سلسلة العمارة الإسلامية: قصر الأخيضر

اشتهر العباسيون باهتمامهم بالعلوم والفنون والعمارة، وبنائهم لمدنٍ جديدةٍ وجوامعَ وقصور، أشهرها قصر الأخيضر، وفي هذا المقال، سنستكشف الخلفية التاريخية لقصر الأخيضر وعناصره المعمارية، بالإضافة إلى أهميته وتأثيره على العمارة الإسلامية والعمارة في الغرب.

تاريخ وموقع قصر الأخيضر

قصر الأخيضر موقعٌ تاريخي مهمٌّ يقع في محافظة كربلاء ، العراق. وقد شيّد بين عامي 774 و 775م على يد عيسى بن موسى ، ابن شقيق الخليفة العباسي السفاح [1] [2]، وهوعبارة عن هيكل كبير مستطيل الشكل يتميز بأسلوب دفاعي فريد ويتمثل الابتكار المعماري العباسي في نمط بناء أفنيته ومساكنه ومسجده بالإضافة إلى كونه نقطة مهمة على الطرق التجارية [1] وكان القصر يتألف من مجمع سكني محصن يحتوي على قاعات وأفنية وشقق سكنية ومسجد. [3]

بنية القصر

الشكل 1: مسقط قصر الأخيضر [4]

كما نرى في المسقط فإنّ القصر يتألف من كتلتين داخل السّور وهما قصرٌ وملحق به، ويقع المدخل الرئيسي للقصر في الجهة الشمالية، تليه قاعة كبيرة تفضي إلى الفناء المركزي، والذي يحاط ببيوتٍ (مجموعات من الغرف تمثّل كلّ مجموعةٍ منها مسكناً واحداً، أو بيتاً) كما في القصور الأموية، بالإضافة لقاعة العرش التي تقع في الجهة الجنوبية من الفناء، ويظهر في المسقط وجود أبراجٍ متصلة بسور المجمّع بالإضافة إلى أبراجٍ على الجدار الخارجي للقصر.

ويتمّ الوصول إلى الطابق العلوي بواسطة منحدرات (رامبات) توجد بزاوية قائمة على جانبي البوابة، بالإضافة إلى وجود اسطبل يمين المدخل الرئيسي من الجهة الغربية. [4]

الابتكارات المعمارية في قصر الأخيضر

تمّ بناء أوّل قبة مقسّمة إلى أخاديد في قصر الأخيضر، والتي تمّ تبنّيها لاحقاً وبناؤها في جامع القيروان الكبير [1][3]
. وشوهدت الأقواس المدببة التي استُخدِمت في مقدمة القصر في وقت لاحق في المسجد الأقصى والمباني العباسية الأخرى [3] مثل مقياس النيل ومسجد ابن طولون في القاهرة. كما أصبحت المحاريب المصمتة من العناصر الأساسية للتزيين والزخرفة في العمارة الإسلامية بعد أن تمّ استخدامها في قصر الأخيضر [3] وتم تطوير التقنية الدفاعية للقصر، والمعروفة باسم chemin de ronde، وهو ممشى جداري أو ممرٌّ محميٌّ مرتفع خلف سور القصر من الاعلى، وتم بناؤها على طول الأسوار الخارجية بالإضافة إلى استخدام مرامي السهام في سور القصر [3]، وهي شقوق طولية كان يتمّ إطلاق الأسهم منها مع توفير الحماية لرامي السهام الذي يقف خلفها.

الشكل 2: البوابة الشمالية (الرئيسية) لقصر الأخيضر وتظهر في الصورة المحاريب المصمتة على جانبي البوابة بالإضافة إلى شقوق رمي السهام والأبراج نصف الدائرية
الشكل 3: استخدام الأقواس المدببة في عناصر القصر المختلفة ويظهر في الصورة الممر الدفاعي “chemin de ronde”

الأقواس المدببة

كان قصر الأخيضر أول مبنى استُخدم فيه القوس المدبب بشكل منتظم [5]. يتمتع القوس المدبب بميزة معمارية كبيرة من حيث أنه يقوم بتركيز الحمولات المرتكزة عليه على نقطة عمودية، بحيث يمكن دعم المزيد من وزن المبنى من الخارج، عادةً باستخدام الدعامات أو الأكتاف [6] وهي هياكل معمارية مبني على أو بارزة من الجدران وتعمل على دعم أو تقوية الجدار بدلاً من الجدران والأعمدة الداخلية. و قد مكّن القوس المدبب من تقليل الحمولات الجانبية على الأساسات وسمح ببناء مبانٍ أكثر ارتفاعًا [8] . ويعتبر القوس المدبب أيضًا أقوى من الأقواس الدائرية رومانية المنشأ والتي كانت تستخدم سابقًا [8] . أثر استخدام الأقواس المدببة في قصر الأخيضر على تطور العمارة الإسلامية وتم اعتمادها لاحقًا في المباني الأخرى، مثل المسجد الأقصى [5] [6] [8] . أصبح القوس المدبب سمة مميزة للمباني الإسلامية ثمّ انتقل وتمّ استخدامه في العمارة القوطية في أوروبا [7] [8]، حيث استخدمت العمارة القوطية القوس المدبب لإنشاء مبانٍ أطول وأكثر رشاقة، مع تحميل ثقل المبنى على الأقواس المدببة والقبوات المتصالبة. [7]

المصادر

  1. muslimheritage.com – the palaces of ukhaidir
  2. muslimheritage.com – ukhaidir palace
  3. fairbd.net – abbasid architecture through its iconic monuments
  4. Dictionary of Islamic Architecture
  5. muslimheritage.com – the pointed arch
  6. classroom.synonym.com – the evolution of islamic arches
  7. mei.edu – How islamic architecture shaped europe
  8. latimes – Newsletter: Essential Arts: What Europe’s Gothic architecture took from Islamic design
  9. lumenlearning.com – gothic architecture

العمارة الإسلامية في عهد الدولة العباسية (750-1258م)

شهدت الفترة العباسية حقبة مهمة في التاريخ الإسلامي، امتدت من القرن الثامن إلى القرن الثالث عشر الميلادي. وكان العباسيون ثاني سلالة تحكم العالم الإسلامي بعد الأمويين. وقد شهد العالم الإسلامي في هذه الفترة تقدمًا كبيرًا في العلوم والفنون والأدب والعمارة. اشتهر العباسيون برعايتهم للفنون، مما أدى إلى تطوير أسلوب معماري إسلامي فريد [1]. سيستكشف هذا المقال الإنجازات المعمارية التي تمّ إنجازها في عهد الدولة العباسية.

الشكل 1: الدولة العباسية في أقصى امتدادٍ لها

المدن العباسية

مدينة بغداد الدائرية

تم بناء مدينة بغداد الدائرية، والمعروفة أيضًا باسم مدينة السلام ، في 762 من قبل الخليفة العباسي المنصور [1]. واكتمل بناؤها في عام 766م [5]. كانت المدينة الدائرية من روائع العمارة والهندسة الإسلامية ، حيث جمعت بين مبادئ التصميم الإسلامية التقليدية والتقنيات المبتكرة [2].

الشكل 2: رسم تخيّلي يُظهِر مدينة بغداد الدائرية

كانت مدينة بغداد الدائرية ذات قطر يساوي 2 كم تقريباً [5]. محاطة بسور ضخم تتخلله أربع بوابات تواجه الاتجاهات الرئيسية ، مزينة بأنماط هندسية معقدة ونقوش قرآنية [1]. وكانت الشوارع تؤدي من البوابات الأربعة إلى المناطق المركزية بينما تتركز أماكن المعيشة والمحلات التجارية في حلقة بين الجدار الخارجي للمدينة الذي كان محاطًا بخندق عميق وجدار دائري محصن ثانٍ [4].

وكان من أبرز سمات المدينة نظام توزيع المياه، والذي كان ضروريًا لبقاء المدينة في المناخ الجاف لبلاد الرافدين [2]. حيث قام مهندسو المدينة ببناء شبكة واسعة من القنوات لجمع وتوزيع المياه في جميع أنحاء المدينة. كما أنشؤوا نظامًا من الأنفاق الجوفية التي سمحت بالنقل الفعال للمياه من نهر دجلة إلى ينابيع المدينة وحدائقها [3].

مدينة سامرّاء العباسية

تأسست مدينة سامراء عام 836 م على يد الخليفة العباسي المعتصم بالله كمعسكر لحماية الخلافة من التهديد المتزايد لسلالة الطاهريين في الشرق [6]. ومع ذلك ، سرعان ما تطورت لتصبح مدينة رئيسية ، وقد وصل عدد سكانها إلى 600000 نسمة في ذروة ازدهارها [7]. تميّزت المدينة بمخطط شطرنجي ذي شوارع متعامدة، وبأحياء سكنية منظمة حول الأفنية المركزية والمساجد [8]. وتتميز العمارة في مدينة سامراء باستخدامها القرميد والجص ، والتي كانت تستخدم لإنشاء أنماط هندسية تزيينية معقدة. [6]

الشكل 3: صورة جوية لمدينة سامراء تعود لمطلع القرن العشرين ويظهر في مقدمة الصورة جامع سامراء الكبير ومئذنته

جامع سامرّاء الكبير

أحد أشهر الجوامع العباسية، أمر ببنائه الخليفة العباسي المتوكل عند توليه للحكم [9] وبدأ بناءه عام 848 م واكتمل عام 851 م بمساحة 38000 متر مربع تقريباً [1]. بُني المسجد في موقع قصر سابق دُمِّر إبان الحرب الأهلية التي ميزت نهاية عهد الخليفة السابق الواثق [10].

وتقع على المحور الوسطي للجامع وخارج حرمه برج حلزوني يعرف باسم (الملويّة) أو المئذنة الملتوية، بارتفاع 52 متراً، وبقطر 33 متراً عند القاعدة. وتقع على بعد 27 متراً تقريباً من الجدار الشمالي وتتصل بالجامع بواسطة جسر.

تم بناء هذه المئذنة التي تميّز مدينة سامرّاء باستخدام الحجر الرملي، وما يجعلها فريدة من نوعها هو تصميمها الحلزوني المخروطي. ويرتفع البرج الحلزوني على القاعدة المزودة بمنحدر (رامب) يبدأ عند مركز الجهة الجنوبية ويدور حوله بعكس اتجاه عقارب الساعة. وبعد خمس دورات كاملة، يصل المنحدر إلى القمة وينتهي عند الحنية الجنوبية لطابق أسطواني الشكل. ثم يقود درج شديد الانحدار إلى المنصة، بارتفاع 50 متر بالضبط فوق القاعدة. [9]

الشكل 4: جامع سامرّاء الكبير

جامع أبي دُلف

يقع جامع أبي دُلف حوالي 15 كيلومتراً شمال مدينة سامراء في قلب الصحراء، ويحمل مئذنة مشابهة لمئذنة سامراء الملتوية بتصميم حلزوني مشابه [9].

تم بناء المسجد في القرن التاسع وسمي على اسم أبي دُلَف؛ المحارب العربي الذي تم دفنه في باحة المسجد [10]. وهو مستطيل الشكل بأبعادٍ تساوي حوالي 30 × 20 مترًا ، ويتميز بقبة مركزية كبيرة محاطة بقباب أصغر وفناء (صحن) مربع [11]، وعلى الرغم من تشابه مئذنة جامع أبي دُلّف مع مئذنة جامع سامراء الكبير بشكلها الحلزوني، إلا أن مئذنة هذا الجامع ليست نسخة مطابقة لمئذنة جامع سامراء. فمئذنة أبي دلف أصغر حجماً بثلاث دورات فقط يدورها المنحدر حتى يصل إلى القمة مقارنةً بالدورات الخمس التي يدورها مثيله في مئذنة جامع سامراء. [9]

الشكل 5: مئذنة جامع أبي دُلف

مدينة الرّافقة

في عام 772 م، أمر الخليفة العباسي المنصور ببناء مدينة جديدة تسمى الرافقة بالقرب من الرقّة، وقد كلف ابنه وخليفته المهدي (حكم في الفترة الممتدة بين عاميّ 775-785 م) بالإشراف على بنائها. نُفِّذت الإضافات اللاحقة، مثل الجدار الخارجي ، تحت حكم ابن المهدي، هارون الرشيد (حكم في الفترة 170-93 / 786-809). كان المكان بمثابة مدينة حامية على الحدود مع الإمبراطورية البيزنطية لحماية الأراضي العباسية. كما أنها كانت تقع على مفترق طرق مهمة للقوافل عند التقاء نهر الفرات مع نهر الخابور [12].

يحمل مخطط المدينة تشابهاً طفيفاً مع مخطط مدينة بغداد العباسية، لكنه يتخذ شكل حدوة حصان مع وجود ضلع مستقيم في الجانب الغربي من المدينة [13]. ويبلغ قطر سور المدينة المحيط بالرفقة حوالي 1300 م. ويبلغ طول هذا الجدار الضخم 5000 متر تقريبًا ، ويحصر بداخله مساحةً تساوي 1.47 كيلومترًا مربعًا [12].

الشكل 6: مخطط مدينة الرافقة [12]

وكان من أهمّ الإنجازات المعمارية في عهد الدولة العباسية هو ترميم المسجد الأقصى الشريف

ترميم المسجد الأقصى

خضع المسجد الأقصى في القدس لعملية تجديد وإعادة بناء كبيرة، حيث تولى العباسيون، الذين أرادوا تأكيد سلطتهم على المقدسات الإسلامية، مهمة إعادة بناء المسجد. وقد تضمن المشروع توسيع قاعة الصلاة بالمسجد وإضافة معالم معمارية جديدة، مثل مدخل ضخم وقبة. تضمنت إعادة البناء أيضًا عناصر من الطراز المعماري العباسي، مثل استخدام الجص الزخرفي والتصميمات الهندسية المعقدة. لم تكن إعادة بناء المسجد الأقصى خلال الفترة العباسية رمزًا دينيًا وثقافيًا فحسب، بل كانت أيضًا دليلًا على التزام العباسيين بالعمارة الإسلامية ورغبتهم في ترك بصماتهم على العالم الإسلامي [14].

قصر الأُخَيضِر

أحد أروع أمثلة العمارة العبّاسية، تمّ بناؤه خلال منتصف القرن الثامن الميلادي في صحراء العراق حالياً. القصر عبارة عن قلعة مستطيلة الشكل مع أبراج في كل زاوية وفناء مركزي كبير [1] يعدّ بمثابة النقطة المحوريّة للقصر [14] . تم بناء جدران القصر من القرميد المصنوع من الطين المشوي وتمّ تزيينها بتصميمات جصية متقنة وأنماط هندسية، والتي تميز الطراز المعماري العباسي. تضمن تصميم القصر أيضًا العديد من الميزات الوظيفية، مثل نظام المياه المتطور . كان موقع القصر في المنطقة الصحراوية في العراق استراتيجيًا، حيث كان بمثابة محطة طريق للمسافرين والحجاج. اليوم، يقف قصر الأخيضر كدليل على الإنجازات المعمارية للعباسيين وقدرتهم على خلق الانسجام بين الاعتبارات الوظيفية والجمالية في تصميم المباني [1].

مسجد ابن طولون في القاهرة

يعتبر مسجد ابن طولون ثاني أقدم مسجد موجود في مصر. وهو النصب الوحيد المتبقي في مدينة القطائع ، وقد تم إنشاؤه عام 870م في عاصمة الدولة الطولونية في مصر من قبل حاكم مصر أحمد بن طولون. [15] ويعدّ نموذجاً فريداً للعمارة الإسلامية بمئذنته اللولبية المميزة وفنائه الواسع المفتوح. يغطي المجمع مساحة تزيد عن 26000 متر مربع ويحيط به سور مرتفع له ثلاث بوابات [16]. يقع المدخل الرئيسي في الجهة الشرقية للمسجد ويؤدي إلى قاعة الصلاة التي يدعمها أكثر من 200 عمود مرتبة في 17 صفًا. تم تزيين المسجد من الداخل بأنماط هندسية أنيقة ونقوش بالخط العربي ، وهي سمات مشتركة للفن والتصميم الإسلامي [17]. تم تزيين جدران وأعمدة قاعة الصلاة بنقوش وزخارف معقدة تعكس المفهوم الإسلامي للتناسق والتوازن. [15]

تعتبر مئذنة مسجد ابن طولون أبرز معالمه. يرتفع إلى ارتفاع 26 مترًا وهو مبني على شكل حلزوني فريد من نوعه ، مع درج خارجي يؤدي إلى القمة [15]. تعلو المئذنة قبة صغيرة وهلال، ومن الجدير بالذكر أنها المئذنة الوحيدة خارج العراق التي تماثل في التكوين المئئذنتين الملويّتين لجامعي سامرّاء الكبير وأبي دُلَف.

الشكل 7: بطاقة بريدية من عام 1903م تظهر مسجد ابن طولون ومئذنته

مقياس النيل

بني مقياس النيل بأمرٍ من الخليفة العبّاسي المتوكّل في عام 861م [18]، ويقع في جزيرة الروضة في مصر، وبالتحديد في القاهرة على نهر النيل، وقد استُخدِم بشكلٍ عام لقياس مستويات الفيضان من أجل إعداد السدود والقنوات ، وتحديد مستويات الضرائب للإنتاجية الزراعية ، والاحتفال بفيضان النيل ، الذي كان حدثًا مهمًا من العصور الوسطى حتى نهاية القرن التاسع عشر [18] [ 19].

يتكوّن من جزئين أساسيَّين: الأول هو البئر المكون من ثلاثة طوابق وفي محوره العمود الرخامي ، وهو أداة قياس الفيضان. والثاني القنوات التي تتصل بالنيل من خلال ثلاث فتحات يوجد كلٌّ منها في طابق. يقع البئر في حفرة مربعة عميقة محفورة بعمق 13م وعرض 10م على الأقل، ما استلزَم إزالة ما لا يقل عن 1300متر مربّع من التراب والطين الصلب[20].

وتتدفق مياه النيل إلى البئر عن طريق ثلاثة قنوات تصب مياهها في البئر عن طريق ثلاثة “أفواه”. ,هذه الفتحات ذات أقواس مدببة تدعمها أعمدة مزخرفة ذات قواعد كروية. لا تعتبر هذه الأقواس أقدم الأمثلة المعروفة في مصر الإسلامية وحسب، بل وإنها تسبق تلك المستخدمة في العمارة القوطية في أوروبا بثلاثة قرون [21].

الشكل 8: مقطع طولي في مقياس النيل

الأقواس العباسية المدببة

يعتبر القوس المدبب من أبرز سمات العمارة القوطية التي ازدهرت في أوروبا خلال فترة العصور الوسطى. ومع ذلك ، فإن ما هو أقل شهرة هو أن القوس المدبب كان في الواقع تطورًا من العالم الإسلامي.

الشكل 9: الأقواس المدببة في باب بغداد في الرافقة/ الرقّة حاليّاً

شهدت الفترة العباسية العديد من الابتكارات المعمارية ، بما في ذلك القوس المدبب الذي استخدم على نطاق واسع في المباني الإسلامية. من خلال التبادل التجاري والثقافي ، انتشرت العمارة الإسلامية وابتكاراتها إلى أوروبا. لعبت الحروب الصليبية أيضًا دورًا مهمًا في نقل المعرفة المعمارية الإسلامية، بما في ذلك القوس المدبب ، إلى أوروبا، حيث أنه في الحملة الصليبية الأولى عام 1099 وبعد سقوط فلسطين في أيدي الصليبيين، عقد القادة الصليبيون أول اجتماع لهم في قبة الصخرة لتسوية خلافاتهم وترهيب المسلمين المهزومين. لم يتمكن هؤلاء القادة المهتمون بالهندسة المعمارية من ألا يلاحظوا جمال كل من أروقة قبة الصخرة والأقصى المدببة وأعادوها معهم عندما عادوا إلى أوروبا. بمجرد وصوله إلى أوروبا ، تم تكييف القوس المدبب وتطويره بشكل أكبر ، ليصبح سمة مميزة للعمارة القوطية. هذا النقل للمعرفة المعمارية هو شهادة على الترابط بين الثقافات والطرق التي يمكن للأفكار والابتكارات أن تنتشر من خلال التجارة والتبادل [14].

المصادر

  1. Dictionary of Islamic Architecture
  2. short-history.com/round-city-of-baghdad
  3. .themaparchive.com-plan-of-baghdad-city
  4. socks-studio.com/the-round-city-of-baghdad
  5. the birth of Baghdad was a landmark for world civilisation – The Guardian
  6. Samarra – SmartHistory
  7. Samarra – Barakat Trust
  8. Samarra – Archnet
  9. The origins and functions of the spiral minaret at the great mosque of Samarra (Academia.edu)
  10. Minaret of the Abu Dulaf Mosque. Samarra Archaeological City (Iraq) – UNESCO
  11. “Abu Dulaf Mosque.” Academia.edu.
  12.  Museum With No Frontiers – Al-Rafiqa
  13. Archnet – Raqqah
  14. muslimheritage.com – Muslim Architecture Under the Abbasid Patronage
  15. Ibn Tulun Minaret – Museum With No Frontiers
  16. Mosque of Ahmad ibn Tulun – Encyclopaedia Britannica
  17. Mosque of Ibn Tulun – Archnet
  18. Rawda Island Nilometer – Egyptian Monuments
  19. Nilometer – Islamic Architectural Heritage
  20. Rawda Island Nilometer – UNESCO World Heritage Centre
  21. Rawda Island Nilometer – Museum With No Frontiers

سلسلة العمارة الإسلامية: مدينة الرافقة

كان العصر العباسي وقتًا للابتكار الكبير والإنجاز الثقافي في العالم الإسلامي، ولا يزال تأثيره واضحًا في العمارة الإسلامية الحديثة اليوم. وكانت مدينة الرافقة من أهم المدن التي تم بناؤها خلال هذا الوقت، وتقع في موقع مدينة الرقّة الحالية في سوريا. ومن خلال استكشاف تاريخ هذه المدينة العباسية وتصميمها، يمكننا الحصول على معرفة أكبر تجاه الإنجازات المذهلة للعصر العباسي وتأثيرها على العمارة والتصميم.

موقع وسبب بناء مدينة الرافقة

في عام 772 م، أمر الخليفة العباسي المنصور ببناء مدينة جديدة تسمى الرافقة بالقرب من الرقّة، وقد كلف ابنه وخليفته المهدي (حكم في الفترة الممتدة بين عاميّ 775-785 م) بالإشراف على بنائها. نُفِّذت الإضافات اللاحقة، مثل الجدار الخارجي ، تحت حكم ابن المهدي، هارون الرشيد (حكم في الفترة 170-93 / 786-809). كان المكان بمثابة مدينة حامية على الحدود مع الإمبراطورية البيزنطية لحماية الأراضي العباسية. كما أنها كانت تقع على مفترق طرق مهمة للقوافل عند التقاء نهر الفرات مع نهر الخابور [1].

تخطيط المدينة وعناصرها الدفاعية

يحمل مخطط المدينة تشابهاً طفيفاً مع مخطط مدينة بغداد العباسية، لكنه يتخذ شكل حدوة حصان مع وجود ضلع مستقيم في الجانب الغربي من المدينة [2]. ويبلغ قطر سور المدينة المحيط بالرفقة حوالي 1300 م. ويبلغ طول هذا الجدار الضخم 5000 متر تقريبًا ، ويحصر بداخله مساحةً تساوي 1.47 كيلومترًا مربعًا [1].

الشكل 1: مخطط مدينة الرافقة [1]

تمّ تحصينالمدينة بطبقات دفاعية متعددة بما في ذلك خندقٌ بعرض 15.9 متر، وجدارٌ خارجيّ وجدارٌ داخليٌّ ضخم يعتمد على أساسات حجرية. وتمت تقوية الجدار الداخلي، المصنوع من القرميد المصنوع من الطين المجفف وطبقة من القرميد المشوي على كلا الجانبين، بواسطة 132 برجًا دائريًا موزعة على مسافات متساوية تقريبًا على طول الجدار (حوالي 25 م إلى 28 م). يبلغ محيط كل برج من 15 مترًا إلى 16 مترًا، ويصل عمقه إلى 5.35 متر. ومن المحتمل أن هذه الأبراج كانت ترتفع إلى 18 مترًا، وقد يكون برجا الزاوية أعلى من البقية. الجدار الخارجي أقل ارتفاعًا وأقل كتلة من الجدار الداخلي. وهو مصنوع من القرميد المجفف بالشمس وليس له أساس حجري [1].

الشكل 2: سور المدينة كما يظهر في الوقت الحالي

مداخل المدينة وباب بغداد

ان سور المدينة في الأصل يحتوي على ثلاثة مداخل: البوابة الجنوبية الغربية الصغيرة (باب الجنان)؛ البوابة الشمالية الضخمة (باب حرّان) والتي يبلغ عرضها 4 أمتار (لا تزال بقايا أعمدة الأبواب الحديدية موجودة)؛ ويقع في الزاوية الجنوبية الشرقية من سور المدينة، باب بغداد. والذي تمّ بناؤه باستخدام القرميد المشوي الذي تم استخدامه في سور المدينة الخارجي. بافتراض أن واجهة باب بغداد كانت متناظرة، فلا بد أن قياسها 18 م × 14.5 م [1].
تنقسم واجهة باب بغداد بصرياً إلى جزئين: الجزء السفلي الذي يحتوي على ممر قوسيّ الشكل كبير الحجم، بينما الجزء العلوي ، الذي يبلغ ارتفاعه حوالي 4.40 م [1]، يوجد فيه محرابان مزخرفان على جانبي البوابة مع مجموعة من المحاريب الأصغر في الأعلى على طول واجهة الباب. كان هذا الأسلوب من الأساليب الشائعة المستخدمة في القصور الأموية [3].

تشير السمات التزيينية للبوابة، ونقص العناصر الدفاعية، وموقعها في الجدار الخارجي الأضعف، إلى أنه لم يتم تشييدها بسبب مناعتها، ولكن ربما قد تم استخدامها كنموذج استعراضي لحفلات الاستقبال الاحتفالية في المدينة.
تاريخ باب بغداد لا يزال غير واضح. بناءً على العناصر التزيينية المستخدمة فيه، مثل شكل الأقواس المدببة، غير المسجلة قبل القرن العاشر، والتقنيات المستوحاة من الشرق مثل الزخرفة القرميدية، التي تشبه العمارة الإيرانية في القرن الحادي عشر (كما في أبراج خراقان) ، من غير المرجح أن تكون بوابة بغداد أن تكون قد بنيت في وقتٍ أبكر من أوائل القرن العاشر [1].

الشكل 3: ما تبقّى من باب بغداد في الوقت الحالي

قصور المدينة

كان قصر البنات الذي تمّ بناؤه في القرن التاسع مقرًا صيفيًا ترفيهيًا أسسه الخليفة العباسي هارون الرشيد. تتبع بقايا القصر مخططًا معماريًا للمبنى مرتبة حول فناء مركزي كبير به نافورة. ويحتل كل جانب من الفناء إيوان كبير، مما يجعل قصر البنات مثالاً استثنائياً على استخدام المسقط الإيراني ذو الأواوين الأربعة في سوريا. تم بناء القصر من القرميد. [4]
كما تم الكشف عن قصرين عباسيين آخرين في الحفريات الأخيرة خارج أسوار مدينة الرقة القديمة. أحدهما أسسه هارون الرشيد والآخر الخليفة المأمون [4].

مصير مدينة الرافقة العباسية

على الرغم من عظمة المدينة وابتكارها ، لم يتبقَّ سوى القليل من آثار المدينة اليوم، حيث أنه قد تم التخلي عن المدينة في القرن العاشر الميلادي بسبب عدة عوامل سياسية. ومع ذلك ، فإن إرث الرافقة لا يزال حيًا في ابتكارات التخطيط العمراني والتصميم المعماري التي استخدمت بها.

اقرأ أيضاً: مدينة سامرّاء العبّاسية؛ وجوامعها ذات المآذن الملويّة

المصادر

  1.  Museum With No Frontiers – Al-Rafiqa
  2. Archnet – Raqqah
  3. Archnet – The Gate Of Baghdad
  4. Achnet – Qusur Al Raqqa

سلسلة العمارة الإسلامية: مسجد ابن طولون في القاهرة

يعد مسجد ابن طولون من أهم وأقدم المساجد في مصر ، ويقع في قلب القاهرة الإسلامية التاريخية. تم بناؤه في القرن التاسع على يد أحمد بن طولون، الحاكم العباسي لمصر، ويشتهر بهندسته المعمارية الفريدة وعناصره الزخرفية وأهميته التاريخية. ستقدم هذه المقالة لمحة عامة عن تاريخ المسجد، وهندسته المعمارية، وأهميته الثقافية.

تاريخ وعمارة مسجد ابن طولون

يعتبر مسجد ابن طولون ثاني أقدم مسجد موجود في مصر. وهو النصب الوحيد المتبقي في مدينة القطائع ، وقد تم إنشاؤه عام 870 م في عاصمة الدولة الطولونية في مصر من قبل حاكم مصر أحمد بن طولون. [3] ويعدّ نموذجاً فريداً للعمارة الإسلامية بمئذنته اللولبية المميزة وفنائه الواسع المفتوح. يغطي المجمع مساحة تزيد عن 26000 متر مربع ويحيط به سور مرتفع له ثلاث بوابات [1]. يقع المدخل الرئيسي في الجهة الشرقية للمسجد ويؤدي إلى قاعة الصلاة التي يدعمها أكثر من 200 عمود مرتبة في 17 صفًا. تم تزيين المسجد من الداخل بأنماط هندسية أنيقة ونقوش بالخط العربي ، وهي سمات مشتركة للفن والتصميم الإسلامي [2]. تم تزيين جدران وأعمدة قاعة الصلاة بنقوش وزخارف معقدة تعكس المفهوم الإسلامي للتناسق والتوازن. [3]

الشكل 1: مسقط الجامع

تتوج الواجهات الخارجية للمبنى بتشكيلات مكونة من أشكال فريدة تعرف باسم ‘العرائس’، والتي تشبه الأشكال البشرية المجردة أو الدمى الورقية. يتخلل النصف العلوي من واجهات المبنى صفٌّ من النوافذ ذات الأقواس المدببة؛ والتي تحاط بأعمدة متراصة تشبه تلك الموجودة في مقياس النيل في جزيرة الروضة في القاهرة. يوجد 19 بابًا مستطيلًا بسيطًا على جدران المسجد، وبعتبر الرواق الشرقي للجامع هو الأكثر زخرفةً ويحتوي على محاريب من العصور الطولونية والفاطمية والمملوكية. ترتكز أقواس الممرات على أرصفة مبنية من الآجر الأحمر ، وفي أركانها أعمدة صغيرة، وهو النمط الذي ظهر من قبل في جامع سامراء الكبير. [3]

مئذنة مسجد ابن طولون

تعتبر مئذنة مسجد ابن طولون أبرز معالمه. يرتفع إلى ارتفاع 26 مترًا وهو مبني على شكل حلزوني فريد من نوعه ، مع درج خارجي يؤدي إلى القمة [3]. تعلو المئذنة قبة صغيرة وهلال، ومن الجدير بالذكر أنها المئذنة الوحيدة خارج العراق التي تماثل في التكوين المئئذنتين الملويّتين لجامعي سامرّاء الكبير وأبي دُلَف.

الشكل 2: مئذنة جامع ابن طولون

فناء المسجد

فناء مسجد ابن طولون هو سمة فريدة أخرى للمسجد، وهو مساحة شاسعة ومفتوحة محاطة برواق مكوّن من أعمدة تعلوها أقواس حدويّة الشكل، كما تم دعم الممرات بأعمدة مصنوعة من أنواع مختلفة من الحجر ، بما في ذلك الرخام والغرانيت، والتي يُرجح أنها مأخوذة من المباني الرومانية والبيزنطية القديمة [2].

الشكل 3: فناء المسجد وتظهر في الصورة قبة الوضوء

الأهمية التاريخية للمسجد

ليس مسجد ابن طولون مكانًا للعبادة فقط؛ ولكنه أيضًا رمز لسلطة وثروة الخلافة العباسية. تم بناء المسجد في فترة ازدهار ثقافي واقتصادي كبير في مصر العباسية، ويعكس تصميمه وبنائه التقنيات المبتكرة والإنجازات الفنية في ذلك الوقت [1]. ما يعدُّ شهادة على الإرث الدائم للحضارة الإسلامية وإسهاماتها في العلوم والتكنولوجيا والثقافة.

المصادر

  1. Mosque of Ahmad ibn Tulun – Encyclopaedia Britannica
  2. Mosque of Ibn Tulun – Archnet
  3. Ibn Tulun Minaret – Museum With No Frontiers

مقياس النيل وجماليات العمارة الإسلامية: الشكل والوظيفة

عُرفت الخلافة العباسية باهتمامها بالعلوم والفنون والعمارة ويعدُّ مقياس النيل أحد أبرز الأمثلة على الإبداع في تلك الفترة. وتم استخدامه لقياس مستوى مياه النيل من أجل التنبؤ بالفيضان السنوي للنهر وتقييم الإنتاج الزراعي للبلاد. سوف نستكشف في هذا المقال تاريخ وأهمية مقياس النيل.

تاريخ وأهمية مقياس النيل

بني مقياس النيل بأمرٍ من الخليفة العبّاسي المتوكّل في عام 861م [1]، ويقع في جزيرة الروضة في مصر، وبالتحديد في القاهرة على نهر النيل، وقد استُخدِم بشكلٍ عام لقياس مستويات الفيضان من أجل إعداد السدود والقنوات ، وتحديد مستويات الضرائب للإنتاجية الزراعية ، والاحتفال بفيضان النيل ، الذي كان حدثًا مهمًا من العصور الوسطى حتى نهاية القرن التاسع عشر [1] [ 3].

الشكل 1: مقياس النيل في جزيرة الروضة

البنية المعمارية لمقياس النيل

إنّ مقياس النيل مبنى موجودٌ تحت الأرض، وهو يتكوّن من جزئين أساسيَّين: الأول هو البئر المكون من ثلاثة طوابق وفي محوره العمود الرخامي ، وهو أداة قياس الفيضان. والثاني القنوات التي تتصل بالنيل من خلال ثلاث فتحات يوجد كلٌّ منها في طابق. يقع البئر في حفرة مربعة عميقة محفورة بعمق 13م وعرض 10م على الأقل، مما استلزَم إزالة ما لا يقل عن 1300متر مربّع من التراب والطين الصلب[2].

وتتدفق مياه النيل إلى البئر عن طريق ثلاثة قنوات تصب مياهها في البئر عن طريق ثلاثة “أفواه”. ,هذه الفتحات ذات أقواس مدببة تدعمها أعمدة مزخرفة ذات قواعد كروية. لا تعتبر هذه الأقواس أقدم الأمثلة المعروفة في مصر الإسلامية وحسب، بل وإنها تسبق تلك المستخدمة في العمارة القوطية في أوروبا بثلاثة قرون [4].

تم بناء المبنى بالكامل من الحجر المقطوع بدقة، وتحيط السلالم القريبة من الجدران بالمساحة الدائرية في الأسفل وحول المربع المكون من مستويين، وفي المحور المركزي يرتفع عمود مثمن من الرخام مقسَّم إلى أذرع، والتي كانت وحدة القياس في زمن بناء هذه المنشأة [2].

وقد نقشت على جدران البئر نصوص قرآنية [1] وأنماط هندسية ونباتية معقدة، وتصوير لعلامات الأبراج السماوية [4]، ويتميز كذلك بوجودِ علاماتٍ على العمود لقياس مستوى الماء، والتي استخدمت لتحديد ارتفاع الفيضان مع ارتفاع المياه في البئر، بالإضافة لوجود سلم حلزوني للنزول إلى الأسفل [1].

الشكل 2: مقطع طولي في مقياس النيل
الشكل 3: البئر وعمود القياس
الشكل 4: الزخارف التي تزيّن مقياس النيل من الداخل

مؤشر للفيضان

كان من المتعارف عليه أن السنة ستكون جيدة إذا تم تسجيل قياس لمستوى الماء على العمود يبلغ 15 ذراع وسيئة إذا سجلت ما بين 12 و 15 ذراع. وعندما كان مستوى الماء يصل إلى رقمٍ بين 10 و 12 ذراع، كان سعر القمح يبلغ عشرة مثاقيل وكَيلاً واحدًا. وعندما كان المستوى يتجاوز 18 ذراعا ، فكانت المتاجر والمحلات والمنازل والحقول تواجه خطر الفيضانات. [2]

أعمال ترميم مختلفة

أجرى أحمد بن طولون (حكم في الفترة الممتدة بين عامي 868-884م) ترميم المقياس عام 873 م ، واستبدل شريطين من النقوش القديمة بأخرى أكثر حداثة على الجانبين الجنوبي والغربي. وقد قام بوضع اسمه في النقش الجديد ، لكنه أبقى على تاريخ البناء الأصلي كما هو [4].

وعلى مر العصور ، خضع المبنى للعديد من الترميمات والتجديدات (الفاطمية والمملوكية والعثمانية)، وتم تجديده في العصر الحديث عام 1925 عندما تم استبدال القبة المملوكية التي تتوج السطح الخارجي للمبنى بسقف مخروطي الشكل مغطى بألواح من الرصاص [4].

إرث ثقافي وحضاري

تقديراً لأهميته الثقافية والتاريخية، تمت إضافة مقياس النيل إلى قائمة الآثار الوطنية في مصر في عام 1951م. كما تم إدراجه في قائمة اليونسكو للتراث العالمي المؤقت في عام 2001 ، والتي تعترف بالمواقع الثقافية والطبيعية التي لديها الإمكانية في أن تُضاف إلى قائمة التراث العالمي. وإن إدراج مقياس النيل في القائمة يسلط الضوء على قيمته الفريدة كدليل على براعة وإبداع الثقافات المصرية والإسلامية القديمة [2].

اقرأ أيضاُ: مدينة سامراء العباسية وجوامعها ذات المآذن الملويّة

المصادر

  1. Rawda Island Nilometer – Egyptian Monuments
  2. Rawda Island Nilometer – UNESCO World Heritage Centre
  3. Nilometer – Islamic Architectural Heritage
  4. Rawda Island Nilometer – Museum With No Frontiers

سلسلة العمارة الإسلامية: جامع سامراء الكبير ومئذنته الملوية

جامع سامراء الكبير أعجوبة تاريخية ومعمارية تقع في مدينة سامراء العراقية. يعتبر من أكبر المساجد في العالم ويعتبر من أهم نماذج العمارة الإسلامية. تم بناء المسجد خلال الخلافة العباسية في القرن التاسع وخضع منذ ذلك الحين لتغييرات وتجديدات كبيرة. يستكشف هذا المقال تاريخ وعمارة الجامع الكبير في سامراء ، ويسلط الضوء على أهميته في التاريخ الإسلامي.

موقع جامع سامراء الكبير وبنيته العامّة

يقع في العراق ، على بعد 120 كلم شمال بغداد ، على ضفاف نهر دجلة [1]. تم بناء المسجد في الأصل في القرن التاسع، بين عاميّ 848 و851 م، وكان على مساحة 17 هكتارًا ، ويغطي المبنى نفسه 38000 متر مربع. كان المسجد مستطيل الشكل ومُحاط بجدار من الطوب مكون من 44 برجًا نصف دائري. كان للمسجد 16 بوابة و 17 ممرًا ، وكانت جدرانه مزيّنة بفسيفساء من الزجاج الأزرق الغامق. مئذنة الجامع ، التي دُمرت جزئيًا عام 2005 ، هي الجزء الوحيد المتبقي من المبنى الأصلي [1] [3].

تاريخ جامع سامرّاء الكبير

بدأ بناء المسجد عام 848 م واكتمل عام 851 م [1]. بُني المسجد في موقع قصر سابق دُمِّر إبان الحرب الأهلية التي ميزت نهاية عهد الخليفة السابق الواثق [3]. تم بناء المسجد على نطاق واسع وكان الهدف منه أن يكون بمثابة رمز لسلطة وثروة الخلافة العباسية. خضع المسجد لعدة تغييرات وتجديدات على مر القرون .

ظل المسجد هو الأكبر في العالم لمدة 400 عام قبل أن يدمره الحاكم المغولي هولاكو خان ​​عام 1278 [1]. وأعيد بناء المسجد في القرن الرابع عشر ، ولكن لم يتم إعادة بناء المئذنة إلا في القرن العشرين [2

الشكل 1: صورة جوّية تظهر بقايا جامع سامراء الكبير

البنية المعمارية لجامع سامرّاء الكبير

يشتهر الجامع الكبير في سامراء بالعديد من الميزات الفريدة. تم بناء المسجد على نطاق هائل يغطي مساحة 42 هكتارًا [1]. يشتهر المسجد أيضًا بمئذنته الحلزونية وقاعة الأعمدة والفناء.

الشكل 2: رسم تخيُّلي لجامع سامراء الكبير

المئذنة الملويّة

تقع المئذنة على المحور الوسطي للجامع وخارج حرمه من جهة الشمال ويبلغ ارتفاعها 52 متراً. تمكن رؤيتها من على بعد أميال.

من أبرز معالم الجامع الكبير في سامراء مئذنته الحلزونية المعروفة بالمئذنة الملوية [3]. تم بناء هذه المئذنة باستخدام الحجر الرملي، وما يجعلها فريدة من نوعها هو تصميمها الحلزوني المخروطي. ويرتفع البرج الحلزوني على القاعدة المزودة بمنحدر (رامب) يبدأ عند مركز الجهة الجنوبية ويدور حوله بعكس اتجاه عقارب الساعة. وبعد خمس دورات كاملة، يصل المنحدر إلى القمة وينتهي عند الحنية الجنوبية لطابق اسطواني الشكل. ثم يقود درج شديد الانحدار إلى المنصة، بارتفاع 50 متر بالضبط فوق القاعدة [5]. ويُعتقد أن التصميم الحلزوني مستوحى من زيقورات بلاد ما بين النهرين ، والتي كانت عبارة عن أهرامات متدرجة قديمة تم بناؤها في المنطقة [2].

الشكل 3: برج جامع سامراء الكبير الحلزوني الذي يعرف باسم المئذنة الملتوية أو (الملويّة)

حرم وصحن جامع سامراء الكبير

يبلغ طول القاعة المشكّلة للحرم 162 متراً وعرضها 48 متراً ، مما يجعلها واحدة من أكبر قاعات الأعمدة في المساجد الموجودة في العالم الإسلامي [1]. وهو مدعم بـ 144 عموداً بارتفاع 10 أمتار. الأعمدة مرتبة بنمط شبكي ، مما يخلق مساحة مفتوحة للمصلين. وتغطى القاعة بسقف مسطح مدعوم بعوارض خشبية ترتكز على الأعمدة. تم تزيين الأعمدة الموجودة في الحرم بتصميمات وأنماط معقدة منحوتة في الحجر. تشتمل التصميمات على أنماط هندسية ، وزخارف نباتية ، وفن الخط ، وكلها مواضيع شائعة في الفن والهندسة المعمارية الإسلامية [1] [3].

وتجدر الإشارة أيضاً إلى صحن أو فناء المسجد المحاط بسور. يبلغ طول الفناء 234 متراً وعرضه 144 متراً. وزُخرف الجدار المحيط بالفناء باستخدام القرميد ويضم عدة مداخل مقوسة [1].

أهمية جامع سامراء الكبير

أولاً ، إنه مثال مهم لتاريخ العمارة الإسلامية. المئذنة الحلزونية للمسجد وقاعة الأعمدة والفناء كلها ميزات معمارية رائعة صمدت أمام اختبار الزمن. تتجلى أهمية المسجد بشكل أكبر من خلال إدراجه في قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 2007 [2]. ثانياً ، كان المسجد رمزاً لسلطة وثروة الخلافة العباسية. وتم بناؤه على نطاق واسع بحيث يظهر الهدف منه وهو أن يكون بمثابة رمز لهيمنة الخلافة العباسية في العالم الإسلامي في ذلك الوقت.

المصادر

  1. Dictionary of Islamic Architecture (archive.org)
  2. The historic Great Mosque of Samarra – timesofindia.indiatimes.com
  3. study.com – great-mosque-samarra-history-architecture
  4. britannica.com – Samarra
  5. The origins and functions of the spiral minaret at the great mosque of Samarra (Academia.edu)

Exit mobile version