إدارة وتنظيم مخاطر وقت التعرض للشاشات الإلكترونية

في عالمنا الرقمي؛ حيث تسيطر الشاشات على حياتنا اليومية، أصبح إيجاد التوازن بين مزايا التكنولوجيا وعيوبها جانبا هاما لرفاهيتنا. نحن نعيش في عالم مليء بإشعارات متواصلة ومحتوى جذاب واتصال مستمر، لذلك أصبحت القدرة على إدارة وتنظيم وقت الشاشة مهارة ضرورية للحفاظ على التركيز والإنتاجية والصحة النفسية.

أنواع التفاعل مع وقت الشاشة

  • التفاعل السلبي: مثل مشاهدة البرامج الترفيهية وممارسة الألعاب على الهواتف الذكية.
  • التفاعل الإبداعي: مثل مشاهدة البرامج التعليمية والمشاركة في الأنشطة التحفيزية المعرفية المصممة للتعلم والإبداع وتطوير المهارات.
  • التفاعل النشط: مثل ممارسة الألعاب عن طريق التطبيقات أو ألعاب الفيديو التي تتطلب حركة الجسم.
  • التفاعل التواصلي: عن طريق التواصل مع الناس من خلال مواقع التواصل الاجتماعي أو الرسائل أو محادثات الفيديو. 

التفاعل السلبي هو سبب اهتمام الجمعية الأمريكية للأطفال وغيرها بتقييد وقت الشاشة. [3]

تأثير التعرض للشاشات

تتأثر الاستفادة بالوقت تدريجيا بوجود أجهزة الشاشات في حياة الناس اليومية. هناك أنواع مختلفة من الأجهزة مثل التلفزيون والكمبيوتر والهواتف الذكية والكمبيوتر اللوحي. لهذه الأجهزة قوة جذب تجعل الناس يقبلون على استخدامها. وهناك العديد من المهام التي تتم عن طريق تلك الأجهزة مثل العمل والتعليم والتدريب والتواصل الاجتماعي. لكن الاستخدام الزائد للأجهزة يسبب العديد من المشاكل خاصة عند الأطفال وصغار السن من عمر 12 حتى 18 عاما وكذلك الطلاب الجامعيين. [1]

يؤدي التعرض الزائد للشاشات إلى نمط الحياة الخاملة الذي يُعد عاملا مساهما بارزا في التأثيرات العكسية على الصحة الجسدية والنفسية في الأطفال والشباب. [2] ويعرف نمط الحياة الخاملة بأنه نقص النشاط البدني، ويشتمل على بعض السلوكيات مثل مشاهدة التلفاز وقيادة السيارة والعمل على الكمبيوتر والهواتف الذكية والكمبيوتر اللوحي وممارسة ألعاب الفيديو. [2] بالإضافة إلى ذلك يؤثر التعرض الزائد للشاشات على الصحة النفسية والحياة الاجتماعية.

التأثير على الصحة الجسدية

يؤدي التعرض الزائد للشاشات إلى بعض العواقب خاصة في الأطفال والمراهقين. إذ تزداد نسبة السمنة ومرض السكري النوع الثاني وأمراض القلب. [2] وقد سجلت الدراسات علاقة بين مشاهدة الأطفال للتلفاز وزيادة معدل استهلاك الطعام بعد مشاهدة إعلانات الأطعمة والمأكولات خاصة في الأطفال المعرضين لزيادة الوزن. [2]

يؤثر التعرض للشاشات على النوم أيضا؛ فيؤدي إلى خلل في النوم. غالبا ما يكون بسبب بقاء الشخص متفاعلا مع الأجهزة لوقت متأخر، كما يؤثر على جودة النوم. [5] ينتج الجسم  ليلا مادة الميلاتونين التي تساعد على النوم، ولكن تقلل أضواء الشاشات إنتاج الميلاتونين مما يجعلك تظل مستيقظا. [5]

للنوم أهمية بالغة خاصة للمراهقين، فالنوم لفترات قصيرة يضعف جهاز المناعة مما يجعل من السهل الإصابة بالأمراض. ويؤثر أيضا على القدرة على التركيز والتعلم والتذكر. [5]

التأثير على الصحة النفسية

يؤثر كل من التصفح والمراسلة المستمرين على الصحة النفسية، ووُجد علاقة بين التعرض الزائد للشاشات وزيادة معدل الأعراض الاكتئابية. كما وُجد علاقة أيضا بإهمال المراهقين لمسؤولياتهم والميل إلى استعمال الشاشات للتعامل مع التوتر والشعور بالقلق عند تركها. [5]

يتأثر الشباب أيضا ويزيد إحساسهم بالضغط والقلق الاجتماعي المتعلق بكيفية تفاعل أصدقائهم على شبكة الإنترنت مع منشوراتهم. في بعض الأحيان يجدون أنفسهم في حالة انزعاج واكتئاب ونقص احترام الذات. [1]

يمكن أن يؤثر التعرض الزائد للشاشات على المخ، فالقشرة الدماغية وهي الطبقة الخارجية للمخ وتكون مسؤولة عن معالجة المعلومات. وتتطور القشرة المخية بصورة كبيرة في مرحلة المراهقة، لكن التعرض للشاشات يؤثر على نموها. [5]

في دراسة عن التطور الإدراكي والمعرفي لدماغ المراهقين؛ وُجد أن بعض الأطفال الذين تعرضوا للشاشات أكثر من 7 ساعات يوميا كانت قشرة المخ لديهم أرق منها عند الأطفال الذين تعرضوا للشاشات لمدة زمنية أقل. [5] كما وجدت أدلة على حدوث اضطراب فرط الحركة واضطرابات التركيز والتشتت عند الأطفال. [5]

التأثير على الحياة الاجتماعية

هناك بعض الآثار السلبية للتعرض الزائد للشاشات على الحياة الاجتماعية، إذ يشعر الشباب صغار السن بصعوبة في التواجد مع العائلة والأصدقاء. وتعد العائلة داعما أساسيا لنمو وتطور مهارات التواصل للشباب والتي يمكن أن يهددها التعرض للشاشات. [1]

يعاني أيضا الأطفال والمراهقون من أحداث الحياة السلبية مثل النزاعات بين الأشخاص والنزاعات الأسرية والانفصال عن الوالدين والضغط الأكاديمي «هو الضغط النفسي الناتج عن متطلبات الدراسة». [6] وقد يعاني هؤلاء الأطفال والمراهقون من زيادة نشاط المحور الأدريناليني النخامي الوطائي مما يؤثر على نمو وتطور الدماغ. [6]

تزيد أحداث الحياة السلبية من احتمالية حدوث اضطرابات القلق والاكتئاب واضطرابات السلوك والأفكار الانتحارية بين الأطفال والمراهقين. [2] كما وجدت بعض الدراسات أن وجود أحداث الحياة السلبية خلال فترة الطفولة والمراهقة قد تؤدي إلى حدوث اضطرابات نفسية بعد البلوغ. [2]

فوائد التعرض للشاشات

مع تطور أجهزة الشاشات المختلفة؛ تغيرت الطرق التي يتعامل بها الناس مع الشاشات. ولم تعد مقتصرة على مشاهدة التلفاز وممارسة ألعاب الفيديو. أصبح غالبية الناس حول العالم مشتركين في مواقع التواصل الاجتماعي مما يتيح الفرص للاندماج مع الناس وتحسين العلاقات واستكشاف فرص للتعبير عن النفس مع الآخرين.

وقد أصدرت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بيانا أظهر أن وقت التعرض للشاشات يمكن أن يستخدم لتحسين الدعم والترابط الاجتماعي والمشاركة الاجتماعية والعمل المدني. [4] كما يمكن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الإعلام الصحي ومساعدة الناس الذين يبحثون عن معلومات صحية متعلقة بمرض محدد أو من يبحثون عن مجتمعات ترحيبية ودعم اجتماعي. [4] بالإضافة إلى ذلك فإن غالبية البالغين أصبحوا يحصلون على الأخبار عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة مثل فيسبوك.

هناك أيضا بعض الفوائد لممارسة ألعاب الفيديو كالألعاب التي تعتمد على مهارة الرماية، فتساعد هذه الألعاب في تحسين المعالجة البصرية والتركيز والمعالجة المكانية، كما أن العديد من الألعاب تحسن من مهارات حل المشكلات ومهارات الإبداع والابتكار. [4] ولألعاب الفيديو بعض الفوائد الاجتماعية؛ إذ تساعد في بناء المهارات الاجتماعية ومهارات العمل الجماعي لتحقيق أهداف اللعبة والمشاركة في اتخاذ القرارات الأخلاقية والسلوكيات المؤيدة للمجتمع والمشاركة المدنية. [4] وتساعد أيضا البرامج التعليمية على توسيع مدارك الأطفال عن طريق التأثير على توجهاتهم وتخيلاتهم.

أظهرت الأبحاث أن السياق الذي يتعامل به الشباب مع الإنترنت يؤثر على الصحة النفسية بطريقة مختلفة. على سبيل المثال فإن الشباب الذين أدركوا أن جودة صداقاتهم منخفضة؛ استخدموا الإنترنت للتواصل مما قلل من حدوث الاكتئاب ومشكلات الاندماج. [4]

إدارة وتنظيم وقت الشاشة

نتيجة لأثر الأجهزة الرقمية والشاشات في حياتنا؛ فإننا نحتاج أن نطور مهارات التعامل مع وقت الشاشة وكيفية تنظيمه في حياتنا اليومية. خاصة الأطفال والمراهقين لتحقيق التوازن الشخصي والاجتماعي.

تنظيم وقت الشاشة للأطفال والمراهقين

تقترح الأبحاث أنه بدلا من الاهتمام بكم الوقت الذي يقضيه الأطفال في التعرض للشاشات؛ فالأفضل أن نهتم بمحتوى وإطار التعرض للشاشات، على سبيل المثال؛ هل يشجع المحتوى على التعلم المتناسب مع العمر؟ وهل يشارك الآباء أطفالهم وقت التعرض للشاشة؟ سيكون من المفيد أن نفكر في نوع التفاعل مع الشاشات إذا كان سلبي أو إبداعي أو نشط أو تواصلي.

يقترح الباحثون على الآباء الاهتمام بثلاث نقاط هي الطفل والمحتوى والإطار. [3]

  • الطفل: ما هو عمر الطفل؟ هل لديه اهتمامات خاصة؟ ما هو مدى انتباهه؟ وما هي العوامل الأخرى مثل القدرات والمهارات والحالة المزاجية التي يمكن أن تؤثر على وقت التعرض للشاشة؟.
  • المحتوى: هل يساعد المحتوى على إشراك الطفل بطرق هادفة ونشطة؟ هل المواضيع والمواد مناسبة لعمر الطفل؟ هل المحتوى منسجم مع حياة الطفل الواقعية؟.
  • الإطار: هل يكون الطفل بمفرده أم مع شخص بالغ عند اللعب على جهاز الهاتف أو مشاهدته؟ هل يجيب شخص بالغ على أسئلة الطفل ويساعده على فهم وتطبيق ما يراه على الشاشة؟.

كما يوصى ببعض النقاط الهامة لتقييم المحتوى وهي الجذب والمشاركة النشطة والهدف والاجتماعية. [3]

  • الجذب: هل المحتوى جذاب وممتع للأطفال ويركز على تعليم فكرة أو مهارة معينة؟
  • المشاركة النشطة: هل المحتوى يوفر للطفل تفاعل مع أنشطة عن طريق الطلب منه أن يستجيب لشيء جديد أو عمل شيء يتحدى العقل؟
  • الهدف: هل المحتوى معروض في إطار منسجم مع حياة الطفل ويهدف لمساعدته في التعلم عن طريق ربط معلومات جديدة بأخرى مألوفة؟
  • الاجتماعية: هل هناك فرص للأطفال في سن الدراسة لمشاركة أصدقائهم أو ممارسة ألعاب تعليمية عبر الإنترنت؟ وهل هناك فرص للآباء لمشاركة أبنائهم والتحدث معهم؟

طرق مساعدة في تنظيم وقت الشاشة للأطفال والمراهقين

هناك بعض الإرشادات للآباء للمساعدة في تنظيم وقت الشاشة للأبناء وهي:

  • التحدث مع الأطفال عن أسباب الحاجة لتنظيم وقت تعرضهم للشاشات وأهمية وضع حدود لوقت الشاشة. كما يمكن مشاركة معلومات عن التأثيرات السلبية لوقت الشاشة لمعرفة سبب وضع حدود وقت الشاشة. فالأطفال يتبعون التوجيهات بصورة أفضل عند فهمهم الأسباب. [3]
  • جعل أوقات ومناطق معينة في المنزل بدون تكنولوجيا. مثل جعل منطقة تناول الطعام ووقت تناول الطعام بدون تكنولوجيا. مما يساعد الآباء والأطفال على التواجد مع بعضهم ومشاركة المحادثات. كما يساعد وجود مسافة صحية مع التكنولوجيا والشاشات على توفير الراحة المطلوبة لكل أفراد العائلة. [3]
  • وضع حد لوقت الشاشة للأطفال. تختلف حدود وقت الشاشة خلال أيام الأسبوع وعطلات نهاية الأسبوع والإجازات وتعتمد على جدول العائلة وعمر الأطفال واحتياجاتهم. شارك الطفل في هذا القرار وتناقش مع قبل وضع الحدود. [3]
  • تحديد وقت مستقطع من الشاشات لمساعدة الطفل على الالتزام بروتين يومي. وضع قواعد مثل “لا وقت للشاشات بعد الساعة الثامنة مساءا” أو “قبل النوم بساعة” سوف يحفز الطفل على الالتزام بجدول مسائي. وكذلك القراءة للطفل قبل النوم تساعد على تحسين النوم على عكس التعرض للشاشات قبل النوم الذي يرتبط بضعف جودة النوم. [3]
  • وجه طفلك نحو أنواع الوسائط التي يمكن أن يتفاعل معها الطفل بصورة نشطة. راقب المحتوى الذي يتعرضون له وشجعهم على اختيار المحتوى باستقلالية وحكمة. [3]
  • استخدام التكنولوجيا لمساعدة الآباء. مثل برامج المراقبة الأبوية والتصفح الآمن لمراقبة المحتوى الذي يراه الأطفال. كما تنتج الهواتف الذكية تقارير الاستخدام التي تساعد الآباء في مراقبة وقت الشاشة. ويمكن أيضا التحكم في اتصال الأطفال بشبكة الواي فاي وكذلك استخدامهم للتكنولوجيا خلال ساعات محددة. وعند تعرض الطفل للشاشات ليلا؛ يمكن استخدام إعدادات الهاتف الذكي لتجنب الأضواء الزرقاء التي تؤثر على النوم. [3]
  • ينبغي العلم بأن الأطفال قد يستعملون جهاز الكمبيوتر للتحايل على القيود على التلفاز. لذلك يجب أن يراقب الآباء استخدام أجهزة الكمبيوتر ووضع الكمبيوتر العائلي في منطقة وسط المنزل قد يساعد في ذلك. [3]
  • يمكن للأطفال أن يجدوا طرقا للتحايل على القيود على الشاشات في المنزل عن طريق استخدام الشاشات خارج المنزل مثل منازل أصدقائهم. لذلك من الأفضل الاتفاق مع آباء أصدقائهم بخصوص وقت الشاشة. [3]
  • اختيار أنشطة الشاشة التي تشجع على الحركة مثل بعض الألعاب. [3]
  • وعي الآباء بوقت الشاشة الخاص بهم واستخدامهم للشاشات أمام الأطفال، فالآباء هم أهم قدوة للأطفال. كما يجب تقليل الوقت السلبي للشاشات، إذا كان مسموح للطفل بساعة واحدة لاستخدام الشاشات؛ يجب على الآباء مواكبة ذلك. في حالة العمل عن بعد عن طريق الشاشات أو الحاجة إلى الرد على الرسائل الإلكترونية بعد العمل؛ ينبغي التحدث مع الأطفال وتوضيح الفرق بين وقت الشاشة الاضطراري والاختياري. [3]
  • أخذ أوقات استراحة عائلية أو رحلات خالية من الشاشات. [3]

نصائح خاصة بالأطفال في عمر 3 سنوات فأقل

  • مشاركة الطفل وقت الشاشة، والتحدث معهم عما يشاهدون والسؤال عن قصة أو شخصيات البرنامج أو اللعبة وكذلك عما اكتشفوه وتعلموه. إذ يساعد الأطفال في فهم ما يشاهدونه والتعلم منه وتطوير المهارات اللغوية لديهم. [3]
  • تجنب الوسائط الخلفية: إغلاق التلفاز أثناء لعب الطفل والروتين اليومي مثل وقت تناول الطعام. والاحتفاظ بوقت مشاهدة برامج البالغين عندما لا يكون الأطفال متواجدين. [3]
  • إزالة الشاشات من غرف النوم: التعرض للشاشات قبل النوم يؤدي إلى صعوبة نوم الطفل أو استمتاعه بنوم مريح. من الأفضل قراءة قصة أو الغناء واحتضان الطفل لمساعدته على النوم. [3]
  • تحديد وقت معين للشاشات وتوفير وقت تفاعلي في العالم الواقعي. [3]
  • التأكد أن المحتوى مناسب لعمر الطفل. [3]

تنظيم وقت الشاشة للبالغين

  • استخدام التطبيقات الخاصة بالرفاهية الرقمية لمتابعة وقت الشاشة ووضع حدود له. [5]
  • غلق جميع الشاشات من 30 دقيقة إلى ساعة قبل النوم، سيساعد على النوم بسهولة والشعور بالراحة في الصباح. [5]
  • تنظيم الوقت للقيام بأعمال بعيدة عن الهاتف والشاشات الأخرى مثل التنزه خارج المنزل أو ممارسة هواية جديدة أو الخروج وقضاء الوقت مع الأصدقاء. [5]
  • ممارسة الرياضة، إذ تساعد في تحسين الصحة الجسدية والنفسية. [5]

تجاوزت التكنولوجيا الحديثة كل توقعات النجاح وأصبحت من ثوابت حياتنا اليومية وتؤثر علينا بطرق مختلفة. لذلك ينبغي معرفة منافع ومخاطر استخدام التكنولوجيا.

يمكن أن تساعدنا التكنولوجيا لتصبح حياتنا أسهل لذلك من الأفضل أن تصبح الشاشات جزء من حياتنا وليس الجزء الرئيسي حتى لا نتحول إلى “سجناء للشاشات”. 

المصادر

  1. Managing Screen Time in an Online Society
  2. Screen Time and Health Indicators Among Children and Youth: Current Evidence, Limitations and Future Directions
  3. Helping fathers manage their children’s screen time 
  4. The Ubiquity of the Screen: An Overview of the Risks and Benefits of Screen Time in Our Modern World
  5. Can Too Much Screen Time Harm You
  6. Associations between screen time, negative life events, and emotional and behavioral problems among Chinese children and adolescents

الرفاهية الرقمية في عالم مدفوع بالتكنولوجيا

نجحت التكنولوجيا والخبرات التي أتاحتها في تشكيل مجتمعنا بطرق متعددة. ويمكن أن يُنظر لهذه القدرة على التشكيل بالإيجاب أو بالسلب في نظر المستخدمين وبيئتهم. فمؤخرا؛ وُجِهت العديد من الانتقادات لصناعة التكنولوجيا نظرا للنتائج السلبية التي يمكن أن انعكست على البعض.

في وسائل الإعلام؛ أبرزت العناوين بعض التأثيرات الضارة للتكنولوجيا على عافيتنا وعلاقاتنا والديموقراطية والخصوصية. وهناك العديد من المخاوف التي تتسلل إلى تفكير المستهلك تجاه التكنولوجيا. [4]

وإيمانًا منا بقوة التكنولوجيا؛ نرى أننا يجب علينا مناقشة ما يجب فعله حينما تدور حياتنا حول الأجهزة الذكية حتى أصبحت تشكل تهديدا، وهو ما سنناقشه في تلك المقالة. إذ تنحصر إجابتنا في مصطلح الرفاهية الرقمية، فما هي؟

"من الواضح أنه يمكن للتكنولوجيا أن تكون قوة إيجابية، ولكن من الواضح أيضا أننا لا يمكننا الوقوف منبهرين فقط أمام الابتكارات التي تنتجها التكنولوجيا. فهناك أسئلة حقيقية وهامة عن أثر هذا التقدم والدور الذي سيلعبه في حياتنا. لذلك نعلم أن الطريق للأمام يجب أن يُوَجَه بحرص وتأنّ. ونشعر بإحساس عميق بالمسؤولية للقيام بهذا بصورة صحيحة.”

«سوندار بيتشاي-Sundar Pichai» المدير التنفيذي لشركة جوجل. [2]

ما هي الرفاهية الرقمية؟

يعود مصطلح “الرفاهية الرقمية” إلى تأثير التقنيات الرقمية على ما يعنيه أن نعيش حياة جيدة للبشر في مجتمع المعلومات. [1] وتهدف الرفاهية الرقمية إلى حياة صحية منظمة تتفادى السلوكيات غير العقلانية، كما تهدف إلى زيادة الإنتاجية والكفاءة. تُقدَم الرفاهية الرقمية كوسيلة لإعطاء المستخدمين الأدوات اللازمة لاستعادة التحرر من التكنولوجيا والعيش بحرية وأمان في العالم الرقمي. [2]

إن الانتشار السريع للتقنيات الرقمية واستهلاك المجتمع لها قد غيَّر علاقاتنا بأنفسنا وبعضنا البعض وبيئتنا. لذلك؛ أصبحت الرفاهية الفردية والمجتمعية مرتبطة بحالة بيئتنا المعلوماتية والتقنيات الرقمية وتفاعلاتنا معها. مما يَطرح أسئلة أخلاقية مُلحَّة حول تأثير التقنيات الرقمية على رفاهيتنا، والتي وردت في تقرير للأكاديمية البريطانية «British Academy» والجمعية الملكية «Royal Society»، حيث جعل تعزيز ازدهار الإنسان هو المبدأ الرئيسي لتطوير أنظمة التحكم في المعلومات. [1]

هناك أيضا العديد من التقارير التي ذكرت أن التقنيات الرقمية ستبشر بعصر جديد من الإنتاجية المتزايدة. وستساعد في تقليل التفاوت الاجتماعي عن طريق إتاحة الوصول إلى خدمات تُعد مكلفة في الوقت الحالي مثل خدمات الرعاية الصحية. كما ركزت بعض التقارير الأخرى على كيفية استخدام التقنيات الرقمية في تعزيز الرفاهية ودعم القوى البشرية عن طريق رفع القدرات العقلية بالعلوم المعرفية والسلوكية الخاصة بتحفيز الإنسان. [1]

وعلى صعيد آخر؛ فهناك أضرار تحدث عندما يفقد الناس السيطرة على استخدامهم للأجهزة الرقمية لتصبح جزء طبيعي من حياتهم اليومية. فالطريقة التي نستخدم بها الأجهزة الرقمية يمكن أن تشكل تهديدا على وجودنا. على سبيل المثال؛ تستحوذ الهواتف الذكية على أيدينا وعيوننا، فالنظر إلى الشاشات يجعل من الصعب التركيز مع ما يحيط بنا. [2] وهنا يأتي دور الرفاهية الرقمية إذ تساعد الأفراد في إيجاد التوازن، ورفع الوعي تجاه السلوكيات الناتجة عن استخدام التكنولوجيا.

المجالات الاجتماعية للرفاهية الرقمية

هناك العديد من المجالات التي تستخدم فيها التكنولوجيا بصورة كبيرة، لذلك أصبح من المهم تطبيق الرفاهية الرقمية في تلك المجالات. مثل: الرعاية الصحية والتعليم والتوظيف والحوكمة والتنمية الاجتماعية والإعلام والترفيه. [1]

الرفاهية الرقمية والرعاية الصحية

تعد كل من الصحة الجسدية والصحة النفسية محاور أساسية لرفاهية الأفراد،كما أن توفيرها هام لتحقيق الرفاهية الاجتماعية. تركّز الأبحاث التي تتطرق إلى تأثير ودور التقنيات الرقمية في مجال الصحة والرعاية الصحية على عدة أفكار رئيسية مثل: تأثير التكنولوجيا على مفهومنا عن الصحة والرعاية الصحية. كما تهتم بالتحديات الأخلاقية مثل خصوصية المعلومات واستقلالية المريض. ذلك بالإضافة إلى بعض المخاوف الخاصة بالتقنيات الحديثة مثل الروبوتات والذكاء الاصطناعي التي تتضمن بعض الأسئلة مثل من المسؤول عن الرعاية الصحية؟ وكيف نضمن معقولية القرارات الآلية؟ وكيف نضمن فرص متساوية للحصول على خدمات الرعاية الصحية الرقمية؟

تُعرَّف الرفاهية في مجال الرعاية الصحية بأنها جودة حياة الفرد، وكيف يمكن أن تؤثر عليها التكنولوجيا. ويتسع المصطلح أحيانا ليشمل ما هو أكثر من الصحة الجسدية والنفسية للفرد مثل زيادة أمان البيئة المنزلية، وجودة الأوضاع الصحية، والتلاحم الاجتماعي للأفراد. [1]

ستستمر التقنيات الرقمية في تشكيل التطور في الأبحاث والممارسة الطبية في المستقبل القريب. على سبيل المثال؛ تتيح الابتكارات في التكنولوجيا الصحية تدفقات جديدة من المعلومات التي تستطيع أن تحسن من قدرات المريض وتخفف من المشاكل مثل عدم الالتزام بالدواء. بالإضافة إلى تقنيات التعلم الآلي التي تقدم طرق موثوقة وفعالة في تشخيص الأمراض مثل ألزهايمر. كما توفر التطورات في تكنولوجيا الواقع الافتراضي والواقع المعزز و أجهزة الربط بين الدماغ والكمبيوتر طرق بحث جديدة في مجال إعادة التأهيل البدني، كما توفر طرق علاج جديدة للعلاج السلوكي المعرفي. [1]

مجال التعليم والتوظيف

بينما يمكن الفصل بين القضايا الأخلاقية المتعلقة باستخدام التقنيات الرقمية في مجال التعليم ومجال التوظيف. إذ يطرح استخدام الذكاء الاصطناعي في المدارس في مراقبة وتشكيل سلوك الأطفال مخاوف أخلاقية مختلفة عن المخاوف الناتجة عن استخدام الذكاء الاصطناعي في مراقبة وتشكيل سلوك الموظفين البالغين. [1]

لكن هناك بعض الأسباب التي تجعل من الأفضل التعامل مع مجالي التعليم والتوظيف كأجزاء موحدة لمجال واحد. أولاً؛إن استخدام أجهزة المراقبة والإشراف الإلكترونية بهدف الإنتاجية والرفاهية يُطبق في الفصول الدراسية وأماكن العمل مما قد ينتج عنه مخاوف بخصوص الصحة النفسية مثل خطر زيادة التوتر والقلق. ثانيا؛ تغير التطورات التكنولوجية من طبيعة العمل مما يتطلب تغييرا في المناهج التعليمية لتركز أكثر على الثقافة الرقمية وكذلك يتطلب من الموظفين التأقلم المستمر مع التغير التقني بتعلم مهارات جديدة أو تحسين المهارات التي لديهم. [1]

ورد في تقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي عن مستقبل الوظائف كيف أن برامج التشغيل التكنولوجية مثل الإنترنت عالي السرعة والذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات والحوسبة السحابية «تأجير وحدات تخزين بيانات عبر الإنترنت» ستغير أسواق العمل العالمية. تعتمد فرص الازدهار الاقتصادي والتطور المجتمعي والتقدم الفردي على قدرة أصحاب المصالح على القيام بإصلاحات في أنظمة التعليم والتدريب وسياسات سوق العمل وطرق تنمية المهارات وترتيبات العمل والعقود الاجتماعية. [1]

كما توضح العديد من التقارير مدى تأثير تنوع التقنيات الرقمية مثل تكنولوجيا الواقع الافتراضي والواقع المعزز. ويمكن لتلك التقنيات أن تحسن التعلم الدائم وتحقيق الذات والانفتاح على الفرص الجديدة. وهناك بعض الدراسات التي وضحت كيف تلاحظ الهواتف الذكية الحالة المزاجية للطلاب، وكيف تساعد في تقليل عبء العمل عن طريق رفع الوعي بالإجهاد والاضطراب العاطفي الناتج عن العمل. [1]

مجال الحوكمة والتنمية الاجتماعية

أصبحت العديد من الحكومات تهتم بعلوم الرفاهية وتأثيرها على السياسة. لذلك ازداد الاهتمام باستخدام التقنيات الرقمية مثل البيانات الضخمة والتعلم الآلي للمساعدة في مراقبة المؤشرات الوطنية للرفاهية وتطوير مدن ذكية تساعد في تنمية الرفاهية الاجتماعية.

إن تطوير مدن ذكية يعد عامل هام في تحسين الأوضاع غير البيولوجية والبيئية والاجتماعية التي تشكل رفاهية المواطن. ويمكن أن يمتد إلى الرعاية الصحية عن طريق إيجاد تيارات بيانات إضافية تنعكس بصورة أكثر دقة على الطبيعة متعددة الأبعاد للصحة والرفاهية. [1]

دور الرفاهية الرقمية في الإعلام والترفيه 

إن التقنيات الرقمية المرتبطة بوسائل الإعلام والترفيه تقدم فرص جديدة لتحسين الرفاهية. فتكنولوجيا الواقع الافتراضي والواقع المعزز قد تساعد في زيادة الوصول للموارد العامة مثل المعارض الفنية والمتاحف. إضافة لذلك الألعاب عبر الإنترنت التي تساعد في فهم الذات والرفاهية النفسية عن طريق توفير فرص للاعبين للمشاركة في نماذج قصصية مختلفة للتعبير عن الذات عن طريق صورهم في الألعاب. [1]

كما تعد وسائل التواصل الاجتماعي من أهم المؤثرات على الرفاهية الفردية والاجتماعية. إذ تساعد الأفراد في فهم أفضل لحدود رفاهيتهم النفسية وتنمية مهارات تقرير مصيرهم من خلال إعدادات الإنترنت بطريقة تشبه ما يحدث في الألعاب عبر الإنترنت.

كما تساعد وسائل التواصل الاجتماعي مقدمي الرعاية غير الرسميين مثل آباء الأطفال المصابين بالتوحد، على تحسين شعورهم بالانتماء الاجتماعي. كما تمدهم بمعلومات متعلقة بظروفهم. ويمكن أيضا أن تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بهدف توكيد الذات عن طريق الآراء الاجتماعية الداعمة لهم خاصة عند التعرض لمواقف سلبية. [1]

وفي الختام إذا كانت بعض أوجه التكنولوجيا تشكل تهديدا على رفاهيتنا واستقلاليتنا، فهناك أوجه أخرى تستطيع أن تحسن منهما أيضا. فلا نعني بالرفاهية الرقمية الانفصال عن التكنولوجيا ولكن نعني ضبطها وتنظيمها بما يتناسب مع حاجات البشر. [2]

المصادر

The Ethics of Digital Well-Being: A Thematic Review

2- Digital wellbeing, according to Google

3- Time spent on digital devices and sadness: The mediating outcome of boredom

4- When the Good Turns Ugly: Speculating Next Steps for Digital Wellbeing Tools

الاحتراق النفسي، مرض المجتمع الحديث

أشعر بالضغط والإجهاد، لقد نفذت طاقتي، أود أن أكف عن فعل أي شيء إلخ… عادة ما نستمع لمثل تلك الشكاوى عندما نتطرق للحديث عن العمل أو الدراسة. وأصبحت تلك الجمل هي الأكثر رواجًا في المجتمع الحديث، فهل هي مجرد مقولات يومية معتادة، أم هي أعذار لضعف الأداء الوظيفي. ربما هي أعراض مرضية لما يعرف بـ “متلازمة الاحتراق النفسي”.

ما هو الاحتراق النفسي؟

ظهر مصطلح ⟪الاحتراق النفسي-Burnout⟫ لأول مرة عام 1974 بواسطة الطبيب والمعالج النفسي ⟪هربرت فرودنبرجر-Herbert Freudenberger⟫. تحدث تلك المتلازمة نتيجة الإرهاق المزمن وعدم القدرة على التعامل مع التوتر العاطفي الناتج عن ضغوط العمل. وتتضمن الإرهاق العاطفي المتزايد، وفقدان الدوافع، ووهن العزيمة، وغياب القدرة على الإنجاز [1].

يمكن أن تتأثر مجموعات من المهن المختلفة بالاحتراق النفسي مثل أصحاب الياقات البيضاء وهم أولئك الذين يقومون بعمل ذهني أو مكتبي مثل المديرين. كما يمكن أن يتأثر أصحاب الياقات الزرقاء، وهم أولئك الذين يقومون بعمل يدوي ميداني مثل العمال. حتى أن أصحاب الياقات الوردية معرضون لها، وهم الذين يعملون في أعمال تتعلق بخدمة ومساعدة الناس مثل الأطباء ومقدمي الرعاية الصحية والمدرسين. ويحدث عمومًا للعاملين بوظائف تستلزم متطلبات متواصلة، وتفاعلات كثيفة مع أناس لديهم احتياجات جسدية أو نفسية.

أعراض الاحتراق النفسي

الاحتراق النفسي ليس مجرد حالة مزاجية ولكنه بالأحرى عملية تصف أعراض وعلامات بين الفرد واتصاله بذاته واتصاله بالمؤسسة التي يعمل بها وكذلك المجتمع المحيط به. ويمكن تصنيف الأعراض إلى خمسة مجموعات: أعراض جسدية، وعاطفية، وذهنية، وسلوكية، وتحفيزية.

1.الأعراض الجسدية

تكثر الأمراض الجسدية في الأشخاص المصابين بالاحتراق النفسي عن غيرهم. وقد وجد أن سبب بعض الأمراض يعود إلى الاحتراق النفسي مثل مرض السكري من النوع الثاني وأمراض القلب. ويزداد تفشي تلك الأمراض كلما زادت حدة الاحتراق النفسي. وقد تصل في بعض الحالات إلى أمراض القلب وأمراض العضلات الهيكلية.

يبلغ الأشخاص المصابون بالاحتراق النفسي أكثر عن شكاوى صحية وتدهور سريع لصحتهم الجسدية خلال عام واحد. وقد أثبتت الدلائل العلمية ارتباط الاحتراق النفسي بالأمراض الجسدية، إذ يتسبب بها بعدة طرق منها: ⟪متلازمة التمثيل الغذائي-metabolic syndrome⟫، و⟪خلل المحور الوطائي النخامي الكظري-Dysregulation of hypothalamic pituitary adrenal axis⟫، والالتهاب الجهازي، وضعف الجهاز المناعي، والسلوك الصحي السيء.

يمكن أن تظهر الأعراض الجسدية في صورة أعراض مشابهة للتوتر الناتج عن تنشيط الجهاز العصبي السمبثاوي. وهناك أيضا أعراض مشابهة للأعراض الناتجة عن القلق مثل الصداع والغثيان والدوار والتشوش والتشنجات العصبية والمشكلات الجنسية وزيادة معدل ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم. كما يصاحبها اضطرابات النوم واضطرابات الاستيقاظ وقصر مدة النوم والأرق.

وقد وجد أن هناك أعراض نفسية جسدية تكون مصاحبة للإرهاق العاطفي. حيث يمكن أن يظهر الاحتراق النفسي في صورة توتر ما قبل الطمث وانقطاع الدورة الشهرية وفرط التنفس وأمراض الجهاز الهضمي وقرحة المعدة ونزلات البرد المتكررة وتفاقم بعض الحالات المرضية المزمنة كالربو والسكري.

قد تحدث بعض الأعراض المشابهة لأعراض الاكتئاب، مثل الإجهاد المزمن والإرهاق الجسدي وتغيرات الوزن وفقدان الشهية وقصر النفس. وأيضا ألم العضلات خاصة الرقبة وأسفل الظهر[1].

2.الأعراض العاطفية

الإرهاق العاطفي هو أبرز عرض للاحتراق النفسي. وهناك أيضا أعراض الاكتئاب والقلق التي تظهر في صورة اضطرابات، وتقلبات الحالة المزاجية، ونقص الانضباط العاطفي، والخوف غير المبرر، والتوتر الزائد، والعدوانية، وسرعة الانفعال، والحساسية الزائدة، والغضب، ونقص التعاطف تجاه الآخرين، وعدم الرضا الوظيفي [1].

3.الأعراض الذهنية

الشعور بالعجز هو العرض الواضح على المستوى الفردي. أما على مستوى الاتصال بالآخرين؛ يظهر الاحتراق النفسي في صورة انتقاد ولا أنسنة الآخرين، والسلبية، والتشاؤم، والقولبة، والتصنيف بصورة ازدرائية، واللوم، والظهور بمظهر العظمة، والاستقامة، والكراهية، والارتياب، والذهان الكبريائي، والشعور بعدم التقدير، والتشكيك في الإدارة [1].

أما على المستوى الشخصي؛ قد يعاني الشخص من معتقدات لا عقلانية منها الاعتمادية على الآخرين أو تجنبهم. قد يحدث أيضا اضطراب وضعف في الذاكرة .

4.الأعراض السلوكية

تظهر التغيرات السلوكية في المراحل المتأخرة من الضغط الوظيفي المزمن. وتكون غالبا في صورة انفعال زائد، ويكون الأشخاص الذين يعانون من الاحتراق النفسي أكثر ميلًا لفرط النشاط، والاندفاع. كما أنهم أيضا أكثر ميلًا للتسويف، وإهمال الأنشطة التفاعلية، والتذمر القهري، وكذلك الاعتمادية على الآخرين، وتجنب المشكلات[1].

قد يلجأ هؤلاء الأشخاص أيضا إلى المشروبات الكحولية لتخفيف الشعور بالإحباط.وفي محيط العمل؛ قد يجد منهم زملاؤهم انفعالات عنيفة، وصدامات، وغيرة، وانعزال.

يتأثر الأداء الوظيفي بالاحتراق النفسي، إذ يؤدي إلى نقص الإنتاجية، ونقص الفعالية، وكثرة التعرض للأخطاء، والتباطؤ، ومقاومة التغيير، والجمود، وصعوبة اتباع القواعد، وعدم القدرة على التنظيم وإدارة الوقت.

كما تتأثر المؤسسات، إذ تزداد نسبة الإجازات المرضية. وكذلك تزيد عدد أيام الإجازات بشكل عام، ومعدلات تهرب الموظفين، وضعف الالتزام تجاه المؤسسات، والرغبة في ترك العمل.

5.الأعراض التحفيزية

عندما يعي الشخص الذي يعاني من الاحتراق النفسي أن توقعاته غير حقيقية؛ يفقد المثالية ويتبعها فقد الحماس. ويظهر فقد التحفيز في صورة إحساس بالخيبة، والخضوع، والإحباط، والضجر، وضعف العزيمة، ويقل الرضا عن الوظيفة والحياة.

يلاحظ زملاء العمل على المصاب بالاحتراق النفسي فقد الاهتمام، وفتور الهمة، والاعتماد على الآخرين في تحقيق احتياجاته الشخصية والاجتماعية. ويترتب على ذلك ضعف الآداء الوظيفي نتيجة لضعف الروح المعنوية ونقص التحفيز وضعف المبادرة ورفض الذهاب للعمل الذي قد يصل إلى النفور من الوظيفة [1].

علاج الاحتراق النفسي

لا يوجد علاج محدد للاحتراق النفسي، لذلك يحتاج العلاج إلى نهج متعدد التخصصات يتضمن الخبرة الطبية والنفسية. كما يحتاج إلى الدعم الاجتماعي على مستوى العمل أو الحياة الخاصة. ويتم علاج الاحتراق النفسي تبعا للأعراض السابق ذكرها كالتالي:

1.علاج الأعراض الاكتئابية

يعد الاكتئاب أساس التشخيص التفريقي في المرحلة المتأخرة من الاحتراق النفسي ويمكن أن يصاحبه رغبة في الانتحار. وعند تشخيص الاكتئاب المصاحب للاحتراق النفسي، يعالج حسب القواعد المقررة لعلاج الاكتئاب، أي عن طريق العلاج النفسي للحالات البسيطة. وقد يقر العلاج النفسي مصحوبا بالعلاج الدوائي بمضادات الاكتئاب للحالات المتوسطة والشديدة [1].

كما يعد العلاج السلوكي المعرفي من الأعمدة الأساسية للعلاج. فالركيزة الأساسية للعلاج المعرفي السلوكي هي أفكارنا التي تؤثر على شعورنا، لذلك يهتم العلاج المعرفي السلوكي بتصحيح الأفكار والمعتقدات والسلوكيات المختلة التي تؤدي للاكتئاب. ويهدف العلاج المعرفي إلى تغيير الأفكار التشاؤمية، والتوقعات غير الواقعية، وانتقاد الذات الذي يؤدي إلى اكتئاب مستمر. كما يساعد في تطوير أهداف حياتية إيجابية.

2.علاج أعراض القلق

يعد القلق من الأعراض البارزة للاحتراق النفسي ويعالج بوسائل العلاج النفسي والعلاج الدوائي. ويعد العلاج السلوكي المعرفي هو أفضل طريقة لعلاج اضطرابات القلق [1].

3.علاج الإجهاد المزمن والإنهاك العصبي

لا يوجد علاج دوائي محدد للإجهاد الناتج عن الاحتراق النفسي، لذلك يستخدم العلاج قائم على التعامل مع الأعراض، وهناك توصيات بالعلاج السلوكي المعرفي [1].

4.علاج اضطرابات النوم

تتكرر اضطرابات النوم عند الأشخاص المصابين بالاحتراق النفسي، وقد تتسبب في الأمراض المتعلقة بالتوتر النفسي مثل الاكتئاب وأمراض التمثيل الغذائي. كما تؤدي اضطرابات النوم إلى ضعف الأداء وضعف جودة الحياة. وتسبب اضطرابات النوم بعض الأعراض مثل الإرهاق والتعب. وإذا كان هناك اضطرابات معينة مثل انقطاع التنفس الانسدادي النومي، الذي يتفاقم في حالة التوتر والإجهاد وزيادة الوزن وتعاطي المخدرات، يتم علاجه حسب القواعد المقررة لهذه الحالات.

وبعد استبعاد الأسباب السابقة لاضطرابات النوم؛ يكون العلاج عن طريق تطبيق سلوكيات النوم الصحي. تتضمن سلوكيات النوم الصحي تجنب الأطعمة الدسمة قبل النوم، وتجنب تناول الكافيين قبل النوم بثلاث ساعات على الأقل. بالإضافة إلى تجنب التعرض للشاشات والأجهزة الالكترونية قبل النوم، كما يفضل النوم في مكان مظلم وهادئ، والذهاب للنوم والاستيقاظ في ميعاد ثابت يوميا، وتجنب النوم أثناء النهار.

يمكن الاستعانة بالعلاج الدوائي بالأدوية المهدئة والمنومة في الحالات الشديدة التي لا تستجيب للعلاج السلوكي [1].

5.علاج النعاس الزائد في النهار

يؤدي كل من اضطرابات النوم والاكتئاب والإجهاد المزمن إلى النعاس الزائد في النهار، لذلك يجب معرفة السبب لتحديد العلاج المناسب. ويمكن استخدام بعض الأدوية التي تقلل النعاس في النهار مثل ⟪مودافينيل-Modafinil⟫ أو مضادات الاكتئاب في حالة الاكتئاب [1].

طرق تخفيف التوتر والضغط العصبي

إلى جانب العلاج النفسي والدوائي؛ هناك بعض الأساليب العلاجية التي تهدف لتخفيف التوتر. ومن تلك الأساليب العلاجية استخدام تقنيات الاسترخاء، كالتدريب الذاتي، واسترخاء العضلات التدريجي، وتقليل الضغط القائم على العقلانية والتدريب على الكفاءة العاطفية.

بالإضافة إلى ذلك؛ فإن ممارسة الرياضة البدنية متوسطة الشدة كالمشي والسباحة تساعد في علاج الاكتئاب وتقليل الإجهاد البدني الناتج عن الاحتراق النفسي. للعلاج المعرفي السلوكي دور أيضا، إذ يساعد في التغلب على التوتر وزيادة الثقة بالنفس والكفاءة الذاتية [1]. في حالة التوتر البسيط؛ من المفيد أخذ استراحة لبعض الوقت والابتعاد عن مسببات التوتر.

الوقاية من الاحتراق النفسي

تهدف الوقاية إلى منع أو تأخير ظهور الاحتراق النفسي، وتنقسم إلى وقاية أولية ووقاية ثانوية ووقاية ثالثية. تكون الوقاية الأولية قبل ظهور الأعراض إذ تستهدف الأشخاص الأصحاء الخاليين من الأعراض، وذلك بتقديم النصح والإرشاد عن طرق التعامل مع التوتر والضغط العصبي.

أما الوقاية الثانوية فتكون في المرحلة المبكرة من ظهور الأعراض، وتهدف إلى منع تطور المرض إلى صورة أشد أو تحوله إلى حالة مزمنة، وذلك عن طريق التوعية بالمرض.

وأخيرا الوقاية الثالثية وتكون لمنع الأضرار اللاحقة والانتكاسات عن طريق إعادة التأهيل، وغالبا ما تحتاج إلى مدة طويلة [1].

نحاول عادة إثبات أنفسنا عن طريق العمل بجد واجتهاد للارتقاء في السلم الوظيفي، أو الحصول على أعلى الدرجات العلمية. وننسى كوننا بشر نحتاج إلى الاهتمام بصحتنا النفسية والجسدية. لذلك فإن الوثاية خير من العلاج، فلا تبخل على نفسك ببعض من الراحة والتصالح مع الذات. واعتبر ذلك استثمارًا في صحتك.

المراجع

[1]  Burnout Syndrome in an International Setting

Exit mobile version