اضطرابات الأكل، فقدان الشهية والشره المرضي

اضطرابات الأكل، فقدان الشهية والشره المرضي

ما هي «اضطرابات الأكل-Eating Disorders»؟

اضطرابات الأكل؛ فقدان الشهية والشره المرضي هي حالات خطيرة للغاية، ذات معدل وفيات أعلى من أي مرض عقلي آخر! فهي تتعلق بسلوكيات تناول الطعام المستمرة والمتكررة والتي تؤثر سلبًا على الصحة الجسدية والنفسية والحياتية للمرضى.

كما أنها غالبًا ما تحدث في سنوات المراهقة حين نكون في أضعف حالاتنا سريعي التأثر بالثقافات السامة وأفكار المجتمع الضارة عن الجمال وشكل الجسم المثالي، بدءًا من مانحي الرعاية للأطفال من الآباء والمعلمين إلى الأصدقاء والزملاء وصانعي الأفلام ولوحات الإعلانات في الشوارع: كن أنحف تكن سعيدًا ومحبوبًا وناجحًا، كن مثل المشاهير الذين تحبهم كثيرآً؛ ألا ترى كيف يبدون مثيرين ومحبوبين، ألا تريد أن تكون مثلهم؟

«فلتبدأ ألعاب الجوع» -فيلم The Hunger Games

حتى إن لم تسمعها فأنت تراها في كل مكان حولك؛ الجرائد وأغلفة المجلات والإعلام الذي لا يستخدم ذوي الوزن الزائد في الأفلام إلا للتنمر عليهم والمزاح الوقح السخيف على أوزانهم.

أما مصممي الأزياء فيبدو أنهم لم يسمعوا بعد بوجود بشر فوق الـ ٥٠ كيلوجرامًا من الأصل؛ فتجد ملابسهم لا تُصنع إلا لذوي الأجساد النحيفة قائلين بوقاحة أن ملابسهم لا تبدو جميلة إلا على أجساد معينة، وأن الباقين مرضى ذوي إرادة ضعيفة ويجب عليهم ممارسة الرياضة والحمية! لنصبح جميعًا نسخًا مكررة من بعضنا البعض، ونظل في حرب ضد أنفسنا حتى نموت!

لكن الصمت على هذه الثقافة السامة صار يكلفنا نفسًا كل ٦٥ دقيقة! ضحية لإحدى اضطرابات الأكل التي تبدأ لدى الأطفال -خصوصًا الفتيات- من عمر إثنى عشر عامًا.

فمن علّم طفلة ما زالت في طور النمو أن جسدها بشعًا ويجب أن يبدو بشكل محدد سلفًا لترضي أشخاص لا تعرفهم، فتبدأ في ممارسة الحمية قبل أن تعرف ماهية الطعام الصحي وما هو حق جسدها عليها!

كما يمكن أن تطور اضطرابات الأكل في أعمار متأخرة حتى الخمسين، والذكور من أقل السكان تشخيصًا باضطرابات الأكل، على الأغلب بسبب الخجل من الاعتراف بما يفترض -خطأ- أنه اضطراب يصيب النساء فقط، ولهذا السبب فإن عدد الرجال الذين يعانون من اضطرابات الأكل ربما تكون أعلى بكثير من الاحصائيات.

كما أن الذكور من أقل السكان تشخيصًا باضطرابات الأكل؛ بسبب الخجل.

تتضمن معظم اضطرابات الأكل التركيز بشكل مكثف على وزن وشكل الجسم مما يؤدي إلى سلوكيات الأكل الخطيرة التي يمكنها أن تؤثر على قدرة الجسم على الحصول على التغذية الكافية، فتؤذي القلب والجهاز الهضمي والعظام والأسنان والفم وتؤدي إلى أمراض أخرى عديدة.

أهم أنواع المرض

1- «فقدان الشهية العصبي-Anorexia Nervosa»

فقدان الشهية العصبي هو اضطراب في تناول الطعام، يستخدم الأشخاص الذين يعانون منه جهودًا مكثفة للتحكم في وزنهم وشكلهم، والتي تتداخل غالبًا مع الأنشطة الصحية والحيوية، ويتميز المصابون به:

  • بوزن جسم منخفض بشكل غير طبيعي (يحدث التشخيص بعد فقدان 15% من وزن الجسم).
  • خوف مرضي من زيادة الوزن.
  • وإدراك مشوه للوزن أو الشكل.

عند الإصابة بفقدان الشهية يحد المريض من السعرات الحرارية بشكل مفرط أو يستخدم طرقًا أخرى لفقدان الوزن مثل: الإفراط في ممارسة التمارين الرياضية أو استخدام أدوية مسهلة أو أدوات مساعدة للحمية الغذائية أو القيء بعد تناول الطعام. يمكن أن تسبب الجهود المبذولة لتقليل الوزن مشاكل صحية حادة تصل أحيانًا إلى الموت جوعًاً.

يحدث التشخيص بعد فقدان 15% من وزن الجسم، حقوق الصورة لـ Associated Press

مخاطر المرض

قد يسبب فقدان الشهية العصبي الأعراض الآتية:

  • توقف الحيض لدى النساء.
  • هشاشة أو لين العظام بسبب فقدان الكالسيوم.
  • فقدان أو ضعف الشعر والأظافر مما يؤدي إلى تساقطه أو تكسّرهم.
  • جفاف الجلد أو اصفراره.
  • فقر الدم وضعف العضلات، بما في ذلك عضلة القلب.
  • الإمساك الشديد.
  • انخفاض ضغط الدم، تباطؤ التنفس والنبض.
  • انخفاض درجة حرارة الجسم الداخلية، مما يؤدي إلى شعور الشخص بالبرد طوال الوقت.
  • الاكتئاب والخمول.
إدراك مشوه للوزن أو الشكل.

2- «الشره المرضي العصبي-Bulimia Nervosa»

الشره المرضي العصبي هو اضطراب غذائي خطير يحتمل أن يهدد الحياة، ويعاني المصابون به من نوبات تسمى «bingeing and purging-الشره والتطهر» والتي تنطوي على شعور بفقدان التحكم في تناول الطعام، نتيجة تقييد تناول الطعام خلال اليوم مما يؤدي إلى نوبات الشراهة/الأكل المفرط ثم التطهر.

خلال هذه النوبات، عادة ما يأكل المصاب كمية كبيرة من الطعام في وقت قصير، ثم يحاول التخلص من السعرات الحرارية الزائدة بطريقة غير صحية؛ بسبب الشعور بالذنب والخجل والخوف الشديد من زيادة الوزن. تطهر المريض هي المرحلة التي يضطر فيها المصاب إلى التقيؤ أو ممارسة الكثير من الرياضة أو استخدام وسائل أخرى مثل المسهلات للتخلص من السعرات الحرارية، ويعاني المصابين بالشره المرضي من:

  • الانشغال المبالغ فيه بوزن وشكل الجسم.
  • الحكم على أنفسهم بشدة والغرق في اللوم الشخصي.
  • تصور مشوه لعيوبهم الشخصية التي يصورونها بأنفسهم.
  • تكون أوزانهم على الأغلب طبيعية أو أكثر من الطبيعي بشكل طفيف.

كثير من الناس لا يعرفون متى يصاب أحد أفراد العائلة أو صديق بالشره المرضي العصبي لأن المرضى دائمًا ما يُخفون الأعراض، ونظرًا لأنهم لا يحققون مرادهم من النحافة بشكل كبير فإن سلوكياتهم قد لا يلاحظها المقربون منهم، لكن الشره المرضي العصبي لديه أعراض يجب أن نلاحظها:

  • التهاب وحرقة الحلق بشكل مزمن.
  • تتضخم الغدد اللعابية في الرقبة وتحت الفك؛ غالبًا ما يصبح الخدين والوجه منتفخين مما يعطي مظهر يشبه وجه السنجاب.
  • تسوس مينا الأسنان نتيجة التعرض لأحماض المعدة.
  • القيء المستمر يسبب اضطراب ارتجاع المريء.
  • يفرط بعض المرضى في التطهر بتعاطي الملينات، وهو ما يسبب التهيج ومشاكل الأمعاء.
  • يفرط بعض المرضى في استخدام مدرات البول (حبوب الماء) والتي تسبب مشاكل في الكلى.
  • الجفاف الشديد من تقليل بعض المرضى لشرب السوائل.

مخاطر المرض

الشره المرضي يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات نادرة ولكن قاتلة بما في ذلك:

  • «دموع المريء -esophageal tears»
  • «تمزق في المعدة -gastric rupture»
  • «خلل في ضربات القلب -cardiac arrhythmias».

3- «اضطراب الأكل بنهم-Binge-eating disorder»

الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الأكل يعانون من نوبات من الأكل الشره، حيث يستهلكون كميات كبيرة جدًا من الطعام في فترة وجيزة ويشعرون بأنهم فقدوا السيطرة أثناء الشراهة. على عكس الأشخاص الذين يعانون من الشره المرضي العصبي؛ فإنهم لا يحاولون التخلص من الطعام عن طريق التسبب في القيء أو استخدام ممارسات أخرى غير آمنة مثل الصيام أو الحبوب الملينة.

تتضمن اضطرابات الشراهة عند تناول الطعام الإفراط في تناول الطعام خلال فترة زمنية قصيرة وبشكل سري (على الأقل مرة واحدة في الأسبوع لمدة ثلاثة أشهر) بالإضافة إلى عدم التحكم في الأكل فهي ترتبط بثلاثة أو أكثر مما يلي:

  • الأكل بسرعة أكبر من المعتاد.
  • الأكل حتى بعد الشعور بالشبع التام.
  • تناول كميات كبيرة من الطعام عندما لا تشعر بالجوع الجسدي.
  • تناول الطعام منفردًا بسبب الشعور بالحرج.
  • قد يشعر المريض بالاشمئزاز من نفسه، والاكتئاب أو الذنب بعد الأكل.
  • الشعور بقلق واضطراب كبير بعد الآكل.
وقد يستمرون في تناول الطعام حتى بعد فترة طويلة من الشبع التام والشعور بعدم الراحة.

مخاطر المرض:

  • السمنة المفرطة.
  • السكري.
  • ارتفاع ضغط الدم.
  • أمراض القلب والأوعية الدموية.

أرقام وإحصائيات هامة

  • يعاني ما لا يقل عن 70 مليون شخص في العالم من اضطرابات الأكل؛ فقدان الشهية والشره المرضي، 30 مليون منهم في الولايات المتحدة الأمريكية.
  • كل 62 دقيقة يموت شخص واحد على الأقل نتيجة اضطرابات الأكل بشكل مباشر.
  • اضطرابات الأكل لديها معدل وفيات أعلى من أي مرض عقلي آخر.
  • وجدت دراسة أجريت عام 2003 أن الأشخاص الذين يعانون من مرض «فقدان الشهية -anorexia» أكثر عرضة للانتحار بنسبة 56 مرة من غير المصابين.
  • 13٪ من النساء فوق الـ 50 تمارسن سلوكيات اضطرابات الأكل.
  • يقدر أن ما بين 0.5 إلى 3.7 في المائة من النساء يعانين من مرض «فقدان الشهية العصبي» في مرحلة ما من حياتهن
  • تشير الأبحاث إلى أن حوالي 1 في المئة من المراهقات في العالم مصابات بـ«فقدان الشهية -anorexia».
  • ما يقدر بنحو 1.1 إلى 4.2 في المئة من النساء يصبن بـ «الشره المرضي العصبي -bulimia nervosa» في حياتهم.
  • معدل انتشار اضطراب الأكل بنهم هي 3.5 ٪ في النساء، و 2.0 ٪ في الرجال.
  • تعاطي الكحول والمواد المخدرة أكثر انتشارًا أربع مرات بين الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الأكل.
  • الشابات المصابات بـ «فقدان الشهية -anorexia» أكثر عرضة للوفاة بـ 12 مرة مقارنة بالنساء الأخريات في نفس العمر غير المصابات بفقدان الشهية.
  • يقدر أن 30٪ إلى 40٪ من الباحثين عن علاج لفقدان الوزن يمكن تشخيصهم سريريًا «باضطراب الأكل بنهم-binge eating disorder»
تشير الأبحاث إلى أن حوالي 1 في المئة من المراهقات في العالم مصابات بـ«فقدان الشهية -anorexia».

في كثير من الحالات، تصاحب اضطرابات الأكل اضطرابات نفسية أخرى مثل:

  • القلق- anxiety.
  • الذعر -panic.
  • اضطراب الوسواس القهري -obsessive compulsive disorder.
  • مشاكل تعاطي الكحول والمخدرات.

وتشير أدلة جديدة إلى أن الوراثة قد تلعب دورًا في سبب إصابة بعض الأشخاص باضطرابات الأكل، ولكن هذه الاضطرابات تصيب أيضًا العديد من الأشخاص الذين ليس لديهم تاريخ عائلي سابق. ودون علاج الأعراض النفسية والجسدية لهذه الاضطرابات يمكن أن تؤدي إلى سوء التغذية ومشاكل في القلب وغيرها من الأمراض القاتلة.

ومع ذلك فإن الرعاية الطبية المناسبة تمكّن أولئك الذين يعانون من اضطرابات الأكل من استئناف عادات الأكل الصحية والعودة إلى صحة نفسية وجسدية أفضل.

[embedyt] https://www.youtube.com/watch?v=s51lAHCah7Q[/embedyt]

Exit mobile version