قصور الصحراء في عهد الدولة الأموية

أكثر المنشآت التي ميّزت العمارة الأموية عن غيرها هي القصور الصحراوية الموجودة في بلاد الشام. بعضُ هذه المباني كان مبنياً حديثاً في تلك الفترة، بينما بعضها الآخر كانت حصوناً رومانية وبيزنطية تمّ تحويلها لتلبّي احتياجات الحكام الجدد، والجدير بالذكر أن هذه القصور قد تمّ هجرها والتخلي عنها بعض سقوط الدولة الأموية، لتبقى صروحاً تدلّ على ثروة وأهمية هذه الفترة. [1]

التشكيل العام للقصر الأموي

إن القصور الأموية أكثر من مجرد مساكن، فهي في العادة مجمّعات يتكوّن كلٌّ منها من عدة مباني وأقسام وتشمل مساكن وحمامات ومخازن ومسجداً، كلها ضمن مساحة مغلقة، حيث يتألف القسم الداخلي من القصر في العادة من طابقين يحيطان بفناء داخلي، وقد بنيت القصور عادةً في هذه الفترة بالقرب من وادٍ أو من مجرى ماء موسمي. [2] وهناك العديد من القصور التي بُنِيت في هذه الفترة، نذكر منها:

قُصَير عَمْرة

الشكل 1: قُصير عَمرة

يقع في محافظة الزرقاء في الأردن ويبعد حوالي 58 كيلومتراً عن العاصمة الأردنيّة عمّان. [3] تمّ بناؤه غالباً من قبل الخليفة الأموي الوليد الأول بين عاميّ 712 و 715 م. [1] ويتألف من ثلاثة أقسام رئيسية: الأول هو قاعة مستطيلة الشكل تحتوي على مكان خاص بعرش الخليفة في منتصف الجزء الجنوبي منها، الثاني حمّام يتألف من ثلاثة أقسام؛ البرّاني (البارد) والوسطاني (الدافئ9 والجوّاني (الساخن) بالإضافة إلى خزّان ماء. [3] القسم الثالث يتألف من بئر في الجهة الشمالية. [1]

الشكل 2: مسقط قُصير عمرة
الشكل 3: مسقط القاعة الرئيسية والحمّام

إن القاعة الرئيسية مسقوفة بثلاثة قبوات اسطوانية، وتغطى جدران القاعة الرئيسية والحجرات الجانبية بالزخارف الجصية وأما الأرضيات فهي مكسوة بالرخام، ما عدا الحجرات الجانبية ذات الأرضيات المغطاة بالفسيفساء.

يختلف موضوع الزخارف الجصية وفقاً لموقعها، حيثُ تظهر زخارف القاعة الرئيسية مشاهد صيدٍ ونساءَ شبه عاريات، بينما تزيّن قاعة العشر بستة صور لأشخاص يمثّلون أعداء الإسلام الذين تمت هزيمتهم. تُزيَّن غرفتا الحمام الخارجيتين (البرّاني والوسطاني) بصور نساء يستحممن بينما تزيّن قبة الغرفة الساخنة (الجوّاني) بصورة تظهر الأبراج السماوية. [1]

الشكل 4: قبة الجوّاني وبقايا الزخرفة التي تُظهِر الأبراج السماوية الاثني عشر.
الشكل 5: زخرفة جصية تُبين امرأة تستحم
الشكل 6 زخرفة جصية تزيّن القبوات تصوّر نساء وأطفالاً

خربة المَفجّر

توجد في وادي الأردن قرب مدينة أريحا الأثرية. [1] بناها الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك بين عامي 724-753م وفقاً لكتابة عُثِر عليها في الموقع ذكرت اسم الخليفة.

الشكل 7: مسقط خربة المفجر [4]

تم تصميم المنشأة بشكل مجمع بناءً على مسقط مستطيل الشكل مقسّم لأربعة أقسام رئيسية؛ القسم الأول هو القسم السكني الذي يعتبر القصر الأساسي، وهي منشأة ذات طابقين تشغل القسم الجنوبي من المجمّع، وتتميّز بمسقط متناظر يوجد في مركزه فناء، ويحتوي على عدد من الغرف المنفصلة عن بعضها والمرتبة بشكل أزواج في القسمين الشرقي والغربي من القصر.

في الجهة الشرقية، تم تحويل الغرف التي تقع في المنتصف إلى قاعة دخول تصل المدخل بالفناء، وفي الجهة الغربية، تم تحويل الفراغات المقابلة لهذا المدخل إلى غرفة واحدة مسقوفة بقبوة اسطوانية مصنوعة من القرميد.

في مركز الجهة الجنوبية من القصر توجد منشأة مستطيلة مقسّمة إلى خمس غرفٍ متماثلة، تختوي الوسطى منها على محراب في الجدار الجنوبي والذي عُثِرَ خلفه على بقايا مئذنة ذات مسقط مربع. يعتبر هذا المسجد الخاصّ بأسرة الخليفة. توجد في الجهة الشمالية من القسم السكني، توجد في الجهة الشمالية من القسم السكني غرفة كبيرة تماثل في الحجم الغرف الخمس الموجودة في الجهة الجنوبية والتي تحتوي على بقايا لستّ مجازات، والتي حملت القبوات المكوّنة للسقف.

يوجد في مركز الجهة الغربية من الفناء درج مكوّن من شاحطين يُستخدم للنزول إلى قسمٍ منخفض في الفناء يقع أمام فراغ مغلق مسقوف بقبوات اسطوانية والمُنار بنوافذ ثلاثة. هذا ما كات يُطلق عليه اسم السرداب، وهي حجرة كانت تستخدم للاستبراد في فصل الصيف.

يقع شمال القسم السكني قسمٌ آخر يحتوي على على المسجد الرئيسي والصحن الخاص به.

يشغل المسجد الجهة الشرقية ويتألف من غرفة كبيرة تحتوي على مجازين مرفوعين على ثمانية أعمدة مصفوفة بشكل موازٍ لجدار القبلة.

يتألف القسم الثالث من أحد أكبر وأجمل الحمامات الموجودة في العالم الاسلامي. يقع مدخل الحمام في الجهة الشرقية ويتميز بكونه مزخرفاً بشكل كبير.

الغرفة الرئيسية للحمام (البرّاني أو القسم البارد) هي قاعة ذات مساحة كبيرة تحتوي على 16 دعامة تحمل القباب والقبوات الأسطوانية المكونة للسقف، وإحدى ميزاته وجود حنيات نصف دائرية والتي يحاط كل منها بعمودين مرتبطين بالجدران الخارجية، ويُسقف كلٌّ منها بنصف قبة، ويسقف مركز الحمام بقبة كبيرة محاطة بثمانية قبوات أخفض منها ارتفاعاً.

يقسم الحمام إلى ثلاثة أقسام، القسم الجنوبي الذي يتألف من المسبح أو البركة الخاصة بالخليفة، والقسم الأوسط وهي القاعة الرئيسية، والقسم الشمالي وهي غرف الاستحمام.

الشكل 8: نموذج مصغَّر يحاكي الحمام في خربة المَفجَر

يتكوّن القسم الأخير من المجمع من الفناء الأمامي الذي يمتد من شمال المجمع إلى جنوبه في الجهة الشرقية من المجمع، وقد اكتُشِفت في منتصفه بقايا كشك مسقوف بقبة والذي كان موجوداً فوق نافورة الفناء.

ما يميّز هذا المجمّع عن غيره هو استخدام تقنيّات عديدة في التزيين والزخرفة، فبالإضافة لاستخدام القباب والقبوات والزخارف الجصّية، استُخدِمت اللوحات الفسيفسائية بشكل كبير، حيث تغطي الفسيفساء كامل القاعة الرئيسية للحمام. [4]

الشكل 9: فسيفساء تغطي أرضية إحدى الحنيات في خربة المفجر

قصر الحِير الشرقي

يقع قصر الحير الشرقي على بعد 80 كم شرق تدمر، و 80 كم جنوب دير الزور في سورية على نهر الفرات، وهو مجمّع يمكن تقسيمه إلى 4 أقسام: القصر الصغير، القصر الكبير، الحمام، والسور الخارجي.

الشكل 10: مخطط المجمع المكوّن لقصر الحير الشرقي
الشكل 11: القصران الصغير والكبير

يتصف القصر الصغير بأنه بناء مربع الشكل طول ضلعه 70 م تقريباً، يوجد على كل ضلع من أضلاعه الشمالي والجنوبي برجان نصف دائريين، بالإضافة لأبراج دائرية في كل زاوية، ويوجد المدخل في الجهة الغربية محاطاً ببرجين نصف دائريين.

يوجد داخل القصر فناء داخلي مركزي في وسطه بركة ماء، وهو محاط برواق من الأعمدة.

توجد وحدات سكنية في الجهات الشمالية والشرقية والجنوبية يتألف كلٌّ منها من غرفة مركزية وغرفتين من كلّ جهة (تعرف كلٌّ من هذه الوحدات السكنية باسم البيت السّوري) بثلاثة وحدات سكنية في كلّ جهة، كما يتطابق مسقطا الطابق الأرضي والطابق الثاني، ويعتقد أن هذا القصر كان يستخدم كخان.

إن القصر الكبير مشابه للقصر الصغير لكنه أكبر حجماً، بطولِ ضلعٍ يساوي 167 م تقريباً، ويختلف عن القصر الصغير بأنه يحتوي على أربعة مداخل محوريّة تصل إلى فناءٍ داخلي كبير محاط برواق. يتألف المسقط الداخلي للمبنى من 12 قسماً، ثمانية منها مبانٍ ذات أفنية (اثنان في كل جهة من الجهات الأربع). وثلاثةٌ من الأقسام الموجودة في الزوايا الأربع تتألف من مساحات مفتوحة، بينما يوجد في الزاوية الجنوبية الشرقية مسجدٌ صغير ذو رواق مركزي مرتفع. كما يبدو أن إحدى الأبنية ذات الأفنية كان يستخدم لإنتاج زيت الزيتون.

يتألف القسم الثالث وهو الحمام من قاعة ذات ثلاثة مجازات، وتحتوي على برك للمياه الباردة، ثلاثة غرف ساخنة وغرفة دافئة تحتوي على بركة ماء مدفّأة. ويشمل المجمع سخّاناً للمياه، مراحيض وغرفتين للخدمة.

يعد السور الخارجي ذا شكل غير منتظم ويمتدّ على طول 15 كم بسماكة 1 م تقريباً. وتم اكتشاف أربعة بوابات فيه، ويعتقد أن إحاطة المجمع بهذا السور كان يراد بها تخصيص مساحة للزراعة أو تربية الحيوانات أو الصّيد. [1]

المراجع

  1. Dictionary of Islamic Architecture
  2. Desert Castles-Umayyad Caliphs leisure …Complexes – Wonders Travel and Tourism
  3. Qusayr Amra – Desert Castles in Jordan – Wonders Travel and Tourism
  4. Khirbat Al-Mafjar, Palace (740 -750) – Muslim Heritage

العمارة الإسلامية في عهد الدولة الأموية (661-750م)

أسس الأمويون أولى الدول الإسلامية متخذين دمشق عاصمة لها، ووصل الإسلام تحت قيادتهم إلى معظم الأجزاء المكونة للعالم الإسلامي حالياً. حكمت الخلافة الأموية من دمشق [1] وامتدت خلال فترات ازدهارها إلى الساحل الأطلسي في شمال إفريقيا وشبه الجزيرة الإيبيرية غرباً، وإلى آسيا الوسطى شرقاً، وإلى اليمن جنوباً. [2]

الشكل 1: امتداد الدولة الأموية

وتوجد معظم المباني المحفوظة من تلك الفترة في سوريا وفلسطين، وقد تبنى الأمويون طرق البناء الخاصة بالإمبراطوريتين الساسانية والبيزنطية، حيث كان التأثير البيزنطي على العمارة الأموية أكبر من غيره بسبب وجود مركز الخلافة الأموية في سوريا، إلا أن العناصر ساسانية المنشأ أصبحت متزايدة الأهمية، وفي بداية عهد الدولة الأموية تم الاستحواذ على مبانٍ بيزنطية أو رومانية بدون إجراء أية تعديلات عليها أو بإجراء تعديلات طفيفة. [2]

أنواع المباني والمنشآت التي تم بناؤها خلال فترة الخلافة الأموية

تعتبر المساجد والقصور والمدن أكثر مشاريع البناء التي تم تنفيذها في الفترة الأموية أهمية، حيث شكّلت المساجد عنصرًا مهمًّا في توسيع حدود الدولة الإسلامية ونشر الإسلام، لكن سرعة الفتوح الإسلامية عنت أنّ بعض هذه المساجد كانت عبارة عن منشآت مؤقتة أو كنائس تمّ تحويلها إلى مساجد. وتمّ بناء مدن جديدة لتحقيق أغراض معينة مثل الحاجة لمركز إداري. أما أكثر المنشآت تمييزاً لهذه الفترة هي “القصور الصحراوية” أو “القصور الأموية” والتي بنيت في البادية كمساكن للخلفاء والأمراء. [2]وقد كانت المساجد منشآت بالغة الأهمية أثناء الفترات المبكرة للخلافة الإسلامية حيث شكّلت مكانًا للاجتماع وإذاعة الأنباء المهمة، وقد تطوّر نمطان لتقاليد بناء المساجد ففي سوريا تم تحويل الكنائس إلى مساجد، بينما تطوّرت المساجد في العراق من فراغات مغلقة ذات مسقط مربع إلى ذات سقف محمول على أعمدة. ويعدّ أقدم المباني الإسلامية في الجزء الغربي من الدولة الأموية هو قبة الصخرة.[2]

قبة الصخرة في القدس

أمر ببنائها الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بين عامي 688-691م [3] وتقع ضمن الحرم الشريف في موقع المعبد اليهودي الذي تم تدميره أثناء الحصار الروماني على القدس في عام 70م [4]، وبسبب موقعها على أرض صخرية لم تتضرر بشكل ملحوظ خلال الزلازل العديدة التي أصابت المنطقة [3].

الشكل 2: قبة الصخرة في القدس

تتميز قبة الصخرة بمسقط مثمن الشكل وقبة ذات قطر يبلغ حوالي 20م تقريباً مرفوعة على رقبة محملة على 4 دعامات و12 عمود [4]، وتحتوي في مركزها على الصخرة المشرفة [5]، ويحيط بالدائرة الداخلية المحيطة بالصخرة رواق مثمن الشكل مكون من 8 دعامات و16 عمود. [4]

الشكل 3: مسقط قبة الصخرة

لا تحتوي لوحات الفسيفساء التي تزين قبة الصخرة من الداخل والخارج على أي تصوير لبشر أو حيوانات. ونرى عوضاً عنها زحارف نباتية وأوعية وتيجان مجنحة ساسانية المنشأ [6]. ولكلّ جدار من الجدران الخارجية الأربعة المواجهة للجهات الرئيسية الأربع باب [7]. وخضعت قبة الصخرة للعديد من التعديلات والإصلاحات التي كان آخرها تجديد الصفائح الذهبية التي تغطي القبة في عام 1993م. [2]

الشكل 4: إحدى لوحات الفسيفساء التي تزين قبة الصخرة من الداخل والتي تظهر الزخارف ساسانية المنشأ.

الجامع الأموي في دمشق

أكثر المباني أهمية بالنسبة لتطوّر المساجد في العهد الأموي هو الجامع الكبير في دمشق [2].

قام الخليفة الأموي الوليد الأول بتحويل كنيسة يوحنا المعمدان في دمشق إلى جامع وذلك لاستيعاب الأعداد المتزادية من المسلمين.

تم بناء الجامع بمسقط مستطيل بأبعاد 157×100م، وهو مؤلف من قسمين، الباحة الخارجية التي تسمى الصحن، وقاعة الصلاة التي تسمى الحرم. [8]

يتألف حرم الجامع الأموي من ثلاثة مجازات مسقوفة بأسقف جملونية [9] ويقطع هذه المجازات في مركزها بشكل عرضي مجاز قاطع تعلوه قبة [10] وتزيّن واجهته الرئيسية التي تعتبر مدخل الحرم بالفسيفساء [11]. ويحتوي الجامع الأموي على مئذنة العروس، أولى المآذن في الإسلام.

الشكل 5: الجامع الأموي في دمشق
الشكل 6: مسقط الجامع الأموي

مئذنة العروس

بعد تحويل الخليفة الأموي الوليد للكنيسة الكبرى في دمشق إلى جامع، أمر ببناء برج على الجدار الشمالي للجامع، وأطلق عليه اسم مئذنة العروس التي تعتبر أول مئذنة في الإسلام إلا أن فكرة المئذنة قد تمّ تطبيقها بشكل أبسط سابقًا حيث قام الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان بإنشاء أربعة صوامع أو أبراج عند توسيع جامع عمرو بن العاص في مصر مقتبساً الفكرة من أبراج الكنائس الموجودة في دمشق [12].

الشكل 7: مئذنة العروس بشكلها الحالي بعدسة الفنان السوري أحمد مادون (1948-1988)

المحراب

أحد أهم العناصر التي تمت إضافتها أثناء الفترة الأموية بالإضافة إلى المئذنة هو المحراب، وهو ركن يوجد في جدار القبلة لكل مسجد. ويختلف حجم المحراب بين مسجد وآخر ولكنها عادةً ما تكون مزخرفة.

نشأ المحراب في عهد الخليفة الوليد الأول (705-715م) وتم اقتباس شكل المحراب من أركان الصلاة التي كانت تتم عند إلقاء الخطب من قبل الرهبان المسيحيين الأقباط. ودائمًا ما يوجد المحراب في الجدار الذي يقع باتجاه مكة المكرمة [13].

الشكل 8: محراب الجامع الأموي في دمشق

القصور الأموية

بالنسبة للمباني غير الدينية فإن أهم المنشآت التي تم بناؤها خلال الفترة الأموية هي القصور الصحراوية في بلاد الشام.

في حين أن بعض هذه المنشآت مباني مبنية حديثًا في تلك الفترة، فإن بعضها الآخر مكوّن من حصون رومانية أو بيزنطية تمّ تحويلها لتلبية حاجات الحكام الجدد، والجدير بالذكر أن معظم هذه القصور قد تمّ هجرها بعد سقوط الدولة الأموية ولا تزال صروحاً تدلّ على الثروة وعلى أساليب البناء الخاصة بالعمارة الأموية [2].

مدينة عنجر

تقع على بعد 58كم شرق بيروت [14] في نقطة التقاء طريقين تجاريين مهمين، وهي مستطيلة الشكل بأبعاد 305×385م وتحاط بسور مرتفع وبـ 40 برج (36 برج نصف دائري متصل بجدران السور بالإضافة إلى برج في كل من الزوايا الأربع).

يقطع المدينة شارعان في محوريها، محور رئيسي باتجاه شمال-جنوب، ومحور أقل أهمية باتجاه شرق-غرب، يقسمانها إلى أربعة أرباع متساوية، حيث يقع قصر الخليفة الكبير والمسجد في الربع الجنوبي-الشرقي في المدينة. ويشغلان القسم الأكثر ارتفاعًا، في حين أن القصور الأصغر والحمامات تقع في الربع الشمالي-الشرقي، وتوزّع الوظائف الثانوية والمناطق السكنية في الربعين الشمالي-الغربي والجنوبي-الغربي [15].

الشكل 9: واجهة قصر الخليفة بعد أن تم ترميمها بشكل جزئي
الشكل 10: مخطط المدينة ويظهر به: 1- قصر الخليفة الكبير، 2- المسجد، 3-القصر الثاني، 4-حمام ومسجد ثاني، 5-منطقة سكنية، 6-شارع رئيسي، 7- شارع ثانوي، 8-تقاطع الشارعين والتترابيل، 9-بوابات المدينة

مواد البناء المستخدمة في العمارة الأموية

إن أكثر مواد البناء استخدامًا في الفترة الأموية هي الحجارة والخشب والقرميد، حيث تم بناء معظم المباني في سوريا باستخدام حجارة مقطّعة، وغالبًا ما كانت تتصف الحجارة المقطّعة الأموية بالجودة العالية وبأطرافها المستقيمة الحادة وبشدة ربطها ببعضها وبحجمها الكبير منتجةً بذلك مباني لا يوجد مثيل لعظمتها في تلك الفترة، باستثناء الحجارة البازلتية التي تعدّ غير مناسبة لسقف مساحات كبيرة حيث لا يمكن استخدامها في الأسقف إلا في المجازات الصغيرة نسبياً وباستخدام قبوات أسطوانية.

وبشكلٍ عام فإن العمارة الأموية قد تجنبت مشكلة تقاطع القبوات حيث أن معظم المباني كانت مؤلفة من وحدات صغيرة متجمعة أو تمّ سقفها باستخدام الأخشاب، ففي سوريا، تمّ استخدام الأخشاب التي كان يتم استيرادها من غابات لبنان في سقف المباني، وكانت الأسقف الخشبية إما قليلة السماكة ومدعّمة بأعمدة وشدادات خشبية كما في الجامع الأموي في دمشق، أو بشكل قباب خشبية كما في قبة الصخرة. كما تم استخدام الأخشاب أيضاً في أعمال البناء وفي الأعمدة وفي فرش المساجد [2].

على الرغم من أن العمارة التي تستخدم القرميد كانت شائعة في كلّ من الإمبراطوريتين البيزنطية والساسانية إلا أن استخدامها في العمارة الأموية كان محدودًا ضمن القسم الشرقي للدولة الأموية حيث أن توافر الحجارة المناسبة في سوريا أغنى عن استخدام القرميد حتى في الفترة البيزنطية. [2]

أما في العراق فقد تم استخدام القرميد المشوي والقرميد المصنوع من الطين بشكل واسع. وغالبًا ما تمّ استخدام القرميد المشوي في الأعمدة والقبوات والأجزاء السفلية من الجدران. بينما تم استخدام القرميد المصنوع من الطين في الأجزاء العلوية من الجدران. [2]

فن الزخرفة والتزيين في العمارة الأموية

على الرغم من أن معظم لوحات الفسيفساء الأموية قد صنعت من قبل حرفيين بيزنطيين. فإن الزخارف التي تم استخدامها تشير إلى التأثير الإسلامي في هذا الفن. وأقدم لوحات الفسيفساء الإسلامية هي تلك التي توجد في قبة الصخرة. والتي تتألف من قطع ذهبية ومتعددة الألوان تمثل نقوشاً لجواهر ملكية بيزنطية وساسانية.

يحتوي الجامع الأموي في دمشق على فسيفساء بالغة الأهمية تمثّل مدينة خالية من الناس. وذلك بسبب حظر تصوير البشر والحيوانات في الفن الإسلامي. لكن يوجد في بعض القصور الصحراوية لوحات فسيفساء تصوّر فيها حيوانات كما في خربة المفجر. [2]

الشكل 11: فسيفساء تصوّر غزلان وأسدًا في خربة المفجر.
الشكل 12: الفسيفساء التي تغطي أرضية الحمام في قصر الخليفة في مدينة عنجر

إضافة إلى لوحات الفسيفساء، احتوت معظم القصور الأموية على لوحات جصيّة على الجدران والأرضيات والتي قام بعضها بتصوير حيوانات أو بشر. [2]

قامت ثورة ضد الأمويين في خراسان عام 747م وانتشرت خلال وقت قصير في القسم الشرقي من الدولة. وفي عام 750م تمت هزيمة الأمويين على يد العباسيين الذين كان مركز الخلافة الخاص بهم في العراق. ولم يبق من الأمويين إلا من هربوا إلى الأندلس حيث استمرت السلالة بالحكم حتى عام 1051م.

المصادر

  1. Muslim Architecture under The Umayyad Patronage (661-750AD) – Foundation of Science Technology and Civilisation
  2. Dictionary of Islamic Architecture.pdf
  3. Dome of the Rock (BiblePlaces.com)
  4. madainproject.com/dome of the rock
  5. The Dome of the Rock (Qubbat al-Sakhra) – Smarthistory
  6. The Dome of the Rock (Qubbat al-Sakhra) (article) _ Khan Academy
  7. Dome of the Rock – Discover Islamic Art – Virtual Museum
  8. muslimheritage.com/great ummayad mosque
  9. Umayyad mosque-Damascus/3dvirtual tour
  10. britannica/Great Mosque of Damascus
  11. Umayyad Mosque in Damascus – The Byzantine Legacy
  12. The Origin and History of the Minaret (jstor.org)
  13. Mihrab – Islamic Architecture -Britannica
  14. Anjar – Umayyad Route
  15. Anjar – UNESCO World Heritage Centre

مدينة عنجر المهجورة: تخطيط روماني وبناء لم يكتمل

من الآثار الأموية القليلة الموجودة في لبنان، مدينة كاملة أُنشِئت لتكون مركزًا تجاريًا على نقطة تقاطع للطرق التجارية من بيروت إلى دمشق، ومن حمص إلى طبريا مرورًا بالبقاع، فلنتعرف على مدينة عنجر الأثرية.

موقع وتقسيم مدينة عنجر

الشكل 1: مدينة عنجر كما تظهر على خرائط Google
الشكل 2: مخطط المدينة ويظهر به: 1- قصر الخليفة الكبير، 2- المسجد، 3-القصر الثاني، 4-حمام ومسجد ثاني، 5-منطقة سكنية، 6-شارع رئيسي، 7- شارع ثانوي، 8-تقاطع الشارعين والتترابيل، 9-بوابات المدينة [3]

تقع المدينة على بعد 58كم شرق بيروت، [1] في نقطة التقاء طريقين تجاريين مهمين. أحدهما يصل بين بيروت ودمشق، والآخر يقطع البقاع واصلًا بين حمص وطبريّا.

تم اكتشاف هذه المدينة في أربعينات القرن ال20، حيث أظهرت عمليات التنقيب مدينة مستطيلة الشكل بأبعاد (350×385م) مسوّرة محاطة بجدران وب40 برج (36 برج نصف دائري متصل بالجدران بالإضافة إلى برج في كل زاوية من الزوايا الزوايا الأربعة). [2]

يقطع مدينة عنجر شارع في كلّ من محوريها، محور شمالي-جنوبي رئيسي، ومحور أقل أهمية شرقي-غربي يقسمانها إلى أربع أقسام متساوية. يقع قصر الخليفة الكبير والمسجد في الربع الجنوبي-الشرقي من المدينة ويشغلان القسم الأكثر ارتفاعاً منها. في حين تقع القصور الأصغر والحمامات في الربع الشمالي-الشرقي. وتوزّع الوظائف الثانويّة والمناطق السكنية في الربعين الشمالي-الغربي والجنوبي-الغربي. [3]

الشكل 3: واجهة قصر الخليفة بعد أن تم ترميمها بشكل جزئي

تخطيط وتقنيات بناء رومانية

يعد الشارعان الرئيسيان اللذان يقطعان المدينة مثالًا على تخطيط الشوارع في المدن الرومانية. حيث يوجد المحور الرئيسي (شمال جنوب) الذي يسمى «كاردو ماكسيموس – Cardo Maximus» بعرض 20م والذي كان محاطًا بالمتاجر من الجهتين. ويتقاطع في منتصفه مع الشارع الثانوي الذي يسمى «ديكومانوس ماكسيموس – Decumanus Maximus» الذي كان محاطًا بالمتاجر والدكاكين من الجهتين أيضاً. تم اكتشاف 600 متجرًا أو دكانًا بالمجمل، [4] مما يجعل مدينة عنجر مثالًا على المراكز التجارية الداخلية. [2]

الشكل 4: احد الشارعين الرئيسيين لمدينة عنجر وتظهر في الصورة الأعمدة التي تم بناؤها بشكل جزئي والمتاجر المحيطة بالشارع من الجانبين

نلاحظ في نقطة تقاطع الشارعين وجود أربعة «تترابيلات – Tetrapylons» على الزوايا الأربعة لمفترق الطرق هذا. وقد تمت إعادة بناء أحد التترابيلات بشكل كامل بأعمدته الأربعة. ونلاحظ الكتابات الإغريقية على القواعد والتيجان الكورنثية التي تتميز بأوراق نبات «الأكانتوس – Acanthus» المنحنية. [4]

الشكل 5: التترابيل

كما نلاحظ استخدام تقنية بناء ذات أصل بيزنطي تتألف من صفوف من الحجارة المنحوتة والتي تتناوب مع صفوف من القرميد. هذه التقنية التي استخدمها البيزنطيون للتخفيف من آثار الزلازل. [4] (وتطوّرت لاحقًا في العالم الإسلامي لتعرف باسم “الأبلق“).

الشكل 6: صورة مقرّبة لأحد الجدران في مدينة عنجر تظهر استخدام تقنية صفوف الحجارة المتناوبة

يمكننا رؤية قواعد أعمدة ذات أبعاد متساوية عن بعضها على جانبي الشارعين والعديد من الأعمدة المنهارة والتي كانت جزءًا من رواق كان ممتدًا على جانبي الشارعين. تم إعادة بناء قسم من أعمدته من أجل إعادة تخيّل المشهد. [4]

بناء لم يكتمل

تم تأسيس مدينة عنجر من قبل الخليفة الأموي الوليد الأول (الوليد بن عبد الملك (705-715م)) في بداية القرن 8 الميلادي، ولم يكتمل بناؤها حيث لم تحظَ إلا بفترة قصيرة من الازدهار. إذ هزم الخليفة الأموي ابراهيم بن الوليد في عام 744م ، وبعدها، تم هجر المدينة شبه المدمّرة ليعاد اكتشافها من قبل علماء الآثار في أربعينات القرن ال20 م. أضيفت المدينة إلى قائمة اليونسكو للتراث العالمي في عام 1984م. [2] وتعدّ عنجر مثالًا على تأثّر الحضارات ببعضها من خلال تخطيطها وأسلوب بنائها، ومثالًا على قيام الأمويين بإعادة استخدام الآثار الموجودة والمتوفرة في بناء مبانٍ جديدة.

المصادر

  1. Anjar – Umayyad Route
  2. Anjar – UNESCO World Heritage Centre
  3. phoenician-anjar (pdf)
  4. Aanjar – middleeaast.com

قبة الصخرة ما بين الماضي والحاضر

تعد قبة الصخرة من أشهر الصروح التي تميّز العمارة الإسلامية، ومن أبرز رموز فلسطين المحتلة. فمن منا لا يعرف قبة الصخرة الذهبية؟ لنتعرف معًا على تاريخها وعلى عناصرها المعمارية.

بناء وموقع قبة الصخرة

بنيت قبة الصخرة بأمر من الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بين عامي 688 – 691 م [1]. وتعدّ من أولى المباني الإسلامية على الإطلاق. بنيت لتكون نقطة محورية دينية لحلفاء الخليفة الأموي. إذ إن منطقة الحجاز (مكة المكرمة والكعبة المشرفة) آنذاك لم تكن تحت سيطرة الدولة الأموية. [2]

تقع القبة ضمن الحرم الشريف [2] في موقع المعبد اليهودي الذي تم تدميره أثناء الحصار الروماني للقدس في عام 70م. [3] وبسبب موقعها على أرض صخرية لم تتضرر بشكل ملحوظ إثر الزلازل العديدة التي أصابت المنطقة. [1]

الشكل 1: موقع قبة الصخرة ضمن الحرم الشريف

البنية المعمارية لقبة الصخرة

إن بنية المنشأة وقبتها التي نراها اليوم لا تزال محافظةً على شكلها الأصلي. حيث تتميز بمسقط مثمن الشكل. يسقف مركزه بقبة ذات قطر 20 م تقريبًا، مرفوعة على رقبة محمولة على 4 دعامات و12 عمود[3]. تحتوي هذه الدائرة في مركزها على الصخرة المشرفة [2]. ويحيط بالدائرة رواق مثمن الشكل مؤلف من 8 دعامات و16 عمود. وتشكل الجدران الخارجية شكلًا مثمنًا بطول 18م وبارتفاع 11م لكلّ جدار. بينما تشكّل الجدران الخارجية مع الرواق الداخلي ومع أعمدة القبة ممرين يدوران حول الصخرة المشرفة. [3] تحتوي كل من الرقبة التي تحمل القبة والجدران الخارجية على نوافذ عدّة.

تحتوي كل من الجدران الخارجية الأربعة المواجهة للجهات الرئيسية الأربع (شمال، جنوب، شرق، غرب) على باب. وتغطى الواجهات الخارجية بألواح من الرخام في الأسفل وبلاطات خزفية من الأعلى. تعود هذه البلاطات لعهد السلطان العثماني سليمان القانوني، الذي أمر باستبدال الفسيفساء الزجاجية الأصلية في الفترة الواقعة بين عامي 1545و 1552م. كما جددت الألواح الرخامية عدة مرات. [6]

الشكل 2: مسقط قبة الصخرة من رسم المؤرخ البريطاني كريزويل
الشكل 3: الصخرة المشرفة والأروقة المحيطة بها

الفسيفساء

أصبحت الفسيفساء التي تزّين الجدران والأسقف منتشرة بشكل كبير في الفترة القديمة المتأخرة (حوالي 300- 800م). وأصبحت تزيّن عددًا كبيرًا من الكنائس البيزنطية، ككنسية سان فيتالي في روما، وآيا صوفيا في اسطنبول. ولا تحتوي لوحات الفسيفساء في قبة الصخرة على أية تصوير لبشر أو حيوانات. وعوضًا عنها نرى زخارف نباتية وأوعية وتيجان مجنحة تشبة تلك التي كان يرتديها الملوك الساسانيون. [4]

وعلى الرغم من استخدام آيات قرآنية للتزيين، فإن العناصر المعمارية والتزيينية متأثرة كثيرًا بتقاليد البناء البيزنطية المسيحية. [5]

الشكل 4: نموذج من الفسيفساء التي تزين قبة الصخرة من الداخل
الشكل 5: البلاطات الخزفية التي تزين الجدران الخارجية

تعديلات وتحسينات طرأت على قبة الصخرة

خضعت المنشأة لتعديلات مع تعاقب الفترات الإسلامية التي حكمت القدس، بمن فيهم العباسيون والفاطميون والأيوبيون. وخلال الحملات الصليبية، كانت الصخرة محاطة بحاجز من الحديد المطاوع، واستبدله الأيوبيون بالحاجز الخشبي الذي يحيط بالصخرة اليوم. ولعلّ من أهم عمليات الترميم، تلك التي أمر بها السلطان العثماني سليمان القانوني في القرن 16م. إذ استبدلت الفسيفساء الخارجية ببلاطات خزفية ملونة. [7] وفي القرن العشرين (1968م) [8]، تم إصلاح الزخارف الداخلية والخارجية التالفة واستبدالها. وزوِّدت القبة بغطاء ذهبي جديد. [7]وكذلك تم تجديد الصفائح الذهبية التي تغطي القبة في عام 1993م. [8]

قبة السلسلة

تعتبر قبة السلسلة منشأة مشابهة لقبة الصخرة، غير أنها أصغر حجمًا. تقع شرق قبة الصخرة مباشرةً، وتتميز بمسقط مشابه مثمن الشكل، مسقوف بقبة، ومفتوح الجوانب. [8] بنيت من قبل الأمويين، وحولت إلى كنيسة صغيرة أثناء الحملات الصليبية. ثم أعاد الأيوبيون تحويلها إلى مصلى. ورممت من قبل الممالي العثمانيين. ورممت حديثًا من قبل المملكة الأردنية الهاشمية. إن قطر قبة السلسلة 14م، وهذا يجعلها ثالث أكبر منشآت الحرم الشريف بعد المسجد الأقصى وقبة الصخرة. [9]

الشكل 6: قبة الصخرة وقبة السلسلة

بئر الأرواح

هو كهف طبيعي ومن صنع الإنسان بشكل جزئي. يوجد داخل الصخرة الأساسية تحت قبّة الصخرة. وعرِف خلال فترة الحملات الصليبية باسم «قدس الأقداس – The Holy of Holies». يبدو سقف الكهف طبيعيًا، بينما رصِفت أرضيته بالرخام وغطِيت بالسجاد.

يقع مدخله في الجهة الجنوبية الغربية من البناء، ويحتوي على أربعة محاريب؛ محراب إبراهيم، ومحراب خضر، ومحراب داوود، ومحراب سليمان.

الشكل 7: مدخل بئر الأرواح
الشكل 8: بئر الأرواح من الداخل ويظهر في الصورة محراب سليمان

المصادر

  1. Dome of the Rock (BiblePlaces.com)
  2. The Dome of the Rock (Qubbat al-Sakhra) – Smarthistory
  3. Dome of the Rock – Madain Project (en)
  4. The Dome of the Rock (Qubbat al-Sakhra) (article) _ Khan Academy
  5. The Dome of the Rock _ The Metropolitan Museum of Art
  6. Dome of the Rock – Discover Islamic Art – Virtual Museum
  7. Dome of the Rock – Britannica
  8. Dictionary of Islamic Architecture (pdf)
  9. Dome of the Chain – Madain Project (en)
  10. Well of Souls (Temple Mount) – Madain Project (en)
Exit mobile version