ما هو أصغر ديناصور مُكتَشَفٍ حتى الآن؟

قبل مئة مليون سنة، في منتصف «حقبة الحياة الوسطى-Mesozoic era»، كانت الأرض موطن ديناصور متباين الحجم، مثل الصَرَاعِيد طويلة العنق، وحتى الطائر الطنان.

وبالرغم من غرابة الأمر، فإن علماء الحفريات يعتقدون الآن أن أصغر ديناصور في تلك الحقبة كان أصغر بكثيرٍ من أصغر طائرٍ على قيد الحياة اليوم، طائر النحلة الطنان.

وجدت الحفريات داخل قطعة من الكهرمان البالغ من العمر 99 مليون سنة من شمال ميانمار، ويبلغ طول جمجمة الديناصور الذي تم تعريفه حديثًا 7.1 ملم فقط.

تحدثت جينغماي أوكونور عن البحث في مقطع فيديو على يوتيوب:

“عندما رأيت هذه العينة لأول مرة، أصابتني الدهشة كليًا. بالنسبة لعالم الحفريات، هذا أمرٌ غريب. إذ لم نشهد شيئًا مثل هذا من قبل.”

قام الفريق بتسمية اكتشافهم «Oculudentavis khaungraae»، والذي يعني “طائر أسنان العين”. مظهر هذا الطائر غريبٌ تمامًا مثل اسمه.

يصطف هذا الديناصور الصغير بأسنان مدببة صغيرة، والمُستدل عليها بالمحاجر الّتي تشبه الملعقة. لهذا الحيوان عينان كبيرتان مقارنةً بالرأس.

يبدو هذا الحيوان غريبًا- إذ أنه ليس تمامًا مثل الطيور، ولا يشبه تمامًا الديناصورات. ولكن هناك بعض الملاحظات الّتي يمكن أن تخبرنا قليلاً عن أسلوب حياته.

الأسنان، على سبيل المثال، هي دليلٌ لا شك فيه على أن الديناصور الصغير مفترس. والفتحات الموجودة في تجويف العين ضيقة للغاية، مما يعني أن الضوء ربما كان محدودًا، مما يعني أن الحيوان نشطٌ في النهار.

بالإضافة إلى ذلك، على الرغم من أن هذا الديناصور صغير جدًا، إلا أن عظامه قوية، بل وقوية بشكل مدهش!

يقول أوكونور:

“بالنسبة لنا، حقيقة أن أجزاء الجمجمة ملتحمة بقوة، وحقيقة أن لديها الكثير من الأسنان، وأنها تحتوي على محجري عينين كبيرين حقًا، كلها تشير إلى أنه على الرغم من حجمه الصغير للغاية، فقد كان مفترسًا وربما كان يتغذى على الحشرات الصغيرة.”

كل هذا يشير إلى انتماء هذا الحيوان إلى فئته الخاصة، بدلاً من كونه مرتبطًا بالطيور الطنانة الحديثة- لأن الطيور الطنانة الحالية تتغذى على الرحيق. وهكذا، يعتقد الباحثون أن مخلوقات مثل الطائر الطنان اتخذت مسارًا مختلفًا للتصغير.

يقدر الفريق وزن الطائر غرامين تقريبًا، ويلاحظ أن حجمه يبلغ سدس حجم أصغر الطيور الأحفورية القديمة المعروفة- كثيرٌ منها لديه أسنان، تمامًا مثل هذا الطائر الصغير.

يقول روجر بنسون، عالم الحفريات من جامعة أكسفورد:

“وهذا يشير إلى أنه بعد فترةٍ وجيزةٍ فقط من أصولها في العصر الجوراسي (والّذي استمر من حوالي 201 مليون إلى 145 مليون سنة مضت)، بلغت الطيور بالفعل الحد الأدنى من أحجام أجسامها. في حين أن أصغر الديناصورات وقتها كانت تزن مئات أضعاف هذا الوزن.”

يبدو أن هذا الطائر هو واحدًا من تلك الحيوانات الّتي تقف على النقطة الرابطة بين الديناصورات والطيور، ولكن المكان الذي يناسبها في الصورة الأكبر لا يزال غير واضح.

يمكن أن يك ن انتماء هذا المخلوق ذو الريش أقرؤ إلى سلالة الطيور أو، كما يوضح بنسون، يمكن أن ينتمي أكثر إلى الديناصورات:

“تقع في منتصف الطريق تقريبًا على الشجرة التطورية. بين الطيور الطباشيرية والأركيوبتركس (الديناصور المجنح الشهير من العصر الجوراسي).”

هناك أيضًا بعض الميزات الغريبة، مثل شكل وحجم الأسنان ومحجري العينين، الّتي لم نشهدها في أي من الديناصورات أو الطيور. في الواقع، هذه الصفة تميل إلى السحالي!

وكتب المؤلفون:

“يمكن تفسير كل هذه الأشكال غير العادية إذا صح التعبير على أنها آثار التصغير.”

خذ العينين المنتفختين على جانبي رأس على سبيل المثال. ربما يمثل موقعهما وحجمهما “استراتيجية بديلة لزيادة حجم العين دون زيادة حجم المحجر.”

لسوء الحظ، هذا يعني أن هذا الديناصور الصغير يفتقر إلى الرؤية الثنائية. وهي خاصية فريدة للمفترس. البوم والطيور الحية الأخرى الجارحة، على سبيل المثال، لديها عيون موجهة للأمام. ولكن ربما لا يوجد شيء مثل هذا الطائر اليوم

نُشرت الدراسة في مجلة Nature.

المصادر:

إقرأ أيضاً: الديناصورات كانت تصاب بسرطان العظام ايضا مثل البشر!

كيف تمكن الإغريق من بناء معابدهم الضخمة بوسائل بدائية ؟

 

كيف تمكن الإغريق من بناء معابدهم الضخمة بوسائل بدائية ؟

ظهرت الرافعات في اليونان لأول مرة منذ أكثر من 2500 عام، لكن يشيرُ بحثٌ جديد لوجود آلة رفعٍ بدائية (كنوع سابق من الرافعات) كانت قيد الاستخدام قبل حوالي 4 آلاف عام.

اشتهر الإغريق القدماء بضخامة عمارتهم الحجرية التي تمكنوا من بنائها دون مساعدة معدات حديثة، ويُذكر أنهم استفادوا من الرافعة التي ربما استخدمت لأول مرة في أواخر القرن 6 ق.م.

يُعتقد بأن الاغريق قاموا برفع الكتل الحجرية الثقيلة بواسطة منحدرات أرضية أو سلالم مصنوعة من الطوب على غرار ما فعله الآشوريون والمصريون القدماء منذ قرون.

وفقاً لبحثٍ جديد نُشر في المجلة السنوية للمدرسة البريطانية في أثينا، تبين أن بناة المعابد الحجرية الأولى في تاريخ اليونان بما فيها معابد Isthmia و Corinth، قد استخدموا رافعة بدائية في وقتٍ مبكر من منتصف القرن 7 ق.م. بناءً عليه يمكن اعتبار هذه الرافعة كآلة هامة سابقة للرافعة الحالية، كانت قادرة على رفع الكتل الحجرية المنحوتة في معابد Corinth التي يتراوح وزنها بين 200 و 400 كغ.

يشير Alessandro Pierattini (الكاتب الوحيد للدراسة الحديثة من جامعة نوتردام)، بأن آلة الرفع هذه قد تم اختراعها في الأصل من قبل الكورنثيين الذين استخدموها في بناء السفن وفي إنزال التوابيت الثقيلة Sacrophagi في حفرٍ ضيقة عميقة. من ناحيةٍ تقنية لم تكن رافعة (بالمعنى المعاصر الحالي) لعدم اعتمادها على السحب والرفع بأسلوب رافعات hoists وwinches، فعوضاً عن ذلك قام الإغريق بإعادة توجيه القوة باستخدام حبلٍ مارٍ عبر إطار.

الدليل الرئيسي لهذا الادعاء يأتي من وجود أخاديد محفورة في قاعدة الأحجار المستخدمة في بناء معابد Isthmia و Corinth. إن مؤرخي الآثار والباحثين على دراية بهذه الأخاديد وقد اقترحوا تفسيرات لها بأنه قد تم استخدامها إما لربط الكتل الحجرية بآلات الرفع أو لتحريك الكتل الحجرية ضمن مقالع الحجر.

يقوم بحث Pierattini على إعادة فحص الكتل الحجرية في معابد منتصف القرن 7 ق.م في Isthmia و Corinth بتقطيعاتها الفريدة (زوجٌ من الأخاديد المتوازية) على القاعدة السفلية للحجر التي تصل إلى الجزء الجانبي منه في نهاية واحدة. يخلص الفحص إلى أن الأخاديد قد استُخدمت في الرفع لتشهد على التجربة الأولى في رفع الكتل الحجرية المعمارية في تاريخ اليونان. أوضح Pierattini باستخدامه لأحجار وحبال فعلية، بأن الأخاديد قد تؤدي وظيفة مزدوجة مما يسمح للبناءين برفع الكتل الحجرية وتثبيتها بإحكام إلى جانب مجاورتها في الحائط.

تمثل هذه المرحلة من أعمال البناء خطوة مفصلية في تطور عمارة اليونان الحجرية الضخمة، متمثلةً بانتهاء البناء بالطوب في العمارة الطينية وبالتجارب الأولى في البناء بالحجارة.

قال Pierattini مع وجود كتل حجرية ثقيلة والاحتكاك الكبير بين أسطحها، كانت تشكل معضلة في عملية البناء تطلب في وقتٍ لاحق إحداث مجموعة من الثقوب المصممة خصيصاً لاستخدام الرافعات المعدنية.

الرافعة البدائية التي تم استخدامها للمباني الضخمة

يوضح البحث بأن بناة المعابد القديمة Isthmia و Corinth كانوا يستخدمون بالفعل الرافعات لعملية التموضع الأخير للكتل الحجرية وهذا يمثل أول استخدام موثق للرافعة في العمارة اليونانية في وقت مبكر من منتصف القرن 7 ق.م أي قبل حوالي 150 عام من بدء انتشار الرافعات المطورة بالكامل (للسحب) winch crane  و ( للرفع) hoist crane وهذا الاكتشاف هو دليل آخر على الابداع الفذ للاغريق القدماء.

 

المصادر:

لمعرفة المزيد عن فنون الحضارة اليونانية تابعوا مقالنا: الفن الهلنستي (اليوناني)
إعداد: رنا قنواتي
مراجعة: بتول سيريس

كيف بدأت قصة برج إيفل ( السيدة الحديدية ) ؟

برج إيفل، رمز مدينة باريس ومعلم الحب الشهير أو كما يلقبونه الفرنسيون السيدة الحديدية.
بدأ تصميمه عام 1889 استعدادا للمعرض العالمي في باريس تم بناؤه لإحياء ذكرى مرور مائة عام على الثورة الفرنسية ولإظهار براعة فرنسا الصناعية للعالم.
عندما بدأ بناء برج الحديد المطاوع لم يكن الجميع في باريس مسرورًا بفكرة نصب تذكاري معدني ضخم يلوح في المدينة.
على الرغم من أنه أصبح الآن رمزا عالميا للرومانسية، إلا أن التصميم الجذري لبرج إيفل ألهم أي شيء سوى الحب، حيث وقع 300 من الفنانين والمفكرين الباريسيين على البيان التالي الذي نشر في جريدة Le Temps يوم عيد الحب في عام 1887: “نحن، الكتاب والرسامين والنحاتين والمهندسين المعماريين وعشاق الجمال، نحتج بكل قوتنا، بكل سخطنا، باسم الذوق الفرنسي الذي لم يتم التعرف عليه، باسم الفن والتاريخ الفرنسي تحت التهديد، ضد البناء في قلب عاصمتنا برج ايفل عديم الفائدة والوحشية.” 1
وقال جودك سناجدار، مؤرخ فني في أمستردام ومدون في كالتشر توريست: على الرغم من أنه في البداية كان ينظر إليه على أنه أبشع مبنى في باريس، إلا أنه سرعان ما أصبح رمزا للمدينة.
ينسب التصميم إلى غوستاف إيفل، مهندس مدني فرنسي، ومع ذلك، كان في الواقع رجلان أقل شهرة هما موريس كوشلين وإميل نوجير، اللذان وضعا الرسومات الأصلية للنصب التذكاري.
يتكون هيكل الحديد المطاوع من أربعة أرجل ضخمة مقوسة ومثبتة على أرصفة البناء التي تنحني إلى الداخل حتى تنضم إلى برج واحد مدبب.
يتطلب بناء البرج 2.5 مليون من المسامير المجمعة حراريا و7300 طن من الحديد لحماية البرج، قام العمال بطلاء كل شبر من الهيكل، وهو الأمر الذي تطلب 60 طنا من الطلاء. تم إعادة طلاء البرج 18 مرة.
استخدم غوستاف إيفل الحديد المطاوع المصنوع من الصلب لبناء البرج لإظهار أن المعدن يمكن أن يكون قويا مثل الحجر بينما يكون أخف وزنا.
كلف بناء برج إيفل 7،799،401.31 فرنك ذهب فرنسي في عام 1889، أو حوالي 1.5 مليون دولار.
يبلغ ارتفاع برج إيفل 1063 قدما (324 مترا).
كان أطول مبنى في العالم حتى تم بناء مبنى كرايسلر في نيويورك في عام 1930.
برج ايفل يزن 10،000 طن.
هناك 5 مليارات مصباح على برج إيفل و يتكون من 108 طابقا مع 1710 درجة و مصعدين.
تصل المنصة الاولى له إلى ارتفاع 190 قدم فوق سطح الأرض، و يبلغ طول المنصة الثانية 376 قدما، بينما يصل ارتفاع المنصة الثالثة إلى 900 قدم تقريبا، يمكن للزوار تسلق للسلالم إلى المنصة الأولى فقط. 2

المصادر:

1_ https://www.history.com/topics/landmarks/eiffel-tower

2_ https://www.livescience.com/29391-eiffel-tower.html

إعادة إنتاج صوت مومياء مصرية عمرها 3 آلاف عام!

 

إعادة إنتاج صوت مومياء مصرية عمرها 3 آلاف عام!

إذا استطاع الموتى التحدث، فمن المحتمل أن يكون لديهم الكثير ليقولوه. ومع ذلك، سيكون الأمر صعبًا للغاية لإصدار صوت واحد مع فقدان اللسان وتهتك الأحبال الصوتية. لذا وفي ظل هذه الظروف، يجب أن نغفر للمومياء المصرية نسيامون البالغة من العمر 3000 عام لتذمرها في كلمة “eeeeyhh” التي صدرت عنها!

بعد عدة آلاف من السنين على موت الكاهن نسيامون، كان هذا هو الصوت الذي سمعه العلماء عند قيامهم بطباعة نسخة الأبعاد الثلاثية للمسالك الصوتية لمومياءه، والصوت الذي تم إنتاجه يقع ما بين الحرفين المتحركين في الكلمتين الانجليزيتين “bed” و”bad”.

من هو الكاهن نسيامون “Nesyamun”  ؟

عاش نسيامون في عهد الفرعون رمسيس الحادي عشر، الذي حكم في بداية القرن الحادي عشر قبل الميلاد. وكانت مومياؤه، الموجودة حاليًا في متحف مدينة ليدز بالمملكة المتحدة، موضع بحثي كبير ولا تزال كذلك وذلك بسبب جودة تحنيط المومياء وكون الأنسجة المتبقية في حلقه ومسلكه الصوتي سليمة الى حد ما، ولهذا تم اختياره لهذا المشروع دونا عن غيره.

كيف تمكن العلماء من إعادة إنتاج صوته؟

أشار ديڤيد هوارد، المؤلف المشارك في الدراسة ورئيس قسم الهندسة الإلكترونية بجامعة لندن:

“إن الصوت هو صوت Nesyamun في وضعية وحالة رقوده في نعشه بعد التحنيط.”!

استخدم الباحثون تقنية المسح المقطعي “CT scanner” لإعادة إنشاء النسخة الصناعية ثلاثية الأبعاد للقناة الصوتية للمومياء، على طول الطريق من شفاه المومياء إلى الحنجرة. وتم توصيل مكبر الصوت بها لإنشاء صوت للمسالك الصوتية.

ومع ذلك، هذه النتيجة ليست كافية لتجميع أو قول جملة محددة كاملة. وللقيام بذلك، سوف يحتاجون إلى مزيد من المعرفة بتعابير المسالك الصوتية، ولغة هذا الكاهن القديم، وربما اللسان أيضا، ففي حين أن القناة الصوتية للمومياء كانت في حالة رائعة بعد عدة آلاف من السنين، إلا أن الجزء الأكبر من العضلات الخاصة مفقود.

يمكنك الاستماع الى الصوت من هنا 

أهمية الصوت بعد الموت عند المصري القديم!

كان المصري القديم يأمل في أن تتمكن روحه من الكلام بعد الموت، حتى يتمكن من قراءة ما يسمى ” الاعتراف السلبي” لإخبار آلهة الحكم أنه قد عاش حياة طيبة، واذا وافقت الآلهة على ذلك يُبعَث ليعيش حياة أبدية بعد الموت، واذا رفضت يموت ثانيةّ الي الأبد. لذا فان إعادة إنتاج صوت مومياء مصرية عمرها 3 آلاف عام أمر رائع بالنسبة للكاهن ولنا جميعا.

ليست المرة الأولى!

في عام 2016، تمكن العلماء من إعادة صوت المومياء Ötzi Iceman بنفس الطريقة، غير قيام هوارد بنفس النوع من الأبحاث، ولكن على المناطق الصوتية للأحياء بما في ذلك نفسه، والتي جاءت مشابهة تماما لأصواتهم الحقيقية. وفي تجربته، يقول:

“إن صوت حرف واحد فقط رائع للغاية، ومن الواضح أن الانتقال من ذلك إلى إصدار كلام يعد خطوة كبيرة، لكن العملية قد بدأت على الأقل.”

وتكمن أهمية تركيز العلماء على إعادة صوت نسيامون، وبالتالي بعض هويته، هو اعتراف حيوي بالاعتبارات الأخلاقية، ليس فقط في دراسة الماضي، ولكن لتوضيح أهمية مثل هذا البحث للجمهور الحديث كقول أحد العلماء المعلقين على الدراسة.

كما أكد العلماء أنه يشجع الناس على زيارة المتاحف فكونك تسمع صوت أموات منذ آلاف السنين أمر رائع، كما يشجع السياح على زيارة معبد الكرنك بمصر والذي كان يؤدي به نسيامون مهامه ككاهن.

المصادر: 

 

 

اكتشاف سلسلة من المنحوتات الآشورية على ضفة قناة مائية في دهوك

اكتشاف سلسلة من المنحوتات الآشورية على ضفة قناة مائية في دهوك

كشفت نتائج مشروع فايدة Faida الأثري عن عشر منحوتات صخرية يظهر فيها الملك والآلهة الآشورية منحوتة على طول قناة مائية كبيرة. شارك في إدارة المشروع البروفيسور Daniele Morandi Bonacossi (جامعة Udine الإيطالية)، والبروفيسور حسن أحمد قاسم (من دائرة آثار دهوك)، وهو مشروع أثري مشترك يعمل في منطقة دهوك في إقليم كردستان العراق.

موكب الملك والآلهة الآشورية على ضفة القناة المائية

قام الفريق من شهر أيلول إلى شهر تشرين الأول من عام 2019 باكتشاف فريد من نوعه في موقع فايدة الأثري (20كم جنوب دهوك). حيث تم الكشف عن عشرة لوحات حجرية آشورية تعود للقرن الثامن قبل الميلاد على الجانب الشرقي لقناة مائية طولها حوالي 7كم.

من المحتمل أنه قد تم تخطيط القناة من قِبل الملك الآشوري سرجون (720-705 قبل الميلاد)، على طول الضفة الشرقية للقناة تمتد سلسلة من اللوحات الحجرية بطول 5م وعرضها مترين.

مشهد لأعمال التنقيب في القناة المائية

تصور لوحات فايدة سبعة آلهة آشورية رئيسية تقف على حيواناتها المقدسة بحضور الملك الذي تم نحته مرتين على كلا طرفي سلسلة اللوحات الأيمن والأيسر. تم تمثيل الآلهة من منظور جانبي تتجه نحو اليسار، أي بنفس جهة تيار الماء المتدفق في القناة، يمكن التعرف على الإله الرئيسي آشور وهو يقف على تنين وأسد على رأسه قرون، تجلس موليسو زوجة الملك آشور على عرش يحمله أسد، كذلك يقف إله القمر سين على أسد على رأسه قرون، أما نابو إله الحكمة فهو يقف على تنين، وإله الشمس شمش يقف على حصان، يليه إله الطقس يقف على ثور وأسد له قرون، بالإضافة إلى الإلهة عشتار إلهة الحب والحرب الواقفة على أسد.

تفصيلات من موكب الآلهة الآشورية

تٌعدّ هذه السلسلة من الفن الصخري جزءاً من سيناريو مابعد الحرب، حيث أنها مهددة بشدة بسبب أعمال التخريب والتنقيب الغير شرعي، وتوسع القرية المجاورة، والأنشطة الإنتاجية للسكان التي أضرّت بها بشكل خطير. بالإضافة إلى ذلك كانت سلسلة اللوحات تقع في منطقة الاشتباك مع تنظيم الدولة الإسلامية منذ عام 2014 وحتى عام 2016، حيث أنها تبعد مسافة 25كم فقط عن خط الاشتباك.

بسب هذه التهديدات فإن مشروع فايدة هو عمل إنقاذي يهدف بالإضافة إلى دراسة هذه اللوحات الآشورية المهمة إلى توثيقها باستخدام التقنيات الحديثة. حيث تم خلال موسم عام 2019 توثيق اللوحات بستخدام طائرات بدون طيار، والمسح الليزري، والتصوير الرقمي، والنمذجة ثلاثية الأبعاد.

عند الانتهاء من أعمال الحفر والصيانة والحفظ في السنوات القادمة ، سيتم بالتعاون مع دائرة دهوك للآثار إنشاء حديقة أثرية لمنحوتات فيدا، سيسمح هذا المشروع بفتح القناة المائية والنقوش الحجرية للسسياحة المحلية والدولية.

المصدر:

1- qui uniud

2- archaeology news network

دراسة جديدة لمعدّات صيد أوتزي التي تعود إلى 5300عام

دراسة جديدة لمعدّات صيد أوتزي التي تعود إلى 5300عام

تم اكتشاف مومياء “رجل الجليد” الشهير المحنطة طبيعياً في الجليد في عام 1991م، على يد زوج من المتنزهين في الجهة الشرقية من قمة Fineilspitze، وهي قمة من قمم جبال الألب، على ارتفاع 3210 متر فوق مستوى سطح البحر، ويُعرف هذا الصياد بعدة أسماء أشهرها “أوتزي”.

تم اكتشاف عدّة صيد إلى جانب جثة “أوتزي رجل الجليد”، تتألف العدّة من جعبة وسهام ورؤوس سهام وقوس غير مكتمل الصنع وحبل يعود تاريخها إلى 5300عام.

تم تنفيذ مشروع بحث شامل من قبل المؤسسة الوطنية السويسرية للعلوم (SNSF)، وكان الهدف منه تقديم دراسة جديدة لمعدّات صيد أوتزي ، حيث تمت دراسة مواد الأقواس والسهام في العصر الحجري الحديث بالتفصيل لأول مرة. وقد تمت مقارنة هذه المعدات بمعدات الصيد الخاصة بأوتزي.

 

سهام أوتزي

 

حيث قام  فريق من العلماء بدراسة الحبل الذي تم اكتشافه في جعبة السهام التي كان يحملها أوتزي، يبلغ طول الحبل مترين، وهو نفس طول القوس الذي تم العثور عليه بجوار جسم رجل الثلج المحنط.

وخلصت الدراسة إلى أن الحبل يبلغ قطره 2_3مم، وقد تم صنعه من ثلاثة خيوط ملفوفة بشكل دقيق، مأخوذة من أوتار عضلات ساق حيوانية ويتناسب قطر الحبل مع الفتحات الموجودة في القوس. إن الأوتار الحيوانية مرنة وهي مناسبة جداً لاستخدامها كوتر للقوس. لأنها قادرة على تحمل توتر القوس أكثر من الألياف النباتية.

 

وتر القوس

 

احتوت الجعبة التي تم اكتشافها بجانب جثة أوتزي على 14 سهم، بالإضافة إلى حزمة من الأوتار الساقية الحيوانية الغير مشغولة، وتُعد جعبة أوتزي هي حقيبة الحمل الوحيدة المعروفة للسهام من العصر الحجري الحديث. يبلغ طولها 86 سم. يغطي الجعبة من الأعلى غطاء من الجلد المقسى لحماية السهام الموجودة بداخله. وعند الحاجة يمكن فتحه بسرعة كبيرة وسحب سهم بحركة واحدة للذراع.

 

جعبة السهام

الجعبة احتوت على 14 سهماً، اثنان منها كانا جاهزين للإطلاق. كانت السهام من العصر الحجري الحديث مصنوعة غالباً من فروع شجيرات (Corylus avellana)، وفي حالة أوتزي كانت مصنوعة من فروع شجرة (Viburnum lantana).

تُعد معدات الصيد الخاصة بأوتزي من أفضل الأمثلة المحفوظة في العالم من العصر الحجري الحديث في أوروبا.

 

المصدر:

1- Arcaeology Magazine

2- Ancient Origins

3- Archaeology News Network

كيف أثرت الرضاعة الطبيعية على النمو السكاني في المدن القديمة؟

كيف أثرت الرضاعة الطبيعية على النمو السكاني في المدن القديمة؟

يقوم المؤرخون بدراسة زيادة وانحسار الكثافة السكانية في المجتمعات القديمة. ولكن معظم هذه الدراسات كانت تميل إلى التركيز على الأحداث التي يهيمن عليها الذكور، كالحروب والسياسة والمال. لكن هناك جانب آخر يصارع لإثبات وجوده، وهو جزء من التاريخ الغير مدوّن والذي سيكون محور هذا البحث.

قام باحثون من جامعة Bournemouth وجامعة Warsaw باستخدام تقنيات كيميائية متقدمة لدراسة الرضاعة الطبيعية في أجزاء من سوريا ولبنان؛ وهي من أقدم المدن في العالم القديم. حيث تم تحليل عينات صغيرة من عظام الرضع والأطفال والأمهات التي تم اكتشافها في مقابر من العصر البرونزي، والتي يتراوح تاريخها مابين 2800_1200قبل الميلاد وذلك باستخدام تقنية تُعرف باسم “تحليل النظائر المستقرة”. من هذا المنطلق تم تأسيس نموذج رقمي يقدر عمر الفطام الجزئي (يتم فيه إدخال أطعمة مكملة للنظام الغذائي عند الطفل الذي يرضع رضاعة طبيعية) والفطام الكامل(توقف الرضاعة الطبيعية تماماً) عند هؤلاء السكان.

طفل مدفون في جرة فخارية يعود للعصر البرونزي، صيدا، لبنان

 

كشفت الفحوصات أن النساء كنّ يعتمدن على الرضاعة الطبيعية بشكل حصري حتى يبلغ الرضيع سن الستة أشهر وكنّ يتوقفن تماماً عندما يبلغ الرضيع حوالي العامين النصف، أي في وقت أبكر مما كان شائعاً في أماكن أخرى من هذه المرحلة التاريخية. ربما ساعدت أوقات الفطام المبكرة في زيادة أعداد السكان في هذه المدن التي أصبحت مراكز حضارية مزدهرة في تلك الفترة.

إن المواقع التي استهدفتها هذه الدراسة كانت عبارة عن مراكز حضرية على ساحل البحر المتوسط، ومابين نهري دجلة والفرات (مابين النهرين). غالباً ماتكون عظام الأطفال التي يكشفها علماء الآثار أكثر هشاشة من عظام البالغين، لأنها تكون أصغر حجماً وأقل تمعدناً، أي أنها في كثير من الأحيان تتضرر أو تضيع من خلال التحلل.

ومع ذلك تم الكشف عن عدد كافي من عظام الأطفال لتحليلها كيميائياً ولإجراء الدراسات الإحصائية اللازمة لها، ويعود ذلك إلى طريقة الدفن المعتمدة في الشرق الأدنى القديم، حيث كان يتم دفن الرضع والأطفال داخل جرار فخارية، والتي كانت تحمي العظام جزئياً من بيئة الدفن.

الرضاعة الطبيعية في بلاد الرافدين، قطعة من متحف السليمانية، العراق، تعود إلى 2000- 1500 قبل الميلاد

تتناسب فترة الرضاعة في المواقع المدروسة مع توصيات منظمة الصحة العالمية لتغذية الرضع، حيث تقوم الأمهات بإرضاع أطفالهن حتى سن الستة أشهر تقريباً، ومن ثم يتم إدخال بعض الأطعمة إلى جانب الرضاعة الطبيعية، ويتم الفطام الكامل بعمر العامين والنصف. ويبدو أن هذا يتناسب مع السجلات المكتوبة المكتشفة في هذا الجزء من العالم. على سبيل المثال، هناك بعض العقود البابلية التي يعود تاريخها إلى ما قبل 1000 قبل الميلاد بين والدي طفل ومرضعة، حيث ستقوم وفقاً لهذا العقد بإرضاع الطفل حتى يبلغ من العمر حوالي السنتين إلى ثلاثة سنوات . وسيتم دفع أجورها بالشعير والزيت والصوف وأحياناً الفضة.

الرضاعة الطبيعية وتأثيرها على الكثافة السكانية: 

تؤثر استراتيجيات الرضاعة الطبيعية والتغذية على البنية السكانية، حيث تقوم الرضاعة الطبيعية لفترة طويلة بترك فجوات كبيرة مابين فترات الحمل، وقد اعتبر ذلك عاملاً رئيسياً في السيطرة على الخصوبة في مجتمعات الصيادين_الجامعين حيث كانت تمتد فترة الرضاعة الطبيعية حتى عمر الخمس سنوات ومابعد، في المقابل يرتبط الفطام المبكر بالمجتمعات الزراعية المبكرة ذات النمو السكاني العالي.

هذا يعني أن فترات الرضاعة الأقصر التي أظهرتها نتائج الفحوصات ربما ساعدت في الزيادة السكانية في مدن سوريا ولبنان القديمة. وربما كانت مرتبطة بإنتاج المحاصيل الزراعية كالقمح والشعير وكذلك منتجات الألبان والتي يمكن إطعامها بسهولة للرضع كمكملات غذائية. ظهرت الزراعة في وقت باكر من هذا الجزء من العالم وتزامنت مع ظهور المراكز الحضرية وإنشاء شبكات دولية واسعة النطاق.

إن الرضاعة الطبيعية والفطام في لبنان وسوريا القديمة لم تدخل في النصوص التاريخية الكبيرة. لكن تُظهر الدراسة أن هذه القضية كان  لها تأثير كبيرعلى المجتمع.

 

المصدر:

1- ancient origins

2- the conversation

 

لماذا يعد الكولوسيوم من أعظم الأعمال الرومانية؟

لماذا يعد الكولوسيوم من أعظم الأعمال الرومانية؟

الكولوسيوم المدرج الروماني، المعروف أيضا باسم مدرج فلافيان، بدأ بناءه في عام 72 ميلادي من قبل الإمبراطور فيسباسيان. تم الانتهاء من قبل ابنه تيتوس، في 80 ميلادي، مع تحسينات لاحقة من قبل دوميتيان. بني وفقا لتصميم عملي، حيث تتيح مداخله المقوسة البالغ عددها 80 مدخلا سهولة الوصول إلى 55000 متفرج، مرتبين وفقا للمكانة الاجتماعية. يتميز الكولوسيوم بضخامته، حيث يبلغ طوله 188 مترا وعرضه 156 قدما خارج المدرج مباشرة يوجد قوس قسنطينة (أركو دي كوستانتينو)، وهو نصب تذكاري يبلغ ارتفاعه 25 مترًا تم بناؤه عام 315 ميلاديًا بمناسبة انتصار قسطنطين على ماكسينتيوس في بونس ميلفيوس. أمر فيسبسيان ببناء الكولوسيوم على موقع قصر نيرو، لينأى بنفسه عن الطاغية المكروه. كان هدفه هو كسب شعبية من خلال تنظيم معارك قاتلة من المصارعين ومعارك الحيوانات البرية للعرض العام. كانت المذبحة على نطاق واسع ففي الألعاب الافتتاحية في عام 80 بعد الميلاد، قتل أكثر من 9000 من الحيوانات البرية. أما المصارعون الرومان كانوا عادة عبيدا، أسرى حرب أو مجرمين مدانين. معظمهم من الرجال، و كان هناك عدد قليل من المصارعات. حضر هذه المعارك الفقراء، والأغنياء، وكثيرا ما كان الإمبراطور نفسه. كان يتم تنظيم مسابقة واحدة تلو الأخرى على مدار اليوم واحد، وإذا أصبحت الأرض مغمورة بالدماء، فيتم تغطيتها بطبقة جديدة من الرمال لتستمر المسابقات. المبنى جزءا من برنامج بناء واسع بدأه الإمبراطور فيسباسيان من أجل إعادة روما إلى مجدها السابق قبل الاضطرابات التي اندلعت في الحرب الأهلية الأخيرة. فإن المباني الجديدة كمعبد السلام، ومحمية كلوديوس والكولوسيوم كان الهدف منها ان تظهر للعالم أن روما الجديدة لا تزال إلى حد كبير مركز العالم القديم. 1

كان الكولوسيوم بناء فريد من نوعه حيث كان يتميز بارتفاعه الشاهق وساحتة البيضوية التي تبلغ مساحتها 87.5 متر مربع، ومظلة مسقوفة من القماش واستيعابة لعدد كبير من المتفرجين. كان المسرح مذهلا حتى من الخارج مع أروقة مفتوحة ضخمة في كل طابق من الطوابق الثلاثة الأولى التي تعرض أقواسا مليئة بالتماثيل. كان الطابق الأول يحمل أعمدة دوريك، والثاني أيوني والمستوى الثالث كورنثي. وكان الطابق العلوي أعمدة كورنثية ونوافذ مستطيلة صغيرة. كان هناك ما لا يقل عن ثمانين مدخلا، تم ترقيم ستة وسبعين منها وبيعت التذاكر لكل منها. تم استخدام مدخلين للمصارعين، أحدهما كان يعرف باسم بورتا ليبتينا (إلهة الموت الرومانية) وكان الباب الذي تم من خلاله نقل الموتى من الساحة. الباب الآخر كان بورتا سانيفيفاريا الذي ترك من خلاله المنتصرون والذين سمح لهم بالبقاء على قيد الحياة. تم تخصيص البابين الأخيرين للإمبراطور فقط. كان يحيط بالساحة شرفة رخامية عريضة (منبر) محمية بجدار بداخلها المقاعد المرموقة من الجانب الدائري حيث كان الإمبراطور وشخصيات أخرى يشاهدون الأحداث. وراء هذا المجال، تم تقسيم المقاعد الرخامية إلى مناطق: تلك المخصصة للمواطنين الأكثر ثراء والمواطنين من الطبقة الوسطى والعبيد والأجانب وأخيرا المقاعد الخشبية وغرفة الجلوس في الطبقة العليا المخصصة للنساء والفقراء. تم الوصول إلى المستويات المختلفة من المقاعد عبر سلالم عريضة مع ترقيم كل مقعد ومقعد. في عام 404 م، مع تغير الزمن والأذواق، تم إلغاء ألعاب الكولوسيوم في النهاية من قبل الإمبراطور هونوريوس، على الرغم من أن المجرمين المدانين لا يزالون يصارعون لمحاربة الحيوانات البرية لقرن آخر. 2

المصادر:

1 :https://www.rome.info/colosseum/

2 : https://www.ancient.eu/Colosseum/

 

اكتشاف تمثال نادر للملك رمسيس الثاني على هيئة “الكا”

اكتشاف تمثال نادر للملك رمسيس الثاني على هيئة “الكا”

تم الكشف عن تمثال نادر للملك رمسيس الثاني على هيئة “الكا”، أثناء أعمال حفائر الإنقاذ التي قامت بها وزارة الآثار المصرية داخل قطعة أرض يمتلكها رجل اُعتقل في وقت سابق من الشهر لقيامه بأعمال تنقيب غير شرعية بالقرب من معبد الإله بتاح بمنطقة ميت رهينة، وكُشف النقاب عن كتل أثرية ضخمة مغمورة في المياه الجوفية.

كشفت بعثة الإنقاذ الأثري الجزء العلوي لتمثال نادر من الجرانيت الوردي للملك رمسيس الثاني علي هيئة “الكا” رمز القوة و الحيوية و الروح الكامنة، يبلغ ارتفاع التمثال 105 سم و عرضه 55 سم و سماكته 45 سم، و يصور الملك رمسيس مرتديًا باروكة و يعلو رأسه علامة “الكا” كما نُقش على عمود الظهر الخاص به الاسم الحوري للملك رمسيس “كا نخت مري ماعت” والتي تعني ” الثور القوي محبوب ماعت.”

الاسم الحوري للملك رمسيس “كا نخت مري ماعت

إن هذا الكشف يعتبر من أندر الاكتشافات الأثرية، حيث أن هذا التمثال هو أول تمثال “للكا” من الجرانيت يتم كشف النقاب عنه؛ حيث أن التمثال الوحيد “للكا” الذي تم العثور عليه من قبل مصنوع من الخشب لأحد ملوك الأسرة الثالثة عشر ويدعى “او ايب رع حور” و هو معروض حاليًا بالمتحف المصري بالتحرير.

و قد تم نقل التمثال وباقي القطع المكتشفة خلال حفريات الإنقاذ إلى المتحف المفتوح بميت رهينة؛ لإجراء أعمال الترميم اللازمة للحفاظ عليها، حيث عثرت البعثة على عدد كبير من القطع الأثرية من الجرانيت الوردي و الحجر الجيري عليها نقوش تصور الإله بتاح إله مدينة منف، بالإضافة إلى خراطيش للملك رمسيس الثاني، تدل على أن هذه القطع تمثل أجزاء من المعبد الكبير للإله بتاح بمنطقة ميت رهينة.

أقدم معاهدة سلام في التاريخ

حكم رمسيس الثاني في عهد الأسرة التاسعة عشرة، بين عام  1279 و 1213 قبل الميلاد. يُشار إليه باسم رمسيس الأكبر بسبب فترة حكمه الطويلة والناجحة، كان لديه عدد كبير من الأبناء. وقد قاد عدة حملات عسكرية في بلاد الشام، وقام بعقد أقدم معاهدة سلام مع الحثيين. يُعتقد أنه توفي عن عمر يناهز 90 عامًا ودُفن في وادي الملوك.

المصدر:

1- موقع وزارة الآثار المصرية 

2- Newsweek

3- Ancient Origins

عن الفن القديم والفن البيزنطي والفن الإسلامي

هذه المقالة هي الجزء 8 من 9 في سلسلة مقدمة في تاريخ الفن القديم

عن الفن القديم والفن البيزنطي والفن الإسلامي

كان الفن البيزنطي ناتجًا من الإمبراطورية البيزنطية والتي انبثقت من أعماق الإمبراطورية الرومانية القديمة، والتي قامت بقيادة الإمبراطور قسطنطين الكبير الذي أنشأ الطريق للدولة البيزنطية الدينية الجديدة.

بعد تسمية العاصمة البيزنطية بـ (القسطنطينية) تيمنًا باسم الإمبراطور الجديد(قسطنطين) تكريما له، قام بتزيين المدينة بتماثيل يونانية متقنة وفنًا رائعًا من الذهب والرخام والفسيفساء؛ تمجيدًا للدين المسيحي في المقام الاول.

ظلت الإمبراطورية قائمة حتى سقوطها عام 1453 م، وذلك عند استيلاء الأتراك العثمانيون بقيادة محمد الفاتح على العاصمة ذات يوم.

التأثير البيزنطي على الفن الإسلامي

كان للإمبراطورية البيزنطية قوة فنية هائلة، لدرجة أنها ظلت فترة طويلة مؤثرًا رئيسيًا في مجالات الفن والعمارة بعد فترةٍ طويلة من سقوطها.

استقت المناطق الإسلامية من الامبراطورية البيزنطية –مثلًا- مجموعة واسعة من الأساليب الفنية، وقامت بتطبيق فسيفساء متقنة ودقيقة على جدران كل مبنى، والتي تم إنشاؤها على أيدي الفنانين المسيحيين.

وقد أحدثت التجارة بين الحضارتين البيزنطية والإسلامية تبادلًا ثقافيًا هائلًا، فكانت الكنيسة الأولى في دير هوسيوس لوكاس (Hosios Loukas) باليونان –المتضمن على كنيستين- أول ما أظهر ثمار هذا التبادل.

دير هوسيوس لوكاس (Hosios Loukas)، اليونان، بيوسيا، ديستومون.

عندما عبر الدبلوماسيون واللاجئون والتجار والعبيد الحدود بين الحضارتين والديانتين، جلبوا ثقافاتهم الأصلية معهم. ورغم عودة العديد من هؤلاء المهاجرين في وقت لاحق إلى أرضهم الأصلية، أسفر هذا التدفق المستمر للأشخاص عن انتقالٍ سريع وواضح للابتكارات من ثقافة من ثقافة إلى أخرى.

في الوقت نفسه، يمكن رؤية بقايا الثقافة البيزنطية واليونانية في القسطنطينية الحديثة –إسطنبول حاليًا-  بوضوح في (آيا صوفيا)، الكنيسة الشهيرة التي تم تحويلها إلى مسجد، وفي العديد من الكنائس الأخرى والقصور.

“آيا صوفيا” كاتدرائية أرثوذكسية شرقية سابقًا قبل أن تتحول إلى مسجد على يد محمد الفاتح، ومن ثم إلى متحف ديني عام 1935م. تركيا، إسطنبول.

وعلى الرغم من وجود التأثيرات المتبادلة بين الحضارات، كان تركيز الفن البيزنطي على الأيقونات بشكلٍ رئيسي، والتي كانت تمثل عادةً صور ليسوع أو مريم، والتي كانت محظورة بشكل عام في الفن الإسلامي.

تعتبر أحد أهم السمات المميزة للعمارة الإسلامية هي الزخرفة القائمة على الكتابة العربية، بدلاً من تمثيل الناس والحيوانات.

واحدة من أشهر الفسيفساء البيزنطية الباقية في آيا صوفيا، صورة المسيح على جدران الرواق الجنوبي العلوي حيث يحيطه من أقصى اليمين مريم العذراء، ومن أقصى اليسار يوحنا المعمدان. 4.08 م× 4.2 م

لكن دعونا الآن نلقي نظرة على التأثير البارز للفن البيزنطي في المجالات التالية.

الهندسة المعمارية

بعد استيلاء العثمانيون على الإمبراطورية البيزنطية، قاموا بدمج عناصرها وأسلوبها المعماري في مبانيهم، والذي شمل تحويلهم للكنائس بشكلها التقليدي إلى مساجدٍ ضخمةٍ ومتميزة.

من أهم الامثلة المعمارية المزينة بالزخرفة الإسلامية البيزنطية هي قبة الصخرة بالقدس، فقد قام البيزنطيون بتزيينها بدعوة من الحكام المسلمين.

تظهر التفاصيل المعقدة الموجودة في الفسيفساء لتلك الفتر، بأن المسلمين كانوا راضين تمامًا بالسماح للفنانين المسيحيين باتخاذ نهج عملي أكثر في الفن في هذا الوقت.

هذا يعني أن بعض المباني الفريدة التي أقيمت خلال هذه الفترة تم بناؤها بالفعل من قبل المسيحيين باستخدام الأنماط البيزنطية التقليدية.

مسجد سليمان القانوني، إسنطبول، تركيا.

الفسيفساء

صنعت الفسيفساء التي تزين جدران العمارة المسيحية الكلاسيكية، وأصبحت فنًا بارزًا آخر انتقل إلى الأراضي الإسلامية.

فسيفساء إسلامية تزين واجهة قبة الصخرة. القدس، فلسطين. Image by: Godot

وكان أحد أهم الاختلافات الرئيسية بين الفسيفساء البيزنطية والإسلامية أن المشاهد الجميلة غالباً ما تم إنشاؤها دون استخدام الأشكال الإنسانية في الفن الإسلامي.

وقد وضع بعض البلاط الشبيه بالفسيفساء بنقوش ثلاثية الأبعاد، والتي كانت مزينة بألوان صريحة وواضحة، في نمط هندسي تجريدي.

صورة مقربة لفسيفساء بمسجد الجمعة في هراة أو ااجامع الكبير في هراة. ولاية هراة، شمال غرب أفغانستان. Image by: Artacoana

السجاد

أنتج نساجو السجاد تصميمات جميلة ومعقدة باستخدام خطوط وحواف مستقيمة، وذلك باستخدام أشكال فنية متأصلة بعمق في المجتمعات الإسلامية، ودمجوا الحلقات المنحنية والمنحوتة بالأرابيسك (أسلوب الزخرفة الإسلامية) في العديد من تصميماتهم في الاحتفالات بالتراث الإسلامي، والذي سيصبح فيما بعد ميزة رئيسية في هذا الأسلوب الفريد.

سجادة أثرية على الطراز الفارسي. Image by Nazmiyal

وكان الطلب على السجاد الإسلامي المرموق متزايدًا بتكليفٍ من الملوك الأوروبية.

الفخار

لعب الفخار دورًا كبيرًا في الأحداث اليومية للفن الإسلامي. وعلى الرغم من الأشكال السابقة صُنعت دون تزجيج، لكن يقال إن أول دمج لتقنيات تزجيج الفخار يعود إلى القرن الثامن.

تأثر الفخار الإسلامي بشدة بالخزف الصيني، ومع أن الأشكال والزخارف تعبر عن أنماطٍ وقصصٍ خاصة بالثقافة الصينية، إلا أن الفنانون المسلمون أعجبوا إلى حد كبير بتصميماتها المعقدة.

استمر المسلمون في صناعة السيراميك باتباع أساليب الصينيين حتى ظهور أسلوب (هيسبانو موريسك) (Hispano-Moresque) الذي خلط العناصر الإسلامية والأوروبية معًا.

كما نرى، فقد استمر الفن الإسلامي  في التطور على الرغم من تأثره في بدايته بالفن البيزنطي، وقام بدمج أنماطٍ عديدة من المناطق والثقافات المختلفة في تصميماته، وإنتاج أشكال وزخارف جميلة وفريدة من نوعها.

اقرأ أيضًا عن الفن الصيني والفن الياباني

المصادر:
Qoura
Design Tutsplus

كيف فسر العلماء وجود مومياء قطة بثلاثة ذيول وخمسة أطراف خلفية؟

 

كيف فسر العلماء وجود مومياء قطة بثلاثة ذيول وخمسة أطراف خلفية؟

لقد ولّت الأيام التي كان لابد فيها من فك لفائف المومياء لاكتشاف مابداخلها. ساعدت التطورات في التكنولوجيا الطبية وتطبيق تلك التكنولوجيا على الأبحاث الأثرية من إحراز تطور كبير في الدراسات الأثرية، وخاصة فيما يخص المومياوات المصرية. ويتم فحص المومياوات الحيوانية بالإضافة إلى البشرية؛ لكن الأمور لاتسير دائماً كما هو مخطط لها، على سبيل المثال قدم “التشريح الرقمي”  لمومياء قطة اكتشافًاً غير متوقع فقد كانت لدى مومياء القطة ثلاثة ذيول وخمسة أطراف خلفية!

 

ماهي قصة الاكتشاف؟ وكيف فسر العلماء وجود مومياء قطة بثلاثة ذيول وخمسة أطراف خلفية؟

صورة توضح محتويات مومياء قطة بثلاثة ذيول وخمسة أطراف

تم تشريح قطة مصرية محنطة عمرها 2500 عام في متحف الفنون الجميلة في  Rennes، تم وضع القطة في جهار التصوير المقطعي لفحص الهيكل الداخلي. أفاد المعهد الوطني الفرنسي للأبحاث الأثرية (INRAP) أنه عندما بدأ علماء الآثار في تحليل إعادة البناء ثلاثية الأبعاد لأطراف المومياء، وكانت المفاجأة بأن اكتشفوا وجود ثلاثة ذيول وخمسة أطراف خلفية، بالإضافة إلى وجود كرة من القماش بدل الرأس. يمكن ألا يكون هذا استثنائياً.  حيث كشفت الفحوصات على المومياوات الحيوانية أن بعضها فارغ من الداخل، والبعض الآخر يحتوي على عظمة واحدة، وفي أحيان أخرى تكون القطة كاملة.

يعتقد الباحثون أننا هنا أمام عملية احتيال قديمة قد نظمها بعض الكهنة عديمي الضمير. حيث كان الطلب على مومياوات الحيوانات في تزايد مستمر، فقد تم الكشف عن ملايين الحيوانات المحنطة في سراديب الموتى، كانت تتضمن القطط والطيور والقوارض وحتى التماسيح. وكان هذا الطلب الضخم على المومياوات لأنها كانت تُقدم كهدايا مقدسة للآلهة التي تحمل نفس شكل الحيوان.

 

هل تعتقد فعلاً أن المشرفين على عملية تحنيط الحيوانات سيكونون دائماً عند حسن ظن عملائهم؟

قامت جامعة مانشستر بإجراء سلسلة من فحوصات الأشعة المقطعية والسينية على 800 مومياء لحيوانات يعود تأريخها مابين 1000عام قبل الميلاد و400 ميلادي، وكانت المفاجأة أن العديد من المومياوات ملفوفة بعناية وإتقان ولكنها إما تضم بعض البقايا من جثث الحيوان، أو أنها لا تضم شيئاً على الإطلاق.

إن تقنية التشريح الرقمي قدمت لنا فرصة رائعة للتعرف أكثر على عمليات تحنيط الحيوانات القديمة مع المحافظة على التراث الأثري أمناً للأجيال القادمة.

 

المصدر: Ancient Origins

مواضيع ذات صلة: الفن الفرعوني

اكتشاف أكبر موقع للتضحية بالأطفال في البيرو يحتوي 227 هيكلاً عظمياً

اكتشاف أكبر موقع للتضحية بالأطفال في البيرو به 227 هيكلاً عظمياً

 خلال أعمال التنقيب في الصحراء الساحلية بشمال البيرو اكتشف علماء الآثار ما يُعتقد أنه أكبر موقع للتضحية بالأطفال في العالم. حيث تم الكشف عن 227 هيكلاً عظمياً لأطفال تتراوح أعمارهم بين 4_ 14 عاماً .

بدأت أعمال التنقيب في موقع التضحية Huanchaco منذ العام الماضي، وهي مدينة سياحية تقع على شاطئ البحر بالقرب من Trujillo، ثالث أكبر مدينة في البيرو.

لماذا قام أصحاب ثقافة تشيمو Chimú بالتضحية بالأطفال؟

يعتقد الخبراء أن الأطفال قد تمت التضحية بهم من قِبل ثقافة تشيمو Chimú، وذلك لاسترضاء الآلهة، لتوقف ظاهرة جوية تدعى El Niño؛ والتي تتسبب بهطول الأمطار الغزيرة والفيضانات على ساحل البيرو.

وقال عالم الآثار Feren Castillo في جامعة تروخيو الوطنية:

تم الكشف في هذا الموقع عن أكبر عدد من رفات الأطفال الذين تمت التضحية بهم في العالم، ولا يوجد له مثيل في أي موقع آخر.

وقد أضاف أيضاً أنه ربما مازال لدينا الكثير لنكتشفه:

إنه أمر لا يمكن التكهن به، أينما حفرنا تظهر لدينا دلائل جديدة عن طقوس التضحية بالأطفال.

كان الأطفال مدفونين بوضعية مواجهة للبحر، وبعض الجثث لايزال يغطيها الجلد والشعر وأقراط فضية.

كان Huanchaco موقعاً حصلت فيه العديد من طقوس التضحية بالأطفال خلال فترة ثقافة تشيمو Chimú، التي ازدهرت مابين 1200_1400 للميلاد.

وجد الباحثون آثار أقدام نجت من المطر والتآكل. تشير آثار الأقدام الصغيرة إلى أن الأطفال ساروا من مدينة Chan Chan إلى مكان وفاتهم، وهي مدينة ضخمة قديمة مبيية من الطوب اللبن على بعد ميل من موقع الدفن.

توجد خدوش على عظام الصدر في بقايا الآطفال، والتي ربما يكون قد سببها سكين طقسي. وتوحي أقفاص الصدر المخلوعة أن من كان يقوم بالتضحيات كان يحاول على الأغلب انتزاع قلوب الأطفال.

امتدت حضارة التشيمو Chimú على طول ساحل بيرو إلى الإكوادور، لكنها اختفت في عام 1475 بعد أن تم احتلالها من قبل إمبراطورية الإنكا، والتي بدورها سقطت أمام الغزاة الإسبان.

ولا تزال المنطقة تعاني من الآثار المدمرة لظاهرة إل نينيو El Niño. حيث قتل 67 شخصًا في مارس 2017، وأجبر الآلاف على الإخلاء بسبب الأمطار الغزيرة التي دمرت 115000 منزل، ودمرت أكثر من 100 جسر في بيرو.

بدأت أعمال التنقيب في Huanchaco منذ عام 2011، ولكن تم نشر النتائج لأول مرة في العام الماضي من قبل ناشيونال جيوغرافيك، وقد ساعد ذلك في تمويل البحث.

المصدر

Archaeology Magazine

Ancient Origins

اكتشاف جمجمة شبه كاملة لسلف أحفورة “لوسي” الشهيرة

اكتشاف جمجمة شبه كاملة لسلف أحفورة “لوسي” الشهيرة

اكتشف علماء الحفريات جمجمة شبه كاملة لحفرية أوسترالوبيتيك الأنامي في إثيوبيا، يعود تاريخها إلى 3.8 مليون عام، ممايشير إلى أن الأنامي ربما تداخل مع نوع أوسترالوبيتيك العفاري (النوع التي تنحدر منه أحفورة لوسي lucy الشهيرة) لمدة لا تقل عن 100.000 عام.

يسلط هذا الاكتشاف الضوء على أوجه التشابه مع لوسي وهي عينة من (أوسترالوبيتيك العفاري) تم اكتشافها عام 1974م ويعود تاريخها إلى حوالي 3.2 مليون سنة ولكن مع وجود بعض الاختلافات الملحوظة بين العينتين.

وقد صرح المؤلف المشارك في الدراسة يوهانس هيل سيلاسي وهو عالم في الحفريات في متحف كليفلاند للتاريخ الطبيعي: “ماعرفناه عن أوسترالوبيتيك الأنامي حتى الآن كان مقتصراً على بقايا فك وأسنان، لم يكن لدينا أي بقايا للوجه أو الجمجمة باستثناء جزء صغير واحد بالقرب من منطقة الأذن”.

وقد تغير كل ذلك في 10 شباط 2016، عندما عثر سيلاسي وزملاؤه على قطعتين كبيرتين لجمجمة في جودايا في منطقة عفار في أثيوبيا. وقالت بيفرلي سايلور أستاذة علم طبقات الأرض والرواسب بجامعة at Case Western Reserve University : “كانت الحفرية مدفونة في رمل دلتا تابعة لنهر قديم، يصب هذا النهر في شاطئ بحيرة”.

جمجمة شبه كاملة لسلف أحفورة “لوسي”

وقال هيل سيلاسي: “ربما كان يعيش هذا السلف على طول النهر وشواطئ هذه البحيرة، كانت هذه الشواطئ عبارة عن غابات ولكن المنطقة المحيطة بها كانت قاحلة”. قامت سايلور وزملاؤها بتحديد عمر الحفرية بثقة من خلال تأريخ المعادن والرماد البركاني في المنطقة، وتبين أنها تعود إلى 3.8 مليون عام، ويعتقد العلماء أن العينة تعود إلى ذكر استناداً إلى حجم العظام.

وقالت أميلي بوديت عالمة أنثروبولوجيا الحفريات بجامعة Witwatersrand: “هذه العينة تملأ فجوة مهمة في معرفتنا للتشريح القحفي للأسترالوبيثيك خلال هذه الفترة، الحفرية لا تكشف فقط عن المزيد من التغييرات في أسترالوبيثيك عبر الزمن، ولكنها قد تساعد في إلقاء الضوء على الروابط الجغرافية بين الأنواع، إن الجمجمة تشترك في السمات مع أوسترالوبيتيك الأفريقي، وهو نوع منقرض موجود في جنوب إفريقيا.

وقد أفاد الباحثون لمجلة Nature أن وجه هذا السلف لم يكن ضخمًا تمامًا أو قاسيًا مثل لوسي ، لكنها لا تزال تُعتبر غليظة. كانت الأنياب أصغر من تلك الموجودة في البشر القدامى ولكنها أكبر من تلك التي لدى أسترالوبيثيك العفاري مثل لوسي. الفك السفلي بارز مثل القرود. وهذا مختلف تمامًا عن الوجوه المسطحة نسبيًا للإنسان الحديث والأنواع الأخرى من جنس Homo ، التي تطورت لأول مرة منذ حوالي 2.8 مليون عام.

وقالت ستيفاني ميليلو مؤلفة مشاركة في الدراسة، وهي عالمة الحفريات في معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا التطورية في ألمانيا: “إن العظام الكبيرة لأستروبيتك ربما تطورت لمساعدة هؤلاء الأسلاف على مضغ الأطعمة القاسية”. وقال هيل سيلاسي إن الوجوه الأكثر نعومة للإنسان ربما تطورت مع انتقال أجداد البشر إلى مواطن أكثر انفتاحًا في الأراضي العشبية، عندما بدأوا بدمج اللحوم في وجباتهم الغذائية، مما أدى إلى تغذية أدمغة أكبر حجماً وتقليل الحاجة إلى المضغ.

الأحفورة الجديدة تضيف دليلاً جديداً على أن البشر الأوائل كانوا مجموعات متنوعة، حيث أن أشكال الجماجم والأسنان الموجودة في الأوسترالوبيتيك العفاري والأنامي مختلفة تمامًا. وقال هيل سيلاسي إن جزءًا آخر من جمجمة يرجع تاريخها إلى 3.9 مليون عام، عثر عليها في موقع العواش الأوسط في إثيوبيا، تعود إلى أوسترالوبيتيك العفاري هذا يعني أن أوسترالوبيتيك الأنامي لم ينقرض إلا بعد 100000 عام على الأقل من ظهور أوسترالوبيتيك العفاري على الساحة.

اعتقد العلماء سابقاً أن أسترالوبتيك الأنامي قد تطور بشكل تدريجي إلى استرالوبتيك العفاري، لكن هذا الاكتشاف يشير إلى أن هذين النوعين كانا يعيشان معاً في عفار، وهذا يغير فهمنا للعملية التطورية، ويجعلنا نطرح أسئلة جديدة مثل هل كانت هذه الأنواع تنتافس على الغذاء أو المكان؟

المصدر: live science

الفن القديم والفن الآسيوي الفن الصيني والفن الياباني

هذه المقالة هي الجزء 6 من 9 في سلسلة مقدمة في تاريخ الفن القديم

الفن القديم والفن الآسيوي الفن الصيني والفن الياباني

أنجبت القارة الآسيوية الضخمة أنواعًا عديدة من الفنون التي تسبق أي شيء ينظر إليه في الغرب لكن يعتبر أهمها الفن الصيني والفن الياباني.

Dogū – 1000 BC – 400 BC One of several small Japanese statues in which human and animal are combined. Tokyo Museum, Japan.

كان للفن الصيني تأثيرًا كبيرًا على الفنون والحرف اليدوية الأخرى في دول شرق آسيا كالهند واليابان، وعلى الرغم
أن الأخيرة حققت شهرة عالمية في مجالات متنوعة كالخزف وطي الورق (الأوريغامي) والتصوير بالحبر
ونحت الخشب.

وقد تطور الفن الهندي -والذي تميز بطول العمر الاستثنائي- بشكل أكثر استقلالية عن الفن الصيني على الرغم من تأثره بشدة بالنحت اليوناني والفن الإسلامي الفارسي.

الفن الصيني

انتجت الصين فنًا متنوعًا على مدار آلاف السنين، وعلى الرغم من التطور المستمر للتقنيات والتغيرات الكثيرة
للخامات والأذواق بالإضافة لتأثير الأفكار الجانبية الفردية، يوجد بعض الصفات الكامنة في الفن الصيني والتي تجعل معرفته وتمييزه ممكنًا بشكل واضح، بغض الظر عن مكان وزمان إنتاجه.

وتشمل تلك الصفات الأساسية حب الطبيعة، والإيمان بالقدرة الأخلاقية والتربوية للفن، بالإضافة للإعجاب بالبساطة وتقدير كل ما تنجزه الفرشاة.

وقد لوحظ الولاء للعناصر والتصاميم المستخدمة بشكل كبير، كأوراق اللوتس والتنانين.

أثر الفن الصيني تأثيراً هائلاً على جيرانه في شرق آسيا، ولا يزال التقدير العالمي لإنجازاته، لكن الفرق المهم بين الصين والعديد من الثقافات القديمة الأخرى هو أن نسبة كبيرة من الفنانين الصينيين لم يكونوا محترفين، بل كانوا هواة.

طلاب الفيلسوف (كونفوشيوس) بمعرفتهم لمبادئه الرصينة مَن نشروا الشعر كرجال أدب، وكان الفن بالنسبة للصينيين عمومًا وسيلة لالتقاط وعرض النهج الفلسفي في الحياة، لذا غالباً ما كان الفن الذي أنتجوه ضئيلًا أو متقشفًا فنيًا قليلًا للعين الفنية الغربية.

كان الفن طوال تاريخ الصين يُقصد به التعبير عن الشخصية الجيدة للفنان وليس مجرد عرض لمهاراته الفنية العملية.

كانت الفنون الحقيقية الصينية هي الخط والرسم، وقد تمت طباعة النصوص لتوجيه الناس حول تاريخ الفن الصيني مع معلومات مفيدة لمزايا الفنانين السابقين، فأصبح شكل الفن موحدًا بطريقةٍ ما باتفاقياتٍ يجب الالتزام بها، وذلك حين نسخوا فنون القدماء للتعلم منها.

واحدة من أشهر النصائح حول الفن الأكثر شهرة وطويلة الأمد، هي القائمة المكونة من ست نقاط للناقد والمؤرخ في القرن السادس الميلادي (شي هي).

عند النظر في مزايا اللوحة ، يجب على المشاهد تقييم ما يلي (والنقطة الأولى هي الأكثر أهمية):

  1. صدى الروح وانعكاسها، أي وجود الحيوية في اللوحة.
  2. حركة العظام (الجسد)، أي طريقة استخدام الفرشاة.
  3. الاتصال بين الفنان والعنصر، وهو إتقان الأشياء لتأخذ شكلها.
  4. جدارة طريقة الكتابة، والتي تتعلق بوضع طبقات الألوان.
  5. التقسيم والتخطيط ، أي أهمية الترتيب.
  6. وراثة طباع الفن القديم، وذلك بنسخ النماذج الفنية القديمة.

وقد كانت هذه القواعد صارمة نسبيًا لإنشاء الفن وتقديره؛ للاعتقاد بأنه يجب أن يفيد المشاهد بطريقة أو بأخرى.

لكن هذا لا يعني أنه لم يكن هناك من تجاهل الاتفاقيات وخلق أعماله بطريقته الفريدة، كحال أي فن في العالم. فقد سُجلت حالات لفنانين رسموا على أنغام الموسيقى ولم يرمقوا حتى إلى اللوحة بنظرةٍ أثناء الرسم، ولشخص آخر لم يرسم إلا وهو في حالة سكر، وذلك باستخدام قبعته قبعته بدلاً من الفرشاة!

هناك أيضًا من استخدم أصابع يده وقدمه للرسم، حتى أن واحدًا قام برش حبر على الحرير على أرضية الاستوديو، وقام بجر مساعدٍ له فوقها!

التصوير الصيني

رسم الصينيون بمواد مختلفة العديد من الأشكال، وقد رسموا على الجدران والتوابيت والصناديق، وقاموا بتزيين لفائف الحرير المحمولة في اليد أو المعلقة على الجدران، بالإضافة لأغلفة الكتب، لكن كان على كل فنان أن يصنع أحباره الخاصة بشق الأنفس لعدم وجود إنتاجٍ تجاريٍ لها.

أما الموضوعات الأكثر شيوعًا للوحة الصينية هي الصور الشخصية (البورتريه) والمناظر الطبيعية. وقد تمتعت لوحات الوجوه بضبطٍ وإتقانٍ شديدين؛ لأن الشخص المرسوم عادةً ما كان عالمًا أو راهبًا أو مسؤولًا في المحكمة.

مما دعاهم لتصوير تلك الشخصيات الأخلاقية باحترام، لتخرج لنا النتيجة بتلميحات واضحة للعاطفة، أو معبرة بشدة عن السمات الشخصية بمهارة.

تفصيلة من لوحة جدارية في مقبر “هان” لامرأتين. 25-220 م. Zhengzhou, Henan province, China.

خُصص فرع كامل لرسم الشخصيات التاريخية في بعض المشاهد التعليمية من حياتهم، وذلك لإظهار السلوكيات الأخلاقية بشكلٍ واضحٍ في اللوحة.

بطبيعة الحال، كانت هناك لوحات أكثر واقعية يمكن رؤيتها في اللوحات الجدارية للمقابر، بالإضافة للوحات للحياة الأسرية الصينية والتي وضعت عادةً في حدائق البيوت.

أما المناظر الطبيعية، فقد كانت موجودة طوال فترة وجود الفنانين لكنها قد انطلقت عندما اهتم الفنانون أكثر بمكانة الإنسانية في الطبيعة.

عادةً ما قصد بلوحات المناظر الطبيعية التقاط موسم معين من السنة، ولا ينبغي أن تفاجئ عند رؤية هيمنة المياه والجبال على تلك اللوحات؛ فجملة “منظر طبيعي”  باللغة الصينية تترجم حرفيًا إلى “الجبال والمياه”.

وفقًا للإيمان بأهمية التفكير والتأمل في الطبيعة الهادئة، فنادرًا ما وجد أي شيء يزعج هدوء لوحات المناظر الطبيعية، كالعمال مثلًا والزراعيين.

كانت اللوحات التفصيلية لحيوان أو زهرة أو طائر مشهورة بشكل خاص، وأصبحت بعض الحيوانات رمزية لبعض الأفكار، فقد أشير إلى الزواج السعيد بزوج من بط الماندرين، ورسمت الغزلان إشارة للمال، حين دلت الأسماك على الخصوبة والوفرة.

نفس الشيء للنباتات، فالخيزران ينمو بشكل مستقيم وصحيح؛ كما ينبغي أن يكون عليه الباحث الجيد، ويمثل الصنوبر والسرو القدرة على التحمل، أما الخوخ فيعبر عن طول الدوام.

النحت الصيني

أما بالنسبة للنحت، فقد اتخذ معاييرًا أخرى لا تقل جمالًا عن سابقتها، لكن للأسف لم تنج أعمال كثيرة مه، لكن لا يزال من الممكن رؤية بعض الأمثلة الضخمة مثل تلك المقطوعة من الوجه الصخري في كهوف Longmen، ومعبد Fengxian بالقرب من لويانغ.

يوجد مثال آخر من أشهر ما أنجب النحت الصيني وبمقياس الحجم الطبيعي للإنسان، هو “جيش التيرا- كوتا”، وهو عبارة عن أكثر من 7000 محارب و 600 خيل، بالإضافة للعديد من العربات؛ وذلك لحراسة مقبرة الإمبراطور (تشين).

“Terracotta Army”

وما يميز تلك القطع الفنية هو المجهود الجبار المبذول لجعل كل شخصية فريدة على حدى، على الرغم من أنها مصنوعة جميعها من أجزاء مجمعة محدودة من الجسم والمصنوعة من قوالب، لكن تم إعطاء وهم أن الجيش لشخصيات حقيقية مكون بأفرادٍ مختلفين، بتعديلات ماهرة وبسيطة لكلٍ من الوجه والشعر.

الفن الياباني

جاء محو الأمية إلى اليابان عبر الصين، وتم اعتماد نظام الكتابة الصيني على الرغم من أنه تم تطوير أبجدية صوتية، وكما هو الحال في الصين، كانت النتيجة أن الرمزية المرتبطة بالنباتات والحيوانات وغيرها من الأشياء أثرت بشدة على محتوى ومعنى الفن الياباني والتصميم.

بعد القرن الرابع عشر، تطورت اللوحة اليابانية بطرق مختلفة، وأصبحت تلك الاختلافات واضحة حين عزلت اليابان نفسها عن العالم الخارجي (خلال القرنين 17 و 19).

تميل اللوحة اليابانية إلى أن تكون كلا الشيئين: أكثر تجريدية وأكثر طبيعية وواقعية من نظيرتها الصينية، ويميل النمط الياباني عمومًا إلى التقليل من الأساسيات بمحاولة لالتقاط الشكل والخصائص الأساسية لموضوع معين.

كما طور أسلوب الرسم المسمى “Ukiyo-e” والذي أصبح معروفًا للغربيين بشكل رئيسي من خلال المطبوعات المحفورة على الخشب في القرن التاسع عشر، طرقًا مميزة ومثيرة لاستخدام الخط واللون في المناظر الطبيعية والبورتريه وغيرها من الموضوعات.

Example for (Ukiyo-e). “The Great Wave off Kanagawa”, 1615–1868, color woodblock print.

تطور فن المناظر الطبيعية إلى مستوى عالٍ، حيث خلقت الترتيبات المصممة بعناية وَهم تم فيه التقاط جوهر الطبيعة. وقد تم عزل الزهور الفردية أو الأشجار وغيرها من النباتات والحيوانات وحتى الحشرات، بالطريقة نفسها؛ في سياق الرمزية المرتبطة بكل لوحة.

النحت الياباني

تعتبر اليابان خزانة لبعض أعظم المنحوتات في العالم، وكلها دينية تقريبًا، وتعتمد بشدة في البداية على نماذج من الفن الصيني.

ينقسم التاريخ الياباني قبل أن تأتي البوذية إلى ثلاثة عهود رئيسية، وبدأت من هذه الفترات في الغالب النحت الخزفي الصغير.

التصوير بالحبر – Zen-Ink Painting

اشتهر اليابانيون بطريقة التصوير والتلوين بالحبر الأسود، والتي تسمى Zen-Ink Painting. واعتمدت الطبقة المحاربة على ذلك النوع من الفن.

فقد تأسست أخلاقيات الساموراي (المحاربين) وبراعتهم على مبادئه، فكان يجب أن تكون ضربات الساموراي عفوية وفورية، دون أي تفكير يتداخل بين الهدف والفعل، وكان ذلك مضمون تلك التقنية الفنية.

وبحلول القرن الرابع عشر، سيطرت تلك التقنية على الفنون
في اليابان حيث هيمنت على الفن الآسيوي كله. وقد استخدم الحبر الصيني الأسود الخالص كالوسيط الرئيسي، وقد تم رسم المواضيع أيضًا من المرجع الصيني، كالمناظر الطبيعية
وفصول السنة والبورتريهات.

كانت تلك التقنية مرهفة الحس للغاية، وذلك أثناء إنشاءها ومشاهدتها، وهي تتطلب الكثير من الجمال والرؤية مباشرة، باعتبارها انعكاس عفوي حساس للطبيعة على الورق، وقد تم تحقيق ذلك من خلال تقنيات التأمل العديدة.

تميز فن الحبر الياباني بالاستخدام المتكرر للمواضيع الشائعة كالدينية، لكن من المهم أن نلاحظ هنا أنه على الرغم من أن اللوحات لشخصيات دينية، فإنها عادة ما تجعل الموضوع
إنسانيًا تمامًا وخاليًا من العديد من زخارف الدين.

لعل أكثرالموضوعات شهرة بتلك التقنية هي المناظر الطبيعية، لكن يكمن التميز هنا بأن الموقف الآسيوي عمومًا تجاه قوة الطبيعة قام بتشريب تلك اللوحات بروحانية معينة، غير شائعة في المناظر الطبيعية الغربية.

في كثير من الأحيان تم تصوير شخصيات أخرى من الطبيعة كالطيور والخيزران والأشجار، بنفس الجودة الروحية.

ما ذكرناه آنفاً هو ما ميّز الفن الصيني والياباني بحق.

اقرأ أيضًا عن الفن الفرعوني

المصادر:

Visual Arts cork
Ancient
Char.txa.cornell
Academic

الفن القديم والفن الروماني

هذه المقالة هي الجزء 5 من 9 في سلسلة مقدمة في تاريخ الفن القديم

سلسلة الفن القديم والفن الروماني

أصل الفن الروماني

كان الفن الروماني القديم واسعًا ومنتشرًا للغاية، فقد امتد إلى ما يقرب من 1000 عام بين ثلاث قارات، أوروبا وإفريقيا وآسيا. ويعود تاريخ الفن الروماني إلى عام 509 ق.م مع تأسيس الجمهورية الرومانية، واستمر حتى عام 330 م.

بدأ الفن الروماني بصب الكثير من الثقافات في مدينة روما باعتبارها بوتقة انصهار حضارية، ولم يكن لدى الرومان أي قلق بشأن التأثيرات الفنية الأخرى من ثقافات البحر المتوسط التي أحاطت بها وسبقتها.

من الشائع أن نرى التأثيرات اليونانية والمصرية والإتروسكانية -حضارة قديمة عاشت في إيطاليا- على جميع أشكال الفن الروماني.

عندما أدرك النقاد أن عدد كبير من أفضل القطع الرومانية كانت في الواقع نسخًا، أو على الأقل مستوحاة من الأصول القديمة التي فُقدت، بدأ تقدير الفن الروماني  -بعدما ازدهر جنبًا إلى جنب بجانب فنون العصور الوسطى وعصر النهضة– بالنزول.

على الرغم من أن روما ظلت لفترة طويلة مركزًا للفن الروماني، ظهرت حينها مراكز عديدة لإنتاج الفنون متبعة اتجاهات وأذواق خاصة بها، لا سيما في الإسكندرية وأنطاكية وأثينا.

نتيجة لذلك، جادل بعض النقاد في أمر عدم وجود شيء اسمه (الفن الروماني).

تطور الفن الروماني

من الجدير بالذكر أن القطع الفنية المنتمية للمدن التي غزاها الرومان سُلبت وتمت إعادة عرضها على الجمهور.

تم إنشاء المدارس الفنية في جميع أنحاء الإمبراطورية تحت تدريس الفنانين الأجانب، بالإضافة لنشر ورش العمل في كل مكان، وقد أصبح الفن متعلقًا بشكلٍ شخصي بالأفراد والأفكار، وذلك للزيادة الكبيرة لرعاة الفنون من الجهات الخاصة، بدلاً من رعاية الدولة.

يظهر ذلك جليًا في الأشكال النابضة بالحياة للأفراد في اللوحات والمنحوتات. وعلى غير عادة الحضارات السابقة، أصبح الفن متاحًا لجميع طبقات المجتمع وليس للأثرياء فقط.

العلاقة بين الفن الروماني واليوناني (الإغريقي)

كثيرًا ما اختلط علينا الأمر بين الفنين اليوناني والروماني؛ وذلك لأن الفن اليوناني أثّر تأثيرًا قويًا على الممارسات الفنية الرومانية، وعلى الرغم من غزو روما لليونان، فقد أخذت روما الكثير من التراث الثقافي والفني منها، معتمدةً عليها في إنتاج أكثر أعمالها شهرة.

كُلِّف العديد من الرومان بإصدار نسخ من الأعمال اليونانية الشهيرة تعود لعدة قرون سابقة؛ مما نراه الآن في إصداراتٍ رخاميةٍ رومانية، من تلك الأصول البرونزية اليونانية المفقودة، مثل تمثال “Doryphoros” للفنان (Polykleitos).

نسخة من تمثال “Doryphoros” من العصر الروماني للفنان (Polykleitos). متحف نابولي الأثري الوطني. المادة: الرخام. الارتفاع: 2.12 متر (6 أقدام و 11 بوصة).

ولم يؤمن الرومان -كما نفعل اليوم- أن نسخة العمل الفني تقل قيمة من العملي الأصلي، لكن رغم ذلك صُنعت النسخ في أغلب الأحيان بتغييرات بسيطة عليها، ولم تكن نسخًا مباشرة.

وقد تم إجراء تلك التغييرات على سبيل الدعابة، وذلك بتحويل العنصر الجاد و”البائس” في الفن اليوناني رأسًا على عقب.

لذا فالفنان الروماني لم يكن مجرد ناسخ، بل تكيف بطريقة واعية ورائعة مع الثقافات الأخرى، فتلك القدرة الإبداعية على التحويل وجمع العناصر وإضافة لمساتٍ من الفكاهة، هي ما جعلت الفن الروماني “رومانيًا”.

سمات الفن الروماني

أعتنق فنانو العصر الروماني الفن الكلاسيكي بشكلٍ مذهل، والذي أخذوه عن الفن اليوناني بفترتيه: الكلاسيكي والهيلينستي.

وتشمل تلك العناصر الكلاسيكية عدة خصائصٍ، منها:

  • الخطوط الناعمة والأقمشة الأنيقة
  • الأجسام العارية المثالية
  • الأشكال الطبيعية بشكلٍ مبهر، والنسب المتوازنة

والتي أتقنها الإغريق على مدار قرونٍ من الممارسات الشاقة.

وقد ولع معظم أباطرة الرومان بالفن الكلاسيكي، فقد تم صنع تمثال “Augustus of Primaporta” في نهاية حياة الإمبراطور “Augustus“، ورغم ذلك جسّده التمثال في فترة الشباب وأظهره بوسامة مثالية وجسم رياضيّ، وتم استخدام جميع سمات الفن الكلاسيكي عليه.

“Augustus of Primaporta”، القرن الأول الميلادي. متاحف الفاتيكان. حقوق ملكية الصورة: Steven Zucke.

وكان الإمبراطور “Hadrian” معروفًا باسم ” philhellene”، أي العاشق لكل ما هو يوناني! فقد بدأ في ارتداء “لحية الفيلسوف” اليونانية في ظهوره الرسمي أمام الشعب، والتي لم يكن سمع أحد بها من قبل هذا الوقت، وقام بتزيين قصره بالكثير من اللوحات اليونانية المشهورة.

لكن بعد ذلك، بدأت الإمبراطورية بالابتعاد عن التأثيرات الكلاسيكية السابقة والرجوع لفنون العصور القديمة، والذي نراه واضحًا في منحوتة (Chariot procession of Septimus Severus).

وقد شملت خصائص الفنون القديمة عدة أشياءٍ، أهمها:

  • الإظهار بواجهةٍ أمامية
  • صلابة الأقمشة والملابس وعدم انسيابها
  • الخطوط العميقة المحفورة؛ مما يجعل الشكل يبتعد عن الطبيعة
  • ظهور الأشخاص كمجموعات وقلة الفردية
Chariot procession of Septimus Severus، تعود لعام 203 ق.م. متحف القلعة، طرابلس، ليبيا.

وقد شمل الفن الروماني مجموعة واسعة من الوسائط والخامات، فقد تضمن أعمالًا من التصوير الجداري (الفريسكو) والفسيفساء والرخام، وأنتج الكثير من الأعمال الفضية والبرونزية وغيرها، بالإضافة لاستعماله الأحجارِ الكريمة.

وذلك بالإضافة لاهتمامهم بالفنٍ المصنوعٍ خصيصًا للمنازل، والذي قام ملّاكها بعرض الأعمال الفنية فيها للجمهورِ والزوار، بغرض العرض والتعليم.

أخذت الزخارف اهتمامًا كبيرًا في منازل ذلك العصر، وتم دمج جميع اللوحات الجدارية والفسيفساء والمنحوتات بسلاسة مع العناصر الفاخرة الصغيرة كالتماثيل البرونزية والأوعية الفضية.

أما بالنسبة للمواضيع التي استخدموها، فقد تراوحت بين عدةٍ شائعين:

  • تماثيل الأسلاف المهمة والمشهورة
  • المشاهد الأسطورية والتاريخية
  • الطبيعة الصامتة والمناظر الطبيعية

وقد أدى استخدام تلك الأفكار لخلق فكرة رئيسية عند الجمهور تعبر عن مدى وسع معرفتهم الفكرية، وكأنما نقعوا في الثقافة نقعًا.

النحت الروماني

صنع النحاتون الرومانيون نسخهم الشهيرة من روائع وأعمالٍ لا تقدر بثمن من اليونان القديمة؛ والتي كانت ستخسر تمامًا وجودها في الفن العالمي، وقد خُصصت مدارس لنسخ الأعمال اليونانية الأصلية الشهيرة، في أثينا وروما نفسها.

فضّل الرومان البرونز والرخام على أي شيء آخر على أعمالهم، وقد أنتجوا أيضًا نسخًا مصغرة من النسخ الأصلية اليونانية، والتي جُمعت من قبل عشاق الفن ووضعها في المنازل.

لكن بحلول منتصف القرن الأول الميلادي، بدأ الروم بالابتعاد عن جذورهم اليونانية فسعى الفنانون لالتقاط وإنشاء تأثيرات بصرية للضوء والظل من أجل واقعية أكبر.

نُحتت التماثيل النصفية باهتمامٍ أكبر بالتجاعيد والندوب لتحاكي الحقيقة، بالإضافة لجعلهم التماثيل الكبيرة أكثر ضخامة.

التصوير الجداري الروماني

كانت التصميمات الداخلية للمباني الرومانية بدميع أنواعها مزخرفة بألوان وتصاميم جريئة، والتي تراوحت بين تفاصيلٍ معقدة وواقعية إلى الأشكال الانطباعية. وقد وجدت في المباني العاملة والمناز والمعابد والمقابر، وصولًا للهيئات العسكرية.

تفصيلية من لوحة جدارية لحديقة في الهواء الطلق من غرفة الطعام من قصر “Livia” زوجة أوغسطس. قصر ماسيمو، روما، إيطاليا.

فضل رسامو الجدران الرومان ألوان الأرض الطبيعية، مثل الدرجات الداكنة من الألوان من الأحمر والأصفر والبني، وقد استخدمت الأصباغ الزرقاء والسوداء أيضًا في التصاميم البسيطة.

شملت موضوعات التصوير الجداري مشاهد من الأساطير والطبيعة، بالإضافة لاستخدامهم المنظور المعماري لإضفاء خداعٍ بصري، بالإضافة للنباتات والحيوانات.

قام الرومان بتصوير المناظر الطبيعية ومناظر كاملة للمدينة بتقنية البانوراما وبزاوية 360 درجة بشكلٍ مذهل، والتي نقلت المشاهد من حدود غرفته الصغيرة إلى عالمٍ لا حدود له من خيال الرسام.

من الأمثلة البارزة على ذلك، بيت ” Livia” في روما والذي يتضمن بانوراما لحديقة تم صنعها بشكل انطباعي، والذي يدور حول غرفةٍ واحدة بشكل كامل متجاهلًا الزوايا تمامًا.

أغراض الفن الروماني

تم استعمال الفن الروماني لعدة أغراض، منها: العسكري والديني والجنائزي. أما العسكري، فقد قامت الأعمال التذكارية ذات الوظيفة التعليمية والاحتفالية باحتلال مكانة كبيرة في فن ذلك العصر.

عبّرت الأقواس والأعمدة -مثل قوس تيتوس (Arco di Tito) وعمود تراجان (Trajan’s Column)- عن الانتصارات والحروب والحياة العسكرية عن طريق تصوير الأراضي الأجنبية وأعداء الدولة أحيانًا.

عمود تراجان أو “Trajan’s Column”. من أشهر المعالم الأثرية الرومانية، يرجع لعام 113 م . روما، إيطاليا.

ثم تم التعبير عن الفن الديني في العصر الروماني بشدة –كحال كل الفنون القديمة-. فقد صنعت تماثيل غاية في الجمال للعبادة تمثلت في آلهتهم: ك ڤينوس وجوبيتر.

شقت ديانات وآلهة من ثقافات أخرى طريقها للعاصمة الرومانية، كالإلهة المصرية “إيزيس” والإلهة الفارسية “ميثراس” حتى وصول المسيحية في نهاية المطاف.

جلبت كلًا من هذه الديانات مجموعاتها الفريدة من القطع الفنية إلى الثقافة الرومانية؛ لنشر عبادتها وتعليم أتباعهم.

أما بالنسبة للفن الجنائزي، فقد ترك الرومان وراءهم صورًا عرفتهم كأفراد معروفين بعد موتهم، وغالبًا ما أكدت الصور الجنائزية على السمات الفريدة للأشخاص، أو الآلهة المفضلة لديهم.

استخدم الفن الجنائزي الروماني العديد من الخامات وامتد على جميع الفترات، وقد تضمن عدة أشياء، منها:

  • التماثيل النصفية
  • نقوش على الحائط في المقابر جماعية للطبقة العاملة
  • والمقابر المزينة للعائلات العريقة

بالإضافة إلى ذلك، وجدت لوحات لوجوه الفيوم –والتي ذكرناها في مقالنا السابق- مرسومة على المومياوات والتوابيت، ولأن الموت قد مس جميع مستويات المجتمع، رجالًا ونساءً وأباطرة وعمالًا وأحرارًا-، سجل الفن الجنائزي تجارب متنوعة عديدة لمختلف الشعوب التي عاشت في الإمبراطورية الرومانية القديمة.

المصادر:
Ancient History
Khan Academy

Exit mobile version