الهلاوس في اضطراب الكرب التالي للصدمة

الهلاوس في اضطراب الكرب التالي للصدمة

وجود الهلاوس في اضطراب الكرب التالي للصدمة, لا زال محل الجدل في الدراسات العلمية. ففي الدليل التشخيصي المعتمد عالمًا, لا وجود للهلاوس بين المعايير, بيد أن بعض الدراسات تؤكد وجودها. كما أن الهلاوس مرتبطة أكثر بالأضطرايات التي تسمى بالسايكوسس (مثل شيزوفرينيا) كما قد تظهر في الاكتئاب الحاد. في هذا المقال نستعرض بعض من جوانب اضطراب الكرب التالي للصدمة واحتمالية ظهور الهلاوس لدى المرضى. من الجدير بالذكر هو أن الهلاوس تختلف عن فلاش باك المنتشرة بين مرضى PTSD.

ما هو ااضطراب الكرب التالي للصدمة (PTSD)؟

اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) هو اضطراب يتطور في بعض الأفراد الذين عاشوا تجربة مروعة أو مخيفة أو خطيرة. من الطبيعي أن يشعر الإنسان بالخوف أثناء وبعد موقف مؤلم. الخوف جزء من استجابة “القتال أو الهروب” في الجسم، التي تساعدنا على تجنب الخطر المحتمل أو التصدي له. قد يعاني الأشخاص من مجموعة متنوعة من التفاعلات بعد التعرض للصدمة، ويتعافى معظمهم من الأعراض الأولية مع مرور الوقت. أما الذين يستمرون في تجربة مشكلات قد يتم تشخيصهم بمرض PTSD.(1).

تم التعرف على اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) في البداية كتشخيص في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM) في عام 1980. بدأت مجالات علم الطب النفسي في هذا الوقت تفهم أن العديد من المحاربين القدامى في فيتنام قد تعرضوا لأضرار نفسية وكانوا غير قادرين على التكيف مع الحياة المدنية. لقد واجهت فكرة إضافة PTSD إلى الإطار التشخيصي معارضة في البداية، ليس أقلها لأنها تتنافى مع الطبيعة الغير نظرية للDSM بإدراج مرض له طبيعة سببية محددة وواضحة (الصدمة). ومع ذلك، تطورت فهم عام بأن أعراض نفسية تشبه تلك التي شعر بها المحاربون القدامى في فيتنام قد تنجم عن أي حادث مكثف أو مرعب أو مجهد كان يشكل تهديداً للحياة وخارج النطاق الطبيعي للتجربة اليومية. (2)

أعراض الاضطراب:

لهذا الاضطراب أعراض محتلفة, وتم تقسيمها على أربع فئات: (3)

إعادة التجربة: أفكار وذكريات وصور اقتحامية, كوابيس وأحلام مزعجة وفلاش باك.

التجنب: تجنب الأشياء والأشخاص والأماكن المرتبطة بالحدث الصادم, أو تجنب سردها أو التفكير بها.

السلبية في الاعتقاد والمزاج: فقدان الذاكرة, لوم النفس أو الآخرين, المشاعر السلبية كالخزي, الرعب, الذنب والخوف. صعوبة اختبار المشاعر الإيجابية, الشعور بالإنفصال عن الآخرين, فقدان الرغبة في الأنشطة.

فرط اليقظة: زيادة القلق, صعوبة النوم, ضعف التركيز, التهيج, نوبات الغضب والعصبية, سلوكيات تدميرية والاستجابة المفرطة.

أسباب وعوامل الخطر:

الحادث الصادم هو السبب الرئيسي للاضطراب, بيد أن ليس كل من يتعرض لحادث صادم يطور هذا الاضطراب, فثمة عوامل أخرى: (4)

 قبل الصدمة:

تسهم عوامل في تطوير اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) ويمكن تصنيفها إلى عدة فئات. العوامل الطبيعية تشمل المشاكل العاطفية في الطفولة واضطرابات نفسية سابقة. العوامل البيئية تشمل الوضع الاقتصادي المنخفض، والتعليم، والتعرض للصدمة، والمصاعب في الطفولة، والسمات الثقافية، والذكاء المنخفض، والوضعية الأقلياتية، وتاريخ الأمراض النفسية في العائلة. الدعم الاجتماعي قبل تعرض الشخص للصدمة يُعَد واقيًا. العوامل الوراثية والفسيولوجية تشمل الجنس الأنثوي، وسن أصغر عند تعرض البالغين للصدمة، وبعض الصفات الوراثية والفسيولوجية.

أثناء الصدمة:

تلعب العوامل البيئية دورًا كبيرًا في تحديد احتمالية أن يتطور الشخص إلى تطوير اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD). شدة الصدمة، بما في ذلك عوامل مثل الشدة، والتهديد المتصور للحياة، والأذى الشخصي، والعنف بين الأفراد، والمشاركة كمُرتكب للعمل، وشهادة فظائع، أو المشاركة في المعارك العسكرية حيث يحدث خسائر بين الأعداء، يزيد من احتمالية حدوث PTSD. علاوة على ذلك، تجربة الانفصال خلال وبعد الحدث المؤلم هي عامل خطر إضافي لتطوير PTSD.

بعد الصدمة:

تشمل العوامل الطبيعية تقديرات غير مواتية للحادث المؤلم، وآليات التكيف الغير كافية، وظهور اضطراب الإجهاد الحاد. من ناحية أخرى، تتضمن التأثيرات البيئية التعامل المتكرر مع تذكيرات بالصدمة، وحدوثات متعاقبة لأحداث حياة سلبية، وتدهور مالي أو تدهورات أخرى مرتبطة بالتجربة المؤلمة. ووجود الدعم الاجتماعي، بما في ذلك استقرار وحدات العائلة بالنسبة للأطفال، قد يعمل كعنصر حماية وربما يخفف من العواقب بعد حدث مؤلم.

انتشار الاضطراب:

في عام 2014, هاجم داعش مدينة سنجار في العراق حيث يسكن الإيزيديين وقام بحملة إبادة جماعية. تم قتل أكثر من خمسة آلاف إيزيدي وتم سبي أكثر من 5000 فتاة وأمرأة ايزيدية. تعرضت هؤلاء النساء إلى الاغتصاب والاتجار وتم عرضهن في الأسوق كسبايا. تحررت بعض من النساء والفتيات وحسب الدراسات فأن أكثر من 95% منهن يعانين من اضطراب الكرب التالي للصدمة. هذه النسبة عالية جدا لكن هناك دراسات كثيرة أثبت ذلك. (5)

بالنسبة لانتشار الاضطراب بين عامة السكان في العالم, فأن الشكل التالي يوضح ذلك. (6)

ماذا يحدث للدماغ:

تشير الدراسات على أن اضطراب الكرب التالي للصدمة يحدث تغيرات على مستوى الدماغ ونشاطه. على سبيل المثل فأن نشاط الجبهة الأمامية المسؤولة عن التفكير النقدي والمنطقي يقل, بينما يزداد نشاط amygdala وهذا الجزء مسؤول عن الإنفعالات, لهذا فأن مرضى هذا الأضطراب أكثر حساسية في الاستجابة للمنبهات لا سيما المتعلقة بالحادث الصادم. كما أن حجم هايبوكامبوس (Hippocampus) أقل في المرضى مقارنة مع غيرهم, لذا فأن الذكريات تظل متشظية في الأميكدالا ولا تدخل في الذاكرة الطبيعية أي هايبوكامبوس. (7)

الهلوسات:

بينما لا يعتبر هذا العرض جزءًا من معايير الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5) لاضطراب ما بعد الصدمة، إلا أن الأبحاث المتزايدة تشير إلى أن الهلوسات قد تكون أكثر انتشارًا مما كان معتقدًا في الأصل بين اضطرابات الطيف التي تتعلق بالصدمة.

وفقُا للدراسات فأن 46% من مرضى اضطراب الكرب التالي للصدمة لديهم هلاوس سمعية أو بصرية.  تقليديًا، تُصنَّف الهلوسات والهذيان كأعراض للاضطراب السايكوسس psychosis. وهذا النوع من الاذطرابات يتميز بعدم قدرة دماغك على التمييز بين ما هو حقيقي وما هو غير حقيقي. ومع ذلك، ليست التجارب المشابهة ضمن اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) بالضرورة على نحو كلاسيكي. أجريت دراسة في عام 2005 لفحص انتشار أعراض الاضطراب النفسي بين الأشخاص الذين يعيشون مع PTSD أو تعرضوا للصدمة. وقد وجد الباحثون أن مجموعة متنوعة من أعراض الاضطراب النفسي تم ملاحظتها بين المشاركين. كانت شدة الحدث المؤلم مرتبطة بشدة الأعراض التي يعانون منها. وفيما يتعلق بالهلوسات في PTSD، كانت عادة مرتبطة بتجارب الاعتداء الجنسي. (8)

إقرأ أيضًا ما هي الصدمة الثقافية وكيف تتغلب عليها؟

المصادر:

  1. https://www.nimh.nih.gov/health/topics/post-traumatic-stress-disorder-ptsd
  2. Kring, A. M., Johnson, S. L., Davison, G. C., & Neale, J. M. (2016). Abnormal Psychology (13th ed.). United States of America: United States of America.
  3. Kirkpatrick, H. A., & Heller, G. M. (2014). Post-Traumatic Stress Disorder: Theory and Treatment Update. The International Journal of Psychiatry in Medicine, 47(4), 337–346. https://doi.org/10.2190/PM.47.4.h
  4. American Psychiatric Association (Ed.). (2013). Diagnostic and statistical manual of mental disorders: DSM-5 (5th ed). Washington, D.C: American Psychiatric Association. P. 278
  5. Kizilhan, J. I., Friedl, N., Neumann, J., & Traub, L. (2020). Potential trauma events and the psychological consequences for Yazidi women after ISIS captivity. BMC Psychiatry, 20(1), 256. https://doi.org/10.1186/s12888-020-02671-4
  6. Koenen, K. C., Ratanatharathorn, A., Ng, L., McLaughlin, K. A., Bromet, E. J., Stein, D. J., … Kessler, R. C. (2017). Posttraumatic stress disorder in the World Mental Health Surveys. Psychological Medicine, 47(13), 2260–2274. https://doi.org/10.1017/S0033291717000708
  7. Mann SK, Marwaha R. Posttraumatic Stress Disorder. [Updated 2023 Jan 30]. In: StatPearls [Internet]. Treasure Island (FL): StatPearls Publishing; 2023 Jan-. Available from: https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK559129/
  8. https://www.jwatch.org/na51114/2020/03/26/hearing-voices-patients-with-trauma

اضطراب ثنائي القطب

هذه المقالة هي الجزء 2 من 19 في سلسلة رحلة بين أشهر الاضطرابات النفسية

أشهر 10 اضطرابات نفسية: اضطراب ثنائي القطب

هو اضطراب يسبب تغيرات في مزاج الشخص وطاقته وقدرته على العمل. يعاني الأشخاص المصابون من حالات عاطفية شديدة تحدث عادةً خلال فترات مختلفة تمتد من أيام إلى أسابيع، وتسمى بنوبات المزاج. يتم تصنيف نوبات المزاج هذه على أنها هوس أو هوس خفيف_مزاج سعيد أو سريع الانفعال بشكل غير طبيعي_ أو اكتئاب_مزاج حزين_ وقد سُمي ثنائي القطب بهذا الاسم إشارةً إلى نوبات المزاج هذه العالية والمنخفضة، واعتبارها أقطابا للمزاج.

يعاني الأشخاص غير المصابين باضطراب ثنائي القطب من تقلبات مزاجية أيضًا، ومع ذلك فإن هذه التغيرات المزاجية عادة ما تستمر لساعات بدلاً من أيام. أيضًا لا تكون هذه التقلبات مصحوبة بدرجة شديدة من التغيير السلوكي، أو صعوبة في الروتين اليومي والتفاعلات الاجتماعية مثل التي يظهرها الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب خلال نوبات المزاج.

يمكن لهذا الاضطراب أن يعطل علاقات الشخص مع أحبائه، ويسبب صعوبة في العمل أو الذهاب إلى المدرسة.[2]

حتى الآن لا يوجد علاج لهذا الاضطراب، ولكن هناك العديد من الخيارات المتاحة التي يمكن أن تساعد في التحكم في الأعراض، وبالتالي يمكن للأشخاص المصابين به أن يعيشوا حياة كاملة ومنتجة. [1]

يحدث اضطراب ثنائي القطب بشكل شائع في العائلات؛ حيث يكون لدى 80 إلى 90 في المائة من الأفراد المصابين قريب مصاب باضطراب ثنائي القطب أو الاكتئاب، وقد تؤدي العوامل البيئية مثل الإجهاد، واضطراب النوم، والمخدرات، والكحول أيضًا إلى نوبات مزاجية لدى الأشخاص المعرضين للخطر. على الرغم من أن أسبابه داخل الدماغ لازالت غير واضحة إلّا أنّه يُعتقد أن عدم توازن النواقل العصبية في الدماغ هو مايؤدي إلى نشاط غير منتظم في الدماغ. [2]

أعراض اضطراب ثنائي القطب

هناك ثلاثة أعراض رئيسية يمكن أن تحدث: الهوس، والهوس الخفيف، والاكتئاب.

1. ︎«الهوس-mania» نوبة الهوس هي فترة لا تقل عن أسبوع واحد يكون فيها الشخص شديد الحماس، أو سريع الانفعال معظم اليوم لمعظم الأيام، ويمتلك طاقة أكثر من المعتاد، ويواجه ثلاثة على الأقل من التغييرات التالية في السلوك:

  • أ. انخفاض الحاجة إلى النوم على سبيل المثال الشعور بالنشاط على الرغم من قلة النوم بشكل ملحوظ.
  • ب. الكلام المكثف أو السريع.
  • ج. الأفكار المتسارعة التي لا يمكن السيطرة عليها، أو الأفكار أو الموضوعات المتغيرة بسرعة عند التحدث.
  • د. التشتت.
  • هـ. النشاط المتزايد على سبيل المثال العمل في عدة مشاريع في وقت واحد.
  • و. زيادة السلوك المحفوف بالمخاطر على سبيل المثال القيادة المتهورة.

يجب أن تمثل هذه السلوكيات تغييرًا عن السلوك المعتاد للشخص، وأن تكون واضحة للأصدقاء والعائلة، ويجب أن تكون الأعراض شديدة بما يكفي لإحداث خلل في العمل، أو الأسرة، أو الأنشطة والمسؤوليات الاجتماعية، وقد تتطلب أعراض نوبة الهوس أن يتلقى الشخص رعاية في المستشفى للبقاء في أمان. يعاني بعض الأشخاص الذين يعانون من نوبات الهوس أيضًا من التفكير غير المنظم و/أو المعتقدات الخاطئة و/أو الهلوسة المعروفة باسم «السمات الذهانية-psychotic features».

2. «الهوس الخفيف-Hypomanic Episode» تتميز نوبة الهوس الخفيف بأعراض هوس أقل حدة، وتستمر أربعة أيام متتالية فقط بدلاً من أسبوع. لا تؤدي أعراض الهوس الخفيف إلى المشاكل الرئيسية في الأداء اليومي التي تسببها أعراض الهوس بشكل شائع︎.

3. ︎«نوبة الاكتئاب الكبرى-Major Depressive Episode» نوبة الاكتئاب الرئيسية هي فترة أسبوعين على الأقل يظهر فيها على الأقل خمسة من الأعراض التالية بما في ذلك واحد على الأقل من أول عرضين: 1. الحزن أو اليأس الشديد. 2. فقدان الإهتمام بالأنشطة التي كانت عادة ما تُسعد الشخص. 3. الشعور بعدم القيمة أو الذنب. 4. الإرهاق. 5. زيادة أو نقص النوم. 6. زيادة أو نقص الشهية. 7. القلق مثل زيادة سرعة أو تباطؤ الكلام أو الحركة. 8. صعوبة التركيز. 9. الأفكار المتكررة عن الموت أو الانتحار. [2]

الأعراض عند النساء

يُصاب الرجال والنساء بأعداد متساوية، ومع ذلك قد تختلف الأعراض الرئيسية للاضطراب بين الجنسين، ففي كثير من الحالات يتم تشخيص المرأة المصابة باضطراب ثنائي القطب في العشرين أو الثلاثين من عمرها، وتكون لديها أربع نوبات أو أكثر من الهوس والاكتئاب في عام واحد، ويكون الاضطراب مصاحب بحالات أخرى في نفس الوقت بما في ذلك أمراض الغدة الدرقية، والسمنة، واضطرابات القلق والصداع النصفي. النساء المصابات تكن أكثر عرضة للانتكاس، ويُعتقد أن سبب ذلك هو التغيرات الهرمونية المتعلقة بالحيض أو الحمل أو انقطاع الطمث. [1]

الأعراض عند الرجال

كما ذكرنا سابقًا قد يعاني الرجال من الأعراض بشكل مختلف عن النساء. الرجال المصابون قد يتم تشخيصهم في عمر مبكر أكثر من النساء، وتكون النوبات أكثر شدة خاصة نوبات الهوس، وتكون لديهم مشاكل تعاطي المخدرات أثناء نوبات الهوس. كذلك الرجال المصابون أقل حصولًا على الرعاية الطبية بأنفسهم من النساء، وهم أيضًا أكثر عرضة للموت بالانتحار. [2]

اضطراب ثنائي القطب عند الأطفال

تشخيص اضطراب ثنائي القطب عند الأطفال مثير للجدل إلى حد كبير لأن الأطفال لا يُظهِرون دائمًا نفس أعراض البالغين، وقد لا تتبع حالتهم المزاجية وسلوكياتهم المعايير التي يستخدمها الأطباء لتشخيص الاضطراب عند البالغين، وقد تتداخل أيضًا العديد من الأعراض التي تحدث عند الأطفال مع أعراض مجموعة من الاضطرابات الأخرى التي يمكن أن تحدث عند الأطفال مثل «اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط-ADHD،» ومع ذلك في العقود القليلة الماضية أصبح الأطباء والمتخصصون في الصحة العقلية يتعرفون على الحالة عند الأطفال. يمكن أن يساعد التشخيص الأطفال في الحصول على يمكن أن يساعد التشخيص الأطفال في الحصول على العلاج والتحسن، ولكن قد يستغرق الوصول إلى التشخيص عدة أسابيع أو أشهر.

مثل البالغين يعاني الأطفال المصابون من نوبات مزاجية مرتفعة. يمكن أن يبدوا سعداء للغاية، ويظهرون علامات سلوك منفعل ثم يتبع هذه الفترات الاكتئاب. بينما يعاني جميع الأطفال من تغيرات في الحالة المزاجية، فإن التغيرات التي يسببها الاضطراب تكون واضحة للغاية كما أنها عادة ما تكون أكثر تطرفًا من التغيير المعتاد في مزاج الطفل.

أنواع اضطراب ثنائي القطب

هناك ثلاثة أنواع رئيسية وهي: اضطراب ثنائي القطب من النوع الأول، واضطراب ثنائي القطب من النوع الثاني، واضطراب المزاج الدوري.

ثنائي القطب من النوع الأول يتم تعريفه من خلال ظهور نوبة هوس واحدة على الأقل. قد يعاني المريض من الهوس الخفيف أو نوبات الاكتئاب الشديدة قبل نوبة الهوس وبعدها. يؤثر هذا النوع على الرجال والنساء على حد سواء.

ثنائي القطب من النوع الثاني يعاني الأشخاص المصابون بهذا النوع من نوبة اكتئاب كبرى تستمر أسبوعين على الأقل. لديهم أيضًا نوبة هوس خفيف واحدة على الأقل تستمر حوالي أربعة أيام. يُعتقد أن هذا النوع أكثر شيوعًا عند النساء.

اضطراب المزاج الدوري يعاني الأشخاص المصابون باضطراب المزاج الدوري من نوبات الهوس الخفيف والاكتئاب. هذه الأعراض أقصر وأقل شدة من الهوس والاكتئاب الناجمين عن النوع الأول أو الثاني.[1]

يمكن للطبيب أن يحدد أي من الأنواع يعاني منها المريض.

أسباب اضطراب ثنائي القطب

هذا الاضطراب شائع في الصحة العقلية لكنه يمثل نوعًا من الغموض بالنسبة للأطباء والباحثين. إذ لم يتضح بعد سبب إصابة بعض الأشخاص بهذه الحالة دون غيرهم، ولكن تشمل الأسباب المحتملة ما يلي:

  • 1. أسباب جينية إذا كان أحد أفراد أسرتك مصابًا باضطراب ثنائي القطب، فمن المرجح أن تُصاب بهذه الحالة أكثر من غيرك، ومع ذلك هذا لا يعني أن كل شخص لديه أقارب مصاب بهذا الاضطراب سيصاب به بالإضافة إلى ذلك ليس كل مصاب لديه تاريخ عائلي للإصابة بالمرض.
  • 2. ︎بنية الدماغ قد تؤثر بنية دماغ الإنسان على خطر الإصابة بالمرض؛ حيث تؤدي التشوهات في بنية أو وظائف الدماغ إلى زيادة خطر الإصابة.
  • 3. ︎العوامل البيئية تساهم العوامل الخارجية أيضًا في زيادة احتمالية الإصابة، ويمكن أن تشمل هذه العوامل: الحالات الشديدة من الصدمات النفسية، والقلق وغيرها. [1]

تشخيص اضطراب ثنائي القطب

يتضمن تشخيص اضطراب ثنائي القطب الأول نوبة هوس واحدة أو أكثر، أو نوبات مختلطة من هوس واكتئاب، وقد يشمل أيضًا نوبة اكتئاب كبيرة لكنها قد لا تكون كذلك. يتضمن تشخيص اضطراب ثنائي القطب من النوع الثاني نوبة أو أكثر من نوبات الاكتئاب الرئيسية، ونوبة واحدة على الأقل من الهوس الخفيف. لتشخيص حالة الهوس يجب أن تعاني من أعراض تستمر لمدة أسبوع على الأقل، أو التي تتسبب في دخولك المستشفى. يجب أن تعاني من الأعراض طوال اليوم تقريبًا كل يوم خلال هذا الوقت.

من ناحية أخرى يجب أن تستمر نوبات الاكتئاب الكبرى لمدة أسبوعين على الأقل. قد يكون من الصعب تشخيص هذا الاضطراب لأن التقلبات المزاجية يمكن أن تختلف، ويصعب تشخيصه عند الأطفال والمراهقين لأنه غالبًا ما يكون لهذه الفئة العمرية تغييرات أكبر في المزاج والسلوك ومستويات الطاقة. غالبًا ما يزداد المرض سوءًا إذا تُرك دون علاج، وقد تحدث النوبات في كثير من الأحيان أو تصبح أكثر تطرفًا، ولكن إذا تلقى المريض علاجًا فمن الممكن أن يعيش حياة صحية ومنتجة. لذلك التشخيص مهم جدًا، ويتم تشخيص هذا الاضطراب عن طريق عدة اختبارات يجريها الطبيب عند زيارته. [1]

علاج اضطراب ثنائي القطب

تتوفر العديد من طرق العلاج التي يمكن أن تساعد في إدارة الاضطراب، وتشمل هذه أدوية مثبتات المزاج، وهناك أيضًا بعض العلاجات النفسية الموصى بها والتي تشمل ما يلي: العلاج السلوكي المعرفي وهو نوع من العلاج بالكلام يتحدث فيه المريض والمعالج عن طرق إدارة المرض ليساعده على فهم أنماط تفكيره. يمكنه أيضًا مساعدته في التوصل إلى استراتيجيات تأقلم إيجابية.

التثقيف بالصحة النفسية وهو نوع من الاستشارة التي تساعد المصاب وأحبائه على فهم الاضطراب. ستساعده معرفة المزيد عن هذا الاضطراب فيسهل عليه إدارته.

علاج النظم الشخصية والاجتماعية يركز علاج الإيقاع الشخصي والاجتماعي (IPSRT) على تنظيم العادات اليومية مثل النوم، والأكل، وممارسة الرياضة. يمكن أن تساعد الموازنة بين هذه الأساسيات اليومية في إدارة الاضطراب. وقد تشمل خيارات العلاج الأخرى العلاج بالصدمات الكهربائية (ECT)، والمنومات، و المكملات الغذائية. [1]

لماذا أنا؟

إذا كنت مصابًا فيمكن أن يجعلك اضطراب ثنائي القطب تشعر بالوحدة التامة، ولكنك لست وحدك حيث يؤثر هذا الاضطراب على حوالي 60 مليون شخص حول العالم، وبالتالي من المهم ألا تلوم نفسك على حالتك. اضطراب ثنائي القطب هو مرض جسدي، وليس علامة على الضعف الشخصي.

إنه مثل مرض السكري أو أمراض القلب أو أي حالة صحية أخرى. لا أحد يعرف ما الذي يسبب هذا المرض، ولكن بالنسبة لكثير من الناس هو حالة يمكن التحكم فيها بشكل كبير. قد يكون التعايش معه أمرًا صعبًا، ولكن لا تدعه يخطف حياتك. بدلاً من ذلك اتخذ الإجراءات واستعد السيطرة على صحتك. بفضل التفاني ومساعدة مقدمي الرعاية الصحية يمكنك الشعور بالتحسن مرة أخرى. [3]

في الخاتمة إذا كنت تعتقد أنك تعاني من أعراض اضطراب ثنائي القطب حدد موعدًا مع طبيبك. أما إذا كنت تعتقد أن صديقًا أو قريبًا أو أحد أفراد أسرتك قد يكون مصابًا، فإن دعمك وتفهمك أمر بالغ الأهمية. شجعهم على رؤية الطبيب بشأن أي أعراض يعانون منها، وتعلم كيف تساعد شخصًا مصابًا. قد يكون لدى الأشخاص الذين يعانون من نوبة اكتئاب أفكار انتحارية. يجب أن تأخذ دائمًا أي حديث عن الانتحار على محمل الجد أما إذا راودتك أنت أفكار انتحارية فلا تتردد في طلب المساعدة.

بالاضافة الى أشهر 10 اضطرابات نفسية: اضطراب ثنائي القطب إقرأ أيضًا: كيف يمكن أن يختلف الاكتئاب عند الأطفال والمراهقين؟

مصادر أشهر 10 اضطرابات نفسية: اضطراب ثنائي القطب:

1. Healthline
2. Psychiatry.org

ماذا قدم فرويد للبشرية؟

هذه المقالة هي الجزء 3 من 21 في سلسلة مقدمة في علم النفس

هل شعرت يومًا أنك تحب شخصًا ما أو تبغضه لسبب غير معلوم؟ هل وجدت نفسك في موقف ما تجادل وتدافع لأسباب لا تستطيع صياغتها بوضوح؟ أو هل نسيت اسم شخص ما في الوقت غير المناسب ولا تعرف لماذا؟ أجاب فرويد عن هذه الأسئلة، وطور نظرية شيقة للغاية عن دوافع البشر ورغباتهم. لكن في البداية دعونا نتعرف على عالم النفس الأشهر في التاريخ الحديث الذي تؤثر أفكاره على رؤيتنا للأمور حتى وقتنا الحالي.

حياة فرويد

ولد سيجموند فرويد في النمسا عام 1856م. وعاش في مدينة فيينا حتى عام 1938م، حيث انتقل إلى لندن بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية ليتوفى فيها بعد مرور عام واحد إثر إصابته بالسرطان. لا ترجع شهرة فرويد إلى اكتشاف بعينه ولكن لتطويره نظرية شاملة للعقل البشري. ورغم شهرته الواسعة إلا أنه كان محل نفور كبير بسبب تعصبه لنظريته عن التحليل النفسي والترويج المستمر لها. كان نتاج فرويد الفكري غزير، لكنه لم يخل من شطحات وأراء غريبة حقًا منها فكرته حول «حسد القضيب-Penis Envy». حيث اعتبر فرويد النساء ببساطة رجال بدون قضيب. واعتبر حسد القضيب مرحلة تمر بها جميع الفتيات في نموها الجنسي، حيث تكتشف افتقادها للقضيب فتتمحور حياتها حول هذا النقص دائمًا! جانب آخر أكثر تشويقًا وأهمية من فرويد هو فكرته عن وجود الدافع اللاواعي، وفكرته عن ديناميكية اللاوعي أو الصراع اللاواعي.

رغبة صادقة.. ربما لا؟

يفسر «الدافع اللاواعي-Unconscious Motivation» السلوك البشري أنه نتاج لرغبات ودوافع وذكريات مكبوتة في اللاوعي. حيث آمن فرويد أن الجزء الأصغر من العقل البشري واعٍ وقابل للملاحظة، أما النسبة الأكبر لا واعية ولها التأثير الأكبر على أفعالنا. مثال على ذلك: إذا سألك أحدهم لماذا تود الزواج من هذا الشخص؟ فيأتي جوابك لأني أحبه، أو لأني أود تكوين عائلة. وربما تكون إجابتك صادقة لكن فرويد له رأي آخر، بالرغم من صدق إجابتك لايزال هناك رغبات ودوافع قد لا تكون واعيًا بها. لذا ربما تود الزواج من هذا الشخص لأنك تود الانتقام من شخص قام بخيانتك! قبول فكرة الدافع اللاواعي مخيف للغاية، على الرغم من سهولة استيعابه في إطار الإدراك البصري، حيث ننظر حولنا فنرى الأشياء ونتعرف عليها بشكل لاواعي ولا نتذمر بهذا الشأن. لكن تطبيقها على المشاعر والقرارات مرهق ويشكك في صدق كل شيء.

الهو والأنا والأنا الأعلى

الشخصية البشرية معقدة وتتكون من عدة عناصر تبعًا لفرويد، وهي الهو والأنا والأنا الأعلى. يظهر كل عنصر منها في مرحلة عمرية مختلفة ويسهم في تطوير جانب معين من الشخصية.

يظهر «الهو-The Id» عند الولادة ويعمل بشكل لا واعي. فهو الجزء الحيواني البدائي من الإنسان الذي يريد إشباع رغباته من جوع وعطش ودفء ويريد إشباعها فورًا. يعمل الهو على مبدأ اللذة وهو ما يفسر به فرويد نشأة البشر، الهو الخالص والرغبة الخالصة في اللذة.

لكن سرعان ما يدرك الطفل أن هذا الأمر ليس واقعيًا، ليس كل ما تريده تحصل عليه. مما يؤدي إلى تطوير مجموعة من ردود الأفعال للتكيف مع هذه الحقيقة. إما عن طريق التخطيط لإشباع الرغبة أو التخطيط لكبحها. وهذا النظام يُعرف باسم الأنا. يعمل «الأنا-The Ego» على مبدأ الواقعية، ويرشد الهو للحصول على اللذة بطريقة واقعية ومقبولة. ويمثل الأنا بالنسبة لفرويد أصل الوعي البشري.

وأخيرًا «الأنا الأعلي-Super Ego» الذي يظهر في سن الخامسة ويعمل تبعًا لمجموعة القواعد المنضوية للأبوين والمجتمع. فما يحدث هو أنك تحاول إشباع اللذة لكن تُؤنب أو تُعاقب. وما يمثله الأنا الأعلى هنا هو صوت الضمير الذي يمنع كل رغبات الهو تبعًا لمعايير مثالية وليست واقعية. لذا لا يقل الأنا الأعلى سذاجة عن الهو.

صراع دائم

يقع الأنا بين الهو والأنا الأعلى، ويستمر الصراع بشكل لا واعي بين هذه العناصر الثلاث دائمًا. وهذا ما يفسره فرويد في فكرته عن ديناميكية اللاوعي أو «الصراع اللاواعي- Unconscious Conflict». فلا ينهاك الأنا الأعلى عن فعل الأشياء الخاطئة فقط، بل ويمنعك من التفكير فيها. حيث يبعث الهو كل هذه الرغبات المجنونة والعنيفة ويقوم الأنا الأعلى بكبحها فلا تصل إلى الوعي. لكن للأسف لا تسير الأمور بسلاسة طوال الوقت. فتتسلل بعض هذه الرغبات لتظهر في الأحلام أو زلات اللسان أو حتى كأعراض مرضية.

وصف فرويد الآليات المختلفة التي نستخدمها لمنع رغبات الهو من الوصول إلى الوعي بـ «آليات الدفاع-Defense Mechanisms». وهي الآليات التي نستخدمها بشكل لا واعي لإنكار رغباتنا المشينة. كأن نمنحها تبريرًا لائقًا، أو نقوم بإسقاطها على شخص آخر، أو تركيزها على شيء آخر،أو حتى الهروب منها. وتبعًا لفرويد هذه الآليات ليست مَرضِيةً على الإطلاق، بل هي جزء من الحياة الطبيعية للحفاظ على التوازن بين أجزاء اللاوعي المختلفة.

فرويد وتطور الشخصية

أشهر أعمال فرويد وأكثرها إثارة للجدل هي نظريته عن النمو النفسي الجنسي للطفل. رأى فرويد أن الطفل يمر بعدة مراحل نفسية جنسية حتى تتطور شخصيته البالغة. قسم فرويد هذه المراحل إلى خمس، كل منها مرتبط بمنطقة شبقية محددة وحدوث خلل في أي من هذه المراحل يؤدي إلى ثبات الشخص بها.

المرحلة الأولى وهي «المرحلة الفموية-Oral Stage» التي يكون الفم فيها مصدر اللذة. ويبدأ الصراع عند الفطام المبكر للرضع، الذي يسبب صفات مثل الاعتمادية أو العدوانية عند الكبر، كما يرتبط بمشكلات أخرى مثل الإسراف في الأكل والتدخين واستهلاك الكحول.

المرحلة الثانية وهي «المرحلة الشرجية-Anal Stage» ويصبح التحكم في حركة الأمعاء والمثانة هو مصدر اللذة، لذا يتدرب الطفل على استخدام المرحاض، وتبعًا لفرويد يرتبط حدوث خلل في هذه المرحلة بصفات مثل البخل أو الهوس.

المرحلة الثالثة وهي «المرحلة القضيبية-Phallic Stage» وتكون الأعضاء التناسلية فيها مصدر اللذة. تفسير فرويد لهذه المرحلة شيق للغاية ويرتبط بمصطلح “عقدة أوديب”. تبعًا لفرويد يرى الطفل والده كخصم أمام عاطفته تجاه أمه، ويفكر في التخلص منه بقتله مثلًا، لكن بما أن الطفل لا يدرك وجود الحواجز بين ما يحدث داخل عقله والعالم الخارجي يشعر أن والده يعلم ما يدور بعقله وسيعاقبه، العقاب الذي يخشاه الطفل هو استئصال أعضائه التناسلية!

المرحلة الرابعة وهي «مرحلة الكمون-Latent Stage» تستمر هذه المرحلة حتى البلوغ، وفيها تهدأ جميع المشاعر الجنسية وتتطور الجوانب الأخرى من الشخصية.

المرحلة الخامسة وهي «المرحلة التناسلية-Genital Stage» التي تبدأ عند البلوغ وتستمر حتى الموت، ويتطور فيها الاهتمام بالجنس الآخر.

التقييم العلمي لنظريات فرويد

تتعرض نظريات فرويد للكثير من النقد وتعد محل جدل كبير. وبالرغم من غزارة إنتاج فرويد الفكري ألا أن أغلبه يرفضه العلم ولا يُدرس بشكل أكاديمي ولا يعمل به علماء النفس في وقتنا الحالي. النقد الأكبر الذي تتعرض له هذه النظريات هو افتقادها لما عرفه الفيلسوف الإنجليزي كارل بوبر بـ «القابلية للدحض-Falsification». وصف بوبر الفارق بين العلمي وغير العلمي بأن العلم يقدم إدعاءات قوية عن العالم وهذه الإدعاءات يمكن اختبارها وإثبات خطأها، أما إذا استحال إثبات خطأها فهي ليست جيدة بما يكفي لاعتبارها علم.

وهنا تكمن مشكلة نظريات فرويد، فهي مرنة وغامضة للغاية لدرجة لا يمكن إثبات صحتها بأي طريقة موثوقة. مثال على ذلك: لا يوجد أي دليل أن الصفات المرتبطة بالمرحلة الفموية أو الشرجية مثل الاعتمادية والبخل ذات علاقة بالفطام المبكر أو التدرب على استخدام المرحاض. كذلك أراء فرويد حول الجنس والمثلية لها قليل من الدعم التجريبي. أما الإدعاء أن التحليل النفسي أثبت نجاحه في علاج الأمراض العقلية فهو ليس صحيحًا تمامًا أيضًا، فيوجد علاجات أسرع وأكثر مصداقية. كذلك لا تساعد هذه الطريقة في تخفيف أعراض بعض الأمراض مثل القلق والاكتئاب.

لكن على الرغم من النقد اللاذع الذي تعرض له فرويد، تبقى فكرة ديناميكية اللاوعي ذات أهمية كبيرة. حيث أُثبت أن الكثير من العمليات العقلية تعمل بشكل لا واعي مثل: فهم اللغة الذي يحدث بشكل طبيعي وغريزي في جزء من الثانية، كذلك الأنشطة التي تتكرر بشكل يومي. وفي الختام يمكننا التأكيد أن الجزء الأكبر من نظريات فرويد وتفاصيلها خاطئة ومرفوضة تمامًا، لكن تبقى الفكرة العامة لفرويد، فكرة أننا لا نعي بشكل كامل لماذا نحب ما نحب ونكره ما نكره، صحيحة وتثبت نفسها في فروع علم النفس حتى اليوم.

المصادر

  1. IEP
  2. thepsychologist
  3. psychology
  4. verywellmind
  5. verywellmind

اضطرابات الأكل، فقدان الشهية والشره المرضي

اضطرابات الأكل، فقدان الشهية والشره المرضي

ما هي «اضطرابات الأكل-Eating Disorders»؟

اضطرابات الأكل؛ فقدان الشهية والشره المرضي هي حالات خطيرة للغاية، ذات معدل وفيات أعلى من أي مرض عقلي آخر! فهي تتعلق بسلوكيات تناول الطعام المستمرة والمتكررة والتي تؤثر سلبًا على الصحة الجسدية والنفسية والحياتية للمرضى.

كما أنها غالبًا ما تحدث في سنوات المراهقة حين نكون في أضعف حالاتنا سريعي التأثر بالثقافات السامة وأفكار المجتمع الضارة عن الجمال وشكل الجسم المثالي، بدءًا من مانحي الرعاية للأطفال من الآباء والمعلمين إلى الأصدقاء والزملاء وصانعي الأفلام ولوحات الإعلانات في الشوارع: كن أنحف تكن سعيدًا ومحبوبًا وناجحًا، كن مثل المشاهير الذين تحبهم كثيرآً؛ ألا ترى كيف يبدون مثيرين ومحبوبين، ألا تريد أن تكون مثلهم؟

«فلتبدأ ألعاب الجوع» -فيلم The Hunger Games

حتى إن لم تسمعها فأنت تراها في كل مكان حولك؛ الجرائد وأغلفة المجلات والإعلام الذي لا يستخدم ذوي الوزن الزائد في الأفلام إلا للتنمر عليهم والمزاح الوقح السخيف على أوزانهم.

أما مصممي الأزياء فيبدو أنهم لم يسمعوا بعد بوجود بشر فوق الـ ٥٠ كيلوجرامًا من الأصل؛ فتجد ملابسهم لا تُصنع إلا لذوي الأجساد النحيفة قائلين بوقاحة أن ملابسهم لا تبدو جميلة إلا على أجساد معينة، وأن الباقين مرضى ذوي إرادة ضعيفة ويجب عليهم ممارسة الرياضة والحمية! لنصبح جميعًا نسخًا مكررة من بعضنا البعض، ونظل في حرب ضد أنفسنا حتى نموت!

لكن الصمت على هذه الثقافة السامة صار يكلفنا نفسًا كل ٦٥ دقيقة! ضحية لإحدى اضطرابات الأكل التي تبدأ لدى الأطفال -خصوصًا الفتيات- من عمر إثنى عشر عامًا.

فمن علّم طفلة ما زالت في طور النمو أن جسدها بشعًا ويجب أن يبدو بشكل محدد سلفًا لترضي أشخاص لا تعرفهم، فتبدأ في ممارسة الحمية قبل أن تعرف ماهية الطعام الصحي وما هو حق جسدها عليها!

كما يمكن أن تطور اضطرابات الأكل في أعمار متأخرة حتى الخمسين، والذكور من أقل السكان تشخيصًا باضطرابات الأكل، على الأغلب بسبب الخجل من الاعتراف بما يفترض -خطأ- أنه اضطراب يصيب النساء فقط، ولهذا السبب فإن عدد الرجال الذين يعانون من اضطرابات الأكل ربما تكون أعلى بكثير من الاحصائيات.

كما أن الذكور من أقل السكان تشخيصًا باضطرابات الأكل؛ بسبب الخجل.

تتضمن معظم اضطرابات الأكل التركيز بشكل مكثف على وزن وشكل الجسم مما يؤدي إلى سلوكيات الأكل الخطيرة التي يمكنها أن تؤثر على قدرة الجسم على الحصول على التغذية الكافية، فتؤذي القلب والجهاز الهضمي والعظام والأسنان والفم وتؤدي إلى أمراض أخرى عديدة.

أهم أنواع المرض

1- «فقدان الشهية العصبي-Anorexia Nervosa»

فقدان الشهية العصبي هو اضطراب في تناول الطعام، يستخدم الأشخاص الذين يعانون منه جهودًا مكثفة للتحكم في وزنهم وشكلهم، والتي تتداخل غالبًا مع الأنشطة الصحية والحيوية، ويتميز المصابون به:

  • بوزن جسم منخفض بشكل غير طبيعي (يحدث التشخيص بعد فقدان 15% من وزن الجسم).
  • خوف مرضي من زيادة الوزن.
  • وإدراك مشوه للوزن أو الشكل.

عند الإصابة بفقدان الشهية يحد المريض من السعرات الحرارية بشكل مفرط أو يستخدم طرقًا أخرى لفقدان الوزن مثل: الإفراط في ممارسة التمارين الرياضية أو استخدام أدوية مسهلة أو أدوات مساعدة للحمية الغذائية أو القيء بعد تناول الطعام. يمكن أن تسبب الجهود المبذولة لتقليل الوزن مشاكل صحية حادة تصل أحيانًا إلى الموت جوعًاً.

يحدث التشخيص بعد فقدان 15% من وزن الجسم، حقوق الصورة لـ Associated Press

مخاطر المرض

قد يسبب فقدان الشهية العصبي الأعراض الآتية:

  • توقف الحيض لدى النساء.
  • هشاشة أو لين العظام بسبب فقدان الكالسيوم.
  • فقدان أو ضعف الشعر والأظافر مما يؤدي إلى تساقطه أو تكسّرهم.
  • جفاف الجلد أو اصفراره.
  • فقر الدم وضعف العضلات، بما في ذلك عضلة القلب.
  • الإمساك الشديد.
  • انخفاض ضغط الدم، تباطؤ التنفس والنبض.
  • انخفاض درجة حرارة الجسم الداخلية، مما يؤدي إلى شعور الشخص بالبرد طوال الوقت.
  • الاكتئاب والخمول.

إدراك مشوه للوزن أو الشكل.

2- «الشره المرضي العصبي-Bulimia Nervosa»

الشره المرضي العصبي هو اضطراب غذائي خطير يحتمل أن يهدد الحياة، ويعاني المصابون به من نوبات تسمى «bingeing and purging-الشره والتطهر» والتي تنطوي على شعور بفقدان التحكم في تناول الطعام، نتيجة تقييد تناول الطعام خلال اليوم مما يؤدي إلى نوبات الشراهة/الأكل المفرط ثم التطهر.

خلال هذه النوبات، عادة ما يأكل المصاب كمية كبيرة من الطعام في وقت قصير، ثم يحاول التخلص من السعرات الحرارية الزائدة بطريقة غير صحية؛ بسبب الشعور بالذنب والخجل والخوف الشديد من زيادة الوزن. تطهر المريض هي المرحلة التي يضطر فيها المصاب إلى التقيؤ أو ممارسة الكثير من الرياضة أو استخدام وسائل أخرى مثل المسهلات للتخلص من السعرات الحرارية، ويعاني المصابين بالشره المرضي من:

  • الانشغال المبالغ فيه بوزن وشكل الجسم.
  • الحكم على أنفسهم بشدة والغرق في اللوم الشخصي.
  • تصور مشوه لعيوبهم الشخصية التي يصورونها بأنفسهم.
  • تكون أوزانهم على الأغلب طبيعية أو أكثر من الطبيعي بشكل طفيف.

كثير من الناس لا يعرفون متى يصاب أحد أفراد العائلة أو صديق بالشره المرضي العصبي لأن المرضى دائمًا ما يُخفون الأعراض، ونظرًا لأنهم لا يحققون مرادهم من النحافة بشكل كبير فإن سلوكياتهم قد لا يلاحظها المقربون منهم، لكن الشره المرضي العصبي لديه أعراض يجب أن نلاحظها:

  • التهاب وحرقة الحلق بشكل مزمن.
  • تتضخم الغدد اللعابية في الرقبة وتحت الفك؛ غالبًا ما يصبح الخدين والوجه منتفخين مما يعطي مظهر يشبه وجه السنجاب.
  • تسوس مينا الأسنان نتيجة التعرض لأحماض المعدة.
  • القيء المستمر يسبب اضطراب ارتجاع المريء.
  • يفرط بعض المرضى في التطهر بتعاطي الملينات، وهو ما يسبب التهيج ومشاكل الأمعاء.
  • يفرط بعض المرضى في استخدام مدرات البول (حبوب الماء) والتي تسبب مشاكل في الكلى.
  • الجفاف الشديد من تقليل بعض المرضى لشرب السوائل.

مخاطر المرض

الشره المرضي يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات نادرة ولكن قاتلة بما في ذلك:

  • «دموع المريء -esophageal tears»
  • «تمزق في المعدة -gastric rupture»
  • «خلل في ضربات القلب -cardiac arrhythmias».

3- «اضطراب الأكل بنهم-Binge-eating disorder»

الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الأكل يعانون من نوبات من الأكل الشره، حيث يستهلكون كميات كبيرة جدًا من الطعام في فترة وجيزة ويشعرون بأنهم فقدوا السيطرة أثناء الشراهة. على عكس الأشخاص الذين يعانون من الشره المرضي العصبي؛ فإنهم لا يحاولون التخلص من الطعام عن طريق التسبب في القيء أو استخدام ممارسات أخرى غير آمنة مثل الصيام أو الحبوب الملينة.

تتضمن اضطرابات الشراهة عند تناول الطعام الإفراط في تناول الطعام خلال فترة زمنية قصيرة وبشكل سري (على الأقل مرة واحدة في الأسبوع لمدة ثلاثة أشهر) بالإضافة إلى عدم التحكم في الأكل فهي ترتبط بثلاثة أو أكثر مما يلي:

  • الأكل بسرعة أكبر من المعتاد.
  • الأكل حتى بعد الشعور بالشبع التام.
  • تناول كميات كبيرة من الطعام عندما لا تشعر بالجوع الجسدي.
  • تناول الطعام منفردًا بسبب الشعور بالحرج.
  • قد يشعر المريض بالاشمئزاز من نفسه، والاكتئاب أو الذنب بعد الأكل.
  • الشعور بقلق واضطراب كبير بعد الآكل.

وقد يستمرون في تناول الطعام حتى بعد فترة طويلة من الشبع التام والشعور بعدم الراحة.

مخاطر المرض:

  • السمنة المفرطة.
  • السكري.
  • ارتفاع ضغط الدم.
  • أمراض القلب والأوعية الدموية.

أرقام وإحصائيات هامة

  • يعاني ما لا يقل عن 70 مليون شخص في العالم من اضطرابات الأكل؛ فقدان الشهية والشره المرضي، 30 مليون منهم في الولايات المتحدة الأمريكية.
  • كل 62 دقيقة يموت شخص واحد على الأقل نتيجة اضطرابات الأكل بشكل مباشر.
  • اضطرابات الأكل لديها معدل وفيات أعلى من أي مرض عقلي آخر.
  • وجدت دراسة أجريت عام 2003 أن الأشخاص الذين يعانون من مرض «فقدان الشهية -anorexia» أكثر عرضة للانتحار بنسبة 56 مرة من غير المصابين.
  • 13٪ من النساء فوق الـ 50 تمارسن سلوكيات اضطرابات الأكل.
  • يقدر أن ما بين 0.5 إلى 3.7 في المائة من النساء يعانين من مرض «فقدان الشهية العصبي» في مرحلة ما من حياتهن
  • تشير الأبحاث إلى أن حوالي 1 في المئة من المراهقات في العالم مصابات بـ«فقدان الشهية -anorexia».
  • ما يقدر بنحو 1.1 إلى 4.2 في المئة من النساء يصبن بـ «الشره المرضي العصبي -bulimia nervosa» في حياتهم.
  • معدل انتشار اضطراب الأكل بنهم هي 3.5 ٪ في النساء، و 2.0 ٪ في الرجال.
  • تعاطي الكحول والمواد المخدرة أكثر انتشارًا أربع مرات بين الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الأكل.
  • الشابات المصابات بـ «فقدان الشهية -anorexia» أكثر عرضة للوفاة بـ 12 مرة مقارنة بالنساء الأخريات في نفس العمر غير المصابات بفقدان الشهية.
  • يقدر أن 30٪ إلى 40٪ من الباحثين عن علاج لفقدان الوزن يمكن تشخيصهم سريريًا «باضطراب الأكل بنهم-binge eating disorder»

تشير الأبحاث إلى أن حوالي 1 في المئة من المراهقات في العالم مصابات بـ«فقدان الشهية -anorexia».

في كثير من الحالات، تصاحب اضطرابات الأكل اضطرابات نفسية أخرى مثل:

  • القلق- anxiety.
  • الذعر -panic.
  • اضطراب الوسواس القهري -obsessive compulsive disorder.
  • مشاكل تعاطي الكحول والمخدرات.

وتشير أدلة جديدة إلى أن الوراثة قد تلعب دورًا في سبب إصابة بعض الأشخاص باضطرابات الأكل، ولكن هذه الاضطرابات تصيب أيضًا العديد من الأشخاص الذين ليس لديهم تاريخ عائلي سابق. ودون علاج الأعراض النفسية والجسدية لهذه الاضطرابات يمكن أن تؤدي إلى سوء التغذية ومشاكل في القلب وغيرها من الأمراض القاتلة.

ومع ذلك فإن الرعاية الطبية المناسبة تمكّن أولئك الذين يعانون من اضطرابات الأكل من استئناف عادات الأكل الصحية والعودة إلى صحة نفسية وجسدية أفضل.

[embedyt] https://www.youtube.com/watch?v=s51lAHCah7Q[/embedyt]

Exit mobile version