التدوير لدى الشاحنات الكبيرة أو الثقيلة أقوى 10 مرات من السيارات العادية. أما بالنسبة لمقصورة القيادة فيتم تحديد حيز الحمولة من خلال هيكل قاعدة الشاحنة المنفرد.

تصنيف الشاحنات:

تُصنف الشاحنات حسب عدة عوامل تؤخذ بالإعتبار، كالسعة؛ والتصميم؛ والحمولة. لكننا سنقوم بعرض تصنيفاتها هنا بحسب المعايير الأوروبية والتي تأخذ بعين الإعتبار سعتها، لتقديمها لثلاثة أنواع كما يلي، حيث:

  • التصنيف N1: والذي يستوعب بضائع تصل سعتها إلى 3.5 طناً من البضائع.
  • التصنيف N2: والذي يستوعب سعة تتراوح بين 3.5 إلى 12 طناً من البضائع.
  • التصنيف N3: فهي تبلغ حمولتها 12 طناً فأكثر وهي أعلى سعة استيعابية من أنواع الشاحنات.

سيارات الكوبيه 《Coupe》:

في السابق، عندما كانت سيارات السيدان ذات الأربعة أبواب هي الخيار العملي للعائلة، كانت الكوبيهات – والتي تعتبر النسخة ذات البابين لسيارات سيدان – هي الخيار الأكثر شبابية، ومواكبة للموضة. ومنذ تحول السوق نحو المركبات الأكبر في القرن الحادي والعشرين، وبالرغم من مواكبة الكوبيهات للعصر الحالي، إلا أنها بالمقابل أصبحت أقل شعبية كونها ليست عملية كباقي السيارات. لتصل إلى النقطة التي لم يتبقَ منها سوى السيارات ذات الأداء العالي والتي تدخل حصرًا ضمن نطاق سيارات الكوبيه، وتُعتبر الأصل المتفرع منه السيارات العضلية 《Muscles Cars》، والسيارات الرياضية 《Sporty》، والسيارات الفائقة السرعة 《Hypercars》، والسيارات السياحية الكبرى 《grand tourers. بل وأصبح الأمر يمتد ليشمل الموديلات الرياضية والإنسيابية لسيارات الدفع الرباعي والسيدان. تُعد أيضًا سيارات الكوبيه من أكثر موديلات السيارات التي تشغل رياضات السيارات على مختلف أنواعها: كسباقات الدرافت، والراليات. كما وأنها فئة رائجة في عالم تجديد السيارات الدوري لأنها شبابية، وسريعة، وذات تصاميم ملفتة وقيادتها ممتعة أيضًا.

مزايا سيارات Coupe:

  • جميلة وشبابية: من أهم ميزات سيارات الكوبيه هي أنها سيارات أنيقة التصميم، وتستهدف شريحة كبيرة من العملاء وخاصة الشباب بمختلف الأعمار.
  • واسعة من الداخل: تتميز سيارات الكوبيه بأنها واسعة من الداخل لأنها لا تحتوي على بابين خلفيين. بالإضافة إلى أن أغلب سيارات هذه الفئة تحتوي على مقعدين فقط.
  • أداؤها عالي: سيارات الكوبيه بالأصل سيارات رياضية، وهذا يعني أن أداؤها عالٍ ورياضي، وهذا ينطبق على العديد من سيارات هذه الفئة مقارنة بسيارات السيدان، وما يجعلها كذلك هو تصميمها الانسيابي ووزنها الأخف من الفئات الأخرى.
  • قيادتها ممتعة: تؤمن سيارات الكوبيه قيادة أكثر متعة وتحكمًا أكثر دقة من العديد من الموديلات الأخرى؛ بسبب انخفاضها على الأرض، وتصميمها الانسيابي المقاوم للأحمال الأيروديناميكي، وصغر حجمها العام مقارنة بسيارات السيدان أو الدفع الرباعي على سبيل المثال.

عيوب سيارات Coupe:

  • ليست مناسبة للعائلات: من أكثر الأمور السلبية المعروفة عن سيارات الكوبيه هي أنها غير مناسبة للعائلات، لأنها مزودة ببابين فقط، وأغلبها يحتوي على مقعدين فقط أيضًا. وحتى إذا كانت تحتوي على مقعدين إضافيين خلفيين، فسيكونا صغيرين وغير مريحين.
  • ليست عملية كسيارات السيدان: سيارات الكوبيه ليست عملية كسيارات السيدان، حيث أن الأخيرة مخصصة لأغراض القيادة اليومية بعكس الكوبيه.
  • مساحة التخزين فيها صغيرة: مع أن مساحة الجلوس ومساحة الأرجل تكون عادة كبيرة في سيارات الكوبيه، إلا أن هذا الأمر لا ينطبق على مساحة التخزين في صندوق الأمتعة الخلفي. لأن أغلب سيارات الكوبيه سيارات صغيرة وغير مخصصة لتحميل الأغراض الكثيرة أو الكبيرة.

Van 《السيارات النفعية》:

بينما تتميز الكوبيهات بالأناقة على حساب العملية، فإن عربات النقل المسماة ب《Van》، أو الباصات الصغيرة تعطي أولوية للوظيفة المصممة لأجلها. تتراوح موديلات هذه السيارات النفعية من عربات الحمولة إلى العربات الصغيرة الفاخرة المريحة 《Minivan》. فإذا كانت الشاحنات مصممة لنقل البضائع، صُممت هذه العربات لنقل الأفراد، والأمتعة، والحمولات الخفيفة. ومن هنا يجب أن لا ننسى أنها كانت في يوم من الأيام مركبة العائلة المفضلة، قبل دخول السيارات الرياضية متعددة الاستخدامات السوق.
ما يميز هذه المركبات تصميمها المزود بمقاعد قابلة للطي، وأبواب منزلقة تجعلها مثالية لنقل الأشخاص والأمتعة لمسافات طويلة. وبشكل عام، البصمة التصميمية لهذه العربات أخرجت لنا موديلات مختلفة انيقة حصرية تمامًا بها.

سيارات الهاتشباك《Hatchback》:

تُعتبر الهاتشباك واحدة من أكثر السيارات شهرة واقتصادية، كونها  تتميز بصغر حجمها المخصص للسير داخل طرقات المدن الضيقة والمزدحمة، وقلة استهلاكها للوقود.
عادةً ما تكون الهاتشباك رخيصة ورائجة، بل تُعتبر منافسة فذة للسيارات الرياضية متعددة الاستخدامات، مثل: الهاتشباك المدمجة الحديثة، كونها توفر مرونة عالية، مقارنة بسيارة رياضية متعددة الاستخدامات مماثلة لها في الحجم، بسعر أقل وكفاءة أعلى.
يُطلق على تصميم سيارات الهاتشباك اسم 《Econobox》، أو التصميم ثنائي الصناديق. حيث يتميز هذا النوع من السيارات بتصميم صندوق أول يحتوي على الواجهة الأمامية والمحرك، بينما الصندوق الثاني يحتوي على مقاعد الركاب الأمامية والخلفية مع حجرة التخزين الخلفية المدمجة مع المقصورة الداخلية. تتوفر سيارات الهاتشباك بخيارين، إما بثلاثة أبواب أي باب على كل جانب بالإضافة إلى باب حجرة التخزين الخلفية. وبخمسة أبواب، أي بابين على كل جهة مع باب خامس لحجرة تخزين الأمتعة.

مزايا سيارات الهاتشباك:

  • اقتصادية: صُممت الهاتشباك بمحركات صغيرة بهدف تقليل استهلاك الوقود، مما يجعلها خيارًا رائعًا لأصحاب الدخل المتوسط.
  • سعرها مناسب: مقارنة بمثيلاتها من سيارات الدفع الرباعي والسيدان، بالإضافة إلى قدرتها على اداء وظيفتها بالشكل المثالي وتصميمها المريح، يُعتبر سعرها ممتاز للغاية. 
  • سهلة التحكم: سيارات مناسبة للمدن والشوارع الضيقة، وسهلة التحكم والدوران. وبسبب حجمها الصغير لن يصعب ركنها في الأماكن الضيقة وبين السيارات القريبة من بعضها.

عيوب سيارات الهاتشباك:

  • ضعف أداء المحرك: بالعادة تمتلك محركات ذات سعة قليلة 《1-1.2 لتر》، وهذا بالطبع يأتي بسبب تقديم ميزة اقتصادية الوقود على حساب قوة المحرك.
  • قلة وجود التحديثات: لا تزود الهاتشباك بالعادة بأحدث الأنظمة المنتشرة في مثيلاتها من سيارات الدفع الرباعي والسيدان، وذلك لتوفير ميزانية التصنيع وتقديم جودة مناسبة بسعر رخيص نسبيًا.

السيارات الهجينة《Hybrid》:

وهي السيارات التي تعمل بمصدرين مختلفين للطاقة. بالعادة يكونان هذان المصدران الكهرباء والبنزين، أو الغاز الطبيعي. تستخدم هذه المركبات عادة محرك البنزين لشحن البطاريات التي يستخلص عبره المحرك الكهربائي الطاقة منها، بالإضافة لإمكانية شحن هذه البطاريات عبر مقبس حائط أو محطة شحن تمامًا كأي سيارة كهربائية نقية.
وجود المحرك الكهربائي في سيارات الوقود يجعلها أكثر اقتصادية بسبب قلة استهلاك الوقود، بالإضافة إلى تقليل الانبعاثات السامة للبيئة.

مزايا السيارات الهجينة:

  • ضمان طويل المدى: يعطي موردو هذه السيارات فترات ضمان طويلة تمتد إلى الثمان سنوات. يغطي هذا الضمان البطارية، ونظام إعادة الشحن، والأجزاء المرتبطة بالنظام الكهربائي في حالة حدوث أي خطأ فيه.
  • اقتصادية: مقارنة بسيارات الوقود الكاملة، تعتبر بالطبع الأقل استهلاكًا للوقود.
  • تعجيل عالي: تتسارع السيارة الهجينة بسرعة مبدأيًا، بسبب الاستجابة المباشرة لدواسة الوقود.
  • قيادة مريحة: يوفر ناقل الحركة الأوتوماتيكي سهولة أثناء قيادة السيارة الهجينة، كما يتحول الاعتماد من محرك البنزين تلقائياً إلى المحرك الكهربائي عند السرعات المنخفضة. 
  • تكلفة صيانة أقل لبعض الأجزاء: تخلو السيارات الهجينة من الكثير من الأجزاء الموجودة في السيارات العادية، مثل: الكلتش والدينمو الدافع وبالتالي، تنخفض تكلفة الصيانة التي تذهب بالعادة لهذه القطع.
  • صديقة للبيئة: تلبي هذه السيارات احتياجات الأفراد، وفي ذات الوقت ضررها أقل على البيئة، كونها تنتج انبعاثات كربونية أقل وهذا بفضل استخدام الطاقة الكهربائية.

عيوب السيارات الهجينة:

  • تكلفة صيانة أعلى للمحركات: وجود المحرك الكهربائي والبنزين في نفس الوقت يجعل من تكلفة الصيانة أعلى في حالة حصول أعطال في هذه الأجزاء.
  • تكلفة البطارية عالية: تتراوح أسعار البطاريات الخاصة بهذه السيارات مابين ٢٠٠٠ إلى ٤٠٠٠ دولار. بالإضافة إلى أن العمر الافتراضي لهذه البطاريات يقل بحسب الاستخدام، وبالتالي عاجلًا أم آجلًا سيتوجب تغيير البطارية بشكل كامل بعد انتهاء عمرها الافتراضي.
  • وزن أثقل: يحتل محرك الوقود والمحرك الكهربائي مساحة أكبر ويثقلان على السيارة، خصوصًا ثقل وزن البطارية ووجود أجزاء ليست موجودة في السيارة التقليدية، مما يؤثر الأمر على قوة السيارة وتباطؤ تعجيلها وسرعتها أثناء القيادة.
  • ليست مناسبة للطرق الطويلة والسريعة: تعمل البطاريات الكهربائية الخاصة بها لمسافات قصيرة.

السيارات الكهربائية《EV》:

حتى الآن ما زلنا نعامل السيارات الكهربائية بالكامل على أنها فئة مستقلة بحد بذاتها، لكن جميع المؤشرات تشير إلى أن كل أنواع السيارات ستصبح كهربائية في مرحلة ما خلال العقود القليلة المقبلة، خصوصًا أن مبيعاتها أصبحت تنافس مبيعات السيارات التقليدية.
تستفيد المركبات الكهربائية، أو《EVs》، بشكل كامل من مزايا الكفاءة الهائلة للمحركات الكهربائية.
فبجانب المحرك الكهربائي، تحتوي السيارات الكهربائية على بطارية أو أكثر من أجل تخزين الطاقة والاستعانة بها عند الضرورة من أجل تزويد السيارة بالطاقة. مستخدمة بذلك بطاريات أيون ليثيوم وبطاريات نيكل، ولكن الليثيوم هي الأكثر استخدامًا حيث تتميز بكثافة طاقة أعلى، وعمر افتراضي أطول من معظم البطاريات العملية الأخرى. يتم شحن البطاريات عند الدوس على الفرامل وتحويل الطاقة الحرارية إلى كهربائية ولكنه يكون شحنًا بسيطًا، بينما الشحن الكامل يتم عن طريق قابس كهربائي كبير يمكن تركيبه في أي مكان كالمنزل، أو يمكن شحنها من خلال قوابس شحن خاصة في محطات الوقود، أو محطات شحن خاصة موزعة على الطرقات. 
بدأت المركبات الكهربائية بالفعل في جعل كل نوع من السيارات أفضل: فهي أسرع ولكن أكثر كفاءة، وأكثر اقتصادية، كون الوقود الوحيد الذي ستحتاجه هو الذي سينتج الكهرباء التي ستعمل على شحن السيارة. غير أن طريقة تصميمها وتأطيرها المبتكرة تعزز المساحة الداخلية، والسلامة، وبالتالي يسهل التعامل معها.

مزايا السيارات الكهربائية:

  • وداعًا لتكاليف الوقود: إن أهم ميزة تتمتع بها السيارات الكهربائية هي إنعدام اعتمادها على الوقود، خصوصًا مع ارتفاع أسعار الوقود بشكل دائم على المستوى العالمي، أصبحت السيارات الكهربائية هي الخيار الأنسب.
  • صيانتها الدورية أقل تكلفة من السيارات العادية: نظرًا لأن السيارات الكهربائية لا تحتوي على محرك وقود ولا زيوت ولا سوائل تبريد وغيرها، فإن صيانتها الدورية ستكون أقل تكلفة من السيارات العادية، وخاصة أن أهم الأجزاء الواجبة صيانتها فيها، هي: الفرامل، ونظام العجلات، وبعض الأجزاء الأخرى في النظام الكهربائي.
  • هادئة جدًا على الطرقات: هادئة للغاية، بل أن صوتها منعدم تقريبًا مقارنة بصوت المحرك في السيارات العادية. وبسبب هذا أضافت الشركات المصنعة لها صوت صفير لتنبيه المشاة من وجودها قربهم.
  • سريعة جدًا: لأنها تحتوي على محرك كهربائي، فاستدعاء الطاقة في السيارات الكهربائية فوري، وهذا يعني أنها تؤمن تسارعًا مبهرًا وسرعة كبيرة، حيث أن واحدة من أسرع السيارات في العالم، بل وكثير يعتبرونها الأسرع هي تسلا موديل إس الكهربائية بالكامل.
  • صديقة للبيئة: لا تحتوي المركبات الكهربائية على نظام عادم بالطبع، مما يعني أنها لا تصدر أي انبعاثات ضارة بالبيئة. وهذا التحول إلى السيارات الكهربائية يمكن أن يساهم في الإبقاء على هواء أنظف وكوكب اكثر استدامة.

عيوب السيارات الكهربائية:

  • معظمها ليس مصمم لقطع مسافات طويلة: تعتبر هذه النقطة أحدى نقاط الضعف الرئيسية والتي ما زالت تمنعها من السطوة على السوق الإستهلاكية. معظم السيارات الكهربائية الحالية تقطع مسافة ٥٠٠ كلم.
  • تستغرق وقتًا طويلًا لشحنها: تستغرق السيارات الكهربائية ما بين 《٤-١٥》 ساعة تقريبًا حسب نوعها ونوع بطاريتها، وهذا وقت كبير جدًا مقارنة بالفترة التي يستغرقها إعادة تعبئة السيارة التقليدية بالوقود.
  • سعرها مرتفع: بالرغم من انتشارها إلى أن أسعارها، حتى القديم منها، لا يزال مرتفعًا. قد يتجاوز سعر الأنواع الفاخرة منها ١٠٠٠٠٠ دولار.
  • بطاريتها غالية الثمن: تتجاوز سعر بطاريتها ال ٢٠٠٠ دولار وقد يصل إلى ٤٠٠٠ دولار أو أكثر. بحيث يجب الأخذ بعين الإعتبار أنها تتطلب بطاريات جديدة كل 5 إلى 10 سنوات تقريبًا، بحسب النوع والاستخدام.
  • انعدام البنية التحتية الموثوقة للشحن: على الرغم من انتشار السيارات الكهربائية، إلا أن عدد محطات الشحن لا يزال قليلًا، وقد يكون منعدمًا في بعض المدن والدول.  وهذا بحد ذاته يشكل عائقًا كبيرًا أمام إقتنائها.

المصادر:

هل ساعدتنا شياطين العلم في فهم العلماء والفلاسفة؟

عند ذكر الشياطين تأتي الاستعاذة!. صورها لنا علماء الدين على هيئة الشر الذي أخرج بني آدم من الجنة، ووظفتها السينما لتكون مادة خام لأفلام الرعب. ولكن ماذا لو لم تكن كل الشياطين سيئة؟ فهنالك مصطلح معروف في الوسط العلمي والفلسفي باسم شياطين العلم “Scientific Demons”. وهي ليست شياطين بالشكل الذي نعتقده، بل هي طريقة أو فكرة لمساعدة العلماء في توصيف تجاربهم العقلية. اتفق العلماء على مصطلح شياطين العلم، ولكن اختلف كلًُ منهم في اسم شيطانه ليوافق تجربته أو فلسفته.

هنالك نوعان من التجارب، التجارب المخبرية وهي تجارب يمكن للعلماء القيام بها بداخل المختبر ليحصلوا على نتائج وقوانين يمكن إثباتها بتجربة مادية. أما التجارب الفكرية، فهي تلك التي لا يمكن القيام بها داخل المختبر، بل مجازيًّا تحدث داخل عقل العالم إما لاستحالة إجرائها، أو ربما لكونها غير أخلاقية. لذلك يستحضرها العالم في عقله ويستدعي شيطانًا مجازيًّا لذلك. تستخدم التجارب الفكرية لمساعدة العلماء في فهم مدى ترابط وحدود العالم من حولنا. كما أنها تطلق العنان لطرح فرضيات جديدة تثير التساؤلات، وربما أيضًا محاولة دحض فرضيات أخرى بهدف فهم الكون في صيغة “ماذا لو؟”. ومن شيطان ديكارت ونيتشه في الفلسفة، إلى شيطان لابلاس وماكسويل في العلوم، دعونا نلقي نظرة على شياطين العلم، وكيف استفاد العلماء من شياطينهم؟

أشهر شياطين العلم

تساهم شياطين العلم في سد الفجوة بين ما نلاحظه في العالم الحقيقي، وما يمكن تنبؤه من الافتراضات الفضفاضة. شياطين العلم هي أداة مفيدة للعلماء لأنها تعزز قدرتهم على الإبداع واكتشاف ما هو أبعد من المعروف. استخدمها بعضهم فيما يمكن اعتباره مستحيل على الجسد البشري كالسفر بسرعة الضوء أو المشي على الماء لنتمكن من تجاوز الحدود الفيزيائية والأخلاقية.

شيطان فرويد

استوحى فرويد شيطانه من شيطان العلم الخاص بماكسويل. وجعله بطبيعة الحال حارس خارق للطبيعة يراقب ويفرز النبضات العقلية بين العقل الواعي واللاواعي. فصوّر فرويد العقل اللاواعي على هيئة غرفة كبيرة، والعقل الواعي على أنه غرفة صغيرة، ويعمل الشيطان حارسًا على تلك البوابة الفاصلة بينهما. ساعد هذا النموذج فرويد على محاكاة ما يتصوره عن تأثير الدوافع اللاواعية على السلوك البشري. وبالرغم من اعتراف فرويد بمحدودية نموذجه، إلا أنه أكد بمحاكاته تلك أننا نستطيع البقاء على مقربة من السلوك البشري الذي يمكن ملاحظته. وقدّر فرويد القوة الإرشادية لنموذجه في توجيه المزيد من الاستكشاف.

يحافظ شيطان فرويد على العقل الواعي، ويمنع تسلل الأفكار السلبية للعقل الواعي. ولكن أحيانًا ما يغفل الشيطان عن فرز بعض الأفكار التي تنساب عبر البوابة دون ملاحظته لها. فيسمح لها بالمرور على الرغم من مخالفتها للقواعد والانضباطات العامة، كما يحدث عند رؤيته للنكات. يعتقد فرويد أن المزحة وسيلة يتحايل بها العقل اللاواعي على الشيطان لإيصال مكنونات ورغبات البشر دون الخوف من نظرة المجتمع. كما يرى فرويد أن الأحلام مثلًا وزلات اللّسان هي مكنونات تَكشف الرغبات والصراعات التي ربما حجبها “الشيطان” عن العقل الواعي.

شيطان ديكارت

قام الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت بإنشاء تجربة عقلية لاستكشاف حدود المعرفة وما يعرف بالشك. ويمثل شيطان العلم لدى ديكارت هنا كل ما يمكن أن يشكك الإنسان فيه مما حوله من بصريات أو سمعيات وغيرها. حيث توصل ديكارت إلى أن السبيل الوحيد للتغلب على هذا الشيطان تكمن في التفكير، حتى لا يتمكن هذا الشيطان من تشكيكه في وجوده. ومن هنا اشتهرت جملته الشهيرة “أنا أفكر، إذًا أنا موجود”.

فكما نعرف، فحواسنا ليست دقيقة بالمرة، ويمكن لعقلنا أن يخدعنا ليكمل الصورة ويساعدنا في الاستقرار العقلي بعيدًا عن اضطرابات التفكير. ولكن بالتفكير فقط يمكننا أن نميز إذا ما كان ما أمامنا حقيقة أم لا وفق ما اعتقده ديكارت. وقد حوّل ديكارت الشك لأداة تثبت وجودنا وتساهم في محاربة شيطانه المتمثل في كل ما هو ظاهره حقيقي وباطنه غير ذلك.

شيطان لابلاس

يقول الفيلسوف الإنجليزي جون ستيوارت مل في كتابه نظام المنطق: “إذا افترضنا إمكانية تكرار ما حدث للكون سابقًا، فإن النتيجة ستصبح تكرار وضع الكون كما هو عليه مرة أخرى”. ومن هذا المنطلق يمكننا تلخيص ما يقوم به شيطان العلم الخاص بالعالم بيير سيمون لابلاس. فبناءًا على معطيات الحاضر يمكن لشيطان لابلاس التنبؤ بما يمكن أن يحدث في المستقبل بما في ذلك السلوك البشري. ويعتبر شيطان لابلاس مراقب فقط لا يتدخل في مسار الجزيئات، ويكتفي فقط بمعرفة حركة ومسار الجسيمات الحالية. ليتمكن من توقع المستقبل ومعرفة الماضي الخاص بتلك الجسيمات.

تصور لابلاس ذلك الشيطان ذو معرفة كاملة بالظروف الأولية للكون وقوانين الفيزياء، ليمثل بدوره الحتمية السببية. فيستطيع التنبؤ بالمستقبل بالاعتماد على فرضية قابلية العكس والميكانيكا الكلاسيكية، ولكن يستحيل عمليًّا على البشر معرفة جميع قوانين الكون الأولية. وبسبب الطبيعة الاحتمالية لميكانيكا الكم، تتحدى ميكانيكا الكم الحتمية الصارمة، مما ترك مجالًا للعشوائية وعدم القدرة على التنبؤ. ويثير شيطان لابلاس العديد من الخلافات العلمية الأخلاقية، حيث يهدد بوجوده الإرادة الحرة للبشر، كما يتدى مبدأ الصدفة في الكون.

شيطان ماكسويل

يعتبر شيطان ماكسويل من أشهر شياطين العلم الذي يتحدى به القانون الثاني للديناميكا الحرارية، ويتمتع كذلك بمعرفة هائلة وسيطرة على الجزيئات الفردية. ينص القانون الثاني للديناميكا على أن الإنتروبيا -أو الفوضى- تتزايد دائمًا في الأنظمة المغلقة، وذلك عن طريق فرز الجزيئات بناءً على سرعتها وخلق اختلافات في درجات الحرارة. تخيل ماكسويل غرفتين بينهما معبر، يقوم شيطانه بالسماح للجزيئات السريعة بالمرور من حجرة إلى أخرى، بينما يعوق الجزيئات البطيئة. مما يخلق فرقًا في درجة الحرارة بين الغرفتين. فإذا نجح الشيطان في تلك المهمة، فهذا يشير إلى أن القانون الثاني إحصائي بحت وليس حتمي، حيث قد توجد استثناءات.

إن بناء مثل هذا الجهاز “الغرفتين” مع التحكم الكامل في مرور الجزيئات أمر مستحيل فيزيائياً. وبالتالي فإن استهلاك طاقة الشيطان في فرز الجزيئات يتطلب من الشيطان أن يتفاعل معها، مما يزيد من الإنتروبيا الخاصة بها ويلغي التأثير المطلوب. ويفشل شيطان ماكسويل لعدة أسباب في دحض القانون الثاني للديناميكا الحرارية، منها توليد الحرارة التي تعيق القياسات الدقيقة لحركة الجزيئات، والحركة البراونية أو العشوائية للجزيئات.

شيطان لوشميت

يتميز شيطان لوشميت عن شيطان ماكسويل وشيطان لابلاس بأنه لا يكتفي بالمشاهدة والسماح بالمرور، بل يتدخل ليعيد النظام إلى الكون. من الطبيعي أن نشاهد الطفل يصبح عجوزًا بمرور الزمن، ولكن يستحيل على البشر أن يشاهدوا العجوز يعود طفلًا. وكمثال أبسط يمكننا مشاهدة التفاحة تتعفن مع مرور الوقت، ولكن لا يمكننا مشاهدة تفاحة متعفنة تتحول إلى سليمة، أي أن الطبيعي تحول الأشياء من حالة النظام إلى العشوائية وليس العكس.

هنالك العديد من تلك الأمثلة التي أثارت فضول العالم يوهان لوشميت. ولذلك صنع شيطانه ليتمكن من تصور ما لا يمكن للبشر تصوره. فبافتراض أن كل جزيء مصيره هو العودة لما كان عليه، فسيتطلب ذلك بعضًا من الوقت، ولكن لا يمكننا نحن كبشر توقع ذلك الوقت أو البقاء على قيد الحياة حتى تلك اللحظة بعكس شيطان لوشميت.

يمكن لشيطان لوشميت أن يقوم بعكس الجسيمات ليعيدها لصورتها الأولية، ولكن ليس بالضرورة أن تعود بنفس الشكل السابق. من الناحية النظرية يمكن أن يتم العكس، ولكن بسبب الطاقة المهولة المطلوبة لتلك العملية ومبدأ استهلاك الطاقة الخاضع له جسيمات الكون، فهنالك العديد من القيود العلمية لمثل تلك الفرضية.

ليس بالضرورة أن تكون جميع الشياطين شريرة بطيبيعة الحال، فشياطين العلم ليست كذلك، بل على العكس تمامًا. ساهمت شياطين العلم في بسط الأفق للعلماء والفلاسفة ليتمكنوا من التحليق بعيدًا بفرضياتهم ويصلوا لكل ما هو مستحيل عمليًا. ولربما تتحقق تلك الفرضيات يومًا ما بأجهزة وتطبيقات عملية تساعد العالم ليصبح أفضل مما هو عليه الآن، فهل نجحت تلك الشياطين في الواقع أم أنها لا تزال فرضيات وقوانين مجردة؟

المصدر:

1- The Demons of Science

لغز أشعة جاما المميتة المتسللة بين الغيوم!

تطلق العواصف الرعدية عصفات قوية من أشعة جاما علي شكل انفجارات قوية يقاس طولها بالملليِ ثانية وتسمي ومضات أشعة جاما الأرضية. [1] وتنتج هذه الانفجارات أيضا أشعة من الإلكترونات وحتي من المادة المضادة التي تستطيع السير نصف الطريق حول الكرة الأرضية. إن جميع التفسيرات المقترحة تتضمن مجالات كهربائية قوية مطلقة للإلكترونات مندفعة بقوة إلي داخل السحب الرعدية، ولكن لايوجد تفسير يفسر تماما الطاقات المنحدرة عموديا لأشعة جاما. ولكن، ربما تحل هذا اللغز المهمات الفضائية الموجهة حديثًا والطائرات البحثية، إضافة إلى بحثها عما إذا كانت الومضات تعرض رحلات خطوط الطيران لأخطار إشعاعية.

هل سبق أن رأيت وميضًا من الضوء الأزرق اللامع في السماء أثناء عاصفة رعدية؟ إذا كان الأمر كذلك، فأنت قد حضرت دفقة مماثلة من أشعة جاما الأرضية. أشعة جاما هي شكل من أشكال الإشعاع الكهرومغناطيسي لها طاقة عالية جدًا. عادة ما يتم إنتاجها من مصادر خارج الأرض، مثل انفجارات المستعر الأعظم أو أشعة الشمس. ولكن في الواقع، يمكن أيضًا إنتاجها داخل الغلاف الجوي للأرض أثناء العواصف الرعدية.

ومضات أشعة جاما الأرضية هي أحداث قصيرة العمر للغاية، تستمر عادةً لبضع مللي ثانية فقط. إنها قوية جدًا أيضًا، حيث يمكن أن تصل طاقتها إلى مليارات الإلكترون فولت. فما الذي يسبب ومضات أشعة جاما الأرضية؟ لا يزال العلماء غير متأكدين من الإجابة، ولكن هناك عدد من النظريات المحتملة. إذن، فما هي أهمية ومضات أشعة جاما الأرضية؟ لا تزال العلوم تدرس هذه الظاهرة، ولكن هناك عددًا من الإمكانات المحتملة أيضًا. على سبيل المثال، يمكن استخدام ومضات أشعة جاما الأرضية لدراسة كيفية عمل العواصف الرعدية، ويمكن أن تساعدنا أيضًا على فهم المزيد عن الإشعاع الكوني.

في السنوات الأخيرة، بذلت الجهود لدراسة ومضات أشعة جاما الأرضية بشكل أكبر. وتم إطلاق العديد من المهمات الفضائية لدراسة هذه الظاهرة، كما تم تطوير تقنيات جديدة للكشف عن ومضات أشعة جاما الأرضية. ومع استمرار البحث في ومضات أشعة جاما الأرضية، نتعلم المزيد عن هذه الظاهرة الغريبة والمذهلة. فهل أنت مستعد لمعرفة المزيد عن ومضات أشعة جاما الأرضية؟

رصد محير بالقرب من الأرض

في عام 1991، أدرك “فيشمان” من مركز ناسا مارشال لرحلات الفضاء، بواسطة المرصد الجديد “كومبتون” أن هناك شيئا غريبا يحدث. المرصد كومبتون المطلق إلي مدار الكرة الأرضية من سفينة الفضاء أتلانتس مصمم للكشف عن أشعة جاما المنبعثة من الأجسام الفيزيائية الفلكية البعيدة. كتلك التي تنبعث من النجوم النيترونية وبقايا النجم المستعر. وقد نجح المرصد بالفعل في تسجيل انفجارات ساطعة طولها ملِلي ثانية من أشعة جاما، ولكن هذه المرة -على غير العادة- تأتي الآشعة من الأسفل، أي من الأرض، وليست من الفضاء الخارجي!

مثلت تلك الحادثة صدمة لعلماء الفيزياء الفلكية. فلقد اعتقد علماء الفيزياء الفلكية أن الظواهر الغريبة مثل التوهجات الشمسية والثقوب السوداء والنجوم المتفجرة تسرع الإلكترونات وغيرها من الجسيمات إلي طاقات عالية للغاية. ومن ثم تستطيع هذه الجسيمات الفائقة الشحن بث أشعة جاما، وهي الفوتونات الأكثر طاقة في الطبيعة. وفي الأحداث الفيزيائية الفلكية، تتسارع الجزيئات خلال الحركة الحرة -أو الحرة تقريبا- في الفراغ. فكيف إذن, تستطيع الجزيئات في الغلاف الجوي للأرض من فعل الشئ نفسه ؟ [3]

قادت البيانات الأولية إلي الاعتقاد مبدئيا أن ما يدعى بومضات أشعة جاما الأرضية قد نشأت على ارتفاع 40 ميلا فوق السحب. والمدهش أنها تنبعث على ارتفاع أقل من مكان نشأتها بكثير بواسطة التفريغ الكهربائي داخل السحب الرعدية المتنوعة. وخلال ذلك، تسعى الكثير من النظريات المتطورة إلى تفسير أشعة جاما الأرضية تلك بما يتوافق مع المشاهدات. فمرة بعد أخري، تكشف التجارب عن طاقات كان يستحيل من قبل تخيل وجودها في الغلاف الجوي. وحتي المادة المضادة حققت ظهورا مفاجئا.

الشروع في وضع أولي التصورات

ظاهرة سبرايتس ( عفاريت البرق) Sprites

في البداية، تساءل العلماء عما إذا كانت لأشعة جاما علاقة بأعجوبة أخرى من عجائب الغلاف الجوي المكتشفة قبل سنوات قليلة فقط. إذ التقطت الكاميرات الموجهة فوق السحب الرعدية صورا ضوئية لومضات قصيرة لامعة من الضوء الأحمر على ارتفاع 50 ميلا فوق سطح الأرض وعلى مسافة عدة أميال، وكانت هذه الصور وكأنها لقنديل بحر عملاق. هي ليست قنديلًا بالطبع ولكن تفريغ كهربي، وسمي هذا التفريغ الكهربي المذهل تسمية غريبة وهي “سبرايتس” sprites العفاريت، ولأن سبرايتس تصل تقريبا إلى حدود الفضاء، فيبدو الأمر مقنعا أنها ربما هي من أطلق أشعة جاما، التي قد يراها مسبار ما يدور حول الأرض كمرصد كومبتون. [2]

بعد وقت قصير، قام الفيزيائيون النظريون بأولى المحاولات لشرح كيف يمكن لسبرايتس إنتاج أشعة جاما المرتبطة بالفضاء. ويعتقد أن سبرايتس هي عبارة عن تأثيرات جانبية للبرق الطبيعي الحادث في السحب على ارتفاع منخفض جدا. والبرق هو عبارة عن قناة موصلة كهربائيا، تفتح مؤقتا في الهواء، الذي يكون عازلا كهربائيا في تلك الحالة. وتحمل الصاعقة الإلكترونات بين مناطق الغلاف الجوي أو بين الغلاف الجوي والأرض، ويحدث هذا بسبب عدم اتزان الشحنات الكهربائية التي تنطلق بواسطة المجالات الكهربائية الناتجة، والتي يزيد فرق جهدها على 100 مليون فولت.

تصور جيوريفتش لومضات جاما بواسطة السحب الرعدية

إن الاندفاع العنيف للإلكترونات يعيد الاتزان الكهربائي جزئيا، مثلما يحدث عندما نشد سجادة من أحد أطرافها، فإنه غالبا ما يؤدي إلى نتوء باتجاه معاكس فى مكان آخر. أي أنه غالبا ما ينبثق عن التفريغ الكهربائي داخل السحب مجال كهربائي فى مكان آخر، بما فى ذلك سطح الأرض. حيث يمكن أن يؤدي لاحقا إلي برق صاعد من أسفل الغلاف الأيوني للأرض حيث قد تنشأ سبرايتس.

في عام 1992 استطاع “جيوريفيتش” من معهد ليبديف الفيزيائي فى موسكو ومعاونوه أن يبينوا أن المجالات الكهربائية الثانوية بالقرب من الغلاف الأيوني للأرض يمكن أن تنتج كما هائلا من الإلكترونات عالية الطاقة، والتي عند اصطدامها بالذرات، تنطلق منها فوتونات أشعة إكس ذات الطاقة العالية، بالإضافة إلى أشعة جاما، بالتوهج الأحمر المميز لظاهرة سبرايتس.

هذه الآلية التي جري افتراضها مستنتجة من قبل العالم “ويلسون” في عام 1920 الحائز على جائزة نوبل. وعند الطاقات الصغيرة، تتصرف الإلكترونات المندفعة كالبحارة المخمورين، حيث تتدافع من جزئ إلي آخر فاقدة طاقتها مع كل تصادم. أما عند الطاقات العالية، فتسير الإلكترونات فى خط مستقيم، مكتسبة طاقة عالية من المجال الكهربائي، مما يقلل من تأثير أي تصادم فى اضطراب مسارها وهكذا. و تختلف هذه النتيجة مع خبراتنا اليومية، حيث كلما أسرعنا فى الحركة، زادت معاناتنا مع القوة العكسية، تماما مثل ما يعانيه سائق دراجة بسبب مقاومة الهواء. [4]

تستطيع تلك الإلكترونات الهاربة التسارع إلي سرعة الضوء تقريبا وتسير إلي أميال قبل توقفها بدلا من المسافة الصغيرة التي يتحركها الإلكترون عادة فى الهواء. وقد أرجع فريق “جيوريفيتش” إلى أن اصطدام الإلكترون الهارب بجزيء الغاز فى الهواء، يمكنه من تحرير إلكترون آخر، ويتسارع هذا الإلكترون. والنتيجة تشبه تفاعل متسلسل، حيث تندفع الإلكترونات عالية الطاقة بشكل هائل وتتزايد لوغاريتميا مع المسافة المقطوعة فتقطع مسافات بعيدة مع امتداد المجال الكهربائي. وتأثير الاندفاع الهائل للإلكترونات طبقا لحسابات “جيوريفيتش”، من الممكن أن يزيد إنتاج أشعة إكس وأشعة جاما بمقادير مضاعفة. ويبدو هذا التصور لبرهة مقبولا بشدة بسبب قدرته على توحيد ظاهرتين جويتين منفصلتين، وهما ومضات أشعة جاما وظاهرة السبرايتس. ولكن كما سوف نري، اتضح أن الواقع أكثر تعقيدا.

مزاعم ربط أشعة جاما بظاهرة سبرايتس

خلال السنوات العديدة اللاحقة ابتداء من عام 1996، ظهرت العديد من الفرضيات الدقيقة للنظرية التي تصورت سبرايتس كاندفاعات هائلة من الإلكترونات منتجة أشعة جاما. ودليل واحد هو الذي دعم هذا النموذج الشبحي، وهو طيف الطاقة لأشعة جاما. فأشعة جاما ذات الطاقة العالية تسير مسافات أبعد في الهواء أكثر من الأشعة الأقل طاقة، ومن ثم فهي الأكثر احتمالا لفعل ذلك في الفضاء. وبحساب عدد فوتونات أشعة جاما التي تصل إلى سفينة الفضاء عند كل مستوى طاقة، يستطيع العلماء استنتاج ارتفاع مصدرها. وقد أشارت أولى اختبارات الطاقة لأشعة جاما، كما جرى رصدها بواسطة المرصد CGRO، إلى وجود مصدر على ارتفاع عال جدا، وهذا متناسق مع ظاهرة سبرايتس، ولكن في عام 2003، أخذت الأحداث منحى غير متوقع!

فخلال العمل في موقع أبحاث البرق في فلوريدا وقياس الانبعاثات من أشعة إكس التي تصل الأرض من برق الصاروخ المنطلق، اكتشف “وَير” -فيزيائي فلكي وأستاذ في معهد فلوريدا للتقانة- ومعاونوه ومضة لامعة من أشعة جاما تخرج من سحابة رعدية، ثم غمرت المنطقة من حولهم. هذا الوميض المسجل على الأجهزة شابه تماما إحدى ومضات أشعة جاما الأرضية التي اعتقد الجميع أنها نشأت عن مكان أكثر بعدًا، وذلك لأن الأشعة لها الطاقة نفسها والفترة الزمنية ذاتها، وهي نحو 0.3 مللي ثانية.

اعتقد الجميع أن هذه الومضات آتية من ارتفاعات عالية يتعذر رؤيتها من الأرض. وقد أوحى التشابه أنه ربما تكون الصواعق البرقية في داخل السحب الرعدية من المصادر المباشرة لأشعة جاما الواصلة إلى المرصد CGRO، ولكن في الوقت نفسه بدت الفكرة ضربا من الهوس. إذ يتعين أن يكون الضوء شديدا للغاية للحصول على أشعة جاما كافية للخروج إلى الفضاء عبر كل الغلاف الجوي.

مصور التحليل الطيفي RHESSI ودحض الادعاء

بعد وقت قصير، استطاعت تطورات أخرى إبطال المزاعم المرتبطة بين سبرايتس وأشعة جاما. ففي عام 2002 أطلقت ناسا NASA مصور التحليل الطيفي الشمسي العالي الطاقة RHESSI لدراسة أشعة إكس وأشعة جاما من الشمس، ولكن مجسات الجرمانيوم الكبيرة الخاصة بالمرصد RHESSI كانت ممتازة لقياس أشعة جاما القادمة من الغلاف الجوي بكفاءة عالية. وقام “سميث” -فيزيائي فلكي في جامعة كاليفورنيا ضمن فريق المرصد RHESS- بتوظيف “أ.لوبيز” التي كانت حينئذ طالبة في المرحلة الجامعية الأولى بجامعة كاليفورنيا، لتنظر في سيل البيانات المسجلة من قبل المرصد RHESSI لسنوات، بحثا عن أي دليل لأشعة جاما المنبعثة من ارتفاعات منخفضة من الأرض.

وفي هذا الوقت، كان يُعتقد أن ومضات أشعة جاما الأرضية نادرة جدا، ولكن كان الحظ حليف لوپیز التي صادفت اكتشافا نفيسا. كان المرصد RHESSI يسجل ومضة مرة كل بضعة أيام أكثر بعشر مرات من المعدل الذي جرى رصده من قبل المرصد CGRO. لقد قاس المرصد RHESSI طاقات فوتونات أشعة جاما في كل ومضة بشكل أفضل بكثير مما فعله مرصد CGRO. ويبدو طيف أشعة جاما الضوئي مماثلا تماما لما هو متوقع من الإلكترونات الهاربة. وبمقارنة تلك القياسات بالقياسات النظرية المتوقعة، استُنتِج أن أشعة جاما مرت عبر الكثير من الهواء، ومن ثم يجب أن تكون قد نشأت عن ارتفاع  تقريبي يتراوح بين تسعة أميال وثلاثة عشر ميلا، وهي مسافة مساوية تماما لأعالي العواصف الرعدية ولكنها أقل بكثير من ارتفاع الخمسين ميلا حيث توجد ظاهرة سبرايتس.

تجمعت سريعا أدلة مستقلة إضافية تؤيد منشـأ الارتفاع المنخفض لأشعة جاما. وأوضحت القياسات الإشعاعية التي أجريت بواسطة “کومر” -من جامعة ديوك- للبرق المرتبط ببعض سجلات المرصد RHESSI أن هذه الومضات البرقية أضعف بكثير مما يتطلب لعمل ظاهرة سبرايتس. وتبدو خريطة المرصد RHESSI لومضات أشعة جاما حول العالم مشابهة تماما للبرق الطبيعي، الذي يتركز في المناطق الاستوائية وأقل بكثير من محاولات مقاربتها بخريطة ظاهرة سبرايتس، التي تتجمع غالبًا على ارتفاعات أعلى من السهول العظمى بالولايات المتحدة الأمريكية.

حجة تعيد الشكوك

بقيت حجة واحدة لتفضيل ظاهرة سبرايتس كمنشأ، وهي أن طيف الطاقة طبقا لأرصاد CGRO يشير إلى مصدر عالي الارتفاع. يتفق ذلك أكثر مع ظاهرة سبرايتس عن العواصف الرعدية. فقد بدأ الكثيرون في الاعتقاد بأن من المحتمل وجود نوعين من ومضات أشعة جاما، منخفضة وعالية الارتفاع، ولكن التأكيد النهائي لفكرة سبرايتس جاءت عندما أدركنا أن ومضات أشعة جاما الأرضية كانت أكثر إضاءة مما كان يعتقد سابقا.

في الواقع، أثناء العمل فيما بعد مع طالب دراسات عليا  “جريفينستيت” في عام 2008، وجد أن هذه الومضات كانت شديدة السطوع حتى إن المرصد CGRO كان معمى جزئيا بسببها، ولم يستطع قياس الشدة الكلية الحقيقية لها. هذا التشبع أثّر أيضا في المرصد RHESSI ولكن بدرجة أقل. وعندما أعاد الباحثون في جامعة بيركن بالنرويج تحليل البيانات في عام 2010، وجدوا أن بعد أخذ تشبع أجهزة الرصد في الاعتبار، قد جعل النتائج متوافقة مع المصادر الأقل ارتفاعًا. وبعد أقل من سنتين، هبط الارتفاع المزعوم في البيانات المسجلة لومضات جاما أكثر من 30 ميلا. [6]

مسببات المادة المضادة

إذا كانت سبرايتس ليست هي المسؤولة عن إنتاج ومضات أشعة كاما، فمن المسؤول إذن؟ وهل العملية لا تزال تتضمن الاندفاعات العنيفة للإلكترونات الهاربة؟ لقد ثبت في النهاية أن طريقة الاندفاعات العنيفة للإلكترونات، كما تمت صياغتها وتصويرها بواسطة “جيوريفيتش” ومعاونيه، مع أنها شديدة الطاقة لتفعل أي شيء مع سبرايتس، لكنها ليست قوية لدرجة تكفي لتوليد الإضاءات الكبيرة المرئية بواسطة المرصد RHESSI أو عن طريق التحليلات الجديدة لبيانات المرصد CGRO. كما أن الحسابات التي أجريت من قبل “وَير” قد أوضحت أن طريقة الاندفاعات الشديدة للإلكترونات العالية الطاقة جدا تستطيع إطلاق طاقة أكبر بتريليونات المرات أكثر مما نتصور. وتستطيع عمل الشيء نفسه داخل سحابة رعدية، والمذهل أن هذه الطريقة تتضمن وبكل تأكيد إنتاج الكثير من المادة المضادة.

وإذا كان المجال الكهربائي داخل السحب الرعدية قويا بالقدر الكافي، فإن الإلكترونات الهاربة – المفترض تكونها بطريقة ما – تتسارع إلى سرعة الضوء تقريبا، فعندما تلتقي الذرات في جزيئات الهواء، فسوف تبعث أشعة جاما. وبالتبعية، فإن فوتونات أشعة جاما تستطيع التصادم بنوى الذرات لإنتاج زوج من الجزيئات: إلكترونات ومضاداتها التوائم “بوزيترونات“. فالبوزيترونات سوف تندفع أيضا، مكتسبة طاقة المجال الكهربائي. ولكن بينما تندفع الإلكترونات إلى الأعلى فإن البوزيترونات التي تحوي شحنة معاكسة سوف تندفع إلى الأسفل. وعندما تصل البوزيترونات إلى أسفل المجال الكهربائي، سوف تصطدم بذرات الهواء فتنتج منها إلكترونات جديدة تندفع إلى الأعلى مرة أخرى.

آلية الاسترجاع النسبي للتفريغ الكهربائي

 بهذه الطريقة، فإن الإلكترونات الصاعدة سوف تنتج بوزيترونات متجهة إلى الأسفل والتي بالتبعية سوف تنتج إلكترونات أكثر صعودا إلى الأعلى وهكذا. وإذا كان اندفاع واحد للإلكترونات يؤدي إلى إنتاج العديد منها، فإن التفريغ الكهربائي سوف ينتشر سريعا فوق مساحة واسعة للسحابة الرعدية، تصل في اتساعها إلى أميال عديدة. والأعداد المتنبأ بها بهذا النموذج – يسمى نموذج التفريغ الكهربائي الاسترجاعي النسبي – تتلاءم تماما مع الشدة والفترة الزمنية وطيف الطاقة لأشعة جاما، كما جرى رصدها بالمرصدين CGRO و RHESSI.

يشبه الاسترجاع  الإيجابي من البوزيترونات الصوت المزعج الذي نحصل عليه عند الإمساك بالميكروفون من فوق سماعة. وهذا المنطق هو وراء تفسير آخر محتمل وإن لم يجر التحقق منه رياضياتيا بشكل كامل بعد، وهو أن هذه الومضات من أشعة جاما هى النسخة الأكثر طاقة من أشعة إكس المنبعثة بواسطة البرق عند اقترابه من الأرض.

لسنوات عديدة، قام الباحثون في معهد فلوريدا ومعهد نيومكسيكو للتعدين والتقانة بقياس أشعة إكس هذه، سواء تلك الناتجة من البرق الذي ينبعث صناعيًا من إطلاق الصواريخ أو من البرق الطبيعي الذي يضرب الأرض. وقد أوضحت أفلام أشعة إكس من كاميرا أشعة إكس السريعة في ولاية فلوريدا أن الانفجارات تنبثق من قمة قناة البرق خلال سريانها من السحب إلى الأرض. ويعتقد معظم العلماء أن أشعة إكس تتولد عن طريق الإلكترونات الهاربة، المعجلة بواسطة المجالات الكهربائية القوية أمام البرق. وربما لأسباب لم تعرف بعد، فإن البرق الذي يتحرك في المجال الكهربائي داخل السحب الرعدية يقوم بوظيفة أفضل لإنتاج هذه الإلكترونات الهاربة. إذا صحت هذه الفكرة، فإن الومضات المرصودة من سفينة فضاء على بعد مئات الأميال ربما تكون مجرد نوع – مكبر ببعض الطرق غير المعروفة بعد – من أشعة إكس المتولدة من البرق والتي جري رؤيتها على الأرض بواسطة مجسات على بعد مئات الأقدام من الصاعقة.

اكتشاف من الصحراء الكبري علي حين غرة

مع نهاية عام 2005 كان “سميث” ومعاونوه واثقين من أن معظم ومضات أشعه جاما الأرضية تنشأ من داخل أو قريبا من أعالي السحب الرعدية، بغض النظر عما إذا كانت المادة المضادة أو سهام البرق المقوى متضمنة معها. وقبل أن يتقبلوا هذا الطرح بشغف، ظهر شيء وضع فهمهم محل تساؤل من جديد. إذ أن إحدى الظواهر المرصودة من المرصد RHESSI كانت دويا شديدا في وسط الصحراء الكبرى في أواسط إفريقيا Sahara Desert في يوم مشمس ومن دون سحب رعدية في المشهد!

قضي “سميث” وطلبته شهورا يناضلون على تفسير هذا الحدث. تشكلت السحب الرعدية هذا اليوم بالفعل، ولكن ليس في المكان الذي كانت تبحث فيه السفينة الفضائية. كانت السحب الرعدية على بعد آلاف الأميال إلى الجنوب، على الأفق من المرصد RHESSI. ولكن يجب أن تسير أشعة جاما لهذه السحب كجميع أشكال الضوء في خط مستقيم، لكنها لم تصل إلى السفينة الفضائية.

ومن ناحية أخرى، يجب أن تسير الجسيمات المشحونة مثل الإلكترونات طبيعيا في مسارات منحنية ملتفة حلزونيا حول الخطوط المنحنية للمجال المغنطيسي للأرض. وقد كانت العواصف الرعدية موجودة تماما على الطرف الآخر لخط المجال المغنطيسي المار بالسفينة الفضائية، وتستطيع الإلكترونات التي وصلت إلى ارتفاعات عالية جدا السير حول الكوكب والاصطدام في مجسات المرصد RHESSI، مكونة في هذه العملية أشعة جاما. ومع ذلك،  يبدو من المستحيل على الإلكترونات المتحررة داخل سحابة رعدية عمل ذلك خلال الكثير من الأميال في الغلاف الجوي إلى هذا الارتفاع في الفضاء حيث تسير حول خطوط المجال. وقد بدت تلك الملاحظة الجديدة بأنها تحتاج إلى مصدر عالي الارتفاع.

تيليسكوب فيرمي

وفي عام 2011 لاحظ تليسكوب فيرمي FERMI الفضائي لأشعة جاما العديد من هذه الأشعة التي تدور حول الكوكب محققا بذلك اكتشافا مذهلا، وهو أن جزءا كبيرا من الأشعة يتكون من بوزيترونات. وهكذا فإنه يبدو أن الظواهر الجوية لا تستطيع فقط إطلاق إلكترونات وأشعة جاما إلى الفضاء وإنما أيضا جزيئات المادة المضادة. وبإدراك متأخر، كان يجب أن يُتوقع رؤية هذه البوزيترونات نظرا لمدى طاقة أشعة جاما. ومع ذلك إذا أخذنا بعين الاعتبار كم هو غريب ملاحظة المادة المضادة في الطبيعة، فإن ما اكتشفه تليسكوب فيرمي كان مذهلا. [5]

إن تفسير مشاهدات الصحراء الكبرى، الذي أدركه فريق “سميث” عاجلا، لم يكن أن أشعة جاما قد جاءت من ارتفاع عال، وإنما على الأرجح أنها نتجت داخل السحب الرعدية بأعداد هائلة أكثر مما كان متوقعا. واصطدم البعض المتجه منها إلى الفضاء بجزيئات الهواء العَرَضية على ارتفاع يتجاوز الـ25 ميلا تقريبا منتجة أزواجا  ثانوية من الإلكترونات والبوزيترونات التي تركب عندئذ خطوط المجال المغنطيسي حول الأرض. وفي المرة القادمة عندما ترى سحابة رعدية طويلة، توقف لتتذكر أنها قادرة على أن تطلق إلى الفضاء جزيئات عالية الطاقة يمكن كشفها على الجانب الآخر من الكوكب.

الطيران مباشرة داخل السحب الرعدية

 إن الحسابات الأولية توضح أنه إذا ما حدث أن اصطدمت رحلة خطوط طيران مباشرة بإلكترونات عالية الطاقة وأشعة جاما داخل عاصفة رعدية، فإن الركاب وأعضاء طاقم الطائرة – من دون الشعور بأي شيء – من الممكن أن يتلقوا جرعة إشعاعية في جزء من الثانية تصل إلى الجرعة الإشعاعية الطبيعية التي يمكن أن يتعرض لها المرء طوال حياته. لكن من الأخبار الحسنة أننا لا نحتاج إلى تحذير الطيارين للبقاء بعيدا عن العواصف الرعدية، لأنهم يفعلون ذلك بالفعل. فالعواصف الرعدية هي أماكن يكون الوجود فيها شديد الخطورة سواءًا في وجود أشعة جاما أو غيابها.

إلى حد ما، استكملت دراسة ومضات أشعة جاما الأرضية عمل “بنجامين فرانكلين”، الذي يزعم أنه أرسل طائرة ورقية إلى سحابة رعدية لرؤية مدى إمكانية توصيلها للكهرباء. ومن ثم أوضح فرانكلين منذ قرون أن البرق هو عبارة عن تفريغ كهربائي، والمفاجأة أنه وبعد قرنين ونصف من تجربته للطائرة الورقية، لا يزال لدى العلماء فهم غير كامل، ليس فقط حول كيفية تكوّن ومضات أشعة جاما بواسطة السحب الرعدية بل وحتى تكون البرق البسيط.

المصادر

1- GAMMA Rays

2-Sprite (Lightning)

3-Discovery of Intense Gamma-Ray Flashes of Atmospheric Origin

4-Runaway Breakdown and the Mysteries of Lightning

5-Electron-Positron beams from terrestrial lightning observed with Fermi GBM

6-Thunderclouds Make Gamma Rays—and Shoot Out Antimatter, Too

Show affiliations

كيف تحفز طلابك داخل الصف؟ إليكم 5 استراتيجيات

هذه المقالة هي الجزء 17 من 18 في سلسلة مقدمة في التدريس للبالغين

يمثل التحفيز الدافع الأهم في العملية التعليمية، إذ أنه ما يدفع الطلاب للمشاركة الفعالة في العملية التعليمية بالأساس. إضافةً لكونه عنصر أساسي في بيئة التعلم لدوره في التأثير على التقدم الأكاديمي وصحة الطلاب العقلية والنفسية. وينقسم التحفيز لنوعين: محفزات داخلية، ومحفزات خارجية. [1]

وتعد المحفزات الداخلية طويلة الأمد ومجزية للغاية، ويغذيه اهتمام الطالب الحقيقي بالموضوع. أما عن المحفزات الخارجية فإن لها تأثير أسرع، ولكنه غالبًا ما يكون قصير الأمد، ويكون مدفوعًا بمكافآت خارجية مثل عبارات التشجيع والثناء أو الفوز في المسابقات. [1]

كذلك يختلف نوع المحفزات بين الأطفال والبالغين، فيكون لدى البالغين محفزات داخلية أكثر منها خارجية، وذلك لوعيهم الشديد بأنفسهم وبأهدافهم. كما يميل البالغين لتحمل مسؤولية تقرير مصيرهم[2] . أما عن الأطفال، فالمحفزات عندهم خارجية أكثر، ويتحفزون بعبارات التشجيع أكثر من البالغين. ولكن السؤال هنا، إذا كان التحفيز بكل هذه الأهمية، فكيف تحفز طلابك داخل الصف؟ إليكم 5 استراتيجيات

أهمية التحفيز

تظهر الأبحاث أن الطلاب المتحفزين ينجزون أكتر من أقرانهم، فلديهم مستوى أعلى في المشاركة في الصف، وإنجاز المهام، والحصول على درجات أعلى.

كيف للمعلم أن يعزز من المشاركة والتحفيز في الصف؟

تتعدد استراتيجيات تحفيز الطلاب في إيجابياتها وسلبياتها، فثمة معلمين يوزعون الهدايا العينية منها والكبيرة، ومنهم من يستخدم درجات الطلاب في صالحهم أو لعقابهم، ومنهم من يستخدم لوحات الشرف والمسابقات. ولكن أسرد هنا بعضًا من الاستراتيجيات التي تدمج استخدام المحفزات الداخلية والخارجية، والتي بشأنها أن تجعل من الطلاب أسياد موقفهم في العملية التعليمية لضمان تحفيز حقيقي وواقعي.

حدد الأهداف والـWIFIM

تختصر كلمة WIFIM جملة “?What’s in it for me”، وتترجم: كيف يمكن لهذا أن يفيدني؟ وبمجرد إجابة هذا السؤال، يتزود الطلاب بسبب كافٍ للإنصات في الصف وأداء المهام. كما أن تحديد أهداف الصف يحدد من رؤية الطلاب لأهمية الصف ويتحفزون لإنجاز هذا الهدف. على المعلم كذلك وضع وقتًا لإنجاز الهدف، مثل أن يضع وقتًا لإنهاء مهمة ما. وعليه أن يذكرهم بموعد تسليم هذه المهمة باستمرار. [4] [3] [2]

دعهم يتحملون مسؤولية تعلمهم

يتحفز الطلاب أكثر عند إدراكهم حقيقة أن نتائجهم تعتمد عليهم أكثر من اعتمادها على مجهود المعلم. ويمكن للمعلم مساعدتهم في تحمّل هذه المسؤولية بإفساح المجال لهم في اختيار نوع المهام التي قد يفضلون القيام بها. ومنها، يستطيع المُعلم فهم طلابه بشكل أعمق، إذ يبرز نوع المهام سواء أكانت بصرية، أم سمعية، أم حركية نوع أسلوب التعلم الحسي الذي يميل إليه الطالب، ومن ثم؛ يتثنى للمعلم استخدام نقاط قوة الطلاب في معالجة مواطن الضعف. [3]

أعطِ تغذية راجعة بناءة

على المعلم أن يتوخى الحذر عند إعطاء التعليقات السلبية للطلاب، وبالأخص التعليقات على المهام والاختبارات، إذ يعاني الكثير من الطلاب من الهشاشة النفسية، وتتجلى هذه الهشاشة جليًا عند الإشارة لأي من مواطن الضعف في الطالب. ولذلك فإن السيناريو المُقترح في إعطاء التغذية الراجعة هو عملية الـSandwiching ، موطن قوة + موطن ضعف + موطن قوة. بمعنى أن يقول المعلم النقاط/المهام التي أبلى فيها الطالب بلاءً حسنًا، ثم يذكر مواطن الضعف مصحوبة بآلية العمل عليها ومُذكّرًا إياه بهدفه ونتائجه التي يرغب فيها الطالب، ثم يذكّره مرة أخرى بمهاراته وقدراته. على المعلم كذلك تشجيع الطالب على تقييم أدائه وتحديد أهدافه في التحسين[5] [3].

التغذية الراجعة بطريقة الـ Sandwiching

تواصل وابن بيئة تعلّم إيجابية

بالحديث عن أنماط التفاعل في الصف، يعد التواصل الفعال بين المعلم والطلاب، وبين الطلاب وبعضهم أمرًا في غاية الأهمية. إذ يكسر التواصل الفعال شعور الخوف والقلق من المعلم، وكما ذكرنا في النقطة السابقة، فإن تواصلك مع الطلاب بشأن مجهوداتهم وإنجازاتهم وتقديرك لها يطمئنهم ويشعرون بالتعاطف والتفهم لشعورهم واحتياجاتهم من جانبك. كذلك يتضمن التواصل عمل قناة حوار بين المعلم والطلاب لمعرفة إن كانت هناك مشكلات يواجهونها أو تعرقل تقدمهم؛ ومساعدتهم في وضع حلول لها.

ويعزز التواصل بين الطلاب وبعضهم من المنافسة الشريفة بين الطلاب، ويجعل منهم لبعض دافعًا قويًا للتحسن. وعليه، فمن المهم أن يكون هناك بعضًا من المسابقات والتحديات والألعاب بين الطلاب وبعضهم. إذ أن ذلك يعزز ثقتهم بأنفسهم وبزملائهم، كما ويشجع مفهوم التضامن بين الطلاب وبعضهم لما تتضمنه الألعاب والمسابقات من مهارات بناء الفرق والتعاون لتقليل الفجوات بين أعضاء الفريق وبعضهم.

استخدم مواد تفاعلية

من المفهوم أن هناك موادًا تطبيقية وغيرها جامدة، ولكننا لا نتحدث هنا عن نوع المواد بقدر ما نتحدث عن طريقة تدريس هذه المواد. فاستخدام طرق تدريس إبداعية وتفاعلية مثل الألعاب وتمثيل الأدوار وإثراء المواد بالصور ومقاطع الفيديو التي تغمس الطلاب في المادة أمرًا ضروريًا. كما يُفضّل تجنّب أسلوب المحاضرة، والاتسعاضة عنه والاعتماد بشكل أساسي على المناقشات والمناظرات؛ وذلك لأن هذا الأساليب تعطي للطلاب فرصة التعبير عن أنفسهم بشكل أكثر فصاحة ويعمّق فهمهم للدروس. [4]

ونهايةً، يعتبر التحفيز فنًا معقدًا يتطلب الكثير من الإبداع، والتعاطف، والتفهم لاحتياجات الطلاب واهتماماتهم. ويستطيع المعلم غرس هذا الشعور بتحضير دروس تشجّع الطلاب على المشاركة، بالإضافة إلى استخدام الحكي والقصص والألعاب لجعل الموضوع الذين هم بصدد دراسته شيقًا ومفهومًا. وتذكّر أن لكل طالب شخصية فريدة بمتطلبات وميول مختلفة، ولذلك؛ فمن المهم مراعاة ذلك أثناء تحضير الدرس. وقد يتطلب الأمر بعضًا من التجربة والخطأ، ولكن مع الصبر والمثابرة ستتمكن من بناء بيئة تشاركية فعالة ومحفزة.

المراجع

  1. Unlocking Classroom Motivation: A Comprehensive Guide to Understanding and Nurturing Student Engagement with Peps McCrea
  2. selfdeterminationtheory.org
  3. Tips On How To Motivate Your Students
  4. Motivating Students
  5. The power of feedback
  6. Motivating Students
  7. Classrooms: Goals, structures, and student motivation

تاي زاكس Tay-Sachs: العدو الصامت

في أعماق تفاصيل الوراثة البشرية تنبت قصصٌ حزينة، ترويها أمراض نادرة تتحدى فهمنا وتحرك مشاعرنا. تاي زاكس Tay-Sachs، هو جزء من هذا اللغز الوراثي، يعتبر تحدياً معقداً للعلم وللأسر التي تتأثر به. إنه اضطراب وراثي نادر يغوص في أعماق الجينات، يلتف حول الحمض النووي ليطلق على الحياة رحلة مليئة بالتحديات.

تاي زاكس، والذي يُلقب أحياناً بـ “العدو الصامت”، يتسلل إلى حياة الأطفال الصغار بصمت، يخفي وراء أضواء الجينات الشرارة التي تشعل ألسنة الأمل وتطفئها بسرعة. إنه مرض يأتي بعبء فقدان السمع، والرؤية، والقدرة على الحركة، محولاً حياة الأطفال البريئة إلى معركة شاقة يصعب على العائلات مواجهتها.

لكن بين تلك الظلال المظلمة، يتألق نور الأمل من خلال جهود العلماء والمنظمات الطبية التي تتصارع من أجل فهم هذا العدو الصامت ومحاربته. هذه هي قصة تاي زاكس، حيث تتشابك الجينات والأمل، وتندلع نيران البحث العلمي لإلقاء الضوء على هذا السر المعقد وراء الأمراض الوراثية.

حدوث وسبب المرض:

داي تاي-زاكس Tay-Sachs disease، ويُسمَّى أيضاً بالشُّحام السفينغولِي الطِّفلِي infantile sphingolipidosis، هو اضطرابٌ وراثي نادر، يُسبِّب ضرراً تدريجياً في الجهاز العصبي، وغالباً ما يُفضي إلى الموت.

وهو مرض وراثي نادر تسببه موروثة متنحية Autosomal Recessive في الكروموسوم 15 وتحديدًا في جين هيكسا HEXA gene، حيث تؤدي إلى نقص نشاط إنزيم هيكسورامينيديز (Hexooraminidase) ذو العلاقة بتكسير الجانجليوسايد (gangliosides) المهم في التواصل الخلوي وعدم تكسيره يقود إلى تراكمه بالخلايا العصبية والاضرار بها. [1]

الدماغ والنخاع الشوكي
الخلية العصبية

وراثة المرض:

كم ا ذكرنا سابقًا، فوراثة مرض تاي زاكس تتبع نمط وراثي معين يعرف بالوراثة المتنحية المتنحية السائدة. يعني ذلك أن الجين المسؤول عن المرض يوجد على الزوج الهجين (أو الزوج المختلط) في الحالة التي تؤدي إلى الإصابة بالمرض – أي كروموسوم 15.

أمراض أخرى متنحية: الفينيل كيتونوريا Phenlkenonuria

ولكي يُصاب الطفلُ بداء تاي-زاكس، لابدَّ أن يكون كلا والديه حاملاً لتلك الطفرة الوراثية Carri، وعندها يكون احتمالُ إصابة الطفل 25 في المائة (في كل حمل). [2][1]

الأعراض:

غالباً ما تبدأ أعراضُ المرض قبلَ أن يبلغ الطفلُ عمرَ ستَّة أشهر، حيث يتباطأ النمو لديه تدريجياً إلى أن يفقدَ قدرته على الحركة تماماً.

تشتمل الأعراضُ المبكِّرة للمرض على إجفال مفرط لدى الطفل عندَ سماع ضجيج مفاجئ، بالإضافة إلى ظهور نقاط أو بقع حمراء قُرب وسط العينين.

بعدَ ذلك، تظهر عندَ الطفل مشاكل أخرى، مثل الضعف العضلي وفقدان الرؤية وفقدان السمع والنوبات الصرعية.

ويموت مُعظمُ الأطفال المصابين بالحالة قبلَ بلوغهم عمر أربع سنوات. [1]

تنويه:

وهذا المرض يظهر لدى مجموعات عرقية أكثر من غيرها ومنهم

  • يهود الاشكيناز.
  • الكاجون: وهم جماعة عرقية تعيش في لويزيانا في الولايات المتحدة وهم ذوو أصول كندية – فرنسية.
  • فرنيسو كندا.
يهود الاشكيناز

التشخيص:

تفيد اختبارات ما قبل الولادة، مثل عينة الزغابات المشيمية (CVS)، وبزل السائل الأمنيوسي، في تشخيص مرض تاي ساكس. تُجرى هذه الاختبارات في حال كان أحد الزوجين حاملًا للمرض أو مشتبهًا بذلك.

تُجرى عينة الزغابات المشيمية بين الأسبوع العاشر، والثالث عشر من الحمل، وتتضمن أخذ عينة من خلايا المشيمة عبر المهبل أو البطن.

يُجرى بزل السائل السلوي Amniotic Fluid بين الأسبوع الخامس عشر والعشرين من الحمل، ويتضمن أخذ عينة من السائل المحيط بالجنين باستخدام إبرة عبر بطن المرأة الحامل.

وفي حال أظهر الطفل أعراض الإصابة بـِ تاي ساكس، فيجب على الطبيب أن يقوم بالفحص السريري، ويتحرى التاريخ العائلي.

يمكن بعد ذلك طلب فحص الدم، حيث يتحقق هذا اختبار من مستويات أحد الإنزيمات التي تسمى هيكسوسامينيداز hexosaminidase في دم الطفل. تكون المستويات منخفضة أو غير موجودة في داء تاي ساكس. [2][1]

علاج تاي زاكس:

لا يتوفَّر حتى الآن أيُّ علاج لداء تاي-زاكس، وتهدف الأدويةُ التي تُعطى للطفل إلى تسكين الأعراض قدر الإمكان.

وتتضمن المعالجة:

  •  مسكنات ألم
  •  الأدوية المضادة للصرع للتحكم بالاختلاجات
  •  علاج فيزيائي
  •  الدعم تغذوي
  •  علاج المشاكل التنفسية
  •  الدعم العاطفي للأسرة مهم أيضًا، فقد تساعد مجموعات الدعم على التأقلم. [1]

دراسات وأبحاث حول مرض تاي زاكس:

 العلاج ببدائل الإنزيم:

نظرًا لأن تاي زاكس ناتج عن نقص إنزيم «Hex-A» ، فيسعى هذا العلاج إلى استبداله. إنه خيار غير فعّال حتى اللحظة بسبب الاختلاطات الحاصلة.

 العلاج الداعم للإنزيم:

يستخدم هذا العلاج جزيئات تثبّت الإنزيم، وتزيد فعاليته. هناك حاجة لمزيد من البحث فيما يخص هذا العلاج.

 العلاج الجيني:

قد تؤدي إضافة معلومات جينية جديدة إلى الخلايا إلى تصحيح عيب الإنزيم المسبب لداء تاي ساكس. وقد وافقت إدارة الغذاء والدواء «FDA» مؤخرًا على التجارب السريرية لدراسة سلامة وفعالية العلاج الجيني. لم يُعرف للآن مدى أمان وفعالية هذا العلاج مع الوقت.

 زراعة الخلايا الجذعية:

يعتمد هذا العلاج على زرع خلايا نقي العظم لتوفير الإنزيم المفقود. لقد وجدت الدراسات فوائد على الحيوانات، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من الاستقصاء بالنسبة للبشر. [4][3]

الوقاية من المرض:

نظرًا لأن تاي زاكس متوارث، فلا توجد طريقة لمنعه إلا بالتحري عنه قبل حدوثه؛ أي قبل تكوين أسرة، يجب على الوالدين إجراء اختبار جيني لمعرفة ما إذا كانا حاملين للمرض. هذا الأهم بالنسبة الأشخاص ذوي نسبة الخطورة العليا، مثل اليهود الأشكناز أو الذين لديهم تاريخ عائلي لمرض تاي ساكس. لذا عندما بدأ البحث عن حاملي تاي زاكس في السبعينيات، قلل ذلك عدد اليهود الأشكناز المولودين مع المرض في الولايات المتحدة، وكندا بأكثر من 90%. [1]

أمراض أخرى:

مرض التصلب الجانبي الضموري

مرض هنتغنتون

المراجع والمصادر:

1- medlineplus

2- OMIM

3- Frontiers

4- Nature

Exit mobile version